المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌94 - باب تسوية الصفوف - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ٧

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌69 - باب الإمام يصلي من قعود

- ‌78).***70 -باب الرجلين يؤمُّ أحدُهما صاحبَه، كيف يقومان

- ‌71 - باب إذا كانوا ثلاثةً كيف يقومون

- ‌7).***72 -باب الإمام ينحرف بعد التسليم

- ‌73 - باب الإمام يتطوع في مكانه

- ‌74 - باب الإمام يحدث بعد ما يرفع رأسه من آخر الركعة

- ‌75 - باب ما يؤمر به المأموم من اتباع الإمام

- ‌76 - باب التشديد فيمن يرفع قبل الإمام، أو يضَع قبله

- ‌77 - باب فيمن ينصرف قبل الإمام

- ‌78 - باب جماع أبواب ما يُصلَّى فيه

- ‌79 - باب الرجل يعقِد الثوبَ في قفاه ثم يصلي

- ‌80 - باب الرجل يصلي في ثوبٍ واحد بعضُه على غيره

- ‌81 - باب في الرجل يصلي في قميص واحد

- ‌82 - باب إذا كان الثوب ضيقًا يتَّزر به

- ‌83 - باب الإسبال في الصلاة

- ‌84 - باب في كم تصلي المرأة

- ‌85 - باب المرأة تصلي بغير خمار

- ‌86 - باب ما جاء في السدل في الصلاة

- ‌87 - باب الصلاة في شُعُر النساء

- ‌88 - باب الرجل يصلي عاقصًا شعره

- ‌89 - باب الصلاة في النعل

- ‌91).***90 -باب المصلي إذا خلع نعليه، أين يضعهما

- ‌91 - باب الصلاة على الخُمرة

- ‌92 - باب الصلاة على الحصير

- ‌93 - باب الرجل يسجد على ثوبه

- ‌تفريع أبواب الصفوف

- ‌94 - باب تسوية الصفوف

- ‌95 - باب الصفوف بين السواري

- ‌96 - باب مَن يُستحبُّ أن يلي الإمامَ في الصف وكراهية التأخر

- ‌97 - باب مقام الصبيان من الصف

- ‌98 - باب صف النساء وكراهية التأخر عن الصف الأول

- ‌99 - باب مقام الإمام من الصف

- ‌100 - باب الرجل يصلي وحده خلف الصف

- ‌16).***101 -باب الرجل يركع دون الصف

- ‌تفريع أبواب السترة

- ‌102 - باب ما يستر المصلي

- ‌ 150)].***103 -باب الخط إذا لم يجد عصًا

- ‌104 - باب الصلاة إلى الراحلة

- ‌105 - باب إذا صلى إلى سارية أو نحوها، أين يجعلها منه

- ‌106 - باب الصلاة إلى المتحدِّثين والنِّيام

- ‌107 - باب الدُّنُوِّ من السترة

- ‌108 - باب ما يُؤمر المصلي أن يدرأ عن الممرِّ بين يديه

الفصل: ‌94 - باب تسوية الصفوف

‌93 - باب الرجل يسجد على ثوبه

660 -

. . . بشر -يعني: ابن المفضل-: حدثنا غالب القطان، عن بكر بن عبد الله، عن أنس بن مالك، قال: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شدة الحر، فإذا لم يستطع أحدُنا أن يمكن وجهه من الأرض، بسط ثوبه، فسجد عليه.

• حديث متفق على صحته.

تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (403)، وخرجت هناك طرقه وشواهده.

قال ابن رجب في الفتح (2/ 270): "ومن تأول هذا الحديث على أنهم كانوا يسجدون على ثياب منفصلة عنهم؛ فقد أبعد، ولم يكن أكثر الصحابة -أو كثير منهم- يجد ثوبين يصلي فيهما، فكانوا يصلون في ثوب واحد كما سبق، فكيف كانوا يجدون ثيابًا كثيرةً يصلون في بعضها، ويتقون الأرض ببعضها؟ ".

وأما أحاديث السجود على كور العمامة فسيأتي ذكرها -إن شاء الله تعالى- في باب السجود على الأنف والجبهة (894 و 895).

***

‌تفريع أبواب الصفوف

‌94 - باب تسوية الصفوف

661 -

. . . زهير، قال: سألت سليمان الأعمش عن حديث جابر بن سمرة في الصفوف المقدَّمة؟ فحدثنا عن المسيَّب بن رافع، عن تميم بن طَرَفة، عن جابر بن سَمُرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا تصُفُّون كما تصفُّ الملائكة عند ربهم"، قلنا: وكيف تصف الملائكة عند ربهم؟، قال:"يتمُّون الصفوف المقدَّمة، ويتراصُّون في الصف".

• حديث صحيح.

أخرجه بهذا الطرف، أو بأحد أطرافه الآتي ذكرها: أبو داود (661 و 1000) مفرقًا على الأبواب. وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 54/ 961)، وابن حبان (5/ 197/ 1878) و (5/ 535/ 2162)، والطبراني في الكبير (2/ 200 و 203/ 1812 و 1826)، والبغوي في شرح السنة (3/ 366/ 809)، وفي التفسير (4/ 22)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (41/ 226).

ص: 340

قال البغوي: "هذا حديث صحيح".

• تابع زهير بن معاوية عليه:

سفيان الثوري، وشعبة، وأبو معاوية محمد بن خازم الضرير، ويحيى بن سعيد القطان، ووكيع بن الجراح، وزائدة بن قدامة، وجرير بن عبد الحميد، وعيسى بن يونس، والفضيل بن عياض، وعبثر بن القاسم، ومحمد بن فضيل، وعبد الله بن نمير، وجعفر بن عون، وإسرائيل بن أبي إسحاق، ومحاضر بن المورع، وأبو بدر شجاع بن الوليد، وعمر بن سعيد الثوري، وعبيدة بن حميد، وأبو بكر بن عياش، وقيس بن الربيع، وأبان بن تغلب [وهو غريب من حديثه]:

فرووه عن الأعمش، عن المسيب بن رافع [وفي رواية شعبة، والقطان: حدثني المسيب بن رافع]، عن تميم بن طَرَفة، عن جابر بن سمرة به، منهم من طوَّله، ومنهم من اختصره، ومنهم من فرقه أحاديث.

ولفظ أبي معاوية عند مسلم وغيره: عن جابر بن سمرة، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خَيْلٍ شُمُسٍ؟ اسكنوا في الصلاة".

قال: ثم خرج علينا فرآنا حِلَقًا [وفي رواية: ونحن حِلَقٌ متفرقون]، فقال:"ما لي أراكم عزين؟ ".

قال: ثم خرج علينا، فقال:"ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟ " فقلنا: يا رسول الله! وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: "يتمون الصفوف الأُوَلَ، ويتراصون في الصف".

أخرجه مطولًا أو مقتصرًا على أحد أطرافه الثلاثة: مسلم (430)، وأبو عوانة (1/ 380 و 419/ 1377 و 1552)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 54/ 961)، وأبو داود (4823 و 4824)، والنسائي في المجتبى (2/ 92/ 816) و (3/ 4/ 1184)، وفي الكبرى (1/ 295 و 432/ 557 و 892)(2/ 33/ 1108) و (10/ 232/ 11370)، وابن ماجه (992)، وابن خزيمة (3/ 21/ 1544)، وابن حبان (5/ 198/ 1879) و (5/ 528/ 2154)، وأحمد (5/ 93 و 101 و 106 و 107)، والطيالسي (2/ 136/ 823)، وعبد الرزاق (2/ 46/ 2432) و (2/ 252/ 3252)[وفي الموضع الثاني سقط في الإسناد]. وابن أبي شيبة (1/ 309/ 3539) و (2/ 231/ 8447) و (6/ 86/ 29674)، والبزار (10/ 201 - 204/ 4289 - 4292)، وأبو يعلى (13/ 460 و 463 و 466/ 7472 و 7474 و 7480 - 7482)، وابن جرير الطبري في التفسير (29/ 86)، وأبو العباس السراج في مسنده (728 و 729 و 739 و 748 و 749)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (132 و 133)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 178/ 1979)، وأبو القاسم الحامض في المنتقى من الجزء الأول من حديثه (35 و 37)، والطبراني في الكبير (2/ 199 - 204/ 1810 و 1811 و 1813 - 1815 و 1822 - 1825 و 1827 - 1832)، وأبو طاهر المخلص في الأول من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس

ص: 341

(9/ أ، ب)، وتمام في الفوائد (1049)، وأبو الحسن الحمامي في جزء من حديثه (66)، وفي الخامس من حديثه (1)، كلاهما بتخريج أبي الفتح ابن أبي الفوارس. وأبو نعيم في الحلية (8/ 120)، والبيهقي في السنن (2/ 234 و 280) و (3/ 101)، وفي الآداب (332 و 33)، وابن عبد البر في التمهيد (9/ 221)[وفي سنده سقط]. والخطيب في تاريخ بغداد (6/ 96)، وفي الموضح (2/ 434)، والبغوي في شرح السنة (12/ 303/ 3337).

قال ابن أبي الفوارس: "هذا حديث صحيح من حديث الأعمش عن المسيب بن رافع،

".

وقال أبو نعيم: "مشهور من حديث المسيب بن رافع، رواه عن الأعمش: الثوري، وأخوه عمر بن سعيد، وزائدة، وزهير، وأبو معاوية، ورواه أشعث بن سوار عن علي بن مدرك عن تميم الطائي، و [هو] تميم بن طرفة"، وانظر: مسند البزار.

وانظر فيمن وهم فيه على الأعمش، فأسقط تميمًا من الإسناد: شرح معاني الآثار (1/ 458)، مشكل الآثار (15/ 168/ 5926)، علل الدارقطني (13/ 404/ 3298)، وانظر فيه أوهامًا أخرى.

• تابع المسيب بن رافع على موضع الشاهد: علي بن مدرك النخعي [وهو: ثقة]، فرواه عن تميم بن طرفة، عن جابر بن سمرة، قال: صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأومأ إلينا أن: اجلسوا، فجلسنا، فقال:"ما يمنعكم أن تصفوا كما تصف الملائكة عند الرحمن؟ "، قالوا: وكيف يصفون يا رسول الله؟ قال: "يتمون الصفوف الأولى، ويرْصُفون في الصفوف رصفًا" أو: "يرصُّوها رصًا".

أخرجه الطبراني في الكبير (2/ 201/ 1816)، وأبو طاهر المخلص في الأول من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (10/أ).

وإسناده ضعيف؛ فإن الراوي عن علي بن مدرك: أشعث بن سوار، وهو: ضعيف.

• ولموضع الشاهد إسناد آخر عن جابر بن سمرة:

يرويه أبو جناب الكلبي، عن أبي تميمة الهجيمي، عن جابر بن سمرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم؟ " قالوا: يا رسول الله! وكيف تصف الملائكة عند ربهم؟ قال: "يتمون الصفوف المقدمة، ويتراصون في الصف".

أخرجه الطبراني في الكبير (2/ 257/ 2075)، والخطيب في الموضح (2/ 541).

بإسناد صحيح إلى الكلبي.

وإسناده ضعيف، يحيى بن أبي حية أبو جناب الكلبي: ضعيف، مشهور بالتدليس، وكان يدلس عن الثقات ما سمع من الضعفاء، فكثرت المناكير في حديثه [انظر: التهذيب (4/ 350)]، وأخاف أن يكون أخذه عن بعض الضعفاء، فإن الحديث لا يُعرف عن أبي تميمة طريف بن مجالد الهجيمي إلا من طريقه، ولعله ذهب يقول: عن تميم بن طرفة، فانقلب عليه وقال: عن أبي تميمة الهجيمي، والله أعلم.

ص: 342

ولبعض أطرافه طرق أخرى عند مسلم وغيره، ولبعضها شواهد، لكن اقتصرنا على موضع الشاهد.

• وله شاهد من حديث ابن عمر، لكن لا يصح:

رواه سعيد بن راشد، قال: نا عطاء [هو: ابن أبي رباح]، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صُفُّوا كما تصف الملائكة عند ربهم"، قالوا: يا رسول الله! كيف تصف الملائكة عند ربهم؟ قال: "يقيمون الصفوف، ويجمعون بين مناكبهم".

أخرجه الطبراني في الأوسط (8/ 218/ 8449)، وابن عدي في الكامل (3/ 382).

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن عطاء إلا سعيد".

قلت: هو حديث منكر، لتفرد سعيد بن راشد به عن عطاء، وسعيد بن راشد المازني السماك: منكر الحديث، متروك، يروي عن عطاء وغيره ما لا يتابع عليه [الكامل (3/ 381)، اللسان (4/ 48)]، وفي الإسناد إليه -عند الطبراني- من يُجهل حاله، قال الهيثمي في المجمع (2/ 90):"رواه الطبراني في الأوسط، وفيه من لم أعرفه، ولم أجد من ترجمه".

• ومما صح في اختصاص هذه الأمة بجعل صفوفها في الصلاة كصفوف الملائكة:

ما جاء في صحيح مسلم (522)، من حديث حذيفة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الأرض كلها مسجدًا، وجعلت تربتها لنا طهورًا إذا لم نجد الماء"، وذكر خصلة أخرى.

قال ابن رجب في الفتح (4/ 250): "واعلم أن الصفوف في الصلاة مما خص الله به هذه الأمة وشرفها به؛ فإنهم أشبهوا بذلك صفوف الملائكة في السماء، كما أخبر الله عنهم أنهم قالوا:{وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165)} [الصافات: 165]، وأقسم بالصافات صفًا، وهم الملائكة، وفي صحيح مسلم عن حذيفة

" فذكر الحديث، وذكر حديث جابر أيضًا.

• قال أبو عبيد في غريب الحديث (3/ 205): "قال الكسائي: التراصُّ: أن يلصق بعضهم ببعض حتى لا يكون بينهم خَلل، ومنه قول الله جل ثناؤه: {كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف: 4] ".

وقال القاضي عياض في المشارق (2/ 254): "قوله: "كأنها أذناب خيل شمس" بضم الميم وإسكانها معًا، هي التي لا تستقر إذا نخست، وهو في الناس العَسِر".

وقال ابن الأثير في النهاية (2/ 501): "وهو النَّفور من الدواب الذي لا يستقر لشَغَبه وحِدَّته"[وكذا في اللسان (6/ 113)].

وقال النووي في شمس: "هو بإسكان الميم وضمها، وهي التي لا تستقر، بل تضطرب، وتتحرك بأذنابها وأرجلها، والمراد بالرفع المنهي عنه هنا: رفعهم أيديهم عند السلام، مشيرين إلى السلام من الجانبين"[شرح مسلم (4/ 153)][وانظر: قرة العينين برفع اليدين للبخاري (35)، مجموع فتاوى شيخ الإسلام (22/ 561)].

