المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ 22)].* * *252 -باب ما يقرأ في الأضحى والفطر - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ١٢

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌230 - باب رفع اليدين على المنبر

- ‌231 - باب إقصار الخُطَب

- ‌232 - باب الدنو من الإمام عند الموعظة

- ‌233 - باب الإمام يقطع الخطبة للأمر يحدث

- ‌234 - باب الاحتباء والإمام يخطب

- ‌235 - باب الكلام والإمام يخطب

- ‌236 - باب استئذانِ المحدثِ الإمامَ

- ‌237 - باب إذا دخل الرجل والإمام يخطب

- ‌238 - باب تخطِّي رقاب الناس يوم الجمعة

- ‌239 - باب الرجل ينعس، والإمام يخطب

- ‌240 - باب الإمام يتكلم بعدما ينزل من المنبر

- ‌241 - باب من أدرك من الجمعة ركعة

- ‌242 - باب ما يُقرأُ به في الجمعة

- ‌243 - باب الرجل يأتم بالإمام وبينهما جدار

- ‌244 - باب الصلاة بعد الجمعة

- ‌245 - باب صلاة العيدين

- ‌246 - باب وقت الخروج إلى العيد

- ‌247 - باب خروج النساء في العيد

- ‌248 - باب الخطبة يوم العيد

- ‌249 - باب يخطب على قوس

- ‌250 - باب ترك الأذان في العيد

- ‌251 - باب التكبير في العيدين

- ‌ 22)].* * *252 -باب ما يُقرَأ في الأضحى والفطر

- ‌253 - باب الجلوس للخطبة

- ‌254 - باب الخروج إلى العيد في طريق ويرجع في طريق

- ‌255 - باب إذا لم يخرج الإمام للعيد من يومه

- ‌256 - باب الصلاة بعد صلاة العيد

- ‌257 - باب يصلي بالناس [العيد] في المسجد إذا كان يومَ مطرٍ

- ‌ومن آداب العيد التي لم يتطرق إليها أبو داود أكل تمرات قبل الغدو لصلاة عيد الفطر

- ‌ومما روي مرفوعًا في التكبير ليلة العيد وأيام التشريق دبر الصلوات المكتوبات

- ‌258 - جماع أبواب صلاة الاستسقاء وتفريعها

- ‌259 - باب في أيِّ وقتٍ يحوِّلُ رداءه إذا استسقى

- ‌260 - باب رفع اليدين في الاستسقاء

- ‌261 - باب صلاة الكسوف

- ‌262 - باب من قال أربع ركعات

- ‌263 - باب القراءة في صلاة الكسوف

- ‌264 - باب يُنادَى فيها بالصلاة

- ‌265 - باب الصدقة فيها

- ‌266 - باب العتق فيها

- ‌267 - باب من قال: يركع ركعتين

- ‌268 - باب الصلاة عند الظلمة ونحوها

- ‌269 - باب السجود عند الآيات

- ‌تفريع أبواب صلاة السفر

- ‌270 - باب صلاة المسافر

الفصل: ‌ 22)].* * *252 -باب ما يقرأ في الأضحى والفطر

ذلك مالك، ومنها: أن عمل أكثر الأمة عليه، لا سيما عمل أهل الحرمين، وفقهاء المدينة، وفقهاء الصحابة في بعض الأمصار، قال البيهقي في السنن (3/ 291):"والحديث المسند مع ما عليه من عمل المسلمين أولى أن يتبع"، مع ما ذكره الشافعي في كلامه السابق ذكره، من كون ذلك كان في دار الهجرة والسُّنَّة وبين أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأن تكبير أبي هريرة عام لأنه بين ظهراني المهاجرين والأنصار وأهل العلم، واللَّه أعلم.

° ومما تجدر الإشارة إليه في آخر هذا الباب: أنه لا يصح حديث ولا أثر في رفع اليدين في تكبيرات العيد، وقد ذهب الشافعي وأحمد إلى الرفع، قياسًا على الرفع في التكبير حال القيام [الأم (1/ 237)، مسائل عبد اللَّه (478)، الأوسط لابن المنذر (4/ 282)، المحلى (5/ 83)، سنن البيهقي (3/ 293)، المجموع للنووي (5/‌

‌ 22)].

