المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌40 - باب أخذ الأجر على التأذين - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ٦

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌29 - باب في الإقامة

- ‌30 - باب في الرجل يؤذن ويقيم آخر

- ‌31 - باب رفع الصوت بالأذان

- ‌32 - باب ما يجب على المؤذن من تعاهُد الوقت

- ‌33 - باب الأذان فوق المنارة

- ‌34 - باب في المؤذن يستدير في أذانه

- ‌35 - باب ما جاء في الدعاء بين الأذان والإقامة

- ‌36 - باب ما يقول إذا سمع المؤذن

- ‌37 - باب ما يقول إذا سمع الإقامة

- ‌38 - باب ما جاء في الدعاء عند الأذان

- ‌3).***39 -باب ما يقول عند أذان المغرب

- ‌40 - باب أخذ الأجر على التأذين

- ‌41 - باب في الأذان قبل دخول الوقت

- ‌42 - باب الأذان للأعمى

- ‌43 - باب الخروج من المسجد بعد الأذان

- ‌44 - باب في المؤذن ينتطر الإمام

- ‌4).***45 -باب في التثويب

- ‌46 - باب في الصلاة تُقام ولم يأتِ الإمام ينتظرونه قعودًا

- ‌47 - باب في التشديد في ترك الجماعة

- ‌48 - باب في فضل صلاة الجماعة

- ‌49 - باب ما جاء في فضل المشي إلى الصلاة

- ‌50 - باب ما جاء في المشي إلى الصلاة في الظُّلَم

- ‌51 - باب ما جاء في الهدْي في المشي إلى الصلاة

- ‌52 - باب في من خرج يريد الصلاة فسُبِقَ بها

- ‌53 - باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد

- ‌54 - باب التشديد في ذلك

- ‌55 - باب السعي إلى الصلاة

- ‌56 - باب في الجَمع في المسجد مرتين

- ‌57 - باب فيمن صلى في منزله ثم أدرك الجماعة يصلي معهم

- ‌58 - باب إذا صلى في جماعةٍ ثم أدرك جماعةً، أيعيد

- ‌59 - باب في جماع الإمامة وفضلها

- ‌60 - باب في كراهية التدافع على الإمامة

- ‌ 680)].***61 -باب مَن أحق بالإمامة

- ‌62 - باب إمامة النساء

- ‌63 - باب الرجل يَؤمُّ القوم وهم له كارهون

- ‌64 - باب إمامة البَرِّ والفاجر

- ‌65 - باب إمامة الأعمى

- ‌66 - باب إمامة الزائر

- ‌67 - باب الإمام يقوم مكانًا أرفعَ من مكان القوم

- ‌68 - باب إمامة من صلى بقوم وقد صلى تلك الصلاة

الفصل: ‌40 - باب أخذ الأجر على التأذين

‌40 - باب أخذ الأجر على التأذين

531 -

. . . حماد: أخبرنا سعيد الجريري، عن أبي العلاء، عن مطرف بن عبد الله، عن عثمان بن أبي العاص، قال [وقال موسى بن إسماعيل في موضع آخر: إن عثمان بن أبي العاص قال]: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم اجعلني إمامَ قومي، قال:"أنت إمامُهم، واقْتَدِ بأضعفهم، واتخذْ مؤذنًا لا يأخذُ على أذانه أجرًا".

• حديث صحيح.

أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 23/ 672)، وفي الكبرى (2/ 250/ 1648)، وابن خزيمة (1/ 221/ 423)، والحاكم (1/ 199 و 201)، وأحمد (4/ 21 و 217)، وأبو العباس السراج في مسنده (214)، وفي حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (341)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 62/ 1238)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 128)، وفي المشكل (1/ 466/ 457 - ترتيبه)، وابن قانع في المعجم (2/ 256 - 257)، والطبراني في الكبير (9/ 52/ 8365)، وابن حزم في المحلى (4/ 99)، وفي الإحكام (7/ 410)، والبيهقي في السنن (1/ 429)، وفي الخلافيات (4/ 172 - مختصره)، والبغوي في شرح السنة (2/ 71 / 418)، والجوزقاني في الأباطيل والمناكير (2/ 170/ 531)، وابن الجوزي في التحقيق (2/ 218 / 1575).

قال الحاكم في الموضع الأول: "على شرط مسلم، ولم يخرجاه"، وقال في الموضع الثاني:"هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه هكذا، وإنما أخرج مسلم: حديث شعبة، عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن المسيب، عن عثمان بن أبي العاص، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أممت قومًا" الحديث".

وقال ابن المنذر: "ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال لعثمان بن أبي العاص: "واتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا"".

وقال ابن عبد الهادي في التنقيح (3/ 64/ 1640): "وإسناده جيد".

وقال ابن حجر في الفتح (2/ 199): "إسناده حسن وأصله في مسلم".

قلت: اختلف فيه على حماد بن سلمة:

أ - فرواه: موسى بن إسماعيل أبو سلمة التبوذكي، وعفان بن مسلم، وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، وأبو عمر حفص بن عمر الضرير، وسليمان بن حرب، وحجاج بن المنهال، وأبو النعمان محمد بن الفضل عارم، والحسن بن موسى الأشيب، ويحيى بن حسان التنيسي، وسهل بن حماد الدلال [(10) وهم ثقات]: عن حماد به هكذا.

ص: 174

ب - وخالفهم: عبد الصمد بن عبد الوارث [وهو: صدوق]: فرواه عن حماد، عن الجريري، عن أبي العلاء، عن عثمان بن أبي العاص، به مرفوعًا؛ فلم يذكر مطرفًا في الإسناد.

أخرجه أحمد (4/ 21).

قلت: المحفوظ: رواية الجماعة.

وعليه: فهو إسناد بصري صحيح، رجاله رجال الشيخين غير حماد؛ فمن رجال مسلم، وحماد بن سلمة ممن سمع من الجريري قبل الاختلاط [تاريخ الثقات (531)، الكواكب النيرات (24)، التهذيب (2/ 6)، التقييد والإيضاح (426)، وغيرها].

