الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فرخص فيه أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم، وممن كان يفعل ذلك: ابن عمر، وسعيد بن المسيب، والحسن البصري، وعطاء، وابن سيرين، وأبو الزبير، وعكرمة بن خالد، وشريح، وسالم بن عبد الله، ونافع".
قلت: وصح أيضًا عن القاسم، وعمرو بن دينار [انظر: مصنف عبد الرزاق (3/ 254/ 5552 - 5555)، مصنف ابن أبي شيبة (1/ 453/ 5240 - 5243)].
ثم أسنده من فعل ابن عمر، ثم قال:"وروي ذلك عن مكحول، وهو قول مالك، والأوزاعي، والثوري، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، وقال أحمد: أرجو أن لا يكون به بأس، وكذلك قال إسحاق، وهو قول عوام أهل العلم، ولا نعلم أحدًا قال غير ذلك؛ إلا ما اختلف فيه عن مكحول، وعطاء، والحسن، فقد روي عنهم أنهم كرهوا ذلك، وروينا عنهم أنهم كانوا لا يرون به بأسًا".
قلت: لم يثبت حديث في النهي عن الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب، وقد ثبت فعله عن ابن عمر، وعن عدد من الصحابة - كما في قصة يعلى بن شداد عن معاوية -، وقد رخص فيه أكثر أهل العلم، كما قال ابن المنذر وغيره.
وعليه: فلا بأس بالحبوة يوم الجمعة؛ ما لم تجلب له النوم، ولم تنكشف عورته؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يحتبي الرجل في ثوب واحد ليس على فرجه منه شيء [سيأتي إن شاء الله تعالى عند أبي داود برقم (3377) من حديث أبي سعيد الخدري، وهو في صحيح البخاري [البخاري (367 و 1991 و 5820 و 5822 و 6284)، وهو في مسلم (1512) لكن بدون موضع الشاهد]، وأخرجه البخاري أيضًا من حديث أبي هريرة [البخاري (368 و 584 و 5819 و 5821)، وهو في مسلم (1511) لكن بدون موضع الشاهد]، والله أعلم.
***
235 - باب الكلام والإمام يخطب
1112 -
. . . مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد، عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا قلتَ: أنصِتْ، والإمامُ يخطُب، فقد لغوْتَ".
* حديث متفق عليه من حديث الزهري
أخرجه مالك في الموطأ (13 - رواية ابن القاسم، بتلخيص القابسي)، ومن طريقه: أبو داود (1112)، والنسائي في المجتبى (3/ 188/ 1577)، وفي الكبرى (2/ 284/ 1738) و (2/ 305/ 1793)، والدارمي (1/ 438/ 1549)، وأبو عوانة (14/ 726/ 18596 - إتحاف)، وابن حبان (7/ 35/ 2795)، وأحمد (2/ 280 و 474 و 485 و 532)، والشافعي في الأم (1/ 203)، وفي المسند (68)، وابن وهب في الجامع (224)، وعبد الرزاق (3/ 223/ 5416)، والبزار (14/ 162/ 7699)، وأبو علي الطوسي في
مختصر الأحكام (3/ 28/ 480)، والطحاوي (1/ 367)، والجوهري في مسند الموطأ (134)، والدارقطني في العلل (7/ 268/ 1340)، وتمام في الفوائد (1770)، والبيهقي في المعرفة (2/ 1749/500)، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 30).
رواه عن مالك: عبد الله بن مسلمة القعنبي [عند أبي داود]، وعبد الرحمن بن القاسم، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، والشافعي، وعبد الله بن وهب، وعبد الرزاق بن همام، وخالد بن مخلد القطواني، وحماد بن خالد الخياط.
زاد ابن القاسم وابن وهب: "إذا قلت لصاحبك:
…
".
ولفظ يحيى [عند النسائي في الكبرى (1738)]: "إذا قال الرجل لصاحبه يوم الجمعة والإمام يخطب: أنصِتْ، فقد لغا".
* وخالفهم: أبو مصعب الزهري [ثقة، من أصحاب مالك](437 - رواية أبي مصعب)، قال: حدثنا مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا قلتَ لصاحبك: أنصِتْ، فقد لغوْتَ"، يريد بذلك: والإمام يخطب يوم الجمعة.
فإن كان ذلك محفوظًا هكذا مرسلًا من رواية أبي مصعب، فهو تقصير منه، والمحفوظ: موصَّلٌ من رواية الجماعة من أصحاب مالك، وفيهم جماعة من أثبت الناس فيه.
قال ابن عبد البر في التمهيد (19/ 29): "وعند مالك في هذا الحديث إسنادان: أحدهما: هذا عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، والثاني: عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا قلت: أنصت، والإمام يخطب فقد لغوت"، ولم يرو يحيى في هذا الحديث عن مالك غير إسناد أبي الزناد، وجمعهما القعنبي وغيره عن مالك، ذكر القعنبي حديث أبي الزناد في كتاب الصلاة، وذكر حديث الزهري في الزيادات، وقد رواهما ابن القاسم وابن وهب وغيرهما عن مالك جميعًا كما ذكرت لك".
وقال ابن حجر في الإتحاف (14/ 727/ 18596): "رواه معن بن عيسى، وسعيد بن عفير، وابن القاسم، وابن وهب، عن مالك في الموطأ، ولم يذكره عامة الرواة".
* تابع مالكًا عليه عن ابن شهاب:
عقيل بن خالد، ومعمر بن راشد، ويونس بن يزيد، وصالح بن كيسان، وابن أبي ذئب، وابن جريج، وابن أخي الزهري، وأبو أويس عبد الله بن عبد الله بن أويس، وبعض الضعفاء:
عن ابن شهاب، قال: أخبرني سعيد بن المسيب؛ أن أبا هريرة أخبره؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة: أنصت، والإمام يخطب، فقد لغوت".
