المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌81 - باب في الرجل يصلي في قميص واحد - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ٧

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌69 - باب الإمام يصلي من قعود

- ‌78).***70 -باب الرجلين يؤمُّ أحدُهما صاحبَه، كيف يقومان

- ‌71 - باب إذا كانوا ثلاثةً كيف يقومون

- ‌7).***72 -باب الإمام ينحرف بعد التسليم

- ‌73 - باب الإمام يتطوع في مكانه

- ‌74 - باب الإمام يحدث بعد ما يرفع رأسه من آخر الركعة

- ‌75 - باب ما يؤمر به المأموم من اتباع الإمام

- ‌76 - باب التشديد فيمن يرفع قبل الإمام، أو يضَع قبله

- ‌77 - باب فيمن ينصرف قبل الإمام

- ‌78 - باب جماع أبواب ما يُصلَّى فيه

- ‌79 - باب الرجل يعقِد الثوبَ في قفاه ثم يصلي

- ‌80 - باب الرجل يصلي في ثوبٍ واحد بعضُه على غيره

- ‌81 - باب في الرجل يصلي في قميص واحد

- ‌82 - باب إذا كان الثوب ضيقًا يتَّزر به

- ‌83 - باب الإسبال في الصلاة

- ‌84 - باب في كم تصلي المرأة

- ‌85 - باب المرأة تصلي بغير خمار

- ‌86 - باب ما جاء في السدل في الصلاة

- ‌87 - باب الصلاة في شُعُر النساء

- ‌88 - باب الرجل يصلي عاقصًا شعره

- ‌89 - باب الصلاة في النعل

- ‌91).***90 -باب المصلي إذا خلع نعليه، أين يضعهما

- ‌91 - باب الصلاة على الخُمرة

- ‌92 - باب الصلاة على الحصير

- ‌93 - باب الرجل يسجد على ثوبه

- ‌تفريع أبواب الصفوف

- ‌94 - باب تسوية الصفوف

- ‌95 - باب الصفوف بين السواري

- ‌96 - باب مَن يُستحبُّ أن يلي الإمامَ في الصف وكراهية التأخر

- ‌97 - باب مقام الصبيان من الصف

- ‌98 - باب صف النساء وكراهية التأخر عن الصف الأول

- ‌99 - باب مقام الإمام من الصف

- ‌100 - باب الرجل يصلي وحده خلف الصف

- ‌16).***101 -باب الرجل يركع دون الصف

- ‌تفريع أبواب السترة

- ‌102 - باب ما يستر المصلي

- ‌ 150)].***103 -باب الخط إذا لم يجد عصًا

- ‌104 - باب الصلاة إلى الراحلة

- ‌105 - باب إذا صلى إلى سارية أو نحوها، أين يجعلها منه

- ‌106 - باب الصلاة إلى المتحدِّثين والنِّيام

- ‌107 - باب الدُّنُوِّ من السترة

- ‌108 - باب ما يُؤمر المصلي أن يدرأ عن الممرِّ بين يديه

الفصل: ‌81 - باب في الرجل يصلي في قميص واحد

فضيل، لكون ابن فضيل كان كوفيًّا أيضًا، وكان قليل الوهم، وإنما نقموا عليه التشيع، قال الدارقطني:"كان ثبتًا في الحديث، إلا أنه كان منحرفًا عن عثمان رضي الله عنه"[التهذيب (3/ 676)، الميزان (4/ 9)، سؤالات السلمي (305)، علل الدارقطني (14/ 235)].

***

‌81 - باب في الرجل يصلي في قميص واحد

632 -

. . . عبد العزيز -يعني: ابن محمد-، عن موسى بن إبراهيم، عن سلمة بن الأكوع، قال: قلت: يا رسول الله! إني رجلٌ أَصِيدُ، أَفأُصلي في القميص الواحد؟ قال:"نعم، وازْرُرْه ولو بشَوكة".

• حديث شاذ مضطرب.

