الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صريحة في مشافهته له"، وقال ابن حجر في الدراية (1/ 226): "ووهم من زعم أن إسحاق لم يسمع من ابن عباس".
وابنه هشام، قال فيه أبو حاتم:"شيخ"، مع كونه لم يرو غير هذا الحديث، ولو كان في حديثه نكارة لقال: منكر الحديث، وروى عنه ثلاثة من الثقات منهم سفيان الثوري، وذكره ابن حبان في الثقات، ثم في تصحيح من صحح له حديثه هذا توثيق ضمني، ثم هو يروي منقبة لأبيه؛ فهو أدعى لحفظها، وضبطها، وسؤال الثوري له يدل على اعتداده به، وقد صحح له الترمذي وابن خزيمة وأبو عوانة وابن حبان وابن الجارود والحاكم والضياء، واحتج بحديثه الشافعي وأبو داود والنسائي، ولم يجرؤ على تجهيله ابن القطان، فقال:"وهو من الشيوخ"[بيان الوهم (1/ 25/ 4)].
وعليه؛ فإن حديث ابن عباس هذا حديث صحيح.
وانظر أيضًا: الأم (2/ 544/ 571) و (2/ 545/ 573)، ومصنف عبد الرزاق (3/ 85/ 4894).
° قال الأثرم في الناسخ والمنسوخ (145): "وإنما الوجه في حديث ابن عباس: أنه أنكر تطويل خطبهم في الاستسقاء، فقال: ولم يخطب خطبكم هذه، ولم يقل: إنه لم يخطب"، وقد سبق توجيهه، وأنه أراد بالخطبة: الدعاء والتضرع والتكبير، واللَّه أعلم.
* * *
259 - باب في أيِّ وقتٍ يحوِّلُ رداءه إذا استسقى
1166 -
. . . سليمان -يعني: ابن بلال-، عن يحيى، عن أبي بكر بن محمد، عن عباد بن تميم؛ أن عبد اللَّه بن زيد أخبره؛ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خرج الى المصلَّى يستسقي، وأنه لما أراد أن يدعو استقبل القبلة، ثم حوَّل رداءه.
* حديث متفق على صحته، من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري
أخرجه مسلم (3/ 894)، والسهمي في تاريخ جرجان (230)، والبيهقي (3/ 350).
رواه عن سليمان بن بلال: عبد اللَّه بن مسلمة القعنبي، ويحيى بن يحيى النيسابوري [وهما ثقتان حافظان]، وإسحاق بن محمد بن إسماعيل الفروي [فيه ضعف؛ وقد تفرد في روايته بذكر ربيعة الرأي مقرونًا بحيى بن سعيد، ولا يتابع عليه. انظر: التهذيب (1/ 127)، وهدي الساري (2/ 1018)].
* تابع سليمان بن بلال عليه:
1 -
عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، قال: حدثنا يحيى بن سعيد [الأنصاري]، قال: أخبرني أبو بكر بن محمد؛ أن عباد بن تميم أخبره؛ أن عبد اللَّه بن زيد الأنصاري
أخبره؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلَّى يصلِّي، وأنه لما دعا - أو: أراد أن يدعو استقبل القبلة، وحوَّل رداءه.
أخرجه البخاري (1028)، وأبو عوانة (2/ 107/ 2472)، وابن شبة في أخبار المدينة (1/ 92/ 421).
(2 - 11) ورواه يحيى بن سعيد القطان، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، ويزيد بن هارون، وأبو ضمرة أنس بن عياض، ويعلى بن عبيد، ومعمر بن راشد، وعبيد اللَّه بن عمرو الرقي [وهم ثقات، أكثرهم حفاظ]، وجرير بن عبد الحميد [ثقة، وعنه: أحمد بن سعيد بن جرير بن يزيد الأصبهاني: وثقه أبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 108)، والسمعاني في الأنساب (3/ 313)، وضعفه الدارقطني ضمن إسناد في غرائب مالك. اللسان (1/ 288 و 471) و (6/ 544)، وتابعه: محمد بن حميد الرازي، وهو: حافظ ضعيف، كثير المناكير]، وغيرهم:
عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن أبي بكر بن محمد [بن عمرو بن حزم]، عن عباد بن تميم، عن [عمه] عبد اللَّه بن زيد؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يستسقي، فصلى ركعتين، واستقبل القبلة. لفظ القطان [عند النسائي].
وفي رواية: خرج النبي صلى الله عليه وسلم فاستسقى، وحوَّل رداءه. لفظ القطان [عند أحمد والروياني].
وفي رواية: خرجنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء، فخطب، واستقبل القبلة، ودعا، واستسقى، وحوَّل رداءه، وصلى بهم. لفظ القطان [عند ابن خزيمة، وهي رواية شاذة بذكر الخطبة، تفرد بها: عبد الرحمن بن بشر بن الحكم، وهو: ثقة، وخالفه الحفاظ من أصحاب يحيى بن سعيد القطان، مثل: أحمد بن حنبل، وعمرو بن علي الفلاس، وبندار محمد بن بشار، ولم يقل بها أحد ممن رواه عن يحيى الأنصاري؛ إلا في رواية شاذة].
ولفظ الثوري: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم استسقى، فاستقبل القبلة، وحوَّل رداءه.
ولفظ ابن أبي زائدة [عند الطبراني]، وعبيد اللَّه بن عمرو [عند أبي علي الرفاء]: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى يستسقي، فرأيته لما دعا -أو: أراد أن يدعو- استقبل القبلة، وحَّول رداءه. وبنحوه لفظ يزيد بن هارون، وأنس بن عياض، ويعلى بن عبيد.
زاد ابن عيينة في آخره [عند ابن ماجه][من رواية محمد بن الصباح عنه]: عن المسعودي، قال: سألت أبا بكر بن محمد بن عمرو: اجعل أعلاه أسفله، أو اليمين على الشمال؟ قال: لا، بل اليمين على الشمال.
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 163/ 1520)، وفي الكبرى (2/ 318/ 1827) و (2/ 323/ 1838)(3/ 293/ 1999 - ط. التأصيل) و (3/ 300/ 2011 - ط. التأصيل). وابن ماجه (1267 م). والدارمي (1/ 432/ 1533)، وأبو عوانة (2/ 107/ 2472) و (2/ 108/ 2473 و 2474)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 2479/ 2012)، وابن خزيمة (2/
332/ 1407)، وأحمد (4/ 38 و 40)، وعبد الرزاق (3/ 83/ 4890)، وابن أبي شيبة (2/ 221/ 8341)، والروياني (1008 و 1012)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 315/ 2218)، وابن قانع في المعجم (2/ 111)[وفي سنده وهم]. وأبو علي الرفاء في فوائده (263)، والطبراني في الدعاء (956 و 2198)، والدارقطني (2/ 67)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 108)، وابن عبد البر في التمهيد (17/ 171)، وفي الاستذكار (2/ 426 و 427).
