المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌31 - باب رفع الصوت بالأذان - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ٦

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌29 - باب في الإقامة

- ‌30 - باب في الرجل يؤذن ويقيم آخر

- ‌31 - باب رفع الصوت بالأذان

- ‌32 - باب ما يجب على المؤذن من تعاهُد الوقت

- ‌33 - باب الأذان فوق المنارة

- ‌34 - باب في المؤذن يستدير في أذانه

- ‌35 - باب ما جاء في الدعاء بين الأذان والإقامة

- ‌36 - باب ما يقول إذا سمع المؤذن

- ‌37 - باب ما يقول إذا سمع الإقامة

- ‌38 - باب ما جاء في الدعاء عند الأذان

- ‌3).***39 -باب ما يقول عند أذان المغرب

- ‌40 - باب أخذ الأجر على التأذين

- ‌41 - باب في الأذان قبل دخول الوقت

- ‌42 - باب الأذان للأعمى

- ‌43 - باب الخروج من المسجد بعد الأذان

- ‌44 - باب في المؤذن ينتطر الإمام

- ‌4).***45 -باب في التثويب

- ‌46 - باب في الصلاة تُقام ولم يأتِ الإمام ينتظرونه قعودًا

- ‌47 - باب في التشديد في ترك الجماعة

- ‌48 - باب في فضل صلاة الجماعة

- ‌49 - باب ما جاء في فضل المشي إلى الصلاة

- ‌50 - باب ما جاء في المشي إلى الصلاة في الظُّلَم

- ‌51 - باب ما جاء في الهدْي في المشي إلى الصلاة

- ‌52 - باب في من خرج يريد الصلاة فسُبِقَ بها

- ‌53 - باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد

- ‌54 - باب التشديد في ذلك

- ‌55 - باب السعي إلى الصلاة

- ‌56 - باب في الجَمع في المسجد مرتين

- ‌57 - باب فيمن صلى في منزله ثم أدرك الجماعة يصلي معهم

- ‌58 - باب إذا صلى في جماعةٍ ثم أدرك جماعةً، أيعيد

- ‌59 - باب في جماع الإمامة وفضلها

- ‌60 - باب في كراهية التدافع على الإمامة

- ‌ 680)].***61 -باب مَن أحق بالإمامة

- ‌62 - باب إمامة النساء

- ‌63 - باب الرجل يَؤمُّ القوم وهم له كارهون

- ‌64 - باب إمامة البَرِّ والفاجر

- ‌65 - باب إمامة الأعمى

- ‌66 - باب إمامة الزائر

- ‌67 - باب الإمام يقوم مكانًا أرفعَ من مكان القوم

- ‌68 - باب إمامة من صلى بقوم وقد صلى تلك الصلاة

الفصل: ‌31 - باب رفع الصوت بالأذان

‌31 - باب رفع الصوت بالأذان

515 -

. . . شعبة، عن موسى بن أبي عثمان، عن أبي يحيى، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"المؤذن يُغفَرُ له مَدَى صوته، ويشهدُ له كل رطبٍ ويابسٍ، وشاهدُ الصلاة يُكتَبُ له خمسٌ وعشرون صلاةً، ويُكَفَّرُ عنه ما بينهما".

• حديث صحيح.

قال ابن خزيمة: "يريد: ما بين الصلاتين".

أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد (176 - 179)، والنسائي في المجتبى (2/ 12/ 645)، وفي الكبرى (2/ 239/ 1621)، وابن ماجه (724)، وابن خزيمة (1/ 204/ 390)، وابن حبان (4/ 551/ 1666)، وأحمد (2/ 411 و 429 و 458 و 461)، والطيالسي (4/ 274/ 2665)، والبزار (17/ 123/ 9702)، وأبو بكر الباغندي في الرابع من أماليه (52)، والبيهقي في السنن (1/ 397)، وفي الشعب (3/ 118/ 3056)، والبغوي في شرح السنة (2/ 65/ 412)، وابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 312).

كذا في رواية حفص بن عمر النمري -عند أبي داود- بالعنعنة، وفي رواية يحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وغندر، والنضر بن شميل، وأبي الوليد الطيالسي، وأبي داود الطيالسي:

"حدثنا شعبة، عن موسى بن أبي عثمان: سمعت أبا يحيى يقول: سمعت أبا هريرة".

وفي رواية أبي داود الطيالسي: "قال شعبة: وكان يؤذن على أطول منارة بالكوفة [يعني: موسى بن أبي عثمان]، قال: حدثني أبو يحيى، وأنا أطوف معه -يعني: حول البيت-، قال: سمعت أبا هريرة".

وفي رواية يحيى بن سعيد القطان: "حدثني أبو يحيى مولى جعدة".

وهكذا قال حفص بن عمر النمري في روايته: "خمسٌ وعشرون صلاةً، وقال يحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وغندر، والنضر بن شميل، وأبو الوليد الطيالسي، وشبابة، وأبو داود الطيالسي: "خمس وعشرون حسنة".

وانفرد شبابة بقوله: "ويسغفر له كل رطب ويابس"، وقال الباقون:"ويشهد".

قال ابن حبان: "أبو يحيى هذا اسمه: سمعان، مولى أسلم من أهل المدينة، والد أنيس ومحمد ابني أبي يحيى الأسلمي، من جلة التابعين، وابن ابنه إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى: تالف في الروايات، وموسى بن أبي عثمان: من سادات أهل الكوفة، وعبادهم، واسم أبيه: عمران".

ص: 79

قال ابن الملقن في البدر المنير (3/ 383) بعد أن نقل كلام ابن حبان هذا: "وأخرجه أيضًا شيخه ابن خزيمة في صحيحه،

، وذكره ابن السكن في صحاحه أيضًا؛ فصح الحديث إذًا -ولله الحمد- وزالت الجهالة عنه".

وقال ابن عبد البر في الاستغناء (2/ 997 - 998/ 1224): "قال علي [يعني: ابن المديني]: وأبو يحيي الأسلمي، اسمه: سمعان، وهو جد إبراهيم بن محمد بن أبي يحيي: سمع من أبي هريرة، روى عنه بعض المدنيين في الأذان".

قلت: في نسبة هذا الكلام لابن المديني نظر؛ فإن سمعان إنما يعرف برواية ابنيه: محمد وأنيس، بهذا ترجم له البخاري ومسلم وابن أبي حاتم وابن حبان، زاد الأخير موسى بن أبي عثمان فيمن يروي عنه؛ بناءً على كلامه المتقدم [انظر: التاريخ الكبير (4/ 204)، الكنى لمسلم (3678)، الجرح والتعديل (4/ 316)، الثقات (4/ 345)، الأنساب (3/ 302)، وغيرها].

وقال ابن القطان الفاسي متعقبًا عبد الحق الإشبيلي في بيان الوهم (4/ 147 1590): "وسكت عنه، وأراه تسامح فيه كذلك، والحديث من رواية موسى بن أبي عثمان، عن أبي يحيى، عن أبي هريرة، وأبو يحيى هذا: لا يعرف، وقد ذكره ابن الجارود، فلم يزد على ما أخذ من هذا الإسناد، من روايته عن أبي هريرة، ورواية موسى بن أبي عثمان عنه، وهناك جماعة تروي عن أبي هريرة كل واحد منهم يقال له: أبو يحيى، منهم: مولى جعدة، وهو: ثقة، وآخر اسمه: قيس، روى عنه بكير بن الأشج، ذكره مسلم، وآخر لا يسمى، روى عنه صفوان بن سليم، يعد في أهل المدينة، ذكره ابن أبي حاتم، قال أبو أحمد الحاكم في كتابه في الكنى: خليق أن يكون هذا قيسًا الذي روى عنه بكير بن الأشج، فاعلم ذلك".

وقال في موضع آخر عن الحديث (5/ 683): "لا يصح".

وقال النووي في المجموع (3/ 119): "وفي إسناده رجل مجهول".

وقال ابن حجر في نتائج الأفكار: "هذا حديث حسن،

، ورجاله رجال الصحيح؛ إلا أبا يحيى، فلم يسم في الرواية، ولم ينسب، وقد قيل: إنه الأسلمي، فإن يكن كذلك فهو: ثقة، واسمه سمعان، وهو جد إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى المدني شيخ الشافعي".

قلت: أما أبو يحيى، فقد جاء في رواية يحيى بن سعيد القطان أنه مولى جعدة، وبهذا قطعت جهيزة قول كل خطيب، وعلى هذا: فإن أبا يحيى مولى جعدة بن هبيرة هذا: هو الذي روى له مسلم متابعة (2064) حديث: "ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعامًا قطُّ"، لكنه مما رواه مسلم في صحيحه معللًا إياه، لا مصححًا، قال القاضي عياض:"وهو مما ذكره الدارقطني وعلَّله، ومن جملة الأحاديث المعلَّلة في كتاب مسلم التي أبان مسلم علتها كما وعد، وذكر الوجهين فيها والآراء والاختلاف" [انظر: صحيح البخاري (3563 و 5409)،

ص: 80

صحيح مسلم (2064)، سنن ابن ماجه (3259 م)، تاريخ ابن معين للدوري (3/ 451/ 2217)، العلل لابن أبي حاتم (2/ 22 و 246/ 1544 و 2227 و 2228)، علل الدارقطني (11/ 193 - 196/ 2217)، الإلزامات والتتبع (21)، إكمال المعلم (6/ 559)، فتح الباري (9/ 548)]، وعلى هذا فلا يقال بأن الأعمش قد روى عنه، وإنما يروي الأعمش حديث عيب الطعام -المتفق عليه- عن أبي حازم، لا عن أبي يحيى، وعلى هذا فإن أبا يحيى مولى جعدة قد تفرد بالرواية عنه موسى بن أبي عثمان، ونقل ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل عن ابن معين أنه قال فيه:"ثقة"، وكذا قال ابن القطان، كما تقدم [انظر: كنى البخاري (82)، الجرح والتعديل (9/ 457)، المعرفة والتاريخ (3/ 247 و 264)، الثقات (5/ 577)، الميزان (4/ 587)، التهذيب (4/ 608)].

