المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌32 - باب ما يجب على المؤذن من تعاهد الوقت - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ٦

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌29 - باب في الإقامة

- ‌30 - باب في الرجل يؤذن ويقيم آخر

- ‌31 - باب رفع الصوت بالأذان

- ‌32 - باب ما يجب على المؤذن من تعاهُد الوقت

- ‌33 - باب الأذان فوق المنارة

- ‌34 - باب في المؤذن يستدير في أذانه

- ‌35 - باب ما جاء في الدعاء بين الأذان والإقامة

- ‌36 - باب ما يقول إذا سمع المؤذن

- ‌37 - باب ما يقول إذا سمع الإقامة

- ‌38 - باب ما جاء في الدعاء عند الأذان

- ‌3).***39 -باب ما يقول عند أذان المغرب

- ‌40 - باب أخذ الأجر على التأذين

- ‌41 - باب في الأذان قبل دخول الوقت

- ‌42 - باب الأذان للأعمى

- ‌43 - باب الخروج من المسجد بعد الأذان

- ‌44 - باب في المؤذن ينتطر الإمام

- ‌4).***45 -باب في التثويب

- ‌46 - باب في الصلاة تُقام ولم يأتِ الإمام ينتظرونه قعودًا

- ‌47 - باب في التشديد في ترك الجماعة

- ‌48 - باب في فضل صلاة الجماعة

- ‌49 - باب ما جاء في فضل المشي إلى الصلاة

- ‌50 - باب ما جاء في المشي إلى الصلاة في الظُّلَم

- ‌51 - باب ما جاء في الهدْي في المشي إلى الصلاة

- ‌52 - باب في من خرج يريد الصلاة فسُبِقَ بها

- ‌53 - باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد

- ‌54 - باب التشديد في ذلك

- ‌55 - باب السعي إلى الصلاة

- ‌56 - باب في الجَمع في المسجد مرتين

- ‌57 - باب فيمن صلى في منزله ثم أدرك الجماعة يصلي معهم

- ‌58 - باب إذا صلى في جماعةٍ ثم أدرك جماعةً، أيعيد

- ‌59 - باب في جماع الإمامة وفضلها

- ‌60 - باب في كراهية التدافع على الإمامة

- ‌ 680)].***61 -باب مَن أحق بالإمامة

- ‌62 - باب إمامة النساء

- ‌63 - باب الرجل يَؤمُّ القوم وهم له كارهون

- ‌64 - باب إمامة البَرِّ والفاجر

- ‌65 - باب إمامة الأعمى

- ‌66 - باب إمامة الزائر

- ‌67 - باب الإمام يقوم مكانًا أرفعَ من مكان القوم

- ‌68 - باب إمامة من صلى بقوم وقد صلى تلك الصلاة

الفصل: ‌32 - باب ما يجب على المؤذن من تعاهد الوقت

وحكى الأعمش عن أبي سفيان -راويه عن جابر- أن بين المدينة والروحاء ستة وثلاثين ميلًا".

وانظر بعض فوائد الحديث في الفتح لابن رجب (3/ 425)، والفتح لابن حجر (2/ 85).

***

‌32 - باب ما يجب على المؤذن من تعاهُد الوقت

517 -

. . . محمد بن فضيل: ثنا الأعمش، عن رجل، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة، واغفر للمؤذنين".

• حديث ضعيف، وإنما يصح عن الحسن البصري مرسلًا.

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 78)، وأحمد (2/ 232)، والبيهقي (1/ 430)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 737/434).

***

518 -

. . . ابن نمير، عن الأعمش، قال: نُبِّئْتُ عن أبي صالح، -قال: ولا أُراني إلا قد سمعته منه- عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

مثله.

• حديث ضعيف، وإنما يصح عن الحسن البصري مرسلًا

هكذا أخرجه أبو داود هنا في السنن. وأخرجه أيضًا: في مسائله للإمام أحمد (1871) بنفس الإسناد.

وأخرجه ابن خزيمة (3/ 15/ 1529)، والبزار (16/ 88/ 9146)، وأحمد (2/ 382)، والبيهقي (1/ 430).

• قلت: قد اختلف في هذا الحديث على الأعمش:

أ- فرواه سفيان الثوري، وأبو الأحوص، وأبو معاوية، وسفيان بن عيينة، وزائدة بن قدامة، وأبو عوانة، وعيسى بن يونس، وجرير بن عبد الحميد، وحفص بن غياث، وفضيل بن عياض، والحسن بن صالح، ومحمد بن عبيد بن أبي أمية الطنافسي، وأبو حمزة السكري محمد بن ميمون المروزي، وسلام بن أبي مطيع، ومعمر بن راشد [وهم ثقات (15)]، وشريك بن عبد الله النخعي [صدوق، سيئ الحفظ]، وأبو خالد الأحمر سليمان بن حيان [صدوق]، وصدقة بن أبي عمران [صدوق]، وأبو الأشهب جعفر بن الحارث [صدوق، كثير الخطأ]، وقيس بن الربيع [صدوق، تغير لما كبر وساء حفظه، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به. والراوي عنه وقد قرنه بثلاثة آخرين: إسماعيل بن

ص: 105

عمرو بن نجيح البجلي، الكوفي، ثم الأصبهاني: ضعيف، صاحب غرائب ومناكير. التهذيب (1/ 162)، اللسان (2/ 155)]، وعمرو بن عبد الغفار [الفقيمي: متروك، منكر الحديث، متهم بالوضع. انظر: اللسان (6/ 215)]، وبحر بن كنيز السقاء [متروك]، وغيرهم [انظر: علل الدارقطني (10/ 192)، الحلية (7/ 87)]:

رووه عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة، واغفر للمؤذنين".

زاد أبو حمزة في روايته: قال: فقال رجل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد تركتنا ونحن نتنافس الأذان بعدك زمانًا، قال:"إن بعدكم زمانًا سفلتهم مؤذنوهم".

أخرجه الترمذي (207)، وابن خزيمة (3/ 15/ 1528)، وأحمد (2/ 284 و 424 و 461 و 472)، والشافعي في الأم (2/ 303 - 304/ 287)، وفي المسند (56)، والطيالسي (4/ 156/ 2526)، والحميدي (2/ 438/ 999)، وعبد الرزاق (1/ 477/ 1838)، والبزار (16/ 85 و 159/ 9144 و 9266)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (2118)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 64/ 1240) و (4/ 170/ 1963)، والطحاوي في المشكل (1/ 461/ 452 - ترتيبه) و (2/ 147 و 148/ 759 و 764 و 765 - ترتيبه)، وأبو جعفر بن البختري في الرابع من حديثه (91)[(335) مجموع مصنفاته]. والطبراني في الأوسط (1/ 30/ 74) و (3/ 249/ 3054) و (5/ 264/ 5270) و (8/ 264/ 8587)، وفي الصغير (1/ 187/ 297) و (2/ 69/ 796)، وابن عدي في الكامل (2/ 54 و 315)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (3/ 156)، وفي ذكر الأقران (22)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 87) و (8/ 118)، وفي تاريخ أصبهان (2/ 202 - 203)، والبيهقي في السنن (1/ 430)، وفي المعرفة (2/ 405/ 1555)، وفي الشعب (3/ 120/ 3063)، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 225)، والخطيب في تاريخ بغداد (3/ 242) و (4/ 301 و 387) و (11/ 305)، وابن مردويه فيما انتقاه من حديث أبي الشيخ الأصبهاني (6 و 7)، وفيما انتقاه من حديث أبي القاسم الطبراني (51 و 108)، والبغوي في شرح السنة (2/ 69/ 417 و 417 م)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (5/ 185) و (9/ 72) و (51/ 153)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 433/ 736).

• تنبيهات:

الأول: زيادة أبي حمزة السكري:

قال الدارقطني في العلل (10/ 196/ 1968): "وزاد فيه ألفاظًا لم يأت بها غيره،

، وليست هذه الألفاظ محفوظة".

وقال البزار: "وهذا الحديث قد رَوى صدرَه جماعةٌ عن الأعمش، على اضطرابهم فيه، وفي إسناده، وآخر هذا الحديث لا نعلم رواه إلا أبو حمزة السكري، ولم يتابع عليه".