* * *

252 -

باب ما يُقرَأ في الأضحى والفطر

1154 -

. . . مالك، عن ضمرة بن سعيد المازني، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة بن مسعود؛ أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي: ماذا كان يقرأ به رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم في الأضحى والفطر؟ قال: كان يقرأ فيهما بـ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} ، و {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} .

* حديث صحيح

أخرجه مالك في الموطأ (1/ 252/ 494).

ومن طريقه: مسلم (891/ 14)، وأبو عوانة (16/ 330/ 20866 - إتحاف المهرة)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 475/ 2000)، وأبو داود (1154)، والترمذي (534)، وقال:"حسن صحيح"، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(3/ 62/ 504)، والنسائي في الكبرى (10/ 281/ 11486)، وابن حبان (7/ 60/ 2825)، وأحمد (5/ 217 - 218)، والشافعي في الأم (1/ 237) و (7/ 205)، وفي السنن (93)، وفي المسند (77 و 214)، وابن وهب في الجامع (216)، وعبد الرزاق (3/ 298/ 5703)، وجعفر الفريابي في أحكام العيدين (38 و 39)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 2173/ 283)، والطحاوي (1/ 414)، وأبو بكر النيسابوري في الزيادات على المزني (129 و 130)، والطبراني في الكبير (3/ 248/ 248)، والجوهري في مسند الموطأ (448)، والدارقطني (2/ 45)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (932)، وابن حزم في المحلى (5/ 82)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 294)، وفي الصغرى (1/ 258)، وفي المعرفة (3/ 42/ 1954)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 310/ 1107)، وقال:"هذا حديث صحيح"، وفي الشمائل (644).

ص: 220

رواه عن مالك: الشافعي، وعبد اللَّه بن مسلمة القعنبي (339)، ويحيى بن يحيى النيسابوري، ومعن بن عيسى، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد اللَّه بن يوسف التنيسي، وعبد اللَّه بن وهب، وأبو مصعب الزهري (589)، وقتيبة بن سعيد، وأبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد، وعبد الرزاق بن همام، ويحيى بن يحيى الليثي (494)، ويحيى بن بكير، وخالد بن مخلد القطواني، وسويد بن سعيد (190)، ومحمد بن الحسن الشيباني (236).

• وانظر فيمن وهم فيه على مالك: علل الدارقطني (6/ 301/ 1155).

* تابع مالكًا عليه:

فليح بن سليمان [وعنه: أبو عامر العقدي، ويونس بن محمد المؤدب، وسريج بن النعمان، وأبو أسامة حماد بن أسامة، ويحيى بن صالح الوحاظي]، وسفيان بن عيينة [وعنه: الحميدي، وأبو بكر ابن أبي شيبة، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وهناد بن السري، وعبد الرزاق بن همام، ومحمد بن منصور، ومحمد بن الصباح، ومحمد بن عبد اللَّه بن يزيد المقرئ، وعبد اللَّه بن وهب]، والضحاك بن عثمان [ولا يصح من حديثه، فإن شيخ أبي عوانة فيه: أبو عتبة الحجازي الحمصي أحمد بن الفرج: ضعفه أهل بلده: محمد بن عوف، وابن جوصاء، وغيرهما، وخفي أمره على الغرباء؛ فحسنوا الرأي فيه، وأهل بلد الرجل أعلم بحاله من غيرهم. انظر: اللسان (1/ 575) وغيره]:

عن ضمرة بن سعيد، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة، عن أبي واقد الليثي، قال: سألني عمر بن الخطاب عما قرأ به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في يوم العيد؟ فقلت: بـ {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} ، و {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1)} . لفظ فليح.

وفي حديث ابن عيينة: عن ضمرة بن سعيد، قال: سمعت عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة، يقول: خرج عمر يوم عيد، فسأل أبا واقد الليثي، وفي رواية: فأرسل إلى أبي واقد الليثي: بأي شيء كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في مثل هذا اليوم؟ قال: بقاف واقتربت.

