الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: وينهى عن حضورهن تراويح رمضان، ومذهب إسحاق كأبي حنيفة والثوري في ذلك، إلا أنه رخَّص لهن في حضور التراويح في رمضان.
وهؤلاء استدلوا بالأحاديث المقيدة بالليل، وقالوا: النهار يكثر انتشار الفساق فيه، فأما الليل فظلمته مع الاستتار تمنع النظر غالبًا، فهو أستر".
وقال أيضًا (5/ 317 - 320): "فهذه الأحاديث: تدل على أمرين:
أحدهما: أن المرأة لا تخرج إلى المسجد بدون إذن زوجها، فإنه لو لم يكن له إذن في ذلك لأمرها أن تخرج إن أذِن أو لم يأذن،
…
والأمر الثاني: أن الزوج منهي عن منعها إذا استأذنته، وهذا لابد من تقييده بما إذا لم يخف فتنةً أو ضررًا،
…
وبكل حال؛ فصلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد".
وانظر: اختلاف الحديث للإمام الشافعي (127 - 136)، شرح صحيح البخاري لابن بطال (2/ 474)، المنتقى للباجي (1/ 342)، المسالك في شرح موطأ مالك (3/ 358)، شرح النووي لصحيح مسلم (4/ 161)، المجموع (4/ 171)، بدائع الفوائد (3/ 663)، إحكام الأحكام لابن دقيق العيد (1/ 196)، الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (2/ 387)، الموافقات (3/ 324).
***
55 - باب السعي إلى الصلاة
572 -
. . . يونس، عن ابن شهاب: أخبرني سعيد بن المسيب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن: أن أبا هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تَسعَون، وأْتُوها تمشون، وعليكم السَّكِينة، فما أدركتم فصلُّوا، وما فاتكم فأَتِمُّوا".
قال أبو داود: كذا قال الزُّبَيْدي، وابن أبي ذئب، وإبراهيم بن سعد، ومعمر، وشعيب بن أبي حمزة، عن الزهري:"وما فاتكم فأتموا".
وقال ابن عيينة عن الزهري وحده: "فاقضوا".
• حديث متفق على صحته.
• أما حديث يونس بن يزيد:
فأخرجه مسلم (602)، والبخاري في القراءة خلف الإمام (179)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 198/ 1335)، وابن عبد البر في التمهيد (20/ 230).
• وأما حديث محمد بن الوليد الزبيدي:
فلم أقف على من وصله.
• وأما حديث ابن أبي ذئب:
فأخرجه البخاري في الصحيح (636 و 908)، وفي القراءة خلف الإمام (176)، وابن حبان (5/ 518/ 2146)، وأحمد (2/ 532)، والشافعي في السنن المأثورة (66)، والطيالسي (4/ 56 و 100/ 2412 و 2460)، وأبو العباس السراج في مسنده (894)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (1713)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 146 و 221/ 1924 و 2064)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 396)، وأبو العباس الأصم في جزء من حديثه (2 - رواية أبي بكر النيسابوري)، وابن حزم في المحلى (4/ 158 و 262)، والبيهقي في السنن (1/ 407) و (3/ 93)، وفي المعرفة (2/ 375/ 1494)، وأبو بكر بن النقور في فوائده (29).
من طرق عن ابن أبي ذئب، قال: حدثنا الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وعن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة، وعليكم بالسكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا"، وفي رواية:"فاقضوا".
• وأما حديث إبراهيم بن سعد:
فأخرجه مسلم (602)، وأبو عوانة (1/ 417/ 1540)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 198/ 1334)، وابن ماجه (775)، وابن خزيمة (3/ 3 و 136/ 1505 و 1772)، وأبو العباس السراج في مسنده (890 و 893 و 895 و 908)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (1708 و 1711 و 1712 و 1714)، والدارقطني في العلل (9/ 332/ 1797)، والبيهقي في السنن (2/ 297)، وابن عبد البر في التمهيد (20/ 230).
من طريق إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا".
قال الدارقطني: "هذا حديث صحيح".
هكذا رواه عن إبراهيم بن سعد: ابنه يعقوب، ومحمد بن جعفر بن زياد الوركاني، ومحمد بن عثمان بن خالد الأموي أبو مروان العثماني، ويحيى بن آدم، وإبراهيم بن حمزة الزبيري المدني، وعبد الله بن عمران العابدي، وإسحاق بن أبي إسرائيل.
ولإبراهيم بن سعد فيه إسناد آخر، يأتي ذكره برقم (573).
• وأما حديث معمر بن راشد:
فرواه عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري: أخبرني سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، ولكن ائتوها وأنتم
تمشون، وعليكم السكينة، وما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا"، وقال أحمد مرة: "فاقضوا".
أخرجه عبد الرزاق (2/ 211 و 287 و 288/ 3102 و 3399 و 3404)، ومن طريقه: الترمذي (328)، وابن الجارود (306)، وأحمد (2/ 270)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 307/ 1693) و (4/ 53 و 146/ 1789 و 1925)، والدارقطني في العلل (9/ 1797/332)، والبغوي في شرح السنة (2/ 316/ 441)، وقال:"هذا حديث متفق على صحته". وفي التفسير (4/ 342).
ورواه يزيد بن زريع: حدثنا معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
…
فذكره مثله.
أخرجه الترمذي (327).
قال الترمذي: "هكذا قال عبد الرزاق: عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا أصح من حديث يزيد بن زريع".
يعني: أن المحفوظ من حديث معمر: عن سعيد بن المسيب، لا عن أبي سلمة، وذلك لأن عبد الرزاق أحفظ لحديث معمر من أهل البصرة، ومعمر لما حدث بالبصرة لم تكن معه كتبه فحدثهم بالخطأ [انظر: شرح العلل (2/ 767)، وتقدم ذكر ذلك في مواضع].
ومع هذا فالمحفوظ في هذا الحديث عن الزهري: عن سعيد، وعن أبي سلمة، كان ربما أفرد أحدهما، وربما جمع، وكل قد حدَّث بما سمع.
• وأما حديث شعيب بن أبي حمزة:
فأخرجه البخاري في الصحيح (908)، وفي القراءة خلف الإمام (169)، وأبو العباس السراج في مسنده (889)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (1707)، والطبراني في مسند الشاميين (4/ 178/ 3050)، والبيهقي في السنن (2/ 297) و (3/ 228)، وفي المعرفة (2/ 129/ 1067).
من طرق عن شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن: أن أبا هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون عليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا".
• وتابعهم على ذلك أيضًا:
عقيل بن خالد [ثقة ثبت]، ويزيد بن عبد الله بن الهاد [ثقة]، وإبراهيم بن أبي عبلة [ثقة، من تابعي أهل الشام]، ومحمد بن أبي حفصة [صدوق يخطئ]:
رووه عن ابن شهاب، أنه قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف: أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا". لفظ عقيل.
أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (171 - 174)، وأحمد (2/ 239 و 270
و 452)، وأبو العباس السراج في مسنده (897)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (1716)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 396)، وقال:"فاقضوا". والطبراني في مسند الشاميين (1/ 65/ 73)، والدارقطني في العلل (9/ 332/ 1797).
• وأما حديث سفيان بن عيينة:
فأخرجه مسلم (602)، والبخاري في القراءة خلف الإمام (177 و 178)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 198/ 1333)، والترمذي (329)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(2/ 308/220)، والنسائي في المجتبى (2/ 114 - 115/ 861)، وفي الكبرى (1/ 451/ 936)، والدارمي (1/ 331/ 1282) [ووقع عنده:"فأتموا"، وهو وهم]. وابن الجارود (305)، وابن حبان (5/ 517/ 2145)، وأحمد (2/ 238)، والشافعي في السنن المأثورة (65)، والحميدي (935)، وابن أبي شيبة (2/ 138/ 7400)، وأبو العباس السراج في مسنده (892)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (1710)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 396)، وفي أحكام القرآن (1/ 149/ 225)، وابن حزم في المحلى (5/ 74)، والبيهقي في السنن (2/ 221 و 297)، وفي المعرفة (2/ 375/ 1493)، وأبو طاهر السلفي فيما انتخبه على شيخه أبي الحسين الطيوري "الطيوريات"(1084)، وابن الجوزي في التحقيق (1/ 488).
من طرق كثيرة عن سفيان بن عيينة، قال: سمعت الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وأنتم تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فاقضوا".
وقد روى هذا الحديث عن ابن عيينة: أحمد، والشافعي، والحميدي، وعلي بن المديني، وسعيد بن منصور، وإسحاق بن راهويه، وأبو بكر بن أبي شيبة، ومسدد بن مسرهد، وقتيبة بن سعيد، وعمرو بن محمد الناقد، وزهير بن حرب، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وابن أبي عمر العدني، وعبد الأعلى بن حماد النرسي، وعبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الزهري، وابن المقرئ محمد بن عبد الله بن يزيد، وعبد الجبار بن العلاء، وإبراهيم بن بشار الرمادي.
قال أحمد بن سلمة [أبو الفضل النيسابوري البزاز، رفيق مسلم في الرحلة: حافظ حجة. السير (13/ 373)]: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: "لا أعلم هذه اللفظة رواها عن الزهري غير ابن عيينة: "واقضوا ما فاتكم". قال مسلم: أخطأ ابن عيينة في هذه اللفظة"[السنن الكبرى للبيهقي (2/ 297)، مختصر الخلافيات للبيهقي (2/ 168)].
• وتابع ابن عيينة عليه:
سليمان بن كثير، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به.
أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (175).
ويحيى بن سعيد الأنصاري، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة بن
عبد الرحمن، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وأنتم تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فاقضوا".
أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (170)، وأحال لفظه على حديث شعيب، وهو بلفظ:"فأتموا". والبزار (14/ 142 - 143/ 7664)، واللفظ له.
قلت: سليمان بن كثير العبدي: ليس به بأس إلا في الزهري؛ فإنه يخطئ عليه كثيرًا، وأخاف أن تكون رواية البزار خطأ على يحيى بن سعيد، فإن تصرف البخاري يدل على أنها مثل رواية الجماعة، وأما رواية ابن أبي ذئب ومعمر فإن رواية الأكثرين عنهما بلفظ:"فأتموا"، وعليه فإن المتفرد بهذه اللفظة من ثقات أصحاب الزهري: هو ابن عيينة، كما قال مسلم وأبو داود، وعليه: فالمحفوظ عن الزهري: رواية الجماعة من ثقات أصحابه بلفظ: "فأتموا"، والله أعلم.
• وانظر في الأوهام على الزهري: علل الدارقطني (9/ 332 و 333/ 1797).
قلت: أما الاختلاف على الزهري في ذكر سعيد وأبي سلمة، فكلاهما محفوظ عن الزهري، قال الدارقطني في العلل (9/ 331 - 332):"وهو محفوظ عنهما، وكان الزهري ربما أفرده عن أحدهما، وربما جمعه".
***
وقال محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة:
وجعفر بن ربيعة، عن الأعرج، عن أبي هريرة:"فأتموا".
وابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأبو قتادة، وأنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
كلهم قالوا: "فأتموا".
• أما حديث محمد بن عمرو:
فأخرجه هشام بن عمار في جزء من حديثه (109)، الطحاوي في شرح المعاني (1/ 396)، والخطابي في غريب الحديث (1/ 715)، والبيهقي في السنن (2/ 297).
