الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• ورواه وهيب بن خالد: حدثنا موسى بن عقبة، قال: سمعت أبا النضر، يحدث عن بسر بن سعيد، عن زيد بن ثابت، أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ حجرة في المسجد من حصير [في رمضان]، فصلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيها ليالي، حتى اجتمع إليه ناس [وفي رواية: فصلى بصلاته ناس من أصحابه]، ثم فقدوا صوته ليلةً [وفي رواية: فلما علم بهم جعل يقعد]، فظنوا أنه قد نام، فجعل بعضهم يتنحنح ليخرج إليهم، [وفي رواية: فخرج إليهم]، فقال:"ما زال بكم الدي رأيت من صنيعكم حتى خشيت أن يكتب عليكم، ولو كتب عليكم ما قمتم به، فصلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة".
أخرجه البخاري (731 و 731 م و 7290)، ومسلم (214/ 781)، وتقدم تحت الحديث رقم (1044)، وانظر هناك بقية طرقه.
* * *
244 - باب الصلاة بعد الجمعة
1127 -
. . . حماد بن زيد: حدثنا أيوب، عن نافع؛ أن ابن عمر رأى رجلًا يصلي ركعتين يوم الجمعة في مقامه، فدفعه، وقال: أتصلي الجمعة أربعًا؟ وكان عبد اللَّه يصلي يوم الجمعة ركعتين في بيته، ويقول: هكذا فعل رصول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
* حديث صحيح
أخرجه أبو عوانة (9/ 34/ 10346 - إتحاف المهرة)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 124/ 1876)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 336 - 337)، وفي المشكل (10/ 300/ 4110)، والبيهقي (3/ 240)، وابن عبد البر في التمهيد (14/ 172).
رواه عن حماد بن زيد: محمد بن عبيد بن حِساب، وسليمان بن داود أبو الربيع الزهراني، وأبو النعمان محمد بن الفضل عارم، وسعيد بن منصور [وهم ثقات].
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
* * *
1128 -
قال أبو داود: حدثنا مسدد: ْ حدثنا إسماعيل: أخبرنا أيوب، عن نافع، قال: كان ابن عمر يطيلُ الصلاةَ قبلَ الجمعة، ويصلي بعدها ركعتين في بيته، وبحدِّثُ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك.
* حديث صحيح
أخرجه من طريق أبي داود: البيهقي (3/ 240)، وابن عبد البر في التمهيد (14/ 172).
وأخرجه من طريق مسدد به: ابن حبان (6/ 227/ 2476).
• ورواه أحمد بن منيع، وزياد بن أيوب، ومؤمَّل بن هشام:
ثلاثتهم عن إسماعيل بن علية به، نحو حديث مسدد.
ولفظه عند ابن خزيمة: عن أيوب، قال: قلت لنافع: أكان ابن عمر يصلي قبل الجمعة؟ فقال: قد كان يطيل الصلاة قبلها، ويصلي بعدها ركعتين في بيته، ويحدث أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك.
أخرجه ابن خزيمة (3/ 168/ 1836)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه على جامع الترمذي "مختصر الأحكام"(3/ 41/ 490).
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
هكذا رواه عن أيوب السختياني: حماد بن زيد، وإسماعيل بن علية، وهما ثقتان ثبتان، وهما أثبت الناس في أيوب.
• وتابعهما: شعبة [وعنه: يزيد بن هارون]، ووهيب بن خالد، ومعمر بن راشد:
عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر؛ أنه كان يصلي بعد الجمعة ركعتين يطيل فيهما، ويقول: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يفعله. لفظ شعبة.
ولفظ وهيب [عند أحمد (2/ 103)]: أن ابن عمر كان يغدو إلى المسجد يوم الجمعة، فيصلي ركعات يطيل فيهن القيام، فإذا انصرف الإمام رجع إلى بيته فصلى ركعتين، وقال: هكذا كان يفعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
ولفظ معمر: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته.
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 113/ 1429)، وفي الكبرى (2/ 290/ 1759)، وأبو عوانة (9/ 34/ 10346 - إتحاف المهرة)، وابن خزيمة (3/ 182/ 1869)، وأحمد (2/ 35 و 103)، وعبد الرزاق (3/ 247/ 5526)، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (1197)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 124/ 1877)، وأبو الشيخ في ذكر الأقران (421)، وأبو طاهر المخلص في الحادي عشر من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (34)(2539 - المخلصيات)، وتمام في الفوائد (1324)، وابن عبد البر في التمهيد (14/ 180).
وقوله في حديث شعبة: أن ابن عمر كان يصلي بعد الجمعة ركعتين يطيل فيهما: شاذ؛ والمحفوظ: أن ابنَ عمر كان يطيلُ الصلاةَ قبلَ الجمعة، ويصلي بعدها ركعتين في بيته، هكذا رواه ابن علية ووهيب بن خالد عن أيوب، وابن علية من أثبت الناس في أيوب، ولم يذكر الإطالة في الركعتين بعد الجمعة أحد ممن روى هذا الحديث عن أيوب، ولا أحد ممن رواه عن نافع، ولا حتى عن ابن عمر.
وإنما كان ابن عمر يطيل في التنفل قبل الجمعة، كما رواه ابن علية ووهيب عن أيوب عن نافع، وقد توبعا على ذلك:
• فقد رواه معاذ بن معاذ العنبري، عن ابن عون، عن نافع، قال: كان ابن عمر يهجِّر يوم الجمعة فيطيل الصلاة قبل أن يخرج الإمام.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 463/ 5361).
وهو موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح.
• وروى فهد [هو: ابن سليمان بن يحيى]، قال: ثنا علي بن معبد أهو: الرقي، نزيل مصر]، قال: ثنا عبيد اللَّه [هو: ابن عمرو]، عن زيد [هو: ابن أبي أنيسة]، عن جبلة بن سحيم، عن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما؛ أنه كان يصلي قبل الجمعة أربعًا، لا يفصل بينهن بسلام، ثم بعد الجمعة ركعتين، ثم أربعًا.
أخرجه الطحاوي (1/ 335).
وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ لكنه غريب، فهو إسناد مدني، ثم كوفي، ثم رقي، ثم مصري.
قال ابن رجب في الفتح (5/ 537): "وذكر إطالة الركعتين بعد الجمعة غريب، وقد روى غير واحد عن أيوب في هذا الحديث: أن الأطالة إنما كانت في الصلاة قبل الجمعة".
° وحديث ابن عمر هذا جزء منه موقوف على ابن عمر، وجزء منه مرفوع
فأما الموقوف: فصلاته قبل الجمعة وإطالته فيها، وقد دل على فضل الصلاة قبل الجمعة لمن بكر بالذهاب إلى المسجد أحاديث تقدم ذكرها تحت الحديث رقم (1083).
وأما المرفوع: فصلاته في بيته بعد الجمعة ركعتين، وهو الذي عناه بقوله: هكذا كان يفعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ورواية معمر عن أيوب صريحة في ذلك، وهو الذي جاء النص عليه في الرواية المطولة الآتية لحديث ابن عمر هذا، فإنه لم يذكر فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في بيته شيئًا قبل الخروج إلى الجمعة، بل فرَّق بين راتبة الظهر وراتبة الجمعة، وأنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين، ومفهوم كلامه أنه كان يصليها في المسجد، وأما راتبة الجمعة فكان يصليها في بيته ركعتين بعدما ينصرف من الصلاة، فدل على أنه لم يكن يصلي قبل الجمعة شيئًا، واللَّه أعلم [انظر: الفتح لابن رجب (5/ 543)، الفتح لابن حجر (2/ 426)]:
• وحديث نافع عن ابن عمر في رواتب المكتوبة رواه جماعة عن نافع، فمنهم من فرقه حديثين، ومنهم من رواه بتمامه، ومنهم من اقتصر منه على موضع الشاهد بحسب الحاجة، وقد قطعه بعض المصنفين على الأبواب.
° أما حديث أيوب؛ فقد رواه:
1 -
حماد بن زيد، أيوب، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: حفظتُ من النبي صلى الله عليه وسلم عشرَ ركعات: ركعتينِ قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل صلاة الصبح، وكانت ساعة لا يُدخَل على النبي صلى الله عليه وسلم فيها.
حدثتني حفصة: أنه كان اذا أذن المؤذن وطلع الفجر صلى ركعتين.
أخرجه البخاري (1180 و 1181)، وأبو عوانة (2/ 17/ 2147)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 318/ 1636)، والبيهقي (2/ 471)، وابن عبد البر في التمهيد (14/ 180).
قال ابن عبد البر في التمهيد (14/ 180): "هكذا وقع في أصلي: وركعتين قبل الغداة، والصواب فيه: بعد الجمعة؛ إلا أن يكون اختلط على أيوب حديثه هذا عن نافع بحديثه عن المغيرة بن سلمان، وأما حديث نافع: فمحفوظ فيه ركعتين بعد الجمعة، وليس فيه ركعتان قبل الصبح؛ إلا في روايته عن حفصة، وليس ذلك عند مالك".
2 -
إسماعيل بن علية: أخبرنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته.
قال: وحدثتني حفصة؛ أنه كان يصلي ركعتين حين يطلع الفجر وينادي المنادي بالصلاة -قال: أيوب أُراه قال: خفيفتين-، وركعتين بعد الجمعة في بيته.
زاد عند ابن خزيمة: وكانت ساعة لا يدخل عليه فيها أحد.
أخرجه مسلم (723)[بحديث حفصة وحده]. وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (12/ 318/ 1636)، والترمذي في الجامع (425)، وقال:"حسن صحيح"، و (432)، وقال:"حسن صحيح"، وفي الشمائل (284 و 285)، وابن خزيمة (2/ 208/ 1197)، وابن الجارود (276)، وأحمد (2/ 6)[واللفظ له] و (6/ 283)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 444/ 867)، وقال:"هذا حديث متفق على صحته".
(3 - 6) ورواه أيضًا: يزيد بن زريع، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، ومعمر بن راشد، وحماد بن سلمة [وهم ثقات]:
عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: صليت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وكان يصلي ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب [زاد عبد الوهاب: في بيته]، وركعتين بعد العشاء الآخرة.
وأخبرتني حفصة؛ أنه كان يصلي ركعتين خفيفتين حين ينادي المنادي لصلاة الصبح، وكانت ساعة لا يدخل عليه فيها أحد.
وقال معمر في أول حديثه: حفظت عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عشر ركعاتٍ كان يصليها بالليل والنهار.
ووهم حماد بن سلمة؛ فأدرج حديث حفصة في حديث ابن عمر [عند السراج].
أخرجه الترمذي (433)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(2/ 382/ 409)، وابن حبان (6/ 207/ 2454)، وعبد الرزاق (3/ 65/ 4811)، والبزار (12/ 179/ 5823)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (2160 و 2162)، وابن المنذر
في الأوسط (5/ 224/ 2744)، والطبراني في الكبير (23/ 191/ 317) و (23/ 192/ 318).
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
• وانظر أيضًا في الأوهام: ما أخرجه عبد الرزاق (3/ 65/ 4813)، والطبراني في الكبير (23/ 211/ 375).
* تابع أيوب السختياني عليه مختصرًا أو مطولًا:
1 -
مالك، عن نافع، عن عبد اللَّه بن عمر؛ أنه وصف تطوع صلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال: فكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف، فيصلي ركعتين في بيته.
أخرجه مسلم (882/ 71)، وأبو عوانة (9/ 280/ 11146 - إتحاف)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 466/ 1982 م)، والنسائي في المجتبى (3/ 113/ 1427)، وفي الكبرى (2/ 290/ 1757)، والدارمي (1/ 445/ 1573)، وا بن خزيمة (3/ 182/ 1870)، وعبد الرزاق (3/ 65/ 4810)، والبيهقي (3/ 240).
رواه عن مالك: يحيى بن يحيى النيسابوري، وقتيبة بن سعيد، وعبد اللَّه بن وهب، والوليد بن مسلم، وعبد الرزاق بن همام، وأبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد.
هكذا رواه بعضهم عن مالك مقتصرًا منه على موضع الشاهد.
• وقد رواه بتمامه: عبد اللَّه بن يوسف، وعبد اللَّه بن مسلمة القعنبي، وقتيبة بن سعيد، ويحيى بن يحيى الليثي، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو مصعب الزهري، وعبد الرحمن بن القاسم، وعبد اللَّه بن وهب، وأبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد، والوليد بن مسلم، وسويد بن صعيد الحدثاني، ومحمد بن الحسن الشيباني:
عن مالك، عن نافع، عن عبد اللَّه بن عمر؛ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر ركعتين، وبعدها ركعتين، وبعد المغرب ركعتين في بيثه، وبعد [صلاة] العشاء ركعتين [في بيته]، وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين [في بيته]. وفي رواية ابن مهدي وأبي عاصم: وبعد الجمعة ركعتين في بيته [انظر: التمهيد (14/ 167)].
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 235/ 459 - رواية يحيى)(551 - رواية أبي مصعب)(313 - رواية القعنبي)(200 - رواية ابن القاسم بتلخيص القابسي)(179 م - رواية سويد بن صعيد)(296 - رواية الشيباني).
ومن طريقه: البخاري (937)، وأبو داود (1252)، والنسائي في المجتبى (2/ 119/ 873)، وفي الكبرى (1/ 214/ 342)، والدارمي (1/ 396/ 1437)، وأحمد (2/ 63 و 87)، وابن وهب في الجامع (334)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (59 - مختصره)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (2158)، والجوهري في مسند الموطأ (653)، والبيهقي (2/ 477)، وابن عبد البر في التمهيد (14/ 167 و 175)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 445/ 868)، وقال:"هذا حديث صحيح"، وفي الشمائل (561)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (38/ 104).