أخرجه مسلم (891/ 15)، وأبو عوانة (16/ 330/ 20866 - إتحاف المهرة)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 475/ 2001)، والترمذي (534)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(3/ 62/ 503)، والنسائي في المجتبى (3/ 183 - 184/ 1567)، وفي الكبرى (2/ 303/ 1786) و (10/ 281/ 11487)، وابن ماجه (1282)، وابن خزيمة (2/ 346/ 1440) و (2/ 347/ 1440 م)، وأحمد (5/ 219)، وابن وهب في الجامع (216)، وعبد الرزاق (3/ 298/ 5703)، والحميدي (2/ 99/ 872)، وابن أبي شيبة (1/ 496/ 5726) و (7/ 319/ 36476)، وحرب الكرماني في مسائله (821)، وأبو يعلى (3/ 31/ 1443) و (3/ 34/ 1446) و (3/ 35/ 1447)، والطحاوي (1/ 413)، والطبراني في الكبير (3/ 248/ 3305 و 3306)، والبيهقي في السنن (3/ 294)، وفي الشعب (2/ 488/ 2488)، وأبو عبد اللَّه الفراوي في الأربعين حديثًا من المساواة بتخريج ابن عساكر (120 - 122).

ص: 221

• هكذا روى مالك وابن عيينة هذا الحديث عن ضمرة عن عبيد اللَّه؛ أن عمر، أو: خرج عمر، فرأى بعضهم ذلك مرسلًا؛ لعدم إدراك عبيد اللَّه لعمر [انظر: المراسيل (430)، تحفة التحصيل (217)]، بينما خالفهما فليح بن سليمان، وهو دونهما بكثير في الحفظ والضبط، فرواه متصلًا، وجعله عن أبي واقد، قال: سألني عمر؛ ولهذا:

قال ابن خزيمة: "لم يسند هذا الخبر أحدٌ أعلمه غير فليح بن سليمان، رواه مالك بن أنس وابن عيينة، عن ضمرة بن سعيد، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه، وقالا: إن عمر سأل أبا واقد الليثي".

وقال ابن عبد البر في التمهيد (16/ 328): "وقد زعم بعض أهل العلم بالحديث أن هذا الحديث منقطع؛ لأن عبيد اللَّه لم يلق عمر، وقال غيره: هو متصل مسند، ولقاء عبيد اللَّه لأبي واقد الليثي غير مدفوع، وقد سمع عبيد اللَّه من جماعة من الصحابة، ولم يذكر أبو داود في باب ما يقرأ به في العيدين إلا هذا الحديث، وهذا يدل على أنه عنده متصل صحيح".

وقال البيهقي في السنن: "قال الشافعي في رواية حرملة: هذا ثابت إن كان عبيد اللَّه لقي أبا واقد الليثي"، قال البيهقي:"وهذا لأن عبيد اللَّه لم يدرك أيام عمر ومسألته إياه، وبهذه العلة ترك البخاري إخراج هذا الحديث في الصحيح، وأخرجه مسلم لأن فليح بن سليمان رواه عن ضمرة عن عبيد اللَّه عن أبي واقد قال: سألني عمر رضي الله عنه؛ فصار الحديث بذلك موصولًا"، زاد في المعرفة:"وهذا يدلك على حسن نظر الشافعي، ومعرفته بصحيح الأخبار وسقيمها".

وقال ابن حزم: "عبيد اللَّه: أدرك أبا واقد الليثي، وسمع منه، واسمه الحارث بن عوف، ولم يصحَّ عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم شيء غير هذا"، وذكر معه فيما صح: حديث سمرة.

قلت: هذا الحديث مسند متصل حتى من حديث مالك وابن عيينة، وقد نظرت في حديث عبيد اللَّه بن عبد اللَّه في صحيح البخاري، وهو ممن يشترط ثبوت السماع، لا سيما سماع التابعي من الصحابي، فوجدت مروياتٍ كثيرة وقعت لعبيد اللَّه في الصحيح بهذه الصيغة التي ظاهرها الإرسال، كان يقول الزهري مثلًا: أخبرني عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة؛ أن عائشة قالت: لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم، أو يقول: أخبرني عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة بن مسعود؛ أن أبا هريرة قال: قام أعرابي فبال في المسجد، أو يقول: أخبرني عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة؛ أن عائشة وعبد اللَّه بن عباس، قالا: لما نزل برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، أو يقول: حدثنا عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة بن مسعود؛ أن أبا هريرة رضي الله عنه، قال: لما تُوفي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، أو يقول: عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة بن مسعود؛ أن أبا هريرة رضي الله عنه، قال: قال أبو بكر رضي الله عنه، أو يقول: أخبرني عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة بن مسعود؛ أن عبد اللَّه بن عباس رضي الله عنهما، قال: أقبلت وقد ناهزت الحلم، أو يقول: أخبرني عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة؛ أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: حدثنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم-