لكن قال الجوزقاني: "رواه جماعة كثيرة عن عثمان، ولم يقل منهم أحد: "واتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا"، إلا ما تفرد به حماد عن الجريري، فإن صحت هذه اللفظة، كان فيه دليل على إباحة الأجرة، لأنَّ في قوله: "اتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا": دليل أن هناك من يأخذ الأجرة، وإنما كره ذلك، ولو كان ذلك على الزَّجر؛ لقال: لا تُؤخذ الأجرة على الأذان، أو: لا يجوز، والله أعلم".

قلت: قال الإمام أحمد في مسنده (4/ 21): حدثنا عفان، قال: حدثنا حماد بن زيد: أخبرنا سعيد الجريري، عن أبي العلاء، عن مُطَرِّفٍ، عن عثمان بن أبي العاص بمثله مرفوعًا.

وعلى هذا فلم يتفرد به حماد بن سلمة عن الجريري، فقد تابعه: حماد بن زيد، وهو أيضًا ممن روى عن الجريري قبل الاختلاط، وبهذا فقد تتابع ثقتان على روايته عن الجريري، وتفرد الجريري به عن أبي العلاء: لا يضر، فإنه من ثقات أهل البصرة، ممن جمع حديثها، حتَّى قال فيه الإمام أحمد:"محدث أهل البصرة"[انظر: التهذيب (2/ 6)]، ولهذه الزيادة طريق أخرى صحيحة، تأتي.

فهو حديث صحيح، صححه ابن خزيمة والحاكم، واحتج به أبو داود والنسائي، وثبته ابن المنذر.

• ورواه عفان بن مسلم، ويونس بن محمد المؤدب [وهما: ثقتان ثبتان، بلفظ آخر: قالا: ثنا حماد بن سلمة: أنا سعيد الجريري، عن أبي العلاء، عن مُطَرِّف، قال: دخلت على عثمان بن أبي العاص، فأمر لي بلبن لِقْحَةٍ؛ فقلت: إني صائم

فذكر حديثين، ثم قال: وكان آخر شيء عَهِدَهُ النبي صلى الله عليه وسلم إليَّ أن قال: "جَوِّزْ في صلاتك، وَاقْدُرِ الناس بأضعفهم، فإن منهم: الصغير، والكبير، والضعيف، وذا الحاجة".

أخرجه أحمد (4/ 217 - 218 و 218).

• ولحماد بن سلمة فيه إسناد آخر في ضمن حديث آخر مختصرًا:

يرويه عفان بن مسلم، وأبو داود الطيالسي، وأبو الوليد الطيالسي، وهدبة بن خالد: عن حماد بن سلمة، عن حميد، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص، أن وفد

ص: 175

ثَقِيفٍ قدِموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزَلهم المسجد؛ ليكون أَرَقَّ لقلوبهم،

فذكر الحديث، إلى أن قال: وقال عثمان بن أبي العاص: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم علمني القرآن، واجعلني إمام قومي. زادها عفان وهدبة.

أخرجه بالزيادة وبدونها: أبو داود (3026)، ابن خزيمة (2/ 285/ 1328)، وابن الجارود (373)، وأحمد (4/ 218)، والطيالسي (2/ 249/ 981)، وابن أبي شيبة (2/ 416/ 10579)، وابن شبة في أخبار المدينة (883)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 186 / 1520)، والطبراني في الكبير (9/ 54/ 8372)، والبيهقي في السنن (2/ 444 و 445)، وفي الدلائل (5/ 305).

وهو حديث معلول، وقد تقدمت الإشارة إليه تحت الحديث رقم (488)، ويأتي تخريجه مطولًا - إن شاء الله تعالى - في موضعه من السنن.

• ولحديث عثمان هذا طرق أخرى، يرويها:

1 -

وكيع بن الجراح، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الله بن نمير، ويعلى، ومحمد ابنا عبيد بن أبي أمية الطنافسي، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وعباد بن العوام، ومحمد بن بشر، ويونس بن بكير، وعبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة المسعودي:

كلهم: عن عمرو بن عثمان: حدثنا موسى بن طلحة: حدثني عثمان بن أبي العاص الثقفي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:"أُمَّ قومك" قال: قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! إني أجد في نفسي شيئًا. قال: "ادْنه" فجلَّسني بين يديه، ثم وضع كفه في صدري بين ثَدْيَيَّ، ثم قال:"تحوَّل" فوضعها في ظهري بين كَتِفَيَّ، ثم قال:"أُمَّ قومك، فمَن أَمَّ قومًا فليُخفف؛ فإن فيهم الكبير، وإن فيهم المريض، وإن فيهم الضعيف؛ وإن فيهم ذا الحاجة، وإذا صلى أحدكم وحده فَلْيُصَلِّ كيف شاء". واللفظ لابن نمير.

زاد يعلى ومحمد الطنافسيان [وهما: ثقتان حافظان]: "واتخذ مؤذنًا لا يأخذ على الأذان أجرًا"، وزيادتهما مقبولة، رواها الجريري من طريق أخرى صحيحة تقدمت.

أخرجه مسلم (468/ 186) من طريق ابن نمير. وأبو عوانة (1/ 420/ 1556 - 1558) والزيادة له. وأبو نعيم في المستخرج (2/ 85/ 1035)، وأحمد (4/ 21 - 22 و 216)، وابن سعد في الطبقات (7/ 40)، وابن أبي شيبة (1/ 405/ 4659)، وأبو العباس السراج في مسنده (212)، وفي حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (335 - 337)، والطحاوي في المشكل (2/ 88/ 693 - ترتيبه)، والطبراني في الكبير (9/ 45/ 8339)، والبيهقي (3/ 118)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (46/ 281).

2 -

شعبة، عن عمرو بن مرة، قال: سمعت سعيد بن المسيب، قال: حَدَّثَ عثمان بن أبي العاص، قال: آخِرُ ما عَهِدَ إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أممت قومًا فَأَخِفَّ بهم الصلاة".

