المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌قَوْله: {فصل}   {تقدّمت الْعلَّة وَهِي: الْعَلامَة والمعرف عِنْد أَصْحَابنَا وَالْأَكْثَر، لَا - التحبير شرح التحرير - جـ ٧

[المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌قَوْله: {بَاب الْقيَاس}

- ‌ قَالَ: " من مَاتَ يُشْرك بِهِ شَيْئا دخل النَّار، وَقلت أَنا: وَمن مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا دخل الْجنَّة ".وَفِي بعض أصُول مُسلم رُوِيَ عَن النَّبِي

- ‌قَوْله: {فصل} {شَرط حكم الأَصْل كَونه إِن استلحق شَرْعِيًّا} .وَذَلِكَ لِأَنَّهُ الْقَصْد من الْقيَاس الشَّرْعِيّ.قَالَ فِي " الرَّوْضَة ": (والعقلي ومسائل الْأُصُول قَطْعِيَّة لَا تثبت بظني، وَكَذَا لَا يثبت بِهِ أصل الْقيَاس، وأصل خبر الْوَاحِد) انْتهى.قَالَ الْجُمْهُور: من شَرط

- ‌ لَا تَبِيعُوا الطَّعَام بِالطَّعَامِ إِلَّا يدا بيد سَوَاء بِسَوَاء

- ‌ إِنَّهَا من الطوافين "، أَو مجمعا على جَوَاز الْقيَاس عَلَيْهِ

- ‌ إِذا اخْتلف الْمُتَبَايعَانِ فليتحالفا وليترادا)

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ دون غَيره، فَلَا يُعلل بِهِ.مِثَاله: الشّرف والخسة فِي [الْكَفَاءَة] وَعدمهَا، فَإِن الشّرف يُنَاسب التَّعْظِيم وَالْإِكْرَام، والخسة تناسب ضد ذَلِك فيعلل بِهِ بِالشّرطِ الْمُتَقَدّم. وَتَكون الْعلَّة أَيْضا وَصفا لغويا، مِثَاله: تَعْلِيل تَحْرِيم النَّبِيذ لِأَنَّهُ يُسمى خمرًا فَحرم كعصير

- ‌ إِنَّمَا ذَلِك عرق "، مَعَ

- ‌(قَوْله [فصل] )

- ‌(قَوْله: [فصل] )

- ‌ بعد مَا أمره بالاستنجاء بِثَلَاثَة أَحْجَار: " وَلَا يستنجي برجيع وَلَا عظم "، فَدلَّ على أَنه أَرَادَ أَولا الْأَحْجَار وَمَا فِي مَعْنَاهَا، وَإِلَّا لم يكن فِي النَّهْي عَن الرجيع والعظم فَائِدَة. وَأما إِذا عَادَتْ عَلَيْهِ بالتخصيص فللعلماء فِيهِ قَولَانِ.قَالَ ابْن مُفْلِح: " وَإِن عَادَتْ

- ‌ لَا يقْضِي القَاضِي وَهُوَ غَضْبَان " أَن الْعلَّة تشويش الْفِكر، فيتعدى إِلَى كل مشوش من شدَّة فَرح وَنَحْوه.الْعجب من قَول القَاضِي أبي الطّيب الطَّبَرِيّ: أَجمعُوا على أَنه لَيْسَ لنا عِلّة تعود على أَصْلهَا بالتعميم إِلَّا هَذَا الْمِثَال، وَذَلِكَ جَائِز بِالْإِجْمَاع.فقد وجد من ذَلِك

- ‌ أَيّمَا امْرَأَة نكحت نَفسهَا بِغَيْر إِذن وَليهَا فنكاحها بَاطِل ".وَمِثَال مُخَالفَة الْإِجْمَاع: أَن يُقَال: مُسَافر فَلَا تجب عَلَيْهِ الصَّلَاة فِي السّفر، قِيَاسا على صَوْمه فِي عدم الْوُجُوب فِي السّفر بِجَامِع الْمَشَقَّة.فَيُقَال: هَذِه الْعلَّة مُخَالفَة، الْإِجْمَاع على عدم اعْتِبَارهَا فِي

- ‌[قَوْله] : (فصل))

- ‌(قَوْله: [فصل] )

- ‌ مِنْهَا مَا هُوَ مُقَارن لنبوته، وَمِنْهَا مَا هُوَ بعد ذَلِك.وَقَالَ ابْن دَقِيق الْعِيد: إِنَّمَا يشْتَرط هَذَا إِذا كَانَ طَرِيق حكم الْفَرْع مُتَعَيّنا فِي استناده للْأَصْل.وَقَالَ ابْن الْحَاجِب تبعا للآمدي: لَا يمْتَنع أَن يكون إلزاما للخصم.قَالَ الْبرمَاوِيّ: وَلَا يخفى مَا فِي

