الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
232 - باب الدنو من الإمام عند الموعظة
1108 -
قال أبو داود: حدثنا علي بن عبد الله: حدثنا معاذ بن هشام، قال: وجدت في كتاب أبي بخط يده ولم أسمعه منه: قال قتادة: عن يحيى بن مالك، عن سمرة بن جندب؛ أن نبي الله صلى الله عليه وسلم، قال:"احضُروا الذِّكرَ، وادنُوا من الإمام، فإن الرجلَ لا يزال يتباعدُ حتى يؤخَّرَ في الجنة، وإنْ دخلها".
* رجاله ثقات
أخرجه من طريق علي بن عبد الله بن المديني: أحمد بن حنبل في مسنده (5/ 11)، والحاكم (1/ 289) [وانظر: الإتحاف (6/ 20/ 6062)، سنن البيهقي (3/ 238)]، والبيهقي (3/ 238).
قال عبد الله بن أحمد في المسند: وجدت في كتاب أبي بخط يده، وأكبر ظني أني قد سمعته منه، قال: حدثنا علي بن عبد الله: حدثنا معاذ، قال: وجدت في كتاب أبي بخط يده ولم أسمعه منه: حدثنا قتادة،
…
فذكره.
وقال الحاكم: أخبرنا بكر بن محمد بن حمدان الصيرفي بمرو [ثقة. الإرشاد (3/ 922)، تاريخ نيسابور (196)، السير (15/ 554)]: ثنا إسماعيل بن إسحاق [القاضي: حافظ متقن]: ثنا علي بن المديني: حدثني معاذ بن هشام: حدثني أبي،
…
فذكره، هكذا بإثبات سماع معاذ من أبيه، ثم قال:"هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه".
وقد رواه البيهقي من طريق أبي داود كما هو، بذكر عدم سماع معاذ بن هشام من أبيه لهذا الحديث، ثم قال:"كذا رواه أبو داود عن علي، وهو الصحيح".
ثم أعقبه برواية الحديث عن الحاكم به بإثبات السماع، ثم قال:"ولا أحسبه إلا واهمًا [يعني: أبا عبد الله الحاكم] في ذكر سماع معاذ عن أبيه، هو أو شيخه، فأما إسماعيل القاضي فهو أجلُّ من ذاك، والله أعلم".
قلت: وهذا الحديث وإن لم يسمعه معاذ من أبيه هشام الدستوائي؛ إلا أن له حكم الاتصال؛ لأنها وجادة صحيحة، بقرينة معرفة الخط، وأنها بخط أبيه، طالما كان كتاب أبيه محفوظًا عن أن يُدخل فيه ما ليس منه.
فإن قيل: كثيرًا ما يدخل الخلل والوهم والتصحيف والتحريف على الرواية من صحيفة لم يسمعها، فيقال: هذا إذا لم يكن خبيرًا بخط صاحبها، فإذا كان خبيرًا بخطه، يحسن قراءته من غير تصحيف ولا تحريف، ولا يدخل عليه الوهم والخطأ بسبب أخذه عن الصحيفة والكتاب فلا إشكال إذًا، لا سيما لو كان من كتاب أبيه وكان بخطه خبيرًا لا
يشكل عليه قراءته؛ كذلك فإن كون كتاب هشام كان عند ابنه معاذ مما يشعر بكونه محفوظًا عن الزيادة والإلحاق، مصونًا عن التبديل والتحريف، والله أعلم.
