المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌267 - باب من قال: يركع ركعتين - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ١٢

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌230 - باب رفع اليدين على المنبر

- ‌231 - باب إقصار الخُطَب

- ‌232 - باب الدنو من الإمام عند الموعظة

- ‌233 - باب الإمام يقطع الخطبة للأمر يحدث

- ‌234 - باب الاحتباء والإمام يخطب

- ‌235 - باب الكلام والإمام يخطب

- ‌236 - باب استئذانِ المحدثِ الإمامَ

- ‌237 - باب إذا دخل الرجل والإمام يخطب

- ‌238 - باب تخطِّي رقاب الناس يوم الجمعة

- ‌239 - باب الرجل ينعس، والإمام يخطب

- ‌240 - باب الإمام يتكلم بعدما ينزل من المنبر

- ‌241 - باب من أدرك من الجمعة ركعة

- ‌242 - باب ما يُقرأُ به في الجمعة

- ‌243 - باب الرجل يأتم بالإمام وبينهما جدار

- ‌244 - باب الصلاة بعد الجمعة

- ‌245 - باب صلاة العيدين

- ‌246 - باب وقت الخروج إلى العيد

- ‌247 - باب خروج النساء في العيد

- ‌248 - باب الخطبة يوم العيد

- ‌249 - باب يخطب على قوس

- ‌250 - باب ترك الأذان في العيد

- ‌251 - باب التكبير في العيدين

- ‌ 22)].* * *252 -باب ما يُقرَأ في الأضحى والفطر

- ‌253 - باب الجلوس للخطبة

- ‌254 - باب الخروج إلى العيد في طريق ويرجع في طريق

- ‌255 - باب إذا لم يخرج الإمام للعيد من يومه

- ‌256 - باب الصلاة بعد صلاة العيد

- ‌257 - باب يصلي بالناس [العيد] في المسجد إذا كان يومَ مطرٍ

- ‌ومن آداب العيد التي لم يتطرق إليها أبو داود أكل تمرات قبل الغدو لصلاة عيد الفطر

- ‌ومما روي مرفوعًا في التكبير ليلة العيد وأيام التشريق دبر الصلوات المكتوبات

- ‌258 - جماع أبواب صلاة الاستسقاء وتفريعها

- ‌259 - باب في أيِّ وقتٍ يحوِّلُ رداءه إذا استسقى

- ‌260 - باب رفع اليدين في الاستسقاء

- ‌261 - باب صلاة الكسوف

- ‌262 - باب من قال أربع ركعات

- ‌263 - باب القراءة في صلاة الكسوف

- ‌264 - باب يُنادَى فيها بالصلاة

- ‌265 - باب الصدقة فيها

- ‌266 - باب العتق فيها

- ‌267 - باب من قال: يركع ركعتين

- ‌268 - باب الصلاة عند الظلمة ونحوها

- ‌269 - باب السجود عند الآيات

- ‌تفريع أبواب صلاة السفر

- ‌270 - باب صلاة المسافر

الفصل: ‌267 - باب من قال: يركع ركعتين

والبيهقي في السنن (2/ 262) و (3/ 338)، وفي المعرفة (2/ 112/ 1034)، وفي إثبات عذاب القبر (18 و 19)، وأبو القاسم المهرواني في فوائده "المهروانيات"(150)، والبغوي في شرح السُّنَّة (5/ 364 - 137/ 1367 و 1138).

* وله إسناد آخر في الصحيح:

رواه ابن جريج، ووهيب بن خالد:

قال ابن جريج: حدثني منصور بن عبد الرحمن، عن أمه صفية بنت شيبة، عن أسماء بنت أبي بكر، أنها قالت: فزع النبي صلى الله عليه وسلم يومًا -قالت: تعني يوم كسفت الشمس-، فأخذ درعًا حتى أُرك بردائه، فقام للناس قيامًا طويلًا، لو أن إنسانًا أتى لم يشعر أن النبي صلى الله عليه وسلم ركع ما حدَّث [نفسه] أنه ركع، من طول القيام.

وفي رواية لابن جريج [عند أحمد]: فلو جاء إنسان بعدما ركع النبي صلى الله عليه وسلم؛ لم يعلم أنه ركع، ما حدَّث نفسه أنه ركع، من طول القيام، قالت: فجعلت أنظر إلى المرأة التي هي أكبر مني، وإلى المرأة التي هي أسقم مني قائمة، وأنا أحقُّ أن أصبر على طول القيام منها.

وفي رواية وهيب [عند مسلم]: كسفت الشمس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ففزع فأخطأ بدرعٍ حتى أُدرِك بردائه بعد ذلك، قالت: فقضيت حاجتي، ثم جئت ودخلت المسجد، فرأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قائمًا، فقمت معه، فأطال القيام، حتى رأيتني أريد أن أجلس، ثم ألتفت إلى المرأة الضعيفة، فأقول هذه أضعفُ مني، فأقوم، فركع فأطال الركوع، ثم رفع رأسه فأطال القيام، حتى لو أن رجلًا جاء خُيِّل إليه أنه لم يركع.

أخرجه مسلم (906)، وأبو عوانة (2/ 94/ 2436)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 490/ 2037)، وأحمد (6/ 349 و 351)، وعبد الرزاق (3/ 101/ 4927)، وابن المنذر (5/ 308/ 2914)، والبيهقي (3/ 342).

• وقد ذكرت لحديث أسماء هذا فيما تقدم إسنادين آخرين، أحدهما في صحيح البخاري (745)، راجع الحديث المتقدم برقم (1181).

* * *

‌267 - باب من قال: يركع ركعتين

1193 -

قال أبو داود: حدثنا أحمد بن أبي شعيب الحراني: حدثني الحارث بن عمير البصري، عن أيوب السختياني، عن أبي قلابة، عن النعمان بن بشير، قال: كسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فجعل يصلي ركعتين، ركعتين، ويسأل عنها، حتى انجلت.

* حديث منكر

تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1186).

ص: 408

1194 -

. . . حماد، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن عمرو، قال: انكسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلم يكد يركع، ثم ركع، فلم يكد يرفع، ثم رفع، فلم يكد يسجد، ثم سجد، فلم يكد يرفع، ثم رفع، فلم يكد يسجد، ثم سجد، فلم يكد يرفع، ثم رفع، وفعل في الركعة الأخرى مثل ذلك، ثم نفخ في آخر سجوده، فقال:"أُف أُف"، ثم قال:"ربِّ! ألم تعدني أن لا تعذبهم وأنا فيهم؟ ألم تعدني أن لا تعذبهم وهم يستغفرون؟ " ففرغ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من صلاته، وقد أَمحَصَتِ الشمس، وساق الحديث.

* حديث صحيح دون إفراد الركوع، ودون تعيين حروف النفخ

أخرجه النسائي في الكبرى (1/ 293/ 552)، والطحاوي (1/ 329)، والطبراني في الكبير (13/ 568/ 14467)، وفي الدعاء (1778)، والبيهقي (2/ 252).

رواه عن حماد بن سلمة: موسى بن إسماعيل، وعارم أبو النعمان محمد بن الفضل، وأسد بن موسى، وحجاج بن منهال، وأبو صالح الحراني عبد الغفار بن داود بن مهران [وهم ثقات].

