المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌41 - باب في الأذان قبل دخول الوقت - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ٦

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌29 - باب في الإقامة

- ‌30 - باب في الرجل يؤذن ويقيم آخر

- ‌31 - باب رفع الصوت بالأذان

- ‌32 - باب ما يجب على المؤذن من تعاهُد الوقت

- ‌33 - باب الأذان فوق المنارة

- ‌34 - باب في المؤذن يستدير في أذانه

- ‌35 - باب ما جاء في الدعاء بين الأذان والإقامة

- ‌36 - باب ما يقول إذا سمع المؤذن

- ‌37 - باب ما يقول إذا سمع الإقامة

- ‌38 - باب ما جاء في الدعاء عند الأذان

- ‌3).***39 -باب ما يقول عند أذان المغرب

- ‌40 - باب أخذ الأجر على التأذين

- ‌41 - باب في الأذان قبل دخول الوقت

- ‌42 - باب الأذان للأعمى

- ‌43 - باب الخروج من المسجد بعد الأذان

- ‌44 - باب في المؤذن ينتطر الإمام

- ‌4).***45 -باب في التثويب

- ‌46 - باب في الصلاة تُقام ولم يأتِ الإمام ينتظرونه قعودًا

- ‌47 - باب في التشديد في ترك الجماعة

- ‌48 - باب في فضل صلاة الجماعة

- ‌49 - باب ما جاء في فضل المشي إلى الصلاة

- ‌50 - باب ما جاء في المشي إلى الصلاة في الظُّلَم

- ‌51 - باب ما جاء في الهدْي في المشي إلى الصلاة

- ‌52 - باب في من خرج يريد الصلاة فسُبِقَ بها

- ‌53 - باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد

- ‌54 - باب التشديد في ذلك

- ‌55 - باب السعي إلى الصلاة

- ‌56 - باب في الجَمع في المسجد مرتين

- ‌57 - باب فيمن صلى في منزله ثم أدرك الجماعة يصلي معهم

- ‌58 - باب إذا صلى في جماعةٍ ثم أدرك جماعةً، أيعيد

- ‌59 - باب في جماع الإمامة وفضلها

- ‌60 - باب في كراهية التدافع على الإمامة

- ‌ 680)].***61 -باب مَن أحق بالإمامة

- ‌62 - باب إمامة النساء

- ‌63 - باب الرجل يَؤمُّ القوم وهم له كارهون

- ‌64 - باب إمامة البَرِّ والفاجر

- ‌65 - باب إمامة الأعمى

- ‌66 - باب إمامة الزائر

- ‌67 - باب الإمام يقوم مكانًا أرفعَ من مكان القوم

- ‌68 - باب إمامة من صلى بقوم وقد صلى تلك الصلاة

الفصل: ‌41 - باب في الأذان قبل دخول الوقت

باب التأليف؛ لحداثة عهده بالإسلام، كما أعطي حينئذ غيره من المؤلَّفة قلوبهم، ووقائع الأحوال إذا تطرَّق إليها الاحتمال سلبها الاستدلال، لما يبقى فيها من الإجمال. انتهى.

قال الشوكاني: وأنت خبير بأن هذا الحديث لا يَرِد على من قال: إن الأجرة إنما تحرُم إذا كانت مشروطة، إلا إذا أعطيها بغير مسألة، والجمع بين الحديثين بمثل هذا حسن".

قلت: يؤيد كلام ابن سيد الناس: أن أبا محذورة أُعطي الصرة قبل أن يؤمر بالتأذين، فقد قال أبو محذورة بعد ذلك: فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! مُرني بالتأذين بمكة، فقال:"قد أمرتك به"، ومما يدل على أنَّه أُعطيها للتأليف، أنَّه كان في أول الأمر مستهزئًا، فقد قال عن نفسه:"فسمعنا صوت المؤذن ونحن عن الطريق متنكبون، فظللنا نحكيه ونهزأ به"، ولو كانت الصرة أجرة أذانه، لكان من باب أولى: أن يأمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم عتابَ بن أسيد أميرَ مكة أن يجري له رزقًا على أذانه، أو يجعل له أجرة معلومة.

وهذا على فرض ثبوت هذه الزيادة التي تفرد بها عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة من حديث أبي محذورة، وإلا فهي زيادة منكرة، والله أعلم.

قلت: والحاصل: أن المشارطة والمؤاجرة على الأذان لا تجوز؛ لحديث عثمان، وأما إن أجرى الإمام له رزقًا من بيت المال فلا حرج، والتعفف عن ذلك أولى، والله أعلم.

وقد أجابت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله تعالى- عن سؤال حول هذه المسألة فقالت: "الحديث ثابت،

، وهذا الحديث يدل على أن المؤذن لا يأخذ أجرًا على أذانه، فإن لم يوجد متطوع بالأذان فلا مانع من أن يجري الإمام له رزقًا من بيت المال، ورُوي عن الإمام أحمد: الجواز، ورخص فيه مالك؛ لأنَّه عمل معلوم، يجوز أخذ الرزق عليه، أشبه سائر الأعمال، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم [فتاوى اللجنة الدائمة (15/ 106) فتوى رقم (20388)].

***

‌41 - باب في الأذان قبل دخول الوقت

532 -

. . . حماد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر: أن بلالًا أذن قبل طلوع الفجر، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع؛ فينادي: ألا إن العبد قد نام، ألا إن العبد قد نام.

زاد موسى: فرجع فنادى: ألا إن العبد قد نام.

قال أبو داود: وهذا الحديث لم يروه عن أيوب إلا حماد بن سلمة.

• حديث شاذ، أخطأ فيه حماد، إنما يرويه أيوب معضلًا، قال: أذَّن بلالٌ مرةً بليلٍ

، ويرويه نافع مرسلًا: أن مؤذنًا لعمر، موقوف على عمر بإسناد ضعيف.

ص: 187

أخرجه عبد بن حميد (782)، وبحشل في تاريخ واسط (245)، والطحاوي (1/ 139)، والدارقطني في السنن (1/ 244)، وفي العلل (12/ 340/ 2769)، وابن حزم (3/ 120)، والبيهقي في السنن (1/ 383)، وفي المعرفة (1/ 413 - 414/ 542)، وابن الجوزي في التحقيق (375)، وفي العلل المتناهية (1/ 393 / 661).

وفي رواية: أن بلالًا أذَّن قبل طلوع الفجر، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع فينادي: ألا إن العبد نام، ثلاث مرات، فرجع فنادى: ألا إن العبد نام، ثلاث مرات.

وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين، غير حماد فمن رجال مسلم الذين احتج بهم، وهو على شرط مسلم في المتابعات، فقد روى بهذا الإسناد ثلاثة أحاديث (585 و 1656 و 2862)، كلها في المتابعات، فإنه لم يرو عن حماد عن غير ثابت في الأصول.

وحماد بن سلمة، وإن كان أثبت الناس في ثابت البناني، إلا أنَّه يهم في حديث غيره، قال أحمد:"أسند حماد بن سلمة عن أيوب أحاديث لا يسندها الناس عنه"، وقال مسلم في التمييز: "وحماد يعد عندهم إذا حدَّث عن غير ثابت - كحديثه عن قتادة، وأيوب،

-، فإنه يخطئ في حديثهم كثيرًا" [التمييز (218)، تاريخ بغداد (11/ 449)، تهذيب الكمال (20/ 510)، تهذيب التهذيب (1/ 481)، فتح الباري لابن رجب (3/ 513)].

وقد تقدم معنا حديث وهم فيه حماد بن سلمة على أيوب [انظر: الحديث المتقدم برقم (449)]، وانظر أيضًا في أوهامه على أيوب: العلل للترمذي (286)، العلل لابن أبي حاتم (1279 و 1349) [وانظر فيمن سلك في إسناده الجادة ووهم فيه على حماد: الطبقات الكبرى (3/ 235)].

وحماد قد وهم في هذا الحديث أيضًا على أيوب:

فقد تفرد بوصله عنه، ولم يتابعه عليه غير أحد الضعفاء: سعيد بن زَرْبي، وهو: منكر الحديث؛ فلا يصلح مثله في المتابعات [التهذيب (2/ 17)، الميزان (2/ 136)، ضعفاء الدارقطني (272)]، وعلى هذا فالمتفرد به حقيقة: هو حماد بن سلمة، ولم يتابعه أحد من أصحاب أيوب المتثبتين فيه، مثل: حماد بن زيد، وإسماعيل بن علية، ويزيد بن زريع، وعبد الوارث بن سعيد، ووهيب بن خالد، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، ومالك، وشعبة، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وغيرهم.

• بل قد خالفه في وصله: معمر بن راشد [ثقة، روى له الجماعة عن أيوب]، حيث رواه معضلًا فلم يذكر فيه نافعًا، ولا ابن عمر:

رواه معمر، عن أيوب، قال: أذن بلالٌ مرةً بليل، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "اخرج فنادِ: إن العبد قد نام، فخرج وهو يقول: ليت بلالًا ثكلته أُمه، وابتل من نضح دم جبينه، ثم نادى: إن العبد نام.

أخرجه عبد الرزاق (1/ 491/ 1888)، ومن طريقه: الدارقطني (1/ 244).

ص: 188

قال الدارقطني: "هذا مرسل".

قلت: وهو أولى من حديث حماد الموصول، وقد اتفق الأئمة الحفاظ على توهيم حماد بن سلمة في هذا الحديث:

فقد أنكره الإمام أحمد على حماد [الفتح لابن رجب (3/ 512)].

وقال علي بن المديني: "حديث حماد بن سلمة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، هو: غير محفوظ، وأخطأ فيه حماد بن سلمة"، وقال أيضًا:"أخطأ حماد في هذا الحديث، والصحيح: حديث عبيد الله -يعني: عن نافع-، وحديث الزهري عن سالم"، وقال أيضًا:"هو عندي خطأ؛ لم يتابع حماد بن سلمة على هذا"[جامع الترمذي (203)، مختصر الأحكام (2/ 25)، السنن الكبرى للبيهقي (1/ 383)، المعرفة له (1/ 414)].

وقال أبو حاتم في العلل (1/ 114 / 308): "ولا أعلم روى هذا الحديث: عن أيوب عن نافع عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن بلالًا أذن قبل الصبح، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ارجع فنادِ: إن العبد نام"؛ إلا حماد بن سلمة، وشيئًا حدثنا عمر بن علي الإسْفَذَني، قال: حدثنا ابن أبي محذورة، عن عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال: والصحيح: عن نافع، عن ابن عمر: أن عمر أمر مسروحًا - أذَّن قبل الفجر - فأمره أن يرجع، وفي بعض الأحاديث: أن بلالًا أذَّن قبل الفجر.

فلو صح هذا الحديث؛ لدفعه حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، والقاسم بن محمد، عن عائشة: عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "إن بلالًا يؤذِّن بليل، فكلوا واشربوا حتَّى يؤذِّن ابن أم مكتوم"، فقد جوَّز النبي صلى الله عليه وسلم الأذان قبل الفجر، مع أن حديث حماد بن سلمة خطأ.