- ‌(قَوْله: [مسالك الْعلَّة] )

- ‌ إِنَّمَا جعل الاسْتِئْذَان من أجل الْبَصَر " مُتَّفق عَلَيْهِ. وَقَوله

- ‌ لما ألْقى الروثة: " إِنَّهَا رِجْس "، وَقَوله

- ‌ فِي الشُّهَدَاء: " زملوهم بكلومهم وَدِمَائِهِمْ، فَإِنَّهُم يبعثون يَوْم الْقِيَامَة وأوداجهم تشخب دَمًا ".فَهَذَا كُله صَرِيح فِي التَّعْلِيل عِنْد القَاضِي، وَأبي الْخطاب، والآمدي، وَابْن الْحَاجِب، وَغَيرهم، خُصُوصا فِيمَا لحقته الْفَاء كَمَا تقدم.فَإِنَّهُ يبْعَث ويبعثون، فَإِنَّهَا

- ‌ فَسجدَ " كَقَوْل عمرَان بن حُصَيْن: " سَهَا رَسُول اللَّهِ

- ‌ بِكَذَا وَنهى عَن كَذَا، يعْمل بِهِ حملا على الرّفْع لَا على الِاجْتِهَاد. إِذا علم ذَلِك: فَإِذا رتب الشَّارِع حكما عقب اوصف بالفاءء كَمَا تقدم من الْأَمْثِلَة إِذْ الْفَاء للتعقيب، فتفيد تعقيب الحكم الْوَصْف وَأَنه سَببه، إِذْ السَّبَب مَا ثَبت الحكم عقبه، وَلِهَذَا تفهم السببيه مَعَ عدم

- ‌ من اتخذ كَلْبا إِلَّا كلب مَاشِيَة أَو صيد نقص من أجره

- ‌ لما سُئِلَ عَن بيع الرطب بِالتَّمْرِ " أينقص إِذا يبس؟ قَالُوا: نعم، فَنهى عَنهُ ".وَالثَّانِي: كَقَوْلِه

- ‌ وَقد سُئِلَ عَن بيع الرطب بِالتَّمْرِ: " أينقص إِذا يبس؟ قَالُوا: نعم، قَالَ: فَلَا إِذا "، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيّ، وَالنَّسَائِيّ، وَابْن مَاجَه، وَابْن خُزَيْمَة، وَالْحَاكِم.فَلَو لم يكن تَقْدِير نُقْصَان الرطب بالجفاف لأجل التَّعْلِيل لَكَانَ تَقْدِيره بَعيدا؛ إِذْ لَا فَائِدَة

- ‌ أَرْكَان الْقيَاس كلهَا.وَنَحْو ذَلِك فِي " الصَّحِيحَيْنِ ": " جَاءَت امْرَأَة إِلَى رَسُول اللَّهِ

- ‌ إِن أُمِّي نذرت أَن تحج فَلم تحج حَتَّى مَاتَت أفأحج عَنْهَا؟ قَالَ: حجي عَنْهَا، أَرَأَيْت لَو كَانَ على أمك دين أَكنت قاضيته، قَالَت: نعم، قَالَ: اقضوا اللَّهِ فَالله أَحَق بِالْوَفَاءِ " مُتَّفق عَلَيْهِ، وتابعناه فِي التَّمْثِيل بذلك، وَالْكل صَحِيح وَفِي الصَّحِيح.وَذكر أَبُو الْخطاب

- ‌ توهمه بالمضمضة؛ لِأَن ذَلِك تَعْلِيل لمنع الْإِفْسَاد.قَوْله: [وَمِنْهَا أَن يفرق

- ‌ للراجل سهم وللفارس سَهْمَان

- ‌ إِذا اخْتلفت هَذِه الْأَجْنَاس فبيعوا كَيفَ شِئْتُم إِذا كَانَ يدا بيد

- ‌ لَا يقْضِي القَاضِي وَهُوَ غَضْبَان رَوَاهُ الشَّافِعِي بِلَفْظ: " لَا يحكم الْحَاكِم أَو لَا يقْضِي بَين اثْنَيْنِ "، وَرَوَاهُ أَصْحَاب الْكتب بِلَفْظ: " لَا يقضين حَاكم بَين اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَان ".فالآية إِنَّمَا سيقت لبَيَان أَحْكَام الْجُمُعَة لَا لبَيَان أَحْكَام البيع، فَلَو لم يُعلل النَّهْي عَن البيع

- ‌(قَوْله: [فصل] )