* ورواه شعبة، وزائدة بن قدامة، وزيد بن أبي أنيسة، وجرير بن عبد الحميد، وخالد بن عبد اللَّه الواسطي، وفضيل بن عياض، وعبد الوارث بن سعيد، ومحمد بن فضيل، وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي، ومسعود بن سعد الجعفي [وهم ثقات]، ومسعر بن كدام [ثقة ثبت، ولا يصح عنه]، وأبو حنيفة النعمان بن ثابت [ضعيف]:

عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن عمرو، قال: انكسفت الشمس يومًا على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلي، حتى لم يكد يركع ثم ركع، فلم يكد يرفع رأسه ثم رفع رأسه، فلم يكد أن يسجد ثم سجد، فلم يكد أن يرفع رأسه، فجعل ينفخ ويبكي، ويقول:"ربِّ ألم تعدني أن لا تعذبهم وأنا فيهم، ربِّ ألم تعدني أن لا تعذبهم وهم يستغفرون، ونحن نستغفرك"، فلما صلى ركعتين انجلت الشمس، فقام فحمد اللَّه تعالى وأثنى عليه، ثم قال:"إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا انكسفا فافزعوا الى ذكر اللَّه تعالى". لفظ جرير عند الترمذي، وزاد عند ابن خزيمة: ثم قال: "لقد عُرضت عليَّ الجنةُ حتى لو شئتُ تعاطيتُ قِطفًا من قطوفها، وعُرضت علي النار فجعلت أنفخها، فخفت أن يغشاكم، فجعلت أقول: ربِّ ألم تعدني أن لا تعذبهم وأنا فيهم؟ ربِّ ألم تعدني ألا تعذبهم وهم يستغفرون؟ "، قال: "فرأيت فيها الحميرية السوداء الطويلة صاحبة الهرة، كانت تحبسها فلم تُطعِمْها، ولم تَسقِها، ولا تتركها تأكل من خشاش الأرض، فرأيتها كلما أدبرت نهشتها، وكلما أقبلت نهشتها في النار، ورأيت صاحب السِّبتيتين أخا بني دَعدَع [وفي رواية جرير عند ابن حبان: ورأيت فيها

ص: 409

صاحب بَدَنتي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أخا دعدع]، يُدفع في النار بعصا ذي شعبتين، ورأيت صاحب المحجن في النار الدي كان يسرق الحاجَّ بمحجنه، ويقول: إني لا أسرق، إنما يسرق المحجن، فرأيته في النار متكئًا على محجنه".

وبنحوه لفظ شعبة، وزائدة، وابن فضيل، وعبد العزيز، وفي حديث شعبة: وجعل يبكي في سجوده وينفخ، وفي حديث ابن فضيل ومسعود: جعل ينفخ في الأرض ويبكي وهو ساجد في الركعة الثانية، وفي حديث عبد العزيز: فجعل ينفخ في آخر سجوده من الركعة الثانية ويبكي.

وفي حديث ابن فضيل: ". . . فافزعوا الى المساجد،. . . "، وهي لفظة مروية بالمعنى، فإن ابن فضيل ممن روى عن عطاء بعد الاختلاط، وفي روايته عنه غلط وضعف [التهذيب (3/ 104)، وشرح العلل (2/ 736)، والكواكب النيرات (39)].

وفي حديث ابن أبي أنيسة [وهو من طبقة من سمع من عطاء قديمًا قبل اختلاطه][عند ابن حبان (5622)]: "لقد عُرضت عليَّ الجنة حتى لو شئتُ لتعاطيتُ من تطوفها، وعُرضت عليَّ النار فلولا أني دفعتها عنكم لغشيتكم، ورأيت فيها ثلاثةً يُعذَّبون: امرأة حميرية سوداء طويلة، تُعذَّب في هرةٍ لها أوثقتها، فلم تدعها تأكل من خشاش الأرض، ولم تُطعمها حتى ماتت، فهي إذا أقبلت تنهشها، وإذا أدبرت تنهشها، ورأيت أخا بني دعاع صاحب السائبتين يُدفع بعمودين في النار"، والسائبتان بدنتان لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سرقهما، "ورأيت صاحب المحجن متكئًا على محجنه، وكان صاحب المحجن يسرق متاع الحاج بمحجنه، فإذا خفي له ذهب به، وإذا ظهر عليه، قال: إني لم أسرق، إنما تعلق بمحجني".

وعلى هذه الرواية ورواية شعبة الآتية؛ فإن من قال: صاحب السبتيتين، فهو واهم، إنما هما السائبتان؛ يعني: صاحب بدنتي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

ولفظ الواسطي [عند الطحاوي]: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في كسوف الشمس ركعتين، وأربع سجدات، أطال فيهما القيام والركوع والسجود.

ولم أقف على لفظ زائدة تامًا، ولذا فالعمدة على لفظ شعبة [عند أحمد والنسائي]:

كسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فصلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع، ثم رفع فأطال -قال شعبة: وأحسبه قال: في السجود نحو ذلك-، وجعل يبكي في سجوده وينفخ، ويقول:"ربِّ لم تعدني هذا وأنا أستغفرك، ربِّ لم تعدني هذا وأنا فيهم"، فلما صلى قال: "عُرضت عليَّ الجنة، حتى لو مددتُ يدي لتناولتُ من تطونها، وعُرضت عليَّ النار، فجعلت أنفخ خشيةَ أن يغشاكم حرُّها، ورأيت فيها سارق بدنتي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ورأيت فيها أخا بني دَعدَع، سارق الحجيج، فإذا فُطِن له قال: هذا عمل المحجن، ورأيت فيها امرأة طويلة سوداء حميرية، تعذَّب في هرةٍ ربطتها، فلم تطعمها ولم تسقها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت، وإن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات اللَّه، فإذا انكسف

ص: 410

أحدهما -أو قال: فُعِل بأحدهما شي، من ذلك- فاسعوا إلى ذكر اللَّه".

أخرجه الترمذي في الشمائل (324)، والنسائي في المجتبى (3/ 137/ 1482) و (3/ 149/ 1496)، وفي الكبرى (2/ 343/ 1880) و (2/ 351/ 1896)، وابن خزيمة (2/ 53/ 901) و (2/ 321/ 1389) و (2/ 322/ 1392)، وابن حبان (7/ 2829/69) و (7/ 79/ 2838) و (12/ 439/ 5622)، وأحمد (9/ 152 و 163 و 188)، وأبو يوسف في الآثار (275)، وابن أبي شيبة (2/ 217/ 8299)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 247/ 1588)، والطحاوي (1/ 329)، والطبراني في الكبير (13/ 569/ 14469 و 14470) و (13/ 570/ 14471)، وفي الدعاء (2245)، وأبو نعيم في مسند أبي حنيفة (142)، وفي الحلية (7/ 250)، وابن عبد البر في التمهيد (14/ 161)، والبغوي في الشمائل (280).

وانظر: تغليق التعليق (2/ 446).

* ورواه قبيصة بن عقبة [ثقة يخطئ في حديث الثوري]، وعبد الرزاق بن همام [ثقة حافظ، من أصحاب الثوري]، ومؤمل بن إسماعيل [صدوق، كثير الخطأ، كان سيئ الحفظ]:

عن سفيان الثوري، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن عمرو، قال: انكسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فصلى ركعتين. لفظ قبيصة.

