المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌43 - باب الخروج من المسجد بعد الأذان - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ٦

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌29 - باب في الإقامة

- ‌30 - باب في الرجل يؤذن ويقيم آخر

- ‌31 - باب رفع الصوت بالأذان

- ‌32 - باب ما يجب على المؤذن من تعاهُد الوقت

- ‌33 - باب الأذان فوق المنارة

- ‌34 - باب في المؤذن يستدير في أذانه

- ‌35 - باب ما جاء في الدعاء بين الأذان والإقامة

- ‌36 - باب ما يقول إذا سمع المؤذن

- ‌37 - باب ما يقول إذا سمع الإقامة

- ‌38 - باب ما جاء في الدعاء عند الأذان

- ‌3).***39 -باب ما يقول عند أذان المغرب

- ‌40 - باب أخذ الأجر على التأذين

- ‌41 - باب في الأذان قبل دخول الوقت

- ‌42 - باب الأذان للأعمى

- ‌43 - باب الخروج من المسجد بعد الأذان

- ‌44 - باب في المؤذن ينتطر الإمام

- ‌4).***45 -باب في التثويب

- ‌46 - باب في الصلاة تُقام ولم يأتِ الإمام ينتظرونه قعودًا

- ‌47 - باب في التشديد في ترك الجماعة

- ‌48 - باب في فضل صلاة الجماعة

- ‌49 - باب ما جاء في فضل المشي إلى الصلاة

- ‌50 - باب ما جاء في المشي إلى الصلاة في الظُّلَم

- ‌51 - باب ما جاء في الهدْي في المشي إلى الصلاة

- ‌52 - باب في من خرج يريد الصلاة فسُبِقَ بها

- ‌53 - باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد

- ‌54 - باب التشديد في ذلك

- ‌55 - باب السعي إلى الصلاة

- ‌56 - باب في الجَمع في المسجد مرتين

- ‌57 - باب فيمن صلى في منزله ثم أدرك الجماعة يصلي معهم

- ‌58 - باب إذا صلى في جماعةٍ ثم أدرك جماعةً، أيعيد

- ‌59 - باب في جماع الإمامة وفضلها

- ‌60 - باب في كراهية التدافع على الإمامة

- ‌ 680)].***61 -باب مَن أحق بالإمامة

- ‌62 - باب إمامة النساء

- ‌63 - باب الرجل يَؤمُّ القوم وهم له كارهون

- ‌64 - باب إمامة البَرِّ والفاجر

- ‌65 - باب إمامة الأعمى

- ‌66 - باب إمامة الزائر

- ‌67 - باب الإمام يقوم مكانًا أرفعَ من مكان القوم

- ‌68 - باب إمامة من صلى بقوم وقد صلى تلك الصلاة

الفصل: ‌43 - باب الخروج من المسجد بعد الأذان

إذا كان في المدينة تتبَّعَ الناسَ في الأذان، إلا أن يكون في قرية وحده. قال إسحاق: كما قال".

وقال ابن المنذر في الأوسط (3/ 42 و 43): "وقد اختلف أهل العلم في أذان الأعمى: فرخصت طائفة في أذانه إذا كان له من يعرفه الوقت، وممن كان هذا مذهبه: الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور. وقال النعمان، ويعقوب، ومحمد: يجزيهم أذانه، وأذان البصير أحب إليهم.

وكرهت طائفة أذان الأعمى، روينا عن ابن عباس، وابن الزبير، والحسن البصري: أنهم كرهوا أذان الأعمى، وعن ابن مسعود أنَّه قال:"ما أحب أن يكون مؤذنوكم عميانكم"، قال أبو بكر: إذا كان للأعمى من يدلُّه على الوقت لم يُكره أذانه؛ إذ في إذن النبي صلى الله عليه وسلم لابن أم مكتوم أن يؤذن وهو أعمى أكبر الحجة في إجازة أذان الأعمى".

وقال ابن رجب في الفتح (3/ 500): "ومقصود البخاري: الاستدلال بحديث ابن عمر على أن أذان الأعمى غير مكروه؛ إذا كان له من يخبره بالوقت، وسواء كان البصير المخبر له مؤذنًا معه، كما كان بلال وابن أم مكتوم، أو كان موكلًا بإخباره بالوقت من غير تأذين.

