الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صحيح، بل إنما فيه آثار عن الصحابة ومن بعدهم، وعمل المسلمين عليه، وهذا مما يدل على أن بعض ما أجمعت الأمة عليه لم ينقل إلينا فيه نص صريح عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل يكتفى بالعمل به".
* * *
258 - جماع أبواب صلاة الاستسقاء وتفريعها
1161 -
. . . عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عباد بن تميم، عن عمه؛ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خرج بالناس يستسقي، فصلى بهم ركعتين، جهر بالقراءة فيهما، وحوَّل رداءه، ورفع يديه، فدعا واستسقى، واستقبل القبلة.
* حديث صحيح، متفق عليه من حديث الزهري
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (3/ 83/ 4889)، ومن طريقه: أبو داود (1161)، والترمذي (556)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(3/ 100/ 523)، وأبو عوانة (2/ 108/ 2478)، وابن خزيمة (2/ 333/ 1410)، وابن الجارود (255)، وأحمد (4/ 39)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 319/ 2222)، وفي الإقناع (1/ 125/ 28)، وأبو بكر النيسابوري في الزيادات على المزني (133)، والطبراني في الدعاء (2199 و 2206)، والدارقطني (2/ 67)، والبيهقي في السنن (3/ 347)، وفي المعرفة (3/ 95/ 2000)، وابن عبد البر في التمهيد (17/ 171)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 399/ 1158)، وفي الشمائل (654).
رواه عن عبد الرزاق: أحمد بن حنبل، وأحمد بن محمد بن ثابت الخزاعي المروزي [واللفظ له]، ومحمد بن يحيى الذهلي، ويحيى بن موسى البلخي، وأحمد بن يوسف بن خالد السلمي النيسابوري، وأبو الأزهر أحمد بن الأزهر العبدي النيسابوري، والحسن بن يحيى بن الجعد أبو علي بن أبي الربيع، وإسحاق بن إبراهيم الدبري [وهم ثقات أكثرهم حفاظ، من أصحاب عبد الرزاق، بل ومن قدماء أصحابه، عدا الأخير فمتكلم فيه].
قال الترمذي: "حديث حسن صحيح".
وقال البغوي: "هذا حديث متفق على صحته، أخرجاه من طرق عن الزهري".
قال ابن عبد البر: "أحسن الناس سياقة لهذا الحديث معمر عن الزهري".
قلت: وهو أثبت من روى هذا الحديث عن الزهري، وظاهر روايته تقديم الصلاة على الدعاء والاستسقاء وتحويل الرداء.
* * *
1162 -
قال أبو داود: حدثنا ابن السرح، وسليمان بن داود، قالا: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن أبي ذئب، ويونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عباد بن تميم المازني؛ أنه سمع عمه -وكان من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، يقول: خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يومًا يستسقي، فحوَّل إلى الناس ظهره، يدعو اللَّه عز وجل.
قال سليمان بن داود: واستقبل القبلة، وحوَّل رداءه، ثم صلى ركعتين.
قال ابن أبي ذئب: وقرأ فيهما، زاد ابن السرح: يريد الجهر.
* حديث صحيح، متفق عليه من حديث الزهري
أخرجه ابن وهب في الجامع (211)، ومن طريقه: مسلم (4/ 894)[لم يذكر ابن أبي ذئب]. وأبو عوانة (2/ 108/ 2475)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 479/ 2013)، وأبو داود (1162)، والنسائي في المجتبى (3/ 163/ 1519)، وفي الكبرى (2/ 317/ 1823)، وابن حبان (7/ 116/ 2866)[لم يذكر ابن أبي ذئب]. والطبراني في الدعاء (2199)، والبيهقي (3/ 349)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 400/ 1159)، وقال:"هذا حديث متفق على صحته".
رواه عن ابن وهب جماعة من ثقات أصحابه: أبو الطاهر أحمد بن عمرو ابن السرح، وأبو الربيع سليمان بن داود المهري، وحرملة بن يحيى، والحارث بن مسكين، ويونس بن عبد الأعلى، وسعيد بن الحكم بن أبي مريم، وبحر بن نصر بن سابق المصري، وأحمد بن عيسى بن حسان المصري.
هكذا رواه ابن وهب عن ابن أبي ذئب، ويونس بن يزيد الأيلي، بتقديم الدعاء وتحويل الرداء على الصلاة، بحرف العطف "ثم" الدال على الترتيب.
* ورواه أبو نعيم الفضل بن دكين، وآدم بن أبي إياس، وعثمان بن عمر بن فارس، وسفيان الثوري [وعنه: يحيى بن آدم، ومؤمل بن إسماعيل]، والوليد بن مسلم، وأبو عامر العقدي عبد الملك بن عمرو، وأبو داود الطيالسي، والقاسم بن يزيد الجرمي، وأبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد، ومحمد بن إسماعيل بن أبي فديك، وخالد بن عبد الرحمن الخراساني، وأسد بن موسى، ويزيد بن هارون، وشبابة بن سوار، وأبو معاوية محمد بن خازم الضرير:
عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن عباد بن تميم، عن عمه [عبد اللَّه بن زيد]، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يومَ خرج يستسقي، قال: فحوَّل إلى الناس ظهره، واستقبل القبلة يدعو، ثم حوَّل رداءه، ثم صلى لنا ركعتين، جهر فيهما بالقراءة.
