المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌237 - باب إذا دخل الرجل والإمام يخطب - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ١٢

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌230 - باب رفع اليدين على المنبر

- ‌231 - باب إقصار الخُطَب

- ‌232 - باب الدنو من الإمام عند الموعظة

- ‌233 - باب الإمام يقطع الخطبة للأمر يحدث

- ‌234 - باب الاحتباء والإمام يخطب

- ‌235 - باب الكلام والإمام يخطب

- ‌236 - باب استئذانِ المحدثِ الإمامَ

- ‌237 - باب إذا دخل الرجل والإمام يخطب

- ‌238 - باب تخطِّي رقاب الناس يوم الجمعة

- ‌239 - باب الرجل ينعس، والإمام يخطب

- ‌240 - باب الإمام يتكلم بعدما ينزل من المنبر

- ‌241 - باب من أدرك من الجمعة ركعة

- ‌242 - باب ما يُقرأُ به في الجمعة

- ‌243 - باب الرجل يأتم بالإمام وبينهما جدار

- ‌244 - باب الصلاة بعد الجمعة

- ‌245 - باب صلاة العيدين

- ‌246 - باب وقت الخروج إلى العيد

- ‌247 - باب خروج النساء في العيد

- ‌248 - باب الخطبة يوم العيد

- ‌249 - باب يخطب على قوس

- ‌250 - باب ترك الأذان في العيد

- ‌251 - باب التكبير في العيدين

- ‌ 22)].* * *252 -باب ما يُقرَأ في الأضحى والفطر

- ‌253 - باب الجلوس للخطبة

- ‌254 - باب الخروج إلى العيد في طريق ويرجع في طريق

- ‌255 - باب إذا لم يخرج الإمام للعيد من يومه

- ‌256 - باب الصلاة بعد صلاة العيد

- ‌257 - باب يصلي بالناس [العيد] في المسجد إذا كان يومَ مطرٍ

- ‌ومن آداب العيد التي لم يتطرق إليها أبو داود أكل تمرات قبل الغدو لصلاة عيد الفطر

- ‌ومما روي مرفوعًا في التكبير ليلة العيد وأيام التشريق دبر الصلوات المكتوبات

- ‌258 - جماع أبواب صلاة الاستسقاء وتفريعها

- ‌259 - باب في أيِّ وقتٍ يحوِّلُ رداءه إذا استسقى

- ‌260 - باب رفع اليدين في الاستسقاء

- ‌261 - باب صلاة الكسوف

- ‌262 - باب من قال أربع ركعات

- ‌263 - باب القراءة في صلاة الكسوف

- ‌264 - باب يُنادَى فيها بالصلاة

- ‌265 - باب الصدقة فيها

- ‌266 - باب العتق فيها

- ‌267 - باب من قال: يركع ركعتين

- ‌268 - باب الصلاة عند الظلمة ونحوها

- ‌269 - باب السجود عند الآيات

- ‌تفريع أبواب صلاة السفر

- ‌270 - باب صلاة المسافر

الفصل: ‌237 - باب إذا دخل الرجل والإمام يخطب

الثابتة، لا سيما ما أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة: أثبت من حديث عائشة رضي الله عنه مرفوعًا: "إذا أحدث أحدكم في صلاته فليأخذ بأنفه ثم لينصرف"، فإنه مختلف في وصله وإرساله، وسيأتي تحقيق القول فيه إن شاء اللَّه تعالى في تخريج السنن برقم (1114).

° فإن قيل: فما علاقة حديث عائشة بما ترجم له أبو داود من استئذان المحدثِ الإمامَ يوم الجمعة وهو على المنبر؟

فيقال: قد وقع ذلك لبعض أمراء بني أمية، فقد روى سفيان الثوري، عن خالد الحذاء، عن ابن سيرين، قال: كان الناس يستأذنون في الجمعة [وفي رواية: وهو على المنبر]، ويقولون هكذا، يشير بثلاث أصابع، فلما كان زياد كثروا عليه فاغتم، فقال: من أمسك [وفي رواية: من وضع يده] على أنفه فهو إذْنُه.

أخرجه عبد الرزاق (3/ 243/ 5509)، وابن أبي شيبة (1/ 451/ 5211) و (7/ 314/ 36426).

وإسناده صحيح إلى ابن سيرين مقطوعًا عليه قوله.

ولا دليل على صحة هذا الاستئذان، وما استدلوا به من آية سورة النور فإنما هو في الجهاد في سبيل اللَّه، ولا يدخل فيها الاستئذان من خطيب الجمعة، والمؤمن مؤتمن على طهارته، فيخرج إذا شاء، ويجلس إذا شاء، كما قال ابن العربي وغيره، قال مالك في الموطأ (1/ 162/ 284):"ليس على من رعف أو أصابه أمرٌ لا بدَّ له من الخروج؛ أن يستأذن الإمامَ يومَ الجمعة إذا أراد أن يخرج"، واللَّه أعلم [انظر: الاستذكار (2/ 34)، أحكام القرآن لابن العربي (3/ 429)، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/ 320)].

قال ابن العربي في المسالك في شرح الموطأ (2/ 446): "والدليل على صحة ما ذهب إليه الجمهور [يعني في عدم الاستئذان]: أن الإمام إنما يُستأذن فيما فيه النظر إليه والمنع منه؛ لأن ذلك فائدة الاستئذان، وما ليس له منعه فلا يُستأذن فيه، ولذلك لا يستأذنه الناس".

* * *

‌237 - باب إذا دخل الرجل والإمام يخطب

1115 -

. . . حماد، عن عمرو -وهو: ابن دينار-، عن جابر؛ أن رجلًا جاء يومَ الجمعة، والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال:"أصليت يا فلان؟ "، قال: لا، قال:"قُمْ فاركع".

* حديث متفق على صحته

أخرجه البخاري في الصحيح (930)، وفي القراءة خلف الإمام (156)، ومسلم (875/ 54)، وأبو عوانة (3/ 286/ 3021 - إتحاف المهرة)، وأبو نعيم في مستخرجه على

ص: 54

مسلم (2/ 459/ 1963)، والترمذي (510)، وقال:"حسن صحيح"[وفي بعض النسخ: "أصح شيء في هذا الباب"]. والنسائي في المجتبى (3/ 107/ 1409)، وفي الكبرى (2/ 281/ 1729)، وابن خزيمة (1833/ 166/3)، وأبو يعلى (3/ 472/ 1988 و 1989)، والطبراني في الكبير (7/ 163/ 6707)، وهلال الحفار في جزئه عن الحسين بن يحيى القطان (1)، وأبو طاهر المخلص في العاشر من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (112)(2267 - المخلصيات)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 406)، والبيهقي (3/ 217 و 221)، وابن عساكر في المعجم (9)، وفي حديث أهل حردان (17)، وابن بشكوال في الغوامض (1/ 62)، وأبو طاهر السلفي في الثالث والعشرين من المشيخة البغدادية (62)(1918 - المشيخة)، وفي المجالس الخمسة (2).

رواه عن حماد بن زيد: سليمان بن حرب، وأبو الربيع الزهراني سليمان بن داود العتكي، وقتيبة بن سعيد، وعارم أبو النعمان محمد بن الفضل، وحجاج بن المنهال، وأحمد بن عبدة، وعبيد اللَّه بن عمر القواريري، وبشر بن معاذ، وعمرو بن عون، وأبو الأشعث العجلي أحمد بن المقدام [وهم ثقات]، وغيرهم.

* تابع حماد بن زيد عليه:

1 -

سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، سمع جابر بن عبد اللَّه، يقول: دخل رجل المسجد، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، فقال:"أصليت؟ "، قال: لا، قال:"قم فصل الركعتين". لفظ مسلم، وفي رواية البخاري:"فصل ركعتين"، وهي رواية لمسلم بدون الفاء.

أخرجه البخاري (931)، ومسلم (875/ 55)، وأبو عوانة (3/ 286/ 3021 - إتحاف المهرة)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 460/ 1965)، وابن ماجه (1112)، والدارمي (1/ 439/ 1555)، وابن خزيمة (3/ 165/ 1832)، وابن الجارود (293)، وأحمد (3/ 308)، والشافعي في الأم (1/ 197)، وفي السنن (18)، وفي المسند (63)، والحميدي (2/ 319/ 1257)، وأبو يعلى (3/ 362/ 1830) و (3/ 464/ 1969)، والطبراني في الكبير (7/ 163/ 6704)، والدارقطني (2/ 15)، وابن حزم في المحلى (5/ 68)، والبيهقي في السنن (3/ 193)، وفي المعرفة (2/ 478/ 1695)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 263/ 1083)، وقال "هذا حديث متفق على صحته"، وابن بشكوال في الغوامض (1/ 64).

رواه عن ابن عيينة: علي ابن المديني، والشافعي، وأحمد بن حنبل، والحميدي، وإسحاق بن راهويه، وقتيبة بن سعيد، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وأبو خيثمة زهير بن حرب، وعمرو بن محمد الناقد، وعبد الجبار بن العلاء، وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي، وهشام بن عمار، ومحمد بن يوسف الفريابي، وابن المقرئ محمد بن عبد اللَّه بن يزيد، ومحمود بن آدم [وهم ثقات]، وغيرهم.