وأما موسى بن أبي عثمان فليس هو التبَّان، مولى المغيرة بن شعبة، الذي يروي عن أبيه عن أبي هريرة، ويروى عنه أبو الزناد؛ وإنما هو: الكوفي، الذي يروي عن إبراهيم النخعي وسعيد بن جبير وأبي يحيى، ويروى عنه: الثوري وشعبة ومالك بن مغول، قال شعبة:"وكان يؤذن على أطول منارة بالكوفة"، وقال سفيان الثوري:"كان مؤذنًا، ونعم الشيخ كان"، وقال أبو حاتم:"كوفى شيخ"، وقال ابن حبان في ثقاته وصحيحه:"وهو من سادات أهل الكوفة وعبادهم"، وعليه فكونه كان مؤذنًا أدعى لحفظ وضبط هذه الرواية في فضل الأذان الذي هو به مشتغل، ولا شك في توفر الهمم والدواعي لحفظ ونقل ما يكمل المرء به سؤدده، ويعلي به شرفه.

وقد فرَّق بينهما: البخاري في التاريخ الكبير (7/ 290)، وأبو حاتم في الجرح والتعديل (8/ 153)، والخطيب في غنية الملتمس (562 و 563)، وانظر: مسند الطيالسي (4/ 274/ 2665)، الثقات (7/ 454)، التهذيب (4/ 183)، التقريب (618).

وعلى هذا: فهذا إسناد متصل، سمع بعضهم من بعض، لا بأس به.

وقد صححه ابن خزيمة وابن حبان، واحتج به أبو داود والنسائي وعبد الحق الإشبيلي، وغيرهم.

• ولحديث أبي هريرة هذا طريقان آخران:

أ- روى معمر [هو: ابن راشد، ثقة ثبت، في حديثه عن أهل العراق ضعف، وليس بذاك القوي في منصور. انظر: شرح علل الترمذي (2/ 721 و 774)]، عن منصور [هو: ابن المعتمر، كوفي، ثقة ثبت]، عن عباد بن أنيس، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المؤذن يُغفَرُ له مدَّ صوته، ويصدِّقه كل رطب ويابس سمعه، وللشاهد عليه خمسٌ وعشرون حسنة".

أخرجه عبد الرزاق عن معمر (1/ 1863/484).

وعنه: أحمد (2/ 266)، وإسحاق (1/ 198/ 152)، وعبد بن حميد (1437).

وعلقه البخاري في التاريخ الكبير (6/ 466).

ص: 81

وهم معمر في إسناده:

خالفه: وهيب بن خالد [ثقة ثبت]، فرواه عن منصور، عن يحيى بن عبَّاد [هو: ابن شيبان الأنصاري، أبو هبيرة الكوفي، تابعي ثقة، روايته عن أبي هريرة مرسلة. مراسيل ابن أبي حاتم (913)،، عن عطاء، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"المؤذن يغفر له مد صوته، وبشهد له كل رطب ويابس، ولشاهد الصلاة خمس وعشرون درجة، ويكفر عنه ما بينهما".

أخرجه أبو محمد الفاكهي في فوائده عن ابن أبي مسرة (190)، وعنه: ابن بشران في الأمالي (2/ 11/ 974).

وعلقه ابن أبي حاتم في العلل (1/ 194/ 555)، والدارقطني في العلل (8/ 344/ 1613).

قال ابن بشران: "هذا حديث محفوظ من حديث منصور، وهو حديث عالٍ من حديثه".

قلت: وهم وهيب في رفعه:

خالفه: زائدة بن قدامة [ثقة ثبت]، وجرير بن عبد الحميد [ثقة، من أثبت الناس في منصور]، وفضيل بن عياض [ثقة مأمون]:

رووه عن منصور، عن يحيى بن عباد، عن عطاء -رجلٍ من أهل المدينة- عن أبي هريرة، موقوفًا، ولم يرفعوه، وهو: الصواب.

علقه ابن أبي حاتم في العلل (1/ 194/ 555)، والدارقطني في العلل (8/ 344/ 1613)[وفي المطبوع تصحيف].

قال أبو زرعة: "حديث معمر وهم"، وقال:"الصحيح: حديث منصور" يعني: حديث جرير ومن معه.

وقال الدارقطني: "ووهم فيه معمر"، وقال:"والصحيح: قول زائدة وفضيل بن عياض وجرير، والله أعلم".

قال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 556/194): "حدثنا أبي، عن المعلي بن أسد، عن وهيب، أنه قال لمنصور: من عطاء هذا؟ أهو ابن أبي رباح؟ قال: لا، قلت: فهو عطاء بن يسار؟ قال: لا، قلت: من هو؟ قال: رجل".

وروى نحوه في الجرح والتعديل (6/ 339)، وفي آخره:"قلت: عطاء بن يسار؟ قال: لا، هو آخر".

وروى هذه المسألة البخاري في التاريخ الكبير (6/ 466)، بنحوٍ من رواية ابن أبي حاتم في الجرح، في ترجمة عطاء المديني هذا، ولما ذكره ابن حبان في ثقاته (5/ 207) على عادته في التساهل في توثيق مجاهيل التابعين، قال:"لا أدري من هو؟ ولا ابن من هو؟ "، وأخطأ في جعل الراوي عنه: منصور، وإنما تفرد بالرواية عنه: أبو هبيرة يحيى بن عباد، يرويه عنه: منصور [وانظر: لسان الميزان (5/ 447)].

ص: 82

وعلى هذا فهو موقوف على أبي هريرة بإسناد ضعيف، لجهالة عطاء هذا، ولا يعرف له سماع من أبي هربرة، والله أعلم.

• وممن وهم فيه أيضًا:

الحسن بن الحكم [النخعي الكوفي، صدوق يخطئ]، قال: حدثني يحيى بن عباد أبو هبيرة، عن شيخ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤذن يُغْفَرُ له مدَّ صوته، ويصدِّقه كل رطب ويابس "أبهم التابعي، ورفع الحديث، وصوابه: موقوف من طريق يحيى بن عباد، عن عطاء -رجلٍ من أهل المدينة- عن أبي هريرة.

وصله ابن أبي شيبة (1/ 2349/204)، قال: نا أبو أسامة قال: حدثني يحيى بن عباد أبو هبيرة به [وفي المطبوع تصحيف].

وعلقه: ابن أبي حاتم في العلل (1/ 194/ 555)، والدارقطني في العلل (8/ 344/ 1613).

ب- وروى وكيع، قال: نا أبو العنبس سعيد بن كثير، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: ارفع صوتك بالأذان؛ فإنه يشهد لك كل شيء سمعك. موقوف.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 205/ 2350)، قال: نا وكيع به.

ورواه أبو نعيم الفضل بن دكين في الصلاة (183)، قال: حدثنا أبو العنبس، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: من أذَّن فليُسمع؛ فإنه يشهد له يوم القيامة من انتهى إليه صوته ممن سمعه.

وإسناده كوفي لا بأس به، كثير بن عبيد، التيمي، مولى أبي بكر الصديق، أبو سعيد، رضيع عائشة، تابعي كوفي، روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في الثقات، وسماعه من أبي هريرة في مسند الإمام أحمد (2/ 345) [انظر: التاريخ الكبير (7/ 206)، الجرح والتعديل (7/ 155)، الثقات (5/ 330 و 332)، كنى مسلم (1286)، المعرفة والتاريخ (2/ 88) و (3/ 167)، التهذيب (3/ 463)]، وابنه سعيد: كوفي ثقة.

وانظر أيضًا: المعجم الأوسط للطبراني (7/ 61/ 6851)، تاريخ أصبهان (2/ 312).

هكذا روي هذا الحديث عن أبي هربرة مرفوعًا وموقوفًا، والوقف لا يعارض الرفع لاختلاف المخرج، ومثله لا يقال من قبل الرأي، والله أعلم.

• ومن شواهد هذا الحديث:

1 -

عن البراء بن عازب:

يرويه معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي، عن قتادة، عن أبي إسحاق الكوفي، عن البراء بن عازب، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن الله وملائكته يصلون على الصف المقدم، والمؤذن يغفر له مد صوته، ويصدقه من سمعه من رطب ويابس، وله مثل أجر من صلى معه".

أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 13/ 646)، وفي الكبرى (2/ 239/ 1622)،

ص: 83

وأحمد (4/ 284)، وابنه عبد الله في زيادات المسند (4/ 284)، والروياني (283 و 328)، وأبو العباس السراج في مسنده (69 و 70 و 759)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (50 و 602)، والطبراني في الأوسط (8/ 136/ 8198)، وابن عدي في الكامل (6/ 433 - 434)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (396)، والدارقطني في الأفراد (2/ 313 - 314/ 1469 - أطرافه)، والرافعي في التدوين (1/ 306)، وابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 313).

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن قتادة إلا هشام، تفرد به معاذ".

وقال ابن عدي: "وهذا هكذا رواه قتادة من رواية معاذ بن هشام عن أبيه عنه، فقال: عن أبي إسحاق عن البراء،

، وهكذا رواه أبو سنان عن أبي إسحاق عن البراء، وأسقط بين أبي إسحاق والبراء اثنين، فإن أصحاب أبي إسحاق رووه: عن أبي إسحاق، عن طلحة بن مصرف، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء".

وقال الدارقطني: "غريب من حديث أبي إسحاق عن البراء، تفرد به قتادة عنه من قوله: "والمؤذن يغفر له

" إلى آخره، وتفرد به هشام عن قتادة، ولم يروه عنه غير ابنه معاذ".

وقال ابن الملقن في البدر المنير (3/ 385): "وهذا إسناد جيد، وذكره ابن السكن في صحاحه أيضًا".

وقال ابن حجر في نتائج الأفكار: "هذا حديث حسن،

، وهو مما تفرد به معاذ، ورجاله رجال الصحيح؛ إلا أن فيه عنعنة قتادة وشيخه"، وقد وقع عنده: "عن أبي إسحاق السبيعي" لا "الكوفي".

وقال في التلخيص (1/ 205): "وصححه ابن السكن".

لكن قال ابن رجب في الفتح (3/ 435): "أبو إسحاق هذا، قال أحمد: ما أظنه السبيعي، وقال الترمذي في العلل أنه لا يعرف لقتادة سماعًا من أبي إسحاق الكوفي".