أخرجه البخاري (1024 و 1025)، وأبو عوانة (2/ 108/ 2476 و 2477)، والنسائي
في المجتبى (3/ 157/ 1509) و (3/ 164/ 1522)، وفي الكبرى (2/ 318/ 1825) و (2/ 323/ 1840)، وابن خزيمة (2/ 337/ 1420)، وابن حبان (7/ 115/ 2864) و (7/ 116/ 2865)، وأحمد (4/ 39 و 41)، والطيالسي (2/ 423/ 1196)، وابن أبي شيبة (2/ 221/ 8340) و (7/ 315/ 36431)، وعبد بن حميد (516)، وابن شبة في أخبار المدينة (1/ 93/ 422)، والطحاوي (1/ 325 - 326)، وابن حزم في المحلى (5/ 94)، وابن عبد البر في الاستذكار (2/ 426).
قال البيهقي: "ورواه الثوري ويزيد بن هارون وعثمان بن عمر وأبو داود الطيالسي، عن ابن أبي ذئب، دون قوله: ثم، وكذلك رواه سفيان بن عيينة عن الزهري دون كلمة ثم، ورواه معمر عن الزهري فوصف الصلاة أولًا، ثم وصف تحويل الرداء والدعاء، واللَّه أعلم".
قلت: هكذا رواه عن ابن أبي ذئب، بتقديم الدعاء وتحويل الرداء على الصلاة، بحرف العطف "ثم" الدال على الترتيب: أبو نعيم، وآدم بن أبي إياس، وأبو داود الطيالسي، وشبابة بن سوار، والوليد بن مسلم، وابن أبي فديك، وخالد بن عبد الرحمن، وأسد بن موسى.
ورواه عن ابن أبي ذئب، دون قوله:"ثم"، لكن باستعمال حرف الواو للعطف، دون بيان الترتيب: يزيد بن هارون، وعثمان بن عمر بن فارس، وأبو معاوية الضرير.
وأما أبو عاصم النبيل فلم يذكر في روايته الدعاء، وإنما اكتفى بذكر استقبال القبلة وتحويل الرداء، ثم عقبه بقوله: فصلى ركعتين يجهر فيهما بالقرآن.
ورواه سفيان الثوري، وأبو عامر العقدي، والقاسم بن يزيد الجرمي، مختصرًا، مع تأخير الصلاة أيضًا، وعطفها بالواو.
ولفظ أبي عامر العقدي والقاسم بن يزيد الجرمي: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يستسقي، فجعل الناسَ وراء ظهره، وصلى بهم ركعتين، جهر فيهما بالقراءة.
قلت: ورواية الجماعة ممن حفظ وزاد وضبط الرواية؛ حجةٌ على من لم يحفظ، أو اختصر الحديث، واللَّه أعلم.
يبقى أن أقول بأن يونس بن يزيد الأيلي وإن كان ثقة، إلا أن له أوهامًا على الزهري، وكذلك ابن أبي ذئب؛ فإن في روايته عن الزهري شيء، ورواية معمر مقدَّمة على روايتهما مجتمعة، إلا أن يتابعا متابعة قوية:
* * *
1163 -
قال أبو داود: حدثنا محمد بن عوف، قال: قرأت في كتاب عمرو بن الحارث -يعني: الحمصي-، عن عبد اللَّه بن سالم، عن الزُّبيدي، عن محمد بن مسلم، بهذا الحديث بإسناده، لم يذكر الصلاة، قال: وحوَّل رداءه، فجعل عِطافَه
الأيمنَ على عاتقه الأيسرِ، وجعل عِطافَه الأيسرَ على عاتقه الأيمنِ، ثم دعا اللَّه عز وجل.
* غريب من حديث الزبيدي
أخرجه من طريق أبي داود: البيهقي (3/ 350).
وأخرجه عن محمد بن عوف الحمصي: أبو عوانة (2/ 122/ 2521).
قال أبو عوانة في مستخرجه: حدثنا محمد بن عوف الحمصي، قال: وجدت في كتاب عمرو بن الحارث، عن عبد اللَّه بن سالم، عن الزبيدي، عن الزهري، قال: أخبرني عباد بن تميم، عن عمه؛ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خرج يومًا فاستسقى، فحوَّل إزاره، فجعل عطافه الأيمن على عاتقه الأيسر، وجعل عطافه الأيسر على عاتقه الأيمن، ثم دعا اللَّه.
قلت: محمد بن الوليد بن عامر الزبيدي الحمصي: ثقة ثبت، من أثبت الناس في الزهري، صحبه عشر سنين، قدمه الأوزاعي على أصحاب الزهري، وقدمه أبو حاتم في الزهري على معمر [التهذيب (3/ 723)، وشرح علل الترمذي (2/ 671)]، لكن الشأن في ثبوت الرواية عنه؛ قال الجوزجاني:"فإذا صحت الرواية عن الزبيدي؛ فهو من أثبت الناس فيه"[شرح علل الترمذي (2/ 674)]، ولا أُراه يثبت من حديثه؛ فإن هذه الزيادة التي تفرد بها الزبيدي تدل على وقوع وهم في روايته، ومن ثم فيبعد أن يكون هذا من حديث الزبيدي؛ فغن أصحاب الزهري لم يذكروا صفة تحويل الرداء، بجعل عطافه الأيمن على عاتقه الأيسر، وجعل عطافه الأيسر على عاتقه الأيمن، وإنما اقتصر أصحاب الزهري عن ذكر تحويل الرداء دون صفته.