أخرجه مسلم (468/ 187)، وأبو عوانة (1/ 421/ 1559)، وأبو نعيم في

ص: 176

المستخرج (2/ 85/ 1036)، وابن ماجة (988)، وأحمد (4/ 22)، والطيالسي (2/ 250/ 982)، والبزار (6/ 305/ 2318)، والروياني (1516)، وأبو العباس السراج في مسنده (213 و 248)، وفي حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (338 - 340 و 653)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (93)، والطبراني في الكبير (9/ 44/ 8337 و 8338)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (4/ 1964/ 4937)، والبيهقي في السنن (3/ 116)، وفي الدلائل (5/ 306).

قال البزار: "وهذا الحديث قد روي عن عثمان بن أبي العاص من وجوه، وأعلاها إسنادًا يُروى في ذلك هذا الإسناد، ولا نعلم روى سعيد بن المسيب عن عثمان بن أبي العاص غير هذا الحديث، ولا رواه عن سعيد بن المسيب إلا عمرو بن مرة، ولا عن عمرو إلا شعبة، فذكرنا هذا الإسناد عن عثمان دون سائر الأسانيد التي تُروى في ذلك عنه، إلا أن يزيد زائد فيكتب من أجل الزيادة".

وقال أبو نعيم: "رواه موسى بن طلحة، وعبد الله، وعبد ربه ابنا الحكم بن سفيان الثقفي، ومحمد بن سعيد بن عبد الملك الطائفي، والنعمان بن سالم الثقفي، وداود بن أبي عاصم الثقفي، والحسن بن أبي الحسن، وأبو محرز، وحكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف، في آخرين: كلهم في الإمامة وتخفيف الصلاة، عن عثمان نحوه".

وانظر فيمن وهم فيه على شعبة: المعجم الأوسط (2/ 110/ 1414)، وانظر أيضًا: الحلية (5/ 100).

3 -

حماد بن زيد، وإسماعيل بن علية، وسفيان بن عيينة، وابن أبي عدي، ويزيد بن زريع، ويزيد بن هارون، وسلمة بن الفضل:

رووه: عن محمد بن إسحاق: حدثني سعيد بن أبي هند، عن مطرف، قال: دخلت على عثمان بن أبي العاص، فقال كان آخر ما عهد [إليَّ] رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين بعثني [أميرًا] على الطائف، فقال:"يا عثمان! تجوَّز في الصلاة، واقْدُرِ الناس بأضعفهم، فإن فيهم: الكبير، والضعيف؛ والسقيم، وذا الحاجة".

وفي رواية ابن علية: "فإن فيهم: الكبير، والضعيف؛ والسقيم، والبعيد، وذا الحاجة".

وفي رواية الحميدي، قال: ثنا سفيان: ثنا محمد بن إسحاق، سمعه من سعيد بن أبي هند، سمعه من مطرف بن عبد الله بن الشخير، قال: سمعت عثمان بن أبي العاص الثقفي يقول:

فذكره مختصرًا. وفيه سماع بعضهم من بعض.

أخرجه ابن ماجة (987)، وابن خزيمة (3/ 50/ 1608)، وأحمد (4/ 21)، والشافعي في السنن (121)، والحميدي (905)، وابن هشام في السيرة (5/ 226)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 192 و 195/ 1530 و 1542)، والبزار (6/ 306/ 2319)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 199/ 2030)، والطحاوي في المشكل (2/ 180/ 795 - ترتيبه)، والطبراني في الكبير (9/ 51/ 8357 - 8359)، وأبو نعيم في معرفة

ص: 177

الصحابة (4/ 1963/ 4936)، والبيهقي في المعرفة (2/ 394/ 1528)، وابن الأثير في أسد الغابة (3/ 601).

وهذا إسناد حسن، والحديث صحيح.

4 -

أشعث بن سَوَّار [ضعيف]، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص، قال: كان آخر ما عهد إليَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلِّ بأصحابك صلاة أضعفهم، فإن فيهم: الكبير، والضعيف؛ وذا الحاجة، واتخذ مؤذنًا لا يأخذ على الأذان أجرًا".

أخرجه الترمذي (209)، وابن ماجة (714)، والحميدي (906)، وابن أبي شيبة (1/ 206/ 2369)[وسقط من إسناد المطبوعة أشعث]. والطبراني في الكبير (9/ 56/ 8376 و 8377 و 8378)، والدارقطني في الأفراد (4/ 211 - 212/ 4082 - أطرافه)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 134)، وابن حزم في المحلى (3/ 145)، وابن النجار في ذيل تاريخ بغداد (18/ 329)، وابن الجوزي في التحقيق (390).

قال الترمذي: "حديث عثمان: حديث حسن، والعمل على هذا عند أهل العلم، كرهوا أن يأخذ المؤذن على الأذان أجرًا، واستحبوا للمؤذن أن يحتسب في أذانه"[كذا في نسخة الكروخي (19/ ب): "حديث حسن" فقط بدون: "صحيح"، لكن وقعت زيادة: "صحيح" في بعض النسخ، كما بين ذلك العلامة أحمد شاكر -رحمه الله تعالى- في حاشيته على الجامع (1/ 410)، لكني غير مطمئن لثبوتها، لعدم موافقتها منهج الترمذي نفسه، هذا من جهة، ومن جهة أخرى: فالذين عزوا هذا الحديث للترمذي، نقلوا عنه تحسينه فقط، مثل: ابن قدامة في المغني (5/ 323)، والنووي في الخلاصة (792)، وفي المجموع (3/ 133 و 135)، والمزي في التحفة (7/ 238/ 9763)، ومغلطاي في شرح سنن ابن ماجة (4/ 1149)، وابن رجب في الفتح (3/ 476)، وابن عبد الهادي في المحرر (196)، وفي التنقيح (1/ 296)، والزيلعي في نصب الراية (4/ 139)، والمباركفوري في تحفة الأحوذي (1/ 528)، والملا علي القاري في المرقاة (2/ 342)].