قلت: لم أعرف أبا إسحاق الكوفي الذي يروي عن البراء، وعنه قتادة؛ إلا أن يكون هو السبيعي الكوفي [كما يشير إليه كلام ابن عدي والدارقطني وغيرهما]، وأغلب الظن عندي أنه السبيعي؛ إذ طرف الحديث الأول مروي من حديثه، والله أعلم.

كما أنه لا يُعرف لقتادة رواية عن أبي إسحاق السبيعي في غير هذا الحديث إلا من طرق ضعيفة.

• وقد تابع قتادة على إسناد هذا الحديث وطرفه الأول فقط:

أ- أبو سنان سعيد بن سنان البُرجُمي الكوفي [صدوق له أوهام]، رواه عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وملائكته يصلون على الصفوت الأولى".

أخرجه أبو العباس السراج في مسنده (762)، وابن عدي في الكامل (3/ 363).

قال ابن عدي: "وهذا كل من قال فيه: عن أبي إسحاق عن البراء: فقد أخطأ،

ص: 84

وسعيد بن سنان ممن قال ذلك، وتابعه عليه غيره، وأخطؤوا حيث قالوا: عن البراء، وإنما يروي هذا الحديث: أبو إسحاق، عن طلحة بن مصرف، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء".

ب- ورواه إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق [ثقة، من أثبت الناس في جده أبي إسحاق]، عن أبي إسحاق، عن البراء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وملائكته يصلون على الصف المُقَدَّم".

أخرجه أحمد (4/ 298)، وأبو العباس السراج في مسنده (761)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (52) موقوفًا. وابن عدي في الكامل (1/ 423)، وابن البختري في الجزء الرابع من حديثه (147)[(391) مجموع مصنفاته].

قال ابن عدي: "هكذا قال إسرائيل في هذا الحديث: عن أبي إسحاق عن البراء، ورواه غيره: عن أبي إسحاق عن طلحة بن مصرف عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء، ومنهم من لم يجعل بين عبد الرحمن بن عوسجة وأبي إسحاق: طلحة".

وقال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 145/ 404): "سألت أبي عن حديث رواه إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول"؟ فقلت: هل يدخل بين أبي إسحاق وبين البراء أحد؟

قال: نعم؛ رواه عمار بن زُرَيق، وحُدَيج بن معاوية، فقالا: عن أبي إسحاق، عن طلحة بن مصرف، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قلت: أيُّهما الصحيح؟ قال: حديث حديج وعمار؛ قد زادا رجلين".

قلت: قد اختلف في إسناد هذا الحديث على أبي إسحاق السبيعي:

أ- فرواه قتادة، وإسرائيل، وأبو سنان الكوفي، عن أبي إسحاق، عن البراء، ليس بينهما أحد، وتفرد قتادة في متنه بفضل التأذين.

ب- ورواه عمار بن رزيق [لا بأس به]، وأبو بكر بن عياش [ثقة]، وجرير بن حازم [ثقة، حدَّث بالوهم بمصر، والراوي عنه هنا: عبد الله بن وهب المصري]:

ثلاثتهم: عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب به، بدون موضع الشاهد من حديث قتادة، ولم يذكروا طلحة بن مصرف في الإسناد.

أخرجه ابن خزيمة (3/ 24/ 1552)، وأحمد (4/ 297 و 298 - 299 و 299)، وابنه عبد الله في زيادات المسند (4/ 297)، وابن أبي شيبة (1/ 332/ 3804 و 3805)، وابن أبي حاتم في العلل (1/ 146/ 406)، وابن الأعرابي في المعجم (1/ 412/ 802).

سأل ابن أبي حاتم أباه عن حديث جرير بن حازم؟ فقال: "هذا خطأ؟ إنما يروونه عن أبي إسحاق، عن طلحة، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء، عن النبي صلى الله عليه وسلم[العلل (1/ 124 و 146/ 343 و 406)].

ج- ورواه إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق [صدوق يهم]، عن أبيه [ثقة]، عن أبي

ص: 85

إسحاق، قال: حدثني طلحة، أنه سمع عبد الرحمن بن عوسجة، يقول: سمعت البراء بن عازب، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من منح منيحة لبن، أو ورِق، أو هدى زقاقًا، كان له مثل عتق رقبة" قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله وملائكته يصلون على الصفوف الأول"، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبهم وصدورهم إذا قام إلى الصلاة، ويقول:"استووا، ولا تختلفوا؛ فتختلف قلوبكم" وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "زيِّنوا القرآن بأصواتكم".

أخرجه الترمذي (1957)، وأبو العباس السراج في مسنده (752)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (11)، وأبو نعيم في الحلية (5/ 27)، والدارقطني في الأفراد (2/ 294/ 1400 - أطرافه)، والشجري في الأمالي الخميسية (1/ 115).

قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث أبي إسحاق عن طلحة بن مصرف، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وقد روى منصور بن المعتمر، وشعبة، عن طلحة بن مصرف هذا الحديث".

وقال الدارقطني: "غريب من حديث يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق، عن جده أبي إسحاق، عن طلحة بن مصرف، تفرد به إبراهيم بن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق، عن أبيه يوسف".

قلت: تابعه عليه: حديج بن معاوية [صدوق يخطئ]، فرواه عن أبي إسحاق، قال: حدثني طلحة بن مصرف، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء به، بدون موضع الشاهد من حديث قتادة.

أخرجه الحاكم (1/ 572)، وتمام في فوائده (981)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (397).

وهذا هو المحفوظ عن أبي إسحاق السبيعي في إسناد هذا الحديث ومتنه.

• وبهذا يظهر أن قتادة قد وهم على أبي إسحاق السبيعي في إسناد هذا الحديث ومتنه، ولم يتابع على هذه الزيادة في فضل التأذين في متن هذا الحديث.

وقد رواه عن طلحة بن مصرف فلم يذكر هذه الزيادة -موضع الشاهد في فضل التأذين-: منصور بن المعتمر، وشعبة، والأعمش، ومالك بن مغول، وزبيد بن الحارث اليامي، وزيد بن أبي أنيسة، والحكم بن عتيبة، ومسعر بن كدام، ومحمد بن سوقة، ورقبة بن مصقلة، وفطر بن خليفة، وعلقمة بن مرثد، وغيرهم كثير.

قال أبو نعيم في الحلية (5/ 27): "رواه الجم الغفير عن طلحة بن مصرف، منهم: زبيد، ومنصور، والأعمش، وجابر الجعفي، وابن أبي ليلى، والحكم بن عتيبة، ومحمد بن سوقة، ورقبة بن مصقلة، وحماد بن أبي سليمان، وأبو جناب الكلبي، وابن أبجر، والحسن بن عبيد الله النخعي، وليث بن أبي سليم، ومالك بن مغول، ومسعر، وفطر بن خليفة، وزيد بن أبي أنيسة، وعلقمة بن مرثد، وعبد الغفار بن القاسم، وأشعث بن سوار،

ص: 86

والحجاج بن أرطأة، وعيسى بن عبد الرحمن السلمي، والحسن بن عمارة، والقاسم بن الوليد الهمداني، ومحمد بن عبيد الله القدومي، ومحمد بن طلحة، وشعبة، وأبو هاشم الرماني، وأبان بن صالح، ومعاذ بن مسلم، ومحمد بن جابر، في آخرين، منهم من طوله، ومنهم من اختصره".

ورواه عن ابن عوسجة: غير طلحة، ورواه عن البراء: غير ابن عوسجة، فلم يذكر أحد منهم فضل التأذين.

وسيأتي هذا الحديث عند أبي داود برقم (543 و 664 و 1468)، فانظر تخريجه كاملًا في موضعه، وإنما تكلمت فيه هنا فقط على مخرج موضع الشاهد لبيان شذوذ الزيادة التي زادها قتادة.

2 -

عن أبي سعيد الخدري:

يرويه سعيد بن منصور [ثقة حافظ]، وأبو معمر إسماعيل بن إبراهيم بن معمر الهروي [ثقة مأمون]، قالا: حدثنا سفيان بن عيينة، عن صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يغفر للمؤذن مدى صوته، وبشهد له ما يسمعه من رطب ويابس" وفي رواية: "وبشهد له ما سمعه -أو: من سمعه-".

أخرجه البزار (2/ 94 - الأحكام الكبرى)، وابن الأعرابي في المعجم (2/ 492/ 954)، والعسكري في تصحيفات المحدثين (1/ 288)، والدارقطني في الأفراد (5/ 77/ 4724 - أطرافه)، والخطيب في التاريخ (12/ 61).

قال الدارقطني: "غريب من حديث صفوان بن سليم عن عطاء عنه، لم يسنده غير سعيد بن منصور عن ابن عيينة عن صفوان"، هكذا قال، لكنه ذكر في العلل (11/ 265) متابعة أبي معمر القطيعي له، فلعله أراد أن أبا معمر لم يجزم بكونه مسندًا، واكتفى بقوله:"عن أبي سعيد رفعه".

خالفهما: الحميدي، وعبد الله بن المبارك، وقتيبة بن سعيد [وهم ثقات أثبات، من أصحاب ابن عيينة]، وعبد الرزاق بن همام الصنعاني، وهارون بن إسحاق الهمداني الكوفي [وهما ثقتان، من أصحاب ابن عيينة]:

رووه: عن ابن عيينة، عن صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يغفر الله للمؤذن مدى صوته، ويصدقه كل رطب وبابس سمعه". هكذا مرسلًا.

أخرجه عبد الرزاق (1/ 484/ 1864)، وعلي بن محمد الحميري في جزئه (54)، وذكره الدارقطني في العلل (11/ 265/ 2276)، وقال:"وهو الصحيح" يعني: المرسل.

وعليه: فالمحفوظ في هذا الحديث: مرسل بإسناد صحيح.

• ولابن عيينة فيه حديث آخر:

قال سفيان: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، عن أبيه -وكان يتيمًا

ص: 87

في حجر أبي سعيد، [وكانت أمه عند أبي سعيد]-، قال: قال لي أبو سعيد: أي بنيَّ! إذا كنت في البوادي، فارفع صوتك بالأذان؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لا يسمعه [لا يسمع صوته]: إنسٌ، ولا جنٌ، ولا حجرٌ، [ولا مدرٌ]، ولا شجرٌ، ولا شيءٌ، إلا شهد له يوم القيامة".