وقد تفرد به عن الزبيدي دون بقية أصحابه الثقات: عبد اللَّه بن سالم الأشعري الحمصي، وهو: ليس به بأس؛ وتفرد به عن عبد اللَّه بن سالم: عمرو بن الحارث بن الضحاك الزبيدي الحمصي: روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي في الميزان (3/ 251):"عن عبد اللَّه بن سالم الأشعري فقط، وله عنه نسخة، تفرد بالرواية عنه: إسحاق بن إبراهيم بن زبريق، ومولاة له اسمها علوة، فهو غير معروف العدالة، وابن زبريق: ضعيف"، قلت: ولعل قول ابن حبان عنه في الثقات (8/ 485): "مستقيم الحديث"، وقوله عنه في صحيحه (13/ 466/ 6100):"حمصي ثقة"؛ يحمل على بعض مروياته التي سبرها ابن حبان فوجدها مستقيمة في متونها، ووثقه لأجلها، وإلا فإن له أوهامًا [راجع الكلام على رجال هذا الإسناد فيما تقدم في فضل الرحيم الودود (3/ 101/ 226) و (7/ 287/ 653) و (10/ 178/ 936)].
ثم إن هذه وجادة، ولا ندري هل كان كتاب عمرو بن الحارث الحمصي هذا محفوظًا عن الزيادة والنقصان، أم لا؟ لاسيما وهو غير معروف العدالة، كما قال الذهبي، ولا مشهور بالرواية عند أهل بلده، ولا خارجها، فهو حديث فريب من حديث الزبيدي، واللَّه أعلم.
* ورواه أيضًا عن الزهري:
1 -
شعيب بن أبي حمزة [ثقة، من أثبت الناس في الزهري]، عن الزهري، قال: حدثني عباد بن تميم؛ أن عمه -وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أخبره؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج بالناس يستسقي لهم، فقام فدعا اللَّه قائمًا، ثم توجَّه قِبَل القبلة، وحوَّل رداءه، فأُسقُوا.
وفي رواية: أنه رأى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء استقبل القبلة، وقلب الرداء، ورفع يديه.
أخرجه البخاري (1023)، وأبو عوانة (2/ 109/ 2479)، والنسائي في المجتبى (3/ 158/ 1512)، وفي الكبرى (2/ 319/ 1829)، والدارمي (1/ 433/ 1534)، وابن خزيمة (2/ 339/ 1424)، وأحمد (4/ 40)، والطحاوي (1/ 323)، والدارقطني (2/ 67)، والبيهقي (3/ 349 - 250)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 400/ 1160)، وقال:"هذا حديث صحيح".
قال ابن خزيمة: "ليس في شيء من الأخبار أعلمه "فأسقوا" إلا في خبر شعيب بن أبي حمزة".
قلت: شعيب من الطبقة الأولى من أصحاب الزهري، قال ابن معين:"شعيب من أثبت الناس في الزهري، كان كاتبًا له"، وقال مرة:"شعيب بن أبي حمزة: أعلم بالزهري من عقيل ويونس وصالح بن كيسان"[تاريخ الدوري (479)، وسؤالات ابن الجنيد (148 و 156 و 543 و 545)، وسؤالات ابن محرز (1/ 120 و 121/ 590 - 592)، والجرح والتعديل (4/ 226 و 344) و (7/ 43) و (8/ 256) و (9/ 248)، وتاريخ دمشق (23/ 98)، والتهذيب (2/ 172)]؛ فهو ممن تُقبل زيادته عن الزهري.
° ولم يذكر شعيب في حديثه ركعتي الاستسقاء، وإنما اقتصر على ذكر الدعاء والرفع فيه والقيام، واستقبال القبلة، وتحويل الرداء.
وعلى هذا فليس في روايته متابعة لرواية يونس وابن أبي ذئب، في تقديم الدعاء وتحويل الرداء على الصلاة، وبهذا تقدَّم رواية معمر بن راشد، وظاهر روايته: تقديم الصلاة على الدعاء والاستسقاء وتحويل الرداء، ومعمر: أثبت من روى هذا الحديث عن الزهري، ويقويه من جهة المعنى: تقديم العمل الصالح بين يدي الدعاء، ليكون أرجى لقبوله، وتوسلًا به لإجابة الدعاء.
2 -
صالح بن أبي الأخضر [ضعيف، وهو من الطبقة الثالثة من أصحاب الزهري، والراوي عنه: سكن بن نافع: روى عنه أحمد، وقال ابن معين في رواية ابن الجنيد: "ثقة"، وقال في رواية ابن محرز: "ليس به بأس، صدوق"، وقال أبو حاتم: "شيخ"، وثقه الدارقطني. سؤالات ابن الجنيد (791)، وسؤالات ابن محرز (1/ 82/ 258)، والجرح والتعديل (4/ 288)، وسؤالات السلمي (163)، والتعجيل (392)، والثقات لابن قطلوبغا (5/ 49)]، وبحر بن كنيز السقاء [متروك]:
عن الزهري، عن عباد بن تميم الأنصاري، أنه سمع عمه -وكان من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فاستسقى، ثم توجه قبل القبلة، وحوَّل الى الناس ظهره يدعو، وحوَّل رداءه، وصلى ركعتين. لفظ صالح.