قيل له: فحديث ابن أبي محذورة؟ قال: ابن أبي محذورة: شيخ".

وقال الشافعي: "رأينا أهل الحديث من أهل العراق لا يثبتون هذا الحديث، ويزعمون أنها ضعيفة، لا يقوم بمثلها حجة على الانفراد"[الفتح لابن رجب (3/ 512)].

وقال محمد بن يحيى الذهلي: "حديث حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر: أن بلالًا أذن قبل طلوع الفجر: شاذ، غير واقع على القلب، وهو خلاف ما رواه الناس عن ابن عمر"[السنن الكبرى للبيهقي (1/ 383)].

وقال أبو بكر الأثرم: "هذا الحديث خطأ معروف من خطأ حماد بن سلمة"[الفتح لابن رجب (5/ 513)، شرح سنن ابن ماجة لمغلطاي (4/ 1164)].

وقال أبو داود: "وهذا الحديث لم يروه عن أيوب إلا حماد بن سلمة"، وقال في قصة مسروح مع عمر:"وهذا أصح من ذلك".

وقال الترمذي في الجامع بعد الحديث رقم (203): "هذا حديث غير محفوظ،

ص: 189

والصحيح: ما روى عبيد الله بن عمر، وغيره، عن نافع، عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن بلالًا يؤذِّن بِلَيْل؛ فكلوا واشربوا حتَّى يؤذِّن ابن أم مكتوم".

قال: وروى عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع: أن مؤذنًا لعمر أذَّن بِلَيْل، فأمره عمر أن يعيد الأذان، وهذا: لا يصح أيضًا؛ لأنَّه عن نافع عن عمر: منقطع؛ ولعل حماد بن سلمة أراد هذا الحديث، والصحيح: رواية عبيد الله وغير واحد: عن نافع عن ابن عمر، والزهري عن سالم عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن بلالًا يؤذِّن بِلَيْل".

قال أبو عيسى: ولو كان حديث حماد صحيحًا لم يكن لهذا الحديث معنى؛ إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بلالًا يؤذِّن بِلَيْل"، فإنما أمرهم فيما يُستقبَل، فقال:"إن بلالًا يؤذِّن بِلَيْل"، ولو أنَّه أمره بإعادة الأذان حين أذَّن قبل طلوع الفجر، لم يقل:"إن بلالًا يؤذِّن بِلَيْل"،

" ثم احتج بقول ابن المديني، ونقله أبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 24).

وقال الدارقطني في السنن: "تابعه سعيد بن زربي - وكان ضعيفًا - عن أيوب"، وقال في العلل (12/ 339 / 2769):"والمرسل أصح"، وقال في موضع آخر من العلل (13/ 23/ 2911): "والصحيح: عن نافع، عن ابن عمر: أن مسروحًا - مولى عمر - أذن، وقال له عمر

: غير مرفوع. وكذلك قال عبيد الله بن عمر عن نافع".

وقال البيهقي: جهذا حديث تفرد بوصله: حماد بن سلمة عن أيوب، ورُوي أيضًا عن سعيد بن زربي عن أيوب، إلا أن سعيدًا: ضعيف؛ ورواية حماد منفردة، وحديث عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر: أصح منها، ومعه: رواية الزهري عن سالم عن أبيه

".

ثم قال البيهقي: "وقد رواه معمر بن راشد عن أيوب قال: أذن بلال مرة بليل

فذكره مرسلًا. وروي عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع، موصولًا، وهو: ضعيف لا يصح".

وقال في المعرفة (1/ 414): "حماد بن سلمة: ساء حفظه في آخر عمره، فلا يقبل منه ما يخالفه فيه الحفاظ، وقد خالفه: معمر فرواه عن أيوب، قال: أذن بلال مرة بليل

، فذكره مرسلًا، وخالفه: عبيد الله بن عمر فروى عن نافع عن ابن عمر: أذان بلال بالليل، كما رواه الزهري عن سالم عن أبيه عبد الله بن عمر، وكما رواه عبد الله بن دينار عن ابن عمر، وإنما الرواية عن نافع ما أخبرنا

"، فذكر حديث شعيب بن حرب الآتي.

وقال في الخلافيات (1/ 463): "وقد تابعه: سعيد بن زربي، وهو: ضعيف؛ فأما حماد بن سلمة: فإنه أحد أئمة المسلمين، حتَّى قال أحمد بن حنبل: إذا رأيتَ الرجلَ يغمز حماد بن سلمة فاتهمه، فإنه كان شديدًا على أهل البدع، إلا أنَّه لما طعن في السن ساء حفظه، ولذلك ترك البخاري الاحتجاج بحديثه، وأما مسلم فإنه اجتهد في أمره، وأخرج

ص: 190

من حديثه عن ثابت ما سمع منه قبل تغيره، وما سوى حديثه عن ثابت لا يبلغ أكثر من اثني عشر حديثًا، أخرجها في الشواهد، دون الاحتجاج به، وإذا كان الأمر على هذا؛ فالاحتياط لمن راقب الله تعالى: أن لا يحتج بما يجد من أحاديثه مخالفًا لأحاديث الثقات الأثبات، وهذا الحديث من جملتها".

وقال ابن عبد البر في التمهيد (10/ 59): "وهذا حديث انفرد به حماد بن سلمة دون أصحاب أيوب، وأنكروه عليه، وخطؤوه فيه؛ لأنَّ سائر أصحاب أيوب يروونه عن أيوب، قال: أذن بلال مرة بليل

، فذكره مقطوعًا".

وقال النووي في المجموع (3/ 98): "فرواه أبو داود والبيهقي وغيرهما وضعفوه".

وقال ابن القيم في إعلام الموقعين (2/ 361): "

، وأما حديث حماد عن أيوب: فحديث معلول عند أئمة الحديث، لا تقوم به حجة".

وقال ابن رجب في الفتح (3/ 513): "روايات حماد بن سلمة عن أيوب: غير قوية"، وكان قال قبلُ (3/ 511):"وفي النهي عن الأذان قبل الفجر أحاديث آخر: لا تصح" وذكر منها هذا الحديث، وحديث شداد الآتي.

وقال في طرح التثريب (2/ 181): "وضعفه أيضًا: الشافعي، وعلي بن المديني، ومحمد بن يحيى الذهلي، والترمذي، وأبو حاتم، وأبو بكر الأثرم، والدارقطني، والبيهقي، وغيرهم".

وقال ابن حجر في الفتح (2/ 103): "ورجاله ثقات حفاظ، لكن اتفق أئمة الحديث: علي بن المديني، وأحمد بن حنبل، والبخاري، والذهلي، وأبو حاتم، وأبو داود، والترمذي، والأثرم، والدارقطني: على أن حمادًا أخطأ في رفعه، وأن الصواب: وقفه على عمر بن الخطاب، وأنه هو الَّذي وقع له ذلك مع مؤذنه، وأن حمادًا انفرد برفعه، ومع ذلك فقد وجد له متابع، أخرجه البيهقي من طريق سعيد بن زَرْبي، وهو بفتح الزاي وسكون الراء بعدها موحدة ثم ياء كياء النسب، فرواه عن أيوب: موصولًا، لكن سعيد: ضعيف؛ ورواه عبد الرزاق عن معمر عن أيوب أيضًا؛ لكنه أعضله، فلم يذكر نافعًا ولا ابن عمر، وله طريق أخرى عن نافع عند الدارقطني وغيره، اختُلِف في رفعها ووقفها أيضًا، وأخرى مرسلة: من طريق يونس بن عبيد وغيره عن حميد بن هلال، وأخرى: من طريق سعيد عن قتادة مرسلة، ووصلها يونس عن سعيد بذكر أَنس، وهذه طرق يقوي بعضها بعضًا قوةً ظاهرةً؛ فلهذا - والله أعلم - استقر أن بلالًا يؤذن الأذان الأول".

قلت: كل هذه الطرق معلولة؛ إما شاذة، أو منكرة، أو مرسلة، وبعضها يُعِل بعضًا، فكيف يقال: يقوي بعضها بعضًا قوةً ظاهرةً؟!، ثم كيف تخالف اتفاق أئمة الحديث الذين نقلتَ عنهم إعلال هذا الحديث؟! مع علمك بأن اتفاقهم يكون حجةً؛ لا يسوغ لأحد مخالفتها.

• فإن قيل: لم ينفرد به أيوب عن نافع [من الوجه الموصول، الَّذي رواه عنه

ص: 191

حماد بن سلمة]، فقد تابعه عليه: عبد العزيز بن أبي رواد، وهو: صدوق، ربما وهم:

رواه إبراهيم بن عبد العزيز بن أبي محذورة [ضعيف. راجع الحديث المتقدم برقم (502)، والحديث رقم (518)]، وعامر بن مدرك [قال أبو حاتم:"شيخ"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"ربما أخطأ"، الجرح والتعديل (6/ 328)، الثقات (8/ 501)، التقريب (299) وقال:"لين الحديث"]:

كلاهما: عن عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر: أن بلالًا أذن بليل، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"ما حملك على ذلك؟ " قال: استيقظت وأنا وسنان، فظننت أن الفجر قد طلع، فأذَّنت، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن ينادي في المدينة ثلاثًا: إن العبد رقد، ثم أقعده إلى جنبه، حتَّى طلع الفجر، ثم قال:"قم الآن" ثم ركع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتي الفجر. لفظ ابن أبي محذورة، ولفظ عامر مختصر: أن بلالًا أذن قبل الفجر، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم، وأمره أن ينادي: إن العبد نام، فوجد بلالٌ وجدًا شديدًا.

أخرجه ابن أبي حاتم في العلل (1/ 114 / 308)، والدارقطني في السنن (1/ 244)، والبيهقي في السنن (1/ 383)، وابن الجوزي في التحقيق (376)، وفي العلل المتناهية (1/ 393/ 662).

قلت: خالفهما ثقتان حافظان: شعيب بن حرب، المدائني البغدادي نزيل مكة: وهو ثقة مأمون، متفق على توثيقه [التهذيب (2/ 172)، التقريب (271)]، وهو الحديث الآتي عند أبي داود.

ووكيع بن الجراح: وهو ثقة حافظ، رواه ابن أبي شيبة.

***

533 -

قال أبو داود: حدثنا أيوب بن منصور: ثنا شعيب بن حرب، عن عبد العزيز بن أبي رواد: أخبرنا نافع، عن مؤذن لعمر، يقال له: مَسْرُوح، أذَّن قبل الصبح، فأمره عمر،

فذكر نحوه.

• موقوف علي عمر بإسناد ضعيف.

أخرجه من طريق أبي داود: الدارقطني (1/ 244)، والبيهقي في السنن (1/ 383)، وفي المعرفة (1/ 414/ 543).