2 -
الليث بن سعد، عن نافع، عن عبد اللَّه؛ أنه كان إذا صلى الجمعة انصرف، فسجد سجدتين في بيته، ثم قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك.
أخرجه مسلم (70/ 882)، وأبو عوانة (9/ 280/ 11146 - إتحاف)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 466/ 1982)، والترمذي (522)، وقال:"حسن صحيح"، والنسائي في الكبرى (1/ 274/ 503) و (2/ 290/ 1758)، وابن ماجه (1130)، وأحمد (2/ 123).
• ورواه ابن وهب: أخبرني عبد اللَّه بن عمر، ومالك بن أنس، والليث بن سعد، وأسامة بن زيد، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر ركعتين، وبعدها ركعتين، وبعد صلاة المغرب ركعتين في بيته، وبعد صلاة العشاء ركعتين [في بيته]، وكان لا يصلي بعد الجمعة في المسجد شيئًا حتى ينصرف فيسجد سجدتين.
أخرجه ابن وهب في الجامع (334)، ومن طريقه: أبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (2158)، والبيهقي (2/ 477)، وابن عبد البر في التمهيد (14/ 168).
3 -
وروى وهيب بن خالد [ثقة ثبت]:
عن عبيد اللَّه بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد الجمعة ركعتين.
أخرجه ابن حبان (6/ 229/ 2479)، وأحمد (2/ 75 و 77)، والرامهرمزي في المحدث الفاصل (447).
• ورواه يحيى بن سعيد القطان، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وزائدة بن قدامة، وحماد بن مسعدة، وعبدة بن سليمان، وخالد بن الحارث، وحماد بن سلمة، ويحيى بن سعيد بن أبان الأموي، ويحيى بن أبي زكريا بن أبي زائدة، وعبد الرحيم بن سليمان [وهم ثقات]:
عن عبيد اللَّه بن عمر، قال: أخبرني نافع، عن ابن عمر، قال: صليت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قبل الظهر سجدتين، وبعدها سجدتين، وبعد المغرب سجدتين، وبعد العشاء سجدتين، وبعد الجمعة سجدتين، فاما المغرب، والعشاء، والجمعة، فصليت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بيته. لفظ حماد بن أسامة [عند مسلم]، وبنحوه لفظ القطان [عند البخاري]، وقال زائدة في آخره: فأما المغرب والعشاء والجمعة ففي رحله.
زاد يحيى في آخره [عند البخاري وأحمد]، وأبو أسامة [عند البزار]: قال: وأخبرتني أختي حفصة؛ أنه كان يصلي سجدتين خفيفتين إذا طلع الفجر، قال: وكانت ساعة لا أدخل على النبى صلى الله عليه وسلم فيها.
ولفظ عبدة [عند إسحاق]: حفظت عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعد الظهر، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين بعد الجمعة، فأما المغرب والعشاء والجمعة ففي بيته صلى.
قال ابن عمر: وأخبرتني حفصة بركعتين لم أشهدهما بعد طلوع الفجر.
أخرجه البخاري (1172 و 1173)، ومسلم (723 و 729)، وأبو عوانة (2/ 6/ 2109) و (2/ 17/ 2146)(9/ 173/ 10817 - إتحاف)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 318/ 1635) و (2/ 324/ 1651)، والنسائي في المجتبى (3/ 255/ 1774)، وفي الكبرى (1/ 227/ 377)، والدارمي (1/ 399/ 1443)، وأحمد (2/ 17)، وإسحاق (4/ 187/ 1982)، وابن أبي شيبة (2/ 51/ 6353)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (5/ 412/ 3059)، والبزار (12/ 132/ 5695)، وأبو يعلى (12/ 480/ 7054)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (208 و 2130 و 2160)، والطبراني في الكبير (23/ 193/ 323 - 325) و (23/ 210/ 371)، وابن أخي ميمي الدقاق في فوائده (230)، والبيهقي في السنن (2/ 189 و 471)، وفي المعرفة (2/ 285/ 1336)، وابن عبد البر في التمهيد (14/ 181)، والبغوي في الشمائل (560).
° تنبيهان:
• وهم حماد بن سلمة؛ فأدرج حديث حفصة في حديث ابن عمر [عند السراج].
• ووهم يحيى بن سعيد الأموي فجعل جميع الرواتب في البيت بما فيها الظهر، وزاد ركعتين قبل العشاء [عند الدقاق].
• وانظر أيضًا في الأوهام: ما أخرجه الطبراني في الكبير (23/ 211/ 375).
4 -
ابن أبي ذئب [ثقة فقيه]، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته.
وفي رواية: كان لا يصلي الركعتين بعد الجمعة إلا في بيته.
أخرجه ابن حبان (6/ 235/ 2487)، وأحمد (2/ 23)، والطيالسي (3/ 372/ 1945)، وعبد بن حميد (781)، وأبو يعلى في المعجم (51)، والطحاوي (1/ 336)، والمحاملي في الأمالي (291 - رواية ابن مهدي الفارسي)، والخطيب في تاريخ بغداد (11/ 356).
وهو حدبث صحيح.
5 -
يحيى بن سعيد الأنصاري [ثقة ثبت]: أخبرني نافع؛ أن عبد اللَّه بن عمر كان إذا صلى الجمعة انصرف فصلى سجدتين في بيته، ثم يقول: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك.
أخرجه أبو العباس الأصم في جزء من حديثه (19 - رواية ابن حيد عنه)(335 - مجموع مصنفاته)، بإسناد صحيح إلى يحيى. ومن طريقه: الذهبي في السير (8/ 9 - 10).
وهو حديث صحيح.
6 -
كثير بن فرقد [ثقة، وعنه: الليث بن سعد]، عن نافع، عن ابن عمر؛ أنه قال: صليت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قبل الظهر سجدتين، وبعدها سجدتين، وبعد المغرب سجدتين، وبعد العشاء سجدتين، وبعد الجمعة سجدتين، فأما الظهر والمغرب والعشاء ففي بيته.
أخرجه تمام في الفوائد (1279)، بإسناد جيد إلى الليث. وعلقه البخاري في الصحيح بعد الحديث (1172 و 1173)، ولم يذكر لفظه.
وقوله في آخره: فأما الظهر والمغرب والعشاء ففي بيته، فهو وهم، والمحفوظ: فأما المغرب والعشاء والجمعة ففي بيته، كما رواه ثقات أصحاب نافع، مثل: مالك، وعبيد اللَّه بن عمر، والليث بن سعد، وغيرهم.
7 -
فليح بن سليمان [مدني، ليس به بأس، كثير الوهم]، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر ركعتين، وبعدها ركعتين، وقبل العصر ركعتين، وبعد المغرب ركعتين، وبعد الجمعة ركعتين.
قال نافع، عن ابن عمر: وأخبرتني حفصة؛ أنه كان يصلي ركعتين خفيفتين في بيته حين يطلع الفجر، حتى أظن أنه لا يقرأ فيهما.
أخرجه البزار (12/ 132/ 5696)، والخطيب في تاريخ بغداد (14/ 157) ببعضه.
وقد وهم فليح بذكر الركعتين قبل العصر، وإنما هما ركعتان بعد العشاء، كما رواه أصحاب عن نافع عنه.
ولفليح فيه إسناد آخر، يأتي ذكره في طرق حديث الزهري عن سالم برقم (1132).
8 -
عبد اللَّه بن عمر العمري [ليس بالقوي، وقد توبع عليه]، عن نافع، عن ابن عمر قال: حفظت على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي قبل الظهر ركعتين، وبعدها ركعتين، وبعد الجمعة ركعتين، وبعد المغرب ركعتين، وبعد العشاء ركعتين.
قال: وحدثتني حفصة؛ أنه إذا طلع الفجر صلى ركعتين خفيفتين.
أخرجه ابن وهب في الجامع (334)، وعبد الرزاق (3/ 55/ 4769) و (3/ 68/ 4824)، وابن أبي شيبة (2/ 51/ 6352)، وإسحاق (4/ 197/ 1998)، والطبراني في الكبير (23/ 192/ 322) و (23/ 212/ 381)، والبيهقي (2/ 477)، وابن عبد البر في التمهيد (14/ 168).
وهو حديث صحيح.
(9 - 16) ورواه يحيى بن أبي كثير، وأسامة بن زيد، وربيعة بن عثمان التيمي المدني، وعمر بن نافع، وجويرية بن أسماء، وعبد اللَّه بن سعيد بن أبي هند، ومحمد بن إسحاق [وهم ثقات في الجملة]، وابن سمعان [عبد اللَّه بن زياد بن سليمان بن سمعان المخزومي المدني: متروك، كذبه مالك وغيره]:
عن نافع، عن ابن عمر، بنحو ما تقدم مرفوعًا بألفاظ متقاربة.
أخرجه ابن وهب في الجامع (334)، وابن أبي شيبة (1/ 468/ 5421)، والبزار (12/ 133/ 5697) و (12/ 180/ 5824)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (90 - مختصره)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (2132 و 2158 و 2159 و 2161 و 2163)، والبيهقي (2/ 477)، وابن عبد البر في التمهيد (14/ 168).
17 -
ورواه مالك بن أنس، وابن أبي ذئب، وعبد اللَّه بن عمر العمري، ومحمد بن إسحاق، وأبو أمية بن يعلى الثقفي [اسمه إسماعيل، وهو: متروك. اللسان (2/ 186)]:
عن نافع، عن ابن عمر؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الركعتين بعد المغرب في بيته. لفظ مالك. وفي رواية ابن إسحاق: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلي الركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء في منزله.
وفي رواية ابن أبي ذئب: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يصلي الركعتين بعد المغرب إلا في أهله، ولا يصلي بعد الجمعة إلا في أهله.
أخرجه ابن حبان (6/ 235/ 2487)، وأحمد (2/ 23 و 87)، والطيالسي (3/ 372/ 1945)، وعبد الرزاق (3/ 65/ 4810)، وابن أبي شيبة (2/ 53/ 6371)، وعبد بن حميد (781)، والبزار (12/ 241/ 5983)، وأبو يعلى (10/ 189/ 5817)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 390/ 414) و (3/ 179/ 564)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (2133)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (2790)، والطحاوي (1/ 336)، وأبو أحمد الحاكم في الأسامي والكنى (1/ 343)، وابن عبد البر في التمهيد (14/ 182)، وانظر: علل ابن أبي حاتم (1/ 200/ 574).
تقدم ذكره تحت الحديث السابق برقم (1044)، الشاهد الرابع.
• ولم أستوعب هنا طرق حديث حفصة، وموضعه في التطوع إن شاء اللَّه تعالى.
• وانظر فيما لا يصح سنده إلى نافع:
ما أخرجه عبد الرزاق (3/ 64/ 4809)[وفي إسناده مبهم].
وما أخرجه الطبراني في الكبير (13/ 246/ 13986)، وفي الأوسط (8/ 11/ 7799)، وابن عدي في الكامل (4/ 80) [وفي سنده: أبو شعيب الصلت بن دينار، وهو: متروك الحديث].
* * *
1129 -
. . . ابن جريج: أخبرني عمر بن عطاء بن أبي الخُوَار؛ أن نافع بن جبير أرسله إلى السائب بن يزيد -ابن أخت نمِرٍ-، يساله عن شيء رأى منه معاويةُ في الصلاة، فقال: صليتُ معه الجمعة في المقصورة، فلما سلمتُ قمتُ في مقامي فصليتُ، فلما دخل أرسل إليَّ، فقال: لا تعُدْ لما صنعتَ، إذا صليتَ الجمعة فلا تَصِلْها بصلاةٍ حتى تكلَّمَ [وفي نسخة: تتكلَّم]، أو تخرجَ؛ فإن نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم أمر بذلك؛ أن لا تُوصلَ صلاةٌ بصلاةٍ حتى يتكلَّمَ أو يخرُجَ [وفي نسخة: حتى تتكلَّم أو تخرج].
* حديث صحيح
أخرجه مسلم (883)، وأبو عوانة (13/ 345/ 16819 - إتحاف)، وأبو نعيم في
مستخرجه على مسلم (2/ 467/ 1984 و 1985)، وابن خزيمة (3/ 101 - 102/ 1701) و (3/ 181/ 1867) و (3/ 182/ 1868)، والحاكم (1/ 293)، وأحمد (4/ 95 و 99)، والشافعي في السنن (282)، وعبد الرزاق (2/ 417/ 3916) و (3/ 249/ 5534)، وابن أبي شيبة (1/ 469/ 5427)، وأبو زرعة الدمشقي في الفوائد المعللة (43)، وأبو يعلى (13/ 342/ 7356)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 123/ 1875)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 373)(13/ 345/ 16819 - إتحاف)، وفي المشكل (10/ 302/ 4113 و 4114)، والطبراني في الكبير (19/ 315 /712)، والبيهقي في السنن (2/ 191) و (3/ 240)، وفي المعرفة (2/ 521/ 1797)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (20/ 108).
رواه عن ابن جريج: عبد الرزاق بن همام، وحجاج بن محمد المصيصي، والوليد بن مسلم، وأبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد، وغندر محمد بن جعفر، وعبد اللَّه بن وهب، وأبو الأشهب هوذة بن خليفة البكراوي، ومحمد بن بكر البرساني، وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد [وهم ثقات في الجملة].
قال غندر: فلما سلم الإمام قمت.
وقال أبو عاصم: لا تصِلها بصلاةٍ حتى تمضي أمام ذلك [وفي رواية: حتى تقدَّم]، أو تتكلم، فإن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أمر بذلك.
