الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالإسنادين السابقين لهذا الحديث: إسناد عبيد بن أبي عبيد مولى أبي رهم، وإسناد الأوزاعي، وبهما يحسَّن الحديث، لكن بلفظ حديث النسائي:"إذا خرجت المرأة إلى المسجد فلتغتسل من الطيب كما تغتسل من الجنابة"، بدون تعليق قبول صلاتها على الاغتسال، والله أعلم.
• وفي الباب أيضًا مما فيه مقال: عن أنس، وعائشة، وعبد الله بن جعفر.
[انظر: مسند أحمد (6/ 69)، مصنف عبد الرزاق (3/ 148/ 5110)، معجم الصحابة لابن قانع (2/ 80)][وانظر: مجمع الزوائد (2/ 32)].
وقد جاء فيما يدل على حضور النساء صلاة الجماعة أحاديث كثيرة، اقتصرت منها على ما تقدم، ولم أقصد الاستيعاب، والله أعلم.
***
54 - باب التشديد في ذلك
569 -
. . . يحيى بن سعيد، عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته: أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: لو أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساءُ بعده لمنعهنَّ المسجد، كما مُنِعَهُ نساءُ بني إسرائيل.
قال يحيى: فقلت لعمرة: أَمُنِعَهُ نساءُ بني إسرائيل؟ قالت: نعم.
• حديث متفق عليه.
أخرجه البخاري (869)، ومسلم (445)، وأبو عوانة (1/ 397/ 1450)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 65/ 990)، ومالك في الموطأ (1/ 533/274)، وابن خزيمة (98/ 3 / 1698)، وأحمد (6/ 91 و 193 و 235)، وإسحاق (2/ 148 و 426/ 639 و 987)، وعبد الرزاق (3/ 149/ 5113)، وابن أبي شيبة (2/ 156/ 7610)، والحسن بن علي بن عفان في الأمالي والقراءة (21)، وأبو العباس السراج في مسنده (804 - 806 و 816)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (253 و 255 و 256)، والطحاوي في أحكام القرآن (1/ 465/ 1048 و 1049)، وفي المشكل (12/ 141/ 4713)، وعلي بن محمد الحميري في جزئه (55)، والطبراني في المعجم الأوسط (7/ 48/ 6813)، وفي مسند الشاميين (1/ 292/ 510) و (3/ 199/ 2076)، والدارقطني في العلل (14/ 420/ 3767)، وفي المؤتلف (1/ 165 - 166)، وتمام في الفوائد (983)، والبيهقي في السنن (3/ 133)، وفي الآداب (904)، والبغوي في شرح السنة (3/ 440/ 863)، وقال:"هذا حديث متفق على صحته".
وابن عساكر في تاريخ دمشق (13/ 51)، وعلقه الترمذي بعد الحديث رقم (540)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه بعد الحديث رقم (507).
وانظر فيمن وهم فيه على يحيى بن سعيد: علل الدارقطني (14/ 420/ 3767).
• تابع يحيى بن سعيد الأنصاري عليه [وهو ثقة ثبت]:
1 -
إسماعيل بن أمية [ثقة ثبت]، عن عمرة، عن عائشة، قالت: لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى النساء اليوم نهاهن عن الخروج، أو: حرم عليهن الخروج.
أخرجه عبد الرزاق (3/ 149/ 5112)، قال: أخبرنا معمر، عن إسماعيل به. وعنه: أحمد (6/ 232)، وإسحاق (2/ 427/ 988).
وإسناده صحيح.
2 -
عبيد الله بن عمر [ثقة ثبت]، عن عمرة، عن عائشة، قالت: لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النساء ما نرى لمنعن المساجد، كما منعت نساء بني إسرائيل.
أخرجه أبو يعلى (7/ 466/ 4493)، وأبو العباس السراج في مسنده (807)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (257).
من طريق حماد بن سلمة، عن عبيد الله بن عمر به.
وهذا إسناد صحيح.
3 -
حارثة بن أبي الرجال [متروك، منكر الحديث. التهذيب (1/ 341)]، عن عمرة، عن عائشة، قالت: لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء بعده لمنعهن المسجد، كما منعه نساء بني إسرائيل.
أخرجه إسحاق (3/ 1008/ 1751)، وأبو جعفر ابن البختري في الرابع من حديثه (112)[مجموع مصنفاته (356)]، وأبو نعيم في الحلية (7/ 333).
وانظر فيما لا يصح من المتابعات: المعجم الصغير للطبراني (1/ 271/ 445)، تاريخ دمشق (16/ 27).
• خالفهم: عبد الرحمن بن أبي الرجال، فقال: أبي يذكره عن أمه [عمرة]، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تمنعوا إماءَ الله مساجد الله، وليخرُجْنَ تَفِلاتٍ".
قالت عائشة: ولو رأى حالهنَّ اليوم منعهنَّ.
أخرجه أحمد (6/ 69)، وابنه عبد الله في زيادات المسند (6/ 69)، وأبو العباس السراج في مسنده (815).
وهذا وهم من عبد الرحمن بن أبي الرجال [وهو ليس به بأس، يخطئ في حديث عمرة]، والمحفوظ رواية الجماعة عن عمرة، كما تقدم.
وله فيه وهم آخر على يحيى بن سعيد الأنصاري، انظر: مسند السراج (815).
• قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فإن عائشة كانت أتقى لله من أن تسوغ رفع الشريعة بعد موته، وإنما أرادت أن النبي صلى الله عليه وسلم لو رأى ما في خروج بعض النساء من الفساد لمنعهن الخروج، تريد بذلك: أن قوله: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله" وإن كان مخرجه على العموم؛ فهو مخصوص بالخروج الذي فيه فساد، كما قال أكثر الفقهاء: أن الشواب التي في خروجهن فساد يمنعن، فقصدت بذلك تخصيص اللفظ الذي ظاهره أنها علمت من حال
النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يأذن في مثل هذا الخروج، لا أنها قصدت منع النساء مطلقًا؛ فإنه ليس كل النساء أحدثن، وإنما قصدت منع المحدثات" [مجموع الفتاوى (29/ 296)].
