الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
34 - باب في المؤذن يستدير في أذانه
520 -
قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا قيس -يعني: ابن الربيع- ح وحدثنا محمد بن سليمان الأنباري: ثنا وكيع، عن سفيان، جميعًا: عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم بمكة، وهو في قُبَّةٍ حمراءَ من أَدَم، فخرج بلال فأذَّن، فكنتُ أتتبَّع فمه هاهنا وهاهنا، قال: ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه حُلَّةٌ حمراءُ؛ بُرُودٌ يَمَانِيَةٌ قِطْرِيٌّ.
وقال موسى: قال: رأيتُ بلالًا خرج إلى الأبطح فأذَّن، فلما بلغ: حتى على الصلاة، حيَّ على الفلاح: لوى عنقه يمينًا وشمالًا، ولم يستدر، ثم دخل فأخرج العنزة،
…
وساق حديثه.
• حديث متفق على صحته، دون نكر الاستدارة فإنه: منكر.
هذا الحديث يرويه عن عون بن أبي جحيفة: جماعة، فمنهم من اختصره، ومنهم من طوَّله:
1 -
سفيان الثوري: حدثنا عَوْنُ بن أبي جُحَيْفَةَ، عن أبيه، قال: أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بمكة، وهو بالأبطح، في قُبَّةٍ له حمراءَ من أَدَم، قال: فخرج بلال بوَضوئه، فمن نائل وناضح، [وفي رواية: حتى جعل الصغير يُدخل يده نتحت إِبَاط القوم فيصبب ذلك]، قال: فخرج النبي صلى الله عليه وسلم عليه حُلَّة حمراء [وفي رواية: بُرُود يمانِيَةٌ قِطْرِيٌّ]، كأني أنظر إلى بياض ساقيه، قال: فتوضَّأ، وأذَّن بلال، قال: فجعلت أتتبَّع فاه هاهنا وهاهنا، يقول يمينًا وشمالًا، يقول: حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح، قال: ثم رُكِزَتْ له عَنَزَة، فتقدم فصلى الظهر ركعتين، يَمُرُّ بين يديه الحمار والكلب لا يُمْنَع [وفي رواية: يمر من ورائها الكلب والمرأة والحمار]، ثم صلى العصر ركعتين، ثم لم يزل يصلي ركعتين حتَّى رجع إلى المدينة.
أخرجه البخاري (634)، ومسلم (503/ 249) واللفظ له. وأبو عوانة (1/ 275 و 386/ 961 و 963 و 1404)[علقه في الموضع الثاني]. وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 110/ 1110)، وأبو داود (520)، والنسائي في المجتبى (2/ 12 و 73/ 643 و 772) و (8/ 220/ 5378)، وفي الكبرى (1/ 416/ 850) و (2/ 238/ 1619) و (8/ 472/ 9741)، والدارمي (1/ 292/ 1198)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 13/ 180)، وابن خزيمة (1/ 202/ 387) و (2/ 27/ 841) و (4/ 326/ 2995)، وابن حبان (6/ 103 و 143 و 153/ 2334 و 2382 و 2394)، والحاكم (1/ 252)، وأحمد (4/ 308 و 308 - 309)، وابن سعد في الطبقات (1/ 450)، وابن أبي شيبة (1/ 191/ 2179) و (2/ 204/ 8165) و (3/ 257/ 13981)، وأبو يعلى (2/ 188/ 887)، وابن جرير الطبري
في تهذيب الآثار (451 و 452 - الجزء المفقود)، وأبو العباس السراج في مسنده (1443)، وفي حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (1753)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 26/ 1176)، والطبراني في الكبير (22/ 102 و 105 و 119/ 249 - 252 و 261 و 305)[وفي الطريق الأخير وهم]. وتمام في الفوائد (1407)[وفي سنده وهم]. والبيهقي في السنن (1/ 395) و (3/ 156)، وفي الخلافيات (1/ 478 - مختصره)، والجوزقاني في الأباطيل والمناكير (2/ 52/ 422)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 203)، وابن الجوزي في التحقيق (19 و 385).
هكذا رواه عن الثوري: عبد الرحمن بن مهدي، ووكيع بن الجراح [وهما: ثقتان حافظان، من أثبت أصحاب الثوري]، وإسحاق بن يوسف الأزرق، ويحيى بن آدم [وهما: ثقتان حافظان]، ومحمد بن يوسف الفريابي [ثقة، من أصحاب الثوري، أخطأ على الثوري في أحاديث، لكنه مع ذلك مقدم فيه على عبد الرزاق. انظر: التهذيب (3/ 740)، شرح العلل (2/ 722)]، والحسين بن حفص [الأصبهاني، أصله كوفي، صدوق].
وخالفهم: عبد الرزاق بن همام [الصنعاني، ثقة، وهو في الثوري دون من تقدم ذكرهم]، ومؤمَّل بن إسماعيل [صدوق، كثير الخطأ]:
روياه عن الثوري به، وزاد فيه عبد الرزاق: إدخال الإصبعين في الأذنين، والاستدارة، وتابعه مؤمل على إدخال الإصبعين.
ولفظ الزيادة عند عبد الرزاق: رأيت بلالًا يؤذن ويدور، فأتتبع فاه هاهنا وهاهنا، وإصبعاه في أذنيه.
ولفظ حديث مؤمل: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالأبطح، فخرج إلينا بلال بفضل وَضوءه، فمن بين نائل ومصيب، فأذن بلال فجعل يتبع فاه هاهنا وهاهنا، ووضع أصبعيه في أذنيه، ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بنا إلى عَنَزَة.
أخرجه الترمذي في الجامع (197)، وفي الشمائل (64)، وأبو عوانة (1/ 275 و 387/ 962 و 1405)، والحاكم (1/ 202)[وفي المطبوعة تصحيف][مخطوطة رواق المغاربة (1/ 93/ ج) و (1/ 94/ أ)، إتحاف المهرة (13/ 687/ 17307)]، وأحمد (4/ 308)، وعبد الرزاق (1/ 467/ 1806) و (2/ 17/ 2314)، والبزار (10/ 149/ 4217)[من طريق مؤمل، بدون الزيادة]. وابن المنذر في الأوسط (3/ 26/ 1177)، والطبراني في الكبير (22/ 248/ 101)، وابن حزم في المحلى (3/ 144)، والبيهقي في الخلافيات (1/ 479 - مختصره)، وابن حجر في التغليق (2/ 270).
قال الترمذي: "حديث أبي جحيفة: حديث حسن صحيح، وعليه العمل عند أهل العلم، يستحبون أن يدخل المؤذن إصبعيه في أذنيه في الأذان، وقال بعض أهل العلم: وفي الإقامة أيضًا يدخل إصبعيه في أذنيه، وهو قول الأوزاعي، وأبو جحيفة اسمه: وهب بن عبد الله السُّوائي".
قلت: أصل الحديث صحيح، منفق عليه، لكن الزيادة: شاذة.
وقال الحاكم: "قد اتفق الشيخان على إخراج حديث مالك بن مغول، وعمر بن أبي زائدة، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، في ذكر نزوله صلى الله عليه وسلم الأبطح؛ غير أنهما لم يذكرا فيه إدخال الإصبع في الأذنين والاستدارة في الأذان، وهو صحيح على شرطهما جميعًا، وهما سنتان مسنونتان".
• تنبيه: صنيع الحاكم يشعر بأن رواية الحسين بن حفص عن الثوري، ورواية ابن عيينة عن الثوري ومالك بن مغول، كلاهما قد اشتملتا على هاتين الزيادتين، وهذا إيهام منه بذلك، ورواية الحسين بن حفص قد رواها البيهقي (1/ 395) عن الحاكم وغيره وذكر لفظها، وليس فيها شيء من ذلك، بل روايته كالجماعة، وكذلك رواية ابن عيينة أخرجها أبو عوانة (1/ 388/ 1409) من نفس الوجه، ولفظها كالجماعة بدون هاتين الزيادتين، بل إن ذكر الثوري في إسناد ابن عيينة: منكر، ويأتي بيانه في رواية مالك بن مغول.
وعلى هذا: فإن هذه الزيادة عن الثوري لم يأت بها سوى عبد الرزاق ومؤمل، وقد وهما فيها قطعًا؛ لأمور:
منها: أن أثبت الناس في الثوري - مثل ابن مهدي ووكيع وغيرهما - قد رووه عن الثوري بدون هذه الزيادة.
ومنها: أن البيهقي قد بيَّن كيفية وقوع الوهم فيه لعبد الرزاق، فقال في السنن (1/ 396): "قد رواه إجازةً: عبد الرزاق، عن سفيان الثوري، عن عون بن أبي جحيفة، مدرجًا في الحديث.
وسفيان إنما روى هذه اللفظة في الجامع، رواية العدني عنه عن رجل لم يسمه عن عون".
وقال في الخلافيات (1/ 479 - مختصره): "الاستدارة في الأذان: ليست في حديث أبي جحيفة من الطريق المخرجة في الصحيح، والثوري إنما روى الاستدارة في هذا الحديث عن رجل عن عون، سمعه من الحجاج بن أرطاة عن عون، والحجاج لم يحتج به، وعبد الرزاق وهم في إدراجه في الحديث".
يعني البيهقي بذلك: أن هذه الزيادة وقعت للثوري في جامعه، لكنه لم يسمعها من عون، وإنما يسمعها من رجل عن عون، فجاء عبد الرزاق فأدرج الرواية المنقطعة في المتصلة، فدخل له حديث في حديث، والله أعلم.
قال ابن حجر في الفتح (2/ 115): "فهو مدرج في رواية سفيان عن عون".
وروى البيهقي في الخلافيات دليله على ذلك، من رواية: عبد الله بن الوليد [هو: ابن ميمون، المكي العدني: صدوق، روى عن الثوري جامعه]، عن سفيان: حدثني عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في هبة حمراء بالأبطح، فخرج إلينا بلال، فجعلت أتبع فاه ههنا وههنا.
وبإسناده: حدثنا سفيان: حدثني من سمعه من عون، أنَّه كان يدور، ويضع يديه في أذنيه.
قال البيهقي: "وهذه رواية الحجاج بن أرطاة".
ومنها: أن الثوري نفسه قد جزم بأنه لم يسمع هذه الزيادة من عون، وإنما كان حجاج يذكرها عن عون، فقد روى الطبراني في الكبير (22/ 105/ 261) بإسناد صحيح إلى يحيى بن آدم [ثقة حافظ]، عن سفيان، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: رأيت بلالًا أذَّن، فاتتبع فاه ههنا وههنا، - والتفت سفيان يمينًا وشمالًا -.
قال يحيى: قال سفيان: كان حجاج يذكره عن عون، أنَّه قال: واستدار في أذانه، فلما لقينا عونًا لم يذكر فيه: استدار.
ورواه بنحوه: الحافظ العراقي فيما يرويه بإسناده من حديث بدر بن الهيثم القاضي (15)، من طريق يحيى بن آدم به.
فثبت بذلك أن هذه الزيادة لا تصح من حديث الثوري عن عون، وإنما كان الثوري يرويها عن عون بواسطة حجاج بن أرطأة، وليس بالقوي؛ فأدرجها بعضهم في حديث سفيان.
ولعدم ثبوت هذه الزيادة علقها البخاري في صحيحه [10 - كتاب الأذان، 19 - باب هل يتتبع المؤذن فاه هاهنا وهاهنا؟
…
قبل الحديث رقم (634)، بصيغة التمريض، فقال:"ويُذكَر عن بلال: أنَّه جعل إصبعيه في أذنيه" ثم أتبعه بصيغة الجزم ما ثبت من فعل ابن عمر، فقال:"وكان ابن عمر لا يجعل إصبعيه في أذنيه".
قال ابن رجب في الفتح (3/ 553) معللًا هذه الزيادة: "ولهذا لم يخرجها البخاري مسندة، ولم يخرجها مسلم أيضًا، وعلَّقها البخاري بصيغة التمريض، وهذا من دقة نظره، ومبالغته في البحث عن العلل، والتنقيب عنها، رضي الله عنه ".
وقال في موضع آخر (3/ 558) في حكم جعل الإصبعين في الأذن: "ظاهر كلام البخاري: يدل على أنَّه غير مستحب؛ لأنَّه حكى تركه عن ابن عمر، وأما الحديث المرفوع فيه فعلقه بغير صيغة الجزم، فكأنه لم يثبت عنده".
وكذلك نفى الإمام أحمد ثبوت هذه اللفظة في الحديث، قال ابن رجب في الفتح (3/ 560):"قال أبو طالب: قلت لأحمد: يُدخل إصبعيه في الأذن؟ قال: ليس هذا في الحديث".
قال ابن رجب: "وهذا يدل على أن رواية عبد الرزاق عن سفيان: التي خرجها في مسنده، والترمذي في جامعه: غير محفوظة،
…
".
وانظر أيضًا: التاريخ الكبير (7/ 15)، التغليق (2/ 271).
2 -
شعبة، عن عون بن أبي جحيفة، قال: سمعت أبي، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم بالبطحاء - وبين يديه عَنَزَة - الظهرَ ركعتين والعصرَ ركعتين، يمر بين يديه [وفي رواية: خلف العنَزَة] المرأة والحمارُ.
وفي رواية: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة، فأتي بوَضوء فتوضأ، فصلى بنا الظهر والعصر، وببن يديه عَنَزَة، والمرأة والحمار يمرون من ورائها.
وفي رواية: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبطح، فجاءه بلال فآذنه بالصلاة، فدعا بوَضوء فتوضأ، فجعل الناس يأتون فيأخذون وَضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيمسحون به وجوههم.
أخرجه البخاري (495 و 499 و 3553)، ومسلم (503/ 253)، وأبو داود (688)، وأحمد (4/ 307 و 308)، والطيالسي (2/ 374 و 375/ 1138 و 1140)، والبزار (10/ 151/ 4219 و 4220)، وأبو يعلى (2/ 191/ 892)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (453 - الجزء المفقود)، وأبو العباس السراج في مسنده (375)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (513)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 418)، والطبراني في الكبير (22/ 115/ 293)، وابن الغطريف في جزئه (84)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 189)، وابن البخاري في مشيخته (769 و 770).