ولفظ مؤمل، وبنحوه لفظ عبد الرزاق: انكسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأطال القيام حتى قيل: لا يركع، ثم ركع فأطال الركوع، حتى قيل: لا يرفع، ثم رفع رأسه فأطال القيام، حتى قيل: لا يسجد، ثم سجد فأطال السجود، حتى قيل: لا يرفع، ثم رفع فجلس حتى قيل: لا يسجد، ثم سجد، ثم قام ففعل في الأخرى مثل ذلك، ثم أمحصت الشمس [أي: ظهرت من الكسوف وانجلت. النهاية (4/ 302)].

أخرجه ابن خزيمة (2/ 323/ 1393)، والحاكم (1/ 329)، وأحمد (2/ 198)، وعبد الرزاق (3/ 104/ 4938)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 299/ 2899)، والطحاوي (1/ 329)، والطبراني في الكبير (13/ 568/ 14468)، والبيهقي (3/ 324).

* ورواه مؤمل بن إسماعيل أيضًا، قال: ثنا سفيان، عن يعلى بن عطاء، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن عمرو، مثله، مقرونًا بإسناد عطاء بن السائب عن أبيه.

أخرجه ابن خزيمة (2/ 323/ 1393)، والحاكم (1/ 9 32)، والبزار (6/ 377/ 2395)، والطحاوي (1/ 329).

قال الحاكم: "حديث الثوري عن يعلى بن عطاء: غريب صحيح، فقد احتج الشيخان بمؤمَّل بن إسماعيل، ولم يخرجاه، فأما عطاء بن السائب فإنهما لم يخرجاه".

قلت: مؤمل بن إسماعيل ليس من شرط الصحيح؛ لكثرة غلطه، وسوء حفظه، حتى قال فيه البخاري:"منكر الحديث"، لم يخرج له مسلم شيئًا، وعلق له البخاري [انظر: التهذيب (4/ 193)]، وله أوهام وأغلاط على الثوري، وينفرد عن الثوري بما لا يتابع عليه، وهذا منه.

ص: 411

فهو حديث منكر بهذا الإسناد عن الثوري، وإنما يعرف هذا الحديث بعطاء بن السائب عن أبيه، واللَّه أعلم.

وقال البزار: "وهذا الحديث معروف من حديث عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد اللَّه بن عمرو.

وأما حديث يعلى بن عطاء فلا نعلم رواه إلا مؤمل عن الثوري فجمعهما".

• فإن قيل: قد توبع عليه مؤمل بن إسماعيل، ولم ينفرد به:

فقد رواه أبو عامر العقدي [عبد الملك بن عمرو، وهو: ثقة]: ثنا سفيان، عن يعلى بن عطاء، عن أبيه، وعطاء بن السائب، عن أبيه، جميعًا عن عبد اللَّه بن عمرو، قال: انكسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأطال القيام حتى قيل: لا يركع، فركع، فأطال الركوع حتى قيل: لا يرفع، فرفع، فأطال حتى قيل: لا يسجد، ثم سجد، فأطال حتى قيل: لا يرفع، ثم رفع، فجلس فأطال الجلوس حتى قيل: لا يسجد، ثم سجد، فأطال السجود ثم رفع، وفعل في الأخرى مثل ذلك حتى انجلت الشمس.

أخرجه البيهقي (3/ 324).

فيقال: ثبت العرش ثم انقش، فقد رواه البيهقي، قال: وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي [هو: يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى بن سختويه النيسابوري: ثقة متقن. المنتخب من السياق (1636)، والسير (17/ 295)]: أنبا أبو بكر أحمد بن سلمان النجاد، قال: قرئ على يحيى بن جعفر وأنا أسمع، قال: ثنا أبو عامر العقدي به.

وهذا لا يثبت عن أبي عامر العقدي، إنما المتفرد به عن الثوري: مؤمل بن إسماعيل، كما قال البزار، والراوي له عن أبي عامر: يحيى بن جعفر، هو: يحيى بن أبي طالب جعفر بن عبد اللَّه بن الزبرقان، وهو وإن وثقه الدارقطني وغيره، فقد تكلم فيه جماعة، مثل: أبي داود [فقد خطَّ على حديثه]، وموسى بن هارون [فقد كذبه]، وأبي أحمد الحاكم [حيث قال:"ليس بالمتين"] [انظر: اللسان (8/ 423 و 452)، والجرح والتعديل (9/ 134)، والثقات (9/ 270)، وسؤالات الحاكم (239)، وتاريخ بغداد (14/ 225)، والسير (12/ 619)].

والراوي عنه: أحمد بن سلمان النجاد الفقيه، الحافظ الصدوق، شبهوه بابن صاعد في كثرة الحديث واتساع طرقه، لكن قال الدارقطني:"حدث أحمد بن سلمان من كتاب غيره بما لم يكن في أصوله"، وقال أيضًا:"حدث من غير كتبه"، وقال حمزة السهمي:"سألت أبا بكر ابن عبدان عن عبد الباقي بن قانع؟ فقال: لا يدخل في الصحيح، ولا النجاد؛ يعني: أحمد بن سلمان"[سؤالات السهمي (177 و 334)، وسؤالات السلمي (12)، وتاريخ بغداد (4/ 189)، والسير (15/ 502)، واللسان (1/ 475)].

° وهذا الحديث مداره على عطاء بن السائب، وكان قد اختلط، فمن سمع منه قديمًا فسماعه صحيح، ومن سمع منه حديثًا لم يكن بشيء، وممن سمع منه قديمًا: شعبة،

ص: 412

وسفيان الثوري، وحماد بن زيد، وأيوب السختياني، وسفيان بن عيينة، وهشام الدستوائي، وزائدة بن قدامة، وزهير بن معاوية.

وممن سمع منه بأخرة بعد الاختلاط: جرير بن عبد الحميد، وخالد بن عبد اللَّه الواسطي، وعبد الوارث بن سعيد، ومحمد بن فضيل، وعبد العزيز بن عبد الصمد، وبالجملة: أهل البصرة، قال أبو حاتم:"وفي حديث البصريين الذين يحدثون عنه تخاليط كثيرة؛ لأنه قدم عليهم في آخر عمره".

راجع الكلام عن عطاء بن السائب، ومن روى عنه قبل وبعد الاختلاط: فضل الرحيم الودود (3/ 216/ 249) و (9/ 434/ 863).

والحاصل: فإن هذا الحديث رواه عن عطاء ممن سمع منه قبل الاختلاط: شعبة، وسفيان الثوري، وزائدة بن قدامة، ويدخل في طبقتهم: زيد بن أبي أنيسة.

وقد انفرد حماد بن سلمة في هذا الحديث بتعيين صوت النفخ وكيفيته، بقوله:"أُف أُف"، ولم يتابع عليه.

وقد سبق أن فصلت القول في رواية حماد بن سلمة عن عطاء عند الحديث رقم (249)(3/ 215/ 249 - فضل الرحيم)، وذكرت هناك أنه قد اختلفت آراء النقاد فيه، وأن الراجح ما ذهب إليه يحيى بن سعيد القطان، وهو أن حماد بن سلمة مثل أبي عوانة، سمعا منه قبل الاختلاط وبعده، وكانا لا يفصلان هذا من هذا.

وقد لخصت القول فيه، فقلت:

* والحاصل: أن حماد بن سلمة شأنه شأن أبي عوانة: سمع من عطاء بن السائب في حال الصحة والاختلاط، ولم يفصل هذا من هذا، كما قال الإمام الناقد يحيى بن سعيد القطان، وله عنه أحاديث مستقيمة كما قال ابن معين وغيره، والأصل في هذه الأحاديث أنه لم ينفرد بها دون من روى عن عطاء قبل الاختلاط، أو قامت القرائن على أنه حمله عنه حال الصحة دون الاختلاط.