- ‌ أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا اللَّهِ ".وَقَالَ النَّبِي

- ‌ يَا أنس كتاب اللَّهِ الْقصاص

- ‌ كَالرَّاعِي يرْعَى حول الْحمى يُوشك أَن يرتع فِيهِ "، ثمَّ قَالَ: " أَلا وَإِن حمى اللَّهِ مَحَارمه

- ‌ بعثوا لتَحْصِيل / مصَالح الْعباد، فَيعلم ذَلِك بالاستقراء، فمهما وجدنَا مصلحَة غلب على الظَّن أَنَّهَا مَطْلُوبَة للشَّرْع، فنعتبرها؛ لِأَن الظَّن منَاط الْعَمَل.وَقَالَ الْقَرَافِيّ: الْمصَالح بِالْإِضَافَة إِلَى شَهَادَة الشَّرْع لَهَا بِالِاعْتِبَارِ ثَلَاثَة أَقسَام:مَا شهد الشَّرْع

- ‌[فصل] )

- ‌(قَوْله: [فصل] )

- ‌(قَوْله: (فصل))

- ‌(قَوْله: (فصل))

- ‌(قَوْله: (فَوَائِد))

- ‌ إِنَّهَا من الطوافين عَلَيْكُم "، فَيعْتَبر الْأَمر فِي كل طائف

- ‌ من أعتق شركا لَهُ فِي عبد، وَكَانَ لَهُ مَال يبلغ ثمن العَبْد قوم عَلَيْهِ قيمَة عدل…... الحَدِيث ".، فَإنَّا نقطع بِعَدَمِ اعْتِبَار الشَّارِع الذُّكُورَة وَالْأُنُوثَة فِيهِ.وَمثل قَوْله

- ‌(قَوْله (فصل))

- ‌ إِذا اجْتهد

- ‌ عهد إِلَيْنَا فِيهِنَّ عهدا ننتهي إِلَيْهِ: الْجد، والكلالة، وأبواب من أَبْوَاب الرِّبَا ".وَصَحَّ عَن [ابْن] عمر: " أجرؤكم على الْجد أجرؤكم على جَهَنَّم "، وَصَحَّ عَن ابْن الْمسيب، عَن عمر وَعلي، وَرَوَاهُ سعيد فِي " سنَنه

- ‌ بَيَان على وَفقه مَعَ عُمُوم الْحَاجة إِلَيْهِ فِي زَمَانه وَعُمُوم الْحَاجة إِلَى خِلَافه، هَل يعْمل بذلك الْقيَاس؟ فِيهِ خلاف وَذكر لَهُ صورا:مِنْهَا: ضَمَان الدَّرك وَهُوَ مِثَال للشق الثَّانِي من الْمَسْأَلَة.وَمِنْهَا وَهُوَ مِثَال الأول: صَلَاة الْإِنْسَان على من مَاتَ من الْمُسلمين فِي مَشَارِق

- ‌ للَّذي أَرَادَ الانتفاء من وَلَده لمُخَالفَة لَونه: " لَعَلَّه نَزعه عرق " وَهَذَا قِيَاس لجَوَاز مُخَالفَة الْوَلَد للوالد فِي

- ‌(قَوْله (فصل))

- ‌(قَوْله: (فصل القوادح)

- ‌ رخص فِي السّلم ".أما مُخَالفَة الْإِجْمَاع فكقول حَنَفِيّ: لَا يجوز للرجل أَن يغسل امْرَأَته؛ لِأَنَّهُ يحرم النّظر إِلَيْهَا كالأجنبية.فَيُقَال: هَذَا فَاسد الِاعْتِبَار لمُخَالفَة الْإِجْمَاع السكوتي، وَهُوَ أَن عليا غسل فَاطِمَة

- ‌ فَدلَّ على أَن رُتْبَة الْقيَاس بعد النَّص. وَلِأَن الظَّن الْمُسْتَفَاد من النَّص أقوى من الظَّن الْمُسْتَفَاد من الْقيَاس

- ‌ بِخِلَاف غَيرهمَا فَإِن

- ‌ بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيل المبدلين، لَكِن نحتج بِهِ على أهل الْكتاب لتصديقهم بِهِ. انْتهى.قَوْله: (وَإِن نقض أَحدهمَا عِلّة الآخر بِأَصْل نَفسه لم يجز عِنْد أَصْحَابنَا، وَالشَّافِعِيَّة، وَقيل: بلَى، وَقَالَ الشَّيْخ: هُوَ كقياسه على أصل نَفسه) .لَو نقض الْمُعْتَرض أَو الْمُسْتَدلّ عِلّة

