المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌66 - باب إمامة الزائر - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ٦

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌29 - باب في الإقامة

- ‌30 - باب في الرجل يؤذن ويقيم آخر

- ‌31 - باب رفع الصوت بالأذان

- ‌32 - باب ما يجب على المؤذن من تعاهُد الوقت

- ‌33 - باب الأذان فوق المنارة

- ‌34 - باب في المؤذن يستدير في أذانه

- ‌35 - باب ما جاء في الدعاء بين الأذان والإقامة

- ‌36 - باب ما يقول إذا سمع المؤذن

- ‌37 - باب ما يقول إذا سمع الإقامة

- ‌38 - باب ما جاء في الدعاء عند الأذان

- ‌3).***39 -باب ما يقول عند أذان المغرب

- ‌40 - باب أخذ الأجر على التأذين

- ‌41 - باب في الأذان قبل دخول الوقت

- ‌42 - باب الأذان للأعمى

- ‌43 - باب الخروج من المسجد بعد الأذان

- ‌44 - باب في المؤذن ينتطر الإمام

- ‌4).***45 -باب في التثويب

- ‌46 - باب في الصلاة تُقام ولم يأتِ الإمام ينتظرونه قعودًا

- ‌47 - باب في التشديد في ترك الجماعة

- ‌48 - باب في فضل صلاة الجماعة

- ‌49 - باب ما جاء في فضل المشي إلى الصلاة

- ‌50 - باب ما جاء في المشي إلى الصلاة في الظُّلَم

- ‌51 - باب ما جاء في الهدْي في المشي إلى الصلاة

- ‌52 - باب في من خرج يريد الصلاة فسُبِقَ بها

- ‌53 - باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد

- ‌54 - باب التشديد في ذلك

- ‌55 - باب السعي إلى الصلاة

- ‌56 - باب في الجَمع في المسجد مرتين

- ‌57 - باب فيمن صلى في منزله ثم أدرك الجماعة يصلي معهم

- ‌58 - باب إذا صلى في جماعةٍ ثم أدرك جماعةً، أيعيد

- ‌59 - باب في جماع الإمامة وفضلها

- ‌60 - باب في كراهية التدافع على الإمامة

- ‌ 680)].***61 -باب مَن أحق بالإمامة

- ‌62 - باب إمامة النساء

- ‌63 - باب الرجل يَؤمُّ القوم وهم له كارهون

- ‌64 - باب إمامة البَرِّ والفاجر

- ‌65 - باب إمامة الأعمى

- ‌66 - باب إمامة الزائر

- ‌67 - باب الإمام يقوم مكانًا أرفعَ من مكان القوم

- ‌68 - باب إمامة من صلى بقوم وقد صلى تلك الصلاة

الفصل: ‌66 - باب إمامة الزائر

أقرأ كان أحق بالإمامة، وقد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه حديثًا"، ثم ذكر حديث عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أم مكتوم على المدينة يصلي بالناس، ثم قال: "وإباحة إمامة الأعمى كالإجماع من أهل العلم، وقد روينا عن ابن عباس أنه أمهم وهو أعمى، وليس في قول أنس بن مالك: وما حاجتهم إليه، نهي عن إمامة الأعمى فيكون اختلافًا".

وقد تقدم الكلام عن إمامة الأعمى وغيره تحت الحديث رقم (590)، في فقه أحاديث باب: من أحق بالإمامة؟.

***

‌66 - باب إمامة الزائر

596 -

. . . أبان، عن بُدَيل: حدثني أبو عطية مولى منا، قال: كان مالك بن حويرث يأتينا إلى مصلانا هذا، فأقيمت الصلاة، فقلنا له: تقدَّمْ فصلِّهْ، فقال لنا: قدِّموا رجلًا منكم يصلِّي بكم، وسأحدِّثكم لم لا أصلي بكم، سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول:"من زار قومًا فلا يَؤمَّهم، ولْيؤمَّهم رجل منهم".

• حديث ضعيف.

