الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هؤلاء العدد مع فضل حفظهم دلالة على أنه لم يزد في كل ركعة على ركوعين، كما ذهب إليه الشافعي ومحمد بن إسماعيل البخاري رحمهما اللَّه تعالى".
* * *
262 - باب من قال أربع ركعات
1178 -
. . . عبد الملك: حدثني عطاء، عن جابر بن عبد اللَّه، قال: كسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك في اليوم الذي مات فيه إبراهيم ابنُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال الناس: إنما كسفت لموت إبراهيم ابنِه صلى الله عليه وسلم، فقام النبي صلى الله عليه وسلم، فصلى بالناسِ ستَّ ركعاتٍ في أربعِ سجداتٍ، كبر، ثم قرأ فأطال القراءة، ثم ركع نحوًا مما قام، ثم رفع رأسه، فقرأ دون القراءة الأولى، ثم ركع نحوًا مما قام، ثم رفع رأسه فقرأ القراءة الثالثة دون القراءة الثانية، ثم ركع نحوًا مما قام، ثم رفع رأسه فانحدر للسجود فسجد سجدتين، ثم قام، فركع ثلاث ركعاتِ قبل أن يسجدَ، ليس فيها ركعةٌ إِلَّا التي قبلها أطولُ من التي بعدها، إِلَّا أن ركوعَه نحو من قيامه، قال: ثم تأخَّر في صلاته فتأخرت الصفوفُ معه، ثم تقدَّم فقام في مقامه، وتقدَّمت الصفوف، فقضى الصلاةَ، وقد طلعت الشمسُ، فقال:"يا أيها الناس! ان الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه عز وجل، لا ينكسفانِ لموتِ بشرٍ، فإذا رأيتم شيئًا من ذلك فصلوا حتى تنجلي"، وساق بقية الحديث.
* حديث خطأ
أخرجه مسلم (904/ 10)، وأبو عوانة (2/ 87/ 2415) و (2/ 96/ 2443) و (2/ 97/ 2444)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 491/ 2045)، والنسائي في الكبرى (3/ 319/ 2042 - ط. التأصيل)(2/ 291/ 2438 - التحفة). وابن خزيمة (2/ 318/ 1386)، وابن حبان (7/ 86/ 2843) و (7/ 87/ 2844)، وأحمد (3/ 317)، وابن أبي شيبة (2/ 217/ 8304)، وعبد بن حميد (1012)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 300/ 2901)، والطحاوي (1/ 328)، والطبراني في الدعاء (2221 و 2232)، والبيهقي في السنن (2/ 265) و (3/ 325 و 326)، وفي المعرفة (3/ 84/ 1985)، وفي إثبات عذاب القبر (85)، وفي البعث والنشور (191)، والخطيب في التاريخ (3/ 428)، وابن بشكوال في الغوامض (4/ 285). وغيرهم.
رواه عن عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي: يحيى بن سعيد القطان [وهذا لفظه، وهو بتمامه عند أحمد]، وعبد اللَّه بن نمير، وعبد اللَّه بن المبارك، وأسباط بن محمد، وجرير بن عبد الحميد، وموسى بن أعين [وهم ثقات].
ولفظ ابن نمير [عند مسلم]: انكسفت الشمس في عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، يوم مات إبراهيم ابن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال الناس: إنما انكسفت لموت إبراهيم، فقام النبي صلى الله عليه وسلم-
فصلى بالناس ستَّ ركعاتٍ باربعِ سجداتٍ، بدأ فكبر، ثم قرأ فأطال القراءة، ثم ركع نحوًا مما قام، ثم رفع رأسه من الركوع، فقرأ قراءة دون القراءة الأولى، ثم ركع نحوًا مما قام، ثم رفع رأسه من الركوع، فقرأ قراءة دون القراءة الثانية، ثم ركع نحوًا مما قام، ثم رفع رأسه من الركوع، ثم انحدر بالسجود فسجد سجدتين، ثم قام فركع أيضًا ثلاث ركعات، ليس فيها ركعةٌ إِلَّا التي قبلها أطولُ من التي بعدها، وركوعه نحوًا من سجوده، ثم تأخر وتأخَّرت الصفوف خلفه، حتى انتهينا الى النساء، ثم تقدَّم وتقدَّم الناس معه، حتى قام في مقامه، فانصرف حين انصرف وقد آضت الشمس، فقال:"يا أيها الناس إنما الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه، وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس، فإذا رأيتم شيئًا من ذلك فصلوا حتى تنجلي، ما من شيء توعدونه الا قد رأيته في صلاتي هذه، لقد جيء بالنار، وذلكم حين رأيتموني تأخَّرت، مخافة أن يصيبني من لَفحها، وحتى رأيت فيها صاحب المحجن يجر قُصْبَه في النار، كان يسرق الحاجَّ بمحجنه، فإن فُطِن له قال: إنما تعلَّق بمحجني، وإن غُفِل عنه ذهب به، وحتى رأيت فيها صاحبة الهرة التي ربطتها فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض، حتى ماتت جوعًا، ثم جيء بالجنة، وذلكم حين رأيتموني تقدَّمت حتى قمت في مقامي، ولقد مددت يدي وأنا أريد أن أتناول من ثمرها لتنظروا البه، ثم بدا لي أن لا أفعل، فما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه".
ولفظ يحيى بن سعيد عند أحمد بتمامه مثل لفظ ابن نمير، وزاد فيه:". . . مخافة أن يصيبني من لفحها؛ حتى قلت: أي ربِّ! وأنا فيهم،. . . ".
° قلت: هذا الحديث معلول من جهتين:
• الأولى: مخالفة عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي، وهو ثقة، يهم أحيانًا على عطاء، حيث خالف في إسناده: ابن جريج، وقتادة، وقد روياه عن عطاء، عن عبيد بن عمير، قال ابن جريج: حدثني من أصدق، وقال قتادة: عن عائشة [وقد تقدم في الحديث السابق].
وابن جريج: أثبت الناس في عطاء، والقول قوله، واللَّه أعلم.
قال عبد اللَّه بن أحمد في العلل ومعرفة الرجال (3/ 254/ 5123): "سمعت أبي يقول في حديث عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر؛ انكسفت الشمس: خالفه ابن جريج، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، قال: أخبرني من أصدق، فظننته يريد عائشة، قال أبي: رواه قتادة عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة، قال أبي: أقضي بابن جريج على عبد الملك في حديث عطاء".
وقال البيهقي في السنن: "قتادة لم يشك في أنه عن عائشة، وقد خالفهما عبد الملك بن أبي سليمان في إسناده، فرواه عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد اللَّه، وأخبر أن ذلك كان في اليوم الذي مات فيه إبراهيم ابن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم".
وقال في المعرفة: "وقد خولف عبد الملك في روايته عن عطاء، فرواه ابن جريج وقتادة عن عطاء عن عبيد بن عمير كما تقدم".
* الثانية: أن هذا الحديث قد رواه هشام الدستوائي عن أبي الزبير عن جابر به [وهو الحديث الآتي برقم (1179)]؛ إِلا أنه خالفه في عدد الركوع، فجعله ركوعين في كل ركعة، وهو الصواب.
قال البيهقي في السنن (3/ 326): "من نظر في هذه القصة وفي القصة التي رواها أبو الزبير عن جابر؛ علم أنها قصة واحدة، وأن الصلاة التي أخبر عنها إنما فعلها يوم توفي إبراهيم بن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وقد اتفقت رواية عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة، ورواية عطاء بن يسار وكثير بن عباس عن ابن عباس، ورواية أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عبد اللَّه بن عمرو، ورواية أبي الزبير عن جابر بن عبد اللَّه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ إنما صلاها ركعتين في كل ركعة ركوعين، وفي حكاية أكثرهم قوله صلى الله عليه وسلم يومئذ: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه، لا تنخسفان لموت أحد ولا لحياته"؛ دلالة على أنه إنما صلاها يوم توفي ابنه، فخطب وقال هذه المقالة، ردًا لقولهم: إنما كسفت لموته، وفي اتفاق هؤلاء العدد مع فضل حفظهم دلالة على أنه لم يزد في كل ركعة على ركوعين، كما ذهب إليه الشافعي ومحمد بن إسماعيل البخاري رحمهما اللَّه تعالى".
وقال في المعرفة (3/ 84): ". . .، ثم وقع خلاف بين عبد الملك عن عطاء عن جابر، وبين هشام الدستوائي عن أبي الزبير عن جابر، في عدد الركوع في كل ركعة، فوجدنا رواية هشام أولى؛ لكونه مع أبي الزبير أحفظ من عبد الملك، ولموافقة روايته في عدد الركوع رواية عروة وعمرة عن عائشة، ورواية كثير بن عباس وعطاء بن يسار عن ابن عباس، ورواية أبي سلمة عن عبد اللَّه بن عمرو، ثم رواية يحيى بن سليم وغيره.
وقد خولف عبد الملك في روايته عن عطاء، فرواه ابن جريج وقتادة عن عطاء عن عبيد بن عمير كما تقدم، فرواية هشام عن أبي الزبير عن جابر التي لم يقع فيها الخلاف، ويوافقها عدد كثير: أولى من روايتي عطاء، اللتين إنما يسند إحداهما بالتوهم، والأخرى ينفرد بها عبد الملك بن أبي سليمان، الذي قد أُخذ عليه الغلط في غير حديث، واللَّه أعلم".
* * *
1179 -
. . . هشام: حدثنا أبو الزبير، عن جابر، قال: كسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في يومٍ شديدِ الحرِّ، فصلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بأصحابه، فأطال القيامَ حتى جعلوا يخِرُّون، ثم ركعَ فأطال، ثم رفع فأطال، ثم ركع فأطال، ثم رفع فأطال، ثم سجد سجدتين، ثم قام فصنع نحوًا من ذلك، فكان أربعَ ركعاتٍ، وأربعَ سجداتٍ، وساق الحديث.
* حديث صحيح
أخرجه مسلم (904/ 9)، وأبو عوانة (2/ 97/ 2445)، وأبو نعيم في مستخرجه على
مسلم (2/ 491/ 2539)، والنسائي في المجتبى (3/ 136/ 1478)، وفي الكبرى (3/ 327/ 2054 - ط. التأصيل) و (3/ 342/ 2581 - ط. التأصيل)(2/ 341/ 1876 - ط. الرسالة). وابن خزيمة (2/ 315/ 1380 و 1381)، وأحمد (3/ 374 و 382)، والطيالسي (3/ 312/ 1861)، والطبراني في الدعاء (2228)، وابن أخي ميمي الدقاق في فوائده (11)، واللالكائي في أصول الاعتقاد (6/ 1195/ 2264)، وأبو نعيم في الحلية (6/ 283)، والبيهقي في السنن (3/ 324)، وفي المعرفة (3/ 76/ 1976)، وفي إثبات عذاب القبر (84)، وفي البعث والنشور (190).
رواه عن هشام الدستوائي: إسماعيل بن علية [وهذا لفظه، وهو بتمامه عند مسلم وغيره]، وعبد الملك بن الصباح المسمعي، وأبو علي الحنفي عبيد اللَّه بن عبد المجيد، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وأبو داود الطيالسي، ووهب بن جرير، وكثير بن هشام، وأبو قَطَن عمرو بن الهيثم، وشعيب بن إسحاق [وهم ثقات]، وحجاج بن نصير [ضعيف].
ولفظ ابن علية بتمامه [عند مسلم]: كسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في يوم شديد الحر، فصلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بأصحابه، فأطال القيام، حتى جعلوا يخِرُّون، ثم ركع فأطال، ثم رفع فأطال، ثم ركع فأطال، ثم رفع فأطال، ثم سجد سجدتين، ثم قام فصنع نحوًا من ذاك، فكانت أربع ركعات، وأربع سجدات، ثم قال:"إنه عُرِض عليَّ كل شيءٍ تُولَجُونه، فعُرِضت عليَّ الجنة، حتى لو تناولتُ منها قِطفًا أخذته -أو قال: تناولت منها قطفًا- فقَصُرت يدي عنه، وعُرِضت عليَّ النار، فرأيت فيها امرأة من بني إسرائيل تُعذب في هرةٍ لها، ربطتها فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض، ورأيت أبا ثمامة عمرو بن مالك يجرُّ قُصبَه في النار، وإنهم كانوا يقولون: إن الشمس والقمر لا يخسفان إِلَّا لموت عظيم، وإنهما آيتان من آيات اللَّه يريكموهما، فإذا خسفا فصلوا حتى تنجلي".
وفي رواية عبد الأعلى [عند ابن خزيمة]، والطيالسي، وكثير [عند أحمد]، ووهب [عند اللالكائي]، وشعيب [عند الدقاق]، وحجاج [عند أبي نعيم]:"ثم عرضت عليَّ النار، فجعلت أتأخر خيفة [وفي رواية الطيالسي ووهب وكثير وشعيب: رهبة أن] تغشاكم، ورأيت فيها امرأةً حميرية سوداء طويلة، تُعذَّب في هرة لها. . . "، وكذا قال عبد الملك بن الصباح [عند مسلم]:"امرأة حميرية سوداء طويلة".
وذكر الطيالسي وكثير ووهب وأبو علي الحنفي وشعيب وحجاج؛ أنه صلى الله عليه وسلم جعل يتقدم، وجعل يتأخر في صلاته.
• ورواه بمعناه مقطعًا: ابن لهيعة [وهو ضعيف]، عن أبي الزبير، قال: سألت جابرًا عن خسوف الشمس والقمر؟. . .
أخرجه أحمد (3/ 335 و 349).
* * *
1180 -
. . . يونس، عن ابن شهاب: أخبرني عروة بن الزبير، عن عائشة
زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: خسفت الشمس في حياة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فخرج رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى المسجد، فقام فكبر وصفَّ الناسُ وراءه، فاقترأ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم قراءةً طويلةً، ثم كبر، فركع ركوعًا طويلًا، ثم رفع رأسه، فقال:"سمع اللَّه لمن حمده، ربنا ولك الحمد"، ثم قام فاقترأ قراءةً طويلةً، هي أدنى من القراءة الأولى، ثم كبر فركع ركوعًا طويلًا هو أدنى من الركوع الأول، ثم قال:"سمع اللَّه لمن حمده، ربنا ولك الحمد"، ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك، فاستكمل أربعَ ركعاتٍ، وأربعَ سجداتٍ، وانجلتِ الشمسُ قبل أن ينصرف.
* حديث متفق على صحته
أخرجه البخاري (1046 و 1212 و 4624)، ومسلم (901/ 3)، وأبو عوانة (2/ 98/ 2448) و (2/ 99/ 2449)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 486/ 2029)، والنسائي في المجتبى (3/ 135/ 1472)، وفي الكبرى (2/ 338/ 1870)، وابن ماجه (1263)، وابن خزيمة (2/ 319/ 1387)، وابن حبان (7/ 83/ 2841)، وابن الجارود (249)، وابن وهب في الجامع (210)، والطحاوي (1/ 240 و 327)، والدارقطني (2/ 63)، والبيهقي في السنن (2/ 265) و (3/ 321 و 340 و 341)، وفي إثبات عذاب القبر (83)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 375/ 1143)، وقال:"هذا حديث متفق على صحته".
رواه عن يونس بن يزيد: عبد اللَّه بن وهب [واللفظ له]، وعبد اللَّه بن المبارك، وعنبسة بن خالد، وحسان بن إبراهيم الكرماني.
ولفظ ابن وهب [عند مسلم والنسائي] بمثل لفظه عند أبي داود، وزاد في آخره: وانجلت الشمس قبل أن ينصرف، ثم قام فخطب الناس، فأثنى على اللَّه بما هو أهله، ثم قال:"إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه، لا يخسفان لموت أحدٍ، ولا لحياته، فإذا رأيتموها فأفزعوا للصلاة"، وقال أيضًا:"فصلُّوا حتى يُفَرِّجَ اللَّهُ عنكم"، وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"رأيت في مقامي هذا كلَّ شيء وُعدتم، حتى لقد رأيتني أريد أن آخذ قطفًا من الجنة حين رأيتموني جعلت أتقدَّم، ولقد رأيت جهنم يحطِم بعضُها بعضًا، حين رأيتموني تأخَّرت، ورأيت فيها ابن لحي، وهو الذي سيَّب السوائب".
ولفظ عنبسة [عند البخاري] بنحو لفظ ابن وهب، إلى قوله:". . . فافزعوا للصلاة".
ولفظ ابن المبارك [عند البخاري (1212) (1220 - ط. التأصيل)] بمعنى حديث ابن وهب، وفيه: فقرأ سورة طويلة، ثم ركع فأطال، ثم رفع رأسه، ثم استفتح بسورة أخرى، ثم ركع حتى [وفي رواية أبي ذر عن الكشميهني، وابن عساكر، والأصيلي: حين، وهي الأقرب، قضاها، وسجد. . .، وساق الخطبة بتمامها إلى آخر الحديث، وآخره:". . . ورأيت فيها عمرو بن لحي، وهو الذي سيَّب السوائب".
ورواه حسان عن يونس مختصرًا بآخره [عند البخاري (4624)]، مقتصرًا على بعض المرفوع:"رأيت جهنم يحطم بعضها بعضًا، ورأيت عمرًا يجرُّ قُصبَه، وهو أولُ من سيَّب السوائب".
° تابع يونس بن يزيد عليه عن الزهري:
عقيل بن خالد [وعنه: الليث بن سعد، وابن لهيعة]، وشعيب بن أبي حمزة، ومعمر بن راشد، وعبد الرحمن بن نمر، والأوزاعي، ومحمد بن عبد الرحمن بن أخي الزهري [وهم ثقات، وفيهم جماعة من أثبت أصحاب الزهري]، وسفيان بن حسين [ثقة في غير الزهري؛ فإنه ليس بالقوي فيه]، وسليمان بن كثير العبدي [ليس به بأس؛ إِلَّا في الزهري، فإنه يخطئ عليه كثيرًا، وهو هنا قد تابع أصحاب الزهري]:
عن ابن شهاب، قال: أخبرني عروة بن الزبير؛ أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته؛ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلى يوم خسفت الشمس، فقام فكبر، فقرأ قراءة طويلة، ثم ركع ركوعًا طويلًا، ثم رفع رأسه، فقال:"سمع اللَّه لمن حمده"، وقام كما هو، ثم قرأ قراءة طويلة، وهي أدنى من القراءة الأولى، ثم ركع ركوعًا طويلًا، وهي أدنى من الركعة الأولى، ثم سجد سجودًا طويلًا، ثم فعل في الركعة الآخرة مثل ذلك، ثم سلم وقد تجلت الشمس، فخطب الناس، فقال في كسوف الشمس والقمر:"إنهما آيتان من آيات اللَّه، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة" لفظ عقيل من رواية الليث عنه [عند البخاري]، وشذ ابن لهيعة، فقال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جهر بالقراءة في كسوف الشمس [عند أحمد (6/ 65)، والطحاوي].
ولفظ معمر [عند البخاري (1058)، والترمذي (561)، واللفظ له، وما بين المعكوفين للبخاري، وكذا لأحمد (6/ 168)]: خسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فصلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالناس، فأطال القراءة، ثم ركع فأطال الركوع، ثم رفع رأسه فأطال القراءة، وهي دون الأولى، ثم ركع فأطال الركوع، وهو دون الأول، ثم رفع رأسه فسجد أسجدتين]، ثم فعل مثل ذلك في الركعة الثانية، [ثم قام فقال: "إن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحدٍ ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات اللَّه يريهما عباده، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة].
ولفظ شعيب مطولًا [عند أحمد (6/ 87)، وهو عند النسائي (1466) باختصار]: كسفت الشمس في حياة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فخرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وإلى المسجد، فقام فكبر، وصفَّ الناسُ وراءه، فكبر واقترأ قراءة طويلة، ثم كبر فركع ركوعًا طويلًا، ثم قال:"سمع اللَّه لمن حمده"، فقام ولم يسجد، فاقترأ قراءة طويلة هي أدنى من القراءة الأولى، ثم كبر وركع ركوعًا طويلًا هو أدنى من الركوع الأول، ثم قال:"سمع اللَّه لمن حمده، ربنا لك الحمد"، ثم سجد، ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك، فاستكمل أربع ركعاتٍ، وأربع سجداتٍ، وانجلت الشمس قبل أن ينصرف، ثم قام، فأثنى على اللَّه عز وجل بما هو
أهله، ثم قال:"إنما هما آيتان من آيات اللَّه عز وجل، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فافزعوا للصلاة".
ورواية عبد الرحمن بن نمر [عند النسائي (1497)، وابن حبان (2842)، مطولة، وفصَّل فيها صفة صلاة الكسوف في الركعتين كلتيهما، كل على حدة، وفي أوله: أن عبد الرحمن بن نمر سأل الزهري عن سنة صلاة الكسوف؛ فقال: أخبرني عروة بن الزبير، عن عائشة، قالت: انكسفت الشمس، فأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رجلًا فنادى أنِ: الصلاةُ جامعةٌ، فاجتمع الناس، فصلى بهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فكبر، ثم قرأ قراءة طويلة،. . . ثم اقتص الحديث بطوله، وقال: في آخره: "فإن خُسِف بهما أو بأحدهما فافزعوا إلى اللَّه والصلاة"، [وعند النسائي: "فأيهما خُسِف به أو بأحدهما فافزعوا إلى اللَّه عز وجل بذكر الصلاة"]، ثم قال: قال الزهري: فقلت لعروة: واللَّه ما صنع هذا أخوك عبد اللَّه حين انكسفت الشمس وهو بالمدينة، وما صلى إِلا ركعتين مثل صلاة الصبح، قال: أجل، كذلك صنع، وأخطأ السُّنَّة [ووقع آخره للبخاري (1066)].
وفي رواية مختصرة له [عند ابن حبان (2849)]: أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر بالقراءة في صلاة الكسوف، ولفظه عند البخاري (1065): جهر النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الخسوف بقراءته، فإذا فرغ من قراءته كبر فركع، وإذا رفع من الركعة، قال:"سمع اللَّه لمن حمده، ربنا ولك الحمد"، ثم يعاود القراءة في صلاة الكسوف، أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات [وكذا هو عند مسلم (5) بأخصر من هذا].
ولفظ الأوزاعي [عند البخاري (1066)، ومسلم (4/ 901)]: أن الشمس خسفت على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فبعث مناديًا بالصلاة جامعة، [فاجتمعوا]، فتقدَّم [فكبر] فصلى أربع ركعات في ركعتين، وأربع سجدات.
ولفظه عند أبي داود (1188)، والحاكم، مختصرًا: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قرأ قراءة طويلة فجهر بها؛ يعني: في صلاة الكسوف [وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه هكذا].
وقد رواه أبو عوانة (2456) عن العباس بن الوليد بن مزيد عن أبيه عن الأوزاعي مطولًا بتمامه، ولفظه: أن الشمس خسفت على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد، فقام فكبر، وصف الناس وراءه، وافتتح القرآن، فقرأ قراءة طويلة فجهر فيها، وهو قائم، ثم كبر فركع ركوعًا طويلًا، ثم رفع رأسه فقال:"سمع اللَّه لمن حمده، ربنا ولك الحمد"، ثم قام قبل أن يسجد، فافتتح القراءة وهو قائم، فقرأ قراءة طويلة هي أدنى من القراءة الأولى، ثم كبر فركع ركوعًا طويلًا هو أدنى من الركوع الأول، ثم رفع رأسه فقال:"سمع اللَّه لمن حمده، ربنا ولك الحمد"، ثم سجد سجدتين، ثم قام ففعل مثل ذلك في الركعة -يعني: الثانية-، فاستكمل أربع ركعاتٍ وأربع سجداتٍ، وانجلت الشمس فسلم، ثم قام فأثنى على اللَّه بما هو أهله، ثم قال: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه،
لا تنكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة".
ورواه سفيان بن حسين [عند ابن خزيمة (1379)، ومختصرًا عند الترمذي (563)، والنسائي في الكبرى (1894)] بنحو رواية الجماعة، وقال فيه: قرأ قراءة يجهر فيها، وفي آخره: قال: وذلك أن إبراهيم كان مات يومئذ، فقال الناس: إنما كان هذا لموت إبراهيم [وعلقه البخاري في الصحيح بعد (1066)].
ولفظ سليمان بن كثير [عند النسائي في الكبرى (1893)]: انخسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فكبر وكبر الناس معه، وجهر بالقراءة [وعلقه البخاري في الصحيح بعد (1066)].
ولفظه مطولًا [عند أحمد (6/ 76)]: خسفت الشمس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم المصلى، فكبر وكبر الناس، ثم قرأ فجهر بالقراءة، وأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع، ثم رفع رأسه، فقال:"سمع اللَّه لمن حمده"، ثم قام فقرأ فأطال القراءة، ثم ركع فأطال الركوع، ثم رفع رأسه، ثم سجد، ثم قام، ففعل في الثانية مثل ذلك، ثم قال:"إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه عز وجل لا ينخسفان لموت أحد، ولا لحياته، فإذا فعلوا ذلك، فافزعوا إلى الصلاة".