قال الشافعي في سنن حرملة: "هذا ثابت عندنا، وبه نأخذ"[المعرفة (2/ 522)].
وقال ابن خزيمة: "عمر بن عطاء بن أبي الخوار هذا: ثقة، والآخر هو عمر بن عطاء: تكلم أصحابنا في حديثه لسوء حفظه، قد روى ابن جريج عنهما جميعًا".
قلت: الآخر هو عمر بن عطاء بن وراز، وهو: حجازي ضعيف.
وقال الحاكم ذاهلًا عن إخراج مسلم لهذا الحديث: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".
قلت: رجاله رجال الشيخين؛ عدا عمر بن عطاء بن أبي الخوار، فمن رجال مسلم، وهو: ثقة.
* قال ابن حجر في الإتحاف (13/ 345/ 19819 - إتحاف) في سياق طرق الحديث عند ابن خزيمة، ولم أجده في المطبوع:"وعن محمد بن منصور الطوسي، عن إسماعيل بن عمر، عن ابن أبي ذئب، عن ابن أبي الخوار، نحوه، مختصر".
قلت: وإسناده صحيح إلى ابن أبي الخوار، وإسماعيل بن عمر هو: الواسطي أبو المنذر، وهو: ثقة.
* وقد قدم الكلام عن بقية أحاديث الباب والآثار الواردة فيه: في الباب السابق برقم (194)، في الرجل يتطوع في مكانه الذي صلى فيه المكتوبة، عند الحديثين رقم (1006 و 1007)، وقد تكلمت هناك عن فقه المسألة، فليراجع.
وقد ختمت كلامي هناك بقولي:
° اختلف الصحابة في تحول المأموم عن مكانه الذي صلى فيه الفريضة، فصح عن ابن عمر أنه كان يصلي في مكانه الذي صلى فيه الفريضة، ويحمل هذا على الفصل بالذكر، وقال بالتحول فقط: ابن الزبير، وقال بمثل حديث معاوية: ابن عباس، فخيره بين الكلام والتحول.
والأمر في هذا واسع، والعمدة فيه على حديث معاوية الذي أخرجه مسلم، فإن اكتفى بالذكر الوارد دبر الصلاة، فقد حصل المقصود، ويغنيه عن التحول، وإن تحول فلا بأس بذلك، واللَّه أعلم.
* * *
1130 -
. . . الفضل بن موسى، عن عبد الحميد بن جعفر، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عطاء، عن ابن عمر، قال: كان إذا كان بمكة فصلى الجمعة، تقدَّم فصلى ركعتين، ثم تقدَّم فصلى أربعًا، وإذا كان بالمدينة صلى الجمعة، ثم رجع إلى بيته فصلى ركعتين، ولم يصلِّ في المسجد، فقيل له، فقال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك.
* حديث شاذ
أخرجه الحاكم (1/ 290)، وعنه: البيهقي (3/ 240 - 241).
رواه عن الفضل بن موسى السيناني المروزي: محمد بن عبد العزيز بن أبي رِزْمَة المروزي [ثقة]، ويوسف بن عيسى بن دينار المروزي [ثقة].
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذه السياقة، إنما اتفقا على حديث ابن عمر في الركعتين في بيته، ولمسلم وحده: كان يصلي بعد الجمعة أربعًا، وقد تابع ابن جريج يزيد بن أبي حبيب على روايته عن عطاء هكذا".
وقال النووي في الخلاصة (2868): "رواه أبو داود بإسناد صحيح".
قلت: أما مسلم فلم يخرج من حديث ابن عمر: أنه كان يصلي بعد الجمعة أربعًا، وإنما هو عند مسلم مرفوعًا من حديث أبي هريرة:"من كان منكم مُصلِّيًا بعد الجمعة فليُصلِّ أربعًا"، وهو الحديث الآتي، وأما الاسناد فليس هو على شرط الشيخين؛ إذ لم يخرجا شيئًا بهذا الإسناد، وأما رجاله فرجال الشيخين؛ عدا عبد الحميد بن جعفر فأخرج له البخاري تعليقًا، وأما متابعة ابن جريج؛ فإنه لم يتابعه على رفع الحديث، ولا على التفريق بين مكة والمدينة في فعل ابن عمر.
وقد رواه ابن جريج، وعبد الملك بن أبي سليمان، وأبو إسحاق السبيعي، والزبير بن عدي: رواه أربعتهم [وهم ثقات] عن عطاء، عن ابن عمر موقوفًا عليه فعله، ولم يذكروا فعله بالمدينة [ويأتي تخريجه برقم (1133)].
ولفظ ابن جريج [وهو أثبتهم في عطاء]: أخبرني عطاء؛ أنه رأى ابن عمر يصلي بعد الجمعة، فيَنْمازُ عن مصلاه الذي صلى فيه الجمعة قليلًا، غيرَ كثيرٍ، قال: فيركع ركعتين، قال: ثم يمشي أنْفَسَ من ذلك، فيركعُ أربعَ ركعات.
قلت لعطاء: كم رأيت ابن عمر يصنع ذلك؟ قال: مرارًا.
وهذا ظاهره أنه كان بمكة، لكون عطاء بن أبي رباح مكيًا، وقد روى خلاف ما رواه عنه مولاه نافع المدني.
وعلى هذا: فإن حديث الفضل بن موسى السيناني: حديث غريب، إسناده مدني، ثم مكي، ثم مصري، ثم مدني، ثم مروزي، ثم اشتهر عند المراوزة، ولم يشتهر من حديث يزيد بن أبي حبيب، ولا من حديث عبد الحميد بن جعفر.
ثم إنه قد رواه أصحاب عطاء بن أبي رباح المكي من المكيين وغيرهم بغير هذا السياق، ولم يرفعوه؛ فهو حديث شاذ، وقد اختلف الأئمة النقاد في سماع عطاء من ابن عمر، فنفاه يحيى بن سعيد القطان وأحمد وابن معين، وقالوا بأن عطاء لم يسمع من ابن عمر، وإنما رآه رؤية، وأثبته ابن المديني والبخاري ومسلم، وقال ابن عساكر ردًا على كلام القطان ومن تبعه:"لا معنى لهذا الإنكار فقد سمع عطاء من أقدم من ابن عمر، وكان يفتي في زمان ابن عمر"[تاريخ ابن معين للدوري (4/ 3337 و 3438 و 3876)، سؤالات ابن محرز (1/ 126/ 626)، العلل لابن المديني (138)، التاريخ الكبير (6/ 463)، كنى مسلم (2/ 719/ 2889)، التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (1/ 210/ 585)، المراسيل (565 و 567)، تاريخ دمشق (40/ 366 - 377)، التهذيب (3/ 102)، تحفة التحصيل (228)]، واللَّه أعلم.
* * *
1131 -
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن يونس: حدثنا زهير.
(ح) وحدثنا محمد بن الصباح البزاز: حدثنا إسماعيل بن زكريا، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: قال ابن الصباح: قال: "من كان مُصلِّيًا بعد الجمعة فليُصلِّ أربعًا". وتم حديثه.
وقال ابن يونس: "إذا صلَّيتم الجمعة فصلُّوا بعدها أربعًا.
قال: فقال لي أبي: يا بني! فإن صليتَ في المسجد ركعتين، ثم أتيتَ المنزلَ -أو: البيت- فصلِّ ركعتين.
* حديث صحيح
أخرجه من طريق أبي داود: أبو عوانة (14/ 496/ 18082 - إتحاف المهرة)، والبيهقي (3/ 240)، والخطيب في المدرج (1/ 317).
• تابع زهير بن معاوية على لفظ الأمر: "إذا صليتم الجمعة فصلوا بعدها أربعًا": خالد بن عبد اللَّه الواسطي، وجرير بن عبد الحميد [في رواية]، وسليمان بن طرخان التيمي [في رواية]، وسفيان بن عيينة [في المحفوظ عنه من رواية أثبت أصحابه، مثل الحميدي وسعيد بن منصور]، وأبو إسحاق الفزاري [وعنه: مروان بن معاوية الفزاري، وسماه: إبراهيم بن أبي حصن. عند الخطيب في الموضح]، وسفيان الثوري [في رواية أبي نعيم وزائدة]، ووهيب بن خالد [في رواية]، والحسن بن صالح [في رواية]، وأبو عوانة [من رواية مسدد وسعيد بن منصور عنه. عند ابن حبان والخطيب]، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وحماد بن سلمة، وأبو الأشهب جعفر بن حيان، وإبراهيم بن طهمان [ولا يثبت عنه]، وأبو الأسود حميد بن الأسود، وعلي بن عاصم الواسطي، وغيرهم.
ولفظ أكثرهم: "إذا صلى أحدكم الجمعة فليُصلِّ بعدها أربعًا".
ولفظ الدراوردي [عند ابن خزيمة]: "صلوا بعد الجمعة أربع ركعات".
ولفظ حماد بن سلمة [عند ابن حبان (2486)]، وابن عيينة [عند الحميدي]: أمرنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن نصلي بعد الجمعة أربعًا.
قال ابن عيينة: وقال غيري: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من كان منكم مُصلِّيًا بعد الجمعة فليُصلِّ أربعًا"، وهذا أحسن، فأما الذي حفظت أنا الأول.
زاد حماد بن سلمة في آخره نحوًا من زيادة زهير، قال: قال سهيل: قال لي أبي: إن لم تصلِّ في المسجد الحرام أربع ركعات، فصلِّ في المسجد ركعتين، وفي بيتك ركعتين.
أخرجه مسلم (881/ 67)، وأبو عوانة (14/ 496/ 18582 - إتحاف)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 465/ 1979)، والنسائي في المجتبى (3/ 113/ 1426)، وفي الكبرى (2/ 290/ 1755)، وابن خزيمة (3/ 183/ 1873)، وابن حبان (6/ 228 - 229/ 2477 و 2478) و (6/ 234/ 2486)، وأحمد (2/ 499)، والحميدي (2/ 199/ 1006)، وموسى بن هارون الحمال في فوائده (50)، والدولابي في الكنى (1/ 331/ 594)، وأبو القاسم البغوي في الثاني من حديث حماد بن سلمة (45)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 124/ 1878)، والطحاوي في المشكل (10/ 289/ 4105 و 4106)، وأبو جعفر ابن البختري في المنتقى من السادس عشر من حديثه (45)(714 - مجموع مصنفاته)، وأبو علي الرفاء في فوائده (146 و 148)، وأبو بكر الإسماعيلي في المعجم (1/ 434)، وأبو طاهر المخلص في جزء ابن الطلاية (73)(2983 - المخلصيات)، وابن بشران في الأمالي (660)، وقال:"حديث صحيح"، وفي موضع آخر من أماليه (1085)، والبيهقي (3/ 239)، والخطيب في المدرج (1/ 312 - 314 و 318)، وفي تاريخ بغداد (2/ 133)، وفي الموضح (1/ 392)، وابن عساكر في المعجم (911).
وهذا اللفظ للأمر، لكن يُحمل على الندب لا الحتم، لعموم الأدلة الدالة على أن اللَّه
تعالى لم يفرض على عباده صوى الصلوات الخمس المكتوبات في اليوم والليلة؛ كذلك فإنه يفسره اللفظ الآخر:
• فقد تابع إسماعيل بن زكريا على لفظ التخيير: "من كان مُصلِّيًا بعد الجمعة فليُصل أربعًا": سفيان الثوري [في رواية الجماعة عنه]، ووهيب بن خالد [في رواية]، وابن عيينة [في رواية]، وجرير بن عبد الحميد [في رواية]، وسليمان بن طرخان التيمي [في رواية]، وأبو عوانة [من رواية الطيالسي عنه]، والحسن بن صالح [في رواية]، ومعمر بن راشد [ولم أقف على لفظه]، وورقاء بن عمر [ولا يثبث عنه، فإن الراوي عنه: رواد بن الجراح، وهو: ضعيف]، وزهير بن محمد التميمي [من رواية الوليد بن مسلم عنه، ورواية الشاميين عنه ضعيفة]، وحفص بن غياث [وهو خطأ، إذ يرويه حفص عن الثوري عن سهيل به]، وأبو إسحاق الفزاري [وعنه: أبو نعيم الحلبي عبيد بن هشام: صدوق، لُقِّن في آخر عمره أحاديث ليس لها أصل. التهذيب (3/ 41)]، والأوزاعي [وعنه: محمد بن كثير الصنعاني، وهو: ليس بالقوي، روى عن الأوزاعي ما لا يتابع عليه]، وعبد الرحمن بن عبد اللَّه العمري [متروك]، وغيرهم.
ولفظ الثوري وابن عيينة وأبي عوانة وغيرهم: "من كان منكم مُصلِّيًا بعد الجمعة فليُصلِّ أربعًا". ولفظ وهيب: "إذا صلَّيتَ بعد الجمعة فصلِّ أربعًا".
