المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه "، ثم قال: " ألا وإن حمى الله محارمه - التحبير شرح التحرير - جـ ٧

[المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌قَوْله: {بَاب الْقيَاس}

- ‌ قَالَ: " من مَاتَ يُشْرك بِهِ شَيْئا دخل النَّار، وَقلت أَنا: وَمن مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا دخل الْجنَّة ".وَفِي بعض أصُول مُسلم رُوِيَ عَن النَّبِي

- ‌قَوْله: {فصل} {شَرط حكم الأَصْل كَونه إِن استلحق شَرْعِيًّا} .وَذَلِكَ لِأَنَّهُ الْقَصْد من الْقيَاس الشَّرْعِيّ.قَالَ فِي " الرَّوْضَة ": (والعقلي ومسائل الْأُصُول قَطْعِيَّة لَا تثبت بظني، وَكَذَا لَا يثبت بِهِ أصل الْقيَاس، وأصل خبر الْوَاحِد) انْتهى.قَالَ الْجُمْهُور: من شَرط

- ‌ لَا تَبِيعُوا الطَّعَام بِالطَّعَامِ إِلَّا يدا بيد سَوَاء بِسَوَاء

- ‌ إِنَّهَا من الطوافين "، أَو مجمعا على جَوَاز الْقيَاس عَلَيْهِ

- ‌ إِذا اخْتلف الْمُتَبَايعَانِ فليتحالفا وليترادا)

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ دون غَيره، فَلَا يُعلل بِهِ.مِثَاله: الشّرف والخسة فِي [الْكَفَاءَة] وَعدمهَا، فَإِن الشّرف يُنَاسب التَّعْظِيم وَالْإِكْرَام، والخسة تناسب ضد ذَلِك فيعلل بِهِ بِالشّرطِ الْمُتَقَدّم. وَتَكون الْعلَّة أَيْضا وَصفا لغويا، مِثَاله: تَعْلِيل تَحْرِيم النَّبِيذ لِأَنَّهُ يُسمى خمرًا فَحرم كعصير

- ‌ إِنَّمَا ذَلِك عرق "، مَعَ

- ‌(قَوْله [فصل] )

- ‌(قَوْله: [فصل] )

- ‌ بعد مَا أمره بالاستنجاء بِثَلَاثَة أَحْجَار: " وَلَا يستنجي برجيع وَلَا عظم "، فَدلَّ على أَنه أَرَادَ أَولا الْأَحْجَار وَمَا فِي مَعْنَاهَا، وَإِلَّا لم يكن فِي النَّهْي عَن الرجيع والعظم فَائِدَة. وَأما إِذا عَادَتْ عَلَيْهِ بالتخصيص فللعلماء فِيهِ قَولَانِ.قَالَ ابْن مُفْلِح: " وَإِن عَادَتْ

- ‌ لَا يقْضِي القَاضِي وَهُوَ غَضْبَان " أَن الْعلَّة تشويش الْفِكر، فيتعدى إِلَى كل مشوش من شدَّة فَرح وَنَحْوه.الْعجب من قَول القَاضِي أبي الطّيب الطَّبَرِيّ: أَجمعُوا على أَنه لَيْسَ لنا عِلّة تعود على أَصْلهَا بالتعميم إِلَّا هَذَا الْمِثَال، وَذَلِكَ جَائِز بِالْإِجْمَاع.فقد وجد من ذَلِك

- ‌ أَيّمَا امْرَأَة نكحت نَفسهَا بِغَيْر إِذن وَليهَا فنكاحها بَاطِل ".وَمِثَال مُخَالفَة الْإِجْمَاع: أَن يُقَال: مُسَافر فَلَا تجب عَلَيْهِ الصَّلَاة فِي السّفر، قِيَاسا على صَوْمه فِي عدم الْوُجُوب فِي السّفر بِجَامِع الْمَشَقَّة.فَيُقَال: هَذِه الْعلَّة مُخَالفَة، الْإِجْمَاع على عدم اعْتِبَارهَا فِي

- ‌[قَوْله] : (فصل))

- ‌(قَوْله: [فصل] )

