الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبي حنيفة والثوري وسائر الكوفيين، وبه قال أحمد بن حنبل وإسحاق وأبو ثور وداود والطبري، وكان بنو أمية يؤذَّن لهم في العيدين".
* * *
251 - باب التكبير في العيدين
1149 -
. . . ابن لهيعة، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة؛ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يُكبِّر في الفطرِ والأضحى؛ في الأولى سبعَ تكبيراتٍ، وفي الثانية خمسًا.
* حديث ضعيف مضطرب
أخرجه أحمد (6/ 65)، وجعفر الفريابي في أحكام العيدين (104)، والطحاوي (4/ 344)، والدارقطني (2/ 46)، والحاكم (1/ 298)، والبيهقي في السنن (3/ 286)، وفي المعرفة (3/ 38/ 1896).
رواه عن ابن لهيعة بهذا الوجه: قتيبة بن سعيد، وعمرو بن خالد الحراني، وأبو سعيد مولى بني هاشم وهو: عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن عبيد البصري نزيل مكة، وأسد بن موسى [وهم ثقات].
وهذا لفظ قتيبة، ولفظ أبي سعيد: كان يكبر في العيدين سبعًا وخمسًا قبل القراءة.
* * *
1150 -
. . . ابن وهب: أخبرني ابن لهيعة، عن خالد بن يزيد، عن ابن شهاب، بإسناده ومعناه، قال: سوى تكبيرتي الركوع.
* حديث ضعيف مضطرب
أخرجه عبد اللَّه بن وهب في الجامع (214)، والطحاوي (4/ 343)، والدارقطني (2/ 47)، والبيهقي (3/ 287).
رواه عن ابن وهب، عن ابن لهيعة بهذا الوجه: أبو الطاهر أحمد بن عمرو ابن السرح، ويونس بن عبد الأعلى، والحارث بن مسكين، وبحر بن نصر [وهم ثقات].
هكذا رووه عن ابن وهب، فجعلوه عن خالد بن يزيد وحده.
• ورواه حرملة بن يحيى [مصري، صدوق، كان راويةً لابن وهب، ومن أعلم الناس بحديثه]، قال: حدثنا عبد اللَّه بن وهب، قال: أخبرني ابن لهيعة، عن خالد بن يزيد وعقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة؛ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كبر في الفطر والأضحى سبعًا وخمسًا، سوى تكبيرتي الركوع.
أخرجه ابن ماجه (1280)، والطحاوي (4/ 344).
تنبيه: وقع عند الطحاوي: "عن خالد بن يزيد عن عقيل"، وبنى كلامه على ذلك، وهو وهم، إنما هو عقيل مقرون بخالد بن يزيد.
قال محمد بن يحيى الذهلي عن رواية خالد بن يزيد: "هذا هو المحفوظ؛ لأن ابن وهب قديم السماع من ابن لهيعة"، هكذا نقله عنه البيهقي في السنن (3/ 287)، ولفظه عنه في المعرفة (1896):"المحفوظ عندنا: حديث خالد بن يزيد؛ لأن ابن وهب قديم السماع من ابن لهيعة، ومن سمع منه في القديم فهو أولى؛ لأنه خلط بآخره".
قلت: يشكل عليه رواية حرملة عن ابن وهب، وهو من أخص أصحابه المكثرين عنه، فقد جمع في روايته بين عقيل وخالد، لا سيما وقد رواه أسد بن موسى عن ابن لهيعة بالوجهين، واللَّه أعلم.
* تابع ابن وهب على روايته عن خالد بن يزيد وحده:
يحيى بن إسحاق السيلحيني أبو زكريا، وأسد بن موسى، وإسحاق بن عيسى بن نجيح البغدادي [وهم ثقات]:
رووه عن ابن لهيعة: ثنا خالد بن يزيد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يكبر في العيدين اثنتي عشرة تكبيرة سوى تكبيرة الاستفتاح، يقرأ بقاف {وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} ، و {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} . لفظ إسحاق.
ولفظ يحيى بن إسحاق [عند أحمد]: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يكبر في العيدين: سبعًا في الركعة الأولى، وخمسًا في الآخرة، سوى تكبيرتي الركوع.
أخرجه أحمد (6/ 70)، والطحاوي (4/ 344)، وأبو بكر النيسابوري في الزيادات على المزني (127)، والدارقطني (2/ 46)، والحاكم (1/ 298).
• وانفرد عنهم: محمد بن معاوية النيسابوري، فرواه عن ابن لهيعة، عن خالد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يكبر في العيدين ثنتي عشرة تكبيرة: سبعًا في الأولى، وخمسًا في الآخرة، ويوالي بين القراءتين.
أخرجه البيهقي في الخلافيات (2/ 371 - مختصره).
قال البيهقي: "ومحمد بن معاوية ممن رماه غير واحد من أهل الحديث بالكذب".
قلت: وهو كما قال؛ الآفة فيه من محمد بن معاوية النيسابوري؛ فإنه: متروك، كذبه جماعة [التهذيب (3/ 705)].
• هكذا وقع في رواية أحمد بن حنبل، قال: حدثنا يحيى بن إسحاق، قال: أخبرنا ابن لهيعة، عن خالد بن يزيد، عن ابن شهاب الزهري به [المسند (11/ 5902/ 25047 - ط. المكنز)].
وخالفه: بشر بن موسى، قال: ثنا أبو زكريا يحيى بن إسحاق: ثنا ابن لهيعة، عن خالد بن يزيد، قال: بلغنا عن ابن شهاب الزهري به.
أخرجه البيهقي (3/ 287).
قال الحاكم: "هذا حديث تفرد به عبد اللَّه بن لهيعة، وقد استشهد به مسلم في موضعين، وفي الباب: عن عائشة، وابن عمر، وأبي هريرة، وعبد اللَّه بن عمرو رضي الله عنهم، والطرق إليهم فاسدة، وقد قيل: عن ابن لهيعة عن عقيل".
° قلت: قد اضطرب ابن لهيعة في هذا الحديث اضطرابًا شديدًا:
أ- فقد رواه قتيبة بن سعيد، وعمرو بن خالد الحراني، وأبو سعيد مولى بني هاشم، وأسد بن موسى:
عن ابن لهيعة، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، به مرفوعًا، وتقدم.
ب- ورواه عبد اللَّه بن وهب، ويحيى بن إسحاق السيلحيني، وأسد بن موسى، وإسحاق بن عيسى:
عن ابن لهيعة: ثنا خالد بن يزيد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، به مرفوعًا، وزاد في متنه، وتقدم.
ج- ورواه حرملة بن يحيى، قال: حدثنا عبد اللَّه بن وهب، قال: أخبرني ابن لهيعة، عن خالد بن يزيد وعقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة به مرفوعًا، وتقدم.
د- ورواه عبد اللَّه بن يوسف [التنيسي: ثقة متقن]: ثنا ابن لهيعة، قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب ويونس، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة؛ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يكبر يوم الفطر والأضحى، في الأولى سبعًا، وفي الثانية خمسًا، قبل القراءة.
أخرجه الطبراني في الأوسط (3/ 270/ 3115)، والدارقطني (2/ 46).
هـ- ورواه سعيد بن كثير بن عفير [مصري، صدوق]، قال: أخبرنا ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، عن أبي واقد الليثي، وعائشة رضي الله عنها؛ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلى بالناس يوم الفطر والأضحى، فكبر في الأولى سبعًا، وقرأ:{ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1)} وفي الثانية خمسًا، وقرأ:{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1)} .
أخرجه الطحاوي (4/ 343)، والطبراني في الكبير (3/ 246/ 3298)، والدارقطني في الثالث والثمانين من الأفراد (27 و 28).
قال الدارقطني: "تفرد به ابن لهيعة عن أبي الأسود".
و- ورواه إسحاق بن الفرات قاضي مصر [صدوق]، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، عن أبي واقد الليثي، قال: شهدت العيدين مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فكبر في الأولى سبعًا، وفي الثانية خمسًا.
أخرجه الحسن بن رشيق العسكري في جزئه (71).
وذكره ابن أبي حاتم في العلل (1/ 207/ 598)، وقال:"قال أبي: هذا حديث باطل بهذا الإسناد".
ز- ورواه يحيى بن إسحاق [السيلحيني: ثقة]: أخبرنا ابن لهيعة: ثنا الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "التكبير في العيدين: سبعًا قبل القراءة، وخمسًا بعد القراءة".
أخرجه أحمد (2/ 357).
قلت: وهذا حديث منكر بهذا الإسناد والمتن، تفرد به ابن لهيعة.
هكذا اضطرب ابن لهيعة في هذا الحديث، في إسناده ومتنه، والذين اختلفوا عليه كلهم ثقات، بعضهم من أهل بلده، وبعضهم غرباء، وابن لهيعة: ضعيف؛ وهذا الحديث من أمارات ضعفه، وسوء حفظه، واضطرابه في الأسانيد والمتون.
* خالف ابنَ لهيعة: الليثُ بن سعد [ثقة ثبت، حجة إمام]، فرواه عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب قوله؛ لم يذكر فوق الزهري أحدًا.
أخرجه جعفر الفريابي في أحكام العيدين (123).
* وعليه فإن المعروف في هذا عن الزهري إنما هو قوله: من السنة كذا:
فقد رواه عقيل بن خالد، ومعمر بن راشد، ويونس بن يزيد، وابن أخي الزهري، والأوزاعي:
عن ابن شهاب، قال: السُّنَّة في صلاة الفطر والأضحى: أن يكبر الإمام ومن وراءه في الركعة الأولى سبع تكبيراتٍ قبل القراءة، ويقرأ بأم القرآن وسورة من المفصَّل، ويكبر في الركعة الآخرة خمس تكبيراتٍ قبل القراءة، ثم يقرأ بأم القرآن وسورة من المفصَّل. لفظ عقيل، وبنحوه لفظ ابن أخي الزهري.
أخرجه عبد الرزاق (3/ 293/ 5683)، وجعفر الفريابي في أحكام العيدين (106 - 108 و 123).
° قال الترمذي في العلل (155): "وسألته [يعني: البخاري] عن حديث ابن لهيعة، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر في الفطر والأضحى؛ في الأولى صغ تكبيرات، وفي الثانية خمس تكبيرات.
ورواه بعضهم عن ابن لهيعة، عن خالد بن يزيد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة؟ فضعَّف هذا الحديث.
قلت له: رواه غير ابن لهيعة؟ قال: لا أعلمه".
وقال الدارقطني في العلل (14/ 110/ 3458): "يرويه الزهري وأبو الأسود، واختلف فيه: فأما الزهري: فروى حديثه عبد اللَّه بن لهيعة، واختلف عنه:
فرواه يحيى بن إسحاق السيلحاني، عن ابن لهيعة، عن خالد بن يزيد، قال: بلغنا عن الزهري.
ورواه ابن وهب، وأسد بن موسى، ومحمد بن معاوية، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، ويونس عن الزهري.
وقيل: عن ابن لهيعة، عن عقيل، عن الزهري.
وقال إسحاق بن الفرات، وسعيد بن عفير: عن ابن لهيعة، عن الأسود، عن عروة، عن عائشة، وأبي واقد الليثي، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والاضطراب فيه من ابن لهيعة".
وقال الطحاوي (4/ 344): "وأما حديث ابن لهيعة: فبيِّن الاضطراب، مرة يحدث عن عقيل، ومرة عن خالد بن يزيد عن ابن شهاب، ومرة عن خالد بن يزيد عن عقيل عن ابن شهاب، ومرة عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة رضي الله عنها وأبي واقد رضي الله عنه، فذكرنا ذلك كله في هذا الباب، وبعدُ فمذهبهم في ابن لهيعة ما قد شرحناه في غير موضع من هذا الكتاب".
* * *
1151 -
قال أبو داود: حدثنا مسدد: حدثنا المعتمر، قال: سمعت عبد اللَّه بن عبد الرحمن الطائفي، يحدث عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، قال: قال نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم: "التكبير في الفطر: سبعٌ في الأولى، وخمسٌ في الآخرة، والقراءةُ بعدهما كلتيهما".
* حديث شاذ، والمحفوظ من فعله صلى الله عليه وسلم
أخرجه من طريق أبي داود: الدارقطني (2/ 48)، والبيهقي (3/ 285).
هكذا رواه مسدد بن مسرهد [وهو: ثقة ثبت حافظ]، عن المعتمر به هكذا، فقال فيه: عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، وخالفه:
محمد بن عبد الأعلى [الصنعاني البصري، وهو: ثقة]، قال: حدثنا المعتمر، قال: أخبرنا عبد اللَّه -وهو: ابن عبد الرحمن الطائفي-، قال: حدثنا عمرو بن شعيب، قال: حدثني أبي؛ أن عمرو بن العاص، حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"التكبير في الفطر: سبعًا في الأولى، وخمسًا في الآخرة".
أخرجه النسائي في الكبرى (2/ 314/ 1817).
قلت: هكذا جعله الصنعاني من مسند عمرو بن العاص، ومن ثم يكون منقطعًا، وهذه الرواية وهمٌ، والمحفوظ: ما رواه مسدد متابعًا في ذلك رواية جماعة الثقات الذين رووه عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن الطائفي، فجعلوه من مسند عبد اللَّه بن عمرو.
ويحتمل أن يكون الوهم من المعتمر نفسه؛ فإنه وإن كان ثقة صحيح الكتاب، إلا أنه ربما أخطأ إذا حدث من حفظه، فقد تكلم فيه ابن خراش، وقال يحيى بن سعيد القطان:"إذا حدثكم المعتمر بشيء فاعرضوه؛ فإنه سيئ الحفظ"[انظر: التهذيب (4/ 117)، الميزان (4/ 142)، إكمال مغلطاي (11/ 284)].
وقد خالف المعتمر جماعةَ الثقات الذين رووه عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن الطائفي، فجعلوه من فعله صلى الله عليه وسلم، ووهم المعتمر فجعله من قوله صلى الله عليه وسلم، واللَّه أعلم.
* * *
1152 -
قال أبو داود: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع: حدثنا سليمان -يعني: ابن حَيَّان-، عن أبي يعلى الطائفي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُكبِّر في الفطر، في الأولى سبعًا، ثم يقرأ، ثم يُكبِّر، ثم يقوم فيكبر أربعًا، ثم يقرأ، ثم يركع.
قال أبو داود: رواه وكيع، وابن المبارك، قالا: سبعًا، وخمسًا.
* حديث شاذ بتربيع التكبير في الثانية
لم أقف على من أخرجه من طريق سليمان بن حيان أبي خالد الأحمر، وهو: كوفي صدوق، ليس بذاك الحافظ، قال البزار:"ليس ممن يلزم بزيادته حجة، لاتفاق أهل العلم بالنقل أنه لم يكن حافظًا، وأنه قد روى أحاديث عن الأعمش وغيره: لم يتابع عليها"، وقال ابن عدي:"وإنما أُتي هذا من سوء حفظه، فيغلط ويخطئ، وهو في الأصل كما قال ابن معين: صدوق، وليس بحجة"[الكامل (3/ 282)، إكمال مغلطاي (6/ 50)، التهذيب (3/ 468)][راجع الحديث رقم (698)]، وهو قد تفرد هنا بقوله:"أربعًا"، ورواية الجماعة:"خمسًا".
قال البيهقي بعد أن ذكر أسماء من رواه عن أبي يعلى الطائفي فقال فيه: "سبعًا في الأولى، وخمسًا في الآخرة"، قال:"وفي كل ذلك دلالة على خطأ رواية سليمان بن حيان عن عبد اللَّه الطائفي في هذا الحديث: "سبعًا في الأولى، وأربعًا في الثانية".