أخرجه البخاري (934)، ومسلم (851/ 11)، وأبو عوانة (14/ 393/ 17856 - إتحاف) و (14/ 726/ 18596 - إتحاف)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 439/ 1910)، والترمذي (512)، وقال:"حسن صحيح"، والنسائي في المجتبى (3/ 103/ 1401)، وفي الكبرى (2/ 284/ 1739)، وابن ماجه (1110)، والدارمي (1/ 438/
1550)، وابن خزيمة (3/ 153/ 1805)، وابن حبان (7/ 2793/32) و (7/ 35/ 2795)، وأحمد (2/ 280 و 393 و 396 و 518 و 532)، والشافعي في السنن (44)، وابن وهب في الجامع (224)، والطيالسي (4/ 55/ 2411)، والباغندي في مسند عمر بن عبد العزيز (22)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (181)، والطحاوي (1/ 367)، والطبراني في الأوسط (9/ 75/ 9167)، وابن عدي في الكامل (5/ 310)، والدارقطني في العلل (7/ 268/ 1340)، وابن حزم في المحلى (5/ 63)، والبيهقي في السنن (3/ 218 و 219)، وفي المعرفة (2/ 501/ 1750)، وفي الشعب (3/ 101/ 2999)، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 30)، والجوزقاني في الأباطيل والمناكير (2/ 428/59).
ووله أسانيد أخرى عن أبي هريرة:
1 -
فقد رواه أيضًا: عقيل بن خالد، وابن جريج:
عن ابن شهاب، عن عمر بن عبد العزيز، عن عبد الله بن إبراهيم بن قارظ، عن أبي هريرة (ح).
وعن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا قلت لصاحبك: أنصت، والإمام يخطب يوم الجمعة، فقد لغوت".
غير أن ابن جريج قال: إبراهيم بن عبد الله بن قارظ.
أخرجه مسلم (851/ 11)، وأبو عوانة (14/ 393/ 17856 - إتحاف) و (14/ 726/ 18596 - إتحاف)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 440/ 1911 - 1913)، والنسائي في المجتبى (3/ 104/ 1402)، وفي الكبرى (2/ 284/ 1740)، وابن خزيمة (3/ 153/ 1805)، وابن حبان (7/ 35/ 2795)، وأحمد (2/ 272 و 280)، وعبد الرزاق (3/ 223/ 5414 و 5415)، ومحمد بن يحيى الذهلي في الزهريات (21 - منتقى)، وأبو يعلى (10/ 225/ 5846) و (10/ 243/ 5859) و (11/ 301/ 6416)، والباغندي في مسند عمر بن عبد العزيز (20 و 21 و 23)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 65/ 1805 و 1806)، والطحاوي (1/ 367)، والبيهقي في السنن (9/ 213)، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 31)، وابن عساكر في المعجم (1612).
وكلا الإسنادين محفوظ عن الزهري، وقال الدارقطني في العلل (7/ 268/ 1340) عن إسناد ابن قارظ بأنه غير مدفوع.
* وانظر فيمن وهم في إسناده أو في متنه على الزهري: مسند البزار (14/ 142/ 7663)، علل الدارقطني (7/ 267/ 1340)، تاريخ بغداد (4/ 27).
2 -
ورواه سفيان بن عيينة، ومالك بن أنس، ومحمد بن عجلان:
عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"إذا قلت لصاحبك: أنصت، يوم الجمعة والإمام يخطب، فقد لغيت"، [قال سفيان:] قال أبو الزناد: هي لغة أبي هريرة، وإنما هو:"فقد لغوت". هذا لفظ ابن عيينة.
ولفظ مالك: "إذا قلت لصاحبك: أنصت، والإمام يخطب يوم الجمعة، فقد لغوت".
وشذ ابن عجلان فزاد في آخره: "
…
فقد لغوت، عليك بنفسك" [عند الفاكهي والبيهقي وابن عبد البر]، وفي رواية: "
…
عليك بالصمت" [عند ابن المقرئ].
أخرجه مسلم (851/ 12)[من حديث ابن عيينة]. وأبو عوانة (15/ 176/ 19105 - إتحاف)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 441/ 1914)، ومالك في الموطأ (1/ 159/ 273 - رواية يحيى الليثي)(238 - رواية القعنبي)(333 - رواية ابن القاسم، بتلخيص القابسي)(438 - رواية أبي مصعب)(138 - رواية الحدثاني)(230 - رواية الشيباني)، والدارمي (1/ 437/ 1548)، وابن خزيمة (3/ 154/ 1806)، وابن الجارود (299)، وأحمد (2/ 244 و 485)، والشافعي في الأم (1/ 203)، وفي السنن (45)، وفي المسند (68)، والحميدي (2/ 428/ 966)، وابن أبي شيبة (1/ 458/ 5295)(4/ 102/ 5338 - ط. عوامة)[موقوفًا، وإنما هو مرفوع]. وأبو محمد الفاكهي في فوائده عن ابن أبي مسرة (3)، والجوهري في مسند الموطأ (525)، وابن المقرئ في المعجم (937)، والبيهقي في السنن (3/ 219)، وفي المعرفة (2/ 501/ 1751 - 1753)، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 30)، والخطيب في الكفاية (183)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 258/ 1080).
رواه عن ابن عيينة: محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني [واللفظ له عند مسلم]، والحميدي، وأحمد بن حنبل، والشافعي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة [ووقع في المطبوع موقوفًا، وإنما هو مرفوع]، وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي، وعلي بن خشرم، وابن المقرئ.
ورواه عن مالك: عبد الله بن مسلمة القعنبي، والشافعي، وعبد الرحمن بن مهدي، وإسحاق بن عيسى الطباع، ويحيى بن يحيى الليثي، وخالد بن مخلد القطواني، وسويد بن سعيد الحدثاني، ومحمد بن الحسن الشيباني.