ص: 222

حديثًا طويلًا عن الدجال، أو يقول: عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة؛ أن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير [انظر على سبيل المثال لا الحصر: صحيح البخاري (198 و 220 و 435 و 436 و 1399 و 1456 و 1857 و 1882 و 1902 و 3099 و 4442 - 4444 و 5714 و 5754 و 6924 و 7132 و 7260 و 7286)]، وكان كثيرًا أيضًا ما يقول: عن فلان [من الصحابة] أنه قال، أو يقول: قال فلان؛ كذلك فإن كثيرًا من مروياته جاءت بالعنعنة، كما وقع السماع أيضًا صريحًا في مروياته.

قلت: فلما كثر استعمال هذه الصيغة الدالة على الإرسال كثيرًا في مرويات عبيد اللَّه، مع كون أصل الرواية التي مثلتُ بها متصلة من وجه آخر، أحببت أن أنبه على ذلك، وأن ما ظاهره الإرسال في مرويات عبيد اللَّه يحتاج إلى تأنٍ في الحكم عليه بالاتصال أو الانقطاع، فلا يحكم بانقطاعه لأول وهلة، بل نجمع الطرق حتى يظهر لنا وجه الصواب.

وأضرب على ذلك مثالًا:

فإذا نظرنا إلى حديث فاطمة بنت قيس في نفقة المبتوتة في صحيح مسلم (1480/ 41)، والذي يرويه عبيد اللَّه بصيغة دالة على الإرسال يقينًا؛ حيث يرويه معمر عن الزهري عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة؛ أن أبا عمرو بن حفص بن المغيرة خرج مع علي بن أبي طالب إلى اليمن، فأرسل إلى امرأته فاطمة بنت قيس بتطليقة،. . . الحديث، فهو هنا يحكي واقعة حدثت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يشهدها عبيد اللَّه يقينًا.

لكن وقعت هذه الرواية خارج الصحيح موصولة، فقد رواه معمر أيضًا، والزبيدي، وشعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة؛ أن عبد اللَّه بن عمرو بن عثمان طلَّق -وهو غلام شاب في إمارة مروان- ابنةَ سعيد بن زيد -وأمُّها بنت قيس- البتة، فأرسلت إليها خالتُها فاطمة بنت قيس،. . . فذكر حادثة وقعت في زمانه، وقد أدركها، ثم استطردت فاطمة فذكرت دليلها على فعلها الذي أنكره مروان، واحتجت حينئذ بواقعتها التي وقعت في زمن النبوة، وبذا يظهر أنه ليس ثمة انقطاع أو إرسال في رواية مسلم، وإنما هو اختصار من معمر نفسه، فهو الذي اختصر القصة ليأتي منها بموضع الشاهد، فأوهم الإرسال، واللَّه أعلم [أخرج الرواية المتصلة: أبو داود (2290)، والنسائي في المجتبى (6/ 62/ 3222) و (6/ 210/ 3552)، وفي الكبرى (5/ 155/ 5313) و (5/ 318/ 5715)، وأبو عوانة (3/ 180/ 4602)، وعبد الرزاق (7/ 22/ 12025)، والطبراني في الكبير (24/ 373/ 925)، وفي مسند الشاميين (4/ 213/ 3126)، والدارقطني في المؤتلف (2/ 801)، وانظر: غرر الفوائد (200)].