• وانظر فيمن وهم فيه على الثوري، وابن عيينة: ما أخرجه الدارقطني في الأفراد (2/ 71/ 4086 - أطرافه). وتمام في فوائده (361).
* خالفهم: هشيم بن بشير [ثقة ثبت]، وجرير بن عبد الحميد [وعنه: يوسف بن موسى القطان، وهو: ثقة]:
عن يحيى بن سعيد، عن عبد اللَّه بن أبي بكر، عن عباد بن تميم، عن عبد اللَّه بن زيد؛ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى، فاستسقى، فحوَّل رداءه، واستقبل القبلة.
وفي رواية جرير: خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يستسقي، فخطب الناس، فلما أراد أن يدعو أقبل بوجهه إلى القبلة، وحوَّل رداءه.
أخرجه الطحاوي (1/ 323)، والدارقطني (2/ 67)(2/ 424/ 1804 - ط. الرسالة).
قلت: هي رواية شاذة؛ والمحفوظ: ما رواه جماعة الثقات الحفاظ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عباد بن تميم، عن عمه عبد اللَّه بن زيد، به مرفوعًا.
وهكذا رواه الشيخان من حديث يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد، لا عن ابنه عبد اللَّه بن أبي بكر، واللَّه أعلم.
* وهذا الحديث قد رواه ابن عيينة عن يحيى بن سعيد مقرونًا بالمسعودي:
• رواه الحميدي [ثقة ثبت، حافظ إمام، كان راوية لابن عيينة]، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا يحيى بن سعيد، والمسعودي، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عباد بن تميم، عن عمه عبد اللَّه بن زيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بنحوه. يعني: بنحو حديث ابن عيينة عن عبد اللَّه بن أبي بكر؛ ولفظه: خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى المصلى يستسقي، فحوَّل رداءه، واستقبل القبلة، وصلى ركعتين.
ثم قال ابن عيينة: قال المسعودي: فقلت لأبي بكر بن محمد: جعل اليمين على الشمال، والشمال على اليمين، أو: جعل أعلاه أسفله؟ فقال: لا؛ بل جعل اليمين على الشمال، والشمال على اليمين.
أخرجه الحميدي (420)، ومن طريقه: البيهقي (3/ 351)، وابن عبد البر في التمهيد (17/ 170)، وفي الاستذكار (2/ 429).
• ورواه عبد الجبار بن العلاء [ثقة]: نا سفيان: نا المسعودي، ويحيى -هو الأنصاري-، عن أبي بكر.
قلت لعبد اللَّه بن أبي بكر: حديث حدثناه يحيى، والمسعودي، عن أبيك، عن عباد بن تميم؟ قال: سمعت أنا من عباد بن تميم يحدث أبي، عن عبد اللَّه بن زيد؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى فاستسقى، فقلب رداءه، وصلى ركعتين.
قال المسعودي: عن أبي بكر، عن عباد بن تميم، قلت له: أخبرنا جعل أعلاه أسفله، أو أسفله أعلاه، أم كيف جعله؟ قال: لا، بل جعل اليمين الشمال، والشمال اليمين.
أخرجه ابن خزيمة (2/ 331/ 1406) و (2/ 334/ 1414).
• ورواه محمد بن منصور، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا المسعودي، عن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن عباد بن تميم.
قال سفيان: فسألت عبد اللَّه بن أبي بكر، فقال: سمعته من عباد بن تميم، يحدث أبي، أن عبد اللَّه بن زيد الذي أري النداء، قال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خرج الى المصلى يستسقي، فاستقبل القبلة، وقلب رداءه، وصلى ركعتين.
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 155/ 1505)، وفي الكبرى (2/ 315 - 316/ 1819)، ومن طريقه: ابن عبد البر في التمهيد (17/ 169).
محمد بن منصور هذا هو: ابن داود بن إبراهيم الطوسي أبو جعفر العابد نزيل بغداد، وهو: ثقة، وليس هو محمد بن منصور بن ثابت بن خالد الخزاعي أبا عبد اللَّه الجواز المكي -وهو ثقة أيضًا-، فإن النسائي يروي عنهما، عن سفيان بن عيينة، لكنه إذا روى للجواز المكي عن ابن عيينة فإنه يميزه بالمكي، واللَّه أعلم.
قال النسائي: "هذا غلط من ابن عيينة، وعبد اللَّه بن زيد الذي أري النداء هو عبد اللَّه بن زيد بن عبد ربه، وهذا عبد اللَّه بن زيد بن عاصم".
وقال ابن عبد البر: "هكذا في هذا الحديث: عبد اللَّه بن زيد الذي أُري النداء، وهو خطأ، ولا أدري ممن أتى ذلك، وما أظنه جاء من ابن عيينة، ولا ممن فوقه؛ لأنهم علماء جلة"، قلت: هو كما قال النسائي، فقد وهَّم البخاريُّ فيه ابنَ عيينة، وسيأتي.
• ومن هاتين الروايتين الأخيرتين يتبين لنا أن عبد اللَّه بن أبي بكر سمع هذا الحديث من عباد بن تميم مع أبيه أبي بكر، ولذا فقد وقع الوهم لبعضهم في إسناد هذا الحديث بإدخال: عن أبيه، بين عباد بن تميم وعمه عبد اللَّه بن زيد، وإنما هو والد عبد اللَّه بن أبي بكر، واللَّه أعلم.
وابن عيينة قريب في الطبقة من المسعودي، والأقرب أنه قديم السماع منه؛ فهو أكبر من أبي نعيم الفضل بن دكين، والذي نص أحمد على قدم سماعه من المسعودي، وقد تابعه عليه: عبد اللَّه بن رجاء الغداني، وهو من قدماء أصحاب المسعودي، فهو صحيح من حديث المسعودي، واللَّه أعلم.
• رواه عبد اللَّه بن رجاء [الغداني البصري: ثقة، ممن سمع من المسعودي قبل
الاختلاط. الشذا الفياح (2/ 759)، والكواكب النيرات (35)]، قال: أنا المسعودي، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عباد بن تميم، عن عمه، قال: خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فاستسقى فقلب رداءه، قال: قلت: جعل الأعلى على الأسفل، والأسفل على الأعلى؟ قال: لا، بل جعل الأيسر على الأيمن، والأيمن على الأيسر.
أخرجه الطحاوي (1/ 324).
وهذا إسناد صحيح.
وأما قوله في حديث المسعودي: بل جعل اليمين الشمال، والشمال اليمين؛ فهو من قول عبد اللَّه بن زيد الأنصاري؛ إخبارًا لما رآه من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فهو مرفوع، كما جاء ذلك في رواية عبد الجبار بن العلاء، وهي زيادة بيانية من ثقة؛ فوجب قبولها، واللَّه أعلم.