* تنبيه: قال ابن رجب في الفتح (5/ 495): "هذا الحديث الثاني [يعني: حديث أبي الزناد هذا، من رواية عبد الله بن يوسف عن مالك عنه]، يوجد في بعض روايات هذا الكتاب [يعني: صحيح البخاري]، ولا يوجد في أكثرها".
قلت: لم أقف على ذلك في مطبوعات البخاري اليوم، ولا في النسخة اليونينية (2/ 13 - ط. المنهاج)، ولا في طبعة دار التأصيل (2/ 36)، ولا في طبعة نظر الفاريابي (1/ 247)، ولا في غيرها من الطبعات، ولا أشاروا إلى ذلك في الحواشي، وليس هو في شيء من كتب الأطراف، ولا المسانيد الجامعة، لم يشر أحد منهم إلى أن البخاري قد أخرج هذا الحديث من طريق مالك عن أبي الزناد، وإنما أخرجه البخاري من طريق عقيل عن الزهري عن ابن المسيب به، كما تقدم ذكره، كما لم يشر إلى شيء من ذلك ابن حجر في الفتح (2/ 414)، مع اهتمامه البالغ باختلاف النسخ والروايات، وأخشى أن يكون وقع لبعض النساخ انتقال بصر؛ ثم إدخال حديث في حديث، وذلك أن البخاري أخرج في
الباب بعده حديثًا بهذا الإسناد في الساعة التي في يوم الجمعة، والله أعلم.
3 -
ورواه وهيب بن خالد، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي:
عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا تكلمت يوم الجمعة فقد لغوت، وألغيت"؛ يعني: والإمام يخطب.
أخرجه ابن خزيمة (3/ 153/ 1804)، وأحمد (2/ 388)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 64/ 1804).
وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
* لكن رواه غندر، عن شعبة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: إذا قال يوم الجمعة والإمام يخطب: صه؛ فقد لغا.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 459/ 5308).
وهذا موقوف على أبي هريرة بإسناد صحيح على شرط الشيخين.
والحديث محفوظ عن أبي هريرة مرفوعًا من وجوه متعددة، فإما أن يكون المحفوظ فيه عن أبي صالح: موقوفًا، لتقدم الأعمش في أبي صالح، وإما أن يكون قصر فيه الأعمش فأوقفه، وأصاب سهيل في رفعه، والله أعلم.
4 -
ورواه عبد الرزاق، عن معمر، عن همام بن منبه؛ أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قلت للناس: أنصتوا [يوم الجمعة] وهم يتكلمون [والإمام يخطب]، فقد ألغيت على نفسك".
أخرجه عبد الرزاق (3/ 223/ 5418)، وعنه: أحمد (2/ 318)، وهو في صحيفة همام برقم (120).
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
***
1113 -
قال أبو داود: حدثنا مسدد، وأبو كامل، قالا: حدثنا يزيد، عن حبيب المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يحضر الجمعةَ ثلاثةُ نفرٍ: رجلٌ حضرها يلغُو، وهو حظُّه منها، ورجلٌ حضرها يدعو، فهو رجلٌ دعا الله عز وجل إن شاء أعطاه، وإن شاء منعه، ورجلٌ حضرها بإنصاتٍ وسكونٍ [وفي نسخة: وسكوتٍ]، ولم يتخطَّ رقبةَ مسلم، ولم يؤْذِ أحدًا، فهي كفارةٌ إلى الجمعة التي تليها، وزيادة ثلاثة أيام، وذلك بان الله عز وجل يقول: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] ".
* حديث حسن
تقدم تخريجه برقم (347)، وهو حديث حسن.
وقد بينت هناك أن حديث أسامة بن زيد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
…
فذكر الحديث، وفي آخره:"ومن لنا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهرًا"، فقلت بأنه شاذ بهذه الزيادة.
* وفي فضل الإنصات وعدم اللغو يوم الجمعة والإمام يخطب أحاديث، منها:
1 -
حديث سلمان الفارسي:
يرويه ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، قال: أخبرني أبي، عن [عبد الله] بن وديعة، عن سلمان الفارسي، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طهر، ويدهن من دهنه، أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام: إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى".
أخرجه البخاري (883 و 910)، وتقدم تحت الحديث رقم (343).
2 -
حديث أبي هريرة:
يرويه سهيل بن أبي صالح، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من اغتسل ثم أتى الجمعة، فصلى ما قُدِّر له، ثم أنصت حتى يفرغ من خطبته، ثم يصلي معه، غُفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وفضل ثلاثة أيام".
أخرجه مسلم (857/ 26)، وتقدم تحت الحديث رقم (343).
* ورواه أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت، غفر له ما بينه وبين الجمعة [الأخرى]، وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصى فقد لغا".
أخرجه مسلم (857/ 27)، وتقدم تحت الحديث رقم (343)، وله طرق أخرى.
3 -
حديث أبي هريرة وأبي سعيد:
يرويه محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، وأبي أمامة بن سهل، عن أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اغتسل يوم الجمعة، ولبس من أحسن ثيابه، ومس من طيب إن كان عنده، ثم أتى الجمعة فلم يتخطَّ أعناق الناس، ثم صلى ما كتب الله له، ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يفرغ من صلاته: كانت كفارة لما بينها وبين جمعته التي قبلها".
حديث حسن، تقدم برقم (343).
4 -
حديث أبي أيوب:
يرويه محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن إبراهيم التيمي، عن عمران بن أبي يحيى، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبي أيوب الأنصاري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من اغتسل يوم الجمعة، ومسَّ من طيب إن كان عنده، ولبس من أحسن ثيابه، ثم خرج حتى يأتي المسجد، فيركع إن بدا له، ولم يؤذ أحدًا، ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يصلي: كانت كفارة لما بينها، وبين الجمعة الأخرى".