أخرجه مسلم (881/ 69)، وأبو عوانة (14/ 496/ 18082 - إتحاف)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 466/ 1981)، والترمذي (523)، وقال:"حسن صحيح"، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(3/ 42/ 491)، والنسائي في الكبرى (1/ 273/ 501)، والدارمي (1/ 446/ 1575)، وابن خزيمة (3/ 183/ 1873) و (3/ 184/ 1874) وابن حبان (6/ 229/ 2479) و (6/ 230/ 2480 و 2481)، والطيالسي (4/ 159/ 2528)، وعبد الرزاق (3/ 248/ 5529)، وموسى بن هارون الحمال في فوائده (51)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 125/ 1879)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 336)، وفي المشكل (10/ 297/ 4103 و 4104) و (10/ 298/ 4107 و 4108)، وأبو جعفر ابن البختري في جزء فيه ستة مجالس من أماليه (111)، والرامهرمزي في المحدث الفاصل (447)، وابن عدي في الكامل (6/ 233)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (3/ 498)، وابن المقرئ في المعجم (901)، والدارقطني في العلل (8/ 193/ 1504)، وفي الأفراد (2/ 380/ 5802 - أطرافه)، وابن سمعون في الأمالي (186)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 334)، وفي تاريخ أصبهان (2/ 215)، والخليلي في الإرشاد (3/ 929)، والبيهقي (3/ 240)، والخطيب في المدرج (1/ 312 و 314 - 317)، وفي تاريخ بغداد (2/ 138)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 449/ 879)، وقال:"هذا حديث صحيح"، وابن عساكر في المعجم (1311)، وفي تاريخ دمشق (21/ 192) و (53/ 172)، وأبو طاهر السلفي في الحادي والعشرين من المشيخة البغدادية (20)(1706 - المشيخة البغدادية).
هكذا رواه معظم الرواة عن سهيل، مرة بصيغة الأمر، ومرة بصيغة التخيير، مما يدل على أن معناهما متقارب عندهم، واللَّه أعلم.
• وقد وهم في متنه أبيض بن أبان الثقفي:
فرواه عبيد بن سعيد [الأموي: ثقة]: حدثنا أبيض بن أبان الثقفي، عن سهيل بن أبى صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من كان مصليًا فليُصلِّ قبل الجمعة أربعًا، وبعدها أربعًا".
قال عبيد: فقلت لأبيض: إن سفيان حدثني به، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من كان مصليًا بعد الجمعة فليُصلِّ أربعًا".
قال: ذاك ما سمع سفيان، وذا ما سمعت أنا، أما إني أخذت كتاب سهيل.
أخرجه الطحاوي في المشكل (10/ 298 - 299/ 4108)، وأبو جعفر ابن البختري في جزء فيه ستة مجالس من أماليه (111).
قلت: هو حديث منكر بهذا اللفظ، وأبيض بن أبان: قال أبو حاتم: "ليس عندنا بالقوي، يكتب حديثه، وهو شيخ"، وذكره ابن حبان في الثقات، وذكره الدارقطني في الضعفاء والمتروكين، وسئل عنه مرة فقال:"لا بأس به"، وله أوهام [التاريخ الكبير (2/ 60)، الجرح والتعديل (2/ 312)، علل ابن أبي حاتم (2/ 243/ 2220)، الثقات (6/ 85)، ضعفاء الدارقطني (120)، سؤالات السلمي (8)، علل الدارقطني (5/ 334/ 927)، اللسان (1/ 393)، الثقات لابن قطلوبغا (2/ 273)].
* وهكذا روى هذا الحديث جماعة من أصحاب الثوري عنه، منهم: وكيع بن الجراح، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وزائدة بن قدامة، وعبد اللَّه بن المبارك، ومحمد بن يوسف الفريابي، وعلي بن مسهر، وأبو قرة موسى بن طارق، وحفص بن غياث، وعبيد بن سعيد الأموي [وهم ثقات، وفيهم جماعة من أثبت أصحابه].
• لكن رواه الطحاوي في المشكل (10/ 300/ 4109)، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحيم الهروي: حدثنا نوح بن حبيب القومِسي: حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان الثوري، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا صلى الجمعة صلى بعدها ركعتين، ثم صلى أربعًا.
وهذا إنما يُعرف موقوفًا من فعل ابن عمر، وهو غريب جدًا من هذا الطريق.
فإن يحيى بن سعيد القطان لم يرو هذا الحديث عن الثوري، ولو رواه لاشتهر عنه، وبلغ الآفاق، وقد تفرد به عنه: نوح بن حبيب القومِسي البَذَشي، وهو وإن كان ثقة؛ إلا أنه من الغرباء غير المكثرين عن القطان، وله عنه إفرادات وغرائب [انظر مثلًا: سنن النسائي (5/ 131/ 2668)، تحفة الأشراف (8/ 364/ 11836)].
وشيخ الطحاوي ليس هو صاعقة، وقد حدَّث بالرملة، وتوفي بها سنة (280)، في جمادى الآخرة، وقد روى عنه أيضًا: أبو العباس الأصم وجماعة، وترجمه ابن عساكر في
تاريخه ترجمة مقتضبة جدًا تدل على كونه لم يكن مشهورًا، واللَّه أعلم [تاريخ مولد العلماء ووفياتهم (2/ 604)، تاريخ دمشق (54/ 116)]، ولا أظنه هو محمد بن عبد الرحمن بن بحر بن بهرام الهروي، فإنه دهان كان من نفس طبقته، ويشترك معه في بعض شيوخه وتلاميذه، وترجم له ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (7/ 326)، وقال:"صدوق"، وقال الخطيب:"من الثقات، صاحب حديث،. . . لم يطعنوا فيه بشيء"، لكنه يختلف عن الأول في مكان تحديثه وموضع وفاته، وسنة وفاته، قال الخطيب:"حدث بهراة وبغداد والري،. . .، ومات بالري،. . . مات سنة إحدى وستين ومائتين"، وقال العيني:"لا أعرفه"[تاريخ بغداد (2/ 312)، تاريخ الإسلام (19/ 298)، مغاني الأخيار (3/ 547)، الثقات لابن قطلوبغا (8/ 412)].
• ورواه أيضًا: الحسن بن قتيبة: حدثنا سفيان، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبى هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه كان يصلي قبل الجمعة ركعتين، وبعدها ركعتين.
أخرجه الخطيب في التاريخ (6/ 365).
وهذا باطل من حديث سفيان الثوري، تفرد به عنه: الحسن بن قتيبة الخزاعي المدائني [قاله الطبراني]، وهو: متروك الحديث [اللسان (3/ 106)].
وانظر: الفتح لابن حجر (2/ 426)، التلخيص (2/ 149).
• وانظر أيضًا فيمن وهم فيه على سفيان الثوري: ما أخرجه الدارقطني في العلل (8/ 192/ 1504)، وفي الأفراد (2/ 376/ 5779 - أطرافه).
* والحديث قد رواه أيضًا:
عبد اللَّه بن إدريس [ثقة فقيه]، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا صليتم بعد الجمعة فصلوا أربعًا".
وفي رواية: "من كان منكم مُصلِّيًا بعد الجمعة فليُصلِّ أربعًا".
قال ابن إدريس [في رواية عمرو الناقد وابن راهويه، واللفظ للناقد عند مسلم]: قال سهيل: فإن عجِل بك شيءٌ فصلِّ ركعتين في المسجد، وركعتين إذا رجعت.
أخرجه مسلم (881/ 68)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 465/ 1980)، وابن ماجه (1132)، وابن أبي شيبة (1/ 464/ 5374)(4/ 118/ 5416 - ط. عوامة)، والبزار (16/ 54/ 9094)، وابن بشران في الأمالي (660)، وقال:"حديث صحيح"، وفي موضع آخر من أماليه (1085)، والبيهقي (3/ 239)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (13/ 108 - 107 و 108).
هكذا رواه عن ابن إدريس ففصل المرفوع عن قول سهيل، أو اقتصر على ذكر المرفوع: أبو بكر ابن أبي شيبة، وإسحاق بن راهويه، وعمرو بن محمد الناقد، وهناد بن السري، ومحمد بن المثنى، وأبو السائب سلم بن جنادة، وأحمد بن حرب، والحسن بن عرفة [وهم ثقات، وفيهم جماعة من الحفاظ]، ونعيم بن حماد [ضعيف].
• خالفهم: أبو سعيد عبد اللَّه بن سعيد الكندي الأشج، وأبو كريب محمد بن
العلاء، وأحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وعثمان بن أبي شيبة [وهم ثقات حفاظ]، والحسين بن الفرج البغدادي [ضعيف، كذبه ابن معين، ووهاه أبو زرعة. اللسان (3/ 200)، الجرح والتعديل (3/ 62)]، والحسين بن عمرو بن محمد العنقزي [ضعيف. اللسان (3/ 200)]، وغيرهم:
قالوا: حدثنا ابن إدريس، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"من كان منكم مُصلِّيًا بعد الجمعة فليُصل أربعًا، فإن كان له شُغل فركعتين في المسجد، وركعتين في البيت". لفظ الأشج، وبنحوه لفظ الآخرين، وقال في آخره: قال ابن إدريس: لا أدري هو من النبي صلى الله عليه وسلم: "فركعتين في المسجد، وركعتين إذا رجع"؛ إلا أني سمعته موصولًا في الحديث.
ولفظ أحمد: "إذا صليتم بعد الجمعة فصلوا أربعًا، فإن عجِل بك شيءٌ فصلِّ ركعتين في المسجد، وركعتين إذا رجعت".
قال ابن إدريس: لا أدري هذا من حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، أم لا.
أخرجه ابن حبان (6/ 233/ 2485)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 465/ 1980)، وأحمد (2/ 249 و 442)، وابن شاهين في جزء من حديثه (41 - رواية ابن المهتدي)، وابن بشران في الأمالي (440)، والخطيب في المدرج (1/ 310)، وفي تاريخ بغداد (8/ 84) و (14/ 28)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (13/ 108).
قال ابن شاهين: "وهذا حرف غريب، ما رواه إلا عبد اللَّه بن إدريس: "فصلِّ في منزلك ركعتين، وفي المسجد ركعتين".
قلت: قوله في حديث ابن إدريس: "فإن كان له شُغل فركعتين في المسجد، وركعتين في البيت": مدرج من كلام سهيل بن أبي صالح، فصله عمرو الناقد وابن راهويه، فقال عمرو في روايته [عند مسلم]: قال ابن إدريس: قال سهيل: فإن عجِل بك شيءٌ فصلِّ ركعتين في المسجد، وركعتين إذا رجعت.
قال أحمد بن سلمة الحافظ رفيق مسلم في الرحلة وراويه عن ابن راهويه: "الكلام الآخر في الحديث من قول سهيل"[سنن البيهقي].
• وقد تقدم معنا فيمن روى هذا الحديث عن سهيل: أن زهير بن معاوية وحماد بن سلمة قد فصلاه أيضًا، لكن جعلاه من كلام أبي صالح:
قال زهير عن سهيل: فقال لي أبي: يا بني! فإن صليتَ في المسجد ركعتين، ثم أتيتَ المنزلَ -أو: البيت- فصلِّ ركعتين [عند أبي داود].
وقال حماد: قال سهيل: قال لي أبي: إن لم تصلِّ في المسجد الحرام أربع ركعات، فصلِّ في المسجد ركعتين، وفي بيتك ركعتين [ابن حبان (2486)].
• قال أحمد: "قال ابن إدريس: "يصلي ركعتين في بيته": هو من قول أبي صالح"[سؤالات ابن هانئ (2139)].
وقد ترجم له ابن حبان بقوله: "ذكر البيان بأن هذه اللفظة الأخيرة إنما هي من قول أبي صالح، أدرجه ابن إدريس في الخبر".
وقال الخطيب في المدرج (1/ 311): "هكذا روى عبد اللَّه بن إدريس الأودي هذا الحديث عن سهيل بن أبي صالح، والمرفوع من المتن قوله: "من كان مصليًا بعد الجمعة فليصلِّ أربعًا"، هذه الكلمات حسب هي قول النبي صلى الله عليه وسلم، وأما ما بعدها من ذكر ركعتين: فهو قول أبي صالح السمان صاحب أبي هريرة، أدرجه عبد اللَّه بن إدريس في حديثه، وقد بيَّن ذلك زهير بن معاوية وحماد بن سلمة في روايتهما عن سهيل هذا الحديث، وميزا قول النبي صلى الله عليه وسلم من قول أبي صالح.
وروى سفيان الثوري، وأبو عوانة، ووهيب بن خالد، وعلي بن عاصم، وسفيان بن عيينة، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وخالد بن عبد اللَّه الواسطي، وزهير بن محمد الخراساني، وإسماعيل بن زكريا الخلقاني، وجرير بن عبد الحميد، وحفص بن غياث، والحسن بن صالح بن حي، وورقاء بن عمر، وأبو إسحاق الفزاري، كلهم روى هذا الحديث عن سهيل، فاقتصروا على رواية اللفظ المرفوع، دون كلام أبي صالح".
• قلت: ويؤكد أن الإدراج وقع من ابن إدريس نفسه أنه كان مترددًا في رفع هذه الجملة، فمرة يجعله من قول سهيل مقطوعًا عليه يجزم في ذلك، ومرة يتردد ويقول:"لا أدري هذا من حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، أم لا"، ومرة يتردد ثم يرجح الرفع، فيقول:"لا أدري هو من النبي صلى الله عليه وسلم: "فركعتين في المسجد، وركعتين إذا رجع"؛ إلا أني سمعته موصولًا في الحديث"، ورواه مرات مدرجًا في المرفوع، واللَّه أعلم.
* وقد روي الحديث أيضًا: من حديث مالك عن سهيل، وهو باطل من حديث مالك [أخرجه السهمي في تاريخ جرجان (183)، والخطيب في المدرج (1/ 317)][رواه عن مالك: أصرم بن حوشب، وهو: كذاب خبيث، يضع الحديث على الثقات. اللسان (2/ 210)، ورواه عن مالك أيضًا: محمد بن خليد الحنفي، وهو: ضعيف جدًا، يروي المناكير عن المشاهير، ويقلب الأخبار، وششد الموقوف، واتهم. اللسان (7/ 123)، سؤالات البرذعي (2/ 511)، الجرح والتعديل (7/ 248)، ضعفاء العقيلي (2/ 225)، المجروحين (2/ 302)].