قال الدارقطني: "وهِم فيه عامر بن مدرك، والصواب قد تقدم: عن شعيب بن حرب، عن عبد العزيز بن أبي راود، عن نافع، عن مؤذن عمر، عن عمر قوله" ونقله البيهقي في المعرفة (1/ 415)، وفي الخلافيات (1/ 465) وأقره.

وقال الدارقطني أيضًا في العلل (12/ 339 / 2769): "وخالفه: شعيب بن حرب، رواه عن عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع، عن مؤذن عمر: أنَّه قال له ذلك. ولم يرفعه".

ص: 192

وقال البيهقي بعد رواية ابن أبي محذورة: "ورواه أيضًا: عامر بن مدرك عن عبد العزيز، موصولًا مختصرًا، وهو: وهم، والصواب: رواية شعيب بن حرب".

قلت: رواية شعيب بن حرب هي الصواب، لا سيما وقد تابعه عليها أحد الثقات الحفاظ: وشبهة الاتصال بين نافع ومؤذن عمر هذا قد أزالها وكيع في روايته:

فقد رواه ابن أبي شيبة (1/ 201 / 2308) قال: حدثنا وكيع، عن ابن أبي رواد، عن نافع: أن مؤذِّنًا لعمر، يقال له: مسروح، أذن قبل الفجر، فأمره عمر أن يعيد.

وهذا ظاهر الانفطاع؛ فإن نافعًا يروي واقعة لم يدركها.

قال الترمذي: "وهذا: لا يصح أيضًا؛ لأنَّه عن نافع عن عمر: منقطع؛ ولعل حماد بن سلمة أراد هذا الحديث".

وقال ابن عبد البر في التمهيد (10/ 60 و 61): "وهذا إسناد غير متصل لأنَّ نافعًا يلق عمر،

ثم قال: وهذا هو الصحيح - والله أعلم -: أن عمر قال ذلك لمؤذنه، لا ما ذكر أيوب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله لبلال، وإذا كان حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم صحيحًا؛ قوله:"إن بلالًا يؤذن بليل": فلا حجة في قول أحد مع السنة، ولو لم يجز الأذان قبل الفجر لنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالًا عن ذلك، ونحن لا نعلم أن عمر قال ما رُوي عنه في هذا الباب إلا بخبر واحد عن واحد، وكذلك خبر ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، فالمصير إلى المسند أولى من طريق الحجة، والله أعلم".

قلت: مسروح هذا، أو مسعود: فيه جهالة، كما قال الذهبي، وليس هو: مروح بن سبرة النهشلي، الَّذي سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وروى عنه: الأزور بن عياض الكعبي [التاريخ الكبير (8/ 60)، الجرح والتعديل (8/ 429)، الأسماء المفردة (148)، الثقات (5/ 461)، شعب الإيمان (3/ 226/ 3392)، الميزان (4/ 97)، وانظر: إكمال مغلطاي (11/ 152) وقد وهم في جعلهما واحدًا، وتبعه على ذلك كعادته: ابن حجر في التهذيب (4/ 59)].

***

قال أبو داود: وقد رواه حماد بن زيد، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، أو: غيره، أن مؤذنًا لعمر، يقال له: مَسْرُوح، أو: غيره.

قال أبو داود: ورواه الدراوردي، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كان لعمر مؤذن يقال له: مسعود،

وذكر نحوه.

وهذا أصح من ذلك.

• موقوف على عمر بإسناد ضعيف.

قال البيهقي في السنن: "يعني: حديث ابن عمر أصح"، وفي المعرفة، وفي الخلافيات (1/ 465):"يعني حديث عمر رضي الله عنه أصح"، وهو الأقرب.

ص: 193

وقال ابن رجب: "يعني: أنَّه موقوف على عمر، وأن حماد بن سلمة وهِمَ في رفعه"[الفتح (3/ 512)].

قلت: هكذا رواه أبو داود معلقًا، ولم أجده من وصله من الطريقين، وقال أبو حاتم:"والصحيح: عن نافع، عن ابن عمر: أن عمر أمر مسروحًا - أذن قبل الفجر - فأمره أن يرجع".

قلت: رواية ابن أبي رواد، ورواية حماد بن زيد عن عبيد الله بن عمر، كلاهما: عن نافع: أن مؤذنًا لعمر: ظاهرة الانقطاع، وأما رواية الدراوردي عن عبيد الله بن عمر، فهي متصلة، ولا أظنها تصح، فإن عبد العزيز بن محمد الدراوردي: كان سيئ الحفظ، يخطئ إذا حدث من حفظه، وكان كتابه صحيحًا؛ إلا أنَّه كان يحدث من كتب الناس فيخطئ أيضًا [انظر: التهذيب (2/ 592) وغيره].

• والخلاصة: أن حديث حماد بن سلمة: وهمٌ، إنما يرويه أيوب معضلًا، قال: أذن بلالٌ مرةً بليلٍ

، ويرويه نافع مرسلًا: أن مؤذنًا لعمر، وفي روايةٍ: عن نافع، عن ابن عمر قال: كان لعمر مؤذن

، والمرسل: أصح، والله أعلم.

والصحيح الثابت في هذا عن ابن محمر، ويخالف ما رواه حماد بن سلمة [كما قال الأئمة]:

هو ما رواه: عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنان: بلال، وابن أم مكتوم الأعمى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن بلالًا يؤذن بليل؛ فكلوا واشربوا حتَّى يؤذن ابن أم مكتوم".

قال: ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا.

أخرجه البخاري (623 و 1918)، ومسلم (380 و 1092)، وأبو عوانة (1/ 277/ 969) و (2/ 181/ 2764 و 2766)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 5/ 836) و (3/ 168/ 2454 و 2456)، والدارمي (1/ 288/ 1191)، وابن خزيمة (1/ 221 / 424) و (3/ 211/ 1931)، وابن الجارود (163)، وأحمد (2/ 57 و 94)، وإسحاق بن راهويه (2/ 384/ 934)، وابن أبي شيبة (1/ 197 و 201/ 2255 و 2310) و (2/ 275/ 8925)، وأبو العباس السراج في مسنده (43)، والطبراني في الكبير (12/ 371/ 13379)، وفي الأوسط (1/ 216/ 700)، وأبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات"(521 و 522)، وابن المقرئ في المعجم (356)، وابن حزم في المحلى (6/ 235)، والبيهقي (1/ 382 و 429) و (4/ 218)، وغيرهم.

وانظر: موطأ ابن وهب (296)، الطبقات لابن سعد (4/ 207).

ورواه أيضًا: ابن شهاب الزهري، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن بلالًا يؤذِّن بلبل؛ فكلوا واشربوا حتَّى ينادي ابن أم مكتوم".

ثم قال: وكان رجلًا أعمى، لا ينادي حتَّى يُقالَ له: أصبَحتَ أصبَحتَ.

ص: 194

أخرجه البخاري (617 و 2656)، ومسلم (1092)، وأبو عوانة (2/ 182/ 2768 و 2769 و 2770)، وأبو نعيم في المستخرج (3/ 167 و 168/ 2452 و 2453)، والترمذي (203)، وقال:"حسن صحيح". وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه (2/ 22 - 23/ 185)، والنسائي (2/ 10/ 638)، والدارمي (1/ 288/ 1190)، وابن خزيمة (1/ 209/ 401)، وابن حبان (8/ 248 و 249/ 3469 و 3470)، وأحمد (2/ 9 و 123)، والشافعي في الأم (2/ 57/ 1182)، وفي السنن (289)، وفي المسند (30)، والطيالسي (3/ 365/ 1928)، وعبد الرزاق (1/ 490/ 1885 و 1886)، والحميدي (611)، وأبو نعيم الفضل بن دكين في الصلاة (205 و 218)، وابن سعد في الطبقات (4/ 207)، وابن أبي شيبة (2/ 275/ 8923)، وعبد بن حميد (734)، وأبو يعلى (9/ 317 و 370 و 401/ 5432 و 5492 و 5541)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (2583)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 29/ 1181)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 137 و 138)، وفي أحكام القرآن (1/ 454/ 1021 - 1026)، والطبراني في الكبير (12/ 277/ 13106)، وفي الأوسط (5/ 39/ 4615)، وفي مسند الشاميين (4/ 224/ 3141)، وابن عدي في الكامل (4/ 302)، والجوهري في مسند الموطأ (177)، وابن حزم في المحلى (6/ 230)، والبيهقي (1/ 380 و 426)، وابن عبد البر في التمهيد (10/ 57)، والخطيب في المدرج (1/ 284 - 289)، وغيرهم.

وانظر: الموطأ (1/ 123/ 195)، أحاديث الموطأ (48)، الأحاديث التي خولف فيها مالك (12)، علل الدارقطني (12/ 290/ 2722)، التمهيد (10/ 55)، وغيرها.

• وله طريق ثالثة عن ابن عمر:

رواها مالك، والثوري، وشعبة، وعبد العزيز بن مسلم القسملي، وإسماعيل بن جعفر: عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن بلالًا ينادي بليل؛ فكلوا واشربوا حتَّى ينادي ابن أم مكتوم".

أخرجه البخاري (620 و 7248)، ومالك في الموطأ (1/ 122/ 194)، والنسائي (2/ 10/ 637)، وابن حبان (8/ 249/ 3471)، وأحمد (2/ 62 و 64 و 73 و 79 و 107)، والشافعي في السنن (290)، وعبد الرزاق (4/ 232/ 7614)، وابن سعد في الطبقات (4/ 207)، وعلي بن حجر في حديثه عن إسماعيل بن جعفر (20)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 138)، وفي أحكام القرآن (1/ 455/ 1027)، والجوهري في مسند الموطأ (464)، والبيهقي (1/ 380)، وغيرهم.

وله إسناد آخر عن ابن عمر: انظر: مسند أحمد (2/ 123).

• وصح أيضًا من حديث:

1 -

عائشة:

يرويه: عبيد الله بن عمر، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:

ص: 195

"إن بلالًا يؤذن بليل؛ فكلوا واشربوا حتَّى يؤذن ابن أم مكتوم" زاد في آخره في رواية عند البخاري (1919): "فإنه لا يؤذن حتَّى يطلع الفجر".

قالت: فلا أعلمه إلا كان قدر ما ينزل هذا ويرقى هذا.

أخرجه البخاري (622 و 1919)، ومسلم (380 و 1092)، وأبو عوانة (2/ 181 / 2764 و 2765 و 2767)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 5/ 837) و (3/ 168 و 169/ 2455 و 2456)، والنسائي (2/ 10/ 639)، والدارمي (1/ 288/ 1191)، وابن خزيمة (1/ 210 و 221/ 403 و 424) و (3/ 211/ 1932)، وأحمد (6/ 44 و 54)، وإسحاق بن راهويه (2/ 384/ 934 و 935)، وابن أبي شيبة (2/ 275/ 8925)، وأبو العباس السراج في مسنده (44)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 28/ 1180)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 138)، وفي أحكام القرآن (1/ 455/ 1028)، وأبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات"(520 - 524)، وابن حزم في المحلى (3/ 120) و (6/ 230)، والبيهقي (1/ 382) و (4/ 218)، وغيرهم.

