الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن المنذر (4/ 218): "ثبت أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة الجميع تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة"، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاة الرجل مع الثلاثة أزكى، وما كثُر فهو أحب إلى الله"، وحديث أبي سعيد: ثابت، فإذا فات جماعة الصلاة مع الإمام صلوا جماعة اتباعًا لحديث أبي سعيد، وطلبًا لفضل الجماعة، ولا نعلم مع من كره ذلك ومنع منه حجة".
انظر: المدونة (1/ 89)، الأم (1/ 154)، اختلاف العلماء للمروزي (44)، مختصر اختلاف العلماء (1/ 251)، الاستذكار (1/ 395)، شرح السنة (3/ 437)، المجموع شرح المهذب (4/ 193)، الذخيرة (2/ 272)، إعلام العابد في حكم تكرار الجماعة في المسجد الواحد.
• وهذا الحديث قد احتج به في مسائل شتى، منها: إقامة الجماعة في المسجد مرتين، ومنها: أقل ما تنعقد به الجماعة [ويأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى عند الحديث رقم (611)]، ومنها: صلاة المتنفل خلف المفترض [ويأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى عند الحديث رقم (599)]، وانظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام (23/ 384)، والله أعلم.
***
57 - باب فيمن صلى في منزله ثم أدرك الجماعة يصلي معهم
575 -
قال أبو داود: حدثنا حفص بن عمر: ثنا شعبة: أخبرني يعلى بن عطاء، عن جابر بن يزيد بن الأسود، عن أبيه: أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو غلامٌ شابٌّ، فلما صلى إذا رجلان لم يصلِّيا في ناحية المسجد، فدعا بهما، فجئ بهما تُرعَدُ فرائِصُهما، فقال:"ما منعكما أن تصلِّيا معنا؟ " قالا: قد صلينا في رحالنا، فقال:"لا تفعلوا، إذا صلى أحدكم في رَحْله، ثم أدرك الإمام ولم يُصلِّ، فَلْيُصَلِّ معه، فإنها له نافلةٌ".
• حديث صحيح
لم أقف على من أخرجه من طريق أبي عمر حفص بن عمر الحوضي.
***
576 -
قال أبو داود: حدثنا ابن معاذ: ثنا أبي: ثنا شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن جابر بن يزيد، عن أبيه، قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم الصبح بمنىً، بمعناه.
• حديث صحيح.
لم أقف على من أخرجه من طريق معاذ بن معاذ العنبري.
• وقد رواه عن شعبة به أيضًا:
خالد بن الحارث، ومحمد بن جعفر غندر، وأبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك، وأبو داود الطيالسي، ويزيد بن زريع، ويزيد بن هارون، والأسود بن عامر، وأبو النضر هاشم بن القاسم، ومسلم بن إبراهيم الفراهيدي، وسليمان بن حرب، وآدم بن أبي إياس، ووهب بن جرير، وعمرو بن مرزوق، وبقية بن الوليد، وغيرهم.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (8/ 317) مختصرًا. والدارمي (1/ 366/ 1367)، وابن خزيمة (3/ 67/ 1638)، وابن حبان (4/ 432/ 1564)، وأحمد (4/ 161)، والطيالسي (2/ 575 و 576/ 1343 و 1344)، وابن سعد في الطبقات (5/ 517)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 598/ 2495 - السفر الثاني)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 46/ 202)، والطحاوي (1/ 363)، وأبو بكر الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (1537 و 2777)، وابن قانع في المعجم (3/ 221 و 222)، والطبراني في الكبير (22/ 233 و 236/ 610 و 611 و 618)، في الأوسط (8/ 284/ 8650)، وابن الغطريف في جزئه (87)، والدارقطني (1/ 413)، وابن أخي ميمي الدقاق في فوائده (448)، وابن مخلد البزاز في حديثه عن شيوخه (75)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5/ 2775/ 6590)، والبيهقي في السنن (2/ 300 و 301)، وفي الدلائل (1/ 256).
ولفظ أبي داود الطيالسي: قال: حدثنا شعبة، عن يعلى بن عطاء، قال: سمعت جابر بن يزيد بن الأسود السوائي، يحدث عن أبيه، قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد الخَيْف بمنىً صلاة الصبح، فلما قضى صلاته، إذا رجلان في مؤَخَّر المسجد لم يصليا مع الناس، فأُتيَ بهما النبي صلى الله عليه وسلم تُرعَدُ فرائصهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما منعكما أن تصليا معنا؟ " قالا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلينا في رحالنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما الإمام وهو يصلى، فصليا معه، فإنها لكما نافلة -أو: تطوع-".
وزاد خالد بن الحارث، وأبو النضر هاشم بن القاسم، والأسود بن عامر، وسليمان بن حرب، وأبو داود الطيالسي -لكن فرقهما حديثين-، وآدم بن أبي إياس -لكن اقتصر عليها-[وهم ثقات حفاظ]، وعمرو بن مرزوق [ثقة]:
فقام الناس يأخذون بيده يمسحون بها وجوههم، قال: فأخذتُ بيده فمسحتُ بها وجهي، فإذا هي أبردُ من الثلج، وأطيبُ ريحًا من المسك.
[وهذه الزيادة قد تقدمت من حديث أبي جحيفة، عند البخاري (3553) وغيره، تحت الحديث رقم (520)].
• تابع شعبة عليه:
سفيان الثوري، وهشيم، وأبو عوانة، وحماد بن سلمة، وهشام بن حسان، وغيلان بن جامع، وعبد الله بن المبارك، وشريك بن عبد الله النخعي، ومبارك بن فضالة، والحكم بن فصيل [ليس بذاك، وثقه ابن معين وأبو داود. اللسان (3/ 252)]، وغيرهم:
رووه عن يعلى بن عطاء، عن جابر بن يزيد بن الأسود، عن أبيه به.