أخرجه مطولًا أو مختصرًا: البخاري (1046 و 1047 و 1058 و 1065 و 1066 و 3203)، ومسلم (901/ 4 و 5)، وأبو عوانة (2/ 99/ 2450) و (2/ 101/ 2456)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 487/ 2030 و 2031)، وأبو داود (1188 و 1190)، والترمذي (561 و 563)، وقال في الموضعين:"هذا حديث حسن صحيح". وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(3/ 108/ 528)، والنسائي في المجتبى (3/ 127/ 1465) و (28/ 13/ 1466) و (3/ 173/ 1432) و (3/ 148/ 1494) و (3/ 150/ 1497)، وفي الكبرى (1/ 275/ 506) و (2/ 334/ 1861 و 1862) و (2/ 339/ 1871) و (2/ 350/ 1892 - 1894) و (2/ 351/ 1897)[(2/ 278/ 587) و (3/ 323/ 2048) و (3/ 337/ 2073) (3/ 341/ 2077 - 2079) (3/ 345/ 2085) ط. التأصيل]. وابن خزيمة (2/ 314/ 1379) و (2/ 328/ 1398)، وابن حبان (7/ 84/ 2842) و (7/ 92 و 93/ 2849 و 2850)، والحاكم (1/ 334)(2/ 132/ 1255 - ط الميمان). وأحمد (6/ 65 و 76 و 87 و 168)، وإسحاق بن راهويه (2/ 122 و 123/ 597 - 599) و (2/ 149/ 640) و (2/ 150/ 642)، وعبد الرزاق (3/ 96/ 4922)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 295/ 2891) و (5/ 298/ 2896) و (5/ 299/ 2897)، والطحاوي (1/ 333)، والطبراني في الدعاء (2218 و 2223 و 2224 و 2240)، وفي مسند الشاميين (4/ 126/ 2906)، وفي الأوسط (9/ 74/ 9161)، والدارقطني (2/ 62 و 63)، والبيهقي في السنن (3/ 320 و 322 و 335 و 336 و 342)، وفي المعرفة (3/ 72/ 1966)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 381/ 1146).
• قال أبو بكر ابن أبي داود عن حديث عبد الرحمن بن نمر: الصلاة جامعة: "هذه سنة تفرد بها أهل المدينة، ولم يروه إِلا عبد الرحمن بن نمر عن الزهري؛ النداء بصلاة الكسوف".
وتعقبه الدارقطني، فقال:"تابعه الأوزاعي عن الزهري".
قلت: وقد روي عن عائشة من وجه آخر يأتي ذكره في آخر الطرق، وعقد البخاري في صحيحه ترجمة لهذه المسألة بقوله:"باب النداء بالصلاة جامعة في الكسوف"، واحتج فيه بحديث عبد اللَّه بن عمرو الآتي ذكره قريبًا بعد طرق حديث عائشة، كما أخرج طريق الأوزاعي وعبد الرحمن بن نمر في آخر كتاب الكسوف، في باب الجهر.
• وقال ابن أبي داود: "هذه سنة تفرد بها أهل المدينة؛ الجهر".
قلت: وهي سنة ثابتة من حديث الزهري عن عروة عن عائشة، وعقد لها البخاري ترجمة في صحيحه بقوله:"باب الجهر بالقراءة في الكسوف"، واحتج بحديث عبد الرحمن بن نمر عن الزهري، وعلق متابعة سفيان بن حسين وسليمان بن كثير، وتابعهم الأوزاعي أيضًا، كما تقدم بيانه، واللَّه أعلم.
* شذ عن الجماعة:
إسحاق بن راشد [ثقة، ليس بذاك في الزهري]، فرواه عن الزهري، عن عروة، عن عائشة؛ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يصلي في كسوف الشمس والقمر أربع ركعاتٍ وأربع سجداتٍ، وقرأ في الركعة الأولى بالعنكبوت، أو الروم، وفي الثانية بياسين.
وفي رواية: فقرأ في الركعة الأولى بالعنكبوت، وفي الثانية بلقمان أو الروم.
وفي رواية: يقرأ في الركعة الأولى بالعنكبوت أو النجم، وفي الثانية يس.
أخرجه أبو بكر النيسابوري في الزيادات على المزني (132)، والدارقطني (2/ 64)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (844)، والبيهقي (3/ 336).
بإسنادين إلى موسى بن أعين [ثقة]، عن إسحاق بن راشد به.
في الأول: سعيد بن حفص خال النفيلي، قال ابن القطان في بيان الوهم (5/ 48/ 2287):"سعيد بن حفص، خال النفيلي: لا أعرف حاله"، وقال ابن قطلوبغا في ثقاته (4/ 468):"حراني ثقة، روى عنه بقي، قاله مسلمة".
وفي الثاني: سليمان بن المعافى بن سليمان قاضي رأس العين: حمله أحد المتهمين على أن روى عن أبيه بغير سماع، واعتبره الذهبي وجادة [الكامل (6/ 299) (9/ 441 - ط. الرشد). تاريخ الإسلام (6/ 949 - ط. الغرب). اللسان (4/ 177)].
قلت: هو حديث منكر بهذا السياق، لم يتابع فيه إسحاق بن راشد على ذكر القمر، ولا على تعيين السور في الركعتين، والثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى في كسوف الشمس، ولم يثبت عنه من وجه أنه صلى في خسوف القمر، ودعوى من ادعى ذلك عارية عن الدليل، فهي دعوى مرسلة، لا خطام لها ولا زمام، واللَّه أعلم [انظر: ثقات ابن حبان (1/ 261)].
* ولم ينفرد الزهري بهذا الحديث عن عروة:
1 -
فقد رواه مالك بن أنس، وعبد اللَّه بن نمير، وعبدة بن سليمان، وعبد اللَّه بن المبارك، ومحمد بن بشر العبدي، وزائدة بن قدامة، وعيسى بن يونس، وسفيان الثوري [وعنه: أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي، ومؤمل بن إسماعيل]، ومحمد بن فضيل، وسفيان بن عيينة، ومعمر بن راشد، وحماد بن سلمة، وأبو معاوية محمد بن خازم الضرير، ومحمد بن إسحاق:
عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: خسفت الشمس في عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلي، فأطال القيام جدًا، ثم ركع، فأطال الركوع جدًا، ثم رفع رأسه، فأطال القيام جدًا، وهو دون القيام الأول، ثم ركع فأطال الركوع جدًا، وهو دون الركوع الأول، ثم سجد [قال ابن المبارك: ثم انحدر بالسجود فسجد]، ثم قام، فأطال القيام وهو دون القيام الأول، ثم ركع، فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول، ثم رفع رأسه، فقام فأطال القيام وهو دون القيام الأول، ثم ركع، فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول، ثم سجد [قال ابن المبارك: فانحدر بالسجود فسجد]، ثم انصرف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقد تجلت الشمس، فخطب الناس، فحمد اللَّه وأثنى عليه، ثم قال:"إن الشمس والقمر من آيات اللَّه، وأنهما لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فكبروا، وادعوا اللَّه، وصلوا، وتصدَّقوا، يا أمة محمد! إنْ مِن أحدٍ أغيرَ من اللَّه أن يزني عبده، أو تزني أمته، يا أمة محمد! واللَّه لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرًا، ولضحكتم قليلًا، ألا هل بلغت؟ ". لفظ ابن نمير وابن المبارك، وقريب منه لفظ عبدة، وفي رواية مالك وابن المبارك وزائدة وعيسى:"إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه".
وزاد أبو معاوية [عند مسلم]: "أما بعد، فإن الشمس والقمر من آيات اللَّه"، وزاد أيضًا: ثم رفع يديه، فقال:"اللَّهُمَّ هل بلغت".
ولفظ ابن فضيل [عند أحمد (6/ 32)] مختصر، وبدون الخطبة.
أخرجه البخاري (1044 و 1058 و 5221 و 6631)، ومسلم (901/ 1 و 2)، وأبو عوانة (2/ 98/ 2446 و 2447) و (2/ 105/ 2466)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 486/ 2027 و 2028)، ومالك في الموطأ (1/ 260/ 507)، وأبو داود (1187 و 1191)، والنسائي في المجتبى (3/ 132/ 1474) و (3/ 152/ 1500)، وفي الكبرى (2/ 339/ 1872) و (2/ 353/ 1900) و (7/ 162/ 7706 - النعوت). وفي الرقاق من الكبرى (11/ 578/ 17167 - تحفة)(11/ 545/ 269 - ط. التأصيل)(10/ 378/ 11768 - ط. الرسالة). والدارمي (1/ 432/ 1529)(1673 - ط. البشائر). وابن خزيمة (2/ 314/ 1378 م) و (2/ 322/ 1391) و (2/ 324/ 1395)، وابن حبان (7/ 89/ 2845) و (7/ 90/ 2846)، وابن الجارود (250)، والحاكم (1/ 334)(2/ 134/ 1258 - ط. الميمان). وأحمد (6/ 32 و 164 و 168)، والشافعي في الأم (7/ 169)، وفي السنن (46 و 51)،
وفي اختلاف الحديث (201)، وفي المسند (78 و 177 و 351)، وإسحاق بن راهويه (2/ 120/ 595) و (2/ 121/ 596) و (2/ 149/ 641)، وعبد الرزاق (3/ 96/ 4922)، والحميدي (180)، وابن أبي شيبة (2/ 217/ 8302 و 8303)، وإسماعيل القاضي في الخامس من مسند حديث مالك (22)، وأبو بكر ابن أبي داود في مسند عائشة (69)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 357/ 2912)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 327)، وفي المشكل (10/ 440/ 4238)، والطبراني في الدعاء (2225 و 2244)، والجوهري في مسند الموطأ (752)، وابن منده في التوحيد (877)، وابن بشران في الأمالي (1191)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 286)، والبيهقي في السنن (3/ 322 و 338 و 345) و (10/ 26)، وفي المعرفة (3/ 73/ 1968)، وفي الدعوات (552)، وفي الأسماء والصفات (3/ 45)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 374/ 1142)، وقال:"هذا حديث متفق على صحته". وفي الشمائل (652).
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذا اللفظ، فوهم في استدراكه.
وانظر فيمن وهم في إسناده على الثوري: علل الدارقطني (14/ 167/ 3509).
* وروى عمر بن حفص السدوسي [ثقة. الثقات (8/ 447)، وتاريخ بغداد (11/ 216)، وتاريخ الإسلام (22/ 214)، والثقات لابن قطلوبغا (7/ 279)]، وأحمد بن علي الخزاز [هو: أحمد بن علي بن الفضيل أبو جعفر الخزاز المقرئ البغدادي: ثقة. سؤالات الحاكم (13)، وتاريخ بغداد (5/ 496)، ومعرفة القراء الكبار (169)]:
ثنا عاصم بن علي: ثنا الليث بن سعد، عن هشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة، قالت: خسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. . . فذكر الحديث، وقال فيه:"فإذا رأيتم ذلك فادعوا اللَّه، وصلوا، وتصدَّقوا، وأعتقوا".
أخرجه الحاكم (1/ 332)(2/ 128/ 1249 - ط. الميمان). والبيهقي (3/ 340).
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين".
وقال البيهقي: "ولفظ الإعتاق في رواية هشام عن أبيه عن عائشة: غريب، والمشهور: عن هشام عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك".
قلت: وهو كما قال، وهو حديث منكر، تفرد به عاصم بن علي الواسطي عن الليث بن سعد، ولم يتابع عليه عن الليث على كثرة أصحابه، كما تفرد فيه بلفظة الإعتاق، دون جماعة الثقات الحفاظ الذين رووه عن هشام بن عروة بدونها، وقد تقدم ذكرهم، وإنما تُعرف هذه اللفظة من حديث هشام، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالعَتَاقة في صلاة الكسوف [وهو حديث صحيح، أخرجه البخاري، ويأتي برقم (1192)]، وبقية الحديث إنما هو لهشام عن أبيه عن عائشة،
ولا يحتمل مثل هذا من عاصم بن علي الواسطي؛ فهو صدوق، وقد تكلم فيه ابن معين، وأفحش فيه القول حتى اتهمه بالكذب، وأورده ابن عدي في ضعفائه، وذكر له ثلاثة أحاديث استنكرها عليه؛ أحدها: غريب، والثاني: وهم، والثالث: منكر، ثم قال:"لا أعرف له شيئًا منكرًا في رواياته إِلا هذه الأحاديث التي ذكرتها،. . . "، قلت: ويضاف إليها هذا الحديث، حيث وهم في إسناده ومتنه، وخالف جمعًا كبيرًا من الحفاظ [التهذيب (2/ 256)، والكامل (8/ 202 - ط. الرشد)].
2 -
وروى أبو داود السجستاني [ثقة حافظ، مصنف إمام]، والحسن بن أحمد بن الليث الرازي [شيخ للعقيلي وابن أبي حاتم، وقال الأخير: "كتبت عنه، وهو ثقة". الجرح والتعديل (3/ 2)، وتاريخ الإسلام (21/ 150)، والثقات لابن قطلوبغا (3/ 346)]:
قال الرازي: ثنا عبيد اللَّه بن سعد: ثنا عمي: ثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدثني هشام بن عروة، وعبد اللَّه بن أبي سلمة، عن سليمان بن يسار، كلًّا قد حدثني عن عروة، عن عائشة، قالت: كسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فخرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس، فحزرت قراءته فرأيت أنه قرأ سورة البقرة، [قال أبو داود: وساق الحديث]، ثم سجد سجدتين، ثم قام فأطال القراءة، فحزرت قراءته فرأيت أنه قرأ سورة آل عمران.
أخرجه أبو داود (1187)(75/ أ - رواية اللؤلؤي بخط ابن حجر)(51/ ب - رواية ابن داسة). والحاكم (1/ 333)(2/ 132/ 1254 - ط. الميمان)(1/ 158/ أ - رواق المغاربة). وعنه: البيهقيّ في السنن (3/ 335)(7/ 39/ 6414 - ط. التركي). وفي المعرفة (3/ 88/ 1989)(5/ 152/ 7139 - ط. قلعجي).
وانظر فيمن نقل هذا الإسناد عن أبي داود، ووقع له سقط في إسناده: معالم السنن (1/ 222)، والتمهيد (3/ 308).
تنبيه: وقع في التحفة (11/ 312/ 16345) وفي طبعة المكنز (1187): "حدثني هشام بن عروة، وعبد اللَّه بن أبي سلمة، وسليمان بن يسار"، عطف الثلاثة في نسق واحد، وجعل الثلاثة شيوخًا لابن إسحاق، سمع منهم جميعًا هذا الحديث عن عروة عن عائشة.
ووقع عند البيهقيّ في المعرفة من طريق أبي داود: "حدثني هشام بن عروة، وعبد اللَّه بن أبي سلمة، وعن سليمان بن يسار".
وقد وجدت بالتتبع أن عبد اللَّه بن أبي سلمة الماجشون معروف بالرواية عن سليمان بن يسار، وأن محمد بن إسحاق إنما يروي عن سليمان بن يسار بواسطة، فتارة يدخل بينهما: عمران بن أبي أنس، وتارة: محمد بن عمرو بن عطاء، وتارة: يعقوب بن عتبة، وتارة: بكير بن عبد اللَّه بن الأشج، بل وتارة يدخل رجلين، فيروي عن يزيد بن أبي حبيب عن بكير بن عبد اللَّه بن الأشج عن سليمان بن يسار (ن 4935) [انظر على سبيل
المثال لا الحصر: الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد (64)، ومصنف ابن أبي شيبة (2/ 347/ 9773) و (3/ 526/ 16761) و (6/ 297/ 31595)، ومسند ابن أبي شيبة (627)، ومسند إسحاق (4/ 221/ 2029)، ومسند أحمد (3/ 67) و (4/ 37) و (5/ 436) و (6/ 332)، ومسند عبد بن حميد (1548)، ومسند الدارمي (2/ 174/ 2163) و (2/ 217/ 2273)، وأخبار المدينة (1/ 225/ 763)، وسنن أبي داود (1690 و 2213)، وسنن ابن ماجه (1930 و 2062 و 2064)، وجامع الترمذي (1198 و 3299)، وعلل الترمذي الكبير (278 و 306)، والآحاد والمثاني (4/ 201/ 2185)، وسنن النسائي (4/ 186/ 2302) و (8/ 81/ 4935)، ومسند أبي يعلى (2/ 377/ 1143) و (2/ 456/ 1268)، ومنتقى ابن الجارود (744)، وتهذيب الآثار (3/ 77/ 138 - مسند علي). صحيح ابن خزيمة (3/ 312/ 2153) و (4/ 73/ 2378)، وغيرها كثير].
قلت: وعلى هذا: فإن هذا الحديث إنما رواه ابن إسحاق عن هشام بن عروة.
وعن عبد اللَّه بن أبي سلمة الماجشون عن سليمان بن يسار.
كلاهما: هشام وسليمان، عن عروة، عن عائشة به.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، إنما اتفقا على حديث الزهري وهشام عن عروة بلفظ آخر".
قال البيهقي: "ورواه أبو داود عن عبيد اللَّه بن سعد في كتاب السنن، إِلا أنه قال: في الركعة الأولى، بعد قولها بسورة البقرة: وساق الحديث، ثم سجد سجدتين، وفي ذلك دليل على أنه قصد بهذا الحديث وصف القراءة دون وصف عدد الركوع والقيام".
قلت: هذا الحديث من فرائب ابن اسحاق، فلا يُعرف من حديث سليمان بن يسار، ولا من حديث عبد اللَّه بن أبي سلمة الماجشون، إِلا من طريق ابن إسحاق.
وسليمان بن يسار يروي عن عائشة وسمع منها، وروايته عنها في الصحيحين وغيرهما [راجع التحفة (11/ 220 - 222)]، وعبد اللَّه بن أبي سلمة: روى عن عائشة ولم يسمع منها [تحفة التحصيل (177)]، وقد سمع منه ابن إسحاق [مسند أحمد (5/ 306)].
ثم هو غريب من حديث هشام بن عروة بهذا السياق، فقد رواه جماعة من الحفاظ عن هشام بن عروة به، فلم يذكروا فيه حزر القراءة في الأولى بسورة البقرة، وفي الثانية بسورة آل عمران، وقد وقع التصريح بالجهر بدون تعيين السور في رواية الزهري عن عروة، والحاصل: أنه حديث غريب، واللَّه أعلم.
* ولم ينفرد به عروة، بل تابعته عمرة بنت عبد الرحمن، وكذلك أبو حفصة مولى عائشة:
أ - فرواه مالك بن أنس، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وسليمان بن بلال، ويحيى بن سعيد القطان، وحماد بن زيد، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وعمرو بن الحارث، وأبو خالد الأحمر سليمان بن حيان، وأبو معاوية محمد بن خازم الضرير،
وعبد الرحمن بن محمد المحاربي، وشعبة بن الحجاج [وعنه: محمد بن بكر البرساني، والعباس بن الوليد النرسي، وهما ثقتان، وأبو جابر محمد بن عبد الملك، وهو: ليس بقوي، له عن شعبة ما لا يتابع عليه]:
عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم؛ أن يهودية جاءت تسألها، فقالت: أعاذكِ اللَّه من عذاب القبر، فسألت عائشةُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم: أيُعذَّب الناسُ في قبورهم؛ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "عائذًا باللَّه من ذلك"، ثم ركب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذات غداةٍ مركبًا، فخسفت الشمس، فرجع ضحًى، فمرَّ بين ظهراني الحُجَر [كذا قال مالك، وفي رواية سليمان: قالت عائشة: فخرجتُ في نسوة بين ظهري الحُجَر في المسجد، وبنحوه رواه الجماعة وألفاظهم متقاربة]، ثم قام يصلي، وقام الناس وراءه، فقام قيامًا طويلًا، ثم ركع ركوعًا طويلًا، ثم رفع فقام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فسجد، ثم قام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فقام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول، ثم رفع ثم سجد، ثم انصرف، فقال ما شاء اللَّه أن يقول، ثم أمرهم أن يتعوَّذوا من عذاب القبر. لفظ مالك، وسياقه في صفة الصلاة أتم.
وزاد في حديث سليمان بن بلال [عند مسلم]: "إني قد رأيتكم تُفتَنون في القبور كفتنة الدجال"، قالت عمرة: فسمعت عائشة، تقول: فكنت أسمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يتعوذ من عذاب النار وعذاب القبر.
ورواه بنحوه عمرو بن الحارث، ويحيى بن سعيد القطان، وحماد بن زيد، وسفيان بن عيينة، وعبد الوهاب الثقفي، وفي آخر رواية حماد وأبي خالد الأحمر: سمعته يقول: "اللَّهُمَّ إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من عذاب النار".
ووقع في رواية ابن عيينة في آخرها: فسجد سجودًا طويلًا، ثم رفع فسجد سجودًا طويلًا وهو دون السجود الأول، ثم فعل في الثانية مثل ذلك، فكانت صلاته أربع ركعاتٍ في أربع سجداتٍ. والشاهد منه: النص على إطالة السجود، واللَّه أعلم.
ولفظ الثوري مختصر [عند البخاري وعبد الرزاق].
أخرجه البخاري (1049 و 1050 و 1055 و 1056 و 1064)، ومسلم (903)، وأبو عوانة (1/ 132/ 394) و (2/ 99 - 101/ 2451 - 2455)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 489/ 2035)، ومالك في الموطأ (1/ 262/ 509)، والنسائي في المجتبى (3/ 133/ 1475) و (3/ 134/ 1476) و (3/ 135/ 1477) و (3/ 151/ 1499) و (4/ 105/ 2056) و (8/ 274/ 5504)، وفي الكبرى (1/ 275/ 507) و (2/ 339/ 1873) و (2/ 340/ 1874) و (2/ 341/ 1875) و (2/ 353/ 1899) و (2/ 478/ 2203) و (7/ 149/ 7674) و (7/ 229/ 7888)، والدارمي (1/ 430/ 1527) و (432/ 1530) (1671 و 1674 - ط.
البشائر). وابن خزيمة (2/ 31/ 851) و (2/ 313/ 1378) و (2/ 321/ 1390)، وابن حبان (7/ 81/ 2840)، وأحمد (6/ 53)، والشافعي في الأم (7/ 168)، وفي السنن (48 و 50)، وفي اختلاف الحديث (200)، وفي المسند (78 و 178 و 351)، وعبد الرزاق (3/ 97/ 4923 و 4924)، والحميدي (179)، وإسماعيل القاضي في الخامس من مسند حديث مالك (82)، والبزار (18/ 243 و 244/ 270 - 273)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (2/ 590/ 882 - مسند عمر) و (2/ 591/ 883 - مسند عمر). وابن المنذر في الأوسط (5/ 300/ 2900) و (5/ 306/ 2910)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 176 و 327)، وفي المشكل (13/ 191/ 5195 و 5196)، وأبو بكر الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (3495)، وأبو محمد الفاكهي في فوائده عن ابن أبي مسرة (156)، والآجري في الشريعة (844)، والطبراني في الدعاء (2222)، والجوهري في مسند الموطأ (792)، وابن أبي زمنين في أصول السُّنَّة (82)، وتمام في الفوائد (1158)، والبيهقي في السنن (3/ 323)، وفي المعرفة (3/ 73 و 74/ 1969 - 1971)، وفي إثبات عذاب القبر (177 و 178)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 372/ 1141).
• تنبيه: لفظ ابن عيينة [عند النسائي (1477) مختصرًا]: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلى في كسوفٍ في صُفَّة زمزم، أربع ركعاتٍ في أربع سجدات. هكذا رواه عن ابن عيينة مختصرًا بذكر الصُّفُّة: عبدة بن عبد الرحيم، وهو: صدوق، فوهم في ذلك؛ وإنما يروى ذلك من فعل ابن عباس [كما سيأتي بيانه عند الحديث رقم (1183)]، وقد رواه ثقات أصحاب ابن عيينة: الحميدي، وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي، وعبد الرزاق، عن ابن عيينة مطولًا بنحو رواية الجماعة بدون ذكر الصفة، ورواه عنه ببعضه: قتيبة بن سعيد، بدونها أيضًا، فدل ذلك على نكارة هذه الزيادة التي استدل بها بعضهم على أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الكسوف بمكة، وإنما كانت صلاة الكسوف بالمدينة عام توفي إبراهيم ابن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، في السنة العاشرة، واللَّه أعلم.
ووقع لأبي معاوية فيه وهم آخر بسبب اختصار الحديث، كما [وهم اختصار المحاربي له معنى جديدًا؛ فإذا رُدَّ إلى أصله ظهر معناه [عند البزار (270 و 273)]، واللَّه أعلم.