° وهذا الحديث قد رواه: عبد اللَّه بن المبارك، ووكيع بن الجراح، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وأبو أحمد محمد بن عبد اللَّه بن الزبير الزبيري، والوليد بن مسلم، وعبد الرزاق بن همام، وعثمان بن عمر بن فارس، ومروان بن معاوية الفزاري، وأبو داود الطيالسي [وهم ثقات، أكثرهم أثبات]:
عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن يعلى [الطائفي]، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر في صلاة العيدين سبعًا وخمسًا. لفظ ابن المبارك.
وفي رواية وكيع [عند أحمد في المسند]: حدثنا عبد اللَّه بن عبد الرحمن؛ سمعه من عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر في عيد ثنتي عشرة تكبيرة، سبعًا في الأولى، وخمسًا في الآخرة، ولم يُصلِّ قبلها، ولا بعدها.
قال عبد اللَّه بن أحمد: قال أبي: "وأنا أذهب إلى هذا".
ولفظ الوليد، وبنحوه لفظ عبد الرزاق: عن جده عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، قال:
كبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في صلا العيد؛ سبعًا في الأولى، ثم قرأ، ثم كبر فركع، ثم سجد، ثم قام فكبر خمسًا، ثم قرأ، ثم كبر فركع، ثم سجد.
وفي رواية مختصرة لوكيع [عند ابن ماجه (1292)]: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُصلِّ قبلها ولا بعدها؛ في عيد، وهذا هو المحفوظ في هذا الحديث من فعله صلى الله عليه وسلم، وممن رواه مختصرًا هكذا مقتصرًا على هذه الجملة ووقع في روايته وهم:
مروان بن معاوية الفزاري [عند الفريابي (165)]؛ وقع في روايته من قوله صلى الله عليه وسلم، لا من فعله، بلفظ:"لا صلاة يوم العيد قبلها ولا بعدها".
وأبو داود الطيالسي [عند ابن المنذر (2137)]؛ وقع في روايته موقوفًا على عبد اللَّه بن عمرو قوله.
وعبد الرزاق [في المصنف (5616)]؛ وقع في روايته مقطوعًا على عمرو بن شعيب.
زاد بعضهم في آخره: سوى تكبيرة الصلاة، وهي زيادة محفوظة، أتى بها ثلاثة من الحفاظ، تتابعوا عليها، وهم: أبو نعيم وأبو أحمد وعثمان بن عمر.
وقد جاء سماع أبي يعلى الطائفي من عمرو بن شعيب لهذا الحديث: في رواية وكيع وأبي نعيم وأبي أحمد الزبيري وعبد الرزاق والوليد بن مسلم.
أخرجه ابن ماجه (1278 و 1292)[وفي سنده في الموضع الأول وهم]. وابن الجارود (262)، وأحمد في المسند (2/ 180)، وفي مسائل ابنه عبد اللَّه (467)[وفي سنده تحريف وسقط]. وعبد الرزاق (3/ 275/ 5616) و (3/ 292/ 5677)، وابن أبي شيبة (1/ 493/ 5694)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (2/ 681/ 2845 - السفر الثاني)، وجعفر الفريابي في أحكام العيدين (135 و 165)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 266/ 2137) و (4/ 279/ 2169)، والطحاوي (4/ 343)، وأبو بكر النيسابوري في الزيادات على المزني (128)، والدارقطني (2/ 47 - 48 و 48)، والبيهقي في السنن (3/ 285)، وفي المعرفة (3/ 37/ 1894).
قال الترمذي في العلل (154) نقلًا عن البخاري قوله: "وحديث عبد اللَّه بن عبد الرحمن الطائفي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، في هذا الباب: هو صحيح أيضًا، وعبد اللَّه بن عبد الرحمن الطائفي: مقارب الحديث"[نقله البيهقي في سننه الكبرى (3/ 286)، وفي المعرفة (1895)، وفي الخلافيات (2/ 368)، وعبد الحق الإشبيلي في الأحكام الصغرى (2/ 76)، وابن القطان في بيان الوهم (2/ 260/ 263)، وغيرهم].
وقال أحمد في المسائل: "وبهذا آخذ"، وفي المسند:"وأنا أذهب إلى هذا"[التنقيح (2/ 89)، الإتحاف (9/ 476/ 11707)]، ولو كان منكرًا لما احتج به أحمد.
وقال حرب: "وسألت ابن المديني: هل صح فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ويروى عن أبي هريرة من قوله؛ صحيح"[الفتح لابن رجب (6/ 178)].
وقال ابن عبد البر في الاستذكار (2/ 395): "وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كبر في صلاة العيدين سبعًا في الركعة الأولى، وخمسًا في الثانية؛ من طرق كثيرة حسان، منها: حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص،. . . ".
وقال ابن الجوزي: "أصلح هذه الأحاديث: الأول، وهو حديث عمرو بن شعيب، وفي إسناده: عبد اللَّه بن عبد الرحمن، وهو الطائفي، وقد ضعفه يحيى، وقال مرة: ليس به بأس، وقال مرة: صويلح"[التحقيق (1/ 509)].
وقال النووي في الخلاصة (2930): "رواه أبو داود وآخرون بأسانيد حسنة، فيصير بمجموعها صحيحًا"، وقال في المجموع (5/ 21):"وحديث عمرو بن شعيب هذا: صحيح، رواه أبو داود وغيره بأسانيد حسنة"؛ يعني: إلى أبي يعلى الطائفي عن عمرو به.
خالفهم: الطحاوي فقال: "حديث عبد اللَّه بن عمرو: إنما يدور على عبد اللَّه بن عبد الرحمن، وليس عندهم بالذي يحتج بروايته، ثم هو أيضًا عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وذلك عندهم أيضًا ليس بسماع، فكيف يحتجون على خصمهم بما لو احتج به عليهم لم يسوغوه ذلك؟ ".
قلت: أبو يعلى عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن يعلى الطائفي: روى له مسلم في صحيحه حديثًا واحدًا متابعة (2255)، في شعر أمية بن أبي الصلت، وانفرد فيه بقوله صلى الله عليه وسلم:"إن كاد ليسلم"، وفي رواية:"فلقد كاد يسلم في شعره"، فهو كالمحتج به في هذه الزيادة، وروى عن الطائفي: ابن المبارك وابن مهدي، وحسبك بهما، واحتج بحديثه هذا: أحمد وأبو داود وابن المنذر والبيهقي وابن عبد البر، وصححه ابن المديني، وقال البخاري:"صحيح"، وانتقاه ابن الجارود، وقواه ابن عبد البر وابن الجوزي، ولم يمنعهم تفرد الطائفي به عن عمرو بن شعيب من قبول حديثه والعمل به؛ كأنهم انتقوا له بعض ما صح من حديثه عندهم، دون بقية ما روى.
وقد قال فيه يحيى بن معين: "صالح"، وقال مرة:"ليس به بأس، يكتب حديثه"، وقال مرة:"صويلح"، وقال مرة:"ليس حديثه بذاك القوي"، وقال مرة:"ضعيف"، وهذا الاختلاف في أقوال ابن معين لعله يرجع إلى النظر في حديث دون آخر، فإذا نظر إلى حديثه المستقيم قؤَى أمره، وإذا نظر إلى أوهامه ومخالفته للثقات لينه أو ضعفه، واللَّه أعلم، ويقرُب من ذلك قول البخاري فيه:"مقارب الحديث"، بعد تصحيحه لحديثه هذا، وإلا لقال: ثقة، كما أن البخاري قد صحح له حديثًا آخر توبع عليه [انظر: جامع الترمذي (1368)، علل الترمذي الكبير (381 - 384)، وأصل الحديث عند البخاري في الصحيح (2258 و 6977 و 6978 و 6980 و 6981) من نفس الوجه، ويأتي تخريجه في السنن برقم (3516) إن شاء اللَّه تعالى، وانظر أيضًا: علل ابن أبي حاتم (1429 و 1430)، علل الدارقطني (7/ 14/ 1176)].
وقد حكى ابن خلفون عن ابن المديني توثيقه، وقال العجلي:"ثقة"، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات.
وفي المقابل هناك من لينه: فقد قال أبو حاتم: "ليس بقوي، لين الحديث، بابة طلحة بن عمرو وعمر بن راشد وعبد اللَّه بن المؤمل"، وقال النسائي:"ليس بذاك القوي، ويكتب حديثه"، وقال الدارقطني:"طائفي، يعتبر به".
وهذا التصرف من هذين الإمامين المشهورين بالتشدد في نقد الرجال؛ وهما أبو حاتم والنسائي، يدلنا على أن الرجل ممن تعرف له وتنكر؛ يصيب ويخطئ، حيث لم يطلقا فيه ألفاظ الجرح الشديد، أو التضعيف المطلق، بل ليناه بألفاظ الجرح الخفيف.
وقد ترجم له البخاري في التاريخ الكبير، وقال:"سمع عطاء وعمرو بن شعيب وعبد الرحمن بن القاسم، سمع منه: أبو عاصم وأبو نعيم وابن المبارك"، وفرق بينه وبين الراوي عن عبد اللَّه بن مغفل بحديث:"لا تتخذوا أصحابي فرضًا"، وهو حديث فيه نظر، كما قال البخاري، لكن ابن عدي وهم فجمع بين الترجمتين، وأورد حديث ابن مغفل في ترجمة أبي يعلى الطائفي هذا، وهو خطأ منه، وقد نبه الذهبي على ذلك في الميزان، ثم قال ابن عدي:"فأما سائر أحاديثه؛ فإنه يروي عن عمرو بن شعيب أحاديث مستقيمة، وهو ممن يكتب حديثه"، فكلام ابن عدي هنا صريح في استقامة حديثه عن عمرو بن شعيب، وأن الأئمة قبلوا حديثه عن عمرو بن شعيب، ولم ينكروا منه شيئًا، ولو كان تفرده بهذا الحديث عن عمرو بن شعيب من قبيل المنكر لما سكتوا عنه، ولعل الذين لينوه نظروا إلى مروياته الأخرى التي وقع منه الوهم فيها، واللَّه أعلم [تاريخ ابن معين للدارمي (473 و 601)، سؤالات ابن طهمان الدقاق لابن معين (8)، التاريخ الكبير (5/ 131 و 133)، الميزان (2/ 452)، التهذيب (2/ 375)].
° والحاصل: فإن حديث الطائفي هذا عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: حديث حسن، واللَّه أعلم.
* وفي الباب أيضًا، مما جاء في التكبير سبعًا وخمسًا:
1 -
حديث سعد المؤذن:
يرويه هشام بن عمار، قال: حدثنا عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده،. . . فذكر الحديث، وفيه: وأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج إلى العيدين، سلك على دار سعد بن أبي وقاص، ثم على أصحاب الفَساطِيط، ثم بدأ بالصلاة قبل الخطبة، ثم كبَّر في الأولى سبعًا قبل القراءة، وفي الآخرة خمسًا قبل القراءة، ثم خطب الناس.
تقدم تخريجه مطولًا في الثواهد تحت الحديث رقم (520)، وهو حديث منكر.
2 -
حديث عمرو بن عوف المزني الأنصاري:
يرويه محمد بن خالد بن عثمة [بصري، لا بأس به]، وعبد اللَّه بن وهب [ثقة حافظ]، وعبد اللَّه بن إدريس [ثقة فقيه]، وعبد اللَّه بن نافع الصائغ [مدني، ثقة]، وإسماعيل بن أبي أويس [ليس به بأس، له غرائب لا يتابع عليها]:
[قال بعضهم: حدثني، وكتب به كثير إلى ابن وهب] رووه عن كثير بن عبد اللَّه بن عمرو بن عوف، عن أبيه، عن جده؛ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كبر في العيدين؛ سبعًا في الأولى، وخمسًا في الآخرة [قبل القراءة].
أخرجه الترمذي (536)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(3/ 63/ 505)، وابن مماجه (1279)، وابن خزيمة (2/ 346/ 1438 و 1439)، وعبد اللَّه بن وهب في الجامع (214)، وعبد بن حميد (290)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (2/ 682/ 2846 - السفر الثاني)، والبزار (8/ 317/ 3389)، والطحاوي (4/ 344)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 279/ 2170)، والطحاوي (4/ 344)، وابن قانع في المعجم (2/ 198)، والطبراني في الكبير (17/ 14/ 8)، وابن عدي في الكامل (6/ 58)، والدارقطني (2/ 48)، والبيهقي في السنن (3/ 286)، وفي المعرفة (3/ 38/ 1895)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 308/ 1106)، وفي الشمائل (643).
• وروى إبراهيم بن علي الرافعي [ضعيف]، عن كثير بن عبد اللَّه، عن أبيه، عن جده؛ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كبر خمسًا.
أخرجه ابن ماجه (1506)، في الجنائز.
وتعقبه أبو القاسم ابن عساكر في الأطراف، وقال:"إنما هذا في ثانية العيد".
قلت: الصواب مع ابن ماجه؛ فقد أخرجه ابن عدي في كامله (6/ 62)(8/ 659/ 14198 - ط. الرشد)، من طريق إبراهيم بن عبد اللَّه الرافعي [أظنه تحرف عن ابن علي]، عن كثير به، وقال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي وكبر عليه خمسًا.
° قال الترمذي في الجامع: "حديث حسن، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم".
وقال في العلل (153): "سألت محمدًا [يعني: البخاري] عن هذا الحديث، فقال: ليس في الباب شيء أصح من هذا، وبه أقول"[نقله البيهقي في سننه الكبرى (3/ 286)، وفي المعرفة (1895)، وفي الخلافيات (2/ 368)، وعبد الحق الإشبيلي في الأحكام الصغرى (2/ 76)، وقال: "صحح البخاري هذا الحديث"، وابن القطان في بيان الوهم (2/ 262/260)].
ولم يذكر الطحاوي في بيان وهاء هذا الحديث إلا أنه عن كتاب كثير إلى ابن وهب، وقد رواه جماعة سماعًا عن كثير؛ فانتفى ما اعتل به الطحاوي على الحديث [شرح المعاني (4/ 345)]، وقد احتج هو نفسه بكثير المزني هذا أو استشهد به في غير هذا الموضع [انظر: شرح المعاني (4/ 90)، شرح المشكل (5/ 153)].
وقال النووي في الخلاصة (2936): "هذا كلام البخاري والترمذي، وسكت عليه البيهقي، وفيه نظر؛ لأن كثير بن عبد اللَّه هذا: ضعيف جدًا، فلعله اعتضد بشواهد وغيرها، وروي مثله من رواية جماعة من الصحابة".