أخرجه أبو داود (614)، مختصرًا. والترمذي (219)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(203)، والنسائي في المجتبى (2/ 858/112) و (3/ 67/ 1334)، وفي الكبرى (1/ 450/ 933) و (2/ 93/ 1258)، وابن خزيمة (2/ 262/ 1279) و (3/ 67 و 106/ 1638 و 1713)، وابن حبان (4/ 434/ 1565) و (6/ 155/ 2395)، والحاكم (1/ 244 - 245)، وأحمد (4/ 160 و 161)، وعبد الرزاق (2/ 421/ 3934)، وابن سعد في الطبقات (5/ 517)، وابن أبي شيبة (2/ 75/ 6642) و (7/ 290/ 36177)، ولوين في جزء من حديثه (102)، والفاكهي في أخبار مكة (4/ 267 و 268/ 2597 و 2598)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 134 و 135/ 1462 و 1463)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (2/ 540 و 541/ 778 - 780 - مسند عمر)، وابن المنذر في الأوسط (2/ 404 و 405/ 1116 و 1117)، وابن قانع في المعجم (3/ 222)، والطبراني في الكبير (22/ 232 - 236/ 608 و 609 و 612 - 617 و 619)، وفي الأوسط (4/ 348/ 4398)، وفي الصغير (1/ 360/ 603)، وفي مسند الشاميين (3/ 369/ 2483)، والدارقطني (1/ 413 و 414)، وابن حزم في المحلى (4/ 261)، والبيهقي في السنن (2/ 182 و 301)، وفي المعرفة (2/ 132)، وابن عبد البر في التمهيد (4/ 258)، والخطيب في التاريخ (9/ 98)، وفي تلخيص المتشابه في الرسم (1/ 103)، وفي المتفق والمفترق (1/ 618/ 347)، والبغوي في شرح السنة (3/ 214/ 705)، وابن الجوزي في التحقيق (630).
ولفظ هشيم، قال: أخبرنا يعلى بن عطاء، قال: حدثني جابر بن يزيد بن الأسود العامري، عن أبيه، قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجته، قال: فصليت معه الغداة في مسجد الخَيْف، فلما قضى صلاته وانحرف؛ إذا هو برجلين في آخر القوم لم يصلِّيا معه، قال: فقال: "عليَّ بهما" فأُتي بهما تُرعَد فرائصهما، فقال:"ما منعكما أن تصلِّيا معنا؟ " فقالا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم كنا قد صلينا في رحالنا، قال:"فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما مسجد جماعة؛ فصلِّيا معهم، فإنها لكما نافلة".
وأتمهم له سياقة: أبو عوانة، ولفظه: حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، قال: فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح -أو: الفجر-، قال: ثم انحرف جالسًا، واستقبل الناس بوجهه، فإذا هو برجلين من وراء النَّاس، لم يصليا مع الناس، فقال:"ائتوني بهذين الرجلين" قال: فأُتي بهما ترعد فرائصهما، فقال:"ما منعكما أن تصليا مع الناس؟ " قالا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا قد كنا صلينا في الرحال، قال:"فلا تفعلا، إذا صلى أحدكم في رحله، ثم أدرك الصلاة مع الإمام فليصلها معه، فإنها له نافلة".
قال: فقال أحدهما: استغفر لي يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستغفر له.
قال: ونهض الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونهضت معهم، وأنا يومئذ أشبُّ الرجال
وأجلدُه، قال: فما زلت أزْحَمُ الناسَ حتى وصلتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذت بيده فوضعتها إما على وجهي أو صدري، قال: فما وجدت شيئًا أطيبَ ولا أبردَ من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وهو يومئذ في مسجد الخيف. [أحمد (4/ 161)].
وانظر فيمن وهم فيه على هشام بن حسان، فجعله من مسند أبي هريرة: علل الدارقطني (8/ 113/ 1439).
قال الترمذي: "حديث حسن صحيح".
وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والبيهقي، وابن السكن، وعبد الحق الإشبيلي [الأحكام الوسطى (1/ 283)]، وابن قدامة [المغني (1/ 428)]، واحتج به أبو داود والنسائي.
وقال ابن الملقن في البدر المنير (4/ 412): "هذا الحديث صحيح".
لكن قال الشافعي: "هذا إسناد مجهول"[سنن البيهقي (2/ 301)، المعرفة للبيهقي (2/ 132)].
فقال البيهقي: "وإنما قال ذلك -والله أعلم- لأن يزيد بن الأسود ليس له راو غير ابنه جابر بن يزيد، ولا لجابر بن يزيد راو غير يعلى بن عطاء، وكان يحيى بن معين وجماعة من الأئمة يوثقون يعلى بن عطاء، وهذا الحديث له شواهد قد تقدم ذكرها، فالاحتجاج به وبشواهده: صحيح، والله أعلم".
قلت: إسناده صحيح متصل، رجاله جميعًا ثقات، أما الأسود بن يزيد: فهو صحابي، أثبت صحبته: البخاري وأبو حاتم وابن حبان وغيرهم [التاريخ الكبير (8/ 317)، الجرح والتعديل (9/ 250)، الثقات (3/ 442)]، والصحابة كلهم عدول، وأما جابر بن يزيد: فقد قال البخاري في التاريخ الكبير (2/ 210): "جابر بن يزيد بن الأسود الخزاعي: سمع أباه، سمع منه يعلى بن عطاء"، وقد وثقه النسائي، وذكره ابن حبان في الثقات [التهذيب (1/ 283)]، وصحح حديثه هذا: الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والبيهقي وابن السكن، وأما يعلى بن عطاء العامري، فهو: ثقة، وثقه جماعة من الأئمة، وأخرج له مسلم [التهذيب (4/ 450)، الجرح والتعديل (9/ 302)].
• تنبيه:
قال أحمد: "وربما قيل لهشيم: فلما قضى صلاته تحرَّف، فيقول: تحرف عن مكانه"[المسند (4/ 160)].
وقال في العلل ومعرفة الرجال (2/ 268/ 2213): "لم يسمع هشيم هذه الكلمة من يعلى بن عطاء، في حديث جابر بن يزيد بن الأسود، عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم الغداة فانحرف".
وقال ابن معين: "انحرف: هذه الكلمة ليست من حديث هشيم"[تاريخ الدوري (4/ 402/ 4982)].
قلت: هي ثابتة من حديث الثوري وأبي عوانة، وتقدم لفظ أبي عوانة، ولفظ الثوري المختصر: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم[صلاة الصبح]، فكان إذا انصرف انحرف، وفي رواية: فلما صلى انحرف.