• ورواه أبو يعلى (8/ 253/ 4841)، من وجه آخر عن عمرة عن عائشة به، وفيه بعض الزيادات التي ليست من حديث عمرة، انفرد بها: ابن لهيعة، وهو: ضعيف.
* وروي نحو هذا أو قريب منه من حديث أم سفيان، ولا يثبت [أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (6/ 174/ 3402)، والطبراني في الكبير (25/ 161/ 391)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6/ 3515/ 7961)][وفي إسناده: موسى بن عبد الرحمن راويه عن أم سفيان، وهو في عداد المجاهيل، ذكره ابن حبان في أتباع التابعين، وقال: "يروي المقاطيع". الجرح والتعديل (8/ 150)، والثقات (7/ 454)].
ب - ورواه أبو معاوية شيبان بن عبد الرحمن النحوي، وعلي بن المبارك:
عن يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني أبو حفصة مولى عائشة؛ أن عائشة أخبرته؛ أنه لما كسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم توضأ، وأمر فنودي أنِ: الصلاةُ جامعةٌ، فقام فأطال القيام في صلاته، قالت عائشة: فحسبت قرأ سورة البقرة، ثم ركع فأطال الركوع، ثم قال:"سمع اللَّه لمن حمده"، ثم قام مثل ما قام، ولم يسجد، ثم ركع فسجد، ثم قام فصنع مثل ما صنع؛ ركعتين وسجدة، ثم جلس، وجُلِّي عن الشمس.
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 137/ 1481)، وفي الكبرى (2/ 343/ 1879)[(3/ 325/ 2051) و (3/ 328/ 2057) ط. التأصيل]. وأحمد (6/ 98 و 158).
وهذا حديث صحيح، إسناده متصل، سمع بعضهم من بعض، ورجاله ثقات؛ غير أبي حفصة مولى عائشة، قال الدارقطني:"وأبو حفصة مولى عائشة: مجهول، لا أعلم حدث به عنه غير يحيى بن أبي كثير، فيُخرَّج حديث الكسوف إذا حسُن طريقه إلى يحيى"، قلت: قد ثبت الطريق إلى يحيى، ولم يات أبو حفصة في روايته بما يستنكر، بل تابعه عليها أصحاب عائشة: عروة بن الزبير، وعمرة بنت عبد الرحمن، والراوي عنه: يحيى بن أبي كثير: ثقة ثبت إمام، لا يروي عن ثقة، قال أبو حاتم:"يحيى بن أبي كثير: إمام، لا يحدث إِلا عن ثقة"[الجرح والتعديل (9/ 142)][انظر ترجمة أبي حفصة: الكنى للبخاري (26)، والجرح والتعديل (9/ 363)، وسؤالات البرقاني (617)، وفتح الباب (2416)، والتهذيب (4/ 513)].
• فإن قيل قد اختلف على يحيى بن أبي كثير في إسناد هذا الحديث؛ وإنما هو حديث عبد اللَّه بن عمرو، كما أخرجه الشيخان؛
فيقال: قد كان عند يحيى فيه إسنادان:
• الأول: رواه أبو معاوية شيبان بن عبد الرحمن النحوي [ثقة، من أثبت أصحاب يحيى]، وعلي بن المبارك [ثقة، من أصحاب يحيى]:
عن يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني أبو حفصة مولى عائشة؛ أن عائشة أخبرته؛ أنه لما كسفت الشمس،. . . فذكر الحديث.
• والثاني: رواه أيضًا أبو معاوية شيبان بن عبد الرحمن النحوي [وهو محفوظ عنه بالوجهين]، وعلي بن المبارك [وهو محفوظ عنه بالوجهين]، ومعاوية بن سلام [دمشقي، ثقة]، وحجاج بن أبي عثمان الصواف [ثقة حافظ]:
عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد اللَّه بن عمرو؛ أنه قال: لما كسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، [فأمر فـ] نودي: إنَّ الصلاةَ جامعةٌ، فركع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين في سجدة، ثم قام، فركع ركعتين في سجدة، ثم جلس، ثم جُلِّي عن الشمس، قال: وقالت عائشة رضي الله عنها: [ما ركعت ركوعًا قطُّ، و] ما سجدت سجودًا قطٌّ كان أطول منها.
أخرجه البخاري (1045 و 1051)، ومسلم (910)، وأبو عوانة (2/ 93/ 2433) و (2/ 94/ 2434 و 2435)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 494/ 2044 و 2045)، والنسائي في المجتبى (3/ 136/ 1479)، وفي الكبرى (2/ 342/ 1877)[(3/ 327/ 2055) و (3/ 329/ 2058) ط. التأصيل]. وابن خزيمة (2/ 311/ 1375 و 1376)، وأحمد (2/ 175 و 220)، وابن أبي شيبة (2/ 219/ 8323)، والبزار (6/ 347/ 2356)، وأبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات"(823)، والطبراني في الكبير (13/ 382/ 14199)، وفي مسند الشاميين (4/ 97/ 2837)، والبيهقي في السنن (3/ 320 و 323)، وفي المعرفة (3/ 75/ 1972 و 1973)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 368/ 1139) و (4/ 369/ 1139 م)، وقال:"هذا حديث متفق على صحته". وفي الشمائل (651).
* وقد اختلف فيه على معاوية بن سلام:
• فرواه مروان بن محمد الطاطري [دمشقي ثقة، إمام]، ويحيى بن صالح الوحاظي [حمصي، ثقة]، ويحيى بن حسان التنيسي [ثقة]، وهشام بن سعيد الطالقاني [نزيل بغداد، صدوق]، ومحمد بن المبارك الصوري [نزيل دمشق، ثقة]، ومحمد بن حمير [بن أنيس الحمصي: لا بأس به]:
عن معاوية بن سلام، قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد اللَّه بن عمرو، قال: خسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأمر فنودي: الصلاة جامعة، فصلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالناس ركعتين وسجدة، ثم قام فصلى ركعتين وسجدة، قالت عائشة: ما ركعت ركوعًا قطُّ، ولا سجدت سجودًا قطُّ كان أطول منه.
• ورواه أيضًا: محمد بن حمير [لا بأس به]، عن معاوية بن سلام، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي طعمة، عن عبد اللَّه بن عمرو، قال:. . . فذكر نحوه مرفوعًا.
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 137/ 1480)، وفي الكبرى (2/ 342/ 1878)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (66/ 349).
وهذه الرواية وهم؛ إما من محمد بن حمير، وإما من معاوية بن سلام نفسه؛ لأن ابن حمير قد رواه عنه بالوجهين، وتصرف النسائي يدل على تخطئة ابن حمير في روايته، فقد قال النسائي بعد أن ذكر رواية ابن حمير:"خالفه علي بن المبارك"، فأتبعه برواية أبي حفصة مولى عائشة، وعادة النسائي إذا ذكر الخلاف أن ينتهي بالصواب، واللَّه أعلم.
والحاصل: أن هذا الحديث لا يصح من حديث أبي طعمة عن عبد اللَّه بن عمرو، وإنما صح ليحيى بن أبي كثير فيه إسنادان:
أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد اللَّه بن عمرو.
وأبو حفصة مولى عائشة، عن عائشة.
° ومن فقه هذا الحديث:
• قوله في رواية ابن المبارك من حديث الزهري عن عروة عن عائشة: ثم استفتح
بسورة أخرى، قال ابن رجب في الفتح (6/ 402):"في هذا السياق: ما يستدل به على أنه لم يقرأ الفاتحة في قيامه الثاني من كل ركعة".
وذكر ابن دقيق العيد في الإحكام (2/ 142) بان من قال: أربع ركعات في ركعتين، هو:"متمسك من قال من أصحاب مالك: أنه لا يقرأ الفاتحة في الركوع الثاني؛ من حيث أنه أطلق على الصلاة ركعتين، واللَّه أعلم".
وإن كان جمهور من قال بهذه الهيئة على قراءة الفاتحة في كل قيام قبل السورة، ولم يأت نص على ذلك فيما صح من أحاديث الكسوف [راجع: الإعلام (4/ 294 و 309)].
• قال ابن الملقن في الإعلام (4/ 273): "يؤخذ من الحديث أنه لا يؤذن لها ولا يقام، وهو اتفاق، وأنه ينادى لها: الصلاة جامعة، وهو حجة لمن استحبه".
• ترجم ابن المنذر في الأوسط (5/ 308) لحديث هشام بن عروة بقوله: "ذكر الخطبة بعد صلاة الكسوف"، ثم قال:"وممن أثبت الخطبة بعد صلاة الخسوف من أصحابنا: الشافعي، وإسحاق، وعامة أصحابنا؛ إِلا مالكًا، فإنه قال: ليس للكسوف خطبة، وهذه غفلة منه؛ لأنه ممن روى حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالناس صلاة الخسوت ثم خطب، والأخبار إذا ثبتت لم يضرها تخلُّف من تخلَّف عن القول بها".
وقال ابن الملقن في الاعلام (4/ 298) عن شرعية الخطبة بعد صلاة الكسوف: "وهو ظاهر الدلالة في أن لصلاة الكسوف خطبة، وبه قال الشافعي وابن جرير، وفقهاء أصحاب الحديث،. . .، ولم ير ذلك مالك وأبو حنيفة وأحمد، ووافقنا أحمد في رواية".
وانظر: الفتح لابن حجر (2/ 534)، والمغني (3/ 328).
• ومن ذلك: أن صلاة الكسوف والخسوف للشمس والقمر من ذوات الأسباب، لا تعلق لها بأوقات النهي، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث:"إن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحدٍ ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات اللَّه يريهما عباده، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة"، فأطلق الأمر بالصلاة، ولم يقيده بقيد، وإنما علقه بالرؤية، فلا وقت يحرُم فيه صلاةٌ أَمرَ بها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم[قاله الشافعي في الأم (1/ 278)].
• ومن ذلك: أن صلاة الكسوف تصلى في المسجد، لا في المصلى، فقد دلت الأحاديث على ذلك، ولأن إقامتها في المساجد فيه تحصيل لها بالاسراع في إقامتها، وعدم تفويتها قبل انجلاء الشمس، بخلاف الصحراء.
• ومن ذلك: مشروعية الجهر في صلاة الكسوف، كما دل عليه صريحًا حديث عائشة، وما عورض به فهو محتمل للتأويل، ويأتي بيان ذلك في موضعه.
• ومن ذلك: مشروعية شهود النساء لصلاة الكسوف.
• ومن ذلك: مشروعية الصلاة والصدقة والذكر والتكبير والدعاء والاستغفار والعتق، كما دل عليه مجموع ما صح من أحاديث الكسوف.
• ومن ذلك: إبطال ما يعتقده أهل الجاهلية من تأثير النيرين والكواكب.
• ومن ذلك: أن الكسوف والخسوف يقعان تخويفًا للعباد، قال تعالى:{وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} [الإسراء: 59]، وقد صح ذلك في عدد من الأحاديث في الصحيحين، منها: حديث أبي موسى مرفوعًا: "إن هذه الآيات التي يرسل اللَّه لا تكون لموت أحد ولا لحياته، ولكن اللَّه يرسلها يخوِّف بها عباله، فإذا رأيتم منها شيئًا فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره"، ومنها: حديث أبي مسعود الأنصاري، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه، يخوف اللَّه بهما عباده، وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس، فإذا رأيتم منها شيئًا فصلوا، وادعوا اللَّه حتى يكشف ما بكم"، ومنها: حديث أبي بكرة: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه، وإنهما لا يخسفان لموت أحد، [ولكن اللَّه تعالى يخوِّف بها عباده]، وإذا كان ذاك فصلوا وادعوا حتى يُكشف ما بكم"، ويأتي تخريجها تحت الحديث رقم (1195).
• ومن ذلك: مشروعية الصلاة بنفس الهيئة والكيفية لخسوف القمر، لقوله صلى الله عليه وسلم:"فأيهما خُسِف به أو بأحدهما فافزعوا إلى اللَّه عز وجل بذكر الصلاة"، واللَّه أعلم.
قال ابن المنذر بعد حديث أبي مسعود الأنصاري الآتي ذكره تحت الحديث رقم (1195): "وفي هذا من البيان ما لا يشكل على من سمعه أن يصلي لكسوف القمر"، ثم أنكر على من لم يقل بالصلاة لخسوف القمر، فقال:"وهذه غفلة منه، والسنة دالة على القول الأول".
* * *
1181 -
. . . ابن شهاب، قال: كان كثيرُ بن عباس يحدث؛ أن عبد اللَّه بن عباس كان يحدث؛ أن رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم صلى في كسوفِ الشمس، مثل حديث عروة، عن عائشة، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؛ أنه صلى ركعتين في كل ركعة ركعتين.
* حديث متفق على صحته
أخرجه البخاري (1046)، ومسلم (902)، وأبو عوانة (2/ 102/ 2457)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 487/ 2031) و (2/ 488/ 2032)، والنسائي في المجتبى (3/ 129/ 1469)، وفي الكبرى (1/ 277/ 512) و (2/ 335/ 1865)، وابن حبان (7/ 71/ 2831) و (7/ 81/ 2839)، وأحمد (6/ 87)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1/ 397/ 293)، والطحاوي (1/ 332)، والطبراني في الكبير (10/ 274/ 10645)، وفي مسند الشاميين (4/ 127/ 2907)، والدارقطني (2/ 63)، والبيهقي في السنن (3/ 322)، وفي المعرفة (3/ 71/ 1965) و (3/ 72/ 1966).
رواه عن الزهري: عقيل بن خالد، وشعيب بن أبي حمزة، ومحمد بن الوليد
الزبيدي، ويونس بن يزيد، والأوزاعي، وعبد الرحمن بن نمر، وغيرهم.
وفي رواية عبد الرحمن بن نمر [عند مسلم والنسائي]، والأوزاعي [عند النسائي]: قال الزهري: وأخبرني كثير بن عباس، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه صلى [يوم كسفت الشمس] أربع ركعاتٍ في ركعتين، وأربع سجداتٍ.
• وانظر في الأوهام: ما أخرجه الشافعي في اختلاف الحديث (202)، والطبراني في الأوسط (9/ 74/ 9162)، والبيهقي في المعرفة (3/ 71/ 1964).
* تابع كثيرَ بن عباس عليه؛ عطاءُ بن يسار:
رواه مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد اللَّه بن عباس؛ أنه قال: خسفت الشمس، فصلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، والناس معه، فقام قيامًا طويلًا نحوًا من سورة البقرة، قال: ثم ركع ركوعًا طويلًا، ثم رفع فقام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول، ثم سجد، ثم قام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فقام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول، ثم سجد، ثم انصرف وقد تجلَّت الشمس، فقال:"إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فاذكروا اللَّه"، قالوا: يا رسول اللَّه! رأيناك تناولت شيئًا في مقامك هذا، ثم رأيناك تكعكعت، فقال:"إني رأيتُ الجنة، فتناولت منها عنقودًا، ولو أخذته [وفي رواية: ولو أصبته] لأكلتم منه ما بقيت الدنيا، ورأيتُ النارَ فلم أر كاليوم منظرًا قطُّ [أفظع]، ورأيت أكثر أهلها النساء"، قالوا: لم يا رسول اللَّه؛ قال: "لكفرهن"، قيل: أيكفرن باللَّه؛ قال: "يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنتَ الى إحداهنَّ الدهرَ كله، ثم رأت منك شيئًا، قالت: ما رأيتُ منك خيرًا قطُّ".
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 261/ 508)، ومن طريقه: البخاري (29 و 431 و 748 و 1052 و 3202 و 5197)، ومسلم (907)، وأبو عوانة (2/ 102/ 2458)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 492/ 2041)، وأبو داود (1189)، مختصرًا. والنسائي في المجتبى (3/ 146/ 1493)، وفي الكبرى (2/ 349/ 1891)[(3/ 318/ 2041) و (3/ 340/ 2076) ط. التأصيل]. والدارمي (1/ 431/ 1528)، وا بن خزيمة (2/ 312/ 1377)، وابن حبان (7/ 72/ 2832) و (7/ 96/ 2853)، وابن الجارود (248)، وأحمد (1/ 298 و 358)، والشافعي في الأم (1/ 242) و (7/ 169)، وفي السنن (47)، وفي اختلاف الحديث (199)، وفي المسند (77 و 177)، وعبد الرزاق (3/ 98/ 4925)، والبزار (11/ 429/ 5286)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 296/ 2892)، وفي الإقناع (27)، والطحاوي (1/ 327)، وأبو بكر النيسابوري في الزيادات على المزني (131)، والطبراني في الدعاء (2226)، والجوهري في مسند الموطأ (345)، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (6/ 1193/ 2262)، والبيهقي في السنن (3/ 321 و 335) و (7/ 294)،
وفي المعرفة (2/ 114/ 1039) و (3/ 70/ 1962) و (3/ 71/ 1963)، وإسماعيل الأصبهاني في الحجة (2/ 442/ 425)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 369/ 1140)، وقال:"هذا حديث متفق على صحته".
رواه عن مالك: عبد اللَّه بن مسلمة القعنبي (351)، وعبد اللَّه بن يوسف التنيسي، والشافعي، وأبو مصعب الزهري (606)، وعبد الرحمن بن القاسم (171 - تلخيص القابسي)، وعبد اللَّه بن وهب، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن يحيى الليثي، وروح بن عبادة، وإسحاق بن عيسى الطباع، وعبد الرزاق بن همام، وإسماعيل بن أبي أويس، ومطرف بن عبد اللَّه، وعبد اللَّه بن نافع الصائغ، وسويد بن سعيد الحدثاني (192).
قال ابن عبد البر في التمهيد (3/ 323) والاستذكار (2/ 420): المحفوظ فيه عن مالك من رواية ابن القاسم وابن وهب والقعنبي وعامة رواة الموطأ قال: "يكفرن العشير"، بغير واو، وهو الصحيح في المعنى".
وقال ابن حجر في الفتح (2/ 542): "ووقع في موطأ يحيى بن يحيى الأندلسي، قال: "ويكفرن العشير" بزيادة واو، واتفقوا على أن زيادة الواو غلط منه".
* تابع مالكًا عليه:
حفص بن ميسرة [وعنه: سويد بن سعيد]، قال: حدثني زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس، قال: انكسفت الشمس. . .، فساق الحديث بطوله، وقال: رأيناك كففت، بدل: تكعكعت.
أخرجه مسلم (907).
قلت: وحفص وسويد، وإن كان تكلم فيهما [انظر ترجمة حفص في فضل الرحيم (5/ 206/ 424)، وترجمة سويد تحت الحديث رقم (1096)]، إِلَّا أن روايتهما متابعة لرواية مالك، فدل ذلك على استقامة حديثهما هذا، وأنهما ضبطاه، ولم يخالفا فيه الثقات؛ لذا أخرجه مسلم.
* وروي من طريق آخر فيه ضعف:
رواه إسحاق بن يوسف، عن شريك، عن خصيف، عن مقسم، عن ابن عباس، قال: كسفت الشمس، فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقرأ سورة طويلة ثم ركع، ثم رفع رأسه فقرأ ثم ركع، وسجد سجدتين، ثم قام فقرأ وركع، ثم سجد سجدتين، أربع ركعات وأربع سجدات في ركعتين.
أخرجه أحمد (1/ 216).
خصيف بن عبد الرحمن الجزري، وشريك بن عبد اللَّه النخعي: صدوقان، سيئا الحفظ، والمتن محفوظ.
° هكذا صح عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف، أنه صلاها ركعتين، في كل ركعة ركوعان فقط، من حديث جابر بن عبد اللَّه [تقدم برقم (1179)]، ومن حديث عائشة [تقدم
برقم (1180)]، ومن حديث عبد اللَّه بن عمرو [تقدم تحت الحديث رقم (1185)]، ومن حديث ابن عباس [وهو هذا الحديث برقم (1181)].
* وقد صح ذلك أيضًا من حديث أسماء بنت أبي بكر:
رواه نافع بن عمر الجمحي، قال: حدثني ابن أبي مليكة، عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الكسوف، فقام فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع، ثم قام فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع، ثم رفع ثم سجد، فأطال السجود، ثم رفع ثم سجد، فأطال السجود، ثم قام فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع، ثم رفع فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع، ثم رفع فسجد، فأطال السجود، ثم رفع ثم سجد، فأطال السجود، ثم انصرف، فقال:"قد دنت مني الجنة، حتى لو اجترأت عليها، لجئتكم بقِطاف من قِطافها، ودنت مني النار حتى قلت: أي ربِّ! وأنا معهم! فإذا امرأة -حسبت أنه قال:- تخدشها هرةٌ، قلت: ما شأن هذه؛ قالوا: حبستها حتى ماتت جوعًا، لا [هي] أطعمتها، ولا [هي] أرسلتها تأكل" -قال نافع: حسبت أنه قال: "من خُشَيش- أو: خَشاش الأرض".
أخرجه البخاري (745 و 2364)، والنسائي في المجتبى (3/ 151/ 1498)، وفي الكبرى (2/ 352/ 1898)[(3/ 343/ 2082) و (3/ 346/ 2086) ط التأصيل]. وابن ماجه (1265)، وأحمد (6/ 350 و 351)(12/ 6518/ 27605 - ط. المكنز) و (12/ 6519/ 27606 - ط. المكنز). والطبراني في الكبير (24/ 94/ 252).
* ورواه يونس بن محمد المؤدب، وسريج بن النعمان، ويحيى بن صالح الوحاظي: ثنا فليح، عن محمد بن عباد بن عبد اللَّه بن الزبير، عن أسماء بنت أبي بكر؛ أنها قالت: خسفت الشمس زمان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم،. . . فذكر الحديث بطوله، وفيه:"فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة، وإلى ذكر اللَّه والصدقة". كذا في رواية يونس.
وأما رواية سريج عند أحمد فهي مطولة جدًا، وكذا رواية الوحاظي عند الطبراني وفي أولها اختصار، وقد اشتملت على زيادات منكرة، منها قوله: قالت: فصليت معهم، وقد كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فرغ من سجدته الأولى،. . . [يعني: أنها فاتتها ركعة، ثم شرعت في وصف الركعة الثانية]، ومنها قوله: ثم رقى المنبر، كما ذكر في الخطبة ألفاظًا لم يروها الثقات من حديث أسماء، دمان كانت قد صحت من حديث غيرها في خطبة الكسوف، ومنها قوله في آخر الخطبة:". . . قيل له: أجل، على الشكِّ عشتَ، وعليه متَّ، هذا مقعدك من النار، وإن قال: أشهد أن لا إله إِلَّا اللَّه، وأن محمدًا رسول اللَّه، قيل: على اليقين عشتَ، وعليه متَّ، هذا مقعدك من الجنة، وقد أريت خمسين أو سبعين ألفًا يدخلون الجنة في مثل صورة القمر ليلة البدر"، فقام إليه رجل، فقال: ادع اللَّه أن يجعلني منهم، قال:"اللهُمَّ اجعله منهم، أيها الناس! انكم لن تسألوني عن شيء حتى أَنزل إِلَّا أخبرتكم به"، فقام رجل، فقال: من أبي؛ قال: "أبوك فلان"، الذي كان ينسب إليه.
أخرجه ابن خزيمة (2/ 328/ 1400)، وأحمد (6/ 354)(12/ 6526/ 27634 - ط. مكنز). والطبراني في الكبير (24/ 90/ 240).
قلت: هو حديث منكر بهذا السياق، وفليح بن سليمان: ليس به بأس، له أوهام وغرائب كثيرة، وهذا منها.
ويأتي ذكر بقية طرق أسماء قريبًا برقم (1192).
• وروي من حديث ابن عمر:
رواه مسلم بن خالد الزنجي [ليس بالقوي، كثير الغلط، قال البخاري وأبو حاتم: "منكر الحديث" التهذيب (4/ 68)]، ويحيى بن سليم [الطائفي: صدوق، سيئ الحفظ، كثير الغلط]، وداود بن عبد الرحمن العطار [ثقة]، وعدي بن الفضل [متروك]:
عن إسماعيل بن أمية، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن الشمس انكسفت لموت عظيم من العظماء [وفي رواية الزنجي: أن الشمس كسفت يوم مات إبراهيم ابن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فظن الناس أنها كسفت لموته]، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس، فأطال القيام حتى قيل: لا يركع؛ من طول القيام، ثم ركع، حتى قيل: لا يرفع؛ من طول الركوع، ثم رفع، فأطال القيام نحوًا من قيامه الأول، ثم ركع، فأطال الركوع كنحو ركوعه الأول، ثم رفع رأسه فسجد، ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك، فكانت أربع ركعات وأربع سجدات، ثم أقبل على الناس، فقال:"أيها الناس! إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات اللَّه، فإذا رأيتموهما فافزعوا الى الصلاة". لفظ عدي، وبنحوه لفظ يحيى بن سليم، وزاد الزنجي في آخره:"وإلى ذكر اللَّه، وادعو وتصدقوا"، وليس في روايته ذكر عدد الركوع ولا صفة الصلاة، واقتصر العطار على المرفوع القولي، وهو المحفوظ.