ولحديث عائشة إسنادان آخران وهم فيهما بعض الرواة فقلبوا متنه، انظر: الحديث الآتي برقم (534)، الشاهد رقم (6).

2 -

عبد الله بن مسعود:

يرويه سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يمنعنَّ أحدَكم - أو: أحدًا منكم - أذانُ بلالٍ من سُحوره؛ فإنه يؤذن - أو: ينادي - بليل؛ ليَرجع قائمَكم، وليُنبِّه نائمَكم، وليس أن يقول: الفجر - أو: الصبح -" وقال بأصابعه ورفعها إلى فوق، وطأطأ إلى أسفل، حتَّى يقول هكذا بسَبَّابَتَيْه، إحداهما فوق الأخرى، ثم مدَّها عن يمينه وشماله.

أخرجه البخاري (621 و 5298 و 7247)، ومسلم (1093)، وأبو عوانة (2/ 185/ 2780 - 2783)، وأبو نعيم في المستخرج (3/ 169/ 2457)، وأبو داود (2347)، والنسائي (2/ 11/ 641) و (4/ 148/ 2170)، وابن ماجة (1696)، وابن خزيمة (1/ 209/ 402) و (3/ 210/ 1928)، وابن حبان (8/ 246 - 247 و 250/ 3468 و 3472)، والطيالسي (1/ 273/ 348)، وابن أبي شيبة (2/ 275/ 8924)، ومحمد بن الحسن الشيباني في الحجة (1/ 73)، والبزار (5/ 265/ 1879)، وأبو يعلى (9/ 154/ 5238)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 31/ 1184)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 139)، وفي أحكام القرآن (1/ 456/ 1032 - 1034)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (5/ 202/ 773 و 774)، وابن حزم في المحلى (3/ 120)، والبيهقي (8/ 214)، وغيرهم.

3 -

سمرة بن جندب:

يرويه: عبد الله بن سوادة [ثقة]، وشعبة بن الحجاج [ثقة حافظ متقن]، ومحمد بن سليم أبو هلال الراسبي [صدوق فيه لين]:

ص: 196

عن سوادة بن حنظلة القشيري، عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يغرنكم من سُحوركم أذانُ بلالٍ، ولا بياضُ الأفق المستطيل هكذا حتَّى يستطير هكذا".

أخرجه مسلم (1094)، وأبو عوانة (2/ 184/ 2779)، وأبو نعيم في المستخرج (3/ 170/ 2458 و 2459)، وأبو داود (2346)، والترمذي (706)، وقال:"حديث حسن". والنسائي (4/ 148/ 2171)، وابن خزيمة (3/ 210/ 1929)، والحاكم (1/ 425)، وأحمد (5/ 7 و 13 و 13 - 14 و 18)، والطيالسي (2/ 218 و 219/ 939 و 940)، وابن أبي شيبة (2/ 276 / 8927)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 138 و 139)، وفي أحكام القرآن (1/ 456/ 1035 و 1036)، والدارقطني (2/ 166 و 167)، وقال:"إسناد صحيح، كلهم ثقات"[الإتحاف (6/ 31/ 3078)]، وابن حزم في المحلى (6/ 230)، والبيهقي (1/ 380)، وغيرهم.

هكذا رواه الجماعة عن سوادة، وخالفهم همام بن يحيى [ثقة، ربما وهم]، فقال: حدثني سوادة، قال: سمعت سمرة بن جندب، يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يغرنكم نداء بلال؛ فإن في بصره سوءًا، ولا بياضٌ يُرى بأعلى السحر". فوهم في قوله: "فإن في بصره سوءًا".

أخرجه أحمد (5/ 9).

• وفي الباب أيضًا من:

1 -

أنيسة بنت حُبيب:

اختلف في متنه على شعبة، فمن أصحاب شعبة من رواه كالجماعة، ومنهم من قلبه، ومنهم من رواه بالشك، ورواه منصور بن زاذان مقلوبًا ولم يشك، وقال ابن عبد البر وابن الجوزي والبلقيني بأنه مقلوب.

أخرجه النسائي (2/ 11/ 640)، وابن خزيمة (1/ 210/ 404 و 405)، وابن حبان (8/ 252/ 3474)، وأحمد (6/ 433)، وإسحاق (5/ 201 - 202/ 2329)، والطيالسي (3/ 237/ 1766)، وابن سعد في الطبقات (6/ 364)، وابن أبي شيبة (2/ 277 / 8945)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (6/ 124 و 260/ 3345 و 3490)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 138)، وفي أحكام القرآن (1/ 455/ 1029 - 1031)، والطبراني في الكبير (24/ 191/ 480 - 482)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6/ 3266 / 7520)، والبيهقي (1/ 382)، وابن بشكوال في الغوامض (2/ 830 - 832).

قال ابن عبد البر في الاستيعاب (4/ 1791): "حديثها عند شعبة، عن حُبيب، عن عمته أنيسة.

واختلف فيه على شعبة: فمنهم من يقول فيه: "إن ابن أم مكتوم ينادي بليل، فكلوا واشربوا حتَّى ينادي بلالًا، ومنهم من يقول فيه كما روى ابن عمر: "إن بلالا ينادي بليل"، وهو: المحفوظ والصواب إن شاء الله".

ص: 197

وقال ابن القيم في إعلام الموقعين (2/ 365): "هذا الحديث قد رواه: ابن عمر، وعائشة، وابن مسعود، وسمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أن بلالًا يؤذن بليل"، وهذا الَّذي رواه صاحبا الصحيح، ولم يختلف عليهم في ذلك، وأما حديث أنيسة: فاختلف عليها في ثلاثة أوجه:

[فذكرها ثم قال:] والصواب: رواية أبي داود الطيالسي وعمرو بن مرزوق؛ لموافقتها لحديث ابن عمر وعائشة، وأما رواية أبي الوليد وابن عمر فمما انقلب فيها لفظ الحديث، وقد عارضها رواية الشك ورواية الجزم بأن المؤذن بليل هو بلال، وهو: الصواب بلا شك؛ فإن ابن أم مكتوم كان ضرير البصر، ولم يكن له علم بالفجر، فكان إذا قيل له: طلع الفجر، أذن، وأما ما ادعاه بعض الناس: أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الأذان نوبًا بين بلال وابن أم مكتوم، وكان كل منهما في نوبته يؤذن بليل، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس أن يأكلوا ويشربوا حتَّى يؤذن الآخر، فهذا: كلام باطل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يجئ في ذلك أثر قط لا بإسناد صحيح ولا ضعيف ولا مرسل ولا متصل، ولكن هذه طريقة من يجعل غلط الرواة شريعةً، ويحملها على السنة، وخبر ابن مسعود وابن عمر وعائشة وسمرة الَّذي لم يختلف عليهم فيه: أولى بالصحة، والله أعلم" وانظر: زاد المعاد (1/ 226)، تحفة الأشراف (11/ 270)، تهذيب الكمال (35/ 134)، النكت على ابن الصلاح لبدر الدين الزركشي (2/ 306)، البدر المنير (3/ 202)، النكت على ابن الصلاح لابن حجر (2/ 878)، التلخيص (1/ 178)، فتح المغيث (1/ 280)، تدريب الراوي (1/ 292).

2 -

أنس:

يرويه محمد بن بشر، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن أَنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يمنعنكم أذان بلال من سحوركم؛ فإن في بصره شيئًا" وفي رواية: "سوءًا".

أخرجه أحمد (3/ 140)، وابن أبي شيبة (2/ 275/ 8926)، وأبو يعلى (5/ 297/ 2917)، والطحاوي (1/ 139)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (583)، وابن أخي ميمي الدقاق في فوائده (161 و 184)، والضياء في المختارة (7/ 38 - 40/ 2428 - 2431).

قال الطحاوي (1/ 140): "فدل ذلك على أن بلالًا كان يريد الفجر فيخطئه؛ لضعف بصره، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يعملوا على أذانه؛ إذ كان من عادته الخطأ لضعف بصره".

قال في طرح التثريب (2/ 182): جوَّز الطحاوي أن يكون بلال كان يؤذن في وقت يرى أن الفجر قد طلع فيه، ولا يتحقق ذلك لضعف بصره، ثم استدل بما رواه عن أَنس مرفوعًا:"لا يغرنكم أذان بلال فإن في بصره شيئًا" قال الطحاوي: فدل على أن بلالًا بيان يريد الفجر فيخطئه لضعف بصره. قلت: وهذا ضعيف؛ لأنَّ قوله عليه الصلاة والسلام: "إن بلالًا يؤذن بليل" يقتضي أن هذه بيانت طريقته وعادته دائمًا، ولو كان لا يقع ذلك منه إلا لخطأ لم يقع إلا نادرًا، فإنه لولا أن الغالب إصابته لما رتب مؤذنًا واعتمد عليه في

ص: 198

الأوقات، وفي صحيح البخاري من حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم:"لا يمنعن أحدَكم أو أحدًا منكم أذانُ بلالٍ من سحوره؛ فإنه يؤذن أو ينادي بليل؛ ليَرجع قائمَكم ولينبه نائمَكم" الحديث، وهذا صريح في أنَّه كان يؤذن قبل الفجر، يقصد ذلك ويتعمده، والله أعلم".

قال ابن الملقن في البدر المنير (3/ 199): "رواه الطحاوي بسند جيد".

قلت: محمد بن بشر العبدي الكوني: ثقة حافظ، وقال أحمد بأن سماعه من ابن أبي عروبة: جيد [شرح علل الترمذي (2/ 743)]، لكن في ثبوت هذه اللفظة:"فإن في بصره شيئًا" نظر.

وقد رواه عن محمد بن بشر به هكذا: أحمد بن حنبل [الإمام الفقيه، الثقة المتقن]، وأبو بكر بن أبي شيبة [ثقة حافظ مصنف]، وشهاب بن عباد العبدي الكوفي [ثقة]، ومحمد بن علي بن محرز البغدادي، نزيل مصر [ثقة. الجرح والتعديل (8/ 27)، الثقات (9/ 127 و 135)، تاريخ بغداد (3/ 57)].

وخالفهم: عبدة بن عبد الله [الصفار: أبو سهل البصري، كوفي الأصل: ثقة]، وسعيد بن بحر [القراطيسي: حدث عنه جماعة من الحفاظ، وقال الخطيب:"كان ثقة"، وقال الذهبي:"ثقة مسند". تاريخ بغداد (9/ 93)، تاريخ الإسلام (19/ 153)]، قالا: نا محمد بن بشر: نا سعيد، عن قتادة، عن أَنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن بلالًا يؤذن بليل؛ فكلوا واشربوا حتَّى يؤذن ابن أم مكتوم".