أخرجه الترمذي (356)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(2/ 264/ 334)، والنسائي في المجتبى (2/ 787/80)، وفي الكبرى (1/ 421 - 422/ 864)، وابن خزيمة (3/ 12/ 1520)، وأحمد (3/ 436 و 437) و (5/ 53)، وابن أبي شيبة (2/ 32/ 6119)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2/ 181/ 924 و 925)، وابن قانع في المعجم (3/ 45)، والطبراني في الكبير (19/ 286/ 632)، والبيهقي (3/ 126)، والبغوي في شرح السنة (3/ 398/ 835)، والرافعي في التدوين (2/ 412)، والمزي في التهذيب (34/ 93).

وقد تابع أبان بن يزيد العطار عليه:

إبراهيم بن طهمان [ثقة يغرب]، قال: حدثني بديل بن ميسرة، عن أبي عطية، قال: زارنا مالك بن الحويرث، فقلنا: لو صليتَ بنا، قال لنا: ليصلي إمامكم، وسأخبركم بما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إذا زار أحدكم أخاه فلا يؤمَّنَّه ولكن يؤمُّهم بعضهم".

أخرجه الطبراني في الأوسط (1/ 307/ 1032)، بإسناد صحيح إلى ابن طهمان.

قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح" [وكذا هو في نسخة تحفة الأحوذي (2/ 284)، لكن في نسخة الكروخي (30 - ب):"هذا حديث حسن" فقط دون: صحيح، وكذا نقله عنه: أبو علي الطوسي في مستخرجه (334)، وابن العربي في العارضة (2/ 129)، والنووي في الخلاصة (2/ 701/ 2449)، والمنذري في مختصر السنن، والمزي في التهذيب (34/ 94)، وفي التحفة (8/ 339/ 11186) [وأظن أن زيادة (صحيح) بين

ص: 601

القوسين، إنما هي من تصرف المحقق]، والزركشي على مختصر الخرقي (1/ 240)، وابن رجب في الفتح (4/ 135)، وابن حجر في الفتح (2/ 172)، والمناوي في الفيض (6/ 142)، وقال في موضع آخر (1/ 366):"حسن صحيح"، وعليه: فالأظهر عندي -والله أعلم- أن الترمذي حسنه، ولم يصححه، وهذا أقرب لقواعده، [وانظر: حاشية العلامة أحمد شاكر على جامع الترمذي (2/ 187)].

وقد صححه ابن خزيمة، واحتج به أبو داود، والنسائي، وإسحاق بن راهويه.

وقال ابن بطال (2/ 308): "وهذا إسناد ليس بقائم؛ لأن أبا عطية مجهول، يرويه عن مجهول [كذا]، وصلاته عليه السلام في بيت عتبان مخالف له".

وقال الذهبي في تهذيب سنن البيهقي (2/ 1059): "هذا خبر منكر، وأبو عطية: مجهول"[وانظر: الفيض (6/ 142)].

قلت: بديل هو: ابن ميسرة العقيلي، وهو: ثقة، وأبان هو: ابن يزيد العطار، وهو: ثقة، وقد تابعه عليه: إبراهيم بن طهمان، وهو: ثقة أيضًا، لكن علة الحديث في أبي عطية مولى بني عقيل، قال أبو حاتم:"لا يُعرف، ولا يسمى"، وقال ابن المديني:"لا يعرفونه"، وقال ابن القطان:"مجهول"، وقال ابن بطال:"مجهول"، وقال الذهبي في الميزان:"لا يُدرى من هو"، وقال في المغني:"لا يعرف، وخبره منكر"[كنى البخاري (60)، الجرح والتعديل (9/ 414)، الميزان (4/ 553)، المغني (2/ 798)، التهذيب (4/ 558)].