أخرجه ابن ماجه (723)، وابن خزيمة (1/ 203/ 389)، والشافعي في السنن (1/ 207/ 143)، وأحمد (3/ 6)، وعبد الرزاق (1/ 485/ 1865)، والحميدي (2/ 5/ 749)، وعبد بن حميد (997)، وأبو يعلى (2/ 270/ 982)، والسراج في مسنده (66)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (356 و 1930)، والسهمي في تاريخ جرجان (298)، والثعلبي في تفسيره (10/ 265)، والبيهقي في المعرفة (1/ 426/ 560 م).

وقد رواه أيضًا: مالك، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري، ثم المازني، عن أبيه، أنه أخبره أن أبا سعيد الخدري، قال له: إني أراك تحب الغنم والبادية؛ فإذا كنت في غنمك أو باديتك؛ فأذَّنت بالصلاة، فارفع صوتك بالنداء؛ فإنه "لا يسمع مدى صوت المُؤَذِّن: جنٌ، ولا إنسٌ، ولا شيءٌ، إلا شهد له يوم القيامة".

قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهذا قد رواه مالك في موطئه (1/ 116/ 176).

ومن طريقه: البخاري في الصحيح (609 و 3296 و 7548)، وفي خلق أفعال العباد (174 و 175)، والنسائي في المجتبى (2/ 12/ 644)، وفي الكبرى (2/ 239/ 1620)، والشافعي في الأم (2/ 169/195)، وفي السنن (1/ 207 - 208/ 144 و 145)، وفي المسند (33)، وأحمد (3/ 35 و 43)، وابن حبان (4/ 546/ 1661)، وأبو العباس السراج في مسنده (65)، وأبو القاسم البغوي في حديث مصعب الزبيري (141)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 39/ 1197)، والجوهري في مسند الموطأ (590)، والبيهقي في السنن (1/ 397 و 427)، وفي المعرفة (1/ 426/ 559 و 560)، وفي الشعب (3/ 118/ 3055)، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 223)، والخطيب في تاريخ بغداد (12/ 373)، والبغوي في شرح السنة (2/ 65/ 411) وقال:"حديث صحيح". والرافعي في التدوين (3/ 15)، والذهبي في تذكرة الحفاظ (4/ 1258)، وابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 311) وقال:"حديث صحيح".

قال الشافعي في السنن: "يشبه أن يكون مالك أصاب اسم الرجل"، وفي التمهيد:"مالك أصاب اسم الرجل فيما أرى، وقد أخطأ فيه ابن عيينة".

قال البيهقي في المعرفة: "هو كما قال الشافعي، وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة المازني الأنصاري المدني، سمع أباه، وعطاء بن يسار، روى عنه: يزيد بن خصيفة، ومالك

".

ص: 88

وقال أحمد في المسند: "وسفيان مخطئ في اسمه، والصواب: عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة" وانظر: العلل ومعرفة الرجال (2/ 150/ 1832).

وقال ابن عبد البر: "وقد وهم ابن عيينة في اسم هذا الشيخ، شيخ مالك".

وقال في التهذيب (2/ 523): "قال ابن المديني: وهِم ابن عيينة في نسبه حيث قال: عبد الله بن عبد الرحمن".

وقد تابع مالكًا عليه، إلا أنه لم يرفعه: عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون [ثقة فقيه]:

قال أبو نعيم في كتاب الصلاة (182): حدثنا عبد العزيز بن الماجشون، عن

عبد الرحمن بن أبي صعصعة، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري، قال: إذا أذنت للصلاة فارفع صوتك؛ فإنه لا يسمعك إنسٌ، ولا جنٌّ، ولا حجرٌ، ولا شيءٌ من الأشياء، إلا شهد لك يوم القيامة.

وأخرجه من طريق أبي نعيم: أبو العباس السراج في مسنده (67).

وحديث أبي سعيد هذا صريح في مراد أبي داود لما ترجم له في هذا الباب، فهذا أبو سعيد الخدري يأمر عبد الله بن أبي صعصعة بأن يرفع صوته بالأذان؛ لكون النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه " لا يسمع مدى صوت المُؤَذِّن: جنٌّ، ولا إنسٌ، ولا شيءٌ، إلا شهد له يوم القيامة"، وهو حديث صحيح أخرجه البخاري،

3 -

عن عبد الله بن عمر:

يرويه: الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يغفر الله للمؤذن مد صوته، ويشهد له كل رطب ويابس سمع صوته".

وقد اختلف فيه على الأعمش:

أ- فرواه عمار بن رزيق [لا بأس به]، وعبد الله بن بشر الرقي [لا بأس به، له عن الأعمش مناكير. التهذيب (2/ 308)]:

كلاهما عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يغفر الله للمؤذن مد صوته، ويشهد له كل رطب ويابس سمع صوته".

أخرجه أحمد (2/ 136)، والسراج في مسنده (71)، وأبو العباس الأصم في جزء من أماليه برواية أبي الحسن الطرازي عنه (79)، والطبراني في الكبير (12/ 398 / 13469)، وابن عدي في الكامل (4/ 245)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 272)، والبيهقي (1/ 431).

ب- ورواه إبراهيم بن طهمان، وجرير بن عبد الحميد [ثقتان، من أصحاب الأعمش]:

كلاهما: عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر، أنه قال: المؤذن يغفر له مدى صوته، ويصدقه كل رطب ويابس. موقوف.

ص: 89

أخرجه أبو العباس السراج في مسنده (73 و 74)، والبيهقي (1/ 431).

ج- ورواه زائدة بن قدامة [ثقة ثبت]، عن الأعمش، عن رجل، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يغفر الله للمؤذن منتهى أذانه، ويستغفر له كل رطب ويابس سمع صوته".

فأبهم التابعي.

أخرجه أحمد (2/ 136)، وذكره الدارقطني في العلل (4/ ق 50/ ب).

د- وروي عن إسماعيل بن زكريا [ليس به بأس، مقارب الحديث]، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس به مرفوعًا.

ذكره الدارقطني في العلل (4/ ق 50/ ب)، ونقله عنه ابن رجب في الفتح (3/ 432).

هـ- ورواه عمرو بن عبد الغفار [الفقيمي: متروك، منكر الحديث، متهم بالوضع.

انظر: اللسان (6/ 215)، والراوي عنه: يحيى بن أبي طالب: وثقه بعضهم، وتكلم فيه آخرون. انظر: اللسان (8/ 452)]: ثنا الأعمش، عن مجاهد، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

فذكره.

أخرجه البيهقي (1/ 431)، والخطيب في المتفق والمفترق (3/ 1703/ 1223).

وذكر الدارقطني في العلل (8/ 236/ 1544) أن محمد بن عبيد الطنافسي [وهو: ثقة] تابعه على هذا الوجه.

و- وسلك بعضهم فيه الجادة والطريق السهل، فرواه عن حفص بن غياث [ثقة، من أصحاب الأعمش]، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

فذكره.

أخرجه الطبراني في الأوسط (1/ 45/ 121)، والبيهقي (1/ 431).

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن حفص إلا يحيى الجعفي"، قلت: يعني: ابن سليمان، [هو: صدوق يخطئ، له مناكير]، وقد توبع عليه عند البيهقي:

قال البيهقي: ورواه حفص بن غياث، كما أخبرناه أبو عبد الله الحافظ: ثنا أبو حامد أحمد بن محمد بن شعيب الفقيه: ثنا السري بن خزيمة: ثنا سعيد بن سليمان الواسطي: ثنا حفص به.

قلت: سعيد بن سليمان الواسطي: ثقة حافظ، إلا أن الإسناد إليه غريب، تفرد به عنه أهل نيسابور، نعم رجاله ثقات، لكن أبو حامد أحمد بن محمد بن شعيب بن هارون الفقيه النيسابوري الجلاباذي الشعيبي: ليس بذاك المشهور، ولم أر من وثقه في الحديث، وإنما غاية ما قالوه فيه أنه كان فقيهًا صالحًا عابدًا ورعًا زاهدًا [الأنساب (2/ 136)، اللباب (1/ 318)، معجم البلدان (2/ 149)، الجواهر المضية في طبقات الحنفية (1/ 105)، تاريخ الإسلام (25/ 156)].

ز- ورواه وكيع بن الجراح [ثقة حافظ، من أثبت أصحاب الأعمش]، عن الأعمش، عن مجاهد، قال: المؤذن يشهد له كل رطب ويابس سمعه. هكذا قول مجاهد لم يعدُه.

ص: 90

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 205/ 2351).

ح- قال الدارقطني في العلل (8/ 236/ 1544) لما ذكر هذا الحديث في مسند أبي هريرة، وذكر فيمن اختلف على الأعمش: محمد بن عبيد الطنافسي، وعمرو بن عبد الغفار، وعمار بن رزيق فقط، قال:"وقال غيرهم: عن الأعمش عن مجاهد، مرسل، والمرسل: أشبه" ولعله عنى بذلك طريق وكيع، فإنه وإن كان مقطوعًا على مجاهد؛ فإن مثله لا يقال من قبل الرأي، فحكمه حكم المرسل، ولا شك أن وكيع بن الجراح أثبت من هؤلاء المذكورين في الأعمش، وقوله أرجح.

لكن الدراقطني لما أعاد هذا الحديث في مسند ابن عمر من العلل (4/ ق 50/ ب)، وذكر فيمن اختلف على الأعمش: عمار بن رزيق، وعبد الله بن بشر، وزائدة، وإسماعيل بن زكريا فقط، قال:"والصحيح: عن مجاهد، عن ابن عمر مرفوعًا"[وانظر: الفتح لابن رجب (3/ 432)، البدر المنير (3/ 386)].

فاختلف قول الدارقطني في هذا الحديث بناءً على ما أورده من طرقٍ في كل مرة، وقوله في الموضعين متوافق مع طرقه الحاضرة، لكن الذي يظهر لي بعد جمع طرقه كلها [بعد استفراغ الوسع في ذلك]: أن هذا الحديث مما اضطرب فيه الأعمش، والله أعلم.