أخرجه ابن خزيمة (3/ 138/ 1775)، وهو حديث حسن، تقدم تحت الحديث رقم (343).
5 -
حديث أوس بن أوس:
يرويه ابن المبارك، عن الأوزاعي: حدثني حسان بن عطية: حدثني أبو الأشعث الصنعاني: حدثني أوس بن أوس الثقفي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من غسل يوم الجمعة واغتسل، ثم بكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ، كان له بكل خطوة عمل سنة: أجر صيامها وقيامها".
تقدم برقم (345)، وهو حديث صحيح، وله طرق عن أبي الأشعث الصنعاني.
6 -
حديث علي بن أبي طالب:
يرويه عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال: حدثني عطاء الخراساني، عن مولى امرأته أم عثمان، قال: سمعت عليًا رضي الله عنه على منبر الكوفة، يقول: "إذا كان يومُ الجمعة غدتِ الشياطينُ براياتها إلى الأسواق،
…
" فذكر الحديث وفيه: "فإذا جلس الرجلُ مجلسًا يستمكنُ فيه من الاستماع والنظر، فأنصتَ ولم يلْغُ كان له كِفلانِ من أجرٍ، فإن نأى وجلس حيث لا يسمعُ فأنصتَ ولم يلْغُ كان له كِفلْ من أجرٍ، وإن جلس مجلسًا يستمكن فيه من الاستماع والنظر؛ فلغا ولم يُنصِت كان له كفل من وِزرٍ، ومن قال يوم الجمعة لصاحبه: صهْ، فقد لنا، ومن لنا فليس له في جمعته تلك شيءٌ"، ثم يقول في آخر ذلك: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك.
وهو حديث ضعيف، تقدم برقم (1051).
7 -
حديث أبي بن كعب:
يرويه عبد العزيز بن محمد الدراوردي [صدوق، كان سيئ الحفظ، يخطئ إذا حدث من حفظه، وكان كتابه صحيحًا؛ إلا أنه كان يحدث من كتب الناس فيخطئ أيضًا. انظر: التهذيب (2/ 592) وغيره]، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار، عن أبي بن كعب؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ يوم الجمعة براءة [وفي رواية: تبارك]، وهو قائم يذكر بأيام الله، وابن بن كعب وُجاه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو الدرداء وأبو ذر، فغمز أُبيَّ بن كعب أحدُهما فقال: متى أنزلت هذه السورة يا أُبي؟ فإني لم أسمعها إلا الآن! فأشار إليه أن اسكت، فلما انصرفوا، قال: سألتك متى أنزلت هذه السورة فلم تخبرني، قال أُبي: ليس لك من صلاتك اليوم إلا ما لغوت، فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، وأخبرته بالذي قال أُبي، فقال:"صدق أُبي".
أخرجه ابن ماجه (1111)، وعبد الله بن أحمد في زيادات المسند (5/ 143)، وأبو القاسم البغوي في حديث مصعب الزبيري (81)، والضياء في المختارة (3/ 344/ 1139).
* خالفه: محمد بن جعفر بن أبي كثير [مدني ثقة]، قال: ثنا شريك بن عبد الله، عن عطاء بن يسار، عن أبي ذر؛ أنه قال: دخلت المسجد يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم -
يخطب، فجلست قريبًا من أبي بن كعب، فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم سورة براءة، فقلت لأبي: متى نزلت هذه السورة؟ قال: فتجهمني ولم يكلمني، ثم مكثت ساعة، ثم سألته فتجهمني ولم يكلمني، ثم مكثت ساعة، ثم سألته فتجهمني ولم يكلمني، فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم، قلت لأبي: سألتك فتجهمتني ولم تكلمني، قال أبي: ما لك من صلاتك إلا ما لغوت، فذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا نبي الله! كنت بجنب أبي، وأنت تقرأ براءة، فسألته: متى نزلت هذه السورة؟ فتجهمني ولم يكلمني، ثم قال: ما لك من صلاتك إلا ما لغوت، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"صدق أبي".
أخرجه ابن خزيمة (3/ 1807/154 و 1808)، والحاكم (1/ 287) و (2/ 229)، والبيهقي في السنن (3/ 219)، وفى الشعب (3/ 100/ 2997)، والضياء في المختارة (3/ 343/ 1138).
قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".
وصحح إسناده البيهقي في المعرفة (2/ 502)، وصححه النووي في المجموع (4/ 444).
وقال ابن حجر في الإتحاف (14/ 173/ 17585): "أظن فيه انقطاعًا".
قلت: حديث محمد بن جعفر بن أبي كثير أشبه بالصواب، ولا يُعلم لعطاء بن يسار سماع من أبي ذر، وفي لقائه نظر، فإن عطاء مدني ولد سنة (19)، ووفاة أبي ذر كانت بالرَّبَذة سنة (32)، قال أبو زرعة في تحفة التحصيل (230):"وقال الذهبي في مختصر المستدرك: ما أحسبه أدرك أبا ذر".
وعلى هذا فيقال: هذا إسناد مدني، رجاله ثقات، وقد تكلم في حفظ شريك.
8 -
حديث أبي الدرداء:
رواه مكي بن إبراهيم، قال: ثنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن حرب بن قيس، عن أبي الدرداء؛ أنه قال: جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم جمعة على المنبر يخطب الناس، فتلا آية، وإلى جنبي أُبي بن كعب، فقلت له: يا أُبي متى نزلت هذه الآية؟ فأَبى أن يكلمني حتى إذا نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنبر، قال: ما لك من جمعتك إلا ما لغوت، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجئته فأخبرته، فقلت: يا رسول الله! إنك تلوت آيةً وإلى جنبي أبي بن كعب، فسألته: متى نزلت هذه الآية؟ فأبى أن يكلمني، حتى إذا نزلتَ زعم أنه ليس لي من جمعتي إلا ما لغوت، قال:"صدق، إذا سمعت إمامك يتكلم، فأنصت حتى ينصرف".