قلت: كثير بن عبد اللَّه بن عمرو بن عوف المزني: قال مطرف بن عبد اللَّه: "رأيت كثير بن عبد اللَّه بن عمرو بن عوف المزني، وكان كثير الخصومة، ولم يكن أحد من أصحابنا يأخذ عنه"، وقال يحيى بن معين في رواية الدوري عنه:"لجده صحبة، وكثير: ضعيف الحديث"، وكذا قال في رواية المفضل الغلابي، وقال في رواية الدوري أيضًا:"حديث كثير بن عبد اللَّه بن عمرو بن عوف: ليس هو بشيء"، وقال في رواية ابن أبي مريم:"حديثه ليس بشيء، ولا يُكتب"، وقال في رواية الدارمي وابن محرز وابن الجنيد:"ليس بشيء"، وقال في رواية معاوية بن صالح:"مدني، ضعيف"، وقال عبد اللَّه بن أحمد:"سمعت أبي يقول: حسين بن عبد اللَّه بن ضميرة وكثير بن عبد اللَّه بن عمرو بن عوف: لا يسويان شيئًا، جميعًا متقاربان، ليسا بشيء، وضرب أبي على حديث كثير بن عبد اللَّه بن عمرو بن عوف، ولم يحدثنا بها في المسند"، وقال أحمد في رواية أبي طالب عنه:"منكر الحديث، ليس بشيء"، ونهى أبا خيثمة عن التحديث عنه، وقال ابن المديني:"ضعيف"، وقال أبو داود:"كان أحد الكذابين"، ونقل عن الشافعي قوله:"كثير بن عبد اللَّه المزني: ركن من أركان الكذب"، وقال النسائي:"متروك الحديث"، وقال أبو زرعة:"واهي الحديث، ليس بقوي"، وسأله البرذعي عن أحاديث كثير عن أبيه عن جده؟ قال:"واهية"، فسأله: ممن وهنها؟، قال:"من كثير"، وقال أبو حاتم:"ليس بالمتين"، وقال الجوزجاني:"ضعيف الحديث"، وقال ابن عدي بعد أن طوَّل في ترجمته:"ولكثير بن عبد اللَّه عن أبيه عن جده قد بقي أحاديث يسيرة، وعامة أحاديثه التي قد ذكرتها وعامة ما يرويه لا يتابع عليه"، وقال الدارقطني:"متروك"، وقال الحاكم:"لا تقوم به الحجة"، وقال ابن حزم:"ساقط لا تجوز الرواية عنه"، وقال ابن عبد البر:"متروك الحديث".
وحمل عليه ابن حبان فأفرط حين قال: "منكر الحديث جدًا، يروي عن أبيه عن جده نسخة موضوعة، لا يحل ذكرها في الكتب، ولا الرواية عنه إلا على جهة التعجب، وكان الشافعي رحمه الله يقول: كثير بن عبد اللَّه المزني: ركن من أركان الكذب".
قلت: كثير بن عبد اللَّه المزني وإن كان قد ضعفه جمهور النقاد كما ترى؛ ففي ثبوت تكذيبه نظر!، أما اتهام الشافعي له بالكذب، فالرواية المسندة نقلها المزي في التهذيب (24/ 138)، قال:"وقال أبو عبيد الآجري: سئل أبو داود عن كثير بن عبد اللَّه بن عمرو بن عوف المزني، فقال: كان أحد الكذابين، سمعت محمد بن الوزير المصري، قال: سمعت الشافعي، وذكر كثير بن عمرو بن عوف، فقال: ذاك أحد الكذابين، أو: أحد أركان الكذب"[وليس في المطبوع من سؤالات الآجري]، ثم وجدت الرامهرمزي أسندها في المحدث الفاصل (596)، قال: حدثنا الساجي: ثنا أبو داود: ثنا محمد بن وزير المصري، قال: سمعت الشافعي، يقول:"كثير بن عبد اللَّه المزني: ركن من أركان الكذب".
والذي يغلب على ظني عدم ثبوت ذلك عن الشافعي؛ ذلك أن الراوي عن الشافعي:
محمد بن الوزير المصري، قال عنه الذهبي في تاريخ الإسلام:"أغفله ابن يونس صاحب تاريخ مصر، وابن عساكر صاحب النبل، ولا نعلم أحدًا روى عنه غير أبي داود"، وذكره في الميزان وقال:"لم أر أحدًا روى عنه سوى أبي داود"، وكلام أبي داود في سننه (2218) يشير إلى وقوع الوهم في روايته [تاريخ الإسلام (18/ 480)، الميزان (4/ 58)، التهذيب (3/ 723)، حسن المحاضرة (1/ 294)]، قلت: فلا يثبت مثله عن الشافعي، لا سيما مع عدم وجود أدلة قوية تدل على كذب كثير في حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
ثم وجدت السبكي في طبقات الشافعية (2/ 67) يقول: "قال زكريا الساجى: بلغني عن محمد بن الوزير، أنه قال: ما شرب الشافعي من كوز مرتين، ولا عاد فى جماع جارية مرتين، ذكر ذلك الحاكم في مناقب الشافعي، ورأيته كذا بخط بعض المحدثين: محمد بن الوزير، وإنما هو أحمد بن يحيى بن الوزير".
قلت: إن كان كما يقول؛ فهو ثقة، وإلا فهو غير مشهور، يقع الوهم في روايته، وكلام المزي في ترجمة أحمد بن يحيى بن الوزير من التهذيب يشعر بالتفرقة بينهما، وهو الأقرب [تهذيب الكمال (1/ 519)، تهذيب التهذيب (1/ 51)]، كما أن الحكاية التي ساقها السبكي ظاهرها النكارة، واللَّه أعلم.
وأما ابن حبان في المجروحين فإنه حكاه عن الشافعي حكاية بغير إسناد، فلا ندري هل تصح عنه أم لا؟ ولعلها من نفس الطريق.
وأما أبو داود: فقد ثبت عنه في رسالته لأهل مكة أنه لا يخرج في سننه لرجل متروك، قال (25):"ليس في الكتاب حديث عن متروك، وليس في كتاب السنن الذي صنفته عن رجلٍ متروكِ الحديثِ شيءٌ"، فكيف الحال إذا كان كذابًا؟! بنص كلام أبي داود نفسه، فهذا مما لا شك فيه أن أبا داود ينزه كتابه عن مثله، إذا تبين هذا علمت أن أبا داود لا يمكن أن يخرج في كتابه شيئًا لكثير بن عبد اللَّه المزني ولو على سبيل الاستشهاد والمتابعة؛ لأن أبا داود قال في كثير:"كان أحد الكذابين"[وقد انفرد المزي بهذا النقل عن أبي داود، نقلًا عن الآجري في مسائله]، ومع هذا التقرير: فقد أخرج أبو داود في سننه في باب إقطاع الأرضين من كتاب الخراج، حديث إقطاع النبي صلى الله عليه وسلم بلال بن الحارث معادن القبلية، من طريق كثير بن عبد اللَّه المزني عن أبيه عن جده، ومن طريق غيره أيضًا [انظر: السنن (3061 - 3063)]، فها هو أبو داود يستشهد به في كتابه السنن، والكذاب لا يصلح حديثه في المتابعات والشواهد، ولا يُعتبر بحديثه، بل هو ساقط الحديث بالكلية على كل حال، وكذلك المتروك، فالمنكر أبدًا منكر، كما قال أحمد، وهذا عندي من أقوى الحجج على عدم ثبوت تكذيب أبي داود لكثير بن عبد اللَّه المزني.
ثانيًا: أن هذا النقل قد انفرد به الآجري عن أبي داود، وقد نقله الحافظ زكريا بن يحيى الساجي عن أبي داود فاقتصر فيه على قول الشافعي دون قول أبي داود، والساجي: إمام حافظ، ثقة ثبت مصنف، ناقد للرجال، متفنن في علم العلل [راجع ترجمته في:
الجرح والتعديل (3/ 601)، السير (14/ 197)، تذكرة الحفاظ (2/ 709)، طبقات الشافعية (3/ 299)، اللسان (3/ 521)، وغيرها،، بينما أبو عبيد الآجري لم يُعثر له على ترجمة، وإن كان كتابه قد حاز قبول العلماء في النقل عنه، إلا أنه صاحب غرائب في النقل عن أبي داود [انظر مثلًا: الحاشية رقم (3) على تهذيب الكمال (32/ 173)، حاشية طارق عوض اللَّه على المنتخب من علل الخلال ص (218)]، وعلى هذا فلا يوثق بهذا النقل عن أبي داود لانفراد الآجري به عن الحافظ الكبير زكريا الساجي.
كذلك فإن أبا داود معدود في طبقة المعتدلين في نقد الرجال، فكيف يخالف أكثر النقاد، ولا سيما شيخه أحمد، فيتشدد في كثير ويصفه بالكذب، وكان الأولى أن لا يزيد على وصف حديثه بالنكارة، أو أن يجرحه بنحوٍ مما جرحه عامة النقاد، إلا أن يقال بأنه تبع في ذلك الشافعي فيما نقله عنه، هذا على فرض ثبوته عنه، واللَّه أعلم.
وأما كلام مطرف في كثير؛ فيرده: رواية يحيى بن سعيد الأنصاري عنه، ويحيى بن سعيد هو من هو في الإمامة والعلم والتثبت حتى كان يوازى بالزهري، ولم ينفرد يحيى عن أهل المدينة بالرواية عن كثير، بل روى عنه من المدنيين غير يحيى، مثل عبد اللَّه بن نافع الصائغ وعبد اللَّه بن مسلمة القعنبي وإسماعيل بن أبي أويس وابن أبي فديك، وغيرهم.
وأما بقية أقوال أئمة الجرح والتعديل في كثير فتدور بين كونه ضعيفًا أو متروكًا، بل إن أبا حاتم، وهو أحد المتعنتين في الرجال يصفه بأخف ألفاظ الجرح، فيقول:"ليس بالمتين"، وهي من عبارات التليين؛ فلم يضعفه، وإنما ليَّنه.
وفي المقابل: فقد صحح البخاري لكثير المزني هذا في غير الصحيح [وقيل بأنه علق له في الصحيح بصيغة التمريض. انظر: هامش اليونينية (3/ 106 - ط المنهاج) (3/ 313 - ط التأصيل)، الفتح لابن حجر (6/ 136)، التحفة (7/ 367/ 10776 - ط الغرب)، النكت الظراف (8/ 167 - التحفة)]، وحاشا أن يصحح البخاري لرجل كذاب، كان ركنًا من أركان الكذب، أو حتى لرجل متروك، فهذا مستبعد جدًا، وممن صحح له أيضًا: الترمذي [الجامع (1352)]، وابن خزيمة [الصحيح (1438 و 1439 و 2412)]، وحسن له الترمذي في موضعين [الجامع (2630 و 2677)]، كما استغرب له الترمذي في موضع (490)، وابن خزيمة (2420) أيضًا، مما يدل على أنهما لم يحتجا به على الإطلاق، كما أنهما لم يكثرا من إخراج حديثه، وإنما انتقيا له بعض ما توبع عليه، فهذه الأحاديث التي صححت له قد رويت متونها من وجوه أخرى إما صحيحة وإما حسنة، فهي أحاديث مستقيمة وافق فيها الثقات، وقد سلك البيهقي مسلك الاعتبار بحديث كثير المزني في تقوية بعض الأسانيد الضعيفة بما يرويه، فقد قال في بعض أحاديثه بأنها إذا انضمت إلى غيرها من الأسانيد التي فيها ضعف قويت، وقال يعقوب بن سفيان:"وقد تَكلَّم في كثيرٍ مَن لو سكت عنه كان أنفع له، وإنما تكلم فيه الجاهلون به وبأسبابه"، وقال البزار: "وعمرو بن عوف هذا قد بيَّنا أنه لم يرو عنه إلا ابنه، وإنما يكتب من أحاديثه ما لا يرويها غيره، وقد روى
حديثًا كثيرًا شاركه فيه غيره، فذكرنا من حديثه أحاديث لم يروها غيره، وأحاديث قد رواها غيره؛ ليعلم أن بعض حديثه قد شورك في روايتها عن النبي صلى الله عليه وسلم" اهـ، وهذا التصرف من هؤلاء الأئمة يجعلنا نتوقف عن وصف كثير المزني هذا بكونه متروكًا، إذ لم يجتمع أئمة الجرح والتعديل على تضعيفه، نعم ضعفه أكثر النقاد، لكن صحح له البخاري والترمذي وابن خزيمة، ودافع عنه يعقوب الفسوي والبزار، واستشهد به أبو داود والبيهقي، فمثله لا يكون متروكًا، واللَّه أعلم.
والمتتبع لأحاديث كثير المزني يجد أنه يشارك الثقات في مروياتهم، وأن كثيرًا من المتون التي يرويها قد صحت من وجه آخر، وهذا القسم هو الذي صححه الترمذي أو حسنه، وكذلك ابن خزيمة، ومن قبلهما البخاري، وقد وقع في مروياته بعض المناكير، التي انفرد بها ولم يتابع عليها، وهذا القسم لم يصححوا أو يحسنوا له منه شيئًا، لا سيما حديث جبال الجنة، وأودية الجنة، وملاحم الجنة، وحديث الخضر، وحديث الخيل، وغيرها، وقد اعتبرت كثيرًا من حديثه فوجدته لم ينفرد به، وقد روي بعضه من وجوه صحاح أو حسان أو مما ضعفه محتمل، وذلك فيما يقرب من ثلاثين حديثًا [تاريخ ابن معين للدوري (3/ 144/ 607) و (3/ 232/ 1087)، تاريخ الدارمي (713)، سؤالات ابن محرز (1/ 61/ 97)، سؤالات ابن الجنيد (840)، العلل ومعرفة الرجال (3/ 213/ 4922)، المنتخب من علل الخلال (88)، سؤالات ابن أبي شيبة (84)، التاريخ الكبير (7/ 217)، أحوال الرجال (235)، المعرفة والتاريخ (1/ 168)، مسند البزار (8/ 324)، ضعفاء النسائي (504)، ضعفاء العقيلي (4/ 1176 - ط. الصميعي)، الجرح والتعديل (7/ 154)، المجروحين (2/ 221) (2/ 226 - ط. الصميعي)، الكامل (6/ 57)، ضعفاء الدارقطني (446)، سؤالات السلمي (312)، المؤتلف والمختلف (1/ 327)، المستدرك للحاكم (1/ 128)، ضعفاء أبي نعيم (197)، الإرشاد (1/ 347)، المحلى (6/ 120) و (8/ 414)، سنن البيهقي (6/ 65)، الاستذكار (7/ 185)، بيان الوهم (2/ 261) و (3/ 527/ 1300)، تاريخ الإسلام (10/ 409)، التهذيب (3/ 462)][وانظر فيمن جمع أكثر حديثه: المعجم الكبير (17/ 12 - 2/ 24 - 36)، الكامل (8/ 647 - 659/ 14160 - 14200)].
• وعلى هذا فغاية ما يقال في كثير المزني أنه: ضعيف، يُعتبر به، فما وافق الثقات يُقبل، وما انفرد به يردُّ.
وهذا القول هو خلاصة ما ذهب إليه ابن حجر في التقريب، حيث قال:"ضعيف، أفرط من نسبه إلى الكذب".
° وعلى هذا فإن حديثه هذا: حديث حسن بشاهده عن عبد اللَّه بن عمرو.
فإن قيل: كيف يصححه البخاري ويقدمه على حديث ابن عمرو؟ فيقال: لعل البخاري نظر إلى تفرد عبد اللَّه بن عبد الرحمن الطائفي عن عمرو بن شعيب، وأما هنا
فنحن أمام سلسلة يروى بها أحاديث، مثل النسخ الحديثية، وهي مرويات كثير المزني عن أبيه عن جده، ومن ثم فإن النظر فيها يعتمد على استقامة متونها أو نكارتها، وذلك بخلاف تفرد رجل متكلم فيه عن رجل مشهور؛ كتفرد الطائفي عن عمرو بن شعيب، وإن كنت قد قدمت حديث ابن عمرو على حديث عمرو بن عوف، وذلك لاتفاق أكثر النقاد على تضعيف كثير المزني، واللَّه أعلم.
° وكنت كتبت قديمًا بحثًا في الدفاع عن تصحيح الترمذي، وأنه معتمد في الغالب، وأنقل هنا بعضه مما يتعلق بترجمة كثير، وذلك لفائدته:
قال الذهبي في الميزان (3/ 407) في ترجمة كثير بن عبد اللَّه بن عمرو بن عوف: "وأما الترمذي فروى من حديثه: "الصلح جائز بين المسلمين" وصححه [الجامع (1352)، وقال: "حسن صحيح"]؛ فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي".