وقال ابن رجب في الفتح (5/ 308): "تشير عائشة رضي الله عنها إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرخِّص في بعض ما يرخِّص فيه حيث لم يكن في زمنه فساد، ثم يطرأ الفساد ويحدث بعده، فلو أدرك ما حدث بعده لما استمر على الرخصة، بل نهى عنه؛ فإنه إنما يأمر بالصلاح، وينهى عن الفساد.
وشبيه بهذا: ما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وعمر من خروج الإماء إلى الأسواق بغير خمار، حتى كان عمر يضرب الأمة إذا رآها منتقبة أو مستترة، وذلك لغلبة السلامة في ذلك الزمان، ثم زال ذلك وظهر الفساد وانتشر، فلا يرخَّص حينئذ فيما كانوا يرخِّصون فيه".
وقال ابن حجر في الفتح (2/ 349): "وتمسك بعضهم بقول عائشة في منع النساء مطلقًا، وفيه نظر؛ إذ لا يترتب على ذلك تغيُّر الحكم؛ لأنها علقته على شرط لم يوجد بناء على ظن ظنته، فقالت: لو رأى لمنع، فيقال عليه: لم ير ولم يمنع؛ فاستمر الحكم، حتى إن عائشة لم تصرح بالمنع، وإن كان كلامها يشعر بأنها كانت ترى المنع.
وأيضًا: فقد علم الله سبحانه ما سيحدثن، فما أوحى إلى نبيه بمنعهن، ولو كان ما أحدثن يستلزم منعهن من المساجد لكان منعهن من غيرها كالأسواق أولى.
وأيضًا: فالإحداث إنما وقع من بعض النساء لا من جميعهن؛ فإن تعيَّن المنع فليكن
لمن أحدثت، والأولى أن ينظر إلى ما يخشى منه الفساد فيجتنب؛ لإشارته صلى الله عليه وسلم إلى ذلك بمنع التطيب والزينة، وكذلك التقيد بالليل كما سبق".
قلت: وقد لخص بذلك ابنُ حجر كلامَ ابن حزم في المحلى (3/ 135) و (4/ 200) و (5/ 196)، فلينظر، فقد ذكر ثمانية أوجه في الرد على من احتج بقول عائشة في منع النساء مطلقًا، معارضًا بذلك السنن الثابتة المتواترة.
فإن قيل: قد أنكر ابن عمر في ذلك على ابنه إنكارًا بليغًا لما عارضه ابنه فيه برأيه، فيقال: لعله أنكر عليه لأجل معارضة الحديث برأيه، قال ابن حجر في الفتح (2/ 348 و 349): "وكأن السر في ذلك أن بلالًا عارض الخبر برأيه، ولم يذكر علة المخالفة، ووافقه واقد لكن ذكرها بقوله: يتخذنه دغلًا،
…
وإنما أنكر عليه ابن عمر لتصريحه بمخالفة الحديث، وإلا فلو قال مثلًا: إن الزمان قد تغير، وإن بعضهن ربما ظهر منه قصد المسجد وإضمار غيره، لكان يظهر أن لا ينكر عليه، وإلى ذلك أشارت عائشة بما ذُكر في الحديث الأخير، وأُخذ من إنكار عبد الله على ولده: تأديب المعترض على السنن برأيه، وعلى العالم بهواه، وتأديب الرجل ولده -وإن كان كبيرًا- إذا تكلم بما لا ينبغي له، وجواز التأديب بالهجران".
***
570 -
. . . أن عمرو بن عاصم حدثهم، قال: ثنا همام، عن قتادة، عن مُوَرِّق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"صلاة المرأة في بيتها أفضلُ من صلاتها في حُجْرتها، وصلاتها في مَخْدَعها أفضلُ من صلاتها في بيتها".
• حديث صحيح.
أخرجه ابن خزيمة (3/ 94 و 95/ 1688 و 1690)، والحاكم (1/ 209)، والبزار (5/ 426 و 428/ 2060 و 2063)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 230/ 2082)، وابن حزم في المحلى (3/ 136 - 137) و (4/ 201)، والبيهقي (3/ 131)، وابن عبد البر في التمهيد (23/ 398)، والبغوي في شرح السنة (3/ 441/ 865).
قال ابن خزيمة: "باب اختيار صلاة المرأة في بيتها على صلاتها في حجرتها؛ إن كان قتادة سمع هذا الخبر من مورق".
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقد احتجا جميعًا بالمورق بن مشمرج العجلي"[انظر: مخطوط رواق المغاربة (1/ 97/ أ)].
وقال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى من حديث أبى الأحوص عن عبد الله إلا بهذا الإسناد".
وقال النووي في المجموع (4/ 171): "رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط مسلم".
وقال ابن كثير في تفسيره (3/ 483): "وهذا إسناد جيد".
• وله لفظ آخر بنفس هذا الإسناد:
عمرو بن عاصم، قال: نا همام، عن قتادة، عن مورق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن المرأة عورة؛ فإذا خرجت استشرفها الشيطان، وأقرب ما تكون من وجه ربها وهي في قعر بيتها".
أخرجه الترمذي (1173)، وابن خزيمة في صحيحه (3/ 93/ 1685)، وفي التوحيد (23)، وابن حبان (12/ 413/ 5599)، والبزار (5/ 427 و 428/ 2061 و 2065)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 229/ 2081)، وابن حزم في المحلى (4/ 201)، وأبو طاهر السلفي فيما انتخبه على شيخه أبي الحسين الطيوري "الطيوريات"(904).
قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب" [كذا نقله عنه المزي في التحفة (7/ 131/ 9529)، والمناوي في التيسير (2/ 455)، وفيض القدير (6/ 267)، لكن في الإحياء (2/ 58)، والمغني (1/ 349)، والمغني عن حمل الأسفار (1/ 412/ 1572)، والمبدع (1/ 362):"حسن صحيح". وفي الترغيب والترهيب (1/ 142/ 517)، وشرح فتح القدير (1/ 259)، ونصب الراية (1/ 298)، ونسخة تحفة الأحوذي (4/ 283): "حسن صحيح
غريب". وانظر: الدراية (1/ 123)، وقال صدر الدين المناوي في كشف المناهج والتناقيح (3/ 2317/15): "وقال الترمذي: حديث غريب". وهذا الحديث لم يستخرجه عليه أبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (5/ 312)].
وقال ابن رجب في الفتح (5/ 318): "صححه الترمذي، وإسناده كلهم ثقات".
ونقل تصحيحه أيضًا: ابن حجر في الدراية (1/ 123).
قلت: الأقرب للصواب عندي ثبوت التصحيح عن الترمذي، فإن أكثر المصادر قد نقلت تصحيحه، ونقله ابن رجب ولم يتعقبه بشيء من الإعلال.
• تابع همامًا عليه:
سعيد بن بشير [ضعيف، يروي عن قتادة المنكرات. تقدم ذكره تحت الأحاديث المتقدمة برقم (27 و 73 و 180 و 306)]، وسويد بن إبراهيم الجحدري أبو حاتم الحناط [ليس بالقوي، حديثه عن قتادة ليس بذاك، روى عنه ما لم يتابع عليه. التهذيب (2/ 132)، الميزان (2/ 247)، المجروحين (1/ 346)، الكامل (3/ 421)، علل ابن أبي حاتم (1127 و 1691 و 1941)، وتقدم ذكره تحت الحديث رقم (390 و 442)]:
فروياه عن قتادة، عن مورق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
…
فذكره بمثله.
أخرجه ابن خزيمة (3/ 94/ 1687)، والطبراني في الأوسط (8/ 101/ 8096)، وفي الكبير (10/ 108/ 10115)، وابن عدي في الكامل (3/ 423)[وسقط منه ذكر مورق].
وابن المقرئ في الثالث عشر من فوائده (7).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن قتادة إلا: سويد أبو حاتم، وهمام، وسعيد بن بشير، تفرد به عن همام: عمرو بن عاصم الكلابي، وتفرد به عن سعيد: أبو الجماهر".
قلت: لم ينفرد به أبو الجماهر محمد بن عثمان التنوخي، وهو ثقة، بل تابعه عليه: الوليد بن مسلم، كما عند ابن المقرئ.
وقال ابن خزيمة: "إن ثبت الخبر؛ فإني لا أعرف السائب
…
، ولا هل سمع قتادة خبره من مورق عن أبي الأحوص؟ أم لا؟ بل كأني لا أشك أن قتادة لم يسمع من أبي الأحوص؛ لأنه أدخل في بعض أخبار أبي الأحوص بينه وبين أبي الأحوص مورقًا، وهذا الخبر نفسه أدخل همام وسعيد بن بشير بينهما مورقًا".
ثم قال: "وإنما قلت: ولا هل سمع قتادة هذا الخبر عن أبي الأحوص: لرواية سليمان التيمي هذا الخبر عن قتادة عن أبي الأحوص، لأنه أسقط مورقًا من الإسناد، وهمام وسعيد بن بشير أدخلا في الإسناد مورقًا، وإنما شككت أيضًا في صحته: لأني لا أقف على سماع قتادة هذا الخبر من مورق".
• خالفهم: المعتمر بن سليمان [ثقة]، قال: سمعت أبي [سليمان بن طرخان
التيمي: تابعي ثقة، لكنه ليس من أصحاب قتادة الحفاظ، وأحيانًا ينفرد عنه بما لا يتابع عليه، وفي بعض حديثه عنه اضطراب. شرح علل الترمذي (2/ 699 و 788)، التهذيب (2/ 99)]، يحدث عن قتادة، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"المرأة عورة، وإنها إذا خرجت استشرفها الشيطان، وإنها لا تكون إلى وجه الله أقرب منها في قعر بيتها".
أخرجه ابن خزيمة (3/ 93/ 1686)، وابن حبان (12/ 412/ 5598)، والبزار (5/ 428/ 2062)، والدارقطني في الأفراد (4/ 141/ 3851 - أطرافه)(2/ 44/ 3907 - ط التدمرية)، والخطيب في تاريخ بغداد (8/ 451).
قال البزار: "وحديث مورق عن أبي الأحوص عن عبد الله: أن المرأة عورة: لا نعلم رواه عن قتادة إلا همام".
وقال الدارقطني: "تفرد به المعتمر عن أبيه عن قتادة عنه".
وانظر فيمن وهم فيه على المعتمر بن سليمان، فجعله عن قتادة، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه: المعجم الأوسط للطبراني (3/ 189/ 2890).
قلت: حديث همام مقدَّم على حديث سليمان التيمي، وذلك لأسباب: الأول: أن همامًا أعلم بحديث قتادة من كل من روى هذا الحديث عن قتادة، وهو أعلى بكثير من التيمي في قتادة، والثاني: أنه قد أنكر على التيمي في حديث قتادة أكثر مما أنكر على همام في حديث قتادة، والثالث: أن همامًا قد توبع عليه، والرابع: أن همامًا وسعيد بن بشير وأبا حاتم الحناط قد زادوا في الإسناد: مورقًا بين قتادة وأبي الأحوص، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، لذا قال أبو حاتم:"قتادة عن أبي الأحوص: مرسل، بينهما مورق"[المراسيل (637)، جامع التحصيل (255)، تحفة التحصيل (264)].