وهذا هو قول أكثر العلماء، منهم: النخعي، والثوري، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور.

وإن لم يكن معه بصير يخبره بالوقت وكره أذانه، ولو كان عارفًا بالوقت بنفسه ....

وقالت طائفة: يكره أذان الأعمى، روي عن ابن مسعود، وابن الزبير. وعن ابن عباس: أنَّه كره إقامته. وحكى الإمام أحمد عن الحسن: أنَّه كره أذان الأعمى. وهو قول أبي حنيفة وأصحابه. وحكاه القاضي أبو يعلى روايةً عن أحمد، وتأولها على أنَّه لم يكن معه ما يهتدي به".

وانظر: التمهيد (10/ 61)، شرح البخاري لابن بطال (2/ 246)، البيان للعمراني (2/ 71)، المجموع (3/ 111)، شرح مسلم للنووي (4/ 83) و (7/ 202)، المغني لابن قدامة (1/ 248)، طرح التثريب (2/ 185)، الفتح لابن حجر (2/ 99)، وغيرها.

***

‌43 - باب الخروج من المسجد بعد الأذان

536 -

. . . سفيان، عن إبراهيم بن المهاجر، عن أبي الشعثاء، قال: كنا مع أبي هريرة في المسجد، فخرج رجل حين أذَّن المؤذِّن للعصر؛ فقال أبو هريرة: أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم.

• حديث صحيح.

أخرجه الترمذي (204)، وأبو عوانة (1/ 354/ 1266)، وأحمد (2/ 471)، وإسحاق (1/ 262/ 229)، وعبد الرزاق (1/ 508/ 1947)، والبيهقي (3/ 56).

ص: 215

كلهم من طريق الثوري به.

قال الترمذي: "حديث حسن صحيح"، ثم قال:"وأبو الشعثاء اسمه: سليم بن أسود، وهو والد أشعث بن أبي الشعثاء، وقد روى أشعث بن أبي الشعثاء هذا الحديث عن أبيه".

• تابع الثوري عليه، عن إبراهيم بن مهاجر:

1 -

شعبة، عن إبراهيم بن مهاجر، عن أبي الشعثاء المحاربي، قال: كنا قعودًا مع أبي هريرة في المسجد، فأذَّن المؤذن، فقام رجل من المسجد فخرج؛ فقال أبو هريرة: أما هذا فقد عصى [وفي رواية: خالف] أبا القاسم صلى الله عليه وسلم.

أخرجه أبو علي الطوسي في مستخرجه على الترمذي "مختصر الأحكام"(2/ 26/ 186)، والدارمي (1/ 295/ 1205)، وابن خزيمة (3/ 3/ 1506)، وأحمد (2/ 410 و 416)، وإسحاق (1/ 263/ 230)، وابن عدي في الكامل (1/ 215)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 135/ 1897)، والبيهقي في الشعب (3/ 58/ 2862)، والرافعي في التدوين (3/ 340).

وانظر فيمن وهم فيه على شعبة: الكامل لابن عدي (3/ 142).

2 -

أبو الأحوص، عن إبراهيم بن المهاجر، عن أبي الشعثاء، قال: كنا قعودًا في المسجد مع أبي هريرة، فأذَّن المؤذن، فقام رجل من المسجد يمشي، فاتبعه أبو هريرة بصرَه، حتَّى خرج من المسجد؛ فقال أبو هريرة: أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم.

أخرجه مسلم (655/ 258)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 250/ 1463)، وابن ماجة (733)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 213).

هكذا رواه سفيان الثوري، وشعبة، وأبو الأحوص [وهم: ثقات أثبات متقنون] [وغيرهم، كما في علل الدارقطني (11/ 225/ 2246)]: عن إبراهيم بن المهاجر، عن أبي الشعثاء، عن أبي هريرة به.

• خالفهم: عمر بن عبيد الطنافسي [صدوق]، قال: نا إبراهيم بن المهاجر، عن رجل، عن أبي هريرة رضي الله عنه، مثله.