أخرجه البزار (13/ 402/ 7107).

وقال: "وهذا الحديث لا نعلمه يُروى من حديث أَنس إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، ولا نعلم حدث به عن سعيد إلا محمد بن بشر".

قلت: هذه الجملة المنكرة؛ إذا انضاف إليها تفرد محمد بن بشر بها عن ابن أبي عروبة، ثم الاختلاف عليه في متنه، فمنهم من رواه عنه مثل حديث ابن عمر وعائشة، ومنهم من رواه عنه بهذا اللفظ، مما يجعل النفس لا تطمئن إلى ثبوت حديثه هذا، لا سيما ومحمد بن بشر: ليس من أثبت أصحاب ابن أبي عروبة، وهو متأخر عن أصحابه المتثبتين فيه في الطبقة والوفاة، ولم يكن من أهل البصرة، فلعله حمل عنه هذا الحديث في بداية اختلاطه، والله أعلم، ومسلم وإن أخرج له من روايته عن ابن أبي عروبة [(487 و 746 و 1116 و 1451 و 1503 و 2076 و 2671 و 2730)] لكن فيما توبع عليه.

• ورُويت هذه اللفظة: "في بصره سوءًا" من حديث شيبان، قال: دخلت المسجد، فناديت فتنحيت، فقال في رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أبا يحيى؟ " قال: نعم، قال:"ادنه، هلم إلى الغداء" قلت: إني أريد الصوم، قال:"وأنا أريد الصوم، ولكن مؤذننا في بصره سوء - أو: شيء - أذن قبل أن يطلع الفجر".

هكذا لم يصرح باسم المؤذن، وصرح بعضهم بأنه بلالٌ تعسفًا، إذ على فرض صحته يمكن حمله على ابن أم مكتوم الضرير، فهو أحرى بهذا الوصف، ولهذا قال البيهقي:

ص: 199

"والحديث تفرد به: أشعث بن سوار، فإن صح؛ فكان ابن أم مكتوم وقع تأذينه قبل الفجر، فلم يمتنع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأكل".

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (4/ 252)، وابن سعد في الطبقات (6/ 54)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 297/ 1086 - السفر الثاني)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (5/ 112/ 2652)، وأبو يعلى. والحسن بن سفيان. وأبو القاسم البغوي في المعجم (3/ 296/ 1235)، وابن منده. وابن السكن (6/ 118/ 1058 - مطالب)، وابن قانع في المعجم (1/ 340)، والطبراني في الكبير (7/ 311/ 7228)، وفي الأوسط (5/ 73/ 4706)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1482 و 1483/ 3756 و 3757)، والبيهقي (4/ 218).

وهو حديث: تفرد به أشعث بن سوار، واختلف عليه في إسناده، وأشعث: ضعيف.

فلا تثبت هذه اللفظة عندي من وجه.

3 -

زيد بن ثابت:

أخرجه ابن سعد (4/ 209)، والطبراني في الكبير (5/ 124 / 4818 و 4819)، والبيهقي (1/ 382).

مقلوب، ولا يصح؛ في إسناده الواقدي، ورُوي صحيحًا مثل حديث ابن عمر، لكن إسناده منكر، وفيه من اتهم.

4 -

سهل بن سعد:

أخرجه ابن أبي حاتم في العلل (1/ 146 / 407)، وقال أبو حاتم:"هذا حديث منكر بهذا الإسناد". والطبراني في الأوسط (2/ 246/ 1881)، وفي الكبير (6/ 140/ 5773)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 156)، والبيهقي في كان من أخطأ على الشافعي (146)، وقال:"لا أصل له، والحمل فيه على أبي الطاهر الرواي عن حرملة".

• والحاصل: أن الثابت عن ابن عمر وغيره: أن بلالًا كان يؤذن بليل، قبل طلوع الفجر، بينما يؤذن ابن أم مكتوم إذا طلع الفجر.

فإن قيل: إن لحديث حماد بن سلمة شواهد تقويه، قلنا: لا يصح منها شيء:

• فقد رُوي من حديث أَنس:

يرويه العباس بن عبد السميع الهاشمي [قال الخطيب: "وكان ثقة". تاريخ بغداد (12/ 158)]: نا محمد بن سعد العوفي [هو: محمد بن سعد بن محمد بن الحسن بن عطية العوني: قال الدارقطني: "لا بأس به"، وقال الخطيب: "وكان لينًا في الحديث"، وذكر له حديثًا وهم في إسناده. سؤالات الحاكم (178)، تاريخ بغداد (5/ 322)، تاريخ الإسلام (20/ 445)، اللسان (7/ 150)]: ثنا أبي [قال فيه أحمد: "ذاك جهمي،

، ولولم يكن هذا أيضًا: لم يكن ممن يستاهل أن يكتب عنه، ولا كان موضعًا لذاك"، وقال الذهبي: "وثقه بعضهم"، قلت: ردَّ أحمد توثيقهم لما ذكره له الأثرم، واستعظمه جدًّا.

ص: 200

تاريخ بغداد (9/ 126)، تاريخ الإسلام (16/ 171)، ذيل الميزان (416)، اللسان (4/ 33): نا أبو يوسف القاضي، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أَنس: أن بلالًا أذن قبل الفجر، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعود؛ فينادي: إن العبد نام، ففعل، وقال: ليت بلالًا لم تلده أمه، وابتلَّ من نضح دم جبينه.

أخرجه الدارقطني (1/ 245)، قال: نا العباس به. ومن طريقه: ابن الجوزي في التحقيق (377)، وفي العلل المتناهية (1/ 394/ 663).

قال الدارقطني: "تفرد به أبو يوسف عن سعيد، وغيره يرسله عن سعيد عن قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم".

قلت: إسناد الدارقطني إلى أبي يوسف: لا يصح، وأبو يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي: صدوق، كثير الخطأ [اللسان (8/ 518)، الجرح والتعديل (9/ 201)][وانظر في أوهامه مما تقدم معنا: الأحاديث (300 و 440)]، وهو كوفي، سكن بغداد، فأين هو من أصحاب ابن أبي عروبة الثقات البصريين وغيرهم المكثرين عنه، ولو تفرد به عنه مطلقًا، لكان في تفرده عنه دون أصحابه نظر؛ فكيف وقد خالفه فيه أحد أصحاب ابن أبي عروبة المكثرين عنه:

خالفه: عبد الوهاب بن عطاء الخفاف، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: أن بلالًا أذَّن

، ولم يذكر أنسًا.

أخرجه الدارقطني (1/ 245)، وقال:"والمرسل أصح" ونقله البيهقي في الخلافيات (1/ 465) وأقره.

وهو كما قالا؛ والخفاف: كان صدوقًا، عالمًا بحديث ابن أبي عروبة، ومن أروى الناس عنه، وهو وإن كان ممن روى عن ابن أبي عروبة في الصحة والاختلاط؛ فلم يميز بينهما، إلا أنَّه من أصحابه المكثرين عنه، بخلاف أبي يوسف [انظر: الكواكب النيرات (25)، شرح علل الترمذي (2/ 743)].

• وله إسناد آخر عن أَنس:

يرويه: محمد بن القاسم الأسدي: ثنا الربيع بن صَبِيح، عن الحسن [وفي رواية: وابن سيرين]، عن أَنس بن مالك، قال: أذن بلال قبل الفجر، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع فيقول: ألا إن العبد نام، فرقى بلال، وهو يقول: ليت بلالًا ثكلته أمه، وابتل من نضح دم جبينه، [زاد في رواية: يردِّدُها حتَّى صعد، ثم قال: ألا إن العبد نام، مرتين، ثم أذن حين أضاء الفجر].

أخرجه البزار (13/ 202/ 6667)، والدارقطني (1/ 245)، ومن طريقه: ابن الجوزي في التحقيق (378)، وفي العلل المتناهية (1/ 394/ 664)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (10/ 467).

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن الحسن عن أَنس: إلا محمد بن

ص: 201

القاسم، وقد تقدم ذكرنا له، تفرد به أنس"، وكان البزار قد روى حديثًا قبل هذا بنفس الإسناد (6666)، ثم قال: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن الحسن عن أَنس إلا الربيع بن صبيح، ولا رواه عن الربيع إلا محمد بن القاسم، ومحمد بن القاسم: كوفي، صاحب سنة، روى عنه ابن المبارك حديثًا، وليس هو بالقوي، وقد احتمل حديثه، وتفرد به أَنس".

وقال الدارقطني: "محمد بن القاسم الأسدي: ضعيف جدًّا".

قلت: محمد بن القاسم الأسدي هذا: ضعفوه، وكذَّبه أحمد والدارقطني، وساق له ابن حبان بهذا الإسناد حديثًا منكرًا [المجروحين (2/ 288)، التهذيب (3/ 678)، الميزان (4/ 11)]، والربيع بن صبيح: ليس بالقوي [انظر: التهذيب (1/ 593)، الميزان (2/ 41)، تقدم ذكره في الحديث رقم (354 و 520)].

• وإنما يُروى هذا عن الحسن مرسلًا، ولا يصح عنه أيضًا:

أ - قال أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه (1/ 201 / 2307): نا أبو خالد، عن أشعث، عن الحسن، قال: أذن بلالٌ بليلٍ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن ينادي: ألا إن العبد نام، فرجع فنادى: العبد نام، وهو يقول: ليت بلالًا لم تلده أمه، وابتل من نضح دم جبينه. قال: وبلغنا أنَّه أمره أن يعيد الأذان.

أبو خالد هو: سليمان بن حيان، وهو: صدوق يخطئ، وأشعث هو: ابن سوار، وهو: ضعيف.

ب - وقال القاسم بن ثابت السرقسطي في كتابه "الدلائل في غريب الحديث"(2/ 758/ 408): وأخبرنا محمد بن علي، قال: نا سعيد بن منصور، قال: نا أبو معاوية، قال: نا أبو سفيان السعدي، عن الحسن، قال: كان إذا سمع المؤذن يؤذن بليل، قال: علوج تباري الديوك تباريًا، كلما طرب ديك طربوا، وهل كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بعد ما يطلع الفجر، أذن بلال مرةً، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصعد فنادى: إن العبد قد نام وإسناده صحيح إلى أبي سفيان السعدي، طريف بن شهاب، وهو: متروك، ليس بشيء [التهذيب (2/ 236)، الميزان (2/ 336)].

ج - ورُوي بإسناد مظلم إلى الحسن:

أخرجه ابن المقرئ في المعجم (664)، بإسناده [وفيه من لا يُعرف] إلى عمرو، عن الحسن، بنحوه مختصرًا.

وعمرو هذا أظنه: ابن عبيد بن باب: متروك، متهم، كان يكذب على الحسن، وكان رأسًا في بدعة الاعتزال والقدر.