أخرجه ابن خزيمة (2/ 328/ 1400)، والحاكم (1/ 331)(2/ 127/ 1246 - ط. الميمان). والبزار (12/ 213/ 5910 و 5911)، والطحاوي (1/ 327)، والطبراني في الدعاء (2219).
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه".
وانظر فيمن وهم في إسناده وقلبه: ما أخرجه البيهقي في السنن (3/ 324)، وفي المعرفة (3/ 76/ 1975)، والذهبي في السير (10/ 60).
قلت: هو حديث غير محفوظ بهذا السياق، وقد اقتصر منه داود العطار ومسلم بن خالد الزنجي على آخره دون صفة الصلاة؛ فإنها لا تحفظ من حديث ابن عمر في الكسوف، وإنما المحفوظ عنه المرفوع القولي.
• فقد رواه ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن عبد الرحمن بن القاسم، حدثه عن أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أنه كان يخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم:"إن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحدٍ ولا لحيانه، ولكنهما آيتان من آيات اللَّه، فإذا رأيتموها فصلوا".
أخرجه البخاري (1042 و 3201)، ومسلم (914)، وأبو عوانة (2/ 92/ 2431)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 496/ 2049)، والنسائي في المجتبى (3/ 125/ 1461)، وفي الكبرى (2/ 332/ 1857)، وابن حبان (7/ 68/ 2828)، وأحمد (2/ 109 و 118)، والطبراني في الكبير (12/ 274/ 13095)، والدارقطني (2/ 65)، والبيهقي في السنن (3/ 337)، وفي بيان من أخطأ على الشافعي (195).
• وروي من حديث أبي هريرة:
يرويه محمد بن عبيد اللَّه بن عبد العظيم [الكريزي، بصري، قاضي الديار المضرية، قال النسائي: "لا بأس به"، وذكره ابن حبان في الثقات. تسمية شيوخ النسائي (22)، وتاريخ الرقة (392)، والثقات (9/ 145)، وتاريخ الإسلام (19/ 302) (6/ 183 - ط. الغرب). إكمال التهذيب لمغلطاي (10/ 266)، والتهذيب (3/ 638)]، قال: حدثني إبراهيم سَبَلان [هو إبراهيم بن زياد البغدادي: ثقة، صاحب عباد بن عباد المهلبي]، قال: حدثنا عباد بن عباد المهلبي، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: كسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقام فصلى للناس فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع، ثم قام فأطال القيام وهو دون القيام الأول، ثم ركع فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول، ثم سجد فأطال السجود، ثم رفع، ثم سجد فأطال السجود وهو دون السجود الأول، ثم قام فصلى ركعتين وفعل فيهما مثل ذلك، ثم سجد سجدتين يفعل فيهما مثل ذلك، حتى فرغ من صلاته، ثم قال:"إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه، وإنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر اللَّه عز وجل وإلى الصلاة".
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 139/ 1483)، وفي الكبرى (2/ 344/ 1881).
قال النسائي: أخبرني محمد بن عبيد اللَّه بن عبد العظيم به.
قلت: وهذا حديث غريب؛ وإسناده من لدن محمد بن عمرو بن علقمة فمن فوقه: إسناد مدني جيد، ولا يُعلُّ بحديث يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عبد اللَّه بن عمرو [المتقدم ذكره في آخر الحديث السابق]، بدعوى سلوك الجادة، وذلك لاختلاف السياق بين الحديثين، ومحمد بن عمرو مختص بأبي سلمة، كثير الرواية عنه، لكنه غريب من حديثه، تفرد به عنه أحد الغرباء دون بقية أصحابه على كثرتهم.
فإن عباد بن عباد المهلبي: بصري، ثقة، إِلا أن له أوهامًا تُكُلِّم فيه بسببها [التهذيب (2/ 278)، والميزان (2/ 367)، وعلل ابن أبي حاتم (314)][وانظر بعض أوهامه فيما تقدم تحت الحديث رقم (937)، والحديث رقم (1066)]، فلعل هذا الحديث من أوهامه، واللَّه أعلم.
* * *
1182 -
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن الفرات بن خالد أبو مسعود الرازي: أخبرنا محمد بن عبد اللَّه بن أبي جعفر الرازي، عن أبيه، عن أبي جعفر الرازي.
قال أبو داود: وحُدِّثت عن عمر بن شقيق: حدثنا أبو جعفر الرازي، وهذا لفظه وهو أتم، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أُبي بن كعب، قال: انكسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وإن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم، فقرأ بسورةٍ من الطُّوَل، وركع خمس ركعاتٍ، وسجد سجدتين، ثم قام الثانية، فقرأ سورةً من الطُّوَل، وركع خمس ركعاتٍ، وسجد سجدتين، ثم جلس كما هو مستقبل القبلة يدعو حتى انجلى كسوفها.
* حديث منكر
* هكذا أبهم أبو داود من حدثه بهذا الحديث عن عمر بن شقيق، وقد وصله جماعة عن روح بن عبد المؤمن [وهو: ثقة]، عن عمر بن شقيق به [وعمر: روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في الثقات، وأورده ابن عدي في الضعفاء، وقال:"قليل الحديث"، وقال الذهبي:"مقارب الحديث". التهذيب (3/ 233)، والمغني (2/ 469)، والميزان (3/ 205)، وقال:"فيه لين"].
أخرجه عبد اللَّه بن أحمد في زياداته على مسند أبيه (5/ 134)، وأبو يعلى في المعجم (168)، والطبراني في الأوسط (6/ 99/ 5919)، وفي الدعاء (2237)، وابن عدي في الكامل (5/ 44)، والبيهقي (3/ 329)(7/ 28/ 6398 - ط. التركي). والضياء في المختارة (3/ 348/ 1141).
من طريق جماعةٍ، عن روح بن عبد المؤمن المقرئ: حدثنا عمر بن شقيق: حدثنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أُبي بن كعب، قال: انكسفت الشمس. . . فذكره بمثله.
* ورواه أبو يعلى: ثنا الحسن بن عمر بن شقيق الجرمي [صدوق]، قال: وجدت في كتاب أبي بخطه: ثنا أبو جعفر الرازي، فذكر لإسناده نحوه.
أخرجه ابن عدي (5/ 44)، والضياء في المختارة (3/ 349/ 1142).
قال ابن عدي: "وهذا لا أعلم رواه عن أبي جعفر بهذا الإسناد غير عمر بن شقيق".
ثم ختم ابن عدي ترجمة عمر بقوله: "وعمر بن شقيق قليل الحديث".
فتعقبه الذهبي في الميزان (3/ 255) بقوله: "ما تفرد به عمر بن شقيق الجرمي، فقد رواه عبد اللَّه بن أبي جعفر الرازى عن أبيه أيضًا".
• والصواب أن المتفرد بهذا الحديث هو أبو جعفر الرازي:
قال الطبراني في الأوسط: "لم يرو هذا الحديث عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن في الكسوف عشر ركعات في أربع سجدات؛ إِلا أبي بن كعب، ولا يروى عن أبي بن كعب إِلا بهذا الإسناد، تفرد به: أبو جعفر الرازي".
وقال الدارقطني في الأفراد (1/ 152/ 623 - أطرافه): "تفرد به: الربيع بن أنس عنه، وتفرد به: أبو جعفر الرازي عن الربيع".
* وقد أخرجه من طريق أبي مسعود الرازي ابن عساكر في تاريخ دمشق (5/ 151).
وأخرجه من طريق محمد بن عبد اللَّه بن أبي جعفر الرازي: الحاكم (1/ 333)(2/ 130/ 1252 - ط. الميمان)(1/ 157/ أ - رواق المغاربة)؛ بإسناد صحيح إلى محمد.
فذكره بمثل لفظ أبي مسعود الرازي؛ إِلَّا أنه زاد بعد الثانية: ثم قام الثالثة، فقرأ من الطُّوَل، ثم ركع خمس ركعاتٍ، وسجد سجدتين، ثم جلس كما هو مسنقبل القبلة يدعو حتى تجلى كسوفها.
قال الحاكم: "الشيخان قد هجرا أبا جعفر الرازي، ولم يخرجا عنه، وحاله عند سائر الأئمة أحسن الحال، وهذا الحديث فيه ألفاظ، ورواته صادقون".
ولم يصب الحاكم فيما قال، فقد تعقبه الذهبي بقوله:"خبر منكر؛ وعبد اللَّه بن أبي جعفر: ليس بشيء، وأبوه فيه لين".
وقال البيهقي: "وروي خمس ركوعات في ركعة بإسناد لم يحتج بمثله صاحبا الصحيح، ولكن أخرجه أبو داود في السنن".
وقال النووي في الخلاصة (3031): "رواه أبو داود بإسناد فيه ضعيف، ولم يضعفه".
قلت: محمد بن عبد اللَّه بن أبي جعفر الرازي: صدوق، وأبوه: صدوق، روى ما لا يتابع عليه [التهذيب (2/ 316)، والكامل (6/ 584 - ط. الرشد)]، وقد توبع هنا على روايته، وإنما المتفرد بهذا الحديث هو: أبو جعفر الرازي، عيسى بن أبي عيسى، وهو: ليس بالقوي، روى مناكير [التهذيب (4/ 504)]، وهذا منها.
والربيع بن أنس البصري: ليس به بأس، ويتقى من حديثه ما كان من رواية أبي جعفر الرازي عنه [التهذيب (1/ 590)]، فهو حديث منكر.
* وله شاهد مثله من حديث علي بن أبي طالب:
يرويه عبيد اللَّه بن موسى، قال: نا إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن محمد بن علي [هو: ابن الحنفية]، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي، قال: انكسفت الشمس فقام علي فركع خمس ركعات وسجد سجدتين، ثم فعل في الركعة الثانية مثل ذلك، ثم قال: ما صلاها بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أحدٌ غيري.
أخرجه البزار (2/ 233/ 628) و (2/ 240/ 639)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 302/ 2907)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 233).
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم أحدًا رواه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى إِلا عبد الأعلى، ولا عن عبد الأعلى إِلا إسرائيل"، وقال أيضًا:"لا نعلم يروى عن علي إِلا من هذا الوجه بهذا الإسناد".
وقال ابن المنذر: "في إسناده مقال".
قلت: هو حديث منكر؛ تفرد به: عبد الأعلى بن عامر الثعلبي، وهو: ليس بذاك القوي، قال ابن عدي:"يحدث عن سعيد بن جبير وابن الحنفية وأبي عبد الرحمن السلمي بأشياء لا يتابع عليها"[وانظر ترجمته تحت الحديث رقم (621 و 694 و 1073)].
* * *
1183 -
. . . يحيى، عن سفيان: حدثنا حبيب بن أبي ثابت، عن طاوس، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه صلى في كسوف [الشمس]، فقرأ ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع، ثم سجد، والأخرى مثلها.
* حديث خطأ
أخرجه مسلم (909)، وأبو عوانة (2/ 104/ 2459)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 493/ 2043)، والترمذي (560)، وقال:"حسن صحيح". وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه (3/ 105/ 527)، والنسائي في المجتبى (3/ 129/ 1468)، وفي الكبرى (2/ 335/ 1864)، والدارمي (1/ 435/ 1526)(1670 - ط. البشائر). وابن خزيمة (2/ 317/ 1385)، وأحمد (1/ 346)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 301/ 2954)، والطحاوي (1/ 327 و 328)، والطبراني في الكبير (11/ 44/ 11019)، وفي الدعاء (2233)، والبيهقي في السنن (3/ 327)، وفي المعرفة (3/ 85/ 1986)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 378/ 1144)، وقال:"هذا حديث صحيح".
رواه عن يحيى بن سعيد القطان: مسدد بن مسرهد، وأحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وعمرو بن علي الفلاس، وأبو موسى محمد بن المثنى، وبندار محمد بن بشار، وأبو بكر بن خلاد، وزهير بن حرب، وعبد الرحمن بن بشر [وهم ثقات]، وغيرهم.
* تابعه: أبو أحمد محمد بن عبد اللَّه بن الزبير [ثقة ثبت؛ إِلَّا في الثوري فإنه يهم عليه]، قال: ثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: صلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلاة الخسوف، فقام فافتتح، ثم قرأ ثم ركع، ثم رفع رأسه فقرأ ثم ركع، ثم رفع رأسه فقرأ ثم ركع، ثم رفع رأسه فقرأ ثم ركع، ثم سجد، ثم فعل مثل ذلك مرة أخرى.
أخرجه أبو عوانة (2/ 154/ 2460)(7/ 258/ 7774 - إتحاف). والطحاوي (1/ 327).
* ورواه إسماعيل بن علية [ثقة ثبت]، وعبد اللَّه بن نمير [ثقة]، وثابت بن محمد العابد [صدوق]، ومحمد بن إسحاق [صدوق]:
عن سفيان [الثوري]، عن حبيب [بن أبي ثابت]، عن طاوس، عن ابن عباس، قال:
صلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين كسفت الشمس ثمان ركعاتٍ في أربع سجداتٍ. زاد ثابت: يقرأ في كل ركعة.
أخرجه مسلم (908)(3/ 81/ 915 - ط. التأصيل). وأبو عوانة (2/ 104/ 2461)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 493/ 2042)، والنسائي في المجتبى (3/ 129/ 1467)(3/ 242/ 1483 - ط. التأصيل). وفي الكبرى (1/ 277/ 511) و (2/ 334/ 1863)، وأحمد (1/ 225)، وابن أبي شيبة (2/ 217/ 8300)، والبزار (11/ 138/ 4867)، وابن الأعرابي في المعجم (530)، وابن عدي في الكامل (2/ 407)، والدارقطني (2/ 64)، وابن حزم في المحلى (5/ 99)، والبيهقي (3/ 327).
تنبيه: وقع في رواية الدارقطني: صلى في كسوف الشمس والقمر، بزيادة القمر، ولا تثبت في الرواية من حديث ثابت الزاهد عن الثوري، فإن راويها عنه: سهل بن سليمان النيلي، ولا يُعرف، قال ابن القطان الفاسي في بيان الوهم (5/ 47/ 2286):"ولم أجد له ذكرًا، ولا أعرفه بغير هذاإ، وقال ابن حجر في التلخيص (2/ 91): "وفي إسناده نظر، وهو في مسلم بدون ذكر القمر".
• هكذا اختلف أصحاب الثوري عليه في متن هذا الحديث، فمنهم من فصله، ومنهم من اختصره، وقد رواه جماعتهم عنه هكذا موصولًا:
• وخالفهم فأرسله: وكيع بن الجراح [ثقة حافظ]، قال: حدثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن طاوس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثله، ولم يذكر ابن عباس.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 217/ 8301).
قال أحمد بن حنبل: "كان وكيع يقول في حديث الكسوف؛ حديث سفيان عن حبيب عن طاوس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الكسوف ست ركعات في أربع سجدات، قلت له: إن إسماعيل بن علية ويحيى بن سعيد قالا: ثمان ركعات في أربع سجدات، فلما كان بعد ذلك رجع إلى ثمان"[العلل ومعرفة الرجال (633)].
• هكذا رواه سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت:
وخالفه في إسناده: ابن أبي ليلى، فرواه عن حبيب بن أبي ثابت، عن صلة بن زفر، عن حذيفة؛ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلى في كسوف الشمس بأربع ركعات في سجدتين،. . . الحديث.
أخرجه البزار (7/ 325/ 2924)، والطبراني في الدعاء (2234)، والبيهقي (3/ 329).
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن حذيفة إِلا بهذا الإسناد، ولا نعلم روى حبيب عن صلة إِلا هذين الحديثين".
وقال ابن حجر في مختصر الزوائد (1/ 306/ 469): "المعروف: عن حبيب بن أبي ثابت عن طاوس عن ابن عباس، كذلك وراه مسلم من طريق سفيان عن حبيب".
قلت: هذا حديث منكر؛ والحمل فيه على ابن أبي ليلى؛ فإنه: ليس بالقوي، كان سيئ الحفظ جدًا، كثير الوهم، غلب عليه الاشتغال بالفقه والقضاء؛ فلم يكن يحفظ الأسانيد والمتون [انظر: التهذيب (3/ 627)، والميزان (3/ 613)]، وضعفه البيهقي، وإنما يُعرف هذا الحديث: عن حبيب، عن طاوس، عن ابن عباس.
° تنبيه: وقع في آخر رواية مسلم عن ابن أبي شيبة عن ابن علية: "وعن علي مثل ذلك"، ورويت أيضًا من بعض الطرق عن الحسن بن سفيان عن ابن أبي شيبة به، وخالفه يعقوب بن إبراهيم الدورقي، فرواه عن ابن علية [عند النسائي] فقال في آخره:"وعن عطاء مثل ذلك"، ورواه عن ابن علية بدون الزيادة: أحمد بن حنبل، وابن أبي شيبة في المصنف.
* والحاصل: فإن حديث حبيب عن طاوس عن ابن عباس: قد صححه مسلم، والترمذي، وأبو عوانة، وابن خزيمة، وغيرهم.
وقال النسائي في الكبرى في الموضع الأول: "هذا حديث جيد".
وقال البزار: هذا الحديث إنما ذكرناه؛ لأنا لا نعلم أسند حبيب بن أبي ثابت عن طاوس عن ابن عباس غير هذا الحديث، وإسناده صحيح، وثابت بن محمد: كوفي، وكان يقال له: الزاهد".
قلت: الأقرب أن حبيب بن أبي ثابت قد وقع له وهم في هذا الحديث؛ والدليل على صحة ذلك من ثلاثة أوجه:
* الأول: أن كثير بن عباس [وهو أخو عبد اللَّه بن عباس]، وعطاء بن يسار [وهو: ثقة فاضل، من كبار التابعين، وعلمائهم]، قد روياه عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه صلى يوم كسفت الشمس أربع ركعاتٍ في ركعتين، وأربع سجداتٍ [تقدم برقم (1181)].
• الثاني: أن حبيب بن أبي ثابت قد خولف في رفعه وفي العدد:
* فقد روى سفيان بن عيينة، وابن جريج:
عن سليمان الأحول، عن طاوس، عن ابن عباس؛ أنه صلى في صُفَّة زمزم صلاة الكسوف ست ركعات، في أربع سجدات. لفظ سفيان.
وفي رواية ابن جريج: فصلى على ظهر صفة زمزم وكعتين، في كل ركعة أربع ركعات.
أخرجه الشافعي في اختلاف الحديث (259)، وفي المسند (178)، وعبد الرزاق (3/ 102/ 4934)، وابن أبي شيبة (2/ 217/ 832)، والفاكهي في أخبار مكة (2/ 86/ 1176) و (3/ 11/ 1708)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 301/ 29502) و (5/ 302/ 2906)، وغيرهم.
قلت: وسليمان بن أبي مسلم المكي الأحول: متفق على توثيقه، حتى قال فيه أحمد:"هو ثقة ثقة"[التهذيب (2/ 157)]، وروايته أولى من رواية حبيب، فإنه بلدي لطاوس، وروايته عنه في الصحيحين.
• الثالث: يغلب على الظن أن يكون حبيب بن أبي ثابت قد أُتي في هذا الحديث من قِبل التدليس؛ فإنه ديان كان قد سمع شيئًا من طاوس؛ إِلا أنه لم يبين سماعه في هذا الحديث، وحبيب: معدود في المدلسين، فقد روى أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، قال: قال لي حبيب بن أبي ثابت: "لو أن رجلًا حدثني عنك، ما باليت أن أرويه عنك"، وقد وصفه بالتدليس: ابن خزيمة، وقال بعد أن روى قول حبيب هذا في التوحيد:"يريد: لم أبال أن أدلسه"، وظاهر كلامه في صحيحه يدل على أنه لا يحتج بحديث حبيب حتى يصرح بالسماع في كل حديث حديث، ووصفه بالتدليس أيضًا: ابن حبان، والدارقطني، والبيهقي، وقد سبق أن فصلت الكلام عن تدليس حبيب عند الحديث رقم (567)، وقد تقدم معنا أيضًا لحبيب حديث القبلة [برقم (185)]، وحديث المستحاضة [برقم (298)]، واللذان لم يسمعهما حبيب من عروة بن الزبير، بل وأخطأ فيهما أيضًا على عروة، واللَّه أعلم.
• وأما بخصوص هذا الحديث:
فقد قال ابن حبان (7/ 98): "خبر حبيب بن أبي ثابت عن طاوس عن ابن عباس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في كسوف الشمس ثماني ركعات وأربع سجدات: ليس بصحيح؛ لأن حبيبًا لم يسمع من طاوس هذا الخبر".
وقال البيهقي في السنن (3/ 327): "وأما محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله فإنه أعرض عن هذه الروايات التي فيها خلاف رواية الجماعة، وقد روينا عن عطاء بن يسار وكثير بن عباس عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه صلاها ركعتين في كل ركعة ركوعان، وحبيب بن أبي ثابت ليان كان من الثقات فقد كان يدلس، ولم أجده ذكر سماعه في هذا الحديث عن طاوس، ويحتمل أن يكون حمله عن غير موثوق به عن طاوس، وقد روى سليمان الأحول عن طاوس عن ابن عباس من فعله؛ أنه صلاها ست ركعات في أربع سجدات، فخالفه في الرفع والعدد جميعًا"، ثم ذكر مناظرة للشافعي تثبت هذا المعنى.
وقال ابن عبد البر في التمهيد (3/ 302) في حديث عطاء بن يسار عن ابن عباس: "هذا من أصح حديث يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف، وهي ركعتان في كل ركعة ركوعان، فحصلت أربع ركعات وأربع سجدات، وكذلك روى ابن شهاب عن كثير بن عباس عن عبد اللَّه بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم،. . . "، ثم ذكر كلامًا طويلًا إلى أن قال:"وحديث طاوس هذا: مضطرب ضعيف، رواه وكيع عن الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن طاوس عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، ورواه غير الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس لم يذكر طاوسًا، ووقفه ابن عيينة عن سليمان الأحول عن طاوس عن ابن عباس فعله، ولم يرفعه، وهذا الاضطراب يوجب طرحه، واختلف أيضًا في متنه فقوم يقولون: أربع ركعات في ركعة، وقوم يقولون: ثلاث ركعات في ركعة، ولا يقوم بهذا الاختلاف حجة،. . . "، ثم كرَّ بالتضعيف على حديث عطاء عن جابر، وحديث أُبي، وحديث عبيد بن عمير عن
عائشة، ثم قال:"وليس مثل هذه الأسانيد يعارض بها حديث عروة وعمرة عن عائشة، ولا حديث عطاء بن يسار عن ابن عباس؛ لأنها من الآثار التي لا مطعن لأحد فيها".
• قلت: ومما يؤيد أن رواية سليمان الأحول هي المحفوظة، وأن هذا الحديث موقوف على ابن عباس فعله:
أ - ما رواه عبد اللَّه بن الحارث [الأنصاري البصري، نسيب ابن سيرين: ثقة]، عن ابن عباس؛ أنه صلى في الزلزلة بالبصرة، ست ركعات وأربع سجدات.
أخرجه عبد الرزاق (3/ 101/ 4929) و (3/ 102/ 4931)، وابن أبي شيبة (2/ 220/ 8333)، وابن المنذر (5/ 314/ 2917 و 2918) و (5/ 315/ 2922)، والبيهقي (3/ 343).
ب - وروى إسحاق بن عثمان الكلابي [ثقة]، عن أبي أيوب الهجري، قال: انكسفت الشمس بالبصرة وابن عباس أمير عليها، فقام يصلي بالناس، فقرأ فأطال القراءة، ثم ركع فأطال الركوع، ثم رفع رأسه، ثم سجد، فعل مثل ذلك في الثانية، فلما فرغ قال: هكذا صلاة الآيات،. . .
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 219/ 8322).
قال أحمد بن حنبل في حديث وكيع عن إسحاق بن عثمان الكلابي عن أبي أيوب الهجري: كسفت الشمس بالبصرة وابن عباس أمير، قال:"إنما هو أبو أيوب مولى عثمان، روى عنه حماد بن سلمة والخزرج، والهجري: -يعني: أبا أيوب الذي روى عنه قتادة-: اسمه يحيى بن مالك"[العلل ومعرفة الرجال (591)].
وعلى هذا فإن أبا أيوب مولى عثمان هو: عبد اللَّه بن أبي سليمان الأموي، وهو: صدوق [التهذيب (2/ 350)، والعلل ومعرفة الرجال (265 و 365)، والأسامي والكنى لأحمد (113)، والتاريخ الكبير (5/ 108)، والكنى لمسلم (117)، وفتح الباب (349)]، والإسناد جيد؛ ان ثبت سماع أبي أيوب من ابن عباس.
ج - وروى ابن إسحاق [صدوق]، قال: حدثني عمرو بن حبيب؛ أن عبد الرحمن بن أبي إسحاق البصري حدثه، عن الحسن حدثه؛ أن ابن عباس صلى بهم هذه الصلاة في زمان علي بن أبي طالب -وكان أمير البصرة- عند كسوف القمر ركعتين في كل سجدة. . . الحديث.