وعليه: فإن هذه الزيادة التي انفرد بها حماد عن عطاء: لا تقبل، وإنما المحفوظ في ذلك: أنه صلى الله عليه وسلم جعل يبكي في سجوده وينفخ، هكذا دون تحديد حروف بعينها [انظر: سنن البيهقي (2/ 252)].

وهذا إسناد صحيح متصل، سمع بعضهم من بعض، والسائب بن مالك والد عطاء، قد سمع عبد اللَّه بن عمرو [انظر: التاريخ الكبير (4/ 154)].

لكن عطاء بن السائب في هذا الحديث لم يضبط صفة الصلاة، حيث أفرد لكل ركعة ركوعًا واحدًا، وهذا خلاف الصفة الثابتة في الأحاديث الصحاح، فقد صح عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف، أنه صلاها ركعتين، في كل ركعة ركوعان، من حديث جابر بن عبد اللَّه [تقدم برقم (1179)]، ومن حديث عائشة [تقدم برقم (1180)]، ومن حديث عبد اللَّه بن عمرو [تقدم تحت الحديث رقم (1180)]، ومن حديث ابن عباس [تقدم

ص: 413

برقم (1181)]، ومن حديث أسماء بنت أبي بكر [تقدم تحت الحديث رقم (1181)].

* وقد حفظ حديث عبد اللَّه بن عمرو، وأتى به على الوجه الصحيح في صفة صلاة الكسوف، فجعل في كل ركعة ركوعين:

يحيى بن أبي كثير، فرواه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد اللَّه بن عمرو؛ أنه قال: لما كسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأمر فنودي: إنَّ الصلاةَ جامعةٌ، فكع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين في سجدة، ثم قام، فركع ركعتين في سجدة، ثم جلس، ثم جُلِّي عن الشمس، قال: وقالت عائشة رضي الله عنها: [ما ركعت ركوعًا قط، و] ما سجدت سجودًا قط كان أطول منها.

أخرجه البخاري (1045 و 1051)، ومسلم (910)، وتقدم تحت الحديث رقم (1180).

هكذا اتفق الشيخان على إخراج حديث يحيى بن أبي كثير، وأعرضا عن حديث عطاء بن السائب، فإن إسناد حديث ابن أبي كثير أقوى وأصح من إسناد حديث عطاء، وحديث يحيى وافق فيه الأحاديث الصحيحة المروية في صفة صلاة الكسوف، وهذا لا يعني ضعف حديث عطاء بن السائب، بل هو حديث صحيح أيضًا، لكنه وهم فأسقط ذكر الركوع الثاني في كل ركعة.

قال البيهقي في السنن (3/ 324): "فهذا الراوي حفظ عن عبد اللَّه بن عمرو طول السجود، ولم يحفظ ركعتين في ركعة، وأبو سلمة حفظ ركعتين في ركعة، وحفظ طول السجود عن عائشة".

وما أتى به عطاء بن السائب في خطبة الكسوف الطويلة، فإنه قد توبع على أكثره؛ ويشهد له أحاديث كثيرة، ومنها ما صح في خطبة الكسوف في شأن المعذبين: حديث جابر [أخرجه مسلم (904/ 9)، وقد تقدم برقم 1179)]، وحديث أسماء [أخرجه البخاري (745 و 2364)، وقد تقدم تحت الحديث رقم (1181)]، واللَّه أعلم.

وحديث عطاء هذا: قد صححه ابن خزيمة وابن حبان.

* وله طريق أخرى:

يرويها سفيان الثوري [تفرد بوصله عنه: قبيصة بن عقبة في رواية، واختلف على قبيصة في وصله وإرساله، وكيره يرويه مرسلًا]، وشعبة [تفرد بوصله عنه: عبد الصمد بن عبد الوارث، وكيره يرويه مرسلًا]، وأبو بكر بن عياش [ثقة، ساء حفظه لما كبر، وكتابه صحيح، ويحتمل أن يكون أخذه عن أبي إسحاق بعد التغير]، وشريك بن عبد اللَّه النخعي [صدوق، سيئ الحفظ]:

قال أبو بكر: حدثنا أبو إسحاق، عن السائب بن مالك، عن عبد اللَّه، قال: انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم، فصلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ركعتين، فجعل يتقدم وينفخ ويتأخر، ويتقدم وينفخ ويتأخر، فانصرف حين انصرف وقد تجلت.

ص: 414

وفي رواية: لما توفي إبراهيم ابن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كسفت الشمس، فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فصلى ركعتين، فأطال القيام، ثم ركع مثل قيامه، ثم سجد مثل ركوعه، فصلى ركعتين كذلك، ثم سلم.

ولفظ شعبة: أنه صلى في كسوف الشمس ركعتين.

ولفظ شريك [عند ابن حبان]: "دخلت الجنة فإذا أكثر أهلها الفقراء، واطَّلعت في النار فإذا أكثر أهلها النساء، ورأيت فيها ثلاثة يعذَّبون: امرأة من حمير طوالة، ربطت هرة لها، لم تطعمها، ولم نسقها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض، فهي تنهش قُبُلها ودُبُرها، ورأيت فيها أخا بني دمحاع الذي كان يسرق الحاج بمحجنه، فإذا فطن له، قال: إنما تعلق بمحجني، والذي سرق بدنتي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم".

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (4/ 154) تعليقًا. ووصله النسائي في الكبرى (1/ 293/ 551)، وابن حبان (16/ 534/ 7489)، وأحمد (2/ 173 و 223)، وابنه عبد اللَّه في زياداته على المسند (2/ 173)، وفي الزهد (1171)، وابن أبي شيبة في المسند (18/ 628/ 4593 - مطالب). والبزار (6/ 417/ 2443 و 2444)، والطحاوي (1/ 331)[وفي سنده تحريف]. والدارقطني في الأفراد (1/ 610/ 3565 - أطرافه).

وانظر: التاريخ الكبير (4/ 154)، وسؤالات أبي داود (61 و 428)، والمعرفة والتاريخ (2/ 92)، وعلل ابن أبي حاتم (386).

قال البزار: "وهذا الحديث قد رواه عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد اللَّه بن عمرو، فذكرناه من حديث أبي إسحاق عن السائب عن عبد اللَّه بن عمرو؛ لأنا لا نعلم أن أحدًا أسنده عن شعبة إلا عبد الصمد، وغير عبد الصمد يرويه عن أبي إسحاق عن السائب مرسلًا، ولا نعلم أسنده عن الثوري إلا قبيصة".

وقال الدارقطني: "تفرد به عبد الصمد بن عبد الوارث [تحرف في الكتاب إلى: عبد الصمد بن عبد الرزاق]، عن شعبة، عن أبي إسحاق عنه"، يعني: عن السائب عن ابن عمرو.

* خالفهم فأرسله: سفيان الثوري [ثقة ثبت، إمام حجة، أثبت الناس في أبي إسحاق، وأقدمهم منه سماعًا، وهو المحفوظ عنه، رواه عنه به هكذا مرسلًا أثبت أصحابه، مثل: يحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وتابعهما قبيصة في رواية]، وشعبة [ثقة ثبت، إمام حجة، من أثبت الناس في أبي إسحاق، وأقدمهم منه سماعاَ، وهو المحفوظ عنه، رواه عنه به هكذا مرسلًا جماعة من أصحابه، منهم: حرمي بن عمارة]، واسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق [ثقة من أثبت الناس في جده أبي إسحاق]:

فرووه عن أبي إسحاق، عن السائب بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه صلى في كسوف الشمس ركعتين. لفظ الثوري وشعبة.