- ‌ مِنْهَا مَا هُوَ مُقَارن لنبوته، وَمِنْهَا مَا هُوَ بعد ذَلِك.وَقَالَ ابْن دَقِيق الْعِيد: إِنَّمَا يشْتَرط هَذَا إِذا كَانَ طَرِيق حكم الْفَرْع مُتَعَيّنا فِي استناده للْأَصْل.وَقَالَ ابْن الْحَاجِب تبعا للآمدي: لَا يمْتَنع أَن يكون إلزاما للخصم.قَالَ الْبرمَاوِيّ: وَلَا يخفى مَا فِي

- ‌(قَوْله: [مسالك الْعلَّة] )

- ‌ إِنَّمَا جعل الاسْتِئْذَان من أجل الْبَصَر " مُتَّفق عَلَيْهِ. وَقَوله

- ‌ لما ألْقى الروثة: " إِنَّهَا رِجْس "، وَقَوله

- ‌ فِي الشُّهَدَاء: " زملوهم بكلومهم وَدِمَائِهِمْ، فَإِنَّهُم يبعثون يَوْم الْقِيَامَة وأوداجهم تشخب دَمًا ".فَهَذَا كُله صَرِيح فِي التَّعْلِيل عِنْد القَاضِي، وَأبي الْخطاب، والآمدي، وَابْن الْحَاجِب، وَغَيرهم، خُصُوصا فِيمَا لحقته الْفَاء كَمَا تقدم.فَإِنَّهُ يبْعَث ويبعثون، فَإِنَّهَا

- ‌ فَسجدَ " كَقَوْل عمرَان بن حُصَيْن: " سَهَا رَسُول اللَّهِ

- ‌ بِكَذَا وَنهى عَن كَذَا، يعْمل بِهِ حملا على الرّفْع لَا على الِاجْتِهَاد. إِذا علم ذَلِك: فَإِذا رتب الشَّارِع حكما عقب اوصف بالفاءء كَمَا تقدم من الْأَمْثِلَة إِذْ الْفَاء للتعقيب، فتفيد تعقيب الحكم الْوَصْف وَأَنه سَببه، إِذْ السَّبَب مَا ثَبت الحكم عقبه، وَلِهَذَا تفهم السببيه مَعَ عدم

- ‌ من اتخذ كَلْبا إِلَّا كلب مَاشِيَة أَو صيد نقص من أجره

- ‌ لما سُئِلَ عَن بيع الرطب بِالتَّمْرِ " أينقص إِذا يبس؟ قَالُوا: نعم، فَنهى عَنهُ ".وَالثَّانِي: كَقَوْلِه

- ‌ وَقد سُئِلَ عَن بيع الرطب بِالتَّمْرِ: " أينقص إِذا يبس؟ قَالُوا: نعم، قَالَ: فَلَا إِذا "، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيّ، وَالنَّسَائِيّ، وَابْن مَاجَه، وَابْن خُزَيْمَة، وَالْحَاكِم.فَلَو لم يكن تَقْدِير نُقْصَان الرطب بالجفاف لأجل التَّعْلِيل لَكَانَ تَقْدِيره بَعيدا؛ إِذْ لَا فَائِدَة

- ‌ أَرْكَان الْقيَاس كلهَا.وَنَحْو ذَلِك فِي " الصَّحِيحَيْنِ ": " جَاءَت امْرَأَة إِلَى رَسُول اللَّهِ

- ‌ إِن أُمِّي نذرت أَن تحج فَلم تحج حَتَّى مَاتَت أفأحج عَنْهَا؟ قَالَ: حجي عَنْهَا، أَرَأَيْت لَو كَانَ على أمك دين أَكنت قاضيته، قَالَت: نعم، قَالَ: اقضوا اللَّهِ فَالله أَحَق بِالْوَفَاءِ " مُتَّفق عَلَيْهِ، وتابعناه فِي التَّمْثِيل بذلك، وَالْكل صَحِيح وَفِي الصَّحِيح.وَذكر أَبُو الْخطاب

- ‌ توهمه بالمضمضة؛ لِأَن ذَلِك تَعْلِيل لمنع الْإِفْسَاد.قَوْله: [وَمِنْهَا أَن يفرق