أخرجه ابن المنذر (5/ 311/ 2915)(5/ 325/ 2892 - ط. الفلاح)، قال: حدثونا عن عبيد اللَّه بن سعد بن إبراهيم، قال: حدثنا عمي، قال: أخبرنا أبي، عن ابن إسحاق، قال:. . . فذكره.
قلت: ولا يثبت هذا عن الحسن البصري؛ ولم أقف على ترجمة لعبد الرحمن بن أبي إسحاق البصري، وشيخ ابن إسحاق أظنه تحرف عن عمر بن حسين الجمحي المكي؛ فإن كان هو، فهو: ثقة، وإلا فلا أدري من هو، وقد أبهم ابن المنذر من حدثه بهذا الحديث، والحسن البصري: لم يسمع من ابن عباس [المراسيل (97 - 101)، وتحفة التحصيل (69)]، واللَّه أعلم.
• وروي أيضًا من وجه آخر لا يصح [أخرجه الشافعي في اختلاف الحديث (210)، والبيهقي (3/ 338)][وفي إسناده: إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، وهو: متروك، كذبه جماعة].
• وحديث علي المشار إليه في رواية مسلم، وجدته مسندًا من طريقين:
الأول: رواه سفيان الثوري وعبد الواحد بن زياد، عن أبي إسحاق سليمان بن أبي سليمان الشيباني.
ورواه زهير بن معاوية، عن الحسن بن الحر:
كلاهما [الشيباني والحسن، وهما ثقتان]، عن الحكم بن عتيبة، عن حنش [كذا في رواية الثوري غير منسوب، ونسبه عبد الواحد، فقال: عن حنش بن ربيعة][وفي رواية الحسن بن حر: عن رجل يُدعى حنشًا]، عن علي؛ أنه أمَّ الناس في المسجد لكسوف الشمس، قال: فجهر بالقراءة، فقام فقرأ ثم ركع، ثم قام فدعا ثم ركع أربع ركعات في سجدة، يدعو فيهن بعد الركوع، ثم فعل في الثانية مثل ذلك. لفظ الثوري عن الشيباني موقوفًا.
ولفظ عبد الواحد [عند البيهقي]: عن حنش بن ربيعة، قال: انكسفت الشمس على عهد علي رضي الله عنه، قال: فخرج فصلى بمن عنده، فقرأ سورة الحج ويس، لا أدري بأيهما بدأ، وجهر بالقراءة، ثم ركع نحوًا من قيامه، ثم رفع رأسه، فقام نحوًا من قيامه، ثم ركع نحوًا من قيامه، ثم رفع رأسه، فقام نحوًا من قيامه، ثم ركع نحوًا من قيامه، أربع ركعات، ثم سجد في الرابعة، ثم قام فقرأ بسورة الحج ويس، ثم قام فصنع كما صنع في الركعة الأولى، ثمان ركعات وأربع سجدات، ثم قعد فدعا، ثم انصرف، فوافق انصرافه وقد انجلى عن الشمس.
ورواه الحسن بن حر بمعناه، وفيه: فقرأ يس أو نحوها، وزاد فيه الرفع، فقال في آخره: ثم حدثهم أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان كذلك يفعل.
أخرجه ابن خزيمة (2/ 320/ 1388) و (2/ 324/ 1394)، وأحمد (1/ 143)، وعبد الرزاق (3/ 103/ 4936)، وابن أبي شيبة (2/ 220/ 8330)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 297/ 2894) و (5/ 302/ 2905) و (5/ 307/ 2911)، والطحاوي (1/ 328 و 334)، والطبراني في الدعاء (2235)، والبيهقي (3/ 330)، وابن حجر في نتائج الأفكار (5/ 82).
قال الدارقطني في العلل (3/ 190/ 353) بعد أن ذكر بعض الاختلاف فيه: "ورواه منصور بن المعتمر، عن الحكم بن عتيبة، عن حنش، عن علي، في كسوف الشمس موقوفًا، والموقوف أصح، وكذلك رواه أبان بن تغلب، عن أبي إسحاق، عن حنش، عن علي موقوفًا".
وقال البيهقي: "لم يرفعه سليمان الشيباني، ورواه الحسن بن الحر عن الحكم فرفعه".
وعليه: فهو موقوف عن عليٍّ بإسناد ليِّن.
قال ابن المديني في العلل (189): "الشيباني عن الحكم عن حنش بن ربيعة: لا يُعرف حنشٌ، قال الحسن بن الحر عن الحكم: عن رجلٍ يُدعى حنشًا، وهذا يُقوِّي ما قال الشيباني: حنش بن ربيعة، ولا نَعرف حنش بن ربيعة في شيء من الحديث".
وقال ابن أبي حاتم في الجرح (3/ 291): "حنش بن المعتمر الكناني أبو المعتمر، ويقال: حنش بن ربيعة، روى عن علي رضي الله عنه، روى عنه أبو إسحاق الهمداني والحكم بن عتيبة وسماك وإسماعيل بن أبي خالد، سمعت أبي يقول ذلك،. . . "، ثم نقل قول ابن المديني، ثم نقل عن أبيه قوله:"حنش بن المعتمر: هو عندي صالح، قلت: يحتج بحديثه؛ قال: ليس أراهم يحتجون بحديثه".
وقال البخاري: "يتكلمون في حديثه"، وقال النسائي:"ليس بالقوي"، وذكره جماعة في الضعفاء، ومشاه ابن عدي، وقال:"لا بأس به؛ لأن من يروي عنه إنما هو سماك بن حرب والحكم بن عتيبة، وليس بهما بأس"، وقال أحمد:"ما أعلم إِلَّا خيرًا، روى عنه أبو إسحاق"، وقال يعقوب بن سفيان:"لا بأس به"، وقال الآجري عن أبي داود، والعجلي:"ثقة"[التاريخ الكبير (3/ 99)، والتاريخ الأوسط (1/ 205/ 969)، وضعفاء البخاري (97)، وسؤالات أبي داود لأحمد (334)، ومعرفة الثقات (373)، وسؤالات الآجري (130)، والمعرفة والتاريخ (3/ 153)، وضعفاء النسائي (166)، وضعفاء العقيلي (1/ 288)، والكامل (2/ 438) (4/ 183 - ط. الرشد). الميزان (1/ 619)، والتهذيب (1/ 503)].
وقال ابن حبان في المجروحين (1/ 269): "حنش بن المعتمر الصنعاني، الذي يقال له: حنش بن ربيعة الكناني، والمعتمر كان جده، كنية حنش أبو المعتمر، يروي عن علي بن أبي طالب، روى عنه الحكم وسماك، كان كثير الوهم في الأخبار، ينفرد عن علي عليه السلام بأشياء لا تشبه حديث الثقات، حتى صار ممن لا يحتج به".
وقال في الصحيح (7/ 99): "خبر حبيب بن أبي ثابت عن طاوس عن ابن عباس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في كسوف الشمس ثماني ركعات وأربع سجدات: ليس بصحيح؛ لأن حبيبًا لم يسمع من طاوس هذا الخبر، وكذلك خبر علي رضوان اللَّه عليه؛ أنه صلى الله عليه وسلم صلى في صلاة الكسوف هذا النحو؛ لأنا لا نحتج بحنش وأمثاله من أهل العلم، وكذلك أغضينا عن إملائه".
قلت: حنش بن المعتمر، ويقال له: حنش بن ربيعة: ليس بالقوي، وحديثه هذا لا يثبت.
• الثاني: روي عن علي من وجه آخر مع اختلاف في العدد:
رواه عبيد اللَّه بن موسى، قال: نا إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن محمد بن علي، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي، قال: انكسفت الشمس، فقام علي فركع خمس
ركعات، وسجد سجدتين، ثم فعل في الركعة الثانية مثل ذلك، ثم قال: ما صلاها بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أحد غيري.
وهو حديث منكر؛ تقدم الكلام عليه تحت الحديث السابق.
• وحاصل ما تقدم:
فقد صحح مسلم، وإسحاق بن راهويه، والنسائي، والترمذي، وأبو عوانة، وابن خزيمة، وابن المنذر، والخطابي، وابن حزم، هذه الوجوه المروية في عدد الركوع في كل ركعة من ركعتي الكسوف.
فقد أخرجها مسلم في صحيحه، مصححًا لها.
وقال الترمذي: "حديث ابن عباس حديث حسن صحيح.
وقد روي عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه صلى في كسوف أربع ركعات في أربع سجدات. وبه يقول الشافعي، وأحمد، وإسحاق.
. . . وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم كلتا الروايتين؛ صح عنه: أنه صلى أربع ركعات في أربع سجدات، وصح عنه: أنه صلى ست ركعات في أربع سجدات، وهذا عند أهل العلم جائز على قدر الكسوف، إن تطاول الكسوف فصلى ست ركعات في أربع سجدات، فهو جائز، وإن صلى أربع ركعات في أربع سجدات وأطال القراءة فهو جائز، ويرى أصحابنا أن تصلى صلاة الكسوف في جماعة، في كسوف الشمس والقمر".
وقال ابن خزيمة: "فجائز للمرء أن يصلي في الكسوف كيف أحب وشاء مما فعل النبي صلى الله عليه وسلم من عدد الركوع، إن أحب ركع في كل ركعة ركوعين، وإن أحب ركع في كل ركعة ثلاث ركعات، وان أحب ركع في كل ركعة أربع ركعات؛ لأن جميع هذه الأخبار صحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه الأخبار دالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في كسوف الشمس مراتٍ لا مرةً واحدةً".
وقال ابن المنذر في الأوسط (5/ 300): "وممن قال بأن صلاة الكسوف ركعتين في كل ركعة ركعتين: مالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وأبو ثور".
ثم قال (5/ 303): "وكان إسحاق بن راهويه يقول بعد أن ذكر صلاة الكسوف أربع ركعات في ركعتين، وست ركعات في ركعتين، وثمان ركعات في ركعتين: كل ذلك مؤتلف يصدِّق بعضُه بعضًا؛ لأنه إنما كان يزيد من الركوع إذا لم ير الشمس قد انجلت، واذا انجلت الشمس سجد، فمن هنا صار زيادة الركعات، ولا يجاوز بذلك أربع ركعات في كل ركعة؛ لأنه لم يأتنا مثبتًا عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من ذلك.
وقال آخر من أصحابنا: الأخبار في صلاة الكسوف أخبار ثابتة، فإن أحب المصلي ركع في كل ركوعه ركوعين، وإن أحب ركع في كل ركعة ثلاث ركعات، وان أحب ركع في كل ركعة أربع ركعات؛ لأن هذه الأخبار ثابتة، وتدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في كسوف الشمس مرات".
قال أبو بكر ابن المنذر: "ولا أعلم في شيء من الأخبار التي ذكرناها في عدد صلاة الخسوف علةً؛ إِلَّا خبر علي فإن في إسناده مقال، فأما سائر الأخبار فالعمل بها كلها جائز".
وقال الخطابي في المعالم (1/ 222): "ويشبه أن يكون المعنى في ذلك: أنه صلاها مرات وكرات، فكانت إذا طالت مدة الكسوف مدَّ في صلاته وزاد في عدد الركوع، وإذا قصرت نقص من ذلك، وحذا بالصلاة حذوها، وكل ذلك جائز، يصلي على حسب الحال ومقدار الحاجة فيه".
قلت: مما يرد القول بأنه إذا طالت مدة الكسوف مدَّ في صلاته وزاد في عدد الركوع: أنه يلزم منه أن لا تكون هيئة الصلاة منوية من أولها، وهذا خلاف ما شرعت به الصلاة، وهي النية في أولها المتضمنة لكونها فرضًا أم نفلًا، ولعدد ركعاتها، وهيئتها، فلما اتفقت جميع الروايات في الكسوف على استواء عدد الركوع في الركعتين دل على بطلان هذا القول؛ لأن انجلاء الشمس لا يتبين في أول الصلاة، وإنما في آخرها، فيستلزم أن تكون الزيادة في عدد الركوع في الركعة الثانية دون الأولى، واللَّه أعلم [وانظر: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (4/ 278)].
° وتوسط في ذلك ابن حبان، فصحح في صحيحه أحاديث من قال بركوعين في ركعة، مثل: حديث عروة وعمرة عن عائشة، وحديث عطاء بن يسار وكثير بن عباس عن ابن عباس، وصحح كذلك أحاديث من قال بثلاث ركوعات في ركعة، مثل: حديث عبيد بن عمير عن عائشة، وحديث عبد الملك عن عطاء عن جابر، ثم ضعف أحاديث من قال بأربع ركوعات في ركعة، مثل: حديث طاوس عن ابن عباس، وحديث حنش عن علي.
قال ابن حبان (7/ 98 و 99): "خبر حبيب بن أبي ثابت عن طاوس عن ابن عباس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في كسوف الشمس ثماني ركعات وأربع سجدات: ليس بصحيح؛ لأن حبيبًا لم يسمع من طاوس هذا الخبر، وكذلك خبر علي رضوان اللَّه عليه؛ أنه صلى الله عليه وسلم صلى في صلاة الكسوف هذا النحو؛ لأنا لا نحتج بحنش وأمثاله من أهل العلم، وكذلك أغضينا عن إملائه".
• وخالفهم في ذلك آخرون، منهم: الشافعي، وأحمد، والبخاري، والبيهقي، وابن عبد البر:
قال الشافعي في اختلاف الحديث (180): "إذا كسفت الشمس والقمر صلى الإمام بالناس ركعتين في كسوف كل واحد منهما، في كل ركعة ركوعان".
واحتج الشافعي في هذا بحديث عطاء بن يسار عن ابن عباس، وحديث عمرة وعروة عن عائشة، ثم ذكر بأن حديث أبي بكرة وما كان في معناه مما ظاهره التعارض، بأنه لا يعارض تلك الأحاديث؛ وذلك لأن: "الحديث إذا جاء من وجهين فاختلفا، وكان في
الحديث زيادة؛ كان الجائي بالزيادة أولى أن يقبل قوله؛ لأنه أثبت ما لم يُثبِت الذي نقص الحديثَ".
ثم ذكر المعارضة بأحاديث من زاد عن ركوعين في كل ركعة، مثل حديث طاوس عن ابن عباس، وأنه لا يلزمه القول بما فيه من الزيادة؛ لأنه لا يُثبِته، وقال في بعض أحاديث الزيادة:"هو من وجه منقطع، ونحن لا نثبت المنقطع على وجه الانفراد، ووجه نراه -واللَّه أعلم- غلطًا".
وقال أبو داود في مسائله لأحمد (510): "كيف يصلي؟ قال: أربع ركعات في أربع سجدات، فقلت: يركع ركعتين ثم يسجد سجدتين، ثم يقوم فيركع ركعتين ثم يسجد سجدتين؟ قال: نعم، هذا أختار".
ثم قال (511): "قيل له: يجهر بقراءته -يعني: في صلاة الكسوف-؟، قال: نعم"[وانظر أيضًا: مسائل الكوسج (408)].
وقال البخاري: "أصح الروايات عندي في صلاة الكسوف: أربع ركعات في أربع سجدات"[علل الترمذي الكبير (162 م)]، وأعرض عن أحاديث الزيادة فلم يخرج منها شيئًا في صحيحه، وإنما اقتصر على أحاديث من قال بركوعين في ركعة.
وقال البيهقي في السنن (3/ 327): "وأما محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله فإنه أعرض عن هذه الروايات التي فيها خلاف رواية الجماعة، وقد روينا عن عطاء بن يسار وكثير بن عباس عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه صلاها ركعتين في كل ركعة ركوعان، وحبيب بن أبي ثابت وإن كان من الثقات فقد كان يدلس، ولم أجده ذكر سماعه في هذا الحديث عن طاوس، ويحتمل أن يكون حمله عن غير موثوق به عن طاوس، وقد روى سليمان الأحول عن طاوس عن ابن عباس من فعله؛ أنه صلاها ست ركعات في أربع سجدات، فخالفه في الرفع والعدد جميعًا"، ثم ذكر مناظرة للشافعي تثبت هذا المعنى.
وقال ابن عبد البر في التمهيد (3/ 302) في حديث عطاء بن يسار عن ابن عباس: "هذا من أصح حديث يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف، وهي ركعتان في كل ركعة ركوعان، فحصلت أربع ركعات وأربع سجدات، وكذلك روى ابن شهاب عن كثير بن عباس عن عبد اللَّه بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك روت عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثها أيضًا في ذلك أثبت حديث وأصحه، رواه مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، وعن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة، بمعنى واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف، ركعتان في كل ركعة ركوعان، وكذلك رواه ابن شهاب عن عروة عن عائشة، وبه يقول: مالك، والشافعي، وأصحابهما، وهو قول أهل الحجاز، وقول الليث بن سعد، وبه قال أحمد بن حنبل، وأبو ثور".
ولما ذكر الأحاديث التي ظاهرها يؤيد قول الكوفيين، بأن صلاة الكسوف ركعتان مثل صلاة الصبح، قال (3/ 305): "والمصير إلى حديث ابن عباس وعائشة من رواية مالك
أولى؛ لأنهما أصح ما روي في هذا الباب من جهة الإسناد، ولأن فيها زيادة في كيفية الصلاة يجب قبولها واستعمال فائدتها، ولأنهما قد وصفا صلاة الكسوف وصفًا يرتفع معه الإشكال والوهم؛ فإن قيل: أن طاوسًا روى عن ابن عباس أنه صلى في صلاة الكسوف ركعتين، في كل ركعة ثلاث ركعات ثم سجد، وإن عبيد بن عمير روى عن عائشة مثل ذلك، وإن عطاء روى عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف ست ركعات في أربع سجدات، وإن أبا العالية روى عن أُبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم عشر ركعات في ركعتي الكسوف وأربع سجدات، فلم يكن المصير عندك إلى زيادة هؤلاء أولى؟
قيل له: إنما تقبل الزيادة من الحافظ إذا ثبتت عنه، وكان أحفظ وأتقن ممن قصر، أو مثله في الحفظ؛ لأنه كأنه حديث آخر مستأنف، وأما إذا كانت الزيادة من غير حافظ ولا متقن؛ فإنها لا يلتفت إليها، وحديث طاوس هذا: مضطرب ضعيف، رواه وكيع عن الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن طاوس عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، ورواه غير الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس لم يذكر طاوسًا، ووقفه ابن عيينة عن سليمان الأحول عن طاوس عن ابن عباس فعله، ولم يرفعه، وهذا الاضطراب يوجب طرحه، واختلف أيضًا في متنه فقوم يقولون: أربع ركعات في ركعة، وقوم يقولون: ثلاث ركعات في ركعة، ولا يقوم بهذا الاختلاف حجة،. . . "، ثم كرَّ بالتضعيف على حديث عطاء عن جابر، وحديث أبي، وحديث عبيد بن عمير عن عائشة، ثم قال: "وليس مثل هذه الأسانيد يعارض بها حديث عروة وعمرة عن عائشة، ولا حديث عطاء بن يسار عن ابن عباس؛ لأنها من الآثار التي لا مطعن لأحد فيها".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في التوسل والوسيلة (86)، وفي مجموع الفتاوى (1/ 256):". . .، ولهذا كان جمهور ما أنكر على البخاري مما صححه يكون قوله فيه راجحًا على قول من نازعه؛ بخلاف مسلم بن الحجاج، فإنه نوزع في عدة أحاديث مما يخرجها، وكان الصواب فيها مع من نازعه، كما روى في حديث الكسوف أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بثلاث ركوعات، وبأربع ركوعات، كما روى أنه صلى بركوعين، والصواب: أنه لم يصلِّ إِلا بركوعين، وأنه لم يصل الكسوف إِلا مرة واحدة، يوم مات إبراهيم، وقد بين ذلك الشافعي، وهو قول البخاري، وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه، والأحاديث التي فيها الثلاث والأربع فيها أنه صلاها يوم مات إبراهيم، ومعلوم أنه لم يمت في يومي كسوف، ولا كان له إبراهيمان، ومن نقل أنه مات عاشر الشهر فقد كذب".
وقال في موضع آخر من المجموع (18/ 17): "ومثل ما روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الكسوف ثلاث ركوعات وأربع ركوعات، انفرد بذلك عن البخارى، فإن هذا ضعَّفه حُذَّاق أهل العلم، وقالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصلِّ الكسوف إِلا مرة واحدة، يوم مات ابنه إبراهيم، وفي نفس هذه الأحاديث التي فيها الصلاة بثلاث ركوعات وأربع ركوعات؛ أنه إنما صلى ذلك يوم مات إبراهيم، ومعلوم أن إبراهيم لم يمت مرتين، ولا كان له
إبراهيمان، وقد تواتر عنه أنه صلى الكسوف يومئذ ركوعين في كل ركعة، كما روى ذلك عنه عائشة وابن عباس وابن عمرو وغيرهم، فلهذا لم يرو البخارى إلا هذه الأحاديث، وهو أحذق من مسلم، ولهذا ضغف الشافعي وغيره أحاديث الثلاثة والأربعة، ولم يستحبوا ذلك، وهذا أصح الروايتين عن أحمد، وروي عنه أنه كان يجوِّز ذلك قبل أن يتبين له ضعف هذه الأحاديث"، وانظر أيضًا المجموع (18/ 73).
وقال ابن القيم في الزاد (1/ 453) بعد أن ذكر بعض المتون الصحيحة: "فهذا الذي صح عنه صلى الله عليه وسلم من صفة صلاة الكسوف وخطبتها، وقد روي عنه أنه صلاها على صفات أخر، منها: كل ركعة بثلاث ركوعات، ومنها: كل ركعة باربع ركوعات، ومنها: أنها كإحدى صلاة صُلِّيَت كلُّ ركعة بركوع واحد، ولكن كبار الأئمة لا يصححون ذلك، كالإمام أحمد والبخاري والشافعي، ويرونه غلطًا".
وقال ابن حجر في الفتح (2/ 532) عن أحاديث الزيادة عن ركوعين في الركعة: "ولا يخلو إسناد منها عن علة، وقد أوضح ذلك البيهقي وابن عبد البر".
قلت: وهذا القول الأخير هو الصواب جزمًا، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصلِّ الكسوف إلا مرة واحدة فقط، يوم مات ابنه إبراهيم، وأنه صلاها ركعتين، في كل ركعة ركوعان، وهذا هو ما يتفق مع الحسابات الفلكية، فإنه بتتبع الكسوفات الواقعة على الأرض في العهد المدني، ولمدة عشر سنوات بعد الهجرة النبوية، وباستثناء الكسوفات التي لا يمكن مشاهدتها لكونها واقعة ليلًا في الجهة الأخرى من الأرض، فلا يبقى عندنا إلا ثلاثة كسوفات، الأول وقع في الحادي والعشرين من أبريل سنة (627) من ميلاد المسيح عليه السلام، وهذا الكسوف تقع فيه المدينة في آخر نطاق الرؤية فلكيًا، بحيث لو تعدينا خط العرض الذي تقع عليه المدينة النبوية، وهو (47، 24) تقريبًا، لو تجاوزناه بقرابة ثلاثة خطوط عرض عندئذ تنعدم رؤية الكسوف تمامًا، كما أن نسبة الجزء المعتم من الشمس قرابة (1.7%)، وهو مقدار ضئيل جدًا لا يرى بالعين المجردة، لاسيما ووقت هذا الكسوف بتوقيت المدينة يقع في وقت الظهيرة مما تقل معه فرص ملاحظته بالعين المجردة لتوهج أشعة الشمس في هذا الوقت، مما يدل على عدم إمكانية مشاهدة هذا الكسوف بالمدينة بالعين المجردة، وأما الكسوف الثاني: فقد وقع في الثالث من أكتوبر سنة (628) ميلادية، وكان أيضًا في آخر نطاق الرؤية، وبدأ قبل شروق الشمس على المدينة، بحيث تشرق وهي مكسوفة جزئيًا بمقدار ضئيل جدًا من ظل القمر عليها، بحيث يقرب الجزء المعتم من (4.7%) من دائرة الشمس، وينتهي في الساعة السابعة صباحًا؛ يعني: بعد شروق الشمس بالمدينة بقرابة ساعة إلا ربع، مما تصعب معه مشاهدته، وأما الكسوف الثالث: فقد وقع في السابع والعشرين من يناير سنة (632)؛ يعني: قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بقرابة خمسة أشهر، وهو الموافق للتاسع والعشرين من شوال من السنة العاشرة للهجرة النبوية، وكان كسوفًا حلقيًا للشمس مركزه شمال غرب الهند، ويمر خط رؤيته حلقيًا باليمن؛ يعني: جنوب
المدينة، وقد وقع بالمدينة ضحًى، وكان وقت ابتدائه قريبًا من الساعة السابعة والربع صباحًا؛ أي: بعد إشراق الشمس بقرابة عشر دقائق، ووصل إلى وقت الذروة قريبًا من الساعة الثامنة والنصف، وانتهى قبل الساعة العاشرة ظهرًا؛ يعني: أنه استغرق قرابة ثلاث ساعات، وكانت نسبة الجزء المعتم من الشمس تزيد على (76%)؛ يعني: ما يزيد على ثلاثة أرباع قرص الشمس، مع وقوعه بعد وقت الإشراق مما يعطي قدرة بصرية عالية على رؤيته بوضوح، حيث لم تتوهج الشمس بعد، وما زال قرص الشمس قريبًا من الأرض وكبيرًا نسبيًا [وقد استقيت هذه المعلومات من موقع ناسا للكسوف والخسوف على الشبكة العنكبوتية، بمساعدة بعض أساتذة الفلك بجامعة الملك سعود بالرياض، وأخص منهم بالذكر د. حسين الطرابلسي وفقه اللَّه].