ورواه الثوري أيضًا مطولًا، واختلف عليه في لفظه:
فرواه عنه به مطولًا ومختصرًا: عبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن سعيد القطان، ووكيع بن الجراح، والأشجعي عبيد الله بن عبيد الرحمن [وهم ثقات حفاظ، من أثبت أصحاب الثوري]، وعبد الرزاق بن همام الصنعاني [ثقة، من أصحاب الثوري]، وأبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي [صدوق، كان يصحف]، والحسين بن حفص الأصبهاني [صدوق]، وعبد الرحمن بن محمد بن زياد المحاربي [ثقة]:
ولفظه المطول: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر بمنى، فانحرف، فرأى رجلين وراء الناس، فدعا بهما، فجيء بهما ترعد فرائصهما، فقال:"ما منعكما أن تصلِّيا مع الناس؟ " فقالا: قد كنا صلينا في الرحال، قال:"فلا تفعلا؟ إذا صلى أحدكم في رحله، ثم أدرك الصلاة مع الإمام، فليصلها معه، فإنها له نافلة". [أحمد (4/ 161)].
• خالفهم فوهم في لفظه:
أبو عاصم النبيل [الضحاك بن مخلد: ثقة ثبت، ومن تقدم ذكرهم أثبت منه في الثوري]، فرواه عن سفيان، عن يعلى بن عطاء، عن جابر بن يزيد، عن أبيه، قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما انصرف رأى رجلين في مؤخر القوم، قال: فدعا بهما، فجاءا ترعد فرائصهما، فقال:"ما لكما لم تصليا معنا؟ " فقالا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلينا في الرحال، قال:"فلا تفعلا، إذا صلى أحدكم في رحله ثم جاء إلى الإمام فليصل معه، وليجعل التي صلى في بيته نافلة".
أخرجه الدارقطني (1/ 414)، ومن طريقه: البيهقي (2/ 301).
قال الدارقطني: "خالفه أصحاب الثوري، ومعه أصحاب يعلى بن عطاء، منهم: شعبة، وهشام بن حسان، وشريك، وغيلان بن جامع، وأبو خالد الدالاني، ومبارك بن فضالة، وأبو عوانة، وهشيم، وغيرهم، رووه عن يعلى بن عطاء مثل قول وكيع وابن مهدي".
وقال ابن الملقن في البدر المنير (4/ 414): "قال الدارقطني والبيهقي بعد أن أخرجاها: هذه الرواية: شاذة ضعيفة مردودة؛ لمخالفتها الثقات والحفاظ، ونص على ذلك غيرهما أيضًا"[وانظر: خلاصة الأحكام للنووي (2/ 667/ 2310)].
• خالف هؤلاء جميعًا فوهم، وسلك فيه الجادة والطريق السهل:
حجاج بن أرطاة [ليس بالقوي، يدلس عن الضعفاء والمتروكين]، فرواه عن يعلى بن عطاء، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر في مسجد الخيف، فبصر برجلين متنحيين، فدعا بهما، فجيء بهما ترعد فرائصهما، قال: "ما منعكما
أن تصليا معنا؟ " قالا: صلينا في رحالنا ثم أقبلنا، قال: "أفلا صليتما معنا تكن صلاتكما معنا تطوعًا، والتي صليتما في رحالكما الفريضة".
أخرجه ابن أبي حاتم في العلل (1/ 185/ 530)، وابن عدي في الكامل (2/ 228)، والدارقطني (1/ 414)، والبيهقي (2/ 301 - 302).
قال أبو زرعة: "هذا وهم عندي".
وقال ابن أبي حاتم: "لم يبين ما الصحيح، والذي عندي أن الصحيح: ما رواه شعبة، وسفيان، وهشام بن حسان، وحماد بن سلمة، وأبو عوانة، وشريك، وهشيم، عن يعلى بن عطاء، عن جابر بن يزيد بن الأسود، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم".
وقال ابن عدي: "هكذا قال حجاج: عن يعلى بن عطاء، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، وأخطأ في الإسناد، وكان هذا الإسناد أسهل عليه، لأن يعلى بن عطاء يروي عن أبيه عن عبد الله بن عمرو: أحاديث، وإنما روى هذا الحديث: الثقات عن يعلى بن عطاء، عن جابر بن يزيد بن الأسود، عن أبيه، قال: أبصر النبي صلى الله عليه وسلم رجلين في المسجد، فذكره".
وقال البيهقي: "أخطأ حجاج بن أرطأة في إسناده، وإن أصاب في متنه، والصحيح: رواية الجماعة".
وانظر في الأوهام أيضًا: سنن الدارقطني (1/ 414)، فوائد ابن أخي ميمي الدقاق (448)[جعله بقية من رواية عبد الملك بن عمير عن جابر بن يزيد، وإنما المتفرد به عن جابر: هو يعلى بن عطاء].
***
577 -
معن بن عيسى، عن سعيد بن السائب، عن نوح بن صعصعة، عن يزيد بن عامر، قال: جئتُ والنبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، فجلستُ ولم أدخل معهم في الصلاة، قال: فانصرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى يزيد جالسًا، فقال:"ألم تسلمْ يا يزيد؟ " قال: بلى يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أسلمت، قال:"فما منعك أن تدخل مع الناس في صلاتهم؟ " قال: إني كنت قد صلَّيتُ في منزلي، وأنا أحسب أن قد صلَّيتم، فقال:"إذا جئت إلى الصلاة فوجدت الناس فصلِّ معهم، وإن كنت قد صليتَ، تكن لك نافلةً، وهذه مكتوبةٌ".
• حديث ضعيف.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (8/ 109 - 110)، والطبراني في الكبير (22/ 238/ 624)، والدارقطني (1/ 276)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5/ 2776/ 6591)، والبيهقي في السنن (2/ 302)، وفي المعرفة (2/ 134/ 1070)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (27/ 40)، والمزي في التهذيب (32/ 168).
ووقع عندهم: جئت والنبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة: إما الظهر، وإما العصر، وكنت صليتهما في المنزل، فلما وجدت النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة جلست، ولم أدخل معهم.
قال البيهقي: "وهذا يوافق حديث ابن الأسود في إعادة الصلاة، ويخالفه في المكتوبة منهما، وحديث يزيد بن الأسود: أشهر، ومعه حديث أبي ذر من الوجه الذي بينا".
وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الكبرى (2/ 31): "ونوح بن صعصعة: لا أعلم روى عنه غير سعيد بن السائب، والمشهور ما تقدم"، يعني: حديث ابن الأسود.