أخرجه أحمد (5/ 198)، والطحاوي (1/ 367)، والبيهقي في المعرفة (2/ 502/ 1754).
وهذا إسناد منقطع؛ رجاله ثقات مشهورون؛ غير حرب بن قيس: روى عنه جماعة، وأثنى عليه عمارة بن غزية، وقال:"كان رضًا"، وذكره ابن حبان في طبقة أتباع التابعين من الثقات، وأخرج له ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، وقال أبو حاتم:"لم يدرك أبا الدرداء، وحديثه مرسل، وهو في سن مالك بن أنس"، وقال في التعجيل: "حرب بن قيس
عن أبي الدرداء: مرسلًا"، نقلًا عن أبي حاتم في الجرح [التاريخ الكبير (3/ 61)، الجرح والتعديل (3/ 249)، المراسيل (175)، الثقات (6/ 230)، صحيح ابن خزيمة (950 و 2027)، صحيح ابن حبان (2742 و 3568)، التعجيل (195)، تحفة التحصيل (64)].
9 -
حديث أبي هريرة:
رواه عبيد الله بن محمد التيمي، وحجاج بن منهال، وأبو داود الطيالسي، وأسود بن عامر [وهم ثقات]، قالوا:
ثنا حماد بن سلمة [بصري ثقة]، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب يوم الجمعة فقرأ سورة، فقال أبو ذر لأبي بن كعب: متى نزلت هذه السورة؟ فأعرض عنه، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال أبيٌّ لأبي ذر: ما لك من صلاتك إلا ما لغوت، فدخل أبو ذر على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"صدق أُبيٌّ".
أخرجه الطيالسي (4/ 121/ 2486)، والبزار (14/ 335/ 8012)، والطحاوي (1/ 367)، وابن حزم في المحلى (5/ 63)، والبيهقي في السنن (3/ 220)، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 36).
* خالف حمادَ بن سلمة فأرسله:
إسماعيلُ بن جعفر [مدني ثقة]، قال: حدثنا محمد، عن أبي سلمة، قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة على المنبر، فقال أبو ذر لأبي بن كعب: متى أنزلت هذه السورة؟ فقال له أبي: ما كان لك من صلاتك إلا ما لغوت، قال: فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"صدق أُبيٌّ".
أخرجه علي بن حجر السعدي في حديثه عن إسماعيل بن جعفر (196).
وانظر: مصنف عبد الرزاق (3/ 225/ 5424).
قال الدارقطني في العلل (8/ 51/ 1411) بعد أن ذكر بعض طرق الحديث: "
…
واختلف عن محمد بن عمرو؛ فقال أسود بن عامر: عن حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
وخالفه: أحمد بن يونس، وموسى بن إسماعيل، فروياه عن حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة مرسلًا.
وكذلك رواه زائدة، وإسماعيل بن جعفر، عن محمد بن عمرو مرسلًا.
والمرسل أصح"، وهو كما قال.
فهو مرسل بإسناد مدني جيد.
وله إسناد آخر عن أبي هريرة فيه ضعف [أخرجه ابن عدي في الكامل (5/ 46)].
10 -
حديث جابر بن عبد الله:
يرويه يعقوب بن عبد الله القمي [ليس به بأس]: حدثني عيسى بن جارية، عن جابر،
قال: دخل عبد الله بن مسعود المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فجلس إلى جنبه أُبيُّ بن كعب فسأله عن شيء أو كلمه بشيء فلم يرد عليه أبي، فظن ابن مسعود أنها مَوجِدةٌ، فلما انفتل النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته، قال ابن مسعود: يا أبي! ما منعك أن تردَّ عليَّ؟ قال: إنك لم تحضر معنا الجمعة، قال: لم؟ قال: تكلمت والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقام ابن مسعود فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"صدق أبيٌّ، أطِعْ أبيًا".
أخرجه أبو يعلى (3/ 335/ 1799) و (3/ 336/ 1800)، وعنه: ابن حبان (7/ 34/ 2796)، والطبراني في الأوسط (4/ 107/ 3728)، والبيهقي في الشعب (3/ 100/ 2996).
قلت: هذا حديث منكر، فعيسى بن جارية: وإن قال فيه أبو زرعة: "لا بأس به"، وذكره ابن حبان في الثقات؛ فقد قال فيه ابن معين [في رواية ابن أبي خيثمة]:"ليس بذاك"، وقال [في رواية الدوري]:"وحديثه ليس بذاك"، وقال [في رواية الدوري أيضًا]:"عنده أحاديث مناكير"، وقال [في رواية ابن الجنيد]:"ليس بشيء"، وقال فيه أبو داود:"منكر الحديث"، وقال أيضًا:"ما أعرفه، روى مناكير"، وقال النسائي:"منكر الحديث"، وذكره العقيلي وابن عدي في الضعفاء، وهو مقل، كما قال الذهبي في التاريخ [تاريخ الدوري (4/ 365 و 369/ 4810 و 4825)، سؤالات ابن الجنيد (122)، التاريخ الكبير (6/ 385)، الجرح والتعديل (6/ 273)، الثقات (5/ 214)، ضعفاء النسائي (423)، الضعفاء الكبير (3/ 383)، الكامل (5/ 248)، تاريخ الإسلام (7/ 439)، التهذيب (3/ 356)، التقريب (485)].
* وقد رويت قصة ابن مسعود مع أبي بن كعب من وجه آخر:
رواها حماد بن سلمة: أنا حماد، عن إبراهيم، عن ابن مسعود؛ أنه سأل أبي بن كعب
…
فذكره مختصرًا.