أخرجه إسحاق في مسنده (1/ 264/ 231)، قال: أخبرنا عمر به.

وهذا الرجل المبهم هو: أبو الشعثاء المحاربي، سليم بن أسود بن حنظلة الكوفي، لم يحفظه عمر بن عبيد، وحفظه غيره. وانظر وجهًا آخر من الاختلاف فيه على إبراهيم: علل الدارقطني (11/ 326)، ثم قال:"والصحيح: عن أبي الشعثاء".

• تابع ابراهيم بن مهاجر عليه، عن أبي الشعثاء:

1 -

أشعث بن أبي الشعثاء المحاربي: رواه عنه:

أ - عمر بن سعيد بن مسروق الثوري [ثقة]، عن أشعث بن أبي الشعثاء المحاربي، عن أبيه، قال: سمعت أبا هريرة ورأى رجلًا يجتاز المسجد خارجًا بعد الأذان، فقال: أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم.

ص: 216

أخرجه مسلم (655/ 259)، وأبو عوانة (1/ 353/ 1264)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 251/ 1464)، والنسائي في المجتبى (2/ 29/ 683)، وفي الكبرى (2/ 254/ 1659)، والحميدي (998)، والدارقطني في الأفراد (5/ 291/ 5472 - أطرافه)، والبيهقي (3/ 56)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 213).

كلهم من طريق: سفيان بن عيينة، عن عمر بن سعيد به.

قال الدارقطني: "غريب من حديث عمر بن سعيد بن مسروق - أخي سفيان -، عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن أبيه، تفرد به سفيان بن عيينة عنه".

قلت: غريب صحيح، وابن عيينة: ثقة حافظ.

ب - إسرائيل بن أبي إسحاق [ثقة]، عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن أبيه، قال: كنا مع أبي هريرة في المسجد، فأذن المؤذن، فخرج رجل من المسجد، قال أبو هريرة: أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم.

أخرجه البزار (17/ 105/ 9665)، بإسناد صحيح إلى إسرائيل.

وهذا إسناد صحيح.

ج - المسعودي، عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن أبيه، قال: رأى أبو هريرة رجلًا خرج من المسجد بعد ما أذن المؤذن؛ فقال: أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم.

أخرجه أحمد (6/ 502 و 537)، وأبو نعيم الفضل بن دكين في الصلاة (265)، وابن المنذر في الأوسط (2/ 1118/405).

رواه عن المسعودي: يزيد بن هارون، وأبو النضر هاشم بن القاسم، وأبو نعيم الفضل بن دكين.

والمسعودي: عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة: صدوق؛ إلا أنَّه اختلط، وسماع أبي نعيم منه: صحيح قبل الاختلاط، بخلاف يزيد وهاشم فسماعهما منه كان بعد الاختلاط [انظر: شرح علل الترمذي (2/ 747)، الكواكب النيرات (35)، وغيرهما].

وعليه: فإسناده صحيح.

د - شريك بن عبد الله النخعي [وهو: صدوق، سيئ الحفظ جدًّا]، عن أشعث بن سليم [وهو: أشعث بن أبي الشعثاء]، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّه رأى رجلًا خارجًا من المسجد بعد ما يؤذن فيه، فقال: أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أذن المؤذن: فلا تخرجوا حتَّى تصلوا. وفي رواية: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كنتم في المسجد فنودي بالصلاة فلا يخرج أحدكم حتَّى يصلي". وفي رواية: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا سمعنا النداء أن لا نخرج من المسجد حتَّى نصلي.

أخرجه أحمد (2/ 537)، وإسحاق (1/ 264/ 232)، وأبو داود الطيالسي (4/ 313/ 2711)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (2248)، والبيهقي في الشعب (3/ 58 / 2863)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 212).

ص: 217

هكذا رواه شريك بهذه الزيادة، وانفرد بها دون من رواه من الثقات عن أشعث، ودون من رواه عن أبي الشعثاء؛ فهي زيادة: منكرة.