- ‌ فِي الْأَصَح، وَلَا بِرُخْصَة ثَابِتَة على خلاف مُقْتَضى الْقيَاس، وَلَا بموضوع اسْتِحْسَان عِنْد أَصْحَابنَا، وَالشَّافِعِيَّة، وَعند الشَّيْخ: تنْتَقض المستنبطة إِن لم يبين مَانِعا) .قَالَ ابْن مُفْلِح: (وَفِي قبُول النَّقْض بالمنسوخ وبخاص بِالنَّبِيِّ

- ‌ وَكَانَ حِينَئِذٍ مَوْزُونا.وَمِنْهَا: الْمُطَالبَة بِكَوْن وصف الْمعَارض مؤثرا.يُقَال: وَلم قلت: إِن الْكَيْل مُؤثر وَهَذَا إِنَّمَا يسمع من الْمُسْتَدلّ إِذا كَانَ مثبتا للعلية بالمناسبة أَو الشّبَه، حَتَّى يحْتَاج الْمعَارض فِي معارضته إِلَى بَيَان مُنَاسبَة أَو شبه، بِخِلَاف مَا إِذا أثْبته

- ‌ الْخَال وَارِث من لَا وَارِث لَهُ

- ‌ بِلَا كَيفَ وَلَا شرح، وَلَا يُقَال:

الفصل: ‌ ‌قَوْله: {فصل}   {تقدّمت الْعلَّة وَهِي: الْعَلامَة والمعرف عِنْد أَصْحَابنَا وَالْأَكْثَر، لَا

‌قَوْله: {فصل}

{تقدّمت الْعلَّة وَهِي: الْعَلامَة والمعرف عِنْد أَصْحَابنَا وَالْأَكْثَر، لَا الْمُؤثر فِيهِ، [وَقَالَت] الْمُعْتَزلَة: الْمُؤثر بِذَاتِهِ، وَالْغَزالِيّ وسليم، والهندي: بِإِذن الله تَعَالَى، والرازي: بِالْعرْفِ، والآمدي وَمن تبعه الْبَاعِث} .

الْعلَّة من أَرْكَان الْقيَاس كَمَا تقدم، وَتَقَدَّمت أَحْكَامهَا فِي خطاب الْوَضع مستوفاة بأقسامها.

وَأما تَعْرِيفهَا فَهِيَ وصف ظَاهر منضبط معرف للْحكم.

فَخرج بِقَيْد (الظُّهُور) : الْخَفي كالبخر فِي الْأسد.

(وبالانضباط) المُرَاد بِهِ: تميز الشَّيْء عَن غَيره: مَا هُوَ منتشر لَا ضَابِط لَهُ كالمشقة، فَلذَلِك لَا يُعلل إِلَّا بِوَصْف منضبط يشْتَمل عَلَيْهَا.

وبقولنا: (معرف للْحكم) : مَا يعرف نقيضه وَهُوَ الْمَانِع، أَو مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ الْمُعَرّف، وَهُوَ الشَّرْط، كَمَا سبق تَقْرِير ذَلِك فِي تَقْسِيم الحكم الوضعي إِلَى: سَبَب، وَشرط، ومانع.

فتقييد الْوَصْف الظَّاهِر المنضبط بِكَوْنِهِ (مُعَرفا) وحكاية الْخلاف فِيهِ، فقد اخْتلف الْعلمَاء فِيهِ:

ص: 3177

فأصحابنا وَالْأَكْثَر بل هُوَ قَول أهل السّنة: أَن الْعلَّة هِيَ الْمعرفَة للْحكم لَا مُؤثر، لِأَن الحكم قديم فَلَا مُؤثر لَهُ، فَإِن أُرِيد تعلق الحكم بالمكلف فَهُوَ بِإِرَادَة الله - تَعَالَى -، لَا بتأثير شَيْء من الْعَالم.

وَمعنى كَونهَا (معرفَة) : أَنَّهَا نصبت أَمارَة وعلامة ليستدل بهَا الْمُجْتَهد على وجدان الحكم إِذا لم يكن عَارِفًا بِهِ.

وَيجوز أَن يتَخَلَّف، كالغيم الرطب أَمارَة على الْمَطَر، وَقد يتَخَلَّف، وَهَذَا لَا يخرج الأمارة عَن كَونهَا أَمارَة.

وَالْقَوْل الثَّانِي وَبِه قَالَت الْمُعْتَزلَة: إِن الْعلَّة مُؤثرَة / فِي الحكم بِنَاء على قاعدتهم فِي التحسين والتقبيح العقليين.

ثمَّ قَالَ بَعضهم: إِنَّهَا أثرت بذاتها.