ومن ثم فإن جمع الطرق هو الذي يبين الانقطاع والاتصال في مثل ذلك، وحالتنا هذه قريبة من حديث فاطمة بنت قيس، فإن رواية فليح بن سليمان قد بينت الاتصال الذي أُخفي في رواية مالك وابن عيينة، ويمكن القول احتمالًا: أن ضمرة بن سعيد هو الذي فعل ذلك لأجل تقديم ذكر عمر لجلالته على ذكر أبي واقد، وإن كان هو راوي الحديث الذي سمعه

ص: 223

منه، أو لمعنى آخر رآه ضمرة، فرواية فليح إنما هي قرينة على ثبوت الاتصال، ولا نتعامل معها بطريقة الترجيح بين روايات الثقات وغيرهم، بحيث تصبح رواية فليح شاذة لمخالفتها لرواية من أهو أحفظ منه وأكثر عددًا، ويبدو لي أن مسلمًا استعمل هذا المنهج هنا، فاحتج برواية مالك، ثم أتبعها برواية فليح التي تزيل شبهة الإرسال، ولم أجد هذا الحديث فيما انتقده ابن عمار الشهيد على مسلم، ولا فيما تتبعه الدارقطني على الشيخين.

كما أن احتجاج مالك بهذا الإسناد المدني في موطئه دليل على اتصاله عنده، وكذلك احتجاج أبي داود والنسائي به دليل على اتصاله عندهما وإلا لأشارا إلى إرساله، وكذلك تصحيح الترمذي وابن حبان للحديث يدل دلالة صريحة على اتصاله عندهما، وحيث صرح ابن حزم بسماع عبيد اللَّه من أبي واقد؛ فقد صار الحديث ثابتًا عند الشافعي، وقد احتج به أيضًا ابن المنذر، ورآه البيهقي موصولًا، واللَّه أعلم.

قال الترمذي: "أبو واقد الليثي: اسمه الحارث بن عوف".

* وله طريق أخرى عن أبي واقد الليثي:

يرويها سعيد بن كثير بن عفير، قال: أخبرنا ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، عن أبي واقد الليثي، وعائشة رضي الله عنها؛ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلى بالناس يوم الفطر والأضحى، فكبر في الأولى سبعًا، وقرأ:{ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1)} وفي الثانية خمسًا، وقرأ:{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1)} .

تقدم ذكره تحت الحديث رقم (1150)، وهو حديث ضعيف مضطرب.

* وفي الباب أيضًا:

1 -

حديث النعمان بن بشير:

يرويه إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه، عن حبيب بن سالم، عن النعمان بن بَشير؛ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين ويومَ الجمعة بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} ، و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1)} ، قال: وربما اجتمعا في يومٍ واحدٍ، فقرأ بهما.

أخرجه مسلم (878/ 62)، وقد تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (1073)، وقد مرَّ في السنن برقم (1122).

2 -

حديث سمرة بن جندب:

يرويه شعبة، والثوري، والمسعودي:

عن معبد بن خالد، عن زيد بن عقبة، عن سمرة بن جندب؛ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} ، و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1)} .

وقد تقدم تخريجه برقم (1125)، وهو حديث صحيح.

3 -

حديث ابن عباس:

يرويه سفيان الثوري، ووكيع بن الجراح، وابن جريج، وأبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد، وعبيد اللَّه بن موسى:

ص: 224

عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن ابن عباس؛ كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين؛ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب، و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} ، وفي الثانية بفاتحة الكتاب، و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1)} .

أخرجه ابن ماجه (1283)، وعبد الرزاق (3/ 298/ 5705)، وابن أبي شيبة (1/ 497/ 5732)، وعبد بن حميد (687)، والطحاوي (1/ 413). وخيثمة الأطرابلسي في حديثه (196)، والطبراني في الكبير (10/ 323/ 10788)، وابن عبد البر في التمهيد (16/ 329)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (36/ 216).

وهذا إسناد مدني ضعيف، اشتهر عند أهل الكوفة وغيرهم، وموسى بن عبيدة الربذي المدني: ضعيف، صالح في المتابعات، إلا فيما يرويه عن عبد اللَّه بن دينار، فقد روى عنه مناكير [راجع ترجمته تحت الحديث رقم (831) (9/ 252 - فضل الرحيم)]، وهو حديث حسن في الشواهد.

* وروى أبو عامر [العقدي، عبد الملك بن عمرو: ثقة]، قال: نا أيوب بن سيار، عن يعقوب بن زيد، عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين بـ {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1)} ، {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1)} .