والحاصل: أنَّه لا يصح فيه شيء عن الحسن البصري، موصولًا ولا مرسلًا.

• وروى ابن العديم في بغية الطلب في تاريخ حلب (2/ 1000)، بإسنادٍ رجاله لا بأس بهم، وفيهم من فيه تساهل، ومن فيه جهالة، إلى أحمد بن عبد الله بن يونس [ثقة حافظ]، قال: حدثنا أبو معاوية [محمد بن خازم الضرير: ثقة ثبت في الأعمش، يهم في

ص: 202

حديث غيره]، عن إسماعيل بن مسلم [هو: المكي، أبو إسحاق البصري: ضعفوه]، عن حميد بن هلال [هو: العدوي، أبو نصر البصري: تابعي، ثقة]، عن أبي قتادة العدوي [تابعي كبير، ثقة، وروايته عن بلال مرسلة. المراسيل (59)]، قال: أذَّن بلالٌ بليلٍ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يصعد فينادي: إن العبد نام، قال: فصعد بلال، وهو يقول: ليت بلالًا لم تلده أمه، وابتلَّ من نضح دم جبينه، فصعد فنادى: إن العبد نام، فلما طلع الفجر أعاد الأذان.

هكذا رواه إسماعيل بن مسلم، فأخطأ، ورواه جماعة عن حميد بن هلال مرسلًا، ولم يذكروا فوقه أحدًا:

رواه يونس بن عبيد [ثقة ثبت]، وسليمان بن المغيرة [ثقة ثبت]:

عن حميد بن هلال، قال: أذَّن بلالٌ بليلٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ارجع إلى مقامك، فنادِ ثلاثًا: ألا إن العبد قد نام"، وهو يقول: ليت بلالًا لم تلده أمه، وابتلَّ من نضح دم جبينه، فنادى ثلاثًا: إن العبد قد نام.

أخرجه أبو نعيم في كتاب الصلاة (221)، والدارقطني (1/ 244)، والبيهقي (1/ 384).

قال البيهقي: "هكذا رواه جماعة عن حميد بن هلال مرسلًا، والأحاديث الصحاح التي تقدم ذكرها مع فعل أهل الحرمين أولى بالقبول منه، وبالله التوفيق".

وروى جابر [هو: ابن يزيد الجعفي، وهو: متروك يكذب]، عن أبي نصر [يحتمل أن يكون هو: خيثمة بن أبي خيثمة، وهو: ضعيف؛ أو يكون: حميد بن هلال؛ فكلاهما كنيته أبو نصر]، قال: أذَّن بلالٌ بليلٍ،

فذكر نحوه.

أخرجه إسحاق (3/ 77/ 230 - مطالب)، وابن الأعرابي في المعجم (2/ 703/ 1424)، والدولابي في الكنى (3/ 1100/ 1923).

وانظر أيضًا: الحجة (1/ 75).

• وعلى هذا فهل يقوي مرسل حميد بن هلال، ومرسل قتادة [على فرض ثبوته]، رواية حماد بن سلمة الموصولة من حديث ابن عمر؟

فالجواب: لا؛ فإن رواية حماد شاذة، خولف فيها عن أيوب، ثم إن أصحاب نافع قد رووا ما يدحض رواية حماد، ويوهنها، من جهتين: من جهة كون هذه القصة مروية عن نافع من فعل عمر بن الخطاب مع مؤذنه، وهي: مرسلة، ومن جهة كون أصحاب نافع قد رووا عنه عن ابن عمر ما يخالفها، من كون بلال إنما كان يؤذن بليل، فلم يعُد لرواية حماد معنى.

وأما مراسيل حميد بن هلال وقتادة: فهي شبه لا شيء، كما قال القطان في مراسيل قتادة، إذ كان قتادة يأخذ عن كل أحد [انظر: التهذيب (3/ 428)، شرح علل الترمذي (1/ 534)]، وقال ابن سيرين بأن حميد بن هلال كان ممن يصدِّق كل من حدثه، ولم يكن

ص: 203

يبالي ممن سمع [انظر: التهذيب (1/ 500)، شرح علل الترمذي (1/ 539)].

• وثمة قرينة أخرى تؤكد وهم حماد بن سلمة، وأن الثابت عن بلال أنَّه كان يؤذن بليل [كما في الصحيحين من حديث ابن عمر، وعائشة، وابن مسعود، وسمرة]، ألا وهي عمل أهل الحرمين:

فقد روى البيهقي في سننه (1/ 385)، وفي المعرفة (1/ 415/ 545) بإسناد مسلسل بالأئمة الحفاظ، إلى شعيب بن حرب، قال: قلت لمالك بن أَنس: أليس قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالًا أن يعيد الأذان؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بلالًا يؤذِّن بليل فكلوا واشربوا" قلت: أليس قد أمره أن يعيد الأذان؟ قال: "لا؛ لم يزل الأذان عندنا بليل".

ورواه أيضًا: ابن عبد البر في التمهيد (17/ 6).

وروى البيهقي بإسناده (1/ 385) إلى ابن بكير، قال: قال مالك: "لم يزل الصبح يُنادى بها قبل الفجر، فأما غيرها من الصلوات فإنا لم نرها ينادى بها إلا بعد أن يحل وقتها"[وهو في الموطأ (185)].

وروى بإسناده أيضًا (1/ 385) إلى الربيع بن سليمان، قال: قال الشافعي: "لا يُؤذِّن لصلاة غير الصبح إلا بعد وقتها؛ لأني لم أعلم أحدًا حكى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه أذن لصلاة قبل وقتها غير الفجر، ولم نر المؤذنين عندنا يؤذنون إلا بعد دخول وقتها إلا الفجر".

وقال البيهقي في المعرفة (1/ 413): "الأذان بالليل صحيح ثابت عند أهل العلم".

***

534 -

قال أبو داود: حدثنا زهير بن حرب: ثنا وكيع: ثنا جعفر بن بُرْقان، عن شداد - مولى عياض بن عامر -، عن بلال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "لا تؤذن حتَّى يستبين لك الفجر هكذا" وَمَدَّ يديه عرضًا.

قال أبو داود: شداد مولى عياض: لم يدرك بلالًا.

• حديث ضعيف.

أخرجه من طريق أبي داود: البيهقي في المعرفة (1/ 415/ 544).

وأخرجه من طريق وكيع به: أحمد (6/ 13) مختصرًا بقصة السحور. وابن أبي شيبة (1/ 194/ 2220)، والبزار (4/ 209/ 1374)، والروياني (762)، والطبراني في الكبير (1/ 365/ 1121).

وأخرجه البيهقي في السنن (1/ 384)، من طريق سفيان الثوري عن جعفر بأتم من رواية وكيع، وبيَّن الإرسال، ولفظه: عن شداد مولى عياض، قال: جاء بلال إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتسحر، فقال:"لا تؤذن حتَّى ترى الفجر"، ثم جاءه من الغد، فقال: "لا تؤذن حتَّى

ص: 204

يطلع الفجر"، ثم جاءه من الغد، فقال: "لا تؤذن حتى ترى الفجر هكذا"، وجمع بين يديه، ثم فرق بينهما.

قلت: فضحت رواية أبي نعيم ما كان موهمًا للاتصال:

فقد رواه أبو نعيم الفضل بن دكين في كتاب الصلاة (220)، قال: حدثنا جعفر بن برقان، عن شداد - مولى عياض بن عامر -، قال: بلغني أن بلالًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه بصلاة الفجر، فقال:"يا بلال لا تؤذن حتَّى تنظر إلى الفجر هكذا" وقال بيده.

قال أبو بكر: روى وكيع أو غيره، قال:"لا تؤذن بالفجر حتَّى تنظر إلى الفجر هكذا"، كما يشق الخياط الثوب.

• لكن رواه عبد الرزاق في المصنف (1/ 491/ 1887)(1/ 154 - مخطوط)، عن معمر، عن جعفر بن برقان، عن شداد مولى عباس، عن ثوبان، قال: أذنت مرة، فدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: قد أذنت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! قال: "لا تؤذن حتَّى تصبح" ثم جئته أيضًا فقلت قد أذنت فقال "لا تؤذن حتَّى تراه هكذا" وجمع يديه ثم فرقهما.

قلت: الَّذي يظهر لي - والله أعلم - أن هذا تحريف وقع في الإسناد: إما من النساخ، أو من إسحاق الدبري نفسه راوي المصنف عن عبد الرزاق، فقد تُكُلِّم في روايته عنه، كما أنَّه كان يصحف، ويحرف [انظر: اللسان (2/ 36) وغيره]، ولا أستبعد أن يكون معمرًا، ومِن بَعدِه عبد الرزاق: قد روياه هكذا: عن جعفر بن برقان، عن شداد مولى عياض، عن بلال، قال: أذنت مرة

الحديث، فحرف من دون عبد الرزاق:"عياض" إلى: "عباس"، و"بلال "إلى:"ثوبان"؛ إذ الحديث لا يعرف عن جعفر بن برقان إلا: عن شداد، عن بلال، والله أعلم.

فإن كان الأمر كذلك، فيكون معمرًا في ذلك متابعًا لوكيع في روايته بالعنعنة.

قال ابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1449): "وسئل يحيى بن معين: عن حديث وكيع، عن جعفر بن برقان، عن شداد مولى عياض بن عامر، عن بلال، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "لا تؤذن حتَّى يستبين لك الفجر"؟ فكتب يحيى بيده على: شداد، عن بلال: مرسل".

وقال أبو بكر الأثرم: "هو إسناد مجهول منقطع"، قال ابن رجب معلقًا:"يشير إلى جهالة شداد، وأنه لم يلق بلالًا"[الفتح (3/ 512)، طرح التثريب (2/ 184)].

وقال البيهقي في السنن: "وهذا مرسل؛ قال أبو داود السجستاني: شداد مولى عياض: لم يدرك بلالًا" ثم قال: "وقد روي من أوجه آخر كلها ضعيفة، قد بينا ضعفها في كتاب الخلاف، وإنما يعرف مرسلًا من حديث حميد بن هلال وغيره". ثم رواه فقال: "هكذا رواه جماعة عن حميد بن هلال مرسلًا، والأحاديث الصحاح التي تقدم ذكرها مع فعل أهل الحرمين: أولى بالقبول منه، وبالله التوفيق".

وقال في المعرفة: "وقد روي ذلك من أوجه آخر ضعيفة، وبمثل ذلك لا يترك ما تقدم من الأخبار الصحيحة، مع فعل أهل الحرمين".

ص: 205

وقال ابن عبد البر في التمهيد (10/ 59): "وهذا حديث لا تقوم به حجة ولا بمثله؛ لضعفه وانقطاعه".

وقال في الاستذكار (1/ 406): "حديث ابن عمر في هذا الباب أثبت عند أهل العلم بالنقل".

وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (1/ 303): "شداد لم يدرك بلالًا، والصحيح: أن بلالًا يؤذن بليل".