وَقَالَ بَعضهم: بِصفة ذاتية فِيهَا.

ص: 3178

وَقَالَ بَعضهم: بِوُجُوه واعتبارات.

وَقد تقدم ذَلِك محرراً فِي أول الْأَحْكَام فِي الْمَتْن، وَالشَّرْح.

وَلَيْسَ عِنْد أهل السّنة شَيْء من الْعَالم مؤثراً فِي شَيْء، بل كل مَوْجُود فِيهِ فَهُوَ بِخلق الله تَعَالَى وإرادته.

القَوْل الثَّالِث: أَنَّهَا مُؤثرَة لَا بذاتها وَلَا بِصفة ذاتية فِيهَا وَلَا غير ذَلِك، بل بِجعْل الشَّارِع إِيَّاهَا مُؤثرَة، وَهُوَ قَول الْغَزالِيّ، وسليم الرَّازِيّ.

ص: 3179

قَالَ الْهِنْدِيّ: وَهُوَ قريب لَا بَأْس بِهِ.

ورده الْفَخر الرَّازِيّ: بِأَن الحكم قديم، فَلَا يتَصَوَّر أَن يُؤثر فِيهِ شَيْء.

وَأَيْضًا: فَإِذا وجد الْمَعْلُول فإمَّا أَن يكون موجده الله تَعَالَى، أَو تِلْكَ الْعلَّة، أَو هما، والأخيران باطلان، لما يلْزم أَن غير الله خَالق. أَو أَن لَهُ شَرِيكا فِي خلقه، وَذَلِكَ محَال، فَتعين الأول.

القَوْل الرَّابِع: أَنا مُؤثرَة بِالْعرْفِ، وَبِه قَالَ الْفَخر الرَّازِيّ فِي " الرسَالَة "

القَوْل الْخَامِس: وَبِه قَالَ الْآمِدِيّ وَمن تبعه كَابْن الْحَاجِب وَغَيره: أَنَّهَا الْبَاعِث، أَي: على التشريع، بِمَعْنى اشْتِمَال الْوَصْف على مصلحَة صَالِحَة أَن يكون الْمَقْصُود للشارع من شرع الحكم، وَهُوَ مَبْنِيّ على جَوَاز تَعْلِيل أَفعَال الْبَارِي - تَعَالَى - بالغرض.

ص: 3180

فارغة

ص: 3181

قَالَ ابْن الْعِرَاقِيّ: " وَهُوَ محكي عَن الْفُقَهَاء، والمنصور عِنْد الأشاعرة خِلَافه، فَإِنَّهُ تَعَالَى لَا يَبْعَثهُ شَيْء على شَيْء ".

قَالَ ابْن مُفْلِح فِي " أُصُوله " فِي أول [مَسْأَلَة] التحسين والتقبيح: " وَمن أهل السّنة من يُسَمِّي الْحِكْمَة غَرضا، حَتَّى من الْمُفَسّرين كَالثَّعْلَبِيِّ، كَقَوْل الْمُعْتَزلَة.

وَمِنْهُم من لَا يُطلقهُ، لِأَنَّهُ يُوهم الْمَقْصُود الْفَاسِد ".

ص: 3182

وَتقدم الْكَلَام عَلَيْهِ هُنَاكَ بأبسط من هَذَا.

وَفسّر الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب بتفسير حسن فَليُرَاجع. فَائِدَتَانِ:

إِحْدَاهمَا: سبق أَن الْعلَّة قسم من السَّبَب، فالسبب أَعم مِنْهَا، فَإِنَّهَا تعْتَبر فِيهَا الْمُنَاسبَة، وَالسَّبَب أَعم من ذَلِك فقد يكون زَمَانا / ومكاناً وَغير ذَلِك، وَيفرق بَينهمَا فِي اللُّغَة، وَالْكَلَام، وَالْأُصُول، وَالْفِقْه:

ص: 3183

فَأَما اللُّغَة: فالسبب مَا يتَوَصَّل بِهِ إِلَى غَيره وَلَو بوسائط، كتسمية الْحَبل سَببا، وَذكروا لِلْعِلَّةِ مَعَاني يَدُور الْأَمر الْمُشْتَرك فِيهَا على أَن يكون أمرا مستمراً، وَلِهَذَا يَقُول أَكثر النُّحَاة: اللَّام للتَّعْلِيل، وَالْبَاء للسَّبَبِيَّة وَالتَّعْلِيل فغاير بَينهمَا.

