الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزوال، وقد كان تطوع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في عامة الأوقات في بيته، ولم يزل الناس يتطوعون في مساجدهم، فالصلاة جائزة قبل صلاة العيد وبعده، ليس لأحد أن يحظر منه شيئًا، وليس في ترك النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي قبلها وبعدها دليل على كراهية الصلاة في ذلك الوقت [يعني: في بيته]؛ لأن ما هو مباح لا يجوز حظره إلا بنهي يأتي عنه صلى الله عليه وسلم، ولا نعلم خبرًا يدل على النهي عن الصلاة قبل صلاة العيد وبعده [يعني: في البيت]، وصلاة التطوع في يوم العيد وفي سائر الأيام في البيوت أحب إلينا للأخبار الدالة على ذلك".
وقال البيهقي في السنن (3/ 304) بعد أن ساق بعض الآثار: "وكره الصلاة قبلها وبعدها جماعة، وكرهها قبلها ولم يكرهها بعدها، وكرهها بعضهم في المصلى ولم يكرهها في المسجد وفي بيته.
ويوم العيد كسائر الأيام، والصلاة مباحة إذا ارتفعت الشمس حيث كان المصلي، وباللَّه التوفيق".
وقال ابن رجب في الفتح (6/ 186) بعد أن ساق الآثار الواردة في الباب، قال:"وكل هذا في الصلاة في موضع صلاة العيد، فأما الصلاة في غير موضع صلاة العيد؛ كالصلاة في البيت أو في المسجد، إذا صُلِّيت العيد في المصلى، فقال أكثرهم: لا تكره الصلاة فيه قبلها وبعدها"، ثم ذكر من قال بهذا، وذكر خلاف ذلك أيضًا.
قلت: يستعمل كل دليل في محله، فلا يصلَّى في المصلَّى قبل صلاة العيد ولا بعدها، لما صح في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يزاد على ركعتي العيد شيء، ولو صلى النبي صلى الله عليه وسلم في بيته قبل خروجه إلى الصلاة، أو بعد عودته إلى البيت؛ لنقل ذلك إلينا بنقل صحيح عنه صلى الله عليه وسلم، فلما لم يصح النقل في ذلك، فالسُّنَّة: أن لا يُصلى قبل العيد ولا بعده، سواء في المصلى أو في المسجد أو في البيت، فإن تطوع أحد في بيته في غير وقت النهي فلا حرج في ذلك، لورود ذلك عن بعض الصحابة، ولقول اللَّه تعالى:{أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10)} ، ولأنه لم يصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الصلاة في هذا الوقت؛ وإنما نُقل عنه فقط ترك الصلاة، واللَّه أعلم.
وانظر: المجموع شرح المهذب (5/ 16).
* * *
257 - باب يصلي بالناس [العيد] في المسجد إذا كان يومَ مطرٍ
1160 -
قال أبو داود: حدثنا هشام بن عمار: حدثنا الوليد،
(ح) وحدثنا الربيع بن سليمان: حدثنا عبد اللَّه بن يوسف: حدثنا الوليد بن مسلم: حدثنا رجل من الفَرْويين -وسماه الربيع في حديثه: عيسى بن عبد الأعلى بن
أبي فروة-؛ سمع أبا يحيى عبيد اللَّه التيمي، يحدث عن أبي هريرة؛ أنه أصابهم مطرٌ في يومِ عيدٍ، فصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم صلاةَ العيدِ في المسجد.
* حديث ضعيف
أخرجه من طريق الربيع بن سليمان: الحاكم (1/ 295)(1/ 141/ ب - رواق المغاربة). وعنه: البيهقي في الكبرى (3/ 310)، وفي الصغرى (1/ 259/ 527).
• تنبيه: وقع في إسناد الحاكم: حدثني عيسى بن عبد الأعلى، عن أبي فروة، هكذا، وقد تصحف عن: عيسى بن عبد الأعلى بن أبي فروة، تصحفت بن إلى عن، فأصبح رجلين، وهو رجل واحد، بدليل أن البيهقي رواه عن الحاكم به، ووقع في إسناده في المصنفين: حدثني عيسى بن عبد الأعلى بن أبي فروة، وهو الصواب، واللَّه أعلم.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، أبو يحيى التيمي: صدوق؛ إنما المجروح يحيى بن عبيد اللَّه ابنه".
* تابع عبد اللَّه بن يوسف التنيسي [وهو: ثقة متقن]، على تسمية شيخ الوليد:
العباس بن عثمان الدمشقي [ثقة، من أصحاب الوليد]، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثنا عيسى بن عبد الأعلى بن أبي فروة، قال: سمعت أبا يحيى عبيد اللَّه التيمي، يحدث عن أبي هريرة، قال: أصاب الناسَ مطرٌ في يوم عيد على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فصلى بهم في المسجد.
أخرجه ابن ماجه (1313).