ومع ذلك فلا مانع من القول بأن لهذا الحديث أصل يقوي حديث أبي هريرة المتقدم في أول الباب، والله أعلم.

• وأما ما رواه: محمد بن الفضل بن عطية، عن سالم الأفطس، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤذن المحتسب كالشهيد يتشحط في دمه حتى يفرُغَ من أذانه، ويشهد له كل رطب ويابس، وإذا مات لم يُدَوَّد في قبره".

أخرجه الطبراني في الكبير (12/ 422/ 13554)، والدارقطني في الأفراد (3/ 417/ 3114 - أطرافه)، والثعلبي في تفسيره (4/ 84)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 76)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 390/ 655).

قال الدارقطني: "غريب من حديث سالم بن عجلان عن مجاهد عنه، تفرد به محمد بن الفضل بهذه الألفاظ".

قال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يصح".

قلت: هو حديث منكر، ومحمد بن الفضل بن عطية: متروك الحديث، كذاب [التهذيب (3/ 675)].

ورواه إبراهيم بن رستم الخراساني: حدثنا قيس بن الربيع، عن سالم الأفطس، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤذن المحتسب كالشهيد يتشحط في دمه ما بين الأذان والإقامة، فيتمنى على الله ما اشتهى".

أخرجه أبو بكر المطرز في فوائده (140)، والطبراني في الأوسط (2/ 52/ 1221) ووقع عنده "سعيد بن جبير، بدل "مجاهد". وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 389/ 654)

ص: 91

بلفظ مختصر آخره: "وإذا مات لم يُدَوَّد في قبره"، ووقع فيه "ابن عمرو" بدل "ابن عمر".

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن سالم إلا قيس، تفرد به إبراهيم".

وقال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يصح".

وقال الحاكم في إبراهيم بن رستم: "تفرد به عن قيس"[اللسان (1/ 280)].

قلت: إبراهيم بن رستم: خراساني مروزي: ليس بالقوي [انظر: اللسان (1/ 279)، الجرح والتعديل (2/ 99)، الكامل (1/ 263)، وغيرها]، وفي تفرده عن قيس بن الربيع الكوفي: نكارة، وقد أُنكر عليه تفرده بهذا الحديث، ثم إن قيسًا نفسه فيه ضعف، فإنه كان صدوقًا، لكنه لما كبر ساء حفظه، وكان له ابن يدخل في حديثه ما ليس منه فيحدث به، كما أنه كان يُلقَّن فيتلقن، لذا كثرت المناكير في حديثه، فضعفه بعضهم جدًّا [انظر: التهذيب (3/ 448)، الميزان (3/ 393)، الجرح والتعديل (7/ 98)؛ فهو حديث منكر، كالذي قبله، والمنكر أبدًا منكر.

4 -

عن أنس بن مالك، وله طريقان:

أ- أبو حفص عمر بن حفص العبدي: ثنا ثابت البناني، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يد الرحمن على رأس المؤذن حتى يفرُغ من أذانه، وإنه ليغفر له مد صوته أين بلغ".

أخرجه ابن حبان في المجروحين (2/ 84 - 85)، والطبراني في الأوسط (2/ 281/ 1987)، وأبو بكر الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (950)، وابن عدي في الكامل (5/ 49)، ومحمد بن مخلد العطار في فوائده (17)، والخطيب في التاريخ (11/ 192).

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن ثابت إلا عمر بن حفص".

قلت: وهو: متروك، روى عن ثابت مناكير، وهذا منها [انظر: اللسان (6/ 89)]، فقد عدَّه ابن حبان وابن عدي في مناكيره عن ثابت.

فإن قيل: لم ينفرد به، تابعه: حفص بن أبي داود: ثنا ثابت البناني، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يغفر الله للمؤذن مد صوته، ويشهد له كل رطب ويابس سمعه".

أخرجه ابن عدي (2/ 382).

فيقال: حفص هذا هو: ابن سليمان الأسدي الكوفي القارئ، صاحب عاصم، وهو: متروك الحديث أيضًا، فليس بأحسن حالًا من سابقه.

ب- سعيد أبو عثمان: حدثنا ابن السماك، عن سفيان الثوري، عن سليمان التيمي، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يخرج المؤذنون والملبون من قبورهم يوم القيامة: يؤذن المؤذن، ويلبي الملبي، فيغفر للمؤذن مد صوته".

أخرجه ابن جميع الصيداوي في معجم شيوخه (303 - 304)، في ترجمة عبد الله بن عمر بن أحمد بن قرقر أبي محمد الحافظ، قال ابن جميع: حدثني عبد الله بن عمر:

ص: 92

حدثني علي بن محمد بن منصور بالرها من أصل كتابه: حدثنا علي بن عيسى الرازي: حدثنا سعيد أبو عثمان به.

ابن السماك هذا هو: محمد بن صبيح بن السماك أبو العباس الكوفي المذكر، قال ابن نمير:"ليس حديثه بشيء"، وقال مرة:"وكان صدوقًا ما علمته، ربما حدث عن الضعفى"، وقال ابن حبان:"مستقيم الحديث، وكان يعظ الناس في مجالسه"، وقال الدارقطني:"لا بأس به"، وله أوهام [الجرح والتعديل (7/ 290)، الثقات (9/ 32)، سؤالات الحاكم (146)، تاريخ بغداد (5/ 368)، الأنساب (3/ 289)، اللسان (7/ 255)]، وفي تفرده عن الثوري غرابة.

وسعيد أبو عثمان هذا هو: سعيد بن عمرو بن سهل الكندي الأشعثي الكوفي، وهو: ثقة، من رجال مسلم والنسائي [انظر: تهذيب الكمال (11/ 21)].

وأما علي بن عيسى الرازي، وعلي بن محمد بن منصور الرهاوي: فلم أعرفهما.

وانظر ترجمة شيخ ابن جميع القرقري الحافظ في: الأنساب (4/ 476)، اللباب (3/ 27)، توضيح المشتبه (7/ 196).

فهو حديث غريب غريب من حديث الثوري.

5 -

عن أبي أمامة:

روى الطبراني في الكبير (8/ 241/ 7942) بإسناده إلى جعفر بن الزبير، عن القاسم، عن أبي أمام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤذن يغفر له مدى صوته، وأجره مثل أجر من صلى معه".

وهذا باطل من حديث أبي أمامة، ومن حديث القاسم بن عبد الرحمن الدمشقي؛ فإن جعفر بن الزبير الباهلي الدمشقي: متروك، ذاهب الحديث، قال ابن حبان: "يروي عن القاسم وغيره أشياء كأنها موضوعة،

، وروى جعفر بن الزبير، عن القاسم، عن أبي أمامة: نسخة موضوعة" [التهذيب (1/ 304)، المجروحين (1/ 212)].

6 -

عن جابر بن عبد الله، له عنه طريقان:

أ- سلام بن سالم الطويل، عن عباد بن كثير، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المؤذنين والملبين يخرجون من قبورهم يوم القيامة: يؤذن المؤذن، ويلبي الملبي، ويغفر للمؤذن مد صوته، ويشهد له كل شيء سمع صوته، من شجر، أو مدر، أو حجر، أو رطب، أو يابس، ويكتب للمؤذن بكل إنسان يصلي معه في ذلك المسجد مثل حسناتهم، ولا ينقص من حسناتهم شيئًا، ويعطيه الله ما بين الأذان والإقامة كل شيء سأل ربه، إما أن يعجله في دنياه، أو يصرف عنه السوء، وإما أن يدخره له في الآخرة، وله ما بين الأذان والإقامة كالمتشحط في دمه في سبيل الله، ويكتب له كل يوم يؤذن فيه مثل أجر خمسين ومائة شهيد، وله مثل أجر القائم بالليل، الصائم بالنهار، وله مثل أجر الحاج والمعتمر، وجامع القرآن والفقه، ومثل أجر الصلاة المفروضة، والزكاة المكتوبة، وله مثل

ص: 93

من يأمر بالمعروف، وينهي عن المنكر، ويصل الرحم، وأول من يكسى من حلل الجنة إبراهيم، ثم محمد، ثم النبيون والمرسلون، ثم يكسى المؤذنون، ويلقاهم يوم القيامة على نجائب من ياقوت أحمر، أزمتها من زمرد أخضر، ألين من الحرير، رحالها من السندس والإستبرق، ومن فوق ذلك حرير أخضر، يحلى كل واحد منهم بثلاثة أسورة: سوار من ذهب، وسوار من فضة، وسوار من لؤلؤ، وفي أعناقهم الذهب مكلل بالدر والياقوت والزمرد، وعليهم التيجان أكاليل مكللة بالدر والياقوت والزمرد، ومن تحت التيجان أكاليل مكللة بالدر والياقوت والزمرد، نعالهم من الذهب، وشركها من الدر، ولنجائبهم أجنحة، تضع خطوها مد بصرها، على كل واحد منها فتى شاب أمرد أجعد الرأس، له جمة على ما اشنهت نفسه، حشوها المسك الأذفر، لو انتشر مثقال ذرة بالمشرق لوجد أهل المغرب ريحه، أنور الوجه، أبيض الجسم، أصفر الحلي، أخضر الثياب، يشيعهم من قبورهم سبعون ألف ملك إلى المحشر، يقولون: تعالوا ننظر إلى حساب بني آدم وبني إبليس، كيف يحاسبهم ربهم، بين يدي كل واحد منهم سبعون ألف حربة من نور البرق، حتى يوافوا بهم المحشر، وذلك قوله {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85)} إلى آخر الآية [مريم: 85] ".

أخرجه لوين المصيصي في جزئه (120)، وابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال (571)، وابن الجوزي في الموضوعات (2/ 14 - 15).

قال ابن الجوزي: "هذا حديث موضوع، فكافأ الله من وضعه، فما أوحش هذا الكذب، وما أبرد هذه السياقة، وما أفسد هذا الوضع لموازين الأعمال، فكيف يكون للمؤذن أجر الشهيد والحاج؟! والنبي صلى الله عليه وسلم يقول لعائشة: "ثوابك على قدر نصبك"، وفي هذا الحديث: عباد بن كثير: كان شعبة يقول: احذروا حديثه، وقال أحمد بن حنبل رضي الله عنه: روى أحاديث كذب لم يسمعها، وقال يحيى: ليس بشيء في الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث. وفيه: سلام الطويل: قال يحيى: ليس بشيء، لا يكتب حديثه، وقال البخاري: تركوه، وقال النسائي والدارقطني: متروك، وقال ابن حبان: يروي عن الثقات الموضوعات، كأنه كان المتعمد لها".