كذلك فإن المحفوظ من حديث أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، من رواية يحيى بن سعيد الأنصاري، وعبد الرحمن المسعودي عنه: ليس فيه ما يقتضي الترتيب بين الصلاة، وبين الدعاء وتحويل الرداء، واللَّه أعلم.
* * *
1167 -
. . . مالك، عن عبد اللَّه بن أبي بكر؛ أنه سمع عباد بن تميم، يقول: سمعت عبد اللَّه بن زيد المازني، يقول: خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى المصلَّى فاستسقى، وحوَّل رداءه حين استقبل القبلة.
* حديث صحيح
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 264/ 511)، ومن طريقه: مسلم (1/ 894)، وأبو عوانة (2/ 109/ 2481)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 479/ 2010)، وأبو داود (1167)، والنسائي في المجتبى (3/ 157/ 1511)، وفي الكبرى (2/ 318/ 1828)، وأحمد (4/ 39 و 41)، والشافعي في الأم (2/ 543/ 567)، وفي المسند (79)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 322/ 2226)، والطحاوي (1/ 323)، والجوهري في مسند الموطأ (497)، والبيهقي في السنن (3/ 350)، وفي المعرفة (3/ 96/ 2007).
رواه عن مالك: الشافعي، وعبد اللَّه بن مسلمة القعنبي (354)، ويحيى بن يحيى النيسابوري، وعبد الرحمن بن مهدي، وقتيبة بن سعيد، ويحيى بن يحيى الليثي (511)، وأبو مصعب الزهري (608)، وعبد اللَّه بن وهب، وعبد الرحمن بن القاسم (305 - تلخيص القابسي)، وإسحاق بن عيسى الطباع، وسويد بن سعيد (198)، ومحمد بن الحسن الشيباني (294).
زاد إسحاق بن عيسى الطباع [صدوق][عند أحمد]: وبدأ بالصلاة قبل الخطبة، ثم استقبل القبلة فدعا.
قال ابن حجر في نتائج الأفكار (5/ 116): "وأخرجه الدارقطني في غرائب مالك،. . .، وقال: تفرد به إسحاق عن مالك بقوله: وبدأ بالصلاة قبل الخطبة، والحديث في الموطأ بدون هذه الزيادة".
قال ابن عبد البر في التمهيد (17/ 167): "هكذا روى مالك هذا الحديث بهذا الإسناد وهذا اللفظ، لم يذكر فيه الصلاة، لم يختلف رواة الموطأ في ذلك عنه فيما علمت؛ إلا أن إسحاق بن عيسى الطباع روى هذا الحديث عن مالك، فزاد فيه: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بدأ في الاستسقاء بالصلاة قبل الخطبة، ولم يقل: حوَّل رداءه، ذكره النسائي في مسند مالك،. . . "، ثم ذكر أن هذا الحديث قد رواه عن عبد اللَّه بن أبي بكر: سفيان بن عيينة؛ فذكر فيه الصلاة، وتابعه على ذلك: أبو بكر بن محمد، وابن شهاب الزهري، فروياه عن عباد بن تميم بذكر الصلاة، ثم قال:"وليس هذا الحديث عند مالك عن ابن شهاب، وليس في تقصير من قصر عن ذكر الصلاة حجة على من ذكرها، والحجة في قول من أثبت وحفظ، وباللَّه العصمة والتوفيق"[وانظر: الاستذكار (2/ 425)].
قلت: الزيادة التي زادها إسحاق بن عيسى الطباع: زيادة منكرة، لم يتابعه عليها أحد من رواة الموطأ، وقد تقدم ذكر بعضهم.
* تابع مالكًا عليه:
1 -
روى أبو نعيم الفضل بن دكين، وعبد الرحمن بن مهدي [وهما ثقتان حافظان]، ومحمد بن الحسن الشيباني [ضعيف]:
عن سفيان الثوري، عن عبد اللَّه بن أبي بكر [بن محمد بن عمرو بن حزم]، عن عباد بن تميم، عن عمه، قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي، وحوَّل رداءه.
أخرجه البخاري (1005)، وأحمد (4/ 39)، ومحمد بن الحسن في الحجة (1/ 339 - 340)، والبيهقي (3/ 350).
هكذا لم يشتمل حديث مالك وسفيان الثوري على ذكر الصلاة، وإنما ذكرها ابن عيينة في حديثه:
2 -
فقد رواه علي بن عبد اللَّه [ابن المديني]، وأحمد بن حنبل، والشافعي، والحميدي، وقتيبة بن سعيد، ويحيى بن يحيى النيسابوري، والمعلى بن منصور، وعبد اللَّه بن محمد المسندي، ومحمد بن الصباح، وابن المقرئ محمد بن عبد اللَّه بن يزيد، وعبد الجبار بن العلاء، وعبد اللَّه بن محمد الزهري، ومحمد بن منصور، وزياد بن أيوب، وإبراهيم بن بشار الرمادي [وهم ثقات]، وغيرهم:
عن سفيان [بن عيينة]، عن عبد اللَّه بن أبي بكر [بن محمد بن عمرو بن حزم]، أنه سمع عباد بن تميم يحدث أباه، عن عمه عبد اللَّه بن زيد؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى فاستسقى، فاستقبل القبلة، وقلب رداءه، وصلى ركعتين. لفظ ابن المديني [عند البخاري]، والباقون بنحوه.
ولفظ قتيبة بن سعيد [عند البخاري]: أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى، فصلى ركعتين، وقلب رداءه.
ولفظ المسندي [عند البخاري]: خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المصلى يستسقي، واستقبل القبلة، فصلى ركعتين، وقلب رداءه.
أخرجه البخاري (1012 و 1026 و 1027)، ومسلم (2/ 894)، وأبو عوانة (2/ 107/ 2470 و 2471)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 479/ 2011)، والنسائي في المجتبى (3/ 155/ 1505) و (3/ 157/ 1510)، وفي الكبرى (1/ 274/ 504) و (2/ 315 - 316/ 1819) و (2/ 318/ 1826)، وابن ماجه (1267)، وابن خزيمة (2/ 331/ 1406) و (2/ 334/ 1414)، وابن الجارود (254)، وأحمد (4/ 40)، والشافعي في الأم (2/ 544/ 572)، وفي المسند (80)، والحميدي (419)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (3/ 100/ 524)، وابن قانع في المعجم (2/ 111)، والدارقطني (2/ 66)، والبيهقي في السنن (3/ 344 و 350)، وفي المعرفة (3/ 94/ 1999)، وابن عبد البر في التمهيد (17/ 168 و 169)، وفي الاستذكار (2/ 426)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 398/ 1157)، وقال:"هذا حديث متفق على صحته".
قال أبو عبد اللَّه البخاري بعد رواية ابن المديني: "كان ابن عيينة يقول: هو صاحب الأذان، ولكنه وهمٌ؛ لأن هذا عبد اللَّه بن زيد بن عاصم المازني، مازن الأنصار".