قال ابن القطان في بيان الوهم (5/ 145/ 2387): "والمذكور في هذا الحديث هو: عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن موهب التيمي المدني، وهو يعطي عطاءً بينًا صحة الحديث عنده [يعني: عبد الحق الإشبيلي]، وما مثله صُحِّح للجهل بحال عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن موهب، والد يحيى بن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن موهب المكني به، وللجهل بحال عيسى بن عبد الأعلى الفروي راويه عنه في كتاب أبي داود، بل لا أعلمه مذكورًا في شيء من كتب الرجال، ولا في غير هذا الإسناد، ولما روى الوليد بن مسلم هذا الحديث إنما قال فيه: حدثنا رجل من الفرويين، وسماه الربيع بن سليمان عن عبد اللَّه بن يوسف عنه، فقال: عيسى بن عبد الأعلى بن أبي فروة، ولا يُعلم روى عن عبيد اللَّه أبي يحيى المذكور -سوى ابنه يحيى- غير هذا الفروي الذي هو في حكم المعدوم، وغير ابن أخيه عبيد اللَّه بن عبد الرحمن، فالحديث لا يصح، فاعلم ذلك".
ومع ذلك قال النووي في المجموع (5/ 6): "رواه أبو داود بإسناد جيد"، وقال في الخلاصة (2907):"بإسناد حسن".
وقال المنذري في مختصر السنن: "عيسى بن عبد الأعلى بن أبي فروة الفروي هذا: لا يحتج به"[البدر المنير (5/ 66)].
وقال الذهبي: "وهذا حديث فرد منكر"[الميزان (3/ 315)].
وقال ابن حجر في التلخيص (2/ 83/ 683): "إسناده ضعيف"، ولين إسناده في البلوغ (501).
قلت: أبو يحيى عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن موهب التيمي: مجهول [ضعفاء العقيلي (4/ 415)، والثقات (5/ 72)، ومشاهير علماء الأمصار (493)، وبيان الوهم (5/ 111 و 145/ 2366 و 2387)، والتهذيب (3/ 16)]، وابنه يحيى: متروك، منكر الحديث.
وعيسى بن عبد الأعلى بن أبي فروة: لم يرو عنه سوى الوليد بن مسلم، وله عند ابن ماجه حديثان، هذا أحدهما، والآخر فيمن وضع ماله في البناء (4161)، روى عن أبي يحيى عبيد اللَّه التيمي، وإسحاق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة، ولم أر له ترجمة في التاريخ الكبير، ولا في الجرح والتعديل، ولا في الثقات، فهو: مجهول؛ كما قال ابن القطان، وقال الذهبي:"لا يكاد يُعرف"، وقال ابن حجر:"مجهول"[الميزان (3/ 315)، والتهذيب (3/ 361)، والتقريب (486)].
وعليه: فإن هذا الحديث: حديث ضعيف.
° وقد روي ذلك عن عمر بن الخطاب، ولا يثبت عنه:
فقد روى أحمد بن زهير بن حرب [أبو بكر بن أبي خيثمة: ثقة حافظ متقن. تاريخ بغداد (4/ 162)، والسير (11/ 492)]، والعباس بن الفضل [هو: العباس بن الفضل بن بشر أبو الفضل الأسفاطي البصري: قال الدارقطني: "صدوق"، وقال الصفدي:"وكان صدوقًا حسن الحديث". سؤالات الحاكم (143)، وتاريخ دمشق (26/ 390)، والوافي بالوفيات (16/ 376)، وتكملة الإكمال (1/ 188)]:
حدثنا يعقوب بن كاسب، قال: حدثنا سلمة بن رجاء، عن محمد بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف، عن عثمان بن عبيد اللَّه التيمي [وقع في رواية الأسفاطي عند البيهقي: عثمان بن عبد الرحمن التيمي]، قال: مُطِرنا في زمان أبان بن عثمان بالمدينة [مطرًا شديدًا ليلة الفطر]، فصلى بنا العيد في المسجد [فجمع الناس في المسجد، فلم يخرج إلى المصلى الذي يصلي فيه الفطر والأضحى]، ثم قال لعبد اللَّه بن عامر [بن ربيعة]: قم، فأخبر الناس بما أخبرتني، فقال عبد اللَّه بن عامر: مُطِرنا في عهد عمر ليلة عيد [فامتنع الناس من المصلى]، فصلى عمر بالناس في المسجد، [ثم قام على المنبر]، ثم قال: أيها الناس إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يخرج بالناس إلى المصلى من سعته والمرفق عليهم [يصلي بهم؛ لأنه أرفق بهم، وأوسع عليهم، وإن المسجد كان لا يسعهم]، فلما أن كان هذا المطر فالمسجد أرفق بهم [وما بين المعكوفين للأسفاطي].
أخرجه ابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 343/ 1230 - السفر الثاني). والبيهقي (3/ 310).
ورواه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (4/ 29/ 2436)، قال: حدثني أحمد بن