وَأما الْكَلَام: فالسبب: مَا يحصل الشي عِنْده لَا بِهِ، وَالْعلَّة مَا يحصل بِهِ، وَأَيْضًا الْعلَّة: مَا يتأثر بهَا الْمَعْلُول بِلَا وَاسِطَة وَلَا شَرط، وَالسَّبَب: مَا يُفْضِي للْحكم بِوَاسِطَة وبشرط، وَلذَلِك يتراخى حَتَّى تُوجد وسائطه وَشَرطه وتنتفي موانعه.

وَأما فِي الْأُصُول: فَقَالَ الْآمِدِيّ فِي " جدله ": الْعلَّة: مَا تكون للمظنة وللحكمة. [وَأما السَّبَب فللمظنة دَائِما، إِذْ بالمظنة يتَوَصَّل إِلَى الحكم لأجل الْحِكْمَة] ، وَأما فِي [الْفِقْه] فَذكر لَهُ مسَائِل.

ص: 3184

الثَّانِيَة: قد يعبر عَن الْعلَّة بِأَلْفَاظ ذكرهَا المقترح: السَّبَب: الأمارة، الدَّاعِي، المستدعي، الْحَامِل، المناط، الدَّلِيل، الْمُقْتَضِي، الْمُوجب الْمُؤثر. وَزَاد غَيره: الْمَعْنى، وكل ذَلِك اصْطِلَاح سهل.

قَوْله: (وَلها شُرُوط مِنْهَا: أَن تكون مُشْتَمِلَة على حِكْمَة مَقْصُودَة للشارع عِنْد الْأَكْثَر، وَقَالَ مُعظم الْأَصْحَاب هِيَ مُجَرّد أَمارَة وعلامة نصبها الشَّارِع دَلِيلا على الحكم، زَاد ابْن عقيل وَغَيره مَعَ أَنَّهَا مُوجبَة لمصَالح دافعة لمفاسد لَيست من جنس الأمارة الساذجة) .

مَا تقدم شُرُوط حكم الأَصْل، وَهَذِه شُرُوط عِلّة الأَصْل، ونعني بِهِ: مَا يُعلل بِهِ الحكم فِي الأَصْل.

وَاشْترط الْأَكْثَر: أَن تكون مُشْتَمِلَة على حِكْمَة مَقْصُودَة للشارع من

ص: 3185

شرع الحكم من تَحْصِيل مصلحَة أَو تكميلها، أَو دفع مفْسدَة أَو تقليلها، لَكِن على معنى أَنَّهَا تبْعَث الْمُكَلف على الِامْتِثَال لَا أَنَّهَا باعثة للشَّرْع على ذَلِك الحكم. أَو أَنه على [وفْق] مَا جعله اللَّهِ - تَعَالَى - مصلحَة للْعَبد تفضلا عَلَيْهِ وإحسانا لَهُ لَا وجوبا على اللَّهِ تَعَالَى.

فَفِي ذَلِك بَيَان قَول الْفُقَهَاء: الْبَاعِث على الحكم / بِكَذَا هُوَ كَذَا. وَأَنَّهُمْ لَا يُرِيدُونَ بعث الشَّارِع بل بعث الْمُكَلف على الِامْتِثَال. مثل: حفظ النَّفس باعث على تعَاطِي فعل الْقصاص الَّذِي هُوَ من فعل الْمُكَلف، أما حكم الشَّرْع فَلَا عِلّة وَلَا باعث عَلَيْهِ، فَإِذا انْقَادَ الْمُكَلف لَا متثال أَمر اللَّهِ فِي أَخذ الْقصاص مِنْهُ وَكَونه وَسِيلَة لحفظ النُّفُوس كَانَ لَهُ أَجْرَانِ: أجر على الانقياد، وَأجر على قصد حفظ النَّفس، وَكِلَاهُمَا أَمر اللَّهِ، قَالَ اللَّهِ تَعَالَى:{كتب عَلَيْكُم الْقصاص} [الْبَقَرَة: 178]، {وَلكم فِي الْقصاص حَيَاة} [الْبَقَرَة: 179] .

وَمن أجل كَون الْعلَّة لابد من اشتمالها على حِكْمَة تَدْعُو إِلَى الِامْتِثَال، كَانَ مانعها وَصفا وجوديا يخل بحكمتها، وَيُسمى: مَانع السَّبَب، فَإِن لم يخل بحكمتها بل بالحكم فَقَط وَالْحكمَة بَاقِيَة، سمي: مَانع الحكم، وَقد تقدم ذَلِك فِي خطاب الْوَضع.

مِثَال الْمَقْصُود هُنَا وَهُوَ مَانع السَّبَب: الدّين، إِذا قُلْنَا إِنَّه مَانع لوُجُوب الزَّكَاة؛ لن حكمته السَّبَب، وَهُوَ ملك النّصاب، غنى مَالِكه، فَإِذا كَانَ مُحْتَاجا إِلَيْهِ لوفاء الدّين فَلَا غنى، فاختلت حِكْمَة السَّبَب بِهَذَا الْمَانِع.