• وروي أيضًا: من حديث شعبة عن سهيل، وهو باطل من حديث شعبة [أخرجه الطبراني في الأوسط (7/ 301/ 7558)، وابن عدي في الكامل (4/ 263)، والدارقطني في الأفراد (2/ 380/ 5802 - أطرافه)][تفرد به عن شعبة: أبو جابر محمد بن عبد الملك الأزدي البصري، نزيل مكة، قال أبو حاتم: "أدركته، وليس بقوي"، وذكره ابن حبان في الثقات، وله عن شعبة ما لا يتابع عليه. التهذيب (3/ 635)، اللسان (7/ 316)، والمتفرد به عنه: عبد اللَّه بن شبيب أبو سعيد الربعي: أخباري علامة؛ لكنه واهٍ، ذاهب الحديث، وكان يسرق الحديث. الميزان (2/ 438)، اللسان (4/ 499)].
• وانظر أيضًا فيما روي بأسانيد واهية: ما أخرجه أبو بكر الإسماعيلي في المعجم (1/ 433)، والخليلي في الإرشاد (2/ 802 - 803) و (3/ 850)، والخطيب في تاريخ بغداد (14/ 306).
• وما أخرجه الطبراني في الأوسط (7/ 363/ 7736)، والدارقطني في الأفراد (2/ 336/ 5509 - أطرافه) [وفي إسناده: عمر بن عبد اللَّه بن يعلى بن مرة الثقفي، وهو: متروك، منكر الحديث. التهذيب (3/ 237)]، واللَّه أعلم.
* * *
1132 -
. . . عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته.
قال أبو داود: وكذلك رواه عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر.
* حديث صحيح
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (3/ 247/ 5527)، ومن طريقه: أبو داود (1132)، والنسائي في المجتبى (3/ 113/ 1428)، وأبو عوانة (8/ 374/ 9586 - إتحاف المهرة)، وابن خزيمة (3/ 182/ 1869)، وعبد بن حميد (728)، والبزار (12/ 264/ 6036).
رواه عن عبد الرزاق: الحسن بن علي الحلواني، وإسحاق بن إبراهيم ابن راهويه، ومحمد بن يحيى الذهلي، وعبد بن حميد، وإسحاق بن إبراهيم الدبري، وغيرهم.
* وممن رواه أيضًا عن الزهري:
1 -
عمرو بن دينار [وعنه: سفيان بن عيينة قبل أن يلقى الزهري]، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد الجمعة ركعتين.
أخرجه مسلم (72/ 882)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 467/ 1983)، والترمذي في الجامع (521)، وقال:"حسن صحيح"، وفي العلل (150)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه على جامع الترمذي "مختصر الأحكام"(3/ 40/ 489)، والنسائي في الكبرى (1/ 274/ 502) و (2/ 290/ 1756)، وابن ماجه (1131)، والدارمي (1/ 399/ 1445) و (1/ 445/ 1574)، وابن خزيمة (3/ 182/ 1871)، وأحمد (2/ 11)، وابن أبي شيبة (1/ 463/ 5366)، وأبو يعلى (9/ 322/ 5435)، وابن حزم في المحلى (3/ 42)، والبيهقي (3/ 239).
رواه عن ابن عيينة به هكذا مختصرًا: أحمد بن حنبل، والحميدي، وأبو بكر ابن أبي شيبة، وأبو خيثمة زهير بن حرب، ومحمد بن عبد اللَّه بن نمير، وابن أبي عمر العدني، وإسحاق بن راهويه، ومحمد بن الصباح، وعبد الجبار بن العلاء، وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي، وعلي بن خشرم، وعبد اللَّه بن محمد الزهري، ومحمد بن أحمد بن أبي
خلف، وعبد الرحيم بن منيب [وهم ثقات، وفيهم جماعة من أثبت أصحاب ابن عيينة].
2 -
موسى بن عقبة، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته.
أخرجه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد المزير في الثاني من فوائده "المزكيات" بانتقاء الدارقطني (89)، بإسناد صحيح إلى الهيثم بن جميل، قال: ثنا فليح، عن موسى بن عقبة به.
قلت: هو غريب من حديث موسى بن عقبة عن الزهري؛ فإن الهيثم بن جميل: ثقة، صاحب غرائب، ورواية موسى بن عقبة عن الزهري في صحيح البخاري، واللَّه أعلم.
* وقد رواه عن الزهري مطولًا برواتب المكتوبة:
عقيل بن خالد، ومعمر بن راشد، وعمرو بن دينار [وعنه سفيان بن عيينة بحديث ابن عمر، وبحديث حفصة، فرقه حديثين، أو جمعهما]:
عن ابن شهاب، قال: أخبرني سالم، عن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما، قال: صليت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعد الظهر، وركعتين بعد الجمعة، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء. لفظ عقيل [عند البخاري].
ولفظ معمر [عند عبد بن حميد]: حفظت عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عشر ركعات كان يصليهن بالليل والنهار: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد الجمعة، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، قال: وحدثتني حفصة؛ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان بصلي قبل الفجر ركعتين.
وبنحو رواية عقيل رواه عمرو بن دينار [عند الحميدي]، وزاد في آخره: قال ابن عمر: وذُكر لي ولم أره: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي حين يضيء له الفجر ركعتين.
وهذا إنما سمعه ابن عمر من أخته حفصة أم المؤمنين، كما في رواية معمر، وقد رواه سفيان بن عيينة مرة أخرى، عن عمرو، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه: أخبرتني حفصة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أضاء له الفجرُ صلى ركعتين. [هكذا رواه عن ابن عيينة: محمد بن عباد بن الزبرقان، وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي، وابن أبي عمر العدني، ومحمد بن منصور، والحسين بن عيسى، ومحمد بن أحمد بن أبي خلف، وهم ثقات][عند مسلم وغيره].
أخرجه البخاري (1165)[من طريق عقيل]. ومسلم (723/ 89)[بحديث حفصة وحده]. وأبو عوانة (2/ 16/ 2144)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 319/ 1638)، والترمذي (434)[من طريق معمر]، وقال:"حسن صحيح"، والنسائي في المجتبى (3/ 252/ 1761) و (3/ 256/ 178 و 1779)، وفي الكبرى (1/ 210/ 332)[من طريق عمرو]. والدارمي (1/ 399/ 1445)، وابن خزيمة (2/ 162/ 1111) و (2/ 208/ 1198)[من طريق عمرو]. وابن حبان (6/ 215/ 2462)[من طريق عمرو]، و (6/ 225/
2473) [من طريق معمر]. وعبد الرزاق (3/ 56/ 4771) و (3/ 65/ 4812)، والحميدي (1/ 544/ 690)[من طريق عمرو]. وعبد بن حميد (732)[من طريق معمر]. وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (5/ 411/ 3057 و 3058)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (55 - مختصره)[من طريق معمر]. وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (2156 و 2157)[من طريق معمر وسفيان]. والطبراني في الكبير (23/ 194/ 331 و 332) و (23/ 209/ 365)[من طريق معمر وسفيان]. وابن عبد البر في التمهيد (14/ 182)، وأبو موسى المديني في اللطائف (339).
• وروى هشام بن عمار عن ابن عيينة منه ركعتي الفجر فوهم عليه في موضعين؛ أسقط مَن بين عمرو بن دينار وابن عمر، وجعله من مسند ابن عمر، وإنما هو من مسند أخته حفصة.
أخرجه ابن ماجه (1143)، قال: حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أضاء له الفجر صلى ركعتين.
* وقد رواه ابن جريج عن عمرو بن دينار، واختلف عليه:
أ - فرواه عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: أخبرني عمرو بن دينار؛ أن ابن شهاب أخبره، عن ابن عمر قال:. . . فذكره بنحو رواية الحميدي عن ابن عيينة.
أخرجه عبد الرزاق (3/ 64/ 4808).
ب - وخالفه: يحيى بن سعيد الأموي [ليس به بأس، صاحب غرائب]، قال: ثنا ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قبل الظهر ركعتين، وبعد الجمعة ركعتين، وبعد المغرب ركعتين، وبعد العشاء ركعتين.
أخرجه الطبراني في الكبير (12/ 456/ 13653)، بإسناد صحيح إلى الأموي.
ورواية عبد الرزاق أشبه بالصواب نه راوية ابن جريج وأعلم به من غيره.
ولا أدري ممن الوهم في إسقاط سالم من هذا الإسناد، أهم النساخ، أم من راوي المصنف المتكلم فيه، وهو إسحاق بن إبراهيم الدبري، فاللَّه أعلم.
ثم وجدت البخاري [فيما نقله الترمذي عنه في العلل] احتج بهذه الرواية على إعلال حديث ابن عيينة عن عمرو بن دينار، قال الترمذي في العلل (150) بعد حديث ابن عيينة:"سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث؟ فقال: لا أعرفه من حديث الزهري إلا من هذا الوجه، لا أعلم أحدًا رواه عن الزهري إلا عمرو بن دينار، وروى ابن جريج وغيره عن عمرو بن دينار عن الزهري عن ابن عمر، ولم يذكر: عن سالم".
قلت: البخاري نفسه هو من روى هذا الحديث في صحيحه من طريق عقيل بن خالد عن الزهري به مطولًا بذكر الركعتين بعد الجمعة، وبإثبات سالم في الإسناد، وتابعهما على ذلك: معمر بن راشد فرواه عن الزهري به مطولًا ومختصرًا، وكلاهما في مصنف عبد الرزاق، كما وقعت رواية ابن جريج السالفة الذكر في المصنف أيضًا، فكيف يُلتفت
إليها، ولا يُلتفت إلى رواية معمر التي رواها عنه عبد الرزاق في مصنفه في موضعين.
ثم إن الترمذي نفسه قد صحح حديث ابن عيينة هذا عن عمرو بن دينار في جامعه، وقال:"حديث ابن عمر: حديث حسن صحيح"، فكيف يحكي كلام البخاري في إعلاله ثم يخالفه ويصححه، لذلك فإني لست على ثقة بصحة هذا النقل، وقد سبق أن تكلمت على من قام بترتيب علل الترمذي تحت الحديث رقم (723)، ومما قلت هناك: أبو طالب محمود بن علي بن أبي طالب القاضي، صاحب التعليقة المشهورة في الخلاف، لم أقف في ثنايا ترجمته على أنه كان مشتهرًا بالحديث، وإنما كان مشتهرًا بالفقه والقضاء، ووصف بأنه كان صاحب فنون، وكان آية في الوعظ [وفيات الأعيان (5/ 174)، السير (21/ 227)، طبقات الشافعية الكبرى (7/ 286)، شذرات الذهب (4/ 284)]، ثم استدللت هناك بأدلة على كون المنقول في ترتيب العلل خطأ محض، فراجعه.
ومما يؤكد خطأ هذا النقل أيضًا: أن الدارقطني لما سئل في العلل (13/ 168/ 3054) عن هذا الحديث قال: "يرويه ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر، قاله يحيى بن سعيد الأموي، عن ابن جريج.
وخالفه: ابن عيينة، فقال: عن عمرو بن دينار، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، وهو الصواب".
وقال أبو موسى المديني في اللطائف بعد حديث ابن عيينة: "هذا حديث اختلف في إسناده على عمرو، والأصح ما ذكرناه"؛ يعني: حديث ابن عيينة.
وانظر أيضًا: التاريخ الكبير (1/ 285/ 918).
• وممن رواه عن الزهري من المتروكين:
أبو العطوف الجراح بن منهال [وهو: متروك، منكر الحديث، كذبه ابن حبان وغيره. اللسان (2/ 426)][أخرجه الطبراني في الأوسط (7/ 63/ 6855)].
وزكريا بن عيسى [وهو: منكر الحديث. الجرح والتعديل (3/ 597)، اللسان (3/ 511)][أخرجه الطبراني في الأوسط (2/ 67/ 1269) و (5/ 87/ 51236)].
* ولحديث ابن عمر في الرواتب أسانيد أخرى:
1 -
روى عبد الملك بن الصباح، وروح بن عبادة، وعثمان بن عمر بن فارس، ومروان بن معاوية الفزاري [وهم ثقات]:
عن ابن عون، عن محمد بن سيرين، عن المغيرة بن سلمان، عن ابن عمر، قال: حفظت عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عشر صلوات: ركعتين قبل الصبح، وركعتين قبل الظهر، وركعتين بعد الظهر، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء.
أخرجه النسائي في الكبرى (1/ 231/ 389)، وأحمد (2/ 99 و 117)، وأبو يعلى (10/ 155/ 5776)، والطبراني في الكبير (13/ 306/ 14092)، وابن عبد البر في التمهيد (14/ 184).
• خالفهم فأبهم المغيرة: عبد الوهاب بن عطاء الخفاف [صدوق]، قال: أخبرنا ابن عون، عن محمد، عن رجل، أن ابن عمر قال: حفظت عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عشر صلوات. . . فذكره.
أخرجه أبو جعفر ابن البختري في الحادي عشر من حديثه (139)(635 - مجموع مصنفاته).
• وخالفهم فأسقط المغيرة من الإسناد: هشيم بن بشير: قال أخبرنا منصور، وابن عون، عن ابن سيرين، عن ابن عمر، قال: كان تطوع النبي صلى الله عليه وسلم: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء.
قال: وأخبرتني حفصة؛ أنه كان بصلي ركعتين بعد طلوع الفجر.
أخرجه أحمد (2/ 141).
ورواية الجماعة هي المحفوظة، بزيادة المغيرة بن سلمان في الاسناد بين ابن سيرين وابن عمر، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ.