قلت: تصحيح الترمذي معتمد عند العلماء، وأما تصحيحه لكثير بن عبد اللَّه هذا فمعتمده فيه أنه سأل البخاري عن حديث له فحسنه، قال ابن الملقن في البدر (6/ 688):"على أن الترمذي لم ينفرد بتصحيح حديثه، فقد أخرج له ابن خزيمة في صحيحه حديثًا في زكاة الفطر، وحسن البخاري حديثًا له، قال الترمذي: قلت للبخاري: حديث كثير بن عبد اللَّه بن عمرو بن عوف، عن أبيه، عن جده في الساعة التي ترجى يوم الجمعة؟ قال: حديث حسن"، زاد في التهذيب (3/ 463):"إلا أن أحمد كان يحمل على كثير يضعفه، وقد روى يحيى بن سعيد الأنصاري عنه"، وقال عنه الترمذي في الجامع (490):"حسن غريب".
قلت: وقال الترمذي في العلل أيضًا (153): "سألت محمدًا عن هذا الحديث؛ يعني: حديث عبد اللَّه بن نافع، عن كثير بن عبد اللَّه، عن أبيه، عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر في العيدين، في الأولى سبعًا قبل القراءة، وفي الآخرة خمسًا قبل القراءة.
فقال: ليس في الباب شيء أصح من هذا، وبه أقول".
فظهر بذلك أن الترمذي اعتمد كلام البخاري عنه في تصحيح حديثه لا سيما ما توبع عليه، فهذا الحديث:"الصلح جائز بين المسلمين" قد ورد من حديث أبي هريرة بإسنادين مدنيين كلاهما إسناد حسن، فالحديث ثابت من غير طريق كثير بن عبد اللَّه المزني، وعلى هذا فالترمذي لم يصحح له منكرًا، وإلا فقد أخرج له في مواضع من جامعه، ولم يصحح له، وإنما حسن له [الجامع (2630 و 2677)]، أو حسن له مع الغرابة [الجامع (490)]، وتحسين الترمذي فيه دلالة على ضعف إسناده كما يُفهم ذلك من شرطه في الحسن، ثم إن الغرابة أشد في الضعف، وفي هذا دليل على أنه لم يكن يعتمده، ويحتج به على انفراده، وأنه يعلم أن له مناكير لا يقبل مثلها، واللَّه أعلم.
وعلى هذا فإن البخاري قد نظر -فيما صحح له أو حسن- إلى أنه لم يرو منكرًا، وإنما صحح له ما توبع على أصله، ولذلك فإنه قرن تصحيح حديثه هذا بتصحيح حديث
الطائفي عن عمرو بن شعيب، وذلك لعدم وجود النكارة في تفرد كل منهما عمن روى عنه، بخلاف حديث ابن لهيعة، فإنه لم يقبله ولم يصححه مع كونه لم يرو منكرًا من المتن؛ وذلك لأن الضعف في حديث ابن لهيعة إنما هو من قبل تفرده بحديث يرويه الزهري عن عروة عن عائشة، فهو إسناد كالشمس يتفرد به أحد الضعفاء، هذا فضلًا عن مخالفته للثقات في إسناده، وذلك بخلاف الحديثين الآخرين، أعني: حديث الطائفي وكثير المزني، واللَّه أعلم.
3 -
حديث علي بن أبي طالب:
يرويه إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى [الأسلمي: متروك، كذبه جماعة]، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: كان عليٌّ يكبر في الأضحى والفطر والاستسقاء؛ سبعًا في الأولى، وخمسًا في الأخرى، ويصلي قبل الخطبة، ويجهر بالقراءة، قال: وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان يفعلون ذلك.
أخرجه الشافعي في الأم (1/ 236)، وفي المسند (76)، وعبد الرزاق (3/ 85/ 4895) و (3/ 293/ 5678)، والبيهقي في المعرفة (3/ 39/ 1898).
وهذا إسناد واهٍ، ومحمد بن علي بن الحسين أبو جعفر الباقر: روايته عن علي مرسلة.
* رواه من نفس الطريق فلم يرفعه:
مسلم بن خالد [الزنجي المكي الفقيه: ليس بالقوي، كثير الغلط، قال البخاري وأبو حاتم: "منكر الحديث"، انظر: التهذيب (4/ 68) وغيره]، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عليٍّ أنه جهر بالقراءة في العيدين، وصلاة الاستسقاء، وصلى قبل الخطبة، وكبر سبعًا وخمسًا.
أخرجه أبو العباس الأصم في الثاني والثالث من حديثه (70)، بإسناد صحيح إلى مسلم، ولا يصح أيضًا.
• وقد روي موقوفًا على علي من وجه آخر على صفة أخرى، ولا يصح أيضًا:
فقد روى سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي؛ أنه كان يكبر في الفطر إحدى عشرة تكبيرة: ستًا في الأولى، وخمسًا في الآخرة، يبدأ بالقراءة في الركعتين، وخمسًا في الأضحى: ثلاثًا في الأولى، وثنتين في الآخرة، يبدأ بالقراءة في الركعتين.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 494/ 5700).
• ورواه أبو داود الطيالسي [سليمان بن داود: ثقة حافظ]، قال: ثنا زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن علي رضي الله عنه؛ أنه كان يكبر في النحر خمس تكبيرات، ثلاثًا في الأولى، وثنتين في الثانية، لا يوالي بين القراءتين.
أخرجه الطحاوي (4/ 346).
أُراه سقط من إسناده الحارث الأعور، وسياقه في إتحاف المهرة (11/ 322/ 14108) يقتضي إثباته، وقد رواه:
• يحيى بن عثمان أيحيى بن عثمان بن صالح القرشي السهمي مولاهم، أبو زكريا المصري: حافظ أخباري، صدوق، له ما يُنكَر، ويحدث من غير كتبه، فطعنوا فيه لأجل ذلك. التهذيب (4/ 377)، الميزان (4/ 396)، السير (13/ 354)، إكمال مغلطاي (12/ 347)]، قال: ثنا عمرو بن خالد [الحراني: ثقة]، قال: ثنا زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي رضي الله عنه؛ أنه كان يكبر يوم الفطر إحدى عشرة تكبيرة، يفتتح بتكبيرة واحدة، ثم يقرأ، ثم يكبر خمسًا، يركع بإحداهن، ثم يقوم فيقرأ، ثم يكبر خمسًا، يركع بإحداهن.
أخرجه الطحاوي (4/ 346).
وهذا الحديث رواه عن أبي إسحاق السبيعي أثبت أصحابه وأقدمهم منه سماعًا: سفيان الثوري؛ إلا أنه لا يصح عن علي بن أبي طالب:
فإن هذا الإسناد ضعيف؛ لأجل الحارث بن عبد اللَّه الأعور، وأبو إسحاق السبيعي لم يسمع من الحارث إلا أربعة أحاديث.
* وروى البزار، قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري [ثقة حافظ]، قال: نا إبراهيم بن محمد بن النعمان الجعفي أبو إسحاق، قال: سمعت الربيع بن سعيد الجعفي، قال: نا الوليد بن سريع مولى عمرو بن حريث، قال: خرجنا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في يوم عيد، فسأله قوم من أصحابه، فقالوا: يا أمير المؤمنين ما تقول في الصلاة يوم العيد قبل الإمام وبعده؟ قال: فلم يرد عليهم شيئًا، ثم جاء قوم أخر، فسألوه كما سألوه الذين كانوا قبلهم، فما رد عليهم، فلما انتهينا إلى الصلاة صلى بالناس، فكبر سبعًا وخمسًا، ثم خطب الناس، ثم نزل فركب، فقالوا: يا أمير المؤمنين هؤلاء قوم يصلون، قال: فما عسيت أن أصنع؛ سألتموني عن السُّنَّة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل قبلها ولا بعدها، فمن شاء فعل، ومن شاء ترك، أتروني أمنع أقوامًا يصلون، فأكون بمنزلة من يمنع عبدًا أن يصلي.
أخرجه البزار (2/ 129/ 487).
أخرجه البزار في ترجمة عمرو بن حريث عن علي، ثم قال:"وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن عمرو بن حريث، إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، ولا نعلمه يروى عن علي إلا من هذا الوجه متصلًا".
ولكن هكذا رواه البزار عن الوليد بن سريع مولى عمرو بن حريث، قال: خرجنا. . .، بدون ذكر عمرو بن حريث في إسناده، كذا هو في مسند البزار، وفي كشف الأستار (1/ 313/ 654)، وكذا نقله عنه: ابن حجر في التلخيص (2/ 168)، وفي المطالب (5/ 130/ 751)، والهيثمي في المجمع (2/ 203).
قلت: والوليد بن سريع: كوفي ثقة، من رجال مسلم، معروف بالرواية عن مولاه عمرو بن حريث، والأقرب أنه لم يدرك عليًا، بينهما عمرو بن حريث.
والربيع بن سعيد؛ هو الربيع بن سعد الجعفي: كوفي ثقة، قال ابن معين ويعقوب بن سفيان وابن عمار:"ثقة"، وقال أبو حاتم:"لا بأس به"، وذكره ابن حبان وابن شاهين في الثقات [تاريخ ابن معين للدوري (3/ 451/ 2216)، سؤالات ابن الجنيد (922)، العلل ومعرفة الرجال (3/ 374/ 5640)، التاريخ الكبير (3/ 275)، المعرفة والتاريخ (3/ 275)، الجرح والتعديل (3/ 462)، الثقات (6/ 297)، تاريخ أسماء الثقات (354)، الميزان (2/ 40)، تاريخ الإسلام (5/ 98) و (9/ 131)، اللسان (3/ 448)، الثقات لابن قطلوبغا (4/ 237)، وقول الذهبي في الميزان: "لا يكاد يُعرف"، يحمل على كونه لم يطلع على أقوال المعدلين، بدليل قوله عنه في التاريخ: "صدوق"، أو يحمل على قلة مروياته، وقد روى عنه جماعة من حفاظ الكوفة، مثل: حفص بن غياث، ووكيع بن الجراح، وعبد اللَّه بن نمير، والحسين بن علي الجعفي].
وأما إبراهيم بن محمد بن النعمان الجعفي: فلم أقف له على ترجمة.
قال العراقي: "لم أقف على حاله، وباقي رجاله ثقات"[النيل (3/ 371)].
وقال الهيثمي: "وفيه من لم أعرفه"[المجمع (2/ 203)].
قلت: إسناده ضعيف؛ وهو حديث غريب.
والحاصل: فإنه لا يصح عن علي؛ لا مرفوعًا، ولا موقوفًا.
4 -
حديث ابن عباس:
يرويه إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، عن أبي الحويرث، عن إسحاق بن عبد اللَّه بن كنانة، عن أبيه، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أظن أنه كان يكبر في الفطر والأضحى والاستسقاء؛ سبعًا في الأولى، وخمسًا في الآخرة.
أخرجه عبد الرزاق (3/ 85/ 4894) و (3/ 292/ 5679).
وهذا إسناد واهٍ؛ إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي: متروك، كذبه جماعة، وأبو الحويرث عبد الرحمن بن معاوية: ليس بالقوي [تقدمت ترجمته عند الحديث (1105)].
* وروى الطبراني في الكبير (10/ 294/ 10708)، بإسناد مجهول إلى: سليمان بن أرقم، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عباس؛ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يكبر في العيدين ثنتي عشرة؛ في الأولى سبعًا، وفي الثانية خمسًا، وكان يذهب في طريق ويرجع من أخرى.
وهو حديث باطل، تفرد به سليمان بن أرقم عن الزهري، وسليمان: متروك، منكر الحديث، روى أحاديث منكرة عن الزهري وغيره، ولا يُتابع على حديثه [انظر: التهذيب (2/ 83) وغيره].
* وروى سهل بن بكار [بصري، ثقة]، وروح بن عبادة [بصري، ثقة]:
ثنا محمد بن عبد العزيز بن عبد الملك [وفي رواية روح: محمد بن عبد العزيز بن
عمر بن عبد الرحمن بن عوف]، عن أبيه، عن طلحة بن يحيى [كذا عند الحاكم وحده، من طريق سهل، وفي رواية روح: طلحة بن عبد اللَّه بن عوف]، قال: أرسلني مروان إلى ابن عباس أسأله عن سنة الاستسقاء، فقال: سنة الاستسقاء سنة الصلاة في العيدين؛ إلا أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قلب رداءه فجعل يمينه على يساره ويساره على يمينه، فصلى الركعتين، يكبر في الأولى سبع تكبيرات، وقرأ:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} ، وقرأ في الثانية:{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1)} ، وكبر فيها خمس تكبيرات.
أخرجه البزار (1/ 317/ 659 - كشف الأستار)[من طريق روح]. وأبو بكر النيسابوري في الزيادات على المزني (135)[من طريق سهل، وقال: عن طلحة، ولم ينسبه]. والطبراني في الدعاء (2204)[من طريق روح]. والدارقطني (2/ 66)[من طريق سهل، وقال: عن طلحة، ولم ينسبه]. والحاكم (1/ 326)[من طريق سهل، وقال: عن طلحة بن يحيى]. والبيهقي (3/ 348)[عن الحاكم به، إلا أنه قال: طلحة، ولم ينسبه، فدل على أن رواية الحاكم وهم].
• خالفهما: عبد العزيز بن محمد الدراوردي [صدوق، كان سيئ الحفظ، يخطئ إذا حدث من حفظه، وكان كتابه صحيحًا؛ إلا أنه كان يحدث من كتب الناس فيخطئ أيضًا. انظر: التهذيب (2/ 592) وغيره]، قال: حدثني محمد بن عبد العزيز القاضي الزهري، عن أبيه، قال: أرسل مروان إلى ابن عباس يسأله عن صلاة الاستسقاء، فقال: سنة كسنة العيدين.
أخرجه ابن المنذر في الأوسط (4/ 321/ 2223).
قال البزار: "لا نعلمه يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد".
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه".
فتعقبه الذهبي بقوله: "ضعِّف عبد العزيز".
وقال البيهقي: "محمد بن عبد العزيز هذا: غير قوي، وهو بما قبله من الشواهد يقوى".
وقال النووي في المجموع (5/ 74): "حديث ابن عباس: ضعيف،. . .، ومحمد هذا: ضعيف، قال ابن أبي حاتم في كتابه: سألت أبي عنه، فقال: هم ثلاثة أخوة: محمد وعبد اللَّه وعمران بنو عبد العزيز، والثلاثة ضعفاء، ليس لهم حديث مستقيم".
قلت: طلحة بن عبد اللَّه بن عوف: ثقة، من الطبقة الثالثة، والراوي عنه: عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف: مجهول الحال، قاله ابن القطان [بيان الوهم (2/ 118/ 88)، اللسان (5/ 216)].
وابنه محمد: منكر الحديث [اللسان (7/ 305)]؛ فهو حديث منكر.
• وقد رواه موقوفًا على ابن عباس فعله، أو قوله: عطاء بن أبي رباح، وعبد اللَّه بن الحارث، وعمار بن أبي عمار، وعكرمة، مع اختلاف بينهم في عدد التكبيرات، وقد صح
ذلك عن ابن عباس، أنه كبر للعيد على أكثر من صفة، فكبر سبعًا وستًا، وكبر سبعًا وخمسًا، وكبر خمسًا وأربعًا.
أخرجه عبد الرزاق (3/ 294/ 5689)، وابن أبي شيبة (1/ 494/ 5701 و 5702 و 5704) و (1/ 5708/495) و (1/ 496/ 5724)، ومسدد في مسنده (5/ 166/ 764 - مطالب)، والحارث بن أبي أسامة (210 - بغية الباحث)، وجعفر الفريابي في أحكام العيدين (124 - 130)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 274/ 2154 و 2156) و (4/ 275/ 2159) و (4/ 276/ 2162) و (4/ 279/ 2168)، والطحاوي (4/ 347)، والبيهقي في السنن (3/ 288 - 289 و 289)، وفي المعرفة (3/ 41/ 1903).