قلت: وروى بعضه أبو بكر الهذلي [وهو: متروك الحديث] عن أبي الزبير عن جابر: أخرجه الطبراني في الأوسط (4/ 3558/40).

ب- خالد بن يزيد العمري، قال: ثنا المعلي بن هلال، عن نفيع أبي داود، عن جابر بن عبد الله، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

فذكره مطولًا بنحوه.

أخرجه الفاكهي في أخبار مكة (2/ 135/ 1306).

وهذا حديث كذب، إسناده مسلسل بالكذابين: نفيع بن الحارث أبي داود الأعمى، ومعلي بن هلال بن سويد، وأبي الهيثم خالد بن يزيد العمري [التقريب (632 و 603)، اللسان (3/ 345)].

وروى سهل بن عثمان العسكري الحافظ طرفًا منه، عن المعلى به.

ص: 94

- أخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 397).

ورواه يحيى بن عبد الحميد الحماني [حافظ؛ إلا أنه اتهم بسرقة الحديث]، ودلَّس المعلي بن هلال بن سويد حتى لا يعرف، لأنه كان مشهورًا بالكذب ووضع الحديث، فسماه عليًّا، ونسبه إلى جده.

قال يحيى بن عبد الحميد: حدثنا علي بن سويد، عن نفيع أبي داود، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:

فذكره مطولًا.

أخرجه الخطيب في الكفاية (368)، والموضح (2/ 486).

قال البرذعي: "وقال لي أبو زرعة: قلت: لابن نمير شيخ يحدث عنه الحماني، يقال له علي بن سويد، فقال: لم تفطن من هذا؟ قلت: لا، قال: هو معلى بن هلال، جعل الحماني معلى عليًّا، ونسبه إلى جده، وهو معلى بن هلال بن سويد"[سؤالات البرذعي (366)، ونقله الخطيب في الكفاية والموضح].

وسأل ابن أبي حاتم أباه عن حديث الحماني هذا؟ فقال أبو حاتم: "قال ابن نمير: إن علي بن سويد هذا هو: معلى بن هلال بن سويد، جعل معلى علي، وترك هلال من الوسط، ونسب علي إلى جده" قال ابن أبي حاتم: "قال أبي: ونفس الحديث كأنه موضوع"[لعلل (1/ 106/ 286)].

• وحاصل ما تقدم: أن حديث أبي هريرة: حديث صحيح؛ بمجموع طرقه، وشواهده من مرسل عطاء، وحديث ابن عمر أو مرسل مجاهد [المختلف فيه على الأعمش]، وذلك باستثناء الأوهام والمناكير والأباطيل والموضوعات، مثل حديث البراء، وحديث أنس، وحديث أبي أمامة، وحديث جابر، والله أعلم.

***

516 -

. . . مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضُرَاطٌ؛ حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضي النداء أقبل، حتى إذا ثُوِّبَ بالصلاة أدبر، حتى إذا قضي التثويب أقبل، حتى يَخْطُرَ بين المرء ونفسه، ويقول: اذْكُرْ كذا، اذْكُرْ كذا، لِمَا لم يكن يذكر، حتى يظَلَّ الرجل إنْ يدري كمْ صلَّى".

• حديث متفق على صحته.

"إن" هنا بمعنى: ما النافية، وهي كذلك في موطأ القعنبي (100):"ما يدري". وفي موطأ الحدثاني (73): "لا يدري". وفي باقي روايات الموطأ: "إن يدري" [موطأ أبي مصعب الزهري (1/ 74/ 184)، موطأ ابن القاسم (324 - تلخيص القابسي)، موطأ يحيى

ص: 95

الليثي (177)، وغيرها، [وانظر: التمهيد (18/ 319)، مشكلات موطأ مالك (75)، مشارق الأنوار (1/ 41 و 331)].

والتثويب: الإقامة، ويخطر: يوسوس، يفسره طريق الأعمش الآتي [وانظر: تخريج الذكر والدعاء (1/ 407/ 201)].

أخرجه مالك في الموطأ (1/ 117/ 177).

ومن طريقه: البخاري (608)، وأبو عوانة (1/ 278/ 975)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 10/ 851)، وأبو داود (516)، والنسائي في المجتبى (2/ 21 - 22/ 670)، وفي الكبرى (2/ 249/ 1646)، وابن حبان (5/ 50/ 1754)، وأحمد (2/ 460)، وأبو العباس السراج في مسنده (77)، والجوهري في مسند الموطأ (520)، والبيهقي في الشعب (3/ 115 - 116/ 3047)، والبغوي في شرح السنة (2/ 413/66).

• تابع مالكًا عليه:

المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، وشعيب بن أبي حمزة، وورقاء بن عمر:

ثلاثتهم [وهم ثقات]: عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

فذكروه مثله.

أخرجه مسلم (389/ 19)، وأبو العباس السراج في مسنده (78)، وفي حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (937)، والطبراني في مسند الشاميين (4/ 280/ 3290).

• تابع أبا الزناد عليه:

أ- جعفر بن ربيعة [مصري، ثقة]، عن الأعرج، قال: قال أبو هرير رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

فذكره بنحوه، وزاد في آخره: قال أبو سلمة بن عبد الرحمن: إذا فعل أحدكم ذلك فليسجد سجدتين وهو قاعد. وسمعه أبو سلمة من أبي هرير رضي الله عنه.

أخرجه البخاري (1222)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (64)(الجزء المفقود).

ب- عبد ربه بن سعيد [مدني، ثقة]، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"إن الشيطان إذا ثُوِّب بالصلاة ولَّى وله ضراط، فإذا فرغ منها رجع يلتمس الخلاط، فيأتي الإنسان فهنَّاه ومنَّاه، وذكَّره من حاجاته ما لم يكن يذكر، حتى لا يدري كم صلى، فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس، ثم يسلم" أو نحو هذا من الكلام.

أخرجه مسلم (389/ 84) بعد الحديث رقم (569)، ولم يسق لفظه كاملًا. وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 11 و 166 و 167/ 852 و 854 و 1248 و 1249)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (73)(الجزء المفقود)، وأبو العباس السراج في مسنده (79)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 432).

قوله: "يلتمس الخلاط": أي يخالط قلب المصلي بالوسوسة [النهاية (2/ 63)].

ص: 96

• ولحديث أبي هريرة هذا طرق أخرى منها:

أ- ما رواه هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، والأوزاعي، ومعمر بن راشد، وشيبان بن عبد الرحمن:

عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضُرَاطٌ، حتى لا يسمع الأذان، فإذا قضي الأذان أقبل، فإذا ثُوِّبَ بها أدبر، فإذا قضي التثويب أقبل، حتى يَخْطِرَ بين المرء ونفسه، يقول: اذكر كذا وكذا، ما لم يكن يذكر، حتى يَظَلَّ الرجل إن يدري كم صلى، فإذا لم يدر أحدكم كم صلى ثلاثًا أو أربعًا، فليسجد سجدتين وهو جالس" وفي رواية للأوزاعي: "سجد سجدتي السهو".

أخرجه البخاري (1231 و 3285)، ومسلم (389/ 83) بعد الحديث (569)، وأبو عوانة (1/ 509/ 1902 و 1903)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 166/ 1247)، والنسائي في المجتبى (3/ 31/ 1253)، وفي الكبرى (2/ 56/ 1177)، والدارمي (1/ 295 و 418/ 1204 و 1494)، وابن حبان (1/ 193/ 16) و (4/ 547/ 1662)، وأحمد (2/ 522)، وأبو داود الطيالسي (4/ 104/ 2466)، وعبد الرزاق (2/ 303/ 3462)، وابن أبي شيبة (1/ 207/ 2374)، وأبو أمية الطرسوسي في مسنده (4 و 44)، وأبو يعلى (10/ 392/ 5993)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (59 - 61)(الجزء المفقود)، وأبو العباس السراج في مسنده (81 - 83)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 64/ 1241)، والطحاوي (1/ 431 و 432)، وابن حزم في المحلى (3/ 99) و (4/ 179)، والبيهقي (2/ 331).

ورواه الأوزاعي أيضًا: عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

فذكره مثله.

أخرجه أبو العباس السراج في مسنده (85)، وفي حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (599).

ورواه عكرمة بن عمار: ثنا يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، قال: حدثني أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سها أحدكم، فلم يدر أزاد أو نقص، فليسجد سجدتين وهو جالس، ثم يسلم".

أخرجه الطحاوي (1/ 432)، والدارقطني (1/ 374)، والبيهقي في السنن (2/ 340)، وفي المعرفة (2/ 172/ 1138).

قال الدارقطني في العلل (9/ 280/ 1761) بعد ما ذكر الخلاف فيه: "ورواه محمد بن إسحاق، عن سلمة بن صفوان، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وقال فيه: "ثم يسلم"، كما قال عكرمة بن عمار عن يحيى، وهما ثقتان، وزيادة الثقة: مقبولة".

خالفهم: أبو عامر الخزاز صالح بن رستم [بصري، ليس بالقوي. تقدم الكلام عليه تحت الحديث رقم (449)]، فرواه عن يحيى بن أبي كثير به، إلا أنه زاد في آخره:"فليسجد سجدتي السهو بعد ما يسلم فإنهما المرغمتان".

ص: 97

أخرجه الطبراني في الأوسط (4/ 350/ 4402)، وفي مسند الشاميين (3/ 363 - 364/ 2473).