***

ص: 343

662 -

. . . زكريا بن أبي زائدة، عن أبي القاسم الجَدَلي، قال: سمعت النعمان بن بشير، يقول: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس بوجهه، فقال:"أقيموا صفوفكم" ثلاثًا، "والله لتُقيمُنَّ صفوفَكم، أو ليُخالفَنَّ الله بين قلوبكم".

قال: فرأيت الرجل يُلزِق مَنكِبَه بمنكب صاحبه، ورُكبتَه بركبةِ صاحبه، وكعبَه بكعبِه.

• حديث صحيح.

أخرجه ابن خزيمة (1/ 82 - 83/ 160)، وابن حبان (5/ 549/ 2176)، وأحمد (4/ 276)، والبزار (8/ 228 - 229/ 3285)، والدولابي في الكنى (2/ 916 و 917/ 1606 و 1607)، والدارقطني (1/ 282 - 283)، والبيهقي (1/ 76) و (3/ 100 - 101)، وا بن حجر في التغليق (2/ 302).

وعلق البخاري طرفًا من قول النعمان في صحيحه بصيغة الجزم، قبل الحديث رقم (725)، فقال:"وقال النعمان بن بشير: رأيت الرجل منا يُلزِق كعبه بكعب صاحبه".

• ولم ينفرد به زكريا بن أبي زائدة، ولو انفرد لم يضره، فقد وجدت الحجاج بن أرطأة [وهو: حسن الحديث إذا بيَّن السماع، وإلا فلا، فإنه يدلس عن الضعفاء والمتروكين] قد تابع ابن أبي زائدة عليه:

فرواه الحجاج، عن الحسين بن الحارث، عن النعمان بن بشير، قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالتفت، فقال:"أقيموا صفوفكم، أو ليُخالِفَنَّ الله بين وجوهكم"، ولقد رأيت الرجلَ يلمِسُ منكبَ أخيه بمنكبه، وركبته بركبته، وقدمه بقدمه.

أخرجه أبو القاسم الحرفي في الأمالي (121)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الشافعي [هو أبو بكر الشافعي صاحب الغيلانيات: إمام حافظ، ثقة ثبت متقن. تاريخ بغداد (5/ 456)، السير (16/ 39)]: حدثنا محمد بن غالب بن حرب الضبي [تمتام: ثقة، حافظ مكثر، وهم في أحاديث. اللسان (7/ 434)]: حدثنا موسى بن إسماعيل [أبو سلمة التبوذكي: ثقة ثبت]: حدثنا أبان بن يزيد [العطار: ثقة]: حدثنا حجاج به.

فهو إسناد صحيح إلى الحجاج.

• لكن رواه الطبراني في مسند الشاميين (3/ 365/ 2476)، وتمام في الفوائد (2/ 129/ 1332).

من طريق: موسى بن عيسى بن المنذر الحمصي [قال النسائي: "ليس بثقة"، وترك الرواية عنه. تاريخ الإسلام (20/ 478) و (21/ 312)، اللسان (8/ 215)]: ثنا محمد بن عَبيدة أبو يوسف المددي [تصحفت في مسند الشاميين إلى المروزي] [الملائي الشامي، وقيل: اليماني: لم أر فيه جرحًا ولا تعديلًا، وهو مجهول الحال، مقلُّ، أكثر حديثه عن

ص: 344

الجراح بن مليح. انظر: غرائب شعبة (20)، تلخيص المتشابه في الرسم (1/ 103)، تاريخ دمشق (8/ 15)، إكمال ابن ماكولا (6/ 54)، توضيح المشتبه (6/ 135)، التهذيب (3/ 241) في ترجمة عمر بن عبد الملك بن حكيم الطائي]: ثنا الجراح بن مليح [هو البهراني الحمصي: صدوق]، عن إبراهيم بن ذي حماية [حمصي، ليس به بأس. تقدم ذكره تحت الحديث رقم (396)]، عن الحجاج بن أرطاة النخعي، عن حسين بن الحارث الجدلي، عن النعمان بن بشير، قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، ثم أقبل علينا بوجهه، فقال:"سوَّوا صفوفكم، ولا تختلفوا؛ فيخالف الله بينكم يوم القيامة"، ولقد رأيتنا والرجل ليلمس منكبه بمنكب أخيه، وركبته بركبة أخيه، وقدميه بقدم أخيه.

فهو منكر بهذه اللفظة: "فيخالف الله بينكم يوم القيامة"، والمعروف عن الحجاج الأول، ولعل التبعة فيه على موسى بن عيسى الحمصي، والله أعلم.

• قال ابن خزيمة بعد أن أخرج هذا الحديث في الوضوء ليدلل به على أن الكعب هو العظم الناتئ على جانب القدم، قال: "أبو القاسم الجدلي هذا هو: حسين بن الحارث، من جديلة قيس، روى عنه: زكريا بن أبي زائدة، وأبو مالك الأشجعي، وحجاج بن أرطاة، وعطاء بن السائب، عداده في الكوفيين.

وفي هذا الخبر ما نفى الشك والارتياب أن الكعب هو العظم الناتئ الذي في جانب القدم، الذي يمكن القائم في الصلاة أن يلزقه بكعب من هو قائم إلى جنبه في الصلاة، والعلم محيط عند من رُكِّب فيه العقل: أن المصلين إذا قاموا في الصف لم يمكن أحد منهم إلصاق ظهر قدمه بظهر قدم غيره، وهذا غير ممكن، وما كان غير ممكن لم يتوهم عاقل كونه".

وقال ابن حبان: "أبو القاسم الجدلي هذا اسمه: حسين بن الحارث، من جَدِيلةَ قَيْس، من ثقات الكوفيين".

وحسن إسناده النووي في الخلاصة (2/ 706/ 2469)، وقال في المجموع (1/ 482):"حديث حسن، رواه أبو داود والبيهقي وغيرهما بأسانيد جيدة".

وقال ابن الملقن في البدر المنير (1/ 678): "هذا الحديث صحيح"، قال أيضًا:"وتعليقات البخاري إذا كانت بصيغة الجزم تكون صحيحة يحتج بها".

وقال ابن حجر: "وإسناده حسن، وأصل الحديث -دون الزيادة في آخره من حديث النعمان- في صحيح مسلم وغيره، من غير هذا الوجه، والله أعلم".

قلت: حسين بن الحارث أبو القاسم الجدلي، روى عنه جماعة من الثقات، وقال ابن المديني:"معروف"، ووثقه ابن حبان في صحيحه، وذكره أيضًا في الثقات، وقد سمع من النعمان بن بشير، وصحح له: الدارقطني، وابن خزيمة، وابن حبان [التاريخ الكبير (2/ 382)، كنى مسلم (2/ 687)، التهذيب (1/ 420)]، وقد توبع على حديثه، وأما قول الحازمي:"لا أعرف له عن النعمان حديثًا مسندًا سوى هذا الحديث"[البدر المنير (1/ 679)]، فلا يضره؛ إذ قد توبع عليه.

ص: 345

أما من حديث النعمان بن بشير، فقد توبع على أصله، فرواه عن النعمان بدون قوله الموقوف: سماك بن حرب، وسالم بن أبي الجعد، ويأتي [(663 و 665)].

ويشهد لحديث أبي القاسم الجدلي هذا عن النعمان: حديث أنس، ويأتي قريبًا.

ولفظه: أقيمت الصلاة فأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه، فقال:"أقيموا صفوفكم، وتراصُّوا؛ فإني أراكم من وراء ظهري"، زاد فيه بعضهم [وهو محفوظ]: فلقد كنت أرى الرجل منا يلزق منكبه بمنكب أخيه، وقدمه، وركبته، في الصلاة.

• والحاصل: أن حديث أبي القاسم الجدلي هذا عن النعمان بن بشير: حديث صحيح، وقد صححه ابن خزيمة وابن حبان، وعلقه البخاري بصيغة الجزم، واحتج به أبو داود، والله أعلم.

• عقد البخاري في صحيحه بابًا فقال فيه: "باب إلزاق المنكب بالمنكب، والقدم بالقدم في الصف"، أورد تحته طرفًا من قول النعمان معلقًا بصيغة الجزم، فقال: وقال النعمان بن بشير: رأيت الرجل منا يلزق كعبه بكعب صاحبه، ثم أتبعه بحديث أنس مسندًا:"أقيموا صفوفكم، فإني أراكم من وراء ظهري"، قال أنس: وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه، وقدمه بقدمه.

فعلق عليه ابن حجر في الفتح (2/ 211) شارحًا له بقوله: "المراد بذلك المبالغة في تعديل الصف، وسد خلله".

قلت: قول النعمان وأنس بأن الصحابة كانوا يُلزقون المنكب بالمنكب، والقدم بالقدم، والكعب بالكعب، لم يكن وصفًا فيه مبالغة، بقدر ما كان وصفًا لواقع الحال على ما هو عليه، إذ كل واحد منهما ينقل عن الصحابة ما وقع منهم بالفعل، فهذا شيء قد شاهداه وفعلاه أيضًا، وهذا ما فهمه البخاري وابن خزيمة من ظاهر النص.

لكن فعل الصحابة الذي نقله النعمان وأنس كان امتثالًا لأمره صلى الله عليه وسلم بإقامة الصف، وإقامة الصف وتسويته تكون بتعديل اعوجاجه بحيث يستقيم تمامًا بلا عوج فيه، كما جاء في رواية سماك عن النعمان: كان النبي صلى الله عليه وسلم يُسوِّينا في الصفوف كما يُقوَّم القِدْحُ، إذن فكان مراد النبي صلى الله عليه وسلم تسوية الصف، وإزالة اعوجاجه، فما كان من الصحابة رضي الله عنهم حتى يصلوا إلى تحقيق هذا المعنى إلا أنهم قاربوا بينهم، وألزقوا أنفسهم ببعض، حتى ألزقوا المنكب بالمنكب، والقدم بالقدم، والكعب بالكعب حتى يزول الاعوجاج، فإذا تحقق ذلك، وهو استواء الصف، فقد حصل المقصود، ولا يعني ذلك أنهم بقوا على هذا الحال طيلة الصلاة، أو أنهم فعلوا ذلك في أثناء الصلاة في كل مرة يستوون فيها قيامًا، فظهر بذلك أن فعل الصحابة هذا إنما كان منهم قبل الدخول في الصلاة لأجل تسوية الصف وإزالة اعوجاجه، لا أنهم لزموا هذا الإلزاق بهذه الهيئة طيلة صلاتهم، والله أعلم.

وقد جاء في حديث أنس [الآتي برقم (667)] مرفوعًا: "رُصُّوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق، فوالذي نفسي بيده! إني لأرى الشيطان يدخل من خَلَل الصفِّ كأنها

ص: 346

الحَذَفُ"، ففيه الأمر بالتراص في الصف، وهو المقاربة والملاصقة، كما قال الكسائي: "التراصُّ: أن يلصق بعضهم ببعض حتى لا يكون بينهم خَلل"، وهذا غير المعنى المذكور في حديث النعمان وأنس، والله أعلم.

***

663 -

. . . سماك بن حرب، قال: سمعت النعمان بن بشير، يقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم يُسوِّينا في الصفوف كما يُقوَّم القِدْحُ، حتى إذا ظنَّ أنْ قد أخذنا ذلك عنه، وفَقِهنا، أقبل ذات يوم بوجهه إذا رجلٌ مُنتَبِذٌ بصدره، فقال:"لَتُسَوُّنَّ صفوفَكم، أو ليُخالفَنَّ الله بين وجوهكم".

• حديث صحيح.

أخرجه مسلم (436/ 128)، وأبو عوانة (1/ 381/ 1379 و 1381)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 58/ 971 و 972)، والترمذي (227)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(2/ 56/ 210)، والنسائي في المجتبى (2/ 89/ 810)، وفي الكبرى (1/ 430/ 886)، وابن ماجه (994)، وابن حبان (5/ 538 و 544 و 549/ 2165 و 2169 و 2175)، وأحمد (4/ 270 و 271 و 272 و 276 و 277)، والطيالسي (2/ 140/ 828)، وعبد الرزاق (2/ 44/ 2429)، وابن أبي شيبة (1/ 308/ 3525)، والبزار (8/ 184 - 186/ 3215 - 3217)، وأبو العباس السراج في مسنده (735 - 737)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (1890)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (563)، والدارقطني في الثالث والثمانين من الفوائد الأفراد (80)، وابن أخي ميمي الدقاق في فوائده (535)، والبيهقي (2/ 21) و (3/ 100)، والبغوي في شرح السنة (3/ 364/ 806)، وقال:"حديث صحيح". وابن عساكر في تاريخ دمشق (37/ 268).

قال البغوي: "القِدْح: ما يُقطع ويُقوَّم من السهم قبل أن يُراش وُيركَّب نصله، فإذا ريش وركب نصله، فهو حينئذ سهم".

هكذا رواه عن سماك: سفيان الثوري، وشعبة، ومسعر بن كدام، وزائدة بن قدامة، وحماد بن سلمة، وأبو خيثمة زهير بن معاوية، وأبو الأحوص سلام بن سليم، وأبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري، وزكريا بن أبي زائدة، وحاتم بن أبي صغيرة، وإبراهيم بن طهمان، وحسين بن واقد.

ولفظ أبي خيثمة عند مسلم: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوِّي صفوفنا، حتى كأنما يسوِّي بها القِداح، حتى رأى أنا قد عقلنا عنه، ثم خرج يومًا فقام حتى كاد يكبِّر، فرأى رجلًا باديًا صدرُه من الصف، فقال:"عباد الله! لتسوُّنَّ صفوفكم، أو ليُخالِفنَّ الله بين وجوهكم".

وقال بعضهم: "لتُقِيمُنَّ صفوفكم".

ص: 347

وفي لفظ للثوري: "استووا، ولا تختلفوا؛ فتختلف قلوبكم".

قال الترمذي: "وفي الباب عن: جابر بن سمرة، والبراء، وجابر بن عبد الله، وأنس، وأبي هريرة، وعائشة.

قال أبو عيسى: حديث النعمان بن بشير: حديث حسن صحيح.

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من تمام الصلاة إقامة الصف"، وروي عن عمر أنه كان يوكِّل رجالًا بإقامة الصفوف، فلا يكبر حتى يخبَر أن الصفوف قد استوت، وروي عن علي وعثمان أنهما كانا يتعاهدان ذلك، ويقولان: استووا، وكان علي يقول: تقدَّم يا فلان، تأخَّر يا فلان".

***

664 -

. . . منصور، عن طلحة اليامي، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلَّل الصف من ناحية إلى ناحية، يمسح صدورنا ومناكبنا، ويقول:"لا تختلفوا فتختلف قلوبكم"، وكان يقول:"إن الله عز وجل وملائكتَه يُصلُّون على الصفوف الأُوَل".

• حديث صحيح.

أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 89/ 811)، وفي الكبرى (1/ 431/ 887)، والدارمي (2/ 565/ 3500)، وابن خزيمة (3/ 26/ 1556)، وابن حبان (3/ 25/ 749) و (5/ 534/ 2161)، والحاكم (1/ 571 و 572) [وانظر: الإتحاف (2/ 475/ 2086)]، وأحمد (4/ 296)، وعبد الرزاق (2/ 45 و 51/ 2431 و 2449) و (2/ 484 و 485/ 4175 و 4176)، والسري بن يحيى في حديثه عن شيوخه عن الثوري (98)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (3/ 235)، والروياني (351 و 352 و 358 و 359 و 362)، وأبو العباس السراج في مسنده (756 و 757)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (46 و 47 و 321)، ومحمد بن مخلد العطار في أحاديث الحسن بن عرفة (6)، وأبو بكر الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (1876)، وابن الأعرابي في المعجم (1/ 409 - 410/ 793)، والطبراني في الدعاء (1717)، والخطابي في غريب الحديث (1/ 357 و 728)، وتمام في الفوائد (789 و 1274)، وأبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي في فضائل القرآن (22)، والبيهقي في السنن (10/ 229)، والبغوي في شرح السنة (3/ 373/ 818)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (7/ 116)، وفي المعجم (1548)، وابن حجر في التغليق (5/ 375).

رواه عن منصور بن المعتمر مطولًا أو بطرف منه: أبو الأحوص [وهذا لفظه]، وسفيان الثوري، وزائدة بن قدامة، وجرير بن عبد الحميد، ومعمر بن راشد، وعمرو بن أبي قيس [لا بأس به]، وعمار بن محمد الثوري [ليس به بأس].

ص: 348

ولفظ الثوري [عند: أحمد]: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله وملائكتَه يُصلَّون على الصفوف الأُوَل"، و"زينوا القرآن بأصواتكم"، و "من منح منيحة لبن، أو منيحة ورق، أو هدى زقاقًا، فهو كعتق رقبة".

ولفظ جرير [عند: ابن خزيمة، والسراج]: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي الصف من ناحية إلى ناحية، فيمسح مناكبنا وصدورنا، ويقول:"لا تختلفوا فتختلف قلوبكم"، قال: وكان يقول: "إن الله وملائكته يُصَلُّون على الذبن يَصِلون الصفوف الأُوَل"، وحسبته قال:"زينوا القرآن بأصواتكم".

وفي الدعاء للطبراني: "من قال: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، عشر مرار، كان كعتق نسمة".

ولفظه عند الروياني: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "زينوا القرآن بأصواتكم"، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"من منح منيحة لبن أو ورق، أو أهدى زقاقًا، كان له كعدل نسمة".

وقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أتي الصف من ناحية إلى ناحية، فيمسح مناكبنا وصدورنا، ويقول:"لا تختلفوا فتختلف قلوبكم"، وكان يقول صلى الله عليه وسلم:"إن الله وملائكته يُصَلُّون على الصفوف الأُوَل". فرَّقه حديثين.

ولفظ معمر [عند عبد الرزاق]: كان النبي صلى الله عليه وسلم يمسح صدورنا في الصلاة من ها هنا إلى ها هنا، فيقول:"سووا صفوفكم، لا تختلفوا فتختلف قلوبكم، إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول، -أو قال: الصفوف-، ومن منح منيحة ورق أو لبن، أو أهدى زقاقًا، فهو عدل رقبة".

ولفظ عمار بن محمد: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتينا ونحن في الصلاة، فيمسح صدورنا ومناكبنا، ويقول:"لا تختلف صفوفُكم فتختلف قلوبُكم"، وكان يقول:"إن الله وملائكته يُصَلُّون على الصفوف الأُوَل"، وكان يقول:"زينوا القرآن بأصواتكم"، وكان يقول:"من منح وَرِقًا، أو سقى لبنًا، أو هدى زُقَاقًا، كان كعدل رقبة، ومن قال: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، كان كان عدل رقبة".

وفرقه زائدة أحاديث.

قال النووي في الخلاصة (2/ 707/ 2472)، وفي رياض الصالحين (1090)، وفي المجموع (4/ 198):"رواه أبو داود بإسناد حسن".

• خالفهم: إبراهيم بن طهمان [ثقة، يُغرب]، فرواه عن منصور، عن الحكم بن عتيبة، عن سعد بن عبيدة، عن البراء بن عازب، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتينا إذا قمنا إلى الصلاة، فيمسح صدورنا ومناكبنا، ثم يقول:"لا تختلفوا؛ فتختلف قلوبكم"،

فذكره مطولًا.

أخرجه الروياني (397)، وأبو العباس السراج في مسنده (771)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (61 و 62).

ص: 349

• ورواه إبراهيم بن طهمان مرة ثانية، عن منصور بن المعتمر، عن الحكم بن عتيبة، عن طلحة بن مصرف، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول"، وكان يأتينا إلى الصلاة فيمسح مناكبنا وصدورنا، ويقول:"لا تختلفوا فتختلف قلوبكم".

أخرجه الطبراني في الأوسط (1/ 224/ 739).

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن منصور عن الحكم إلا إبراهيم بن طهمان، ورواه سفيان الثوري عن منصور عن طلحة نفسه".

• ورواه إبراهيم مرة ثالثة: عن منصور، عن طلحة بن مصرف، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "زينوا القرآن بأصواتكم".

أخرجه الحاكم (1/ 572).

• ورواه إبراهيم رابعة: عن منصور، عن الحكم وطلحة بن مصرف، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول، وزينوا القرآن بأصواتكم".

أخرجه الحاكم (1/ 575)(1/ 263/ ب- رواق المغاربة)[وقد صححته من إتحاف المهرة (2/ 477/ 2086)، وهو ما يقتضيه كلام الحاكم نفسه لكونه جعل الحكم متابعًا لطلحة]. وأبو العباس السراج في مسنده (760)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (51)[وسقط من إسناد السراج ذكر منصور].

وهي رواية شاذة مضطربة، وإبراهيم بن طهمان صاحب غرائب، وقد اضطرب في إسناده، ولم يقمه، ورواية جماعة الثقات من بلديي منصور هي الصواب، والله أعلم.

• ورواه الأعمش، وأبو إسحاق السبيعي، وشعبة، وزيد بن أبي أنيسة، ومالك بن مغول، وزبيد بن الحارث اليامي، وفطر بن خليفة، وعيسى بن عبد الرحمن السلمي، وعبد الملك بن سعيد بن حيان بن أبجر [وهم ثقات]، وحماد بن أبي سليمان [صدوق، له أوهام][لكن الراوي عنه: سعيد بن زربي: منكر الحديث، وله فيه زيادة تفرد بها]، ومحمد بن طلحة بن مصرف، وحجاج بن أرطأة، وليث بن أبي سليم، وابن أبي ليلى [متكلم في حفظهم، يكتب حديثهم في المتابعات]، وعبد الرحمن بن زبيد اليامي، وغيرهم كثير:

عن طلحة بن مُصَرِّف، عن عبد الرحمن بن عَوْسَجَةَ، عن البراء بن عازب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من منح مَنِيحَةَ وَرِقٍ، أو هدى زُقَاقًا، أو سقى لبنًا، كان لى عدل رقبة، أو: نسمة.

ومن قال: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، عشر مرار، كان له عدل رقبة، أو: نسمة".

وكان يأتينا إذا قمنا إلى الصلاة، فيمسح صدورنا، أو: عواتقنا، يقول:"لا تختلف صفوفُكم فتختلف قلوبُكم".

ص: 350

وكان يقول: "إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول، أو: الصفوف الأول".

وقال: "زينوا القرآن بأصواتكم".

وفي رواية: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من منح منيحة لبن، أو ورِق، أو هدى زقاقًا، كان له مثل عتق رقبة".

قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله وملائكته يصلون على الصفوف الأول".

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبهم وصدورهم إذا قام إلى الصلاة، ويقول:"استووا، ولا تختلفوا؛ فتختلف قلوبكم".

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "زيِّنوا القرآن بأصواتكم".

أخرجه بتمامه، أو طرفًا منه، أو مفرقًا:

البخاري في خلق أفعال العباد (250 - 254 و 256)، وعلق في الصحيح طرفًا منه، قبل الحديث (7544)، وأبو داود (1468)، والترمذي (1957)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(2/ 55/ 209) و (6/ 434/ 1548)، والنسائي في المجتبى (2/ 179/ 1015 و 1016)، وفي الكبرى (2/ 26/ 1089 و 1090) و (7/ 270/ 7996) و (9/ 54/ 9876)، وابن ماجه (997 و 1342)، والدارمي (1/ 323/ 1264)، وأبو عوانة (2/ 481/ 3911)، وابن خزيمة (3/ 24/ 1551)، وابن حبان (3/ 130/ 850) و (5/ 530/ 2157) و (11/ 494/ 5096)، وابن الجارود (316)، والحاكم (1/ 501 و 571 - 575)، وأحمد (4/ 283 و 285 و 296 و 300 و 304)، وابن فضيل في الدعاء (156)، والطيالسي (774 و 776 و 77)، وعبد الرزاق (2/ 484/ 4175)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (160)، وابن أبي شيبة (1/ 332/ 3803) و (2/ 257/ 8737) و (4/ 472/ 22232) و (6/ 58 و 61 و 118/ 29455 و 29483 و 29936) و (7/ 171/ 35063)، والسري بن يحيى في حديثه عن شيوخه عن الثوري (98)، ويعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة (3/ 235)، وابن نصر في قيام الليل (137 - مختصره)، والسرقسطي في الدلائل (1/ 317/ 160)، والروياني (353 و 360 و 362)، وأبو العباس السراج في مسنده (750 - 755 و 760)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (9 - 13 و 45 و 46 و 51 و 1595 و 1884)، والعقيلي في الضعفاء (4/ 86)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (1/ 164)، والخرائطي في مكارم الأخلاق (1/ 279 - 281/ 120 و 121)(49 - المنتقى)، وأبو جعفر بن البختري في الرابع من حديثه (89)(333 - مجموع مصنفاته)، وابن الأعرابي في المعجم (2/ 443 و 445 و 518/ 859 و 865 و 1005)، وأبو العباس الأصم في الثاني والثالث من حديثه (224)، وأبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات"(607)، والآجري في أخلاق حملة القرآن (209 و 225)، والطبراني في الأوسط (1/ 224/ 739) و (3/ 92/ 2590) و (7/ 177/ 7206)، وفي مسند الشاميين (1/ 435/767)، وفي الدعاء (1715 و 1716 و 1718 - 1724)، وأبو بكر الإسماعيلي في المعجم (2/

ص: 351

523/ 161)، وابن المقرئ في المعجم (739)، والدارقطني في الأفراد (2/ 293 - 295/ 1396 و 1399 - 1401 - أطرافه)، والخطابي في غريب الحديث (1/ 355 - 356)، وتمام في الفوائد (301 و 1272 و 1273 و 1707)، وأبو سعيد النقاش في فوائد العراقيين (22 و 33)، وأبو نعيم في الحلية (5/ 27)، وفي تسمية ما انتهى إلينا عن الفضل بن دكين عاليًا (43)، والبيهقي في السنن (2/ 53) و (3/ 103) و (10/ 229)، وفي الشعب (2/ 386/ 2140) و (3/ 224 / 3385)، والخطيب في الموضح (2/ 187 و 188)، وفي الجامع لأخلاق الراوي (2/ 96/ 1281)، وفي تلخيص المتشابه (1/ 338)، والشجري في الأمالي الخميسية (1/ 115)، والبغوي في شرح السنة (3/ 372/ 817) و (6/ 162/ 1663)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (7/ 116) و (37/ 334)، والمزي في التهذيب (7 1/ 323)، وابن حجر في التغليق (5/ 375).

• وقد اختلف فيه على أبي إسحاق، والمحفوظ ما ذكرناه كالجماعة، انظر: الحديث المتقدم برقم (515)، واختلف أيضًا على: عبد الرحمن بن زبيد اليامي [انظر: صحيح ابن خزيمة (3/ 26/ 1557)]، وتقدم منه طرف في الذكر والدعاء تحت الحديث رقم (22).

• وروى أبو خالد سليمان بن حيان الأحمر، وحفص بن غياث، ومسعود بن سعد:

عن الحسن بن عبيد الله النخعي [ثقة]، عن طلحة بن مصرف، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أقيموا صفوفكم [وفي رواية: تراصوا في الصف]؛ لا يتخللكم الشياطين كأولاد الحدف"، قيل: يا رسول الله! وما أولاد الحذف؟ قال: "ضأن سود جرد، تكون بأرض اليمن"، وفي رواية:"غنم سود صغار تكون باليمن".

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "زينوا القرآن بأصواتكم". فرقه حديثين.

أخرجه النسائي في جزء من إملائه (46)، والحاكم (1/ 217 و 573)، وأحمد (4/ 296 - 297)، وابنه عبد الله في زيادات المسند (4/ 296 - 297)، وابن أبي شيبة (1/ 308/ 3526)، وأبو بكر القاسم بن زكريا المطرز في فوائده (113)، والروياني (361)، وأبو العباس السراج في مسنده (758)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (48 و 49)، وابن الأعرابي في المعجم (2/ 643/ 1278)، والطبراني في الصغير (1/ 206/ 330)، وأبو بكر القطيعي في جزء الألف دينار (46)، وتمام في الفوائد (458)، والبيهقي (3/ 101)، والخطيب في الموضح (2/ 357).

تنبيه: وقع في المسند، وعنه: أبو بكر القطيعي في الألف دينار: الحسن بن عمرو، قال القطيعي:"هكذا في كتابي: الحسن بن عمرو، والصواب: الحسن بن عبيد الله، فحملناه على ما في الكتاب حسن".

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذا اللفظ".