من طرق عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا ثوب بالصلاة فعليكم بالسكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا".
وهو حديث صحيح، تابع فيه محمدُ بن عمرو بن علقمة: الإمامَ ابن شهاب الزهري، وغيره، كما سيأتي.
• وأما حديث جعفر بن ربيعة:
فلم أقف على من وصله من طريق جعفر بن ربيعة [وهو: مصري، ثقة].
وتابعه عليه: ابن لهيعة [ضعيف]، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"لا تأتوا الصلاة وأنتم تسعون، وأتوها تمشون مطمئنين، عليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا".
أخرجه ابن وهب في الجامع (418)، عن ابن لهيعة به.
وهو حديث صحيح.
• وله طرق أخرى عن أبي هريرة، بلفظ:"فأتموا":
1 -
مالك بن أنس، وإسماعيل بن جعفر، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي:
عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، وإسحاق بن عبد الله [أو: إسحاق أبي عبد الله]: أنهما أخبراه بما سمعا أبا هريرة، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا ثُوِّب للصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا، فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة".
هذا إسناد مالك، وتفرد بذكر إسحاق بن عبد الله في الإسناد، واختلف على مالك، فرواه أصحاب الموطأ: عن مالك، عن العلاء، عن أبيه، وإسحاق بن عبد الله [أو: إسحاق أبي عبد الله]، عن أبي هريرة. ورواه إسحاق الطباع، وابن مهدي، وغيرهما، عن مالك، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة.
قال الدارقطني في العلل (11/ 72/ 2131): "والقولان محفوظان، قلت [يعني: البرقاني، راوي العلل عن الدارقطني]: إسحاق أبو عبد الله من هو؟ قال: لا يُعرف إلا في هذا الحديث".
قلت: هو إسحاق مولى زائدة، المترجم له في التهذيب، وثقه ابن معين والعجلي، وذكره ابن حبان في الثقات [التهذيب (1/ 131)].
أخرجه مسلم (602/ 152)، والبخاري في القراءة خلف الإمام (183 - 185)، وأبو عوانة (1/ 344 و 417/ 1231 و 1232 و 1542)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 199/ 1336)، ومالك في الموطأ (1/ 115/ 175)، والشافعي في السنن المأثورة (67)، وأحمد (2/ 237 و 460 و 529)، وابن خزيمة (2/ 135 - 136/ 1065)، وابن حبان (5/ 522/ 2148)، وعلي بن حجر السعدي في حديث إسماعيل بن جعفر (254)، وأبو يعلى (11/ 383/ 6497)، وأبو العباس السراج في مسنده (898 و 899)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (1717 - 1719)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 396 و 397)، وفي المشكل (14/ 196 - 199/ 5571 - 5573)، وفي أحكام القرآن (1/ 149/ 223 و 224)، والجوهري في مسند الموطأ (620)، والبيهقي في السنن (2/ 298) و (3/ 228)، وفي المعرفة (2/ 514/ 1780)، والبغوي في شرح السنة (2/ 317/ 442)، وقال:"هذا حديث صحيح".
2 -
عبد الرزاق، عن معمر، عن همام بن منبه: أنه سمع أبا هريرة، يقول: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا نودي بالصلاة فأتوها وأنتم تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا".
أخرجه عبد الرزاق (2/ 288/ 3403)، ومن طريقه: مسلم (602/ 153)، وأبو عوانة (1/ 345 و 355 و 417/ 1233 و 1273 و 1541)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 199/ 1337)، وأحمد (2/ 318)، وأبو العباس السراج في مسنده (896)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (1715)، والبيهقي في السنن (2/ 295 و 298)، وهو في صحيفة همام برقم (109).
وانظر في الأوهام والمناكير: المعجم الأوسط للطبراني (1/ 296/ 983).
• وأما حديث ابن مسعود: فلم أقف عليه موصولًا.
• وأما حديث أبي قتادة:
فيرويه يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، قال: بينما نحن نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم، إذ سمع جَلَبة رجال، فلما صلى قال:"ما شأنكم؟ " قالوا: استعجلنا إلى الصلاة، قال:"فلا تفعلوا؛ إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا"، وفي رواية:"وما سُبِقتم فأتموا"، وفي أخرى:"وما سبقكم فأتموا".
أخرجه البخاري في الصحيح (635)، وفي القراءة خلف الإمام (165)، ومسلم (603)، وأبو عوانة (1/ 417/ 1543)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 200/ 1339)، والدارمي (1/ 332/ 1283)، وابن خزيمة (3/ 71/ 1644)، وابن حبان (5/ 519/ 2147)، وأحمد (5/ 306)، وأبو العباس السراج في مسنده (903 - 905)، والطبراني في الأوسط (1/ 143/ 453)، وأبو نعيم في تسمية ما انتهى إلينا من الرواة عن الفضل بن دكين (46)، وابن حزم في المحلى (5/ 74)، والبيهقي في السنن (2/ 298) و (3/ 228).
وانظر فيمن وهم في إسناده: المعجم الأوسط (2/ 134/ 1489).
• وأما حديث أنس:
فيرويه عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون [ثقة فقيه]، وسليمان بن حيان [أبو خالد الأحمر: صدوق]:
روياه عن حميد، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء أحدكم إلى الصلاة فليمشِ على هِينَته، فما أدركه صلى، وما سبقه أتم". لفظ سليمان عند أحمد.
أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (167)، وأحمد (3/ 229)، والضياء المقدسي في المختارة (6/ 46/ 2017).
• خالفهما جماعة، فرووه من حديث أنس بلفظ:"وليقض".
رواه حماد بن سلمة، وإسماعيل بن جعفر بن أبي كثير، وعبد الله بن بكر السهمي، وخالد بن الحارث، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، ومحمد بن إبراهيم بن أبي
عدي، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وعبد الوهاب بن عطاء، ومحمد بن عبد الله الأنصاري، وسهل بن يوسف الأنماطي، ومروان بن معاوية الفزاري، وعلي بن عاصم [وهم ثقات في الجملة]، وإبراهيم بن عبد الحميد بن ذي حماية [ما به بأس. الجرح والتعديل (2/ 113)، الثقات (6/ 13)، التاريخ الكبير (1/ 305)]، وعبد الله بن عمر العمري [ليس بالقوي] [وهم (14) رجلًا]:
رووه عن حميد، عن أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا جاء أحدكم إلى الصلاة فليمش على هِينته [وفي رواية: على هيئته، وفي أخرى: فليمشِ نحو ما كان يمشي]، فليصل ما أدرك، وليقض ما سبقه".
أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (166 و 168)، وأبو داود (763)، وأبو عوانة (1/ 430/ 1602 و 1603)، وأحمد (6/ 103 و 188 - 189 و 243 و 252)، وابن وهب في الجامع (419)، وعبد الرزاق (2/ 288 - 289/ 3407)، وابن أبي عمر العدني في مسنده (2/ 329/ 1807 - إتحاف الخيرة)، وعلي بن حجر السعدي في حديث إسماعيل بن جعفر (70)، والبزار (13/ 156/ 6568)، وأبو يعلى (6/ 436 و 468/ 3814 و 3876)، وأبو العباس السراج في مسنده (909 - 911)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 397)، وفي المشكل (14/ 287/ 5624)، وفي أحكام القرآن (1/ 149/ 226)، والطبراني في الأوسط (4/ 351/ 4406)، وفي مسند الشاميين (3/ 361/ 2466)، والبيهقي في السنن (3/ 228)، والخطيب في الموضح (2/ 85)، بلفظ الإتمام، وهو وهم. والبغوي في شرح السنة (3/ 116/ 633)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (32/ 167)، والضياء المقدسي في المختارة (6/ 45 و 47/ 2015 و 2016 و 2018).
ورواه بعضهم مطولًا، قال: جاء رجل أسرع المشي، فانتهى إلى القوم وقد انبهر، فقال حين قام في الصلاة: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة قال:"من المتكلم؟ - أو: من القائل؟ -"، قال: فسكت القوم، فقال:"من المتكلم؟ - أو: من القائل؟ -، فإنه قال خيرًا - أو: لم يقل بأسًا -" فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! انتهيت إلى الصف وقد انبهرت، أو: حفزني النفس، قال:"لقد رأيت اثني عشر ملكًا يبتدرونها، أيهم يرفعها".
ثم قال: "إذا جاء أحدكم إلى الصلاة فليمش على هِينته، فليصل ما أدرك، ويقضِ ما سبقه"[لفظه عند أحمد (3/ 188 - 189)].
وانظر في الأوهام: المعجم الأوسط (3/ 129/ 2697).
والحديث أصله في مسلم (600) بدون هذه الزيادة موضع الشاهد، وتقدم تخريجه مختصرًا في الذكر والدعاء (1/ 163)، وسيأتي تخريجه مفصلًا في موضعه من السنن إن شاء الله تعالى.
• وفي الباب أيضًا مما رُوي بلفظ الإتمام:
عن البراء بن عازب [عند: الخطيب في المتفق والمفترق (2/ 1146/ 714)، وفي إسناده: سوار بن مصعب الهمداني: متروك، منكر الحديث. اللسان (4/ 216)].
***
573 -
. . . شعبة، عن سعد بن إبراهيم، قال: سمعت أبا سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ائْتُوا الصلاة وعليكم السكينةُ، فصلوا ما أدركتم، واقضوا ما سَبَقكم".
قال أبو داود: وكذا قال ابن سيرين، عن أبي هريرة:"ولْيقْضِ".
وكذا قال أبو رافع عن أبي هريرة.
وأبو ذر: رُوي عنه: "فأتموا" و"اقضوا"، واختُلِف فيه عنه.
• حديث صحيح.
حديث شعبة: أخرجه أحمد (2/ 382 و 386)، والطيالسي (4/ 108 - 109/ 2471)، والبزار (15/ 224/ 8644)، وأبو العباس السراج في مسنده (907)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 396)، وابن حزم في المحلى (3/ 244)، وابن عبد البر في التمهيد (20/ 231).
واختلف فيه على سعد بن إبراهيم:
أ - فرواه شعبة، عن سعد به هكذا.
وتابعه عليه: إبراهيم بن سعد، فرواه عن أبيه، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به مرفوعًا، بلفظ:"فاقضوا".
أخرجه ابن خزيمة (3/ 3 و 136/ 1505 و 1772)، وأبو العباس السراج في مسنده (908)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 396)، والدارقطني في العلل (9/ 332/ 1797)، والبيهقي في السنن (2/ 297)، وابن عبد البر في التمهيد (20/ 230).
قال الدارقطني: "هذا حديث صحيح".
قلت: رواه عن إبراهيم بن سعد به هكذا: عبد الله بن وهب، وإسماعيل بن موسى الفزاري، وإبراهيم بن حمزة الزبيري المدني، وإسحاق بن أبي إسرائيل، ومحمد بن جعفر الوركاني.
هكذا روى إبراهيم بن سعد هذا الحديث عن شيخين عن أبي سلمة، رواه مرة عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا". ورواه مرة أخرى عن أبيه، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به مرفوعًا، بلفظ:"فاقضوا".