قال الطبراني: حدثنا عبد الله بن محمد بن الأشعث [أبو الدرداء الأنطرطوسي الشامي: لم أر فيه جرحًا ولا تعديلًا. فتح الباب (2655)، الأنساب (1/ 222)، معجم البلدان (1/ 270)، تاريخ دمشق (32/ 166)]، قال: نا إبراهيم بن محمد بن عبيدة [المددي الشامي: لم أر فيه جرحًا ولا تعديلًا. إكمال ابن ماكولا (6/ 57)]، قال: حدثني أبي [محمد بن عَبيدة، أبو يوسف المددي الشامي: لم أر فيه جرحًا ولا تعديلًا. تلخيص المتشابه في الرسم (1/ 103)، الإكمال (6/ 54)، توضيح المشتبه (6/ 135)]، قال: نا الجراح بن مليح [البهراني، الحمصي: صدوق]، قال: حدثني إبراهيم بن عبد الحميد بن ذي حماية [حمصي، ليس به بأس. تقدم الكلام عليه تحت الحديث رقم (396)]، عن أبي عامر به.

والطبراني يروي بهذا الإسناد نسخةً عن ابن ذي حماية [انظر: المعجم الأوسط (4/ 348 - 4397/ 354 - 4415)، مسند الشاميين (3/ 360 - 374)].

فهو حديث منكر، خالف فيه أبو عامر الخزاز -على ما فيه من ضعف- خالف أصحاب يحيى الثقات بجعل سجود السهو بعد السلام، وزيادة "فإنهما المرغمتان"، ثم إنه حديث تفرد به أهل الشام عن أهل البصرة، وإسناده غريب غريب: مدني، ثم يمامي، ثم بصري، ثم حمصي، ثم أنطرطوسي.

ب- ورواه سلمة بن صفوان بن سلمة الأنصاري ثم الزرقي [ثقة]، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أذن المؤذن خرج الشيطان من المسجد وله حصاص، فإذا سكت رجع، حتى يأتي المرء المسلم في صلاته، فيدخل بينه وبين نفسه، حتى لا يدري أزاد في صلاته أم نقص، فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس، قبل أن يسلم، ثم يسلم".

أخرجه ابن ماجه (1217)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (72)(الجزء المفقود)، والدارقطني (1/ 374)، والبيهقي (2/ 340).

من طريقين عن: ابن إسحاق: ثنا سلمة بن صفوان به.

وهذا إسناد حسن إلى سلمة.

قال البيهقي: "ورواه هشام الدستوائي والأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة دون هذه الزيادة" يعني: "قبل أن يسلم، ثم يسلم"، وتقدم تصحيح الدارقطني لهذه الزيادة.

• خولف فيه ابن إسحاق:

رواه فليح بن سليمان [ليس بالقوي]، عن سلمة بن صفوان بن سلمة الزرقي، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان إذا سمع النداء ولى وله

ص: 98

حصاص، فإذا سكت المؤذن أقبل، حتى يَخْطِرَ بين المرء وقلبه، لِيُنسِيَهُ صلاته، فإذا شك أحدكم في صلاته فليسلم، ثم ليسجد سجدتين وهو جالس" فجعل السجود بعد السلام.

أخرجه أحمد (2/ 483)، قال: ثنا سريج [يعني: ابن النعمان]، قال: ثنا فليح به.

وهي رواية منكرة، قال الدارقطني في العلل (9/ 281/ 1761):"وهذا خلاف ما رواه ابن إسحاق".

ج- ورواه محمد بن عمرو بن علقمة [ليس به بأس]، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا ثُوِّب بالصلاة أدبر الشيطان له ضُراط، وإذا سكت المؤذن خَطَرَ بين أحدكم وبين نفسه، حتى يُنْسِيَهُ صلاته، فلا يدري كم صلى، فمن وجد من ذلك شيئًا فليسجد سجدتين [وهو جالس] ".

أخرجه أحمد (2/ 503)، وعلي بن حجر في حديثه عن إسماعيل بن جعفر المدني (151)، وأبو العباس السراج في مسنده (87 و 88)، وفي حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (1267).

د- ورواه مالك، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن أحدكم إذا قام يصلي، جاء الشيطان فَلَبَسَ عليه، حتى لا يدري كم صلى، فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس".

أخرجه مالك في الموطأ (1/ 263/155).

ومن طريقه: البخاري (1232)، ومسلم (389/ 82) بعد الحديث (569)، وأبو عوانة (1/ 508/ 1899)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 165/ 1244)، وأبو داود (1030)، والنسائي في المجتبى (3/ 30 - 31/ 1252)، وفي الكبرى (1/ 310/ 596) و (2/ 55/ 1176)، وابن حبان (6/ 401/ 2683)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (69)(الجزء المفقود)، والطحاوي (1/ 431)، والجوهري في مسند الموطأ (145)، والدارقطني في العلل (8/ 14 - 15)، والبيهقي (2/ 330 و 353)، والبغوي في شرح السنة (2/ 331/ 754)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (56/ 176)، وأبو اليمن الكندي في الفوائد العوالي المنتقاة من حديث مالك (24)، وابن البخاري في مشيخته (1060).

• تابع مالكًا عليه: سفيان بن عيينة، ومعمر بن راشد، والليث بن سعد، وصالح بن كيسان، ويونس بن يزيد، وعمرو بن الحارث، وشعيب بن أبي حمزة، وابن جريج، وابن أبي ذئب، وعبد الرحمن بن خالد بن مسافر، وغيرهم: عن الزهري به، مثل مالك، أو نحوه.

أخرجه مسلم (389/ 82) بعد الحديث (569)، وأبو عوانة (1/ 508 و 509/ 1900 و 1901)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 166/ 1245 و 1246)، والترمذي (397) وقال:"حسن صحيح". وأبو علي الطوسي في مستخرجه على الترمذي "مختصر الأحكام"(380)، وابن خزيمة (2/ 109/ 1020)، وأحمد (2/ 241 و 273 و 283

ص: 99

و 284)، وعبد الرزاق (2/ 304 و 305/ 3464 و 3465)، والحميدي (947)، وأبو يعلى (10/ 367 - 368 و 373/ 5958 و 5964)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (65 - 69)(الجزء المفقود)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 279/ 1651)، والطحاوي (1/ 431)، والطبراني في الأوسط (2/ 362/ 2236)، وفي مسند الشاميين (4/ 177/ 3046)، والدارقطني في العلل (8/ 14 و 15)، والبيهقي (2/ 339)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (56/ 176)، وابن البخاري في مشيخته (1058 و 1059).

• ورواه محمد بن إسحاق، وابن أخي الزهري: عن الزهري به، فزادا فيه:

ولفظ ابن إسحاق: "إن الشيطان يأتي أحدكم في صلاته، فيدخل بينه وبين نفسه، حتى لا يدري زاد أو نقص، فإذا كان ذلك فليسجد سجدتين قبل أن يسلم، ثم يسلم".

وقال ابن أخي الزهري: "وهو جالس قبل التسليم".

أخرجه أبو داود (1031 و 1032)، وابن ماجه (1216)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (70)(الجزء المفقود)، والبيهقي (2/ 339).

• ورواه الأوزاعي، قال: حدثني الزهري ويحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا لبس الشيطان على أحدكم في صلاته، فلم يدر أثلاثًا صلى أم أربعًا؟ فليسجد سجدتين وهو جالس".

أخرجه النسائي في الكبرى (1/ 310/ 595)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (62 و 63)(الجزء المفقود)، وأبو العباس الأصم في الجزء الثاني من حديثه (86)، وتمام في الفوائد (1358)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (13/ 311 - 312) و (23/ 108) و (34/ 90) و (38/ 422) و (40/ 504) و (55/ 48) و (56/ 176) و (60/ 273 - 274)، لم يذكر بعضهم يحيى في الإسناد.

• خالفهم جميعًا فوهم في إسناده، وزاد فيه ما ليس منه: زمعة بن صالح [ضعيف، كثير الغلط عن الزهري. التهذيب (1/ 635) وغيره]، رواه عن الزهري، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا جاء أحدكم الشيطان فخلط عليه صلاته، فلا يدري كم صلى، فليسجد سجدتين وهو جالس".

أخرجه الطحاوي (1/ 431)، قال: حدثنا محمد بن علي بن مُحْرِز، قال: ثنا أبو أحمد الزبيري، قال: ثنا زمعة به [وانظر: علل الدارقطني (8/ 13/ 1378)].

• تابع ابن شهاب عليه:

عمر بن أبي سلمة [ليس بالقوي]، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه سلم -: "إذا صلى أحدكم فلم يدر أثلاثا صلى أم ثنتين فليسجد وهو جالس".

أخرجه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (71)(الجزء المفقود)، قال: وحدثني الحسن بن مدرك الطحان، قال: حدثنا يحيى بن حماد، قال: أخبرنا أبو عوانة، عن عمر به.

ص: 100

وإسناده صحيح إلى عمر.

هـ- ورواه الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن الشيطان إذا سمع النداء بالصلاة أَحَالَ له ضُرَاطٌ، حتى لا يسمع صوته، فإذا سكت رجع فوسوس، فإذا سمع الإقامة ذهب حتى لا يسمع صوته، فإذا سكت رجع فوسوس".

أخرجه مسلم (389/ 16)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 9 - 10/ 848)، وأحمد (2/ 398 و 531)، وأبو العباس السراج في مسنده (52)، وفي حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (179 و 180 و 468 و 469)، والبيهقي (1/ 432).

و- ورواه عبد الرزاق بن همام: ثنا معمر، عن همام بن مُنَبِّهٍ، قال: هذا ما حدثنا به أبو هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

فذكر أحاديث منها: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط، حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضى التأذين أقبل، حتى إذا ثُوِّب بها أدبر، حتى إذا قضى التثويب أقبل، حتى يَخْطِرَ بين المرء ونفسه، فيقول له: اذكر كذا، اذكر كذا، لِمَا لم يكن يذكر من قبل، حتى يظل الرجل إن يدري كيف صلى".

أخرجه مسلم (389/ 20)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 11/ 853 و 855)، وابن حبان (4/ 548/ 1663)، وأحمد (2/ 313)، وأبو العباس السراج في مسنده (80)، وفي حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (472 و 2562)، والبيهقي (1/ 432)، وهو في صحيفة همام برقم (26).

ز- ورواه سهيل، قال: أرسلني أبي إلى بني حارثة، قال: ومعي غلام لنا -أو: صاحب لنا-، فناداه منادٍ من حائط باسمه، قال: وأشرف الذي معي على الحائط، فلم ير شيئًا، فذكرتُ ذلك لأبي، فقال: لو شعرت أنك تلقى هذا لم أُرْسِلْكَ، ولكن إذا سمعت صوتًا، فنادِ بالصلاة؛ فإني سمعت أبا هريرة، يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إن الشيطان إذا نودي بالصلاة وَلَّى وله حُصَاصٌ".