ص: 352

قلت: يحتمل أن يكون حديثًا مستقلًا عن حديث الجماعة، تفرد به الحسن بن عبيد الله النخعي، دون أصحاب طلحة بن مصرف، فيكون بذا صحيحًا غريبًا، ولقد هممت بتصحيحه اعتمادًا على توثيق أبي حاتم والنسائي له [على تشددهما في الرجال]، وقد وثقه أيضًا: يحيى بن سعيد القطان [لكن قدم عليه الحسن بن عمرو الفقيمي]، وابن معين، والفسوي، وابن سعد، والعجلي، وابن حبان، وقال الساجي:"صدوق"، وقال أحمد وابن معين -من رواية الدارمي عنه-:"ليس به بأس"، وليس له من الحديث إلا القليل، فقد روى قريبًا من ثلاثين حديثًا، وهو يشارك الثقات فيما يروونه، فإذا كان هذا حاله فالأقرب أن يكون ضابطًا لحديثه، لقلته، فيقل وقوع الوهم منه، لكني لما رأيت قول البخاري فيه:"لم أخرج حديث الحسن بن عبيد الله لأن عامة حديثه مضطرب"، وكذا قول الدارقطني:"الحسن: ليس بالقوي، ولا يقاس بالأعمش"، وهذا الذي ذهب إليه البخاري والدارقطني لم يكن بدعًا من القول، فإن قول أحمد وابن معين:"ليس به بأس" ليلقي بظلاله على أوهامه التي منعت هذين الإمامين من إطلاق التوثيق عليه، كما أن يحيى القطان لم يوثقه بإطلاق، ولكن قدم عليه الحسن بن عمرو الفقيمي [التهذيب (1/ 402 و 410)، فتح الباري (4/ 269)، طبقات ابن سعد (6/ 348)، سؤالات أبي داود للإمام أحمد (375)، تاريخ ابن معين للدارمي (252)، المعرفة والتاريخ (3/ 182)، مشاهير علماء الأمصار (1291)، تاريخ أسماء الثقات (207)، ذيل الميزان (278)]، كذلك فإن الإمام مسلم لما أخرج له في صحيحه اعتمد روايته عن إبراهيم بن سويد وإبراهيم بن يزيد النخعيين، دون غيرهما [انظر: صحيح مسلم (1175 و 2169 و 2723)]، وأكثر ما أخرج له مسلم عنهما وعن بقية مشايخه إنما هو في المتابعات والشواهد، دون الأصول [انظر: صحيح مسلم (85 و 572 و 1080 و 1190)] [وانظر: رجال مسلم لابن منجويه (247)]، إلا ما كان من روايته عن هذين، إذ الغالب على الراوي أنه يضبط حديث قومه أكثر من غيرهم، ولم يخرج له البخاري شيئًا.

والبخاري لما سأله الترمذي عن حديث اختلف فيه الحسن والأعمش على إبراهيم النخعي، وقدم فيه قول الحسن، ولكونه زاد في الإسناد رجلين [علل الترمذي الكبير (653)]، فلما ذهب الدارقطني في علله (2/ 204/ 222) إلى ترجيح قول الأعمش، فقال:"وقد ضبط الأعمش إسناده وحديثه، وهو الصواب"، فراجعه البرقاني بما ذهب إليه البخاري حيث حكم فيه للحسن، فقال الدارقطني:"وقول الحسن بن عبيد الله: عن قرثع: غير مضبوط؛ لأن الحسن بن عبيد الله: ليس بالقوي، ولا يقاس بالأعمش"[نقله أيضًا: الخطيب في الموضح (1/ 166)، [وانظر أيضًا في أوهامه وغرائبه: علل الدارقطني (5/ 222/ 834) و (5/ 242/ 852)، أطراف الغرائب (174)].

لما رأيت ذلك كله، فقد توقفت عن قبول حديثه هذا، إذ الأقرب أنه من جملة أوهامه، فإنه لم يشارك الثقات الذين رووا هذا الحديث سوى في طرف واحد فقط، وهو:

ص: 353

"زينوا القرآن بأصواتكم"[وهو الذي اقتصر على إملائه النسائي]، دون بقية أطراف الحديث، ثم لما روى طرف الحديث على تسوية الصفوف وإقامتها خالفهم في لفظه، وانفرد فيه بهذا السياق، وإنما الحديث كما رواه جماعة الثقات عن طلحة بن مصرف، والله أعلم.

وعليه: فإن حديث الحسن بن عبيد الله: حديث شاذ، والله أعلم.

• ولموضع الشاهد طريق أخرى، ولا تصح [عند: الخطيب في موضح أوهام الجمع (2/ 453)] [وفي إسناده: القاسم بن غصن: ضعيف، حدث بمناكير. اللسان (6/ 379)].

• وروي بلفظة منكرة، انفرد بها: محمد بن القاسم الأسدي، عن أبي جناب الكلبي، عن طلحة بن مصرف، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقيمت الصلاة مسح صدورنا، وقال:"رصوا المناكب بالمناكب، والأقدام بالأقدام، فإن الله تعالى يحب في الصلاة ما يحب في القتال، كأنهم بنيان مرصوص".

وتابعه على الجملة الأخيرة فقط: سعيد بن مسلمة عن أبي جناب به.

أخرجه ابن أبي عاصم في الجهاد (143)، الطحاوي في المشكل (14/ 294/ 5627).

وهذا حديث باطل، فإن محمد بن القاسم الأسدي: متروك، منكر الحديث، كذبه أحمد والدارقطني [التهذيب (3/ 678)، الميزان (4/ 11)]، وسعيد بن مسلمة الأموي: منكر الحديث [التهذيب (2/ 43)، الميزان (2/ 158)]، ويحيى بن أبي حية أبو جناب الكلبي: ضعيف، مشهور بالتدليس، والمعروف: ما رواه جماعة الثقات عن طلحة بن مصرف.

• ولحديث البراء طرق أخرى عن عبد الرحمن بن عوسجة، وعن البراء ليس فيها موضع الشاهد ["استووا، ولا تختلفوا؛ فتختلف قلوبكم"]، انظر: الأدب المفرد للبخاري (890)، مسند الدارمي (2/ 565/ 3501)، المستدرك (1/ 575)، مسند أحمد (4/ 286)، الزهد لهناد (2/ 519/ 1070)، مسند أبي يعلى (3/ 245 و 258/ 1686 و 1706)، معجم أبي يعلى (161 و 178)، مسند السراج (778)، حديثه بانتقاء الشحامي (87)، مسند ابن الجعد (2077)، المعجم لابن الأعرابي (2/ 497 و 773/ 965 و 1571)، المعجم الأوسط للطبراني (6/ 164/ 6090)، المعجم لأبي بكر الإسماعيلي (2/ 690/ 315)، طبقات المحدثين بأصبهان (4/ 12 و 30)، أطراف الغرائب والأفراد (2/ 286/ 1382)، فوائد ابن أخي ميمي الدقاق (625)، فوائد تمام (1071 و 1072)، مسانيد فراس المكتب، جمع أبي نعيم الأصبهاني (58/ 1 - 3)، شعب الإيمان للبيهقي (2/ 386/ 2141)، تاريخ بغداد (4/ 260)، تاريخ دمشق (51/ 23)، الطيوريات (15).

وانظر في الأوهام: الثالث والثمانين من الفوائد الأفراد للدارقطني (77 و 78)،

ص: 354

أطراف الغرائب والأفراد (2/ 150/ 4436 - 4439)، علل الدارقطني (10/ 148/ 1939).

• قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح، غريب من حديث أبي إسحاق عن طلحة بن مصرف، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وقد روى منصور بن المعتمر، وشعبة، عن طلحة بن مصرف هذا الحديث".

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".

وقال العقيلي: "حديث صحيح"[الضعفاء (4/ 86)].

وقال أبو نعيم في الحلية (5/ 27): "رواه الجم الغفير عن طلحة بن مصرف، منهم: زبيد، ومنصور، والأعمش، وجابر الجعفي، وابن أبي ليلى، والحكم بن عتيبة، ومحمد بن سوقة، ورقبة بن مصقلة، وحماد بن أبي سليمان، وأبو جناب الكلبي، وابن أبجر، والحسن بن عبيد الله النخعي، وليث بن أبي سليم، ومالك بن مغول، ومسعر، وفطر بن خليفة، وزيد بن أبي أنيسة، وعلقمة بن مرثد، وعبد الغفار بن القاسم، وأشعث بن سوار، والحجاج بن أرطأة، وعيسى بن عبد الرحمن السلمي، والحسن بن عمارة، والقاسم بن الوليد الهمداني، ومحمد بن عبيد الله القدومي، ومحمد بن طلحة، وشعبة، وأبو هاشم الرماني، وأبان بن صالح، ومعاذ بن مسلم، ومحمد بن جابر، في آخرين، منهم من طوله، ومنهم من اختصره".

وقال النووي في المجموع (4/ 198)، وفي الخلاصة (2472):"رواه أبو داود بإسناد حسن"، وقال في موضع آخر من المجموع (4/ 258):"صحيح، رواه أبو داود بإسناد صحيح".

فهو حديث صحيح.

وقد سبق تخريجه تحت الحديث رقم (543)، وانظر: الحديث رقم (515)، الشاهد الأول، في الاختلاف فيه على أبي إسحاق السبيعي، ويأتي منه طرف "زينوا القرآن بأصواتكم" برقم (1468)، والله أعلم.

***

665 -

قال أبو داود: حدثنا ابن معاذ: حدثنا خالد -يعني: ابن الحارث-: حدثنا حاتم -يعني: ابن أبي صغيرة-، عن سماك: سمعت النعمان بن بشير، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسوِّي صفوفنا إذا قمنا للصلاة، فإذا استوَيْنا كبَّر.

• حديث صحيح.

أخرجه من طريق أبي داود: أبو عوانة (1/ 381/ 1380)، والبيهقي (2/ 21)، والبغوي في شرح السنة (3/ 367/ 810).

[تنبيه: وقع عند أبي عوانة، والبغوي، وفي الأحكام الكبرى للإشبيلي (2/ 174)،

ص: 355

وفي تحفة الأشراف (9/ 20/ 11620): "حدثنا عبيد الله بن معاذ"، ووقع عند البيهقي:"حدثنا معاذ بن معاذ"، وهو وهم، والصواب الأول، فإن معاذ بن معاذ والد عبيد الله المذكور من طبقة شيوخ شيوخ أبي داود].

قال النووي في الخلاصة (2/ 706/ 2470): "بإسناد صحيح على شرط مسلم".

قلت: هو حديث صحيح، وهو مختصر من الحديث المتقدم برقم (663)، صرح به في التحفة (9/ 20/ 11620).

• ولحديث النعمان طريق أخرى:

يرويها شعبة، عن عمرو بن مرة، قال: سمعت سالم بن أبي الجعد الغطفاني، قال: سمعت النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لتُسَوُّنَّ صفوفكم، أو ليُخالِفنَّ الله بين وجوهكم".

أخرجه البخاري (717)، ومسلم (436)، وأبو عوانة (1/ 380/ 1378)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 58/ 970)، وأحمد (4/ 271 و 277)، والطيالسي (2/ 146/ 836)، وأبو العباس السراج في مسنده (738)، وابن حزم في المحلى (4/ 55)، والبيهقي (3/ 100).

وانظر: أطراف الغرائب والأفراد (2/ 149/ 4432).

***

666 -

قال أبو داود: حدثنا عيسى بن إبراهيم الغافقي: حدثنا ابن وهب، ح وحدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا الليث -وحديث ابن وهب أتم-، عن معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة، عن عبد الله بن عمر -قال قتيبة: عن أبي الزاهرية، عن أبي شجرة، لم يذكر ابن عمر-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"أقيموا الصفوف، وحاذوا بين المناكب، وسُدُّوا الخَلَل، ولِينُوا بأيدي إخوانكم" -لم يقل عيسى: "بأيدي إخوانكم""ولا تذروا فُرُجاتٍ للشيطان، ومن وصل صفًا وصله الله، ومن قطع صفًا قطعه الله".

قال أبو داود: أبو شجرة كثير بن مرة.

قال أبو داود: ومعنى "ولينوا بأيدي إخوانكم": إذا جاء رجل إلى الصف، فذهب يدخل فيه، فينبغي أن يُلين له كل رجل منكبيه، حتى يدخل في الصف.

• المرسل أشبه بالصواب، وإسناده جيد.

• أخرجه من طريق أبي داود: البيهقي (3/ 101).

• وأخرجه من طريق عيسى بن إبراهيم بن عيسى بن مثرود الغافقي:

ص: 356

النسائي في المجتبى (2/ 93/ 819)، وفي الكبرى (1/ 433/ 895)، وابن خزيمة (3/ 23/ 1549)، والطبراني في مسند الشاميين (3/ 142/ 1958).

رواه النسائي وابن خزيمة مختصرًا بلفظ: "من وصل صفًا وصله الله، ومن قطع صفًا قطعه الله".

ولفظه عند الطبراني: "أقيموا الصفوف؛ فإنما تصلون بصفوف الملائكة، وحاذوا بين المناكب، وسدوا الخلل، ولا تذروا فرجات الشياطين، ومن وصل صفًا وصله الله، ومن قطع صفًا قطعه الله".

• وأخرجه من طريق ابن وهب:

أحمد (2/ 97)، قال: حدثنا هارون بن معروف [ثقة حافظ]: حدثنا عبد الله بن وهب، عن معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة، عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أقيموا الصفوف؛ فإنما تصفون بصفوف الملائكة، وحاذوا بين المناكب، وسدوا الخلل، ولينوا في أيدي إخوانكم، ولا تذروا فرجات للشيطان، ومن وصل صفًا وصله الله تبارك وتعالى، ومن قطع صفًا قطعه الله".

زاد في روايته: "فإنما تصُفُّون بصفوف الملائكة"، وقال:"ولينوا في أيدي إخوانكم".

ومن طريق أحمد: أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (3/ 142/ 1958).

وبذا تعلم بأن هذه اللفظة ثابتة من حديث ابن وهب، وإنما قصر فيها عيسى بن إبراهيم الغافقي، ومن ثم فلم يكن لابن القطان الفاسي أن يتعقب عبد الحق الإشبيلي في ذلك [انظر: بيان الوهم (2/ 544/ 544)].

وأخرجه الحاكم (1/ 213)، من طريق أحمد بن عمرو بن السرح [ثقة]: ثنا ابن وهب به مختصرًا، كالنسائي وابن خزيمة.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه".

• وأخرجه من طريق قتيبة بن سعيد:

الدولابي في الكنى (1/ 115/ 237)، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: ثنا الليث بن سعد، عن معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن أبي شجرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أقيموا الصفوف؛ فإنما تصفون كصفوف الملائكة، حاذوا بين المناكب، وسدوا الخلل، ولا تذروا فرجات الشياطين، ومن وصل صفًا وصله الله".

قال النووي في الخلاصة (2/ 707/ 2473)، وفي رياض الصالحين (1091)، وفي المجموع (4/ 198):"رواه أبو داود بإسناد صحيح".

قلت: هذا إسناد مدني، ثم حمصي، ثم مصري.

فلم يُعرف هذا الحديث عند أهل الحجاز، ولا عند أهل العراق، من أصحاب ابن عمر المكثرين عنه، ولا المقلين، لا سيما وهو يتعلق بسنة من سنن الصلاة التي تتكرر في

ص: 357

اليوم والليلة خمس مرات، فلم يروه عنه إلا أهل حمص، واختلف أهل مصر فيه على معاوية بن صالح بين الوصل والإرسال.

ويؤيد ذلك أن مالكًا لو كان عنده عن أهل المدينة عن ابن عمر في ذلك شيء لما تركه، بل قد بوب في موطئه بابًا فقال:

ما جاء في تسوية الصفوف؛ ثم روى: عن نافع: أن عمر بن الخطاب كان يأمر بتسوية الصفوف، فإذا جاؤوه فأخبروه أن قد استوت، كبر.