ص: 3186

وَقَالَ أَصْحَابنَا: الْعلَّة مُجَرّد أَمارَة وعلامة نصبها الشَّارِع دَلِيلا على الحكم.

زَاد ابْن عقيل وَغَيره: مَعَ أَنَّهَا مُوجبَة لمصَالح ودافعة لمفاسد لَيْسَ من جنس الأمارة الْفَاسِدَة.

قَالَ ابْن مُفْلِح: " وَاخْتَارَ الْآمِدِيّ الأول؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَة فِي الأمارة سوى تَعْرِيف الحكم، وَقد عرف بِالْخِطَابِ، وَلِأَنَّهَا معرفَة لحكم الأَصْل، فَهُوَ فرعها وَهِي مستنبطة مِنْهُ، فَهِيَ فَرعه فَيلْزم الدّور. وَفِيه نظر لجَوَاز كَون فائدتها تَعْرِيف حكم الْفَرْع.

فَإِن قيل: يلْزم مِنْهُ تَعْرِيفهَا لحكم الأَصْل، وَإِلَّا لم يكن للْأَصْل مدْخل فِي الْفَرْع لعدم توقف ثُبُوت الْوَصْف فِيهِ وتعريفه لحكمه على حكم الأَصْل لعدم تَعْرِيفه لحكم الأَصْل.

قيل: إِلَّا أَن الْوَصْف مُسْتَفَاد من الأَصْل " انْتهى.

ص: 3187

قَوْله: (وَبنى عَلَيْهَا الْأَصْحَاب: صِحَة / التَّعْلِيل باللقب، وَنَصّ عَلَيْهِ، وَقَالَهُ الْأَكْثَر كالمشتق اتِّفَاقًا، وَمنعه الرَّازِيّ وَغَيره كوجه لنا) .

قَالَ ابْن مُفْلِح: " وَبنى الْأَصْحَاب على قَوْلهم صِحَة التَّعْلِيل بِالِاسْمِ وَأَنه ظَاهر قَول أَحْمد: " يجوز الْوضُوء بِمَاء الباقلاء والحمص لِأَنَّهُ مَاء ". وَعلل الشَّافِعِيَّة أَيْضا بِمثل ذَلِك، وَقَول أَكثر الْحَنَفِيَّة، وَالشَّافِعِيَّة. وَذكره الْجِرْجَانِيّ، والإسفرييني عَن أصحابهما. وَذكر ابْن برهَان الْجَوَاز عِنْدهم، قَالَ: وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يجوز.

ص: 3188

وَقَالَ ابْن الْبَنَّا من أَصْحَابنَا: اخْتلف فِي التَّعْلِيل بِالِاسْمِ اللقب على وَجْهَيْن:

قَالَ: ومذهبنا جَوَازه نَص عَلَيْهِ أَحْمد، كَمَا لَو نَص عَلَيْهِ الشَّارِع بقوله: حرمت التَّفَاضُل فِي الْبر لكَونه برا فَإِنَّهُ اتِّفَاق، وَلَيْسَت مُوجبَة بِخِلَاف الْعلَّة الْعَقْلِيَّة.

قَالَ ابْن عقيل وَغَيره: الْعقُوبَة لما لم يجز كَونهَا معللة بِإِحْسَان المحسن، لم يجز وُرُود الشَّرْع بهَا " انْتهى.

قَالَ الْبرمَاوِيّ: " التَّعْلِيل بِالِاسْمِ اللقب وَالْمرَاد بِهِ مَا لَيْسَ بمشتق، لَا الَّذِي هُوَ أحد أَقسَام الْعلم فَقَط، كَمَا عبر فِي المفاهيم بِمَفْهُوم اللقب، وَالْمرَاد بِهِ الْأَعَمّ من الْعلم وَاسم الْجِنْس الْجَامِع.

وَمِثَال التَّعْلِيل باللقب: تَعْلِيل الرِّبَا فِي النَّقْدَيْنِ بكونهما ذَهَبا وَفِضة، وتعليل مَا يتَيَمَّم بِهِ بِكَوْنِهِ تُرَابا، وَمَا يتَوَضَّأ بِهِ بِكَوْنِهِ مَاء ".

ص: 3189

وَالْقَوْل الثَّانِي: الْمَنْع من التَّعْلِيل باللقب، اخْتَارَهُ الرَّازِيّ بل نقل الِاتِّفَاق عَلَيْهِ.