ص: 55

• خالفهم: عبد اللَّه بن بزيع، فرواه عن روح بن القاسم، وسفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، قال: سمعت جابرًا، يقول: بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إذ دخل رجل، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي ركعتين، وقال:"إذا جاء أحدكم والإمام يخطب فليصل ركعتين".

أخرجه الدارقطني (2/ 15).

قلت: هو حديث منكر بهذا السياق من حديث ابن عيينة، ولعله حمل حديث ابن عيينة على حديث روح بن القاسم؛ لو صح عنه، فإن عبد اللَّه بن بزيع الأنصاري: قال ابن عدي: "أحاديثه عن من يروي عنه ليست بمحفوظة، أو عامتها،. . .، وليس هو عندي ممن يحتج به"، وقال الدارقطني:"لين، ليس بمتروك"، وقال أيضًا:"ليس بقوي"، وقال الساجي:"ليس بحجة، روى عنه يحيى بن غيلان مناكير"[الكامل (4/ 253)، سنن الدارقطني (1/ 399) و (2/ 108)، تخريج الأحاديث الضعاف (322)، من تكلم فيه الدارقطني في كتاب السنن (225)، اللسان (4/ 441)].

وهذا الحديث يرويه عنه: يحيى بن غيلان بن عوام الراسبي التستري: روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في الثقات (9/ 267)، وقال:"مستقيم الحديث"، قلت: إلا عن عبد اللَّه بن بزيع، فقد روى عنه مناكير؛ قاله الساجي [اللسان (4/ 442)، التهذيب (4/ 381)].

2 -

شعبة، قال: أخبرنا عمرو بن دينار، قال: سمعت جابر بن عبد اللَّه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب، فقال:"إذا جاء أحدُكم [يومَ الجمعة]، وقد خرج الإمامُ، فليصلِّ ركعتين". لفظ غندر، وخالد؛ لكنه جعل: يوم الجمعة من قول شعبة، وفي رواية آدم وعلي بن الجعد وأسد بن موسى وهاشم بن القاسم:"والإمام يخطب، أو: قد خرج".

ولفظ النضر وأبي زيد الهروي ووهب بن جرير: "إذا جاء أحدُكم والإمامُ يخطب، فليصلِّ ركعتين".

ولفظ الطيالسي [في مسنده]: "إذا جاء أحدُكم يومَ الجمعة، والإمامُ يخطب، فليصلِّ ركعتين".

أخرجه البخاري (1166)، ومسلم (875/ 57)، وأبو عوانة (3/ 286/ 3021 - إتحاف المهرة)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 461/ 1967)، والنسائي في المجتبى (3/ 101/ 1395)، وفي الكبرى (2/ 276/ 1715)، والدارمي (1/ 438/ 1551)، وأحمد (3/ 369)، والطيالسي (3/ 271/ 1801)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (1599)، وأبو بكر النيسابوري في الزيادات على المزني (108)، والطبراني في الكبير (7/ 162/ 6701)، والدارقطني (2/ 14 و 15)، وابن حزم في المحلى (5/ 68).

رواه عن شعبة: غندر محمد بن جعفر، وآدم بن أبي إياس، وخالد بن الحارث، وأبو النضر هاشم بن القاسم، وأبو داود الطيالسي، وعلي بن الجعد، والنضر بن شميل،

ص: 56

وسعيد بن الربيع أبو زيد الهروي، ووهب بن جرير، وأسد بن موسى [وهم ثقات].

* خالفهم في اسناده فوهم وهمًا قبيحًا: عيسى بن واقد [مجهول، سبقت ترجمته تحت الحديث رقم (425)][والراوي عنه: حاتم بن بكر بن غيلان الضبي: شيخ لابن خزيمة وابن ماجه والبزار وابن جرير الطبري وأبي عروبة الحراني، ليس بذاك المشهور، وذكر له البزار حديثًا لم يتابع عليه (1489)، ثم اعتذر له بقوله: "وكان حاتم: حسن العقل، حسن الفهم، فاحتمل هذا الحديث عنه، وإن كان لم يتابعه عليه غيره،. . . "، وانظر في أوهامه: علل الدراقطني (9/ 203/ 1720)، انظر: تاريخ الإسلام (19/ 102)، التقريب (123)، وقال: "مقبول"]، والحسن بن عمرو بن سيف العبدي [متروك، كذبه ابن المديني والبخاري. التاريخ الكبير (2/ 299)، الجرح والتعديل (3/ 26)، كنى مسلم (2263)، التهذيب (1/ 410)]:

كلاهما عن شعبة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد اللَّه، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء أحدكم المسجد والإمام يخطب؛ فليصلِّ ركعتين قبل أن يجلس".

أخرجه ابن خزيمة (3/ 165/ 1831)، وابن عدي في الكامل (2/ 328)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (3/ 565)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 158)، وفي تاريخ أصبهان (1/ 243 و 244) و (2/ 107).

قال ابن عدي: "وهذا لا أعلم رواه عن شعبة غير الحسن بن عمرو، وآخر، وهو عيسى بن واقد؛ شيخ بصري".

وقال الدارقطني في العلل (13/ 339/ 3218): "يرويه شعبة، واختلف عنه:

فرواه عيسى بن واقد، والحسن بن عمرو بن سيف البصري، عن شعبة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر.

وخالفهما: غندر، ومعاذ بن معاذ، وغيرهما من أصحاب شعبة، رووه عن شعبة، عن عمرو بن دينار، عن جابر، وهو الصحيح.

وكذلك رواه ورقاء وغيره، عن عمرو بن دينار، عن جابر".

وقال أبو نعيم: "غريب من حديث شعبة، تفرد به: عيسى بن واقد".

3 -

إسماعيل بن علية، عن أيوب، عن عمرو بن دينار، عن جابر، قال: جاء رجل يوم الجمعة ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال:"هل صليت؟ "، قال: لا، قال:"قم فاركع".

أخرجه مسلم (875/ 54)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 460/ 1964)، وابن خزيمة (3/ 166/ 1833)، والطبراني في الكبير (7/ 163/ 6706).

4 -

ابن جريج: أخبرني عمرو بن دينار؛ أنه سمع جابر بن عبد اللَّه، يقول: جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم على المنبر يوم الجمعة يخطب، فقال له:"أركعت ركعتين؟ "، قال: لا، فقال:"اركع".

أخرجه مسلم (875/ 56)، وأبو عوانة (3/ 286/ 3021 - إتحاف المهرة)، وأبو نعيم

ص: 57

في مستخرجه على مسلم (2/ 460/ 1966)، والنسائي في المجتبى (3/ 103/ 1400)، وفي الكبرى (2/ 276/ 1716)، وابن خزيمة (3/ 166/ 1833 و 1834)، وأحمد (3/ 369 و 380)، والشافعي في السنن (17)، وعبد الرزاق (3/ 244/ 5513)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 93/ 1840)، والطحاوي (1/ 365)، والطبراني في الكبير (7/ 162/ 6700)، والبيهقي في المعرفة (2/ 478/ 1697)، والخطيب في المبهمات (376).

5 -

8 روح بن القاسم [ثقة حافظ]، وورقاء بن عمر [ثقة]، ومحمد بن مسلم الطائفي [صدوق، يخطئ إذا حدث من حفظه، وكتابه أصح، وله غرائب. انظر: التهذيب (3/ 696)، الميزان (4/ 40)، التقريب (564)]، وحبيب أبو يحيى [يغلب على ظني أنه ابن الشهيد البصري، وهو: ثقة ثبت]، وغيرهم:

عن عمرو بن دينار، عن جابر؛ أن رجلًا دخل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي ركعتين. لفظ روح بن القاسم [عند الطبراني].

أخرجه أبو عوانة (3/ 286/ 3021 - إتحاف المهرة)، وابن خزيمة (3/ 166/ 1833)، والطبراني في الكبير (7/ 162/ 6702) و (7/ 163/ 6703) و (7/ 163/ 6705)، وفي الأوسط (6/ 280/ 6413) و (9/ 34/ 9058)، والدارقطني (2/ 15)، وأبو طاهر السلفي في الثالث عشر من المشيخة البغدادية (32)(1237 - المشيخة).

وانظر: الإلزامات والتتبع (170)، هدي الساري (355).

* * *

1116 -

. . . حفص بن غياث، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، وعن أبي صالح، عن أبي هريرة، قالا: جاء سُلَيكٌ الغَطَفاني، ورسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال له:"أصليتَ شيئًا؟ "، قال: لا، قال:"صلِّ ركعتين، تجوَّزْ فيهما".

* حديث شاذ بهذه الزيادة في الإسناد: عن أبي صالح، عن أبي هريرة، وأصله في مسلم بدونها.

أخرجه ابن ماجه (1114)، وأبو عوانة (3/ 165/ 2746 - إتحاف المهرة)، وابن حبان (6/ 246/ 2500)، وأبو يعلى (3/ 449/ 1946)، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (3/ 174/ 1652)، والطبراني في الكبير (7/ 162/ 6698)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1438/ 3646)، وابن حزم في المحلى (5/ 68)، وابن عبد البر في الاستذكار (2/ 25)، وأبو طاهر السلفي في العشرين من المشيخة البغدادية (9)(1634 - المشيخة).

قال ابن حبان: "تفرد به حفص بن غياث، وهو قاضي الكوفة".