وتعقبه ابن القطان في بيان الوهم (3/ 46/ 700) فزاد الحكم على شداد، فقال:"فإنه عندهم مجهول، لا يعرف بغير رواية جعفر بن برقان عنه" وانظر أيضًا: (5/ 682).

وقال ابن حجر في الدراية (1/ 119): "وفيه انقطاع".

قلت: وهو كما قالوا: مرسل؛ بإسناد ضعيف؛ لأجل جهالة شداد مولى عياض، وروايته عن بلال: مرسلة [انظر: التهذيب (2/ 156)، الميزان (2/ 266)، وقال: "لا يعرف"]، والله أعلم.

• وله طريق ثانية موصولة:

أخرجها بحشل في تاريخ واسط (212)، والروياني في مسنده (748)، بإسناد صحيح إلى: شريك بن عبد الله النخعي، عن ابن المحرر، عن ابن الأصم، عن أبي هريرة، عن بلال، قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يتسحر بتمر، فقال:"يا بلال! اُدْنُ فكُل، يا بلال! لا تؤذن حتَّى يطلع الفجر"

فذكر الحديث بنحوه.

وهو حديث منكر؛ ابن المحرر، هو: عبد الله بن محرر العامري: متروك، منكر الحديث، حدث عن يزيد بن الأصم وغيره بأحاديث مناكير [انظر: التهذيب (2/ 418) وغيره].

• وله طريق ثالثة عن بلال بلفظ آخر: أنَّه كان لا يؤذن بصلاة الفجر حتَّى يرى الفجر، وأنه كان يدخل إصبعيه في أذنيه.

وهو: منكر أيضًا، تقدم تحت الحديث رقم (520)، الشاهد رقم (3).

ورواه أيضًا: حجاج، عن طلحة، عن سويد، عن بلال، قال: كان لا يؤذن حتَّى يَنْشَق الفجر.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 194/ 2221)، ومن طريقه: ابن المنذر في الأوسط (3/ 31/ 1183).

ضعَّفه البيهقي في الخلافيات (1/ 467 - 468 - مختصره)، لأجل حجاج بن أرطأة، وهو: ليس بالقوي، يدلس عن الضعفاء والمتروكين [انظر: الحديث رقم (520)، الشاهد رقم (7)].

• ومما روي في هذا المعنى، من كون بلال كان يؤذن حين يطلع الفجر [غير ما تقدم قبل قليل، مثل حديث سمرة، وأنيسة، وأنس، وشيبان]:

ص: 206

1 -

حديث أبي ذر:

يرويه ابن وهب [ثقة حافظ]، وابن لهيعة [ضعيف]، ورشدين بن سعد [ضعيف]: ثلاثتهم عن سالم بن غيلان [ليس به بأس]، [زاد رشدين: وعمرو بن الحارث]، أن سليمان بن أبي عثمان التجيبي، حدثه عن حاتم بن عدي الحمصي [كذا قال ابن وهب، وقال ابن لهيعة: عدي بن حاتم، ورواه رشدين بالشك، فقال: "عن حاتم بن أبي عدي، أو: عدي بن حاتم الحمصي"]، عن أبي ذر، أنَّه قال: قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أريد أن أبيت عندك الليلة، وأصلي بصلاتك. قال:"لا تستطيع صلاتي" فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل، فسترته بثوب، وأنا محول عنه، فاغتسل، ثم فعلت مثل ذلك، فقال:"هكذا الغسل" ثم قام يصلي، فقمت معه، حتَّى جعلت أضرب برأسي الجدران من طول صلاته، ثم أتاه بلال للصلاة، فقال:"أفعلت؟ " قال: نعم. قال: "إنك يا بلال تؤذن إذا كان الصبح ساطعًا في السماء، وليس ذلك الصبح؛ إنما الصبح هكذا معترضًا" ثم دعا بسحور فتسحر، قال حاتم بن عدي: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تزال هذه الأمة بخير ما أخروا السحور، وعجلوا الفطر"، ثم خرج، فقامت الصلاة.

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (4/ 117)، وأحمد (5/ 147 و 171 و 172)، والطحاوي (1/ 140)، وأبو الشيخ ابن حيان في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (3/ 118/ 543)، وابن عساكر في التاريخ (4/ 149).

قال البخاري في التاريخ الكبير (4/ 29): "إسناده مجهول".

وقال أبو حاتم: "سليمان بن أبي عثمان التجيبي: روى عن حاتم بن عدي، روى عنه سالم بن غيلان، هؤلاء: مجهولون"[الجرح والتعديل (4/ 134)].

قلت: هو حديث ضعيف جدًّا؛ حاتم بن عدي الحمصي: قال العجلي: "تابعي حمصي شامي، ثقة"، وذكره ابن حبان في الثقات، على عادتهما في توثيق المجاهيل، فقد قال أبو حاتم "مجهول"، وقال الذهبي:"قال الدارقطني: لا يصح خبره"[التاريخ الكبير (3/ 77)، الجرح والتعديل (3/ 258)، معرفة الثقات (238)، الثقات (4/ 178) و (6/ 237)، الميزان (1/ 428)، المغني (1/ 221)، اللسان (2/ 507)].

وسليمان بن أبي عثمان التجيبي المصري: قال أبو حاتم: "مجهول"، وقال الدارقطني:"متروك"[التاريخ الكبير (4/ 29)، الجرح والتعديل (4/ 134)، الكامل (3/ 287)، سؤالات البرقاني (194)، اللسان (4/ 162)].

2 -

حديث ابن عمر:

يرويه قيس بن الربيع، عن زهير بن أبي ثابت الأعمى، عن تميم بن عياض، عن ابن عمر، قال: كان علقمة بن علاثة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء بلال يؤذنه بالصلاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"رويدًا يا بلال، يتسحَّر علقمة" وهو يتسحَّر برأسٍ.

أخرجه الطيالسي (3/ 414/ 2010)، وعبد بن حميد (852)، والطبراني في الكبير

ص: 207

(3/ 153 - مجمع الزوائد)، وابن عدي في الكامل (6/ 41)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (41/ 143).

وهذا حديث ضعيف؛ تميم بن عياض: لم أعثر له على ترجمة، ولا له ذكر في غير هذا الإسناد - فيما وقفت عليه -، وقيس بن الربيع: ليس بالقوي، ضعفه غير واحد، وله أحاديث منكرة، وابتلي بابنٍ له كان يدخل عليه ما ليس من حديثه فيحدث به [انظر: التهذيب (3/ 447)، الميزان (3/ 393)]، وأما زهير بن أبي ثابت الأعمى: فثقة [التاريخ الكبير (3/ 427)، الجرح والتعديل (3/ 587)، تاريخ ابن معين للدوري (3/ 297/ 1406)، تاريخ الدقاق (246)، المعرفة والتاريخ (3/ 187)، الثقات (6/ 337)، الميزان (2/ 83)، اللسان (3/ 527)].

3 -

حديث علي بن أبي طالب:

يرويه البزار (2/ 192/ 573) بإسناده إلى: سوار بن مصعب، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: دخل علقمة بن علاثة على النبي صلى الله عليه وسلم، فدعا له برأس، وجعل يأكل معه، فجاءه بلال فدعاه إلى الصلاة، فلم يجب، فرجع فمكث في المسجد ما شاء الله، ثم جاء فقال: الصلاة يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! قد والله أصبحت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يرحم الله بلالًا، لولا بلال لرجونا أن يرخص لنا ما بيننا وبين طلوع الشمس"، فقال علي رضي الله عنه: لولا أن بلالًا حلف؛ لأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتَّى يقول له جبريل: ارفع يدك.

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن إسماعيل عن قيس: إلا سوار بن مصعب، وهو: لين الحديث".

قلت: هو حديث منكر باطل، تفرد به سوار بن مصعب الهمداني، وهو: متروك، منكر الحديث، عن إسماعيل بن أبي خالد الثقة الثَّبت، وذاك: يروي عنه المناكير [انظر: اللسان (4/ 216) وغيره].

4 -

حديث عروة بن الزبير، عن امرأة من بني النجار، قالت: كان بيتي من أطولِ بيتٍ حول المسجد، وكان بلال يؤذن عليه الفجر، فيأتي بسحر فيجلس على البيت ينظر إلى الفجر، فإذا رآه تمطى، ثم قال: اللهم إني أحمدك وأستعينك على قريش أن يقيموا دينك، قالت: ثم يؤذن،

الحديث.

فقد تقدم برقم (519)، ولا يصح.

5 -

حديث أَنس: أن بلالًا أذن للفجر حين طلع الفجر، وأذن له من الغد حين أسفر.

فإسناده صحيح، وقد تقدم تحت الحديث رقم (395) في آخره، ولا يصلح دليلًا على ما احتجوا به، فإنما هي واقعة حال، من أجل كان أول الوقت وآخره، حين سأل عن ذلك سائل، فكُلِّف بذلك بلال دون غيره.

6 -

حديث عائشة: وله طريقان:

ص: 208

الأول: يرويه عبد العزيز بن محمد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل؛ فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال؛ فإن بلالًا لا يؤذن حتَّى يرى الفجر" زاد في رواية منكرة [تفرد بها عن الدراوردي: يعقوب بن محمد بن عيسى الزهري المدني: هو: ضعيف. انظر: التهذيب (4/ 447)، الميزان (4/ 454)] قالت عائشة: وكان بلال يبصر الفجر. قال هشام: وكانت عائشة تقول: غلط ابن عمر.

أخرجه أبو عوانة (1/ 279/ 978) مختصرًا بدون المرفوع، بلفظ: أن ابن أم مكتوم كان يؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أعمى. وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 838/6) مختصرًا مثل أبي عوانة. وابن خزيمة (1/ 211/ 406)، وابن حبان (8/ 251/ 3473)، وابن سعد في الطبقات (4/ 207) مثل أبي عوانة. والبيهقي (1/ 382).

قال ابن خزيمة: "خبر هشام بن عروة: صحيح من جهة النقل"، ولم يصب في ذلك.

وقال البيهقي: "وحديث عبيد الله بن عمر، عن القاسم بن محمد، عن عائشة: أصح"، وهو كما قال.

قلت: وهو حديث شاذ بهذا اللفظ، تفرد به عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن هشام به، والدراوردي: كان سيئ الحفظ، يخطئ إذا حدث من حفظه، وكان كتابه صحيحًا؛ إلا أنَّه كان يحدث من كتب الناس فيخطئ أيضًا [انظر: التهذيب (2/ 592) وغيره]، وأعرض عن حديثه هذا البخاري ومسلم.

وقد روى هذا الحديث عن هشام بن عروة، فلم يذكر المرفوع منه، واقتصر على كلام عائشة: محمد بن جعفر بن أبي كثير [مدني، ثقة]، ويحيى بن عبد الله بن سالم [مدني، صدوق]، وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي [مدني، صدوق، وله أوهام]:

رووه عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان ابن أم مكتوم يؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أعمى.