ص: 106

وقال ابن عدي في الكامل (5/ 258): "لا يعرف إلا لأبي حمزة السكري عن الأعمش".

وقال الخليلي في الإرشاد (3/ 885): "هذه اللفظة لا تروى إلا من رواية أبي حمزة، وربما هذا من قول بعض الرواة، ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وجملته أنه: ثقة مأمون".

وقال ابن عبد البر: "وهذه الزيادة لا تجيء إلا بهذا الإسناد، وهو إسناد رجاله ثقات معروفون: أبو حمزة السكري، وعتاب بن زياد [يعني: الراوي عنه]: مروزيان ثقتان، وسائر الإسناد يستغنى عن ذكرهم لشهرتهم؛ إلا أن أحمد بن حنبل ضعف الحديث كله،

".

وقال في موضع آخر من التمهيد (22/ 15): "وهذا حديث انفرد به أبو حمزة هذا؛ وليس بالقوي"، وقال نحوه في الاستذكار (1/ 377).

وقبلها ابن القطان الفاسي لثقة راويها أبي حمزة، ولم يذكر للحديث علةً سوى الانقطاع [انظر: بيان الوهم (5/ 604/ 2821) و (1/ 682)].

قلت: ليس من شرط الثقة ألا يهِم، وقد وهم أبو حمزة السكري الثقة المأمون في هذه الزيادة، حيث تفرد بها دون جمهور الثقات الذين رووا هذا الحديث عن الأعمش، وفيهم من هو أوثق منه وأحفظ لحديث الأعمش؛ فهي زيادة غير محفوظة من حديث الأعمش.

فإن قيل: تابعه عليها: يحيى بن عيسى [التميمي النهشلي، الكوفي: ليس بالقوي. انظر: التهذيب (4/ 380) وغيره]، قال: ثنا الأعمش، بإسناده ومتنه بالزيادة، مثل أبي حمزة.

أخرجه ابن عدي في الكامل (5/ 258).

قلت: لا تصح هذه المتابعة؛ إذ المتفرد بها عن يحيى بن عيسى، هو: عيسى بن عبد الله بن سليمان، القرشي العسقلاني: ضعيف يسرق الحديث، قاله ابن عدي، ولم يوثِّقه أحد [انظر: الميزان (3/ 317)، اللسان (6/ 272) وتعليق أبي غدة عليه] [وانظر أيضًا: اللسان (1/ 564)].

قال ابن عدي: "وهذه الزيادة: فقال رجل: لقد تركتنا نتنافس الأذان بعدك، لا يعرف إلا لأبي حمزة السكري عن الأعمش، وقد جاء بها عيسى بن سليمان هذا، عن يحيى بن عيسى، عن الأعمش".

الثاني: اختلف أصحاب شريك عليه في لفظ هذا الحديث، فرواه أصحابه الثقات [مثل: علي بن الجعد، والأسود بن عامر، وأبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي] عنه مثل الجماعة، وانفرد عنه: يحيى بن إسحاق السيلحيني [صدوق حافظ، وله أفراد] بلفظ: "المؤذن أملك بالأذان، والإمام أملك بالإقامة، اللهم أرشد الأئمة، واغفر للمؤذنين" وهذا وهم ظاهر.

ص: 107

أخرجه ابن عدي (4/ 12)، وقال:"وهذا بهذا اللفظ لا يروى إلا عن شريك من رواية يحيى بن إسحاق عنه، وإنما رواه الناس عن الأعمش بلفظ آخر، وهو قوله: "الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة، واغفر للمؤذنين"" وانظر: علل الدارقطني (10/ 196).

191 [وانظر فيمن وهم فيه على أبي معاوية، فقرن أبا رزين بأبي صالح: المعجم الأوسط (1/ 30/ 74)]

[وانظر فيمن قرن الأوزاعي بعيسى بن يونس وهمًا، أو كذبًا: المعجم الأوسط (5/ 264/ 5270)، المعجم الصغير (2/ 69/ 796)، ذكر الأقران (22)، تاريخ بغداد (3/ 242) و (11/ 305)، تاريخ دمشق (5/ 185)، اللسان (5/ 240) و (6/ 475)، قال الدارقطني في العلل (10/ 193/ 1968): "وقيل: عن الأوزاعي، وليس بمحفوظ"].

[وانظر فيمن رواه من حديث الأوزاعي عن الثوري عن الأعمش، وليس من حديث الأوزاعي: تاريخ بغداد (11/ 305)، وقال: "لا أعرف له وجهًا، ولم أكتبه إلا من هذا الطريق، عن محمد بن إبراهيم الرازي، وأراه مما صنعت يداه"].

[وانظر فيمن رواه عن محمد بن واسع عن الأعمش به، وليس من حديثه: الكامل (6/ 285) وقال: "وهذا عن محمد بن وامععن الأعمش باطل"].

[وانظر فيمن وهم في متنه على حفص بن غياث: المجروحين (1/ 263)].

ب- ورواه هشيم بن بشير [واسطي، ثقة ثبت، كان يدلس، وقد دلَّس عن الأعمش حديث: "كنا لا نتوضأ من موطئ" قال الإمام أحمد في العلل (2/ 2155/252): "هذا لم يسمعه هشيم من الأعمش"]، عن الأعمش، قال: ثنا أبو صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.

أخرجه الطحاوي في المشكل (2/ 147/ 760 - ترتيبه)، قال: وحدثنا أبو أمية، قال: ثنا سريج بن النعمان الجوهري [ليس به بأس، غلِط في أحاديث. التهذيب (1/ 686)، الميزان (2/ 116)]، قال: ثنا هشيم به.

خالفه من هو أثبت منه: يحيى بن يحيى [النيسابوري: ثقة ثبت إمام]، قال: نا هشيم، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، به مرفوعًا، هكذا بالعنعنة، لم يذكر سماع الأعمش من أبي صالح.

أخرجه الخطابي في غريب الحديث (1/ 636).

هذا هو الصواب، عدم ثبوت السماع من طريق هشيم، فضلًا عن كون هشيم لم يسمع هذا الحديث أيضًا من الأعمش:

قال أبو داود في مسائله للإمام أحمد (1871): "سمعت أحمد يقول: هشيمٍ لم يسمع حديث أبي صالح "الإمام ضامن" من الأعمش؛ وذاك أنه قيل لأحمد: إن هشيمًا قال فيه: عن الأعمش، قال: ثنا أبو صالح".

ص: 108

ج- وقال إبراهيم بن حميد الرؤاسي [كوفي، ثقة]: عن الأعمش، عن رجل، عن أبي صالح، عن أبي هريرة،

، قال الأعمش: وقد سمعته من أبي صالح.

ذكره الدارقطني في العلل (10/ 195/ 1968)، وانظر: نيل الأوطار (1/ 525).

ولا أظنه يثبت عن الرؤاسي، سيما مع جزم الأئمة بعدم سماع الأعمش له من أبي صالح.

د- وقال الأعمش: سمعت أبا صالح، أو بلغني عنه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. هكذا على الشك.

ذكره البخاري في التاريخ الكبير (1/ 78)، هكذا معلقًا.

هـ- ورواه عبد الله بن نمير [كوفي ثقة، من أصحاب الأعمش]، عن الأعمش، قال: نُبِّئْتُ عن أبي صالح -قال: ولا أُراني إلا قد سمعته منه-، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

فذكره، هكذا على الشك في السماع، وتقدم.

و- ورواه أسباط بن محمد [كوفي، ثقة]، وأبو بدر شجاع بن الوليد [كوفي، صدوق، له أوهام]:

عن الأعمش، قال: حُدِّثْتُ عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

وذكر مثله.

وهذا صريح في عدم الاتصال، وأن بينهما واسطة.

أخرجه الترمذي في العلل (91)، وعلقه في الجامع (207)، والبزار (16/ 88/ 9146)، والطحاوي في المشكل (2/ 149/ 766 - ترتيبه)، وأبو موسى المديني في اللطائف من علوم المعارف (448 و 945).