رواه عن حفص بن غياث: محمد بن محبوب البناني البصري [ثقة]، وإسماعيل بن

ص: 58

إبراهيم بن معمر الهذلي أبو معمر القطيعي [ثقة مأمون]، وداود بن رُشيد [ثقة]، وأبو هشام محمد بن يزيد الرفاعي [ضعيف].

وفي رواية داود بن رشيد [عند ابن ماجه وأبي يعلى]: "أصليتَ [ركعتين] قبل أن تجيء؟ "، وتابعه على هذه اللفظة: أبو معمر القطيعي [عند أبي نعيم]، وقد روي من طريقهما أيضًا بدونها [عند أبي داود وابن حبان والطبراني].

قال ابن القيم في الزاد (1/ 434): "قال أبو البركات ابن تيمية: وقوله: "قبل أن تجيء" يدل عن أن هاتين الركعتين سنة الجمعة، وليستا تحية المسجد، قال شيخنا حفيده أبو العباس: وهذا غلط، والحديث المعروف في الصحيحين عن جابر قال: دخل رجل يوم الجمعة ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: "أصليت؟ "، قال: لا، قال: "فصل ركعتين"، وقال: "إذا جاء أحدكم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين، وليتجوز فيهما"، فهذا هو المحفوظ في هذا الحديث، وأفراد ابن ماجه في الغالب غير صحيحة، هذا معنى كلامه.

وقال شيخنا أبو الحجاج الحافظ المزي: هذا تصحيف من الرواة، إنما هو:"أصليت قبل أن تجلس؟ "، فغلط فيه الناسخ، وقال: وكتاب ابن ماجه إنما تداولته شيوخ لم يعتنوا به، بخلاف صحيحي البخاري ومسلم، فإن الحفاظ تداولوهما، واعتنوا بضبطهما وتصحيحهما، قال: ولذلك وقع فيه أغلاط وتصحيف.

قلت: ويدل على صحة هذا أن الذين اعتنوا بضبط سنن الصلاة قبلها وبعدها، وصنفوا في ذلك من أهل الأحكام والسنن وغيرها، لم يذكر واحد منهم هذا الحديث في سنة الجمعة قبلها، وإنما ذكروه في استحباب فعل تحية المسجد والإمام على المنبر، واحتجوا به على من منع من فعلها في هذه الحال، فلو كانت هي سنة الجمعة لكان ذكرها هناك والترجمة عليها وحفظها وشهرتها أولى من تحية المسجد، ويدل عليه أيضًا: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بهاتين الركعتين إلا الداخل لأجل أنها تحية المسجد، ولو كانت سنة الجمعة لأمر بها القاعدين أيضًا، ولم يخص بها الداخل وحده" [وانظر: طرح التثريب (3/ 36)].

وقال ابن حجر في الفتح (2/ 410): "ويحتمل أن يكون معنى: "قبل أن تجيء"؛ أي: إلى الموضع الذي أنت به الآن، وفائدة الاستفهام: احتمال أن يكون صلاها في مؤخر المسجد، ثم تقدم ليقرُب من سماع الخطبة، كما تقدم في قصة الذي تخطَّى، ويؤكده أن في رواية لمسلم: "أصليت الركعتين؟ " بالألف واللام، وهو للعهد، ولا عهد هناك أقرب من تحية المسجد، وأما سنة الجمعة التي قبلها فلم يثبت فيها شيء".

° قلت: هذه اللفظة ثابتة في سنن ابن ماجه [كما في النسخ التي وقفت عليها من السنن]، وقد روى الحديث بها أبو يعلى من طريق داود بن رشيد، وأبو نعيم في المعرفة من طريق أبي معمر، لكنها لفظة شاذة، حيث رويت أيضًا من طريق داود بن رُشيد وأبي معمر القطيعي بدونها، ورواه بدونها: محمد بن محبوب وأبو هشام الرفاعي.

وقد رواه جماعة من الحفاظ عن حفص بن غياث بدونها أيضًا، ولم يأت بها أحد

ص: 59

ممن روى هذا الحديث عن الأعمش من أصحابه الذين يأتي ذكرهم.

* وهذا الحديث قد اختلف في إسناده ومتنه على حفص بن غياث:

أ- فرواه محمد بن محبوب البناني البصري، وإسماعيل بن إبراهيم بن معمر الهذلي أبو معمر القطيعي، وداود بن رُشيد [وهم ثقات]، وأبو هشام محمد بن يزيد الرفاعي [ضعيف]:

عن حفص بن غياث، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، وعن أبي صالح، عن أبي هريرة، قالا: جاء سُلَيكٌ الغَطَفاني. . . الحديث، على اختلاف بينهم في متنه.

ب- خالفهم: عمر بن حفص بن غياث [ثقة]، قال: ثنا أبي، قال: ثنا الأعمش، قال: سمعت أبا صالح يذكر حديث سليك الغطفاني.

ثم سمعت أبا سفيان بعد ذلك يقول: سمعت جابرًا يقول: جاء سليك الغطفاني في يوم الجمعة ورسول اللَّه يخطب، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"قم يا سليك، فصل ركعتين خفيفتين، تجوَّز فيهما"، ثم قال:"إذا جاء أحدكم والإمام يخطب، فليصل ركعتين خفيفتين، بتجوَّز فيهما".

أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (157)، والطحاوي (1/ 365).

هكذا أرسله فلم يذكر في إسناده أبا هريرة، ثم وصله من حديث جابر.

ج- وخالفهم فلم يذكر في إسناده: إسناد أبي صالح عن أبي هريرة، وأفرد إسناد أبي سفيان عن جابر: ثقتان حافظان؛ أبو بكر ابن أبي شيبة ومحمد بن عبد اللَّه بن نمير:

• رواه أبو بكر ابن أبي شيبة، قال: حدثنا حفص بن غياث، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: جاء سليك الغطفاني والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، فقال له:"صليت؟ "، قال: لا، قال:"صلِّ ركعتين، تجوَّز فيهما".

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 447/ 5161) و (1/ 451/ 5212) و (7/ 314/ 36427) و (7/ 320/ 36484)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 461/ 1969).

• ورواه ابن نمير: حدثنا حفص، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: جاء سليك الغطفاني والنبي صلى الله عليه وسلم-يخطب، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إذا جاء أحدكم والإمام يخطب؛ فليصلِّ ركعتين، يتجوَّز فيهما".

أخرجه أبو يعلى (4/ 187/ 2276).

هكذا اضطرب حفص بن غياث في إسناد هذا الحديث ومتنه؛ فإنه وإن كان كتابه ثبتًا في الأعمش؛ إلا أنه ساء حفظه بعدما ولي القضاء، فكان يغلط إذا حدث من حفظه، وهذا منه، فقد اختلف الثقات عليه في إسناده ومتنه، فكلٌ قد حدث عنه بوجه مختلف، يزيد فيه حفص وينقص، وقد قال ابن معين:"جميع ما حدث به ببغداد من حفظه"، وأبو معمر القطيعي وداود بن رشيد ممن سكنا بغداد، بل إن داود بن رشيد قد أدرك ذلك فقال:"حفص: كثير الغلط"، وهذا يؤكد المعنى المذكور من كون حفص كان يضطرب في إسناد

ص: 60

هذا الحديث ومتنه، لا سيما وقد تفرد حفص بهذه الزيادة في المتن والإسناد عن الأعمش، ولم يأت بها أحد من أصحاب الأعمش الحفاظ، مثل: سفيان الثوري، وزائدة بن قدامة، وأبي معاوية، وعيسى بن يونس، وغيرهم، واللَّه أعلم.

* فقد رواه عن الأعمش فلم يأت بهذه الزيادة في المتن، ولا في الإسناد:

عيسى بن يونس، وأبو معاوية محمد بن خازم الضرير، وسفيان الثوري [وعنه: عبد الرزاق في المصنف برواية إسحاق الدبري]، وزائدة بن قدامة [وهم ثقات، من أثبت الناس في الأعمش]، وداود بن نصير الطائي [ثقة فقيه]، ومعمر بن راشد [ثقة، وهو ثبت في الزهري وابن طاووس]، وشريك بن عبد اللَّه النخعي [صدوق، سيئ الحفظ]:

عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر بن عبد اللَّه، قال: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطب، فجلس، فقال له:"يا سليك! قم فاركع ركعتين، وتجوَّز فيهما".

ثم قال: "إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب، فليركع ركعتين، وليتجوَّز فيهما". واللفظ لعيسى بن يونس [عند مسلم].

ولفظ أبي معاوية: [عند أحمد]: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة، والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فجلس، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب، فليصلِّ ركعتين [خفيفتين]، ثم ليجلس".

ولفظ زائدة بن قدامة [عند عبد بن حميد]: جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فأمره الني صلى الله عليه وسلم أن يصلي ركعتين فيهما جواز، فقلت لسليمان: يوم الجمعة؟ قال: نعم.

وفي رواية داود الطائي [عند ابن حبان]: "صلِّ ركعتين خفيفتين، قبل أن تجلس".