ويبدو أن البخاري تصرف في رواية ابن عيينة، فحذف منها موضع الوهم، ثم رد وهمه الذي وقع فيه:
ففي رواية ابن المديني [عند أبي عوانة]: حدثنا سفيان: حدثنا عبد اللَّه بن أبي بكر، قال: سمعت عباد بن تميم، يحدث عن عبد اللَّه بن زيد بن عبد ربه الذي أري النداء.
وأما النسائي فروى الحديث كما سمعه، ثم قال:"هذا غلط من ابن عيينة، وعبد اللَّه بن زيد الذي أري النداء هو عبد اللَّه بن زيد بن عبد ربه، وهذا عبد اللَّه بن زيد بن عاصم".
• ووقع عند البخاري بعد رواية المسندي: قال سفيان: فأخبرني المسعودي، عن أبي بكر، قال: جعل اليمين على الشمال.
وفي رواية أحمد، وبنحوه عند الدارقطني: قال سفيان: قلَبَ الرداءَ؛ جعل اليمينَ الشمالَ، والشمالَ اليمينَ. قوله، ولم يسنده لأحد.
قلت: رواية المسعودي تقدم الكلام عليها تحت الحديث السابق [وانظر: التغليق (2/ 391)].
• هكذا ذكر ابن عيينة الصلاة في حديث عبد اللَّه بن زيد، إلا أنه مرةً يؤخِّر ذكر الصلاة عن الدعاء وتحويل الرداء، ومرةً يقدِّمها.
3 -
ورواه محمد بن إسحاق [صدوق]، قال: حدثني عبد اللَّه بن أبي بكر، عن عباد بن تميم الأنصاري ثم المازني، عن عبد اللَّه بن زيد بن عاصم -وكان أحد رهطه، وكان عبد اللَّه بن زيد من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قد شهد معه أحدًا-، قال: قد رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين استسقى لنا؛ أطال الدعاء، وأكثر المسألة، قال: ثم تحوَّل إلى القبلة، وحوَّل رداءه، فقلبه ظهرًا لبطنٍ، وتحوَّل الناس معه.
أخرجه أحمد (4/ 41)(7/ 3590/ 16728 - ط. المكنز). ومن طريقه: الضياء في المختارة (9/ 361/ 327).
قلت: وهذا حديث منكر بهذه الزيادات التي انفرد بها ابن إسحاق دون بقية من روى الحديث من كبار الأئمة الحفاظ الثقات عن عبد اللَّه بن أبي بكر، وهم: مالك بن أنس، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، ودون بقية من روى الحديث من الثقات عن عباد بن تميم، مثل: ابن شهاب الزهري، وأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وابنه محمد بن أبي بكر، وعمرو بن يحيى المازني، واللَّه أعلم.
4 -
ورواه روح بن القاسم [ثقة حافظ]، عن عبد اللَّه بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عباد بن تميم، عن عمه عبد اللَّه بن زيد؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى، وقلب رداءه، فجعل أعلاه أسفله.
أخرجه الطبراني في الصغير (1188)، ومن طريقه: الخطيب في تاريخ بغداد (16/ 526).
قال الطبراني: حدثنا يُسرُ بن أنس البغدادي البزار: حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي [ثقة حافظ]: حدثنا إسماعيل بن علية [ثقة ثبت]، عن روح به.
قال الطبراني: "لم يروه عن روح إلا ابن علية".
قلت: رجاله ثقات حفاظ مشهورون، وإسناده طريق مسلوكة [انظر: صحيح البخاري (217)، ومسند البزار (8299 - 8301)، وتهذيب الآثار (2/ 791/ 1113)، وصحيح ابن خزيمة (6 و 84 و 2978)]؛ ولعل الحمل فيه على شيخ الطبراني: يسر بن أنس أبي الخير البغدادي، وقد وثقه تلميذه أبو القاسم ابن النخاس، وتبعه الخطيب البغدادي، وروى عنه جماعة من الأئمة والمصنفين، منهم: أبو بكر ابن الأنباري، وأبو بكر الشافعي، وأبو القاسم الطبراني، وابن عدي، ومحمد بن المظفر، وغيرهم [تاريخ بغداد (16/ 525)، والإكمال لابن ماكولا (1/ 274)، وتوضيح المشتبه (1/ 525)، وتاريخ الإسلام (23/ 340)]، وأخاف أن يكون دخل له حديث في حديث.
ثم هو غريب من حديث روح بن القاسم، وغريب من حديث ابن علية، ثم من حديث الدورقي؛ فهو حديث غريب شاذ.
والمحفوظ في هذا حديث المسعودي عن أبي بكر بن محمد؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم حول رداءه، فجعل الأيسر على الأيمن، والأيمن على الأيسر، ولم يجعل أعلاه أسفله.
* وله أسانيد أخرى عن عباد بن تميم:
1 -
فقد روى وهب بن جرير [ثقة]، قال: أخبرنا شعبة، عن محمد بن أبي بكر، عن عباد بن تميم، عن عبد اللَّه بن زيد؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى، فقلب رداءه.
أخرجه البخاري (1011)، ووكيع في أخبار القضاة (1/ 177).
هكذا رواه إسحاق بن راهويه [وعنه: البخاري][وكذا هو في نسخ البخاري، وفي التحفة (5297)]، ومحمد بن عبد اللَّه بن المبارك المخرمي [وعنه: وكيع القاضي محمد بن خلف بن حيان].
كلاهما [وهما: ثقتان حافظان]، روياه عن وهب بن جرير به، فقالا في إسناده: عن محمد بن أبي بكر.
* وتابع وهب بن جرير على هذا الوجه:
مؤمل بن إسماعيل [صدوق، كثير الخطأ]، وعمرو بن حكام [ضعيف. اللسان (6/ 200)]:
فروياه عن شعبة: ثنا محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن عباد بن تميم، عن عمه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استسقى قلب رداءه.
أخرجه أبو علي ابن شاذان في الأول من حديثه (52)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 159)، والذهبي في السير (16/ 35).
* وبهذا يتبين صحة الوجه الذي خرج به البخاري هذا الحديث؛ وأنه محفوظ من حديث محمد بن أبي بكر، وإنما وقع الوهم في رواية الطحاوي:
• فقد رواه الطحاوي (1/ 324)، قال: حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، عن شعبة، عن عبد اللَّه بن أبي بكر، به. هكذا جعله عن عبد اللَّه بن أبي بكر، بدلًا من محمد، فوهم وسلك الجادة؛ لشهرة الحديث عن عبد اللَّه بن أبي بكر، واللَّه أعلم.
والعهدة فيه على شيخ الطحاوي: إبراهيم بن مرزوق بن دينار البصري، نزيل مصر: صدوق، قال الدارقطني:"ثقة؛ إلا أنه كان يخطيء، فيقال له، فلا يرجع"، وكان قد عمي قبل موته [التهذيب (1/ 86)، والميزان (1/ 214)][وانظر في أوهامه: فضل الرحيم الودود (8/ 160/ 723)، وما تحت الحديث رقم (1536)].