قال الطحاوي: "فكان جوابنا له في ذلك -بتوفيق الله عز وجل وعونه-: أن شجاعًا قد رواه عن الأعمش كما ذكر، ولكن هشيمًا -وهو فوقه- قد قال فيه: عن الأعمش، قال: ثنا أبو صالح، والله أعلم بالحقيقة في ذلك، وقد وجدناه من حديث أبي إسحاق عن أبي صالح".

قلت: قد سبق آنفًا بيان عدم ثبوت هذا السماع، فلا يحتج به، وأما حديث أبي إسحاق: فسيأتي إن شاء الله تعالى.

ز- ورواه محمد بن فضيل [كوفي، ثقة، من أصحاب الأعمش]: ثنا الأعمش، عن رجل، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

فذكره. تقدم.

وهذا أصرح من الذي قبله في ثبوت واسطة مبهمة بين الأعمش وبين أبي صالح، والحفاظ -كالأعمش- لا يبهمون الراوي إلا إذا كان مجهولًا أو ضعيفًا، ولو كان ثقة لصاحوا به.

ح- ورواه إبراهيم بن طهمان [خراساني، سكن مكة، ثقة يغرب]، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر، أنه قال: المؤذن يغفر له مدى صوته، ويصدقه كل رطب ويابس.

ص: 109

قال: وسمعته يقول: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة، واغفر للمؤذنين".

أخرجه أبو العباس السراج في مسنده (72 و 74)، والبيهقي (1/ 431).

وهذا وهْم من إبراهيم بن طهمان، حيث خالف في إسناد هذا الحديث جمهور أصحاب الأعمش الثقات، وفيهم أثبت الناس فيه.

والذي يظهر لي -والله أعلم- أن ابن طهمان أدرج متن هذا الحديث مع الحديث الآخر، فجعلهما بإسناد واحد، وهما عند الأعمش بإسنادين مختلفين، وقد روى عمار بن رزيق، وعبد الله بن بشر الرقي، وجرير بن عبد الحميد، وزائدة بن قدامة، وإسماعيل بن زكريا، وحفص بن غياث، ووكيع بن الجراح: حديث "يغفر الله للمؤذن مد صوته،

" عن الأعمش، على اختلاف بينهم على الأعمش في إسناده، وفي رفعه ووقفه، وفي وصله وإرساله [انظر الحديث المتقدم برقم (515)]، لكن لم يقرن أحد منهم بين الحديثين بإسناد واحد، فدل ذلك على وهم ابن طهمان فيه، وأنه قد دخل له حديث في حديث.

• وحاصل ما تقدم من هذا الاختلاف: أن الأعمش لم يسمع هذا الحديث من أبي صالح، وإنما سمعه من رجل عن أبي صالح، لكنه كان يدلسه عن أبي صالح، ويسقط الواسطة، وهكذا رواه عنه مدلَّسًا جمهور أصحابه من الثقات وغيرهم، ولا يثبت سماعه لهذا الحديث من طريق صحيح يعتمد عليه، ورواية الشك لا يعتمد عليها أيضًا، وأفسدت رواية أسباط بن محمد، وشجاع بن الوليد، ومحمد بن فضيل: هذا الحديث.

وقد جزم بذلك جمع من الأئمة:

قال سفيان الثوري [وهو راوي هذا الحديث عن الأعمش بلا واسطة]: "لم يسمع الأعمش هذا الحديث من أبي صالح: "الإمام ضامن" وفي رواية: "حديث الأعمش عن أبي صالح: "الإمام ضامن": لا أراه سمعه من أبي صالح" [تاريخ يحيى بن معين للدوري (3/ 497/ 2430)، الجرح والتعديل (1/ 82)، سنن البيهقي (3/ 127)، اللطائف من علوم المعارف (663)].

وقال يحيى بن معين: "لم يسمع الأعمش هذا الحديث من أبي صالح"[جامع التحصيل (189)].

وقال أبو داود في مسائله للإمام أحمد (1871): "سمعت أحمد يقول: هشيم لم يسمع حديث أبي صالح "الإمام ضامن" من الأعمش؛ وذاك أنه قيل لأحمد: إن هشيمًا قال فيه: عن الأعمش، قال: ثنا أبو صالح.

وسمعت أحمد مرة أخرى سئل عن هذا الحديث، فقال: حدَّث به سهيل عن الأعمش، ورواه ابن فضيل عن الأعمش عن رجل، ما أُرى لهذا الحديث أصل".

وقال الترمذي: "حديث أبي هريرة رواه سفيان الثوري وحفص بن غياث وغير واحد: عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 110

وروى أسباط بن محمد، عن الأعمش، قال: حُدِّثْتُ عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وروى نافع بن سليمان، عن محمد بن أبي صالح، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، هذا الحديث.

قال أبو عيسى: وسمعت أبا زرعة يقول: حديث أبي صالح عن أبي هريرة: أصح من حديث أبي صالح عن عائشة.

قال أبو عيسى: وسمعت محمدًا [يعني: البخاري] يقول: حديث أبي صالح عن عائشة أصح.

وذُكِر عن علي بن المديني أنه لم يُثْبِتْ حديث أبي صالح عن أبي هريرة، ولا حديث أبي صالح عن عائشة في هذا".

وقال ابن خزيمة: "رواه ابن نمير عن الأعمش، وأفسد الخبر" يعني: أفسد الحديث على من رواه بلا واسطة بين الأعمش وأبي صالح.

وقال الدارقطني في العلل (10/ 195): "وقال أبو بدر شجاع بن الوليد: عن الأعمش، قال: حُدِّثتُ عن أبي صالح عن أبي هريرة؛ فأفسد الحديث".

وغفل أبو نعيم عن هذه العلة فقال: "صحيح متفق عليه، رواه وكيع، وابن مهدي، وعبد الرزاق، وقبيصة في آخرين، عن الثوري، ورواه عن الأعمش الناس منهم: سهيل بن أبي صالح، وشعبة، وشريك، وهشيم، والأوزاعي، وصدقة بن أبي عمران، وأبو الأشهب جعفر بن الحارث، وزائدة، وقيس بن الربيع، وأبو عوانة، وأبو حمزة، وأبو شهاب، ومندل، وحبان ابنا علي، في آخرين".

وقال البيهقي: "وهذا الحديث لم يسمعه الأعمش باليقين من أبي صالح، وإنما سمعه من رجل عن أبي صالح".

وقال أبو موسى المديني في اللطائف من علوم المعارف (943): "وهذا الحديث رواه جماعة جمة: عن الأعمش عن أبي صالح، وقيل: إن الأعمش أرسله عنه، وإنما سمعه من رجل عنه".

وقال ابن عبد البر: "وهو إسناد رجاله ثقات معروفون،

؛ إلا أن أحمد بن حنبل ضعف الحديث كله، ويقال: إنه لم يسمعه الأعمش من أبي صالح، قال أحمد بن حنبل: رواه ابن فضيل عن الأعمش عن رجل، ما أدري لهذا الحديث أصلًا، ورواه ابن نمير عن الأعمش فقال: نبئت عن أبي صالح، ولا أراني إلا قد سمعته منه".

وقال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يصح؛ قال أحمد بن حنبل: ليس لهذا الحديث أصل، ليس يقول فيه أحد عن الأعمش أنه قال: أنا أبو صالح، والأعمش يحدث عن ضعاف، والدليل على أن الأعمش لم يسمع من أبي صالح:

" يعني: هذا الحديث، واستدل لذلك بحديث ابن فضيل.

ص: 111

وقال ابن القطان الفاسي في بيان الوهم (2/ 435/ 441): "ففيه -كما ترى- التصريح بالانقطاع في رواية ابن فضيل بزيادة رجل مجهول، والشك في الاتصال بظن السماع في رواية ابن نمير، فليس ينبغي -وحاله هذه- أن يجزم أنه سمعه منه"[وانظر أيضًا: بيان الوهم (5/ 603/ 2821) و (5/ 682)].

وقال الشوكاني في النيل (1/ 525): "فبيَّنَتْ هذه الطرق أن الأعمش سمعه عن غير أبي صالح، ثم سمعه منه، قال اليعمري: والكل صحيح والحديث متصل".