2 -

ورواه أبو صخرة جامع بن شداد [ثقة]، عن أبي الشعثاء، قال: خرج رجل من المسجد بعد ما نودي بالصلاة؛ فقال أبو هريرة: أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم.

أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 29/ 684)، وفي الكبرى (2/ 254/ 1660)، وأبو عوانة (1/ 353/ 1265)، وبدر بن الهيثم في حديثه (12)، والدارقطني في الأفراد (5/ 292/ 5472 - أطرافه)، وابن حزم في المحلى (3/ 147).

من طريق: جعفر بن عون [ثقة]، عن أبي العميس [عتبة بن عبد الله بن عتبة المسعودي: ثقة]، قال: أنبأ أبو صخرة به.

قال الدارقطني: "تفرد به جعفر بن عون، عن أبي عميس عتبة بن عبد الله، عن أبي صحرة جامع بن شداد عنه".

قلت: هو إسناد كوفي صحيح.

• وله أسانيد أخرى عن أبي هريرة:

1 -

سريج بن يونس، قال: حدثنا أبو حفص عمر بن عبد الرحمن الأبار، عن محمد بن جحادة، عن أبي صالح، قال: رأى أبو هريرة رجلًا قد خرج من المسجد، وقد أذَّن المؤذن؛ فقال: أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم.

أخرجه ابن حبان (5/ 411/ 2062)، والطبراني في الأوسط (5/ 326/ 5448)، وفي الصغير (2/ 817/80)، وأبو نعيم في الحلية (10/ 114)، والبيهقي في الشعب (3/ 58 / 2864)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 212)، والرافعي في التدوين (2/ 358).

قال ابن حبان: "أُضمِر في هذا الخبر شيئان: أحدهما: وقد أذن المؤذن وهو متوضئ، والثاني: وهو غير مؤَدٍّ لفرضه. أبو صالح هذا: من أهل البصرة، اسمه: ميزان، ثقة".

وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن محمد بن جحادة: إلا أبو حفص الأبار، تفرد به: سريج بن يونس".

وقال أبو نعيم: "لم يروه عن محمد بن جحادة: إلا أبو حفص، وعنه: سريج".

قلت: رجاله ثقات، غير أبي صالح، قال ابن حبان:"اسمه: ميزان، ثقة"، قلت: يظهر لي خلاف ذلك، من جهتين:

الأولى: أن أبا صالح ميزان: يروي عنه: سليمان التيمي، وخالد الحذاء، وأبو خلدة خالد بن دينار، وأبو نضرة، والصلت بن دينار، ولم أر من ذكر محمد بن جحادة فيمن يروي عنه، سوى ما في التهذيب، وميزان هذا: ثقة [التاريخ الكبير (8/ 67)، كنى البخاري (88)، الجرح والتعديل (4/ 344) و (8/ 437)، الأسماء المفردة (139)، كنى مسلم (1646)، تاريخ الدوري (3/ 377/ 1837) و (4/ 102/ 3368)، العلل ومعرفة

ص: 218

الرجال (1/ 507/ 1186)، طبقات ابن سعد (7/ 226)، معرفة الثقات (2179)، الثقات (5/ 458)، كنى الدولابي (2/ 655 و 658)، تاريخ أسماء الثقات (1461)، فتح الباب (3888)، الاستغناء (2/ 768/ 894)، المقتنى (3120)].

ومن جهة أخرى: فإن محمد بن جحادة يروي عن أبي صالح عن ابن عباس: حديث زائرات القبور، وقد جزم أحمد، والترمذي، والحاكم، وعبد الحق، وابن القطان، وابن عساكر، وغيرهم: بأن أبا صالح هذا هو: مولى أم هانئ، اسمه: باذام، أو: باذان، [العلل ومعرفة الرجال (3/ 322/ 5435)، جامع الترمذي (320)، المستدرك (1/ 374)، بيان الوهم (5/ 563/ 2788)، التمهيد (3/ 234)، البدر المنير (5/ 348)، التهذيب (4/ 196)]، وقال أبو القاسم البغوي في الجعديات (1500): حدثنا علي بن مسلم: نا أبو داود: نا شعبة، عن محمد بن جحادة، قال: سمعت أبا صالح مولى أم هانئ، وكان قد أكبر، عن ابن عباس، قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور

الحديث. وهذا إسناد صحيح إلى ابن جحادة، مما يؤكد ما ذهب إليه النقاد، وأما ابن حبان فإنه لما أخرج حديث زائرات القبور في صحيحه (7/ 452/ 3179) جزم بأنه ميزان، مثل ما فعل هاهنا.