أخرجه الطبراني في الكبير (9/ 308/ 9541).
وفي رواية حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان تخليط، قاله أحمد [سؤالات أبي داود (338)، سؤالات الميموني (465)، الجرح والتعديل (3/ 147)، شرح علل الترمذي (2/ 761)]، وقد تُكُلِّم أيضًا في رواية حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم، وكان كثير الخطأ والوهم [انظر: التهذيب (1/ 483)]، وأما إبراهيم النخعي فإن لم يسمع من ابن مسعود بالاتفاق، راجع في ذلك الحديث رقم (923)، والله أعلم.
11 -
حديث ابن عباس:
يرويه عبد الله بن سعيد الأشج [ثقة]: ثنا حسين بن عيسى الحنفي: ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إذ تلا آية، فقال رجل وهو إلى جنب عبد الله بن مسعود: متى أنزلت هذه الآية؟ فإني لم أسمعها إلا الساعة، فقال عبد الله: سبحان الله! فسكت الرجل، ثم تلا آية أخرى، فقال الرجل
لعبد الله مثل ذلك، فقال عبد الله: سبحان الله! فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة، قال ابن مسعود للرجل: إنك لم تجمع معنا، قال: سبحان الله! قال: فذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"صدق ابن أم عبد، صدق ابن أم عبد".
أخرجه ابن خزيمة (3/ 1809/155)، ومن طريقه: الضياء في المختارة (11/ 344/ 350).
وهذا حديث منكر؛ تقدم الكلام عن إسناده عند الحديث رقم (590)، وآفته: الحسين بن عيسى الحنفي؛ فإنه: منكر الحديث، روى عن الحكم بن أبان أحاديث منكرة.
وانظر: مصنف عبد الرزاق (3/ 224/ 5421).
* ورويت هذه القصة مرسلة من وجه آخر:
فقد روى هشيم بن بشير [ثقة ثبت]، قال: أخبرنا داود بن أبي هند [ثقة متقن]، عن الشعبي [عامر بن شراحيل: إمام علم مشهور، فقيه أهل الكوفة]؛ أن أبا ذر، أو الزبير بن العوام، سمع أحدهما من النبي صلى الله عليه وسلم آية يقرؤها وهو على المنبر يوم الجمعة، قال: فقال لصاحبه: متى أنزلت هذه الآية؟ قال: فلما قضى صلاته، قال له عمر بن الخطاب: لا جمعة لك، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، قال: فقال: "صدق عمر".
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 458/ 5304).
وهذا مرسل؛ فإن الشعبي لم يسمع أبا ذر ولا الزبير بن العوام، لكن مراسيل الشعبي قوية، فقد قال العجلي:"مرسل الشعبي صحيح، لا يكاد يرسل إلا صحيحًا"، وقال الآجري لأبي دواد:"مراسيل الشعبي أحب إليك أو مراسيل إبراهيم؟ قال: مراسيل الشعبي"[معرفة الثقات (1 232)، سؤالات الآجري (1/ 219)، تاريخ دمشق (25/ 346)].
قلت: والحاصل في هذه القصة: فإنا إذا استبعدنا المناكير، وجدنا هذه القصة لا تصح لابن مسعود، ولا لعمر بن الخطاب، وأصح إسناد لها هو حديث عطاء بن يسار عن أبي ذر، فإذا جمعنا معه مرسل أبي سلمة، واستأنسنا بمنقطع أبي الدرداء ومرسل الشعبي، فإنه يترجح عندي أن هذه القصة لها أصل، وأن السائل هو أبو ذر، وأن الذي صدَّقه النبي صلى الله عليه وسلم هو أبي بن كعب، وهذا الوجه هو الذي صححه ابن خزيمة والحاكم والبيهقي والنووي، والله أعلم.
12 -
حديث ابن عباس:
روى عبد الله بن نمير [ثقة]، عن مجالد، عن عامر [الشعبي]، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كـ[مثل] الحمار يحمل أسفارًا، والذي يقول له: أنصت؛ ليست له جمعة".
أخرجه أحمد (1/ 230)، وابن أبي شيبة (1/ 458/ 5305)، والبزار (11/ 41/ 4725) و (11/ 469/ 5345)، والطبراني في الكبير (12/ 90/ 12563)، والرامهرمزي في
الأمثال (56)، وابن عدي في الكامل (6/ 422)(10/ 19/ 16569 - ط. الرشد)، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 37)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب والترهيب (926)، والجوزقاني في الأباطيل والمناكير (2/ 58/ 427)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 463/ 793).
وانظر: تاريخ واسط (125).
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى بهذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، ولا نعلم حدث بهذا الحديث عن مجالد إلا عبد الله بن نمير".
وهذا هو آخر حديث أخرجه ابن عدي في ترجمة مجالد، ثم قال بعده:"ومجالد له عن الشعبي عن جابر أحاديث صالحة، وعن غير جابر من الصحابة أحاديث صالحة، وجملة ما يرويه عن الشعبي، وقد روى عن غير الشعبي، ولكن أكثر روايته عنه، وعامة ما يرويه غير محفوظ".
وقال الجوزقاني: "هذا حديث منكر"، ثم عارضه بحديث عقيل عن ابن شهاب المتفق عليه، ثم قال:"قال صلى الله عليه وسلم: "فقد لغوت"، ولم يقل: فلا جمعة لك".
قلت: مجالد بن سعيد: ليس بالقوي، والأكثر على تضعيفه [التهذيب (4/ 24)]، وحديثه هذا غير محفوظ.