وقال في الأحكام الوسطى (1/ 283): "وحديث الترمذي هو الصحيح"، يعني: حديث ابن الأسود.
فتعقبه ابن القطان في بيان الوهم (3/ 1089/344)، فقال:"ولم يبين علته، وهي الجهل بحال نوح هذا، ولا يعرف روى عنه غير سعيد بن السائب".
وذكره النووي في فصل الضعيف من الخلاصة (2/ 667/ 2312)، وقال:"قال البيهقي: "ما مضى أشهر وأكثر فهو أولى"، وهذا الحديث رواه أبو داود بإسناد ضعيف".
قلت: هو حديث ضعيف؛ نوح بن صعصعة: لم يرو عنه سوى سعيد بن السائب الطائفي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"شيخ يروي المراسيل"، وقال الدارقطني:"حاله مجهولة"، هكذا في التهذيب، ولعله سبق قلم، وإنما أراد: ابن القطان الفاسي، فهو الذي وصفه بجهالة الحال كما تقدم، ولم أقف على كلام للدارقطني في هذا الراوي، ومن المعلوم أن ابن حجر العسقلاني قد استفاد كثيرًا من زياداته على تهذيب المزي من إكمال مغلطاي، والذي في الإكمال نسبة هذا القول لابن القطان لا للدارقطني، والله أعلم [التهذيب (4/ 246)، إكمال مغلطاي (12/ 94)، الثقات (5/ 482)].
ولم أقف لنوح بن صعصعة هذا على غير هذه الرواية، فإذا نظرنا إلى قول ابن حبان فيه:"شيخ يروي المراسيل"، فيمكن حمله على هذه الرواية بعينها، فإن كان هذا هو مراد ابن حبان، فتكون روايته هذه عنده مرسلة، لا سيما ولم يذكر سماعًا من يزيد بن عامر السوائي، ولم يذكر له البخاري في التاريخ الكبير (8/ 109) سماعًا منه، وعلى هذا فيكون ضعف هذا الحديث من وجوه:
الأول: جهالة نوح بن صعصعة، والثاني: الإرسال، إذ لا يُعلم شيء عن حال نوح هذا يجعلنا نقف على إدراكه ليزيد، أو عدم إدراكه، ولم يصرح هو بسماعه لهذا الحديث منه، والثالث: نكارة هذه الزيادة التي في آخره، والمخالفة لحديث يزيد بن الأسود الصحيح، والله أعلم.
***
578 -
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن صالح، قال: قرأت على ابن وهب، قال: أخبرني عمرو، عن بُكير: أنه سمع عفيف بن عَمْرو بن المسيَّب، يقول:
حدثني رجلٌ من بني أسد بن خزيمة: أنه سأل أبا أيوبَ الأنصاريَّ، فقال: يصلِّي أحدُنا في منزله الصلاةَ، ثم يأتي المسجد وتُقام الصلاةُ، فأصلي معهم، فأجِدُ في نفسي من ذلك شيئًا، فقال أبو أيوب: سألْنا عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"فذلك له سَهْمُ جَمْعٍ".
• حديث ضعيف.
أخرجه من طريق أبي داود: البيهقي (2/ 300)، لكن وقع عنده:"عفيف بن عُمَر".
وأخرجه الطبراني في الكبير (4/ 158/ 3998)، قال: حدثنا أحمد بن رشدين: ثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب: أخبرني عمرو بن الحارث، عن بكير بن عبد الله بن الأشج: أنه سمع عفيف بن عمر بن المسيب، يقول: حدثني رجل من أسد خزيمة: أنه سأل أبا أيوب الأنصاري
…
فذكر الحديث، ثم قال: قال أحمد بن صالح: قال ابن وهب: عفيف بن عُمَر، والصواب: عفيف بن عَمْرو، قد روى مالك عن عفيف هذا الحديث، فقال: عفيف بن عَمْرو، لم يرفعه مالك.
هكذا وقع عند الطبراني، وشيخه: أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين بن سعد: ضعيف، واتهم [انظر: اللسان (1/ 594)]، فلا يسلَّم له، وعليه فرواية الإمام الحافظ أبي داود عن أحمد بن صالح مقدمة على رواية ابن رشدين.
لكن رواه حرملة بن يحيى، قال: حدثنا عبد الله بن وهب به، وقال فيه: عفيف بن عُمَر بن المسيب.
أخرجه المزي في التهذيب (20/ 183).
وأحمد بن صالح المصري: ثقة حافظ، وحرملة بن يحيى: راوية ابن وهب، وأكثر عنه: صدوق، تُكلم فيه.
ورواه يعقوب بن حميد بن كاسب [حافظ، له مناكير وغرائب، وأسند مراسيل. انظر: التهذيب (4/ 440)، الميزان (4/ 450)، وانظر الأحاديث المتقدمة برقم (2 و 39 و 193 و 497 و 502 و 504 و 518 و 520 و 531 و 538 و 558 و 568)]، عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج:
ورواه عبد العزيز بن أبي حازم [صدوق]، عن أسامة بن زيد [لعله: ابن أسلم العدوي: ضعيف]، عن بكير بن عبد الله بن الأشج:
عن عفيف بن عمرو السهمي، عن سعيد بن المسيب: أن رجلًا من بني أسد أتى أبا أيوب الأنصاري
…
فذكرا الحديث.
سئل أبو زرعة عن هذا فقال: "إنما هو: عفيف بن عمرو بن المسيب السهمي: أن رجلًا من بني أسد سأل أبا أيوب عن ذلك؟ فقال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم"[العلل (1/ 186/ 531)].
قلت: إن وهما في إدراج سعيد بن المسيب في الإسناد تصحيفًا، لكنهما تابعا أحمد بن صالح في قوله: عفيف بن عمرو السهمي، وهذا مما يرجح روايته على رواية حرملة، وسيأتي في كلام الدارقطني ما يؤكد هذا المعنى، والله أعلم.
• هكذا رواه ابن وهب عن عمرو بن الحارث، فقال: عفيف بن عَمْرو بن المسيَّب السهمي، وخالفه فوهم
…
:
روى الطبراني في الكبير (4/ 157/ 3997)، وفي الأوسط (8/ 296/ 8683)، ومن طريقه: أبو موسى المديني في اللطائف (429).