أخرجه أحمد (4/ 41)، وأبو القاسم الحامض في المنتقى من الأول من حديثه (46).
قال أبو عبد الرحمن عبد اللَّه بن أحمد: "قلبَ الرداءَ حتى تحول السَّنةُ، يصير الغلاء رخصًا".
° هكذا روى هذا الحديث عن الزهري: معمر بن راشد، وشعيب بن أبي حمزة، ويونس بن يزيد الأيلي، وابن أبي ذئب، والزبيدي [ولا يثبت من حديثه]:
فقالوا جميعًا: عن الزهري، عن عباد بن تميم، عن عمه [عبد اللَّه بن زيد]، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ بحديث الاستسقاء، فلم يذكروا فيه الأذان والإقامة، ولا الخطبة.
• خالفهم فوهم في إسناده ومتنه: النعمان بن راشد [جزري، سيئ الحفظ، ليس بالقوي]، فرواه عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، قال: خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يومًا يستسقي، فصلى بنا ركعتين [وجهر] بلا أذان ولا إقامة، ثم خطبنا ودعا اللَّه، وحوَّل وجهه نحو القبلة رافعًا يديه، ثم قلب رداءه، فجعل الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن.
أخرجه ابن ماجه (1268)، وأبو عوانة (2/ 122/ 2522)، وابن خزيمة (2/ 333/ 1409) و (2/ 338/ 1422)، وأحمد (2/ 326)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 316/ 2219)، والطحاوي (1/ 325)، والطبراني في الدعاء (2201 و 2208)، والبيهقي (3/ 347)، وابن حجر في نتائج الأفكار (5/ 114).
كلهم من طريق وهب بن جرير بن حازم [ثقة، وقد يهم على أبيه. انظر: الحديث المتقدم برقم (334)، وسؤالات الآجري (1335)]، قال: حدثني أبي [بصري، ثقة]، قال: سمعت النعمان به.
قال ابن خزيمة: "في القلب من النعمان بن راشد؛ فإن في حديثه عن الزهري تخليط كثير، فإن ثبت هذا الخبر ففيه دلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب ودعا، وقلب رداءه مرتين: مرة قبل الصلاة، ومرة بعدها".
وقال الدارقطني في العلل (9/ 94/ 1660): "يرويه الزهري، واختلف عنه: فرواه النعمان بن راشد، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، ووهم فيه.
وخالفه أصحاب الزهري، منهم: يونس، ومعمر، وابن أبي ذئب، رووه عن الزهري، عن عباد بن تميم، عن عمه، وهو الصواب".
وقال البيهقي: "تفرد به النعمان بن راشد عن الزهري".
وقال ابن عبد البر في التمهيد (17/ 168): "أخطا في إسناده،. . .، ولم يتابع على إسناده هذا".
وقال ابن حجر في النتائج: "هذا حديث غريب".
وقال في الإتحاف (14/ 453/ 17992): "هذا مما أخطأ فيه النعمان، فقد رواه معمر وابن أبي ذئب ويونس بن يزيد وشعيب بن أبي حمزة وغيرهم، عن الزهري، عن عباد بن تميم، عن عمه عبد اللَّه بن يزيد، وهو المحفوظ"[وانظر أيضًا: الفتح لابن رجب (6/ 283)].
قلت: هو حديث منكر؛ والمعروف ما رواه جماعة الثقات عن الزهري، واللَّه أعلم.
* * *
1164 -
. . . عبد العزيز، عن عُمارة بن غَزِيَّة، عن عباد بن تميم؛ أن عبد اللَّه بن زيد، قال: استسقى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وعليه خميصة له سوداءُ، فأراد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يأخذ بأسفلِها فيجعلَه أعلاها، فلما ثَقُلتْ قلَبها على عاتقِه.
* حديث شاذ
أخرجه النسائي في المجتبى (3/ 156/ 1507)، وفي الكبرى (2/ 317/ 1822)، وأبو عوانة (2/ 109/ 2480)، وابن خزيمة (2/ 335/ 1415)، وابن حبان (7/ 118/ 2867)، والحاكم (1/ 327)، والضياء في المختارة (9/ 360/ 325 و 326) و (9/ 361/ 328) و (9/ 362/ 329)، وأحمد (4/ 41 و 42)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 322/ 2227)، والطحاوي (1/ 324)، وابن قانع في المعجم (2/ 111)، والبيهقي في السنن (3/ 351)، وفي المعرفة (3/ 97/ 2009)، وابن عبد البر في التمهيد (17/ 175).
رواه عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي: عبد اللَّه بن الزبير الحميدي، وأبو رجاء قتيبة بن سعيد، والمعلى بن منصور، وأبو الجماهر محمد بن عثمان التنوخي، وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، وإبراهيم بن حمزة الزبيري، وسريج بن النعمان، وعلي بن بحر بن بري القطان [وهم ثقات، بعضهم حفاظ]، ونعيم بن حماد [ضعيف]، وقال الأخير: على عاتقيه، والمحفوظ بالإفراد.
وقال الحميدي: فلما ثقُلت عليه أن يحوِّلها قلبها على عاتقه.