وقال الدارقطني: "تفرد به أشعث بن سوار عن الحسن بهذه الألفاظ".

وقال أبو نعيم: "ثابت مشهور من حديث الحسن، رواه حفص بن غياث ومحمد بن فضيل: عن أشعث، ورواه هشام بن حسان وعبيدة بن حسان: عن الحسن، ورواه عن عثمان: المغيرة بن شعبة، وسعيد بن المسيب، وموسى بن طلحة، ومطرف بن عبد الله بن الشخير، وعبد ربه بن الحكم الطائفي، والنعمان بن سالم الثقفي، وداود بن أبي عاصم الثقفي".

تنبيه: ظن ابن حزم أن أشعث هذا هو: ابن عبد الملك الحمراني، وهو خطأ، إنما هو: ابن سوار، كما في الرواية عند الطبراني (8378)، وأبي نعيم، وصرح الدارقطني بتفرده به.

ص: 178

• ورواه محمد بن سلمة، عن محمد بن عبد الله بن عُلاثَةَ، عن هشام بن حسان، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثني إلى ثقيف: "تجوز في الصلاة يا عثمان، وَاقْدُرِ الناس بأضعفهم؛ فإن فيهم الضعيف؛ وذا الحاجة، والحامل، والمرضع، إني لأسمع بكاء الصبي فأتجوَّز".

أخرجه ابن ماجة (990) مختصرًا. والبزار (6/ 310 - 311/ 2323) مختصرًا. والطبراني في الكبير (9/ 56/ 8379)، وفي الأوسط (8/ 66/ 7978)، وابن عدي في الكامل (6/ 223).

قال البزار: "وهذا الحديث قد رُوي عن أبي هريرة وأنس بأسانيد أحسن من هذا الإسناد، ولكن ذكرناه عن عثمان لعزة حديث عثمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نعلم يُروى عن عثمان هذا الكلام إلا من هذا الوجه، ومحمد بن عبد الله: لين الحديث، والباقون مشاهير".

وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن هشام بن حسان إلا ابن علاثة، تفرد به: محمد بن سلمة".

وقال ابن عدي: "وهذا في متنه زيادة الحامل والمرضع، ويرويه ابن علاثة".

قلت: هشام بن حسان: بصري ثقة، من أصحاب ابن سيرين، وتكلموا في أحاديثه عن الحسن البصري، يقولون أخذها عن حوشب، وهو: ابن عقيل، وهو: ثقة [انظر: التهذيب (4/ 268)، شرح علل الترمذي (2/ 686)].

ومحمد بن عبد الله بن عُلاثَةَ: جزري حراني قدم بغداد، أفسد حديثه عمرو بن الحصين، فروى عن ابن علاثة الموضوعات، فحمل بعضهم على ابن علاثة لأجل ما رواه عنه ابن الحصين، وهو بريء منه، وهو في نفسه صدوق، لكن ليس بذاك، ممن يهم كثيرًا في الروايات، فهو وإن وثقه: ابن معين وابن سعد، ومشاه ابن عدي، وقال أبو زرعة:"صالح"، لكن قال أبو حاتم:"يكتب حديثه، ولا يُحتج به"، وقال البخاري:"في حفظه نظر"، وأورد له حديثًا أخطأ فيه على هشام بن حسان، وسلك فيه الجادة، وانظر من أوهامه أيضًا: علل الدارقطني (8/ 112/ 1438)[التاريخ الكبير (1/ 132) و (6/ 129 و 207)، الجرح والتعديل (7/ 302)، ضعفاء العقيلي (4/ 92)، الكامل (6/ 222)، تاريخ بغداد (5/ 388)، تاريخ دمشق (53/ 393)، التهذيب (3/ 612)، الميزان (3/ 594)، وغيرها. وقد تقدم الكلام عليه تحت الحديث رقم (300)، الشاهد رقم (4)]، وأما محمد بن سلمة، فهو: الحراني، وهو: ثقة، لكن الحديث منكر بهذه الزيادة:"والحامل، والمرضع، إني لأسمع بكاء الصبي فأتجوَّز"، تفرد بها ابن علاثة عن هشام بن حسان عن الحسن، ولا يحتمل ذلك منه، فهو كثير الأوهام، وهو حراني تفرد به عن أهل البصرة.

• ورواه عمرو بن عبد الجبار، عن عَبِيدة بن حسان، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص، قال: إن آخر ما عهد إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صليت بأصحابك فصلِّ بهم صلاة أضعفهم، فإن فيهم الضعيف والمريض".

ص: 179

أخرجه الطبراني في الكبير (9/ 57/ 8380)، قال: حدثنا محمد بن عاصم الأصبهاني: ثنا علي بن حرب الموصلي: ثنا عمرو به.

قلت: إسناده واهٍ بمرة؛ عَبِيدة بن حسان، هو: العنبري السنجاري: قال أبو حاتم: "منكر الحديث"، وقال ابن حبان:"كان ممن يروي الموضوعات عن الثقات"، وقال الدارقطني:"ضعيف"[الجرح والتعديل (6/ 92)، المجروحين (2/ 189)، سنن الدارقطني (3/ 41) و (4/ 138)، اللسان (5/ 364)]، وعمرو بن عبد الجبار السنجاري: قال العقيلي: "لا يتابع على حديثه"، وقال ابن عدي:"روى عن عمه عبيدة بن حسان مناكير" وساق له جملة أحاديث، ثم قال:"وهذه الأحاديث التي أمليتها مع التي لم أذكرها لعمرو بن عبد الجبار: كلها غير محفوظة"، وقال الدارقطني:"ضعيف"[ضعفاء العقيلي (4/ 287)، الكامل (5/ 141)، سنن الدارقطني (3/ 41)، اللسان (6/ 214)]، وبقية رجاله ثقات.