وهو محفوظ عنه بالإسنادين، فإن لفظه عن الزهري، غير لفظه عن أبيه سعد، وقد رواه عنه بالإسنادين جماعة من الثقات: إسماعيل بن موسى الفزاري، وإبراهيم بن حمزة الزبيري المدني، وإسحاق بن أبي إسرائيل، ومحمد بن جعفر الوركاني، والله أعلم.
ب - ورواه الثوري، واختلف عليه في لفظه:
فرواه عبد الرزاق، ومعاوية بن هشام، ووكيع بن الجراح [من رواية أحمد بن منيع، وأبي كريب محمد العلاء عنه]:
عن الثوري، عن سعد بن إبراهيم، قال: حدثني عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أتى منكم الصلاة فليأتها بوقار وسكينة، فليصل ما أدرك، وليقض ما فاته" أو: "سبقه". هكذا بلفظ القضاء.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 288/ 3405)، وأحمد (2/ 282)، والسراج في مسنده (906).
ورواه عبد الرحمن بن مهدي، ووكيع بن الجراح [من رواية أحمد بن حنبل، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وابن أبي شيبة عنه، لكن سقط من إسناد ابن أبي شيبة: عن أبيه]:
عن سفيان الثوري، عن سعد بن إبراهيم، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتيتم الصلاة فأتوها بالوقار والسكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا". هكذا بلفظ الإتمام.
أخرجه أحمد (2/ 472)، وابن أبي شيبة (2/ 138/ 7401) (7479 - ط عوامة) [وسقط من إسناده: أبو سلمة]. وابن عدي في الكامل (5/ 41).
• ورواه أبو عوانة: حدثنا عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا سمع أحدكم الإقامة فلْيَأتِ عليه السكينة، فما أدرك فليُصلِّ، وما فاته فَلْيُتِمَّ"، وفي رواية:"وليقض ما فاته".
أخرجه أحمد (2/ 387)، والبزار (15/ 236/ 8676).
قال الدارقطني في العلل (9/ 302/ 1778) بعد رواية شعبة وإبراهيم بن سعد: "ولم يذكرا فيه عمر بن أبي سلمة، وهو صحيح عن عمر بن أبي سلمة، حدث به عنه أبو عوانة، ويشبه أن يكون سعد بن إبراهيم حفظه عن أبي سلمة، وعن عمر ابنه، والله أعلم".
وهو كما قال، ولا يضر وجود عمر بن أبي سلمة في الإسناد [فإن عمر: ليس بالقوي. انظر: التهذيب (3/ 230)، الميزان (3/ 201)، إكمال مغلطاي (10/ 64)]، فقد توبع عليه، تابعه: سعد بن إبراهيم، وابن شهاب الزهري، ومحمد بن عمرو.
• وأما حديث ابن سيرين:
فيرويه: أيوب السختياني، ويونس بن عبيد، وعبد الله بن عون، وعوف بن أبي جميلة، وهشام بن حسان، وخالد الحذاء، وعاصم بن سليمان الأحول، وأبو هلال
الراسبي محمد بن سليم، وسالم بن عبد الله الخياط، وقتادة [على الشك، هل رواه أم لا]: عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا ثُوِّبَ بالصلاة فلا يَسْعَ إليها أحدُكم، ولكن لِيمْشِ وعليه السكينةُ والوقارُ، صَلِّ ما أدركتَ، واقْضِ ما سَبقكَ".
أخرجه مسلم (602/ 154)، والبخاري في القراءة خلف الإمام (186 - 189)، وأبو عوانة (1/ 355 و 417 و 418/ 1274 و 1544 و 1545)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 199/ 1338)، وأحمد (2/ 382 و 427) و (3/ 243)، وابن أبي شيبة (2/ 138/ 7403)[موقوفًا، والصحيح رفعه]. والبزار (17/ 222 و 250 و 258 و 269 و 301/ 9886 و 9932 و 9942 و 9965 و 10042)، وأبو العباس السراج في مسنده (900 - 902)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (1720 - 1722)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 396)، وابن الأعرابي في المعجم (2/ 658/ 1309)، وفيه:"فأتموا"، وهو وهم. والطبراني في الأوسط (1/ 290/ 948) و (9/ 98/ 9240)، وابن عدي في الكامل (3/ 345)، وأبو الحسن علي بن عمر الحربي في فوائده (133)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 399)، والبيهقي في السنن (2/ 298)، والخطيب في الموضح (1/ 438)، وبيبي في جزئها (22).
وربما رواه بعضهم عن ابن سيرين موقوفًا، ولا يضره ذلك، لما عُلم من عادة ابن سيرين، قال الدارقطني في العلل (10/ 29/ 1830):"ورفعه صحيح، وقد عرفت عادة ابن سيرين أنه ربما توقف عن رفع الحديث توقيًا".
وانظر فيمن وهم فيه على هشام بن حسان، فصحف ابن سيرين، وجعله من مسند سعد بن أبي وقاص: المعجم الأوسط (2/ 87/ 1335).
• وأما حديث أبي رافع:
فيرويه محمد بن جعفر غندر، وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف:
كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي رافع، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أقيمت الصلاة فامشوا إليها، وعليكم السكينة والوقار، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فاقضوا".
علقه البخاري في القراءة خلف الإمام (190)، ووصله أحمد (2/ 489).
وغندر ممن روى عن ابن أبي عروبة بعد الاختلاط، والخفاف ممن روى عنه في الحالين، ولم يميز بينهما، فلا يثبت لدينا أن هذا الحديث مما رواه في حال الصحة.
قال الدارقطني في العلل (11/ 209/ 2226): "وخالفه قول همام وحجاج عن قتادة، وحديث أبي رافع: أشبه بالصواب، وقتادة: لم يسمع من أبي رافع، وإنما سمع حديث أبي رافع عن الحسن البصري عن خلاس بن عمرو عنه".
وقد خولف ابن أبي عروبة في لفظه:
رواه يونس بن عبيد، عن الحسن، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أُقيمت الصلاة فأتوها وعليكم السكينة والوقار، فصلوا ما أدركتم، وأتموا ما فاتكم".
أخرجه ابن خزيمة (3/ 72/ 1646)، والعقيلي في الضعفاء (2/ 160)(2/ 531 - ط الصميعي).
من طريق: معاوية بن عبد الله بن معاوية بن عاصم بن المنذر بن الزبير، قال: حدثنا سلام بن سليمان أبو المنذر القارئ: حدثنا يونس به.
قال العقيلي: "الرواية فيه ثابتة بغير هذا الإسناد".
قلت: سلام بن سليمان أبو المنذر القارئ: ليس به بأس، ومعاوية بن عبد الله الزبيري: لا بأس به [التعجيل (1051)]، لكن رواه هشيم [وهو: ثقة ثبت، من أصحاب يونس]، عن يونس، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة [وتقدم]، وهو الأقرب للصواب، فهو كما قال العقيلي، حيث أنكره على سلام أبي المنذر، وقال:"لا يتابع على حديثه".
• ورواه بعضهم عن حماد بن زيد: ثنا أبو عمرو بن العلاء، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أقيمت الصلاة فائتوها وعليكم السكينة والوقار، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا".
أخرجه ابن عدي في الكامل (2/ 340)، والدارقطني في الأفراد (5/ 158/ 4997 - أطرافه)، وفيما انتخبه من حديث أبي الطاهر الذهلي (95)، وتمام في الفوائد (1082).
ولا يصح هذا من حديث حماد بن زيد، إنما يرويه حماد عن أيوب عن ابن سيرين، كما تقدم.
• والمحفوظ في هذا عن الحسن:
هو ما رواه عوف الأعرابي، عن الحسن، قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا نودي للصلاة فلا تأتوها تسعَون، ولكن امْشُوا مشيًا، عليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما سبقكم فاقضوا".
أخرجه أحمد (2/ 382).
وحاصل ما تقدم: أن الحديث لا يصح عن أبي رافع، عن أبي هريرة، والله أعلم.
• ورواه أيضًا: عمر بن قيس، عن عطاء، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، ولكن امشوا وعليكم السكينة، وصلوا ما أدركتم، واقضوا ما فاتكم".
أخرجه ابن مخلد البزاز في حديثه عن شيوخه (74).
ورفعه منكر، عمر بن قيس المكي، المعروف بسندل: متروك، منكر الحديث، يحدث عن عطاء ببواطيل لا تحفظ عنه [التهذيب (3/ 247)].
وهذا إنما يرويه عطاء عن أبي هريرة قوله، موقوف عليه، هكذا رواه عن عطاء بن أبي رباح أثبت الناس فيه:
أخرجه عبد الرزاق (2/ 287 - 288/ 3402)، ومن طريقه: أبو العباس السراج في مسنده (891)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (1709).
رواه عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن عطاء، عن أبي هريرة، قال: إذا كان أحدكم مقبلًا إلى الصلاة فأقيمت الصلاة؛ فليمش على رسله، فإنه في صلاة، فما أدرك فليصلِّ، وما فاته فليقضه [أو: فليصلِّ] بعد.
• وبعد هذا السرد المفصل لطرق حديث أبي هريرة، يحسن تلخيص ما تقدم، ليظهر لنا من رواه بلفظ الإتمام، ومن رواه بلفظ القضاء:
اختلف فيه على أبي سلمة، فرواه عنه بلفظ الإتمام أحفظ أصحابه، وأكثرهم عنه رواية: الزهري، وتابعه: محمد بن عمرو بن علقمة، وخالفهما فرواه بلفظ القضاء: سعد بن إبراهيم، واختلفت الرواية عن عمر بن أبي سلمة، وعليه فالمحفوظ عن أبي سلمة: رواية: "فأتموا"، وتابعه عليها من أصحاب أبي هريرة: سعيد بن المسيب، وهمام بن منبه، وعبد الرحمن بن يعقوب الحرقي، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج.
وخالفهم فرواه بلفظ القضاء: محمد بن سيرين، وهو من أحفظ أصحاب أبي هريرة، ولم تثبت الرواية فيه عن أبي رافع.
وعليه: فجمهور أصحاب أبي هريرة الثقات الحفاظ، والمكثرين عنه: رووه بلفظ الإتمام، وتفرد ابن سيرين بلفظ القضاء، ورواية الجماعة أولى، والله أعلم.
مع العلم بأنه لا مخالفة بين اللفظين من جهة المعنى - كما سيأتي بيانه -، وعليه فتكون رواية ابن سيرين بالمعنى، ورواية الجماعة باللفظ، والله أعلم.
قال البيهقي في السنن (2/ 298): "والذين قالوا: "فأتموا" أكثر وأحفظ وألزم لأبي هريرة رضي الله عنه، فهو أولى، والله تعالى أعلم".
وقد تابع أبا هريرة على لفظ الإتمام: أبو قتادة رضي الله عنه.
• وأما حديث أبي ذر:
فيرويه عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن رجل، عن أبي ذر، قال: من أقبل يشهد الصلاة، فأقيمت وهو في الطريق؛ فلا يسرع، ولا يزد على مشيته الأولى، فما أدرك فليصلِّ مع الإمام، وما لم يدرك فليتمه. موقوف.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 290/ 3412).
ورواه في موضع آخر (2/ 38/ 2400)، عن ابن جريج، قال: أخبرني معمر وابن دينار، عن رجل سماه، عن أبي ذر به، وفيه زيادة.