وهذا هو الكسوف الوحيد الذي وقع في العهد المدني مما يمكن مشاهدته بالعين المجردة بوضوح، وهو الموافق لما يقوله الفلكيون من أن الكسوف لا يقع إلا في آخر الشهر القمري، وما نُقل من أخبار من أن وفاة إبراهيم عليه السلام كانت في العاشر من شهر ربيع الأول، أو لأربع خلون منه، فإن مدارها على الواقدي، وهو: متروك، أو: على محمد بن الحسن بن زبالة، وهو: متروك، كذبه جماعة، وكان يسرق الحديث [انظر: طبقات ابن سعد (1/ 143)، والمعجم الكبير للطبراني (24/ 306/ 775 و 776)، ومعرفة الصحابة لأبي نعيم (6/ 3367/ 7700)، وسنن البيهقي (3/ 336 و 337)، ودلائل النبوة للبيهقي (5/ 429)، وتاريخ ابن عساكر (3/ 145) و (34/ 290)، والإصابة (1/ 318)، وغيرها]، واللَّه أعلم.
وعلى ما تقدم بيانه؛ فإنه لا يمكن اجتماع العيد مع الكسوف في يوم واحد، وما روي من آثار في ذلك فإنها لا تصح، واللَّه أعلم.
* فإن قيل: ألم يقع خسوف قمري في العهد المدني؟
° فالجواب: نعم؛ وقع خسوف قمري يمكن مشاهدته بالمدينة النبوية، وكانت الخسوفات الداخلة في مجال الرؤية، صمان كان الخسوف جزئيًا: كان ذلك في (30/ 11/ 624)، وفي (20/ 11/ 625)، وفي (15/ 3/ 629)، أعني: أنها كانت ثلاثة خسوفات، لكن أحدها وإن كان داخلآ في مجال الرؤية إلا أنه كان ضئيلًا جدًا بحيث لا يلتفت إليه الناس، ويصعب مشاهدته، وهو الخسوف الأول، وأما الثاني والثالث فيمكن مشاهدتهما، وقد وقع الأخير منهما قبل الكسوف الشمسي الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم بقرابة ثلاث سنين، ولما لم يُنقل إلينا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في خسوف القمر ولا مرة واحدة، حيث إن كل الأحاديث الصحيحة قد أجمعت على أن الصلاة كانت في كسوف الشمس، وما روي من أنه صلى الله عليه وسلم صلى في خسوف القمر فلا يصح منه شيء؛ دعانا ذلك إلى التساؤل: لماذا لم يُنقل أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى لخسوف القمر؟
وهناك على ذلك أجوبة؛ فإذا استبعدنا الأجوبة الاحتمالية والافتراضية والبعيدة،
فيبقى أقوى الأجوبة: أن صلاة الكسوف لم تكن قد شرعت في هذا الوقت، وأن أول صلاة صليت هي التي كانت مع موت إبراهيم عليه السلام، وكان كسوف الشمس واضحًا تمامًا ملفتًا للانتباه، وكان آية كونية في غاية الظهور، ومن هنا شرعت صلاة الكسوف، وأعلمهم عندها النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا كسفت الشمس أو خسف القمر فليفزعوا إلى الصلاة والذكر والدعاء والصدقة والعتاقة، واللَّه أعلم.
* * *
1184 -
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن يونس: حدثنا زهير: حدثنا الأسود بن قيس: حدثني ثعلبة بن عِبَاد العبدي -من أهل البصرة-؛ أنه شهد خطبةً يومًا لسمرة بن جندب، قال: قال سمرة: بينما أنا وغلامٌ من الأنصار نرمي غرضينِ لنا، حتى إذا كانت الشمس قِيد رمحين أو ثلاثة في عين الناظر من الأفُق اسودَّت، حتى آضت كأنها تَنُّومة، فقال أحدُنا لصاحبه: انطلق بنا إلى المسجد، فواللَّه ليُحدِثَنَّ شأنُ هذه الشمسِ لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في أمته حدثًا، قال: فدفعنا فإذا هو بارزٌ، فاستقدم، فصلى، فقام بنا كأطولِ ما قام بنا في صلاةٍ قطُّ، لا نسمع له صوتًا، قال: ثم ركع بنا كأطولِ ما ركع بنا في صلاةٍ قطُّ، لا نسمع له صوتًا، ثم سجد بنا كأطول ما سجد بنا في صلاةٍ قطُّ، لا نسمع له صوتًا، ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك، قال: فوافق تجلي الشمسِ جلوسَه في الركعة الثانية، قال: ثم سلم، ثم قام فحمد اللَّه وأثنى عليه، وشهد أن لا إله إلا اللَّه، وشهد أنه عبده ورسوله، ثم ساق أحمد بن يونس خطبة النبي صلى الله عليه وسلم.
* حديث ضعيف
أخرجه من طريق زهير بن معاوية: البخاري في التاريخ الكبير (2/ 174)، وفي خلق أفعال العباد (410)، والنسائي في المجتبى (3/ 140/ 1484)، وفي الكبرى (2/ 345/ 1882)، وابن خزيمة (2/ 325/ 1397) (2/ 523/ 1397 - ط. الميمان) (6/ 25/ 6072 - إتحاف المهرة) [وقد سقط من إسناد المطبوع: زهير، واستدركته من الإتحاف، وقد صحح في طبعة ماهر الفحل]. وابن حبان (7/ 95/ 2852)، والحاكم (1/ 330)(2/ 124/ 1245 - ط. الميمان). وأحمد (5/ 16)، والشافعي في السنن (52)، وابن أبي شيبة (2/ 218/ 8313) و (7/ 496/ 37513)(21/ 224/ 38668 - ط. عوامة). وأبو إسحاق الحربي في غريب الحديث (3/ 979)، والروياني (847)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (2658)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 329 و 332)، وفي المشكل (7/ 399/ 2956)، وابن أبي حاتم في العلل (2/ 406/ 2725)، والسهمي في تاريخ جرجان
239 -
، والطبراني في الكبير (7/ 192/ 6799)، والخطابي في غريب الحديث (1/ 171)، والبيهقي في السنن (3/ 339)، وفي المعرفة (3/ 79/ 1981)، وابن عبد البر في التمهيد (3/ 309).
رواه عن زهير: أحمد بن عبد اللَّه بن يونس، والحسين بن عياش، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وأبو كامل مظفر بن مدرك، والحسن بن موسى الأشيب، وأبو النضر هاشم بن القاسم، وعلي بن الجعد، وأبو غسان مالك بن إسماعيل، وعمرو بن خالد الحراني، ويحيى بن أبي بكير، وأبو جعفر عبد اللَّه بن محمد بن علي النفيلي، وعبد الكريم بن محمد الجرجاني.
ولفظ أبي كامل [عند أحمد بتمامه]، وأبي نعيم [عند ابن خزيمة]: شهدت يومًا خطبةً لسمرة بن جندب، فذكر في خطبته حديثًا عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال: بينا أنا وغلام من الأنصار نرمي في غرضين لنا على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كانت الشمس قِيدَ رمحين، أو ثلاثة في عين الناظر، اسودَّت حتى آضت كأنها تنُّومة، قال: فقال أحدنا لصاحبه: انطلق بنا إلى المسجد، فواللَّه ليُحدِثنَّ شأنُ هذه الشمس لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في أمته حدثًا، قال: فدفعنا إلى المسجد، فإذا هو بِأَزَزِ [أي: ممتلئ بالناس. النهاية (1/ 107)، وتهذيب اللغة (13/ 281)، والمعالم (1/ 223)، وزعم أن ما في السنن تصحيف] [وفي رواية أبي نعيم: بارز]، قال: ووافقْنا رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم حين خرج إلى الناس، فاستقدم فقام بنا كأطول ما قام بنا في صلاة قط، لا نسمع له صوتًا، ثم ركع كأطول ما ركع بنا في صلاة قط، لا نسمع له صوتًا، ثم سجد بنا كأطول ما سجد بنا في صلاة قط، لا نسمع له صوتًا، ثم فعل في الركعة الثانية مثل ذلك، فوافق تجلي الشمس جلوسُه في الركعة الثانية، قال زهير: حسبته قال: فسلم، فحمد اللَّه، وأثنى عليه، [وفي رواية أبي نعيم: وشهد أنه لا إله إلا اللَّه]، وشهد أنه عبد اللَّه ورسوله، ثم قال:"أيها الناس [في رواية أبي نعيم: إنما أنا بشرٌ، رسول اللَّه]، أنشدكم باللَّه إن كنتم تعلمون أني قصرت عن شيء من تبليغ رسالاتِ ربي عز وجل لما أخبرتموني ذاك، فبلغت رسالاتِ ربي كما ينبغي لها أن تبلَّغ، وإن كنتم تعلمون أني بلغت رسالاتِ ربي لما أخبرتموني ذاك"، قال: فقام رجال، فقالوا: نشهد أنك قد بلغتَ رسالاتِ ربك، ونصحتَ لأمتك، وقضيتَ الذي عليك، ثم سكتوا، ثم قال: "أما بعد، فإن رجالًا يزعمون أن كسوف هذه الشمس، وكسوف هذا القمر، وزوال [وفي رواية أحمد بن يونس عند الروياني: وزؤول] هذه النجوم عن مطالعها لموت رجال عظماء من أهل الأرض، وإنهم قد كذبوا، ولكنها آيات من آيات اللَّه، يعتبر [في رواية أبي نعيم: يفتن] بها عباده، فينظر مَن يُحدِث له منهم توبةً، وايمُ اللَّه، لقد رأيت منذ قمت أصلي ما أنتم لاقون في أمر دنياكم وآخرتكم، وإنه واللَّه لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابًا آخرهم الأعور الدجال، ممسوح العين اليسرى كأنها عين أبي تِحْيَى -لشيخ حينئذ من الأنصار بينه وبين حجرة عائشة-، وإنه متى يخرج، أو قال: متى ما يخرج، فإنه سوف يزعم أنه اللَّه،
فمن أمن به وصدقه واتبعه، لم ينفعه صالحٌ من عمله سلف، ومن كفر به وكذبه لم يعاقب بشيء من عمله، وقال حسن الأشيب: بسيئ من عمله سلف، وإنه سيظهر، أو قال: سوف يظهر على الأرض كلها، إلا الحرم وبيت المقدس، وانه يحصُر المؤمنين في بيت المقدس، فيزلزلون زلزالًا شديدًا، ثم يهلكه اللَّه وجنوده، حتى إن جِذْمَ الحائط، أو قال: أصل الحائط، وقال حسن الأشيب: وأصل الشجرة لينادي، أو قال: يقول: يا مؤمن، أو قال: يا مسلم، هذا يهودي، أو قال: هذا كافر [في رواية أبي نعيم: يستتر بي]، تعال فاقتله"، قال: "ولن يكون ذلك كذلك حتى تروا أمورًا يتفاقم شأنها في أنفسكم، وتساءلون بينكم هل كان نبيكم ذكر لكم منها ذكرًا، وحتى تزول جبالٌ عن مراتبها، ثم على أثر ذلك القبض"، قال: ثم شهدت خطبةً لسمرة ذكر فيها هذا الحديث، فما قدَّم كلمة، ولا أخَّرها عن موضعها.
فائدة: ذكر النفيلي أن أحمد بن يونس صحف في هذا الحديث، وقال: شيء، وإنما هو: بسيء عمله [علل ابن أبي حاتم (6/ 402/ 2725)].
• وقد رواه الخطابي من طريق أحمد بن يونس، وفيه: فإذا هو بِأزَز، وفيه:"فيُؤزَلون أزلًا شديدًا".
قال الخطابي: "قوله: بأزز؛ يريد: بجمع كثير ضاق عنهم المسجد، يقال: الفضاء منهم أزز، والبيت منهم أزز؛ إذا غصَّ بهم، وقال أبو النجم: واجتمع الأقدام في ضيق أزز، وفي غير هذه الرواية: فإذا المسجد يتأزَّز، وهو يتفعل من الأزيز، تمثيلًا له بأزيز المرجل، وهو صوت الغليان، وما أُراه محفوظًا، وقوله: يُؤزَلون، معناه: يقحطون، قال الأصمعي: الأزل الشدة".
وقال أيضًا في إصلاح غلط المحدثين (20): "ومما يكثر فيه تصحيف الرواة: حديث سمرة بن جندب في قصة كسوف الشمس والصلاة لها، قال: فدُفعنا إلى المسجد، فإذا هو بأززٍ، أي: بجمعٍ كثيرٍ غصَّ بهم المسجد، رواه غير واحد من المشهورين بالرواية: فإذا هو بارزٌ، من البروز، وهو خطأ، ورواه بعضهم: فإذا هو يتأزَّزُ".
وانظر: غريب الحديث لأبي عبيد (2/ 459).
* ورواه أبو عوانة، عن الأسود بن قيس، عن ثعلبة بن عِبَاد، عن سمرة بن جندب، قال: قام يومًا خطيبًا، فذكر في خطبته حديثًا عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال سمرة: بينا أنا وغلام من الأنصار نرمي غرضًا لنا على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، حتى إذا طلعت الشمس فكانت في عين الناظر قِيد رمح أو رمحين اسودَّت [حتى آضت]،. . . فذكر الحديث بطوله بنحو حديث زهير، وفيه: كأنها عين أبي تحيى شيخ من الأنصار، بينه وبين حجرة عائشة خشبة، وفيه:"وإنه يسوق المسلمين الى بيت المقدس، فيحاصرون حصارًا شديدًا"، قال الأسود [يعني: ابن قيس]: وظني أنه قد حدثني: "أن عيسى ابن مريم يصيح فيه، فيهزمه اللَّه وجنوده، حتى إن أصل الحائط"، أو: "جِذْم الشجرة لينادي: با مؤمن هذا كافر، مستتر بي،
تعال فاقتله. . ."، وفي آخره: "ثم على إثر ذلك القبض"، ثم قبض أطراف أصابعه.
أخرجه ابن حبان (7/ 101/ 2856)، وأحمد (5/ 17)، وابنه عبد اللَّه في زيادات المسند (5/ 17)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 329 و 332)، وفي المشكل (7/ 398/ 2955)، والطبراني في الكبير (7/ 190/ 6798)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5/ 2844/ 6710).
* ورواه وكيع بن الجراح، وأبو نعيم الفضل بن دكين، ومحمد بن يوسف الفريابي، وأبو أحمد الزبيري، وغيرهم:
عن سفيان الثوري، عن الأسود بن قيس، عن ثعلبة بن عباد، عن سمرة بن جندب، قال: صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم في كسوفٍ لا نسمع له صوتًا.
أخرجه الترمذي (562)(2/ 47/ 568 - ط. التأصيل)(45/ ب - الكروخي). وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(3/ 111/ 529)، والنسائي في المجتبى (3/ 148/ 1495)، وفي الكبرى (2/ 350/ 1895)، وابن ماجه (1264)، وابن حبان (7/ 94/ 2851)، والحاكم (1/ 334)(2/ 133/ 1257 - ط. الميمان). وأحمد (5/ 14 و 19)، وابن أبي شيبة (2/ 220/ 8329)، وأبو بكر ابن أبي مريم فيما رواه من حديث الفريابي عن الثوري (239)، والروياني (843)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 297 - 298/ 2895)، والطحاوي (1/ 333)، وأبو جعفر ابن البختري في الرابع من حديثه (209)(453 - مجموع مصنفاته). والطبراني في الكبير (7/ 188/ 6796)، وابن عبد البر في التمهيد (9/ 303)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 381/ 1145).
• ورواه أبو داود عمر بن سعد الحفري [ثقة عابد، من أصحاب الثوري، مقدَّم فيه على قبيصة وطبقته]، عن سفيان، عن الأسود بن قيس، عن ثعلبة بن عباد، عن سمرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب حين انكسفت الشمس، فقال:"أما بعد".
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 152/ 1501)، وفي الكبرى (2/ 354/ 1901)، وأحمد (5/ 16)، وابن أبي شيبة (5/ 258/ 25853)، وتمام في الفوائد (137)، وأبو نعيم فى الحلية (7/ 117)، والبيهقي (3/ 339).
• تابعه على هذا اللفظ المختصر: قبيصة بن عقبة [ثقة، يخطئ في حديث الثوري]، قال: حدثنا سفيان به نحوه.
أخرجه أبو حامد ابن الشرقي في مسنده الصحيح (17 - منتقى منه)، قال: حدثنا أحمد بن يوسف [السلمي: ثقة حافظ]: حدثنا قبيصة به.
• وقد رواه بتمامه عن الثوري:
عبد اللَّه بن المبارك [ثقة ثبت حجة، إمام فقيه]، عن سفيان، عن الأسود بن قيس، عن ثعلبة بن عباد العبدي، قال: صمعت سمرة بن جندب في خطبته، يقول:. . . فذكر الحديث بطوله بنحو رواية الجماعة عن الأسود، وفيه: فإذا المسجد ملآن يتأزز، وفيه:
"أيها الناس! إنما أنا بشر رسول"، وفيه: وإنه سيُحصَر المؤمنون في بيت المقدس حصرًا شديدًا، ويُؤزَلون أزلًا شديدًا"، وفيه: قال الأسود بن قيس: وحسبت أنه قال: "يصبح فيهم عيسى ابن مريم، فيهزمه اللَّه وجنوده، حتى إن جِذم الحائط، وغصن الشجر"، وفي آخره فسر ابن المبارك القبض بالموت.
أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد (411) مختصرًا. والطبراني في الكبير (7/ 189/ 6797) مطولًا.
* ورواه سلام بن أبي مطيع [ثقة]، عن الأسود بن قيس، عن ثعلبة بن عباد، عن سمرة بن جندب، قال: صلى بنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في كسوف الشمس ركعتين، لا نسمع له فيهما صوتًا.
أخرجه أحمد (5/ 23).
• وانظر فيمن أغرب به على شعبة، وليس من حديثه: ما أخرجه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد المزكي في الأول من فوائده "المزكيات" بانتقاء الدارقطني (31).
° قال الترمذي [بعد رواية وكيع عن الثوري]: "حديث سمرة حديث حسن صحيح، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا، وهو قول الشافعي"[وفي بعض نسخ الكروخي (1/ 126 - قديمي كتب خانة): "حسن صحيح غريب"، وفي مختصر الطوسي اختلاف بين النسخ، ففي بعضها: "حسن"، وفي بعضها: "حسن غريب"، وفي بعضها: "حسن صحيح"، وهو في الأصل ناقل عن الترمذي أحكامه، وكذلك البغوي، وقد قال: "حديث حسن"، وقد نقل تصحيحه جماعة، منهم: ابن قدامة في المغني (2/ 143)، والنووي في الخلاصة (3039)، وفي المجموع (5/ 52)، والمزي في التحفة (4573)، وابن عبد الهادي في التنقيح (2/ 110)، والزيلعي في نصب الراية (2/ 234)، وابن الملقن في البدر المنير (5/ 129)، والهيثمي في المجمع (2/ 210)، وابن حجر في التلخيص (2/ 92)، وغيرهم].
وقد صححه ابن خزيمة، وابن حبان.
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".
وتعقبه الذهبي بقوله: "ثعلبة مجهول، وما أخرجا له شيئًا".
وقال ابن حزم في المحلى (5/ 102): "هذا لا يصح؛ لأنه لم يروه إلا ثعلبة بن عباد العبدي، وهو مجهول".
وقال ابن القطان في بيان الوهم (4/ 196/ 1684): "وما مثله صُحِّح، فإنه حديث يرويه ثعلبة بن عباد، عن سمرة، وهو رجل من البصرة، عبدي النسب، لا يعرف بغير هذا، رواه عنه الأسود بن قيس، وهو وإن كان ثقة، فإنه قد عُهِد يروي عن مجاهيل، قاله ابن المديني، وثعلبة هذا منهم".
وكان ابن حجر تبع الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم في تصحيح الحديث،
حين جزم بذلك، فقال في الإصابة (7/ 45):"حديث صحيح"، وصحح إسناده أيضًا: النووي في المجموع (5/ 52).
وثعلبة بن عِبَاد العبدي البصري: ذكره ابن حبان في الثقات، وقال العجلي وابن حزم وابن القطان:"مجهول"، له حديثان هذا أشهرهما، وقد تفرد بالرواية عنه: الأسود بن قيس، وقد قال علي بن المديني:"الأسود بن قيس: روى عن عشرة مجهولين، لا يعرفون"[التاريخ الكبير (2/ 174)، ومعرفة الثقات (195)، والوحدان لمسلم (757)، والجرح والتعديل (2/ 292 و 463)، والثقات (4/ 98)، والبدر المنير (5/ 129)، والتهذيب (1/ 272)].
قال ابن الملقن: "وتصحيح الأئمة الماضين لحديثه يرفع عنه الجهالة".
قلت: لا مفرَّ من القول بجهالة ثعلبة بن عباد، لكن الشأن في تصحيح حديثه وقبوله، أو ردِّه بناءً على ما تقتضيه الصنعة الحديثية، وقد سبق الكلام في ذلك مرارًا، وهو أن حديث المجهول لا يقبل ولا يردُّ لمجرد كون راويه مجهولًا، وإنما العبرة في ذلك بالقرائن الدالة على كون المجهول حفظ الحديث، ووافق فيه الثقات، أم أنه خالفهم، وأتى فيه بما ينكر عليه، ومما سبق تقريره أن حديث المجهول إذا كان مستقيمًا فإنه يكون مقبولًا صحيحًا؛ وذلك تحت الحديث رقم (759)، عند حديث هُلْب الطائي [وانظر أيضًا فيما قبلته أو رددته من حديث المجهول: ما تحت الحديث رقم (788)، الشاهد الرابع، حديث أم سلمة، وما تحت الحديث رقم (795)، وما تحت الحديث رقم (825)، والأحاديث الماضية برقم (991 و 1070 و 1100 و 1106)]، ومما قلت هناك:
الحكم على الراوي بالجهالة لا يمنع من تصحيح حديثه، فكم من راوٍ حكم أبو حاتم عليه بالجهالة ونحوها ثم صحح حديثه، ثم نقلت بعض النقول في ذلك، ثم قلت: فدل ذلك على أن استقامة حديث الراوي تكفي في قبول حديثه، حتى لو لم يكن مشهورًا بالطلب، لاسيما من كان في طبقة التابعين، والمقصود من هذه النقول بيانُ أن المجهولَ لا يُردُّ حديثه لمجرد جهالته؛ إذ الجهالة وصف لا يلزم منه الجرح، بل يقترن كثيرًا في كلام الأئمة الوصفُ بالجهالة مع التوثيق أو التجريح، ولكن ينظر في حديث المجهول؛ فإن كان حديثه مستقيمًا موافقًا لرواية الثقات صُحِّح حديثه واغتُفرت جهالته، وإن كان حديثه منكرًا رُدَّ ولم يقبل.
• وهذا الحديث الطويل قد اشتمل على معانٍ كثيرة، منها ما هو صحيح، له شواهد تعضده، ومنها ما انفرد به ثعلبة بن عباد، ولم يتابع عليه.
• فمن القسم الأول مما توبع عليه: قيام النبي صلى الله عليه وسلم بما أوجب اللَّه عليه من تبليغ الرسالة وأداء الأمانة.
ومنه: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه، لا يخسفان لموت أحدٍ، ولا لحياته"[وقد تقدم معنا برقم (1180)].
ومنه: أن الساعة لا تقوم حتى يخرج ثلاثون كذابًا [انظر مثلًا: صحيح البخاري (3609)، وصحيح مسلم (157/ 84) بعد الحديث رقم (2923)].
ومنه: قتال المسلمين لليهود في آخر الزمان، واختباء اليهودي خلف الحجر والشجر، وإخبارهما عنه [انظر مثلًا: صحيح البخاري (2925 و 2926)، وصحيح مسلم (2921 و 2922)].
ومنه: ما جاء في شأن الدجال الأعور، وبعض ما يجري في آخر الزمان.