* وخالفه: أبو أسامة [حماد بن أسامة: ثقة ثبت]، فرواه عن مجالد، عن عامر، عن جابر، قال: قال سعد بن أبي وقاص لرجل في يوم الجمعة: لا جمعة لك، قال: فذكر ذلك الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! إن سعدًا قال لي: لا جمعة لك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لم يا سعد؟ " فقال: إنه تكلم وأنت تخطب، فقال:"صدق سعد".
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 458/ 5306)، وعبد بن حميد (1142)، والبزار (642 - كشف)، وأبو يعلى (2/ 66/ 708)، وابن شاهين في جزء من حديثه (6).
قال البزار: "لا نعلمه عن جابر إلا بهذا الإسناد".
قلت: هذا من تخليط مجالد، فإنه تغير حفظه في آخر عمره، وأبو أسامة ممن روى عنه بأخرة، قال عبد الرحمن بن مهدى:"حديث مجالد عند الأحداث؛ يحيى بن سعيد وأبى أسامة: ليس بشيء، ولكن حديث شعبة وحماد بن زيد وهشيم وهؤلاء القدماء"، قال ابن أبي حاتم:"يعني: أنه تغير حفظه في آخر عمره"[الجرح والتعديل (8/ 361)، التهذيب (4/ 24)].
* والحاصل: فإن جملة: "ومن لغا فلا جمعة له"، لم أقف عليها من وجه يصح، إنما هي مراسيل [أخرجها عبد الرزاق (3/ 223 و 224/ 5419 و 5420)]، ولا تثبت هذه الجملة في حديث مرفوع.
* وقد دل حديث الباب على وجوب الإنصات، وأنه لا يجوز الكلام والإمام يخطب يوم الجمعة؛ وإن كان للإنكار على المتكلم، حيث اعتبره الشرع لغوًا، فغيره من الكلام
أولى [انظر: الفتح لابن رجب (5/ 496)، الفتح لابن حجر (2/ 415)].
فإن قيل: فإن كان المأموم لا يسمع الخطبة؟ فيقال: فليأخذ بقول عثمان بن عفان أحد الخلفاء الراشدين الذين أمرنا باتباع سنتهم:
* فقد صح عن عثمان الأمر بإنصات الذي لا يسمع:
فقد روى مالك، عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله، عن مالك بن أبي عامر: أن عثمان بن عفان كان يقول في خطبته، قلَّ ما يدع ذلك إذا خطب: إذا قام الإمام يخطب يوم الجمعة فاستمعوا وأنصتوا، فإن للمنصت الذي لا يسمع من الحظ مثل ما للمنصت السامع، فإذا قامت الصلاة فاعدلوا الصفوف، وحاذوا بالمناكب، فإن اعتدال الصفوف من تمام الصلاة، ثم لا يكبر، حتى يأتيه رجال قد وكَّلهم بتسوية الصفوف، فيخبرونه أن قد استوت، فيكبر.
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 160/ 275)، وعنه: الشافعي في الأم (1/ 203)، وفي المسند (68)، ومن طريقه: عبد الرزاق (3/ 213/ 5373)، وابن أبي شيبة (1/ 309/ 3532)، والبيهقي في السنن (3/ 220)، وفي المعرفة (2/ 503/ 1755)، وفي القراءة خلف الإمام (315 و 316).
تنبيه: وقع عند ابن أبي شيبة التصريح بسماع مالك بن أبي عامر خطبة عثمان هذه، فقال: حدثنا ابن إدريس، عن مالك بن أنس، عن سالم أبي النضر، عن مالك بن أبي عامر، قال: سمعت عثمان
…
فذكره.
وهذا إسناد مدني صحيح، عن عثمان قوله وفعله، ومالك بن أبي عامر الأصبحي: تابعي كبير، ثقة، جد مالك بن أنس، سمع عمر وعثمان [التهذيب (4/ 13)، التاريخ الكبير (7/ 307)]، وسبق تخريج هذا الأثر تحت الحديث رقم (668).
وانظر: الإقناع لابن المنذر (1/ 107)، المغنى (2/ 86)، المجموع شرح المهذب (4/ 443)، شرح النووي على صحيح مسلم (6/ 138)، البيان في شرح المهذب للعمراني (2/ 597).
* فإن قيل: فهل يجوز الإنكار على المتكلم بالإشارة دون الكلام؟
فيقال: إن جازت الإشارة المفهمة في الصلاة [راجع فضل الرحيم (943 و 944)]؛ ففي الخطبة أولى [انظر: الفتح لابن رجب (5/ 496)، الفتح لابن حجر (2/ 415)].
قال ابن رجب في الفتح (5/ 496)"ولا خلاف في جواز الإشارة إليه بين العلماء، إلا ما حكي عن طاوس وحده، ولا يصح؛ لأن الإشارة في الصلاة جائزة، ففي حال الخطبة أولى".
* وأما ما رواه علي بن حجر السعدي: ثنا إسماعيل بن جعفر المدني: ثنا شريك بن عبد الله بن أبي نمر؛ أنه سمع أنس بن مالك يقول: دخل رجل المسجد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يوم الجمعة، فقال: يا رسول الله متى الساعة؟ فأشار إليه الناس أن اسكت،
قال: فسأله ثلاث مرات كل ذلك يشيرون إليه أن اسكت، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الثالثة:"ويحك ماذا أعددت لها؟ " قال: حب الله ورسوله، قال:"إنك مع من أحببت"، قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة، ثم مر غلام يمشي، قال أنس: أقول أنا: هو من أقراني قد احتلم أو ناهز، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أين السائل عن الساعة؟ "، قال: ها هو هذا، فقال:"إن أكمل هذا الغلام عمره أو أدرك عمره، فلن يموت حتى يرى أشراطها".
أخرجه علي بن حجر في حديثه عن إسماعيل بن جعفر (388)، وعنه: ابن خزيمة (3/ 149/ 1796)، والبيهقي (3/ 221)، والبغوي في شرح السُّنَّة (15/ 100/ 4297).