خالف ابنَ جريج: سفيانُ بن عيينة، فرواه عن عمرو بن دينار، عن رجل من بني غفار، عن أبي نضرة، عن أبي ذر مثله.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 290/ 3413).
ثم قال عبد الرزاق: ذكره ابن جريج، عن عمرو، عن رجل، عن أبي ذر.
وخالفهما: حماد بن زيد، وأيوب السختياني، فروياه عن عمرو بن دينار، عن أبي نضرة، عن أبي ذر، قال: إذا أقيمت الصلاة، فليمش إليها أحدكم، كما كان يمشي قبل ذلك، فما أدرك فليصل، وما فاته فليتمه. هذا لفظ حماد، وقال أيوب:"صل ما أدركت، واقضِ ما سبقكَ".
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 138/ 7402)، قال: حدثنا ابن علية، عن أيوب به. وابن المنذر في الأوسط (4/ 147/ 1927)، بإسناد صحيح إلى حماد.
والمحفوظ: ما رواه سفيان بن عيينة، فإنه أحفظ القوم لحديث عمرو بن دينار، وهو أحفظ لحديث عمرو من ابن جريج، ومن حماد بن زيد، كما صرح بذلك الأئمة [شرح علل الترمذي (2/ 684)].
وعليه: فلا يصح إسناده لأبي ذر؛ لإبهام الرجل الغفاري، والله أعلم.
• وفي الباب أيضًا مما رُوي بلفظ القضاء:
1 -
عن أبي بكرة:
يرويه عبد الله بن عيسى أبو خلف الخزاز، عن يونس، عن الحسن، عن أبي بكرة، رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الصبح، فسمع نفسًا شديدًا، أو بهرًا من خلفه، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكرة:"أنت صاحب هذا النفس؟ " قال: نعم، جعلني الله فداك، خشيت أن تفوتني ركعة معك فأسرعت المشي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"زادك الله حرصًا ولا تعد، صل ما أدركت، واقض ما سبق".
أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (195).
وهو حديث منكر، تفرد فيه بهذه الزيادة:"صل ما أدركت، واقض ما سبق": عبد الله بن عيسى أبو خلف الخزاز، وهو: منكر الحديث، ينفرد عن يونس بما لا يتابع عليه [التهذيب (2/ 401)، الميزان (2/ 470)]، وقد رواه الثوري، عن يونس، عن الحسن: مرسلًا، بدون هذه الزيادة [أخرجه عبد الرزاق (2/ 283/ 3378)]، ورواه وهيب، عن يونس، عن الحسن: أن أبا بكرة
…
، فذكر الحديث بدون هذه الزيادة [أخرجه الدارقطني فيما انتقاه من حديث أبي الطاهر (42)].
وحديث أبي بكرة قد رواه عن الحسن بدون هذه الزيادة: زياد الأعلم، وقتادة، وهشام بن حسان، وأبو حرة واصل بن عبد الرحمن [وهم: ثقات]، وعنبسة بن أبي رائطة الغنوي الأعور، وإسماعيل بن مسلم المكي، والربيع بن صبيح، وأبو أمية عبد الكريم بن أبي المخارق [وهم ضعفاء][أخرجه البخاري في صحيحه (783)، وسيأتي تخريجه في موضعه من السنن برقم (683 و 684)، إن شاء الله تعالى].
2 -
عن ابن عمر: مرفوعًا، ولفظه:"إذا أقيمت الصلاة فدُبُّوا دبيبًا، ولا تسعوا سعيًا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فاقضوا؛ فإن الله يحب القضائين".
أخرجه الخطيب في الموضح (1/ 538).
وهو حديث منكر؛ تفرد به أبو الوفاء جعفر بن ميسرة الأشجعي، عن أبيه، عن ابن عمر، وجعفر هذا: منكر الحديث جدًّا [اللسان (2/ 476)].
3 -
عن سعد بن أبي وقاص: [المعجم الأوسط (2/ 87/ 1335)، وهو وهم تقدم التنبيه عليه تحت حديث ابن سيرين عن أبي هريرة].
• ومن فقه الحديث:
قال الأزهري في تهذيب اللغة (3/ 58): "وقال الفراء في قوله جل وعز: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} قال: السعي والذهاب بمعنى واحد؛ لأنك تقول للرجل: هو يسعى في الأرض، وليس هذا باشتداد. وقال الزجاج: أصل السعي في كلام العرب التصرف في كل عمل، ومنه قول الله جل وعز:{وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39)} معناه: إلا ما عمل، قال: ومعنى قوله: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} : فاقصدوا، وليس معناه العَدْو.
قلت: وقد يكون السعي بمعنى العَدْو في كلام العرب، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعَون، ولكن ائتوها وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا" فالسعي في هذا الحديث العَدْو".
وقال ابن الأثير في النهاية (2/ 370): "السعي: العدو، وقد يكون مشيًا، ويكون عملًا وتصرفًا، ويكون قصدًا، وقد تكرر في الحديث، فإذا كان بمعنى المضي عُدِّي بإلى، وإذا كان بمعنى العمل عدي باللام".
• قال الترمذي: "اختلف أهل العلم في المشي إلى المسجد: فمنهم من رأى الإسراع إذا خاف فوت التكبيرة الأولى، حتى ذُكِر عن بعضهم أنه كان يهرول إلى الصلاة، ومنهم من كره الإسراع، واختار أن يمشي على تُؤَدَة ووقار، وبه يقول أحمد وإسحاق، وقالا: العمل على حديث أبي هريرة، وقال إسحاق: إن خاف فوت التكبيرة الأولى؛ فلا بأس أن يسرع في المشي".
وفي مسائل إسحاق الكوسج (246) لأحمد وابن راهويه: "قلت: هل يُسعى إلى الصلاة؟ قال: لا، على حديث أبي هريرة. قال إسحاق: بلى، إذا خاف فوتَ التكبيرة الأولى"[وانظر: مسائل ابن هانئ (268)].
وقال الإمام أحمد أيضًا: "ولا بأس إذا طمع أن يدرك التكبيرة الأولى أن يسرع شيئًا؛ ما لم يكن عجلة تقبح، جاء الحديث عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يعجلون شيئًا إذا تخوفوا فوات التكبيرة الأولى، وطمعوا في إدراكها"[طبقات الحنابلة (1/ 366)، المغني (1/ 271)، فتح الباري لابن رجب (3/ 567)].
وقال ابن المنذر (4/ 146) بعد حديث أبي هريرة: "وقد فعل ذلك زيد بن ثابت، وأنس بن مالك، وأبو ذر، وروينا عن ابن عمر: أنه سمع الإقامة وهو بالبقيع، فأسرع المشي إلى المسجد، ورئي ابن مسعود اشتد إلى الصلاة، قال: بادرت حد الصلاة، يعني:
التكبيرة الأولى،
…
[ثم قال:] يمشي المرء إذا خرج إلى الصلاة على عادته التي يمشي في سائر الأوقات،
…
[إلى أن قال:] والخروج عن ظاهر خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم غير جائز".
وقال أيضًا (4/ 53): "وأكثر القراء على القراءة التي في المصاحف: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}، وممن كان يقرأ هذه الآية أبي بن كعب، وعوام القراء، وهم وإن اختلفوا في قراءة الآية، فلا أحسبهم يختلفون في معناها؛ لأني لا أحفظ عن أحد منهم أنه قال: معناه السعي على الأقدام والعدْو، والدليل على صحة هذا المعنى: ثبوت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن السعي على الأقدام إلى الصلوات، ودخلت الجمعة في جمل الصلوات وعمومها"، إلى أن قال:"فالسعي الذي أمر الله غير السعي الذي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي حديث أوس بن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من غسل يوم الجمعة أو اغتسل، ثم بكر وابتكر، ومشى فدنا، فاستمع وأنصت". قال أبو بكر: فذكر المشي في هذا الحديث، ونهى عن السعي في حديث أبي هريرة".
وبنحو هذا المعنى قال ابن خزيمة في مواضع من صحيحه (3/ 3) و (3/ 135) و (4/ 235)، وقال في موضع منها (3/ 244):"فاسم السعي يقع على الهرولة وشدة المشي والمضي إلى الموضع، فالسعي الذي أمر الله به أن يسعى إلى الجمعة هو المضي إليها، والسعي الذي زجر النبي صلى الله عليه وسلم عنه إتيان الصلاة هو الهرولة وسرعة المشي، فاسم السعي واقع على فعلين: أحدهما مأمور، والآخر منهي عنه".
وكذا قال ابن حبان في صحيحه (5/ 522).
وقال ابن عبد البر في التمهيد (20/ 231): "فالسعي ههنا في هذا الحديث: المشي بسرعة، والاشتداد فيه، والهرولة، هذا هو السعي المذكور في هذا الحديث، وهو معروف مشهور في كلام العرب، ومنه السعي بين الصفا والمروة، وقد يكون السعي في كلام العرب: العمل، من ذلك قوله: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا} [الإسراء: 19]، و {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4)} [الليل: 4]، ونحو هذا كثير".
ثم قال: "واختلف العلماء في السعي إلى الصلاة لمن سمع الإقامة: فروى مالك، عن نافع، عن ابن عمر: أنه سمع الإقامة وهو بالبقيع، فأسرع المشي، ورُوي ذلك عن ابن عمر من طرق، وروي عن عمر: أنه كان يهرول إلى الصلاة، وفي إسناده عنه لين وضعف، والله أعلم"، إلى أن قال:"وروي عن ابن مسعود أنه قال: أحق ما سعينا إليه الصلاة، رواه عنه ابنه أبو عبيدة، ولم يسمع منه، وروي عن الأسود بن يزيد، وعبد الرحمن بن يزيد، وسعيد بن جبير: أنهم كانوا يهرولون إلى الصلاة، فهؤلاء كلهم ذهبوا إلى: أنه من خاف الفوت سعى، ومن لم يخف مشى على هيئته"، ثم ذكر أقوال الصحابة في ترك السعي، عن ابن مسعود، وزيد بن ثابت، وأبي ذر، وبعض أقوال العلماء في ذلك، ثم قال:"معلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما زجر عن السعي من خاف الفوت، قال: "فما أدركتم فصلوا"، فالواجب أن يأتيَ الصلاةَ من خاف فوتها ومن لم يخف ذلك: بالوقار والسكينة،
وترك السعي، وتقريب الخطى؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وهو الحجة صلى الله عليه وسلم".
وقال ابن رجب في الفتح (3/ 566): "قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة، ولا تسعوا" أمرٌ بالمشي ونهيٌ عن الإسراع إلى الصلاة لمن سمع الإقامة، وليس سماع الإقامة شرطًا للنهي، وإنما خرج مخرج الغالب؛ لأن الغالب أن الاستعجال إنما يقع عند سماع الإقامة خوفَ فوتِ إدراك التكبيرة أو الركعة،
…
، وقد سبق حديث أبي قتادة:"إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة"، من غير اشتراط سماع الإقامة.
وقد أجمع العلماء على استحباب المشي بالسكينة إلى الصلاة، وترك الإسراع والهرولة في المشي، ولما في ذلك من كثرة الخطا إلى المساجد، ....