وقال إسرائيل: انكسفت الشمس، وتوفي ذلك اليوم إبراهيم ابن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

ص: 415

أخرجه أحمد في العلل ومعرفة الرجال (2/ 338/ 2499)[وتصحف فيه سفيان إلى سنان]. وابن سعد في الطبقات (1/ 142)، وابن أبي شيبة (2/ 217/ 8305)، والسري بن يحيى في حديثه عن شيوخه عن الثوري (41).

قلت: وهذا هو المحفوظ: عن أبي إسحاق عن السائب بن مالك مرسلًا.

قال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 103/ 280): "سألت أبي عن حديث رواه قبيصة، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن السائب بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم، في صلاة الكسوف ركعتين، قال أبي: هذا الصحيح، قلت: لأن بعض الناس روى عن أبي إسحاق، عن السائب بن مالك، عن عبد اللَّه بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم، والصحيح هذا الذي رواه الثوري، والسائب هو والد عطاء بن السائب، وليس له صحبة، وأراد أبي رضي الله عنه: أن الصحيح من حديث أبي إسحاق: مرسل".

* * *

1195 -

. . . بشر بن المفضل: حدثنا الجريري، عن حيان بن عمير، عن عبد الرحمن بن سمرة، قال: بينما أنا أترَمَّى بأسهُمٍ في حياة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، إذ كسفت الشمس، فنبذتهنَّ، وقلت: لأنظرنَّ ما أَحدَثَ لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كسوفُ الشمس اليومَ، فانتهيتُ اليه وهو رافعٌ يديه يسبح ويحمد، ويهلل ويدعو، حتى حُسِر عن الشمس، فقرأ بسورتين، وركع ركعتين.

* حديث صحيح

أخرجه مسلم (913/ 25)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 294/ 2889)، والبيهقي (3/ 332).

رواه عن بشر بن المفضل: مسدد بن مسرهد، وعبيد اللَّه بن عمر القواريري.

* تابع بشر بن المفضل عليه:

عبد الأعلى بن عبد الأعلى، وإسماعيل بن علية، وسالم بن نوح، ووهيب بن خالد، وإبراهيم بن طهمان:

فرووه عن الجريري، عن حيان بن عمير، عن عبد الرحمن بن سمرة، وكان من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال: كنت أرتمي بأسهمٍ لي بالمدينة في حياة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، إذ كسفت الشمس فنبذتها، فقلت: واللَّه لأنظرَنَّ إلى ما حدث لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في كسوف الشمس، قال: فأتيته وهو قائمٌ في الصلاة رافعٌ يديه، فجعل يسبح ويحمد، ويهلل ويكبر، ويدعو، حتى حُسِر عنها، قال: فلما حُسِر عنها، قرأ سورتين وصلى ركعتين. لفظ عبد الأعلى [عند مسلم]، ولفظ ابن علية بنحو لفظ بشر بن المفضل [عند أحمد].

وفي رواية وهيب [عند النسائي]: حتى حُسر عنها، ثم قام فصلى ركعتين وأربع

ص: 416

سجدات، وفي أخرى له [عند أبي عوانة]: حتى حُسِر عنها، فصلى ركعتين، وقرأ سورتين.

أخرجه مسلم (913/ 26 و 27)، والبخاري في التاريخ الكبير (5/ 242)، وأبو عوانة (2/ 105/ 2462 - 2465)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 495/ 2048)، والنسائي في المجتبى (3/ 124/ 1460)، وفي الكبرى (2/ 331/ 1854)، وابن خزيمة (2/ 310/ 1373)، وابن حبان (7/ 91/ 2848)، والحاكم (1/ 329)(2/ 123/ 1243 - ط. الميمان). وأحمد (5/ 61 - 62)، وابن أبي شيبة في المصنف (8/ 212/ 8312) و (2/ 230/ 8444) و (6/ 86/ 29676)، وفي المسند (887)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1/ 410/ 570)، وأبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات"(723)، وابن حزم في المحلى (5/ 97).

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"، فوهم في استدراكه.

قال البيهقي: "قوله: "فقرأ بسورتين وركع ركعتين"؛ يحتمل أن يكون مراده بذلك في كل ركعة، فقد رويناه عن جماعة أثبتوه، والمثبت شاهد، فهو أولى بالقبول".

وقال النووي في الخلاصة (2/ 856): "يعني: في كل ركعة قيامان وركوعان".

* ومما جاء في الباب بذكر ركتي الكسوف مطلقًا دون تحديد عدد الركوعات في كل ركعة:

1 -

حديث أبي بكرة:

يرويه عبد الوارث بن سعيد، وشعبة بن الحجاج، وخالد بن عبد اللَّه الواسطي، وحماد بن زيد، ويزيد بن زريع، وإسماعيل بن علية، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وحماد بن سلمة، وهشيم بن بشير، وربعي بن إبراهيم، ونوح بن قيس [وهم ثقات]، وغيرهم:

عن يونس بن عبيد [ثقة ثبت، أثبت الناس في الحسن البصري]، عن الحسن، عن أبي بكرة، قال: خسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فخرج يجر رداءه [مستعجلًا]، حتى انتهى إلى المسجد، وثاب الناس إليه، فصلى بهم ركعتين، فانجلت الشمس، فقال:"إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه، وإنهما لا يخسفان لموت أحد، [زاد حماد بن زيد: ولكن اللَّه تعالى يخوِّف بها عباده]، وإذا كان ذاك فصلوا وادعوا حتى يُكشف ما بكم"، وذاك أن ابنًا للنبي صلى الله عليه وسلم مات، يقال له: إبراهيم، فقال الناس في ذاك.

وفي حديث يزيد بن زريع [عند النسائي وابن خزيمة والبزار وابن المنذر]، وإسماعيل بن علية [عند ابن حبان] واللفظ ليزيد: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فانكسفت الشمس، فقام إلى المسجد يجر رداءه من العجلة، ولاث إليه الناس [وفي رواية: فثاب الناس]، فصلى ركعتين كما تصلون، فلما كُشِف عنها خطبنا، فقال:"إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه، يخوَّف اللَّه بهما عباده، وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس، فإذا رأيتم منهما شيئًا [وفي رواية: فإذا رأيتم كسوف أحدهما] فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم".

ص: 417

وفي رواية حماد بن سلمة [عند البيهقي (3/ 337)]: ". . . فإذا كسف واحد منهما فصلوا وادعوا واذكروا اللَّه".

وشذ هشيم، فقال: انكسفت الشمس أو القمر، والمحفوظ: الشمس وحدها بغير شك، ورواية من حفظ وضبط ولم يشك أولى.

أخرجه البخاري (1040 و 1048 و 1062 و 1063 و 5785)، والنسائي في المجتبى (3/ 124/ 1459) و (3/ 126/ 1463) و (3/ 146/ 1491 و 1492) و (3/ 152/ 1502)، وفي الكبرى (1/ 275/ 505) و (2/ 331/ 1853) و (2/ 333/ 1859) و (2/ 348/ 1889 و 1890) و (2/ 354/ 1902) و (10/ 247/ 11407)، وابن خزيمة (2/ 310/ 1374)، وابن حبان (7/ 74/ 2833) و (7/ 76/ 2835)، وأحمد (5/ 37)، وابن أبي شيبة (2/ 218/ 8308) و (7/ 321/ 36496)، والبزار (9/ 114/ 3660) و (9/ 115/ 3662)، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (1343 - 1345)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 295/ 2890) و (5/ 299/ 2898)، والطحاوي (1/ 330)، وأبو علي الرفاء في فوائده (126)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 407)، وابن حزم في المحلى (5/ 95)، والبيهقي (3/ 331 و 331 - 332 و 332 و 337)، وابن عبد البر في التمهيد (3/ 316)، وابن حجر في نتائج الأفكار (5/ 85).