• قلت: والمعروف في هذا عن الحسن: مرسل:

فقد رواه عبد الرزاق في المصنف (2/ 362/ 3714)، عن الثوري، عن إسماعيل ويونس، عن الحسن: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أمَّ الناس فليقدُر القوم بأضعفهم؛ فإن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة" مرسل.

وقال أبو داود في المراسيل (37): حدثنا وهب بن بقية [ثقة]، عن خالد [هو: ابن عبد الله الواسطي: ثقة ثبت]، عن يونس، عن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى أحدكم للقوم فليقدر الصلاة بأضعفهم؛ فإن وراءه: الكبير، والضعيف؛ وذا الحاجة، والمريض، والبعيد".

قلت: وهذا إسناد صحيح إلى الحسن؛ فالمرسل هو الصواب؛ فإن يونس بن عبيد: ثقة ثبت، وهو: أثبت أصحاب الحسن البصري [شرح علل الترمذي (2/ 685)]، وتابعه عليه: إسماعيل بن مسلم المكي، وهو: ضعيف؛ يكتب حديثه في المتابعات.

وعلى هذا فلا تثبت جملة: "واتخذ مؤذنًا لا يأخذ على الأذان أجرًا" من حديث الحسن البصري؛ لتفرد أشعث بن سوار بها، فزاد في المتن والإسناد، ورواية يونس بن عبيد المرسلة هي المحفوظة، والله أعلم.

5 -

سماك بن حرب، عن النعمان بن سالم، عن عثمان بن أبي العاص الثقفي، قال: آخر ما أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنك تؤم قومك، وإن خلفك: الكبير، والضعيف، وذا الحاجة؛ فتجوَّز في صلاتك".

أخرجه بحشل في تاريخ واسط (56 - 57)، وابن قانع في المعجم (2/ 256)، والطبراني في الكبير (9/ 48/ 8350 - 8352).

رواه عن سماك به هكذا: إسرائيل بن يونس [ثقة، من السابعة]، وإسحاق بن يوسف الأزرق [ثقة، من التاسعة]، وحفص بن جميع [ضعيف، يحدث عن سماك بأحاديث

ص: 180

مناكير، من الثامنة]؛ فأخاف أن يكون هذا الحديث مما تلقنه سماك، أو قد وهم فيه، فقد بيَّن عواره شعبة؛ إذ لم يسمعه النعمان من عثمان بن أبي العاص:

رواه شعبة، عن النعمان بن سالم، قال: سمعت أشياخنا من ثقيف، قالوا: أنا عثمان بن أبي العاص، أنَّه قال: قال في رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أُمَّ قومك، وإذا أمَمْت قومك فَأَخِفَّ بهم الصلاة؛ فإنه يقوم فيها: الصغير، والكبير، والضعيف؛ والمريض، وذو الحاجة".

أخرجه أحمد (4/ 21)، قال: حدثنا محمد بن بكر [كذا في المسند، وفي الإتحاف (10/ 696/ 13619): محمد بن جعفر، فالأول: البرساني، والثاني: غندر، وكلاهما: ثقة]: ثنا شعبة به.

وعليه: فالإسناد ضعيف؛ لأجل جهالة الأشياخ من ثقيف، وعلى هذا فرواية النعمان عن عثمان: مرسلة، لكن الحديث صحيح بطرقه.

6 -

عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن داود بن أبي عاصم، عن عثمان بن أبي العاص: أن آخر ما فارقه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا صليت بقوم فخفف بهم" حتَّى وَقَّتَ لي: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} .

وفي رواية: آخر كلام كلمني رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ استعملني على الطائف، قال:"خفف الصلاة على الناس" حتَّى وَقَّتَ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} ، {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} ، وأشباهها من القرآن.

أخرجه أحمد (4/ 218)، وابن سعد في الطبقات (5/ 508)، والطبراني في الكبير (9/ 49/ 8353 و 8354).

واختلفوا في سماع داود بن أبي عاصم من عثمان بن أبي العاص:

فقال علي بن المديني: "داود بن أبي عاصم عن عثمان بن أبي العاص: مرسل"[المراسيل (199)، جامع التحصيل (173)، تحفة التحصيل (99)].

لكن قال البخاري في التاريخ الكبير (3/ 230): "وروى ابن خثيم، سمع داود بن أبي عاصم، سمع عثمان بن أبي العاص".

ولابن المديني في العلل (132) كلام يشرح حكمه بالإرسال، لكن يبدو أن في السياق سقط أو خلل، وخلاصة ما يمكن استخلاصه من كلام ابن المديني، أن بين داود بن أبي عاصم وعثمان بن أبي العاص: رجلين، وهذا نص كلامه في العلل: "داود بن أبي عاصم، عن عبد الله بن عبد الرحمن: أخبرنا عثمان بن عبد الله بن أوس، عن عثمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم في التخفيف في الصلاة.

رواه أبو عاصم وأبو نعيم، فخالفه عن عبد الرحمن هذا، عبد الرحمن يروي [وفي نسخة:"عبد الرحمن بن يعلى" بدل "يروي"، عن عبد ربه، عن عثمان.

وأظنه أُتي من الشيخ، لأنَّ أبا عامر [كذا، ولعله: أبا عاصم] وأبا نعيم اتفقا على عاصم.

ص: 181

وأظنه قال: أبو عاصم أعلم بحديث هذا الشيخ، وأظنه أُتي من الشيخ" انتهى كلامه.

قلت: لعله يريد بالشيح: ابن جريج، إذ هو الَّذي يروي عن داود بن أبي عاصم، وعنه: أبو عاصم النبيل، فإن كان هذا هو مراد ابن المديني، وأن ابن جريج هو الَّذي زاد في الإسناد رجلين بين عاصم وعثمان، فلا شك في كون روايته أرجح من رواية ابن خثيم -التي ذكرها البخاري في إثبات السماع-، فابن جريج: ثقة من كبار الحفاظ، وابن خثيم: ممن يخطئ على قلة ما يروي؛ وعلى هذا: فالحديث ضعيف بهذه الزيادة، بتعيين سور التخفيف، لأجل الإرسال بين داود بن أبي عاصم الثقفي وعثمان بن أبي العاص، والله أعلم.