وانظر أيضًا في وجوه الاختلاف مما لم أقف على أسانيده، أو كان في إسناده ضعف، وأشرت إليه في نهاية طرق حديث ابن سيرين: علل الدارقطني (13/ 208/ 3097).
* وقد اختلف في إسناده على ابن سيرين:
أ - فرواه عبد اللَّه بن عون [ثقة ثبت][في المحفوظ عنه]، عن ابن سيرين، عن المغيرة بن سلمان، عن ابن عمر، قال: حفظت عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عشر صلوات:. . . الحديث.
• وقد تابعه على هذا الوجه:
يزيد بن إبراهيم التستري [ثقة ثبت]، قال: حدثنا محمد بن سيرين: حدثنا المغيرة بن سلمان، عن عبد اللَّه بن عمر، قال: عشر ركعات حفظتهنَّ عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعد الظهر، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر.
أخرجه الطيالسي (3/ 391/ 1978)، وابن أبي شيبة (2/ 19/ 5968)، والطبراني في الكبير (13/ 305/ 14091)، وابن عبد البر في التمهيد (14/ 184 - 185).
ب - ورواه عوف بن أبي جميلة [ثقة]، عن محمد بن سيرين، عن رجل، عن ابن عمر، قال: حفظت عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عشر ركعات،. . . فذكره.
أخرجه ابن قانع في المعجم (2/ 83).
وهذا المبهم هو المغيرة بن سلمان، كما في رواية ابن عون ويزيد التستري.
ج - ورواه عاصم بن سليمان الأحول [ثقة، لكنه غريب من حديثه]، ويونس بن عبيد [ثقة ثبت، لكنه لا يثبت من حديثه]، والحكم بن عطية [ليس بالقوي]، وأبو شعيب الصلت بن دينار [متروك الحديث]:
عن ابن سيرين، عن ابن عمر، قال: حفظت من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. . . فذكره.
أخرجه الطبراني في الكبير (13/ 246/ 13986 - 13988) و (13/ 247/ 13989) و (13/ 294/ 14071)، وفي الأوسط (8/ 11/ 7799)، وابن عدي في الكامل (4/ 80) و (5/ 35)، وأبو الشيخ في فوائده (137 - انتقاء ابن مردويه)، وأبو الحسن الحمامي في الخامس من حديثه تخريج ابن أبي الفوارس (4)(74 - مجموع مصنفاته)، وذكره الدارقطني في العلل (13/ 208/ 3097).
قال ابن أبي الفوارس: "هذا حديث غريب من حديث يونس، تفرد به عمار بن عمر بن مختار عن أبيه عنه".
قلت: الصواب رواية عبد اللَّه بن عون، ويزبد بن إبراهيم التستري، عن محمد بن سيرين: حدثنا المغيرة بن سلمان، عن عبد اللَّه بن عمر مرفوعًا.
وتابعهما أيوب السختياني وقتادة، فروياه عن المغيرة بن سلمان، قال: سمعت ابن عمر.
قال الدارقطني في العلل (13/ 208/ 3097): "والصواب: قول من قال: عن ابن سيرين، عن المغيرة بن سلمان، عن ابن عمر".
* ورواه حماد بن زيد: حدثنا أيوب: سمعت المغيرة بن سلمان يحدث في بيت محمد بن سيرين؛ أن ابن عمر قال: حفظت من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عشر ركعاتٍ سوى الفريضة: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعد الظهر، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الغداة.
أخرجه أحمد (2/ 100)، والبخاري في الكنى (11)، والطبراني في الكبير (13/ 306/ 14093)، وابن عبد البر في التمهيد (14/ 184).
* ورواه غندر محمد بن جعفر، وحجاج بن محمد، وبهز بن أسد، وأبو داود الطيالسي، وعمرو بن مرزوق [وهم ثقات]:
عن شعبة، عن قتادة، عن المغيرة بن سلمان [قال حجاج وبهز في حديثهما: سمعت المغيرة بن سلمان]، قال: سمعت ابن عمر، يقول: كانت صلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم التي لا يدَعْ [وفي رواية بهز: عشر ركعات كان النبي صلى الله عليه وسلم يداوم عليهن]: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الصبح.
وفي رواية عمرو بن مرزوق [عند الطبراني وابن عبد البر]: عن قتادة، قال: كنا عند محمد بن سيرين وعنده المغيرة بن سلمان، قال: فحدث عن ابن عمر.
أخرجه أحمد (2/ 51 و 74)، والبزار (12/ 314/ 6173)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (3/ 18/ 589)، والطبراني في الكبير (13/ 305/ 14590)، وابن عبد البر في التمهيد (14/ 183).
قال البزار: "ولا نعلم روى المغيرة بن سلمان عن ابن عمر غير هذا الحديث".
وقال ابن عبد البر: "هكذا يقول المغيرة بن سلمان: ركعتان قبل الصبح، ولا يقول: ركعتان بعد الجمعة، ولا يقول في شيء منها: في بيته".
قلت: المغيرة بن سلمان: سئل عنه أحمد فقال: "هو معروف"، وذكره ابن حبان في الثقات، وروى عنه محمد بن سيرين، وأيوب السختياني، وقتادة، بل وحدث في بيت ابن سيرين بهذا الحديث فسمعوه منه جميعًا، وهذا مما يرفع من حاله، لا سيما رواية ابن سيرين عنه؛ فإنه كان ممن لا يروي إلا عن ثقة، قال ابن عبد البر في التمهيد (8/ 301):"أجمع أهل العلم بالحديث: أن ابن سيرين أصح التابعين مراسل، وأنه كان لا يروي ولا يأخذ إلا عن ثقة، وأن مراسله صحاح كلها"، وقال أيضًا (1/ 30):"وكل من عرف أنه لا يأخذ إلا عن ثقة فتدليسه ومرسله مقبول، فمراسيل سعيد بن المسيب ومحمد بن سيرين وإبراهيم النخعي عندهم صحاح"[وانظر أيضًا: تاريخ ابن معين للدوري (4/ 224/ 4077)، التهذيب (4/ 133)].
قلت: وعلى هذا فإن حديثه هذا حديث صحيح؛ عدا قوله: وركعتين قبل الصبح، فإنه من حديث ابن عمر عن حفصة.
فقد روى نافع مولى ابن عمر، وسالم بن عمر، وهما أخص الناس بابن عمر، وأعلمهم بحديثه، كلاهما قد روى ركعتي الفجر عن ابن عمر عن حفصة، وأنها كانت ساعة لا يدخل فيها على النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم يصليهما، وإنما أخبرته بذلك أخته حفصة أم المؤمنين، وعلى هذا فكل من روى ركعتي الفجر من حديث ابن عمر المطول في رواتب المكتوبات، فهو واهم، لذا قال البخاري في الكنى (11) بعدما ذكر بعض الطرق والتي فيها ذكر ركعتي الفجر من حديث ابن عمر هذا، ومنها طريق المغيرة بن سلمان وأنس بن سيرين، قال بعدها:"وقال نافع وسالم عن ابن عمر: حدثتني حفصة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين قبل الفجر"، ثم ذكر طريقين آخرين لا يصحان، ثم قال:"والصحيح: حديث حفصة".
• وانظر فيما لا يصح سنده إلى ابن سيرين: ما أخرجه الطبراني في الكبير (13/ 246/ 13986)، وفي الأوسط (8/ 11/ 7799)، وابن عدي في الكامل (4/ 80) [وفي سنده: أبو شعيب الصلت بن دينار، وهو: متروك الحديث].
وما أخرجه الطبراني في الكبير (13/ 246/ 13987)[وفي سنده: الحكم بن عطية، وهو: ليس بالقوي].
وما أخرجه الطبراني في الكبير (13/ 247/ 13989)، وابن عدي في الكامل (5/ 35)، وأبو الشيخ في فوائده (137 - انتقاء ابن مردويه)، وأبو الحسن الحمامي في الخامس من حديثه تخريج ابن أبي الفوارس (4) (74 - مجموع مصنفاته) [وفي سنده: عمار بن عمر بن المختار عن أبيه، وهما: ضعيفان، والأب أسوأ حالًا، وهو متهم بالوضع. اللسان (6/ 48 و 143)].
2 -
وروى وكيع بن الجراح، ومروان بن معاوية الفزاري [وهما ثقتان حافظان]:
عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، عن ابن عمر، قال: حفظت عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثماني ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعد الظهر، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء.
قال ابن عمر: فأخبرتني حفصة: ركعتين قبل الفجر، ولم أرهما. وفي رواية: وحدثتني حفصة بركعتي الغداة، ولم أكن أراهما من النبي صلى الله عليه وسلم.
أخرجه الترمذي في الشمائل (286)، وابن أبي شيبة (2/ 19/ 5967)، وإسحاق (4/ 197/ 1997)، واللفظ له. والطبراني في الكبير (23/ 212/ 380)[زيد في إسناده نافع، وهو غلط]. والبغوي في الشمائل (601).
وهذا إسناد صحيح.
3 -
وروى عفان بن مسلم، ومسلم بن إبراهيم الفراهيدي [وهما ثقتان ثبتان]:
ثنا أبان بن يزيد العطار: حدثنا أنس بن سيرين، عن ابن عمر، أنه قال: حفظت عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الصبح.
أخرجه أحمد (2/ 73)، والبخاري في الكنى (11).
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ويقال فيه كما قيل في حديث المغيرة بن سلمان في ركعتي الفجر، واللَّه أعلم.
* وحديث أنس بن سيرين هذا عن ابن عمر غير حديثه الذي اتفق عليه الشيخان:
والذي رواه حماد بن زيد، قال: حدثنا أنس بن سيرين، قال: قلت لابن عمر: أرأيت الركعتين قبل صلاة الغداة؟ أطيل فيهما القراءة؟ فقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل مثنى مثنى، ويوتر بركعة، ويصلي الركعتين قبل صلاة الغداة وكأنَّ الأذان بأذنيه.
أخرجه البخاري (995)، ومسلم (749/ 157)، ويأتي تخريجه بطرقه في السنن عند الحديث رقم (1326) إن شاء اللَّه تعالى.
• وانظر فيما لا يصح سنده إلى أنس بن سيرين: ما أخرجه الطبراني في الكبير (13/ 246/ 13986)، وفي الأوسط (8/ 11/ 7799)، وابن عدي في الكامل (4/ 80) [وفي سنده: أبو شعيب الصلت بن دينار، وهو: متروك الحديث].
* وروى عطية بن سعد العوفي [وهو: ضعيف]، عن ابن عمر، في النوافل في الحضر والسفر، مرفوعًا، بلفظ مستنكر.
أخرجه الترمذي (551 و 552)، وحسنه. وابن خزيمة (2/ 244/ 1254)، وضعفه، وقال بأنه وهم وغلط وسهو وأعجوبة. وأحمد (2/ 90)، وأبو أمية الطرسوسي في مسند ابن عمر (1 و 3)، والطحاوي (1/ 418)، وابن الأعرابي في المعجم (598)، والطبراني في الكبير (13/ 172/ 13870)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 187/ 1035).
ونقل الترمذي في العلل (160) عن البخاري قوله: "لا أعرف لابن أبي ليلى حديثًا هو أعجب إليَّ من هذا".
° قال أبو داود: "وكذلك رواه عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر".
قلت: وصله أحمد في المسند (2/ 94)، والطحاوي في المشكل (10/ 301/ 4111).
من طريق: عبد الصمد بن عبد الوارث، وشيبان بن فروخ [وهما صدوقان]:
عن عبد العزيز بن مسلم القسملي: حدثنا عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر؛ أنه كان إذا انصرف من الجمعة انصرف إلى منزله، فسجد سجدتين، وذكر أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك.
• تابعه: سليمان بن بلال، فرواه عن عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر مثله.
أخرجه الطحاوي في المشكل (10/ 301/ 4112).
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
• ورواه محمد بن عبد الواهب الحارثي: نا سفيان بن عيينة، عن عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد الجمعة ركعتين.
أخرجه الطبراني في الأوسط (8/ 70/ 7992)، وابن المقرئ في المعجم (352)، والدارقطني في الأفراد (1/ 535/ 3061 - أطرافه)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 240).
قال موسى بن هارون الحمال الحافظ: "هذا عن ابن عيينة غريب، لم نجده إلا عنده"؛ يعني: عند محمد بن عبد الواهب.
وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن سفيان إلا محمد بن عبد الواهب".
وقال الدارقطني: "قال موسى بن هارون: هذا الحديث لم نسمعه عن ابن عيينة عن عبد اللَّه بن دينار إلا عن محمد بن عبد الواهب، ورواه صالح بن قدامة عن عبد اللَّه بن دينار".
قلت: محمد بن عبد الواهب الحارثي، هو: محمد بن عبد الواهب بن الزبير بن زنباع أبو جعفر الحارثي: روى عنه جماعة من الثقات الحفاظ، منهم عبد اللَّه ابن الإمام أحمد، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"ربما أخطأ"، وقال البزار وصالح جزرة وأبو عبد اللَّه الحاكم:"ثقة"، وقال الدارقطني:"ثقة له غرائب"، فهو: لا بأس به، وله غرائب وأفراد، ويخطئ في بعض ما يروي [كشف الأستار (686)، مسند البزار (12/ 224/ 5934)، تاريخ وفيات شيوخ البغوي (11)، الثقات (9/ 83)، سؤالات مسعود السجزي للحاكم (294)، تاريخ بغداد (2/ 390) (3/ 677 - ط. الغرب)، تلخيص المتشابه في الرسم (2/ 641)، تاريخ الإسلام (16/ 367)، اللسان (7/ 323)، تبصير المنتبه (4/ 1467)، الثقات لابن قطلوبغا (8/ 446)، سلسلة الأحاديث الصحيحة (3038)].