5 -
حديث ابن عمر:
روى عبدوس العطار [هو: عبدوس بن بشر بن شعيب، قال الدارقطني: "لا بأس به، يعتبر به"، سؤالات البرقاني (409)، تاريخ بغداد (11/ 116)، تاريخ الإسلام (19/ 202)، وعنه: يحيى بن عثمان بن صالح القرشي السهمي مولاهم، أبو زكريا المصري: حافظ أخباري، صدوق، له ما يُنكَر، ويحدث من غير كتبه، فطعنوا فيه لأجل ذلك. التهذيب (4/ 377)، الميزان (4/ 396)، السير (13/ 354)، إكمال مغلطاي (12/ 347)]، وعبد اللَّه بن عون بن أبي عون الهلالي [ثقة]:
عن الفرج بن فضالة، عن عبد اللَّه بن عامر الأسلمي، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في تكبير العيدين:"في الركعة الأولى سبعًا، وفي الثانية خمس تكبيرات". لفظ عبدوس.
ولفظ ابن عون: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يكبر في العيد سبعَ تكبيراتٍ في الأولى، وخمسًا في الآخرة. من فعله صلى الله عليه وسلم لا من قوله.
أخرجه الطحاوي (4/ 344)، والحارث بن أبي أسامة (209 - بغية الباحث)(5/ 172/ 765 - مطالب).
والفرج بن فضالة: ضعيف؛ لا سيما فيما روى عن أهل الحجاز.
• خالفهما فسلك فيه الجادة: سعد بن عبد الحميد [ليس به بأس]: ثنا فرج بن فضالة، عن يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "التكبير في العيدين في الركعة الأولى: سبع تكبيرات، وفي الأخيرة: خمس تكبيرات".
أخرجه الدارقطني (2/ 48)، بإسناد صحيح إلى سعد.
قلت: فرج بن فضالة مشهور بالرواية عن يحيى بن سعيد الأنصاري، يروي عنه مناكير، والوجه الأول أشبه بالصواب؛ فقد تابعه عليه:
• إسماعيل بن عياش [روايته عن الحجازيين ضعيفة، وهذه منها، وعنه: منصور بن أبي مزاحم، وهو: بغدادي ثقة]، وعمر بن حبيب [هو: ابن محمد العدوي البصري، وهو: ضعيف]:
عن عبد اللَّه بن عامر الأسلمي، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر في صلاة العيدين ثنتي عشرة تكبيرة: سبعًا في الأولى، وخمسًا في الآخرة.
أخرجه البزار (12/ 234/ 5963)، وذكره الدارقطني في العلل (13/ 33/ 2924).
• وانظر فيمن وهم فيه على إسماعيل بن عياش: علل الدارقطني (13/ 33/ 2924)، الثالث والثمانون من أفراد الدارقطني (68).
قلت: عبد اللَّه بن عامر الأسلمي: ضعفوه [التهذيب (2/ 364)، الميزان (2/ 449)]، وقد خولف في رفعه:
* خالفه فأوقفه؛ لكنه سلك فيه الجادة: نافع بن أبي نعيم [مدني، صدوق]، قال: سمعت نافعًا، قال: قال عبد اللَّه بن عمر: التكبير في العيدين سبع وخمس.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 496/ 5721)، والطحاوي (4/ 345).
قال الطحاوي (4/ 345): "وأما حديث عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما: فإنما يدور على ما رواه عن عبد اللَّه بن عامر، وهو عندهم ضعيف، وإنما أصل هذا الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما عن نفسه"، ثم أسنده، ثم قال:"فهذا هو أصل الحديث"، يعني: موقوفًا على ابن عمر؛ فلم يُصِب في ذلك؛ إنما هو موقوف على أبي هريرة.
° قال الترمذي في العلل (156) نقلًا عن البخاري قوله: "وحديث الفرج بن فضالة، عن عبد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا: خطأ، قال البخاري: الفرج بن فضالة: ذاهب الحديث، والصحيح: ما روى مالك، وعبيد اللَّه، والليث، وغير واحد من الحفاظ عن نافع، عن أبي هريرة فعله".
وقال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 207/ 597): "سألت أبي عن حديث رواه نافع بن أبي نعيم القاري، عن نافع مولى ابن عمر، عن ابن عمر؛ أنه كان يكبر في العيدين سبعًا في الأولى وخمسًا في الثانية؟ قال أبي: هذا خطأ؛ رُوي هذا الحديث عن أبي هريرة؛ أنه كان يكبر".
° قلت: خالفهما فأتى به على الصواب، مخالفين في ذلك من سلك فيه الجادة والطريق السهل: أثبت أصحاب نافع وأحفظهم لحديثه:
مالك بن أنس، وعبيد اللَّه بن عمر، وأيوب السختياني، وموسى بن عقبة، والليث بن سعد، وصخر بن جويرية، وشعيب بن أبي حمزة:
رووه عن نافع، قال: شهدت العيد مع أبي هريرة، يكبر في الأولى سبعًا، وفي الآخرة خمسًا، قبل القراءة.
ولفظ مالك: شهدت الأضحى والفطر مع أبي هريرة، فكبر في الركعة الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة، وفي الآخرة خمس تكبيرات قبل القراءة.
ولفظ أيوب: أن أبا هريرة استخلفه مروان بن الحكم، فصلى بهم في العيدين، فكبر سبع تكبيرات في الأولى، ثم قرأ وكبر، ثم قام فكبر خمس تكبيرات، ثم قرأ وكبر.
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 254/ 495)، والشافعي في الأم (1/ 236)، وفي المسند (76)، وأحمد في مسائل ابنه عبد اللَّه (468)، وعبد الرزاق (3/ 292/ 5680 و 5681) و (3/ 293/ 5682)، وابن أبي شيبة (1/ 5703/494)، وجعفر الفريابي في أحكام العيدين (109 - 114)، والطحاوي (4/ 344)، والدارقطني في العلل (9/ 47/ 1632)، والبيهقي (3/ 288)، وفي المعرفة (3/ 39/ 1900).
قال مالك: "وهو الأمر عندنا".
وقال أحمد: "وبهذا آخذ".
وقال حرب: "وسألت ابن المديني: هل صح فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ويروى عن أبي هريرة من قوله؛ صحيح"[الفتح لابن رجب (6/ 178)].
وقال ابن عبد البر في التمهيد (16/ 37): "مثل هذا لا يكون رأيًا، ولا يكون إلا توقيفًا؛ لأنه لا فرق بين سبع وأقل وأكثر من جهة الرأي والقياس، واللَّه أعلم، وقد روي عن النبي عليه السلام أنه كبر في العيدين سبعًا في الأولى، وخمسًا في الثانية، من طرق كثيرة حسان".
* وانظر فيمن وهم في رفعه على مالك، وسلك فيه الجادة، فجعله من مسند ابن عمر: ما أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (10/ 364)(12/ 91 - ط. الغرب)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (21/ 260).
* وانظر فيمن وهم في رفعه على عبيد اللَّه العمري: ما أخرجه ابن عدي في الكامل (7/ 18).
قال ابن عدي: "والحديث موقوف".
وقال الدارقطني في العلل (9/ 46/ 1632): "حدث به نعيم بن حماد عن ابن المبارك، وعبدة بن سليمان، عن عبيد اللَّه، عن نافع، عن أبي هريرة، مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والصحيح: عن مالك وعبيد اللَّه وشعيب بن أبي حمزة، عن نافع؛ أنه صلى خلف أبي هريرة، موقوفًا".
وقال في موضع آخر (13/ 33/ 2924): "وحدث بهذا الحديث نعيم بن حماد من حفظه، عن عبد اللَّه بن المبارك، وعبدة بن سليمان، عن عبيد اللَّه، عن نافع، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ووهم في رفعه.
وخالفه الثوري، ويحيى القطان، رووه عن عبيد اللَّه، عن نافع، عن أبي هريرة موقوفًا، وهو الصواب.
وكذلك رواه موسى بن عقبة، ومحمد بن إسحاق، ومالك بن أنس، وليث بن سعد، عن نافع، عن أبي هريرة موقوفًا، وهو الصواب".
وقال الذهبي في السير (10/ 606): "وهذا صوابه موقوف، ولم يرفعه أحد سوى نعيم فوهم"[وانظر: تاريخ الإسلام (16/ 430)].
• وانظر أيضًا وجهًا آخر في الوهم على عبيد اللَّه: علل الدارقطني (13/ 33/ 2924)، الثالث والثمانون من أفراد الدارقطني (68)(1/ 579/ 3363 - أطرافه).
• وقد روي أيضًا عن أبي هريرة من وجه آخر مرفوعًا [أخرجه ابن عدي في الكامل (2/ 48)، [وهو حديث موضوع؛ تفرد به: بركة بن محمد الحلبي، وهو ممن يضع الحديث اللسان (2/ 271)].
6 -
حديث عبد الرحمن بن عوف:
يرويه الحسن بن عمارة، عن سعد بن إبراهيم، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبيه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر في العيدين اثنتي عشر تكبيرة.
وقال في رواية: عن سعد بن إبراهيم، عن أبى سلمة بن عبد الرحمن، وحميد بن عبد الرحمن، عن أبيه؛ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان تخرج له العنزة فى العيدين فيصلى إليها، ويكبر ثتتي عشرة تكبيرة، ثم كان أبو بكر وعمر وعثمان والأئمة بعدهم يفعلون ذلك.
أخرجه البزار (3/ 234/ 1023)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (1/ 281/ 251)، والدارقطني في الأفراد (1/ 136/ 549 - أطرافه)، وابن عبد البر في التمهيد (16/ 40).
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن عبد الرحمن بن عوف إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، والحسن البجلي هذا فليِّن الحديث، وقد سكت الناس عن حديثه، وأحسبه الحسن بن عمارة".
وقال الدارقطني في الأفراد: "تفرد به الحسن بن عمارة عن سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة وحميد عن أبيهما".
قلت: هو حديث منكر؛ تفرد بوصله الحسن بن عمارة، وهو: متروك، وهذا الحديث يرويه الثقات مرسلًا، انظر: علل الدارقطني (4/ 285/ 567)، وقال:"والمرسل أصح".
• وقد تلوَّن الحسن في إسناده ومتنه؛ فرواه مرة أخرى: عن ابن شهاب، عن أبي سلمة وحميد ابني عبد الرحمن بن عوف، عن أبيهما، قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تخرج له عنزة يوم العيد، ثم يخرج ليمشي حتى يأتي المصلى، فتغرز له فيقوم إليها، فيصلي ركعتين، يكبر في الأولى سبعًا، وفي الآخرة خمسًا. قال أبو سلمة وحميد: وفعل ذلك أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، ومن بعدهم من الأئمة.
أخرجه ابن شبة في أخبار المدينة (1/ 90/ 404).
7 -
حديث أبي وافد الليثي:
رواه إسحاق بن الفرات قاضي مصر، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، عن أبي واقد الليثي، قال: شهدت العيدين مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فكبر في الأولى سبعًا، وفي الثانية خمسًا.
وهو حديث باطل، تقدم ذكره تحت الحديث رقم (1150).
8 -
حديث جابر بن عبد اللَّه:
روى البيهقي (3/ 292) قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن محمد الأصبهاني: أنبأ أحمد بن محمد بن عمران الأخباري ببغداد: ثنا علي بن عبد اللَّه بن الفضل بن الأسود بالبصرة: ثنا علي بن عياش النارموسى [وفي طبعة التركي (6/ 564/ 6256): علي بن عباس النارَموسي]: ثنا علي بن عاصم، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن جابر بن عبد اللَّه، قال: مضت السُّنَّة أن يكبر للصلاة في العيدين سبعًا وخمسًا، يذكر اللَّه ما بين كل تكبيرتين.
قلت: علي بن عاصم الواسطي: كثير الغلط والوهم، فإذا روجع أصر ولم يرجع، لذا فقد تركه بعضهم، وهو من الطبقة التاسعة، مات سنة (201).
وعلي بن عياش الحمصي: ثقة ثبت، من الطبقة التاسعة، مات سنة (219)، وأما علي بن عباس هذا فلم أقف له على ترجمة؛ إلا أن يكون: علي بن العباس بن الوليد البجلي المقانعي الكوفي: وثقه الدارقطني ومسلمة بن قاسم والذهبي [سؤالات السهمي (315)، سؤالات الحاكم (136)، تلخيص المتشابه في الرسم (1/ 401)، الأنساب (5/ 361)، السير (14/ 430)، تاريخ الاسلام (23/ 273)، الثقات لابن قطلوبغا (7/ 217)]؛ ولكني أستبعد ذلك! فإن المقانعي هذا توفي سنة (310)، فلا يمكن سماعه من علي بن عاصم، وليس هو من طبقة تلاميذه، ثم وجدت أن علي بن العباس المقانعي يروي عن علي بن عاصم بواسطة محمد بن حرب [انظر: الكامل (5/ 191)]، كما أني لم أر هذه النسبة:"النارموسي" في كتب الأنساب، فضلًا عن أن تكون لابن عياش أو للمقانعي، فاللَّه أعلم.
ثم بعد أن حررت هذا؛ وجدت الدارقطني في الأفراد قد روى طرفًا من هذا الحديث؛ أو يكون حديثًا آخر بنفس الإسناد:
وهكذا سياقه في أطراف ابن طاهر المقدسي (1/ 311/ 1665) في ترجمة عامر الشعبي عن جابر: "حديث: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يأخذ يوم الأضحى. . . الحديث.
تفرد به: علي بن العباس المارموشي، عن علي بن عاصم، عن داود بن أبي هند عنه".
وبهذا يتأكد أن راوي هذا الحديث عن علي بن عاصم ليس هو علي بن عياش الحمصي المشهور، وإنما هو رجل آخر لم أقف على ترجمته أيضًا، ولم أعثر في كتب الأنساب على المارموشي، وفي تفرد مثله عن علي بن عاصم نكارة ظاهرة، واللَّه أعلم.
وعلي بن عبد اللَّه بن الفضل بن الأسود البصري: لم أقف له على ترجمة؛ وهو من طبقة شيوخ الدارقطني، إلا أن يكون هو علي بن عبد اللَّه بن الفضل بن العباس بن محمد أبو الحسين البغدادي، وهو من نفس الطبقة، سمع منه الدارقطني بمصر، وانتقى عليه، وقال عنه الخطيب:"وكان ثقة"[تاريخ بغداد (13/ 446)، تاريخ الإسلام (26/ 309)].
وأحمد بن محمد بن عمران بن موسى بن عروة بن الجراح بن علي بن زيد بن بكر بن حريش أبو الحسن النهشلي، ويعرف بابن الجُنْدي، قال الخطيب:"وكان يُضعَّف في روايته، ويُطعَن عليه في مذهبه، سألت الأزهري عن ابن الجندي، فقال: ليس بشيء"، واتهمه ابن الآبنوسي بالتحديث بما ليس من سماعه، وكان يُرمى بالتشيع، وأورد له ابن الجوزي حديثًا في الموضوعات، ثم قال:"هذا حديث موضوع، وواضعه أبرد من الثلج،. . .، وما يتعدَّى ابنَ الجُندي"، وذكر ابن حجر في اللسان أن رجال سنده ثقات إلا الجندي هذا [تاريخ بغداد (5/ 77) (6/ 244 - ط. الغرب)، إكمال ابن ماكولا (2/ 222)، الأنساب (2/ 96)، الموضوعات (1/ 276)، ضعفاء ابن الجوزي (250)، السير (16/ 555)، تاريخ الإسلام (27/ 329)، اللسان (1/ 639)].