ودعوى الانقطاع والإرسال في هذا الإسناد مردودة، فإن في الإجازة المجردة عن المناولة والتي يحتجون بها: نوع انقطاع [انظر: السنن الأبين (71 و 73)]، كما أن فيها نوعًا من الوجادة؛ لكونها رواية من كتاب من غير سماع، والفرق بينها وبين الوجادة التي بين أيدينا فقط الأذن بالرواية، بل الحالة التي معنا أرفع حالًا، حيث إن معاذًا قد سمع من أبيه حديثًا كثيرًا، وهذا لم يسمعه منه، وإنما وجده في كتاب أبيه بخطه، ففيه نوع اتصال، وهل ثمة مانع أن يكون له من أبيه إجازة برواية كتبه؟ كما أن به شبهًا من الكتاب المبعوث إليه، والله أعلم [وانظر: بيان الوهم (2/ 376) و (5/ 501 و 706)].
ويزيد النفس اطمئنانًا إلى ثبوت هذه الرواية عن قتادة، قول أبي حاتم في العلل (587):"رواه بعض حفاظ أصحاب قتادة، عن قتادة، عن أبي أيوب الأزدي، عن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم".
وأبو أيوب الأزدي هو: يحيى بن مالك، قال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الكبرى (2/ 456):"يحيى بن مالك هو: أبو أيوب المراغي الأزدي؛ ثقة مشهور، روى له مسلم والبخاري".
وهذا الحديث: رجاله ثقات، رجال الشيخين؛ إلا أني لم أقف على سماع لأبي أيوب من سمرة، وهو أيضًا قليل الرواية عنه جدًّا [انظر: المعجم الكبير (7/ 232/ 6968)، مسند الشاميين (4/ 75/ 2767)]، وأما رواية قتادة عن أبي أيوب: فهي في الصحيحين.
والبخاري لما ترجم لأبي أيوب في تواريخه فلم يثبت له سماعًا إلا من جويرية بنت الحارث؛ لذا أخرجه في صحيحه [انظر: صحيح البخاري (1986)، التاريخ الكبير (8/ 303)، التاريخ الأوسط (1/ 238/ 1148)، الكنى (85)].
* تابع هشامًا الدستوائي - فيما وقفت عليه -:
سعيد بن بشير [ضعيف]، فرواه عن قتادة، عن أبي أيوب، عن سمرة بن جندب، رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال:"احضروا الجمعة، وادنوا من الإمام، وإني قد عرفت أن أقوامًا يؤخرون عن دخول الجنة؛ بتأخُّرِهم عن الجمعة، وإن كانوا من أهلها".
أخرجه الطبراني في الأوسط (4/ 338/ 4371)[وشيخ الطبراني: عبد الله بن الحسين بن جابر المصيصي: يسرق الحديث، أحاديثه مقلوبة. المجروحين (2/ 10)، اللسان (4/ 456)].
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن قتادة إلا سعيد بن بشير، تفرد به محمد بن بكار"، قلت: هو ابن بلال العاملي، وهو: صدوق، وكلام الطبراني يعني أن شيخه قد توبع عليه، ولم يتفرد به، وكذلك كلام ابن أبي حاتم الآتي ذكره.
قلت: هو حديث محفوظ عن أصحاب قتادة، عن قتادة، عن أبي أيوب، عن سمرة مرفوعًا؛ قال أبو حاتم في العلل (587):"رواه بعض حفاظ أصحاب قتادة، عن قتادة، عن أبي أيوب الأزدي، عن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم".
* خالفهما: الحكم بن عبد الملك [وعنه: سريج بن النعمان]، فرواه عن قتادة، عن الحسن، في سمرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "احضُروا الجمعة، وادنُوا من الإمام، فإن الرجل ليتخلَّف عن الجمعة؛ حتى إنه ليتخلَّف عن الجنة، وإنه لمن أهلها".
وفي رواية: "فإن الرجل يكون له المنزلة في الجنة؛ فيتأخر عن الجمعة فيؤخر عنها".
أخرجه أحمد (5/ 10)، وابن أبي شيبة في المسند (4/ 650/ 684 - مطالب)، والبزار (10/ 439/ 4594)، والطبراني في الكبير (7/ 206/ 6854)، وفي الصغير (346)، والبيهقي في السنن (3/ 238)، وفي الشعب (3/ 106/ 3011)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب والترهيب (940).