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 296)، وابن خزيمة (1/ 381/ 777 و 778)، وابن حبان (6/ 71/ 2294)، والحاكم (1/ 250)(1/ 122/ أ- مخطوط رواق المغاربة)[وفي المطبوع سقط صححته من المخطوط]. والشافعي في الأم (2/ 202/ 180)، وفي المسند (22)، وابن أبي شيبة (1/ 304/ 3479)، والبيهقي في السنن (2/ 240)، وفي المعرفة (2/ 99/ 1005)، والبغوي في شرح السنة (2/ 425/ 517)، وابن حجر في التغليق (2/ 197 - 198).

قال الحاكم: "هذا حديث مديني صحيح، فإن موسى هذا هو: ابن إبراهيم التيمي، أخو محمد، ولم يخرجاه"[وانظر: إتحاف المهرة (5/ 581/ 5974)].

قال ابن حجر في الإتحاف (5/ 581/ 5974): "وما قاله فيه خطأ من وجوه".

قلت: ويأتي بيانه.

• وهذا الحديث رواه عبد العزيز بن محمد الدراوردي، واختلف عليه:

أ- فرواه الإمام الشافعي، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، وأبو بكر بن أبي شيبة، وابن أبي عمر العدني، ونصر بن علي الجهضمي، وأحمد بن عبدة الضبي، وعمرو بن محمد الناقد، ومحمد بن أبي بكر بن علي المقدمي، وإبراهيم بن حمزة بن محمد الزبيري [وهم تسعة من الثقات، فيهم أئمة حفاظ رووه]:

عن الدراوردي، عن موسى بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة [قال الشافعي في روايته: عن موسى بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة]، عن سلمة به، كما تقدم.

وجاء سماع موسى بن إبراهيم من سلمة في رواية الدراوردي عند ابن خزيمة والحاكم.

وبعضهم اختصر نسبه فقال: موسى بن إبراهيم فقط.

ص: 191

ب- ورواه أبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك [ثقة ثبت]، قال: نا عبد العزيز بن محمد، عن موسى بن محمد بن إبراهيم، عن سلمة بن الأكوع، قال: قلت: يا رسول الله! إني أكون في الصيد فتحضر الصلاة، وليس معي إلا قميص؟ قال:"صلِّ فيه، وزره عليك ولو بشوكة".

أخرجه ابن الأعرابي في المعجم (3/ 991/ 2110).

وهذا إن كان تفرد به شيخ ابن الأعرابي أبو قلابة عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي البصري عن أبي الوليد الطيالسي؛ فهو حديث غريب [وقد سبق الكلام عن هذا الإسناد تحت الحديث رقم (630)، عند حديث محجن الأسلمي].

ج- وخالفهم: ابن أبي قتيلة، قال: أنا الدراوردي، عن موسى بن محمد بن إبراهيم، عن أبيه، عن سلمة بن الأكوع بنحوه مرفوعًا.

أخرجه الطحاوي (1/ 380).

قلت: المحفوظ: رواية جماعة الثقات، لا سيما وفيهم جماعة من الحفاظ المتقنين.

وهذه الرواية الشاذة الأخيرة اعتمد عليها ابن القطان الفاسي في تعقبه على أبي محمد عبد الحق الإشبيلي، وأطال الكلام بما لا طائل تحته، وقال:"فحديث أبي داود على هذا منقطع"، وقد تعقبه ابن حجر في الفتح (1/ 466) [انظر: الأحكام الوسطى (1/ 314)، بيان الوهم (5/ 538/ 2770)، تغليق التعليق (2/ 199)، التهذيب (4/ 169)].

قال ابن رجب في الفتح (2/ 133): "وأما رواية ابن أبي قتيلة عن الدراوردي فلا يلتفت إليها؛ فإن الشافعي وعلي بن المديني وقتيبة بن سعيد وغيرهم رووه عن الدراوردي على الصواب، ولم يكن ابن أبي قتيلة من أهل الحديث، بل كان يعيبهم ويطعن عليهم، وقد ذُكر عند الإمام أحمد أنه قال: أهل الحديث قوم سوء، فقال أحمد: زنديق زنديق زنديق".

وقال ابن حجر في التغليق (2/ 199) عمن قال: موسى بن إبراهيم، ولم يذكر محمدًا بين موسى وإبراهيم:"وهو الصواب"، ثم تردد بعد ذلك بقليل (2/ 201)، وجعله محتملًا، وقد جزم به في التهذيب (4/ 169) بلا تردد.