3 -
مالك بن مغول، قال: سمعت عون بن أبي جحيفة، ذكر عن أبيه، قال: دفعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالأبطح في قبة، وكان بالهاجرة، خرج بلال فنادى بالصلاة، ثم دخل فأخرج فضل وَضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوقع الناس عليه يأخذون منه، ثم دخل فأخرج العنَزَة، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، كأني أنظر إلى وَبِيص ساقيه، فركز العنَزَة، ثم صلى الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، يَمُرُّ بين يديه الحمار والمرأة.
أخرجه البخاري (3566)، ومسلم (503/ 251)، وأبو عوانة (1/ 388/ 1409 و 1410)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 111/ 1112)، والنسائي في المجتبى (1/ 87/ 137)، وفي الكبرى (1/ 126/ 135) و (4/ 229/ 4189)، والحاكم (1/ 202)، وأحمد (4/ 307)، والشافعي في الأم (2/ 335/ 334)، وفي المسند (59)، والحميدي (892)، والفاكهي في أخبار مكة (4/ 68/ 2393)، وابن جرير الطبري في مسند عمر من تهذيب الآثار (1/ 233/ 369 و 370) و (454 و 455 - الجزء المفقود)، والطبراني في الكبير (22/ 103 و 104/ 255 و 256)، والبيهقي في السنن (3/ 107)، وفي المعرفة (2/ 117 - 118 و 48/ 10384 و 1510)، وفي الدلائل (1/ 246)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (43/ 152).
• تنبيه: روى إبراهيم بن بشار، قال: ثنا سفيان بن عيينة، قال: ثنا الثوري ومالك بن مغول، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبطح
…
الحديث.
أخرجه أبو عوانة (1/ 388/ 1409)، والحاكم (1/ 202).
هكذا قرن إبراهيم بن بشار الرمادي - في روايته عن ابن عيينة - بين الثوري ومالك بن مغول، وقد تفرد بذلك عن ابن عيينة، ولم يتابع عليه، وهذا الحديث قد رواه عن ابن عيينة: الحميدي والشافعي [وهما: إمامان جليلان، ثقتان حافظان، فقيهان، أثبت أصحاب ابن عيينة]، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر العدني [حافظ صدوق، لازم ابن عيينة، لكن
كانت فيه غفلة]، ومحمد بن منصور [الخزاعي الجواز المكي: ثقة]، وحجاج بن إبراهيم الأزرق [ثقة]، وأحمد بن عبيد الله بن الحسن [العنبري: ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن القطان بأنه مجهول الحال، ورده ابن حجر فقال:"بصري شهير". الثقات (8/ 31)، كان الوهم (3/ 359/ 1105)، اللسان (1/ 533)، ذيل الميزان (110)]، فلم يذكروا الثوري في الإسناد.
وإبراهيم بن بشار الرمادي: صدوق، مكثر عن ابن عيينة، لكن أنكروا عليه أحاديث تفرد بها عن ابن عيينة، ولم يتابع عليها، وكان يخالف [التهذيب (1/ 60)، الميزان (1/ 23)، شرح علل الترمذي (2/ 830 و 855)]، فروايته هذه شاذة، بل منكرة.
4 -
جعفر بن عون، قال: حدثنا أبو العميس، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبطح، فجاءه بلال فآذنه بالصلاة، ثم خرج بلال بالعنَزَة، حتَّى ركزها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبطح، وأقام الصلاة.
ورواه حفص بن غياث، عن أبي عميس، قال: حدثني عون، عن أبيه، قال: أذن بلال لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو بالأبطح، في قبة من شعر، فخرج فصلى، والعنَزَة بين يديه، والناس والحمير تمر بين يديه، فصلى ركعتين.
أخرجه البخاري (633)، ومسلم (503/ 251)، وأبو عوانة (1/ 388/ 1413)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 111 / 1112)، والبزار (10/ 151 - 152/ 4221)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (456 - الجزء المفقود)، والطبرافي في الكبير (22/ 113/ 286)، والبيهقي (2/ 270)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (43/ 152)، وابن البخاري في مشيخته (771 و 772).
5 -
عمر بن أبي زائدة، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة حمراء من أدم، ورأيت بلالًا أخذ وَضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأيت الناس يبتدرون ذاك الوَضوء، فمن أصاب منه شيئًا تمسح به، ومن لم يصب منه شيئًا أخذ من بلل يد صاحبه، ثم رأيت بلالًا أخذ عَنَزَة فركزها [ثم أقام الصلاة]، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم في حلة حمراء، مشمِّرًا، صلى إلى العَنَزَة بالناس ركعتين، ورأيت الناس والدواب يمرون من بين يدي العنَزَة [وفي رواية: يمرون بين يديه من وراء العنزة].
أخرجه البخاري (376 و 5786 و 5859)، ومسلم (250/ 503)، وأبو عوانة (1/ 387/ 1408)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 111/ 1111)، وابن حبان (4/ 82/ 1268)، وأحمد (4/ 307 و 308)، والبزار (10/ 152/ 4222)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (450 - الجزء المفقود)، والطبراني في الكبير (22/ 120/ 307)، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (2/ 122 و 444/ 265 و 443)، والبيهقي (3/ 157)، والبغوي في شرح السنة (2/ 166/ 536).
6 -
بسام بن عبد الله الصيرفي [الكوفي: صدوق]، عن عون بن أبي جحيفة، عن
أبيه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة حمراء من أدم، ورأيت بلالًا قد أخرج فضل وَضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فابتدره الناس، فمن أصابه منه شيئًا تمسح به، ومن لم يصب شيئًا أخذ مما على يد صاحبه فتمسح به، قال: ورأيت بلالًا أخرج عنَزَة فركزها، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس إلى العنَزَة، والناس والدواب يمرون بين يديه.
أخرجه أبو عوانة (1/ 388/ 1411)، وابن الأعرابي في المعجم (2/ 717/ 1455)، والطبراني في الكبير (22/ 121 / 311)، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (2/ 442/ 442).
من طريق الحسن بن علي بن بزيع أبي علي مولى بني هاشم البناء الكوفي [شيخ روى عنه: أبو العباس الأصم، وابن الأعرابي، وأبو العباس ابن عقدة، وجماعة غيرهم، ويقال له: حسنون البناء. انظر: الإكمال (2/ 375)، نزهة الألباب (736)]، ومحمد بن الحسن بن عبد الملك البنا الكوفي [ذكره ابن حبان في الثقات (9/ 145)]:
كلاهما: عن عثمان بن سعيد المري [كوفي مشهور، روى عنه أهل العراق وأهل الري منهم أبو حاتم الرازي، وذكره ابن حبان في الثقات، ووصفه الطحاوي بالجلالة والحفظ والإتقان. التاريخ الكبير (6/ 224)، الجرح والتعديل (6/ 152)، الثقات (8/ 450)، مشكل الآثار (11/ 422)، فتح الباب (4439)، تاريخ الإسلام (16/ 277)، التهذيب (3/ 62)]: ثنا بسام الصيرفي به.
وهذا إسناد جيد في المتابعات.
7 -
زيد بن أبي أنيسة، عن ابن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: نزلنا مع نبي الله صلى الله عليه وسلم بالأبطح، فنادى بلال بصلاة الظهر، فجاء إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم، فدخل عليه في بيت، وأدخل معه تورًا من ماء من أدم، فتوضأ نبي الله صلى الله عليه وسلم، وبقيت فيه بقية، ثم خرج، فلقد رأيتنا نبتدر، ثم أخذ بلال عنَزة فركزها، فخرج نبي الله صلى الله عليه وسلم، فصلى بنا ركعتين، ولقد رأيت المرأة والكلب تمر بين أيدينا ونحن نصلي.
أخرجه الطبراني في الكبير (22/ 117 / 300)، قال: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري [حافظ رحال ثقة، أكثر عنه الطبراني. تاريخ دمشق (14/ 39)، طبقات الحنابلة (1/ 380)، السير (14/ 57)، تاريخ الإسلام (21/ 157)]: ثنا محمد بن وهب بن أبي كريمة الحراني [صدوق]: ثنا محمد بن سلمة [هو: ابن عبد الله الباهلي مولاهم، الحراني: ثقة]، عن أبي عبد الرحيم [خالد بن أبي يزيد الحراني: ثقة]، عن زيد به.
وهذا إسناد جيد إلى زيد بن أبي أنيسة، وهو: ثقة.
8 -
أبو خالد الدالاني، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه أبي جحيفة، قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبطح، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في قبة من أدم، فتوضأ في تور من حجارة، فخرج بلال بفضله، فصلى الظهر والعصر، يمر بين يديه الرجل والمرأة والحمار من وراء الحربة.
أخرجه الطبراني في الأوسط (9/ 89/ 9216)، وفي الكبير (22/ 103/ 253).
قال: حدثنا المفضل بن محمد الجندي: ثنا أبو حمة محمد بن يوسف: ثنا أبو قرة، عن ابن جريج، عن أبي خالد، أنَّه أخبره عن عون به.
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن ابن جريج إلا أبو قرة، وأبو خالد الَّذي روى عنه ابن جريج هذا الحديث هو الدالاني".
قلت: أبو خالد الدالاني يزيد بن عبد الرحمن: لا بأس به [التهذيب (4/ 516)، الميزان (4/ 432)]، وبقية رجاله ثقات؛ غير أبي حمة محمد بن يوسف الزبيدي: محدث اليمن في وقته، كان راويًا لأبي قرة موسى بن طارق، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"ربما أخطأ وأغرب"[التهذيب (3/ 741)، اللسان (9/ 53)، الجرح والتعديل (8/ 121)، الثقات (9/ 154)]، إلا أنَّه غريب من حديث ابن جريج المكي، تفرد به عنه: أبو قرة موسى بن طارق اليماني الزبيدي، وهو: ثقة.
9 -
رقبة بن مصقلة، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالأبطح، في قبة من أدم، فخرج بلال، فأذَّن بالصلاة صلاة الظهر، ثم دخل فوضَّأه، ثم أخرج فضل وَضوئه في تور، فازدحمنا عليه، فمن مصيب بِطُوله، ومن منتضح عليه من الماء ما قُدِّر له، ثم دخل فأخرج عنَزة، فركزها بينه وبين القبلة، تمر المرأة والحمار، ثم أقام، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في حلة حمراء، كأني أنظر إلى بريق ساقيه، فأَمَّنا الظهر والعصر، ركعتين ركعتين.
أخرجه الطبراني في الكبير (22/ 120 - 121/ 309)، قال: حدثنا أحمد بن الخضر المروزي [هو: ابن الخضر بن محمد بن أبي عمرو، أبو العباس المروزي، قدم بغداد وحدث بها عن محمد بن عبدة المروزي: محدث اشتهر حديثه بخراسان وغيرها، ذكره الدارقطني في غرائب مالك، في إسناد حديث، وقال: "غريب إن كان الراوي ضبطه، ورجاله كلهم معروفون بالثقة". المؤتلف والمختلف (2/ 832)، معرفة علوم الحديث (209)، تاريخ بغداد (4/ 137)، تاريخ الإسلام (23/ 488)، اللسان (1/ 600)، وانظر: اللسان (2/ 42)]: ثنا أحمد بن عبدة المروزي [كذا في المطبوع، وإنما هو: محمد بن عبدة بن الحكم المروزي: حدث عنه المراوزة، وقال الدارقطني: "مروزي ثقة". انظر: تاريخ بغداد (4/ 137) و (4/ 385) و (6/ 88)، الجرح والتعديل (8/ 17)، سؤالات البرقاني (450)]، قال: ثنا أبو معاذ النحوي الفضل بن خالد [مروزي مشهور، ذكره ابن حبان في الثقات، وروى عنه أهل بلده. الجرح والتعديل (7/ 61)، الكنى لمسلم (3168)، الثقات (5/ 9)، الأنساب (5/ 467)، معجم الأدباء (4/ 565)، الوافي بالوفيات (24/ 28)، تاريخ الإسلام (15/ 340)]، عن رقبة به.
قلت: يبدو أن في هذا الإسناد سقطًا، فبهذا الإسناد تُروى أحاديث عن رقبة بن مصقلة، لكن هكذا: أحمد بن الخضر المروزي: حدثنا محمد بن عبدة المروزي: ثنا أبو معاذ النحوي الفضل بن خالد، عن أبي حمزة السكري، عن رقبة بن مصقلة [انظر:
المعجم الكبير (2/ 114/ 1489) و (3/ 235/ 3235) و (4/ 97/ 3776) و (10/ 48 9913)، المعجم الأوسط (2/ 296/ 2028)، المعجم الصغير (1/ 58/ 60)، وغيرها]، وعليه يكون قد سقط ذكر أبي حمزة محمد بن ميمون السكري [وهو: مروزي ثقة] من الإسناد، وعليه: فهو إسناد صالح في المتابعات، رجاله مشهورون، ليس فيهم مجروح، لا سيما وكأن نسخة تُروى عن رقبة بهذا الإسناد، ورقبة: كوفي ثقة، وليس في سياقه ما ينكر، والله أعلم.
10 -
أشعث بن سوَّار، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: حججتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا غلام، فبينما نحن نُزُولٌ بمنى؛ قال قائل: ارتحلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقومُ على راحلتي، فَأشَدُّ عليها، وضربتُ نحوه، حتَّى انتهينا إلى البطحاء، فإذا جماعة من الناس غير كثير، وإذا قبة مضروبة، نخرج علينا بلال ومعه وَضوء وعنَزة، ثم أذَّن، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ، فأفضل فضلة، فإذا الناس يأخذون منها فيمسحون وجوههم ورؤوسهم، فالْتفتُّ ففعلتُ مثل ما فعلوا، ثم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والعنَزة بين يديه، والناس مقبلون ومدبرون.
أخرجه الطبراني في الكبير (22/ 110 / 278)، قال: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري: ثنا أبو بكر بن نافع: ثنا الفضل بن العلاء: ثنا أشعث به.
وهذا إسناد ضعيف؛ أشعث: ضعيف؛ والفضل بن العلاء: ليس به بأس، وبقية رجاله: ثقات.
ورواه محمد بن مخلد الدوري العطار في حديثه (213 - المنتقى منه)، قال: ثنا عبدوس بن بشر [بن شعيب: قال الدارقطني: "لا بأس به، يعتبر به". سؤالات البرقاني (409)، تاريخ بغداد (11/ 116)، تاريخ الإسلام (19/ 202)]، قال: ثنا عمر بن علي [بن عطاء المقدمي: ثقة، وكان يدلس شديدًا]، عن أشعث، به نحوه أخصر منه.