قال البزار: "وهذا الحديث رواه هشام عن قتادة عن رجل عن سمرة".
قلت: كأن البزار نسي اسم يحيى بن مالك، وقد حفظه غيره، كما أن متنه عند البزار مغاير لما عند الجماعة، ولفظه:"إذا أتيتم الجمعة فادنوا من الإمام، واستمعوا الخطبة، ولا تلغوا"، وهو وهم.
قال الطبراني: "لم يروه عن قتادة إلا الحكم، تفرد به: سريج بن النعمان".
قلت: وهو ثقة؛ لكن الشأن في الحكم.
* قال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 204/ 587)(2/ 557/ 587 - ط الحميد): "سمعت أبي؛ وذكر حديث الحكم بن عبد الملك، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "احضُروا الجمعة، وادنوا منها، فإن الرجل ليتخلَّف عن الجمعة حتى إنه ليُخلَّف عن الجنة، وإنه من أهلها".
قال أبي: رواه بعض حفاظ أصحاب قتادة، عن قتادة، عن أبي أيوب الأزدي، عن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قيل لأبي: أيهما أشبه؟ قال: عن أبي أيوب عن سمرة أشبه.
قلت لأبي: فإن سعيد بن بشير روى هذا الحديث عن قتادة، عن أبي أيوب يحيى بن المنكدر، عن سمرة؟
قال: أخطأ في ذلك؛ إنما هو أبو أيوب العتكي يحيى بن مالك".
قلت: هو حديث منكر من حديث الحسن البصري؛ تفرد به عن قتادة: الحكم بن عبد الملك البصري، وقد روى الحكم هذا عن قتادة غير حديثٍ لم يتابع عليه، وهو: ضعيف، قليل الرواية عن قتادة، ينفرد عنه بما لا يتابع عليه [ضعفاء العقيلي (1/ 257)، الجرح والتعديل (3/ 122)، علل الحديث (1/ 204/ 587)، التهذيب (1/ 466)، [وانظر
في مناكيره فيما تقدم: الحديث رقم (402) الطريق رقم (22)، والحديث رقم (675)، الشاهد الرابع].
* وفي فضل الدنو من الإمام يوم الجمعة أحاديث، منها:
1 -
حديث أوس بن أوس:
يرويه ابن المبارك، عن الأوزاعي: حدثني حسان بن عطية: حدثني أبو الأشعث الصنعاني: حدثني أوس بن أوس الثقفي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من غسل يوم الجمعة واغتسل، ثم بكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ، كان له بكل خطوة عمل سنة: أجر صيامها وقيامها".
تقدم برقم (345)، وهو حديث صحيح، وله طرق عن أبي الأشعث الصنعاني.
2 -
حديث أبي هريرة:
يرويه أبو أمية الثقفي [إسماعيل بن يعلى: متروك. الميزان (1/ 254)، اللسان (2/ 186)]، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من بكر يوم الجمعة وابتكر، وغسل واغتسل، ومشى ولم يركب، فدنا من الإمام، فاستمع وأنصت، ولم يلغ، حتى يصلي الجمعة: كفاه الله ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وزيادة ثلاثة أيام".
وهو منكر عن أبي هريرة بهذا اللفظ، وإسناده ضعيف جدًّا، وتقدم ذكره تحت الحديث رقم (343).