أخرجه مسلم (875/ 59)[من طريق عيسى بن يونس]. وأبو عوانة (3/ 165/ 2746 - إتحاف المهرة)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 461/ 1969)، والنسائي في جزء من إملائه (23)، وابن خزيمة (3/ 167/ 1835)، وابن حبان (6/ 247/ 2501 و 2502)، وأحمد (3/ 316)، وعبد الرزاق (3/ 244/ 5514)، وعبد بن حميد (1024)، وأبو يعلى (4/ 134/ 2186)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 93 - 94/ 1841) و (4/ 96/ 1842)، والطحاوي (1/ 365)، وأبو بكر النيسابوري في الزيادات على المزني (109)، والطبراني في الكبير (7/ 161/ 6697)، وابن المقرئ في المعجم (394)، والدارقطني (2/ 13)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 437/ 3645)، والبيهقي في السنن (3/ 194)، وفي المعرفة (2/ 479/ 1698)، والخطيب في الكفاية (407)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 264/ 1084)، وقال:"هذا حديث صحيح"، وابن عساكر في تاريخ دمشق (41/ 446).

• ورواه محمد بن يوسف الفريابي [ثقة]، وعبد الرزاق بن همام [ثقة حافظ][وعنه جماعة من الثقات، منهم: أحمد بن حنبل]، وإبراهيم بن خالد الصنعاني المؤذن [ثقة]، وعبد الملك بن الصباح المسمعي [صدوق، وفي الإسناد إليه من يجهل حاله]:

ص: 61

عن سفيان الثوري، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، عن السليك، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء أحدكم إلى الجمعة والإمام يخطب؛ فليصل ركعتين خفيفتين".

أخرجه أحمد (3/ 389)[في مسند جابر]. وأبو عوانة (6/ 5/ 6045 - إتحاف المهرة)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/ 476/ 1279)، وابن عدي في الكامل (3/ 465)(6/ 84 - ط. الرشد)، والدارقطني (2/ 14)، والخطيب في الكفاية (407)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (36/ 404)، وعلقه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (3/ 174/ 1651 م).

قال البخاري في التاريخ الكبير (4/ 206): "قال بعضهم: عن جابر عن سليك، قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب: "صل ركعتين"، ولا يصح عن سليك".

وقال ابن عدي: "ولا أعلم قاله أحدٌ عن الثوري عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن السليك؛ غير الفريابي وإبراهيم بن خالد، والحديث له طرق عن جابر، وكلهم قالوا: إن سليكًا دخل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب".

وهذا هو الصواب؛ فإن الحديث مشهور عن جابر في حكاية قصة سليك الغطفاني، وشهوده للواقعة غير ممتنع، ولكن بعض الرواة هو الذي تساهل في جعله على سبيل الرواية، لا على سبيل الحكاية، وقد يقال: إن الأمر هاهنا سهل، لكونه دائرًا بين صحابيين، وعليه يحمل قول أبي داود في مسائله لأحمد (1978 م) في اتصال الحديث المؤنن:"سمعت أحمد يقول: كان مالك -زعموا- يرى عن فلان وأن فلانًا سواء؛ ذكر أحمد: مثل حديث جابر؛ أن سليكًا جاء والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، أو: عن جابر عن سليك؛ أنه جاء"، لكن نعود ونقول: هذا لو كان سليك مشهورًا بالرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكنه غير مشهور بذلك، وإنما حكى جابر قصته، ولا يُعرف له غير هذا الحديث، وقد قال أبو القاسم البغوي:"لا أعلم لسليك غيره"[المعجم (3/ 174)]، وأما حديثه الآخر في النهي عن الصلاة في أعطان الإبل؛ فإنه غير محفوظ [راجع السنن برقم (184)، علل ابن أبي حاتم (38 و 510)]، ولذلك فإن أحمد لم يخرج الحديث في مسند سليك، وإنما أخرجه في مسند جابر، وعدم تفريق أحمد هنا بين الرواية والحكاية سببه أن الرواية مردها إلى الحكاية على سبيل التجوز، كما سيأتي كلام ابن حجر في ذلك، وأما الاختلاف بين صحابيين كلاهما يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فلا إشكال في ذلك، مثل حديث ابن أبي عروبة عن قتادة عن أنس؛ أن نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم وزيد بن ثابت تسحرا، وحديث هشام الدستوائي وهمام وغيرهما عن قتادة عن أنس، عن زيد بن ثابت، أو: أن زيد بن ثابت حدثه، وكلاهما في الصحيح [راجع صحيح البخاري (575 و 576 و 1134 و 1921)، صحيح مسلم (1097)]، وكذلك حديث ابن عمر، قال: استفتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم: أينام أحدنا وهو جنب، وحديثه عن عمر في ذلك [راجع الحديث المتقدم برقم (221)]، واللَّه أعلم.

ص: 62

وقد نحا ابن حجر في ذلك منحى آخر، فقال في الفتح (2/ 408):"والذي يظهر لي أنه ما عنى أن جابرًا حمل القصة عن سليك، وإنما معناه أن جابرًا حدثهم عن قصة سليك، ولهذا نظير. . . "، وهو محتمل كما سبق بيانه.

والحاصل: فإن الحديث إنما هو لجابر، يروي فيه قصة سليك الغطفاني، لا أن سليكًا هو راويها، واللَّه أعلم.

° هكذا رواه الثقات من أصحاب الأعمش، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر بن عبد اللَّه، قال: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطب،. . . الحديث.

* وممن وهم فيه على الأعمش:

أ- رواه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق [ثقة]، وقيس بن الربيع [ليس بالقوي]، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، وأبي سفيان، عن جابر.

ذكره أبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1437/ 3645 م)، وابن الأثير في أسد الغابة (2/ 514).

ب- وخالفهم أيضًا حبان بن علي فوهم في إسناده على الأعمش:

رواه محمد بن عثمان بن أبي شيبة [حافظ صدوق، له غرائب]، قال: ثنا يحيى بن الحسن بن الفرات القزاز [روى عنه جماعة، ولم أجد من ترجم له، وأخوه زياد، وأبوهما الحسن، وجدهما فرات: مشهورون، من رجال التهذيب]: ثنا حبان بن علي [العنزي: ضعيف]، عن الأعمش، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: جاء سليك النطفاني والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فأمره أن يصلي ركعتين.

أخرجه ابن الأعرابي في المعجم (488)، والطبراني في الكبير (7/ 163/ 6708).

قال الدارقطني في العلل (13/ 345/ 3225): "خالفه أبو معاوية الضرير، وداود الطائي، وأصحاب الأعمش، فرووه عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر.

وهو الصواب".

* وخالفهم في اسم الداخل فوهم:

منصور بن أبي الأسود [لا بأس به]، رواه عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: دخل النعمان بن قوقل ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"يا نعمان! صلِّ ركعتين تجوَّز فيهما، وإذا جاء أحدكم والإمام يخطب فليصلِّ ركعتين، وليخفِّفْهما".

أخرجه الطبراني [عزاه إليه في الأوسط: ابن حجر في التلخيص (2/ 124/ 640)، ولم أجده في الموضع الذي أشار إليه فيما بين (766 - 937)، وعزاه جماعة للطبراني في الكبير]. وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5/ 2654/ 6363)، والخطيب في المبهمات (377).

ص: 63

بإسنادين صحيحين إلى سعيد بن سليمان [الواسطي: ثقة حافظ]، عن منصور به.

قال ابن حجر في الفتح (2/ 407): "قال أبو حاتم الرازي: وهم فيه منصور؛ يعني: في تسمية الآتي".

وحكم عليه بالشذوذ: ابن حجر في الفتح (2/ 407).

قلت: فلا تصح هذه القصة إلا لسليك الغطفاني، واللَّه أعلم.

* * *

1117 -

قال أبو داود: حدثنا أحمد بن حنبل: حدثنا محمد بن جعفر، عن سعيد، عن الوليد أبي بشر، عن طلحة؛ أنه سمع جابر بن عبد اللَّه يحدِّث؛ أن سُليكًا جاء. . . فذكر نحوه، زاد: ثم أقبل على الناس، وقال:"إذا جاء أحدُكم والإمامُ يخطب، فليُصلِّ ركعتين يتجوَّزُ فيهما".

* حديث صحيح

أخرجه أحمد (3/ 297)(6/ 3001/ 14391 - ط. المكنز).

قال أحمد في المسند: حدثنا محمد بن جعفر: حدثنا سعيد.

حدثنا روح وعبد الوهاب، عن سعيد، عن الوليد أبي بشر، عن طلحة -قال عبد الوهاب: الإسكاف-؛ أنه سمع جابر بن عبد اللَّه يحدث؛ "أن سليكًا جاء ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطب، فجلس، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي ركعتين".

قال محمد في حديثه: ثم أقبل على الناس، فقال:"إذا جاء أحدكم والإمام يخطب، فليصلِّ ركعتين، يتجوَّز فيهما".

• رواه من طريق أحمد مختصرًا بطريق غندر وحده: الطبراني في الكبير (7/ 162/ 6699).

• وممن رواه أيضًا من طريق عبد الوهاب بن عطاء الخفاف الخطيب في المبهمات (377).

* تابع غندر على حديثه بتمامه:

أبو بحر البكراوي عبد الرحمن بن عثمان [ضعيف]: ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن الوليد أبي بشر، عن طلحة بن نافع -يعني: أبا سفيان-، أنه سمع جابر بن عبد اللَّه يقول: جاء سليك الغطفاني. . .، فذكره.

أخرجه الدارقطني (2/ 13).

