الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ كَرَاهِيَةِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ
7 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: قِيلَ لَهُ لَقَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ، قَالَ: أَجَلْ لَقَدْ «نَهَانَا صلى الله عليه وسلم أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، وَأَنْ لَا نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ، وَأَنْ لَا يَسْتَنْجِيَ
===
باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة
7 -
قوله: "قيل له" قاله يهودي كذا ذكره النووي (1) أي استهزاء و"الخراة" في المجمع بكسر الخاء ومد: هيئة الحدث. وأما نفس الحدث فبلا تاء وتمد مع فتح الخاء وكسرها. اهـ.
قلت: المعنى الذي ذكر يقتضى كسر الخاء بلا مد كجلسة للهيئة.
وقال الخطابي: أكثر الرواة يفتحون الخاء بلا مد (2).
وقال الطيبي: المراد آداب التخلي، وجواب سلمان من أسلوب الحكيم حيث لم يلتفت إلى استهزائه.
قلت: والأقرب رد له بأن ما زعمه سببًا للاستهزاء ليس بسبب له، حتى المسلمون يصرحون به عند الأعداء.
وقوله: "أجل" بسكون اللام أي نعم. وقوله: "أن لا يستنجي" كلمة (لا) زائدة وقد سقطت في بعض النسخ و"الرجيع" هو الخارج من الإنسان أو الحيوان، سمي بذلك؛ لأنه رجع عن حاله الأولى وصار ما صار بعد أن كان طعامًا أو
(1) النووي بشرح صحيح مسلم 3/ 152.
(2)
معالم السنن 1/ 11.
أَحَدُنَا بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، أَوْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ عَظْمٍ».
8 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ، أُعَلِّمُكُمْ فَإِذَا
===
علفًا.
8 -
قوله: "إنما أنا لكلم بمنزله الوالد" كلام بسيط وتأنيس للمخاطبين لئلا يمنعهم الحياء والهيبة عن مراجعة ما يظهر لهم في دينهم.
وقوله: "إذا أتى أحدكم الغائط" هو في الأصل اسم للمكان المطمئن في الفضاء ثم اشتهر في نفس الخارج من الإنسان، والمراد هاهنا هو الأول، إذ لا يحسن استعمال الإتيان في المعنى الثاني أيضًا ولا يحسن النهي عن الاستقبال والاستدبار إلا قبيل المباشرة بإخراج الخارج، وذلك عند حضور المكان لا عند المباشرة بإخراج ذلك، فليتأمل.
وقوله: "ولا يَسْتَطِيبُ" بثبوت الياء في كثير من النسخ على أنه نهي بلفظ الخبر وهو أوكد، وجاء بحذف الياء على لفظ النهي، والمعنى لا يستنجي، وسمي الاستنجاء استطابة؛ لما فيه من إزالة النجاسة وتطييب موضعها.
"والروث" رجيع ذوات الحافر ذكره صاحب المحكم وغيره، وقال ابن العربي: رجيع غير بني آدم.
قلت: الأشبه أن يراد هاهنا رجيع الحيوان مطلقًا، ليشتمل رجيع الإنسان ولو بطريق إطلاق اسم الخاص على العام، ويحتمل أن يقال: ترك ذكر رجيع
أَتَى أَحَدُكُمُ الْغَائِطَ فَلَا يَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ، وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا وَلَا يَسْتَطِبْ بِيَمِينِهِ، وَكَانَ يَأْمُرُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، وَيَنْهَى عَنِ الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ».
9 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، رِوَايَةً قَالَ:«إِذَا أَتَيْتُمُ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا» فَقَدِمْنَا الشَّامَ، فَوَجَدْنَا
===
الإنسان؛ لأنه أغلظ فيشتمله النهي بالأولى، "والرِقَّة" بكسر فتشديد ميم: العظم البالي، ولعل المراد هاهنا مطلق العظم، ويحتمل أن يقال العظم البالي لا ينتفع به فإذا منع عن تلويثه فغيره بالأولى.
9 -
قوله: "حدثنا سفيان" هو ابن عيينة (1)، وهو وإن كان مدلسًا إلا أنه لا يدلس إلا عن ثقة ولذلك اجتمعت الأمة على الاحتجاج بحديثه المعنعن. كذا ذكره غير واحد وقالوا: هذا لا يعرف إلا في سفيان بن عيينة. وقوله "رواية" هي من صيغ الرفع ونصبها بتقدير فعل أي رواه رواية. وقوله: "إذا أتيتم الغائط. "إلخ قال الشيخ ولي الدين: المراد بالغائط الأول المعنى الحقيقي، وهو المكان المنخفض الواسع، وبالثانى المعنى المجازي: وهو الخارج المعروف.
قلت: فلا يتوهم أن الظاهر هو الإضمار في الثاني فلم أظهر؟ .
وقوله: "شرقوا وغربوا" أي استقبلوا جهة الشرق والغرب والعطف بينهما بالواو في غالب النسخ، وفي بعضها بأو وهو المشهور في غير هذا الكتاب، وهما
(1) سفيان بن عبينة ابن أبي عمران ميمون الهلالي، الكوفي ثم المكي، ثقة حافظ فقيه إمام حجة، إلا أنه تغير حفظه بآخره، وكان ربما دلس لكن عن الثقات، من رؤوس الطبقة الثامنة، مات سنة ثمان وتسعين. تقريب التهذيب 1/ 312.
مَرَاحِيضَ قَدْ بُنِيَتْ قِبَلَ الْقِبْلَةِ، فَكُنَّا نَنْحَرِفُ عَنْهَا وَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ.
10 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِي زَيْدٍ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ أَبِي مَعْقِلٍ الْأَسَدِيِّ، قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَتَيْنِ بِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ» ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَأَبُوزَيْدٍ هُوَ مَوْلَى بَنِي ثَعْلَبَةَ.
===
صحيحان، قالوا: وتفيد جواز الجهتين، وأو تفيد اختيار ما شاء، والخطاب لأهل المدينة ومن كانت قبلته على ذلك، وإلا فلا يستقيم فمن قبلته إلى المشرق أو المغرب.
و"المراحيض" كالمصابيح جمع مرحاض كمصباح وهو المغتسل أريد به مرضع التخلي. وقوله: "ونستغفر" بحذف لفظ الجلالة رواية الكتاب، وبإثباتها رواية بقية الستة.
10 -
قوله: "الأسدي"(1) بفتحتين أو بسكون الثاني، وقوله:"أن نستقبل القبلتين" قيل: أبو زيد مجهول الحال والحديث ضعيف به، وعلى تقدير صحته فالمراد أهل المدينة؛ لأن استقبالهم بيت المقدس يستلزم استدبارهم الكلعبة، وقيل: يحتمل أن يقال ببقاء نوع احترام لبيت المقدس: لأنه كان قبلة للمسلمين مدة، وقيل: لعله نهى عن استقباله حين كان قبلة ثم عن استقبال الكعبة حين صارت قبله، فجمعهما الراوي ظنًّا ببقاء النهي.
(1) معقل بن أبي معقل الأسدي: وهو ابن أبي الهيثم، ويقال: ابن الهيثم، له ولأبيه صحبة. تقريب التهذيب 2/ 165.