- ‌ للراجل سهم وللفارس سَهْمَان

- ‌ إِذا اخْتلفت هَذِه الْأَجْنَاس فبيعوا كَيفَ شِئْتُم إِذا كَانَ يدا بيد

- ‌ لَا يقْضِي القَاضِي وَهُوَ غَضْبَان رَوَاهُ الشَّافِعِي بِلَفْظ: " لَا يحكم الْحَاكِم أَو لَا يقْضِي بَين اثْنَيْنِ "، وَرَوَاهُ أَصْحَاب الْكتب بِلَفْظ: " لَا يقضين حَاكم بَين اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَان ".فالآية إِنَّمَا سيقت لبَيَان أَحْكَام الْجُمُعَة لَا لبَيَان أَحْكَام البيع، فَلَو لم يُعلل النَّهْي عَن البيع

- ‌(قَوْله: [فصل] )

- ‌ أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا اللَّهِ ".وَقَالَ النَّبِي

- ‌ يَا أنس كتاب اللَّهِ الْقصاص

- ‌ كَالرَّاعِي يرْعَى حول الْحمى يُوشك أَن يرتع فِيهِ "، ثمَّ قَالَ: " أَلا وَإِن حمى اللَّهِ مَحَارمه

- ‌ بعثوا لتَحْصِيل / مصَالح الْعباد، فَيعلم ذَلِك بالاستقراء، فمهما وجدنَا مصلحَة غلب على الظَّن أَنَّهَا مَطْلُوبَة للشَّرْع، فنعتبرها؛ لِأَن الظَّن منَاط الْعَمَل.وَقَالَ الْقَرَافِيّ: الْمصَالح بِالْإِضَافَة إِلَى شَهَادَة الشَّرْع لَهَا بِالِاعْتِبَارِ ثَلَاثَة أَقسَام:مَا شهد الشَّرْع

- ‌[فصل] )

- ‌(قَوْله: [فصل] )

- ‌(قَوْله: (فصل))

- ‌(قَوْله: (فصل))

- ‌(قَوْله: (فَوَائِد))

- ‌ إِنَّهَا من الطوافين عَلَيْكُم "، فَيعْتَبر الْأَمر فِي كل طائف

- ‌ من أعتق شركا لَهُ فِي عبد، وَكَانَ لَهُ مَال يبلغ ثمن العَبْد قوم عَلَيْهِ قيمَة عدل…... الحَدِيث ".، فَإنَّا نقطع بِعَدَمِ اعْتِبَار الشَّارِع الذُّكُورَة وَالْأُنُوثَة فِيهِ.وَمثل قَوْله

- ‌(قَوْله (فصل))

- ‌ إِذا اجْتهد

- ‌ عهد إِلَيْنَا فِيهِنَّ عهدا ننتهي إِلَيْهِ: الْجد، والكلالة، وأبواب من أَبْوَاب الرِّبَا ".وَصَحَّ عَن [ابْن] عمر: " أجرؤكم على الْجد أجرؤكم على جَهَنَّم "، وَصَحَّ عَن ابْن الْمسيب، عَن عمر وَعلي، وَرَوَاهُ سعيد فِي " سنَنه

- ‌ بَيَان على وَفقه مَعَ عُمُوم الْحَاجة إِلَيْهِ فِي زَمَانه وَعُمُوم الْحَاجة إِلَى خِلَافه، هَل يعْمل بذلك الْقيَاس؟ فِيهِ خلاف وَذكر لَهُ صورا:مِنْهَا: ضَمَان الدَّرك وَهُوَ مِثَال للشق الثَّانِي من الْمَسْأَلَة.وَمِنْهَا وَهُوَ مِثَال الأول: صَلَاة الْإِنْسَان على من مَاتَ من الْمُسلمين فِي مَشَارِق

- ‌ للَّذي أَرَادَ الانتفاء من وَلَده لمُخَالفَة لَونه: " لَعَلَّه نَزعه عرق " وَهَذَا قِيَاس لجَوَاز مُخَالفَة الْوَلَد للوالد فِي

- ‌(قَوْله (فصل))

- ‌(قَوْله: (فصل القوادح)