11 -
أبو بردة الأشعري، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبطحاء، وقد أذن بلال، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم من قبة له من أدم، فجلس بفنائها، ثم أتي بطَهور فتوضأ، ثم بادر الناس إلى فضل وَضوئه من شارب ومتوضئ، ثم أُتِي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعنَزة، فغُرِزت بين يديه، فصلى بالناس، وإن الصبي والمرأة والشاة والبعير يمرون بين يديه.
أخرجه الطبراني في الكبير (22/ 113 - 114/ 288)، قال: حدثنا أحمد بن زهير التستري ثنا محمد بن عثمان بن كرامة ثنا عبيد الله بن موسى عن أبي بردة الأشعري به.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات، وأبو بردة هو: جيد بن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري: ثقة يخطئ قليلًا، والتستري هو: أحمد بن يحيى بن زهير أبو جعفر التستري الحافظ.
12 -
زهير بن معاوية [ثقة ثبت؛ إلا أن سماعه من أبي إسحاق بأخرة]، عن أبي
إسحاق، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بالأبطح صلا العصر ركعتين.
أخرجه ابن خزيمة (4/ 325/ 2994)، والحاكم (1/ 478 - 479)، وأحمد (4/ 308)، وأبو عروبة الحراني في جزئه (52)، والطبراني في الكبير (22/ 99/ 241).
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".
هكذا رواه عن زهير: المعافى بن عمران [الأزدي الفهمي الموصلي: ثقة فقيه زاهد]، والحسن بن موسى الأشيب [ثقة]، وعبد الرحمن بن عمرو [الحراني: قال أبو زرعة: "شيخ". الجرح والتعديل (5/ 267)].
وخالفهم: عمرو بن خالد الحراني [ثقة]، قال: ثنا زهير: ثنا أبو إسحاق، عن وهب أبي جحيفة به.
أخرجه الطبراني في الكبير (22/ 122/ 313)، قال: حدثنا محمد بن عمرو بن خالد الحراني [ثم المصري، أبو علاثة: روى عنه الطبراني والعقيلي والدولابي وغيرهم. تاريخ الإسلام (22/ 286)]: حدثني أبي به.
قلت: المحفوظ عن زهير: هو الأول.
وخالفه: إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق [ثقة، من أثبت الناس في جده أبي إسحاق]، وأبوه يونس بن أبي إسحاق [صدوق، في حديثه عن أبيه اضطراب. التهذيب (4/ 466)]، وأبو الأحوص [سلام بن سليم الكوني: ثقة متقن]، وشريك بن عبد الله النخعي [الكوفي: صدوق سيئ الحفظ، قديم السماع من أبي إسحاق، ومقدم فيه]، وأبو بكر بن عياش [الكوني: ثقة. من رواية يحيى بن آدم عنه، وهو: كوفي، ثقة حافظ]:
فرووه عن أبي إسحاق، عن أبي جحيفة [وفي رواية إسرائيل: أخبرنا أبو جحيفة]، قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم بالأبطح صلاة العصر ركعتين.
زاد يونس: ثم قدَّم بين يديه عنَزة بينه وبين مارة الطريق.
وقال شريك: وكانت معه عنَزة يركزها بين يديه حين يصلي. قال: قلنا: مثل من كنت يومئذ؟ قال: كنت أبري وأريش، قال إسرائيل: أبري النبل وأريشها [انظر معناها: تهذيب الآثار (1/ 269)].
أخرجه أحمد (4/ 307 و 308 و 309)، ويعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة والتاريخ (3/ 11)، والبزار (10/ 146/ 4209)، وابن جرير الطبري في مسند عمر من تهذيب الآثار (1/ 233 و 234/ 371 و 373) و (460 - الجزء المفقود)، وأبو العباس السراج في مسنده (1444)، وفي حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (1704)، والمحاملي في الأمالي (364)[وفيه التصريح بسماع أبي إسحاق من أبي جحيفة]. والطبراني في الكبير (22/ 122/ 312 و 314 و 315).
هكذا رووه بدون ذكر عون بن أبي جحيفة، وهو المحفوظ، ورواية زهير من المزيد
في متصل الأسانيد، فإن سماع أبي إسحاق من أبي جحيفة: ثابت، وقد أخرج الشيخان لأبي إسحاق عن أبي جحيفة حديثًا في شيب عَنْفَقَتِهِ صلى الله عليه وسلم، وهو طرف من هذا الحديث [خ (3545)، م (2342)، [وانظر: تحفة التحصيل (245)][وانظر: غرائب حديث شعبة (21 و 105 - 109)، أطراف الغرائب والأفراد (5/ 34/ 4588 م)].
وخالفهم فوهم في إسناده ومتنه: أبو بكر بن عياش، قال: حدثنا أبو إسحاق، عن ابن عباس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سافر صلى ركعتين حتَّى يرجع.
أخرجه ابن جرير الطبري في مسند عمر من تهذيب الآثار (1/ 233 / 372)، قال: حدثنا أبو غريب: حدثنا أبو بكر بن عياش به، هكذا من مسند ابن عباس، وجعله عامًا من فعله صلى الله عليه وسلم، وحديث أبي جحيفة خاص في صلاته بالأبطح بعد الحج.
وأبو كريب محمد بن العلاء: كوفي، ثقة حافظ، ولا أدري ممن الوهم فيه، فقد اختُلف فيه على أبي بكر، ويحيى بن آدم وأبو كريب: حافظان، إلا أن أبا بكر بن عياش كان يهم إذا حدث من حفظه، فلعله منه، أو يكون أخذه من أبي إسحاق بعد التغير، فالله أعلم.
13 -
زائدة بن قدامة [ثقة ثبت، من نفس طبقة من سمع من سماك قديمًا]، وعمرو بن أبي قيس [الرازي الأزرق: لا بأس به]:
روياه عن سماك بن حرب البكري، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة صلاة الظهر ركعتين، صلاة المسافر.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 205/ 8175)، والبزار (10/ 149/ 4216)، وابن جرير الطبري في مسند عمر من تهذيب الآثار (1/ 234 و 375/ 235 و 376)، والطبراني في الأوسط (5/ 180/ 5004)، وفي الكبير (22/ 99 / 240).
وإسناده صحيح، سماك يرويه عن غير عكرمة، والراوي عنه من طبقة من سمع منه قديمًا.
14 -
مسعر بن كدام، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم[بالأبطح] إلى عنَزة أو شبهها، والطريق من ورائها [والمارة].
وفي رواية: دخلتُ على النبي صلى الله عليه وسلم، أنا ورجلان من بني عامر، فقال:"من أنتم؟ "، فقلنا: من بني عامر، فقال صلى الله عليه وسلم:"مرحبًا بكم، أنتم مني".
أخرجه ابن حبان (16/ 282/ 7293)، وأحمد (4/ 308)، ابن أبي شيبة (1/ 248/ 2847)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (457 - الجزء المفقود)، والطبراني في الكبير (22/ 99 و 100/ 242 و 243)، وأبو بكر بن الباغندي في ستة مجالس من أماليه (44)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 257)، وفي تاريخ أصبهان (2/ 292).
وإسناده صحيح.
وانظر في الأوهام على مسعر: الحلية (7/ 235).
15 -
يزيد بن هاون [ثقة ثبت، سمع من المسعودي بعد الاختلاط]، والحسين بن محمد [هو: ابن بهرام التميمي، المروذي، سكن بغداد، ومن سمع من المسعودي ببغداد فسماعه بعد الاختلاط، والحسين: ثقة]، قالا:
أخبرنا المسعودي [هو: عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة المسعودي: ثقة، اختلط بأخرة]، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، أنَّه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالأبطح، قد ركز بين يديه العنَزة، يمر بين يديه الحمار والمرأة.
أخرجه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (458 - الجزء المفقود)، والطبراني في الكبير (22/ 121/ 310).
وهو حديث صحيح، توبع عليه المسعودي.
16 -
عبد الجبار بن العباس: ثنا عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: لما كان يومُ النَّفْر؛ نزلنا بالأبطح، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالًا، فنادى بالصلاة، ثم أخرج وَضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوثب الناس عليه، فَمِن بين نائل وناضح، ثم أخرج عنَزة، فركزها بينه وبين الطريق.
أخرجه الطحاوي في أحكام القرآن (1/ 236/ 458)، والطبراني في الكبير (22/ 107/ 267).
بإسناد صحيح إلى عبد الجبار، وعبد الجبار هذا: صدوق، له أوهام [انظر: التهذيب (2/ 468)، الميزان (2/ 533)، المجروحين (2/ 159)، الطبقات الكبرى (6/ 366)، المعرفة والتاريخ (3/ 200)، تقدم الكلام عليه تحت الحديث رقم (447)]، ولم يخالف عبد الجبار الثقات في رواية هذا الحديث؛ فهو حديث صحيح.
17 -
ابن أبي ليلى، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين الظهر، ثم لم يزل يصلى ركعتين حتى رجع إلى المدينة.
وفي رواية: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم النفر بالأبطح، فأذَّن بلال الظهر، ثم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي رواية: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبطح، فقلت: لأحفظن كيف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم، فخرج بلال ثم دخل، فخرج بفضل وَضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فابتدره الناس فمن بين آخذ وناضح، ثم دخل فأخرج عنَزة فركزها، ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم وعليه حلة حمراء، كأني أنظر إلى بياض ساقيه من ورائها، فأقام بلال الصلاة، وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفنا خلفه، فصلى بنا، وبين يديه الحمار والمرأة والكلب.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 204/ 8165) و (3/ 370/ 15025)، والبزار (10/ 159/ 4231)، وابن جرير الطبري في مسند عمر من تهذيب الآثار (1/ 234/ 374)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 418)، والطبراني في الكبير (22/ 102 و 118 و 119/ 251 و 303 - 306)، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (2/ 179/ 296)، وتمام في الفوائد (1407)[وفي سنده وهم].
ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: صدوق، سيئ الحفظ جدًّا، ولم أره وهم في هذا الحديث إلا في قوله:"كأني أنظر إلى بياض ساقيه من ورائها"، وقد رواه الثوري ومالك بن مغول وغيرهما بدون قوله:"من ورائها"، بل جاء في رواية عمر بن أبي زائدة:"مشمرًا"، وهي تنافي رواية ابن أبي ليلى، كما أنَّه قد اضطرب في مكان وقوع هذه القصة، فمرة يقول:(بمنى) فَيَهِم، ومرة يقول: "بالأبطح، وهو الصحيح، والله أعلم.
18 -
قيس بن الربيع، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: رأيت بلالًا خرج إلى الأبطح فأذَّن، فلما بلغ: حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح، لوى عنقه يمينًا وشمالًا، ولم يستدر، ثم دخل فأخرج العنَزة،
…
وساق حديثه.
وفي رواية: رأيت بلالًا خرج بالهاجرة، ومعه عنَزة فركزها، ثم قام يؤذِّن، فجعل أصبُعيه في أذنيه، وجعل يقول برأسه: هكذا وهكذا، يمينًا وشمالًا، حتَّى فرغ من أذانه، ثم دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخرج فضلة من الماء، فمن بين آخذ وناضح، ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه حلة حمراء، كأني أنظر إلى بياض ساقيه من تحتها، فصلى إلى العنَزة، والظُّعْن يمرون بين يديه.
وفي رواية: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم، أنا ورجلان من بني عامر، فقال:"ممن أنتم؟، قلنا: من بني عامر، قال: "أنتما مني" [كذا قال: أنتما، وهم ثلاثة، والصحيح: أنتم، كما جاء في رواية مسعر].
أخرجه أبو داود (520)، ومن طريقه: البيهقي في السنن (1/ 395)، وفي الخلافيات (1/ 478 - مختصره)، والطبراني في الكبير (22/ 114/ 289 و 291).
قال البيهقي: "هكذا رواه قيس، وخالفه الحجاج بن أرطأة، فقال: واستدار في أذانه".
قلت: كلاهما منكر؛ لا يصح، فقد رواه جماعة الثقات: سفيان الثوري، وشعبة، ومالك بن مغول، وأبو العميس، وعمر بن أبي زائدة، وغيرهم؛ فلم يذكروا هذه الزيادة في الاستدارة في الأذان نفيًا أو إثباتًا، وهو: المحفوظ.
وهذا ما يقال أيضًا في زيادة: فجعل أُصبُعيه في أذنيه، وزيادة: من تحتها، وقيس بن الربيع: ليس بالقوي، ضعفه غير واحد، وله أحاديث منكرة، وابتلي بابن له كان يدخل عليه ما ليس من حديثه فيحدث به [انظر: التهذيب (3/ 447)، الميزان (3/ 393)]، ولم يتابعه على هذه الزيادات إلا من هو مثله أو دونه، فلا يثبت منها شيء.
19 -
حجاج بن أرطاة، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبطح، وهو في قبة حمراء، فخرج بلال فأذَّن، فاستدار في أذانه، وجعل إِصبَعيه في أذنيه.
وفي رواية: رأيت بلالًا يؤذن، وقد جعل أُصبُعه في أذنيه، وهو يلتوي في أذانه يمينًا وشمالًا.
وفي رواية: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبطح، في قبة حمراء، في نفر من بني عامر،
قال: فقال لنا: "من أنتم؟ " فقلنا: من بني عامر، قال:"وأنا منكم [وفي رواية: مرحبًا، أنتم مني] " قال: ثم خرج بلال رضي الله عنه، [ووضع لرسول الله صلى الله عليه وسلم طَهورًا، ثم أذَن، ووضع أصبُعيه في أذنيه، واستدار في أذانه]، فوضع لرسول الله صلى الله عليه وسلم عنَزة، فصلى إليها، قال: فصلى الظهر ركعتين، وصلى العصر ركعتين، وقال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم:"ائتوني بالمدينة" ووعدنا سُلتًا [ضرب من الشعير ليس له قشر]، قال: فأتينا المدينة، فوجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات، فأتينا أبا بكر رضي الله عنه، فأنجز لنا ما وعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه ابن ماجة (711)، والدارمي (1/ 292/ 1199)، وأبو عوانة (1/ 274/ 960)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 14/ 181)، وابن خزيمة (1/ 203/ 388)، ومسدد في مسنده (17/ 25/ 4145 - مطالب)، وابن سعد في الطبقات (1/ 311)، وابن أبي شيبة (1/ 190 و 191/ 2176 و 2183) و (2/ 412/ 32489)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 131/ 1458 و 1459)، والبزار (10/ 150 و 164 و 165/ 4218 و 4239 و 4240)، وأبو يعلى (2/ 191 / 893 و 894)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (459 - الجزء المفقود)، والطحاوي في المشكل (15/ 198/ 5943)، وابن قانع في المعجم (3/ 179)، والطبراني في الكبير (22/ 105 و 106/ 258 - 260 و 264 - 266)، وفي الدعاء (1953)، وابن عدي في الكامل (2/ 227)، والبيهقي في السنن (1/ 395 و 396)، وفي الخلافيات (1/ 485 - مختصره)، والخطيب في الجامع لأخلاق الراوي (1/ 349/ 805)، وابن حجر في التغليق (2/ 269).