قلت: يصح هذا لو ثبت السماع، فلما لم يثبت جزم الأئمة بانقطاعه.

• وقد رواه سهيل بن أبي الصالح، واختلف عليه:

أ- فرواه سفيان بن عيينة [مكي، ثقة حافظ]، وعبد الرحمن بن إسحاق [وهو: عباد بن إسحاق المدني: صدوق]، ومحمد بن عمار [هو: ابن حفص بن عمر بن سعد القرظ المدني: لا بأس به]، وإبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي [مدني، متروك، كذبه جماعة]:

كلهم: عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤذنون أمناء، والأئمة ضمناء، اللهم اغفر للمؤذنين، وسدد الأئمة" ثلاث مرات. وفي رواية: "أرشد الله الأئمة، وغفر للمؤذنين".

أخرجه ابن خزيمة (3/ 16/ 1531)، والشافعي في الأم (2/ 194 - 195/ 168)، وفي المسند (33)، وعبد الرزاق (1/ 477/ 1839)(1/ ق 150)[وفي سنده سقط، سقط ذكر أبي صالح]. وابن أبي شيبة (1/ 203/ 2338)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (2490)، وابن عدي في الكامل (4/ 303)، والرامهرمزي في المحدث الفاصل (339)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (732)، والبيهقي في السنن (1/ 430)، وفي المعرفة (1/ 450/ 600)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 434/ 739).

وروي عن شعبة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

فذكره.

أخرجه أبو الحسن محمد بن طلحة بن محمد النعالي في فوائده (27)، وعنه: الخطيب في التاريخ (6/ 167)، قال الخطيب: أخبرنا محمد بن طلحة بن محمد أبو الحسن [النعالي، قال الخطيب: "شيخ، كان يكتب معنا الحديث إلى أن مات، ويتتبع الغرائب والمناكير،

، ثم قال: كتبت عنه وكان رافضيًّا". تاريخ بغداد (5/ 383)، اللسان (7/ 219)]: حدثنا أبو الطيب إبراهيم بن محمد بن شهاب العطار [قال الخطيب: "كان أحد متكلمى المعتزلة" وأخرج هذا الحديث في ترجمته]: حدثنا عبد الله بن أيوب القِرَبي [قال الدارقطني: متروك. سؤالات الحاكم (125)، تاريخ بغداد (9/ 413)، اللسان (4/ 440)]: حدثنا أبو الوليد الطيالسي، حدثنا شعبة به.

قلت: فهو باطل من حديث شعبة، والله أعلم، قال الدارقطني في العلل (10/ 191/ 1968):"وقيل: عن شعبة، ولا يصح".

ص: 112

قال البيهقي في السنن: "وهذا الحديث لم يسمعه سهيل من أبيه إنما سمعه من الأعمش".

وقال في المعرفة: "هذا الحديث لم يسمعه سهيل من أبيه، إنما رواه عن الأعمش عن أبي صالح، والأعمش لم يسمعه من أبي صالح يقينًا، إنما يقول فيه: نبئت عن أبي صالح، ولا أرى إلا قد سمعته منه، هكذا قاله عبد الله بن نمير عن الأعمش، ورواه نافع بن سليمان عن محمد بن أبي صالح عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم".

[وانظر: التحقيق (1/ 488)، التنقيح (2/ 38)، نصب الراية (2/ 58)].

ب- ورواه روح بن القاسم [بصري، ثقة ثبت]، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير [مدني، ثقة]، وعبد العزيز بن أبي حازم [مدني، صدوق]:

ثلاثتهم: عن سهيل بن أبي صالح، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن، فأرشد الله الأئمة، وغفر للمؤذنين".

أخرجه الطحاوي في المشكل (2/ 148/ 761 - 763 - ترتيبه)، والطبراني في الأوسط (4/ 336/ 4363) و (8/ 251/ 8549)، وفي الصغير (1/ 356/ 595)، وأبو الشيخ الأصبهاني في ذكر الأقران (17)[وفي سنده سقط]. وابن المقرئ في المعجم (1028)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 44)، والبيهقي في السنن (1/ 430)، وفي الشعب (3/ 120/ 3062)، والخطيب في التاريخ (9/ 413)، وأبو موسى المديني في اللطائف من علوم المعارف (943)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 434/ 738).

قال ابن الجوزي: "إلا أن هذا الطريق لا يثبت؛ قال الدارقطني: عبد الله بن أيوب: متروك" قلت: يعني: طريق روح بن القاسم، ولم ينفرد به عبد الله بن أيوب، بل قد توبع عليه. ورواه الدراوردي، واختلف عليه:

فرواه قتيبة بن سعيد [ثقة ثبت]: حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الإمام ضامن، والمؤذن مؤتَمَن، فأرشَدَ اللهُ الأئمةَ، وغَفَرَ للمؤذنين".

أخرجه ابن حبان (4/ 560/ 1672)، وأحمد (2/ 419)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (2489 و 2673)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 435/ 740).

قال علي بن المديني: "غلط عبد العزيز في حديث سهيل عن الأعمش: "الإمام ضامن""[الكامل (1/ 121)].

وخالفه: أحمد بن عبدة الضبي [ثقة]، ويعقوب بن حميد بن كاسب [صدوق حافظ، له مناكير وغرائب]، وأبو مروان محمد بن عثمان بن خالد العثماني [صدوق يخطئ]، ومحمد بن عباد [بن الزبرقان المكي: لا بأس به]:

ص: 113

رواه أربعتهم: عن عبد العزيز الدراوردي، عن سهيل، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

فذكره.

أخرجه ابن خزيمة (3/ 15/ 1528)، والبزار (16/ 87/ 9145)، وابن أخي ميمي الدقاق في الرابع من فوائده (399)، وأبو سعد عبد الرحمن بن حمدان النصرويي في أماليه (98)، وأبو موسى المديني في اللطائف من علوم المعارف (43 و 447 و 943).

قلت: وهذا أشبه بالصواب، وعليه تكون رواية الدراوردي متابعة لرواية روح بن القاسم ومن معه، بإثبات الأعمش بين سهيل وأبيه.

وعليه: فإن سهيل بن أبي صالح لم يسمع هذا الحديث من أبيه، وإنما سمعه من الأعمش عن أبيه.

قال أبو موسى المديني في الموضع الأول بعد أن ذكر الاختلاف في هذا الحديث: "فعلى هذا يكون بين سهيل وأبيه في هذا الإسناد: رجلان".

وقال في الموضع الثاني: "هكذا رواه سهيل، عن الأعمش، عن أبي صالح.

والأعمش، قيل: لم يسمعه من أبي صالح، وإنما سمعه من رجل عنه.

فيكون رواية سهيل: عن الأعمش، عن رجل، عن أبي صالح".

وكذا في الموضع الأخير.

• وللحديث طرق أخرى عن أبي صالح:

1 -

رواه موسى بن داود الضبي، عن زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:

بمثله.

أخرجه الترمذي في العلل (90)، وابن خزيمة (3/ 16/ 1530)، وأحمد (2/ 378 و 514)، والبزار (15/ 352/ 8924)، والطحاوي في المشكل (2/ 150/ 767 - ترتيبه)، وابن الأعرابي في المعجم (2/ 558/ 1091)، والطبراني في الأوسط (4/ 60/ 3605)، وفي الصغير (2/ 43/ 750)، وتمام في فوائده (564)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 400)، وأبو سعد عبد الرحمن بن حمدان النصروي في أماليه (99)، والقضاعي في مسند الشهاب (1/ 165/ 234).

قال الآجري: "سألتُ أبا داود: عن حديث زهير عن أبي إسحاق عن أبي صالح عن أبي هريرة: "الإمام ضامن"؟ قال: لم يسمعه أبو إسحاق من أبي صالح"[سؤالات الآجري (5/ ق 45)].

وقال البزار: "وهذا الحديث إنما يُعرف من حديث الأعمش، ولا أحسب أبا إسحاق سمعه من أبي صالح، وقد روى عن أبي صالح عن أبي هريرة حديثًا آخر".

وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أبي إسحاق إلا زهير، ولا رواه عن زهير إلا موسى بن داود الضبي".