• وانظر فيمن قصر فيه فرواه موقوفًا: ما أخرجه محمد بن عاصم الثقفي الأصبهاني في جزئه (52)[وفي إسناده سقط].
• وانظر فيما لا يصح سنده إلى ابن عمر: ما أخرجه البخاري في الكنى (11 و 12)، والطبراني في الكبير (13/ 294/ 14071) [وفي سند الطبراني: أبو شعيب الصلت بن دينار، وهو: متروك الحديث].
* * *
1133 -
. . . ابن جريج: أخبرني عطاء؛ أنه رأى ابن عمر يصلي بعد الجمعة، فيَنْمازُ عن مصلاه الذي صلى فيه الجمعة قليلًا، غيرَ كثيرٍ، قال: فيركع ركعتين، قال: ثم يمشي أنْفَسَ من ذلك، فيركعُ أربعَ ركعات.
قلت لعطاء: كم رأيت ابن عمر يصنع ذلك؟ قال: مرارًا.
قال أبو داود: ورواه عبد الملك بن أبي سليمان ولم يتمَّه.
* صحيح موقوفًا على ابن عمر
أخرجه عبد الرزاق (3/ 246/ 5522)، والحاكم (1/ 290)، والبيهقي (3/ 241).
رواه عن ابن جريج: حجاج بن محمد المصيصي [وهذا لفظه]، وعبد الرزاق بن همام، وجعفر بن عون [وهم ثقات، وفيهم أثبت أصحاب ابن جريج].
قال النووي في الخلاصة (2867): "رواه أبو داود بإسناد صحيح".
• ورواه سفيان بن عيينة [ثقة حافظ، إمام حجة]، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: رأيت ابن عمر صلى بعد الجمعة ركعتين، ثم صلى بعد ذلك أربعًا.
أخرجه الترمذي (523 م).
• ورواه عبد الملك بن أبي سليمان [العرزمي: ثقة]، قال: حدثنا عطاء، قال: رأيت ابن عمر صلى الجمعة، ثم تنحَّى من مكانه فصلى ركعتين فيهما خفة، ثم تنحَّى من مكانه ذلك، فصلى أربعًا هي أطول من تَيْنكَ.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 469/ 5426).
• ورواه سفيان الثوري، وأبو الأحوص سلام بن سليم، وزهير بن معاوية، ومعمر بن راشد [وهم ثقات أثبات، والثوري من أثبت أصحاب أبي إسحاق، وأقدمهم منه سماعًا]:
عن أبي إسحاق السبيعي والزبير بن عدي [لم يذكر الزبيرَ: أبو الأحوص، وزهير، والزبير: كوفي ثقة]، عن عطاء بن أبي رباح [في رواية زهير: قال أبو إسحاق: حدثني غير مرة، يعني: عطاء]؛ أن ابن عمر كان يصلي بعد الجمعة ركعتين، ثم أربعًا. لفظ الثوري.
ولفظ أبي الأحوص: كان ابن عمر إذا صلى الجمعة صلى بعدها ست ركعات؛ ركعتين ثم أربعًا.
ولفظ معمر: رأيت ابن عمر حين فرغ من صلاة الجمعة تقدَّم من مصلاه قليلًا فركع ركعتين، ثم تقدَّم أيضًا فركع أربعًا.
أخرجه عبد الرزاق (3/ 247/ 5523)، وابن أبي شيبة (1/ 464/ 5370)، ومحمد بن عاصم الثقفي الأصبهاني في جزئه (53)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 210/ 584)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 126/ 1882)، والطحاوي (1/ 337).
فهو بهذه الأسانيد الصحيحة عن عطاء: صحيح موقوفًا على ابن عمر.
• وروى فهد، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبيد اللَّه، عن زيد، عن جبلة بن سحيم، عن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما؛ أنه كان يصلي قبل الجمعة أربعًا، لا يفصل بينهن بسلام، ثم بعد الجمعة ركعتين، ثم أربعًا.
تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1128)، وهو موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات؛ لكنه غريب.
* وفي الباب أيضًا:
1 -
حديث ابن عباس:
ابن أبي ذئب، عن شعبة مولى ابن عباس، عن ابن عباس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته. وفي رواية: لم يكن يصلي الركعتين بعد الجمعة، ولا بعد المغرب إلا في بيته.
أخرجه أبو يعلى في المعجم (52)، والمحاملي في الأمالي (290 - رواية ابن مهدي الفارسي)، والخطيب في تاريخ بغداد (11/ 356).
وهذا الحديث ضعفه أبو زرعة جدًا، وأنكره [سؤالات البرذعي (2/ 699)].
وسأل ابن أبي حاتم أباه عن هذا الحديث من رواية أبي قتيبة سلم بن قتيبة عن ابن اْبي ذئب، فقال أبو حاتم: "إنما هو: ابن أبي ذئب عن شعبة مولى ابن عباس عن ابن عباس، موقوف.
والمرفوع إنما هو: ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو قتيبة: كثير الوهم يكتب حديثه" [العلل (1/ 200/ 574)].
2 -
حديث جابر بن عبد اللَّه:
يرويه علي بن حجر السعدي، وعبد اللَّه بن عبد الوهاب الحجبي:
ثنا عاصم بن سويد [في رواية الحجبي: عاصم بن سويد بن يزيد بن جارية الأنصاري -أحد بني عمرو بن عوف، إمام مسجد قباء-]، عن محمد بن موسى بن الحارث، عن أبيه، عن جابر بن عبد اللَّه، رضي الله عنهما، قال: أتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بني عمرو بن عوف يوم الأربعاء، فرأى شيئًا لم يكن رآها قبل ذلك، من حِصنةٍ على النخيل، فقال:"لو أنكم إذا جئتم عيدكم هذا مكثتم حتى تسمعوا من قولي! "، قالوا: نعم بآبائنا أنت يا رسول اللَّه وأمهاتنا! قال: فلما حضروا الجمعة صلى بهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الجمعة، ثم
صلى ركعتين في المسجد، وكان ينصرف إلى بيته قبل ذلك اليوم.
ثم استوى فاستقبل الناس بوجهه، فتبعت له الأنصار أو من كان منهم، حتى وفي بهم إليه، فقال:"يا معشر الأنصار! "، قالوا: لبيك أي رسول اللَّه! فقال: "كنتم في الجاهلية إذ لا تعبدون اللَّه تحملون الكَلَّ، وتفعلون في أموالكم المعروف، وتفعلون إلى ابن السبيل، حتى إذا منَّ اللَّه عليكم بالإسلام ومنَّ عليكم بنبيه؛ إذا أنتم تحصِّنون أموالكم، وفيما يأكل ابنُ آدم أجرٌ، وفيما يأكل السبعُ أو الطيرُ أجرٌ"، فرجع القوم فما منهم أحد إلا هدم من حديقته ثلاثين بابًا. لفظ السعدي مختصر، وقد يكون آخره تحرف مما في رواية الحجبي: فانصرف القوم فما بقي أحدٌ إلا هدم في ماله ثُلْمتين أو ثلاثًا؛ يعني: هدم في حيطان بساتينهم ليدخل الفقراء فيأكلوا من التمر.
أخرجه ابن خزيمة (3/ 183/ 1872)، وابن حبان (6/ 232/ 2484)، والحاكم (4/ 133)، والطبراني في الأوسط (3/ 32/ 2379)، والبيهقي في الشعب (3/ 266/ 3500)(6/ 99/ 3224 - ط. الأوقاف القطرية).
قال ابن خزيمة: "إن صح الخبر؛ فإني لا أقف على سماع موسى بن الحارث في جابر بن عبد اللَّه"، وقال أيضًا بأنه خبر فريب [الإتحاف (3/ 579/ 3790)].
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وفيه النهي الواضح عن تحصين الحيطان والنخيل وغيرها من أنواع الثمار عن المحتاجين والجائعين أن يأكلوا منها، وقد خرج الشيخان رضي الله عنهما حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أحدكم حائط أخيه فليأكل منه ولا يتخذ خُبنة"".
فتعقبه الذهبي في التلخيص بقوله: "عاصم إمام مسجد قباء، خرج له النسائي، ولكن مَن شيخه؟ ".
وقال الطبراني: "لا يروى هذا الحديث عن جابر إلا بهذا الإسناد، تفرد به الحجبي".
قلت: بل تابعه علي بن حجر السعدي، وهما ثقتان، لكن الشأن فيمن فوقهما.
وقال ابن رجب في الفتح (5/ 537): "وقال بعض المتأخرين: محمد بن موسى بن الحارث: لا يُعرف، وخرجه البزار في مسنده، وعنده: عن موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن أبيه، عن جابر، فإن كان ذلك محفوظًا، فهو موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي، وهو منكر الحديث جدًا".
قلت: هو حديث منكر؛ موسى بن الحارث: ذكره ابن حبان في الثقات (5/ 405)، ولا يُعرف إلا برواية ابنه عنه، فهو في عداد المجهولين، ولا يُعرف له سماع من جابر، كما قال ابن خزيمة، وابنه: محمد بن موسى بن الحارث: ذكره ابن حبان في الثقات (7/ 397)، ولا يُعرف أيضًا إلا برواية هذا الحديث؛ فهو مجهول أيضًا [وانظر: اللسان (7/ 536)].
وعاصم بن سويد بن عامر بن يزيد بن جارية، إمام مسجد قباء، أحد بني عمرو بن عوف: قليل الرواية جدًا، قال أبو حاتم: "شيخ محله الصدق، روى حديثين منكرين، [التهذيب (2/ 253)].
3 -
حديث عبد اللَّه بن بسر:
يرويه محمد بن يحص بن فياض -بصري-[ثقة]: ثنا سعيد بن عنبسة -وهو القطان-: ثنا عبد اللَّه بن بسر، قال: رأيت عبد اللَّه بن بسر -صاحب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا صلى الجمعة خرج من المسجد قدرًا طويلًا، ثم رجع إلى المسجد فيصلي ما شاء اللَّه أن يصلي، فقلت له: يرحمك اللَّه لأي شيء تصنع هذا؟ قال: لأني رأيت سيد المسلمين صلى الله عليه وسلم هكذا يصنع، يعني: النبي صلى الله عليه وسلم، وتلا هذه الآية:{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10] إلى آخر الآية.
أخرجه ابن خزيمة (3/ 185/ 1878).
قال ابن خزيمة: "باب استحباب الانتشار بعد صلاة الجمعة، والابتغاء من فضل اللَّه، قال اللَّه عز وجل: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}؛ إلا أن في القلب من هذا الخبر، فإني لا أعرف سعيد بن عنبسة القطان هذا، ولا عبد اللَّه بن بسر الذي روى عنه سعيد هذا بعدالة ولا جرح، غير أن اللَّه عز وجل قد أمر في نص تنزيله بعد قضاء صلاة الجمعة بالانتشار في الأرض والابتغاء من فضل اللَّه، وهذا من أمر الإباحة".
قال ابن حجر في الإتحاف (6/ 530/ 6937): "عبد اللَّه بن بسر هذا هو الحبراني، ضعفه القطان وابن معين، وقال النسائي: ليس بثقة".
قلت: نعم، قد ضعفوه [التهذيب (2/ 308)]، وسعيد بن عنبسة القطان: أظنه الخزاز الرازي، ففي بعض الأسانيد أن القطان يروي عن أبي عبيدة الحداد [المعجم الأوسط (7/ 271/ 7477)]، ويحتمل أن يكون هو الذي سئل عنه الدارقطني، فقال:"بصري، يعتبر به"[سؤالات البرقاني (184)، وانظر: اللسان (4/ 70)]، فإن كان الأول وهو: الرازي الخزاز؛ فقد كذبه ابن معين وابن الجنيد، وقال أبو حاتم مرة:"فيه نظر"، وقال أخرى:"كان لا يصدق"[انظر: المعجم الكبير (19/ 181/ 411)، ما انتخبه ابن طاهر السلفي من أصول شيخه الطيوري (433 و 744)، الجرح والتعديل (4/ 52)، المتفق والمفترق (2/ 1097)، الميزان (2/ 154)، اللسان (4/ 69)]، وإن كان الثاني: فلا يحتمل منه التفرد بهذا الحديث، فهو حديث منكر، واللَّه أعلم.
* وقد سبق أن قررت في أول الباب أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصح عنه أنه كان يصلي قبل الجمعة شيئًا، لا في بيته، ولا في المسجد، ولا يثبت حديث مرفوع في سنة الجمعة القبلية، ومما روي في ذلك صريحًا مما لا يصح:
1 -
حديث ابن عباس:
رواه بقية بن الوليد، عن مبشر بن عبيد، عن حجاج بن أرطاة، عن عطية العوفي،
عن ابن عباس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يركع قبل الجمعة أربعًا، لا يفصل في شيء منهن.
أخرجه ابن ماجه (1129)، والطبراني في الكبير (12/ 129/ 12674).
هكذا رواه عن بقية: يزيد بن عبد ربه الجرجسي، وعمرو بن عثمان الحمصي، وكلاهما من ثقات أصحاب بقية.
خالفهما: محمد بن مصفى [صدوق، أنكرت عليه أحاديث]، قال: ثنا بقية: حدثني مبشر، عن حجاج، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري؛ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"من شاء صلى قبل الجمعة أربعًا، وبعدها، لا يفصل بينهن".
أخرجه ابن عدي في الكامل (6/ 419)(10/ 11/ 16537 - ط. الرشد).
قال ابن عدي: "وهذه الأحاديث لمبشر عن حجاج عن شيوخه، ليس يرويها عنه غير مبشر".