• تنبيه: جمع حماد بن سلمة وحده بين الحجاج وعبد الله بن المختار [قانع. الكامل]، ولعله أحد أوهام حماد، وعبد الله بن المختار: لا بأس به، قال الدارقطني في الأفراد (5/ 33/ 4585):"تفرد به حماد بن سلمة عن عبد الله بن المختار عنه".
قال الدارمي: "حديث الثوري أصح".
وقال ابن خزيمة: "باب إدخال الإصبعين في الأذنين عند الأذان؛ إن صح الخبر؛ فإن هذه اللفظة لست أحفظها إلا عن حجاج بن أرطاة، ولست أفهم أسمع الحجاج هذا الخبر من عون بن أبي جحيفة، أم لا؟ فأشك في صحة هذا الخبر لهذه العلة".
وقال البيهقي: "ويحتمل أن يكون الحجاج أراد بالاستدارة: التفاته في حي على الصلاة، حي على الفلاح، فيكون موافقًا لسائر الرواة، والحجاج بن أرطاة: ليس بحجاج، والله يغفر لنا وله،
…
".
قلت: أما إدخال الإصبعين: فمنكر، لم يثبت، ولم يتابع الحجاج عليه إلا من هو مثله أو دونه، ورواية الثقات الذين تقدم ذكرهم هي المحفوظة، وإليه ذهب الدارمي.
وأما الاستدارة: فما قاله البيهقي ظاهر، وعليه فيكون الحجاج إنما رواه بالمعنى، ولم يُرِد كامل الاستدارة بالبدن، وإنما مجرد الالتفات بلي العنق يمينًا وشمالًا، ويؤيد هذا الاحتمال رواية:"وهو يلتوي في أذانه يمينًا وشمالًا"، والله أعلم.
والحجاج بن أرطأة: ليس بالقوي، يدلس عن الضعفاء والمتروكين، ولم يصرح بالسماع، لكن قال ابن حجر في التغليق (2/ 271):"قال سعيد بن منصور في السنن له: حدثنا هشيم، عن حجاج، قال: أنا عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: كان بلالًا إذا أذن وضع إصبعيه في أذنيه، واستدار في أذانه"، والنفس لا تطمئن لثبوت هذا السماع، فلعله وهم من النساخ، فقد رواه جماعة من الثقات [عبد الواحد بن زياد، وعباد بن العوام، وعمر بن علي المقدمي، وأبو معاوية محمد بن خازم الضرير، وعبد الله بن نمير، ويزيد بن هارون، وحماد بن سلمة، وغيرهم] عن حجاج به، فلم يذكروا فيه سماعًا، فضلًا عن كان هشيم قد رواه عنه يعقوب بن إبراهيم الدورقي [ثقة حافظ][خز. طوسي. هق] بالعنعنة بدون تصريح.
ولم يخالف حجاج الثقات في هاتين الزيادتين فقط، بل خالف أيضًا في قوله:"ووعدنا سُلتًا"، ففي صحيح البخاري (3544)، وجامع الترمذي (2826)، وعلله الكبير (640)، وغيرها: من طريق ابن فضيل: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، قال: سمعت أبا جحيفة رضي الله عنه، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم، وكان الحسن بن علي عليه السلام يُشْبِهُه، قلت لأبي جحيفة: صفه لي، قال: كان أبيض، قد شَمِطَ، وأمر لنا النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث عشرة قَلُوصًا
…
الحديث.
20 -
زياد بن عبد الله البكائي: ثنا إدريس بن يزيد الأودي، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه: أن بلالًا أذَّن لرسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى بصوتين صوتين، وأقام مثل ذلك. وفي رواية: أن بلالًا كان يؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم مثنى مثنى، ويقيم مثنى مثنى.
حديث منكر، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (507).
وفي رواية له: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحضرت الصلاة، فقام بلال فأذَّن، فجعل أصبعيه في أذنيه، وجعل يستدير، وأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوَضوء، فتوضأ هو وأصحابه، ففضل من الماء فضلة، فجعلنا نبتدر فضله، ثم أخرج عنَزة فركزها، وأقام الصلاة، فصلى إليها الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، ثم قال:"إذا قدمت المدينة فأتوني" وكان النبي صلى الله عليه وسلم جعل لنا شيئًا يعطينا، فسلمه لنا أبو بكر رضي الله عنه.
أخرجه الطبراني في الكبير (22/ 101 / 247)، بإسناد حسن إلى زياد، قال الطبراني: حدثنا الحسين بن العباس الدوري: ثنا محمد بن نوح الرازي: ثنا زياد به.
شيخ الطبراني هو: الحسن [تصحف في المطبوعة إلى الحسين] بن العباس بن أبي مهران، أبو علي الرازي المقرئ المجود: قال الخطيب: "كان ثقة"[المعجم الصغير (1/ 217/ 348)، تاريخ بغداد (7/ 397)، تاريخ الإسلام (21/ 152)]، ومحمد بن نوح القومسي الرازي: قال أبو حاتم: "صدوق"[الجرح والتعديل (8/ 109)].
فهذا حديث منكر، وهو وإن وافق فيه زياد البكائي [وليس بالقوي في غير ابن إسحاق] جماعةَ الثقات في أغلب سياقه، إلا أنَّه خالفهم بتفرده عن إدريس بن يزيد الأودي
[وهو: ثقة]، عن عون، ببعض الزيادات الشاذة، التي لم يتابعه عليها إلا من لا يُعتمد على حفظه، ممن هو مثله أو دونه، وخالفوا فيها الثقات، مثل قوله:"فجعل أصبعيه في أذنيه"، "وجعل يستدير"، وغير ذلك، فلا يثبت شيء من ذلك، وإن تتابع عليه أمثال هؤلاء، ممن كثرت أوهامهم.
21 -
عبد الحميد بن أبي جعفر الفرَّاء، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: كان يُرْكَزُ للنبي صلى الله عليه وسلم عنَزة في الفضاء، فيصلي إليها.
أخرجه الطبراني في الكبير (22/ 115 / 292)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي: ثنا هشام بن يونس اللؤلؤي: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن عبد الحميد بن أبي جعفر الفراء به.
ورواه الدارقطني في الأفراد (5/ 35/ 4593 - أطرافه) وقال: "تفرد به المحاربي عبد الرحمن بن محمد، عن عبد الحميد بن أبي جعفر الفراء، عن عون".
قلت: اختصره راويه فوهِم، فجعل صيغته دالة على العموم، وإنما هذا الحديث واقعة عين، كانت بالأبطح بعد النفر في حجة الوداع.
ورجال هذا الإسناد ثقات مشهورون، غير عبد الحميد بن أبي جعفر الفراء الكوني: أثنى عليه شريك خيرًا، وقال أبو حاتم:"شيخ كوفي"، وذكره ابن حبان في الثقات [العلل ومعرفة الرجال (3/ 140/ 4617)، التاريخ الكبير (6/ 52)، الجرح والتعديل (6/ 17)، العلل لابن أبي حاتم (879 و 1962)، الثقات (8/ 398)، تاريخ أسماء الثقات (914)، غنية الملتمس (256)، تعجيل المنفعة (607)، فلعل الوهم فيه منه، أو من المحاربي: فإنه كان يدلس، والله أعلم.
22 -
كثير بن قارَوَنْدا قال: ثنا عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، فما زلنا نصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا.
أخرجه الطبراني في الكبير (22/ 111/ 282)، وفي الأوسط (6/ 169/ 6101)، وفي الصغير (2/ 69/ 797)، وابن عدي في الكامل (6/ 19).
من طريق: عباس بن محمد بن حاتم الدوري [ثقة حافظ]: حدثنا عبد الرحمن بن عبد العزيز بن صادر المدائني [وفي رواية ابن عدي: عبد الرحمن بن عبد الله بن صادر المدائني]: حدثنا فضيل بن سليمان النميري، عن كثير بن قاروندا به.
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن كثير بن قاروندا إلا فضيل بن سليمان، ولا عن فضيل إلا عبد الرحمن بن عبد العزيز، تفرد به العباس".
وقال ابن عدي: "وهذا الحديث من حديث كثير بن قاروندا، وهو عزيز الحديث، لا أعلم يرويه عن كثير غير فضيل هذا".
قلت: كثير بن قاروندا: ذكره ابن حبان في الثقات، وروى عنه جمع من الثقات [التهذيب (3/ 464)]، وقال ابن القطان عنه في بيان الوهم (5/ 41/ 2280): "وهو ممن
لا تعرف حاله؛ كان كان قد روى عنه جماعة، منهم: يزيد بن زريع، والنضر بن شميل، وروح بن عبادة، وعلي بن عبد العزيز"، ثم أنكر عليه الحديث الَّذي رواه له النسائي، لتفرده فيه بزيادة لم يأت بها غيره.
وفضيل بن سليمان النميري: ليس بالقوي فيما يتفرد به، وأنكرت عليه أحاديث [التهذيب (3/ 398)، الميزان (3/ 361)].
وعبد الرحمن بن عبد العزيز بن صادر المدائني، يلقب سيبويه: ذكره ابن حبان في الثقات (8/ 378)، وروى عنه جماعة [انظر: تاريخ بغداد (10/ 257)].
ومتن حديثهم هذا أشبه بما رواه: يحيى بن أبي إسحاق، عن أَنس بن مالك، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة، فصلى ركعتين ركعتين، حتى رجعنا.
أخرجه البخاري (1081 و 4297)، ومسلم (693)، وأبو عوانة (2/ 75/ 2370 - 2373)، وأبو داود (1233)، والترمذي (548)، والنسائي (3/ 118 و 121/ 1438 و 1452)، وابن ماجة (1077)، وابن خزيمة (2/ 75/ 956) و (4/ 326/ 2996)، وابن حبان (6/ 458 و 460/ 2751 و 2754)، وابن الجارود (224)، وأحمد (3/ 187 و 190 و 283)، وغيرهم.
23 -
محمد بن جابر، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: قصر رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة حين خرج من المدينة حتى رجع إلى أهله.
أخرجه ابن عدي في الكامل (6/ 152)، وابن المقرئ في المعجم (707)،
والخطيب في تاريخ بغداد (7/ 15).
من طريق: لوين ثنا محمد بن جابر به.
قلت: أما لوين محمد بن سليمان بن حبيب المصيصي: فثقة، وأما محمد بن جابر بن سيار السحيمي الحنفي اليمامي: فهو في الأصل صدوق؛ لكن ذهبت كتبه في آخر عمره، وساء حفظه، فخلط كثيرًا، وعمي فصار يلقن [انظر: التهذيب (3/ 527)، الميزان (3/ 496)]، وقد وهم في متن هذا الحديث، ويقال فيه مثل ما قيل في رواية ابن قاروندا.
24 -
حماد بن تُحَيِّ: نا عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر صلى ركعتين حتَّى يرجع.
أخرجه الخطيب في تلخيص المتشابه في الرسم (1/ 556)، قال: أخبرني أبو القاسم الأزهري [عبيد الله بن أحمد بن عثمان الأزهري البغدادي الصيرفي، ابن السوادي: ثقة حجة. تاريخ بغداد (10/ 385)، السير (17/ 578)]: أنا علي بن عمر الحافظ [الدارقطني: الإمام الحافظ المجود، شيخ الإسلام، علم الجهابذة]: نا أحمد بن محمد بن سعيد [هو أبو العباس ابن عقدة، الحافظ المكثر: شيعي، اختلف الناس فيه، ضعفه غير واحد، وقواه آخرون. السير (15/ 340)، اللسان (1/ 603)]: نا أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق بن أبي العنبس القاضي [ثقة. سؤالات الحاكم (51)، تاريخ بغداد (6/ 25)،
السير (13/ 198)، تاريخ الإسلام (20/ 291)]: حدثني عمي محمد بن إبراهيم بن أبي العنبس [لم أقف على ترجمته]، قال: حدثني حماد به.
فلا يصح الإسناد إلى حماد بن تحي هذا، فضلًا عن كونه مجهولًا، قال الذهبي:"تفرد عنه محمد بن إبراهيم بن أبي العنبس الزهري، كوفي، لا يعرف"، وقال ابن حجر:"مجهول"[إكمال ابن ماكولا (7/ 147)، توضيح المشتبه (7/ 361)، الميزان (1/ 589)، التهذيب (1/ 486)، التقريب (164)]، وقد أخطأ في متن هذا الحديث أيضًا، ويقال فيه مثل ما قيل في رواية ابن قاروندا، والله أعلم.
25 -
عبد الغفار بن القاسم، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: خرج بلال بالهاجرة، فأذَّن، ثم دخل، فخرج بثور فيه فضل وَضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ممسكه بيده لو وضعه بالأرض كسره الناس، فجعلوا يتناولون، فمصيب منه، ومتنضح عليه بالماء،
…
فذكر الحديث.
أخرجه الطبراني في الكبير (22/ 118 / 302)، قال: حدثنا أحمد بن زهير التستري [أبو جعفر أحمد بن يحيى بن زهير التستري: إمام ثقة حافظ. السير (14/ 362)، التذكرة (2/ 757)]: ثنا عبد الله بن محمد بن يحيى بن أبي بكير [ثقة يُغرب. الثقات (8/ 365 و 366)، تاريخ بغداد (10/ 80)، اللسان (4/ 572)]: ثنا يحيى بن أبي بكير [ثقة]: ثنا عبد الغفار به.
وهذا إسناد صحيح إلى عبد الغفار؛ لكن عبد الغفار هذا هو: أبو مريم الأنصاري: رافضي، متروك الحديث، بل كان يضع الحديث [اللسان (5/ 226)].
وانظر: أطراف الغرائب والأفراد (5/ 33/ 4588).