ثم روى عن عمه أبي سهيل بن مالك، عن أبيه [هو: مالك بن أبي عامر] أنه قال: كنت مع عثمان بن عفان، فقامت الصلاة وأنا أكلِّمه في أن يفرض لي، فلم أزلْ أكلِّمه، وهو يسوِّي الحصباء بنعليه، حتى جاءه رجال، قد كان وكَّلهم بتسوية الصفوف، فأخبروه أن الصفوف قد استوت، فقال لي: استو في الصف، ثم كبر.

أخرجهما مالك في موطئه (1/ 224/ 434 و 435)، ومن طريقه بالأثرين جميعًا أو بأحدهما: عبد الرزاق (2/ 40 و 47/ 2408 و 2438)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 261/ 1620)، والطحاوي في المشكل (14/ 295 - 296)، والبيهقي في السنن (2/ 21)، وفي المعرفة (1/ 493/ 676).

وأما عن غير أهل المدينة، فهذا إمام أهل مكة في زمانه: ابن جريج، يروي فيقول: أخبرني نافع: أن ابن عمر كان يقول: من تمام الصلاة اعتدال الصف.

أخرجه عبد الرزاق (2/ 44/ 2428).

وهذا إسناد حجازي صحيح إلى ابن عمر قوله، وهو أقرب إلى حديث أنس منه إلى حديث الباب المنسوب إلى ابن عمر نفسه، ولم أرد استقصاء الآثار الواردة في الباب عن الصحابة، وذكر طرقها فإنها كثيرة [لا سيما ما جاء عن ابن عمر عن أبيه، أو عن أبيه، أو عن عثمان]، لكن فقط أردت بيان غرابة ما انفرد به أهل الشام عن ابن عمر بهذا الحديث الطويل، الذي هو أجمع حديث في الباب.

ومعاوية بن صالح، هو الحضرمي الحمصي: صدوق، له إفرادات وغرائب وأوهام، ولأجل ذلك تكلم فيه من تكلم، والأكثر على توثيقه، وقد أكثر عنه مسلم، لكن أكثره في المتابعات والشواهد.

وهذا الحديث من أفراده، وقد اختلف عليه في إسناده، فوصله ابن وهب، وأرسله الليث، والليث بن سعد أكبر من عبد الله بن وهب، وأقدم منه وفاة، فالليث من طبقة مالك ونظرائه [الطبقة السابعة]، ومالك شيخ لابن وهب، كما أن الليث نفسه من شيوخ ابن وهب، وبين وفاتيهما ما يزيد على عشرين سنة، لذا فالذي يترجح عندي -والله أعلم- أن الليث بن سعد تحمل هذا الحديث من معاوية بن صالح قبل عبد الله بن وهب بزمان، وذلك لأن معاوية خرج من حمص متجهًا إلى الأندلس سنة (123)، وقيل:(125)، فمر بمصر في طريقه، قال ابن يونس: "قدم إلى مصر، وخرج إلى الأندلس،

، وكان

ص: 358

خروجه من حمص في سنة خمس وعشرين ومائة"، ثم خرج من الأندلس حاجًّا سنة (154)، وقيل: سنة (168) [قال ابن عساكر: "وهو وهم؛ فإنه لم يعش إلى هذا الوقت". التاريخ (59/ 49)، ومال إليه قبله أبو عبد الله الحميدي في الجذوة (797)]، وقيل حج مرتين [ولا يصح]، وجزم ابن سعد بأنه حج مرة واحدة، فكتب عنه فيها أهل مصر وأهل المدينة ومن بمكة.

[سؤالات أبي داود للإمام أحمد (125)، التاريخ الأوسط (2/ 175/ 2200)، التاريخ الكبير (7/ 335)، المراسيل لابن أبي حاتم (646)، الجرح والتعديل (8/ 382)، علل الحديث (5 22 و 346 و 1410 و 1667 و 1975)، ضعفاء العقيلي (4/ 183)، قضاة قرطبة وعلماء أفريقية (30)، سنن الدارقطني (1/ 332 و 338 و 403)، علل الدارقطني (2/ 114/ 149) و (4/ 130/ 467) و (6/ 217/ 1084) و (7/ 56/ 1208) و (8/ 281/ 1568) و (11/ 119/ 2159) و (12/ 83/ 2449) و (12/ 270/ 2704) و (14/ 64/ 3422) و (14/ 88/ 3442) و (14/ 402/ 3753) و (15/ 311/ 4059)، تاريخ العلماء والرواة للعلم بالأندلس -تاريخ ابن الفرضي- (2/ 137)، جذوة المقتبس (797)، تاريخ دمشق (59/ 44)، تاريخ قضاة الأندلس (63)، سير أعلام النبلاء (7/ 158)، التهذيب (4/ 108)].

قال محمد بن عبد الملك بن أيمن: "لما وجه الأمير عبد الرحمن رحمه الله معاوية بن صالح إلى الشام: حج في سفرته تلك، وكتب عنه أهل العراق كثيرًا من حديثه"[قضاة قرطبة وعلماء أفريقية (30)].

وقال ابن الفرضي (2/ 137): "واستقضاه الإمام عبد الرحمن بن معاوية رضي الله عنه بقرطبة، ووجهه إلى الشام بكتاب إلى أخته أم الأصبغ، ففي سفرته تلك سمع منه: سفيان الثوري، والليث بن سعد، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الله بن صالح كاتب الليث، وغيرهم".

وقال الإمام أحمد: "إنه خرج من حمص قديمًا فصار إلى الأندلس، وإنما سمع الناس منه حين حج"[جذوة المقتبس (797)].

وقال أبو زرعة الدمشقي: "أخبرني يحيى بن صالح، قال: خرج معاوية بن صالح من حمص سنة ثلاث وعشرين ومائة".

قال أبو زرعة: "وسمعت عبد الله بن صالح يقول: قدم علينا معاوية بن صالح، فجالس الليث بن سعد فحدثه، فقال لي الليث: يا عبد الله ائت الشيخ فاكتب ما يملي عليك، قال: فأتيته، فكان يمليها عليَّ، ثم نصير إلى الليث، فنقرأها عليه، فسمعتها من معاوية بن صالح مرتين"[تاريخ أبي زرعة الدمشقي (911 و 912 و 2158)، تاريخ ابن الفرضي (2/ 137)، ومنه نقلت النص، لأنه أضبط. تاريخ دمشق (59/ 48)، السير (7/ 158)].

وفي هذه الحكاية ما يدل على تثبت الليث فيما أخذه عن معاوية بن صالح، وأنه أخذ عن كتبه وأصوله، التي أراد ابن أبي خيثمة أن يدخل الأندلس كي يفتش عنها، ويؤكد

ص: 359

هذا المعنى، وهو أن الليث أخذ عن كتب معاوية وأصوله سماعًا وعرضًا -عن طريق كاتبه عبد الله بن صالح-، ما رواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه (465)، قال:"حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم [دحيم]، قال: قدمت مصر بعد موت عبد الله بن وهب سنة ثمان وتسعين ومائة، فكتبت كتب معاوية بن صالح، عن عبد الله بن صالح"، وقال ابن عدي في كامله (6/ 406):"وعند أبي صالح كاتب الليث عن معاوية بن صالح: كتاب طويل، ونسخة حسنة".

فإن قيل: قد كان أيضًا لعبد الله بن وهب عن معاوية بن صالح كتاب، فقد قال ابن عدي في كامله (6/ 405):"وعند ابن وهب عن معاوية بن صالح عن مشايخه كتاب، ونسخة طويلة"، فيقال: لكن لم يُذكر عن ابن وهب في تحمله عن معاوية مثل ما ذُكر عن الليث، أو أنه أخذ عنه سماعًا وعرضًا، أو أنه قابل على أصوله، فتبقى التبعة عندئذ على معاوية بن صالح إذا تبين لنا أنه وهم، أو أخطأ، أو تفرد بما لم يتابع عليه، ولذا ختم ابن عدي ترجمته بقوله:"ولمعاوية بن صالح غير ما ذكرت: حديث صالح، عند ابن وهب عنه كتاب، وعند أبي صالح عنه كتاب، وعند ابن مهدي ومعن عنه أحاديث عداد، وحدث عنه: الليث، وبشر بن السري، وثقات الناس، وما أرى بحديثه بأسًا، وهو عندي صدوق؛ إلا أنه يقع في أحاديثه إفرادات". وكما قلت، فإن هذا الحديث مما تفرد به معاوية، واختلف عليه في إسناده، مما يدل على أنه لم يضبطه، والأقرب عندي أنه حدث به الليث على الصواب مرسلًا، وحدث به ابن وهب على الوهم متصلًا، وذلك لما سبق بيانه، ونزيده إيضاحًا.

إذ يحتمل أن يكون الليث أخذ عن معاوية مرتين، مرة حين قدم مصر في طريقه إلى الأندلس، ومرة حين رجع في طريقه للحج، وأن يكون ابن وهب لصغره إنما حمل عن معاوية مع الناس حين حج، فإن ابن وهب ولد سنة (125)، وطلب العلم وهو ابن (17) سنة، فيكون ذلك في حدود سنة (142)، فتكون فاتته القدمة الأولى، ولم يدركه إلا في القدمة الثانية، بخلاف الليث بن سعد، فقد ولد سنة (94)، فيكون قد ناهز الثلاثين من عمره حين قدم معاوية في المرة الأولى، وأما قصة عبد الله بن صالح كاتب الليث التي حكاها أبو زرعة الدمشقي ففي القدمة الثانية بيقين، فإن عبد الله بن صالح ولد سنة (137)، قال ابن حبان في ثقاته (7/ 470) عن معاوية:"روى عنه الليث بن سعد، وأهل الشام ومصر، وقد كتب عنه: سفيان الثوري، وعبد الرحمن بن مهدي، وكتب عنه عبد الله بن صالح سنة سبع وخمسين ومائة، قدم عليهم حاجًّا من الأندلس، ومات معاوية بعد هذه السنة"، وقوله سنة سبع وهم، بل هي أربع؛ فقد قال أبو صالح نفسه:"مر بنا معاوية بن صالح حاجًّا سنة أربع وخمسين، فكتب عنه الثوري وأهل مصر وأهل المدينة"[الكامل لابن عدي (6/ 404)، جذوة المقتبس (797)][وانظر أيضًا: تاريخ دمشق (59/ 52)، السير (7/ 158)]، كما أن الليث أثبت من ابن وهب، والله أعلم.

ص: 360

وعلى هذا: فالأشبه عندي بالصواب: رواية الليث المرسلة، وإسنادها جيد، والله أعلم.

• وروى الحديث سعيد بن سنان [أبو مهدي الحمصي: متروك، منكر الحديث، قال الدارقطني: "يضع الحديث". التهذيب (2/ 25)، الميزان (2/ 143)]، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة، قال: سمعت عمر بن الخطاب، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سووا صفوفكم، وحاذوا بين المناكب، وسدوا الخلل، [ولينوا في يدي إخوانكم]، ومن وصل صفًا وصله الله، ومن قطع قطعه الله".

أخرجه ابن عدي (3/ 361 و 386).

من طريقين: عن محمد بن جامع [البصري، العطار: ضعيف، له أحاديث لا يتابع عليها. اللسان (7/ 24)]: ثنا سعيد بن عبد الجبار [الزبيدي الحمصي: ضعيف جدًّا، عامة حديثه مما لا يتابع عليه، وكان يُرمى بالكذب. التهذيب (2/ 28)]: ثنا سعيد به.

قال ابن عدي بعد أن أورده في ترجمة سعيد بن سنان: "ولأبي مهدي سعيد بن سنان هذا غير ما ذكرت من الأحاديث، وعامة ما يرويه وخاصة عن أبي الزاهرية: غير محفوظة، ولو قلنا إنه هو الذي يرويه عن أبي الزاهرية لا غيره جاز ذلك لي، وكان من صالحي أهل الشام وأفضلهم؛ إلا أن في بعض رواياته ما فيه".

وقال بعد أن أورده في ترجمة سعيد بن عبد الجبار: "ولسعيد غير ما ذكرت من الحديث قليل، وعامة حديثه الذي يرويه عن الضعفاء وغيرهم: مما لا يتابع عليه".

قلت: إسناده واهٍ جدًّا، مسلسل بالضعفاء والمتروكين، وهو حديث منكر؛ إنما يُحفظ من حديث أبي الزاهرية عن أبي شجرة كثير بن مرة مرسلًا.

• وله شاهد من حديث أبي أمامة:

يرويه فرج بن فضالة: حدثنا لقمان بن عامر، عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول"، قالوا: يا رسول الله! وعلى الثاني؟ قال: "إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول"، قالوا: يا رسول الله! وعلى الثاني؟ قال: "إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول"، قالوا: يا رسول الله! وعلى الثاني؟ قال: "وعلى الثاني"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"سووا صفوفكم، وحاذوا بين مناكبكم، ولينوا في أيدي إخوانكم، وسدوا الخلل؛ فإن الشيطان يدخل فيما بينكم بمنزلة الحذف".

يعني: أولاد الضأن الصغار. ورواه بعضهم عن ابن فضالة فأدرج التفسير في المرفوع.

أخرجه أحمد (5/ 262)، والطبراني في الكبير (8/ 174/ 7727)، وفي مسند الشاميين (2/ 404/ 1587).

قلت: لقمان بن عامر الوصابي: ترجم له البخاري بقوله: "عن عامر بن جشيب" حسب، فلم يذكر له شيخًا آخر [التاريخ الكبير (7/ 251)]، ولو ثبت عنده سماعه وروايته

ص: 361

عن أبي أمامة لما أغفلها، وعامر بن جَشيب هذا يروي عن خالد بن معدان عن أبي أمامة، فيكون بين لقمان وبين أبي أمامة رجلان، والله أعلم.

وما جاء في الروايات من سماع لقمان بن عامر من أبي أمامة فلا يصح؛ إذ يرويه عنه: الفرج بن فضالة، وهو: ضعيف [عند: أحمد (5/ 262)، والفريابي في صفة النفاق (71)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (48/ 256) و (62/ 268)].

وروي سماعه أيضًا من طريق: شَرْقي بن قُطامِي، وهو ضعيف [اللسان (4/ 241)]، والراوي عنه: محمد بن زياد بن زبار، ويقال: ابن رزان، الكلبي: ضعيف، ولم يسمع من شرقي [اللسان (7/ 143)] [عند: ابن نصر في تعظيم قدر الصلاة (36)، وابن جرير الطبري في تفسيره (16/ 100) و (19/ 44)، والدولابي في الكنى (1/ 34/ 91)، والطبراني في مسند الشاميين (2/ 405/ 1589)، وفي الكبير (8/ 175/ 7731)، والبيهقي البعث والنشور (522)].