قال ابن حبان بعد حديث ابن علية: "قول أبي بكرة: فصلى بهم ركعتين نحو ما تصلون؛ أراد به: تصلون صلاة الكسوف ركعتين في أربع ركعات وأربع سجدات، على حسب ما تقدم ذكرنا له".

* ورواه خالد بن الحارث [ثقة ثبت]، والنضر بن شميل [ثقة ثبت]، قالا:

حدثنا أشعث [هو: ابن عبد الملك الحمراني، وهو: بصري، ثقة فقيه]، عن الحسن، عن أبي بكرة، قال: كنا جلوسًا مع النبي صلى الله عليه وسلم فكسفت الشمس، فوثب يجر ثوبه، فصلى ركعتين حتى انجلت لفظ خالد بن الحارث، ولفظ النضر: أنه صلى الله عليه وسلم صلى في كسوف الشمس والقمر ركعتين مثل صلاتكم.

أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 127/ 1464)، وفي الكبرى (2/ 332/ 1855) و (2/ 333/ 1860)، وابن حبان (7/ 78/ 2837)، وعلقه البخاري في الصحيح بعد الحديث رقم (1048).

• قلت: رواية النضر بن شميل [عند ابن حبان] بزيادة القمر: وهمٌ، ولعل الوهم فيها من شيخ ابن حبان: إسحاق بن إبراهيم بن إسحاق التاجر المروزي: روى عنه جماعة، وروى له ابن حبان في صحيحه.

• هكذا رواه عن خالد بن الحارث [بالمتن السابق ذكره]: عمرو بن علي الفلاس [ثقة حافظ، إمام متقن، من فرسان الحديث]، ومحمد بن عبد الأعلى [بصري، ثقة].

• خالفهما: يوسف بن يعقوب [هو: ابن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم الأزدي القاضي: ثقة حافظ، وهو راوية المقدمي. تاريخ بغداد (14/ 310)، والإرشاد (2/ 608)،

ص: 418

والسير (14/ 85)، والتذكرة (2/ 660)]: ثنا محمد بن أبي بكر [المقدَّمي: ثقة]: ثنا خالد بن الحارث، عن أشعث، عن الحسن، عن أبي بكرة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين بمثل صلاتكم هده في كسوف الشمس والقمر.

أخرجه الحاكم (1/ 335 - 336)(2/ 134/ 1259 - ط. الميمان). والبيهقي في السنن (3/ 338)، وفي المعرفة (3/ 79/ 1980).

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".

قلت: لم يخرجا شيئًا بهذا الإسناد، وهو إسناد صحيح، ويبدو لي أنه وقع إدراج في هذه الرواية إن كانت محفوظة، وأن قوله:"في كسوف الشمس والقمر" متعلق بقوله: "بمثل صلاتكم هذه"؛ يعني: كما تصلون أنتم إذا كسفت الشمس أو خسف القمر، وليس متعلقًا بقوله:"أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين".

وكذلك يمكن توجيه رواية النضر بن شميل: "أنه صلى الله عليه وسلم صلى في كسوف الشمس والقمر ركعتين مثل صلاتكم"، على فرض كونها محفوظة، بأن فيها تقديم وتأخير؛ يعني: مثل صلاتكم في كسوف الشمس والقمر، واللَّه أعلم.

قال ابن حبان: " قول أبي بكرة: ركعتين مثل صلاتكم؛ أراد به: مثل صلاتكم في الكسوف".

* ورواه مبارك بن فضالة [صدوق] مدلس، لازم الحسن بضع عشرة سنة، مكثر عنه]، عن الحسن، عن أبي بكرة، قال: كنا عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جلوسًا فانكسفت الشمس، فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فزعًا يجر ثوبه حتى دخل المسجد، فصلى ركعتين، فلم يزل يصليها، حتى انجلت، وكان ذلك عند موت إبراهيم ابن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال الناس: إنما انكسفت الشمس لموت إبراهيم، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"يا أيها الناس إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه، لا ينكسفان لموت أحد، فإذا رأيتم ذلك فادعوا حتى يكشف ما بكم".

أخرجه ابن حبان (7/ 75/ 2834)، وأحمد (5/ 37)، ومحمد بن الحسن الشيباني في الحجة (1/ 325)، والطيالسي (2/ 202/ 913).

قال أحمد: حدثنا خلف بن الوليد: حدثنا المبارك، عن الحسن، عن أبي بكرة؛ أنه حدثه قال: انكسفت الشمس. . . فذكره، هكذا بالتصريح بسماع الحسن من أبي بكرة، وكذا وقع التصريح بالسماع في رواية محمد بن الحسن عن المبارك.

وعلقه البخاري في صحيحه بعد الحديث رقم (1048) بصيغة الإخبار، قال:"وتابعه موسى، عن مبارك، عن الحسن، قال: أخبرني أبو بكرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن اللَّه تعالى يخوف بهما عباده"".

* وأخيرًا: فإن حديث الحسن عن أبي بكرة هذا، والذي أخرجه البخاري، قد انتقده عليه الدارقطني، فقال في التتبع (88 - 91):"وأخرج البخاري أحاديث الحسن، عن أبي بكرة: منها الكسوف، ومنها: "زادك اللَّه حرصًا، ولا تعد"، ومنها: "لا يفلح قوم ولَّوا

ص: 419

أمرهم امرأة"، ومنها: "ابني هذا سيد"، والحسن لا يروي إلا عن الأحنف عن أبي بكرة".

وقد سبق أن قررت مرارًا: أن سماع الحسن البصري من أبي بكرة: ثابت صحيح، في صحيح البخاري (2704 و 3746 و 7109) وغيره، فلا يطلب سماعه في كل حديث حديث؛ لأن تدليس الحسن البصري الذي وصف به إنما هو من قبيل الإرسال الخفي، وهو رواية المعاصر عمن لم يلقه ولم يسمع منه بصيغة موهمة، وهذا النوع من التدليس لا ترد عنعنته طالما ثبت سماعه من شيخه ولو مرة واحدة [راجع فضل الرحيم الودود (1/ 101/ 27) و (3/ 148/ 234) و (7/ 479/ 683) و (7/ 485/ 684)].

• ومن المناكير التي وقعت في حديث أبي بكرة هذا:

ما رواه الدارقطني في سننه (2/ 64)، قال: حدثنا ابن أبي الثلج [هو: محمد بن أحمد بن محمد ابن أبي الثلج: ثقة. تاريخ بغداد (1/ 338)، وتاريخ الإسلام (24/ 112)]: ثنا محمد بن سنان القزاز: ثنا بكار بن يونس أبو يونس الرام: ثنا حميد، عن الحسن، عن أبي بكرة، قال: كسفت الشمس في عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال:"إن الشمس والقمر آيتان"، الحديث، وقال فيه:"ولكن اللَّه إذا تجلى لشيء من خلقه خشع له، فإذا كسف واحد منهما فصلوا وادعوا".