- ‌ رخص فِي السّلم ".أما مُخَالفَة الْإِجْمَاع فكقول حَنَفِيّ: لَا يجوز للرجل أَن يغسل امْرَأَته؛ لِأَنَّهُ يحرم النّظر إِلَيْهَا كالأجنبية.فَيُقَال: هَذَا فَاسد الِاعْتِبَار لمُخَالفَة الْإِجْمَاع السكوتي، وَهُوَ أَن عليا غسل فَاطِمَة

- ‌ فَدلَّ على أَن رُتْبَة الْقيَاس بعد النَّص. وَلِأَن الظَّن الْمُسْتَفَاد من النَّص أقوى من الظَّن الْمُسْتَفَاد من الْقيَاس

- ‌ بِخِلَاف غَيرهمَا فَإِن

- ‌ بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيل المبدلين، لَكِن نحتج بِهِ على أهل الْكتاب لتصديقهم بِهِ. انْتهى.قَوْله: (وَإِن نقض أَحدهمَا عِلّة الآخر بِأَصْل نَفسه لم يجز عِنْد أَصْحَابنَا، وَالشَّافِعِيَّة، وَقيل: بلَى، وَقَالَ الشَّيْخ: هُوَ كقياسه على أصل نَفسه) .لَو نقض الْمُعْتَرض أَو الْمُسْتَدلّ عِلّة

- ‌ فِي الْأَصَح، وَلَا بِرُخْصَة ثَابِتَة على خلاف مُقْتَضى الْقيَاس، وَلَا بموضوع اسْتِحْسَان عِنْد أَصْحَابنَا، وَالشَّافِعِيَّة، وَعند الشَّيْخ: تنْتَقض المستنبطة إِن لم يبين مَانِعا) .قَالَ ابْن مُفْلِح: (وَفِي قبُول النَّقْض بالمنسوخ وبخاص بِالنَّبِيِّ

- ‌ وَكَانَ حِينَئِذٍ مَوْزُونا.وَمِنْهَا: الْمُطَالبَة بِكَوْن وصف الْمعَارض مؤثرا.يُقَال: وَلم قلت: إِن الْكَيْل مُؤثر وَهَذَا إِنَّمَا يسمع من الْمُسْتَدلّ إِذا كَانَ مثبتا للعلية بالمناسبة أَو الشّبَه، حَتَّى يحْتَاج الْمعَارض فِي معارضته إِلَى بَيَان مُنَاسبَة أَو شبه، بِخِلَاف مَا إِذا أثْبته

- ‌ الْخَال وَارِث من لَا وَارِث لَهُ

- ‌ بِلَا كَيفَ وَلَا شرح، وَلَا يُقَال:

الفصل: ‌ كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه "، ثم قال: " ألا وإن حمى الله محارمه

وَالْمُبَالغَة فِي حفظ النَّفس: بإجراء الْقصاص فِي الْجِرَاحَات وَنَحْو ذَلِك.

وَذَلِكَ لِأَن الْكثير الْمُسكر مُفسد / لِلْعَقْلِ؛ وَلَا يحصل إِلَّا بإفساد كل وَاحِد من أَجْزَائِهِ بِحَدّ شَارِب الْقَلِيل؛ لِأَن الْقَلِيل متْلف لجزء من الْعقل وَإِن قل.

وَكَذَلِكَ الْمُبَالغَة فِي حفظ المَال وَالْعرض وَغَيرهَا: بتعزير الْغَاصِب وَنَحْوه، وتعزير الساب بِغَيْر الْقَذْف وَنَحْو ذَلِك.

وَالْمُبَالغَة فِي حفظ النّسَب: بِتَحْرِيم النّظر والمس، وَالتَّعْزِير عَلَيْهِ.

وَقد نبه الشَّارِع على إِلْحَاق ذَلِك بقوله صلى الله عليه وسلم َ -: "‌

‌ كَالرَّاعِي يرْعَى حول الْحمى يُوشك أَن يرتع فِيهِ "، ثمَّ قَالَ: " أَلا وَإِن حمى اللَّهِ مَحَارمه

".

ص: 3384

قَوْله: (وحاجي: كَبيع وَنَحْوه، وَبَعضهَا أبلغ، وَقد يكون ضَرُورِيًّا كَشِرَاء ولي مَا يَحْتَاجهُ طِفْل وَنَحْوه) .