أخرجه البزار (11/ 95/ 4808).

وسنده واهٍ؛ أيوب بن سيار: متروك، منكر الحديث [اللسان (2/ 243)].

4 -

حديث أنس بن مالك:

يرويه يزيد بن هارون، وأبو داود الطيالسي:

قال يزيد: أخبرنا عمارة [بن زاذان] الصيدلاني، [زاد في رواية الطيالسي: كنا عند ثابت وعنده شيخ، فذكرنا ما يُقرأ في العيدين، فقال الشيخ: صحبت أنس بن مالك إلى الزاوية يوم عيد، وإذا مولى له يصلى بهم]، عن مولى لأنس قد سماه، قال: انتهيت مع أنس يوم العيد، حتى انتهينا إلى الزاوية، فإذا مولى له يقرأ في العيد بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} ، و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1)} ، فقال أنس: إنهما للسورتان اللتان قرأ بهما رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. كذا في رواية يزيد [عند ابن أبي شيبة]، وفي رواية الطيالسي:{وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1)} ، بدل: و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1)} ، وفي آخرها: قال أنس: لقد قرأ بالسورتين اللتين قرأ بهما رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في العيد.

أخرجه الطيالسي (3/ 527/ 2159)، وابن أبي شيبة (1/ 497/ 5734).

قلت: وهذا حديث منكر؛ راويه عن أنس مبهم، وعمارة بن زاذان الصيدلاني: صدوق، كثير الخطأ، قال أحمد:"يروي عن ثابت عن أنس: أحاديث مناكير"[التهذيب (3/ 210)، شرح العلل (2/ 692)، التقريب (450)].

5 -

حديث أنس:

روى الطبراني في الدعاء (2179)، وفي الأوسط (7/ 320/ 7619)، وفي الأحاديث

ص: 225

الطوال (27)، وابن عدي في الكامل (6/ 458) (10/ 95/ 16834 - ط. الرشد):

بإسنادين مجهولين، إلى مجاشع بن عمرو: ثنا ابن لهيعة، عن عقيل بن خالد، عن الزهري، عن أنس بن مالك، قال: قحط الناس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأتاه المسلمون،. . . فذكر حديثًا طويلًا في الاستسقاء، وفيه: وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين والاستسقاء في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} ، وفي الركعة الثانية بفاتحة الكتاب و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1)} .

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن الزهري إلا عقيل، ولا عن عقيل إلا ابن لهيعة، ولا عن ابن لهيعة إلا مجاشع بن عمرو، تفرد به شاذان".

وقال ابن عدي: "وهذا لم أسمعه إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد".

قلت: وهذا حديث باطل موضوع؛ مجاشع بن عمرو: قال ابن معين: "قد رأيته، أحد الكذابين"، وقال ابن حبان:"كان ممن يضع الحديث على الثقات، ويروي الموضوعات عن أقوام ثقات"[اللسان (6/ 461)، تاريخ الإسلام (11/ 335)، ضعفاء العقيلي (4/ 264)، الجرح والتعديل (8/ 390)، المجروحين (3/ 18)، الكامل (6/ 458)].

• وقد تركت ذكر الموقوفات والمراسيل.

* وأما ما يرويه في خلاف ذلك:

القاسم بن مالك أبو جعفر [المزني]، عن حنظلة [بن عبد اللَّه] السدوسي، عن شهر بن حوشب، عن ابن عباس، قال: صلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم العيد ركعتين، لا يقرأ فيهما إلا بأم الكتاب، لم يزد عليها شيئًا.

أخرجه أحمد (1/ 243)(2/ 539/ 2208 - ط. المكنز)، وأبو يعلى (4/ 434/ 2561)، والطبراني في الكبير (12/ 249/ 13016) [ووقع عنده: عن حنظلة بن أبي سفيان، وهو وهم].

فهو حديث منكر؛ ولم يرِد قيد العيد إلا في رواية أحمد، وقد رواه جماعة عن حنظلة بدون هذا القيد، والقاسم بن مالك المزني: صدوق، ليَّنه أبو حاتم [التهذيب (3/ 419)]، لكن الشأن ليس فيه، وإنما الشأن في حنظلة.