* وأما القسم الثاني الذي انفرد به ثعلبة هذا، ولم يتابع عليه:
فمنه: قوله: وانه سيظهر على الأرض كلها، إلا الحرم وبيت المقدس، وإنه يحصُر المؤمنين في بيت المقدس.
فإنه معارض بما رواه إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة: حدثني أنس بن مالك، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال، إلا مكة والمدينة، وليس نقب من أنقابها إلا عليه الملائكة صافين تحرسها، فينزل بالسبخة، فترجف المدينة ثلاث رجفات، يخرج اليه منها كل كافر ومنافق"[أخرجه البخاري (1881) وأطرافه. ومسلم (2943)].
ومنه: أن أبا تِحْيَى الأنصاري المشبه عينه بعين الدجال: لا يُعرف إلا في هذا الحديث، قال أبو نعيم في معرفة الصحابة (5/ 2843):"له ذكر في حديث سمرة بن جندب"، وكذا قال ابن حجر في الإصابة (7/ 44).
وفي المقابل فقد صح في وصف الدجال: ما أخرجه مسلم (2137) من حديث النواس بن سمعان، قال: ذكر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداة،. . . فذكر الحديث، وفيه:"إنه شاب قططٌ، عينه طافئة، كأني أشبهه بعبد العزى بن قَطَن".
وما أخرجه البخاري (3440)، ومسلم (169 و 171)، من حديث ابن عمر، في ذكر الدجال، وفيه:"كأشبه من رأيت من الناس بابن قَطَن"، قال الزهري:"رجل من خزاعة، هلك في الجاهلية"، أي: إنه رجل معروف، مذكور في الأنساب، وله نسل.
ومنه: أن بعض ما ذكره في خطبة الكسوف لم يتابع عليه، وإن كان صحيحًا في نفسه، وله شواهد تعضده، إلا أن من حكى خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في الكسوف، وهم جمع كبير من الصحابة، لم يذكروا فيه وصف المسيح الدجال، ولا أن الساعة لا تقوم حتى يخرج ثلاثون كذابًا، ولا قتال المسلمين لليهود.
ومنه: زيادة: "وزوال هذه النجوم عن مطالعها" على الشمس والقمر؛ وإنما المحفوظ ما رواه جماعة من الصحابة: "إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته. . . "، بدون زيادة النجوم.
ومنه: ما هو موضع الشاهد في هذا الحديث في صفة صلاة الكسوف، حيث لم يذكر الصفة التي اتفق عليها جماعة من الصحابة [فيما سبق ذكره من حديث: عائشة، وابن
عباس، وعبد اللَّه بن عمرو، وأسماء، وجابر] في وصف صلاة الكسوف بأنها ركعتان، في كل ركعة ركوعان.
ومنه: النص على عدم سماع الصوت في القيام، وفي الركوع، وفي السجود؛ مما يعني أنه أسر في هذه المواضع الثلاث، أما الإسرار في القيام، فلأنه موضع الجهر بالقراءة، فكأنه يقول: إنه لم يجهر في صلاة الكسوف كما يجهر في الجمعة والعيدين والاستسقاء والمغرب والعشاء والفجر، وأما موضع الاشكال: ففي ذكر الإسرار في الركوع والسجود، إذ الأصل فيهما الإسرار، فإقران الركوع والسجود بالقيام دليل على وقوع الوهم، فضلًا عن مخالفته الأحاديث الصحيحة الصريحة الدالة على جهر النبي صلى الله عليه وسلم بالقراءة في صلاة الكسوف، مثل حديث عائشة، وحديث كثير بن عباس عن ابن عباس؛ لأنه مروي بمعناه، وقد تقدما برقم (1180 و 1181).
هذا من وجه، ومن وجه آخر: فإن هذا الحديث ليس نصًا في الإسرار، ولا يعدو كونه إخبارًا عن حال سمرة، وهو أنه لم يسمع صوت النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا أخذنا في الاعتبار نفيه لعدم سماع الصوت في الركوع والسجود، بمعنى عدم سماع تكبيره للركوع والسجود، فمن باب أولى عدم سماع جهره بالقراءة لبعده عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي حديثه ما يدل على ذلك؛ فقد أخبر أنه أتى المسجد وقد غصَّ بالناس وامتلأ؛ فأنى له سماع الصوت!!!، وإلى هذا جنح ابن حبان في صحيحه (7/ 94) حيث ترجم لحديث سمرة (2852) بقوله:"ذكر الخبر الدالِّ على أن سمرة لم يسمع قراءة المصطفى صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف؛ لأنه كان في أخريات الناس، بحيث لا يسمع صوته".
ويبدو أن البخاري نظر إلى المعنى الأول، حيث أتى فيه ثعلبة بما يخالف رواية الثقات المصرحة بالجهر في القراءة، وهي حديث عائشة، وحديث كثير بن العباس عن ابن عباس [تقدما برقمي (1180 و 1181)]:
قال البخاري: "حديث عائشة رضي الله عنها في الجهر: أصح من حديث سمرة"[كذا وقع في خلافيات البيهقي (2/ 385 - مختصره). والمعرفة (5/ 153/ 7141 - ط. قلعجي). وهو أصح مما وقع في ترتيب علل الترمذي الكبير (164): "حديث كثير بن عباس في صلاة الكسوف: أصح من حديث سمرة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم أسر القراءة فيها"].
لكنه في المقابل أخرج منه في خلق أفعال العباد الطرف المتعلق بقيام النبي صلى الله عليه وسلم بما أوجب اللَّه عليه من تبليغ الرسالة وأداء الأمانة، وهو مما توبع عليه.
وفي هذا إشارة إلى عدم الحكم على الحديث بالنكارة مطلقًا؛ إذ المنكر أبدًا منكر.
° والحاصل: فإن حديث سمرة هذا قد يستشهد به في بعض ما توبع عليه، أعني: في أصله بدون تقييده بخطبة الكسوف، ويبقى ضعيفًا فيما لم يتابع عليه ثعلبة فيه، واللَّه أعلم.
فهو حديث ضعيف.
* وقد روي من وجه آخر مختصرًا بإسناد واهٍ [أخرجه البزار (10/ 460/ 4638)]
[تقدم الكلام على إسناده مرارًا. راجع الأحاديث السابقة برقم (456 و 675 و 845 و 975 و 1001 و 1057 و 1119)].
* ومما روي في الإسرار بالقراءة في صلاة الكسوف:
ما رواه عمرو بن خالد الحراني، وعبد اللَّه بن المبارك، وحسن بن موسى الأشيب، وزيد بن الحباب [وهم ثقات]:
عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخسوف فلم أسمع منه فيها حرفًا واحدًا [من القرآن]. وفي رواية زيد: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قرأ في كسوف الشمس، فلم نسمع منه حرفًا.
أخرجه أحمد (1/ 293 و 350)، وأبو يعلى (5/ 130/ 2745)، والطحاوي (1/ 332)، والبيهقي في السنن (3/ 335)، وفي المعرفة (3/ 89/ 1991).
وهذا حديث ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة، وقد صرح بالسماع في رواية الأشيب وابن الحباب.
• ورواه محمد بن عمر الواقدي [وهو: متروك]، قال: حدثنا عبد الحميد بن جعفر، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: صليت خلف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الكسوف فما سمعت منه حرفًا واحدًا.
أخرجه أبو جعفر ابن البختري في الرابع من حديثه (210)(454 - مجموع مصنفاته). ومكرَم البزاز في فوائده (97)، وأبو نعيم في الحلية (3/ 344)، والبيهقي في المعرفة (3/ 89/ 1990).
قال أبو نعيم: "هذا حديث غريب من حديث عكرمة ويزيد، تفرد به الواقدي عن عبد الحميد".
وقال البيهقي: "وبمعناه رواه الحكم بن أبان عن عكرمة".
قلت: الحكم بن أبان: لا بأس به؛ إذا روى عنه ثقة، والبلاء ممن يروي عنه من المتروكين، والضعفاء، مثل: ابنه إبراهيم، والحسين بن عيسى الحنفي، فنتوقف عن قبول الرواية حتى نقف على الإسناد إلى الحكم.
• ثم وجدته بإسناد لا يثبت مثله:
فقد رواه الطبراني في معجمه الكبير (11/ 240/ 11612)، ومن طريقه: الضياء في المختارة (11/ 339/ 344).
قال الطبراني: حدثنا علي بن المبارك [هو: علي بن محمد بن عبد اللَّه بن المبارك الصنعاني: فيه جهالة. تاريخ الإسلام (21/ 230)، وله ترجمة تحت الحديث رقم (676) (7/ 426 - فضل الرحيم)]: ثنا زيد بن المبارك [الصنعاني: صدوق]: ثنا موسى بن عبد العزيز: ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: صليت إلى جنب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم كسفت الشمس، فلم أسمع له قراءة.
قلت: موسى بن عبد العزيز العدني القِنباري، وهو صاحب حديث صلاة التسبيح: قال ابن معين: "ما أرى به بأسًا"، وقال مرة:"ثقة"، وقال النسائي:"ليس به بأس"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"ربما أخطأ"، وقال ابن المديني:"ضعيف"، وفي رواية محمد بن أحمد البراء عن علي بن المديني:"منكر الحديث"، وضعَّفه، وقال ابن حجر في الإتحاف (7/ 486/ 8281) بعد حديث صلاة التسبيح:"ذكره ابن المديني في العلل، فقال: هو حديث منكر، وقال: رأيته في أصل كتاب إبراهيم بن الحكم بن أبان عن أبيه موقوفًا على عكرمة، وموسى بن عبد العزيز راويه: منكر الحديث، وضعَّفه"، وقال السليماني:"منكر الحديث"، وقال البيهقي وابن الجوزي:"مجهول"، وقال الذهبي: لم يذكره أحد في كتب الضعفاء أبدًا، ولكن ما هو بالحجة"، ثم قال: "حديثه من المنكرات، لاسيما والحكم بن أبان ليس أيضًا بالثبت"، قلت: فهو ينفرد عن الحكم بن أبان بما لا يتابع عليه، ويروي عنه مناكير، وقد ضعف جماعة من الأئمة حديث صلاة التسبيح، وقالوا: "ليس فيها حديث يثبت"، منهم الإمام أحمد والترمذي والعقيلي [العلل ومعرفة الرجال (3/ 10/ 3919)، ومسائل عبد اللَّه بن أحمد (315)، ومسائل الكوسج (3309)، والجرح والتعديل (8/ 151)، وضعفاء العقيلي (1/ 124)، والثقات (9/ 159)، وثقات ابن شاهين (1356)، والإرشاد (1/ 325)، والميزان (4/ 212)، وإكمال مغلطاي (12/ 26)، والتكميل في الجرح والتعديل (1/ 257)، والتهذيب (4/ 181)].
وعليه: فإن هذا الحديث لا يثبت من حديث عكرمة عن ابن عباس، واللَّه أعلم.
° وعليه: فلا يثبت في الاسرار بالقراءة شيء صريح، يُعارض به حديث عائشة الصحيح الصريح، وأما حديث عطاء بن يسار عن ابن عباس في ذلك فإنه متأول، واللَّه أعلم.
* * *
1185 -
. . . وهيب: حدثنا أيوب، عن أبي قلابة، عن قبيصة الهلالي، قال: كسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فخرج فزِعًا يجرُّ ثوبه، وأنا معه يومئذ بالمدينة، فصلى ركعتين، فأطال فيهما القيام، ثم انصرف وانجلت، فقال:"إنما هذه الآيات يخوِّفُ اللَّهُ بها، فإذا رأيتموها فصلوا كأحدث صلاةٍ صليتموها من المكتوبة".
* حديث منكر
أخرجه الحاكم (1/ 333)(2/ 131/ 1253 - ط. الميمان). وأحمد (5/ 61)، وأبو القاسم الحرفي في فوائده بتخريج أبي القاسم الطبري (27)، والبيهقي (3/ 334).
رواه عن وهيب بن خالد [وهو: ثقة ثبت]: موسى بن إسماعيل [واللفظ له]، وأبو سعيد مولى بني هاشم [وهما ثقتان].
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، والذي عندي
أنهما عللاه بحديث ريحان بن سعيد عن عباد بن منصور عن أيوب عن أبي قلابة عن هلال بن عامر عن قبيصة، وحديث يرويه موسى بن إسماعيل عن وهيب لا يعللَه حديث ريحان وعباد".
وقال أبو القاسم الطبري: "هذا حديث محفوظ،. . .، ولم يسمع أبو قلابة من قبيصة بن مخارق بن شداد بن أبي ربيعة الهلالي، وهو مرسل".
* قلت: تابع وهيبًا عليه:
عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي [ثقة، من أصحاب أيوب]، وعبد الوارث بن سعيد [ثقة ثبت، من أثبت الناس في أيوب]، وعبيد اللَّه بن عمرو الرقي [ثقة فقيه، ولم يكن من أصحاب أيوب]:
رووه عن أيوب، عن أبي قلابة، عن قبيصة، قال: انكسفت الشمس، فخرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم[وفي رواية عبد الوارث: فنادى في الناس] فصلى ركعتين، فأطال فيهما القراءة، فانجلت، فقال:"إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه يخوف بهما عباده، فإذا رأيتم ذلك فصلوا، كأحدث [وفي رواية عبد الوارث: كأخف، وأظنه تصحيفًا] صلاةٍ صليتموها من المكتوبة". لفظ الثقفي، ولفظ عبيد اللَّه بن عمرو بمثل لفظ وهيب.
أخرجه أحمد (5/ 60)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 514/ 2102)، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (4/ 212/ 2785)، والطحاوي (1/ 331)، وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 344)، وأبو القاسم الحرفي في فوائده بتخريج أبي القاسم الطبري (27)، والبيهقي (3/ 334)، وابن عبد البر في التمهيد (3/ 305).
تنبيه: هكذا رواه عبد اللَّه بن جعفر بن غيلان الرقي [ثقة] عن عبيد اللَّه بن عمرو مثل الجماعة [عند ابن أبي خيثمة، وابن عبد البر]، وشك فيه علي بن معبد بن شداد الرقي [ثقة]، فقال فيه: عن قبيصة الهلالي أو غيره [عند الطحاوي]، ورواية من جزم وحفظ أولى من رواية من شك ولم يضبط.
* ورواه الحارث بن عمير [ثقة من أصحاب أيوب، وله مناكير عن غيره. تقدم الكلام عليه تحت الحديث رقم (69 و 486)، وانظر: التهذيب (1/ 335)، والميزان (1/ 440)، والمجروحين (1/ 223)، والتنكيل (1/ 220/ 68)، والفوائد المجموعة (297)]: ثنا أيوب السختياني، عن أبي قلابة؛ أن قبيصة قال: كسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى بدت النجوم، فخرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فصلى ركعتين، ثم قال: وإن هذه الآيات تخويف من اللَّه، فإذا رأيتم شيئًا منها فصلوا كأحدث صلاة صليتموها".
أخرجه أبو نعيم في المعرفة (4/ 2334/ 5739)، بإسناد صحيح إلى الحارث.
وظاهر سياقه يشعر بالإرسال.
• وقد روي عن أيوب من وجه آخر؛ مصرحًا فيه باسم أبي قبيصة ونسبه، لكن لا يثبت: فقد رواه عمرو بن عاصم [الكلابي، وهو: صدوق، ليس بذاك الحافظ الذي يعتمد
على حفظه، وتقع الأوهام والمناكير في حديثه. راجع ما تقدم في فضل الرحيم (5/ 97/ 412) و (6/ 430/ 570)]، أن جده عبيد اللَّه بن الوازع [مجهول. التقريب] حدثه، قال: حدثنا أيوب السختياني، عن أبي قلابة، عن قبيصة بن مخارق الهلالي، قال: كسفت الشمس ونحن إذ ذاك مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالمدينة،. . . فذكر الحديث.
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 144/ 1486)، وفي الكبرى (2/ 346/ 1884).
* وقد وجدته من حديث أثبت الناس عن أيوب، لكنه غريب جدًا:
أخرجه أبو بكر الكلاباذي في بحر الفوائد (1/ 237) و (1/ 420/ 431)، بإسناد غريب لا بأس به إلى: مؤمل بن إسماعيل [وهو: صدوق، كثير الغلط، كان سيئ الحفظ]، عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن النعمان بن بشير، وقبيصة بن المخارق رضي الله عنهما، قالا: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد، ولكن اللَّه تعالى إذا تجلى لشيء من خلقه خشع، فإذا انكسف واحد منهما فصلوا كأتم صلاة مكتوبة صليتموها".
وهذا غريب جدًا من حديث حماد بن زيد.
° هكذا روى هذا الحديث عن أيوب:
وهيب بن خالد [ثقة ثبت]، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي [ثقة، من أصحاب أيوب]، وعبد الوارث بن سعيد [ثقة ثبت، من أثبت الناس في أيوب]، وعبيد اللَّه بن عمرو الرقي [ثقة فقيه، ولم يكن من أصحاب أيوب]، والحارث بن عمير [ثقة من أصحاب أيوب]، وغيرهم:
رووه عن أيوب، عن أبي قلابة، عن قبيصة به مرفوعًا، ورواية الحارث مشعرة بالإرسال.
* خالفهم: عباد بن منصور، وأنيس بن سوار الجرمي:
فروياه عن أيوب، عن أبي قلابة، عن هلال بن عامر؛ أن قبيصة الهلالي حدثه؛ أن الشمس انكسفت،. . . الحديث.
وهو الحديث الآتي.
* * *
1186 -
. . . ريحان بن سعيد: حدثنا عَبَّاد بن منصور، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن هلال بن عامر؛ أن قبيصة الهلالي حدثه؛ أن الشمس كسفت، بمعنى حديث موسى، قال: حتى بدت النجوم.
* حديث منكر
أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 122/ 1444)، وأبو القاسم البغوي
في معجم الصحابة (4/ 213/ 2786)، والطبراني في الكبير (18/ 375/ 958)، وفي الدعاء (2217)، والبيهقي (3/ 334)، والمزي في التهذيب (30/ 342).
رواه عن ريحان بن سعيد: أحمد بن إبراهيم [هو: ابن كثير بن زيد الدورقي، وهو: ثقة حافظ]، ومحمد بن فضيل أبو عبد اللَّه، أو: أبو جعفر البزاز [قال ابن أبي عاصم: "ثقة، وكان قاطنًا بمكة"، وقال أبو حاتم: "ثقة"، وذكره ابن حبان في الثقات. الآحاد والمثاني (1322 و 1444 و 2709)، والجرح والتعديل (8/ 58)، والثقات (9/ 84)]، وإبراهيم بن سعيد الجوهري الطبري [ثقة حافظ]، ومجاهد بن موسى [ثقة].
ولفظ أبي عبد اللَّه البزار بتمامه: كسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى بدت النجوم، وأنا يومئذٍ بالمدينة، فخرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فصلى بنا، فأطال الصلاة، فلما فرغ، قال:"إن كسوفَ الشمس والقمر تخويفٌ من اللَّه عز وجل؛ إن رأيتموه فصلوا مثلَ أحدثِ صلاةٍ صليتموها".
قلت: عباد بن منصور: ليس بالقوي، له أحاديث منكرة [التهذيب (2/ 282)]، وريحان بن سعيد: ليس به بأس، روى عن عباد عن أيوب أحاديث منكرة، وقد استغرب البخاري والبزار أحاديثه عن عباد عن أيوب، ومع ذلك تسهَّل في أمره البزار، فقال:"وريحان بن سعيد: بصري كتب عنه أهل الحديث؛ علي بن المديني، وإبراهيم بن محمد بن عرعرة، وإبراهيم بن سعيد الجوهري وغيرهم، وحدَّث بأحاديث كثيرة عن عباد عن أيوب لم يحدث بها عنه غيره، واحتُمِلت عنه على تفرده بها، من غير إنكار عليه"، وأما الترمذي فإنه نقل عن البخاري أنه رضي بريحان مع كونه يستغرب أحاديثه عن عباد عن أيوب، ولعل أبو طالب محمود بن علي بن أبي طالب القاضي لم يحسن نقل هذه العبارة، حين قام بترتيب العلل، وقد سبق أن تكلمت عليه تحت الحديث رقم (723 و 1132)، وأن الحمل عليه في بعض الأغلاط التي وقعت في ترتيب علل الترمذي الكبير، واللَّه أعلم، وقال البرديجي:"فأما حديث ريحان عن عباد عن أيوب عن أبي قلابة: فهي مناكير"، وقال العجلي:"ريحان الذي يروي عن عباد: منكر الحديث"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"يُعتبر حديثه من غير روايته عن عباد بن منصور"، وممن تكلم أيضًا في هذه السلسلة: النسائي، حيث قال في الكبرى:"عباد بن منصور: ليس بحجة في الحديث، وقيل: إن ريحان ليس بقديم السماع منه"[العلل ومعرفة الرجال (3/ 22/ 3975)، وسؤالات الآجري (290)، وترتيب علل الترمذي (605)، ومعرفة الثقات (487)، ومسند البزار (3293 و 4169 و 4187 و 4189 و 6771 - 6775 و 6785)، والسنن الكبرى للنسائي (3/ 320/ 3128 و 3129)، والجرح والتعديل (3/ 517)، والثقات (8/ 245)، وسؤالات البرقاني (151)، وعلل الدارقطني (14/ 241/ 3593)، والأفراد (6238 و 6439 - أطرافه). الحلية لأبي نعيم (2/ 289)، وتاريخ بغداد (8/ 427)، والتهذيب (1/ 617)].
* وقد تابعه في إثبات الواسطة عن أيوب: أنيس بن سوار:
فقد روى معاوية بن عمران الجرمي: ثنا أنيس بن سوار الجرمي، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن هلال بن عامر [وفي رواية الطبراني: هلال بن عمرو، وفي نسختين لمغلطاي من المعجم: هند بن عمرو، وكذا هو في المعرفة لأبي نعيم: هند بن عمرو]؛ أن قبيصة الهلالي حدثه؛ أن الشمس انكسفت على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة، حتى بدت لهم النجوم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قام فصلى ركعتين أطال فيها القيام، فلما قضى صلاته أقبل على الناس، فقال:"إذا رأيتم شيئًا من هذه الآيات، فإنما هو تخويف من اللَّه عز وجل، فإذا رأيتموها فصلوا مثل أحدث صلاة صليتموها".
أخرجه الطبراني في الكبير (18/ 374/ 957)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (3/ 466)، والمزي في التهذيب (30/ 341)، وانظر: معرفة الصحابة لأبي نعيم (4/ 2335)، وإكمال التهذيب لمغلطاي (12/ 177).
قلت: أنيس بن سوار الجرمي: روى عنه جماعة من الثقات، وذكره ابن حبان في الثقات، ومعاوية بن عمران بن واهب بن سوار الجرمي: مجهول، وهو معروف بالرواية عن عمه، أو عم أبيه أنيس [انظر: الجرح والتعديل (2/ 335)، والثقات (6/ 82) و (8/ 134)، والمتفق والمفترق (3/ 1971)، ومجمع الزوائد (7/ 177) و (10/ 16)، والثقات لابن قطلوبغا (2/ 454)].
قلت: ولعله بهذه المتابعة، أو بغيرها، قال البخاري:"وحديث أبي قلابة عن قبيصة الهلالي؛ في صلاة الكسوف، يقولون فيه أيضًا: أبو قلابة عن رجل عن قبيصة".
وقال أبو القاسم الطبري: "ولم يسمع أبو قلابة من قبيصة بن مخارق بن شداد بن أبي ربيعة الهلالي، وهو مرسل".
وقال البيهقي: "وهذا أيضًا لم يسمعه أبو قلابة عن قبيصة، إنما رواه عن رجل عن قبيصة".
وقال النووي في الخلاصة (3050): "رواه أبو داود بإسناد صحيح، لكن قال البيهقي: سقط بين أبي قلابة وقبيصة رجل، وهو هلال بن عامر، ثم رواه كذلك، وهذا لا يقدح في صحة الحديث؛ لأن هلالًا ثقة، قال الحاكم: هو حديث صحيح".
قلت: هلال: مجهول، أتى في حديثه بما ينكر عليه.
فإن هذا الحديث مشتمل على جملة منكرة، وهي قوله في آخره:"فصلوا كأحدث صلاة صليتموهما من المكتوبة"، ولما كانت آخر صلاة صلوها من المكتوبة هي صلاة الفجر، كما دل على ذلك حديث يحمص بن سعيد الأنصاري، عن عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم؛ أن يهودية جاءت تسألها،. . . فذكر الحديث، وفيه: فخسفت الشمس، فرجع ضحًى،. . .، ثم قام يصلي، وقام الناس وراءه [تقدم تحت الحديث رقم (1180)]، وهو أيضًا ما تؤيده الحسابات الفلكية للكسوف الشمسي، وهو أن هذا الكسوف
وقع ضحًى، وكان وقت ابتدائه قريبًا من الساعة السابعة والربع صباحًا؛ أي: بعد إشراق الشمس بقرابة عشر دقائق، ووصل إلى وقت الذروة قريبًا من الساعة الثامنة والنصف، وانتهى قبل الساعة العاشرة ظهرًا.