الثَّانِي من الْأَقْسَام وَالثَّلَاثَة: الحاجي، وَهُوَ الَّذِي لَا يكون فِي مَحل الضَّرُورَة بل مَحل الْحَاجة، وَيُقَال لَهُ: المصلحي، كَمَا عبر بِهِ الْبَيْضَاوِيّ.

كَالْبيع وَالْإِجَارَة وَنَحْوهمَا كالمساقاة وَالْمُضَاربَة؛ لِأَن مَالك الشَّيْء قد لَا يعيره وَلَا يَهبهُ، وَلَيْسَ كل أحد يعرف عمل الْأَشْجَار وَلَا التِّجَارَة، وَقد يعرف ذَلِك، لكنه مَشْغُول بأهم من ذَلِك.

فَهَذِهِ الْأَشْيَاء وَمَا أشبههَا لَا يلْزم من فَوَاتهَا فَوَات شَيْء من الضروريات [الْخمس] .

وَادّعى أَبُو الْمَعَالِي أَن البيع ضَرُورِيّ.

وَلَعَلَّه أَرَادَ مَا ةكثر الْحَاجة إِلَيْهِ بِحَيْثُ صَار ضَرُورِيًّا؛ لِأَن النَّاس لَو لم يتبادلوا مَا بِأَيْدِيهِم لجر ذَلِك ضَرُورَة، فعلى الأول بَعْضهَا أبلغ.

وَقد يكون ضَرُورِيًّا كَالْإِجَارَةِ على تَرْبِيَته الطِّفْل، أَو شِرَاء المطعوم والملبوس لَهُ، حَيْثُ كَانَ فِي معرض التّلف من الْجُوع وَالْبرد.

ص: 3385

وَحَاصِله: أَن الحاجي متفاوت حَتَّى إِن بعضه يَنْتَهِي إِلَى رُتْبَة الضَّرُورِيّ

قَالَ فِي جمع الْجَوَامِع ": " وَقد يكون ضَرُورِيًّا كالإجازة لتربية الطِّفْل ".

قَالَ ابْن الْعِرَاقِيّ: " قلت: تحصل تَرْبِيَته بِمُبَاشَرَة الْوَلِيّ لذَلِك، وبشراء جَارِيَة لَهُ، وبمتبرع / بِهِ، وبمن جعل لَهُ عَلَيْهِ جعل، فَلَا ينْحَصر الْأَمر فِي الِاسْتِئْجَار فَلَيْسَ ضَرُورِيًّا، وَلَو مثل بشرَاء الْوَلِيّ لَهُ المطعوم والملبوس لَكَانَ أولى " انْتهى.

قلت: يرد عَلَيْهِ أَيْضا مَا أوردهُ على الأَصْل، فَإِن المطعوم والملبوس قد يحصل بِهِبَة، وبمتبرع بِهِ.

لَكِن الصَّوَاب فِي الْجَمِيع تضييق الْغَرَض بِحَيْثُ لَا يُوجد مَا ذكر فَيكون ضَرُورِيًّا، وعبارتنا فِي الْمَتْن سَالِمَة من ذَلِك.

قَوْله: (ومكمله كرعاية كفاءة، وَمهر مثل فِي تَزْوِيج صَغِيرَة) . مثل ذَلِك ابْن مُفْلِح وَقَالَ: " لِأَنَّهُ أفْضى إِلَى دوَام النِّكَاح ".

وَزَاد الْبرمَاوِيّ: " وتكميل مقاصده، وَإِن حصلت أصل الْحَاجة بِدُونِ ذَلِك.

ص: 3386

وَمثله: إِثْبَات الْخِيَار فِي البيع بأنواعه لما فِيهِ من التروي، وَإِن كَانَ أصل الْحَاجة حَاصِلا بِدُونِهِ ".

قَوْله: (وتحسيني [غير معَارض الْقَوَاعِد، كتحريم النَّجَاسَة وسلب الْمَرْأَة عبارَة عقد النِّكَاح] ) .

وَهَذَا هُوَ الْقسم الثَّالِث وَهُوَ التحسيني.