قلت: زهير بن معاوية: كوفي، ثقة ثبت، إلا أن سماعه من أبي إسحاق بأخرة، وأبو

ص: 114

إسحاق كان قد تغير لما كبر، وموسى بن داود الضبي: وثقه جماعة، وقال أبو حاتم:"شيخ، في حديثه اضطراب"[التهذيب (4/ 174)، الميزان (4/ 204)]، فهو قريب من حديث أبي إسحاق السبيعي، وشاذ من حديث زهير:

قال الدارقطني في العلل (10/ 196): "فإن كان موسى حفظه فقد أغرب به.

وحدث به الفضل بن محمد العطار -وكان ضعيفًا-، عن أبي خيثمة مصعب بن سعيد، عن زهير، عن أبي إسحاق أيضًا.

وقال غيرهما: عن زهير عن الأعمش، وهو الصواب".

قلت: الفضل بن محمد العطار: كذاب، يضع الحديث، قاله الدارقطني [اللسان (6/ 351)]، وأبو خيثمة مصعب بن سعيد المصيصي: قال ابن عدي: "يحدث عن الثقات بالمناكير، ويصحف عليهم"، وقال:"والضعف على حديثه بيِّن"، ومشاه غيره [انظر: اللسان (8/ 75)، الجرح والتعديل (8/ 309)، الثقات (9/ 175)، الكامل (6/ 364)].

2 -

وروى الحسن بن أبي جعفر [ضعيف، يروي الغرائب عن محمد بن جحادة. التهذيب (1/ 386)، الميزان (1/ 482)]، عن محمد بن جحادة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

فذكره.

أخرجه الطبراني في الأوسط (9/ 183 - 184/ 9489)، وابن عدي في الكامل (2/ 308)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 164).

قال ابن عدي: "وهذا الحديث لا يرويه عن ابن جحادة إلا ابن أبي جعفر".

فهو حديث غريب.

3 -

وروى الدارقطني فيما انتقاه من حديث أبي الطاهر الذهلي (142)، قال: حدثنا الحسن بن علي بن الوليد [الكرابيسي الفارسي أبو جعفر الفسوي: لا بأس به. سؤالات الحاكم (81)، تاريخ بغداد (7/ 372)، تاريخ الإسلام (22/ 129)]، قال: حدثنا خلف بن عبد الحميد [بن عبد الرحمن بن أبي الحسناء: قال أحمد: "لا أعرفه". تاريخ بغداد (8/ 321)]، قال: حدثنا أبو الصباح [عبد الغفور بن سعيد -أو: ابن عبد العزيز- الواسطي: متروك، منكر الحديث، قال ابن حبان: "كان ممن يضع الحديث على الثقات". اللسان (5/ 230)، التاريخ الكبير (6/ 137)، التاريخ الأوسط (2/ 203)، الجرح والتعديل (6/ 55)، الكنى لمسلم (1697)، ضعفاء النسائي (410)، ضعفاء العقيلي (3/ 862 - ط حمدي السلفي)، المجروحين (2/ 148)، وغيرها]، عن أبي هاشم [الرماني: ثقة]، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

فذكره.

قال في الأفراد (5/ 363/ 5765) بأنه قد تفرد به: "أبو الصباح عبد الغفور بن عبد العزيز، عن أبي هاشم الرماني، عن أبي صالح".

قلت: فهو باطل بهذا الإسناد.

4 -

وروى ابن أخي ميمي الدقاق في الثاني من فوائده (246)، قال: حدثنا يحيى

ص: 115

[يعني: ابن محمد بن صاعد: ثقة حافظ إمام]، قال: حدثنا عبد الله بن شبيب أبو سعيد الربعي [أخباري علامة؛ لكنه واهٍ، ذاهب الحديث، وكان يسرق الحديث. الميزان (2/ 438)، اللسان (4/ 499)]، قال: حدثنا إسماعيل بن أبي أويس [صدوق يخطئ]، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل -يعني: ابن أبي فديك-[صدوق]، عن ابن أبي ذئب [ثقة فقيه]، عن صالح بن أبي صالح [ثقة]، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن".

وهذا حديث منكر، تفرد به عن أهل المدينة: أبو سعيد الربعي، وهو: واهٍ، ذاهب الحديث.

5 -

وروى بحشل في تاريخ واسط (101)، قال: ثنا عبد الرحمن بن عمر الشيباني، قال: ثنا محمد بن الحسن، قال: ثنا أبو الهيثم الطائي -وكان من أهل الشام-، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤذنون أمناء، والأئمة ضمناء، اللهم أرشد الأئمة، واغفر للمؤذنين".

وهذا إسناد غريب غريب، أبو الهيثم الطائي، أظنه: عدي بن عبد الرحمن، والد الهيثم بن عدي، فإن كان هو؛ فإنه يروي عمن هو أصغر من أبي صالح السمان، مثل: أبي مسلمة سعيد بن يزيد الطاحي، وداود بن أبي هند، وعليه فلا أظنه أدرك أبا صالح ولا سمع منه، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"روى الزبيدي عنه عن داود بن أبي هند: نسخة مستقيمة"، وقال الذهبي:"وحديثه عزيز الوقوع، وما علمت به بأسًا"[انظر: العلل ومعرفة الرجال (2/ 404/ 2809)، التاريخ الكبير (7/ 45)، كنى مسلم (3568)، الجرح والتعديل (7/ 3)، الثقات (7/ 291)، تاريخ دمشق (40/ 133)، تاريخ الإسلام (9/ 524)]، ومحمد بن الحسن: لم أميزه، فهناك جماعة من نفس الطبقة بهذا الاسم، ولا مرجح عندي لتعيينه، وعبد الرحمن بن عمر الشيباني، إن لم يكن هو: أبو الفرج عبد الرحمن بن عمر بن يزيد بن كثير الزهري المديني الأصبهاني، ولقبه: رسته، الثقة الحافظ، وله غرائب؛ فلم أعرفه، وليس هو: عبد الرحمن بن عمر بن نصر الشيباني؛ فإنه متأخر عنه جدًّا في الطبقة [انظر: التهذيب (2/ 535)، السير (12/ 242)، اللسان (5/ 116)]، والمصنف: أسلم بن سهل الواسطي، وإن كان وثقه جماعة، لكن لينه الدارقطني [اللسان (2/ 97)]، فمثل هذا لا يصلح في المتابعات، والله أعلم.

فهله هي المتابعات عن أبي صالح، لا يثبت منها شيء، إنما هي غرائب ومناكير وبواطيل، وإنما هو حديث الأعمش عن أبي صالح، ولم يسمعه منه.

• وقد خولف فيه الأعمش:

فقد روى عبد الله بن وهب [ثقة حافظ]، وأبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ [ثقة فاضل]:

عن حيوة بن شريح، عن نافع بن سليمان، أن محمد بن أبي صالح أخبره، عن أبيه،

ص: 116

أنه سمع عائشة، تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن، فأرشد الله الأئمة، وعفا عن المؤذنين".

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 78)، وأبو داود في مسائله للإمام أحمد (1871 م)، والترمذي في العلل (92)، وابن خزيمة (3/ 16/ 1532)، وابن حبان (4/ 559/ 1671)، وأحمد (6/ 65)، إسحاق بن راهويه (2/ 542/ 1124)، وأبو يعلى (8/ 45/ 4562)، والطحاوي في المشكل (2/ 150/ 768 - ترتيبه)، والعقيلي في الضعفاء (4/ 435)، وأبو محمد الفاكهي في فوائده عن ابن أبي مسرة (34)، والرامهرمزي في المحدث الفاصل (290)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 164)، والبيهقي (1/ 425 و 431)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 435/ 742).

خالفهما فوهم في إسناده على حيوة بن شريح: يحيى بن يعلى الأسلمي القطواني أشيعي، ضعيف، مضطرب الحديث، يغلط في الأسانيد. التهذيب (4/ 400)، الميزان (4/ 415)]، فرواه عن حيوة بن شريح، عن نافع بن سليمان، عن داود بن صالح، عن أبيه، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

فذكره.

أخرجه العقيلي (4/ 435).