لكن يقابل هذا تصحيح ابن خزيمة له، واحتجاج أبي داود والنسائي بحديثه، ومثل هذا في الغالب مما يرفع حاله.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن المرفوع منه قد جاء معناه من حديث أبي مسعود البدري دون الإذن:

• ففي حديث أبي مسعود البدري مرفوعًا: "ولا يُؤَمُّ الرجلُ في بيته، ولا في سلطانه، ولا يُجلَسُ على تَكْرِمَتِه: إلا بإذنه"[أخرجه مسلم (673/ 291)، وتقدم في السنن برقم (582]، وفيه ما يدل على جواز ذلك إذا أذِن صاحب الحق، وأن الرجلَ في بيته، والأميرَ في سلطانه، والإمامَ الراتب في مسجده، أحقُّ بالإمامة من غيرهم.

قال إسحاق بن منصور الكوسج في مسائله لأحمد وإسحاق (244): "قلت: قوله: "ولا يُؤم الرجل في أهله، ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه"؟ قال: أرجو أن يكون الاستثناء على كله، وأما التكرمة: فلا بأس إذا أذن له. قال إسحاق: كما قال".

• لكن في حديث عتبان بن مالك: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر، فقمنا فصففنا [خلفه]، فصلى ركعتين، ثم سلم.

وكان هذا في بيت عتبان، ولم يستأذنه النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان عتبان هو الذي دعى النبيَّ صلى الله عليه وسلم ليصلي في بيته، فيتخذه مصلى، قال عتبان: وودِدت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنك تأتيني

ص: 602

فَتُصَلِّيَ في بيتي؛ فأتخذه مُصَلًّى [تقدم ذكره تحت الحديث السابق، وقد سبق تخريجه تحت الحديث رقم (553)، وهو حديث متفق عليه].

• وفي حديث أنس:

الذي يرويه إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك: أن جدته مُلَيكة دَعَتْ رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعَتْه له، فأكل منه، ثم قال:"قوموا فلأُصَلِّ لكم"

الحديث [متفق عليه: البخاري (380)، ومسلم (658)، وسيأتي تخريجه في السنن إن شاء الله تعالى برقم (612)].

ففي هذين الحديثين أن النبي صلى الله عليه وسلم أَمَّهم، ولم يستأذنهم، قال أبو بكر الأثرم في الناسخ والمنسوخ (65):"وأما حديث أنس: فإن النبي صلى الله عليه وسلم ليس كغيره، لأنه كان إذا كان مع قومٍ أَمَّهم حيث كانوا"، وحمل حديث مالك بن الحويرث على حديث أبي مسعود بأن لا يؤمَّهم في ناديهم وفي منازلهم حتى يستأذنهم.

وقد ترجم البخاري لحديث عتبان بقوله: "باب إذا زار الإمام قومًا فأمهم"، فدل على أن السلطان له أن يؤم القوم دون إذن منهم؛ لدخولهم في سلطانه، والله أعلم [انظر: المغني (2/ 19)، الفتح لابن حجر (2/ 172)].

• ومما روي في الباب أيضًا:

1 -

حديث عبد الله بن حنظلة الغسيل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الرجل أحق بصدر دابته، وبصدر فراشه، وأحق أن يؤم في رحله".

وهو حديث ضعيف جدًّا، تقدم الكلام عليه وعلى شواهده تحت الحديث رقم (584).

2 -

حديث ابن مسعود:

يرويه إبراهيم بن محمد، قال: أخبرنا معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن ابن مسعود، قال: من السُّنة أن لا يؤمَّهم إلا صاحب البيت.

أخرجه الشافعي في الأم (1/ 157)، وفي المسند (55)، ومن طريقه: البيهقي في المعرفة (2/ 401/ 1545)، والبغوي في شرح السنة (3/ 397/ 834).

وهذا إسناد تالف؛ إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي: متروك، كذبه غير واحد، وفيه أيضًا: انقطاع، فإن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود: حديثه عن جده مرسل [المراسيل (175)، جامع التحصيل (252)، تحفة التحصيل (259)].

