الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
269 - باب السجود عند الآيات
1197 -
. . . يحيى بن كثير: حدثنا سلم بن جعفر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، قال: قيل لابن عباس: ماتت فلانة -بعض أزواج صلى الله عليه وسلم فخرَّ ساجدًا، فقيل له: تسجد هذه الساعة؟ فقال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم آيةً فاسجدوا"، وأيُّ آيٍة أعظمُ من ذَهاب أزواجِ النبي صلى الله عليه وسلم.
* حديث غريب
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (4/ 158)، والترمذي (3891)، والبيهقي (3/ 343)، والضياء في المختارة (11/ 321 و 323/ 322 و 324).
رواه عن أبي غسان يحيى بن كثير العنبري [وهو: ثقة]: محمد بن عثمان بن أبي صفوان الثقفي، وعباس بن عبد العظيم العنبري، وإبراهيم بن محمد بن عرعرة بن البرند السامي [وهم: ثقات، والأخيران: حافظان] [والأخير نسب إلى جده، وتحرفت عرعرة إلى عزرة، فقال: إبراهيم بن عزرة، واللَّه أعلم].
ووقع في رواية عباس [عند الترمذي]: "قيل لابن عباس بعد صلاة الصبح"، وهو يبين وجه الإنكار عليه بقول القائل: أتسجد هذه الساعة؟
قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه".
وصحح إسناده النووي في الخلاصة (3061).
* قلت: هو كما ذهب إليه الترمذي من تضعيف هذا الحديث؛ لغرابة إسناده، وعدم احتمال رواته هذا التفرد، فقد تفرد به عن عكرمة: الحكم بن أبان العدني، وعن الحكم: سلم بن جعفر.
أما الحكم بن أبان العدني؛ فهو: صدوق، فيه لين، وله أوهام وغرائب، ويتفرد عن عكرمة بما لا يتابع عليه [راجع ترجمته وشيئًا من غرائبه: فضل الرحيم الودود (6/ 547/ 590) و (7/ 522/ 688) و (8/ 86/ 717)].
وأما سلم بن جعفر البكراوي: فليس بذاك المشهور، ولا يكاد يُعرف له سوى ثلاثة أحاديث هذا أحدها، وقد أورد له البخاري في تاريخه الكبير حديثين هذا أحدهما، وأخرج له الترمذي (3279) حديثًا ثالثًا، وقد وثقه الراوي عنه: يحيى بن كثير العنبري [كما عند الترمذي وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل وغيرهما]، وذكره ابن حبان في الثقات، ولم ينقُل توثيقَ ابن المديني له سوى ابن شاهين في ثقاته، فاللَّه أعلم، وقال الأزدي:"متروك الحديث، لا يحتج به"[التاريخ الكبير (4/ 158)، والجرح والتعديل (4/ 265)، والثقات (8/ 297)، وتاريخ أسماء الثقات (480)، والتهذيب (2/ 64)].
قلت: وهذا الحديث إنما يُعرف بسلم بن جعفر البكراوي عن الحكم بن أبان، وعنه اشتهر، ولا يتابعه عليه إلا جماعة من المتروكين والمتهمين ممن لا يُعتبر بحديثهم:
* فقد رواه إبراهيم بن الحكم بن أبان: حدثني أبي، عن عكرمة، قال: سمعنا صوتًا بالمدينة، فقال لي ابن عباس: يا عكرمة! انظر ما هذا الصوت؟ قال: فذهبت فوجدت صفية بنت حيي امرأة النبي صلى الله عليه وسلم قد توفيت، قال: فجئت إلى ابن عباس، فوجدته ساجدًا ولما تطلع الشمس، فقلت له: سبحان اللَّه تسجد ولم تطلع الشمس بعد، فقال: يا لا أم لك! أليس قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم آيةً فاسجدوا"، فأيُّ آيةٍ أعظمُ من أن يخرجن أمهاتُ المؤمنين من بين أظهرنا ونحن أحياء.
أخرجه ابن حبان في المجروحين (1/ 114)، والبيهقي (3/ 343)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 397/ 1156)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 473/ 812)، والمزي في التهذيب (11/ 216).
قال ابن حبان: "وقد روى هذا عن الحكم بن أبان: حفص بن عمر العدني، وخالد بن يزيد العمري، وهما: ضعيفان واهيان أيضًا".
وقال البغوي: "هذا حديث حسن غريب، وإبراهيم بن الحكم بن أبان العدني من أهل اليمن: سكتوا عنه، قال يحيى بن معين: هو ضعيف".
وقال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يصح"، ثم ضعف رواته.
قلت: إبراهيم بن الحكم بن أبان العدني: ليس بثقة، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه، كان يوصل المراسيل عن أبيه [التهذيب (1/ 63)].
وحفص بن عمر بن ميمون العدني: ضعيف، قال العقيلي:"يحدث بالأباطيل"، وقال ابن عدي:"عامة حديثه غير محفوظ"[التهذيب (2/ 374)].
وخالد بن يزيد العدوي العمري: كذاب، ذاهب الحديث [اللسان (3/ 345)].
وعلى هذا: فإن هذه المتابعات الثلاث واهية، لا تعضد رواية سلم بن جعفر، ويبقى حديث سلم بن جعفر غريبًا، إذ هو ممن يصلح حديثه في المتابعات، وقد تفرد بهذا الحديث عن الحكم بن أبان العدني، واللَّه أعلم.
• ويحتمل أن يكون أصل هذا الحديث، ما ثبت عن ابن عباس في الكسوف، من قول النبي صلى الله عليه وسلم:"إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فاذكروا اللَّه"[تقدم تحت الحديث رقم (1181)]، واللَّه أعلم.
• وقد سبق أن ذكرت ما ثبت عن ابن عباس؛ أنه صلى في الزلزلة بالبصرة، ست ركعات وأربع سجدات، تحت الحديث رقم (1183).
وأما ما رواه هشام الدستوائي، عن قتادة، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن عائشة، قالت: صلاة الآيات ستُّ ركعاتٍ في أربعٍ سجداتٍ.
فهو معلول بما رواه ابن جريج عن عطاء، وتقدم الكلام عليه مفصلًا برقم (1177).
• وتقدم الكلام أيضًا على حديث أبي الدرداء في الفزع إلى المسجد عند اشتداد الريح، في آخر الشواهد تحت الحديث رقم (1195)، وأنه حديث منكر.
راجع: الفتح لابن رجب (6/ 323)، والفتح لابن حجر (2/ 521).
* * *