* خالفه: الليث بن سعد، قال: حدثني سعيد - يعني: المقبري -، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن أنس بن مالك؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فحذَّر الناس، فقام رجل فقال: متى الساعة يا رسول الله؟ فبسر رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه، فقلنا له: اقعد، فإنك قد سألت رسول الله ما يكره، ثم قام الثانية، فقال: يا رسول الله متى الساعة؟ قال: فبسر رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه أشد من الأولى، قال: فأجلسناه، قال: ثم قام الثالثة، فقال: يا رسول الله متى الساعة؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ويحك، وما أعددت لها؟ " قال الرجل: أعددت لها حب الله ورسوله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اجلس، فإنك مع من أحببت".
أخرجه النسائي في العلم من الكبرى (5/ 376/ 5842)، وأحمد (3/ 167)، والبزار (12/ 326/ 6190).
* ورواه أنس بن عياض: نا شريك بن أبي نمر، عن أنس، نحوه.
أخرجه البزار (12/ 326/ 6189).
فلم يذكر فيه الليث بن سعد موضع الشاهد، إذ لم يصرح بكون ذلك كان أثناء خطبة الجمعة، ولا أن الصحابة أسكتوه بالإشارة، بل تكلموا صراحة، وقالوا: اقعد، فإنك قد سألت رسول الله ما يكره، فسقط الاستدلال برواية شريك، والذي يغلب على ظني أن كلًا قد حدث عن شريك بما سمع منه، فإن إسماعيل بن جعفر وسعيد بن أبي سعيد المقبري وأنس بن عياض: ثقات.
وهذا حديث قد وهم فيه شريك بن عبد الله بن أبي نمر، وهو ليس به بأس، وله أوهام، وهذا منها؛ فإن هذا الحديث قد رواه جماعة من الحفاظ من أصحاب أنس، مثل: الزهري، وقتادة، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وثابت البناني، وسالم بن أبي الجعد، وعبد العزيز بن صهيب، والحسن البصري، وحميد الطويل، وغيرهم، فلم يذكروه بهذا السياق [راجع تخريج الحديث تحت الحديث رقم (380)]، بل جاء في سياق حديث ابن أبي الجعد ما يخالف رواية شريك، وأن ذلك لم يكن أثناء الخطبة:
فقد روى جرير، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد: حدثنا أنس بن مالك، قال: بينما أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم خارجين من المسجد، فلقينا رجلًا عند سدة المسجد، فقال: يا رسول الله! متى الساعة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أعددت لها؟ " قال: فكأن الرجل
استكان، ثم قال: يا رسول الله! ما أعددت لها كبير صلاة ولا صيام ولا صدقة، ولكني أحب الله ورسوله. قال:"فأنت مع من أحببت".
أخرجه من طرق عن أنس: البخاري (3688 و 6167 و 6171 و 7153)، ومسلم (2639)، وانظر: بقية المصادر في الموضع المشار إليه.
* فإن قيل: إن تكلم الخطيب بكلام محرم؛ كبدعة، أو كسبِّ السلف، فهل يجب الإنصات إليه؟
فالجواب: لا يجب، وهو فعل أكثر السلف، منهم: الشعبي، وسعيد بن جبير، وأبو بردة، وعطاء، والنخعي، والزهري، وعروة، والليث بن سعد؛ فإن الله تعالى يقول:{وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} [الأنعام: 68]، وما كان محرمًا حرُم استماعه والإنصات إليه، ووجب التشاغل عنه، قاله ابن رجب في الفتح (5/ 503).
* فإن قيل: فهل دل الحديث على أنه لا جمعة له؟
فالجواب: لم يصح ذلك في شيء من المرفوع، وما روي من فتوى الصحابة في ذلك فمحمول على ما جاء في فضل الجمعة من التكفير ونحوه.
قال ابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (389): "ومن ذلك قول بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لبعضهم: لا جمعة لك؛ لأنه تكلم والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فأُخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "صدق"، ولم يأمره بأن يصلي الظهر، وقد اتفق أهل العلم أن صلاته جائزة، وليس عليه أن يصلي الظهر".
وقال البيهقي في الشعب (3/ 101): "يشبه أن يكون في قوله: لا جمعة لك، أي: لا أجر لك، ولا يريد به وجوب الإعادة"، وقال نحوه في المعرفة (3/ 413).
وقال ابن عبد البر في التمهيد (19/ 36): "وقول من قال: لا جمعة له؛ فهذا محمله عندنا على أنه ليس له ثواب من صلى الجمعة وأنصت، لا أنه أفسد الكلامُ صلاتَه وأبطلها؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم: "تحريمها التكبير" يدل على أن ما قبل التكبير لا يفسدها، والله أعلم"، ثم قال (19/ 37) عن حديث ابن عمرو:"ففي هذا الحديث قوله: "فرجلٌ حضرها يلغو، فهو حظه منها" ولم يأمره بالإعادة"، وقال في الاستذكار (2/ 22):"وعلى هذا جماعة الفقهاء؛ لأن الصلاة وإن كانت قصرت للخطبة كما زعم بعض الفقهاء، فإنها لا يفسدها ما كان قبل الإحرام منها، فقد يدرك المصلي من الجمعة ركعة وتفوته الخطبة فتجزيه صلاة ركعتين".
وقال ابن رجب في الفتح (5/ 501): "وقد روي في أحاديث متعددة مرسلة، وبعضها متصلة الأسانيد وفيها ضعف، أن من لغا لا جمعة له، وأن ذلك حظه منها، والمراد: أنه يفوته ثواب الجمعة، وبذلك فسره عطاء وابن وهب صاحب مالك"، ونقل ما روي عن الحسن والزهري والثوري وإسحاق، ثم قال:"ولا يصح عن أحد خلاف ذلك".