3 -
حديث علي بن أبي طالب:
يرويه الحجاج بن أرطاة [ليس بالقوي]، عن عطاء الخراساني؛ أنه حدثه عن مولى امرأته، عن علي بن أبي طالب، قال:"إذا كان يوم الجمعة خرج الشياطين يربِّثون الناس إلى أسواقهم، ومعهم الرايات، وتقعد الملائكة على أبواب المساجد يكتبون الناس على قدر منازلهم: السابق، والمصلي، والذي يليه، حتى يخرجَ الإمامُ، فمن دنا من الإمام فأنصت واستمع ولم يلغُ؛ كان له كفلان من الأجر، ومن نأى عنه فاستمع وأنصت ولم يلغ، كان له كفل من الأجر، ومن دنا من الإمام فلغا ولم ينصت ولم يستمع، كان عليه كفلان من الوزر، ومن نأى عنه فلغا ولم ينصت ولم يستمع، كان عليه كفل من الوزر، ومن قال: صهْ، فقد تكلم، ومن تكلم فلا جمعة له"، ثم قال: هكذا سمعت نبيكم.
تقدم برقم (1051)، وهو حديث ضعيف.
4 -
حديث ابن عباس:
يرويه أبو بكر بن أبي داود [عبد الله بن سليمان بن الأشعث: ثقة حافظ]، قال: نا عمي محمد بن الأشعث [السجستاني: ذكره ابن حبان في الثقات، يروي عن أصحاب شعبة. الثقات (9/ 149)، تاريخ الإسلام (19/ 275)، السير (13/ 221)، الثقات لابن قطلوبغا (8/ 193)]، قال: نا حسن بن حسن، قال: نا أبي حسن [وفي رواية ابن بطة: ثنا ابن جسر، قال: حدثني أبي جسر]، عن الحسن، عن عبد الله بن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم -
قال: "إن أهل الجنة يرون ربهم عز وجل في كل يوم جمعة في رمال الكافور، وأقربهم منه مجلسًا: أسرعُهم إليه يوم الجمعة، وأبكَرُهم غُدُوًا".
أخرجه الآجري في الشريعة (611)، وفي التصديق بالنظر (44)، وابن بطة في الإبانة (7/ 41/ 30).
قلت: وهذا إسناد مظلم مجهول، إن كان على رواية الآجري، والحسن راويه عن ابن عباس يحتمل أن يكون هو الحسن البصري، ولم يسمع من ابن عباس [المراسيل (97 - 101)، تحفة التحصيل (69)]، ويحتمل أن يكون هو الحسن بن عبد الله العرني، ولم يسمع أيضًا من ابن عباس شيئًا [المراسيل (155)، تحفة التحصيل (77)]، وشيخ محمد بن الأشعث، وشيخ شيخه: فلم أعرفهما من هذه الطبقة.
وإن كان على رواية ابن بطة؛ فهو حديث منكر؛ الراوي عن ابن عباس: هو الحسن البصري، ولم يسمع من ابن عباس، والراوي عنه: جسر بن فرقد القصاب أبو جعفر البصري، وهو: ضعيف، تركه جماعة، وقال ابن عدي:"وأحاديثه عامتها غير محفوظة"[الكامل (2/ 168)، اللسان (2/ 435)]، وابنه جعفر: يروي عن أبيه أحاديث منكرة، وضعفه جماعة، وقال ابن عدي:"عامة ما يرويه منكر"[الكامل (2/ 150)، اللسان (2/ 445)].
5 -
حديث ابن مسعود:
رواه أبو نعيم الفضل بن دكين، ووكيع بن الجراح [وهما ثقتان ثبتان، ممن سمع من المسعودي قبل الاختلاط]، وعبد الله بن المبارك [وهو قديم الوفاة، وهو أكبر من وكيع وأبي نعيم، فيكون سماعه من المسعودي قديمًا]، وشبابة بن سوار، وأبو داود الطيالسي، وأبو النضر هاشم بن القاسم [وهم ثقات حفاظ، ممن سمع من المسعودي بعد الاختلاط][تاريخ بغداد (10/ 218)، الكواكب النيرات (35)، التقييد والإيضاح (430)، شرح علل الترمذي (2/ 747)]:
عن المسعودي [عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة]، عن المنهال بن عمرو، عن أبي عبيدة [بن عبد الله بن مسعود]، قال: قال عبد الله: سارعوا إلى الجمع؛ فإن الله عز وجل يبرز إلى أهل الجنة في كل جمعة في كثيب من كافور [أبيض]، فيكونوا من القرب على قدر تسارعهم إلى الجمعة [في الدنيا]، فيحدث الله عز وجل لهم من الكرامة شيئًا لم يكونوا رأوه قبل ذلك، ثم يرجعون إلى أهليهم فيحدثونهم بما أحدث الله لهم.