قلت: ابن أبي قتيلة هو: يحيى بن إبراهيم بن عثمان بن داود بن أبي قتيلة، قال أبو حاتم:"ثقة"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"ربما وهم وخالف"، وقال الخليلي:"ليس بذاك"[التهذيب (4/ 336)، الإرشاد (1/ 165)، وأما قول أحمد فيه، والذي حكاه ابن رجب، فقد نقله عن أحمد: الحاكم في المعرفة (4)، والخطيب في شرف أصحاب الحديث (74)، والهروي في ذم الكلام (2/ 74/ 233)، طبقات الحنابلة (1/ 38 و 280)، وانظر في أوهامه: علل الدارقطني (9/ 167 - 168/ 1694) و (9/ 338/ 1801)، التمهيد (7/ 36)].

فالمحفوظ كما تقدم: رواية جماعة الثقات، عن الدراوردي، عن موسى بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة.

ص: 192

• وتابع الدراوردي عليه:

عطاف بن خالد المخزومي: حدثني موسى بن إبراهيم أبن أبي ربيعة، المخزومي، أنه سمع سلمة بن الأكوع، يقول: قلت: يا رسول الله! إني أكون في الصيد فأصلي، وليس عليَّ إلا قميص واحد؟ قال:"فأزِرَّه، ولو لم تجد إلا بشوكة".

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 297)، والنسائي في المجتبى (2/ 70/ 765)، وفي الكبرى (1/ 413/ 843)، وأحمد (4/ 49 و 54)، والشافعي في الأم (2/ 202/ 180)، وفي المسند (22)، ولوين في جزئه (16)، والروياني (1171)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 61/ 2389)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (4/ 166)، وأبو طاهر المخلص في الأول من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (5/ أ)، والبيهقي في المعرفة (2/ 99/ 1005)، والخطيب في تالي تلخيص المتشابه (1/ 105/ 37)، وفي المتفق والمفترق (3/ 1864/ 1453)، والبغوي في شرح السنة (2/ 425/ 517)، والمزي في التهذيب (29/ 19)، وابن حجر في التغليق (2/ 200).

[تنبيه: وقع في مطبوعة المسند لأحمد تصحيف أوقع بعض الناس في إشكال، ففيه: ثنا إسحاق بن عيسى، ويونس -وهذا حديث إسحاق-، قال: ثنا عطاف بن خالد المخزومي، قال: حدثني موسى بن إبراهيم، قال: ثنا يونس بن ربيعة، قال: سمعت سلمة بن الأكوع، وصوابه: ثنا إسحاق بن عيسى، ويونس -وهذا حديث إسحاق-، قال: ثنا عطاف بن خالد المخزومي، قال: حدثني موسى بن إبراهيم -قال يونس: ابن أبي ربيعة-، قال: سمعت سلمة بن الأكوع، وذلك لأمور، منها: أن يونس هذا هو شيخ أحمد، واسمه: يونس بن محمد المؤدب، وقد ذكر أحمد الحديث بلفظ إسحاق، ثم أراد أن ينبه على أن يونس قد زاد في نسب موسى بن إبراهيم ما لم يقله إسحاق، وهذه طريقة أحمد في مسنده إذا أراد أن يبين اختلاف ألفاظ الرواة، ومنها: أن رواة الحديث عن عطاف لم يذكر أحد منهم واسطة بين موسى وبين ابن الأكوع، ومنها: أن الحافظ ابن حجر لما ذكر الحديث في الإتحاف (5/ 581/ 5974) لم يشر إلى وجود هذه الواسطة، مما يدل على أنها تصحيف، والله أعلم].

هكذا رواه عن عطاف بن خالد:

• الإمام الشافعي، وقتيبة بن سعيد، وأبو النضر هاشم بن القاسم، وأبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد، ومالك بن إسماعيل النهدي، وحماد بن خالد الخياط، وإسحاق بن عيسى ابن الطباع، ويونس بن محمد المؤدب، ومسدد بن مسرهد، ولوين محمد بن سليمان المصيصي، وخلف بن هشام البزار، وأبو عامر العقدي عبد الملك بن عمرو [وهم اثنا عشر رجلًا من ثقات الحفاظ]، ومحمد بن النعمان بن شبل الباهلي [متكلم فيه. اللسان (7/ 470)].