فإن قيل: قد تفرد به عن همام: عمرو بن عاصم الكلابي، وهو: صدوق، وليس بذاك الحافظ الذي يعتمد على حفظه، ولا بالذي يقدم على غيره عند المخالفة، بل غيره مقدَّم عليه في همام، وله حديث منكر تقدم معنا تحت الحديث رقم (412)، خالف فيه عمرو بن عاصم أصحاب همام الحفاظ، وأعل حديثه الترمذي، وحمله تبعة الوهم فيه، كما أن الترمذي استغرب له أيضًا أحاديث ليس في أسانيدها من يُحمل عليه غير عاصم، انظر: الجامع (2559 و 3511)، وانظر أيضًا في أوهام عمرو بن عاصم: سنن النسائي (9/ 218/ 5374)، علل ابن أبي حاتم (764 و 1364)، علل الدارقطني (8/ 199/ 1510)[التهذيب (3/ 282)، الميزان (3/ 269)، تاريخ بغداد (12/ 202)].
فيقال: لم يخالفه أحد في هذا الحديث عن همام، بل توبع عليه متابعة قاصرة، فمتابعة سعيد بن بشير وأبي حاتم الحناط بزيادة مورق في الإسناد تجعل النفس تطمئن لثبوت الحديث عن همام، وقد أخرج البخاري ومسلم لعمرو بن عاصم عن همام، فيما توبع عليه، أو على أصله [البخاري (575 و 3464 و 5046 و 5812 و 6167 و 6263
و 6653 و 6823 و 7507)، مسلم (635 و 2455 و 2465 و 2764)]، والله أعلم.
فإذا انضم إلى ذلك تصحيح الترمذي وابن حبان والحاكم وغيرهم للحديث زاده قوة، والله أعلم.
قال الدارقطني في العلل (5/ 314/ 905): "ورفعه صحيح من حديث قتادة".
• ورواه إبراهيم بن مسلم الهجري [ضعيف، كان يرفع الموقوفات، تقدم تحت الحديث رقم (550)]، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن أحب صلاة تصليها المرأة إلى الله: في أشد مكان في بيتها ظلمة".
وفي رواية: "ما صلت امرأة صلاة أحب إلى الله من صلاتها في أشد بيتها ظلمة".
أخرجه ابن خزيمة (3/ 95 - 96/ 1691)، والقضاعي في مسند الشهاب (1307)، والبيهقي في السنن (3/ 131).
هكذا رواه أبو معاوية، وعلي بن مسهر [وهما: ثقتان]، عن الهجري به مرفوعًا، وخالفهما فوقفه:
زائدة بن قدامة [ثقة ثبت]، وجعفر بن عون [ثقة]: ثنا إبراهيم الهجري، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، قال: ما صنعت امرأةٌ خيرًا من أن تقعد في قعر بيتها تعبد ربها، تقول إحداهن: أذهب إلى أهلي، فيستشرفها الشيطان، حتى تقول: ما رآني أحد إلا أعجبته.
أخرجه الطبراني في الكبير (9/ 9478/294)، والبيهقي في السنن (3/ 131).
والموقوف أصح، والله أعلم.
• ورواه شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، قال: إنما النساء عورة، وإن المرأة لتخرج من بيتها وما بها من بأس، فيستشرف لها الشيطان، فيقول: إنك لا تمرين بأحد إلا أعجبتيه، وإن المرأة لتلبس ثيابها، فيقال: أين تريدين؟ فتقول: أعود مريضًا، أشهد جنازة، أو أصلي في مسجد، وما عبدت امرأة ربها بمثل أن تعبده في بيتها.
أخرجه الطبراني في الكبير (9/ 185 و 295/ 8914 و 9480).
هكذا رواه عن شعبة موقوفًا: عمرو بن مرزوق.
وخالفه: بهز بن أسد، فرواه عن شعبة به مرفوعًا.
أخرجه البيهقي في الشعب (6/ 172/ 7819).
قال الدارقطني في الأفراد (2/ 44/ 3907 - أطرافه): "غريب من حديث شعبة مرفوعًا".
• تابع شعبة على وقفه:
أبو الأحوص سلام بن سليم [ثقة متقن]، وشريك بن عبد الله النخعي [صدوق، سيئ الحفظ، قديم السماع من أبي إسحاق]: روياه عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود موقوفًا عليه، قوله.
أخرجه ابن خزيمة في التوحيد (1/ 27/44)، وابن أبي شيبة (4/ 53/ 17710).
وعلى هذا فالموقوف هو المحفوظ من حديث أبي إسحاق.
فهو موقوف على ابن مسعود بإسناد صحيح.
قال الدارقطني في العلل (5/ 314/ 905): "والموقوف هو الصحيح من حديث أبي إسحاق وحميد بن هلال، ورفعه صحيح من حديث قتادة".
• ورواه حميد بن هلال [تابعي ثقة]، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود، قال: صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في حجرتها أفضل من صلاتها في دارها، وصلاتها في دارها أفضل من صلاتها فيما سواه، ثم قال: إن المرأة إذا خرجت تشرف لها الشيطان.
وفي لفظ: المرأة عورة، وأقرب ما تكون من ربها إذا كانت في قَعْر بيتها، فإذا خرجت استشرفها الشيطان.
أخرجه عبد الرزاق (3/ 150/ 5116)، وابن أبي شيبة (2/ 157/ 7616)، والطبراني في الكبير (9/ 295/ 9481 و 9482).
وإسناده صحيح إلى ابن مسعود، موقوف عليه.