• وله طرق أخرى عن أبي جحيفة، منها:
1 -
شعبة، قال: حدثنا الحكم، قال: سمعت أبا جحيفة، يقول: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة [إلى البطحاء]، فأتي بوَضوء فتوضأ، فجعل الناس يأخذون من فضل وَضوئه، فيتمسحون به، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، وبين يديه عنَزة، [وفي رواية: وإن الظُّعُنَ لتمرُّ بين يديه].
زاد حجاج بن محمد المصيصي [وهو: ثقة ثبت]، عن شعبة: ثم قام الناس فجعلوا يأخذون يده فيمسحون بها وجوههم، قال: فأخدت يده فوضعتها على وجهي، فإذا هي أبردُ من الثلج، وأطيبُ ريحًا من المسك. [البخاري (3553)، أحمد (3/ 309)، السراج (374)، الطبراني (294)].
أخرجه البخاري (187 و 501 و 3553)، ومسلم (503/ 252 و 253)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 111/ 1113)، والنسائي في المجتبى (1/ 235 / 470)، وفي الكبرى (1/ 213/ 341)، والدارمي (1/ 383/ 1409)، وأحمد (4/ 307 و 308 و 309)، والبزار (10/ 144 و 151/ 4207 و 4220)، وأبو يعلى (2/ 190/ 891)، وابن جرير
الطبري في مسند عمر من تهذيب الآثار (1/ 235 / 377) و (462 - الجزء المفقود)، وأبو العباس السراج في مسنده (374 و 375)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (137)، والطبراني في الكبير (22/ 115 و 124/ 294 و 320 و 321)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 189)، وابن حزم في المحلى (4/ 12)، والبيهقي (1/ 235)، وابن الجوزي في التحقيق (20).
2 -
زهير بن حرب [ثقة ثبت]: حدثنا يزيد بن هارون: أخبرنا سفيان بن حسين، عن الحكم بن عتيبة، أن الحجاج أخَّر الصلاة يوم الجمعة، فقال له شيخ: والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فما رأيته صنع كما تصنع أنت! قال: فلما سمعتُه يذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قلت: كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: رأيته خرج حين زالت الشمس.
وإذا الشيخ: أبو جحيفة.
أخرجه أبو يعلى (2/ 187/ 886)، والدارقطني في الأفراد (5/ 34/ 4592 - أطرافه).
• ورواه سفيان بن وكيع [ضعيف، واتهم]، قال: حدثنا يزيد بن هارون، عن سفيان بن حسين، عن الحكم بن عتيبة، عن أبي جحيفة، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم مكة، فنزل الأبطح، فلما زالت الشمس، خرج فركز عنزة، فصلى إليها ركعتين.
أخرجه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (461 - الجزء المفقود)، عن ابن وكيع به.
قال الدارقطني: "غريب من حديث سفيان بن حسين، عن الحكم، عن أبي جحيفة، تفرد به: يزيد بن هارون عنه".
قلت: يزيد بن هارون: واسطي، ثقة متقن، وهو معروف بالرواية عن شيخه الواسطي سفيان بن حسين، وهو: ثقة في غير الزهري، فالإسناد صحيح، والله أعلم.
3 -
أبو إسحاق السبيعي، عن أبي جحيفة، قال: صليث مع النبي صلى الله عليه وسلم بالأبطح صلاة العصر ركعتين.
تقدم في الطريق الثانية عشرة (12).
ولحديث أبي جحيفة ألفاظ آخر تركتها اختصارًا لعدم ذكر موضع الشاهد فيها.
• وحاصل مما تقدم: أن الاستدارة في الأذان، ووضع الأصبع في الأذن: لا يصحان من حديث أبي جحيفة، وإنما يصح الالتفات بلي العنق يمينًا وشمالًا، عند قول المؤذن: حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح.
• ومما روي في الاستدارة، وفي وضع الإصبع في الأذن:
1 -
حديث سعد بن عائد المؤذن، المعروف بسعد القرظ:
يرويه عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعدِ القَرَظُ المؤذن، واختلف عليه:
1 -
فرواه هشام بن عمار، واختلف عليه:
• فرواه إسحاق بن إبراهيم بن أبي حسان، أبو يعقوب الأنماطي [ثقة. سؤالات
السهمي (189)، تاريخ بغداد (6/ 384)، تاريخ دمشق (8/ 104)]، والحسن بن سفيان النسوي [إمام حافظ، ثقة ثبت. الجرح والتعديل (3/ 16)، السير (14/ 157)، التذكرة (2/ 245)]:
كلاهما: عن هشام بن عمار، قال: ثنا عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعدٍ القَرَظُ - مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم -: حدثني أبي، عن جدي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالًا أن يُدخل أصبعيه في أذنيه، وقال:"إنه أَرْفَعُ لصوتك".
وأن أذان بلال كان مثنى مثنى، وتَشَهُّده مُضَعَّف، وإقامته مفردة، وقد قامت الصلاة: مرة واحدة.
وأنه كان يؤذن يوم الجمعة للجمعة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان الفَيْءُ مثل الشِّراك.
وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج إلى العيدين، سلك على دار سعد بن أبي وقاص، ثم على أصحاب الفَساطِيط، ثم بدأ بالصلاة قبل الخطبة، ثم كبَّر في الأُولى سبعًا قبل القراءة، وفي الآخرة خمسًا قبل القراءة، ثم خطب الناس.
ثم انصرف من الطريق الآخر، من طريق بني زُرَيْق، فذبح أضحيته عند طرف الزُّقاق، بيده بشَفْرَة، ثم خرج على دار عمار بن ياسر، ودار أبي هريرة بالبلاط.
وكان يخرج إلى العيدين ماشيًا، ويرجع ماشيًا، وكان يكبِّر بين أضعاف الخطبة، ويكثر التكبير في الخطبة للعيدبن.
وكان إذا خطب في الحرب خطب على قوس، وإذا خطب في الجمعة خطب على عصا.
وإن بلالًا كان إذا كبر بالأذان استقبل القبلة، ثم يقول: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله مرتين، أشهد أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين، ويستقبل القبلة، ثم ينحرف عن يمين القبلة، فيقول: حيَّ على الصلاة مرتين، ثم ينحرف عن يسار القبلة، فيقول: حيَّ على الفلاح مرتين، ثم يستقبل القبلة، فيقول: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر.
أخرجه مطولًا، أو طرفًا منه: الطبراني في الكبير (6/ 39/ 5448)، واللفظ له بتمامه. وابن عدي في الكامل (4/ 314)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1265/ 3184).
• ورواه ابن ماجة [محمد بن يزيد الربعي مولاهم، القزويني الحافظ صاحب السنن]، وعبدان عبد الله بن عثمان بن جبلة [ثقة حافظ]، ويحيى بن محمد بن عمران بن أبي الصغيراء الحلبي البالسي [روى عنه جماعة من الحفاظ، مثل: الطبراني وابن عدي وأبي بكر النقاش وحمزة الكناني. تاريخ دمشق (64/ 368)، تاريخ الإسلام (22/ 324) و (23/ 340)]:
ثلاثتهم: عن هشام بن عمار: ثنا عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد - مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده به.
أخرجه مطولًا، أو طرفًا منه:
ابن ماجة (710 و 731 و 1101 و 1107 و 1277 و 1287 و 1294 و 1298 و 3156) فرقه على الأبواب. والطبراني في الصغير (2/ 281 - 283/ 1170 - 1174)، والبيهقي (1/ 396)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (64/ 368).
• ورواه أبو يحيى محمد بن سعيد بن عمرو الخريمي الدمشقي [روى عنه جماعة، منهم: ابن الأعرابي وابن عدي، ولم أر فيه جرحًا. تاريخ دمشق (53/ 90)، الأنساب (2/ 354)، الإكمال (3/ 243)، تاريخ الإسلام (23/ 196)]:
عن هشام بن عمار: ثنا عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد - مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم: حدثني أبي، عن آبائه، به مطولًا.
أخرجه ابن عدي في الكامل (4/ 313 - 314)، ومن طريقه: البيهقي (3/ 206 و 281 و 309).
قلت: لعل هذا الاختلاف من قِبَل هشام بن عمار نفسه؛ فإنه لما كبر تغير، فكان يقرأ كلَّ ما دُفع إليه، وكان كلما لُقن تلقن، ولعل الوجه الأول هو الصواب؛ فقد تابعه عليه:
• عبد الله بن الزبير الحميدي [ثقة حافظ، إمام فقيه]: ثنا عبد الرحمن بن عمار بن سعد القرظ - مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم: حدثني أبي، عن جدي، به مطولًا.
أخرجه الحاكم (3/ 607)، والطبراني في الكبير (6/ 39/ 5448).
• وروى طرفًا منه: ذؤيب بن عمامة السهمي [صدوق، روى مناكير. الجرح والتعديل (3/ 450)، الثقات (8/ 238)، ضعفاء الدارقطني (89)، اللسان (3/ 430)]: ثنا عبد الرحمن بن سعد المؤذن، عن أبيه، عن جده سعد القرظ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب الناس في الحرب إذا خطب وهو متكيء على قوسه.
أخرجه أبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات"(393)، ومن طريقه: أبو موسى المديني في ذكر ابن أبي الدنيا وما وقع عاليًا من حديثه (15)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (37/ 290).
قال أبو موسى: "هذه قطعة من حديث طويل، لا يعرف إلا من حديث عبد الرحمن بن سعد".
قال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 90): "هذا إسناد ضعيف؛ لضعف أولاد سعد القرظ: عمار وسعد وعبد الرحمن".
وقال في موضع آخر (1/ 132): "هذا إسناد ضعيف؛ عبد الرحمن: أجمعوا على تضعيفه، وأما أبوه: فقال ابن القطان: لا يعرف حاله ولا حال أبيه! وانظر أيضًا (1/ 133 و 151 و 152 و 153) و (3/ 229).
وقال ابن القطان في بيان الوهم (3/ 347/ 1092): "فاعلم أن علته هي أن
عبد الرحمن المذكور وأباه وجده كلهم: لا تعرف له حال، وفي باب عبد الرحمن ذكره أبو أحمد [يعني: ابن عدي] وحاله عنده مجهولة كما قلناه" [وانظر: الأحكام الوسطى (1/ 301 و 308)].
وقال ابن رجب في الفتح (3/ 555) بعد أن عزاه لابن ماجة: "وهو إسناد ضعيف؛ ضعفه ابن معين وغيره".
وقال ابن حجر في الفتح (2/ 115) بعد أن عزاه لابن ماجة والحاكم: "وفي إسناده ضعف"، وضعف. إسناده في موضع آخر (2/ 451).
وقال في التغليق (2/ 269): "رواه ابن عدي في ترجمة عبد الرحمن وضعفه، وأخرجه الحاكم في المستدرك وصححه، وهو ما يؤخذ عليه".
وقال في هدي الساري (27): "وصححه الحاكم مع ضعف إسناده".
قلت: عمار بن سعد القرظ: ذكره ابن حبان في الثقات، وتقدم قول ابن القطان فيه:"لا تعرف له حال"[التاريخ الكبير (7/ 26)، الجرح والتعديل (6/ 389) ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا. الثقات (5/ 267)، التهذيب (3/ 202)]، وهو داخل أيضًا في قول ابن معين الآتي ذكره:"ليسوا بشيء"، وأسند العقيلي في ضعفائه إلى البخاري قوله:"عمار بن سعد القرظ: لا يتابع على حديثه"، ثم ذكر له حديث الخروج إلى العيد، لكن خالفه ابن عدي حيث أورد قول البخاري هذا في كامله، فقال:"عمار بن سعد المديني المؤذن، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار: لا يتابع عليه"، والبخاري قد فرق بين الترجمتين في تاريخه الكبير (7/ 26)، فإن الأول: تابعي، والثاني: من أتباع التابعين [انظر: التاريخ الكبير (7/ 99)]، ولم أجد قوله:"لا يتابع على حديثه! في المطبوع في أي من الترجمتين، يبقى أن يقال: إن العقيلي وابن عدي متفقان على أن عمار بن سعد هذا هو التابعي صاحب الترجمة، أما العقيلي فكلامه صريح في هذا، وأما ابن عدي فإنه وإن ذكر بأنه يروي عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار، إلا أنَّه نقل بعد ذلك: قول الدارمي: "قلت ليحيى بن معين: عبد الله بن محمد بن سعد، وعمار، وعمر ابني حفص بن عمر بن سعد، عن آبائهم، عن أجدادهم، كيف حال هؤلاء؟ قال: ليسوا بشيء"، وظاهر من هذا النقل أن الَّذي يدخل في هؤلاء إنما هو عمار بن سعد القرظ التابعي دون الآخر، فإنه جد عبد الله بن محمد بن عمار بن سعد المسؤول عنه [الضعفاء الكبير (8/ 313)، الكامل (5/ 73)، مختصر الكامل (1252)، وانظر: الميزان (3/ 165 و 168)، ذيل الميزان (589)، اللسان (6/ 50)]، وعلى هذا يكون قد ثبت في عمار هذا جرح مفسر، إذا لم يكن البخاري قد قالها في الثاني [حسبما نقل ابن عدي]، والله أعلم.
تنبيه: وقع في مطبوعة الكامل، وكذا في المخطوط (2/ 216 /ج):"عمار بن محمد بن سعد"، وتبعه على ذلك ابن الجوزي، والذهبي، وابن حجر [الضعفاء والمتروكين (2/ 202/ 2422)، الميزان (3/ 168)، اللسان (6/ 50)]، وهو وهم ظاهر؛ إذ لا وجود
لعمار بن محمد بن سعد هذا، وإنما هو عمار بن سعد المؤذن المديني، كما ترجم له البخاري في التاريخ الكبير (7/ 26)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (6/ 395)، وابن حبان في الثقات (8/ 517)، والمقريزي في مختصر الكامل (1252).
وسعد بن عمار بن سعد القرظ: قال ابن القطان: "لا تعرف له حال"، وقال الذهبي:"لا يكاد يعرف"[التهذيب (1/ 696)، بيان الوهم (3/ 347/ 1092)، الميزان (2/ 124)].
وعبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد القرظ: قال ابن معين: "مديني ضعيف"، وقال البخاري:"فيه نظر"، وقال مرة أخرى:"لم يصح حديثه"، وقال أبو أحمد الحاكم:"حديثه ليس بالقائم"، وذكره ابن عدي في ضعفائه، وقال ابن القطان الفاسي:"لا تعرف له حال"، وخالفهم ابن حبان فأورده في ثقاته، وقال الزيلعي في نصب الراية:"قال في الإمام [يعني: ابن دقيق العيد]: ولم يذكر ابنُ عدي عبدَ الرحمن هذا بجرح ولا تعديل، فهو: مجهول عنده"، وكذا قال ابن القطان، وقال ابن الملقن:"وعبد الرحمن هذا منكر الحديث"، وقال الذهبي في المغني:"في حديثه نكارة"، وقال في الميزان:"ليس بذاك"[التهذيب (2/ 510)، الميزان (2/ 566)، التاريخ الكبير (5/ 287) و (6/ 504)، الجرح والتعديل (5/ 237)، الكامل (4/ 313)، بيان الوهم (3/ 347)، نصب الراية (1/ 274 و 278)، البدر المنير (5/ 58)، المغني (2/ 380)].
ب - ورواه يعقوب بن حميد بن كاسب [حافظ، له مناكير وغرائب، وأسند مراسيل]، وإبراهيم بن موسى بن يزيد التميمي الرازي [ثقة حافظ]، وإسحاق بن إسماعيل الطالقاني [ثقة]، ومحمد بن عبيد الله بن محمد أبو ثابت المدني [ثقة]، وإبراهيم بن المنذر الحزامي المدني [صدوق]، وإسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس المديني [صدوق يخطئ]، وذؤيب بن عمامة السهمي [صدوق، روى مناكير. تقدم ذكره قريبًا، وقد خالف في شيء من الإسناد والمتن. عساكر، [وأطرافه لابن كاسب، ولم يرو منه الباقون سوى الطرف أو الطرفين]:
رواه سبعتهم: عن عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد القرظ، عن عبد الله بن محمد بن عمار، وعمر وعمار ابني حفص بن عمر بن سعد، عن آبائهم، عن أجدادهم، عن بلال، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له:"إذا أذتت فاجعل أُصبُعيك في أُذنيك؛ فإنه أرفع لصوتك".
وأنه كان يؤذن بالصبح، فيقول: حَيَّ على خير العمل، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل مكانها: الصلاة خير من النوم، وترك: حَيَّ على خير العمل.
وأنه كان يؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم، وكان يؤذن: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، ثم ينحرف عن يمين القبلة، فيقول: أشهد أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أشهد أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ينحرف فيستقبل خلف القبلة، فيقول: حَيَّ على الصلاة،
حَيَّ على الصلاة، ثم ينحرف عن يساره، فيقول: حَيَّ على الفلاح، حَيَّ على الفلاح، ثم يستقبل القبلة، فيقول: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.
وكان يقيم للنبي صلى الله عليه وسلم، فيُفرد الإقامة، فيقول: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح، قد قامت الصلاة، الله كبر الله أكبر، لا إله إلا الله.
وعن سعد: أن أول ما بدأ الأذان، أنَّه أُريه رجلٌ من الأنصار، فأخبره النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالًا أن يؤذن، فألقاه عليه الأنصاري: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أشهد أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم عاد: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أشهد أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيَّ على الصلاة، حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح، حيَّ على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.
وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبدأ بالصلاة قبل الخطبة، وكان يحب أن يكبر التكبير بين أضعاف الخطبة.
وعن سعدٍ الْقَرَظِ: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أي ساعة أتى قُباء أذن بلال بالأذان، لأن يعلم الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاء، فيجتمعوا إليه، فأتى يومًا وليس معه بلال، فنظر زُنُوجُ النُّصْح بعضهم إلى بعض، فَرَقِي سعد في عِذْقِ الأذان، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما حملك على أن تؤذن يا سعد؟ " قال: بأبي وأمي! رأيتك في قلة من الناس، ولم أرَ بلالًا معك، ورأيت هؤلاء الزنوج ينظر بعضهم إلى بعض، وينظرون إليك، فخشيتُ عليك منهم، فأذَّنتُ، قال:"أَصَبْتَ يا سعدُ، إذا لم تَرَ بلالًا معي فَأَذِّنَ" فَأَذَّنَ سعد ثلاث مرات في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
وعن سعد: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى العيد في طريق دار هشام، ويرجع على دار أبي هريرة.
وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر في العيدين، في الأُولى سبعًا، وفي الآخرة خمسًا، وصلى قبل الخطبة، وكان يكبر قبل القراءة، وذهب ماشيًا، ورجع ماشيًا.
وعن سعد: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الصلاتين، بين المغرب والعشاء في المطر. وعن سعد: أن النَّجَاشِيَّ بعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث عنَزات، فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم واحدةً لنفسه، وأعطى عليًّا رضي الله عنه واحدةً، وعمر واحدة، وكان بلال يمشي بها بين يديه، فيركزها بين يديه في العيدين فيصلي إليها.
وقالوا: جاء بلال إلى أبي بكر رضي الله عنه، فقال: يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم! إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أفضل عمل المؤمن الجهاد في سببل الله صلى الله عليه وسلم، وقد أردت أن أربط نفسي في سبيل الله حتَّى أموت، فقال أبو بكر: أنا أَنْشُدُكَ بالله يا بلال، وحرمتي وحقي، لقد كَبِرَتْ سني، وَضَعُفَتْ قوتي، واقترب أجلي، فأقام بلال معه، فلما تُوُفِّيَ أبو بكر رضي الله عنه،
جاء عمرَ، فقال له مثل ما قال أبو بكر، فأبى بلال عليه، فقال عمر رضي الله عنه: فَمَنْ يا بلال؟ فقال: إلى سعد؛ فإنه قد أذَّن بقُباء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل عمر الأذان إلى سعد، وعَقِبه.
أخرج أطرافه مفرّقًا: ابن سعد في الطبقات (3/ 235)، وحماد بن إسحاق في تركة النبي صلى الله عليه وسلم (114)، والعقيلي في الضعفاء (2/ 300) و (3/ 318)(3/ 1031 - ط حمدي السلفي)[وفي الطبعتين تصحيف في الأسماء، في الموضع الثاني]. والطبراني في الكبير (1/ 338 و 352 و 353/ 1013 و 1071 - 1073 و 1076) و (6/ 40 و 41/ 5450 و 5452 و 5453 و 5454)، وابن عدي في الكامل (4/ 248 و 315)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1267/ 3186)، والبيهقي (1/ 396 و 425) و (3/ 287 و 299)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 218) و (10/ 468 و 469)، وابن الأثير في أسد الغابة (1/ 307).
ج - ورواه الحميدي، قال: ثنا عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد بن عائذ القرظ: حدثني عبد الله بن محمد بن عمار، وعمار، وعمر ابنا حفص بن عمر بن سعد، عن عمار بن سعد، عن أبيه سعد القرظ، أنَّه سمعه يقول: إن هذا الأذان أذان بلال الَّذي أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإقامته، وهو: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أشهد أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يرجع فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أشهد أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيَّ على الصلاة، حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.
والإقامة واحدة واحدة، ويقول: قد قامت الصلاة، مرة واحدة.
قال سعد بن عائذ: وقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا سعد! إذا لم تر بلالًا معي؛ فأذن" ومسح رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه، وقال:"بارك الله فيك يا سعد! إذا لم تر بلالًا معي؛ فأذن" قال: فأذَّن سعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء ثلاث مرات، قال: فلما استأذن بلال عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الخروج إلى الجهاد في سبيل الله، قال له عمر: إلى من أدفع الأذان يا بلال؟ قال: إلى سعد؛ فإنه قد أذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء، فدعى عمر سعدًا، فقال: الأذان إليك، وإلى عَقِبك من بعدك، وأعطاه عمر رضي الله عنه العنزة التي كان يحمل بلالٌ للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: امشِ بها بين يدي، كما كان بلالٌ يمشي بها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتَّى تركزها بالمصلى، ففعل.
وفي رواية: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاء قُباء، يؤذن له بلالٌ بالصلاة أي: ينادي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاء، فاجتمعوا إليه، فجاء يومًا في قلة من الناس، وليس معه بلال، فجعل زِنجُ النصح، ينظرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويَرْطُنُ بعضهم إلى بعض، قال سعد بن عائذ: فرَقِيتُ في عِذْقٍ، يعني: عذق النخلة الصغيرة، فأذنت فاجتمع الناس، فكان ذلك أول ما أذن سعد، فلما بلغ سعد النبي صلى الله عليه وسلم، قال له:"يا سعدُ! ما حملك على أن تؤذِّن؟ " قال:
بأبي أنت وأمي، رأيتك في قلة من الناس، ولم أر بلالًا معك، ورأيت هؤلاء الزِّنْج، ينظرون إليك، ويرطُن بعضهم إلى بعض، فأذَّنت لأجمع الناس إليك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أصبت يا سعدُ، إذا لم تر بلالًا معي فأذِّنْ" فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه، وقال:"بارك الله فيك يا سعدُ! إذا لم تر معي بلالًا، فأذَّنْ"، قال: فأذَّن سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بقُباء ثلاث مرار، فلما قُبضَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتى بلالٌ إلى أبي بكر رضي الله عنه، فقال: يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إن أفضلَ عمل المؤمن، الجهادُ في سبيل الله"، قال: فما تشاء يا بلال؟ قال: أريد أن أَرْبِطَ نفسي في سبيل الله حتَّى أموت، قال: فقال له أبو بكر: أَنْشُدُكَ الله، وحقي، وحرمتي، فقد كَبِرَت سني، واقترب أجلي، فأقام بلال مع أبي بكر، حتَّى هلك، فلما هلك أبو بكر، أتى بلالٌ إلى عمرَ، فقال: يا ابن الخطاب، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أفضل عمل المؤمن، الجهاد في سبيل الله صلى الله عليه وسلم، قال: فما تريد يا بلال؟ قال: أريد أن أربط نفسي في سبيل الله حتَّى أموت، قال: أَنْشُدُكَ الله، وحقي، وحرمتي، وحُبِّي أبا بكر، وحُبَّه إياي، فقال بلال: ما أنا بفاعل، فقال عمر: فإلى من أدفع الأذان يا بلال؛ فقال: إلى سعد، فإنه قد أذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم بقُباء، فدعا عمر سعدًا، فقال له: الأذان إليك، وإلى عقبك من بعدك، وأعطاه عمر العنَزة التي كان يحمل بلالٌ للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: امشِ بها بين يدي، كما كان بلال يمشي بها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتَّى تركزها بالمصلى، حيث أصلي بالناس، ففعل، قال عبد الرحمن: فلم يَزَلْ يفعل ذلك أَوَّلُونا إلى اليوم.
أخرجه يعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة (1/ 120)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 14/ 1164)، والدارقطني (1/ 236)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1265 - 1266/ 3185)، والبيهقي في السنن (1/ 294 و 415)، وفي المعرفة (1/ 421/ 554)، والخطيب في تلخيص المتشابه في الرسم (2/ 646)، وابن الجوزي في التحقيق (1/ 306/ 369).
د - ورواه أحمد بن الحجاج البكري المروزي [ثقة]: حدثنا عبد الرحمن بن سعد بن عمار المؤذن، عن عبد الله بن محمد بن عمار، عن أبيه، عن جده، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في العيدين، في الأُولى سبعًا، وفي الآخرة خمسًا، وكان يبدأ بالصلاة قبل الخطبة.
أخرجه الدارمي (1/ 457/ 1606)، والدارقطني (2/ 47).
هـ - ورواه يعلى بن منصور [هو: المعلى بن منصور الرازي، أبو يعلى، نزيل بغداد: ثقة]: ثنا عبد الرحمن بن عمار، عن عبد الله بن محمد بن عمار بن سعد، حدثه عن أبيه سعد - مؤذن عمر -، عن بلالٍ: أنَّه كان يؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، إذا كان الفَئ، قدرَ الشِّراك، إذا قعد النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر.
أخرجه الطبراني في الكبير (1/ 353 / 1075)، بإسناد صحيح إلى المعلى.
و - ورواه يعقوب بن محمد الزهري [ضعفه الجمهور، ومشاه بعضهم.
التهذيب (4/ 447)، الميزان (4/ 454)]: نا عبد الرحمن بن سعد المؤذن، عن عمار بن حفص، عن أبيه، عن جده، عن سعد القرظ: أنَّه كان يؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي ساعة جاء، إذا اجتمع الناس إليه، فجاء يوم وليس معه بلال، فرقيت في نخلة فأذنت، فقال في:"ما حملك على أن أذنت" قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! خشيت أن تغتال؛ فأذنت ليجتمع الناس إليك، فأمرني فأذنت مع بلال.
أخرجه ابن قانع في المعجم (1/ 253).
قلت: الرجال المذكورون في هذه الأسانيد ضعفهم ابن معين، قال عثمان بن سعيد الدارمي: قلت ليحيى بن معين: فعبد الله بن محمد بن عمار بن سعد، وعمار، وعمر ابني حفص بن عمر بن سعد، عن آبائهم، عن أجدادهم: كيف حال هؤلاء؟ قال: "ليسوا بشيء"[تاريخ الدارمي (606)، الجرح والتعديل (5/ 157) و (6/ 102 و 392)، الثقات (7/ 170) و (8/ 516)، ضعفاء العقيلي (2/ 300)، الكامل (4/ 248) و (5/ 73)، المغني (1/ 354) و (2/ 458 و 464)، اللسان (4/ 562) و (6/ 44 و 56)، التقريب (452)]، وقال الدارمي في موضع آخر (780):"قلت: فمحمد بن عمار بن سعد؟ فقال: لا أعرفه".
وقال العقيلي (3/ 318): "وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد أجود من هذا: أنَّه كان يخرج يوم العيد في طريق ويرجع من غيره".
وقال ابن حجر في الفتح (2/ 115) في فوائد وضع الاصبع في الأذن: "قال العلماء: في ذلك فائدتان: إحداهما: أنَّه قد يكون أرفع لصوته، وفيه حديث ضعيف، أخرجه أبو الشيخ من طريق سعد القرظ عن بلال".
• والخلاصة: أن هذا حديث منكر؛ فإنه لما ذكر أذان بلال، وإقامته، زاد في أذانه الترجيع، وجعل لفظ الإقامة واحدة، يقول: قد قامت الصلاة، مرة واحدة.