وهذا ما لم يخش فوات التكبيرة الأولى والركعة، فإن خشي فواتها، ورجا بالإسراع إدراكها، فاختلفوا: هل يسرع حينئذ، أم لا؟ وفيه قولان:
أحدهما: أنه يسعى لإدراكهما، وروي عن ابن مسعود، أنه سعى لإدراك التكبيرة، ونحوه عن ابن عمر، والأسود، وعبد الرحمن بن يزيد، وسعيد بن جبير، وعن أبي مجلز: الإسراع إذا خاف من فوت الركعة، وقال إسحاق: لا بأس بالإسراع لإدراك التكبيرة، ورخص فيه مالك، وقال أحمد -في رواية مهنَّا-: ولا بأس -إذا طمع أن يدرك التكبيرة الأولى- أن يسرع شيئًا، ما لم يكن عجلة تقبح؛ جاء عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يعجلون شيئًا إذا تخوفوا فوت التكبيرة الأولى، وطمعوا في إدراكها.
وبوب النسائي في سننه على الإسراع إلى الصلاة من غير سعي، [ثم ذكر حديث أبي رافع الآتي ذكره، ثم قال:] وهذا إنما يدل على إسراع الإمام إذا خاف الإبطاء على الجماعة، وقد قرب الوقت.
والقول الثاني: أنه لا يسرع بكل حالٍ، ورُوي عن أبي ذر، وزيد بن ثابت، وأنس بن مالك، وأبي هريرة، وعطاء، وحكاه ابن عبد البر عن جمهور العلماء، وهو قول الثوري، ونقله ابن منصور وغيره عن أحمد، وقال: العمل على حديث أبي هريرة.
وحديث أبي هريرة: دليل ظاهر على أنه لا يسرع لخوف فوت التكبيرة الأولى، ولا الركعة؛ فإنه قال:"فإذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة، ولا تسرعوا"، فدل على أنه ينهى عن الإسراع مع خوف فوات التكبيرة أو الركعة.
وفي مسند الإمام أحمد من حديث أبي بكرة: أنه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم راكع، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم صوت نعلي أبي بكرة وهو يحفز، يريد أن يدرك الركعة، فلما انصرف قال:"من الساعي؟ " قال أبو بكرة: أنا، قال:"زادك الله حرصًا، ولا تعد". وفي إسناده من يجهل حاله، [ثم ذكر حديث أبي بكرة المذكور في الشواهد، وهو منكر، وضعَّف إسناده أيضًا] " انتهى المراد منه.
• قلت: عورض حديث أبي هريرة وأبي قتادة وما كان في معناهما بأحاديث وآثار: أما الأحاديث، فروي عن أبي رافع، وأبي بكرة:
• يروي حديث أبى رافع:
عبد الله بن وهب، وأبو إسحاق الفزاري:
روياه عن ابن جريج، عن منبوذ [وفي رواية أبي إسحاق: أخبرني منبوذ رجلٌ من آل أبي رافع]، عن الفضل بن عبيد الله [بن أبي رافع]، عن أبي رافع، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى العصر ذهب إلى بني عبد الأشهل، فيتحدث عندهم حتى ينحدر للمغرب، قال أبو رافع: فبينما النبي صلى الله عليه وسلم يسرع إلى المغرب، مررنا بالبقيع، فقال: أُفٍّ لك، أُفٍّ لك" قال: فكبُرَ ذلك في ذَرْعِي، فاستأخرتُ، وظننت أنه يريدني، فقال:"ما لك، امشِ" فقلت: أَحْدَثْتُ حدثًا، قال:"ما ذاك؟ " قلت: أَفَّفْتَ بي، قال:"لا، ولكن هذا [قبر] فلان بعثته ساعيًا علي بني فلان، فَغَلَّ نَمِرَةً فدُرِّع الآن مثلَها من نار".
أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 115 و 116/ 862 و 863)، وفي الكبرى (1/ 452/ 937)، وابن خزيمة (4/ 52/ 2337)[وأبهم فيه منبوذ]. وأحمد (6/ 392)، وأبو إسحاق الفزاري في السير (393)، والروياني (725)، والطبراني في الكبير (1/ 323/ 962)، والبيهقي في الشعب (4/ 63/ 4333)، وفي إثبات عذاب القبر (134).
قلت: الفضل بن عبيد الله بن أبي رافع: روى عنه ثلاثة، وذكره ابن حبان في الثقات [التهذيب (3/ 392)]، وهو قليل الرواية جدًّا، كأن ما له سوى حديثين، ولا يُعرف له سماع من جده أبي رافع [انظر: التاريخ الكبير (7/ 115)].
ومنبوذ روى عنه: ابن جريج، وابن أبي ذئب، ولم يوثق [التهذيب (4/ 152)]، فهو في عداد المجاهيل، ولم أجد له سوى هذا الحديث، وحديث آخر.
وعليه فهو إسناد ضعيف؛ لجهالة منبوذ، وشيخه الفضل بن عبيد الله.
فلا يُعارض بمثله ما اتفق عليه الشيخان من حديث أبي هريرة وأبي قتادة، في النهي عن السعي إلى الصلاة.
• وأما حديث أبي بكرة:
فيرويه بشار الخياط، قال: سمعت عبد العزيز بن أبي بكرة يحدث: أن أبا بكرة جاء والنبي صلى الله عليه وسلم راكع، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم صوت نعل أبي بكرة وهو يَحْضُر، يريد أن يدرك الركعة، فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من الساعي؟ " قال أبو بكرة: أنا، قال:"زادك الله حرصًا، ولا تعد".
أخرجه أحمد (5/ 42).
قال ابن رجب في الفتح (3/ 568): "وفي إسناده من يجهل حاله".
قلت: بشار الخياط، هو بشار بن عبد الملك المزني البصري: ضعفه ابن معين، وذكره ابن حبان في الثقات [اللسان (2/ 285)، التعجيل (88 و 89)].
فلا يصح بهذا السياق، والله أعلم.
والحاصل: أنه لا يصح شيء مرفوع يعارض أحاديث الباب.
• وأما الآثار فأصح ما رُوي منها: فعل ابن عمر:
يرويه مالك، عن نافع: أن عبد الله بن عمر سمع الإقامة وهو بالبقيع، فأسرع المشي إلى المسجد.
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 120/ 188)، ومن طريقه: الشافعي في الأم (8/ 709/ 3916)، وفي المسند (228)، وعبد الرزاق (2/ 290/ 3411)، وابن أبي شيبة (2/ 137/ 7395)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 147/ 1928)، وأبو القاسم الحنائي في فوائده (277)، والبيهقي في المعرفة (2/ 515/ 1782)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (11/ 25).
قال الحنائي: "هذا حديث مشهور من حديث مالك،
…
، وهو موقوف، ولكنه من صحاح الموقوفات إن شاء الله، والله أعلم".
أسند البيهقي في المعرفة (2/ 515/ 1782) إلى الربيع، قال: أخبرنا الشافعي: أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر: أنه سمع الإقامة وهو بالبقيع فأسرع المشي إلى المسجد.
قال الربيع -في رواية أبي سعيد-: فقلت للشافعي: نحن نكره الإسراع إلى المسجد إذا أقيمت الصلاة.
قال الشافعي: فإن كنتم إنما كرهتموه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها تمشون وعليكم السكينة" فقد أصبتم، وهكذا كان ينبغي لكم في كل أمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم[فيه سنة]. اهـ.
وهو في كتاب اختلاف مالك والشافعي من الأم (8/ 709/ 3916)، وفيه أيضًا:"فكيف يجوز لمسلم أن يدع ما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ما يروى عن غيره".
قلت: وقد يحمل فعل بعض الصحابة وأقوال بعض الأئمة في الإسراع لإدراك الجماعة، على خوف فوتها بالكلية، بحيث لا يدرك من صلاة الإمام شيئًا، فحينئذ يكون الإسراع له وجه لا يتعارض مع الحديث، لأن الذي يسمع الإقامة فلا يخشى عليه فوت الجماعة، بخلاف من لم يأتها إلا والإمام في آخر صلاته، بحيث لو تأنى لم يدرك منها شيئًا، يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم:"فما أدركتم فصلوا"، قال شيخ الإسلام في شرح العمدة (4/ 598):"وإن خشي فوات الجماعة أو الجمعة بالكلية فلا ينبغي أن يكره له الإسراع هنا؛ لأن ذلك لا ينجبر إذا فات، وقد علل رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمر بالسكينة بقوله: "فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا"
…
، فعلم أن الخطاب لمن يأتي الصلاة طامعًا في إدراكها".
وانظر أيضًا: معاني القرآن للفراء (3/ 156)، مصنف عبد الرزاق (2/ 290)، مصنف ابن أبي شيبة (2/ 137)، أحكام القرآن للطحاوي (1/ 149)، مشكل الآثار (14/ 196)، أحكام القرآن للجصاص (5/ 337)، الاستذكار (1/ 380)، شرح السنة (2/ 319)، شرح صحيح البخاري لابن بطال (2/ 499)، الجامع لأحكام القرآن (1/ 165)، شرح مسلم للنووي (5/ 99)، المجموع شرح المهذب (4/ 178)، لسان العرب (14/ 385)، مجموع
فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (22/ 259)، فتح الباري (2/ 390)، مغني المحتاج (1/ 231)، نهاية المحتاج (2/ 145)، شرح منتهى الإرادات (1/ 182).
• وأما مسألة البناء والقضاء:
فإن جمهور أصحاب أبي هريرة الثقات الحفاظ، والمكثرين عنه: رووه بلفظ الإتمام، وتفرد ابن سيرين بلفظ القضاء، ورواية الجماعة أولى، وقد تابع أبا هريرة على لفظ الإتمام: أبو قتادة رضي الله عنه.
فالذي يظهر لي -والله أعلم- أن الذي رواه بلفظ القضاء إنما عبر عنه بالمعنى، ولا شك أن اللفظ الذي تلفظ به رسول الله صلى الله عليه وسلم واحد، وتعبير الراوي -سواء كان الصحابي أو التابعي- مما يدل على أن كلا اللفظين يؤدي معنىً واحدًا، وهو إتمام المسبوق صلاته التي ابتدأها لنفسه، وتقدَّم أولها، وبقي عليه إتمام آخرها، ولفظ الإتمام واقع على باقٍ من شيء قد تقدم سائره، وقد كان الصحابة يعبرون أحيانًا بأحد اللفظين -القضاء أو الإتمام- في مقام الآخر لبيان مراد واحد:
ففي حديث المغيرة بن شعبة في قصة المسح على الخفين: قال: ثم ركبنا فأدركنا الناس، وقد أقيمت الصلاة، فتقدمهم عبد الرحمن بن عوف، وقد صلى بهم ركعة، وهم في الثانية، فذهبت أوذنه فنهاني، فصلينا الركعة التي أدركنا وقضينا التي سُبقنا، والشاهد قوله: وقضينا التي سُبقنا [تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (150)، وهو حديث صحيح].
ومن المعلوم أن العمل في الركعة الأولى كالعمل في الركعة الثانية، فكلاهما بفاتحة وسورة، وعليه فيستوي فيه التعبير بالإتمام وبالقضاء، ولذا ففي بعض طرق الحديث: قال: فلما سلم قام النبي صلى الله عليه وسلم وقمت، فركعنا الركعة التي سبقتنا. وهذا لفظ مسلم.