قال الدارقطني في العلل (5/ 314/ 905): "والموقوف هو الصحيح من حديث أبي إسحاق وحميد بن هلال، ورفعه صحيح من حديث قتادة".
• هكذا اختلف على أبي الأحوص في رفع هذا الحديث ووقفه:
فرفعه مورق بن مشمرج العجلي [وهو: تابعي ثقة]، ووقفه أبو إسحاق السبيعي، وحميد بن هلال، وإبراهيم بن مسلم الهجري، والله أعلم.
• ورواه زائدة، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الله، قال: صلاة المرأة في البيت خير من صلاتها في الدار، وصلاتها في الدار خير من صلاتها خارجه.
أخرجه الطبراني في الكبير (9/ 295/ 9483)، بإسناد صحيح إلى زائدة.
وهذا موقوف على ابن مسعود، وهو مرسل جيد، فإن إبراهيم بن يزيد النخعي إذا أرسل عن ابن مسعود فهو أقوى مما أسنده عن واحد، فقد صح عن الأعمش أنه قال:"قلت لإبراهيم النخعي: أسند لي عن عبد الله بن مسعود! فقال إبراهيم: إذا حدثتك عن رجل عن عبد الله فهو الذي سميت، وإذا قلت: قال عبد الله، فهو عن غير واحد عن عبد الله"، وقال ابن معين:"ومرسلات إبراهيم صحيحة؛ إلا حديث تاجر البحرين وحديث الضحك في الصلاة"[العلل لابن المديني (71 و 78)، تاريخ الدوري لابن معين (3/ 206/ 958)، علل الترمذي الصغير (62)، طبقات ابن سعد (6/ 494)، الكامل (3/ 168)، سنن البيهقي (1/ 147)، تهذيب الكمال (2/ 239)، تهذيب التهذيب (1/ 93)، تدريب الراوي (1/ 205)].
• ورواه أيضًا: سلمة بن كهيل، وسعيد بن مسروق الثوري، عن أبي عمرو
الشيباني، قال: قال عبد الله [وفي رواية: قال: سمعت رَبَّ هذه الدار -يعني: ابن مسعود- حلف فبالغ في اليمين]: ما صلت امرأة صلاةً قطُّ أفضلَ من صلاةٍ تصليها في بيتها؛ إلا أن تصلي عند المسجد الحرام [وفي رواية: إلا في حج أو عمرة]، إلا عجوزٌ [وفي رواية: إلا امرأة قد يئست من البعولة] في مِنْقَلَيْها يعني: خُفَّيْها.
أخرجه عبد الرزاق (3/ 150/ 5117)، وابن أبي شيبة (2/ 156 و 157/ 7614 و 7619)، والفاكهي في أخبار مكة (2/ 98/ 1204)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (2290)، والطبراني في الكبير (9/ 293 و 294/ 9471 - 9474)، والبيهقي في السنن (3/ 131).
قال النووي في المجموع (4/ 170): "وحديث: العجوز في منقليها: غريب، ورواه البيهقي بإسناد ضعيف، موقوفًا على ابن مسعود".
قلت: ضعَّف إسناده لأجل اختلاط المسعودي، ولم ينفرد به، فقد تابعه عليه الثقات عن سلمة بن كهيل، فصح الإسناد إلى سلمة، وصح أيضًا إلى سعيد بن مسروق:
فهو موقوف على ابن مسعود بإسناد صحيح.
وعلى هذا فأكثر من روى هذا الحديث عن ابن مسعود أوقفه عليه، ورفعه قتادة، عن مورق، عن أبي الأحوص.
وجاء نحوه عن ابن عباس موقوفًا عليه [مصنف ابن أبي شيبة (2/ 156/ 7615)].
• وقد رُوي هذا الحديث من حديث جماعة من الصحابة:
1 -
أم سلمة، وله طرق:
أ - عبد الله بن وهب [ثقة ثبت]، وموسى بن أعين [ثقة]، ورشدين بن سعد [ضعيف]: رواه ثلاثتهم عن عمرو بن الحارث، قال ابن وهب: أخبرنا عمرو بن الحارث: أن دراجًا أبا السمح حدثه: عن السائب مولى أم سلمة، عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"خير مساجد النساء قعر بيوتهن".
أخرجه ابن خزيمة (3/ 92/ 1683)، وابن حبان [إتحاف المهرة (18/ 105/ 23405)]، والحاكم (1/ 209)، وأحمد (6/ 297)، والقضاعي في مسند الشهاب (1252)، والبيهقي في السنن (3/ 131)، وابن عبد البر في التمهيد (23/ 401).
تابع عمرو بن الحارث [وهو: ثقة ثبت]:
ابن لهيعة [وهو: ضعيف]، قال: حدثنا دراج به.
أخرجه أحمد (6/ 301)، وأبو يعلى (12/ 454/ 7025)، والطبراني في الكبير (23/ 313/ 709).
وانظر: علل الدارقطني (15/ 231/ 3977).
قال ابن خزيمة: "إن ثبت الخبر؛ فإني لا أعرف السائب مولى أم سلمة بعدالة ولا جرح".
قلت: إسناده ضعيف؛ السائب مولى أم سلمة: مجهول، لم يرو عنه سوى دراج أبي السمح، وهو قليل الرواية جدًّا، ما وقفت له إلا على حديثين فقط، يرويهما عنه دراج، ذكره ابن حبان في الثقات، كعادته في توثيق مجاهيل التابعين، وسماه السائب بن عبد الله [التاريخ الكبير (4/ 153)، الجرح والتعديل (4/ 243)، الثقات (4/ 326)، التعجيل (353)].
وقد سبق أن فصلت الكلام في سلسلة دراج عن أبي الهيثم في تخريج أحاديث الذكر والدعاء برقم (32)، وهذا الحديث لا يرويه دراج عن أبي الهيثم فهو داخل في عموم قول أبي داود:"أحاديثه مستقيمة؛ إلا ما كان عن أبي الهيثم عن أبي سعيد"، فيبقى الحمل فيه على جهالة السائب مولى أم سلمة، والله أعلم.