وشيخ البيهقي هو أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن محمود الأصبهاني الثقفي، قال الخطيب:"نيسابوري ولد بها، وكان أبوه من أهل أصبهان، ورحل إلى سرخس. . .، ثم ورد بغداد. . .، وعاد إلى بلاد العجم، ثم قدم علينا في سنة ثلاث عشرة وأربع مئة، فكتبنا عنه، وكان صدوقًا سديدًا، جميل الطريقة،. . . "[تاريخ بغداد (4/ 21) (5/ 37 - ط. الغرب)، تاريخ الإسلام (28/ 458)].
قلت: وعلى هذا فهو حديث باطل، واللَّه أعلم.
• وإنما يُعرف عن جابر موقوفًا عليه بغير هذا السياق، انظر ما أخرجه عبد الرزاق (3/ 294/ 5688)، وابن أبي شيبة (1/ 495/ 5707).
• ولعل المعروف في هذا عن داود بن أبي هند:
ما رواه هشيم بن بشير، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي؛ أن زيادًا أرسل إلى مسروق: أنه شغلتنا أمور وأشغال، فكيف التكبير في العيدين؟ قال: تسع، خمس في الأولى، وأربع في الآخرة، ووالِ بين القراءتين.
أخرجه البلاذري في أنساب الأشراف (5/ 245).
هكذا مقطوعًا من قول مسروق، وهو صحيح عنه.
° قال مالك: "وهو الأمر عندنا"، محتجًا فى ذلك بموقوف أبي هريرة.
وقال أحمد: "وليس يروى في التكبير في العيدين عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح"[التحقيق (1/ 511)، العلل المتناهية (808)، الفتح لابن رجب (6/ 178)].
قلت: حديث عبد اللَّه بن عمرو وحديث عمرو بن عوف أسانيدهما يقوي بعضها بعضًا، ويشهد أحدهما للآخر، وقد صححهما البخاري وغيره، ورواية احتجاج أحمد بحديث التكبير سبعًا وخمسًا أثبت وأشهر من رواية تضعيفه لحديث التكبير، والتي لم أقف عليها في شيء في مسائل أصحابه المشهورين.
والمشهور عن أحمد أنه احتج بحديث عبد اللَّه بن عمرو، فقال في مسائل ابنه عبد اللَّه (467):"وبهذا آخذ"، وقال في المسند (2/ 180):"وأنا أذهب إلى هذا" [التحقيق (1/
508)، التنقيح (2/ 89)، الإتحاف (9/ 476/ 11707)]، ولو كان منكرًا لما احتج به أحمد.
وفي مسائل أحمد لابنه عبد اللَّه (467 - 470)، أنه قال بعد حديث عبد اللَّه بن عمرو، وموقوف أبي هريرة:"وبهذا آخذ"، وقال عبد اللَّه لأبيه: ما تقول عن التكبير، إذا كبر في العيدين؟ قال:"حديث ابن مسعود هو أرفعه"، ولم يقل: به آخذ، كما قال في التكبير سبعًا وخمسًا.
وقال في مسائل الكوسج (394): "أما أنا فأختار حديث أبي هريرة رضي الله عنه سبعًا وخمسًا"، وأنه لا يوالي بين القراءتين، وقال بقوله إسحاق بن راهويه.
وقال في مسائل ابن هانئ (464 و 466): "أذهب إلى حديث أبي هريرة، سبع في الأولى، وخمس في الأخرى، وأما ابن مسعود: فإنه كان يوالي بين القراءتين"[وانظر أيضًا: مسائل أبي داود (421)].
وقال حرب: "وسألت ابن المديني: هل صح فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ويروى عن أبي هريرة من قوله؛ صحيح"[الفتح لابن رجب (6/ 178)].
وذكر الأثرم في الناسخ الحديث من رواية ابن عمرو، وعمرو بن عوف، وجابر، وأبي واقد، وعائشة، وابن عمر، ثم قال:"وبعضها أقوى من بعض"، ثم عارضها بحديث ابن ثوبان الآتي، ثم قال:"فخالف هذا الحديث تلك الأحاديث، وتلك أكثر وأثبت".
وقال ابن عبد البر في التمهيد (16/ 37): "وقد روي عن النبي عليه السلام؛ أنه كبر في العيدين، سبعًا في الأولى، وخمسًا في الثانية، من طرق كثيرة حسان".
وقال ابن حزم في المحلى (5/ 84): "وفي هذا آثار عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يصح شيء منها".
قلت: قد صح حديث عبد اللَّه بن عمرو، وعمرو بن عوف باجتماعهما.
* * *
1153 -
. . . زيد -يعني: ابن حُبَاب-، عن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، قال: أخبرني أبو عائشة -جليسٌ لأبي هريرة-؛ أن سعيد بن العاص سال أبا موسى الأشعري وحذيفة بن اليمان: كيف كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يُكبِّر في الأضحى والفطر، فقال أبو موسى: كان يُكبِّر أربعًا، تكبيرَهُ على الجنائز، فقال حذيفة: صدق، فقال أبو موسى: كذلك كنتُ أكبِّر في البصرة، حيث كنتُ عليهم. وقال أبو عائشة: وأنا حاضرٌ سعيدَ بن العاص.
*حديث منكر
أخرجه أحمد (4/ 416)، وابن أبي شيبة (1/ 493/ 5695)، وابن المنذر في الأوسط
(4/ 277/ 2166)، والبيهقي (3/ 289)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (67/ 26)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 471/ 808).
رواه عن زيد بن الحباب [وهو: ثقة]: أبو كريب محمد بن العلاء، وعبد اللَّه الحكم بن أبي زياد القطواني، وأحمد بن حنبل، وأبو بكر ابن أبي شيبة [وهم ثقات أكثرهم حفاظ].
• وتابعه غسان بن الربيع [صالح في المتابعات، وقد ضُعِّف. تقدمت ترجمته تحت الحديث (199)]، قال: ثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه؛ أنه سمع مكحولًا، يقول: حدثني أبو عائشة؛ أن سعيد بن العاص رضي الله عنه دعا أبا موسى الأشعري وحذيفة بن اليمان رضي الله عنهما، فسألهما: كيف كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يكبر في الأضحى والفطر؟. . . فذكره.
أخرجه الطحاوي (4/ 5 34 - 346)، والطبراني في مسند الشاميين (193 و 3573).
ذكر الأثرم في الناسخ الحديث من رواية ابن عمرو، وعمرو بن عوف، وجابر، وأبي واقد، وعائشة، وابن عمر، ثم قال:"وبعضها أقوى من بعض"، ثم عارضها بحديث ابن ثوبان هذا، ثم قال:"فخالف هذا الحديث تلك الأحاديث، وتلك أكثر وأثبت"، ثم ذكر قول أحمد في ابن ثوبان:"أحاديثه مناكير"، ثم قال:"وروى هذا الحديث ابن عون عن مكحول، فلم يرفعه كما رفعه ابن ثوبان".
وضعفه الخطابي في المعالم (1/ 218).
وقال ابن حزم في المحلى (5/ 84): "عبد الرحمن بن ثوبان: ضعيف، وأبو عائشة: مجهول، لا يدرى من هو، ولا يعرفه أحد، ولا تصح رواية عنه لأحد".
وقال في التنقيح (2/ 93): "وقال بعضهم: حديث أبي موسى ضعيف، وأبو عائشة غير معروف، وقال أبو محمد بن حزم: أبو عائشة مجهول، وقال ابن القطان: لا يعرف حاله".
وقال النووي في المجموع (5/ 25): "رواه أبو داود بإسناد فيه ضعف، وأشار البيهقي إلى تضعيفه وشذوذه، ومخالفة رواية الثقات، وأن المشهور وقفه على ابن مسعود".
وقال في الخلاصة (2941): "وأبو عائشة هذا لا نعلم حاله".
قلت: هذا حديث منكر؛ أبو عائشة هذا: مجهول، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان: صدوق يخطئ، وتغير بأخرة، وأنكروا عليه أحاديث يرويها عن أبيه عن مكحول، وهذا منها [انظر: التهذيب (2/ 494)، الميزان (2/ 551)، وانظر ترجمته عند الحديث رقم (136)]، وقد خالفه الثقات فأوقفوه، ولم يتابع على رفعه من وجه قوي:
* فقد رواه يحيى بن عثمان بن صالح القرشي السهمي مولاهم، أبو زكريا المصري [حافظ أخباري، صدوق، له ما يُنكَر، ويحدث من غير كتبه، فطعنوا فيه لأجل ذلك. تقدم ذكره في شواهد الحديث السابق]، وحمزة بن محمد بن عيسى الكاتب [صدوق، لم يكن من أصحاب الحديث. معجم أبي بكر الإسماعيلي (2/ 626)، تاريخ بغداد (8/ 180)، السير (14/ 150)، تاريخ الإسلام (23/ 89)]:
قالا: ثنا نعيم بن حماد [ضعيف]، قال: ثنا محمد بن يزيد الواسطي [الكلاعي: ثقة ثبت]، عن النعمان بن المنذر [صدوق، ضرب أبو مسهر على حديثه، وقال النسائي بعد حديثه في الحيض: "ليس بذاك القوي"]، عن مكحول، قال: حدثني رسول حذيفة وأبي موسى رضي الله عنهما؛ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يكبر في العيدين أربعًا وأربعًا، سوى تكبيرة الافتتاح. لفظ يحيى.
ولفظ الكاتب: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "الصلاة في العيدين كالتكبير على الجنائز؛ أربع وأربع، سوى تكبيرة الافتتاح والركوع".
أخرجه الطحاوي (4/ 346)، والبيهقي في المعرفة (3/ 40/ 1951).
وهذا حديث منكر كسابقه، أُبهم فيه أبو عائشة، والإسناد إليه لا يثبت.
* وهذا الحديث إنما يروى عن مكحول موقوفًا:
1 -
رواه محمد بن سلمة [الحراني: ثقة]، قال: أخبرني محمد بن إسحاق [المدني: صدوق]، عن مكحول، عن أبي عائشة مولى سعيد بن العاص، قال: بعثه سعيد بن العاص إلى حذيفة وأبي موسى الأشعري، فسألهما عن التكبير في العيدين، فقالا: كالتكبير على الجنائز؛ أربع أربع.
أخرجه ابن المنذر في الأوسط (4/ 277/ 2163).
وهذا موقوف بإسناد جيد إلى مكحول.
2 -
ورواه عبد اللَّه بن عون [بصري، ثقة ثبت]، عن مكحول، قال: أخبرني من شهد سعيد بن العاص أرسل إلى أربعة نفر من أصحاب الشجرة، فسألهم عن التكبير في العيد، فقالوا: ثمان تكبيرات، قال: فذكرت ذلك لابن سيرين، فقال: صدق، ولكنه أغفل تكبيرة فاتحة الصلاة.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 493 - 494/ 5696)، والطحاوي (4/ 349).
وهذا موقوف بإسناد صحيح إلى مكحول، وأُبهم فيه أبو عائشة.
قال البيهقي في السنن (3/ 290): "قد خولف راوي هذا الحديث في موضعين: أحدهما في رفعه، والآخر في جواب أبي موسى، والمشهور في هذه القصة أنهم أسندوا أمرهم إلى ابن مسعود، فأفتاه ابن مسعود بذلك، ولم يسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم"[وكذا قال في الخلافيات (2/ 369 - مختصره)].
وقال في المعرفة (3/ 41): "ولو كان عند أبي موسى فيه علم من النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يسأله ابن مسعود".
° قلت: رواه معمر بن راشد، عن أبي إسحاق، عن علقمة والأسود بن يزيد، قال: كان ابن مسعود جالسًا وعنده حذيفة وأبو موسى الأشعري، فسألهما سعيد بن العاص عن التكبير في الصلاة يوم الفطر والأضحى، فجعل هذا يقول: سل هذا، وهذا يقول: سل هذا، فقال له حذيفة: سل هذا، لعبد اللَّه بن مسعود، فسأله، فقال ابن مسعود: يكبر
أربعًا، ثم يقرأ، ثم يكبر فيركع، ثم يقوم في الثانية فيقرأ، ثم يكبر أربعًا بعد القراءة.
أخرجه عبد الرزاق (3/ 293 - 294/ 5687)، ومن طريقه: ابن المنذر في الأوسط (4/ 275/ 2158)، والطبراني في الكبير (9/ 303/ 9516).
قلت: معمر بن راشد: ثقة، وهو ثبت في الزهري وابن طاووس، وكان يضعَّف حديثه عن أهل الكوفة والبصرة، وقد دخل له هنا حديث في حديث؛ فإن هذه القصة يرويها أبو إسحاق بغير هذا الإسناد، وإنما يرويه بهذا الاسناد موقوفًا على ابن مسعود فعله بدون القصة:
* فقد رواه: سفيان الثوري [وعنه: وكيع بن الجراح، ومؤمل بن إسماعيل]:
عن أبي إسحاق السبيعي، عن عبد اللَّه بن أبي موسى؛
وعن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم؛ أن أميرًا من أمراء الكوفة، قال سفيان: أحدهما: سعيد بن العاص، وقال الآخر: الوليد بن عقبة، بعث إلى عبد اللَّه بن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وعبد اللَّه بن قيس، فقال: إن هذا العيد قد حضر فما ترون؟ فأسندوا أمرهم إلى عبد اللَّه، فقال: يكبر تسعًا؛ تكبيرة يفتتح بها الصلاة، ثم يكبر ثلاثًا، ثم يقرأ سورة، ثم يكبر، ثم يركع، ثم يقوم فيقرأ سورة، ثم يكبر أربعًا، يركع بإحداهن.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 494/ 5699)(4/ 214/ 5748 - ط. عوامة)، والطحاوي (4/ 348)[ورواية مؤمل مختصرة سندًا ومتنًا].
قلت: هذا هو المحفوظ في هذه القصة من حديث أبي إسحاق السبيعي؛ فإن سفيان الثوري أثبت الناس في أبي إسحاق، وأقدمهم منه سماعًا.
وعبد اللَّه بن أبي موسى هو أحد أبناء أبي موسى الأشعري، كما سيأتي بيانه، وليس هو: عبد اللَّه بن أبي موسى النصري الحمصي، الذي يقال له: عبد اللَّه بن أبي قيس، والذي يروي عنه يزيد بن خمير الرحبي وغيره [انظر: العلل ومعرفة الرجال (2284 و 3659 و 3660)، مسائل أحمد لأبي داود (2015)، صحيح ابن خزيمة (1137)، الجرح والتعديل (5/ 140)، العلل لابن أبي حاتم (242)، علل الدارقطني (14/ 275/ 3619)، موضح أوهام الجمع (2/ 199)، التهذيب (2/ 457)، ويأتي ذكره عند أبي داود برقم (1307)]، والذي يظهر لي أنه لم يسمع من ابن مسعود، يُدخَلُ بينهما أبو موسى الأشعري، ولم يزد الخطيب في ترجمته في غنية الملتمس (302) على كونه أحد شيوخ أبي إسحاق، روى عنه حديثًا.
وهو المحفوظ أيضًا من حديث حماد بن أبي سليمان؛ فإن الثوري من قدماء أصحابه.
ورواية إبراهيم بن يزيد النخعي مرسلة؛ فإنه لم يدرك ابن مسعود، ولم يشهد هذه الواقعة، ومعلوم أنه كان يأخذ عن أصحاب ابن مسعود، والراوي عنه: حماد بن أبي سليمان، وهو: صدوق، وقد تُكُلِّم في روايته عن إبراهيم [انظر: التهذيب (1/ 483)]، واللَّه أعلم.