قلت: لعل ابن مصفى وهم في إسناده، فجعله من مسند أبي سعيد، بدل ابن عباس، وجعله من قول النبي صلى الله عليه وسلم، لا من فعله.
وقال ابن عدي في آخر ترجمة مبشر بن عبيد هذا: "ومبشر هذا: بيِّن الأمر في الضعف، وله غير ما ذكرت من الحديث، وعامة ما يرويه غير محفوظ من حديث الكوفة عن شيوخهم وشيوخ البصرة وغيرهم".
وقال النووي في المجموع (4/ 13) عن حديث ابن ماجه: "لا يصح الاحتجاج به؛ لأنه ضعيف جدًا، ليس بشيء"[وانظر: الخلاصة (1851)].
وقال في الخلاصة (2872): "وهو حديث باطل، اجتمع فيه هؤلاء الأربعة، وهم ضعفاء، ومبشر: وضاع صاحب أباطيل".
قلت: نعم؛ عطية بن سعد العوفي: ضعيف، وحجاج بن أرطأة: ليس بالقوي، لكن الآفة فيه عندي من مبشر بن عبيد؛ فإنه: متروك، منكر الحديث، رماه بالوضع: أحمد وابن حبان والدارقطني [التهذيب (4/ 20)، الميزان (3/ 433)]، فهو حديث باطل؛ كما قال النووي.
2 -
حديث أبي هريرة:
رواه الحسن بن قتيبة: حدثنا سفيان، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبى هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه كان يصلي قبل الجمعة ركعتين، وبعدها ركعتين.
أخرجه الخطيب في التاريخ (6/ 365).
وهذا باطل من حديث سفيان الثوري، تفرد به عنه: الحسن بن قتيبة الخزاعي المدائني [قاله الطبراني]، وهو: متروك الحديث [اللسان (3/ 106)].
* وله طريق أخرى:
رواه عبيد بن سعيد: حدثنا أبيض بن أبان الثقفي، عن سهيلٍ بن أبى صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من كان مصليًّا فليُصلِّ قبل الجمعة أربعًا، وبعدها أربعًا".
قال عبيد: فقلت لأبيض: إن سفيان حدثني به، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من كان مصليًا بعد الجمعة فليُصلِّ أربعًا".
قال: ذاك ما سمع سفيان، وذا ما سمعت أنا، أما إني أخذت كتاب سهيل.
أخرجه الطحاوي في المشكل (10/ 298 - 299/ 4108)، وأبو جعفر ابن البختري في جزء فيه ستة مجالس من أماليه (111).
قلت: هو حديث منكر بهذا اللفظ، وقد تقدم الحديث بطريقيه تحت الحديث رقم (1131).
3 -
حديث جابر وأبي هريرة:
رواه داود بن رشيد، وأبو معمر القطيعي:
عن حفص بن غياث، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، وعن أبي صالح، عن أبي هريرة، قالا: جاء سُلَيكٌ الغَطَفاني، ورسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"أصليتَ ركعتين قبل أن تجيء؟ "، قال: لا، قال:"فصلِّ ركعتين، وتجوَّزْ فيهما".
وهو حديث شاذ بهدا اللفظ وبهذا الإسناد، تقدم تخريجه برقم (1116).
4 -
حديث عائشة:
رواه إسحاق بن إدريس: حدثنا أبان: حدثنا عامر الأحول، عن نافع، عن عائشة، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الجمعة ركعتين في أهله، وبعدها ركعتين.
أخرجه القاسم بن موسى الأشيب في جزئه (22).
وهذا حديث موضوع؛ إسحاق بن إدريس الأسواري البصري: متروك، منكر الحديث، قال ابن معين:"كذاب، يضع الحديث"[انظر: اللسان (2/ 41)].
5 -
حديث علي بن أبي طالب:
يرويه شبَاب العصفري خليفة بن خياط [صدوق]، قال: نا محمد بن عبد الرحمن السهمي، قال: نا حصين بن عبد الرحمن السلمي، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي، قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلي قبل الجمعة أربعًا، وبعدها أربعًا، يجعل التسليم في آخرهنَّ ركعة.
أخرجه ابن الأعرابي في المعجم (2/ 448/ 874)، والطبراني في الأوسط (2/ 172/ 1617).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أبي إسحاق إلا حصين، ولا رواه عن حصين إلا محمد بن عبد الرحمن السهمي".
وقال أبو بكر الأثرم في الناسخ (39): "وهذا حديث واهٍ؛ لأن هذا الشيخ السهمي ليس بالمعروف بالعلم، ولأن هذا الحديث قد رواه شعبة وجماعة عن أبي إسحاق، فلم يذكروا هذا فيه".
قلت: هكذا رواه خليفة بن خياط، ووهم فيه، أو الوهم فيه من شيخه السهمي؛ فقد رواه أحد الأثبات عن السهمي بدون موضع الشاهد في الصلاة قبل الجمعة وبعدها:
* رواه محمد بن المثنى [ثقة ثبت]، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن السهمي البصري: أخبرنا حصين بن عبد الرحمن، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، قال: سألت علي بن أبي طالب عن صلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من النهار بعد المكتوبة؟ قال: ومن يطيق ذلك؟ ثم أخبره قال: كان يصلي حين ترتفع الشمس ركعتين، وقبل نصف النهار أربع ركعات يجعل التسليم في آخر ركعة، وقبل الظهر أربع ركعات يجعل التسليم في آخر ركعة، وبعدها أربع ركعات يجعل التسليم في آخر ركعة.
أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 120/ 875)، وفي الكبرى (1/ 212/ 336) و (1/ 215 - 216/ 347)، وابن عدي في الكامل (6/ 191).
قلت: ومحمد بن عبد الرحمن السهمي: روى له البخاري في التاريخ حديثًا، ثم قال:"ولا يتابع عليه"، وقال أبو حاتم:"ليس بمشهور"، وقال العقيلي:"لا يتابع على حديثه"، وله أوهام، ونقل ابن حجر في اللسان عن ابن أبي حاتم أنه نقل عن ابن معين قوله:"ضعيف"، ومع ذلك: فقد ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عدي:"ولمحمد بن عبد الرحمن غير ما ذكرت، وهو عندي لا بأس به"[التاريخ الكبير (1/ 162)، الضعفاء الكبير (4/ 101)، الجرح والتعديل (7/ 326)، الثقات (9/ 72)، الكامل (6/ 191)، علل الدارقطني (13/ 407/ 3301)، تاريخ الإسلام (12/ 372)، اللسان (7/ 277)، الثقات لابن قطلوبغا (8/ 429)].
• وقد رواه هشيم بن بشير [وهو: ثقة ثبت، أثبت الناس في حصين]، عن حصين به مختصرًا، وليس فيه أيضًا موضع الشاهد.
أخرجه النسائي في الكبرى (1/ 210/ 333).
* وهذا الحديث قد رواه جماعة من أصحاب أبي إسحاق، فيهم أثبت أصحابه، وهم: سفيان الثوري، وشعبة، وإسرائيل، فلم يذكروا فيه موضع الشاهد:
رووه عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، قال: سألنا عليًا عن تطوع النبي صلى الله عليه وسلم بالنهار، فقال: إنكم لا تطيقونه، قال: قلنا: أخبرنا به نأخذ منه ما أطقنا، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر أمهل، حتى إذا كانت الشمس من هاهنا -يعني: من قبل المشرق- مقدارها من صلاة العصر من هاهنا من قبل المغرب، قام فصلى ركعتين، ثم يمهل حتى إذا كانت الشمس من هاهنا -يعني: من قبل المشرق- مقدارها من صلاة الظهر من هاهنا -يعني: من قبل المغرب- قام فصلى أربعًا، وأربعًا قبل الظهر إذا زالت الشمس، وركعتين بعدها، وأربعًا قبل العصر، يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين، والنبيين، ومن تبعهم من المؤمنين والمسلمين. قال: قال علي: تلك ست عشرة ركعة، تطوع النبي صلى الله عليه وسلم بالنهار، وقلَّ من يداوم عليها.
يأتي تخريجه مفصلًا -إن شاء اللَّه تعالى- في موضعه من السنن برقم (1272 و 1275).
وهذا الحديث قد ضعفه ابن المبارك وغيره [انظر: جامع الترمذي (599)، التهذيب (2/ 254)، الميزان (2/ 353)].
• ومما يؤكد عدم ثبوت ذلك من حديث علي مرفوعًا:
ما رواه سفيان الثوري، وزائدة بن قدامة، وهمام بن يحيى:
عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي، قال: كان عبد اللَّه يأمرنا أن نصلي قبل الجمعة أربعًا، وبعدها أربعًا، حتى جاءنا علي فأمرنا أن نصلي بعدها ركعتين ثم أربعًا. لفظ الثوري، ولم يذكر في حديث زائدة ما قبل الجمعة.
أخرجه عبد الرزاق (3/ 247/ 5525)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 97/ 1846) و (4/ 125/ 1880) و (4/ 126/ 1881)، والطبراني في الكبير (9/ 309/ 9550) و (9/ 310/ 9551 - 9553).
وهذا موقوف على ابن مسعود وعلي بن أبي طالب بإسناد صحيح، وسفيان الثوري وزائدة ممن روى عن عطاء بن السائب قبل الاختلاط.
6 -
حديث ابن مسعود:
يرويه علي بن سعيد الرازي [حافظ، تفرد بما لم يتابع عليه. اللسان (5/ 542)]، قال: نا سليمان بن عمر بن خالد الرقي [قال ابن أبي حاتم: "كتب عنه أبي بالرقة"، وذكره ابن حبان في الثقات. الجرح والتعديل (4/ 131)، الثقات (8/ 280)]، قال: نا عتاب بن بشير، عن خصيف، عن أبي عبيدة، عن عبد اللَّه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي قبل الجمعة أربعًا، وبعدها أربعًا.
أخرجه الطبراني في الأوسط (4/ 196/ 3959).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن خصيف إلا عتاب بن بشير".
• خالفه فأوقفه:
سعيد بن منصور [ثقة ثبت حافظ]، قال: ثنا عتاب بن بشير، عن خصيف، عن أبي عبيدة، عن عبد اللَّه بن مسعود؛ أنه كان يصلي قبل الجمعة أربع ركعات.
أخرجه ابن المنذر في الأوسط (4/ 97/ 1845).
قلت: وهذا أولى موقوفًا، والمرفوع منكر.
وعتاب بن بشير: صدوق، روى عن خصيف أحاديث منكرة، ليس هذا منها؛ فإنه قد توبع عليه موقوفًا:
• فقد رواه عن خصيف موقوفًا أيضًا: محمد بن فضيل [ثقة]، عن خصيف، عن أبي عبيدة، عن عبد اللَّه، قال: كان يصلي قبل الجمعة أربعًا.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 463/ 5360).
قال ابن حجر في الفتح (2/ 426): "ورواه عبد الرزاق عن ابن مسعود موقوفًا، وهو الصواب".
قلت: وهذا موقوف على ابن مسعود بإسناد لا بأس به، وله طريق عن ابن مسعود أصلح من هذا:
فقد روى سفيان الثوري، وزائدة بن قدامة، وهمام بن يحيى:
عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي، قال: كان عبد اللَّه يأمرنا أن نصلي قبل الجمعة أربعًا، وبعدها أربعًا، حتى جاءنا علي فأمرنا أن نصلي بعدها ركعتين ثم أربعًا. لفظ الثوري، ولم يذكر في حديث زائدة ما قبل الجمعة.
وهذا موقوف على ابن مسعود وعلي بن أبي طالب بإسناد صحيح، وتقدم ذكره في آخر حديث علي السابق.
• وانظر أيضًا ما سبق تقريره تحت الحديثين رقم (1090 و 1116).
° قال إسحاق بن منصور الكوسج في مسائله لأحمد وإسحاق (536): "قلت: الإمام لا يركع في المسجد بعد الجمعة؟ قال: ليس حديث السائب بن يزيد يدلُّ، وقال ابن عمر رضي الله عنهما: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته. قال إسحاق: هو كما قال، إن صلى في بيته، وإن صلى في المسجد صلى أربعًا لا يسلم إلا في آخرهن".
• وقال الترمذي بعد حديث أبي هريرة (523): "هذا حديث حسن صحيح.
حدثنا الحسن بن علي، قال: حدثنا علي بن المديني، عن سفيان بن عيينة، قال: كنا نعدُّ سهيل بن أبي صالح ثبتًا في الحديث.
والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وروي عن عبد اللَّه بن مسعود؛ أنه كان يصلي قبل الجمعة أربعًا وبعدها أربعًا.
وقد روي عن علي بن أبي طالب؛ أنه أمر أن يصلى بعد الجمعة ركعتين، ثم أربعًا.
وذهب سفيان الثوري وابن المبارك إلى قول ابن مسعود.
وقال إسحاق: إن صلى في المسجد يوم الجمعة صلى أربعًا، وإن صلى في بيته صلى ركعتين، واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته، ولحديث النبي صلى الله عليه وسلم:"من كان منكم مصليًا بعد الجمعة فليصل أربعًا".
وابن عمر هو الذي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته، وابن عمر بعد النبي صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد بعد الجمعة ركعتين، وصلى بعد الركعتين أربعًا".
قلت: لكن هذا محمول على أنه فعله بالمسجد الحرام، حيث رواه عنه عطاء المكي، بينما روى عنه مولاه نافع المدني أنه كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته.
وقال ابن المنذر في الأوسط (4/ 127): "إن شاء صلى ركعتين، وإن شاء أربعًا، ويصلي أربعًا يفصل بين كل ركعتين بتسليم أحبُّ إليَّ".