* فقد رواه أبو بحر البكراوي عبد الرحمن بن عثمان [ضعيف، يكتب حديثه]: ثنا حنظلة السدوسي: ثنا شهر بن حوشب، عن ابن عباس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين لم يزد فيهما على فاتحة الكتاب.

أخرجه البزار (1/ 239/ 490 - كشف الأستار)، وابن عدي في الكامل (2/ 422)، ومن طريقه: البيهقي (2/ 61).

قال البزار: "لا نعلم أحدًا رفعه غير ابن عباس، ولا عنه إلا شهر، ولا عنه إلا حنظلة، وشهر تكلم فيه جماعة من أهل العلم، ولا نعلم أحدًا ترك حديثه".

قلت: ليس الشأن في شهر بن حوشب؛ إنما الشأن في حنظلة الذي اضطرب

ص: 226

في إسناده ومتنه، فإنه مرة يرويه عن شهر، ومرة يرويه عن عكرمة:

* فقد رواه عبد الملك بن الخطاب بن عبيد اللَّه بن أبي بكرة [روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن القطان: "حاله مجهولة"، وقد روى له البخاري في الأدب المفرد، وقال ابن حجر: "مقبول"، وحديثه هذا قد توبع عليه. التهذيب (2/ 612)، الميزان (2/ 654)، بيان الوهم (3/ 232/ 961)]، وعبد الوارث بن سعيد [ثقة ثبت]:

عن حنظلة السدوسي، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاة لم يقرأ فيها إلا بفاتحة الكتاب. لفظ عبد الملك.

وقال عبد الوارث: حدثنا حنظلة السدوسي، قال: قلت لعكرمة: إني أقرأ في صلاة المغرب بـ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)} ، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)} ، وإن ناسًا يعيبون ذلك عليَّ، فقال:[سبحان اللَّه!] وما بأس بذلك؟ اقرأهما فإنهما من القرآن، ثم قال: حدثني ابن عباس؛ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جاء فصلى ركعتين لم يقرأ فيهما إلا بأم الكتاب ألم يزد على ذلك شيئًا] [عند أحمد وغيره].

أخرجه ابن خزيمة (1/ 258/ 513)، وأحمد (1/ 282)(2/ 626/ 2591 - ط. المكنز)، ومسدد في مسنده (2/ 164/ 1257 - إتحاف الخيرة)، والحارث بن أبي أسامة (2/ 164/ 1257 - إتحاف الخيرة)(175 - بغية الباحث)، وابن الضريس في فضائل القرآن (275)، وابن عدي في الكامل (2/ 422)، وأبو طاهر المخلص في الرابع من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (40)(655 - المخلصيات)، وأبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (1/ 130)، والبيهقي في السنن (2/ 61)، وفي القراءة خلف الإمام (14)، والخطيب في التاريخ (11/ 424).

قلت: هذا حديث منكر، وحنظلة السدوسي: ضعيف، اختلف في اسم أبيه، قال أحمد:"منكر الحديث، يحدث بأعاجيب"، وقال مرة:"ضعيف الحديث، يروي عن أنس أحاديث منكرة"، وكان قد اختلط، ولم يتميز حديثه [التهذيب (1/ 505)، ضعفاء العقيلي (1/ 289)، الجرح والتعديل (3/ 240)، المجروحين (1/ 267)، الكواكب النيرات (15)][وانظر أيضًا: إتحاف المهرة (1/ 671/ 1061)].

قال ابن عدي بعد إيراد حديثه هذا في ترجمته: "ولحنظلة غير ما ذكرت من الحديث عن أنس وعن عكرمة وعن شهر بن حوشب وغيرهم، وإنما أنكر من أنكر رواياته لأنه كان قد اختلط في آخر عمره، فوقع الإنكار في حديثه بعد اختلاطه".

° قال عبد اللَّه بن أحمد في مسائله لأبيه (483 و 484): "سألت أبي: ما يقرأ به في صلاة العيد؟

قال: ما روي عن سمرة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العبد بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} ، و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1)} ، وكذلك روي عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم في الجمعة أيضًا، قال: سمعت أبي يقول: يروى عن أبي واقد الليثي أن عمر سأله: ما

ص: 227