7 -

عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى الطائفي، عن عبد الله بن الحكم [ومرة يقول: حدثني عبد ربه بن الحكم]: أنَّه سمع عثمان بن أبي العاص، يقول: استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على الطائف، وكان آخر ما عهده إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"خفِّف على الناس الصلاة".

أخرجه أحمد (4/ 218)، وعبد الرزاق (2/ 363/ 3717)، وابن سعد في الطبقات (5/ 508)، وأبو العباس السراج في مسنده (249)، وفي حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (654)، والمحاملي في الأمالي (406)، والطبراني في الكبير (9/ 48/ 8348 و 8349).

وهذا إسناد ضعيف؛ عبد ربه بن الحكم: مجهول [التهذيب (2/ 481)، الميزان (2/ 544)، بيان الوهم (3/ 552)، المغني (1/ 375)، التقريب (355)]، وأخوه عبد الله بن الحكم: فلم أجد من ترجم له، وانظر: الذكر والدعاء بتخريجي (4/ 1281)، فقد ذكرت هناك بأنه تصحف "عبد ربه" إلى "عبد الله"، ويبدو لي - والله أعلم - أن عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى الطائفي هو نفسه الَّذي كان يضطرب فيه [إذ رواة الاختلاف عنه ثقات، وهو: ليس بذاك القوي. التهذيب (2/ 375)، الميزان (2/ 452)]، فكان مرة يقول: عبد ربه، ومرة يقول: عبد الله، وقد تفرد هو بالرواية عنهما.

8 -

سهيل بن أبي صالح، عن حكيم بن حكيم بن عباد بن حُنَيف، عن عثمان بن أبي العاص، قال: قدمت في وفد ثقيف حين وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم،

فذكر قصة طويلة، وفي آخرها قال له النبي صلى الله عليه وسلم:"لقد سألتني شيئًا ما سألني عنه أحد من أصحابك، اذهب فأنت أمير عليهم، وعلى من تَقْدُمُ عليه من تومك، وأُمَّ الناس بأضعفهم" ..... ثم ذكر الرقية.

أخرجه الطبراني في الكبير (9/ 50/ 8356)، قال: حدثنا يحيى بن أيوب العلاف المصري: ثنا سعيد بن أبي مريم: ثنا محمد بن جعفر [هو: ابن أبي كثير، الأنصاري مولاهم، المدني: ثقة]، عن سهيل به.

قلت: رجاله ثقات مشهورون، رجال التهذيب، وحكيم بن حكيم: حسن الحديث [سبق الكلام عليه عند الحديث (393)]، لكنه يروي عن التابعين، وعمن له رؤية [مثل: أبي أمامة بن سهل، ومسعود بن الحكم الزرقي]، ولا تعرف له رواية عمن سمع النبي صلى الله عليه وسلم -

ص: 182

إلا في هذا الحديث - فيما وقفت عليه -، لذا ذكره ابن حبان في أتباع التابعين من ثقاته (6/ 214)، وهو يروي عن نافع بن جبير، ونافع يروي عن عثمان، وعلى هذا فروايته عن عثمان: مرسلة، فإن عثمان توفي سنة (51) أو (55)، فلا أظنه أدركه، لا سيما وهو كثير الرواية عن أبي أمامة، وأبو أمامة متأخر الوفاة، توفي سنة مائة، ومسعود الزرقي: معدود في كبار التابعين [وقد سبق أن تكلمت على هذا الإسناد في تخربج الذكر والدعاء (2/ 814/ 366)، وحكمت عليه بالانقطاع].

9 -

إسماعيل بن رافع [الأنصاري المدني: متروك، منكر الحديث. التهذيب (1/ 150)، الميزان (1/ 227)]، عن محمد بن سعيد بن عبد الملك [قال أبو حاتم:"لا أعرفه"، والعجب من ابن حبان الَّذي أدخله في ثقاته، وقال:"يروي المقاطيع عن أهل المدينة، روى عنه إسماعيل بن رافع المدني"، وقال الذهبي:"أرسل حديثًا، لا يُدرى من هو". التاريخ الكبير (1/ 95) وذكر أنَّه أرسل عن عثمان بن أبي العاص. الجرح والتعديل (7/ 264)، الثقات (7/ 423)، المغني (2/ 585)، ال 4 لسان (7/ 154)]، عن المغيرة بن شعبة، قال: قال عثمان بن أبي العاص - وكان شابًا -: وفدنا على النبي صلى الله عليه وسلم، فوجدني أفضلهم أخذًا للقرآن، وقد فضَلتهم بسورة البقرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"قد أَمَّرتك على أصحابك، وأنت أصغرهم، فإذا أممت قومًا فأُمَّهم بأضعفهم؛ فإن وراءك: الكبير، والصغير، والضعيف؛ وذا الحاجة، وإذا كنت مصدِّقًا فلا تأخذ الشافع -وهي: الماخض-، ولا الرُّبَّى، ولا فحل الغنم، وحَزْرَة الرجل هو أحق بها منك، ولا تمس القرآن إلا وأنت طاهر، واعلم أن العمرةَ هي الحجُّ الأصغر، وأن عمرةً خيرٌ من الدنيا وما فيها، وحجةٌ خيرٌ من عمرة".