قلت: سعيد بن أبي عروبة ممن اختلط، وسماع غندر منه كان بعد الاختلاط، وأما عبد الوهاب بن عطاء الخفاف فإنه: صدوق، كان عالمًا بسعيد بن أبي عروبة؛ إلا أنه سمع منه قبل الاختلاط وبعده، فلم يميز بين هذا وهذا [شرح العلل (2/ 743)، الكواكب

ص: 64

النيرات (25)]، وأما روح بن عبادة فهو: ثقة، سمع من ابن أبي عروبة قبل الاختلاط، وروى له الشيخان عن ابن أبي عروبة [التهذيب (1/ 614)]، وبهذا يصح الحديث عن ابن أبي عروبة.

وشيخ ابن أبي عروبة هو: الوليد بن مسلم بن شهاب العنبري، أبو بشر البصري، وهو: ثقة، فالإسناد صحيح.

والزيادة التي أتى بها غندر، وتابعه عليها أبو بحر البكراوي زيادة محفوظة من حديث أبي سفيان عن جابر، فقد رواه الأعمش عن أبي سفيان به [كما تقدم ذكره في الحديث السابق].

* رواه أيضًا عن جابر:

1 -

الليث بن سعد، وسفيان بن عيينة، ويزيد بن إبراهيم التستري [وهم: ثقات أثبات]، وإسحاق بن راشد [الجزري: ثقة]، وإسماعيل بن مسلم المكي [ضعيف]:

عن أبي الزبير، عن جابر، أنه قال: جاء سُلَيكٌ الغطفاني يوم الجمعة، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قاعد على المنبر، فقعد سليك قبل أن يصلي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"أركعت ركعتين؟ "، قال: لا، قال:"قم فاركعهما".

أخرجه مسلم (875/ 58)، والبخاري في القراءة خلف الإمام (155)، وأبو عوانة (3/ 286/ 3021 - إتحاف المهرة)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 460/ 1965) و (2/ 461/ 1968)، والنسائي في الكبرى (1/ 272/ 499) و (2/ 276/ 1717)، وابن ماجه (1112)، وابن خزيمة (3/ 165/ 1832)، وأحمد (3/ 363)، والشافعي في الأم (1/ 197)، وفي السنن (19)، وفي المسند (64)، والحميدي (2/ 319/ 1257)، وأبو الجهم العلاء بن موسى في جزئه (11)، وعبد بن حميد (1048)، وأبو يعلى (3/ 464/ 1970) و (5/ 33/ 2622)، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (3/ 174/ 1651)، والطحاوي (1/ 365)، والطبراني في الكبير (7/ 163/ 6709)، وابن عدي في الكامل (3/ 341)، والدارقطني في الأفراد (1/ 325/ 1764 - أطرافه)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1438/ 3647)، والبيهقي في السنن (3/ 193 و 194)، وفي المعرفة (2/ 478/ 1696)، وابن بشكوال في الغوامض (1/ 63 و 64).

* خالفهم بعض المتروكين فأتى فيه بزيادة منكرة:

فقد روى إسماعيل بن أبان الوراق [ثقة]: حدثنا صباح بن يحيى المزني، عن ابن أبي ليلى، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: جاء سليك والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"صليت قبل أن تجيء؟ "، قال: لا، قال:"قم فصل ركعتين، ثم اجلس"، ثم قال:"إذا جاء أحدكم ولم يكن صلى؛ فليصل ركعتين قبل أن يجلس"، وذلك يوم الجمعة.

أخرجه ابن الأعرابي في المعجم (200)، وخيثمة الأطرابلسي في حديثه (78).

ص: 65

وهذا حديث منكر باطل؛ فإن صباح بن يحيى المزني هذا: متروك؛ بل متهم [التاريخ الكبير (4/ 314)، الجرح والتعديل (4/ 442)، ضعفاء العقيلي (2/ 212)، المجروحين (1/ 377)، الكامل (4/ 84)، الميزان (2/ 306)، اللسان (4/ 303)].

ولم يتابع على قوله في هذا الحديث: "ولم يكن صلى"، والذي يحتج به بعضهم على أن هاتين الركعتين هما سنة الجمعة، وأن من لم يصلهما في بيته، فليصلهما إذا أتى والإمام يخطب، وهذا قول باطل لا دليل عليه، ودليلهم هذا ساقط، ليس بشيء.

2 -

يعقوب بن إبراهيم: ثنا أبي، عن ابن إسحاق، عن [وفي رواية: قال: حدثني] أبان بن صالح، عن مجاهد أبي الحجاج، عن جابر بن عبد اللَّه، قال: دخل سليك الغطفاني يوم الجمعة [ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الناس]، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"اركع ركعتين، ولا تعُدْ لمثل هذا"، قال: فركعهما ثم جلس.

أخرجه ابن حبان (6/ 250/ 2504)، والدارقطني (2/ 16).

صححه ابن حبان، وهو حديث حسن، وقد سبق الكلام عن هذا الإسناد فيما تقدم في السنن برقم (13)، وقال البخاري عن حديث جابر بهذا الإسناد في النهي عن استقبال القبلة ببول:"هذا حديث صحيح"، وقد أخرج الشيخان لمجاهد بن جبر أبي الحجاج عن جابر في صحيحيهما [البخاري (1570)، مسلم (1216)]، وهكذا رواه عن جابر: عمرو بن دينار، وأبو سفيان طلحة بن نافع، وأبو الزبير المكي؛ إلا أنه زاد عليهم: قوله صلى الله عليه وسلم: "ولا تعُدْ لمثل هذا"، وهي زيادة حسنة، لا بأس بها.

قال ابن حبان: "قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تعُودَنَّ لمثل هذا": أراد الابطاء في المجيء إلى الجمعة، لا الركعتين اللتين أمر بهما، والدليل على صحة هذا: خبر ابن عجلان الذي تقدم ذكرنا له أنه أمره في الجمعة الثانية أن يركع ركعتين مثلهما"، يعني: حديث أبي سعيد الآتي ذكره.

وبمثل هذا المعنى أنكر عمر بن الخطاب على عثمان تأخره إلى ما بعد النداء، وتقصيره في عدم التبكير إلى الجمعة، راجع في هذا المعنى ما كتبت عند الحديث رقم (340)، وفتح الباري لابن رجب (5/ 361).

3 -

ورواه الحسن البصري، واختلف عليه:

أ- فرواه إسماعيل بن مسلم المكي [ضعيف، قال أحمد: "منكر الحديث"، وعنده عجائب، يروي عن الثقات المناكير، وقد تركه ابن مهدي والقطان والنسائي وغيرهم. العلل ومعرفة الرجال (2/ 352/ 2556)، ضعفاء العقيلي (1/ 92)، الكامل (1/ 283)، التهذيب (1/ 167)]، ومنصور بن زاذان [ثقة ثبت؛ لكن لا يثبت عنه؛ ففي الإسناد إليه من يُجهل حاله، والمعروف عنه الإرسال، كما سيأتي]:

عن الحسن، عن جابر، قال: جاء سُلَيكٌ الغطفاني ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر يوم الجمعة، فأمره أن يصلي ركعتين، يتجوَّز فيهما. لفظ إسماعيل.

ص: 66

أخرجه أبو يعلى (5/ 33/ 2622)، والطبراني في الكبير (7/ 164/ 6710).

ب- ورواه هشام بن حسان [بصري ثقة، في روايته عن الحسن البصري مقال]، وزكريا بن حكيم الحبطي [هالك، ليس بشيء، ترك الناس حديثه. اللسان (3/ 505)]، ورجل مبهم [وفي الإسناد إليه ضعف]:

ثلاثتهم عن الحسن، عن سليك بن هُدبة الغطفاني، أنه جاء ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر يوم الجمعة، فقال له:"أركعت ركعتين؟ "، قال: لا، قال:"صل ركعتين، وتجوَّز فيهما". لفظ هشام بن حسان.

أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/ 430/ 1223) و (2/ 476/ 1280)، والطحاوي (1/ 365)، والطبراني في الكبير (7/ 164/ 6712)، وفي الأوسط (1/ 239/ 781)، وابن عدي في الكامل (3/ 465)(6/ 85 - ط. الرشد).

ج- خالفهم ثقات أصحاب الحسن فأرسلوه، وهو الصواب:

رواه يونس بن عبيد [ثقة ثبت، أثبت أصحاب الحسن]، ومنصور بن زاذان [في المحفوظ عنه، وهو: ثقة ثبت، من أصحاب الحسن]، وأبو حرة واصل بن عبد الرحمن البصري [صدوق، لم يسمع من الحسن إلا ثلاثة أحاديث، والباقي يدلسه، لذا ضعفوا حديثه عن الحسن. العلل ومعرفة الرجال (2/ 595/ 3823)، الكامل (7/ 86)، الميزان (4/ 329)، التهذيب (4/ 302)، تحفة التحصيل (336)]، والربيع بن صبيح [ليس بالقوي]:

عن الحسن، قال: جاء سليك الغطفاني والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، ولم يكن صلى الركعتين، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي ركعتين يتجوز فيهما.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 447/ 5162) و (7/ 320/ 36487)، والدارمي (1/ 438/ 1553).

قال الدارقطني في العلل (13/ 355/ 3240) بعد أن ذكر الاختلاف على الحسن بأكثر من هذا، قال:"والأشبه من ذلك بالصواب: المرسل".

• وله ثلاثة أسانيد أخرى عن جابر، في الأول لين، وفي الثاني ضعف شديد، والثالث منكر:

أخرج الأول: ابن عدي في الكامل (2/ 401)، والخطيب في الموضح (2/ 12).