قال الطبراني: حدثنا مطلب بن شعيب الأزدي: ثنا عبد الله بن صالح: حدثني الليث، عن يحيى بن أيوب، عن عمرو بن الحارث، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن يعقوب بن عفيف بن المسيب؛ أنه سأل أبا أيوب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنه: عن الرجل يصلي في بيته ثم يأتي المسجد فيدرك تلك الصلاة، أيعيدها مع الناس، أم لا؟ قال: قد سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ فقال: "نعم، يعيدها، ذلك له سهمُ جمْعٍ".
قال الطبراني: "لا يروى هذا الحديث عن أبي أيوب إلا بهذا الإسناد، تفرد به بكير بن الأشج".
قلت: لعله يعني: المرفوع، وأنه قد تفرد به ابن الأشج، لكن وهم يحيى بن أيوب الغافقي المصري في اسم عفيف بن عمرو السهمي، وقال: يعقوب بن عفيف بن المسيب، ويحيى: صدوق، سيئ الحفظ، فلعله أتي فيه من سوء حفظه، أو يكون الخلل فيه من أبي صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث، ففيه مقال مشهور، لا سيما وقد اختلف عليه في إسناده، فهكذا رواه عنه مطلب بن شعيب الأزدي [وهو ثقة، له عن أبي صالح حديث منكر. اللسان (8/ 86)]، وخالفه سمويه إسماعيل بن عبد الله بن مسعود العبدي [ثقة حافظ. الجرح والتعديل (2/ 182)، طبقات المحدثين بأصبهان (241)، السير (13/ 10)]، فرواه عن عبد الله بن صالح به، لكنه قال فيه: عن يعقوب بن عتبة، عن ابن المسيب: أنه سأل أبا أيوب.
أخرجه أبو موسى المديني في اللطائف (428).
فالذي يظهر لي -والله أعلم- أن عبد الله بن صالح قد اضطرب في إسناد هذا الحديث، ولم يضبط اسم عفيف بن عمرو السهمي، والحاصل: أنه لا يصح من هذا الوجه، كما قال الدارقطني.
• هكذا رواه بكير بن عبد الله بن الأشج في المحفوظ عنه [كما رواه أبو داود]، وخالفه: مالك بن أنس، فرواه عن عفيف بن عَمْرو السهمي، عن رجلٍ من بني أسد: أنه سأل أبا أيوب الأنصاري، فقال: إني أصلي في بيتي، ثم آتي المسجد فأجد الإمام يصلي، أفأصلي معه؟ فقال أبو أيوب: نعم فصلِّ معه؛ فإن من صنع ذلك فإن له سَهْمَ جَمْعٍ، أو: مثلَ سَهْمِ جَمْعٍ. هكذا موقوفًا على أبي أيوب قوله.
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 194/ 352 - رواية يحيى بن يحيى الليثي)(1/ 131/ 333 - رواية أبي مصعب الزهري)(219 - رواية محمد بن الحسن)، ومن طريقه: البخاري في التاريخ الكبير (7/ 75)، والبيهقي في السنن (2/ 300)، وفي المعرفة (2/ 135)[وهو عند البيهقي في الموضعين من طريق يحيى بن بكير عن مالك به، لكن وقع في الموضع الأول: "عُمَر"، وهو وهم].
قال أبو عبيد الآجري: سمعت أبا داود يقول: "قال مالك: عفيف بن عُمَر السهمي، وهو عفيف بن عَمْرو"[تهذيب الكمال (20/ 182)، تحفة الأشراف (3/ 108/ 3501)].
وقال الدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالك بن أنس (58): "روى مالك عن عفيف، فقال: عفيف بن عمرو السهمي.
وخالفه أسامة بن زيد، وعمرو بن الحارث، وعبد الله بن لهيعة، فرووه عن بكير عنه، ونسبوه عفيف بن عمرو بن المسيب، والله أعلم، قال ذلك: ابن وهب عن عمرو بن الحارث.
وخالفه: يحيى بن أيوب، فرواه عن عمرو بن الحارث، عن بكير، عن يعقوب بن عفيف بن المسيب، ولا يصح هذا القول، والله أعلم.
ومالك وقف الحديث، وبكير بن الأشج يرفعه، والله أعلم بالصواب".
ولم يذكر ابن عبد البر في الاستذكار (2/ 161) مخالفة بين رواية مالك، وبكير بن الأشج في اسم عفيف بن عمرو.
وقال أبو العباس أحمد بن طاهر الداني في أطراف الموطأ (3/ 149): "هذا موقوف، وقال فيه ابن وهب: عن عمرو بن الحارث وابن لهيعة، عن بكير بن الأشج، عن عفيف بن عمرو السهمي، عن رجل من بني أسد بن خزيمة، عن أبي أيوب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. خرجه قاسم بن أصبغ، من طريق سحنون عنه، وانظره لأبي داود في السنن، والرجل الأزدي [كذا، ولعلها: الأسدي]: مجهول، وانظر: حديث محجن".
وظاهر كلامه أنهما اتفقا في اسم عفيف بن عمرو.
• قلت: مالك يروي عنه فيقول: عفيف بن عَمْرو السهمي [كذا هو في الموطآت، وحكاه عنه الدارقطني، وابن عبد البر، وابن طاهر الداني]، كما في هذا الحديث، وروى عنه في الموطأ (254 - رواية يحيى الليثي)(261 م- رواية القعنبي)(477 - رواية أبي مصعب الزهري) حديثًا آخر فيمن شك في صلاته، وقال: عفيف بن عَمْرو السهمي، كما في رواية القعنبي والليثي وأبي مصعب، وكذا رواه عنه: يحيى بن بكير [كما عند: البيهقي في السنن (2/ 333)]، وزيد بن الحباب [كما عند: ابن أبي شيبة (1/ 384/ 4411)]، وقال في رواية سويد بن سعيد (152): عفيف السهمي، وقال في رواية محمد بن الحسن الشيباني (140): عفيف بن عمرو بن المسيب السهمي.
وعلى هذا فلم تختلف الرواية عن مالك رحمه الله تعالى في اسم شيخه: عفيف بن
عَمْرو بن المسيب السهمي، ومالك بن أنس: إمام المتقنين، وكبير المتثبتين، فيسلَّم له القول، ولا ينازع في شيخه الذي هو أعلم به من غيره.