* وقد رواه الثوري [وعنه: عبد الرزاق]، وزهير بن معاوية:
عن أبي إسحاق، عن علقمة والأسود بن يزيد [زاد زهير: مسروقًا]؛ أن ابن مسعود كان يكبر في العيدين تسعًا تسعًا: أربعًا قبل القراءة، ثم كبر فركع، وفي الثانية يقرأ فإذا فرغ كبر أربعًا، ثم ركع.
ولفظ زهير: أن عبد اللَّه كان يكبر في الفطر والنحر سبع تكبيرات، يكبر تكبيرة يفتتح بها الصلاة، ثم يكبر ثلاثًا، ثم يقرأ ثم يكبر، فيركع بالخامسة، ثم يقوم فيكبر أربعًا يركع بالرابعة.
أخرجه عبد الرزاق (3/ 293/ 5686)، والبلاذري في أنساب الأشراف (11/ 220)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 275/ 2157)، والطبراني في الكبير (9/ 304/ 9517 و 9518).
وهذا موقوف على ابن مسعود بإسناد على شرط الشيخين.
* هكذا رواه الثوري بالقصة، عن أبي إسحاق، عن عبد اللَّه بن أبي موسى؛ وعن حماد، عن إبراهيم؛ أن أميرًا من أمراء الكوفة،. . . فذكره.
* خالفه زهير بن معاوية، وقد اختلف عليه أيضًا:
فقد رواه عبد الرحمن بن زياد [الرصاصي: صدوق. تقدم ذكره مرارًا]، ومعاوية بن عمرو [الأزدي: ثقة]:
عن زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن إبراهيم بن عبد اللَّه بن قيس، عن أبيه [وقال معاوية بن عمرو في روايته: ثنا عبد اللَّه بن أبي موسى عن أبيه، بدل: إبراهيم عن أبيه]؛ أن سعيد بن العاص دعاهم يوم عيد، فدعا الأشعري وابن مسعود وحذيفة بن اليمان رضي الله عنهم، فقال: إن اليوم عيدكم، فكيف أصلي؟ قال حذيفة: سل الأشعري، وقال الأشعري: سل عبد اللَّه، فقال عبد اللَّه: تكبر. . .، وذكر الحديث.
وفي رواية معاوية [عند الطبراني]: فقال الأشعري: سل عبد اللَّه؛ فإنه أعلمنا وأقدمنا، فسأله فقال: تفتح بأربع، وتختم بأربع، وتكبِّر واحدةً، ثم تضيف إليها ثلاثًا، ثم تكبِّر فتركع، فإذا رفعتَ من السجدة، قرأتَ ثم كبَّرتَ أربعًا، ثم تركع.
أخرجه الطحاوي (4/ 348)، والطبراني في الكبير (9/ 304/ 9521).
قلت: رواية الثوري هي المحفوظة؛ فهو أثبت الناس في أبي إسحاق، وأقدمهم منه سماعًا، وزهير ممن روى عن أبي إسحاق بأخرة، وقد وصل الإسناد وجوده، فجعله عن عبد اللَّه بن أبي موسى عن أبيه، والمحفوظ من رواية الثوري بدون ذكر أبي موسى في الإسناد، وقد وهم الرصاصي فقلب إسناده، وجعله عن إبراهيم بن أبي موسى [وهو ممن ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فسماه وحنكه ودعا له بالبركة، وروى عنه الشعبي، وأخرج له مسلم في صحيحه، ووثقه العجلي. التهذيب (1/ 72)]، وإنما هو عن عبد اللَّه بن أبي موسى مرسلًا، واللَّه أعلم.
* وقد اختلف في إسناد هذه القصة عن حماد بن أبي سليمان:
أ- فقد رواه أبو داود الطيالسي، ومسلم بن إبراهيم، وخالد بن الحارث، وابن المبارك [وعنه: نعيم بن حماد، وهو: ضعيف، ومكثر عنه]:
عن هشام بن أبي عبد اللَّه الدستوائي [ثقة ثبت]، قال: ثنا حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم، عن علقمة [بن قيس]؛ أن ابن مسعود وأبا موسى وحذيفة خرج عليهم الوليد بن عقبة [بن أبي معيط] قبل العيد يومًا، فقال لهم: إن هذا العيد قد دنا، فكيف التكبير فيه؟ قال عبد اللَّه [بن مسعود]: تبدأ فتكبر تكبيرة تفتتح بها الصلاة، وتحمد ربك، وتصلي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ثم تدعو وتكبر، وتفعل مثل ذلك، ثم تكبر وتفعل مثل ذلك، ثم تكبر وتفعل مثل ذلك، ثم تقرأ، ثم تكبر وتركع، ثم تقوم فتقرأ وتحمد ربك، وتصلي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ثم تدعو وتكبر اللَّه، وتفعل مثل ذلك، ثم تكبر وتفعل مثل ذلك، ثم تركع، فقال حذيفة وأبو موسى: صدق أبو عبد الرحمن.
وفي رواية نعيم بن حماد [عند البيهقي]: التكبير في العيدين: خمس في الأولى، وأربع في الثانية.
أخرجه إسماعيل بن إسحاق القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (88 و 89)، والطحاوي (4/ 348)، والبيهقي (3/ 291 و 291 - 292).
ب- خالفه: حماد بن سلمة [وهو: ثقة]، فرواه عن حماد، عن إبراهيم؛ أن الوليد بن عقبة دخل المسجد، وابن مسعود وحذيفة وأبو موسى في عرصة المسجد، فقال الوليد: إن العيد قد حضر فكيف أصنع؟ فقال ابن مسعود: تقول: اللَّه أكبر، وتحمد اللَّه، وتثني عليه، وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، وتدعو اللَّه، ثم تكبر، وتحمد اللَّه، وتثني عليه، وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تكبر، وتحمد اللَّه، وتثني عليه، وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، وتدعو اللَّه، ثم تكبر، وتحمد اللَّه، وتثني عليه، وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، وتدعو، ثم كبر، واقرأ بفاتحة الكتاب، وسورة، ثم كبر واركع واسجد، ثم قم فاقرأ بفاتحة الكتاب وسورة، ثم كبر، واحمد اللَّه، وأثن عليه، وصل على النبي صلى الله عليه وسلم وادع ثم كبر، واحمد اللَّه، وأثن عليه، وصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، واركع واسجد، قال: فقال حذيفة وأبو موسى: أصاب.
أخرجه الطبراني في الكبير (9/ 303/ 9515)، وأخرجه من نفس الوجه ابن المنذر في الأوسط (4/ 280/ 2171)؛ لكن بإسقاط حماد بن أبي سليمان، وهو خطأ.
وفي رواية حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان تخليط، قاله أحمد [سؤالات أبي داود (338)، سؤالات الميموني (465)، الجرح والتعديل (3/ 147)، شرح علل الترمذي (2/ 761)].
ج- وخالفهما: سفيان الثوري، فرواه عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم؛ أن أميرًا من أمراء الكوفة،. . . فذكره بغير سياق هشام وحماد، وقال فيه: فأسندوا أمرهم إلى عبد اللَّه، فقال: يكبر تسعًا؛ تكبيرة يفتتح بها الصلاة، ثم يكبر ثلاثًا، ثم يقرأ سورة،
ثم يكبر، ثم يركع، ثم يقوم فيقرأ سورة، ثم يكبر أربعًا، يركع بإحداهن. تقدم ذكره قريبًا.
هكذا بدون الذكر بين التكبيرات.
وهذا هو المحفوظ من حديث حماد بن أبي سليمان؛ فإن الثوري من قدماء أصحابه، وقد تابعه على إرساله حماد بن سلمة، والتخليط في إسناده ومتنه إنما هو من حماد بن أبي سليمان، وسماع هشام الدستوائي وحماد بن سلمة منه واحد، وذلك حين قدم حماد بن أبي سليمان البصرة على بلال بن أبي بردة وهو واليها، فسمعا منه في تلك القدمة، وقد تغير حماد في آخر عمره، وقد تكلم بعضهم في حفظه، وتُكُلِّم في روايته عن إبراهيم خاصة [انظر: الطبقات الكبرى (6/ 333)، سؤالات الميموني (465)، ضعفاء العقيلي (1/ 301)، الجرح والتعديل (1/ 137 و 166) و (3/ 147)، الكامل (2/ 235)، التهذيب (1/ 483)].
ورواية إبراهيم بن يزيد النخعي هذه مرسلة؛ فإنه لم يدرك ابن مسعود، ولم يشهد هذه الواقعة، ومعلوم أنه كان يأخذ عن أصحاب ابن مسعود، واللَّه أعلم.
* ورواه أشعث [هو: ابن سوار، وهو: ضعيف]، عن كردوس، عن ابن عباس [كذا وقع في رواية هشيم عند ابن أبي شيبة، وهو وهم أو تصحيف؛ إنما هو: كردوس بن عباس، وفي رواية ابن أبي زائدة عند الطبراني: عن كردوس قال: أرسل الوليد]، قال: لما كان ليلة العيد، أرسل الوليد بن عقبة إلى ابن مسعود، وأبي مسعود، وحذيفة، والأشعري، فقال لهم: إن العيد غدًا، فكيف التكبير؟ فقال عبد اللَّه: يقوم فيكبر أربع تكبيرات، ويقرأ بفاتحة الكتاب، وسورة من المفصل، ليس من طوالها ولا من قصارها، ثم يركع [وفي رواية ابن أبي زائدة: ثم يكبر ويركع؛ فتلك خمس]، ثم يقوم فيقرأ، فإذا فرغ من القراءة، كبر أربع تكبيرات، ثم يركع بالرابعة [وفي رواية ابن أبي زائدة: فتلك تسع في العيدين، فما أنكره واحد منهم].
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 494/ 5705)(4/ 215/ 5754 - ط. عوامة) و (1/ 497/ 5733)، والطبراني في الكبير (9/ 302 - 303/ 9514).
• خالفه: المسعودي [وعنه: يزيد بن هارون، وهو ممن روى عنه بعد الاختلاط]، ومسعر بن كدام [ثقة ثبت]:
فروياه عن معبد بن خالد [هو: ابن مرَين الجدلي الكوفي، وهو: تابعي ثقة]، عن كردوس، قال: قدم سعيد بن العاصي في ذي الحجة، فأرسل إلى عبد اللَّه، وحذيفة، وأبي مسعود الأنصاري، وأبي موسى الأشعري، فسألهم عن التكبير، فأسندوا أمرهم إلى عبد اللَّه، فقال عبد اللَّه: يقوم فيكبر، ثم يكبر، ثم يكبر، فيقرأ، ثم يكبر ويركع، ويقوم فيقرأ، ثم يكبر، ثم يكبر، ثم يكبر، ثم يكبر الرابعة، ثم يركع. لفظ المسعودي [عند ابن أبي شيبة].
ولفظ مسعر [عند البيهقي]: قدم سعيد بن العاص قبل الأضحى، فأرسل إلى
عبد اللَّه بن مسعود، وإلى أبي موسى، وإلى أبي مسعود الأنصاري، فسألهم عن التكبير، قال: فقذفوا بالمقاليد إلى عبد اللَّه، فقال عبد اللَّه: تقوم فتكبر أربع تكبيرات، ثم تقرأ، ثم تركع في الخامسة، ثم تقوم فتقرأ، ثم تكبر أربع تكبيرات، فتركع بالرابعة.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 495/ 5706)(4/ 216/ 5755 - ط. عوامة)، والبيهقي (3/ 291).
وهذا هو الأشبه بالصواب؛ أن هذه القصة وقعت لسعيد بن العاص، لا للوليد بن عقبة بن أبي معيط، وأثر مكحول يؤيد ذلك.
وهذا موقوف بإسناد جيد؛ وكردوس: قيل: هو ابن عباس، وقيل: ابن هانئ، وقيل: ابن عمرو، وقيل: ابن قيس، والأقرب أنه واحد، وهو ظاهر صنيع البخاري وأبي حاتم.
وعليه: فهو مشهور، قد روى عنه جماعة من ثقات التابعين وغيرهم، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن حجر في الإصابة بعد ذكر الآثار التي لأجلها ذكره من ذكره في الصحابة، قال:"وليس في هذا ما يثبت صحبته، لكن فيه ما يشعر بأن له إدراكًا"[انظر: طبقات ابن سعد (6/ 209)، التاريخ الكبير (7/ 242)، كنى مسلم (3423)، الأسماء المفردة (172)، الجرح والتعديل (7/ 175)، الثقات (5/ 342)، معرفة الصحابة (5/ 2414)، تاريخ الإسلام (7/ 229)، تعجيل المنفعة (906)، الإصابة (5/ 639 و 660)، التهذيب (3/ 467)].
• ورواه أيضًا: زائدة بن قدامة، عن عبد الملك بن عمير، عن كردوس، قال: كان عبد اللَّه بن مسعود يكبر في الأضحى والفطر تسعًا تسعًا، يبدأ فيكبر أربعًا، ثم يقرأ، ثم يكبر واحدة فيركع بها، ثم يقوم في الركعة الآخرة، فيبدأ فيقرأ، ثم يكبر أربعًا، يركع بإحداهن.
أخرجه الطبراني في الكبير (9/ 302/ 9513).
وهذا أيضًا موقوف بإسناد جيد.
قال البيهقي (3/ 291): "وهذا رأي من جهة عبد اللَّه رضي الله عنه، والحديث المسند مع ما عليه من عمل المسلمين أولى أن يتبع، وباللَّه التوفيق".
* ولأثر ابن مسعود طرق أخرى:
أخرجها محمد بن الحسن في الحجة على أهل المدينة (1/ 303 و 304)، وعبد الرزاق (3/ 293/ 5685)، وابن أبي شيبة (1/ 494/ 5697 و 5698)، والطحاوى (4/ 347)، والطبراني في الكبير (9/ 304/ 9520) و (9/ 305/ 9522 و 9523).
وأصحها: ما رواه يعلى بن عبيد: ثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن مسروق، قال: كان عبد اللَّه يكبر في العيدين تسعًا تسعًا، يفتتح بالتكبير، ويختم به.
أخرجه البيهقي (3/ 299)، بإسناد جيد إلى يعلى به.
وهذا موقوف بإسناد كوفي لا بأس به، وهو غريب، ومنصور بن المعتمر: ثقة ثبت،
وهو من أثبت الناس في إبراهيم بن يزيد النخعي، ويعلى بن عبيد الطنافسي: ثقة يحفظ، ضعفه ابن معين في الثوري خاصة [تاريخ ابن معين للدارمي (104)، التهذيب (4/ 450)].
• ورواه غندر محمد بن جعفر، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو داود الطيالسي، وروح بن عبادة:
عن شعبة، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود ومسروق؛ أنهما كانا يُكبِّران في العيد تسع تكبيرات.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 495/ 5710)، والطحاوي (4/ 349).
وهذا مقطوع بإسناد صحيح كالشمس.
* وفي الباب أيضًا مما جاء في التكبير أربعًا أربعًا:
ما رواه عبد اللَّه بن يوسف [التنيسي: ثقة متقن]، وهشام بن عمار [دمشقي صدوق، إلا أنه لما كبر صار يتلقَّن]:
عن يحيى بن حمزة [دمشقي ثقة]، قال: حدثني الوضين بن عطاء؛ أن القاسم أبا عبد الرحمن حدثه، قال: حدثني بعض أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم عيد، فكبر أربعًا، وأربعًا، ثم أقبل علينا بوجهه حين انصرف، قال:"لا تنسوا؛ كتكبير الجنائز"، وأشار بأصابعه، وقبض إبهامه.