قلت: محمد بن أبي صالح: في عداد المجاهيل، لم أقف له على روايةٍ غير هذا الحديث، وما رواه عنه هشيم فمقطوعٌ من قوله في التفسير [انظر: تفسير الطبري (2/ 309)]، فهو قليل الرواية جدًّا، ثم هو مع ذلك يخالف من هو أوثق منه بمثاقيل الجبال، فلو ضُعِّف لأجل ذلك لكان أولى، ولذا فقد وثقه ابن حبان على استحياء؛ فقال فيه لما أورده في ثقاته:"يخطئ"، والأقعد فيه ما قاله ابن معين والدارقطني، فقد سأل الدارميُّ ابنَ معين، فقال:"قلت: فنافع بن سليمان، كيف حديثه؟ فقال: هو ثقة. قلت: يروي عن محمد بن أبي صالح، ما حاله؟ فقال: لا أعرفه"[تاريخ ابن معين للدارمي (775 و 776)، الجرح والتعديل (7/ 252)، الكامل (6/ 235)]، وسأل البرقانيُّ الدارقطنيَّ عن هذا الحديث، فقال الدارقطني:"محمد هذا: مجهول، وقيل: هو أخو سهيل، يُتركُ هذا الحديث [سؤالات البرقاني (467)]، فهو مجهول، لا يعرف بالطلب، لا من جهة مروياته، ولا من جهة من روى عنه، ثم هو لا يضبط ما يروي، فيخالف الثقات فيما يرويه، فلا تقبل روايته، ولا كرامة، لذا قال ابن المديني: "لا يصح حديث عائشة"، فلما لم يكن معروفًا إلا من طريقه؛ كان ذلك تضعيفًا له، وكذلك فإن أكثر الأئمة على تقديم رواية الأعمش على رواية محمد هذا، وفي هذا إشارة أيضًا إلى تضعيفه، والله أعلم.

فللَّه در ذلك الإمام الذي سبر أحوال الرجال، ووازن بين أقوال الأئمة فيهم، فاختصر ترجمة محمد هذا، فقال في الميزان (3/ 582):"لا يعرف، وقال ابن المديني: لا يصح حديثه" وكذا قال في المغني (2/ 592)[وانظر أيضًا]: التاريخ الكبير (1/ 78)، الثقات (7/ 417)، الإكمال للحسيني (772)، التهذيب (3/ 559)].

ص: 117

وأما نافع بن سليمان: فهو صدوق، يحدث عن الضعفاء [التاريخ الكبير (8/ 86)، الجرح والتعديل (8/ 458)، الثقات (7/ 532) و (9/ 210)، إكمال الحسيني (805)، التعجيل (1079)].

والحاصل: أن المحفوظ في هذا الحديث هو: ما رواه الأعمش، عن رجل، عن أبي صالح، عن أبي هريرة به مرفوعًا، ولا يصح لأجل الرجل المبهم، والله أعلم.

قال الترمذي: "ومحمد بن أبي صالح: أخو سهيل بن أبي صالح، سمعت محمد بن إسماعيل يقول: حديث أبي صالح عن عائشة: أصح من حديث أبي هريرة في هذا الباب.

وسألت أبا زرعة، فقال: حديث أبي هريرة: أصح عندي من حديث عائشة.

وذكر عن علي بن المديني، قال: لا يصح حديث عائشة، ولا حديث أبي هريرة، وكأنه رأى أصح شيء في هذا الباب: عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا".

قلت: قول ابن المديني وأبي زرعة: هو الصواب، ورجح حديث الأعمش أيضًا: أبو حاتم، وابن خزيمة، والدارقطني.

وقال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 217/81): "سمعت أبي وذكر سهيل بن أبي صالح، وعباد بن أبي صالح، فقال: هما أخوان، ولا أعلم لهما أخ، إلا ما رواه حيوة بن شريح، عن نافع بن سليمان، عن محمد بن أبي صالح، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة، واغفر للمؤذنين".

والأعمش يروى هذا الحديث: عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قلت: فأيهما أصح؟ قال: حديث الأعمش؛ ونافع بن سليمان: ليس بقوي. قلت: فمحمد بن أبي صالح هو أخو سهيل وعباد؟ قال: كذا يروونه" نقله الخطيب في الموضح (1/ 258) ثم قال في محمد بن أبي صالح، وفي كونه أخًا لسهيل وعباد: "فيه نظر".

وقال ابن خزيمة: "الأعمش أحفظ من مائتين مثل محمد بن أبي صالح".

وقال ابن عدي في الكامل (6/ 235): "فإنْ عَلَّل مَن عَلَّل هذا الحديث؛ بأنه لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن أهل مصر رووه عن محمد بن أبي صالح عن أبيه عن عائشة، ورواه سهيل عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة، فالذي لم يصحح هذا الحديث: جعل محمد بن أبي صالح أخو سهيل بن أبي صالح، فقال: قد اتفق سهيل ومحمد بن أبي صالح جميعًا عن أبيهما، فقال محمد بن أبي صالح: عن عائشة، وقال سهيل: عن أبي هريرة.

ومن صحح هذا الحديث: قال: من أين جعل محمد بن أبي صالح أخًا لسهيل بن أبي صالح؟ وليس في ولد أبي صالح من اسمه محمد، إنما هو سهيل وعباد وعبد الله ويحيى وصالح بنو أبي صالح وليس فيهم محمد" [وانظر: مختصر الكامل (1710)، ذخيرة الحفاظ (2298)].

وقال الدارقطني: "محمد هذا: مجهول، وقيل: هو أخو سهيل، يترك هذا الحديث"[سؤالات البرقاني (467)].

ص: 118

وقال في مسند عائشة من العلل (5/ 95/ ب)(14/ 391 - 392/ 3744) لما سئل عن هذا الحديث: "يرويه محمد بن أبي صالح السمان، عن أبيه، عن عائشة، وخالفه الأعمش، وسهيل بن أبي صالح، على اختلاف عليهما، إلا أنهما أسنداه: عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو: الصواب، وكذلك قال موسى بن داود: عن زهير، عن أبي إسحاق، عن أبي صالح، عن أبي هريرة".

وقال في مسند أبي هريرة من العلل (10/ 198/ 1968): "وقد اضطرب الحديث عن أبي صالح، وزعم علي بن المديني أن حديث: يونس عن الحسن مرسلًا عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك: أحبها إليه، وأحسنها إسنادًا".

لكن جمع بين هذه الوجوه فأغرب: ابنُ حبان، حيث قال في صحيحه:"سمع هذا الخبر أبو صالح السمان عن عائشة، على حسب ما ذكرناه، وسمعه من أبي هريرة مرفوعًا، فمرةً حدث به عن عائشة، وأخرى عن أبي هريرة، وتارة وقفه عليه، ولم يرفعه، وأما الأعمش: فإنه سمعه من أبي صالح عن أبي هريرة موقوفًا، وسمعه من [سهيل بن] أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا، وقد وهِم من أدخل بين سهيل وأبيه فيه الأعمش؛ لأن الأعمش سمعه من سهيل، لا أن سهيلًا سمعه من الأعمش".

وما قاله فمجانب للصواب الذي دللنا على صحته آنفًا.

• ومن شواهده التامة أو القاصرة، ما رواه:

1 -

يحيى بن عبد الحميد الحماني [حافظ؛ إلا أنهم اتهموه بسرقة الحديث]: حدثني إبراهيم بن أبي محذورة، وهو: إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة [ضعيف. راجع الحديث المتقدم برقم (502)] عن أبيه [عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة: مجهول الحال. راجع الحديث المتقدم برقم (503)]، عن جده [عبد الملك بن أبي محذورة: روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في الثقات، وصحح له الترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان، واحتج به أبو داود، والنسائي، وقوَّى حديثه الطحاوي. راجع الحديث المتقدم برقم (505)]، عن أبي محذورة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمناء المسلمين على صلاتهم وسحورهم [وفي رواية: فطرهم وسحورهم] المؤذنون".

أخرجه الطبراني في الكبير (7/ 176/ 6743)، والبيهقي (1/ 426).

فهو حديث ضعيف جدًّا.