ورواه بعضهم عن سهيل به، بدون القصة، ولفظ المرفوع:"إذا أذَّن المؤذِّن أدبر الشيطان وله حُصَاصٌ".

أخرجه مسلم (389/ 17 و 18)، وأبو عوانة (1/ 279/ 976 و 977)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 10/ 849 و 850)، والبيهقي في الشعب (3/ 116/ 3048)، وفي الدلائل (7/ 103)، وابن عبد البر في الاستذكار (1/ 387)، والبغوي في شرح السنة (2/ 67/ 414)، والذهبي في السير (15/ 26).

والحصاص: الضراط، وقيل: شدة العَدْو.

قال أبو عوانة: "هذا دليل على أن الرجل إذا أحس بالغول، أو أشرف على المصروع، ثم أذن، ذهب عنه ما يجد من ذلك".

وقال ابن الجوزي: "على الأذان هيبة يشتد انزعاج الشيطان بسببها"[الفتح لابن حجر (2/ 87)، كشف المشكل (3/ 372)].

ص: 101

• رواه أبو عامر العقدي: أخبرني عدي بن الفضل، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا تغوَّلت لكم الغول، فنادوا بالأذان؛ فإن الشيطان إذا سمع النداء أدبر وله حصاص".

أخرجه الطبراني في الأوسط (7/ 256/ 7436)، وفي الدعاء (2009).

وقال: "لم يرو هذا الحديث عن سهيل بن أبي صالح إلا عدي بن الفضل، تفرد به: أبو عامر".

قلت: أبو عامر العقدي: ثقة، لكن الآفة من عدي بن الفضل التيمي، أبي حاتم البصري، فإنه: متروك، وقد أدرج معنى كلام أبي صالح في المرفوع، فأخطأ، وقد رواه أصحاب سهيل الثقات [مثل: خالد بن عبد الله الواسطي، وروح بن القاسم] ففصلوا كلام أبي صالح من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.

فهو حديث منكر بهذا السياق [وانظر: تخريج الذكر والدعاء (202)].

ح- ورواه العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سمع الشيطان الأذان ولَّي وله ضراط حتى لا يسمع الصوت".

أخرجه أحمد (2/ 411)، قال: ثنا عفان، قال: ثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، عن العلاء به.

وإسناده صحيح، على شرط مسلم، من العلاء فمن فوقه، لكن الراوي عنه: عبد الرحمن بن إبراهيم القاص المدني، نزيل كرمان، وقيل: أصله بصري، وقيل: كان يسكن كرمان ثم انتقل إلى البصرة: ليس بالقوي، سمع العلاء، وأُنكرت عليه أحاديث عن العلاء، ويبدو أن هذا الحديث مما لم ينكر عليه، فقد سأل عبد الله بن أحمد أباه عنه فقال:"سألت أبي عن عبد الرحمن بن إبراهيم الذي روى عنه عفان؟ فقال: ما أعلم إلا خيرًا، أحاديثه أحاديث مقاربة"، وقد رواه أحمد في مسنده عن عفان [العلل ومعرفة الرجال (2/ 473/ 3103)، [وانظر: اللسان (5/ 80)، التعجيل (246)، المجروحين (2/ 60)، وغيرها].

ط- ورواه أنس بن عياض، عن كثير بن زيد، عن الوليد بن رباح، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا سمع الشيطان الأذان بالصلاة أدبر وله ضراط حتى لا يسمعه".

أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (1/ 204/ 392)، قال: نا الحسين بن عيسى البسطامي: نا أنس به.

قلت: هذا حديث صحيح، وإسناده حسن، وقد سمع بعضهم من بعض.

وقد سأل الترمذيُّ البخاريَّ عن حديث أمان المرأة؟ فقال: "هو حديث صحيح، وكثير بن زيد: سمع من الوليد بن رباح، والوليد بن رباح: سمع من أبي هريرة، والوليد بن رباح: مقارب الحديث"[لعلل الكبير (475)].

وانظر أيضًا: أمالي ابن بشران (802).

ص: 102

• ولحديث أبي هريرة شواهد، منها:

1 -

حديث جابر:

يرويه الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الشيطان إذا سمع النداء بالصلاة، ذهب حتى يكون مكان الروحاء".

قال سليمان: فسألته عن الروحاء؟ فقال: هي من المدينة ستة وثلاثون ميلًا.

أخرجه مسلم (388)، وأبو عوانة (1/ 278/ 974)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 9/ 847)، وابن خزيمة (1/ 205/ 393)، وابن حبان (4/ 549/ 1664)، وابن أبي شيبة (1/ 207/ 2373)، وأبو يعلى (3/ 410/ 1895) و (4/ 194/ 2293)، وأبو العباس السراج في مسنده (49 - 51)، وفي حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (223 و 2481 و 2563 و 2564 و 2567)، والبيهقي في السنن (1/ 432)، وفي الشعب (3/ 116/ 3049)، والبغوي في شرح السنة (2/ 67/ 415).

• ورواه ابن لهيعة: ثنا أبو الزبير، عن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن الشيطان إذا سمع نداء الصلاة فَرَّ بُعْدَ ما بين الروحاءِ والمدينة، له ضراط".

أخرجه أحمد (3/ 336).

وهذا جيد في المتابعات.

2 -

حديث أنس:

يرويه أبو حمة محمد بن يوسف الزَّبيدي [صاحب أبي قرة، صدوق]: نا أبو قرة موسى بن طارق، قال: ذكر زمعة، عن زياد بن سعد، عن أبان: حدثني أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:"إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان فيما بينه وبين الروحاء، حتى لا يسمع صوت التأذين، وفتحت أبواب السماء، وأبواب الجنان، واستجيب الدعاء".

أخرجه الطبراني في الأوسط (9/ 83/ 9195)، قال: حدثنا مفضل [هو: ابن محمد الجندي: ثقة مأمون. السير (14/ 257)، اللسان (8/ 140)]: نا أبو حمة به.

وقال: "لم يرو هذا الحديث عن زياد إلا زمعة تفرد به أبو قرة".

قلت: أبو قرة موسى بن طارق: ثقة يغرب، لكن زمعة بن صالح: ضعيف، وأبان بن أبي عياش: متروك.

وهو حديث منكر، فقد روي من حديث أنس بدون موضع الشاهد:

• رواه سهل بن زياد [الطحان البصري: ليس به بأس، له أوهام وإفرادات. كشف الأستار (2471)، علل الدارقطني (9/ 67) و (11/ 332)، اللسان (4/ 198)، وغيرها]، عن سليمان التيمي، عن أنس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا نودي بالصلاة فتحت أبواب السماء واستجيب الدعاء".

أخرجه الضياء المقدسي في المختارة (6/ 165 و 166/ 2168 - 2170)، وأبو يعلى (7/ 119/ 4072)، والدارقطني في الأفراد (2/ 106 - 107 و 110/ 879 و 892)، وابن

ص: 103

سمعون الواعظ في الأمالي (37)، وابن عبد البر في التمهيد (21/ 139)، والخطيب في التاريخ (8/ 204)، والرافعي في التدوين (3/ 361)، وعبد الغني المقدسي في الترغيب في الدعاء (36).

قال الدارقطني: "غريب من حديث التيمي عنه، وتفرد به سهل بن زياد عنه".

وقال في موضع آخر: "هكذا رواه أبو زياد سهل بن زياد، وتابعه عمرو بن النعمان، وتفرد به عنه: أبو معاذ عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة الباهلي، ورواه ابن المبارك ومنصور بن أبي الأسود، عن التيمي، عن قتادة".

قلت: متابعة عمرو بن النعمان [الباهلي البصري: ليس به بأس]، أخرجها الطبراني في الدعاء (488)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي [المعروف بمطين: ثقة حافظ]: ثنا عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة [الباهلي: متروك، يضع الحديث. اللسان (5/ 116)]: ثنا عمرو به.

وعليه: فلا تثبت هذه المتابعة، ويصح تفرد سهل بن زياد به، كما قال الدارقطني في أحد الموضعين من أفراده.

ورواه أيضًا: يزيد بن أبان الرقاشي [ضعيف]، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا نودي بالصلاة فتحت أبواب السماء واستجيب الدعاء" قال يزيد: وكان يقال: الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد.

أخرجه الطيالسي (3/ 576/ 2220)، وابن أبي شيبة (6/ 29248/31)، وأبو يعلى (7/ 142/ 4109)، والطبراني في الدعاء (485 و 486)، وأبو نعيم في الحلية (3/ 54) و (6/ 308)، والبغوي في شرح السنة (2/ 77/ 429)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (54/ 168)، وعبد الغني المقدسي في الترغيب في الدعاء (37).

• والصحيح في هذا عن أنس: موقوف، بدون موضع الشاهد [انظر: تخريج الذكر والدعاء (1/ 143/ 74)]:

فقد روى يحيى بن سعيد [القطان: ثقة ثبت حافظ إمام]، عن التيمي، عن قتادة، عن أنس، قال: إذا أقيمت الصلاة فتحت أبواب السماء واستجيب الدعاء.

أخرجه النسائي في الكبرى (9/ 33/ 9817)، وابن عبد البر في التمهيد (21/ 140).

ورواه أيضًا: عبد الله بن المبارك [ثقة ثبت حافظ إمام]، عن سليمان التيمي، عن قتادة، عن أنس، قال: الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد.

أخرجه النسائي في الكبرى (9/ 33/ 9816).

وانظر أيضًا: حديث علي بن حجر عن إسماعيل بن جعفر (313).

• قال ابن حجر في الفتح (2/ 85): "واستدل به على استحباب رفع الصوت بالأذان؛ لأن قوله: "حتى لا يسمع" ظاهرٌ في أنه يبعد إلى غايةٍ ينتفي فيها سماعه للصوت، وقد وقع بيان الغاية في رواية لمسلم من حديث جابر، فقال: "حتى يكون مكان الروحاء"،

ص: 104