قلت: وهذا حديث باطل؛ بكار بن يونس أبو يونس الرام: قال الأزدي: "منكر الحديث"[علل الدارقطني (14/ 276)، والميزان (1/ 342)، واللسان (2/ 334)]، ومحمد بن سنان القزاز: ضعيف، كذبه غير واحد [التهذيب (3/ 582)، والميزان (3/ 575)]، والحديث لا يُعرف من حديث حميد الطويل؛ إنما هو حديث يونس بن عبيد وأشعث بن عبد الملك ومبارك بن فضالة، واللَّه أعلم.

* ثم رواه الدارقطني أيضًا (2/ 64) من طريق: محمد بن دينار الطاحي، عن يونس، عن الحسن، عن أبي بكرة، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن اللَّه عز وجل إذا تجلى لشيء من خلقه خشع له". قال الدارقطني: "تابعه نوح بن قيس عن يونس بن عبيد".

هكذا روى هذا الحديث بدون هذه الزيادة عن يونس بن عبيد أحد عشر رجلًا من أصحابه الثقات، وانفرد عنهم بها: محمد بن دينار الطاحي، وهو: سيئ الحفظ، كثير الأوهام، فهذا من مناكيره، ولو فرضنا أن نوح بن قيس تابعه كما قال الدارقطني، فلن يغير من الأمر شيئًا، لكني وقفت على رواية نوح بن قيس عند ابن حبان (2833) فلم أجد فيها هذه الزيادة، واللَّه أعلم.

2 -

حديث ابن مسعود:

يرويه محمد بن عبد اللَّه بن بزيع [بصري، ثقة]: أخبرنا أبو بحر عبد الرحمن بن عثمان البكراوي [ضعيف]: ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود، قال: انكسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال الناس: إنما انكسفت لموت إبراهيم، فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فخطب الناس، فقال: "إن الشمس والقمر

ص: 420

آيتان من آيات اللَّه، فإذا رأيتم ذلك فاحمدوا اللَّه، وكبروا، وسبحوا، وصلوا حتى ينجلي كسوف أيهما انكسف"، قال: ثم نزل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فصلى ركعتين.

أخرجه ابن خزيمة (2/ 309/ 1372)، والبزار (4/ 353/ 1554)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 294/ 2888)، وابن حجر في نتائج الأفكار (5/ 84).

قلت: لم ينفرد به أبو بحر البكراوي عن ابن أبي عروبة، بل تابعه: عبد الوهاب بن عطاء الخفاف [صدوق كان عالمًا بسعيد بن أبي عروبة؛ إلا أنه سمع منه قبل الاختلاط وبعده، فلم يميز بين هذا وهذا. شرح العلل (2/ 743)، والكواكب النيرات (25)]، عن ابن أبي عروبة به مختصرًا.

أخرجه الطبراني في الدعاء (2239)، بإسناد صحيح إلى الخفاف.

قلت: فلا يثبت هذا من حديث ابن أبي عروبة.

• ورواه حبيب بن حسان، عن إبراهيم والشعبي، عن علقمة، عن عبد اللَّه بن مسعود، قال: انكسفت الشمس. . . فذكر مثله.

أخرجه البزار (5/ 33/ 1591) و (5/ 37/ 1597)، والطبراني فى الكبير (10/ 94/ 10065)، والبيهقي (3/ 341).

رواه عن حبيب: أبو يحيى الحماني وأبو أحمد الزبيري وعبد الرحيم بن سليمان.

قلت: وهذه متابعة واهية ساقطة، حبيب بن حسان ابن أبي الأشرس: متروك، منكر الحديث [اللسان (2/ 544)].

وأخرج ابن عدي في الكامل (2/ 404) بهذا الإسناد مرفوعًا بلفظ آخر، والصحيح وقفه على علقمة قوله [كما أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 219/ 8318) و (7/ 322/ 36499)].

• وروى يعقوب بن إبراهيم بن سعد: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق: حدثنا الحارث بن فضيل الأنصاري ثم الخطمي، عن سفيان بن أبي العوجاء السلمي، عن أبي شريح الخزاعي، قال: كسفت الشمس في عهد عثمان بن عفان، وبالمدينة عبد اللَّه بن مسعود، قال: فخرج عثمان فصلى بالناس تلك الصلاة، ركعتين وسجدتين في كل ركعة، قال: ثم انصرف عثمان فدخل داره، وجلس عبد اللَّه بن مسعود إلى حجرة عائشة وجلسنا إليه، فقال: ان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا بالصلاة عند كسوف الشمس والقمر، فإذا رأيتموه قد أصابهما، فافزعوا إلى الصلاة، فإنها إن كانت التي تحذرون كانت وأنتم على غير غفلة، وإن لم تكن كنتم قد أصبتم خيرًا واكتسبتموه.

أخرجه أحمد (1/ 459)، والبزار (4/ 281/ 1449)، وأبو يعلى (9/ 271/ 5394)، والطبراني في الكبير (10/ 12/ 9782)، وفي الدعاء (2212)، والبيهقي (3/ 324).

قال البزار: "ولا نعلم روى أبو شريح عن عبد اللَّه إلا هذا الحديث، ولا له طريق عن عبد اللَّه إلا هذا الطريق".

وهذا إسناد ضعيف؛ لأجل سفيان بن أبي العوجاء، وله حديث آخر عند أبي داود

ص: 421

وابن ماجه في تخيير ولي الدم، قال البخاري:"في حديثه نظر"، وقال الحاكم أبو أحمد:"حديثه ليس بالقائم"، وقال أبو حاتم:"ليس بالمشهور"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن حزم:"مجهول، لا يُدرى من هو"، وقال الذهبي وابن حجر:"ضعيف"، وقال الذهبي في الميزان:"ولا يعرف بغير هذا الحديث، وهو حديث منكر"؛ يعني: حديث التخيير [الجرح والتعديل (4/ 219)، والثقات (4/ 319)، والمحلى (10/ 367 و 408)].

قال ابن المنذر: "وفي قوله: "حتى ينجلي كسوت أيهما انكسف"، دليل على إثبات الصلاة لكسوف القمر".

3 -

حديث محمود بن لبيد:

رواه يحيى بن آدم، وأبو نعيم الفضل بن دكين:

عن عبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، قال: كسفت الشمس يوم مات إبراهيم ابن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقالوا: كسفت الشمس لموت إبراهيم، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه، ألا وإنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموهما كذلك فافزعوا إلى المساجد"، ثم قام فقرأ فيما نرى بعض {الر كِتَابٌ} ، ثم ركع، ثم اعتدل، ثم سجد سجدتين، ثم قام ففعل مثل ما فعل في الأولى. لفظ يحيى بن آدم [عند أحمد].

أخرجه أحمد (5/ 428)، وابن سعد في الطبقات (1/ 142).

وهذا حديث حسن، عبد الرحمن بن سليمان بن عبد اللَّه بن حنظلة المدني، المعروف بابن الغسيل: صدوق، حسن الحديث إذا لم يخالف، وثقه جماعة، وتكلم فيه بعضهم لأوهام وقعت له، وقد احتج به الشيخان، قال ابن حجر في هدي الساري (2/ 1109):"تضعيفهم له بالنسبة إلى غيره ممن هو أثبت منه من أقرانه، وقد احتج به الجماعة سوى النسائي"[انظر: التهذيب (2/ 513)، والميزان (2/ 568)].