قال الشافعي وأبو عاصم في روايتهما: موسى بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن

ص: 193

عبد الله بن أبي ربيعة، وكذلك نسبه أبو عامر العقدي، كما قال ابن حجر في التغليق.

• ورواه الأويسي [إسماعيل بن عبد الله بن عبد الله الأصبحي: صدوق، يخطئ كثيرًا، ضعفه النسائي وغيره لغفلته وكثرة غرائبه. التهذيب (1/ 157)، الميزان (1/ 222)]، قال: حدثنا عطاف، عن موسى بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة، عن سلمة به.

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 297).

هكذا نسبه الأويسي إلى جده، وأسقط ذكر إبراهيم.

• وخالفهم: عمرو بن خالد الحراني [ثقة]، قال: ثنا عطاف بن خالد المخزومي: حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم، أنه سمع ابن الأكوع، يقول:. . . فذكره.

أخرجه الطبراني في الكبير (7/ 29/ 6279).

وقد قرن الطبراني بعمرِو بنِ خالدٍ مسددَ بنَ مسرهد، والأظهر أن رواية مسدد كالجماعة، فقد رواه ابن المنذر في الأوسط عن يحيى بن محمد بن يحيى الذهلي [الثقة الحافظ]، عن مسدد به كالجماعة، فلا أستبعد أن يكون الطبراني قد حمل حديث مسدد على حديث عمرو، والله أعلم.

فالمحفوظ عن عطاف بن خالد: ما رواه عنه جماعة الحفاظ الثقات، فقالوا: موسى بن إبراهيم، وقال ثلاثة منهم: موسى بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة.

فتكون بذلك رواية عطاف متابعة لرواية الدراوردي، والله أعلم.

قال ابن خزيمة: "موسى بن إبراهيم هذا هو: ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة، هكذا نسبه عطاف بن خالد، وأنا أظنه: ابن إبراهيم بن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن أبي ربيعة، أبوه إبراهيم.

هو الذي ذكره شرحبيل بن سعد أنه دخل وإبراهيم بن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن أبي ربيعة على جابر بن عبد الله، في حديث طويل ذكره" [انظر: الإتحاف (5/ 580/ 5974)].

قلت: لم ينفرد بنسبته عطاف بن خالد، بل تابعه الدراوردي، فسقط بذلك قول ابن خزيمة، وقد فرق جماعة من الأئمة بين موسى بن إبراهيم المخزومي راوي هذا الحديث، وبين موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي، منهم: علي بن المديني، وابن معين، والبخاري، وأبو حاتم، وابن حبان، والطبراني، وغيرهم، وصرحوا بأن راوي هذا الحديث هو: موسى بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة، قال أبو حاتم في ترجمة المخزومي هذا:"موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي خلاف هذا، ذلك شيخ ضعيف الحديث"[سؤالات ابن أبي شيبة (96 و 102)، التاريخ الكبير (7/ 279 و 295)، الضعفاء الصغير (347)، الجرح والتعديل (8/ 133 و 159)، علل الحديث (2214)، الثقات (5/ 402)، المجروحين (2/ 241)، المعجم الكبير (7/ 28 و 29/ 6277 - 6279)، التهذيب (4/ 169 و 187)، [وانظر: الفتح لابن رجب (2/ 132)].