وأخرج الثاني: ابن سمعون في الأمالي (146).

وأخرج الثالث: الدارقطني في الأفراد (1/ 262/ 1366 - أطرافه) و (1/ 341/ 1870 - أطرافه).

• وممن صحح حديث جابر في قصة سليك الغطفاني ممن لم أذكره خلال السياق:

قال البيهقي في المعرفة (2/ 479): "قال الشافعي في رواية حرملة: هذا ثابت غاية الثبوت عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال في رواية الربيع: ونأمره أن يخففهما؛ فإنه يروى في هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يخففهما".

ص: 67

وصححه الأثرم في الناسخ والمنسوخ (48).

وقال أبو بكر بن أبي عاصم: "ثبت الخبر عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا دخل أحدكم المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب فليصل ركعتين، يجوز فيهما"، وصح عنه أنه قال: "يخففهما"، فهذا يوجب العمل".

وقال ابن المنذر في الأوسط (4/ 97): "ثبتت الأخبار عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه أمر الذي دخل المسجد وهو يخطب أن يصلي ركعتين".

* ومن شواهده:

1 -

حديث أبي سعيد الخدري:

يرويه سفيان بن عيينة [ثقة حافظ، فقيه إمام]، عن ابن عجلان، عن عياض بن عبد اللَّه بن أبي سرح، عن أبي سعيد، قال: جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال:"أصليت؟ "، قال: لا، قال:"فصل ركعتين". لفظ ابن الصباح [عند ابن ماجه].

ولفظ الشافعي، والحميدي، وسعيد بن عبد الرحمن، وابن أبي عمر [عند الترمذي مختصرًا]: سفيان بن عيينة، قال: أخبرنا ابن عجلان، قال: حدثنا عياض بن عبد اللَّه بن سعد بن أبي سرح، قال: رأيت أبا سعيد الخدري جاء ومروان بن الحكم يخطب، فقام يصلي ركعتين، فجاء إليه الحرس ليجلسوه، فأبى أن يجلس حتى صلى الركعتين، فلما قضينا الصلاة أتيناه، فقلنا له: يا أبا سعيد كاد هؤلاء أن يقعوا بك [وفي رواية الحميدي وهي للشافعي أيضًا: أن يفعلوا بك]، فقال: ما كنت لأدعهما لشيء بعد شيء رأيته من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وجاء رجل وهو يخطب [يوم الجمعة]، فدخل المسجد بهيئة بذَّة، فقال:"أصليت؟ " قال: لا، قال:"فصلِّ ركعتين"، قال: ثم حث الناس على الصدقة، فألقوا ثيابًا، فأعطى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الرجل منها ثوبين، فلما كانت الجمعة الأخرى جاء الرجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أصليت؟ "[وفي رواية الحميدي: "هل صليت ركعتين؟ "]، قال: لا، قال:"فصلِّ ركعتين"، قال: ثم حث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الناس على الصدقة، [فألقوا ثيابًا]، فطرح [الرجل] أحد ثوبيه، فصاح به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقال:"خذه"، فأخذه، ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"انظروا إلى هذا، جاء تلك الجمعة بهيئة بذة، فأمرت الناس بالصدقة، فطرحوا ثيابًا، فأعطيته منها ثوبين، فلما جاءت هذه الجمعة أمرت الناس بالصدقة، فجاء فألقى أحد ثوبيه".

قال الترمذي: قال ابن أبي عمر: كان ابن عيينة يصلي ركعتين إذا جاء والإمام يخطب ويأمر به، وكان أبو عبد الرحمن المقرئ يراه، وسمعت ابن أبي عمر يقول: قال ابن عيينة: كان محمد بن عجلان ثقة مأمونًا في الحديث.

ولفظ ابن المقرئ [عند النسائي]: جاء رجل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب بهيئة بذة، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أصليت؟ "، قال: لا، قال:"صل ركعتين"، ثم حث الناس على الصدقة، فألقوا ثيابًا فأعطاه منها ثوبين، فلما كانت الجمعة الثانية جاء ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم-

ص: 68

يخطب، فحث الناس على الصدقة فألقى أحد ثوبيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"جاء يوم الجمعة بهيئة بذة فأمرت الناس بالصدقة فألقوا ثيابًا فأمرت له منها بثوبين، ثم جاء الآن فأمرت الناس بالصدقة فألقى أحدهما"، فانتهره، وقال:"خذ ثوبك".

أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (158)، وأبو داود (1675)، مختصرًا مقتصرًا على قصة الصدقة. والترمذي (511)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(3/ 26/ 479)، والنسائي في المجتبى (3/ 106/ 1408)، وفي الكبرى (2/ 281/ 1731)، وابن ماجه (1113)، والدارمي (1/ 438/ 1552)، وابن خزيمة (3/ 150/ 1799) و (3/ 165/ 1830) و (4/ 114/ 2481)، والحاكم (1/ 285) و (1/ 413 - 414)، والشافعي في الأم (1/ 197)، وفي السنن (16)، وفي المسند (64)، والحميدي (2/ 11/ 758)، وعبد الرزاق (3/ 245/ 5516)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 96/ 1843)، وابن حزم في المحلى (5/ 69) و (9/ 137)، والبيهقي في السنن (3/ 194 و 217)، وفي المعرفة (2/ 479/ 1699)، وابن عبد البر في الاستذكار (5/ 213)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 264 - 265/ 1085).

رواه عن ابن عيينة: الشافعي، والحميدي، وإسحاق بن راهويه، ومحمد بن الصباح، وابن أبي عمر العدني، وابن المقرئ محمد بن عبد اللَّه بن يزيد، وعبد اللَّه بن محمد الجعفي المسندي، وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي، وإسحاق بن إسماعيل الطالقاني، وعبد الجبار بن العلاء، وعبد الرزاق بن همام، وصدقة بن الفضل المروزي [وهم ثقات].

* ورواه يحيى بن سعيد القطان [ثقة متقن، حافظ إمام]، قال: حدثنا ابن عجلان، عن عياض -وهو: ابن عبد اللَّه بن سعد بن أبي سرح-، عن أبي سعيد، قال: إن رجلًا دخل المسجد في يوم الجمعة ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال:"صل ركعتين"، ثم جاء الجمعة الثانية والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال:"صل ركعتين"، ثم جاء الجمعة الثالثة، فقال صلى الله عليه وسلم:"صل ركعتين"، ثم قال: تصدقوا، فتصدقوا، فأعطاه ثوبين، ثم قال:"تصدقوا"، فطرح أحد ثوبيه، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ألم تروا إلى هذا الرجل؟ إنه دخل المسجد في هيئة بذة، فرجوت أن تفطنوا له فتصدقوا عليه، فلم تفعلوا، فقلت: تصدقوا، فتصدقتم فأعطيته ثوبين، ثم قلت: تصدقوا، فطرح أحد ثوبيه، خذ ثوبك"، وانتهره.

أخرجه النسائي في المجتبى (5/ 63/ 2536)، وفي الكبرى (3/ 52/ 2328)، وابن حبان (6/ 249/ 2503) و (6/ 250/ 2505)، وأحمد (3/ 25)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (3/ 176)، وأبو يعلى (2/ 279/ 994)، والبيهقي (4/ 181).

* ورواه يحيى بن أيوب [الغافقي: صدوق]، قال: حدثني ابن عجلان، عن عياض بن عبد اللَّه، أخبره عن أبي سعيد؛ أن رجلًا دخل المسجد ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على المنبر، فناداه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فما زال يقول:"اُدنُ" حتى دنا، فأمره، فركع ركعتين قبل أن يجلس، وعليه خرقة خَلِق، ثم صنع مثل ذلك في الثانية، فأمره بمثل ذلك، ثم صنع مثل

ص: 69

ذلك في الجمعة الثالثة، فأمره بمثل ذلك، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم للناس:"تصدقوا"، فألقوا الثياب، فأمره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بأخذ ثوبين، فلما كان بعد ذلك أمر الناس أن يتصدقوا، فألقى الرجل أحد ثوبيه، فغضب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ثم أمره أن يأخذ ثوبه.

أخرجه الطحاوي (1/ 366).

قال ابن حبان: "قوله صلى الله عليه وسلم: "خذ ثوبك"، لفظة أمر بأخذ الثوب مرادها الزجر عن ضده وهو بذل الثوب، وفي هذا دليل على أن المرء إذا أخرج شيئًا للصدقة فما لم يقع في يد المتصدَّق به عليه له أن يرجع فيه، وفيه دليل على أن المرء غير مستحب له أن يتصدق بماله كله؛ إلا عند الفضل عن نفسه وعمن يقوته".

° قال الترمذي: "حديث أبي سعيد الخدري: حديث حسن صحيح".

وصححه الأثرم في الناسخ والمنسوخ (48).

وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم".

قلت: وهو كما قال، انظر: صحيح مسلم (985/ 21).

وقد صححه أيضًا ابن خزيمة وابن حبان، واحتج به أبو داود والنسائي، وصححه ابن حجر في النكت (1/ 355).

• وروي مختصرًا من وجه آخر:

رواه ابن لهيعة، عن موسى بن وردان، عن أبي سعيد الخدري؛ أنه قال: كنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، فدخل أعرابي ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على المنبر، فجلس الأعرابي في آخر الناس، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"أركعت ركعتين؟ "، قال: لا، قال: فأمره، فأتى الرحبة التي عند المنبر فركع ركعتين.