قال ابن الجوزي في التحقيق (1/ 302): "لا يختلف في أن بلالًا كان لا يُرجِّع"، وفي نصب الراية (1/ 264):"قال ابن الجوزي في التحقيق: هذا لا يصح، والصحيح: أن بلالًا كان لا يرجع".
وفي بعض ألفاظه ما يُنكر أيضًا - غير ما ذُكر -، وهذا فضلًا عن ضعف رواة هذه الأسانيد، واضطراب عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد فيها، فقد روى عنه الحميدي وذؤيب بن عمامة السهمي الإسنادين جميعًا، بالإضافة إلى اختلاف الثقات عليه في إسناده.
وقد تقدم ذكر طرف من هذا الحديث تحت الحديث رقم (505)، وبيان نكارته، والله أعلم.
2 -
حديث عبد الله بن بريدة:
رواه الهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (3/ 38/ 1085) قال: حدثنا محمد بن علي الوراق: نا أبو سلمة: نا أبو عبد الله: نا علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه: أن رجلًا من الأنصار - يقال له: عبد الله بن زيد - دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فرآه
حزينًا، وذاك أنَّه اهتم للصلاة، فأراد أن يجعل ناقوسًا أو بوقًا، فلما رأى من حال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى، انصرف فقال لأهله: دونكم طعامكم فلا حاجة في فيه، وأقبل على صلاته حتَّى أدركه النوم، فأتاه آتٍ في منامه فقال: إن الَّذي رأيتَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأيتَ منه، إنما ذاك من أجل الناقوس، فأتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقل له - ووضع يديه في أذنيه - ثم قال: الله أكبر الله أكبر - مرتين -، حتَّى أتى على الأذان، ثم قال في الإقامة أيضًا مثلها، مرتين مرتين، فأصبح عبد الله عاديًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجد أبا بكر عنده، فلما قضى أبو بكر حاجته، دخلتُ فقصصتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم الَّذي رأيتُ، فقال:"بذاك دخل أخوك أبو بكر، فانطلِقا إلى بلال فعلِّماه".
تقدم تحت الحديث رقم (499)، ولا يصح.
3 -
حديث بلال:
يرويه إسماعيل بن عياش، عن عبد العزيز بن عبيد الله بن حمزة بن صهيب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنَّه كان لا يؤذن بصلاة الفجر حتَّى يرى الفجر، وأنه كان يدخل إصبعيه في أذنيه.
وبه: عن عبد العزيز، عن محمد بن المنكدر، عن أبي سلمة، عن بلال،
…
مثل ذلك.
أخرجه سعيد بن منصور في السنن (2/ 268 - تغليق)، ومحمد بن الحسن الشيباني في الحجة (1/ 75)، والطبراني في مسند الشاميين (2/ 283 و 284/ 1348 و 1349).
قال ابن حجر في التغليق (2/ 268): "وهذا الحديث الموقوف: ضعيف من وجهين، الأول: الانقطاع؛ فإن أبا بكر وأبا سلمة: لم يلقيا بلالًا.
الثاني: كونه من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين، وهي: ضعيفة، ومعنعنة أيضًا".
وقال في هدي الساري (27): "وإسناده ضعيف ومنقطع أيضًا".
قلت: بل هو منكر؛ تفرد به عبد العزيز بن عبيد الله بن حمزة بن صهيب الحمصي، وهو: متروك، منكر الحديث، لم يرو عنه غير إسماعيل بن عياش [التهذيب (2/ 590)، الميزان (2/ 632)، الكامل (5/ 285)]، ورواية إسماعيل هنا عن أهل بلده، فالبلية ليست منه، وإنما من شيخه بلديه.
4 -
حديث ابن عمر:
قال ابن عدي في الكامل (2/ 377): حدثنا إسحاق بن أحمد بن جعفر: ثنا أبو سعيد الأشج: ثنا خالد بن حيان: ثنا حمزة النصيبي، عن مكحول ونافع، عن ابن عمر، قال: إن من السنة إذا أذن المؤذن: أن يضع أصبعيه في أذنيه.
قال ابن عدي: "وهذه الأحاديث: عن نافع عن ابن عمر، التي أمليتها من طريق نافع عن ابن عمر: منكرة؛ ليس يرويها غير حمزة عن نافع" وقال في آخر ترجمة حمزة هذا:
"ولحمزة أحاديث صالحة، وكل ما يرويه أو عامته: مناكير موضوعة، والبلاء منه، ليس ممن يروي عنه، ولا ممن يروي هو عنهم".
قلت: وهو كما قال؛ فالإسناد إلى حمزة: لا بأس به، لكن الشأن في حمزة بن أبي حمزة النصيبي، فإنه: متروك، منكر الحديث، اتهمه بالوضع: ابن عدي وابن حبان والحاكم [التهذيب (1/ 489)، الميزان (1/ 606)].
• وقد صح عن ابن عمر خلافه، من فعله رضي الله عنهما:
فقد روى ابن أبي شيبة في مصنفه (1/ 191/ 2185)، قال: نا وكيع، عن سفيان، عن نسير [وقع في المطبوع: بُسْر]، قال: رأيتُ ابن عمر يؤذن على بعير. قال سفيان: قلت له: رأيته يجعل إصبعيه في أذنيه؟، قال: لا.
ورواه عبد الرزاق في مصنفه (1/ 470/ 1816)، عن الثوري، عن نسير بن ذعلوق، قال: رأيت ابن عمر يؤذن وهو راكب، قال: قلت له: أواضع إصبعيه في أذنيه؟ قال: لا.
قلت: وهذا إسناد كوفي صحيح، إلى ابن عمر، وقد علقه البخاري في صحيحه [10 - كتاب الأذان، 19 - باب هل يتتبع المؤذن فاه هاهنا وهاهن؟
…
قبل الحديث رقم (634)، بصيغة الجزم، فقال:"كان ابن عمر لا يجعل إصبعيه في أذنيه"[وانظر: الفتح لابن رجب (3/ 558)، الفتح لابن حجر (2/ 114)].
5 -
حديث عبد الله الهوزني عن بلال:
قال ابن حجر في التغليق (2/ 271): "قال الطبراني في مسند الشاميين، [و] في المعجم الكبير: حدثنا أحمد بن الخليل [كذا]: ثنا أبو توبة: ثنا معاوية بن سلام: حدثني زيد بن سلام، أنَّه سمع أبا سلام، يقول: حدثني عبد الله الهوزني، قال: لقيت بلالًا - مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا بلال! ألا تحدثني كيف كانت نفقة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
…
فذكر الحديث بطوله، وفيه: خرجت إلى البقيع، فجعلت إصبعي في أذني، فأذنت. رواه أبو داود عن أبي توبة بطوله، وصححه ابن حبان".
وقال في هدي الساري (27): "لكن عند أبي داود في السنن، والطبراني في مسند الشاميين، وصححه ابن حبان، من طريق: عبد الله الهوزني، قال: لقيت بلالًا، فذكر حديثًا طويلًا، فيه: قال بلال: فجعلت إصبعي في أذني فأذنت".
وقال في الفتح (2/ 115): "وله شواهد ذكرتها في تغليق التعليق، من أصحها: ما رواه أبو داود وابن حبان، من طريق: أبي سلام الدمشقي، أن عبد الله الهوزني، حدثه قال: قلت لبلال: كيف كانت نفقة النبي صلى الله عليه وسلم؟
…
فذكر الحديث، وفيه: قال بلال: فجعلت إصبعي في أذني فأذنت".
قلت: أما أبو داود، فقد روى الحديث في سننه (3055)، لكن اختصر منه موضع الشاهد فلم يذكره، وهكذا رواه البيهقي في سننه الكبرى (9/ 215) من طريقه.
وأما ابن حبان فلم يذكر موضع الشاهد هكذا، ولكن وقع عنده (6351): "
…
ثم
عَمَدْتُ إلى تأذين صلاة الصبح، حتَّى إذا صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، خرجت للبقيع، فجعلت أصبعي في أذني، فناديت: من كان يطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم دينًا، فليحضر، فما زلت أبيع وأقضي، وأعرض فأقضي، حتَّى إذا فضل في يدي أوقيتان، أو: أوقية ونصف، انطلقت إلى المسجد، وقد ذهب عامة النهار، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد
…
"، وهذا ظاهر في أن بلالًا إنما وضع إصبعيه في أذنيه بعد فراغه من الأذان وصلاة الفجر، حين ذهب إلى البقيع فنادى من كان له دين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكي يحضر لاستيفاء دينه، ولم يفعل ذلك حال أذانه.
وبمثله وقع في المعجم الكبير للطبراني (1/ 363/ 1119).
لكن هذا اللفظ الَّذي ذكره ابن حجر إنما وقع عند الطبراني في مسند الشاميين (4/ 110/ 2869)، ولفظ موضع الشاهد: "
…
ثم قمت إلى تأذيني لصلاة الصبح، حتَّى إذا صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، خرجت إلى البقيع، فجعلت إصبعي في أذني، فأذنت فناديت، فقلت: من كان يطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم بدين؛ فليحضر
…
"، ومن هنا يظهر بجلاء أن اقتطاع هذه الجملة "فجعلت إصبعي في أذني فاذنت" خارج سياقها، يعطيها معنى مختلفًا تمامًا، كما أراد ناقلها، بخلاف ما سيقت له، هذا على فرض ثبوت هذه الزيادة: "فأذنت"، والحقيقة أنها لا تثبت، فقد روى الطبراني هذا الحديث في المعجم الكبير (1/ 363/ 1119)، وفي المعجم الأوسط (1/ 147/ 466)، وفي مسند الشاميين (4/ 110 / 2869)، قال: حدثنا أحمد بن خليد الحلبي: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع: حدثنا معاوية بن سلام، عن زيد بن سلام، أنَّه سمع أبا سلام، قال: حدثني عبد الله الهوزني، قال: لقيت بلالًا - مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا بلال! حدثني كيف كانت نفقة رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . وساق الحديث بطوله، وقال في موضع الشاهد: "
…
ثم قمت إلى تأذيني صلاة الصبح، حتَّى إذا صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، خرجت إلى البقيع، فجعلت إصبعي في أذني، فناديت فقلت: من كان يطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم بدين؛ فليحضر، فما زلت أبيع وأقضي، حتَّى لم يَبْقَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم دينٌ في الأرض
…
" هكذا بنفس هذا الإسناد إلا أنَّه زاد في مسند الشاميين كلمة: "فأذنت"، وقد رواه من طريق الطبراني فلم يذكر هذه الكلمة: ابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 316).
وممن تابع أحمد بن خليد الحلبي [وهو: ثقة. مختصر تاريخ دمشق (3/ 93)، الثقات (8/ 53)، السير (13/ 489)، تاريخ الإسلام (21/ 56)، مجمع الزوائد (8/ 210)]، على هذا الحديث، عن أبي توبة الربيع بن نافع به، فلم يذكر هذه الكلمة: أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي [الإمام الحافظ الناقد، المتقن الثَّبت، شيخ المحدثين، إمام علم العلل. التهذيب (3/ 500)، السير (13/ 247)]، والفضيل بن عبد الله [لم أقف على ترجمته]، ومحمد بن عيسى التميمي [هو: محمد بن عيسى بن الحسن بن إسحاق، أبو عبد الله، التميمي البغدادي، المعروف بابن العلاف، حدث بدمشق ومصر وحلب وطرسوس، روى عنه جماعة، ولم أر فيه جرحًا ولا تعديلًا. تاريخ بغداد (2/ 405)، تاريخ دمشق (55/ 61)].
ولفظ أبي حاتم الرازي: "
…
عمدت إلى تأذن صلاة الصبح، حتَّى إذا صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، خرجت إلى البقيع، فجعلت إصبعي في أذني، فناديت، وقلت: من كان يطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم دينًا؛ فليحضر، فما زلت أبيع وأقضي، وأعرض وأقضي، حتى لم يبق على رسول الله صلى الله عليه وسلم دينٌ في الأرض، حتَّى فضل عندي أوقيتان، أو: أوقية ونصف، ثم انطلقت إلى المسجد، وقد ذهب عامة النهار، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في المسجد
…
".
أخرجه البزار (4/ 215/ 1382)، والبيهقي في السنن (6/ 80)، وفي الدلائل (/1 348).
ورواه عن أبي توبة أيضًا: أبو داود (3055)، ومن طريقه: البيهقي (9/ 215)، فلم يذكر موضع الشاهد، بل اختصره.
ورواه يحيى بن أكثم [صدوق، تُكُلم في روايته عمن لم يسمع منه]، عن أبي توبة به، وقال:"أذنت"، بدل:"ناديت"، فهي بمعناها.
أخرجه حماد بن إسحاق في تركة النبي صلى الله عليه وسلم (75).
وتابع أبا توبة عليه، بدون هذه اللفظة أيضًا:
مُعَمَّر بن يَعْمَر [الليثي الدمشقي: ذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"يغرب"، وروى عنه جماعة، وقال ابن القطان: "لم أجد له ذكرًا في كتب الجرح والتعديل، ولكنه ذكره أصحاب المؤتلف والمختلف لضبط اسمه،
…
، حاله مجهولة"، وقال الذهبي: "محله الصدق". التهذيب (4/ 129)، الثقات (9/ 192)، المؤتلف والمختلف (4/ 2026 و 2350)، الإكمال (7/ 269 و 433)، التوضيح (8/ 222)، تاريخ دمشق (59/ 388)، بيان الوهم (4/ 366)، تاريخ الإسلام (15/ 415)، وغيرها]، فرواه عن معاوية بن سلام به، بمثل موضع الشاهد، وسبق ذكره.
أخرجه ابن حبان (14/ 261/ 6351).
وحاصل ما تقدم: أنَّه لا يعتبر هذا الحديث من شواهد وضع الإصبعين في الأذنين عند الأذان؛ لخلوه من موضع الشاهد، ويأتي تخريجه والكلام عليه في موضعه من السنن (3055)، إن شاء الله تعالى.