ولو كان المراد أن ما أدركه النبي صلى الله عليه وسلم من صلاة عبد الرحمن بن عوف كان آخر صلاته، لكان يلزم من ذلك أن يقضي الركعة الأولى وحدها، ومن ثم فلا جلوس للتشهد، ولا تشهد، لأنه قد صلاه مع الإمام، فلما لم يكن ذلك علمنا أن ما يدركه المسبوق مع إمامه إنما هو أول صلاته لنفسه، والله أعلم.
وفي قصة أنس بن مالك مع زيد بن ثابت في المشي إلى الصلاة، قال جعفر بن سليمان: سمعت ثابتًا البناني، يقول: أقيمت الصلاة، وأنس بن مالك واضعٌ يدَه عليَّ، قال: فجعلت أهابه أن أرفع يده عني، وجعل يقارب بين الخطو، فانتهينا إلى المسجد، وقد سُبقنا بركعة، فصلينا مع الإمام، وقضينا ما فاتنا، فقال لي أنس: اعمل الذي صنعت بك؟ قلت: نعم. قال: فعله بي أخي زيد بن ثابت.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 289/ 3408)، ومن طريقه: ابن المنذر في الأوسط (4/ 146/ 1926).
وهذا إسناد حسن، والشاهد قوله: وقضينا ما فاتنا.
وأما حديث معاذ في أحوال الصلاة، المتقدم برقم (507)، والشاهد منه: فجاء
معاذ، فقال: لا أجده على حالٍ أبدًا إلا كنتُ عليها، ثم قضيتُ ما سبقني، قال: فجاء وقد سبقه النبي صلى الله عليه وسلم ببعضها، قال: فثبت معه، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته، قام فقضى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنه قد سنَّ لكم معاذ، فهكذا فاصنعوا"، فهو حديث ضعيف.
وقد جاء القضاء في الكتاب والسنة بمعنى الفعل، مثل قوله سبحانه وتعالى:{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} [الجمعة: 10]، وقوله سبحانه وتعالى:{فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا} [النساء: 103]، وقوله عز وجل:{فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} [البقرة: 200]، وقوله عز وجل:{ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} [الحج: 29]، قال الأزهري في تهذيب اللغة (3/ 2986 - معجمه):"وقضى في اللغة على ضروب، كلها ترجع إلى معنى انقطاع الشيء وتمامه"، إلى أن قال:"وقضى فلان صلاته، أي: فرغ منها"، وقال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة (893):"قضى: القاف والضاد والحرف المعتل: أصل صحيح يدل على إحكام أمر وإتقانه وإنفاذه لجهته"[انظر: مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني (674)].
هذا ما دل عليه اللفظ في كلام العرب، لكن الفقهاء اصطلحوا بعد ذلك على التفريق بين الأداء والقضاء في العبادات، على أن الأداء لما فُعِل في وقته، والقضاء لما فُعِل بعد انقضاء وقته وخروجه.
ولهذا غلط كثير من الناس في فهم الخطاب، فحملوا خطاب الشرع على اصطلاحهم وعرفهم الحادث، مثل ما قال بعضهم في الاستدلال على مذهبه بلفظ:"فاقضوا" من هذا الحديث، فقال:"والقضاء إنما يكون لما فات وقته، وانقضى محله"، وكان الأولى أن ينظر في استعمال القرآن والسنة وكلام الصحابة رضي الله عنهم لهذه اللفظة، وهل فرقوا بين القضاء والإتمام، أم كانا بمعنى واحد؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (12/ 106): "ونظير هذا لفظ القضاء: فإنه في كلام الله وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم المراد به: إتمام العبادة، وإن كان ذلك في وقتها، كما قال تعالى:{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} ، وقوله {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} ، ثم اصطلح طائفة من الفقهاء فجعلوا لفظ القضاء مختصًا بفعلها في غير وقتها، ولفظ الأداء مختصًا بما يفعل في الوقت، وهذا التفريق لا يعرف قط في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم يقولون: قد يستعمل لفظ القضاء في الأداء، فيجعلون اللغة التي نزل القرآن بها من النادر.
ولهذا يتنازعون في مراد النبي صلى الله عليه وسلم: "فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فاقضوا"، وفي لفظ:"فأتموا" فيظنون أن بين اللفظين خلافًا، وليس الأمر كذلك، بل قوله:"فاقضوا" كقوله: "فأتموا"، لم يرد بأحدهما الفعل بعد الوقت، بل لا يوجد في كلام الشارع أمر بالعبادة في غير وقتها، لكن الوقت وقتان: وقت عام، ووقت خاص لأهل الأعذار، كالنائم والناسي إذا صليا بعد الاستيقاظ والذكر، فإنما صليا في الوقت الذي أمر الله به،
فإن هذا ليس وقتًا في حق غيرهما، ومن أعظم أسباب الغلط في فهم كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم: أن ينشأ الرجل على اصطلاح حادث، فيريد أن يفسر كلام الله بذلك الاصطلاح، ويحمله على تلك اللغة التي اعتادها".
• وأما ما جاء من آثار في هذا المعني:
• روى إسماعيل بن عياش، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن: أن عمر بن الخطاب وأبا الدرداء رضي الله عنهما كانا يقولان: ما أدركت من آخر صلاة الإمام فاجعله أول صلاتك.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 113/ 7114)(7191 - ط عوامة)، والبيهقي في السنن (2/ 298).
قال ابن المنذر وابن عبد البر بأنه لا يثبت، وهو كما قالا، فهو مرسل بإسناد ضعيف، فإن ربيعة الرأي من صغار التابعين، لم يدرك عمر، ولا أبا الدرداء، والإسناد إليه لا يصح، لأنه من رواية إسماعيل بن عياش عنه، وروايته عن الحجازيين ضعيفة، وهذه منها.
• وروى إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي رضي الله عنه أنه قال: ما أدركت فهو أول صلاتك.
أخرجه ابن المنذر في الأوسط (4/ 238/ 2092)، والبيهقي في السنن (2/ 298).
ورواه بمعناه: أشعث بن سوار [ضعيف]، عن أبي إسحاق به.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 113/ 7119).
وهذا إسناد ضعيف؛ لأجل الحارث الأعور، وأبو إسحاق السبيعي لم يسمع من الحارث إلا أربعة أحاديث.
وروى سعيد بن أبي عروبة، ومعمر، عن قتادة: أن عليًّا قال: ما أدركت مع الإمام فهو أول صلاتك، [زاد معمر:] واقض ما سبقك به من القراءة.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 226/ 3160)، وابن أبي شيبة (2/ 7117/113)، وأبو بكر النيسابوري في الزيادات على المزني (36)، والدارقطني (1/ 401).
وهذا إسناد ضعيف؛ لإرساله، فإن قتادة لم يدرك عليًّا.
وروى هشيم، قال: أخبرنا منصور، عن الحسن، عن علي أنه كان يقول: من أدرك مع الإمام ركعتين، قال: يقرأ فيما أدرك.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 113/ 7113).
وهذا إسناد ضعيف؛ لإرساله، فإن الحسن لم يسمع عليًّا [المراسيل (93 و 94)، جامع التحصيل (162)، تحفة التحصيل (67)].
• وقد روي عن سعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وأبي قلابة، وعمر بن عبد العزيز، ومكحول، والزهري، والأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز: أن ما أدركت من صلاة الإمام فهو أول صلاتك [مصنف عبد الرزاق
(2/ 226)، مصنف ابن أبي شيبة (2/ 113)، مسند ابن الجعد (3238)، الأوسط لابن المنذر (4/ 239)، الزيادات على المزني (37 - 40)، سنن البيهقي (2/ 298)].
• وروى عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة: أن ابن مسعود قال: اقرأ فيما فاتك.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 226/ 3164).
وهذا إسناد ضعيف؛ لإرساله، فإن قتادة لم يدرك ابن مسعود.
وروى عبد الله بن إدريس، عن حصين، عن إبراهيم، عن عبد الله، قال: ما أدركت مع الإمام فهو آخر صلاتك.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 113/ 7120).
وهذا موقوف على ابن مسعود بإسناد كوفي رجاله ثقات، وهو مرسل جيد، وتقدم الكلام على مراسيل إبراهيم النخعي قريبًا، تحت الحديث رقم (570).
وقد رواه أهل البصرة عن ابن مسعود، لكنه منقطع أيضًا:
رواه حماد بن سلمة، عن قتادة، عن ابن سيرين، عن ابن مسعود، قال: يجعل ما أدرك مع الإمام آخر صلاته.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 114/ 7121)(7198 - ط عوامة)، وابن المنذر (4/ 239/ 2093).
وهذا موقوف على ابن مسعود بإسناد بصري، رجاله ثقات، لكنه منقطع بين ابن سيرين وابن مسعود، قال ابن المنذر:"مرسل"[وانظر: المعرفة للبيهقي (5/ 290 - 291)].
ويحكى عن ابن مسعود شيء لا يثبت في القضاء في الأفعال:
روى عبد الله بن أحمد في مسائله لأبيه (385): "قال: قرأت على أبي: محمد بن جعفر، قال: نا سعيد، عن أبي معشر، عن النخعي: أن مسروقًا وجندبًا أدركا مع الإمام ركعة من المغرب، فلما قاما يقضيان: قعد مسروق في كلتي الركعتين، وقعد جندب في آخر صلاته، فذكر ذلك لابن مسعود، فقال: أصاب مسروق، ولم يأل جندب.
حدثنا قال: سمعت أبي يقول: فعل مسروق أحب إلي، ويقرأ فيما يقضي".
وهذا صورته مرسل، فإن إبراهيم النخعي وإن كان من أصحاب مسروق، لكنه هنا يحكي واقعة لم يحضرها، ولم يذكرها رواية، ثم إن سعيد بن أبي عروبة كان قد اختلط، والراوي عنه هنا: محمد بن جعفر غندر ممن روى عن سعيد بعد الاختلاط [شرح علل الترمذي (744)].
وروى عبد الرزاق، عن الثوري، عن جابر، عن الشعبي، أن جندبًا ومسروقًا أدركا ركعة من المغرب، فقرأ جندب ولم يقرأ مسروق خلف الإمام، فلما سلم الإمام قاما يقضيان، فجلس مسروق في الثانية والثالثة، وقام جندب في الثانية ولم يجلس، فلما انصرفا تذاكرا ذلك، فأتيا ابن مسعود، فقال: كل قد أصاب، أو: كل قد أحسن، ونفعل كما فعل مسروق.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 227/ 3165).
وهذا إسناد ضعيف جدًّا؛ جابر هو ابن يزيد الجعفي: متروك، يكذب، وكان يقول بالرجعة. كما أن صورته: مرسل، فإن الشعبي لم يسمع من ابن مسعود، ولم يشهد هذه الواقعة.
وروى عبد الرزاق، عن معمر، عن جعفر الجزري، عن الحكم، أن جندبًا ومسروقًا أدركا ركعة من المغرب، فقرأ أحدهما في الركعتين الأخريين ما فاته من القراءة، ولم يقرأ الآخر في ركعة، فسئل ابن مسعود، فقال: كلاهما محسن، وأنا أصنع كما صنع هذا الذي قرأ في الركعتين.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 227/ 3166).