2 -
وروى وهيب بن خالد [ثقة ثبت]، ومحمد بن فليح [ما به بأس، ليس بذاك القوي]:
عن عمرو بن يحيى [المازني]، عن عباد بن تميم، عن عبد اللَّه بن زيد، قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم الى هذا المصلى يستسقي، فدعا واستسقى، ثم استقبل القبلة وقلب رداءه.
أخرجه البخاري (6343)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 328/ 1210 - السفر الثاني). والطبراني في الدعاء (2200)، وأبو طاهر المخلص في الأول من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (266).
° وفي ختام طرق حديث عبد اللَّه بن زيد الأنصاري نلخص ما جاء فيها [فيما صح عنه]:
فقد رواه عن عباد بن تميم: عمرو بن يحيى المازني، ومحمد بن أبي بكر؛ فلم يذكرا ركعتي الاستسقاء.
• وأما حديث أبي بكر بن محمد عن عباد: فإن المحفوظ فيه من رواية يحيى بن سعيد الأنصاري، وعبد الرحمن المسعودي عنه: ليس فيه ما يقتضى الترتيب بين الصلاة، وبين الدعاء وتحويل الرداء.
• وأما حديث عبد اللَّه بن أبي بكر عن عباد: فالمحفوظ فيه رواية الحفاظ الثلاثة؛ مالك والثوري وابن عيينة، فأما حديث مالك وسفيان الثوري فإنه لم يشتمل على ذكر الصلاة، وإنما ذكرها ابن عيينة في حديثه؛ إلا أنه مرةً يؤخِّر ذكر الصلاة عن الدعاء وتحويل الرداء، ومرةً يقدِّمها.
• وأما حديث الزهري عن عباد: فإن أثبت الطرق عنه: ما رواه معمر بن راشد، وظاهر روايته: تقديم الصلاة على الدعاء والاستسقاء وتحويل الرداء، ويقويه من جهة المعنى: تقديم العمل الصالح بين يدي الدعاء، ليكون أرجى لقبوله، وتوسلًا به لإجابة الدعاء، واللَّه أعلم.
كذلك فإن الطرق المحفوظة لحديث عبد اللَّه بن زيد لم تشتمل على ذكر الخطبة.
قال ابن رجب في الفتح (6/ 283): "وظاهر حديث عبد اللَّه بن زيد: يدل على أنه لم يزد على الدعاء أيضًا، وعلى ذلك حمله الإمام أحمد في رواية المروذي".
• وأما حديث ابن عباس، فهو حديث صحيح، وفيه إثبات الخطبة، لكنه نفي شبهها بخطبهم المعتادة، مما يدل على اختلاف صفتها، لقوله: ولكن لم يزل في الدعاء، والتضرع، والتكبير، فأصبح شاهدًا في معناه لحديث عبد اللَّه بن زيد الأنصاري، أي: أن الاستسقاء: صلاة ودعاء، والدعاء يقوم مقام الخطبة، واللَّه أعلم.
كذلك فإن هشامًا راويه لم يكن يحفظ موضع الخطبة من الصلاة، قبلها أم بعدها، لكن في رواية حفيده عنه ما يبين المراد، حيث قال: فصنع فيه كما يصنع في الفطر والأضحى، وعلى هذا يمكن حمل رواية حاتم بن إسماعيل على أن فيها تقديمًا وتأخيرًا، واللَّه أعلم.
* ومما روي في هذا الباب في بيان موضع الخطبة من الصلاة، أو في صفة الصلاة، أو في تعليل تحويل الرداء:
1 -
حديث أنس بن مالك:
رواه إبراهيم بن المنذر [ثقة]، ويعقوب بن حميد بن كاسب [حافظ، له مناكير وغرائب]:
قالا: حدثني [محمد] بن فليح [ما به بأس، ليس بذاك القوي]، قال: أخبرني
عبد اللَّه بن حسين بن عطاء بن يسار، عن داود بن بكر بن أبي الفرات [لا بأس به]، عن شريك [بن عبد اللَّه] بن أبي نمر، عن أنس بن مالك؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى، فخطب قبل الصلاة، واستقبل القبلة، وحول رداءه، ثم نزل فصلى ركعتين؛ لم يكبر فيهما إلا تكبيرة واحدة.
أخرجه البزار (12/ 329/ 6195)، وأبو عوانة (2/ 112/ 2492)(2/ 50/ 1198 - إتحاف المهرة)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 318/ 2220)(4/ 365/ 2211 - ط. الفلاح)، والطبراني في الأوسط (9/ 51/ 9108).
قال البزار: "وهذا الحديث خلاف ما روي عن عبد اللَّه بن يزيد وعن أبي هريرة، ولا نعلمه يروى عن أنس إلا من هذا الوجه".
وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن عبد اللَّه بن حسين إلا محمد بن فليح، تفرد به: إبراهيم بن المنذر".
• خالفهما: يعقوب بن محمد الزهري [ضعيف. التهذيب (4/ 447)، والميزان (4/ 454)]، قال: حدثنا محمد بن فليح، عن عبد اللَّه بن حسين بن عطاء بن يسار [ضعيف، قال البخاري: "فيه نظر"، وقال مرة: "منكر الحديث"]، عن شريك بن عبد اللَّه بن أبي نمر، عن أنس بن مالك؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر في الاستسقاء واحدة.
أخرجه الترمذي في العلل (162)، وتمام في الفوائد (721).
قال الترمذي: "فسألت محمدًا [يعني: البخاري] عن هذا الحديث، فقال: هذا خطأ؛ وعبد اللَّه بن حسين بن عطاء: منكر الحديث، روى مالك بن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى؛ بقصته، وليس فيه هذا".
قلت: هو حديث منكر؛ تفرد به عن شريك بهذا السياق: عبد اللَّه بن حسين بن عطاء بن يسار، وقد رواه مطولًا بقصة الاستسقاء في خطبة الجمعة:
مالك بن أنس، وأبو ضمرة أنس بن عياض، وإسماعيل بن جعفر، وسعيد بن أبي سعيد المقبري، وسليمان بن بلال [وهم مدنيون ثقات، فيهم رأس المتقنين وكبير المتثبتين]:
عن شريك بن عبد اللَّه بن أبي نمر، أنه سمع أنس بن مالك، يذكر أن رجلًا دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قائم يخطب،. . . فذكر الحديث بطوله، وليس فيه استقبال القبلة، ولا تحويل الرداء، وإنما كان ذلك في خطبة الجمعة، وهي قبل الصلاة يقينًا، ولم يكبر فيها تكبيرًا زائدًا.