وقال سريج [عند أحمد]: فثقُلت عليه، فقلبها عليه؛ الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن.
قال الحاكم: "قد اتفقا على إخراج حديث عباد بن تميم، ولم يخرجاه بهذا اللفظ، وهو صحيح على شرط مسلم".
قلت: إسناده مدني جيد، رجاله رجال الشيخين؛ عدا عمارة بن غزية، فمن رجال مسلم، وعلق له البخاري، قال عنه أحمد وأبو زرعة وابن سعد والعجلي والدارقطني:"ثقة"، وقال أحمد مرة:"ما أعلم إلا خيرًا"، وقال ابن معين:"ليس به بأس"، وفي
رواية: "صالح"، وقال أبو حاتم:"ما بحديثه بأس، كان صدوقًا"، وقال النسائي:"ليس به بأس"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في المشاهير:"من حفاظ أهل المدينة، كان يخطئ"، وأورده العقيلي في الضعفاء فلم يحسن، وشذ ابن حزم فقال:"ضعيف"، وله أوهام [تاريخ ابن معين للدارمي (585)، ومن كلام أبي زكريا في الرجال (388)، والعلل ومعرفة الرجال (3106 و 4459 و 4567)، وضعفاء العقيلي (3/ 315)، والجرح والتعديل (6/ 368)، والثقات (7/ 260)، والمشاهير (1064)، وسؤالات البرقاني (374)، وعلل الدارقطني (1/ 187/ 13) و (8/ 196/ 1507)، وبيان الوهم (5/ 569/ 2793)، والميزان (3/ 178)، وتاريخ الإسلام (8/ 502)، والتهذيب (3/ 212)].
وعبد العزيز بن محمد الدراوردي: صدوق، كان سيئ الحفظ، يخطئ إذا حدث من حفظه، وكان كتابه صحيحًا؛ إلا أنه كان يحدث من كتب الناس فيخطئ أيضًا [انظر: التهذيب (2/ 592) وغيره]، وقد صحح حديثه هذا: أبو عوانة، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والضياء، واحتج به: أبو داود والنسائي، كما احتج به الشافعي [وقد وقع في روايته مرسلًا].
* هكذا رواه جماعة المقات عن الدراوردي متصلًا.
• ورواه مرسلًا فقصر في إسناده: الربيع بن سليمان المرادي [ثقة]: أنا الشافعي: أنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن عمارة بن غزية، عن عباد بن تميم، قال: استسقى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وعليه خميصة له سوداء، فأراد [رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم] أن يأخذ بأسفلها، فيجعله أعلاها، فلما ثقلت عليه قلبها على عاتقه.
أخرجه الشافعي في الأم (2/ 550/ 581)، وفي المسند (80)، ومن طريقه: البيهقي في المعرفة (3/ 97/ 2008)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 405/ 1162).
* خالف عبدَ العزيز الدراوردي في إسناده، وتابعه على متنه:
عبدُ اللَّه بن لهيعة، فرواه عن عمارة بن غزية، عن عبد اللَّه بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن عباد بن تميم، عن عمه عبد اللَّه بن زيد المازني، عن نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم؛ أنه حين أمر الناس أن يرفعوا أيديهم في الاستسقاء، كانت عليه خميصة سوداء، فأراد أن يأخذ ما بأسفلها ليحوِّلها، فاستثقلها وغلبته، فأخذ بطرفها من على منكبيه، فحوَّل الشِّقَّين أحدهما على الآخر، وجعل ما كان إلى الظهر خارجًا.
أخرجه الطبراني في الأوسط (134)، بإسناد لا بأس به إلى ابن لهيعة.
قال الطبراني: "لم يرو هذه الأحاديث عن عمارة بن غزية إلا ابن لهيعة".
قلت: وابن لهيعة ضعيف؛ ورواية الدراوردي مقدَّمة عليه، ولم أقل بأن رواية ابن لهيعة أفسدت رواية الدراوردي لكونه زاد رجلين في الإسناد، ودل ذلك على ضبطه للحديث [كما هو مسلك لأبي حاتم في العلل (488)]؛ وذلك لأن الحديث لا يُحفظ عن عبد اللَّه بن أبي بكر عن أبيه عن عباد، وإنما سمعه عبد اللَّه بن أبي بكر من عباد وهو
يحدث به أباه أبا بكر، وقد رواه مالك [عند مسلم (894/ 1)]، والثوري [عند البخاري (1005)]، وابن عيينة [عند البخاري ومسلم،، وروح بن القاسم، وابن إسحاق؛ كلهم عن عبد اللَّه بن أبي بكر، عن عباد بن تميم، عن عمه عبد اللَّه بن زيد، وإن كان في رواية روح وابن إسحاق بعض الزيادات المنكرة، ويأتي تخريجه برقم (1667).
وفي رواية سفيان بن عيينة، عن عبد اللَّه بن أبي بكر، أنه سمع عباد بن تميم يحدث أباه، عن عمه عبد اللَّه بن زيد؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى فاستسقى، فاستقبل القبلة، وقلب رداءه، وصلى ركعتين [البخاري (1012 و 1026 و 1027)، ومسلم (894/ 2)، ويأتي تخريجه برقم (1667)]، واللَّه أعلم.