ولا أُراه يثبت عن ابن مسعود، جعفر هو ابن برقان الجزري، وهو: ثقة في غير الزهري، وقيل: أثبت الناس في ميمون بن مهران ويزيد بن الأصم، وهو في غيرهما ضعيف رديء الضبط، قاله مسلم [التهذيب (1/ 301)، الميزان (1/ 403)، التمييز (218)، شرح العلل (2/ 790)]، والحكم قد يكون هو ابن عتيبة، وقد يكون غيره، ثم إن صورته مرسل، وابن عتيبة غير معروف بالرواية عن مسروق وجندب، والله أعلم.
والحاصل أن في ثبوت هذه القصة نظر، لا سيما فيما يتعلق بالقضاء في الأفعال.
• وروى ابن علية، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان يجعل ما أدرك مع الإمام آخر صلاته. وفي رواية: أنه قال: يجعل ما أدرك مع الإمام آخر صلاته.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 114/ 7122)، ومن طريقه: ابن المنذر (4/ 239/ 2094).
لكن رواه عبد الوهاب بن عطاء الخفاف [ممن سمع من ابن أبي عروبة قبل الاختلاط وبعده، فلم يميز بينهما]: أنبأ سعيد -يعني: ابن أبي عروبة-، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: ما أدركت فهو أول صلاتك.
أخرجه البيهقي في السنن (2/ 298).
خالفه من هو أثبت منه في ابن أبي عروبة:
فرواه عبدة بن سليمان [ثقة ثبت، من أثبت الناس في ابن أبي عروبة]، عن سعيد، عن قتادة، عن سعيد والحسن، قالا: ما أدركت مع الإمام فهو أول صلاتك.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 113/ 7116).
فهذا هو المحفوظ عن ابن أبي عروبة، هذا من وجه، ومن وجه آخر، فإن إسماعيل ابن علية من أثبت الناس في أيوب السختياني، فروايته مقدمة على ابن أبي عروبة عند الاختلاف.
وعليه: فإن إسناد ابن علية: إسناد صحيح، موقوف على ابن عمر.
• والذي يظهر لي أن مراده بذلك القضاء في القراءة فقط، وما عدا ذلك فيبني فيه على صلاته لنفسه، سواء في ذلك ترتيب أفعالها وأقوالها، يفسره ما رواه مالك وعبيد الله بن عمر:
عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا فاته شيء من الصلاة مع الإمام فيما جهر فيه الإمام بالقراءة؛ أنه إذا سلم الإمام قام عبد الله بن عمر فقرأ لنفسه فيما يقضي، وجهر.
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 132/ 216)، وعبد الرزاق (2/ 228/ 3170)، وابن أبي شيبة (2/ 114/ 7123).
وهذا إسناد مدني صحيح.
وروى أبو معاوية، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، أنه قال: اقرأ فيما تقضي.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 114/ 7124).
وروى يحيى بن سعيد القطان، عن عبيد الله بن عمر، قال: أخبرني نافع: أن ابن عمر كان إذا سبق بالأوليين: قرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب وسورة، ثم يجلس.
أخرجه عبد الله بن أحمد في مسائله لأبيه (386).
وإسناده صحيح.
• وعن ثابت بن عجلان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: ما أدركت مع الإمام فهو أول صلاتك، واقرأ فيه بفاتحة الكتاب وسورة.
ذكره ابن رجب في الفتح (3/ 575)، وعزاه لحرب الكرماني.
وهذا إن صح إسناده إلى ثابت، فهو إسناد صحيح على شرط البخاري، أخرج به حديثًا برقم (5532).
• وروى ابن لهيعة، عن عبيد الله بن المغيرة، عن جهم بن الأسود، عن أبي سعيد الخدري، قال: اقرأ فيما تقضي بما قرأ به الإمام.
خرجه عبد الله بن الإمام أحمد، كذا في فتح الباري لابن رجب (3/ 580).
وإسناده ضعيف؛ لأجل ابن لهيعة، وجهم بن الأسود: مجهول [الجرح والتعديل (2/ 522)، الثقات (4/ 114)، وذكراه بهذا الإسناد فقط].
• والحاصل من هذه الآثار: أن أصح ما رُوي في الباب: أثر ابن عمر في القراءة في الأخريين بفاتحة وسورة؛ إذا سُبق بهما، والله أعلم.
وأقوال الإمام أحمد في هذه المسألة توضح المراد من هذه الآثار:
قال أبو بكر الأثرم: قلت لأبي عبد الله -يعني: أحمد بن حنبل-: أرأيت قول من قال: يجعل ما أدرك مع الإمام أول صلاته، ومن قال: يجعله آخر صلاته، أي شيء الفرق بينهما؟ قال: من أجل القراءة فيما يقضي، قلت له: فحديث النبي صلى الله عليه وسلم على أي القولين يدل عندك؟ قال: على أنه يقضي ما فاته، قال صلى الله عليه وسلم:"صلوا ما أدركتم، واقضوا ما سبقكم"[التمهيد (20/ 236)، فتح الباري لابن رجب (3/ 571)].
وهذا من الإمام أحمد تفسير للقولين، وأنه لا تضاد بينهما في الأفعال، وإنما وقع الاختلاف في القراءة فقط، هل يقرأ ما فاته من قراءة الإمام بالحمد وسورة أم لا؟
وهذا يبين أن الصحابة لم يقع بينهم اختلاف في الأفعال، وأن المأموم إذا دخل مسبوقًا مع الإمام فإنما يبتدئ الصلاة لنفسه، وأن الركعة التي أدركها مع الإمام وإن كانت الثالثة مثلًا فهي الأولى بالنسبة للمأموم، وإنما اختلفوا في قضاء القراءة بالحمد وسورة، وما روي بخلاف ذلك فلا يصح، والله أعلم.
وقال صالح بن أحمد في مسائله لأبيه (666): "سألته عن رجل أدرك مع الإمام ركعة؟
قال: يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب وسورة، ثم يجلس فيتشهد، ثم يقوم فيقرأ بفاتحة الكتاب وسورة، ولا يقعد، ثم يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب وحدها، ويقعد فيتشهد ويسلم، ويروى عن أبي هريرة وأنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صل ما أدركت، واقض ما سبقك".
قلت: فكأنه يتشهد ثلاث مرات؟ قال: الأولى إنما يتبع الإمام، ويروى عن علي: يقرأ فيما أدرك، وقال ابن عمر: يقرأ فيما يقضي، وقال ابن مسعود: ما أدركت مع الإمام فهو آخر صلاتك" [وانظر أيضًا: (290 و 383 و 1107 و 1169)][وانظر: مسائل عبد الله لأبيه (383)، مسائل أبي داود (265)، مسائل ابن هانئ (267)].
وقول الإمام أحمد في رواية الأثرم وابنه صالح: يفسره ما جاء في رواية ابنه عبد الله في مسائله (384)، وأنه إنما أراد البناء في الأفعال والأقوال، ما عدا القراءة فيرى فيها القضاء، قال عبد الله: "سألت أبي عن رجل أدرك مع الإمام آخر ركعة من الظهر، فقام يقضي، قلت: أيش يقرأ؟
قال: في الركعتين الأوليين ما يقضي الحمد وسورة، ويجعل ما أدرك مع الإمام أول صلاته، فيقعد في الركعة التي يقضي من أولها، ثم يقوم، ويقعد في آخر صلاته، ويقرأ في آخر ركعة بفاتحة الكتاب وحدها، وإن أدرك ركعتين من الظهر فقام فقرأ فيما يقضي الحمد لله وسورة.
قال أبي: يُروى عن ابن عمر، وابن مسعود، قالا: يقرأ فيما يقضي، ويروى عن علي: ما أدرك مع الإمام فهو أول صلاته، وقال ابن مسعود: ما أدرك مع الإمام فهو آخر صلاته".
ولذا فقد صرح في رواية ابنه عبد الله بأن ما أدرك مع الإمام يجعله أول صلاته، يعني في كل شيء ما عدا القراءة، فكلامه فيها صريح كما تقدم نقله، قال عبد الله:"سمعت أبي يقول في الرجل تفوته بعض الصلاة مع الإمام: يجعل ما أدرك أول صلاته"[مسائله (382)].
وفي ترجمة أحمد بن محمد بن خالد بن يزيد بن غزوان أبي العباس البرائي، نقل عنه ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة (1/ 64)، أنه قال: "سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل، فقلت له: إذا فاتني أول صلاة الإمام فأدركت معه من آخر صلاته، فما أعتد أنه
أول صلاتي؟ فقال لي: تقرأ فيما يُقضى -يعني: بالحمد وسورة-، وفي القعود تقعد على ابتداء صلاتك" [وكذا في المقصد الأرشد (1/ 159)].
قال ابن رجب في الفتح (3/ 576): "وقد اتفقت النصوص عن أحمد على: أنه يقرأ فيما يقضي بالحمد وسورة".
• وفي المسألة ثلاثة أقوال:
الأول: أن ما أدرك مع الإمام فهو أول صلاته، ولكنه يقضي ما فاته بالحمد وسورة.
وهو ما يسمى بالبناء في الأفعال والقضاء في الأقوال، والمراد بالأقوال: القراءة خاصة، وأما غيرها من الأقوال فهو بانٍ فيه كالأفعال.
وهو قول: مالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، والأوزاعي، ومحمد بن الحسن، والطبري.
الثاني: أن ما أدرك فهو آخر صلاته، وما يقضيه أولها.
وهو قول: أبي حنيفة، والثوري، والحسن بن حي، والمشهور من مذهب أحمد، ورواية عن مالك.
الثالث: أن ما أدرك فهو أول صلاته، يقرأ فيه مع الإمام بالحمد لله وسورة إن أدرك ذلك معه، وإذا قام للقضاء قرأ بالحمد لله وحدها فيما يقضي لنفسه؛ لأنه آخر صلاته.
وهو قول: المزني، وإسحاق، وداود، وعبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون.
قال ابن المنذر في الأوسط (4/ 238): "اختلف أهل العلم في الذى يدركه المأموم من صلاة الإمام، أهو أول صلاته أم آخرها؟.
فقالت طائفة: يجعله أول صلاته؛ لأنهم قد أجمعوا أن تكبيرة الافتتاح لا تكون إلا في الركعة الأولى، روي هذا القول عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وأبي الدرداء، وليس يثبت عن واحد منهم، وبه قال: سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وعمر بن عبد العزيز، ومكحول، وعطاء، والزهري، والأوزاعى، وسعيد بن عبد العزيز، وإسحاق بن راهويه، والمزني.
وقالت طائفة: يجعل ما أدرك مع الإمام آخر صلاته، كذلك قال ابن عمر، وروي ذلك عن ابن مسعود: مرسل. وبه قال: مجاهد، ومحمد بن سيرين، وهو قول: مالك، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد بن حنبل.
قال أبو بكر بن المنذر: وبالقول الأول أقول، وذلك أنهم مجمعون لا اختلاف بينهم أن تكبيرة الافتتاح تكون في أول ركعة من الصلاة، ويلزم من خالفنا أن يقول: إن الذي يدركه مع الإمام أول صلاته؛ لأن التكبيرة الأولى تفتتح الصلاة، وغير جائز أن يجمعوا على أن التكبيرة الأولى التي يفتتح بها المصلي الصلاة في أول ركعة، ثم يقلب ما أجمعوا عليه أنها أولى فيجعل آخرة؛ لأن الآخرة غير الأولى، ومن زعم أنها أول ركعة في افتتاح الصلاة وهي آخر ركعة في باب القراءة، فقد جعل الأولى آخرة، والآخرة أولى.