أخرجه البخاري (1013 و 1014 و 1016 و 1017 و 1019)، ومسلم (897/ 8)، ويأتي تخريجه في السنن برقم (1175)، إن شاء اللَّه تعالى.
2 -
حديث عبد الثه بن يزيد الخطمي؛ موقوفًا عليه، وهو صحابي صغير:
روى عبد الرزاق، عن الثوري، عن أبي إسحاق، عن عبد اللَّه بن يزيد الخطمي؛ أن
ابن الزبير خرج يستسقي بالناس، فخطب، ثم صلى بغير أذان ولا إقامة، قال: وفي الناس يومئذ البراء بن عازب، وزيد بن أرقم.
أخرجه عبد الرزاق (3/ 86/ 4899)، ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط (4/ 318/ 2221).
* خالفه جماعة من أصحاب الثوري:
• فقد رواه وكيع بن الجراح، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وقبيصة بن عقبة [وهم ثقات]، ومحمد بن الحسن الشيباني [ضعيف]:
قال وكيع: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، قال: خرجنا مع عبد اللَّه بن يزيد الأنصاري نستسقي، فصلى ركعتين، وخلفه زيد بن أرقم.
ورواه قبيصة، عن سفيان، عن أبي إسحاق، قال: بعث عبد اللَّه بن الزبير إلى عبد اللَّه بن يزيد الخطمي؛ أن استسقِ بالناس، فخرج وخرج الناس معه، وفيهم زيد بن أرقم والبراء بن عازب.
أخرجه محمد بن الحسن الشيباني في الحجة (1/ 339)، وابن أبي شيبة (2/ 221/ 8338) و (7/ 315/ 36429)، والسري بن يحيى في حديثه عن شيوخه عن الثوري (40)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (3/ 10)(2/ 513 - الفتح لابن حجر).
• ورواه عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق السبيعي؛ أن ابن الزبير بعث إلى عبد اللَّه بن يزيد -هو الخطمي- أن يستسقيَ بالناس، فخرج فاستسقى بالناس، وفيهم البراء بن عازب وزيد بن أرقم، فصلى ثم خطب.
علقه ابن حزم في المحلى (5/ 94).
فتبين بذلك أن رواية عبد الرزاق وهمٌ، وأن الذي استسقى بهم هو عبد اللَّه بن يزيد الخطمي بأمر ابن الزبير، وأنه خطب بعد الصلاة.
قال ابن حجر في الفتح (2/ 513) عن رواية عبد الرزاق: "وقوله: إن ابن الزبير هو الذي فعل ذلك: وهمٌ، وإنما الذي فعله هو عبد اللَّه بن يزيد بأمر ابن الزبير، وقد وافق قبيصةَ عبدُ الرحمن بن مهدي عن الثوري على ذلك".
• قلت: وابن مهدي من أثبت أصحاب الثوري، وتابعه على هذه الرواية شعبة بن الحجاج:
• فقد رواه شعبة [وعنه: غندر محمد بن جعفر، ووهب بن جرير، ومسلم بن إبراهيم، وأبو الوليد الطيالسي، ومحمد بن كثير العبدي، وسليمان بن حرب، وبعضهم اختصر موضع الشاهد، واللفظ بتمامه لغندر]، عن أبي إسحاق، عن عبد اللَّه بن يزيد الأنصاري؛ خرج يستسقي بالناس، فصلى ركعتين، ثم استسقى، فلقيت يومئذ زيد بن أرقم، وليس بيني وبينه غير رجل، أو بيني وبينه رجل، قلت: كم غزا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: تسع عشرة غزوة، قلت: كم غزوت أنت معه؟ قال: سبع عشرة [غزوة]، قلت: فما
أول غزوة غزاها؟ قال: ذات العسيرة، أو ذات العشيرة [وفي صحيح مسلم: ذات العُسير، أو: العُشير].
أخرج منه موضع الشاهد في الاستسقاء: مسلم (1254/ 143 - الجهاد والسير). وأبو عوانة (4/ 356/ 6956)، وابن حبان (14/ 193/ 6283)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (3/ 10)، والطحاوي (1/ 326)، والطبراني في الكبير (5/ 187/ 5042)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1170/ 2968)، والبيهقي (3/ 348).
قلت: وسفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج: هما أثبت أصحاب أبي إسحاق السبيعي، وأقدمهم منه سماعًا، وقولهما هو الصواب؛ وذلك خلافًا لرواية زهير بن معاوية، وهو ممن تأخر سماعه من أبي إسحاق:
• رواه زهير بن معاوية، فرواه عن أبي إسحاق، قال: خرج عبد اللَّه بن يزيد الأنصاري، وخرج معه البراء بن عازب، وزيد بن أرقم رضي الله عنهم، فاستسقى، فقام بهم على رجليه على غير منبر، فاستغفر، ثم صلى ركعتين، يجهر بالقراءة، ولم يؤذن ولم يقم.
قال أبو إسحاق: ورأى عبد اللَّه بن يزيد الأنصاري النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي رواية ابن الجعد عن زهير: خرج عبد اللَّه بن يزيد الأنصاري يستسقي، وخرج فيمن خرج معه يومئذ البراء بن عازب وزيد بن أرقم، وكنت فيمن خرج معه، فقام قائمًا على رجليه، فاستسقى واستغفر، ثم صلى ركعتين، ونحن خلفه يجهر فيهما بالقراءة، ولم يؤذن ولم يقم.
ووقع في بعض الروايات: وصلى ركعتين، بواو العطف، بدل: ثم.
وتحرفت "رجليه" إلى "راحلته"، في رواية الطحاوي.
أخرجه البخاري في الصحيح (1022)، وفي التاريخ الأوسط (1/ 165/ 754 و 755)، والبلاذري فى أنساب الأشراف (7/ 7)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (2559)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 297/ 2893)، والطحاوي (1/ 326)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 344)، والبيهقي (3/ 349).
هكذا جعل زهير الاستسقاء قبل الصلاة، وجعله الثوري وشعبة بعد الصلاة، وقولهما هو الصواب، واللَّه أعلم.