أخرجه الطبراني في الكبير (9/ 44/ 8336)، قال: حدثنا أحمد بن عمرو الخلال المكي [أكثر عنه الطبراني، ولم أر من تكلم فيه بجرح أو تعديل؛ فهو مجهول الحال. مولد العلماء ووفياتهم (2/ 617)، تاريخ الإسلام (22/ 59)]: ثنا يعقوب بن حميد [هو: ابن كاسب: حافظ، له مناكير وغرائب، وأسند مراسيل]: ثنا هشام بن سليمان [هو: ابن عكرمة بن خالد المخزومي المكي: قال أبو حاتم: "مضطرب الحديث، ومحله الصدق، ما أرى به بأسًا"، وقال العقيلي: "في حديثه عن غير ابن جريج وهم"، لم يخرج له مسلم إلا من روايته عن ابن جريج، وعلق له البخاري موضعًا عن ابن جريج، وله أيضًا ما استنكر عن ابن جريج، كما في علل ابن أبي حاتم (1/ 289/ 862)، انظر: التاريخ الكبير (8/ 200)، الجرح والتعديل (9/ 62)، ضعفاء العقيلي (4/ 338)، شرح علل الترمذي (2/ 807)، التهذيب (4/ 272)، الميزان (4/ 299)، وغيرها]، عن إسماعيل به.

قلت: فهو حديث منكر، وله طرق أخرى عن إسماعيل بن رافع، عند البخاري في التاريخ الكبير (1/ 95)، وابن أبي داود في المصاحف (735).

وانظر أيضًا: مصنف عبد الرزاق (2/ 363/ 3716)، المعجم الكبير (9/ 61/ 8393).

ص: 183

• وله شاهد من حديث المغيرة بن شعبة:

قال البخاري في التاريخ الكبير (3/ 486): وقال محمد أبو يحيى: حدثنا شبابة، قال: حدثني المغيرة بن مسلم، عن سعيد بن طهمان القطعي، عن مغيرة بن شعبة، قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم اجعلني إمام قومي. قال: "قد فُعِل ذاك، فصلِّ بصلاة أضعف القوم، ولا تتخذ مؤذنًا يأخذ على أذانه أجرًا".

قلت: هكذا رواه شيخ البخاري: أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم بن أبي زهير البزاز، المعروف بصاعقة، وهو: ثقة حافظ.

ورواه محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي [قال النسائي: "لا بأس به"، وقال ابن يونس: "ثقة". التهذيب (3/ 609)]، قال: ثنا شبابة بن سوار: ثنا المغيرة بن مسلم، عن الوليد بن مسلم، عن سعيد القطيعي، عن المغيرة بن شعبة به.

أخرجه الطبراني في الكبير (20/ 434/ 1057)، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثني محمد بن عبد الرحيم به.

قلت: زيادة: الوليد بن مسلم في الإسناد مدرجة، لا أدري ممن هي؟، فالذين ترجموا لسعيد بن طهمان القطعي لم يذكروا الوليد بن مسلم فيمن يروي عنه، بل قال أبو حاتم:"لا أعلم أحدًا يروي عنه غير: يحيى بن أبي كثير، والمغيرة بن مسلم، وأحسبه هو سعيد القطعي، الَّذي روى عنه يحيى بن أبي كثير، يروي عن أَنس؛ لا يذكر سماعًا، ولا رؤية، بصري الدار"[الجرح والتعديل (4/ 35)، الثقات (4/ 286)، وانظر أيضًا: التاريخ الكبير (3/ 508)].

ورواه الدارقطني في الأفراد (4/ 302 - 303/ 4314 - أطرافه)، ثم قال: "غريب من حديث المغيرة، تفرد به سعيد عنه، وتفرد به: المغيرة بن مسلم عن سعيد، ورواه شبابة عن المغيرة

"، فدل ذلك على إدراج الوليد بن مسلم في الإسناد، وليس منه.

قال الهيثمي في المجمع (2/ 3): "رواه الطبراني في الكبير، من طريق سعد القطعي [كذا] عنه، ولم أجد من ذكره".

قلت: قال العجلي: "تابعي، ثقة"[معرفة الثقات (185)]، وذكره ابن حبان في الثقات، وترجم له البخاري، وابن أبي حاتم، كما ذكرت آنفًا [الثقات (4/ 286)، اللسان (4/ 60)]، وروى عنه اثنان، أحدهما: ثقة ثبت، ممن لا يحدث إلا عن ثقة، لكن كلام أبي حاتم يُشعِر أن روايته عن أَنس: مرسلة، فإن كان كذلك، فروايته عن المغيرة: مرسلة من باب أولى، إذ بين وفاة أَنس والمغيرة ما يزيد على أربعين سنة، ولم يذكر سماعًا.

والمغيرة بن مسلم القسملي: لا بأس به، وبقية رجاله: ثقات.

فهو حديث غريب، من حديث المغيرة بن شعبة الثقفي، فإن قصة عثمان بن أبي العاص الثقفي في قدوم وفد ثقيف، وقد بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم أميرًا على قومه، وجعله إمامًا لهم، وأمره بالتخفيف: قصة صحيحة مشهورة، ويبعد تعددها، والله أعلم.

ص: 184

• وروي ذلك عن ابن معمر، ولا يصح عنه:

يرويه يحيى البكاء [ضعيف، وهَّاه بعضهم. التهذيب (4/ 388)، الميزان (4/ 409)]، أن رجلًا قال لابن عمر: إني أحبك في الله، فقال له ابن عمر: لكني أبغضك في الله؛ لأنك تتغنى في أذانك، وتأخذ على الأذان أجرًا.

أخرجه عبد الرزاق (1/ 481/ 1852)، وأبو نعيم في الصلاة (203)، وابن أبي شيبة (1/ 207/ 2372)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 63/ 1239)، والطحاوي (4/ 128)، والطبراني في الكبير (12/ 264/ 13059)، وابن عدي في الكامل (7/ 192).

وانظر أيضًا: مصنف عبد الرزاق (1/ 482) و (8/ 297 / 15285)، الصلاة لأبي نعيم (202)، أخبار مكة للفاكهي (2/ 143/ 1320)، أخبار القضاة (3/ 7)، الحلية (1/ 366)، الأباطيل والمناكير (2/ 158 - 160/ 519 و 520)، الموضوعات (1/ 165)، الإصابة (7/ 139)، اللسان (3/ 20).