قال: ثم دخل عبد الله المسجد فإذا هو برجلين يوم الجمعة قد سبقاه، فقال عبد الله: رجلان وأنا الثالث، إن شاء الله أن يبارك في الثالث. لفظ أبي نعيم [عند الطبراني].
وفي رواية: فكان عبد الله لا يسبقه أحد إلى الجمعة، فجاء يومًا وقد سبقه رجلان، فقال: رجلان وأنا الثالث، إن شاء الله يبارك في الثالث.
أخرجه ابن خزيمة في التوحيد (2/ 893/ 602)، وابن المبارك في الرقائق (436 -
رواية نعيم بن حماد)، وابن أبي الدنيا في صفة الجنة (90)، وعبد الله بن أحمد في السُّنَّة (476)، والطبراني في الكبير (9/ 238/ 9169)، والدارقطني في الرؤية (165 و 166)، وابن بطة في الإبانة (7/ 43/ 31)، وأبو نعيم في صفة الجنة (396)، والقاضي أبو يعلى في إبطال التأويلات (285).
وهذا موقوف على ابن مسعود بإسناد كوفي جيد، وقد صححه ابن خزيمة.
* وقد روي مرفوعًا من وجه آخر:
رواه كثير بن عبيد الحمصي [الحذاء: ثقة]، قال: حدثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، عن معمر، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: خرجت مع عبد الله إلى الجمعة، فوجد ثلاثة وقد سبقوه، فقال: رابعُ أربعةٍ، وما رابع أربعة ببعيد، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:"إن الناس يجلسون من الله يوم القيامة على قدر رواحهم إلى الجمعات، الأول والثاني والثالث"، ثم قال: رابع أربعة، وما رابع أربعة ببعيد.
أخرجه ابن ماجه (1094)، وابن أبي عاصم في السُّنَّة (620)[وفي روايته زيادة].
وابن أبي حاتم في العلل (1/ 210/ 609)، والطبراني في الكبير (10/ 78/ 10013)، وأبو القاسم الأصبهاني في الحجة في بيان المحجة (2/ 306/ 258).
* قال أبو حاتم: "قلت لكثير بن عبيد: إنهم يروون: عن عبد المجيد عن مروان بن سالم عن الأعمش هذا الحديث! فقال: هكذا حدَّثنا به عن معمر عن الأعمش.
ومروان بن سالم: منكر الحديث، ضعيف الحديث جدًّا، ليس له حديث قائم، يكتب حديثه".
* خالفه فأتى به على الصواب:
علي بن مسلم الطوسي [ثقة]، وعلي بن الحسن بن موسى الهلالي، وهو: ابن أبي عيسى الدرابجردي [ثقة]، والحسن بن الصباح البزار [صدوق]، وعبد الله بن أبي غسان [كوفي، سكن صنعاء، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: "يخطئ"، وقال الطبراني: "وكان ثقة"، وليس هو الأفريقي المترجم في اللسان. الثقات (8/ 362)، المعجم الصغير (692)، اللسان (4/ 542)، الثقات لابن قطلوبغا (6/ 88)]:
قالوا: نا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، قال: حدثنا مروان بن سالم، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة بن قيس، قال: خرجت مع عبد الله يوم الجمعة، قال: فدخل المسجد فإذا ثلاثة قد سبقوا، فقال: رابع أربعة، وما رابع أربعة من الله ببعيد، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"يجلسون على قدر رواحهم إلى الجمعة، الأول، ثم الثاني، ثم الثالث، ثم الرابع". وفي رواية: "إن الناس يجلسون يوم القيامة من الله على قدر رواحهم إلى الجمعة الأول، ثم الثاني، ثم الثالث، ثم الرابع"، قال: رابع أربعة، وما رابع أربعة ببعيد.