والبخاري لما أخرج هذا الحديث ترجم له بقوله: باب الدعاء في الاستسقاء قائمًا، فاحتج به على القيام في الاستسقاء، وهذا يدل على عدِّه عبد اللَّه بن يزيد الخطمي في جملة الصحابة [وانظر: صحيح البخاري (2474 و 5516)، والتاريخ الكبير (5/ 13)، والتهذيب (2/ 456)]، وإقرار البراء بن عازب وزيد بن أرقم له على ذلك يزيده قوة، وأما موضع الخطبة أو الاستسقاء من الصلاة، قبلها أم بعدها؛ فلم يتطرق إلى ذلك البخاري في صحيحه بشيء من التراجم، وإخراجه للروايات الدالة على تقديم الاستسقاء على الصلاة، مثل حديث عبد اللَّه بن يزيد هذا، وحديث ابن أبي ذئب عن الزهري عن عباد بن تميم عن
عبد اللَّه بن زيد، وحديث ابن عيينة عن عبد اللَّه بن أبي بكر عن عباد بن تميم عن عبد اللَّه بن زيد، برواياته المختلفة في التقديم والتأخير [وقد تقدم تخريجها]، قلت: إخراجه لها لا يدل عندي على احتجاجه بها على تأخير الصلاة، وإلا لترجم لهذه المسألة، لاسيما مع علمه بوقوع الخلاف فيها، وسكوته عن هذه المسألة إنما غايته أن يقال: إن الأمر عنده في ذلك واسع، قدَّم الصلاة أو أخرها، وذلك لاختلاف الروايات في هذا الباب، ومن أهل العلم من يذهب إلى التخيير في ذلك، وأن الأمر فيه واسع، وهو رواية عن أحمد [انظر: الفتح لابن رجب (6/ 283)]، وإن كنتُ أرى أن الروايات الراجحة تدل على تقديم الصلاة على الاستسقاء، وأنه لم يرد دليل صحيح صريح على الخطبة.
وممن ذهب إلى أن حديث عبد اللَّه بن يزيد هذا يدل على تقديم الصلاة: البزار، حيث قال بعد حديث أنس السابق، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في الاستسقاء قبل الصلاة، قال:"وهذا الحديث خلاف ما روي عن عبد اللَّه بن يزيد وعن أبي هريرة"، قلت: أما حديث أنس وأبي هريرة فهما منكران، وأما حديث عبد اللَّه بن يزيد فهو صحيح موقوفًا، فكلام البزار يدل على تقديم الصلاة على الخطبة، واللَّه أعلم.
كذلك فإن رواية شعبة وزهير ليس فيها ذكر الخطبة، وإنما فيها ذكر الاستسقاء والاستغفار، وإنما جاء ذكر الخطبة في رواية الثوري، ويمكن حملها على عد الاستغفار والدعاء والتضرع والتكبير خطبة تجوزًا، واللَّه أعلم.
3 -
حديث عائشة:
يرويه خالد بن نِزار: حدثني القاسم بن مبرور، عن يونس بن يزيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: شكا الناسُ إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قُحُوطَ المطر، فأمر بمنبرٍ فوُضع له في المصلَّى، ووعد الناسَ يومًا يخرجون فيه، قالت عائشة: فخرج رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجبُ الشمس، فقعد على المنبر، فكبر صلى الله عليه وسلم، وحمد اللَّه عز وجل، ثم قال:"إنكم شكوتم جدبَ دياركم، واستئخارَ المطرِ عن إِبَّانِ زمانه عنكم، وقد أمركم اللَّه عز وجل أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم"، ثم قال:"الحمد للَّه رب العالمين، الرحمن الرحيم، ملك يوم الدين، لا إله إلا اللَّه، يفعل ما يريد، اللهُمَّ أنت اللَّه، لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء، أنزِلْ علينا الغيثَ، واجعل ما أنزلتَ لنا قوة وبلاغًا إلى حين"، ثم رفع يديه، فلم يزَلْ في الرفعِ حتى بدا بياضُ إبطيه، ثم حوَّل إلى الناس ظهره، وقلبَ أو حوَّلَ رداءه، وهو رافعٌ يديه، ثم أقبل على الناس ونزل، فصلى ركعتين، فأنشأ اللَّه سحابةً فرَعَدَت وبَرَقَت، ثم أمطرت بإذن اللَّه، فلم يأتِ مسجدَه حتى سالت السيول، فلما رأى سُرعتَهم إلى الكِنِّ ضحك صلى الله عليه وسلم، حتى بدت نواجِذُه، فقال:"أشهد أن اللَّه على كل شيء قدير، وأني عبدُ اللَّه ورسوله".
وهو حديث غريب، ويأتي تخريجه برقم (1173).
وهذا الحديث حجة قوية في إثبات الخطبة في الاستسقاء، وأنها تكون قبل الصلاة؛ لكنه لا يثبت.
4 -
حديث علي بن أبي طالب:
يرويه إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى [الأسلمي: متروك، كذبه جماعة]، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: كان علي يكبر في الأضحى والفطر والاستسقاء؛ سبعًا في الأولى، وخمسًا في الأخرى، ويصلي قبل الخطبة، ويجهر بالقراءة، قال: وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان يفعلون ذلك.
وهذا إسناد واهٍ، تقدم تخريجه تحت الحديث السابق برقم (1152).
5 -
حديث ابن عباس:
يرويه إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، عن أبي الحويرث، عن إسحاق بن عبد اللَّه بن كنانة، عن أبيه، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أظن أنه كان يكبر في الفطر والأضحى والاستسقاء؛ سبعًا في الأولى، وخمسًا في الآخرة.
وهذا إسناد واهٍ، تقدم تخريجه تحت الحديث السابق برقم (1152).
• وروى محمد بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن
طلحة بن عبد اللَّه بن عوف، قال: أرسلني مروان إلى ابن عباس أسأله عن سنة الاستسقاء، فقال: سنة الاستسقاء سنة الصلاة في العيدين؛ إلا أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قلب رداءه فجعل يمينه على يساره ويساره على يمينه، فصلى الركعتين، يكبر في الأولى سبع تكبيرات، وقرأ:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} ، وقرأ في الثانية:{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1)} ، وكبر فيها خمس تكبيرات.
وهو حديث منكر، تقدم تخريجه تحت الحديث السابق برقم (1152).
6 -
حديث أنس:
روى الطبراني في الدعاء (2179)، وفي الأوسط (7/ 320/ 7619)، وفي الأحاديث الطوال (27)، وابن عدي في الكامل (6/ 58) (10/ 95/ 16834 - ط. الرشد):
بإسنادين مجهولين، إلى مجاشع بن عمرو: ثنا ابن لهيعة، عن عقيل بن خالد، عن الزهري، عن أنس بن مالك، قال: قحط الناس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأتاه المسلمون،. . . فذكر حديثًا طويلًا في الاستسقاء، وفيه: فلما كان ذلك اليوم خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم والناس، يمشي ويمشون، عليهم السكينة والوقار، حتى أتوا المصلى، فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بهم ركعتين، يجهر فيهما بالقراءة، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين والاستسقاء في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} ، وفي الركعة الثانية بفاتحة الكتاب و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1)} ، فلما قضى صلاته استقبل القوم بوجهه، وقلب رداءه، ثم جثى محلى ركبتيه، ورفع يديه، وكبر تكبيرة قبل أن يستسقي، ثم قال:"اللَّهُمَّ اسقنا، وأغثنا، اللَّهُمَّ اسقنا غيثًا مغيثًا، رحبًا ربيعًا،. . . "، في دعاء طويل، وحديث طويل.
وهو حديث باطل موضوع، تقدم تخريجه تحت الحديث السابق برقم (1154).