ولا يُعرف الحديث عن عمارة بن غزية عن عبد اللَّه بن أبي بكر إلا من هذا الوجه، من رواية ابن لهيعة، ورواية الدراوردي مقدمة عليه، فإنه بلدي عمارة وأعلم به من ابن لهيعة المصري، وعمارة بن غزية معروف بالرواية عن عباد بن تميم بغير واسطة، واللَّه أعلم.
° وعلى هذا فإن عمارة بن غزية هو المتفرد عن عباد بن تميم بهذه الزيادة التي في أوله: فأراد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يأخد بأسفلِها فيجعلَه أعلاها، فلما ثَقُلتْ. . .، وقد رواه عن عباد بن تميم جماعة من الثقات الحفاظ بدونها، وهم: ابن شهاب الزهري، وأبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وابناه: عبد اللَّه بن أبي بكر، ومحمد بن أبي بكر، وعمرو بن يحيى المازني، وهم جميعًا مدنيون ثقات، روى لهم الجماعة، ولم يذكر أحد منهم في روايته التنكيس، وإنما اقتصروا على ذكر التحويل والقلب، فقال أكثرهم: حوَّل رداءه، وقال بعضهم: قلب رداءه، وروايتهم في الصحيحين [تقدم حديث الزهري برقم (1161 - 1163)، ويأتي حديث البقية برقم (1166 و 1167)]، وقد جاء تفسير هذا التحويل والقلب في رواية المسعودي.
فقد قال ابن عيينة [في رواية الحميدي عنه]: قال المسعودي: فقلت لأبي بكر بن محمد: جعل اليمين على الشمال، والشمال على اليمين، أو: جعل أعلاه أسفله؟ فقال: لا؛ بل جعل اليمين على الشمال، والشمال على اليمين.
وفي رواية عبد الجبار عن ابن عيينة: قال المسعودي: عن أبي بكر، عن عباد بن تميم، قلت له: أخبرنا جعل أعلاه أسفله، أو أسفله أعلاه، أم كيف جعله؟ قال: لا، بل جعل اليمين الشمال، والشمال اليمين.
رواه عبد اللَّه بن رجاء [الغداني البصري: ثقة، ممن سمع من المسعودي قبل الاختلاط]، قال: أنا المسعودي، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عباد بن تميم، عن عمه، قال: خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فاستسقى فقلب رداءه، قال: قلت: جعل الأعلى على الأسفل، والأسفل على الأعلى؟ قال: لا، بل جعل الأيسر على الأيمن، والأيمن على الأيسر.
ففي رواية المسعودي هذه نفي التنكيس، والجزم بأن التحويل والقلب المذكور إنما هو بجعل ما على اليمين على اليسار، وما على اليسار على اليمين.
وعلى هذا فإن حديث عمارة بن غزية: حديث شاذ بهذه الزيادة التي انفرد بها دون بقية من روى الحديث من الحفاظ الثقات عن عباد بن تميم، وقد أعرض البخاري ومسلم عن روايته هذه، فلم يخرجاها، لما فيها من الشذوذ، واقتصرا على إخراج حديث الجماعة في التحويل والقلب، واللَّه أعلم.
فإن قيل: فلعلها زيادة لا مفهوم لها، ولا تأثير لها في الحكم، ولم يقل بها أحد من العلماء، فيقال: قد قال بها، وعمل بظاهرها: الإمام الشافعي، فقال في الأم (2/ 550) بعد أن رواه عن الدراوردي مرسلًا:"وبهذا أقول فنأمرُ الإمامَ أن ينكِّس رداءَه فيجعلَ أعلاه أسفله، ويزيد مع تنكيسه فيجعل شقَّه الذي على منكبه الأيمن على منكبه الأيسر، والذي على منكبه الأيسر على منكبه الأيمن، فيكون قد جاء بما أراد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من نكسه، وبما فعل من تحويل الأيمن على الأيسر إذا خفَّ له رداؤه، فإن ثقُل فعل ما فعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من تحويل ما على منكبه الأيمن على منكبه الأيسر، وما على منكبه الأيسر على منكبه الأيمن".
وقال ابن المنذر في الأوسط (4/ 323): "وممن كان يرى أن يجعل اليمين الشمال والشمال اليمين: أحمد بن حنبل، وأبو ثور، وحكي ذلك عن ابن عيينة، وعبد الرحمن بن مهدي، وإسحاق بن راهويه، وكان الشافعي يقول بذلك إذ هو بالعراق ثم رجع عنه، وفيه قول ثان قاله الشافعي، آخر قوليه، قال:. . . " ثم ذكره كما نقلناه آنفًا من الأم.
وقال مالك في المدونة (1/ 166): "وحوَّل رداءه قائمًا، يجعل الذي على يمينه على شماله، والذي على شماله على يمينه، مكانه حين يستقبل القبلة، ولا يقلبه فيجعل الأسفل الأعلى والأعلى الأسفل".
وهذا هو الصواب الموافق لرواية الجماعة عن عباد بن تميم، واللَّه أعلم.