أخرجه الطحاوي (4/ 345)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (66/ 348).
قال الطحاوي: "فهذا حديث حسن الإسناد، وعبد اللَّه بن يوسف، ويحيى بن حمزة، والوضين، والقاسم: كلهم أهل رواية، معروفون بصحة الرواية،. . . ".
قلت: ولم يجزم بكونهم كلهم ثقات، ولا يسلَّم له بكونهم معروفين بصحة الرواية، فأما الوضين بن عطاء الدمشقي: فقد وثقه: أحمد وابن معين ودحيم، وقال أحمد مرة:"ليس به بأس، كان يرى القدر"، وقال ابن معين في رواية:"لا بأس به"، وقال أبو داود:"صالح الحديث"، وقال أبو إسحاق الحربي:"غيره أوثق منه"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في المشاهير:"من أثبات أهل الشام، وقدماء شيوخهم"، وقال ابن عدي:"ما أرى بأحاديثه بأسًا".
وقال الوليد بن مسلم: "رأيت الوضين بن عطاء، وكان صاحب خُطَب، ولم يكن في حديثه بذاك"، وقال أبو حاتم:"تعرف وتنكر"، وقال ابن سعد:"كان ضعيفًا في الحديث"، وقال الجوزجاني:"واهي الحديث"، وقال ابن قانع:"ضعيف".
[العلل ومعرفة الرجال (2/ 538/ 3550) و (3/ 115/ 4480)، أحوال الرجال (299)، ضعفاء العقيلي (4/ 329)، الجرح والتعديل (9/ 50)، الثقات (7/ 564)، مشاهير علماء الأمصار (1463)، الكامل (7/ 88) (10/ 296 - ط الرشد)، تاريخ بغداد (13/ 512)، تاريخ دمشق (63/ 42)، الميزان (4/ 334)، التهذيب (4/ 309)].
وقال البزار في مسنده (10/ 43/ 4103) عن إسناد شامي هو أحد رجاله: "وهذا
الحديث لا نعلم يروى عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من وجهٍ متصلٍ إلا عن أبي الدرداء بهذا الإسناد، وإسناده حسن، كل من فيه معروف بالنقل مشهور".
وهذا الحديث قد صححه ابن حبان في صحيحه ضمن حديثين، الأول: في الفصل بين الشفع والوتر (2434)[وهو حديث لا بأس به، قد توبع عليه الوضين، تقدم تخريجه في فضل الرحيم (10/ 491/ 1000)]، والثاني: في فضل أصحاب داود (14/ 130/ 6236): "لقد قبض اللَّه داود من بين أصحابه فما فُتِنوا ولا بدَّلوا، وكان أصحاب المسيح على سنته وهديه مائتي سنة"[وهو حديث معلول، أعله أبو حاتم في المراسيل (850) بالانقطاع، وأنكره ابن عدي في كامله (9/ 380/ 15613) و (10/ 296/ 17496)، وقال ابن كثير في البداية (2/ 322 - ط. هجر): "هذا حديث غريب، وفي رفعه نظر، والوضين بن عطاء: كان ضعيفًا في الحديث"، وقال في موضع آخر (2/ 528 - ط. هجر): "هذا حديث غريب جدًا، وإن صححه ابن حبان"، وقال الذهبي في الميزان (4/ 61): "هذا حديث منكر فرد"، وأقره ابن حجر في اللسان (7/ 573)].
وقد سبق له هنا في السنن (3/ 203/10 - فضل الرحيم) حديث: "العين وكاء السه"، وقد أنكره عليه جماعة، حيث تفرد به عن محفوظ بن علقمة.
والحاصل: أن الوضين بن عطاء ليس من المعروفين بصحة الرواية بإطلاق، وإنما هو كما قال أبو حاتم:"تعرف، وتنكر"، فله أحاديث معروفة صحيحة، وافق فيها الثقات، وله أحاديث منكرة، وهذا منها.
وأما القاسم بن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن الشامي: فقد سبق أن فصلت القول فيه [عند الحديث رقم (558) (6/ 344 - فضل الرحيم)]، ومما قلت هناك: قول أحمد وابن حبان يدل على أنهما وقفا له على أحاديث مناكير يرويها عنه الثقات، ومن ثم فالحمل فيها عليه أولى، لا سيما مع عدم المتابع والشاهد، وهو هنا لم يتابع على رفع هذه الجملة:"لا تنسوا؛ كتكبير الجنائز"، وأشار بأصابعه، وقبض إبهامه، فهو حديث منكر بهذه الزيادة، ولذا يصدق فيه هنا قول أحمد:"منكر الحديث؛ ما أرى البلاء إلا من قبل القاسم"، وقول ابن حبان:"كان ممن يروي عن أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المعضلات، ويأتي عن الثقات بالأشياء المقلوبات، حتى يسبق إلى القلب أنه كان المتعمد لها"، وراجع ترجمته في الموضع المشار إليه.
° وأقرر في خاتمة هذا البحث:
أنه قد صح التكبير أربعًا في الأولى قبل القراءة، وأربعًا في الثانية بعد القراءة، عن عبد اللَّه بن مسعود، وأبي موسى الأشعري، وحذيفة بن اليمان، وأبي مسعود الأنصاري، موقوفًا عليهم، ولا يصح رفعه.
كما قد صح عن ابن عباس موقوفًا عليه [فيما رواه عنه: عطاء بن أبي رباح، وعبد اللَّه بن الحارث، وعمار بن أبي عمار، وعكرمة]، أنه كبر للعيد على أكثر من صفة،
فكبر سبعًا وستًا، وكبر سبعًا وخمسًا، وكبر خمسًا وأربعًا، ويبدو أنه كان يرى الأمر في ذلك واسعًا، مما يضعف القول بالرفع في خصوص فعل ابن عباس، وقد تقدم ذكره في شواهد الحديث السابق.
ولم أتعمد استقصاء ما روي عن الصحابة في هذا الباب لكثرته، وتشعب رواياته، وإنما ذكرت المرفوع وما يتصل به من الموقوف تبعًا، عمدًا للاختصار.
وإنما الذي صح مرفوعًا: التكبير سبعًا في الأولى، وخمسًا في الآخرة قبل القراءة، من حديث عبد اللَّه بن عمرو، وحديث عمرو بن عوف، كما سبق تقريره قبل هذا الحديث.
ومن أهل العلم من رجح العمل بالمرفوع دون الموقوف، ومنهم من اعتبر الموقوف له حكم المرفوع؛ إذ يبعد عن جماعة الصحابة الاجتهاد في مثل ذلك؛ باستثناء فعل ابن عباس، وأنهم إنما أخذوه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومثل هذا لا يكون رأيًا، ولا يكون إلا عن توقيف، ومن ثم جعلوه من قبيل اختلاف التنوع؛ كاختلاف صيغ التشهد والأذان ونحو ذلك:
° قال مالك: "وهو الأمر عندنا"، محتجًا في ذلك بموقوف أبي هريرة.
وقال أحمد في مسائل ابنه عبد اللَّه (467 - 470)، بعد حديث عبد اللَّه بن عمرو، وموقوف أبي هريرة:"وبهذا آخذ"، وقال عبد اللَّه لأبيه: ما تقول عن التكبير، إذا كبر في العيدين؟ قال:"حديث ابن مسعود هو أرفعها"، ولم يقل: به آخذ، كما قال في التكبير سبعًا وخمسًا.
وقال في مسائل الكوسج (394): "أما أنا فأختار حديث أبي هريرة رضي الله عنه سبعًا وخمسًا"، وأنه لا يوالي بين القراءتين، وقال بقوله إسحاق بن راهويه.
وقد سبق أن نقلت بقية أقوال أحمد في نهاية الحديث السابق، فلتراجع.
وذكر الأثرم في الناسخ الحديث من رواية ابن عمرو، وعمرو بن عوف، وجابر، وأبي واقد، وعائشة، وابن عمر، ثم قال:"وبعضها أقوى من بعض"، ثم عارضها بحديث ابن ثوبان، ثم قال:"فخالف هذا الحديث تلك الأحاديث، وتلك أكثر وأثبت".
وقال الترمذي في الجامع (536) بعد حديث عمرو بن عوف: "والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وغيرهم، وهكذا روي عن أبي هريرة؛ أنه صلى بالمدينة نحو هذه الصلاة، وهو قول أهل المدينة، وبه يقول: مالك بن أنس، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.
وروي عن ابن مسعود؛ أنه قال في التكبير في العيدين: تسع تكبيرات في الركعة الأولى؛ خمسًا قبل القراءة، وفي الركعة الثانية يبدأ بالقراءة ثم يكبر أربعًا مع تكبيرة الركوع، وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا، وهو قول أهل الكوفة، وبه يقول سفيان الثوري".
وقد توسع ابن المنذر في ذكر الأقوال المأثورة في عدد تكبيرات صلاة العيد، حتى
أوصلها إلى اثني عشر قولًا، ثم رجح قول الجمهور، فقال:"وبالحديث الأول أقول؛ لحديث عبد اللَّه بن عمرو، وعمرو بن عوف".
وقال البيهقي في المعرفة (3/ 40)، وفي الخلافيات (2/ 370 - مختصره) نقلًا عن الشافعي:"إن تكبيرة العيدين من الأمر الذي لا يجهله العلماء، ولا نحسب ابن مسعود يخالف أصحابه، ولو فعل رحمة اللَّه عليه كان الثابت عندنا عن أهل الإمامة: قول أهل المدينة، ولو لم يكن عندنا فيه إلا فعل أبي هريرة تكبيرَه في دار الهجرة والسُّنَّة وبين أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، مع علمه وعلمهم به؛ علمنا أنه لم يكبر بهم خلاف تكبير رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إن شاء اللَّه، ولو خفي عليه تكبير النبي صلى الله عليه وسلم علموه إياه، وأنكروا عليه خلافه، ولم يكن ذلك كفعل رجلٍ في بلدٍ كلُّهم يتعلمون منه؛ ليسوا كأهل المدينة، وتكبير أبي هريرة عام لأنه بين ظهراني المهاجرين والأنصار وأهل العلم".
وقال ابن عبد البر في الاستذكار (2/ 395): "وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كبر في صلاة العيدين سبعًا في الركعة الأولى، وخمسًا في الثانية، من طرق كثيرة حسان، منها: حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، ومن حديث جابر بن عبد اللَّه، ومن حديث عائشة، ومن حديث عمرو بن عوف المزني، ومن حديث ابن عمر، وحديث أبي واقد الليثي" باختصار العبارة.
* وممن قال بالجمع بين المرفوع والموقوف:
قال ابن عبد البر في الاستذكار (2/ 397): "والذي أقول في هذا الباب: أنه كالاختلاف في الأذان، وأنه كله مباح، لا حرج في شيء منه، وكل أخذه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، كما أخذوا الوضوء واحدةً واثنتين وثلاثًا، والقراءة في الصلوات، وعدد ركعات قيام الليل، والاختلاف عنه صلى الله عليه وسلم في ذلك اختلاف إباحة وتوسعة، والذي أختاره في ذلك قول مالك والشافعي، وباللَّه التوفيق".
ونقل ابن رجب عن أحمد نحو ذلك، فقال في الفتح (6/ 179):"ونقل الميموني عن أحمد، قال: التكبير في العيدين سبعًا في الأولى وخمسًا، وقد اختلف أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في التكبير، وكله جائز"[ونقله أيضًا: ابن مفلح في الفروع (2/ 110)، وغيره].
قال ابن رجب: "وهذا نص منه على أنه يجوز التكبير على كل صفة رويت عن الصحابة من غير كراهة، وإن كان الأفضل عنده: سبعًا في الأولى وخمسًا في الثانية".
وقال ابن رشد في بداية المجتهد (1/ 158): "وإنما صار الجميع إلى الأخذ بأقاويل الصحابة في هذه المسألة؛ لأنه لم يثبت فيها عن النبي عليه الصلاة والسلام شيء، ومعلوم أن فعل الصحابة في ذلك هو توقيف؛ إذ لا مدخل للقياس في ذلك".
• وقد صح القول بالتنوع عن ابن عباس:
فقد روى ابن المنذر في الأوسط (4/ 168/ 2279)، قال: وفيه قول ثاني عشر:
وهي رواية أخرى عن ابن عباس؛ أن التكبير يوم الفطر ويوم النحر تسع تكبيرات، وإحدى عشرة، وثلاثة عشرة، وكلٌ سنة.
حدثناه أبو يعقوب يوسف بن موسى [هو: القطان، وهو: ثقة]، قال: ثنا أبو حفص [هو عمرو بن علي الفلاس، الإمام الحافظ]، قال: ثنا معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس.
وهذا موقوف على ابن عباس بإسناد صحيح على شرط البخاري.
وقال الطحاوي في شرح المعاني (4/ 347): حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ أنه قال: من شاء كبر سبعًا، ومن شاء كبر تسعًا، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة.
وهذا موقوف على ابن عباس بإسناد صحيح على شرط البخاري.
سعيد هو: ابن أبي عروبة، وروح هو: ابن عبادة، وهو: ثقة، سمع من ابن أبي عروبة قبل الاختلاط، وروى له الشيخان عن ابن أبي عروبة [التهذيب (1/ 614)]، وشيخ الطحاوي: أبو بكرة بكار بن قتيبة الثقفي البكراوي البصري، قاضي مصر ومحدثها: صدوق، مصنف، وثقه مسلمة بن قاسم، وذكره ابن حبان في الثقات، وروى عنه: أبو عوانة وأكثر عنه في صحيحه، وكذلك روى عنه جماعة من الأئمة والمصنفين، منهم: ابن خزيمة وابن المنذر والطحاوي وأكثر عنه جدًا، وله مناقب كثيرة [أخبار القضاة (3/ 241)، الثقات (8/ 152)، فتح الباب (1208)، تاريخ دمشق (1/ 3680)، الأنساب (1/ 384)، السير (12/ 599)، تاريخ الإسلام (20/ 70)، رفع الإصر (98)، مغاني الأخيار (1/ 87)، الثقات لابن قطلوبغا (3/ 68)].
وقد صح عن ابن عباس أنه كبر في العيد سبعًا وستًا، وكبر سبعًا وخمسًا، وكبر خمسًا وأربعًا. وتقدم ذكره في شواهد الحديث السابق.
وقول ابن عباس هنا: من شاء كبر كذا، ومن شاء كبر كذا، يوحي باجتهاده في ذلك، وأنه لم يكن يرى التوقيت في التكبير، وذلك بخلاف ما اجتمع عليه ابن مسعود وأبو موسى وحذيفة وأبو مسعود بالتكبير أربعًا في الأولى، وأربعًا في الآخرة، مما يقال بأن له حكم الرفع، واللَّه أعلم.
° وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى العمل بحديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، وحديث عمرو بن عوف المزني، وموقوف أبي هريرة، وما كان في معناها: في التكبير سبعًا في الأولى، وخمسًا في الآخرة، قبل القراءة، ومما يقوي هذا المذهب أمور، منها: كونه مرويًا عن بعضى الخلفاء الراشدين، وإن لم ينقل إلينا بأسانيد صحيحة [تقدم ذكر أثر علي بن أبي طالب، وروي أيضًا عن عمر وعثمان، انظر: مصنف ابن أبي شيبة (1/ 495/ 5718)، مسند أحمد (1/ 73)، شرح معاني الآثار (4/ 347)، الاعتبار للحازمي (1/ 149 - 150)، الوجه الحادي والثلاثون. الفتح لابن رجب (6/ 177)]، ومنها: عمل أهل المدينة، كما نقل