وعلى هذا: فيقال: إن محمد بن جحادة معروف بالرواية عن أبي صالح مولى أم هانئ باذام، ومن قال بأنه يروي عن أبي صالح ميزان فتلزمه البينة على قوله هذا.

والحاصل: أن هذا الإسناد ضعيف، لأجل أبي صالح مولى أم هانئ باذام، فإنه: ضعيف؛ ويكتب حديثه في الشواهد والمتابعات، والله أعلم.

2 -

أبو مصعب [هو: أحمد بن أبي بكر القاسم بن الحارث الزهري المدني: صدوق]، قال: نا عبد العزيز بن أبي حازم، قال: حدثني أبي وصفوان بن سليم، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يسمع النداء في مسجدي هذا؛ ثم يخرج منه إلا لحاجة؛ ثم لا يرجع إليه إلا منافق".

أخرجه الطبراني في الأوسط (4/ 150/ 3842)، وعنه: أبو نعيم في صفة النفاق (60).

قال الطبراني: حدثنا علي بن سعيد الرازي [حافظ، تفرد بما لم يتابع عليه. اللسان (5/ 542)]، قال: نا أبو مصعب به، ثم قال:"لم يرو هذا الحديث موصولًا عن أبي هريرة، عن صفوان وأبي حازم: إلا ابن أبي حازم، تفرد به: أبو مصعب".

قلت: رجال إسناده مدنيون ثقات - في الجملة -، إلا شيخ الطبراني الرازي، ولا أظنه إلا أنَّه المتفرد به، فيصدق عليه قول الدارقطني:"حدث بأحاديث لم يتابع عليها"[سؤالات السهمي (348)، اللسان (5/ 542)]، ولعدم ثبوت هذا الطريق عند الدارقطني، قال في العلل (9/ 197):"وكذلك قيل: عن ابن أبي حازم، عن أبيه وصفوان بن سليم، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة" ثم رجح عليه المرسل؛ كما سيأتي بيانه.

3 -

عبد العزيز بن عبد الله بن بكر بن عطاء بن الشرود: حدثني أبي، عن جدي،

ص: 219

عن سفيان الثوري، عن عبد الرحمن بن حرملة، عن سعيد بن المسيب: أن أبا هريرة رأى رجلًا وقد خرج من المسجد بعد ما أذن المؤذن؛ فقال: أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم.

أخرجه السهمي في تاريخ جرجان (418)، والدارقطني في العلل (9/ 197/ 1716)، لكن وقع عنده:"عبد العزيز بن الحسن [في المطبوعة: الحسين، وهو خطأ] بن بكر بن شرود"، ثم قال:"تفرد به بكر بن الشرود عن الثوري".

قلت: وهذا منكر من حديث الثوري موصولًا، إنما هو: عن ابن المسيب مرسلًا.

بكر بن عبد الله بن الشرود، وقيل: ابن الشروس: منكر الحديث، كذبه ابن معين، وكان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل، ويروي عن الثوري وغيره: المناكير [انظر: اللسان (2/ 346)، ضعفاء العقيلي (1/ 149)، الكامل (2/ 26)، المجروحين (1/ 196)، وغيرها]، وسئل الدارقطني عن عبد العزيز بن بكر بن الشرود؛ فقال:"هو وأبوه وجده: ضعفاء"[سؤالات السلمي (202)، الإرشاد (1/ 279)، اللسان (5/ 196)].