ويمكن حمل كلام أبي داود المتقدم على وقوفه على رواية مصحفة، لكن الذي يهمنا منه أنه يتفق مع مالك في أن راوي هذا الحديث هو: عفيف بن عمرو بن المسيب السهمي، والله أعلم.
وعفيف بن عمرو هذا، روى عنه مالك، وأخرج له في موطئه، وهو لا يروي في الغالب إلا عن ثقة، وقال أحمد:"عفيف: شيخ قديم"، وقال النسائي:"ثقة"، وذكره ابن حبان في الثقات.
وعليه: فهو ثقة، ولا يُقبل فيه قول الذهبي:"لا يُدرى من هو"، ولا قول ابن حجر:"مقبول"[العلل ومعرفة الرجال (3/ 192/ 4829)، التاريخ الكبير (7/ 75)، الجرح والتعديل (7/ 29)، الثقات (7/ 301)، تاريخ أسماء الثقات (1099)، الميزان (3/ 84)، التهذيب (3/ 120)، التقريب (433)].
• وحاصل ما تقدم:
أن بكير بن عبد الله بن الأشج [ثقة ثبت إمام] رفع هذا الحديث، ووقفه مالك بن أنس، وأيًّا كان فإنه لا يصح لا مرفوعًا ولا موقوفًا؛ لجهالة عين الرجل الأسدي.
فهو حديث ضعيف.
• وفي الباب أبضًا:
1 -
عن محجن بن أبي محجن الديلي:
يرويه مالك بن أنس، وسفيان الثوري، وداود بن قيس الفراء المدني، وسليمان بلال، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وهشام بن سعد، وابن جريج، ومعمر بن راشد، وحفص بن ميسرة، ومسلم بن خالد الزنجي، وسفيان بن عيينة [لكنه أبهم بسرًا]، وغيرهم:
عن زيد بن أسلم، عن بسر بن محجن الديلي، عن أبيه، قال: صليت الظهر والعصر في بيتي، ثم جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجلست عنده، فأقيمت الصلاة، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم ولم أصلِّ، فلما انصرف قال:"ألست بمسلم؟ " قلت: بلى، قال:"فما لك لم تصلِّ؟ " قال: قلت: إني صليت في بيتي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا أقيمت الصلاة فصلِّ، ولو كنت قد صليت". لفظ داود بن قيس.
ولفظ مالك: أنه كان في مجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأُذِّن بالصلاة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى، ثم رجع، ومحجن في مجلسه لم يصلِّ معه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما منعك أن تصلي مع الناس؟ ألست برجل مسلم؟ " فقال: بلى يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكني قد صليت في أهلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا جئت فصلِّ مع الناس، وإن كنت قد صليت".
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (8/ 4)، والنسائي في المجتبى (2/ 112/ 857)،
وفي الكبرى (1/ 449 - 450/ 932)، ومالك في الموطأ (1/ 193/ 349)، والشافعي في الأم (7/ 206)، وفي السنن (1/ 121/ 6)، وفي المسند (214)، وأحمد (4/ 34 و 338)، وابن حبان (6/ 165/ 2405)، والحاكم (1/ 244)، وابن وهب في الجامع (444)، وعبد الرزاق (2/ 420 و 421/ 3932 و 3933)، وابن أبي شيبة (7/ 290/ 36178)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 551/ 2267 و 2268 - السفر الثاني)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/ 206/ 958)، والطحاوي (1/ 362 و 363)، وابن قانع في المعجم (3/ 68)، والطبراني في الكبير (20/ 293 - 296/ 696 - 702)، والجوهري في مسند الموطأ (359)، والعسكري في تصحيفات المحدثين (2/ 577)، والدارقطني (1/ 415)، وابن شاهين في الناسخ (262 و 263)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ 416/ 1232) و (5/ 2571/ 6203)، والبيهقي في السنن (2/ 300)، وفي المعرفة (2/ 131/ 1068)، والبغوي في شرح السنة (3/ 430/ 856)، وابن الجوزي في التحقيق (631)، وابن الأثير في أسد الغابة (5/ 72)، والمزي في التهذيب (27/ 270).
واختلف فيه على سفيان الثوري:
فرواه عبد الرحمن بن مهدي، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وأبو داود عمر بن سعد الحفري، ومحمد بن يوسف الفريابي، عن سفيان به هكذا كالجماعة.
وخالفهم: وكيع بن الجراح، فرواه عن الثوري به، لكن قال في آخره:"فإذا فعلت فصلِّ معهم، واجعلها نافلة"[أحمد (4/ 338)].
قال أحمد: "ولم يقل أبو نعيم ولا عبد الرحمن: "واجعلها نافلة"".
قلت: فهي زيادة شاذة.
وكان الثوري يقول: بِشر، بدل: بُسر، ثم تردد فيه، ثم رجع عنه بعدُ، وقال: بسر، أو ابن محجن، كالجماعة [انظر: المسند (4/ 34 و 338)، سنن الشافعي (6)، التاريخ الكبير (2/ 124) و (8/ 4)، الجرح والتعديل (2/ 423)، الثقات (3/ 399) و (4/ 79)، المعجم الكبير (20/ 294)، تصحيفات المحدثين (2/ 577)، الاستذكار (2/ 149)، التمهيد (4/ 222)، أسد الغابة (5/ 71)].
وانظر فيمن وهم في إسناده: معجم الصحابة (1/ 86)، معرفة الصحابة (6/ 3125/ 7203)، أسد الغابة (1/ 272).
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح، ومالك بن أنس الحكم في حديث المدنيين، وقد احتج به في الموطأ،
…
".
قلت: وهو كما قال، ولا يلتفت إلى قول ابن القطان الفاسي في تجهيل بسر بن محجن [بيان الوهم (5/ 2257/22)]، ولا لمن تبعه على ذلك كالذهبي [الميزان (1/ 309)، المغني (1/ 153)]، فقد روى له مالك في موطئه، وذكره ابن حبان في الثقات، وأخرج حديثه في صحيحه، وصحح له الحاكم، واحتج به النسائي.
وقال ابن شاهين: "وهذا حديث صحيح الإسناد".
وقال البغوي: "هذا حديث حسن".
وقال النووي في الخلاصة (2/ 2307/666): "صحيح".