وَهُوَ: مَا لَيْسَ ضَرُورِيًّا وَلَا حاجيا، وَلكنه من مَحل التحسين وَذَلِكَ ضَرْبَان:

ص: 3387

أَحدهمَا: مَا لَيْسَ فِيهِ مُنَافَاة لقاعدة من قَوَاعِد الشَّرْع. كتحريم القاذورات، فَإِن نفرة الطباع معنى يُنَاسب تَحْرِيمهَا، حَتَّى يحرم التضمخ بِالنَّجَاسَةِ بِلَا عذر.

وكاعتبار الْوَلِيّ فِي النِّكَاح لاستحياء النِّسَاء من مُبَاشرَة الْعُقُود على فروجهن، لإشعاره بتوقان نفوسهن إِلَى الرِّجَال وَهُوَ غير لَائِق بالمروءة.

وَكَذَلِكَ اعْتِبَار الشَّهَادَة فِي النِّكَاح لتعظيم شَأْنه وتميزه عَن السفاح بالإعلام والإظهار.

قَوْله: (لَا العَبْد أَهْلِيَّة الشَّهَادَة على أصلنَا) .

مثل أَصْحَابنَا بِعقد النِّكَاح، وَمثل الْآمِدِيّ وَمن بعده بسلب العَبْد أَهْلِيَّة الشَّهَادَة لانحطاطه عَنْهَا.

لِأَنَّهُ منصب شرِيف جَريا على مَا ألف من محَاسِن [الْعَادَات] .

لَكِن لَا يتمشى ذَلِك على أصلنَا، فَإِن عندنَا شَهَادَة العَبْد مَقْبُولَة فِي

ص: 3388

كل شَيْء إِلَّا فِي الْحُدُود وَالْقصاص على خلاف فِيهِ، لَكِن لَو مثل بِقَضَائِهِ وَنَحْوه صَحَّ.

وَقَالَ الْبرمَاوِيّ: نعم سلب الْولَايَة عَنهُ من الحاجي؛ لِأَنَّهَا تستدعي فراغا وَالرَّقِيق مُسْتَغْرق فِي خدمَة سَيّده، وَأما رِوَايَته وفتواه فَإِنَّمَا جَازَ / مِنْهُ لعدم الضَّرَر بِمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِمَا فَلذَلِك فارقا الْقَضَاء وَنَحْوه.

قَوْله: (أَو معَارض كالكتابة) . هَذَا الضَّرْب الثَّانِي من التحسين وَهُوَ مَا يُنَافِي قَاعِدَة شَرْعِيَّة كالكتابة،

ص: 3389

فَإِنَّهَا من حَيْثُ كَونهَا مكرمَة فِي [الْعَادة] مستحسنة احْتمل الشَّرْع فِيهَا خرم قَاعِدَة مهمة، وَهِي امْتنَاع بيع الْإِنْسَان مَال نَفسه بِمَال نَفسه ومعاملة عَبده، وَمن ثمَّ لم تجب الْكِتَابَة عِنْد الْمُعظم.

وَقيل: تجب إِذا طلبَهَا العَبْد وَعلم السَّيِّد فِيهَا خيرا، عملا بِالْأَمر الْوَارِد فِي الْإِيجَاب، والمعظم حملوه على النّدب؛ لما تقدم من الْمَعْنى.

" وَمثل أَبُو مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ تَتِمَّة الضَّرُورِيّ أَيْضا: بمراعاة الْمُمَاثلَة فِي الْقصاص.

والحاجي: بتسليط الْوَلِيّ على تَزْوِيج صَغِيرَة وتتمته كَمَا سبق.

وَمثل التحسيني هُوَ وَغَيره أَيْضا: بِتَحْرِيم تنَاول القاذورات وسلب الْمَرْأَة عبارَة النِّكَاح ".

وَقَالَ الْمُوفق فِي " الرَّوْضَة ": " مَا لم يشْهد الشَّرْع بإبطاله أَو اعْتِبَاره، مِنْهُ

ص: 3390

حاجي كتسليط الْوَلِيّ على تَزْوِيج صَغِيرَة تحصيلا للكفء، وَمِنْه تحسيني كاعتبار الْوَلِيّ فِي نِكَاح، فَلَا يحْتَج بهما، لَا نعلم فِيهِ خلافًا، فَإِنَّهُ وضع للشَّرْع بِالرَّأْيِ " انْتهى.