ومما يؤكد أن رواية لقمان بن عامر عن أبي أمامة: مرسلة؛ أن عبد الله بن بُسر -وهو آخر من مات بالشام من الصحابة، مات سنة (88)، وقيل:(96) - روى عنه لقمان بن عامر بواسطة رجلين، إذ كان يروي عن عامر بن جشيب، عن خالد بن معدان، عن عبد الله بن بسر [عند: النسائي في الكبرى (3/ 211/ 2779)، والطبراني في مسند الشاميين (3/ 89 /1850)]، وقيل: عن لقمان بن عامر، عن خالد بن معدان، عن عبد الله بن بسر، عن أخته -أو: خالته- الصماء [عند: النسائي في الكبرى (3/ 212/ 2782)، وأحمد (6/ 368)]، وقيل: عن لقمان بن عامر، عن عبد الله بن بسر، عن أخته الصماء [عند: الطبراني في مسند الشاميين (2/ 406/ 1591)]، والأول أصح، وأبو أمامة تقدم موته على موت عبد الله بن بسر، إذ مات أبو أمامة سنة (86)، وكلاهما سكن حمص، وعلى هذا فعدم إدراك لقمان بن عامر لأبي أمامة أولى.

ولقمان بن عامر معروف بالرواية عن كثير بن مرة [معجم الصحابة لابن قانع (3/ 151)، تاريخ دمشق (62/ 192)، تهذيب الكمال (24/ 158 و 247)،، فلا يبعد أن يكون أخذه عنه مرسلًا [كما سبق بيانه]، ثم قلبه فرج بن فضالة، وجعله عن لقمان عن أبي أمامة متصلًا، وقد قال ابن حبان في فرج:"يقلب الأسانيد".

وهذا من أقوى الأسباب التي صرفتني عن تقوية مرسل كثير بن مرة بحديث أبي أمامة هذا، والله أعلم.

وفرج بن فضالة: ضعيف، حديثه عن أهل الشام أحسن حالًا من حديثه عن أهل الحجاز، فإنه يروي عنهم المناكير، قال أحمد بن حنبل:"فرج بن فضالة إذا حدث عن الشاميين: فليس به بأس، ولكن حدث عن يحيى بن سعيد بمناكير"، وقال أبو حاتم:"صدوق يكتب حديثه، ولا يحتج به، حديثه عن يحيى بن سعيد فيه إنكار، وهو في غيره أحسن حالًا، وروايته عن ثابت لا تصح"، وقال البرقاني للدارقطني: "فحديثه عن لقمان بن

ص: 362

عامر عن أبي أمامة؟ فقال: هذا كأنه قريب، يُخرَّج" [انظر: تاريخ دمشق (48/ 254)، التهذيب (3/ 382) وغيرهما].

قلت: أما قول أبي حاتم فليس فيه -في مسألتنا هذه- سوى أنه يكتب حديثه عن أهل الشام، لكونه فيهم أحسن حالًا من غيرهم، وأما قول الدارقطني:"كأنه قريب، يُخرَّج"، فلا يعني الاحتجاج به بمجرده، بل قد أنكر ابن عدي أحاديث بهذا الإسناد على الفرج بن فضالة، وقال:"وهذه الأحاديث التي أمليتها عن لقمان بن عامر عن أبي أمامة: غير محفوظة"[الكامل (6/ 29)].

فدل ذلك على أنه يروي مناكير عن أهل الشام أيضًا، بل وبهذا الإسناد، لذا فقد أطلق جماعة عليه الضعف بغير تفصيل، واتفق يحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي على ترك حديثه، وابن عدي لم يتوسط فيه، ولم يقل بأنه لا بأس به، على عادته في أمثاله، ولكن قال:"وله غير ما أمليت أحاديث صالحة، وهو مع ضعفه يكتب حديثه"، وذهب ابن حجر في التقريب (493) إلى تضعيفه، غير عابئ بقول من وثقوه، أو قووا حديثه عن أهل الشام، لكن يمن أن يقال بأن حديثه عن أهل الشام صالح في المتابعات والشواهد، دون حديثه عن أهل الحجاز، لا سيما يحيى بن سعيد، فهو منكر، والله أعلم.

***

667 -

. . . أبان، عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"رُصُّوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق، فوالذي نفسي بيده! إني لأرى الشيطان يدخل من خَلَل الصفِّ كأنها الحَذَفُ".

• حديث صحيح.

أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 92/ 815)، وفي الكبرى (1/ 432/ 891)، وابن خزيمة (3/ 22/ 1545)، وابن حبان (14/ 251/ 6339)، والضياء في المختارة (7/ 40 - 42/ 2432 - 2434 و 2436)، وأحمد (3/ 260 و 283)، وأبو العباس السراج في مسنده (741)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 178/ 1981)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 102 - 103)، والبيهقي (3/ 100)، والبغوي في شرح السنة (3/ 368/ 813).

جاء التصريح بسماع قتادة من أنس لهذا الحديث من رواية أبي هشام المغيرة بن سلمة المخزومي [وهو: ثقة ثبت][عند النسائي]، وأسود بن عامر شاذان [ثقة][عند أحمد].

• روى هذا الحديث عن أبان بن يزيد العطار: مسلم بن إبراهيم الأزدي الفراهيدي [ثقة مأمون]، وأبو هشام المغيرة بن سلمة المخزومي [ثقة ثبت]، وعفان بن مسلم [ثقة ثبت]، وأسود بن عامر [ثقة].

واختلف فيه على مسلم بن ابراهيم:

ص: 363

أ- فرواه عنه به هكذا: أبو داود [سليمان بن الأشعث: الإمام، ثقة حافظ، ثبت حجة]، ومحمد بن معمر بن ربعي القيسي [صدوق]، ويوسف بن موسى بن راشد القطان [صدوق]، وعلي بن عبد العزيز البغوي [ثقة حافظ]، وعبيد بن الحسن بن يوسف أبو عبد الله الغزال [كان حافظًا. طبقات المحدثين بأصبهان (3/ 313)، تاريخ أصبهان (2/ 102)]، ويوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم الأزدي القاضي [ثقة حافظ. تاريخ بغداد (14/ 310)، الإرشاد (2/ 608)، السير (14/ 85)، التذكرة (2/ 660)].

ب- وخالفهم: محمد بن الأزهر السجزي: حدثنا مسلم بن إبراهيم: حدثنا أبان، وشعبة، قالا: حدثنا قتادة، عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رصوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأكتاف، فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشيطان يدخل من خلل الصف كأنها الحذف".

أخرجه ابن حبان (5/ 539 - 540/ 2166)، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن محمد [السرخسي الدغولي: ثقة حافظ. السير (14/ 557)]، حدثنا محمد بن الأزهر به.

قلت: وهذه رواية شاذة، بذكر شعبة في إسناده، وذكر الأكتاف بدل: الأعناق، ومحمد بن الأزهر بن حريث، أبو جعفر السجزي: قال عنه الذهبي: "ثقة، رحال، عالي الرواية"[تاريخ الإسلام (19/ 237)]، لكنه قد خالف في إسناده ومتنه جماعة الثقات من أصحاب مسلم بن إبراهيم، لا سيما أبو داود السجستاني، والله أعلم.

قال النووي في الخلاصة (2/ 708/ 2476)، وفي رياض الصالحين (1092):"حديث صحيح، رواه أبو داود بإسناد على شرط مسلم".

قلت: هو كما قال: صحيح، لكن على شرط الشيخين [انظر: التحفة (1131)، البخاري (2320)، مسلم (1553)].

وقد صححه ابن خزيمة وابن حبان والضياء، واحتج به أبو داود والنسائي.

• وله طرق أخرى عن أنس:

1 -

روى أبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 87)، قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن الخصيب [ابن رستة الضبي أبو علي الجرواءاني: ترجم له أبو نعيم في تاريخ أصبهان بهذا الحديث وآخر، وهو شيخ لأبي نعيم، مجهول الحال. تاريخ أصبهان (2/ 87)، الأنساب (2/ 49)، معجم البلدان (2/ 130)] ثنا إبراهيم بن عبد الله بن محمد الزبيبي [أبو إسحاق العسكري، من عسكر مكرم، روى عنه: ابن شاهين وابن المقرئ وجماعة. الإكمال (4/ 204)، الأنساب (3/ 134)، تاريخ الإسلام (23/ 621)، توضيح المشتبه (4/ 332)]: ثنا محمد بن عبد الأعلى [الصنعاني البصري: ثقة]: ثنا عمران بن عيينة: ثنا عطاء بن السائب، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رصوا صفوفكم؛ فإن الشيطان يقوم بين الخلل، وإن ناركم هذه جزء من سبعين جزءًا من حر نار جهنم، ولكن الله أعانكم عليها فضربها بالماء ضربتين".

ص: 364

قلت: هذا الحديث له طرفان:

• أما الثاني: فيرويه من حديث أنس:

أ- إسماعيل بن أبي خالد، عن نفيع بن الحارث أبي داود، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن ناركم هذه جزء من سبعبن جزءًا من نار جهنم، ولولا أنها أطفئت بالماء مرتين ما انتفعتم بها، وإنها لتدعو الله عز وجل أن لا يعيدها فيها".

أخرجه ابن ماجه (4318)، وهناد في الزهد (1/ 167/ 234)[لكن وقع عنده موقوفًا]. وابن أبي الدنيا في صفة النار (155).

وهذا إسناد واهٍ بمرة، أبو داود الأعمى نفيع بن الحارث: متروك، منكر الحديث، كان يكذب [الاستغناء (1/ 604/ 670)، التهذيب (4/ 239)، التقريب (632)، وقال: "متروك، وقد كذبه ابن معين"].

ب- بكر بن بكار [ضعيف]: ثنا جسر بن فرقد [ضعيف]: ثنا الحسن، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ناركم هذه جزء من سبعبن جزءًا من نار جهنم، ولولا أنها غمست في الماء مرتين ما استمتعتم بها، وايم الله إن كانت لكافية، وإنها لتدعو الله -أو: تستجير الله- أن لا يعيدها في النار أبدًا".

أخرجه الحاكم (4/ 593).

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه بهذه السياقة".

فتعقبه الذهبي بقوله: "جسر: واهٍ، وبكر: قال النسائي: ليس بثقة".

وقال المنذري في الترغيب (4/ 249/ 5542): "رواه ابن ماجه بإسناد واهٍ، والحاكم عن جسر بن فرقد -وهو واهٍ- عن الحسن عنه، وقال: صحيح الإسناد".

وضعف الإسنادين أيضًا: ابن رجب في التخويف من النار (40)، والبوصيري في مصباح الزجاجة (4/ 261/ 3451)، وغيرهم.

قلت: هو منكر من حديث الحسن موصولًا، وقد روي عن الحسن مرسلًا.

ج- قال البزار (13/ 117 / 6497): حدثنا أحمد بن مالك القشيري: نا زائدة بن أبي الرقاد، عن زياد النميري، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه ذكر ناركم هذه فقال: "إنها لجزء من سبعين جزءًا من نار جهنم، وما وصلت إليكم حتى -أحسبه قال:- نُضِحت مرتين بالماء لتضيء لكم، ونار جهنم سوداء مظلمة".

قال البزار بعد أن أخرج عدة أحاديث بهذا الإسناد: "وزائدة بن أبي الرقاد: رجل من أهل البصرة باهلي، حدث عن ثابت، وعن زياد النميري، وعن غيرهم، وإنما يكتب من حديثه ما ينفرد به.

وزياد النميري: ليس به بأس، حدث عنه جماعة من أهل البصرة، ولو عرفنا هذه الأحاديث عن غير زائدة لحدثنا بها عنه".

قال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء (2/ 1255/ 4535): "ضعيف".

ص: 365

وقال الهيثمي في المجمع (10/ 388): "رواه البزار، ورجاله ضعفاء على توثيق لين فيهم".

قلت: زياد بن عبد الله النميري: ضعيف، وزائدة بن أبي الرقاد: منكر الحديث، روى عن زياد النميري عن أنس: أحاديث مرفوعة منكرة [التهذيب (1/ 620)]، وشيخ البزار قال الهيثمي في المجمع (10/ 348):"لم أعرفه"، ولم أجد له ترجمة.

فهو منكر من حديث أنس.

وأصل الحديث متفق عليه [البخاري (3265)، مسلم (2843)]، من حديث أبي هريرة مرفوعًا بلفظ:"ناركم جزء من سبعين جزءًا من نار جهنم، قيل: يا رسول الله! إن كانت لكافية! قال: "فُضِّلت عليهنَّ بتسعة وستين جزءًا، كلُّهنَّ مثلُ حرِّها"، لفظ البخاري.

• وأما الطرف الأول فيرويه عطاء بن السائب، وقد اختلف عليه فيه:

أ- فرواه عمران بن عيينة [صالح، ضعفه أبو زرعة، وقال أبو حاتم: "لا يحتج بحديثه؛ فإنه يأتي بالمناكير". التهذيب (3/ 321)، والإسناد إليه غريب]: ثنا عطاء بن السائب، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

فذكره.

وتابعه على هذا الوجه بموضع الشاهد فقط:

أبو الأحوص سلام بن سليم [ثقة ثبت]، وجعفر بن زياد الأحمر [صدوق]، وإبراهيم بن طهمان [ثقة يغرب]، وجرير بن عبد الحميد [ثقة]، وزياد بن عبد الله البكائي [صدوق]:

عن عطاء بن السائب، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "راصُّوا الصفوف؛ فإن الشياطين تقوم في الخَلَل".

أخرجه أحمد (3/ 154)، وابن عدي في الكامل (3/ 192) و (5/ 363)، والدارقطني في العلل (12/ 230 و 231/ 2657).

وعطاء عن أنس: مرسل [الثقات (7/ 251)، علل الدارقطني (12/ 231/ 2657)].

ب- ورواه عَبيدة بن حميد [صدوق]، وأبو يحيى التيمي إسماعيل بن إبراهيم الأحول [ضعيف]:

عن عطاء بن السائب، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"راصُّوا الصفوف؛ فإن الشيطان يقوم في الخلل".

أخرجه الدارقطني في العلل (12/ 230/ 2657).

قال الدارقطني: "والاضطراب فيه من عطاء بن السائب".

قلت: الأقرب أن هذا الحديث رواه عطاء بعد اختلاطه، ولم يُذكر أحد من هؤلاء فيمن روى عنه قبل الاختلاط [انظر: تاريخ ابن معين للدوري (2/ 403)، الجرح والتعديل (6/ 334)، المعرفة والتاريخ (3/ 84)، الكواكب النيرات (39)، مسائل أحمد لأبي داود (1847 - 1853)، الضعفاء الكبير (3/ 399)، الكامل (5/ 361)، التقييد والإيضاح

ص: 366

423 -

، التاريخ الكبير (3/ 160)، شرح علل الترمذي (735)، التهذيب (3/ 104)، هدي الساري (446)] [راجع الحديث المتقدم برقم (249)].

وما روى عطاء بعد اختلاطه فلا يحتج به، ويزيد بن أبان الرقاشي: ضعيف.