* * *
1165 -
قال أبو داود: حدثنا النفيلي، وعثمان بن أبي شيبة، نحوه، قالا: حدثنا حاتم بن إسماعيل: حدثنا هشام بن إسحاق بن عبد اللَّه بن كنانة، قال: أخبرني أبي، قال: أرسلني الوليد بن عتبة -قال عثمان: ابن عقبة-، وكان أميرَ المدينة، إلى ابن عباس، أسأله عن صلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء، فقال: خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم متبذِّلًا متواضعًا متضرِّعًا، حتى أتى المصلَّى -زاد عثمان: فرقِيَ على المنبر، ثم اتفقا- فلم يخطُب خُطَبكم هذه، ولكن لم يزل في الدعاء، والتضرع، والتكبير، ثم صلى ركعتين، كما يُصلَّى في العيد.
قال أبو داود: والإخبار للنفيلي، والصواب: ابن عتبة.
* حديث صحيح
أخرجه من طريق حاتم بن إسماعيل [وهو: مدني ثقة]: الترمذي (558)، والنسائي في المجتبى (3/ 156/ 1508)، وفي الكبرى (2/ 316/ 1820) و (2/ 317/ 1824)، والطحاوي (1/ 324)، وابن حزم في المحلى (5/ 94)، والبيهقي في السنن (3/ 344 و 347)، وفي المعرفة (3/ 93/ 1997)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 401/ 1161)، وفي الشمائل (655).
رواه عن حاتم: أبو جعفر عبد اللَّه بن محمد بن علي النفيلي، وعثمان بن أبي شيبة، وقتيبة بن سعيد، ويحيى بن يحيى النيسابوري، وإبراهيم بن موسى بن يزيد الفراء، ومحمد بن عبيد بن محمد بن واقد المحاربي، وأسد بن موسى، وأبو ثابت محمد بن عبيد اللَّه بن محمد المدني [وهم ثقات، أكثرهم حفاظ]، وعبيد بن إسحاق العطار [منكر الحديث].
قال فيه عثمان، وقتيبة، وأسد، وإبراهيم بن موسى: ابن عقبة، وقال قتيبة ومحمد بن عبيد وإبراهيم بن موسى في آخره: كما كان يصلِّي في العيد، وقال محمد بن عبيد، وإبراهيم بن موسى: جلس على المنبر.
وقال عبيد العطار: فصلى ركعتين ونحن خلفه، يجهر فيهما بالقراءة، ولم يؤذِّن ولم يُقِم، ولم يقل: كما يُصلَّى في العيد، وهي رواية منكرة، تفرد بها عبيد بن إسحاق العطار.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
وقال البيهقي: "وهذا الحديث يوهم أن دعاءه كان قبل الصلاة".
* تابعه: سفيان الثوري [ثقة حافظ، إمام حجة، فقيه]:
رواه عبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن سعيد القطان، ووكيع بن الجراح، وأبو نعيم الفضل بن دكين، ومحمد بن يوسف الفريابي، وعبد الرزاق بن همام، وعبد اللَّه بن الوليد [وهم ثقات، وفيهم أثبت أصحاب الثوري]، ومؤمل بن إسماعيل [صدوق، كثير الخطأ]، ومحمد بن الحسن الشيباني [ضعيف]:
عن سفيان الثوري، عن هشام بن إسحاق بن عبد اللَّه بن كنانة، عن أبيه، قال: أرسلني فلان إلى ابن عباس، أسأله عن صلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء، فقال: خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم متضرِّعًا متواضعًا متبذِّلًا، فلم يخطب نحو خطبتكم هذه، فصلى ركعتين.
وفي رواية وكيع: أرسلني أمير من الأمراء إلى ابن عباس أسأله عن الاستسقاء، فقال ابن عباس: ما منعه أن يسألني؟ خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم متواضعًا، متبذلًا، متخشِّعًا، متضرِّعًا، [مُتَرَسِّلًا] [وفي رواية القطان: متبذِّلًا، مُتَمسكنًا، متضرِّعًا، متواضعًا، فصلى ركعتين كما يصلِّي في العيدين، ولم يخطب خطبتكم هذه.
قال سفيان: قلت للشيخ: الخطبة قبل الركعتين أو بعدها؟ قال: لا أدري.
أخرجه الترمذي (559)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(3/ 102/ 525) و (3/ 104/ 526)، والنسائي في المجتبى (3/ 156/ 1506) و (3/ 163/ 1521)، وفي الكبرى (2/ 316/ 1821) و (2/ 323/ 1839)، وابن ماجه (1266)، وابن خزيمة (2/ 331/ 1405) و (2/ 332/ 1408)، وابن حبان (7/ 112/ 2862)، وابن الجارود (253)، والحاكم (1/ 326 - 327)، والضياء في المختارة (9/ 501/ 486) و (9/ 502/ 488) و (9/ 503/ 489)، وأحمد (1/ 230 و 355)، ومحمد بن الحسن في الحجة على أهل المدينة (1/ 337)، وعبد الرزاق (3/ 84/ 4893)، وابن أبي شيبة (2/ 221/ 8336) و (7/ 314/ 36428)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (3/ 262/ 4760)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 315/ 2216)، والطحاوي (1/ 324)، وأبو بكر النيسابوري في الزيادات على المزني (134)، والطبراني في الكبير (10/ 331/ 10818)، وفي الدعاء (2203 و 2207)، والدارقطني (2/ 68)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 115)[وفي سنده سقط]. والبيهقي (3/ 344 و 347 - 348)، وابن عبد البر في التمهيد (17/ 173).
