الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأهواء والبدع ومن ظهر فسقه وفجوره في غير الجمع والأعياد، وفرَّق بين الوالي وغيره، فإن صلى في الجمع والأعياد خلف أصحاب البدع المغلظة التي يكفر أصحابها كالجهمية والرافضة فإنه يعيد [انظر: مسائل عبد الله (404 - 406)، مسائل ابن هانئ (292 - 296 و 300 و 301 و 309 - 312)، مسائل أبي داود (304 - 307)، فتح الباري لابن رجب (4/ 186 - 188)].
وانظر أيضًا: تأويل مختلف الحديث (154)، شعار أصحاب الحديث (17)، شرح أصول الاعتقاد (1/ 154/ 314)، الطيوريات (463)، طبقات الحنابلة (1/ 330)، الحجة في بيان المحجة (1/ 252)، تبيين كذب المفتري (161)، تاريخ دمشق (9/ 300) و (54/ 230).
***
65 - باب إمامة الأعمى
595 -
. . . عمران القطان، عن قتادة، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أم مكتوم يؤمُّ الناس وهو أعمى.
• الصواب: مرسل، وله شواهد يصح بها.
أعاده أبو داود في أوائل كتاب الخراج والإمارة برقم (2931)، عن شيخ آخر له بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أم مكتوم على المدينة مرتين.
والحديث أخرجه أيضًا: البخاري في التاريخ الأوسط (1/ 54/ 203)، وابن الجارود في المنتقى (310)، والضياء في المختارة (7/ 91 و 92/ 2501 - 2504)، وأحمد (3/ 132 و 192)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/ 122/ 831)، وأبو يعلى (5/ 422 و 438/ 3110 و 3138)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 45)، والبيهقي (3/ 88).
وفي لفظ له عند أحمد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أم مكتوم على المدينة مرتين، يصلي بهم، وهو أعمى.
وفي لفظ آخر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أم مكتوم على المدينة مرتين، قال: ولقد رأيته يوم القادسية ومعه راية سوداء.
قلت: اختلف في هذا الحديث على قتادة:
أ- فرواه عمران بن داور القطان، عن قتادة، عن أنس.
ب- ورواه همام، عن قتادة، قال: استخلف النبي صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم، مرتين على المدينة، وهو أعمى. هكذا مرسلًا.
أخرجه ابن سعد في الطبقات (4/ 205).
ج- ورواه عفير بن معدان، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم -
استخلف ابن أم مكتوم على المدينة مرتين، وكان أعمى يصلي بالناس.
أخرجه البزار (1/ 231/ 469 - كشف)(325 - مختصر الزوائد)، والطبراني في الأوسط (1/ 6/ 5)، وابن عدي في الكامل (5/ 381).
قال البزار: "لا نعلم رواه بهذا الإسناد إلا عفير بن معدان، وهو شامي مشهور".
وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن قتادة إلا عفير تفرد به أبو المغيرة".
وقال ابن عدي: "ولعفير بن معدان غير ما ذكرت من الحديث، وعامة رواياته غير محفوظة".
قلت: رواية عفير هذه منكرة، فإنهم قد ضعفوه، وهو منكر الحديث [التهذيب (3/ 119)، الميزان (3/ 83)].
وأما عمران بن داور العمي، أبو العوام القطان البصري، فإنه: صدوق يهم، كثير الرواية عن قتادة، إلا أنه كثير المخالفة والوهم [التهذيب (3/ 318)، الميزان (3/ 236)]، وهذا الحديث مما وهم فيه على قتادة: فقد خالف فيه أحد أصحاب قتادة الثقات، وهو همام بن يحيى العوذي، من طبقة الشيوخ من أصحاب قتادة، وهو أثبت فيه من عمران القطان، والله أعلم.
وعليه: فالصواب في هذا الحديث أنه من مرسل قتادة.
• وله شواهد من حديث:
1 -
عائشة:
يرويه أمية بن بسطام: قال: ثنا يزيد بن زريع: حدثنا حبيب المعلم، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أم مكتوم على المدينة يصلي بالناس.
أخرجه ابن حبان (5/ 506 و 507/ 2134 و 2135)، أبو يعلى (7/ 4456/434)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 154/ 1943)، والطبراني في الأوسط (3/ 137/ 2723)، وابن عدي في الكامل (2/ 410)، والبيهقي في المعرفة (2/ 371/ 1486).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن هشام إلا حبيب، تفرد به: يزيد".
وقال ابن عدي: "وهذا لا أعلمه يرويه عن حبيب المعلم غير يزيد بن زريع، ولحبيب أحاديث صالحة، وأرجو أنه مستقيم في رواياته".