7 -
حديث جابر بن عبد اللَّه:
يرويه محمد بن يوسف بن عيسى بن الطباع [صدوق. الثقات (9/ 139)، وسؤالات الحاكم (185)، وتاريخ بغداد (3/ 394)، والسير (13/ 165)]: حدثني عمي إسحاق بن عيسى [صدوق]: ثنا حفص بن غياث، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، قال: استسقى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وحوَّل رداءه؛ ليتحوَّل القحط.
أخرجه الحاكم (1/ 326)، وعنه: البيهقي (3/ 351).
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه".
وقال البيهقي: "كذا قال: عن جابر، ورواه غيره عن إسحاق بن عيسى، فلم يذكر فيه جابرًا، وجعله من قول أبي جعفر".
• خالفه فأرسله: محمد بن عبد اللَّه بن إسماعيل بن أبي الثلج [ثقة]: حدثنا إسحاق الطباع، عن حفص بن غياث، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: استسقى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وحوَّل رداءه؛ ليتحوَّل القحط.
أخرجه الدارقطني (2/ 66)، ومن طريقه: البيهقي (3/ 351).
قلت: المرسل أشبه بالصواب.
* ورواه ابن شبة في أخبار المدينة (1/ 93/ 426)، قال: حدثنا عبيد بن جياد [تصحف عن: عبيد بن جناد الحلبي: روى عنه أبو زرعة، وقال أبو حاتم: "صدوق، لم أكتب عنه". الجرح والتعديل (5/ 404)، وذكره ابن حبان في الثقات (8/ 432)، وصحح له في صحيحه (3320 و 7458 و 7479)، وقال الهيثمي في المجمع (9/ 162): "وهو ثقة"، ومع هذا قال ابن حجر في الدراية (1/ 90): "ضعيف"، ولم أر له سلفًا في تضعيفه، وانظر أيضًا: تاريخ الإسلام (16/ 272)، والثقات لابن قطلوبغا (7/ 45)]، قال: حدثنا رجل، عن محمد بن أبان، عن جعفر بن محمد، عن أبيه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يستسقي، فاستقبل القبلة وحوَّل رداءه، وأومأ إلى الناس أن: قوموا، فدعا قائمًا، والناس قيام.
قال محمد: فقلت لجعفر: ما أراد بتحويل ردائه؟ قال: أن يتحول القحط.
قلت: وهذا مرسل بغسناد ضعيف؛ محمد بن أبان بن صالح القرشي الجعفي الكوفي: ضعيف [انظر: اللسان (6/ 488) وغيره]، والراوي عنه: مبهم.
8 -
حديث الشفاء بنت عبد اللَّه [أخرجه الطبراني في الكبير (24/ 312/ 7872)، وفي الدعاء (2202)][وهو حديث منكر؛ في إسناده: خالد بن إلياس أبو الهيثم العدوي المدني: متروك، منكر الحديث. التهذيب (1/ 514)، والميزان (1/ 627)، وقد تلون في إسناده، فرواه مرة أخرى مرسلًا من حديث أبي بكر بن حزم، أخرجه أبو بكر النيسابوري في الزيادات على المزني (136)].
* وأما ما روي عن عمر أنه استسقى ولم يصلِّ، وأنه اكتفى بالاستغفار؛ فلا يثبت عنه [روي عنه بثلاثة أسانيد، في كلِّ منها مقال، أحدها مشهور، لكنه منقطع، وآخر غريب
وفيه ضعف أيضًا، وبعضها ليس صريحًا في ترك الصلاة] [أخرجه عبد الرزاق (3/ 87/ 4902)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (4/ 157)، وسعيد بن منصور في سننه (5/ 353)، وابن سعد في الطبقات (3/ 320)، وابن أبي شيبة (2/ 221/ 8342) و (2/ 222/ 8343) و (6/ 61/ 29485 و 29486)، وابن شبة في أخبار المدينة (1/ 391/ 1235)، والبلاذري في أنساب الأشراف (10/ 400)، وابن أبي الدنيا في المطر والرعد (84)، وابن جرير الطبري في تفسيره (29/ 93)، وابن أبي حاتم في تفسيره (6/ 2045/ 10960)، والطبراني في الدعاء (964)، والبيهقي في السنن (3/ 351 و 352)، وفي المعرفة (3/ 97/ 2010)، والواحدي في تفسيره الوسيط (4/ 57)، [قال ابن عبد البر في الاستذكار (2/ 427): "ليس في هذا الحديث عن عمر؛ أنه لم يصل، ولا أنه لم ير الصلاة، وإنما فيه صفة الدعاء في الاستسقاء، وليس من لم يشهد حجة على من شهد وحفظ، وقد روي عن عمر أنه خطب في الاستسقاء قبل الصلاة"].
° ومما قيل في معنى قلب الرداء:
قال أبو عبد الرحمن عبد اللَّه بن أحمد: "قلبَ الرداءَ حتى تحول السَّنةُ، يصير الغلاء رخصًا [المسند (4/ 41)].
ونقل البيهقي في السنن (3/ 351) بإسناده إلى وكيع، قال في قوله: جعل اليمين على الشمال، والشمال على اليمين:"يعني: تحول السنة الجدبة إلى الخصب، كما تحول هذا اليمين على الشمال".
وبهذا القول أخذ جماعة الشراح تفاؤلًا بتحول الحال.
° قال مالك في الموطأ (512) لما سئل عن صلاة الاستسقاء كم هي؟ قال: "ركعتان، ولكن يبدأ الإمام بالصلاة قبل الخطبة، فيصلي ركعتين، ثم يخطب قائمًا ويدعو، ويستقبل القبلة، ويحوِّل رداءه حين يستقبل القبلة، ويجهر في الركعتين بالقراءة، وإذا حوَّل رداءه جعل الذي على يمينه على شماله، والذي على شماله على يمينه، ويحوَّل الناسُ أردِيتَهم؛ إذا حوَّل الإمام رداءه، ويستقبلون القبلة وهم قعود".
وقال في المدونة (1/ 166) بأنه يخطب خطبتين يجلس بينهما جلسة.
وقال محمد بن الحسن في موطئه (294): "أما أبو حنيفة رحمه الله فكان لا يرى في الاستسقاء صلاةً، وأما في قولنا: فإن الإمام يصلي بالناس ركعتين، ثم يدعو ويحوِّل رداءه، فيجعل الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن، ولا يفعل ذلك أحد إلا الإمام".
وقال الشافعي في الأم (2/ 545): "فبهذا كله نأخذ؛ فنأمر الإمام يكبر في الاستسقاء سبعًا وخمسًا قبل القراءة، ويرفع يديه عند كل تكبيرة من السبع والخمس، ويجهر بالقراءة، ويصلى ركعتين؛ لا يخالف صلاة العيد بشيء، وتأمره أن يقرأ فيها ما يقرأ في صلاة العيدين".