ب - قال الطبراني في الأوسط (9/ 48/ 9101): حدثنا مسعدة بن سعد: ثنا إبراهيم بن المنذر: نا محمد بن فليح: حدثني محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ، عن أبيه، عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة المرأة في بيتها خير من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في حجرتها خير من صلاتها في دارها، وصلاتها في دارها خير من صلاتها خارج".
قال الطبراني: "لا يروى هذا الحديث عن أم سلمة إلا بهذا الإسناد، تفرد به إبراهيم بن المنذر".
قلت: محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ: ثقة، وأبوه ترجم له ابن أبي حاتم ونقل عنه قوله: كنا نصلي مع عمر الجمعة، لكن قال أبو زرعة:"زيد بن مهاجر بن قنفذ، عن عمر رضي الله عنه: مرسل"، لم يُذكر له راوٍ سوى ابنه محمد [الجرح والتعديل (3/ 572)، المراسيل (228)، جامع التحصيل (178)، تحفة التحصيل (119)]، ومحمد بن فليح: صدوق يهم، وإبراهيم بن المنذر الحزامي: صدوق، وشيخ الطبراني: مسعدة بن سعد بن مسعدة العطار، أبو القاسم المكي: روى عنه أبو عوانة، والعقيلي، والطبراني فأكثر عنه، وغيرهم، وحدث عن سعيد بن منصور، وإبراهيم بن المنذر الحزامي فأكثر عنه، ولم أر فيه جرحًا ولا تعديلًا [تسمية من روى عن سعيد بن منصور (13)، تاريخ الإسلام (21/ 306)]، وكلام الطبراني يقتضي أنه قد توبع عليه، وإنما الذي تفرد به هو إبراهيم بن المنذر.
وعليه فهو إسناد مدني غريب، وزيد بن مهاجر بن قنفذ: في عداد المجاهيل.
2 -
أم حميد الساعدية:
يرويه ابن وهب، قال: حدثني داود بن قيس، عن عبد الله بن سويد الأنصاري، عن عمته أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي: أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أحب الصلاة معك، فقال: "قد علمتُ أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتُكِ في بيتكِ خيرٌ لكِ من صلاتكِ في حجرتكِ، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير لك من
صلاتك في مسجدي". فأمرت فبُني لها مسجدٌ في أقصى شيء من بيتها وأظلمه، فكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل.
أخرجه ابن خزيمة (3/ 95/ 1689)، وابن حبان (5/ 595/ 2217)، وأحمد (6/ 371)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (2/ 803/ 3474 - السفر الثاني)، والروياني (1115)، وابن عبد البر في التمهيد (23/ 398)، وفي الاستيعاب (4/ 1933).
قال ابن مفلح في الآداب الشرعية (3/ 414): "وفي إسناده عبد الله بن سويد الأنصاري، وهو: مجهول،
…
، لكن المتقدمون حالهم حسن، وباقي رجاله ثقات، والله أعلم"، وقال في الفروع (1/ 532): "لم أجد في رجاله طعنًا، وأكثر ما فيه: تفرد به داود عن عبد الله، والمتقدمون حالهم حسن".
وحسن إسناده ابن حجر في الفتح (2/ 349).
قلت: عبد الله بن سويد الأنصاري: ذكره ابن حبان في الثقات، وهو مجهول، وبقية رجاله ثقات، كما قال ابن مفلح [التاريخ الكبير (5/ 109)، الجرح والتعديل (5/ 66)، الثقات (5/ 47 و 59) و (7/ 42)، التعجيل (550)]، فالإسناد ضعيف.
ورواه ابن لهيعة [ضعيف]، وعبد المؤمن بن عبد الله الكناني [هو العبسي، أبو الحسن الكوفي: روى عنه الإمام أحمد، وقال أبو حاتم: "مجهول"، وقال العقيلي: "حديثه غير محفوظ". مسائل صالح (845 - 847)، العلل ومعرفة الرجال (3/ 138/ 4604)، الجرح والتعديل (6/ 66)، الضعفاء الكبير (3/ 93)، تاريخ بغداد (11/ 123)، تاريخ الإسلام (12/ 282)، اللسان (5/ 283)]:
روياه عن عبد الحميد بن المنذر، قال ابن لهيعة [وما بين المعكوفين لعبد المؤمن]: حدثني عبد الحميد بن المنذر [بن أبي حميد] الساعدي، عن أبيه، عن جدته أم حميد، قالت: قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمنعُنا أزواجُنا أن نصلي معك، ونحب الصلاة معك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"صلاتُكُنَّ في بيوتِكُنَّ أفضل من صلاتكن في حُجَركن، وصلاتكن في حجركن أفضل من صلاتكن في [مسجد] الجماعة".
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 157/ 7620)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (6/ 150/ 3379)، والطبراني في الكبير (25/ 148/ 356)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6/ 3488/ 7911)، والبيهقي (3/ 132 - 133)، وابن الأثير في أسد الغابة (7/ 349).
وهذا إسناد مجهول؛ عبد الحميد بن المنذر الساعدي: قال ابن حزم: "مجهول، لا يُدرى من هو"[المحلى (3/ 136)]، وقال في موضع آخر:"مجهول، لا يدريه أحد"[المحلى (4/ 200)]، وجازف فحكم على خبره بالوضع، وليس عبد الحميد هذا هو: عبد الحميد بن المنذر بن الجارود العبدي البصري، الذي روى عن أنس، وعنه: أنس بن سيرين، ولكنه آخر [وانظر: تحفة المحتاج (1/ 436)]، وهو: مجهول؛ كما قال ابن حزم، وكذلك أبوه، والله أعلم.