قلت: فلما كان هذا الحديث منكرَ المعنى، حيث جعل صلاة الكسوف مثل صلاة الفجر في هيئتها، ركعتان بركوع واحد في كل ركعة، وهو ما يخالف الصفة التي اتفقت عليها صحاح الأحاديث [كما تقدم بيانه مرارًا]، لذلك تطلَّبوا له علةً، فلم يجدوا له علةً قادحةً، فاعلوه بعلةٍ غيرِ قادحة، فإن الذين رووه عن أيوب بدون الواسطة جماعة من ثقات أصحابه؛ وهيب بن خالد، وعبد الوهاب الثقفي، وعبد الوارث بن سعيد، وعبيد اللَّه بن عمرو الرقي، لكن لما زاد عباد بن منصور وأنيس بن سوار رجلًا في الإسناد، وكانت رواية الحارث بن عمير، تحتمل هذه الزيادة، حيث قال في روايته عن أيوب، عن أبي قلابة؛ أن قبيصة قال:. . .، وهي رواية ظاهرها الإرسال، وتؤيد رواية من زاد في الإسناد رجلًا، حينئذ جنح البخاري إلى إعلال رواية الجماعة، برواية من زاد في الإسناد رجلًا، واللَّه أعلم.
* والحاصل: فإن زيادة هلال بن عامر في هذا الإسناد: علة لحديث أبي قلابة عن قبيصة، وهلال بن عامر، أو: ابن عمرو، أو: هند بن عمرو: مجهول [التهذيب (4/ 290)، والميزان (4/ 315)].
* وقد رواه هشام بن أبي عبد اللَّه الدستوائي [وتفرد به عنه: ابنه معاذ بن هشام]:
عن قتادة، عن أبي قلابة، عن قبيصة البجلي؛ أن الشمس انخسفت، فصلى نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم ركعتين ركعتين حتى انجلت، ثم قال:"إن الشمس والفمر لا ينخسفان لموت أحد، ولكنهما خلقان من خلقه، وإن اللَّه عز وجل يحدث في خلقه ما شاء، وإن اللَّه عز وجل إذا تجلى لشيء من خلقه بخشع له، فأيهما حدث فصلوا حتى ينجلي، أو يحدث اللَّه أمرًا".
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 144/ 1487)، وفي الكبرى (2/ 347/ 1885)، وا بن خزيمة (2/ 330/ 1402)، والروياني (1523)، والطحاوي (1/ 331).
قال ابن منده: "حديث هشام وهم"[أسد الغابة (4/ 402)].
• خالفه: عمر بن عامر السلمي [صدوق]، فرواه عن قتادة، عن أبي قلابة، عن عامر بن قبيصة الهلالي؛ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد، ولكن اللَّه عز وجل إذا تجلى لشيء من خلقه خشع له، فإذا رأيتم شيئًا من ذلك فصلوا".
أخرجه عبد اللَّه بن أحمد في السُّنَّة (2/ 473/ 1078)، وابن قانع في المعجم (2/ 342).
قلت: هشام الدستوائي أحفظ لحديث قتادة ومقدَّم فيه على غيره، لكنه غريب من حديثه، لم يروه عنه غير ابنه معاذ، وقد كان يغلط في الشيء بعد الشيء، ورواية عمر بن عامر السلمي: وهمٌ، حيث جعلها: عن أبي قلابة، عن عامر بن قبيصة، وإنما هو أبو قلابة عن قبيصة، أو: أبو قلابة عن هلال بن عامر عن قبيصة، واللَّه أعلم.
• قال ابن خزيمة: "باب ذكر علةٍ لما تنكسف الشمس إذا انكسفت؛ إن صح الخبر؛ فإني لا إخال أبا قلابة سمع من النعمان بن بشير، ولا أقف ألقبيصة البجلي صحبة أم لا؟ ".
قلت: قد اختلف في صحابي هذا الحديث، هل هو قبيصة بن المخارق الهلالي الصحابي المشهور، أم أنه قبيصة البجلي، ولا يُعرف بغير هذا الحديث؟
فقد أخرجه أبو القاسم البغوي في ترجمة قبيصة، وقال:"يقال: إنه البجلي، ويقال: الهلالي، سكن البصرة، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثًا"، وختم ترجمته بقوله:"ولا أعلم لقبيصة الهلالي غير هذا الحديث"، وفرق بينه وبين قبيصة بن المخارق الهلالي، وكذلك فرق بينهما ابن أبي خيثمة، وابن خزيمة، وابن قانع.
وترجم له أبو نعيم في المعرفة (4/ 2334) بترجمة مستقلة بهذا الحديث، لكنه قال:"وهو عندي قبيصة بن مخارق الهلالي المتقدم، والبجلي: وهمٌ".
وأما أحمد، وابن أبي عاصم، والطبراني، فقد ذكروا هذا الحديث في جملة أحاديث قبيصة بن مخارق الهلالي.
وقد استدل ابن الأثير في الأسد (4/ 406) برواية وهيب عن أيوب، والتي نسب فيها قبيصة هلاليًا، على وهم من نسبه إلى بجيلة، وأنه قبيصة بن مخارق [وانظر أيضًا: الإصابة (5/ 410)].
° قلت: فإن كان هذا الحديث لقبيصة بن مخارق الهلالي؛ فهل يثبت من حديثه؟
فقد رواه أيوب السختياني، وقتادة، كلاهما عن أبي قلابة، عن قبيصة.
• قلت: أما حديث قتادة، فقد اختلف عليه، وحديث هشام الدستوائي: حديث غريب، انفرد به عنه: ابنه معاذ، وهو: صدوق، لكنه كما قال ابن عدي:"ربما يغلط في الشيء بعد الشيء"[التهذيب (4/ 102)]، كما أن رواية عمر بن عامر السلمي وهم.
ثم إن قتادة لم يسمع من أبي قلابة شيئًا، جزم به جماعة، منهم: أيوب السختياني، وأحمد، وابن معين، والفلاس، ويعقوب بن سفيان.
قال أيوب: "لم يسمع قتادة من أبي قلابة شيئًا؛ إنما وقعت إليه كتب أبي قلابة، ومات أبو قلابة بالشام"[الجزء الثاني من حديث يحيى بن معين (235)، وتاريخ داريا (62)، وتاريخ دمشق (28/ 310)].
وقال أحمد: "لم يسمع قتادة من أبي قلابة شيئًا؛ إنما بلغه عنه"[المراسيل (630)، والمعرفة والتاريخ (2/ 141)، وتاريخ دمشق (28/ 309)، وتاريخ أبي زرعة الدمشقي (1/ 456/ 1157)، وقد استدل أحمد من كلام شعبة على ذلك].
وقال ابن معين: "قتادة: لم يسمع من أبي قلابة"[تاريخ ابن معين للدوري (4/ 94/ 3318) و (4/ 193/ 3909)، والمراسيل (631)].
وقال أبو حاتم: "وقتادة؛ يقال: لم يسمع من أبي قلابة إلا أحرفًا، فإنه وقع إليه كتاب من كتب أبي قلابة"[علل ابن أبي حاتم (26)].
وقال أبو حفص عمرو بن علي الفلاس: "لم يسمع قتادة من أبي قلابة"[تاريخ دمشق (28/ 309)].
وقال يعقوب بن سفيان: "ولم يسمع من أبي قلابة شيئًا، إنما أرسل عنه"[المعرفة والتاريخ (2/ 124)].
وقال النسائي: "قتادة: لا نعلمه سمع من أبي قلابة شيئًا"[السنن الكبرى (3/ 324/ 3143)].
وعليه: فإن حديث قتادة: حديث غريب منقطع؛ ثم إن أبا قلابة لم يسمعه من قبيصة، بينهما هلال بن عامر، وهو: مجهول.
• وأما حديث أيوب: فإنه حديث ضعيف الإسناد؛ لأجل جهالة هلال بن عامر.
° والحاصل: فإن حديث أبي قلابة عن هلال بن عامر عن قبيصة: حديث منكر.
* ولأبي قلابة فيه إسناد آخر:
فقد روى عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، ووهيب بن خالد، والحارث بن عمير البصري، وعبيد اللَّه بن عمرو الرقي:
عن أيوب، عن أبي قلابة، عن النعمان بن بشير، قال: انكسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فخرج فكان يصلي ركعتين ويسأل، ويصلي ركعتين ويسأل، حتى انجلت، فقال:"إن رجالًا يزعمون أن الشمس والقمر إذا انكسف واحد منهما، فإنما ينكسف لموت عظيم من العظماء، وليس كذلك، ولكنهما خلقان من خلق اللَّه عز وجل، فإذا تجلى اللَّه عز وجل لشيء من خلقه خشع له". لفظ الثقفي.
ولفظ الحارث [عند أبي داود]: كسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فجعل يصلي ركعتين ركعتين، وشمال عنها، حتى انجلت.
أخرجه أبو داود (1193)، وأبو عوانة (2/ 106/ 2468)، وابن خزيمة في الصحيح (2/ 330/ 1403)، وأحمد (4/ 269)[واللفظ له]. والبزار (8/ 235/ 3295)، والطحاوي (1/ 330)(13/ 527/ 17095 - إتحاف المهرة). وابن الأعرابي في المعجم (2/ 669/ 1334)، والطبراني في الدعاء (2238)، وابن حزم في المحلى (5/ 96)، وابن عبد البر في التمهيد (3/ 305).
تنبيه: وقع في رواية عبيد اللَّه بن عمرو الرقي [ولم يكن من أصحاب أيوب]، شك في الرواية، فقال: عن النعمان بن بشير أو غيره [عند الطحاوي]، ورواية من جزم وحفظ من أصحاب أيوب أولى من رواية من شك ولم يحفظ.
• وقد تقدم ذكر هذا الحديث تحت الحديث السابق من طريق حماد بن زيد عن أيوب، لكنه غريب جدًا من حديث حماد بن زيد.
قال ابن خزيمة في الصحيح: "باب ذكر علةٍ لما تنكسف الشمس إذا انكسفت؛ إن
صح الخبر؛ فإني لا إخال أبا قلابة سمع من النعمان بن بشير، ولا أقف ألقبيصة البجلي صحبة أم لا؟ ".
* خالفهم: عبد الوارث بن سعيد [ثقة ثبت، من أثبت الناس في أيوب]: حدثنا أيوب، فذكر حديثًا، قال: وحَدَّث عن أبي قلابة، عن رجل، عن النعمان بن بشير، قال: كسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم،. . . فذكر الحديث بنحوه.
أخرجه أحمد (4/ 267)(8/ 4174/ 18642 - ط. المكنز)(13/ 527/ 17095 - إتحاف). والبيهقي (3/ 333).
هكذا زاد عبد الوارث في الإسناد رجلًا، والحكم هنا لمن زاد، فإنها زيادة من حافظ ثبت تقبل زيادته.
وعلى هذا: فإن أبا قلابة لم يسمع هذا الحديث من النعمان بن بشير، بينهما رجل.
* خالفهم: معمر بن راشد، فرواه عن أيوب، عن أبي قلابة، قال: إن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكن ربنا تبارك وتعالى إذا تجلى لأحد من خلقه خضع له. موقوفًا على أبي قلابة قوله.
أخرجه عبد الرزاق (3/ 105/ 4943).
* ثم رواه معمر بطرف آخر، عن أيوب، عن أبي قلابة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كلما ركع ركعة ورفع رأسه أرسل رجلًا ينظر، هل تجلت؟.
أخرجه عبد الرزاق (3/ 105/ 4944).
هكذا رواه معمر فلم يعدُ في إسناده أبا قلابة، ولم يذكر فوقه أحدًا، ومعمر بن راشد في حديثه عن أهل البصرة ضعف، وهذا منه.
* ورواه عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، ووهيب بن خالد:
عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن النعمان بن بشير، قال: انكسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فخرج يجر ثوبه فزعًا، حتى أتى المسجد، فلم يزل يصلي بنا حتى انجلت، فلما انجلت، قال:"إن ناسًا يزعمون أن الشمس والقمر لا ينكسفان إلا لموت عظيم من العظماء، وليس كذلك إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات اللَّه عز وجل، إن اللَّه عز وجل إذا بدا لشيء من خلقه خشع له، فإذا رأيتم ذلك فصلوا كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة".
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 141/ 1485)، وفي الكبرى (2/ 346/ 1883)، وابن ماجه (1262)، وابن خزيمة في الصحيح (2/ 335/ 1404)، وفي التوحيد (2/ 889/ 598)، والشافعي في السنن (394)، وعثمان بن سعيد الدارمي في نقضه على المريسي (244)، وابن حزم في المحلى (5/ 97)، والبيهقي في السنن (3/ 332)، وفي المعرفة (3/ 78/ 1979).
قال ابن خزيمة في التوحيد (13/ 527/ 17595 - إتحاف): "إلا أن أبا قلابة لا نعلمه سمع من النعمان بن بشير شيئًا، ولا لقيه".
وقال البيهقي في السنن، وبنحوه في المعرفة:"هذا مرسل؛ أبو قلابة لم يسمعه من النعمان بن بشير، إنما رواه عن رجل عن النعمان، وليس فيه هذه اللفظة الأخيرة".
* خالفهما فأرسله: إسماعيل بن علية: حدثنا خالد، عن أبي قلابة، قال: انكسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال:"صلوا كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة".
أخرجه مسدد (5/ 115/ 745 - مطالب).
قلت: أفسدت رواية ابن علية المرسلة، رواية الثقفي ووهيب المتصلة.
* ورواه معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي، عن قتادة، عن أبي قلابة، عن النعمان بن بشير؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا خسفت الشمس والقمر فصلوا كأحدث صلاة صليتموها". هكذا مختصرًا.
ورواه مرة أخرى مطولًا بمثل حديثه عن قبيصة [وقد سبق ذكره في الحديث السابق].
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 145/ 1488)، وفي الكبرى (2/ 347/ 1886)، والحاكم (1/ 332)(2/ 129/ 1250 - ط. الميمان). والبزار (8/ 235/ 3294)، والطبراني في الكبير (204 - قطعة من الحادي والعشرين، مسند النعمان). وفي الأوسط (3/ 162/ 2805)، وفي الدعاء (2246).
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذا اللفظ".
فلت: هو غريب من حديث قتادة، تفرد به معاذ بن هشام عن أبيه به.
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن قتادة إلا هشام، ولا عن هشام إلا معاذ ابنه".
وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن قتادة إلا هشام، تفرد به: معاذ".
ثم هو منقطع؛ قتادة لم يسمع من أبي قلابة شيئًا، كما سبق تقريره قريبًا في آخر حديث قبيصة.
* ورواه الحسن بن صالح، وسفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وأبو الأحوص سلام بن سليم [وهم ثقات]، وشريك بن عبد اللَّه النخعي [صدوق، سيئ الحفظ]:
عن عاصم بن سليمان الأحول، عن أبي قلابة، عن النعمان بن بشير؛ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلى حين انكسفت الشمس مثل صلاتنا، يركع ويسجد. لفظ الحسن بن صالح، وفي رواية الثوري: نحوًا من صلاتكم، يركع ويسجد. وفي رواية لشعبة: نحوًا من صلاتكم، يركع ويسجد مرتين. وفي رواية شريك: كما تصلون، ركعة وسجدتين.
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 145/ 1489)، وفي الكبرى (2/ 347/ 1887)، وأحمد (4/ 271 و 277)، والطيالسي (2/ 146/ 837)، وابن أبي شيبة (2/ 217/ 8298) و (7/ 322/ 36500)، والطحاوي (1/ 330)، والطبراني في الكبير (201 - 203 - قطعة من الحادي والعشرين، مسند النعمان). وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 67 و 293).
قال النووي في الخلاصة (3055): (رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح، إلا أنه
روي بزيادة رجل بين أبي قلابة والنعمان، واختلف في ذلك الرجل" [وانظر المجموع
(5/ 65)].
° قلت: حديث النعمان بن بشير قد رواه جماعة عن أبي قلابة؛ أيوب السختياني، وخالد الحذاء، وقتادة، وعاصم الأحول:
فأما رواية أيوب ففيها زيادة رجل مبهم في الإسناد.
وأما رواية خالد الحذاء فقد أرسلها ابن علية.
وأما رواية قتادة فهي غريبة منقطعة.
وأما رواية عاصم الأحول فظاهرها الاتصال، وهي معلولة بهذه الطرق السابقة؛ فإن أبا قلابة مشهور بالإرسال.
° قال ابن معين: "أبو قلابة عن النعمان بن بشير: مرسل"[تاريخ الدوري (4/ 214/ 4025)].
وقال ابن أبي حاتم في المراسيل (394 و 395): "قال أبي: أبو قلابة عن النعمان بن بشير؛ قال يحيى بن معين: هو مرسل. قال أبي: قد أدرك أبو قلابة النعمانَ بن بشير، ولا أعلم أسمع منه".
وقال ابن خزيمة في الصحيح: "لا إخال أبا قلابة سمع من النعمان بن بشير".
وقال في التوحيد: "إلا أن أبا قلابة لا نعلمه سمع من النعمان بن بشير شيئًا، ولا لقيه".
وقال البيهقي: "هذا مرسل؛ أبو قلابة لم يسمعه من النعمان بن بشير، إنما رواه عن رجل عن النعمان".
• وأبو قلابة عبد اللَّه بن زيد الجرمي: كثير الإرسال، وهو يروي عن النعمان بن بشير بواسطة أبي الأشعث الصنعاني، انظر مثلًا: حديث عفان بن مسلم (110)، وفضائل القرآن لأبي عبيد (347)، ومسند أحمد (4/ 274)، ومسند الدارمي (2/ 542/ 3387)، وكنى البخاري (42)، وجامع الترمذي (2882)، ومسند البزار (8/ 236/ 3296) و (8/ 237/ 3297)، وفضائل القرآن لابن الضريس (163)، ومختصر قيام الليل لابن نصر المروزي (227)، والقدر للفريابي (88 - 91)، وعمل اليوم والليلة للنسائي (966 و 967)، وعلل ابن أبي حاتم (2/ 64/ 1678)، وصحيح ابن حبان (3/ 61/ 782)، والمعجم الصغير للطبراني (147)، والمعجم الأوسط له (1365 و 1988)، والمعجم الكبير له (210 و 212 - قطعة من مسند النعمان). مستدرك الحاكم (1/ 562) و (2/ 260)، وفضائل القرآن للمستغفري (734 و 743 و 755 و 756)، وغيرها.
• وقد اعتبر ابن القطان الفاسي الاختلاف في هذا الحديث على أبي قلابة اختلافًا لا يضر؛ لأنه قد رواه جماعة عن أبي قلابة بهذه الوجوه، ثم قال:"ولا بُعدَ في أن يكون عنده فيه جميع ذلك"[بيان الوهم (5/ 353/ 2529) و (5/ 459/ 2638) و (5/ 705)].
قلت: أما حديث قبيصة فهو حديث منكر؛ لاشتماله على هذه الجملة المنكرة: "فصلوا كأحدث صلاةٍ صليتموها من المكتوبة"، ولم يسمعه أبو قلابة من قبيصة، بينهما هلال بن عامر، وهو رجل مجهول.
وأما حديث النعمان فهو أيضًا حديث منكر؛ لاشتماله على نفس الجملة في بعض طرقه، وفي بعضها: فكان يصلي ركعتين ويسأل، ويصلي ركعتين وشمال، حتى انجلت، وظاهره أنه صلى أكثر من ركعتين، كل ركعتين كهيئة صلاة الفجر، وهذا خلافٌ صريح للأحاديث الصحيحة في صفة صلاة الكسوف، ولم يسمعه أبو قلابة من النعمان، بينهما رجل مبهم، وأعل بالإرسال أيضًا، واللَّه أعلم.
* وله إسناد آخر عن النعمان:
رواه معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي، عن قتادة، عن الحسن، عن النعمان بن بشير، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه خرج يومًا مستعجلًا إلى المسجد وقد انكسفت الشمس، فصلى حتى انجلت، ثم قال:"إن أهل الجاهلية كانوا يقولون: إن الشمس والقمر لا ينخسفان إلا لموت عظيم من عظماء أهل الأرض، وان الشمس والقمر لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما خليقتان من خلقه، يحدث اللَّه في خلقه ما يشاء، فأيهما انخسف فصلوا حتى ينجلي، أو يحدث اللَّه أمرًا".
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 145/ 1490)، وفي الكبرى (2/ 347/ 1888) و (10/ 248/ 11408)، والطبراني في الكبير (200 - قطعة من الحادي والعشرين، مسند النعمان). والبيهقي (3/ 333).
قال البيهقي: "وهذا أشبه أن يكون محفوظًا".
قلت: لكون معناه محفوظًا من الأحاديث الصحيحة، لا يخالفها في شيء، سوى أنه مجمل في صفة الصلاة، ولا يضر ذلك؛ لكن إسناده لا يصح أيضًا:
فهو أيضًا غريب من حديث قتادة، انفرد به معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة، والحسن البصري لم يسمع من النعمان شيئًا، قاله ابن المديني، وقال ابن معين:"مرسل"[تاريخ الدوري (4/ 302/ 4509)، والمراسيل (135)، وتحفة التحصيل (72)].
* وله شاهد من حديث بلال، ولا يثبت:
يرويه نصر بن علي، قال: أنا زياد بن عبد اللَّه، قال: نا يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن بلال، قال: كسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: "إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات اللَّه، فإذا رأيتم ذلك فصلوا كأحدث صلاة صليتموها".
أخرجه البزار (4/ 207/ 1371)، والروياني (752)، والطبراني في الكبير (1/ 358/ 1094)، وفي الأوسط (6/ 115/ 5968).
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن بلال إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد،
ولم نسمعه إلا من نصر، وقال غير نصر: عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: حدثني فلان، وسماه نصر فقال: عن بلال".
وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن بلال إلا ابن أبي ليلى، ولا عن ابن أبي ليلى إلا يزيد".
قلت: نصر بن علي الجهضمي: ثقة ثبت، لكن الشأن إما في زياد بن عبد اللَّه البكائي، فهو: ثقة ثبت في مغازي ابن إسحاق، وليس هو بالقوي في غير المغازي [تقدم الكلام عليه تحت الحديث رقم (393)]، أو في يزيد بن أبي زياد، وهو في الأصل: صدوق عالم؛ إلا أنه لما كبر ساء حفظه وتغير، وكان إذا لُقِّن تلقن، فهو: ليس بالقوى؛ كما قال أكثر النقاد، لأجل ما صار إليه أمره [انظر: التهذيب (9/ 344)، والميزان (4/ 423)، والجامع في الجرح والتعديل (3/ 315)، وقد تقدم الكلام عليه مرارًا].
• قلت: خالف البكائي: عبثر بن القاسم، ومحمد بن فضيل [وهما ثقتان]:
فروياه عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: حدثني فلان وفلان؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن كسوف الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا الى الصلاة. كذا في رواية ابن فضيل، وفي رواية عبثر: عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 218/ 8311)، وفي المسند (980)، والخطيب في تاريخ بغداد (6/ 26).
قلت: وهذا الأشبه بالصواب، وهو حديث ضعيف؛ لأجل يزيد، والأول منكر، واللَّه أعلم.
° قال ابن عبد البر في الاستذكار (2/ 412): "وروى محمد قول الكوفيين في صلاة الكسوف عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي بكرة، وسمرة بن جندب، وعبد اللَّه بن عمر، والنعمان بن بشير، وقبيصة الهلالي، وعبد الرحمن بن سمرة، وقد ذكرنا بعضها في التمهيد وهي آثار مشهورة صحاح، إلا أن المصير إلى زيادة من حفظ أولى.
فإن قيل: إنه قد روي في صلاة الكسوف عشر ركعات في ركعة، وثماني ركعات في ركعة، وست ركعات في ركعة، وأربع ركعات في ركعة، فهلا صرت إلى زيادة من زاد في ذلك قيل له: تلك آثار معلولة ضعيفة، قد ذكرنا عللها في التمهيد.
ومن أحسن حديث ذهب إليه الكوفيون حديث أبي قلابة عن النعمان بن بشير،. . . ".
قلت: حديث أبي قلابة عن قبيصة، وعن النعمان، كلاهما حديث منكر، كما تقدم بيانه، وكلام ابن عبد البر في التمهيد أقرب لمذاهب المحدثين في ذلك، واللَّه أعلم.
قال في التمهيد (3/ 305) بعد حديث قبيصة والنعمان: "الأحاديث في هذا الوجه في بعضها اضطراب، تركت ذلك لشهرته عند أهل الحديث، ولكراهة التطويل، والمصير إلى حديث ابن عباس وعائشة من رواية مالك أولى؛ لأنهما أصح ما روي في هذا الباب من جهة الإسناد، ولأن فيها زيادة في كيفية الصلاة يجب قبولها، واستعمال فائدتها،