الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتِ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ».
بَابٌ [فِي] الرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
352 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّاسُ مُهَّانَ أَنْفُسِهِمْ، فَيَرُوحُونَ إِلَى الْجُمُعَةِ
===
ثم اختلفوا في الساعات، فالجمهور أنها ساعات النهار من أوله، فاستحبوا المسير إليها من طلوع الشمس، وأيده بعض المالكية بعدد الساعات المذكورة في الحديث وقال: والشمس إنما تزول في الساعة السادسة، فدل ذلك على أن المراد بها ساعات النهار المعروفة، وقال مالك: إنما المراد ساعة واحدة تكون فيها هذه الساعات وعليه غالب أصحابه وأيدوه بالعمل، وقالوا: هو حقيقة: الرواح من الزوال إلى آخر النهار، والغدو من أوله إلى الزوال، قال تعالى:{غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} (1)، واختاره بعض الشافعية كإمام الحرمين، والله تعالى أعلم.
بَابٌ [فِي] الرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
352 -
قوله: "مُهَّانَ" جمع ماهن كالخدام جمع خادم لفظًا ومعنى، وقوله:"لو اغتسلتم" لو للتمني فلا يحتاج إلى جواب أو للشرط، والجواب محذوف أي لكان خيرًا، ووجه الاستدلال بهذا الحديث على عدم وجوب غسل الجمعة ما سيجيء في الحديث الآتي بعد، وحاصله أنهم ما أمروا بالغسل
(1) سورة سبأ: آية 12.
بِهَيْئَتِهِمْ، فَقِيلَ لَهُمْ:«لَوِ اغْتَسَلْتُمْ» .
353 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ أُنَاسًا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ جَاءُوا فَقَالُوا: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَتَرَى الْغُسْلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبًا؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنَّهُ أَطْهَرُ، وَخَيْرٌ لِمَنِ اغْتَسَلَ، وَمَنْ لَمْ يَغْتَسِلْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ بِوَاجِبٍ، وَسَأُخْبِرُكُمْ كَيْفَ بَدْءُ
===
للوجوب عليهم، بل إنما أمروا به لدفع الأذى، ودفع الأذى واجب ما أمكن، وما كان الممكن لهم يومئذ إلا هذا الطريق فتعين لذلك، فحين ذهب الأذى ذهب الأمر بالغسل.
لا يقال: هذا استدلال بانتهاء العلة على انتهاء الحكم، والجمهور لا يقول به، كما علم في الرمل في الطواف وغيره، وإن كان رأي ابن عباس ذاك، ولذلك كان لا يقول بسنية الرمل في الطواف، فكيف يستدل الجمهور بهذا الوجه؟ لأنا نقول: بل الدليل على ما قررنا مبنى على أن الغسل ما كان واجبًا عليهم بعينه وإنما كان الواجب عليهم دفع الأذى بأي وجه كان، وإنما كانوا يتوصلون إلى ذلك الواجب بالغسل في تلك الأيام، وفي مثل هذا إذا انقطع الأذى أو ظهر لدفعه طريق آخر يسقط الأمر بالغسل قطعًا، فافهم. وعلى هذا فما جاء في الأحاديث أنه واجب معناه أنه طريق لإقامة الواجب الذي هو دفع الأذى، والله تعالى أعلم.
353 -
قوله: "كيف بدء الغسل" يحتمل أنه فعل مبني للمفعول أو للفاعل على أن فيه ضميرًا للنبي صلى الله تعالى عليه أو لله تعالى، يحتمل أنه مصدر، والكل على أنه مهموز، وإن قرئ على أنه معتل من بدا يبدو إذا ظهر، فهو فعل
الْغُسْلِ كَانَ النَّاسُ مَجْهُودِينَ يَلْبَسُونَ الصُّوفَ وَيَعْمَلُونَ عَلَى ظُهُورِهِمْ، وَكَانَ مَسْجِدُهُمْ ضَيِّقًا مُقَارِبَ السَّقْفِ - إِنَّمَا هُوَ عَرِيشٌ - فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي يَوْمٍ حَارٍّ وَعَرِقَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ الصُّوفِ حَتَّى ثَارَتْ مِنْهُمْ رِيَاحٌ آذَى بِذَلِكَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَلَمَّا وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تِلْكَ الرِّيحَ قَالَ:«أَيُّهَا النَّاسُ إِذَا كَانَ هَذَا الْيَوْمَ فَاغْتَسِلُوا، وَلْيَمَسَّ أَحَدُكُمْ أَفْضَلَ مَا يَجِدُ مِنْ دُهْنِهِ وَطِيبِهِ» قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ثُمَّ جَاءَ اللَّهُ بِالْخَيْرِ وَلَبِسُوا غَيْرَ الصُّوفِ، وَكُفُوا الْعَمَلَ وَوُسِّعَ مَسْجِدُهُمْ، وَذَهَبَ بَعْضُ الَّذِي كَانَ يُؤْذِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِنَ الْعَرَقِ.
354 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ،
===
مبني للفاعل أي كيف ظهر أو مصدر إن وجد الواو المشددة في آخره، ثم المقصود سأخبركم بجواب هذا الاستفهام وإلا فلا يتصور الإخبار بنفس هذا الاستفهام.
وقوله: "مقارب السقف" أي إلى الأرض، وقوله:"إنما هو عريش" أي ما يستظل به أي لم يكن كسائر السقف مرتفعًا بل كان شيء يستظل به عن الشمس، وقوله:"ثم جاء الله بالخير" عطف على قوله كيف بدأ الغسل.
وقوله: "ثارت" أي انتشرت، وقوله:"كفوا" بالتخفيف من كفاه مؤنة، كذا في المجمع، وضبط بالتشديد أي منعوا العمل، ولا يخلو عن ركاكة، و"وسع" كسمع أو على بناء المفعول بالتشديد، وقوله:"الذي كان يؤذي" أي به.
354 -
قوله: "فبها" أي فيكتفي بها أي بتلك الفعلة التي هي الوضوء، وقيل: فبالسنة أخذ، وقيل: بل الأولى بالرخصة أخذ؛ لأن السنة يوم الجمعة