أخرجه أحمد (3/ 70)، وأبو طاهر السلفي فيما انتخبه من حديث الطيوري "الطيوريات"(312).

وإسناده ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة.

° وقد احتج بعضهم برواية يحيى بن سعيد القطان على أن أمره بالصلاة إنما كان ليتفطن الناس له فيتصدقوا عليه؛ لا لعلة تحية المسجد، لكن يشكل عليه رواية ابن عيينة ففيها أمره بالصلاة في الجمعة الثانية بعد أن حصل له ثوبان في الجمعة الأولى، فانتفت علة التصدق في أمره بالصلاة في الجمعة الثانية، وتمحضت علة التحية، ورواية القطان مجملة، تفصلها رواية ابن عيينة.

قال ابن حجر في الفتح (2/ 408): "ومما يدل على أن أمره بالصلاة لم ينحصر في قصد التصدق؛ معاودته صلى الله عليه وسلم بأمره بالصلاة أيضًا في الجمعة الثانية بعد أن حصل له في الجمعة الأولى ثوبين، فدخل بهما في الثانية فتصدق بأحدهما، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، أخرجه النسائي وابن خزيمة من حديث أبي سعيد أيضًا، ولأحمد وابن حبان أنه كرر أمره بالصلاة ثلاث مرات في ثلاث جمع، فدل على أن قصد التصدق عليه جزء علة لا علة كاملة".

ص: 70

ومع كون الأثرم قد جزم بصحة رواية القطان التي وقع فيها التخصيص؛ إلا أنه قال عن حديث جابر: "إذا جاء أحدكم"، قال:"فقد بيَّن هاهنا أنه لم يُرد بذلك رجلًا بعينه، ومما يبين ذلك: أن أبا سعيد هو الذي روى الحديث الخاص، ثم كان هو يستعمل ذلك إذا جاء والإمام يخطب، يمنعه الأحراس فلا يمتنع، ويحتج بحديث النبي صلى الله عليه وسلم هذا الذي رواه، فجعله عامًا كسائر الأحاديث"؛ يعني: روايات حديث جابر.

كذلك فإن ابن عدي لما ساق كلام أبي زرعة الحمصي يحيى بن أبي عمرو السيباني [وهو: ثقة، من السادسة]، في أن قول النبي صلى الله عليه وسلم لسليك:"قم فاركع"، إنما كان يحرض أصحابه على الصدقة عليه؛ لأن سليكًا كان سيء الحال، قال ابن عدي:"يُروى هكذا مقطوعًا [يعني: عن أبي عمرو السيباني]، وليس هذا بشيء، إنما الأخبار الصحاح عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره لما جلس وهو يخطب، فأمره أن يقوم فيصلي ركعتين".

قلت: لعل ابن عدي لم يستحضر حديث أبي سعيد هذا في أنه جاء في هيئة بذة؛ يعني: رثة، فهذا لا يمنع كون النبي صلى الله عليه وسلم أراد المعنيين جميعًا، ويؤكد أنه أراد تحية المسجد أيضًا أمور: منها: أمرُه بالصلاة في الجمعة الثانية بعد أن حصل له ثوبان في الجمعة الأولى.

ومنها: أن أبا سعيد -وهو راوي هذا الحديث- قد استعمله في العموم، ولم ير اختصاص سليك به، فاحتج به على صلاة الداخل يوم الجمعة والإمام يخطب.

ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر: "إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين، وليتجوز فيهما"، وهذا يفيد العموم، قال النووي في شرحه على مسلم (6/ 164):"وهذا نص لا يتطرق إليه تأويل، ولا أظن عالمًا يبلغه هذا اللفظ صحيحًا فيخالفه"، وقال ابن دقيق العيد في الإحكام (2/ 112):"فهذا تعميم يزيل توهم الخصوص بهذا الرجل".

ومنها: دخوله في عموم حديث أبي قتادة المتفق عليه: "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين"[تقدم برقم (467 و 468)].

ومنها: أن الأحاديث والمعاني التي احتج بها المخالفون لا تخلو من مقال، أو من انتقاض حجتهم بما يقوي دليلنا.

2 -

حديث أنس بن مالك:

يرويه عبيد بن محمد العبدي: ثنا معتمر، عن أبيه، عن قتادة، عن أنس، قال: دخل رجل من قيس ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"قم فاركع ركعتين"، وأمسك عن الخطبة حتى فرغ من صلاته.

أخرجه الدارقطني في السنن (2/ 15)، وفي الأفراد (1/ 211/ 1001 - أطرافه).

قال الدارقطني في السنن: "أسنده هذا الشيخ عبيد بن محمد العبدي عن معتمر عن أبيه عن قتادة عن أنس، ووهم فيه، والصواب: عن معتمر عن أبيه مرسل، كذا رواه أحمد بن حنبل وغيره عن معتمر".

وقال في حاشية السنن: "عبيد بن محمد هذا: ضعيف" [من تكلم فيه الدارقطني

ص: 71

في كتاب السنن من الضعفاء (269)، تخريج الأحاديث الضعاف (392)، لسان الميزان (5/ 360)].

وقال في الأفراد: "غريب من حديث قتادة عنه، ومن حديث التيمي عنه، تفرد به: عبيد بن محمد العبدي عن معتمر عن أبيه، ورواه أحمد بن حنبل عن معتمر عن أبيه مرسلًا".

وقال في العلل (12/ 147/ 2547): "رواه عبيد بن محمد العبدي -بصري، ليس بشيء- عن معتمر عن أبيه عن قتادة عن أنس.

وخالفه أحمد بن حنبل ومحمد بن عبد الأعلى، فروياه عن معتمر عن أبيه عن قتادة مرسلًا، وهو الصحيح".

قلت: وعبيد بن محمد العبدي هذا: لا أظنه شيخ أبي حاتم، الذي ترجم له ابن أبي حاتم في الجرح بقوله:"عبيد بن محمد بن بحر العبدي البصري نزيل حمص: روى عن جعفر بن سليمان وأبي عوانة، روى عنه أبي، وسألته عنه فقال: هو ثقة"[الجرح والتعديل (6/ 3)]، ولم ينبه على كونهما واحدًا بن حجر في اللسان (5/ 360)، ولا ابن قطلوبغا في ثقاته (7/ 55)؛ فإن ظاهر صنيعهما يقتضي التفريق بينهما، واللَّه أعلم.

كذلك فإن الراوي عنه: محمد بن إبراهيم بن كثير الصوري أبو الحسن: ضعيف، واتُّهم [اللسان (6/ 476)، الثقات (9/ 144)، الأباطيل والمناكير (1/ 484/ 297)].

* خالفه: أحمد بن حنبل، قال: نا معتمر، عن أبيه، قال: جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال:"يا فلان أصليت؟ "، قال: لا، قال:"فصل"، ثم انتظره حتى صلى.

أخرجه الدارقطني (2/ 16).

قلت: وهذا هو الصواب مرسلًا، ولا تقوم به الحجة للمخالف.

• وله إسناد آخر منكر: أخرجه الدارقطني في الأفراد (1/ 262/ 1366 - أطرافه) و (1/ 341/ 1870 - أطرافه)[تفرد به: عبيد اللَّه بن أبي حميد الهذلي عن أبي المليح، وهو: متروك، منكر الحديث، يروي عن أبي المليح عجائب. التهذيب (3/ 8)].

3 -

حديث سليك بن هُدبة:

ورواه هشام بن حسان، وزكريا بن حكيم الحبطي، ورجل مبهم:

عن الحسن، عن سليك بن هُدبة الغطفاني، أنه جاء ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر يوم الجمعة، فقال له:"أركعت ركعتين؟ "، قال: لا، قال:"صل ركعتين، وتجوَّز فيهما". لفظ هشام بن حسان.

صوابه مرسل، وتقدم تخريجه في آخر طرق حديث جابر، وقبل حديث أبي سعيد في الشواهد.

4 -

حديث من سمع النبي صلى الله عليه وسلم:

رواه عبد اللَّه بن المبارك [ثقة ثبت، إمام حجة]، والوليد بن مسلم [ثقة ثبت، من أثبت أصحاب الأوزاعي]، وإسماعيل بن عبد اللَّه بن سماعة [ثقة، من أثبت أصحاب

ص: 72

الأوزاعي]، وعبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين [كاتب الأوزاعي، ليس به بأس]:

عن الأوزاعي، قال: حدثني المطلب بن [عبد اللَّه بن] حنطب، قال: حدثني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول لرجل دخل [المسجد] يوم الجمعة، والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، [فجلس قبل أن يركع، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم]: "فصلِّ ركعتين"[فركع ركعتين].

أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (159)، وابن دحيم في فوائده (130).

قال أبو حاتم في العلل (1/ 212/ 615): "منهم من يقول: المطلب بن حنطب عن أبي هريرة، ومنهم من يقول: عن المطلب عن سهل بن سعد، ومنهم من يقول: عن من سمع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أصح".

وتقدم تخريج حديث المطلب عن أبي هريرة تحت الحديث رقم (468).