ورواه يحيى بن العلاء [هو البجلي الرازي: كذاب، يضع الحديث. التهذيب (4/ 380)، الميزان (4/ 397)]: ثنا أسيد الساعدي، عن سعيد بن المنذر، عن أم حميد امرأة أبي حميد، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (6/ 151/ 3380).
وهذا إسناد موضوع.
قال ابن العربي في المسالك في شرح موطأ مالك (3/ 359): "وهو حديث ضعيف".
3 -
عائشة:
يرويه أبو بكر عبد الحميد بن أبي أويس [ثقة]، عن سليمان بن بلال [ثقة]، عن شريك بن أبي نمر [ليس به بأس]، عن يحيى بن جعفر بن أبي كثير [أخو إسماعيل بن جعفر، مجهول. التاريخ الكبير (8/ 265)، الجرح والتعديل (9/ 134)، الثقات (7/ 596)]، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة [ضعيف]، عن القاسم بن محمد [أحد الفقهاء السبعة، ثقة]، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لأن تصلي المرأة في بيتها خير لها من أن تصلي في حجرتها، ولأن تصلي في حجرتها خير لها من أن تصلي في الدار، ولأن تصلي في الدار خير لها من أن تصلي في المسجد".
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (8/ 265)، وأبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات"(770 و 771)، والبيهقي في السنن (3/ 132)، وفي المعرفة (2/ 412/ 1567)، وفي الشعب (6/ 172/ 7820)، وفي الآداب (902)، وأبو موسى المديني في اللطائف (755).
قال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (1/ 412/ 1571): "وإسناده حسن".
ورواه أبو ثابت محمد بن عبيد الله بن محمد بن زيد [ثقة]: حدثنا حاتم بن إسماعيل [صدوق]، عن يحيى بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة [ضعيف. الجرح والتعديل (9/ 166)، الكامل (7/ 233)، المحلى (9/ 464)، اللسان (8/ 458 و 472 و 473)]، عن جده [ضعيف]، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة المرأة في بيتها خير من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في حجرتها خير من صلاتها في دارها، وصلاتها في دارها خير من صلاتها فيما وراء ذلك".
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (8/ 265)، وابن عبد البر في التمهيد (23/ 401).
وهذا أولى، وإسناده ضعيف.
4 -
أبي هريرة، وله طرق منها:
أ - عبد الله بن جعفر، قال: أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أحب صلاة تصليها المرأة إلى الله أن تصلي في أشد مكان من بيتها ظلمة".
أخرجه ابن خزيمة (3/ 96/ 1692).
قال ابن خزيمة: "وروى عبد الله بن جعفر وفي القلب منه رحمه الله"، ثم ذكر الحديث.
قلت: هو منكر؛ لتفرد عبد الله بن جعفر بن نجيح السعدي المديني به عن محمد بن عمرو بن علقمة، وعبد الله: ضعيف، منكر الحديث، لا يتابع على أكثر حديثه [التهذيب (2/ 315)].
ب - جرير بن أيوب، قال: حدثنا أبو زرعة، قال: سمعت أبا هريرة، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة المرأة في داخلتها - وربما قال: في مخدعها - أعظم لأجرها من أن تصلي في بيتها، ولأن تصلي في بيتها أعظم لأجرها من أن تصلي في دارها، ولأن تصلي في دارها أعظم لأجرها من أن تصلي في مسجد قومها، ولأن تصلي في مسجد قومها أعظم لأجرها من أن تصلي في مسجد الجماعة، ولأن تصلي في الجماعة أعظم لأجرها من الخروج يوم الخروج".
أخرجه الطحاوي في أحكام القرآن (1469/ 1063)، والدارقطني في الأفراد (5/ 289/ 5463 - أطرافه)، وابن عبد البر في التمهيد (23/ 399).
قال الدارقطني: "تفرد به جرير بن أيوب البجلي عن أبي زرعة".
قلت: هو حديث منكر، جرير بن أيوب البجلي: متروك، منكر الحديث، واتُّهم [اللسان (2/ 429)].
ج - ووجدت في نسخة إبراهيم بن سعد [مطبوع ضمن فوائد عبد الوهاب ابن منده (2/ 92/ 1441) حديث رقم (46)] التي يرويها عنه: أبو صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث بن سعد، قال: حدثني إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان بن سليم، عن أبي هريرة، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا خرجت المرأة إلى المسجد فلتغتسل من الطيب كما تغتسل من الجنابة"، قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سجدتان في قعر بيتها خير من أربع ركعات في الحجرة، وأربع ركعات في الحجرة خير من ثمان في الدار".
ولا يصح هذا، وقد تقدم الكلام عليه قريبًا، تحت الحديث الأسبق برقم (568).
• وانظر أيضًا، وفي إسناده من اتهم: تلخيص المتشابه في الرسم (1/ 299 - 300)، معجم السفر (675).
• والحاصل: فإننا إذا استبعدنا الغرائب والمناكير، فإن حديث ابن مسعود حديث صحيح، يعتضد بهذه الشواهد، ويزداد بها قوة، والله أعلم.
قال ابن عبد البر في التمهيد (24/ 281): "جاءت الآثار الثابتة تخبر بأن الصلاة لهن في بيوتهن أفضل".
***
571 -
قال أبو داود: حدثنا أبو معمر: حدثنا عبد الوارث: حدثنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو تركنا هذا الباب للنساء".
قال نافع: فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات.
قال أبو داود: رواه إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب، عن نافع، قال: قال عمر، وهذا أصح.
• شاذ، والمحفوظ: موقوف على عمر بإسناد منقطع.
تقدم برقم (462)، بنفس الإسناد والمتن، فليراجع.