قلت: وهو كما قال، حديث صحيح.
2 -
أبو الخريف عن أبيه:
يرويه محمد بن بكر البرساني [ثقة]: ثنا عمر بن قيس، عن صعصعة بن أبي الخريف، قال: سمعت أبي يقول: حدثني جدي، قال: أقبلت أنا وأخي والنبي صلى الله عليه وسلم يؤم الناس بالخيف من منى في صلاة الغداة، وقد صلينا الصبح في منازلنا، فتخلفنا حتى فرغ من صلاته، فلما انصرف قال:"علي بهذين الرجلين" فأتي بنا، فقال:"ما منعكما أن تصليا مع الناس؟ " قالا: كنا صلينا في رحالنا فوجدناكم تصلون فكففنا حتى صليتم، فقال:"إذا صلى أحدكم في رحله فوجد الناس يصلون فليصل بصلاتهم، وليجعل صلاته في بيته نافلة".
أخرجه المحاملي في الأمالي (457)، ومن طريقه: ابن نقطة في تكملة الإكمال (2/ 242)، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه (3/ 208).
خالفه: عبد العزيز بن الزبير [لم أقف له على ترجمة]، عن عمر بن قيس، عن صعصعة بن السُّوائي، عن ابن أبي الخريف، عن أبيه، عن جده به.
أخرجه الطبراني في الكبير (22/ 380/ 947)، ومن طريقه: ابن نقطة في تكملة الإكمال (2/ 242).
بإسناد صحيح إلى عبد العزيز هذا.
ورواه الحارث بن منصور [صدوق، في حديثه اضطراب]: حدثنا عمر بن قيس، عن صعصعة، عن أبي الخريف، عن أبيه، عن عمه وجده، قالا: حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع
…
فذكره.
أخرجه ابن نقطة في تكملة الإكمال (2/ 242)، وعلقه ابن ناصر الدين في توضيح المشتبه (3/ 209).
قال ابن نقطة: "وإسناد هذا الحديث مضطرب".
وأشار ابن ناصر الدين إلى الاضطراب في إسناده.
وقال ابن حجر في تبصير المنتبه (1/ 433): "اختلف في إسناد حديثه".
قلت: إسناده مجهول، مداره على عمر بن قيس المكي المعروف بسندل، وهو: متروك، منكر الحديث، وقد اضطرب فيه، فهو حديث منكر.
• ومن فقه الحديث:
أن صلاته الأولى التي صلاها وحده هي: الفريضة، وهذه التي صلاها مع الجماعة: نافلة، وهذا ما دل عليه حديث يزيد بن الأسود، وحديث أبي ذر الذي تقدم معنا برقم
431 -
، ولفظه: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا ذر! كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يميتون الصلاة؟ "، أو قال:"يؤخرون الصلاة؟ " قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فما تأمرني؟ قال: "صل الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصلِّها، فإنها لك نافلة"، وهو حديث صحيح، أخرجه مسلم (648/ 238 - 240)، وغيره، وجاء نحوه أيضًا عن ابن مسعود، وعبادة بن الصامت، وغيرهما [تقدمت برقم (432 - 434)، وهي أحاديث صحيحة].
ولأن الأولى قد أوقعها فرضًا؛ فبرئت بها الذمة، وسقطت عنه المطالبة، وصادفت الثانية محلًا خاليًا عن المطالبة بالفرض، وذمةً بريئةً من الواجب، فامتنع إيقاعها إلا نفلًا.
وممن قال بذلك: علي بن أبي طالب [ولا يصح عنه]، وحذيفة، وابن عمر، وإبراهيم النخعي، والشعبي، والحسن البصري.
وقال سعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح: صلاته [يعني: الفريضة] التي صلى في الجماعة.
[انظر: التاريخ الكبير (6/ 234)، مصنف عبد الرزاق (2/ 421 - 423/ 3935 و 3936 و 3942 و 3943)، مصنف ابن أبي شيبة (2/ 75 و 76/ 6643 - 6653 و 6657)، الأوسط لابن المنذر (2/ 401 و 406)، شرح معاني الآثار (1/ 316)، سنن البيهقي الكبرى (2/ 302)].
وفي المسألة قول ثالث: فقد روى مالك، عن نافع: أن رجلًا سأل عبد الله بن عمر، فقال: إني أصلي في بيتي، ثم أدرك الصلاة مع الإمام، أفأصلي معه؟ فقال له عبد الله بن عمر: نعم، [فصلِّ معه]، فقال الرجل: أيتهما أجعل صلاتي؟ فقال له عبد الله بن عمر: أوَ ذلك إليكَ! إنما ذلك إلى الله تعالى، يجعل أيتهما شاء.
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 194/ 350)، ومن طريقه: ابن المنذر (2/ 407/ 1121)، والبيهقي في السنن (2/ 302)، وفي المعرفة (2/ 134/ 1071).
قال البيهقي: "والقول الأول: أصح؛ لحديث أبي ذر، ويزيد بن الأسود، ويُذكر عن عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع أنه قال: سألت ابن عمر عن إعادة الصلاة؟ فقال: المكتوبة الأولى، فكأنه بلغه في ذلك ما لم يبلغه حين لم يقطع فيها بشيء، والله تعالى أعلم".
وقال ابن عبد البر في التمهيد (4/ 257): "وهذه الأحاديث تدل على أن الأولى فرضه، والثانية تطوع له"، ثم أسند حديث يزيد بن الأسود، ثم قال:"وهذا نص في موضع الخلاف يقطعه، وبالله التوفيق".
وقال ابن قدامة في المغني (1/ 428): "ولنا: قوله في الحديث الصحيح: "تكن لكما نافلة"، وقوله في حديث أبي ذر: "فإنها لك نافلة"، ولأن الأولى قد وقعت فريضة، وأسقطت الفرض؛ بدليل أنها لا تجب ثانيًا، وإذا برئت الذمة بالأولى استحال كون الثانية فريضة وجعل الأولى نافلة. قال حماد: قال إبراهيم: إذا نوى الرجل صلاة وكتبتها الملائكة؛ فمن يستطيع أن يحولها، فما صلي بعدها فهو تطوع".
قلت: وهو كما قالوا، والله أعلم.
• قال الترمذي: "حديث يزيد بن الأسود: حديث حسن صحيح.