ص: 194

ولعل الذي سبب الإشكال هو أن موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي يروي عن أبيه عن سلمة بن الأكوع أحاديث، منها حديث في الصيد، فلما رأوا هاتيك الرواية الشاذة عن الدراوردي عن موسى بن محمد بن إبراهيم، عن أبيه، عن سلمة بن الأكوع، حملهم هذا على القول بأن راوي هذا الحديث هو التيمي لا المخزومي، والله أعلم [انظر: مصنف ابن أبي شيبة (2/ 43/ 6261)، أخبار المدينة (1/ 95/ 431)، شرح معاني الآثار (4/ 195)، المجروحين (2/ 241)، معجم الطبراني الكبير (7/ 6 و 7/ 6222 - 6224) و (7/ 28/ 6277)، الكامل (6/ 343)، سنن الدارقطني (1/ 398)، المستدرك (1/ 335 و 336)، سنن البيهقي (3/ 255)، معرفة السنن والآثار (4/ 206/ 3198)، المطالب العالية (3/ 587/ 379)، وغيرها].

وأما قول أبي داود: "موسى ضعيف، وهو موسى بن محمد بن إبراهيم، قال: وبلغني عن أحمد أنه كره الرواية عن موسى، قال: وله أحاديث مناكير، سئل عن الشرط للتياس فكرهه، وقال: لا بأس بأن يهدى له"[ذكره المزي في التهذيب (29/ 19)، واختصره الذهبي في الميزان (4/ 199)، وابن حجر في التهذيب (4/ 169)، ولم يتعقبه مغلطاي في الإكمال (12/ 6)]، فلا أراه في موسى بن إبراهيم المخزومي راوي هذا الحديث، وأكبر ظني أنه في التيمي؛ فإنه متروك، منكر الحديث، وقد ضعفه أحمد وأبو داود [انظر: التهذيب (4/ 187)، الميزان (4/ 218)]، ولم ينقل المزي هذا القول عن أبي داود في هذا الحديث في موضعه من تحفة الأشراف (4/ 43/ 4533)، مما يدل على أنه لم ينقله عن شيء من نسخ السنن، ونظرت في سؤالات أبي داود ومسائله لأحمد فلم أجد فيه هذا النقل [انظر: مسائله (276 - 278)]، ولم أعثر عليه في سؤالات الآجري، لكن نقله ابن الملقن في البدر المنير (4/ 169) عن البرقاني، وأنه هو الذي نقل قول أبي داود في إبراهيم هذا، والله أعلم.

• قلت: فإذا ظهر هذا؛ فإن هذا الحديث قد اختلف فيه على موسى بن إبراهيم المخزومي:

أ- فرواه عبد العزيز بن محمد الدراوردي [صدوق، كان سيئ الحفظ، يخطئ إذا حدث من حفظه، وكان كتابه صحيحًا؛ إلا أنه كان يحدث من كتب الناس فيخطئ أيضًا. انظر: التهذيب (2/ 592) وغيره]، وعطاف بن خالد [ليس به بأس، حدث بأحاديث لم يتابع عليها. التهذيب (3/ 112)، الميزان (3/ 69)]:

عن موسى بن إبراهيم، عن سلمة بن الأكوع، قال:. . . فذكره.

ب- ورواه أبو أويس عبد الله بن عبد الله بن أويس [صدوق، يهم ويخالف في بعض حديثه. التهذيب (4/ 360)، الميزان (2/ 450)]، عن موسى بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة المخزومي، عن أبيه، عن سلمة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "زُرَّ القميص".

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 296)، قال: حدثنا إسماعيل، قال: حدثنا أبي به.

ص: 195

لكن ذهب ابن حجر في التغليق (2/ 201) إلى أن موسى الذي روى عنه أبو أويس ليس هو شيخ الدراوردي وعطاف، ولكنه: موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي، ولم يأت على مدعاه ببرهان، وظاهر السند يرده، والله أعلم.

وقال البيهقي في المعرفة (2/ 99) في الترجيح بين هذين الطريقين: "والأول أصح".

قلت: تابع أبو أويس الدراوردي والعطاف على قولهما: موسى بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة المخزومي، وخالفهما بزيادة: عن أبيه، في السند، ومن جهة أخرى فقد تابع بذلك ابن أبي الموال، وخالفه في صحابي الحديث، مما يُرَدُّ بذلك التصريح الوارد بسماع موسى من سلمة، لوجود الواسطة بينهما، ولكون الطريق الذي ورد به السماع ليس مما يعتمد عليه في مثل هذا:

ج- فقد رواه عبد الرحمن بن أبي الموال [لا بأس به]، عن موسى بن إبراهيم بن أبي ربيعة [وسط. التهذيب (4/ 169)]، عن أبيه [روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في الثقات، واستشهد به البخاري. التهذيب (1/ 74)]، أنه قال: دخلنا على أنس بن مالك فقام يصلي في ثوب واحد، فقلنا: أتصلي في ثوب واحد، ورداؤك موضوع؟ فقال: نعم؛ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي هكذا.