• ويُروى من وجه آخر عن يزيد:

2 -

رواه الربيع بن صبيح، عن يزيد بن أبان، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أقيموا صفوفكم، وتراصوا، فوالذي نفسي بيده! إني لأرى الشياطين بين صفوفكم؛ كأنها غنم عفر"[أي: بيض، غير ناصعة البياض].

أخرجه الطيالسي (3/ 578/ 2222)، ومن طريقه: أبو نعيم في الحلية (6/ 309).

وإسناده ضعيف؛ يزيد بن أبان الرقاشي: ضعيف، والربيع بن صبيح: ليس بالقوي [انظر: التهذيب (1/ 593)، الميزان (2/ 41)].

ومثله يصلح في المتابعات، والله أعلم.

• وله شاهد من حديث ابن عباس:

يرويه محمد بن فضيل [صدوق]، عن الوليد بن جميع [نسب إلى جده، وهو: ابن عبد الله بن جميع: لا بأس به، من الخامسة]، عمن حدثه، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "راصُّوا الصفوف؛ فإني رأيت الشياطين تخللكم، كأنها أولاد الحذف".

أخرجه ابن أبي شيبة في المسند (3/ 641/ 394 - مطالب)، وأبو يعلى (4/ 474/ 2607) و (5/ 64/ 2657).

وهذا إسناد ضعيف؛ لأجل المبهم، وهو شاهد جيد لحديث أنس.

• وشاهد آخر من حديث البراء بن عازب:

يرويه الحسن بن عبيد الله النخعي، عن طلحة بن مصرف، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أقيموا صفوفكم [وفي رواية: تراصوا في الصف]؛ لا يتخللكم الشياطين كأولاد الحذف"، قيل: يا رسول الله! وما أولاد الحذف؟ قال: "ضأن سود جرد، تكون بأرض اليمن"، وفي رواية:"غنم سود صغار تكون باليمن".

وهو حديث شاذ، تقدم بيانه تحت الحديث رقم (664).

• وجاء موقوفًا عن ابن مسعود:

قال الطبراني في الكبير (9/ 275/ 9376): حدثنا يوسف القاضي [هو يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم الأزدي القاضي: ثقة حافظ. تاريخ بغداد (14/ 310)، الإرشاد (2/ 608)، السير (14/ 85)]: ثنا عمرو بن مرزوق [الباهلي: ثقة]: أنا شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال: سوُّوا صفوفكم؛ فإن الشيطان يتخلَّلها كالحذف، أو كأولاد الحذف.

ورواه أبو داود الطيالسي [ثقة حافظ]، عن شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الأحوص، قال: قال عبد الله: سوُّوا صفوفكم.

ص: 367

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 309/ 3535).

فهو موقوف على ابن مسعود بإسناد صحيح.

• قال مسلم بن إبراهيم راوي الحديث عن أبان [عند ابن خزيمة وابن حبان] في تفسير قوله: "الحدف": "يعني: النقد الصغار"، قال ابن خزيمة:"النقد الصغار: أولاد الغنم"، وذكره أبو عبيد في غريب الحديث (3/ 206)، لكنه مال إلى القول بأنها ضأن سود جرد صغار تكون باليمن، كما جاء في حديث البراء، من طريق الحسن بن عبيد الله، وتقدم الكلام عليه قريبًا [تحت الحديث رقم (664)]، قال أبو عبيد:"وهو أحب التفسيرين إليَّ؛ لأن التفسير في نفس الحديث".

***

668 -

. . . شعبة، عن قتادة، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سَوُّوا صفوفكم؛ فإن تسوية الصف من تمام الصلاة".

• حديث متفق عليه.

أخرجه البخاري (723)، ومسلم (433)، وأبو عوانة (1/ 379/ 1372 و 1373)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 57/ 968)، وابن ماجه (993)، والدارمي (1/ 323/ 1363)، وابن خزيمة (3/ 21/ 1543)، وابن حبان (5/ 545 و 548/ 2171 و 2174)، والحاكم (1/ 217)، وأحمد (3/ 177 و 179 و 254 و 274 و 279 و 291)، وابنه عبد الله في زيادات المسند (3/ 279)، والطيالسي (3/ 482/ 2094)، وابن أبي شيبة (1/ 308/ 3528)، والبزار (13/ 402 و 424/ 7109 و 7158)، وأبو يعلى (5/ 354 و 391 و 437 و 477/ 2997 و 3055 و 3137 و 3212 و 3213)، وأبو العباس السراج في مسنده (740 و 742 و 743)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 177/ 1978)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (1/ 169 - 170)، وابن الأعرابي في المعجم (1/ 68/ 97)، وأبو الشيخ في الفوائد (9)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 32 و 33)، والخليلي في الإرشاد (2/ 487)، وابن حزم (4/ 55)، والبيهقي (3/ 99 - 100)، والخطيب في تاريخ بغداد (11/ 227)، والبغوي في شرح السنة (3/ 368/ 812)، وقال:"هذا حديث متفق على صحته". وابن عساكر في تاريخ دمشق (54/ 94).

وهكذا لفظ مسلم، ولفظ البخاري من طريق أبي الوليد الطيالسي:"سَوُّوا صفوفكم؛ فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة".

رواه عن شعبة به هكذا: محمد بن جعفر غندر، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وخالد بن الحارث، وبهز بن أسد، وأبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك، ووكيع بن الجراح، وعفان بن مسلم، ويزيد بن زريع، وسليمان بن حرب، وعلي بن نصر الجهضمي، وأبو داود الطيالسي، وأبو النضر هاشم بن القاسم، وبدل بن

ص: 368

المحبر، وسعيد بن عامر الضبعي، وبشر بن عمر الزهراني، وحَبَّان بن هلال، وأبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي، وشعيب بن حرب، وأسد بن موسى، وحجاج بن محمد، وعبد الملك بن إبراهيم الجدي، وعمرو بن مرزوق.

وقالوا: "من تمام الصلاة"، عدا أبي الوليد، فقال في رواية البخاري عنه:"من إقامة الصلاة"، وفي رواية أبي داود وعثمان بن سعيد وأبي خليفة الفضل بن الحباب: عنه [عند: أبي داود، وابن حبان، والبيهقي، وابن عساكر]: "من تمام الصلاة"، كالجماعة.

وعدا أبي داود الطيالسي عند أبي يعلى (3213)، وهي في مسنده كالجماعة.

وقال وكيع: "أقيموا صفوفكم؛ فإن من حسن الصلاة إقامة الصف"، وفي لفظ له:"أتموا صفوفكم؛ فإن تسوية الصف [يعني:] من تمام الصلاة".

وقال خالد بن الحارث: "أتموا صفوفكم"، وقال يحيى القطان:"أقيموا صفوفكم".

قال الحاكم بعد أن أخرجه من طريق وكيع: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وإنما اتفقا على غير هذا اللفظ، وهو: أن تسوية الصف من تمام الصلاة".

• وخالفهم: محمد بن بكر البرساني [صدوق]، فرواه عن سعيد وشعبة، عن قتادة، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"سَوُّوا صفوفكم؛ فإن تسوية الصف من تمام الصلاة". أخرجه البزار (13/ 402/ 7108).

هكذا بلفظ شعبة، وحمل لفظ حديث سعيد بن أبي عروبة على لفظ حديث شعبة، وقرن بينهما في إسناد واحد، وهذا وهمٌ؛ فإن لفظ حديث ابن أبي عروبة مختلف عن لفظ حديث شعبة، ويأتي برقم (671).

• هكذا روى هذا الحديث عن شعبة جماعة الحفاظ من أصحابه السابق ذكرهم، وخالفهم في لفظه، أو دخل له حديث في حديث:

أبو عمر حفص بن عمر الحوضي [ثقة ثبت]، قال: ثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لتستوُّن [وفي رواية: لتسوُّن صفوفكم]، أو ليخالفن الله بين وجوهكم".

أخرجه ابن المظفر في غرائب حديث شعبة (37)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 214).

من طريق: عيسى بن شاذان: ثنا حفص به.

قلت: هذا المتن إنما يرويه شعبة، عن سماك، عن النعمان بن بشير [وتقدم برقم (663)]، ورواه شعبة أيضًا، عن عمرو بن مرة، قال: سمعت سالم بن أبي الجعد الغطفاني، قال: سمعت النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لتُسَوُّنَّ صفوفكم، أو ليُخالِفنَّ الله بين وجوهكم"[وتقدم تحت الحديث رقم (665)].

وأما بهذا الإسناد: قتادة عن أنس، فلفظه كما رواه جماعة الحفاظ عن شعبة، لذا فالأقرب أنه دخل لراويه حديث في حديث، ولعل هذا من عيسى بن شاذان الراوي عن حفص، فإنه وإن كان حافظًا، إلا أن ابن حبان قال بأنه كان ممن يُغرب، والله أعلم.

ص: 369

• وفي سماع قتادة لهذا الحديث من أنس قصة، وقد رواه البخاري بالعنعنة بلا سماع، وأما مسلم فرواه من طريق غندر، عن شعبة، قال: سمعت قتادة يحدث عن أنس، وليس في هذا ما يدل على أن قتادة سمع هذا الحديث من أنس.

وقد وقع خارج الصحيح ما يدل على أن شعبة كان يجزم بأن قتادة لم يسمع هذا الحديث من أنس:

فقد وقع في رواية ابن مهدي [ثقة ثبت، إمام حافظ حجة، من أثبت الناس في شعبة][عند: السراج وأبي نعيم] أن شعبة قال: "لم أُداهِن إلا في هذا الحديث"، وقال مرة أخرى:"ما سمعت من رجل حديثًا إلا قال لي: حدثني، أو حدثنا؛ إلا حديثًا واحدًا"، فذكره، ثم قال:"فكرهت أن يفسد عليَّ من جودة الحديث".

وقال مرة أخرى [عند ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل]: "سمعت شعبة يقول: كنت أنظر إلى فم قتادة، فإذا قال للحديث: حدثنا، عنيت به، فوقفته عليه، وإذا لم يقل: حدثنا، لم أُعنَ به، وإنه حدثنا عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "سووا صفوفكم؛ فإن تسوية الصف من تمام الصلاة فكرهت أن أوقفه عليه فيفسده عليَّ، فلم أوقفه عليه".

وقال يحيى بن سعيد القطان [ثقة ثبت، إمام حافظ حجة، من أثبت الناس في شعبة][عند الخليلي]: "سمعت شعبة يقول: كنت أنظر إلى فم قتادة، ولم أتغافل إلا في حديثٍ؛ خشيت أن يفسده عليَّ، وهو ما قال لي عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سووا صفوفكم؛ فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة"".

وقال علي بن المديني: "سمعت يحيى يقول: كل شيء حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس: فهو على السماع من أنس؛ إلا حديث إقامة الصف، قال: قلت ليحيى: شعبة أجمل هذا لك؟ قال: نعم"[الجرح والتعديل (1/ 239)].

وقال شعبة في رواية حَبان بن هلال [وهو: ثقة ثبت، قال فيه أحمد: "إليه المنتهى في التثبت بالبصرة"][عند السراج]: "قتادة أخبرني عن أنس، ولم يسمعه من أنس".

وقال أسد بن موسى [ثقة][عند أبي عوانة]: "سمعت شعبة يقول: كان همتي من الدنيا شفتي قتادة، فإذا قال: سمعت كتبت، وإذا قال: قال تركت، وأنه حدثني بهذا عن أنس بن مالك، -يعني: حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "سوُّوا صفوفكم؛ فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة"- فلم أسأله: أسمعته، مخافة أن يفسده عليَّ".

وقال أبو الوليد الطيالسي [ثقة ثبت][عند ابن عساكر]: "قال شعبة: لم يمنعني أن أسأل قتادة: سمعت من أنس؟ إلا أن يفسده عليَّ".

وقال أبو داود الطيالسي [ثقة حافظ][عند أبي يعلى]: "قال شعبة: داهنت في هذا، لم أسأل قتادة، سمعه أم لا".

وقال بدل بن المحبر [ثقة ثبت][عند ابن الأعرابي]: "نا شعبة، عن قتادة -وكان بهذا الحديث معجبًا-، عن أنس"، فذكره.

ص: 370

وقال الإمام أحمد: "قال أبو قَطَن: سمعت شعبة يقول عن قتادة: ما رفعه، فظننت أنه يعني الحديث، فقال لي عبد الله بن عثمان: هذا أحدها"[مسند أحمد (3/ 274)، المعرفة والتاريخ (3/ 142)].

وقال أبو داود في سؤالاته للإمام أحمد (538): "سئل أحمد: مَن الذي قال: تجوَّزتُ عن أربعة أحاديث لقتادة؟ قال: شعبة، أحدها: "أقيموا صفوفكم"".

قال ابن حجر في الفتح (2/ 209) معلقًا على رواية الطيالسي: "ولم أره عن قتادة إلا معنعنًا، ولعل هذا هو السر في إيراد البخاري لحديث أبي هريرة معه في الباب تقوية له".

قلت: والأقرب عندي -والله أعلم- أن جزم شعبة بعدم سماع قتادة لهذا الحديث من أنس كان اجتهادًا منه، معتمدًا فيه على الظن، فإنه لم يسأله، ولو سأله لبين له قتادة؛ سمعه أم لا، فلما لم يسأله خاف أن يكون من غير سماع، ثم غلب على ظنه عدم السماع فجزم به، وأصل هذا الحديث قد رواه عن قتادة جماعة من أصحابه، مثل: همام، وأبان، ومعمر، وغيرهم، وقد وقع التصريح بسماعه من أنس في رواية أبان [السابق ذكرها برقم (667)]، نعم بلفظ مختلف، لكن يبدو لي أنه حديث واحد رواه قتادة على وجوه، والله أعلم.

ولم يكن ليخفى قول شعبة هذا على الشيخين، لكن لما ترجح لهما اتصال الحديث، وعدم انقطاعه: أخرجاه، فلم يثبت في طرق الحديث أن قتادة دلسه، أو أنه سمعه من أنس بواسطة، بل ثبت سماعه منه في رواية أبان المتقدمة، والله أعلم.

• وممن تابع شعبة على لفظه هذا، أو قريبًا منه:

أ- همام بن يحيى [ثقة، من أصحاب قتادة]، عن قتادة، عن أنس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن من حسن الصلاة إقامة الصف".

أخرجه أحمد (3/ 122).

وإسناده صحيح على شرط الشيخين.

ب- معمر بن راشد، عن قتادة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، يعني: مثل حديث جابر الآتي في الشواهد بلفظ: "إن من تمام الصلاة إقامة الصف".

أخرجه عبد الرزاق (2/ 44/ 2426)، ومن طريقه: أبو يعلى (5/ 463/ 3188).

ومعمر سيئ الحفظ لحديث قتادة؛ لأنه إنما جلس إليه وهو صغير فلم يحفظ عنه [انظر: شرح علل الترمذي (698)]، فهو جيد في المتابعات.