6 -
مرسل كثير بن مرة الحضرمي:
قال ابن حجر في المطالب (3/ 70/ 226): وقال الحارث [يعني: ابن أبي أسامة]: حدثنا داود بن رُشَيد [ثقة]: ثنا أبو حيوة [شريح بن يزيد الحضرمي الحمصي: ثقة]: ثنا سعيد بن سنان، عن أبي الزاهرية [حدير بن كريب الحضرمي: ثقة]، عن كثير بن مرة الحضرمي صلى الله عليه وسلم، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أول من أذن في السماء جبريل عليه الصلاة والسلام، فسمعه عمر وبلال رضي الله عنهما، فأقبل عمر رضي الله عنه، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما سمع، ثم أقبل بلال رضي الله عنه، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما سمع، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سبقك عمر يا بلال، أذن كما سمعت" قال: ثم أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يضع أصبعيه في أذنيه، استعانة بها على الصوت.
قلت: هو حديث باطل؛ كثير بن مرة الحضرمي: شامي تابعي ثقة، وَهِم مَن عده في الصحابة [التهذيب (3/ 466)، التقريب (515)]، وسعيد بن سنان: أبو مهدي الحمصي: متروك، منكر الحديث، قال الدارقطني:"يضع الحديث"[التهذيب (2/ 25)، الميزان (2/ 143)].
7 -
مرسل سويد بن غفلة:
روى عبد الرزاق في مصنفه (1/ 467/ 1808)، ومن طريقه: ابن المنذر في الأوسط (3/ 27 - 28/ 1178):
عن الحسن بن عمارة [متروك]، عن طلحة بن مصرف [ثقة]، عن سُويد بن غَفَلة [تابعي كبير، ثقة مخضرم، أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يره، قدم المدينة يوم دُفن النبي صلى الله عليه وسلم، قيل: له صحبة، ولا يصح. التاريخ الكبير (4/ 142)، الجرح والتعديل (4/ 234)، الثقات (4/ 321)، الإنابة (1/ 272)، الإصابة (3/ 270)، التهذيب (2/ 136)، وغيرها]، قال: كان بلال وأبو محذورة يجعلان أصابعهما في آذانهما بالأذان.
ورواه الدارقطني في الأفراد (2/ 277/ 1363 - أطرافه) بلفظ آخر، وقال:"تفرد به الحسن بن عمارة، عن طلحة، عنه"، يعني: عن سويد، عن بلال.
وهذا إسناد كوفي، ضعيف جدًّا؛ لأجل الحسن بن عمارة.
وأولى منه: ما رواه أبو نعيم الفضل بن دكين في كتاب الصلاة (214)، قال: حدثنا حسن بن صالح [هو: ابن حي: ثقة حافظ]، عن أبي سعد [لم أعرفه]، قال: رأيت سويد بن غفلة يدخل أصبعيه في أذنيه.
قال ابن حجر في التلخيص (1/ 204): "وفي الأفراد للدارقطني: عن بلال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أذَّنَّا أو أقمنا: أن لا نُزِيل أقدامنا عن مواضعها. إسناده ضعيف".
قلت: قال الدارقطني في الأفراد (2/ 277/ 1362 - أطرافه): "غريب من حديث طلحة بن مصرف عن سويد عنه، تفرد به عبد الله بن بزيع، عن الحسن بن عمارة عنه".
قلت: إسناده واهٍ، الحسن بن عمارة: متروك، وعبد الله بن بزيع الأنصاري: قال ابن عدي: "أحاديثه عن من يروي عنه ليست بمحفوظة، أو عامتها،
…
، وليس هو عندي ممن يحتج به"، وقال الدارقطني: "لين، ليس بمتروك"، وقال أيضًا: "ليس بقوي"، وقال الساجي: "ليس بحجة، روى عنه يحيى بن غيلان مناكير" [الكامل (4/ 253)، سنن الدارقطني (1/ 399) و (2/ 108)، تخريج الأحاديث الضعاف (322)، من تكلم فيه الدارقطني في كتاب السنن (225)، اللسان (4/ 441)].
8 -
مرسل سعيد بن المسيب:
روى ابن وهب في الجامع (470)، ومن طريقه: البيهقي في السنن (1/ 396)، قرئ على ابن وهب: أخبرك ابن لهيعة [ضعيف]، عن سعيد بن محمد الأنصاري [لم أهتد إليه]، عن عيسى بن جارية [هو في الرواية: حارثة، وهو تصحيف] [ليس بالقوي، روى
عنه يعقوب القمي مناكير. التهذيب (3/ 355)، الميزان (3/ 310)، سؤالات ابن الجنيد (122)، ضعفاء النسائي (444)، الكامل (5/ 248)]، عن ابن المسيب، أنَّه قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالًا أن يؤذن، فجعل إصبعيه في أذنيه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر اليه، فلم ينكر ذلك، فمضتِ السُّنَّةُ من يومئذ.
ولا أرى هذا إلا من مناكير عيسى بن جارية هذا، مع أن الإسناد إليه لا يصح.
9 -
مرسل ابن سيربن:
قال أبو داود في المراسيل (24): حدثنا أحمد بن يونس: حدثنا الحسن بن صالح، عن أبي المعتمر - شيخ كان يكون بالحيرة، اسمه: يزيد بن طهمان -، عن ابن سيرين: أن بلالًا جعل أصبعيه في أذنيه، في بعض أذانه، أو: في إقامته، بصوت ليس بالرفيع، ولا بالوضيع.
قال أبو داود: "أصله بصري".
قلت: هذا مرسل؛ محمد بن سيرين: لم يدرك بلالًا، ولم يسمع من قوم ماتوا بعد بلال بزمان [انظر: تحفة التحصيل (277) وغيره]، والراوي عنه: يزيد بن طهمان الرقاشي، أبو المعتمر البصري، نزيل الحيرة: لا بأس به [التهذيب (4/ 418)، العلل ومعرفة الرجال (2/ 544/ 3584)، تاريخ الدوري (4/ 24/ 2955)، سؤالات ابن محرز (1/ 107/ 494)، المعرفة والتاريخ (3/ 276)، تاريخ الإسلام (9/ 337)]، وبقية رجاله ثقات.
وهذه الرواية وهم من أبي المعتمر، رواه أثبت الناس في ابن سيرين فلم يذكروا فيه بلالًا؛ وإنما هو ابن سيرين قوله وفعله.
رواه أيوب السختياني، وابن عون، ويزيد بن إبراهيم التستري، وهشام بن حسان: عن ابن سيرين، قوله وفعله.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (5/ 259)، وعبد الرزاق (1/ 467/ 1804)، وابن أبي شيبة (1/ 191/ 2184 و 2186 و 2187)، وابن عبد البر في الاستذكار (1/ 370).
وفي رواية ابن عون: "كان الأذان أن يقول: الله أكبر الله أكبر، ثم يجعل إصبعيه في أذنيه، وأول من ترك إحدى أصبعيه في أذنيه: ابن الأصم".
خالفه الربيع بن صبيح [ليس بالقوي. انظر: التهذيب (1/ 593)، الميزان (2/ 41)]، فرواه عن ابن سيرين، قال: أول من جعل أصبعه في أذنيه في الأذان: عبد الرحمن الأصم مؤذن الحجاج.
رواه البخاري في التاريخ الكبير (5/ 259)، ورواية ابن عون أولى.
وروي أيضًا عن: الحسن البصري، وسعيد بن جبير، والشعبي، وشريك، وغيرهم.
انظر: كتاب الصلاة لأبي نعيم (213 - 217)، مصنف عبد الرزاق (1/ 467 / 1805 و 1807).
• قال الترمذي بعد رواية عبد الرزاق المدرجة: "حديث أبي جحيفة: حديث حسن
صحيح، وعليه العمل عند أهل العلم: يستحبون أن يدخل المؤذن إصبعيه في أذنيه في الأذان، وقال بعض أهل العلم: وفي الإقامة أيضًا يدخل إصبعيه في أذنيه، وهو قول الأوزاعي.
وقال صالح بن الإمام أحمد في مسائله (43): "وسألته: يستدير المؤذن في الأذان؟ قال: يلتفت يمينًا وشمالًا، ولا يزيل قدميه".
وقال إسحاق الكوسج في مسائله لأحمد وإسحاق (170 و 171): "قلت: المؤذن يجعل إصبعيه في أذنيه؟ قال: إي، والله!
قال إسحاق: نعم، وفي إقامته أيضًا، كذلك قال الأوزاعي.
قلت لأحمد: هل يدور المؤذن في الأذان أو يتكلم؟ قال: لا إلا أن يكون في مَنارةٍ يريد أن يُسمعَ الناسَ، قال: والكلام ليس به بأس.
قال إسحاق: كما قال، ولكن يكون كلامه ذكرًا لله عز وجل، أو حاجةً من سبب الصلاة".
قال ابن رجب في الفتح (3/ 559): "وأكثر العلماء على أن ذلك مستحب، ثم نقل كلام الترمذي والكوسج، ثم قال: "ومذهب مالك: إن شاء جعل إصبعيه في أذانه وإقامته، وإن شاء ترك. ذكره في التهذيب، وظاهر هذا يقتضي أنَّه ليس بسنة. وقد سهل أحمد في تركه،
…
، واستحب الشافعية إدخال الإصبعين في الأذنين في الأذان دون الإقامة".
قلت: والذي في المدونة: "وقال مالك في وضع المؤذن أصبعيه في أذنيه في الأذان، قال: ذلك واسع، إن شاء فعل، وإن شاء ترك"، وكان مالك ينكر الالتفات، إلا أن يريد أن يُسمع، وقال ابن القاسم: ورأيت المؤذنين بالمدينة لا يجعلون أصابعهم في آذانهم [المدونة (1/ 58 و 59)].
وذهب الأحناف إلى استحباب وضع الإصبعين في الأذنين في الأذان والإقامة، وإن لم يفعل أجزأه لحصول الإعلام بدونه [بدائع الصنائع (1/ 151)، فتح القدير (1/ 245)، العناية شرح الهداية (1/ 245)].
مسألة: قال العمراني في الرد على من قال باشتراط القيام مع القدرة، واستقبال القبلة:"الأذان ليس بأعلى حالًا من صلاة النفل، وصلاة النفل تصح مع ترك القيام فيها مع القدرة عليه. ولأن المقصود بالأذان: الإعلام بدخول الوقت، وذلك يحصل وإن كان قاعدًا، أو إلى غير القبلة"[البيان (2/ 73)].
قلت: وقد تقدم الكلام على مشروعية القيام حال الأذان؛ لأنَّه أحرى أن يسمعه من يبعد عن المؤذن، استدلالًا بحديث ابن عمر مرفوعًا:"يا بلال! قم فنادِ بالصلاة"[متفق عليه: البخاري (604)، ومسلم (377)]، وذلك تحت الحديث المتقدم برقم (498)، وأما ما روي في اشتراط ذلك من حديث وائل بن حجر؛ فلا يثبت:
فقد روى صدقة بن عبيد الله المازني [ليس به بأس. الجرح والتعديل (4/ 432)،
الثقات (8/ 320)، لكن الإسناد إليه ساقط بمرة، فلا يثبت من حديثه؛ ففيه: سلمة بن سليمان الضبي، وهو: منكر الحديث. اللسان (4/ 117)، وعنه: عبد الله بن محمد بن سنان الروحي، وهو: متروك، كذاب، يضع الحديث. اللسان (4/ 560)]، وعمير بن عمران العلاف الحنفي [متروك، يحدث بالبواطيل. مسند البزار (11/ 354/ 5175)، ضعفاء العقيلي (3/ 318)، الكامل (5/ 70)، ضعفاء الدارقطني (380)، علل الدارقطني (4/ 194/ 502)، اللسان (6/ 128 و 236)، وهو المتفرد بهذا الحديث عن الحارث بن عنبة، كما قال الدارقطني في الأفراد]:
ثنا الحارث بن عِنَبة، عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه، قال: حق وسنة مسنونة: أن لا يؤذن الرجل إلا وهو طاهر، ولا يؤذن إلا وهو قائم.
أخرجه أبو الشيخ في الأذان [نصب الراية (1/ 292)، نتائج الأفكار (1/ 340)]، والدارقطني في الأفراد (2/ 156/ 4470 - أطرافه)، وفي المؤتلف والمختلف (3/ 1653)، والبيهقي (1/ 392 و 397)، والخطيب في تلخيص المتشابه في الرسم (1/ 253).
قال الدارقطني: "غريب من حديث عبد الجبار بن وائل بن حجر عن أبيه، تفرد به: الحارث بن عِنَبة عنه، وتفرد به: عمير بن عمران عن الحارث بن عنبة".
وقال البيهقي في الموضع الثاني: "عبد الجبار بن وائل عن أبيه مرسل".
وقال ابن عبد البر في الاستذكار (1/ 404): "ووائل بن حجر من الصحابة، وقوله: حق وسنة: يدخل في المسند، وذلك أولى من الرأي، والله الموفق".
قال النووي في الخلاصة (1/ 281/ 795): "وجعله بعض الفقهاء مرفوعًا، وإنما هو: موقوف ضعيف؛ لانقطاعه".
وقال في المجموع (3/ 112): "أما حديث وائل: فرواه البيهقي عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه موقوفًا عليه، وهو موقوف مرسل؛ لأنَّ أئمة الحديث متفقون على أن عبد الجبار لم يسمع من أبيه شيئًا، وقال جماعة منهم: إنما ولد بعد وفاة أبيه بستة أشهر".
وقال ابن رجب في الفتح (3/ 561): "والحارث وعمير: غير مشهورين".
قلت: هو حديث باطل؛ عبد الجبار لم يسمع من أبيه شيئًا، وقد ولد بعد وفاة أبيه بستة أشهر [سيأتي نقل كلام الأئمة في ذلك تحت الحديث رقم (723) إن شاء الله تعالى]، وقد تفرد به عنه: الحارث بن عِنَبة، وهو: مجهول [التاريخ الكبير (2/ 277)، الجرح والتعديل (3/ 85)، الثقات (6/ 175)، المؤتلف للدارقطني (3/ 1653)، المؤتلف لعبد الغني بن سعيد (2/ 524/ 1534)، تلخيص المتشابه في الرسم (1/ 253)، الإكمال لابن ماكولا (6/ 118)، توضيح المشتبه (6/ 158)، ووقع في بعض المصادر: عنبسة، أو: عتبة، وقيل: عتبة، وقيل: عتيبة، وقيل: غنية، وقيل: عمر، وكله تصحيف، وقد اعتمدت ما في التلخيص، حيث قيده بكسر العين، وفتح النون بعدها، وكذا هو في تصحيفات المحدثين (2/ 719)، والمؤتلفَين، والإكمال، وهذا التصحيف الواقع في اسم