خالفه: فرواه على الصواب: عبد الله بن وهب، وأبو نعيم، وقبيصة: رووه عن سفيان الثوري:

ورواه أيضًا: يحيى بن سعيد القطان، وسفيان بن عيينة، والأوزاعي، ويحيى بن عبد الله بن سالم:

خمستهم: عن عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي، عن سعيد بن المسيب: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يخرج أحد من المسجد بعد النداء إلا منافق؛ إلا رجل يخرج لحاجته وهو يريد الرجعة إلى المسجد". رواه بعضهم مطولًا، وفيه قصة.

أخرجه أبو داود في المراسيل (25)، والدارمي (1/ 130/ 446)، وابن وهب في الجامع (476)، وعبد الرزاق (1/ 508/ 1946)، والبيهقي (3/ 56)، وذكره الدارقطني في العلل (9/ 197/ 1716)، وقال في المرسل:"وهو الصواب".

قلت: وهذا ضعيف؛ لإرساله، وعبد الرحمن بن حرملة الأسلمي المدني: صدوق، إلا أنَّه كان سيئ الحفظ [انظر: التهذيب (2/ 501) وغيره].

ورواه مالك في الموطأ (1/ 229/ 446) بلاغًا عن سعيد، ولم ينسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم: قال مالك أنَّه بلغه أن سعيد بن المسيب، قال: يقال: لا يخرج أحد من المسجد بعد النداء؛ إلا أحد يريد الرجوع إليه إلا منافق.

قال ابن عبد البر في التمهيد (24/ 212): "وهذا لا يقال مثله من جهة الرأي، ولا يكون إلا توقيفًا، وقد روي معناه مسندًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلذلك أدخلناه".

قلت: يعني بذلك ما ثبت عن أبي هريرة: أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم.

• وفي الباب: عن عثمان بن عفان:

يرويه حرملة بن يحيى [صدوق، كان راويةً لابن وهب]: ثنا عبد الله بن وهب: أنبأنا عبد الجبار بن عمر، عن ابن أبي فروة، عن محمد بن يوسف مولى عثمان بن عفان، عن

ص: 220

أبيه، عن عثمان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أدركه الأذان في المسجد ثم خرج لم يخرج لحاجة وهو لا يريد الرجعة فهو منافق".

أخرجه ابن ماجة (734)، وأبو نعيم في صفة النفاق (61)، والمزي في التهذيب (27/ 63).

خالفه: عمر بن حفص الشيباني [صدوق]: أخبرنا ابن وهب: حدثني عبد الجبار بن عمر: أن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة أخبره، عن محمد بن يوسف، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان بن عفان، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

فذكره.

أخرجه ابن عدي في الكامل (5/ 325).

قال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 93): "هذا إسناد فيه ابن أبي فروة، واسمه: إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة: ضعيف؛ وكذلك عبد الجبار بن عمر".

قلت: إسناده واهٍ بمرة، إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة: متروك، وعبد الجبار بن عمر الأيلي: واهي الحديث.

• والحاصل: أن حديث أبي هريرة: أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم: حديث صحيح. ولا يصح من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.

• قال ابن عبد البر بأنه حديث مسند مرفوع [التمهيد (10/ 175)، الاستذكار (5/ 530)].

وقال ابن بطال: "ومثل هذا لا يكون رأيًا، وإنما يكون توقيفًا"، وذكر أن أهل التصنيف قد أخرجوه في المسند [شرح البخاري لابن بطال (7/ 289)، الفتح (9/ 244)، [وانظر: النكت على ابن الصلاح للزركشي (1/ 413 و 433)، النكت على ابن الصلاح لابن حجر (2/ 530)].

• قال الترمذي: "وعلى هذا العمل عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم: أن لا يخرج أحد من المسجد بعد الأذان إلا من عذر: أن يكون على غير وضوء، أو أمر لا بد منه، ويُروى عن إبراهيم النخعي أنَّه قال: يخرج ما لم يأخذ المؤذن في الإقامة. قال أبو عيسى: وهذا عندنا لمن له عذر في الخروج منه".

وقال ابن قدامة في المغني (1/ 245): "ولا يجوز الخروج من المسجد بعد الأذان إلا لعذر، فأما الخروج لعذر: فمباح، بدليل أن ابن عمر خرج من أجل التثويب في غير حينه، وكذلك من نوى الرجعة لحديث عثمان رضي الله عنه".