2 -

حسين بن واقد [مروزي: ليس به بأس، له أوهام ومناكير. التهذيب (1/ 438)، الميزان (1/ 549)]: حدثني أبو غالب [حزوَّر صاحب أبي أمامة، بصري، نزل أصبهان: ليس بالقوي، وثقه بعضهم. التهذيب (4/ 570)، الميزان (1/ 476)]، أنه سمع أبا أمامة، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن".

أخرجه أحمد (5/ 260)، والطبراني في الكبير (8/ 286/ 8097)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 435/ 741).

ص: 119

خالفه: حماد بن سلمة [بصري، ثقة]: ثنا أبو غالب، قال: سمعت أبا أمامة، يقول: المؤذنون أمناء المسلمين، والأئمة ضمناء. قال: والأذان أحبُّ إلي من الإمامة.

أخرجه البيهقي (1/ 432)، قال: أخبرنا أبو نصر بن عبد العزيز: أنبأ علي بن الفضل الخزاعي: أنبأ أبو شعيب: ثنا علي بن المديني: ثنا روح بن عبادة: ثنا حماد به.

قلت: إسناده إلى حماد: حسن غريب.

شيخ البيهقي: أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن عمر بن قتادة، من أولاد النعمان بن بشير، أكثر عنه البيهقي، وهو محدث مشهور.

وعلي بن الفضل، هو: ابن محمد بن عقيل الخزاعي النيسابوري: محدث له رواية، لم أر من ترجم له، وأبوه محدث مشهور، لقبه: فضلان، ترجم له الخطيب في تاريخ بغداد (12/ 375)، ولابنه علي هذا ذكر في ترجمته.

وأبو شعيب، هو: عبد الله بن الحسن بن أحمد الحراني: صدوق [الميزان (2/ 406)، اللسان (4/ 454)]، وبقية رجاله: ثقات مشاهير، وبهذا الإسناد يروي البيهقي نسخةً عن ابن المديني، فلا بأس من الاعتماد عليها لكونها صحيفة، لا سيما وقد ذكر البيهقي في أكثر من موضع أن شيخه أبا نصر يروي من أصل كتابه.

وكذلك مما يؤكد ثبوت هذه الرواية عن حماد بن سلمة، ذكر الدارقطني لها في العلل (12/ 275/ 2712)، بقوله: "وقال حماد بن سلمة:

".

وعليه فإن رواية حماد بن سلمة هي الصواب؛ فإنه أحفظ من الحسين بن واقد، وأهل بلد الرجل أعلم بحديثه من الغرباء.

وعليه: فهو موقوف على أبي أمامة بإسناد فيه ضعف، لأجل صاحبه أبي غالب، ومثله مما يصدر عن اجتهادٍ ورأي، فلا يقال: له حكم الرفع، والله أعلم.

3 -

يزيد بن هارون، وعبيد الله بن موسى:

كلاهما: عن عنبسة بن سعيد، عن حماد مولى بني أمية، عن جناح مولى الوليد، عن واثلة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن اللهم اغفر للمؤذنين وَاهْدِ الأئمة".

أخرجه الطبراني في الكبير (22/ 84/ 203)، وتمام في الفوائد (1212 و 1213)[وفي الإسناد الأول سقط].

قال تمام: "جناح هذا: أبو مروان وروح ابني جناح".

قلت: جناح بن عباد مولى الوليد بن عبد الملك: ضعفه الأزدي، وذكره أبو زرعة الدمشقي في طبقة الأصاغر من أصحاب واثلة، وقال سعيد بن عبد العزيز بأن نمير بن أوس القاضي كان يقبل شهادة جناح مولى الوليد، يقول:"لا نتهمه"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال البخاري في التاريح:"سمع واثلة"، وروى عنه جماعة [التاريخ الكبير (2/ 245)، الجرح والتعديل (2/ 537)، الثقات (4/ 118)، تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1/ 356)، أخبار

ص: 120

القضاة (3/ 205)، تاريخ دمشق (11/ 284)، تكملة الإكمال (2/ 76)، اللسان (2/ 493)].

وحماد بن صالح مولى بني أمية: قال الأزدي: "متروك"، ولم يذكروا له راويًا سوى عنبسة بن سعيد [تاريخ دمشق (15/ 160)، اللسان (3/ 281)].

وعنبسة بن سعيد، هو: القطان الواسطي، أو البصري، أخو أبي الربيع السمان: متروك [التهذيب (3/ 332)، الميزان (3/ 299)، سؤالات الآجري (2/ 159)، كشف الأستار (884)].

وعليه: فهو حديث ضعيف جدًّا.

4 -

سريج بن النعمان [ليس به بأس، غلِط في أحاديث. التهذيب (1/ 686)، الميزان (2/ 116)]، وسعيد بن سليمان الواسطي [ثقة حافظ]:

كلاهما: عن عبد الحميد بن سليمان، أخي فليح [الخزاعي، المدني، الضرير، نزيل بغداد: ضعيف؛ معروف بالرواية عن أبي حازم]، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، قال: كنت أراه يقدم فتيانًا من فتيان قومه فيصلون به، فقلت: أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولك من الفضل والسابقة، تقدم هؤلاء الصبيان، فيصلون بك، أفلا تتقدم فتصلي لقومك؟

فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فإن الإمام ضامن؛ فإن أتم كان له ولهم، وإن نقص كان عليه ولا عليهم".

فلا أريد أن أتحمل ذلك. لفظ سريج، وفي رواية للواسطي: "من أمَّ قومًا فأتم

".

أخرجه ابن ماجة (981)، والحاكم (1/ 216)، والروياني (1058 و 1124).

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه بهذا اللفظ".

قلت: قد أخرج الشيخان أحاديث لأبي حازم عن سهل بن سعد، لكن لم يخرج أحد منهما لعبد الحميد بن سليمان الخزاعي هذا شيئًا، فهو غريب من حديث أبي حازم، لتفرد عبد الحميد به عنه.

قال ابن رجب في الفتح (4/ 179): "وقد ذكر هذا الحديثَ الإمامُ أحمد، فقال: ما سمعت بهذا قط، وهذا يشعر باستنكاره له".

5 -

الحميدي: ثنا موسى بن شيبة [من ولد كعب بن مالك]، عن محمد بن كليب - هو: ابن جابر بن عبد الله -، عن جابر -وهو: ابن عبد الله-، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الإمام ضامن؛ فما صنع فاصنعوا".

أخرجه الطبراني في الأوسط (4/ 35 - 36/ 3545)، والدارقطني في السنن (1/ 322)، وأبو الحسن محمد بن طلحة النعالي في فوائده (52)، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (182 م)، والخطيب في تاريخ بغداد (8/ 331)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (23/ 293)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 436/ 743).

ص: 121

قال الطبراني: "لا يروى هذا الحديث عن جابر بن عبد الله إلا بهذا الإسناد، تفرد به الحميدي".

وقال الدارقطني وقد أخرجه من طريق أبي حاتم الرازي: "قال أبو حاتم: هذا تصحيح لمن قال بالقراءة خلف الإمام".

وقال ابن القطان في كان الوهم (2/ 552/ 555) متعقبًا عبد الحق: "وهو في الحقيقة ليس بتصحيح له من أبي حاتم، إنما هو بمثابة من يروي حديثًا صحيحًا أو سقيمًا، ثم يقول: هذا فيه الحجة لمن ذهب إلى كذا، يعني: أنَّه من متعلقاته إن صح، أو حتَّى يدفع بما يوجب دفعه به.

إلى أن قال: ففيه للبحث موضعان:

أحدهما: هل سمع محمد بن كليب بن جابر من جده جابر، أم لا؟ فإني رأيت البخاري لما ذكره إنما قال: يروي عن محمود ومحمد ابني جابر، فأما زيادة ابن أبي حاتم في كتابه حيث قال: روى عن جابر ومحمد ومحمود ابني جابر، فإنما ذلك أخذ من هذا الإسناد، وليس في قوله:"عن جابر"، ما يؤذن بسماعه منه.