• والخلاصة: فإن حديث عثمان بن أبي العاص حين قال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! اجعلني إمامَ قومي، قال:"أنت إمامُهم، واقْتَدِ بأضعفهم، واتخذْ مؤذنًا لا يأخذُ على أذانه أجرًا": حديث صحيح ثابت، كما قال ابن المنذر، وغيره.

• وقد دل حديث عثمان على ما قال به جمهور أهل العلم، قال الترمذي:"حديث عثمان: حديث حسن، والعمل على هذا عند أهل العلم، كرهوا أن يأخذ المؤذن على الأذان أجرًا، واستحبوا للمؤذن أن يحتسب في أذانه".

قال الشافعي في الأم (2/ 184): "وأحب أن يكون المؤذنون متطوعين، وليس للإمام أن يرزقهم، ولا واحدًا منهم، وهو يجد من يؤذن له متطوعًا ممن له أمانة، إلا أن يرزقهم من ماله، ولا أحسب أحدًا ببلد كثير الأهل يَعُوزُه أن يجد مؤذنًا أمينًا لازمًا، يؤذن متطوعًا، فإن لم يجده فلا بأس أن يرزق مؤذنًا، ولا يرزقه إلا من خمس الخمس سهم النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز له أن يرزقه من غيره من الفيء؛ لأنَّ لكله مالكًا موصوفًا.

قال الشافعي: ولا يجوز له أن يرزقه من الصدقات شيئًا، ويحل للمؤذن أَخْذُ الرزق، إذا رُزِقَ من حيث وصفتُ أن يُرزق، ولا يحل له أخذه من غيره بأنه رزق".

وقال البيهقي في السنن (1/ 429): "قال الشافعي: قد أرزق المؤذنين إمام هدي عثمان بن عفان". وقال نحوه في الخلافيات (4/ 172 - مختصره).

وقال صالح بن أحمد بن حنبل: "وسألت أبي عن المؤذن يأخذ على أذانه كراء؟ فكرهه"[مسائل صالح (44)].

وقال الخطابي في المعالم (1/ 135): "أخذ المؤذن الأجر على أذانه مكروه في مذاهب أكثر العلماء، وكان مالك بن أَنس يقول: لا بأس به، ويرخص فيه. وقال الأوزاعي: الإجارة مكروهة، ولا بأس بالجعل، وكره ذلك أصحاب الرأي، ومنع منه إسحاق بن راهويه. وقال الحسن: أخشى أن لا تكون صلاته خالصة لله، وكرهه الشافعي،

ص: 185

وقال: لا يرزق الإمامُ المؤذنَ إلا من خمس الخمس سهم النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه مُرصَد لمصالح الدين، ولا يرزقه من غيره".

وقال ابن المنذر في الأوسط (3/ 63): "لا يجوز للمؤذن أخذ الأجر على أذانه لحديث عثمان، فإن أخذ مؤذن على أذانه أجرًا لم يسعه ذلك لأنَّ السنة منعت منه، فإن صلوا بأذان كان أخذ على أذانه أجرًا فصلاتهم مجزية؛ لأنَّ الصلاة غير الأذان، وليست الإمامة كذلك، أخشى أن لا تجزئ صلاة من أمَّ بجعل؛ كما روي عن الحسن أنَّه قال: أخشى أن لا تكون صلاته خالصة لله".

وقال ابن قدامة في المغني (1/ 249): ولا يجوز أخذ الأجرة على الأذان في ظاهر المذهب، وكرهه القاسم بن عبد الرحمن والأوزاعي وأصحاب الرأي وابن المنذر؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لعثمان بن أبي العاص:"واتخذ مؤذنًا لا يأخذُ على أذانه أجرًا" رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي، وقال: حديث حسن، ولأنه قربة لفاعله، لا يصح إلا من مسلم؛ فلم يستأجره عليه، كالإمامة.

وحكي عن أحمد رواية أخرى: أنَّه يجوز أخذ الأجرة عليه، ورخص فيه مالك، وبعض الشافعية؛ لأنَّه عمل معلوم يجوز أخذ الرزق عليه، فجاز أخذ الأجرة عليه، كسائر الأعمال، ولا نعلم فيه خلافًا في جواز أخذ الرزق عليه، وهذا قول: الأوزاعي والشافعي، لأنَّ بالمسلمين حاجة إليه، وقد لا يوجد متطوع به، وإذا لم يدفع الرزق فيه يعطل، ويرزقه الإمام من الفيء، لأنَّه المعد للمصالح، فهو كأرزاق القضاة والغزاة، وإن وجد متطوع به لم يرزق غيره لعدم الحاجة إليه".

وقال ابن حزم في المحلى (3/ 145): "لا تجوز الأجرة على الأذان، فإن فعل ولم يؤذن إلا للأجرة؛ لم يَجُز أذانه، ولا أجزأت الصلاة به، وجائزٌ أن يُعْطَى على سبيل البر، وأن يرزقه الإمام".

وانظر: مشكل الآثار (1/ 466 - ترتيبه)، عارضة الأحوذي (2/ 13)، البيان (2/ 89)، المجموع (3/ 135)، نيل الأوطار (2/ 44).

• قلت: احتج من قال بجواز أخذ الأجرة على الأذان: بحديث أبي محذورة المتقدم برقم (503)، والشاهد منه قوله:"ثم دعاني حين قضيتُ التأذينَ، فأعطاني صُرةً فيها شيء من فضة"، قال الجوزقاني في الأباطيل (2/ 170):"ولو كان ذلك حرامًا لم يعطه".

قال الشوكاني في نيل الأوطار (2/ 45) في الجمع بين حديث الباب، وحديث أبي محذورة: "قال اليَعْمُرِي: ولا دليل فيه لوجهين:

الأول: أن قصة أبي محذورة أول ما أسلم؛ لأنَّه أعطاه حين علَّمه الأذان، وذلك قبل إسلام عثمان بن أبي العاص، فحديث عثمان متأخر.

الثاني: أنها واقعة يتطرَّق إليها الاحتمال، وأقرب الاحتمالات فيها: أن يكون من

ص: 186