قلت: قد وافق الثقات فيما روى في هذا الحديث؛ إلا في إفراده الركوع في كل ركعة، والصحيح مما مر من أحاديث الباب: أن في كل ركعة ركوعين، واللَّه أعلم.

° والحاصل: فإن الأحاديث التي جاءت في كونه صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين، ولم يبيِّن فيها عدد الركوع في كل ركعة، يمكن تأويلها على أن المطلق والمجمل من النصوص يجب حمله على المقيد والمفصل منها، وقد صح عن عدد من الصحابة بتفصيلٍ لا يدع مجالًا للشك: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الكسوف ركعتين، وفي كل ركعة ركوعان، واللَّه أعلم.

قال ابن حبان بعد حديث ابن علية: "قول أبي بكرة: فصلى بهم ركعتين نحو ما تصلون؛ أراد به: تصلون صلاة الكسوف ركعتين في أربع ركعات وأربع سجدات، على حسب ما تقدم ذكرنا له".

وقال أيضًا: "قول أبي بكرة: ركعتين مثل صلاتكم؛ أراد به: مثل صلاتكم في الكسوف".

وقال البيهقي (3/ 332): "وقوله في الحديث: "فصلى بنا ركعتين" مع إخباره أن ذلك

ص: 422

كان يوم توفي إبراهيم عليه السلام، يريد به: ركعتين في كل ركعة ركوعين، كما أثبته ابن عباس، وعائشة، وجابر، وعبد اللَّه بن عمرو، ورواه يزيد بن زريع وغيره عن يونس بن عبيد فقالوا في الحديث:"فصلى ركعتين كما تصلون".

وقال أيضًا عن حديث عبد الرحمن بن سمرة: "قوله: "فقرأ بسورتين وركع ركعتين"؛ يحتمل أن يكون مراده بذلك في كل ركعة، فقد رويناه عن جماعة أثبتوه، والمثبت شاهد، فهو أولى بالقبول".

وقال في المعرفة (3/ 79): "وهذا يحتمل أن يكون أراد: قرأ سورتين وركع ركعتين في كل ركعة، وليس في الحديث ما يرده، وحمله على ذلك أولى؛ ليكون موافقًا لما مضى من الأحاديث الثابتة".

وقال النووي في الخلاصة (2/ 856) عن حديث عبد الرحمن بن سمرة: "يعني: في كل ركعة قيامان وركوعان".

وقال ابن القيم في إعلام الموقعين (2/ 368): "وهذا لا يناقض رواية من روى أنه ركع في كل ركعة ركوعين، فهي ركعتان وتعدَّد ركوعهما، كما يُسمَّيَان سجدتين مع تعدُّد سجودهما".

وقال أيضًا (2/ 369): "قيل: الجواب من ثلاثة أوجه:

أحدها: أن أحاديث تكرار الركوع أصحُّ إسنادًا، وأسلم من العلة والاضطراب، لا سيما حديث عبد اللَّه بن عمرو؛ فإن الذي في الصحيحين عنه: أنه قال: كسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فنودي: أن الصلاة جامعة، فركع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين في سجدة، ثم قام فركع ركعتين في سجدة، ثم جلس، حتى جلِّيَ عن الشمس، فهذا أصحُّ وأصرح من حديث كل ركعة بركوع، فلم يبْقَ إلا حديث سمرة بن جندب والنعمان بن بشير، وليس منهما شيء في الصحيح.

الثاني: أن رواتها من الصحابة أكبر وأكثر وأحفظ وأجلُّ من سمرة والنعمان بن بشير، فلا تردُّ روايتهم بها.

الثالث: أنها متضمِّنة لزيادة فيجب الأخذ بها، وباللَّه التوفيق".

* ومما جاء في الباب بدون ذكر ركعتي الكسوف:

1 -

حديث أبي مسعود الأنصاري:

يرويه إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن أبي مسعود الأنصاري، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن الشمس والقمر أيتان من آيات اللَّه، يخوف اللَّه بهما عباده، وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس، فإذا رأيتم منها شيئًا فصلوا، وادعوا اللَّه حتى يكشف ما بكم".

زاد في رواية لمسلم وغيره: انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم، فقال الناس: انكسف لموت إبراهيم.

أخرجه البخاري (1041 و 1057 و 3204)، ومسلم (911)، وأبو عوانة (2/ 92/ 2429 و 2430)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 494/ 2046)، والنسائي في

ص: 423

المجتبى (3/ 126/ 1462)، وفي الكبرى (2/ 333/ 1858)، وابن ماجه (1261)، والدارمي (1/ 430/ 1525)، وابن خزيمة (2/ 308/ 1375)، وأحمد (4/ 122)، والشافعي في الأم (1/ 242)، وفي السنن (49)، وفي المسند (178)، والحميدي (455)، وابن أبي شيبة (2/ 216/ 8297)، والروياني (161)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 293/ 2886) و (5/ 311/ 2916)، والطحاوي (1/ 332)، وأبو علي الرفاء في فوائده (127)، والطبراني في الكبير (17/ 210 و 211/ 575 - 575)، وفي الدعاء (2215)، والبيهقي في السنن (3/ 320 و 337)، وفي المعرفة (3/ 69/ 1961)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 362/ 1135).

2 -

حديث ابن عمر:

رواه ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن عبد الرحمن بن القاسم، حدثه عن أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أنه كان يخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم:"إن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحدٍ ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات اللَّه، فإذا رأيتموها فصلوا".

أخرجه البخاري (1042 و 3201)، ومسلم (914)، وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1181).

3 -

حديث المغيرة بن شعبة:

رواه زائدة بن قدامة، وأبو معاوية شيبان بن عبد الرحمن النحوي، وإسرائيل بن أبي إسحاق، وأبو عوانة، وغيرهم:

عن زياد بن علاقة، قال: سمعت المغيرة بن شعبة، يقول: انكسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم، [فقال الناس: كسفت الشمس لموت إبراهيم]، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه، لا ينكسفان لموت أحد، ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فادعوا اللَّه وصلوا حتى تنكشف".

أخرجه البخاري (1043 و 1060 و 6199)، ومسلم (915)، وأبو عوانة (2/ 106/ 2469)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 496/ 2050)، والنسائي في الكبرى (2/ 332/ 1856)، وابن حبان (7/ 67/ 2827)، وأحمد (4/ 249 و 253)، والطيالسي (2/ 72/ 729)، وابن سعد في الطبقات (1/ 142)، وابن أبي شيبة (2/ 219/ 8324)، وأبو إسحاق الحربي في غريب الحديث (1/ 110)، وابن عبد الحكم في فتوح مصر (124)، والطحاوي (1/ 330)، والطبراني في الكبير (20/ 421/ 1014 - 1016)، وفي الدعاء (2213)، والبيهقي (3/ 341).

وانظر أيضًا: ما أخرجه عبد الرزاق (3/ 104/ 4939)، والطبراني في الدعاء (2214).

4 -

حديث أبي موسى الأشعري:

يرويه أبو أسامة، عن بريد، عن أبي بردة، عن أبي موسى، قال: خسفت الشمس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فقام فزعًا يخشى أن تكون الساعة، حتى أتى المسجد، فقام يصلي بأطولِ قيامٍ وركوعٍ وسجودٍ، ما رأيته يفعله في صلاةٍ قطُّ، ثم قال: " إن هذه الآيات التي يرسل اللَّه

ص: 424