أخرجه ابن سعد في الطبقات (1/ 462)، وأحمد (3/ 127 و 128)، والضياء في المختارة (4/ 349/ 1513)، وعلقه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 297).

• هكذا اختلف أربعة من الرواة -المتكلم فيهم- على موسى بن إبراهيم، على ثلاثة أوجه، وموسى بن إبراهيم بن أبي ربيعة المخزومي: وسط، لا يحتمل من مثله التعدد في الأسانيد، فهو حديث مضطرب، في ثبوته نظر.

وإن كان لا مفر من الترجيح بين هذه الأوجه لرجحنا رواية ابن أبي الموال، فهو أوثق هؤلاء المذكورين، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن حديثه هذا محفوظ من حديث جابر وغيره، بخلاف حديث سلمة في القميص، فإنه شاذ، والله أعلم.

وقد علق البخاري في الصحيح، في (8) كتاب الصلاة، (2) باب وجوب الصلاة في الثياب، قبل الحديث رقم (351): حديث سلمة بن الأكوع هذا بصيغة التمريض، ثم قال:"في إسناده نظر".

وقال في التاريخ الكبير (1/ 297) بعد أن أورد طرق حديث سلمة، وختمها بطريق عطاف التي ذكر فيها سماع موسى من سلمة بن الأكوع، قال البخاري:"هذا لا يصح، وفي حديث القميص نظر، حديث سلمة".

قال ابن حجر في التغليق (2/ 200 - 201) معلقًا على قول البخاري: "لا يصح"، قال ابن حجر:"يعني: التصريح بسماع موسى من سلمة".

ثم قال البخاري: "وروى ابن أبي الموال، عن موسى بن إبراهيم بن أبي ربيعة، عن أبيه، سمع أنسًا: رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب".

ص: 196

فكأنه بذلك مال إلى ترجيح رواية ابن أبي الموال، وضعف حديث سلمة، ورآه شاذًا، والله أعلم.

قال ابن حجر في التغليق (2/ 202): "وأما حجة من أخرجه في الصحيح: فكأنهم اعتمدوا إسناد الدراوردي؛ لاتفاقهم على ثقته، وكأن حديث عطاف عندهم كالشاهد لحديثه، والله أعلم".

قال النووي في المجموع (3/ 176): "حديث سلمة حديث حسن، رواه أبو داود والنسائي وغيرهما بإسناد حسن، ورواه الحاكم في المستدرك، وقال: حديث صحيح".

قلت: قد علمت ما فيه من الاضطراب والشذوذ، والله أعلم.

وانظر: التاريخ الكبير (7/ 279)، وبيان خطأ البخاري (520)، وتعليق المعلمي اليماني عليه. مسند أحمد (3/ 375)، إتحاف المهرة (3/ 108/ 2604).

• وقد جاء حديث سلمة من وجه آخر عن سلمة في الثوب الواحد، موقوفًا عليه، بدون ذكر القميص:

رواه حماد بن مَسْعَدة [ثقة]، عن يزيد [بن أبي عبيد] مولى سلمة بن الأكوع [ثقة]، قال: كان سلمة يصلي في ثوب [واحد].

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 277/ 3185)، والطبراني في الكبير (7/ 5/ 6218).

وإسناده صحيح، موقوفًا على سلمة.

***

633 -

قال أبو داود: حدثنا محمد بن حاتم بن بَزيع: حدثنا يحيى بن أبي بكير، عن إسرائيل، عن أبي حَوْمَل العامري -قال أبو داود: كذا قال، والصواب: أبو حرمل-، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، عن أبيه، قال: أمَّنا جابر بن عبد اللَّه في قميص ليس عليه رداء، فلما انصرف، قال: اني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في قميص.