وعلى هذا فإن ابن عدي لم ينكر هذا الحديث على حبيب المعلم، وصححه ابن حبان، وحبيب: بصري صدوق، لم يلينه سوى النسائي، إذ قال فيه:"ليس بالقوي"، واتفق الأئمة على توثيقه؛ فقد وثقه أحمد وابن معين وأبو زرعة، وقال أحمد:"ما أصح حديثه"، وقال ابن عدي:"ولحبيب أحاديث صالحة، وأرجو أنه مستقيم في رواياته"، وقال الفلاس:"كان يحيى لا يحدث عنه، وكان عبد الرحمن يحدث عنه"، فمثله يقال فيه: ثقة ربما وهم، وأقل أحواله أن يقال: صدوق [انظر: التهذيب (1/ 355)، الميزان (1/ 456)،
الكامل (2/ 410)، العلل ومعرفة الرجال (2/ 298/ 2323)، الجرح والتعديل (3/ 101)، من تكلم فيه وهو موثق (77)].
لكن هل يقال بأن حبيبًا وهم في لفظه على هشام، لكون جماعة من أصحاب هشام المدنيين قد رووه بلفظ آخر:
فقد روى محمد بن جعفر بن أبي كثير [مدني، ثقة]، ويحيى بن عبد الله بن سالم [مدني، صدوق]، وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي [مدني، صدوق، وله أوهام]:
عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان ابن أم مكتوم يؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أعمى.
أخرجه مسلم (381)، وقد تقدم عند أبي داود برقم (535).
فالذي يظهر لي -والله أعلم- أنه محفوظ، لعدم إنكار ابن عدي له، وتصحيح ابن حبان، واحتجاج ابن المنذر به، ومجيئه من طرق أخرى، واشتهار هذه القصة عند أهل السير.
قال الشافعي: "وسمعت عددًا من أهل العلم يذكرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستخلف ابن أم مكتوم وهو أعمى فيصلي بالناس، في عدد غزوات له"[الأم (2/ 323)].
وعليه: فالإسناد حسن غريب، ولا يضره تفرد يزيد بن زريع به، فإنه: ثقة ثبت، والله أعلم.
2 -
ابن عباس:
يرويه عبد الله بن عمر بن أبان: ثنا عبد المجيد، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أم مكتوم على الصلاة وغيرها من أمر المدينة.
أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 183/ 11435).
وهذا إسناد حسن غريب، عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد: ثبت في ابن جريج، وعبد الله بن عمر بن محمد بن أبان، لقبه: مشكدانة: صدوق.
3 -
جابر بن عبد الله:
يرويه علي بن مسهر، عن إسماعيل بن مسلم، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: استخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أم مكتوم في بعض مغازيه، يصلي بالناس وهو أعمى.
أخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة (4/ 1999/ 5019)، بإسناد صحيح إلى ابن مسهر.
وهذا إسناد ضعيف، إسماعيل بن مسلم المكي: ضعيف.
وانظر أيضًا: مجمع الزوائد (2/ 65)، البدر المنير (4/ 449).
• وقد روى جماعة من الضعفاء، وتابعهم من الثقات: يونس بن أبي إسحاق، عن الشعبي، قال: استخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أم مكتوم يؤم الناس، وكان ضرير البصر.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 395/ 3828)، وابن سعد في الطبقات (4/ 205 و 206 و 209)، وابن أبي شيبة (2/ 27/ 6059 و 6060).
وروى معمر، عن الزهري: أن أناسًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا كان يؤمُّون وهم عميان، منهم: عتبان بن مالك، ومعاذ بن عفراء، وابن أم مكتوم.
وتابعه على معناه: ابن أبي ذئب.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 3827/394)، وابن أبي شيبة (2/ 27/ 6061 و 6062)، وابن المنذر (4/ 153/ 1940).
والحاصل: أن هذا الحديث صحيح بمجموع شواهده: عن عائشة، وابن عباس، وجابر، ومرسل قتادة، والشعبي، والزهري، والله أعلم.
قال الشافعي: "وسمعت عددًا من أهل العلم يذكرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستخلف ابن أم مكتوم وهو أعمى فيصلى بالناس، في عدد غزوات له"[الأم (2/ 323)].
ومما جاء أيضًا في إمامة الأعمى:
1 -
حديث عتبان بن مالك:
رواه جماعة من ثقات أصحاب الزهري، عنه، قال: أخبرني محمود بن الربيع الأنصاري: أن عِتْبان بن مالك -وهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ممن شهد بدرًا من الأنصار- أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! قد أنكرت بصري، وأنا أصلي لقومي،
…
الحديث.