وهو قول غير واحد من أهل العلم، وبه يقول: سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، قالوا: إذا صلى الرجل وحده ثم أدرك الجماعة؛ فإنه يعيد الصلوات كلها في الجماعة، وإذا صلى الرجل المغرب وحده ثم أدرك الجماعة، قالوا: فإنه يصليها معهم ويشفع بركعة، والتي صلى وحده هي المكتوبة عندهم".
وقال ابن خزيمة (3/ 67): "باب الصلاة جماعة بعد صلاة الصبح منفردًا، فتكون الصلاة جماعة للمأموم نافلة، وصلاة المنفرد قبلها فريضة، والدليل على أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس" نهي خاص، لا نهي عام".
وقال أيضًا (2/ 262): "والنبي صلى الله عليه وسلم في هذا الخبر قد أمر من صلى الفجر في رحله أن يصلي مع الإمام، وأعلمَ أن صلاته تكون مع الإمام نافلة، فلو كان النهي عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس نهيًا عامًّا لا نهيًا خاصًّا: لم يجز لمن صلى الفجر في الرحل أن يصلي مع الإمام فيجعلها تطوعًا، وإخبار النبي صلى الله عليه وسلم: "سيكون عليكم أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها، فصلوا الصلاة لوقتها، واجعلوا صلاتكم معهم سبحة": فيها دلالة على إن الإمام إذا أخر العصر أو الفجر أو هما: أن على المرء أن يصلي الصلاتين جميعًا لوقتهما، ثم يصلي مع الإمام ويجعل صلاته معه سبحة، وهذا تطوع بعد الفجر وبعد العصر".
قلت: فتكون داخلة في الصلوات ذوات الأسباب، وأما مطلق التنفل فهو ممنوع؛ إلا ما كان له سبب، وهذا منه، والله أعلم.
وانظر: الأوسط لابن المنذر (2/ 401 - 407).
وقال البغوي في شرح السنة (3/ 431): "وهو قول أكثر أهل العلم، قالوا: إذا صلى وحده، ثم أدرك جماعة يصلون تلك الصلاة، فإنه يصليها معهم، أيَّ صلاة كانت من الصلوات الخمس، وهو قول الحسن والزهري، وبه قال: الشافعي، وأحمد، وإسحاق.
وقال قوم: يعيد، إلا المغرب والصبح، وبه قال: النخعي، والأوزاعي، ويروى ذلك عن ابن عمر.
وقال مالك والثوري: يعيد، إلا المغرب، فإنها وتر النهار، فإذا أعادها صارت شفعًا.
وقال أبو حنيفة: لا يعيد الصبح والعصر والمغرب، لأن الصلاة الثانية نفل، ولا يتنفل بعد الصبح والعصر، والمغرب وتر النهار، فيصير شفعًا.
وقال أبو ثور: يعيد، إلا الصبح والعصر.
واحتج هؤلاء بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس"، وهذا محمول عند الأكثرين على إنشاء تطوع لا سبب له، وهاهنا له غرض في إعادة الصلاة، وهو حيازة فضيلة الجماعة، فلا تدخل تحت النهي.
وكذلك ما روي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تصلوا صلاة في يوم مرتين" والمراد منه أن يصليها مرتين اختيارًا من غير سبب وغرض.
ثم إذا صلاها بالجماعة بعدما صلى وحده، فالأولى فرضه عند الأكثرين، والثانية نافلة، لما روي عن جابر بن يزيد بن الأسود، عن أبيه،
…
" فذكر الحديث، ثم ذكر الخلاف في المسألة، وقد نقل أكثره بنصه من الخطابي في المعالم (1/ 141)، وهو بدوره من ابن المنذر في الأوسط (2/ 401 - 407).
قال ابن المنذر (2/ 404): "يعيد الصلوات كلها؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم الرجلين اللذين ذكرهما في حديث يزيد بن الأسود: أن يصليا جماعة، وإن كانا قد صليا، أمرًا عامًّا، لم يخص صلاة دون صلاة، وأمره على العموم".
وقال الخطابي (1/ 142): "وظاهر الحديث حجة على جماعة مَن منع عن شيء من الصلوات كلها، ألا تراه يقول: "إذا صلى أحدكم في رحله، ثم أدرك الإمام ولم يصل، فليصل معه"، ولم يستثن صلاة دون صلاة".
قلت: وهو نص في صلاة الصبح، فإن هذه الواقعة كانت في صلاة الصبح، ويتلوها وقت نهي، فيدخل في معناه صلاة العصر، ومن باب أولى الصلوات التي لا وقت نهي بعدها، ويؤيد ذلك عموم الحديث [كما قال ابن المنذر والخطابي]، ولا عبرة حينئذ بخصوص السبب.
قال ابن قدامة في المغني (1/ 427): "وهذه الأحاديث بعمومها تدل على محل النزاع، وحديث يزيد بن الأسود صريح في إعادة الفجر، والعصر مثلها، والأحاديث بإطلاقها تدل على الإعادة؛ سواء كان مع إمام الحي أو غيره، وسواء صلى وحده أو جماعة".
وانظر: مسائل أحمد لابنه صالح (964 و 991)، مسائل أحمد لأبي داود (341)، مسائل أحمد لابن هانئ (354 و 357 و 358)، مسائل الكوسج (253 و 255)، تأويل مختلف الحديث (239)، مختصر اختلاف العلماء (1/ 297)، المحلى (2/ 259)، السنن الكبرى للبيهقي (2/ 302)، المغني (1/ 426)، المجموع شرح المهذب (4/ 194)، مجموع فتاوى شيخ الإسلام (23/ 190 و 259)، المبدع (2/ 37)، مغني المحتاج (1/ 233)، نهاية المحتاج (2/ 215)، كشاف القناع (1/ 452).
• الغريب:
قوله: ترعد فرائصهما: قال الخطابي في المعالم (1/ 141): "هي جمع الفريصة، وهي لحمة وسط الجنب، عند منبض القلب، تفترص عند الفزع، أي: ترتعد".
قوله: "سهم جمع": قال الخطابي في المعالم (1/ 142 - 143): "قوله: سهم جمع: يريد أنه سهم من الخير جمع له فيه حظان.
وفيه وجه آخر: قال الأخفش: سهم جمع: يريد سهم الجيش، وسهم الجيش هو