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
وقال النووي في المجموع (5/ 92): "رواه أبو داود والترمذي والنسائي بأسانيد صحيحة".
وقال ابن الملقن في البدر المنير (5/ 143): "هذا الحديث صحيح".
وقال ابن حجر في نتائج الأفكار (5/ 94): "هذا حديث حسن".
وقال البيهقي تعقيبًا على سؤال الثوري لشيخه: "فهذا يدل على أن هشامًا كان لا يحفظه، وقد رواه إسماعيل بن ربيعة بن هشام عن جده، محالًا بها على صلاة العيدين"[وانظر: المعرفة (3/ 94)]؛ يعني: أن هشامًا لم يكن يحفظ موضع الخطبة من الصلاة، قبلها أم بعدها، لكن في رواية حفيده عنه ما يبين المراد، حيث قال: فصنع فيه كما يصنع في الفطر والأضحى، وعلى هذا يمكن حمل رواية حاتم بن إسماعيل على أن فيها تقديمًا وتأخيرًا، واللَّه أعلم.
قلت: وفي هذا الحديث إثبات الخطبة، لكنه نفي شبهها بخطبهم المعتادة، مما يدل على اختلاف صفتها، لقوله: ولكن لم يزل في الدعاء، والتضرع، والتكبير، فأصبح شاهدًا في معناه لحديث عبد اللَّه بن زيد الأنصاري، أي: أن الاستسقاء: صلاة ودعاء، والدعاء يقوم مقام الخطبة، واللَّه أعلم.
• ورواه عبد اللَّه بن يوسف [التنيسي: ثقة متقن]: ثنا إسماعيل بن ربيعة بن هشام بن إسحاق -مولى بني عامر بن لؤي المديني، وفي رواية: من بني عامر بن لؤي-؛. . .
ورواه أبو سعيد مولى بني هاشم [عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن عبيد البصري نزيل
مكة: صدوق]، قال: حدثنا إسماعيل بن ربيعة بن هشام بن إسحاق بن عبد اللَّه بن كنانة، قال: سمعت جدي. . .
ورواه يحيى بن زكريا [هو: ابن أبي زائدة: ثقة متقن]، عن إسماعيل بن ربيعة، عن جده هشام بن إسحاق. . .
قال عبد اللَّه بن يوسف في حديثه: أنه سمع جده هشام بن إسحاق، يحدث عن أبيه إسحاق بن عبد اللَّه؛ أن الوليد بن عتبة أمير المدينة، أرسله إلى ابن عباس، فقال: يا ابن أخي، سله كيف صنع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء يوم استسقى بالناس؟ قال إسحاق: فدخلت على ابن عباس، فقلت: يا أبا العباس، كيف صنع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء يوم استسقى؟ قال: خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم متخشعًا، [متذللًا]، متبذِّلًا، فصنع في كما يصنع في الفطر والأضحى. لفظ عبد اللَّه بن يوسف.
وفي رواية أبي سعيد: خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم متبذِّلًا، متخشِّعًا، فأتى المصلى فصلى ركعتين، كما يصلي في الفطر والأضحى.
أخرجه أبو عوانة (2/ 122/ 2524)، وابن خزيمة (2/ 336/ 1419)، والحاكم (1/ 326)، والضياء في المختارة (9/ 501/ 487)، وأحمد (1/ 269)، والطبراني في الكبير (10/ 331/ 10819)، والدارقطني (2/ 67 - 68)، والبيهقي (3/ 348).
قلت: وإسماعيل بن ربيعة بن هشام بن إسحاق بن عبد اللَّه بن كنانة: صحح له ابن خزيمة وأبو عوانة والحاكم والضياء، وروى عنه جماعة من الثقات، ولم يأت بمنكر، بل توبع على روايته.
قال ابن حجر في تعجيل المنفعة (50): "وأخرجها ابن خزيمة في صحيحه، ومقتضى ذلك أن يكون عنده مقبولًا، فكأنه أخرج له في المتابعات، وكذا صنع الحاكم، ولم يذكر البخاري ولا ابن أبي حاتم إسماعيل المذكور".
قال الحاكم: "هذا حديث رواته مصريون ومدنيون، ولا أعلم أحدًا منهم منسوبًا إلى نوع من الجرح، ولم يخرجاه، وقد رواه سفيان الثوري عن هشام بن إسحاق".
لكن قال الطحاوي: "وهشام بن إسحاق وأبوه: غير مشهورين بالعلم، ولا تثبت بروايتهما حجة"[شرح ابن بطال (3/ 19)].
° قلت: إسحاق بن عبد اللَّه بن الحارث بن كنانة: مدني ثقة، سمع ابن عباس [التهذيب (1/ 122)، وبيان الوهم (1/ 25/ 4)]، وقول أبي حاتم بان روايته عن ابن عباس مرسلة [الجرح والتعديل (2/ 226)، وتحفة التحصيل (24)]: ترده هذه الرواية؛ فغن فيها إثبات سماعه، ودخوله على ابن عباس ليسأله عما أرسل إليه، قال ابن الملقن في البدر المنير (5/ 147) متعقبًا ما في الجرح:"وهذا غريب، فالروايات التي أوردناها صريحةٌ في مشافهته له؛ عوضًا عن إدراكه"، ثم ذكر روايات الحديث، ثم قال: "فهذه الروايات