قَالَ الْبرمَاوِيّ: (وَوَقع فِي " الْمَحْصُول " حِكَايَة الِاتِّفَاق على أَنه لَا يجوز التَّعْلِيل بِالِاسْمِ، كتعليل تَحْرِيم الْخمر بِأَنَّهُ يُسمى خمرًا، قَالَ: فَإنَّا نعلم بِالضَّرُورَةِ أَن هَذَا اللَّفْظ لَا أثر لَهُ، فَإِن أُرِيد بِهِ تَعْلِيل الْمُسَمّى هَذَا الِاسْم من كَونه مخامرا لِلْعَقْلِ، فَذَلِك تَعْلِيل بِالْوَصْفِ لَا بِالِاسْمِ، فَيصير مَا قَالَه طَريقَة أُخْرَى لعدم الْخلاف وَالْقطع بِالْمَنْعِ، لَكِن الْأَصَح الْجَوَاز كَيفَ فرض الْخلاف، وَقد وَقع للشَّافِعِيّ وَغَيره التَّعْلِيل بذلك) كَالْإِمَامِ. /

وَقَوْلنَا: [كالمشتق اتِّفَاقًا] .

حَكَاهُ فِي " جمع الْجَوَامِع "، وَذَلِكَ كاسم الْفَاعِل وَالْمَفْعُول وَالصّفة المشبهة وَنَحْو ذَلِك، فَهُوَ جَائِز على معنى أَن الْمَعْنى الْمُشْتَقّ ذَلِك مِنْهُ هُوَ عِلّة الحكم نَحْو {فَاقْتُلُوا الْمُشْركين} [التَّوْبَة: 5] ، {وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا} [الْمَائِدَة: 38] .

ص: 3190

" مطل الْغَنِيّ ظلم "، وَغير ذَلِك مِمَّا لَا ينْحَصر.

قَالَ الْبرمَاوِيّ: (وَفِي مَعْنَاهُ الْمَوْصُول فَإِن صلته تكون عِلّة للْحكم سَوَاء كَانَت صلته فِيهَا مُشْتَقّ كالفعل وَنَحْوه أم لَا.

قَالَ: وَحكى بَعضهم فِيهِ الِاتِّفَاق وَفِيه نظر: فَإِن سليما فِي " التَّقْرِيب " حكى قولا بِمَنْع التَّعْلِيل فِي الِاسْم مُطلقًا جَامِدا كَانَ أَو مشتقا) .

ص: 3191

قَوْله: (وَقد تكون دافعة، أَو رَافِعَة، أَو فاعلة للأمرين، [وَتَكون] وَصفا حَقِيقِيًّا ظَاهرا منضبطا، أَو عرفيا مطردا، أَو لغويا فِي الْأَصَح) .

الْوَصْف المجعول عِلّة ثَلَاثَة أَقسَام، فَإِنَّهُ تَارَة يكون دافعا لَا رَافعا، وَيكون رَافعا لَا دافعا، وَيكون دافعا رَافعا، وَله أَمْثِلَة كَثِيرَة.

فَمن الأول: الْعدة فَإِنَّهَا دافعة للنِّكَاح إِذا وجدت فِي ابْتِدَائه لَا رَافِعَة لَهُ إِذا طرأت فِي أثْنَاء النِّكَاح، فَإِن الْمَوْطُوءَة بِشُبْهَة تَعْتَد وَهِي بَاقِيَة على الزَّوْجِيَّة.

وَمن الثَّانِي: الطَّلَاق فَإِنَّهُ يرفع حل الِاسْتِمْتَاع وَلَا يَدْفَعهُ؛ لِأَن الطَّلَاق إِلَى استمراره لَا يمْنَع وُقُوع نِكَاح جَدِيد بِشَرْطِهِ.

وَمن الثَّالِث الرَّضَاع فَإِنَّهُ يمْنَع من ابْتِدَاء النِّكَاح، وَإِذا طَرَأَ فِي أثْنَاء الْعِصْمَة رَفعهَا، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا وَشبهه من مَوَانِع النِّكَاح يمْنَع من الِابْتِدَاء والدوام لتأبده واعتضاده؛ لِأَن الأَصْل فِي الِارْتفَاع: الْحُرْمَة.

وَتَكون الْعلَّة أَيْضا وَصفا حَقِيقِيًّا وَهُوَ مَا تعقل بِاعْتِبَار نَفسه، وَلَا يتَوَقَّف على وضع، كَقَوْلِنَا: مطعوم فَيكون ربويا، فالطعم مدرك بالحس، وَهُوَ أَمر حَقِيقِيّ، أَي: لَا تتَوَقَّف معقوليته على معقوليةغيره.

ص: 3192