يقال لمن خالفنا: ما تقول في رجل أدرك مع الإمام من المغرب ركعتين؟، فإن زعم أنهما الركعتان الآخرتان، قيل له: فلم أمرته بالجلوس في الركعة التي يقضيها وهي عندك أولى، والأولى لا جلوس فيها؟، وفي أمر كل من نحفظ عنه من أهل العلم بالجلوس في هذه الركعة والتسليم فيها بيان أنها الثالثة، إذ لا جلوس في الأولى من صلاة المغرب ولا تسليم له".
وقال ابن عبد البر في التمهيد (20/ 235) بعد أن ذكر اختلاف الفقهاء: "وأما السلف رضي الله عنهم: فروي عن عمر، وعلي، وأبي الدرداء، بأسانيد ضعاف: ما أدركت فاجعله أول صلاتك [في المطبوعة: آخر صلاتك، وهو خطأ ظاهر].
وثبت عن سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وعمر بن عبد العزيز، ومكحول، وعطاء، والزهري، والأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز: ما أدركت فاجعله أول صلاتك.
والذي يجيء على أصولهم إن لم يثبت عنهم نص في ذلك: ما قاله المزني وإسحاق وداود، وروي عن ابن عمر أنه قال: ما أدركت فاجعله آخر صلاتك، وعن مجاهد وابن سيرين مثل ذلك،
…
".
قال ابن عبد البر: "واحتج القائلون بأن ما أدرك هو أول صلاته بقوله صلى الله عليه وسلم: "وما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا"، قالوا: والتمام هو الآخر، واحتج الآخرون بقوله: "ما فاتكم فاقضوا"، قالوا: والذي يقضيه هو الفائت.
والحجج متساوية لكلا المذهبين من جهة الأثر والنظر؛ إلا أن رواية من روى: "فأتموا" أكثر.
وأما من جعل ما أدرك مع الإمام أول صلاته فليس يطرد فيه ويستقيم إلا ما قاله ابن أبي سلمة والمزني وإسحاق وداود، والله أعلم، وبه التوفيق والسداد، لا شريك له.
وقد زعم بعض المتأخرين من أصحابنا أن من ذهب مذهب ابن أبي سلمة والمزني في هذه المسألة: أسقط سنة الجهر في صلاة الليل، وسنة السورة مع أم القرآن، وهذا ليس بشيء؛ لأن إمامه قد جاء بذلك، وحصلت صلاته على سنتها في سرها وجهرها، وغير ذلك من أحكامها، وإنما هذا كرجل أحرم والإمام راكع ثم انحنى، فلا يقال له: أسقطت سنة الوقوف والقراءة، وكرجل أدرك مع إمامه ركعة فجلس معه في موضع قيامه أو انفرد، فلا يقال له: أسأت، أو أسقطت شيئًا، وحسبه إذا أتم صلاته أن يأتي بها على سنة آخرها، ولا يضره ما سبقه إمامه في أولها، لأنه مأمور باتباع إمامه، وإنما جعل الإمام ليؤتم به".
وقال ابن خزيمة في الصحيح (3/ 8) بعد حديث المغيرة بن شعبة: "هذه اللفظة قد يغلط فيها من لا يتدبر هذه المسألة، ولا يفهم العلم والفقه، زعم بعض من يقول بمذهب العراقيين؛ أن ما أدرك مع الإمام آخر صلاته: أن في هذه اللفظة دلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم والمغيرة إنما قضيا الركعة الأولى، لأن عبد الرحمن إنما سبقهما بالأولى لا بالثانية،
وكذلك ادَّعَوا في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "وما فاتكم فاقضوا"، فزعموا أن فيه دلالة على أنه إنما يقضي أول صلاته لا آخرها، وهذا التأويل من تدبر الفقه علم أن هذا التأويل خلاف قول أهل الصلاة جميعًا؛ إذ لو كان المصطفى صلى الله عليه وسلم والمغيرة بعد سلام عبد الرحمن بن عوف قضيا الركعة الأولى التي فاتتهما؛ لكانا قد قضيا ركعة بلا جلسة ولا تشهد، إذ الركعة التي فاتتهما وكانت أول صلاة عبد الرحمن بن عوف كانت ركعة بلا جلسة ولا تشهد، وفي اتفاق أهل الصلاة أن المدرك مع الإمام ركعة من صلاة الفجر يقضى ركعة بجلسة وتشهد وسلام ما بان وصح أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقض الركعة الأولى التي لا جلوس فيها ولا تشهد ولا سلام، وإنه يقضي الركعة الثانية التي فيها جلوس وتشهد وسلام، ولو كان معنى قوله صلى الله عليه وسلم:"وما فاتكم فاقضوا" معناه: أن اقضوا ما فاتكم، كما ادعاه من خالفنا في هذه المسألة كان على من فاتته ركعة من الصلاة مع الإمام أن يقضي ركعة بقيام وركوع وسجدتين بغير جلوس ولا تشهد ولا سلام، وفي اتفاقهم معنا أنه يقضى ركعة بجلوس وتشهد ما بان وثبت أن الجلوس والتشهد والسلام من حكم الركعة الأخيرة، لا من حكم الأولى، فمن فهم العلم وعقله ولم يكابر علم أن لا تشهد ولا جلوس للتشهد ولا سلام في الركعة الأولى من الصلاة".
وقال الخطابي في المعالم (1/ 140): "في قوله: "فأتموا" دليل أن الذي أدركه المرء من صلاة إمامه هو أول صلاته؛ لأن لفظ الإتمام واقع على باقٍ من شيء قد تقدم سائره"، إلى أن قال:"وقد يكون القضاء بمعنى الأداء للأصل، كقوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} [الجمعة: 10]، وكقوله: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} [البقرة: 200]، وليس شيء من هذا قضاء لفائت، فيحتمل أن يكون قوله: "وما فاتكم فاقضوا"؛ أي: أدوه في تمام، جمعًا بين قوله: "فأتموا" وبين قوله: "فاقضوا"، ونفيًا للاختلاف بينهما"، وبنحوه قال البغوي في شرح السنة (2/ 320).
وقال النووي في المجموع (4/ 192): "قال أصحابنا: فأما رواية "فاقضوا" فجوابها من وجهين: أحدهما: أن رواة "فأتموا" أكثر وأحفظ، والثاني: أن القضاء محمول على الفعل، لا القضاء المعروف في الاصطلاح، لأن هذا اصطلاح متأخري الفقهاء، والعرب تطلق القضاء بمعنى الفعل، قال الله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ}، {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ}، قال الشيخ أبو حامد: والمراد: وما فاتكم من صلاتكم أنتم، لا من صلاة الإمام، والذي فات المأموم من صلاة نفسه إنما هو آخرها، والله أعلم"، وقال نحوه في شرح مسلم (5/ 100).
وقال ابن رجب في الفتح (3/ 573): "وعلى هذا؛ إذا أدرك المسبوق من الرباعية أو المغرب ركعتين، يقرأ فيما يقضي من الركعتين بالحمد وحدها، أو بالحمد وسورة، على قولين: أشهرهما أنه يقضي بالحمد وسورة. وهذا هو المنصوص عن مالك، والشافعي، وأحمد. ونص الشافعي على أن ما أدركه مع الإمام فهو أول صلاته. وعن مالك في ذلك
روايتان منصوصتان: أحدهما: هو أول صلاته. والثانية: هو آخرها. وكذلك عن أحمد، ولكن أكثر الروايات عنه: أنه آخر صلاته. وأما مذهب أبي حنيفة وأصحابه، فهو أن ما أدركه مع الإمام آخر صلاته، وما يقضيه أولها. وهو قول الحسن بن حي وسفيان الثوري.
وعلى قول هؤلاء لا إشكال في أنه يقرأ فيما يقضي بالحمد وسورة".
وقال ابن الملقن في البدر المنير (4/ 406): "قال الشيخ تقي الدين في الإلمام (393): اختلف في هذه اللفظة، فقيل: "فأتموا" وقيل: "فاقضوا"، وكلاهما صحيح.
قلت: والقضاء في عرف الشرع هو الإتمام، فلا فرق إذًا بينهما، قال الله تعالى:{فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} و {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ} ".
• وخلاصة ما تقدم:
أن الذي يظهر لي: أن ما أدرك مع الإمام فهو أول صلاته [لما ذكره ابن المنذر وابن خزيمة]، لكنه يأتي بما فاته من القراءة بالحمد وسورة، وهذا ليس عملًا برواية "فاقضوا" على قول من قال به من الفقهاء، وليس عملًا بقاعدة: إذا أمكن الجمع بين الدليلين جمع، فيكون بانيًا في الأفعال، وقاضيًا في الأقوال، وإنما دل عليه لفظ:"فأتموا"؛ فإن إتمام شيء لا يكون إلا لما فاته منه، ومما فاته قراءة الإمام بفاتحة وسورة، ولا يكون قد أتى بالشيء بتمامه حتى يؤتى بكل ما نقص منه [انظر: شرح ابن بطال (2/ 262)]، هذا من جهة دلالة الحديث اللغوية والشرعية، ومن جهة أخرى فهو عمل وقول صحابي فقيه قد صح عنه، ولا يتعارض مع قول ابن عباس في القراءة بفاتحة الكتاب وسورة فيما أدرك مع الإمام، وهو قول عن علي [لم يصح عنه]، لأنه إذا أمكنه القراءة فيما أدرك مع الإمام يكون قد أتى بصلاته تامة على هيئتها، فلا يقرأ بعد ذلك إلا بفاتحة الكتاب فقط، فإن لم يمكنه القراءة مع الإمام قرأ فيما يقضي بعد سلام الإمام بفاتحة وسورة، ويكون بذلك قد جمع بين قولي الصحابيين، فيما لا يتعارض مع النص.
والقول بقراءة الفاتحة وسورة فيما فاته من صلاة الإمام، هو قول الأئمة الأربعة، وهو مما يزيد هذا القول قوة، مع ما تقدم ذكره من الدليل، والله أعلم.
قال ابن قدامة في المغني (2/ 135): "ولا أعلم خلافًا بين الأئمة الأربعة في قراءة الفاتحة وسورة".
وانظر: المدونة (1/ 97)، الأم (1/ 178)، مسائل إسحاق الكوسج (475)، مختصر اختلاف العلماء (1/ 293)، أحكام القرآن للجصاص (1/ 393)، الحاوي الكبير (2/ 194)، شرح صحيح البخاري لابن بطال (2/ 262)، مختصر الخلافيات للبيهقي (2/ 166)، الكافي في فقه أهل المدينة (1/ 48)، المبسوط للسرخسي (1/ 35)، بدائع الصنائع (1/ 218)، البيان شرح المهذب (2/ 379)، كشف المشكل (2/ 140)، المغني (2/ 134)، المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف (4/ 298)، شرح مسلم للنووي (5/ 100)، المجموع شرح المهذب (4/ 192)، فتح القدير لابن الهمام (2/ 66)، شرح الزركشي على