أخرجه البزار (4/ 331/ 1525)، والعقيلي في الضعفاء (4/ 204)، والدارقطني في
الأفراد (2/ 25/ 3788 - أطرافه)، والبيهقي في الشعب (3/ 99/ 2995).
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله؛ إلا مروان بن سالم، وقد تقدم ذكرنا له بلينه"، وتقدم نقل قول أبي حاتم فيه.
وقال الدارقطني في العلل (5/ 138/ 773) بأن هذا الوجه هو الأشبه بالصواب.
قلت: وهذا حديث باطل؛ مروان بن سالم الغفاري: متروك، منكر الحديث، قال الساجي وأبو عروبة الحراني:"يضع الحديث"، وقد تفرد به عن الأعمش [التهذيب (4/ 50)].
وأما ذكر معمر بن راشد في الإسناد الأول؛ فالأقرب عندي أنه وهم من عبد المجيد نفسه، فإنه كثير الأوهام، وهو مع تقدمه في ابن جريج، حيث كان عالمًا بحديثه؛ إلا أنه كان يهم عليه فيه، حتى قال ابن عدي:"وكل هذه الأحاديث: غير محفوظة؛ على أنه ثبتٌ في حديث ابن جريج، وله عن غير ابن جريج أحاديث غير محفوظة"[انظر الأحاديث المتقدمة برقم (461) و (646) و (788)، الشاهد الثالث].
* وله وجه آخر منكر من الاختلاف فيه على ابن أبي رواد: أخرجه الدارقطني في العلل (5/ 138/ 773)[وقال: "وهذا لا يصح عن الثوري"]. وفي الأفراد (2/ 25/ 3788 - أطرافه)[وقال: "غريب من حديث الثوري"].
* والحاصل: فإن المحفوظ في هذا الحديث: موقوف على ابن مسعود، من حديث المسعودي، عن المنهال بن عمرو، عن أبي عبيدة، عن أبيه.
فإن قيل: أبو عبيدة لم يسمع من أبيه، فيقال: لكن حديثه عنه صحيح، كما سبق تقريره قبل ذلك مرارًا، راجع مثلًا: الحديثين السابقين برقم (754 و 877).
قال النسائي في حديثٍ يرويه أبو عبيدة عن أبيه: "أبو عبيدة لم يسمع من أبيه، والحديث جيد".
وقال ابن رجب في شرح العلل (1/ 544): "قال ابن المديني في حديث يرويه أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه: هو منقطع، وهو حديث ثبت.
قال يعقوب بن شيبة: إنما استجاز أصحابنا أن يدخلوا حديث أبي عبيدة عن أبيه في المسند؛ يعني: في الحديث المتصل، لمعرفة أبي عبيدة بحديث أبيه، وصحتها، وأنه لم يأت فيها بحديث منكر".
وقال في الفتح (5/ 187): "وأبو عبيدة وإن لم يسمع من أبيه؛ إلا أن أحاديثه عنه صحيحة، تلقاها عن أهل بيته الثقات العارفين بحديث أبيه، قاله ابن المديني وغيره"[وانظر أيضًا: الفتح (5/ 60) و (6/ 14)].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - في هذا الحديث: "ويقال: إن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، لكن هو عالم بحال أبيه، متلقٍّ لآثاره من أكابر أصحاب أبيه، وهذه حال متكررة من عبد الله رضي الله عنه، فتكون مشهورةً عند أصحابه، فيكثر التحدث بها، ولم يكن في أصحاب عبد الله من يُتَّهم عليه حتى يخاف أن يكون هو الواسطة، فلهذا