قَوْله: (وَكَون حفظ الْعقل ضَرُورِيًّا فِي كل مِلَّة [فِيهِ] نظر، فَإِن الْكِتَابِيّ لَا يحد عندنَا على الْأَصَح وَلَا عِنْدهم) .

قَالَ ابْن مُفْلِح: وَهُوَ وَاضح، وَزَاد: لاعتقاد إِبَاحَته.

قَالَ ابْن قَاضِي الْجَبَل: " قلت ": فِي كَون الْملَل اتّفقت على مَا ذكر من حفظ الْعقل، فالحد فِي المسكرات قَلِيله وَكَثِيره نظر، فَإِن أهل الْكتاب لَا تحرم الْقَلِيل، قيل: وَلَا مَا أسكر، وَكَذَلِكَ كثير من أهل الْملَل ". انْتهى.

قَوْله: (وَلَيْسَت هَذِه الْمصلحَة بِحجَّة خلافًا لمَالِك وَبَعض الشَّافِعِيَّة) . اخْتلف الْعلمَاء فِي هَذِه الْمصلحَة، وَتسَمى الْمصلحَة الْمُرْسلَة. فَذهب الْأَكْثَر: إِلَى أَنَّهَا لَيست بِحجَّة.

قَالَ / فِي " الرَّوْضَة ": " وَالصَّحِيح أَنَّهَا لَيست بِحجَّة ".

قَالَ ابْن مُفْلِح: (فَلَيْسَ هَذِه الْمصلحَة بِحجَّة خلافًا لمَالِك وَبَعض الشَّافِعِيَّة، وَفِي " الْوَاضِح " مَا يُسَمِّيه الْفُقَهَاء: الذرائع، وَأهل الجدل: الْمُؤَدِّي

ص: 3391

إِلَى المستحيل عقلا أَو شرعا، وَمثل بِمَسْأَلَة الْوَلِيّ وَغَيرهَا، ثمَّ اعْترض على هَذِه الدّلَالَة بِوَجْهَيْنِ) . انْتهى.

وَاحْتج لهَذَا الْمَذْهَب: بِأَنا لم نعلم مُحَافظَة الشَّرْع عَلَيْهَا؛ وَلذَلِك لم يشرع فِي زواجرها أبلغ مِمَّا شرع، كالمثلة فِي الْقصاص، فَإِنَّهَا أبلغ فِي الزّجر عَن الْقَتْل، وَكَذَا الْقَتْل فِي السّرقَة وَشرب الْخمر فَإِنَّهُ أبلغ فِي الزّجر عَنْهُمَا، وَلم يشرع شَيْء من ذَلِك، لَو كَانَت هَذِه [الْمصلحَة] حجَّة لحافظ الشَّرْع على تَحْصِيلهَا بأبلغ الطّرق؛ لكنه لم يعلم بِفعل ذَلِك فَلَا تكون حجَّة، فإثباتها حجَّة بِوَضْع الشَّرْع بِالرَّأْيِ.

كَمَا يحْكى أَن مَالِكًا أجَاز قتل ثلث الْخلق لاستصلاح الثُّلثَيْنِ،

ص: 3392

ومحافظة الشَّرْع على مصلحتهم بِهَذَا الطَّرِيق غير مَعْلُوم.

قَالَ الطوفي فِي " شَرحه ": " قلت: لم أجد هَذَا مَنْقُولًا فِيمَا وقفت عَلَيْهِ من كتب الْمَالِكِيَّة، وَسَأَلت عَنهُ بعض فضلائهم فَقَالُوا: لَا نعرفه، قلت: مَعَ أَنه إِذا دعت إِلَيْهِ الضَّرُورَة مُتَّجه جدا، وَقد حَكَاهُ عَن مَالك جمَاعَة: مِنْهُم الْحوَاري، [والبروي] فِي جدلهما.

ثمَّ قَالَ: قلت: الْمُخْتَار اعْتِبَار الْمصلحَة الْمُرْسلَة " انْتهى.

ص: 3393