ولفظ مالك: أن عتبان بن مالك كان يؤم قومه وهو أعمى، وأنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها تكون الظلمة والمطر والسيل، وأنا رجل ضرير البصر،
…
وذكر الحديث.
وهو حديث متفق عليه، تقدم ذكره بتمامه تحت الحديث رقم (553).
ورواه مختصرًا بموضع الشاهد حسب: ابن أبي شيبة (2/ 28/ 6070 و 6071)، والشافعي في الأم (2/ 323/ 321)، وفي السنن (156)، وفي المسند (53)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 153/ 1938)، والبيهقي في المعرفة (2/ 348 و 371/ 1445 و 1484).
من طريق: مالك بن أنس، ومعمر بن راشد، وإبراهيم بن سعد:
عن ابن شهاب، عن محمود بن الرَّبيع، عن عِتْبان بن مالك: أنه كان يؤمُّ قومه وهو أعمى.
2 -
حديث عبد الله بن عمير الخطمي:
يرويه جرير بن عبد الحميد الضبي [ثقة]: ثنا هشام بن عروة بن الزبير، عن أبيه عروة بن الزبير، عن عبد الله بن عمير: أنه كان يؤم بني خطمة وهو أعمى، على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أعمى.
أخرجه ابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 342/ 1230 - السفر الثاني) و (2/ 650/ 2735 - السفر الثاني)، وابن قانع في المعجم (2/ 99)، والأزدي في المخزون (133)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1734/ 4392).
قال الأزدي في عبد الله بن عمير: "ولا أحفظ له غير هذا".
وقال أبو نعيم: "رواه أبو معاوية عن هشام عن أبيه، فقال: عن عدي بن عمير".
قلت: رجاله ثقات، لكنه شاذ، فلا يصح كون ذلك وقع في عهده صلى الله عليه وسلم، ولا كون الصحابي هو عبد الله بن عمير، فقد خولف فيه جرير:
فرواه عبدة بن سليمان [ثقة ثبت]، عن هشام بن عروة، عن ابن لعمير، عن أبيه: أن رجلًا أعمى كان يؤم بني خطمة في زمن عمر.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (6/ 531)، وابن أبي شيبة (2/ 28/ 6068).
ورواه وكيع بن الجراح [ثقة حافظ]، قال: حدثنا هشام، عن أبيه، قال: كان إمام بني خطمة أعمى.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 28/ 6072).
ورواه أبو معاوية [ثقة، يهم في غير حديث الأعمش]، عن هشام، عن أبيه، عن عدي بن عمير، عن أبيه به.
قال ابن منده: "لم يتابع عليه جرير، والصواب: ما رواه أبو معاوية عن هشام".
[وانظر: التاريخ الكبير (6/ 531)، الجرح والتعديل (5/ 124) و (6/ 377)، الإصابة (4/ 200 و 722)].
• والآثار في هذا المعنى كثيرة، فيمن أمَّ وهو أعمى من الصحابة وغيرهم، مثل: جابر بن عبد الله، والبراء بن عازب، وابن عباس، وابن أبي أوفى، لكني آثرت الاقتصار على إيراد ما جاء به التصريح بأنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فقط.
• ومن فقه الحديث:
قال الشافعي: "وأحب إمامة الأعمى، والأعمى إذا سُدِّد إلى القبلة، كان أحرى أن لا يلهو بشيء تراه عيناه، ومَن أمَّ -صحيحًا كان أو أعمى- فأقام الصلوات أجزأت صلاته.
ولا أختار إمامة الأعمى على الصحيح؛ لأن أكثر من جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم إمامًا بصيرًا، ولا إمامة الصحيح على الأعمى؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجد عددًا من الأصحاء يأمرهم بالإمامة، أكثر من عدد من أمر بها من العُمي" [الأم (2/ 324)].
وقال إسحاق بن منصور الكوسج في مسائله لأحمد وإسحاق (165): "قلت: المؤذن الأعمى أو الإمام؟ قال: أما الإمام، أفليس النبي صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أم مكتوم؟ والمؤذن؛ إذا كان في المدينة تتبع الناس في الأذان إلا أن يكون في قرية وحده. قال إسحاق: كما قال".
وقال أبو داود في مسائله (296): "سمعت أحمد سئل عن الأعمى يؤم؟ قال: لا بأس".
وقال ابن المنذر في الأوسط (4/ 154): "إمامة الأعمى كإمامة البصير لا فرق بينهما، وهما داخلان في ظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله"، فأيهم كان