• حديث ضعيف جدًّا.

أخرجه من طريق أبي داود: البيهقي (2/ 239)[ووقع عنده: عن أبي حومل العامري، ولم يذكر قول أبي داود].

وأخرجه ابن الأعرابي في المعجم (3/ 1013/ 2164)، والدارقطني في المؤتلف والمختلف (2/ 810).

من طريق يحيى بن أبي بكير به، وفيه: عن أبي حومل العامري، ولفظه: أَمَّنا جابر بن عبد الله في قميص ليس عليه رداء ولا إزار، فألقيت إليه ثوبًا فرده، ثم ألقى إليه رجل ثوبه فرده، فلما انصرف قال: قد رأيت مكان الثياب، ولكن رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في قميص.

ص: 197

قال ابن معين: "قد روى إسرائيل عن أبي حومل"[تاريخ ابن معين للدوري (3/ 441/ 2162)]، هكذا بالواو، وقيده الدارقطني في المؤتلف، وابن ماكولا في الإكمال (2/ 444) بالواو أيضًا [وانظر: تبصير المنتبه (1/ 429)].

وقيده أبو أحمد الحاكم، وابن منده، وابن عبد البر -في الكنى- بالراء [الأسامي والكنى (4/ 233/ 1911)، فتح الباب (2404)، الاستغناء (2/ 1157/ 1565)].

قال البزار: "أبو حومل لا نعلم روى عنه إلا إسرائيل"[كشف الأستار (2/ 221/ 1561)].

وكذا كل من ترجم له لم يذكر له راويًا سوى إسرائيل، ولم يترجم له البخاري، ولا ابن أبي حاتم، ولا ابن حبان.

وقال ابن حزم: "ولا يُدرى من هو"، وقال ابن القطان بأنه مجهول الحال، وقال الذهبي:"شيخ لإسرائيل بن يونس، لا يُعرف"، وقال ابن حجر:"مجهول"[المحلى (11/ 353)، بيان الوهم (5/ 30/ 2272)، الميزان (4/ 518)، التهذيب (4/ 515)، التقريب (701)].

• والحاصل: أن أبا حومل، أو: أبا حرمل العامري: مجهول.

وقد اختلف في إسناد حديثه:

أ- فرواه يحيى بن أبي بكير [كوفي، سكن بغداد، ثقة]، عن إسرائيل، عن أبي حومل العامري، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، عن أبيه، قال: أمَّنا جابر. . . فذكره.

ب- وخالفه: عبد الرزاق بن همام الصنعاني [ثقة حافظ]، فرواه في مصنفه (1/ 360/ 1400)، عن إسرائيل، عن رجل سماه، وعن أبيه [هكذا بالواو، وأراها زائدة، وإنما هو: عن أبيه]: أن جابر بن عبد الله أَمَّهم في قميص، ليس عليه إزار ولا رداء، وقال جابر: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في قميص.

ورواية ابن أبي بكير أولى بالصواب، فإن بلديَّ الرجل أعلم بحديثه من الغرباء، كما أنه حفظ ما لم يحفظه عبد الرزاق، هذا إذا كان الوهم والابهام من عبد الرزاق نفسه، ولم يكن من الراوي عنه: إسحاق بن إبراهيم الدبري، راوي المصنف عن عبد الرزاق، فقد تُكُلِّم في روايته عنه، كما أنه كان يصحف، ويحرف، وهو ممن سمع من عبد الرزاق بأخرة بعدما عمي وأضر [شرح العلل لابن رجب (2/ 754)، اللسان (2/ 36)].

وعليه: فإن هذا حديث ضعيف جدًّا؛ إسناده مسلسل بالمجاهيل:

عبد الرحمن بن أبي بكر: مجهول، وليس هو بالمليكي [التهذيب (2/ 492)، الميزان (2/ 550)، وقال: "لا يُدرى من هو". التقريب (358)، وقال: "مجهول"].

ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر: ليس هو الجمحي أبا الثورين [راجع بحث التضلع من ماء زمزم، ضمن بحوث حديثية في الحج]، ولا هو بالجدعاني التيمي أبي غرارة،

ص: 198