والموضع الآخر: موسى بن شيبة، فإن ابن حنبل قال: أحاديثه مناكير، وإن كان أبو حاتم قد قال فيه: صالح الحديث، فإن الَّذي مسه به أحمد جرح مفسر".

قلت: وهو كما قال إلا ما يأتي بيانه، وقال في موضع آخر (5/ 685):"هو مشكوك في صحته وقد سكت عنه".

وقال ابن رجب في الفتح (4/ 242): "وفي إسناده مقال".

قلت: محمد بن كليب: قال أبو رزعة: "ثقة"، وقال الدارقطني:"مُقِل، يعتبر به"، وذكره ابن حبان في الثقات، لا يعرف له سماع من جده جابر، بينهما: محمد ومحمود ابنا جابر [التاريخ الكبير (1/ 53 و 219) و (7/ 404)، الجرح والتعديل (8/ 67)، الثقات (5/ 362)، سؤالات البرقاني (455)].

وأما موسى بن شيبة بن عمرو بن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري المديني: فقد نقل ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (8/ 146) عن عبد الله بن أحمد أنَّه قال: [سئل أبي عن موسى بن شيبة؟ فقال: أحاديثه مناكير" ثم قال ابن أبي حاتم: "سئل أبي عن موسى بن شيبة المديني؟ فقال: صالح الحديث"، لكن يشكل على هذا أن عبد الله بن أحمد قال في العلل ومعرفة الرجال (4488): "سألت أبي عن موسى بن شيبة؛ فقال: روى عنه معمر أحاديث مناكير" [ومعمر هو: ابن راشد، كما في مصنف عبد الرزاق (11/ 159/ 20197)، مسند إسحاق (3/ 655/ 1246)، المراسيل لأبي داود (307)، ضعفاء العقيلي (4/ 162)، سنن البيهقي (10/ 196)، التهذيب (4/ 177)، وغيرها، وفي بعض المصادر: موسى بن أبي شيبة]. وكان ابن أبي حاتم ترجم قبل ذلك مباشرة للذي تفرد بالرواية عنه معمر، فقال: "موسى بن شيبة: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل؛ روى عنه معمر، سمعت أبي

ص: 122

يقول ذلك"، فدل ذلك على أن ابن أبي حاتم قد وهم، وأن قول أحمد هذا إنما هو فقط في الَّذي روى عنه معمر، وقد صرح الأزدي بتفرد معمر عنه، وأما الَّذي روى عنه الحميدي وغيره فإنه لم ينقل لأحمد فيه كلام، كما أنهما من طبقتين مختلفتين فالذي روى عنه معمر أكبر من الآخر، فدل على أنهما اثنان [وانظر فيمن لم يفرق بينهما أو تردد في ذلك: التهذيب (4/ 177)، الميزان (4/ 207)، إكمال مغلطاي (12/ 20)، وانظر: تعليق العلامة المعلمي اليماني على الجرح (8/ 147)].

وعلى هذا فيكون موسى بن شيبة المديني هذا: قد وُثِّق، ولم يصح فيه جرح، قال أبو حاتم:"صالح الحديث"، وذكره ابن حبان في الثقات (9/ 159)، وانظر: التاريخ الكبير (7/ 286).

والحاصل: أن الحديث ضعيف؛ لعدم اتصاله، وما قيل في محمد بن كليب.

6 -

قال ابن عدي في الكامل (2/ 104): ثنا محمد بن عبيد الله بن فضيل: ثنا ابن مصفى: ثنا بقية، عن ثور بن يزيد، عن أبان، عن أَنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن، قال: اللهم اهد الأئمة، واغفر للمؤذنين".

قال ابن عدي: "وهذا الحديث لم يجود إسناده غير ابن مصفى عن بقية عن ثور عن أبان عن أَنس، ورأيت غير ابن مصفى روى عن بقية عن ثور عن من حدثه عن أَنس".

قلت: بقية بن الوليد، ومحمد بن مصفى: صدوقان، لكنهما يدلسان ويسويان، وقد تبين لابن عدي في هذا الحديث أن ابن مصفى قد سوى إسناده، وجوده، بذكر أبان بن أبي عياش فيه، وأبان: متروك.

وله إسناد آخر عن أَنس:

يرويه أبو بكر الإسماعيلي: حدثنا محمد بن أحمد بن سهيل [الباهلي المكتب: كان ممن يضع، ويسرق حديث الضعاف، ويلزقها على قوم ثقات. الكامل (6/ 303)، اللسان (6/ 494 و 519)]، حدثنا وهب بن بقية، أخبرنا هشيم، عن سفيان بن حسين، عن الزهري، عن أَنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤذنون أمناء، والأئمة ضمناء، فأرشد الله الأئمة، وغفر للمؤذنين".

أخرجه الإسماعيلي في معجمه (1/ 467)، وعنه: السهمي في تاريخ جرجان (114)، وفي سؤالاته للدارقطني (98).

قال حمزة السهمي: قال أبو بكر الإسماعيلي: "هو منكر جدًّا".

قلت: بل موضوع.

7 -

روى الدارقطني في العلل (8/ 252/ 1555)، وأبو عثمان البحيري في الفوائد (75):

من طريق: مقدام بن داود: ثنا عبد الله بن محمد بن المغيرة: ثنا سفيان الثوري، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤذنون أمناء الناس على صلاتهم وصيامهم وفطرهم وأضحاهم".

ص: 123

قال الدارقطني: كعبد الله بن محمد بن المغيرة: أصله كوفي، سكن مصر، له عن الثوري أحاديث انفرد بها".

قلت: فهو حديث منكر من حديث الثوري، انفرد به عنه: عبد الله بن محمد بن المغيرة الكوفي، نزيل مصر، وهو: منكر الحديث [اللسان (4/ 554)]، والراوي عنه: مقدام بن داود بن عيسى بن تليد الرعيني المصري: ضعيف [اللسان (8/ 144)].

وقد رواه على الصواب فأرسله: محمد بن إبراهيم بن أبي عدي [ثقة]، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي [ثقة]:

روياه عن يونس بن عبيد، عن الحسن، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"المؤذنون أمناء المسلمين على صلاتهم" قال: وذكر معها غيرها.

وفي رواية: "الإمام ضامن، والمؤمن مؤتمن، فأرشد الله الأئمة، وغفر للمؤذنين، أو قال: "غفر الله للأئمة وأرشد المؤذنين".

أخرجه الشافعي في الأم (2/ 794 / 167)(1)، وفي المسند (33)، والبيهقي في السنن (1/ 426 و 431)، وفي المعرفة (1/ 449 و 450/ 598 و 599).

وهذا هو الصواب، وهو مرسل بإسناد صحيح.

قال الدارقطني: "الصحيح: عن يونس، عن الحسن، مرسلًا عن النبي صلى الله عليه وسلم".

وقال البيهقي: "وهذا المرسل شاهد لما تقدم".

وقال في المغني عن الحفظ والكتاب (29): "قال ابن المديني: لا يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح، إلا حديثًا رواه الحسن مرسلًا.

8 -

روى عبد الرزاق في المصنف (1/ 447/ 1840)، عن معمر، عن قتادة، أن ابن عمر قال: الإمام ضامن، إن قدم أو أخر، وأحسن أو أساء.

قال معمر: ليس كل الحديث عن ابن عمر.

قلت: معمر بن راشد وإن كان ثبتًا في الزهري وابن طاووس، إلا أنَّه كان سيئ الحفظ لحديث قتادة [انظر: المعرفة والتاريخ (2/ 281)، علل الدارقطني (4/ ق 40)، شرح علل الترمذي (2/ 698)].

خالفه أحد أثبت الناس في قتادة:

رواه هشام الدستوائي، عن قتادة، قال: حدثني القاسم [يحتمل أن يكون هو القاسم بن عاصم التميمي، وهو: مقبول]، عن سعيد بن المسيب، قال: الإمام ضامن لصلاة القوم، إن أحسن أو أساء، وقدم أو أخر.

أخرجه أحمد في العلل ومعرفة الرجال (3/ 328 / 5455)، قال: حدثنا معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي، عن قتادة به.

وهذا هو الصواب، مقطوع من قول ابن المسيب.

ص: 124