ورواه محمد بن النضر الأزدي: ثنا معاوية بن عمرو: ثنا زائدة، عن مغيرة، قال: قال إبراهيم: أتى عبدُ الله أبا موسى، فتحدَّث عنده فحضرت الصلاة، فلما أقيمت تأخَّر أبو موسى، فقال له عبد الله: لقد علمتَ أن من السُّنة أن يتقدم صاحب البيت، فأبى أبو موسى حتى تقدم مولى لأحدهما.

ص: 603

أخرجه الطبراني في الكبير (9/ 8493/89).

وهذا إسناد رجاله ثقات؛ إلا أنه منقطع في موضعين: فإن مغيرة بن مقسم الضبي لم يصرح بسماعه له من إبراهيم النخعي، وقد كان يدلس عن إبراهيم، وهذه الصيغة هنا دالة على أنه لم يسمعه من إبراهيم [انظر: التهذيب (4/ 138)، تحفة التحصيل (313)]، وإبراهيم النخعي إنما يروي عن أصحاب ابن مسعود عنه، وهو هنا يحكي قصة لا ندري هل أخذها إبراهيم عن أصحاب ابن مسعود رواية أم حكاية.

والحاصل: أنه إسناد ضعيف؛ لا تقوم بمثله حجة.

وقد رُويت هذه الواقعة بغير هذا السياق بإسناد ضعيف أيضًا، وليس فيها التصريح بكون ذلك من السنة.

وقد جاء في هذا المعنى آثار عن بعض الصحابة في تقديم صاحب البيت أو إمام المسجد على الزائر، جاء هذا عن: ابن عمر، وابن مسعود، وأبي موسى، وأبي ذر، وأبي حذيفة [انظر: مسند أحمد (1/ 460)، مسائل صالح لأبيه (716)، مصنف ابن أبي شيبة (2/ 30/ 6104)، مسند ابن أبي شيبة (425)، شرح معاني الآثار (1/ 511)، المعجم الكبير للطبراني (9/ 255/ 9262)، سنن البيهقي (3/ 126)، معرفة السنن والآثار (2/ 402/ 1546)، المجموع شرح المهذب (4/ 246)، فتح الباري لابن رجب (4/ 135 - 139)].

• وحاصل مما تقدم: أن الذين صححوا أو حسنوا حديث مالك بن الحويرث، أو احتجوا به نظروا إلى اعتضاده بفعل بعض الصحابة، أو أن بعضه مروي من حديث أبي مسعود البدري وغيره.

وأن الذين ضعفوه نظروا إلى جهالة أبي عطية راويه عن مالك بن الحويرث، وإلى مخالفته لحديث أبي مسعود في الأذن، وحديث عتبان وأنس.

والذي يظهر لي -والله أعلم- أن الصواب مع الذين ضعفوه، فإن أبا عطية هذا لم يوثقه أحد، بل صرح بجهالته جماعة، ولم يرو عنه سوى بديل بن ميسرة، ولا يُعرف له غير هذا الحديث، فإذا انضم إلى هذا: مخالفته للأحاديث الصحيحة الثابتة، كان حديثًا منكرًا، كما قال الذهبي، والله أعلم.

• ومن فقه الحديث:

قال الترمذي: "والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، قالوا: صاحب المنزل أحقُّ بالإمامة من الزائر، وقال بعض أهل العلم: إذا أذن له فلا بأس أن يصلي به، وقال إسحاق بحديث مالك بن الحويرث، وشدَّد في أن لا يصلي أحد بصاحب المنزل، وإن أذن له صاحب المنزل، قال: وكذلك في المسجد لا يصلي بهم في المسجد إذا زارهم، يقول: ليُصلِّ بهم رجل منهم".

وقال الشافعي: "وأكره أن يؤمَّ أحدٌ غيرُ ذي سلطان أحدًا في منزله؛ إلا أن يأذن له الرجل، فإن أذِن له فإنما أمَّ بأمره، فلا بأس إن شاء الله تعالى"[الأم (1/ 157)].

ص: 604