أخرجه مسلم (381)، وهو الحديث الآتي عند أبي داود برقم (535).

ورواه وكيع بن الجراح [كوفي، ثقة حافظ]، وأبو أسامة حماد بن أسامة [كوفي، ثقة ثبت]، وأنس بن عياض [مدني، ثقة]:

رووه عن هشام بن عروة، عن أبيه: أن ابن أم مكتوم كان يؤذن [وفي رواية: للنبي صلى الله عليه وسلم] وهو أعمى. هكذا مرسلًا، وبدون المرفوع.

أخرجه ابن سعد في الطبقات (4/ 206)، وابن أبي شيبة (1/ 196 و 197/ 2250 و 2251).

وهذا مما يؤكد وهم الدراوردي في روايته، والله أعلم.

وكلام أبي حاتم في العلل (1/ 114/ 308) يدل على أن هشامًا رواه مثل رواية القاسم عن عائشة، انظر كلامه المتقدم على حديث حماد بن سلمة.

ص: 209

الثاني: يرويه يونس، عن أبي إسحاق، عن الأسود بن يزيد، قال: قلت لعائشة: أي ساعة توترين؟ قالت: ما أوتر حتَّى يؤذنون، وما يؤذنون حتَّى يطلع الفجر.

قالت: وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنان، بلال وعمرو بن أم مكتوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا أذن عمرو فكلوا واشربوا؛ فإنه رجل ضرير البصر، وإذا أذن بلال فارفعوا أيديكم؛ فإن بلالًا لا يؤذن حتَّى يصبح".

أخرجه أحمد (6/ 185)، وابن خزيمة (1/ 211 / 407).

تابع يونس على جملة الأذان: ابنه إسرائيل، فرواه عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة مؤذنين: بلال، وأبو محذورة، وعمرو بن أم مكتوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا أذن عمرو فإنه ضرير البصر فلا يغرنكم، وإذا أذن بلال فلا يطعمن أحد".

أخرجه ابن خزيمة (1/ 212/ 408)، وإسحاق بن راهويه (3/ 859/ 1523).

قال ابن خزيمة: "أما خبر أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة: فإن فيه نظر؛ لأني لا أقف على سماع أبي إسحاق هذا الخبر من الأسود".

قلت: هذا وجه من الإعلال، ووجه آخر: لم يروه بهذا السياق غير: يونس بن أبي إسحاق [صدوق، في حديثه عن أبيه اضطراب]، وابنه إسرائيل [وهو ثقة، من أثبت الناس في جده أبي إسحاق]، وروى هذا الحديث عن أبي إسحاق جماعة من أصحابه الثقات فلم يذكروه بهذا السياق:

فرواه منصور بن المعتمر [ثقة ثبت]، وزهير بن معاوية [ثقة ثبت، إلا أن سماعه من أبي إسحاق بأخرة]:

كلاهما: عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة، قالت: ما كانوا يؤذنون حتَّى ينفجر الفجر.

أخرجه أبو نعيم في كتاب الصلاة (219)، وابن أبي شيبة (1/ 2223/194).

وهذه الجملة ليست من كلام عائشة، وإنما هي مدرجة في الحديث، من قول الأسود بن يزيد، فصله سفيان وشعبة، ورواية شعبة أبين:

رواه سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن الأسود بن يزيد، قال: سألت عائشة: متى توترين؟ قالت: بين الأذان والإقامة. قال: وما يؤذنون حتَّى يصبحوا.

أخرجه عبد الرزاق (3/ 17/ 4628)، وابن حزم في المحلى (3/ 119)، والبيهقي (2/ 480).

ورواه شعبة، عن أبي إسحاق، عن الأسود، قال: قلت: يا أم المؤمنين متى توترين؟ قالت: إذا أذن المؤذن. قال الأسود: وإنما كانوا يؤذنون بعد الصبح.

أخرجه الطحاوي (1/ 140).

قال البيهقي بعد رواية الثوري: "قوله: "وما يؤذنون حتَّى يصبحوا": أظنه من قول

ص: 210

الأسود، أو أبي إسحاق، وفيه نظر؛ فقد روينا أن الأذان الأول بالحجاز كان قبل الصبح، وكانت عائشة رضي الله عنهما تصلي قبل طلوع الفجر، أو أراد به الأذان الثاني".

قلت: الَّذي يظهر لي - والله أعلم - أن أبا إسحاق السبيعي قد اضطرب في هذا الحديث، ولم يضبطه، فأدرج مرة قول الأسود فجعله من كلام عائشة، ومرة يفصله، وقلب متن الحديث المرفوع، وقد رواه أهل المدينة عن عائشة على الصواب، رواه عبيد الله بن عمر، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"إن بلالًا يؤذن بليل؛ فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم" زاد في رواية: "فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر".

قال ابن القيم في زاد المعاد (1/ 439): "ونظير هذا: حديث عائشة: "إن بلالًا يؤذن بليل؛ فكلوا واشربوا حتَّى يؤذن ابن أم مكتوم" وهو في الصحيحين، فانقلب على بعض الرواة، فقال: "ابن أم مكتوم يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتَّى يؤذن بلالًا".

ولأبي إسحاق حديث آخر رواه عن الأسود فوهم فيه عليه، رواه عن الأسود عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام وهو جنب من غير أن يمس ماءً. وقد خطأه الحفاظ فيه، تقدم معنا برقم (228).

[وانظر: الكامل (4/ 88)، فيمن رواه وهمًا من حديث الشعبي عن الأسود].

• واحتجوا أيضًا بأحاديث آخر أُبهم فيها المؤذن، وهو محمول على أذان ابن أم مكتوم، مثل حديث حفصة إن صح:"وكان لا يؤذن حتَّى يصبح"، قال الأثرم:"وحديث حفصة: رواه الناس عن نافع، فلم يذكروا فيه ما ذكر عبد الكريم"[نصب الراية (1/ 284)]، وقال البيهقي في الخلافيات (1/ 470 - مختصره):"وهو محمول إن صح على الأذان الثاني، والصحيح: عن نافع بغير هذا اللفظ".

ومثل حديث عائشة: قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سكت المؤذن بالأذان من صلاة الفجر قام فركع ركعتين خفيفتين. قال الأثرم: "سمعت أحمد بن حنبل يضعف حديث الأوزاعي عن الزهري"[نصب الراية (1/ 284)].

قلت: وأصل هذين الحديثين في الصحيح [انظر: صحيح البخاري (618 و 1173 و 1181) و (626 و 994 و 1123 و 1160 و 1170 و 6310)، صحيح مسلم (723 و 736)] والأذان فيهما محمول على الأذان الثاني. وانظر: الحجة لمحمد بن الحسن الشيباني (1/ 75)، شرح المعاني (1/ 140)، نصب الراية (1/ 284)، شرح سنن ابن ماجة لمغلطاي (4/ 1162 - 1166)، وغيرها.

• وحاصل ما تقدم: فإن بلالًا كانت عادته أن يؤذن بليل؛ ليرجعَ القائم، ويوقظَ النائم، وأما ابن أم مكتوم فكان يؤذن حين يطلع الفجر، وكان ضرير البصر، فلم يكن يؤذن حتَّى يقال له: أصبحت، أصبحت. ولا يصح في الباب إلا هذا، وأما الأحاديث الصحيحة التي لم يُذكر فيها إلا أذان واحد حين طلوع الفجر: فمحمولة على أذان ابن أم مكتوم، والله أعلم.

ص: 211

• وعلى هذا: فلا يؤذن للصلاة قبل دخول وقتها إلا الفجر، وإذا لم يكن إلا مؤذن واحد؛ فأخطأ وأذن قبل الفجر، فلا يؤمر بأن يرجع فيقول للناس: ألا إن العبد نام، وإذا لم يُعِد الأذان فلا حرج، والله أعلم.

قال الشافعي: "فالسنة أن يؤذن للصبح بليل؛ ليُدلج المُدلِج، ويتنبه النائم، فيتأهب لحضور الصلاة، وأحب إليَّ لو أذن مؤذن بعد الفجر، ولو لم يفعل لم أر بأسًا أن يترك ذلك؛ لأنَّ وقت أذانها كان قبل الفجر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا يؤذن لصلاة غير الصبح إلا بعد وقتها؛ لأني لم أعلم أحدًا حكى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه أذن له لصلاة قبل وقتها غير الفجر، ولم يزل المؤذنون عندنا يؤذنون لكل صلاة بعد دخول وقتها إلا الفجر"[الأم (2/ 182)].

وقال عبد الله بن أحمد في مسائله لأبيه (203): "قرأت على أبي قلت: من أذن قبل طلوع الفجر يجزئه؟ قال: نعم. قلت: فإن أذن قبل الزوال؟ قال: لا يؤذن. قال أبي: لا يجزئ قبل الوقت إلا الفجر؛ كان بلال يؤذن بليل. سمعت أبي يقول: حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن بلالًا يؤذن بليل"".

وقال إسحاق بن منصور الكوسج في مسائله لأحمد وإسحاق (169): "قلت: الأذان بالليل؟ قال: في الفجر ليس به بأس. قال إسحاق: السنة في الفجر كذلك، وسائر الصلوات: يعيد إذا أذن قبل الوقت".

وقال أيضًا (481): "قال إسحاق: وأما أذان الفجر: فقد كان يؤذَّن بليل، فمن أذن بليل فهو متبع للسنة، وذلك: أن بلالًا كان يؤذن بليل، فإن احتج محتج أن معه ابن أم مكتوم، وكان يؤذن بعد الصبح؟ قيل له: أترى لأحد يؤذن بليل إن كان المؤذنون كثيرًا؟ فإن قال: لا، فقد انتقض عليه كلامه".

وقال الترمذي في الجامع بعد الحديث رقم (203): "وقد اختلف أهل العلم في الأذان بالليل:

فقال بعض أهل العلم: إذا أذن المؤذن بالليل أجزأه، ولا يعيد، وهو قول: مالك، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.

وقال بعض أهل العلم: إذا أذن بليل أعاد، وبه يقول: سفيان الثوري".

وقال ابن عبد البر في التمهيد (10/ 59): "وقال أبو حنيفة، والثوري، ومحمد بن الحسن: لا يجوز الأذان لصلاة الفجر حتَّى يطلع الفجر، ومن أذن لها قبل الفجر لزمه إعادة الأذان".

وقال في الاستذكار (1/ 405): "وفي هذا الحديث: جواز الأذان لصلاة الصبح ليلًا، وفي إجماع المسلمين على أن النافلة لا أذان لها: ما دل على أن أذان بلال بالليل إنما كان لصلاة الصبح، والله أعلم. وهذا قول علماء أهل الحجاز والشام وممن أجاز الأذان لصلاة الصبح ليلًا: مالك، والشافعي، وأصحابكما، والأوزاعي، وأحمد بن حنبل،

ص: 212