وقد ترجم البخاري في الصحيح، في 10 - كتاب الأذان، 24 - باب: هل يخرج من المسجد لعلة؟، ثم أسند حديث أبي هريرة (639) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج وقد أقيمت الصلاة، وعُدِّلت الصفوف، حتَّى إذا قام في مصلاه، انتظرنا أن يكبر انصرف، قال:"على مكانكم"، فمكثنا على هيئتنا حتَّى خرج إلينا ينطف رأسه ماءً، وقد اغتسل.

وهو حديث متفق عليه، تقدم تخريجه برقم (235).

ص: 221

قال ابن رجب في الفتح (3/ 594): "مقصود البخاري بهذا الباب: أنَّه يجوز لمن كان في المسجد بعد الأذان أو بعد الإقامة أن يخرج منه لعذر.

والعذر نوعان:

أحدهما: ما يحتاج إلى الخروج معه من المسجد، ثم يعود لإدراك الصلاة فيه، مثل أن يذكر أنَّه على غير طهارة، أو ينتقض وضوؤه حينئذ، أو يدافعه الأخبثان، فيخرج للطهارة، ثم يعود فيلحق الصلاة في المسجد، وعلى هذا: دل حديث أبي هريرة المخرج في هذا الباب.

والثاني: أن يكون العذر مانعًا من الصلاة في المسجد كبدعة إمامه ونحوه، فيجوز الخروج منه أيضًا للصلاة في غيره، كما فعل ابن عمر رضي الله عنه ثم ذكر حديث أبي داود الآتي بعد حديث [برقم (538)]، ثم قال: وقد استدل طائفة من أصحابنا بهذا الحديث، وأخذوا به.

وأما الخروج بعد الأذان لغير عذر، فمنهي عنه عند أكثر العلماء، قال سعد بن أبي وقاص وسعيد بن المسيب: إذا أذن المؤذن وأنت في المسجد، فلا تخرج حتَّى تصلي. قال ابن المسيب: يقال: لا يفعله إلا منافق. قال: وبلغنا أن من خرج بين الأذان والإقامة لغير الوضوء أنَّه سيصاب. ذكره مالك في الموطأ عنه. قال أصحابنا: لا يجوز ذلك. وقال أصحاب الشافعي: هو مكروه ثم نقل كلام الترمذي، ثم قال: والمروي عن إبراهيم في هذا: ما رواه مغيرة، عن إبراهيم، قال: إذا سمعت الإقامة وأنت في المسجد فلا تخرج. فمفهومه: جواز الخروج قبل الإقامة. وقد حمله الترمذي على العذر، ويشهد لذلك: ما رواه وكيع، عن عقبة أبي المغيرة، قال: دخلنا مسجد إبراهيم وقد صلينا العصر، وأذن المؤذن، فأردنا أن نخرج، فقال إبراهيم: صلوا.

وقد دل على النهي عن ذلك ما روى أبو الشعثاء

ثم ذكر حديث الباب، ثم قال: وهذا كلُّه إذا أذن المؤذن في وقت الصلاة، فإذا أذن قبل الوقت، فإن كان لغير الفجر فلا عبرة بهذا الأذان؛ لأنَّه غير مشروع، وإن كان للفجر فيجوز الخروج من المسجد بعد الأذان قبل طلوع الفجر للمؤذن، نصَّ عليه الإمام أحمد.

وغير المؤذن في معناه؛ فإن حكم المؤذن في الخروج بعد الأذان من المسجد كحكم غيره في النهي عند أكثر العلماء، ونص عليه أحمد، وإسحاق، وقال: لا نعلم أحدًا من السلف فعل خلاف ذلك.

ورخص فقهاء أهل الكوفة، منهم: سفيان وغيره في أن يخرج المؤذن من المسجد بعد أذانه للأكل في بيته".

وانظر: المحلى (3/ 147)، التمهيد (24/ 213)، شرح مسلم للنووي (5/ 157)، المجموع (2/ 205)، وغيرها.

***

ص: 222