• من فقه الحديث:
قال ابن المنذر في الأوسط (5/ 309) بعد ما ذكر قول مالك والشافعي وإسحاق وأصحاب أبي حنيفة: "وقال بعض أهل العلم: كن النساء يخرجن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى في العيدين، وقد حضرن صلاة الكسوف مع النبي صلى الله عليه وسلم، غير أن النساء في عصرنا قد تغيرن عما كن عليه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، والأصح اليوم منعهن من الخروج، واحتج بحديث عائشة: لو رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء اليوم لمنعهن من الخروج إلى المساجد، كما منعت نساء بني إسرائيل.
قال ابن المنذر: فمن قصد منهنَّ الخيرَ لم يَمْنَعْ منه، وإن ظهر منهن غير ذلك منعهن منه؛ إلا العجوز الكبيرة، فإنها تخرج، كما قال مالك، والشافعي".
وقال ابن عبد البر في التمهيد (24/ 281): "وفي هذا الحديث من الفقه:
جواز خروج المرأة إلى المسجد لشهود العشاء بالليل؛ لأنها زيادة حافظ، وقد يدخل في ذلك كل صلاة؛ لعموم لفظ الأحاديث في ذلك، وأن المعنى واحد.
وفي معنى هذا الحديث أيضًا: الإذن لها في الخروج لكل مباح حسن: من زيارة الآباء والأمهات وذوي المحارم من القرابات؛ لأن الخروج لهن إلى المسجد ليس بواجب عليهن، بل قد جاءت الآثار الثابتة تخبر بأن الصلاة لهن في بيوتهن أفضل، فصار الإذن لهن إلى المسجد، وإذا لم يكن للرجل أن يمنع امرأته المسجد إذا استأذنته في الخروج إليه، كان أوكد أن يجب عليه أن لا يمنعها الخروج لزيارة من في زيارته صلة لرحمها، ولا من شيء لها فيه فضل، أو إقامة سنة، وإذا كان ذلك كذلك: فالإذن ألزم لزوجها إذا استأذنته في الخروج إلى بيت الله الحرام للحج".
وقال ابن الجوزي في كشف المشكل (2/ 482): "اعلم أن نساء الصحابة كن على طريقة الأزواج في التدين والتعبد، وانضم إلى هذا ما في طباع العرب من تقبيح الفواحش خصوصًا الحرائر، كما قالت هند: وهل تزني الحرة؟ فاجتمع ما في الطباع من الأنفة والعفاف إلى ما وهب الله لهن من الدين، فأذن لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخروج إلى المساجد، وقد كن يحضرن موعظته، ويصلين خلفه، ويسافرن في الغزوات معه.
فمن علم من امرأته حسن المقصد في خروجها إلى الصلاة فلا يمنعها، ولحسن المقصد علامات: منها ترك الزينة والطيب، والمبالغة في الاستتار.
ومن لم يجد ذلك منهن جاز له المنع، فقد قالت عائشة رضي الله عنها: لو علم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء بعده لمنعهن المسجد
…
".
وقال ابن قدامة في المغني (2/ 18): "فصل: ويباح لهن حضور الجماعة مع الرجال: لأن النساء كن يصلين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم،
…
، وصلاتها في بيتها خير لها وأفضل".
وقال في موضع آخر (2/ 116) في معرض الكلام عن خروجهن لصلاة العيد: "وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع، وقول عائشة مختص بمن أحدثت دون غيرها، ولا شك بأن تلك يكره لها الخروج، وإنما يستحب لهن الخروج غير متطيبات، ولا يلبسن ثوب شهرة، ولا زينة، ولا يخرجن في ثياب البذلة، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وليخرجن تفلات"، ولا يخالطن الرجال بل يكن ناحية منهم".
وقال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام (1/ 197): "والحديث عام في النساء، ولكن الفقهاء قد خصصوه بشروط وحالات، منها: أن لا يتطيبن، وهذا الشرط مذكور في الحديث، ففي بعض الروايات: "وليخرجن تفلات"، وفي بعضها: "إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبًا"، وفي بعضها: "إذا شهدت إحداكن العشاء فلا تطيب تلك الليلة"، فيلحق بالطيب ما في معناه؛ فإن الطيب إنما منع منه لما فيه من تحريك داعية الرجال وشهوتهم، وربما يكون سببًا لتحريك شهوة المرأة أيضًا، فما أوجب هذا المعنى التحق به، وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيما امرأة أصابت بخورًا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة"، ويلحق به أيضًا: حسن الملابس، ولبس الحلي الذي يظهر أثره في الزينة، وحمل بعضهم قول عائشة رضي الله عنها في الصحيح: لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ما أحدث النساء بعده لمنعهن المساجد، كما منعت نساء بني إسرائيل، على هذا، تعني: إحداث حسن الملابس والطيب والزينة".
وقال ابن رجب في الفتح (5/ 310): "ثم اختلفوا: هل يرخَّص لهن في الليل والنهار، أم في الليل خاصة؟ على قولين:
أحدهما: يرخَّص لهن في كل الصلوات، وهو المحكي عن مالك والشافعي وأبي يوسف ومحمد، وقول أصحابنا.
واستدلوا بعموم الأحاديث المطلقة، وبخروجهن في العيدين، فأما المقيدة بالليل، فقالوا: هو تنبيهٌ على النهار من طريق الفحوى؛ لأن تمكُّن الفساق من الخلوة بالنساء والتعرض لهن بالليل أظهر، فإذا جاز لهن الخروج بالليل ففي النهار أولى.
وقالت طائفة: إنما يرخَّص لهن في الليل، وتبويب البخاري يدل عليه، وروي مثله عن أبي حنيفة، لكنه خصه بالعجائز، وكذا قال سفيان: يرخَّص لهن في العشاء والفجر،