وهذا إسناد صحيح متصل، وعامة رواية ابن حنطب عن الصحابة مرسلة، وقال البخاري:"لا أعرف للمطلب بن عبد اللَّه بن حنطب سماعًا من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ إلا قوله: حدثني من شهد خطبة النبي صلى الله عليه وسلم، وقال أبو حاتم: "عامة روايته مرسل"، وقال أبو زرعة: "عامة حديثه مراسيل، لم يدرك أحدًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ إلا سهل بن سعد، وأنسًا، وسلمة بن الأكوع، ومن كان قريبًا منهم" [جامع الترمذي (2916)، المراسيل (780)، جامع التحصيل (281)، تحفة التحصيل (307)، راجع ما تقدم من السنن برقم (461)، والشاهد السادس من الخلاف تحت الحديث رقم (1000)].

5 -

مرسل محمد بن قيس:

رواه هشيم بن بشير، قال: أخبرنا أبو معشر، عن محمد بن قيس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم حين أمره أن يصلي ركعتين؛ أمسك عن الخطبة حتى فرغ من ركعتيه، ثم عاد إلى خطبته.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 447/ 5163)، والدارقطني (2/ 16).

قال الدارقطني: "هذا مرسل لا تقوم به حجة، وأبو معشر اسمه: نجيح، وهو ضعيف".

قلت: وهو كما قال؛ مرسل بإسناد ضعيف، فلا حجة فيه للمخالف.

* وفي الباب أيضًا:

• عن أبي ذر [عند الطبراني في الأوسط (5/ 77/ 4721)][وفي إسناده ابن لهيعة، وهو: ضعيف، وشيخ الطبراني: مجهول الحال، وانظر: الفتح لابن حجر (2/ 408)][وراجع طرق حديث أبي ذر هذا تحت الحديث رقم (468)، في الشواهد من حديث أبي أمامة، وحديث أبي ذر].

• وعن علي بن أبي طالب في النهي عن الصلاة والإمام يخطب [قال أبو حاتم: "هذا حديث منكر، وهو من تخاليط ابن جابر، والحديث هو حديث سليك الغطفاني". العلل (569)، الأحكام الوسطى (2/ 112)].

• وعن ابن عمر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا دخل أحدكم المسجد والإمام على المنبر فلا صلاة ولا كلام حتى يفرغ الإمام" [أخرجه الطبراني في الكبير (13/ 75/

ص: 73

13708)، وأبو طاهر السلفي في الحادي والعشرين من المشيخة البغدادية (21) (1707 - المشيخة)] [من طريق: يحيى بن عبد اللَّه البابلتي: ثنا أيوب بن نهيك، قال: سمعت عامرًا الشعبي، يقول: سمعت ابن عمر. . . الحديث، وهذا حديث باطل، تفرد به أيوب بن نهيك عن الشعبي، وأيوب من أهل حلب، وهو: منكر الحديث، والبابلتي: ضعيف. اللسان (2/ 256)، المغني (1/ 98)، وقال في أيوب:"تركوه"].

• وانظر أيضًا في المراسيل: ما أخرجه عبد الرزاق (3/ 244/ 5512)، وغيره.

° قال الترمذي: "والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وبه يقول الشافعي، وأحمد، وإسحاق.

وقال بعضهم: إذا دخل والإمام يخطب فإنه يجلس ولا يصلي، وهو قول سفيان الثوري، وأهل الكوفة، والقول الأول أصح.

حدثنا قتيبة قال: حدثنا العلاء بن خالد القرشي، قال: رأيت الحسن البصري دخل المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب، فصلى ركعتين، ثم جلس، إنما فعل الحسن اتباعًا للحديث، وهو روى عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث".

قلت: العلاء بن خالد القرشي الواسطي، أو البصري: ضعيف، رماه موسى بن إسماعيل أبو سلمة التبوذكي بالكذب [التهذيب (3/ 342)، التقريب (481)].

• وقد روي عن الحسن مقطوعًا عليه بإسناد أصلح من هذا:

رواه سفيان بن عيينة، قال: ثنا حسان بن جعدة، قال: رأيت الحسن بن أبي الحسن دخل مسجد واسط يوم الجمعة، وابن هبيرة يخطب على المنبر، فصلى ركعتين فجلس.

أخرجه الحميدي (2/ 320/ 1258)، وعلقه البخاري في التاريخ الكبير (3/ 35).

وحسان بن جعدة: ذكره ابن حبان في الثقات، ولا يُعرف بغير هذا الإسناد، فهو مجهول [التاريخ الكبير (3/ 35)، الجرح والتعديل (3/ 236)، الثقات (6/ 224)، الثقات لابن قطلوبغا (3/ 333)]، وقد توبع عليه.

فقد روي عن الحسن بأسانيد أخرى، أخرجها: البخاري في التاريخ الكبير (8/ 101)، والدارمي (1/ 438/ 1553)، وعبد الرزاق (3/ 244/ 5515)، وابن أبي شيبة (1/ 447/ 5164 و 5165) و (7/ 320/ 36486)، والدارقطني في المؤتلف (4/ 2199).

• وذكر ابن المنذر في الأوسط (4/ 94) اختلاف أهل العلم فيمن دخل المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب على أربعة أقوال، ورجح قولَ أسعدِهم بالدليل، الذين استعملوا كل دليل في موضعه، وهو: أن يصلي ركعتين ثم يجلس، فكان مما قال ابن المنذر:"يصلي إذا دخل والإمام يخطب ركعتين خفيفتين؛ صلى في منزله، أو لم يصل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك الداخل في المسجد، وأمرُه على العموم، ويؤكد ذلك حديث أبي قتادة [ولفظه: "إذا دخل أحدكم المسجد؛ فليركع ركعتين قبل أن يجلس"، وفي رواية: "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين"، وهو حديث متفق عليه، وقد تقدم برقم

ص: 74

(467 و 468)]، ولا يقولنَّ قائل: إن النبي صلى الله عليه وسلم خص بهما سليكًا؛. . . "، ثم احتج بحديث جابر، ثم قال: "ومما يزيد ذلك ثباتًا: فعلُ أبي سعيد الخدري ذلك، وهو الراوي بهذه القصة، دخل ومروان يخطب فقام يصلي الركعتين،. . . "، فذكر حديث أبي سعيد، ثم قال: "وفي قوله: "إذا جاء أحدكم إلى الجمعة والإمام يخطب، فليركع ركعتين" بعد أن علَّم سليكًا؛ أبين البيان بأن ذلك عام للناس".

وقال ابن قدامة في المغني (2/ 83): "ومن دخل والإمام يخطب لم يجلس حتى يركع ركعتين يوجز فيهما، وبهذا قال الحسن وابن عيينة ومكحول والشافعي وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر، وقال شريح وابن سيرين والنخعي وقتادة والثوري ومالك والليث وأبو حنيفة: يجلس ويكره له أن يركع،. . . ".

وقال النووي في شرحه على مسلم (6/ 164) بعد أن ذكر المخالفين: "وحجتهم: الأمر بالإنصات للإمام، وتأولوا هذه الأحاديث أنه كان عريانًا، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالقيام ليراه الناس ويتصدقوا عليه، وهذا تأويل باطل، يرده صريح قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين، وليتجوز فيهما"، وهذا نص لا يتطرق إليه تأويل، ولا أظن عالمًا يبلغه هذا اللفظ صحيحًا فيخالفه".

وقال النووي في شرحه على مسلم (5/ 226) في سياق كلامه عن تأكد استحباب تحية المسجد: "ولم يترك التحية في حال من الأحوال؛ بل أمر الذي دخل المسجد يوم الجمعة وهو يخطب فجلس أن يقوم فيركع ركعتين؛ مع أن الصلاة في حال الخطبة ممنوع منها؛ إلا التحية، فلو كانت التحية تترك في حال من الأحوال لتركت الآن؛ لأنه قعد، وهي مشروعة قبل القعود، ولأنه كان يجهل حكمها، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قطع خطبته وكلمه، وأمره أن يصلي التحية، فلولا شدة الاهتمام بالتحية في جميع الأوقات لما اهتم عليه السلام هذا الاهتمام".

وقال ابن دقيق العيد في الرد على من خصص هذا الحديث بسليك، وأنه واقعة حال لا تعدو سليكًا إلى غيره، قال في الإحكام (2/ 112):"وقد عُرف أن التخصيص على خلاف الأصل، ثم يبعد الحمل عليه مع صيغة العموم، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب"، فهذا تعميم يزيل توهم الخصوص بهذا الرجل".

° فإن قيل: عمِل مالكٌ فيه بعمل أهل المدينة خلفًا عن سلف من لدن الصحابة إلى عهد مالك؛ أن التنفل في حال الخطبة ممنوع مطلقًا، قال ابن حجر في الفتح (2/ 411):"وتُعُقِّب بمنع اتفاق أهل المدينة على ذلك، فقد ثبت فعل التحية عن أبي سعيد الخدري، وهو من فقهاء الصحابة من أهل المدينة، وحمله عنه أصحابه من أهل المدينة أيضًا،. . . "، فذكر حديث أبي سعيد، ثم قال:"ولم يثبت عن أحد من الصحابة صريحًا ما يخالف ذلك"، وردَّ كل ما نقل عن الصحابة في ذلك.

° وقد احتج بعضهم بحديث عبد اللَّه بن بسر الآتي؛ بأن من دخل والإمام يخطب يوم الجمعة جلس، وكُره له أن يركع، والصواب بخلاف ذلك، فإن حديث جابر وأبي

ص: 75