ج- مسعر بن كدام [ثقة ثبت]، عن قتادة، عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أقيموا صفوفكم؛ فإن من حسن الصلاة إقامة الصف".

أخرجه الطبراني في الأوسط (1/ 152/ 475) و (5/ 264/ 5271)، وأبو بكر ابن المقرئ في معجمه (679)[لكن سقط مِن إسناده مَن بين ابن المقرئ والعدني]. وأبو نعيم في الحلية (7/ 259) و (8/ 301).

ص: 371

من طرقٍ: عن محمد بن أبي عمر العدني، قال: حدثنا بشر بن السري، قال: حدثنا مسعر به.

قال الطبراني: "لم يروه عن مسعر إلا بشر بن السري، ولا رواه عن بشر إلا ابن أبي عمر".

وقال أبو نعيم: "تفرد به بشر بن السري عن مسعر".

وقال مرة أخرى: "غريب من حديث مسعر، تفرد به: بشر".

قلت: بشر بن السري: ثقة متقن، وهو بصري، سكن مكة، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر العدني، نزيل مكة: حافظ صدوق، لكن كانت فيه غفلة.

فهو إسناد حسن، لكنه غريب؛ لتفرد أهل مكة به عن أهل العراق، وهو غريب من حديث مسعر بن كدام الكوفي، تفرد به عنه: بشر بن السري البصري، نزيل مكة.

• وقد صح عن عثمان نحو ذلك قوله، موقوفًا عليه:

فقد روى مالك، عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله، عن مالك بن أبي عامر: أن عثمان بن عفان كان يقول في خطبته، قل ما يدع ذلك إذا خطب: إذا قام الإمام يخطب يوم الجمعة فاستمعوا وأنصتوا، فإن للمنصت الذي لا يسمع من الحظ مثل ما للمنصت السامع، فإذا قامت الصلاة فاعدلوا الصفوف، وحاذوا بالمناكب، فإن اعتدال الصفوف من تمام الصلاة، ثم لا يكبر، حتى يأتيه رجال قد وكَّلهم بتسوية الصفوف، فيخبرونه أن قد استوت، فيكبر.

أخرجه مالك في الموطأ (1/ 160/ 275)، وعنه: الشافعي في الأم (1/ 203)، وفي المسند (68)، ومن طريقه: عبد الرزاق (3/ 213/ 5373)، وابن أبي شيبة (1/ 309/ 3532)، والبيهقي في السنن (3/ 220)، وفي المعرفة (2/ 503/ 1755)، وفي القراءة خلف الإمام (315 و 316).

تنبيه: وقع عند ابن أبي شيبة التصريح بسماع مالك بن أبي عامر خطبة عثمان هذه، فقال: حدثنا ابن إدريس، عن مالك بن أنس، عن سالم أبي النضر، عن مالك بن أبي عامر، قال: سمعت عثمان

فذكره.

وأخرجه من طريق أخرى عن مالك بن أبي عامر به مثله: عبد الرزاق (2/ 49/ 2442)، وعلي بن حجر في حديثه عن إسماعيل بن جعفر (458).

وهذا إسناد مدني صحيح، عن عثمان قوله وفعله، ومالك بن أبي عامر الأصبحي: تابعي كبير، ثقة، جد مالك بن أنس، سمع عمر وعثمان [التهذيب (4/ 13)، التاريخ الكبير (7/ 307)].

وله طرق أخرى عن عثمان بنحوه، أو مختصرًا [عند: عبد الرزاق (2/ 48 و 49/ 2440 و 2443)، وابن الأعرابي في المعجم (3/ 958/ 2037)].

***

ص: 372

669 -

. . . حاتم بن إسماعيل، عن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، عن محمد بن مسلم بن السائب، صاحب المقصورة، قال: صليتُ إلى جَنْب أنس بن مالك يومًا، فقال: هل تدري لم صُنِع هذا العُودُ؟ فقلت: لا، والله، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضعُ عليه يده فيقول: "استَوُوا، واعْدِلوا صفوفَكم".

• حديث حسن غريب.

أخرجه أحمد (3/ 254)، والطحاوي في المشكل (14/ 295/ 5628)، والبيهقي (2/ 22)، والبغوي في شرح السنة (3/ 367/ 811).

وفي أوله قصة: قال مصعب بن ثابت: طلبنا عِلْمَ [هذا] العُود الذي في مقام الإمام [في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم]، فلم نقدر على أحدٍ يذكر لنا فيه شيئًا، قال مصعب: فأخبرني محمد بن مسلم،

فذكره، وفيه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع عليه يمينه ثم يلتفت إلينا

الحديث [عند: أحمد والطحاوي].

ولم ينفرد به حاتم بن إسماعيل [مدني، صدوق]، فقد تابعه عليه: بشر بن السري [بصري، سكن مكة، ثقة متقن]، وحميد بن الأسود [بصري، صدوق، عنده مناكير]، وهو الحديث الآتي:

***

670 -

. . . حميد بن الأسود: حدثنا مصعب بن ثابت، عن محمد بن مسلم، عن أنس -بهذا الحديث-، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة أخذه بيمينه، ثم التفت، فقال:"اعتَدِلوا، سوُّوا صفوفكم" ثم أخذه بيساره، فقال:"اعتَدِلوا، سوُّوا صفوفكم".

• حديث حسن غريب.

أخرجه ابن حبان (5/ 543/ 2168)، والبيهقي (2/ 22) و (3/ 130)، والبغوي في شرح السنة (3/ 368/ 811 م)، والمزي في التهذيب (26/ 411 - 412).

ولفظه بتمامه عند ابن حبان: قال مصعب بن ثابت: جئت فقعدت، فقال محمد بن مسلم بن خباب: جاء أنس بن مالك فقعد مكانك هذا، فقال: تدرون ما هذا العود؟ قلنا: لا، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة أخذ بيمينه، ثم التفت، فقال: اعتدلوا، سوُّوا صفوفكم"، ثم أخذ بيساره، ثم قال: "اعتدلوا، سوُّوا صفوفكم"، فلما هُدِم المسجدُ فُقِدَ، فالتمسه عمر رضوان الله عليه، فوجده قد أخذه بنو عمرو بن عوف، فجعلوه في مسجدهم، فانتزعه فأعاده.

ورواه أيضًا: بشر بن السري [ثقة متقن]: حدثنا مصعب بن ثابت بن عبد الله بن

ص: 373

الزبير: حدثنا محمد بن مسلم بن خباب، عن أنس بن مالك: أن عمر لما زاد في المسجد غفلوا عن العود الذي كان في القبلة، قال أنس: أتدرون لأي شيء جعل ذلك العود؟ فقالوا: لا، فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أقيمت الصلاة أخذ العود بيده اليمنى، ثم التفت، فقال:"اعدِلوا صفوفكم، واستووا"، ثم أخذ بيده اليسرى، ثم التفت، فقال:"اعدلوا صفوفكم".

أخرجه ابن حبان (5/ 544/ 2170).

قلت: الحديث استشهد به أبو داود ضمن أحاديث الباب في تسوية الصفوف، وصححه ابن حبان، ومحمد بن مسلم بن السائب بن خباب المدني، صاحب المقصورة: سمع أنسًا، وروى عنه: العلاء بن عبد الرحمن، ومصعب بن ثابت، وذكره ابن حبان في الثقات، وصحح له هذا الحديث في صحيحه، وهو قليل الرواية جدًّا؛ ففيه جهالة [التهذيب (3/ 695)].

[ينبغي التنبه لما وقع من تحريف في مستدرك الحاكم (4/ 96) لإسناد حديث: "إذا رأيت أمتي تهاب، فلا تقول للظالم: يا ظالم

" حيث وقع في إسناده من طريق سفيان الثوري: "عن الحسن بن عمرو، عن محمد بن مسلم بن السائب، عن عبد الله بن عمرو"، فقوله هنا: عن محمد بن مسلم بن السائب: وهم ظاهر، وإنما هو: محمد بن مسلم بن تدرس، أبو الزبير المكي، كما وقع من رواية الثوري للحديث عند: أحمد (2/ 190)، والحارث (761 - البغية)، والعقيلي (4/ 290)، والخرائطي في مساوئ الأخلاق (659)، وأبي بكر الشافعي في الغيلانيات (634)، والطبراني في مكارم الأخلاق (80)، والبيهقي في السنن (6/ 95)، وفي الشعب (6/ 80)، وكما رواه جماعة من الثقات عن الحسن بن عمرو، كما هو مبين في مصادر الحديث، انظر مثلًا: علل الترمذي الكبير (716)، مسند أحمد (2/ 163 و 190)، مسند البزار (6/ 363/ 2375)، معجم ابن الأعرابي (74)، الكامل (3/ 430 و 439) و (6/ 123)، أحاديث أبي الزبير عن غير جابر (16 و 20)، علل الدارقطني (13/ 347/ 3228)، وقد تبع ما في مستدرك الحاكم على ذلك الوهم: ابنُ حجر في الإتحاف (9/ 621/ 12073)، ولم ينبه عليه، وقصدي من هذا التنبيه: ألا يتوهم متوهم أن الحسن بن عمرو الفقيمي ممن يروي عن صاحب الترجمة، والله الموفق للصواب].

وأما مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي: فقد روى عنه ابن المبارك، ولم يتركه يحيى بن سعيد القطان، وليس هو بالقوي، ضعفه أحمد وابن معين، وقال أبو حاتم فيه على تشدده:"صدوق، كثير الغلط، ليس بالقوي"، والنسائي لما أخرج له في سننه حديثًا في قتل السارق، وأنكره عليه، قال:"وهذا حديث منكر؛ ومصعب بن ثابت: ليس بالقوي في الحديث"، وقال في الكبرى: "مصعب بن ثابت: ليس بالقوي، ويحيى القطان لم يتركه، وهذا الحديث ليس بصحيح، ولا أعلم في هذا الباب حديثًا

ص: 374

صحيحًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يضعفه جدًّا، وصحح له ابن خزيمة متابعة، ولم يحتج به على انفراده، وتردد فيه ابن حبان، فقال عنه في المجروحين:"منكر الحديث، ممن ينفرد بالمناكير عن المشاهير، فلما كثر ذلك منه استحق مجانبة حديثه"، ثم رجع فأدخله في الثقات، وقال:"وقد أدخلته في الضعفاء، وهو ممن استخرت الله فيه"، لذا فقد أخرج له في صحيحه ثلاثة أحاديث، ثم جاوز الحد، فقال في المشاهير:"من جلة أهل المدينة، ومتقنيهم"، وصحح له الحاكم أحاديث في مواضع من المستدرك، وذكره في المعرفة فيمن لم يحتج بحديثهم في الصحيح، ولم يسقطوا، واعتبره ممن قد اشتهر بالرواية، ولم يعد في طبقة الأثبات المتقنين الحفاظ [التهذيب (4/ 83)، إكمال مغلطاي (11/ 211)، الجرح والتعديل (8/ 304)، سؤالات البرذعي (541)، سنن النسائي الصغرى (8/ 90/ 4978)، السنن الكبرى (7/ 42/ 7429)، صحيح ابن خزيمة (727 و 1712) و (556)، المجروحين (3/ 28)، الثقات (7/ 478)، صحيح ابن حبان (5/ 331/ 1992) و (5/ 543 و 544/ 2168 و 2170) و (12/ 107 / 5296)، مشاهير علماء الأمصار (1092)، المستدرك (1/ 219) و (2/ 81 و 268 و 300 و 485) و (4/ 94 و 269)، معرفة علوم الحديث (255)، المحلى (8/ 99)، بيان الوهم (3/ 528/ 1303)، السير (7/ 29)].

قلت: كان مصعب من أعبد أهل زمانه، وأكثرهم صلاةً وصيامًا، وهذا دأب كثير من الصالحين والعباد، لا يضبطون الرواية، ويكثر منهم الوهم، بل ويجري الكذب على ألسنتهم وهم لا يشعرون، قال يحيى بن سعيد القطان:"لم نر الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث"، قال مسلم:"يجري الكذب على لسانهم، ولا يتعمدون الكذب"، وقال ابن القطان:"وذلك -والله أعلم- لسلامة صدورهم، وتحسينهم الظن بمن يحدثهم، ولتشاغلهم بما هم بسبيله عن حفظ الحديث وضبطه، وفهم معانيه"، وقال النووي:"لكونهم لا يعانون صناعة أهل الحديث، فيقع الخطأ في رواياتهم، ولا يعرفونه، ويروون الكذب، ولا يعلمون أنه كذب"[مقدمة صحيح مسلم (1/ 17)، بيان الوهم (4/ 672)، شرح مسلم للنووي (1/ 94)، شرح علل الترمذي (1/ 387)].

قلت: وعلى هذا فإن مصعب بن ثابت قد شغلته العبادة عن حفظ الحديث وضبطه، حتى كثر منه الوهم، لكنه لم يصل إلى حد المتروكين، بل ولا الضعفاء، وأكثر النقاد لينه لكثرة غلطه، فقال أبو حاتم، وأبو زرعة، والنسائي، والدارقطني، وابن حزم:"ليس بالقوي"، وهذه من أخف ألفاظ الجرح، فلم يضعفوه مثل أحمد وابن معين، مما يعني أنه لم يكثر خطؤه حتى يبلغ حد التضعيف، ولم يغلب خطؤه على صوابه حتى يترك، ومن ثم فإذا توبع في روايته دلنا ذلك على أنه حفظها وضبطها، بخلاف ما لو انفرد، فلا ندري حينئذ أصاب أم أخطأ، فكان الاحتياط ترك ما انفرد به حتى يتابع عليه، فتطمئن النفس إلى ثبوته، والله أعلم.

وفي هذا الحديث قد توبع مصعب على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلتفت، فيقول: "اعتَدِلوا،

ص: 375

سوُّوا صفوفكم"، من حديث أَنس، كما سيأتي ذكره، وأما قصة العود الَّذي في القبلة، في مقام الإمام، والذي صُنع لكي يضع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يده، فيقول: "استَوُوا، واعْدِلوا صفوفَكم"، فهذا في ثبوته نظر، إذ الإسناد إليه ضعيف؛ فلم يتابع عليه مصعب، لا من حديث أَنس، ولا من حديث غيره من الصحابة.

• فإني لم أر قصة العود الَّذي في القبلة، إلا في هذا الحديث، وحديث مرسل رواه عبد الرزاق (1/ 503/ 1930)، قال: أخبرنا ابن جريج، عن ابن شهاب، عن عروة، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما يقيم المؤذِّن ويسكتون، يتكلم بالحاجات ويقضيها، فجُعل له عود في القبلة كالوتد، يستمسك عليه لذلك.

وهذا على ضعفه [لإرساله، وضعف رواية ابن جريج عن الزهري]، فقد تابعه على أصل وجود العود في القبلة، لكن خالفه في علة وجوده، كذلك:

• فقد جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أسنَّ وحمل اللحم اتخذ عودًا يعتمد عليه في مصلاه:

لما روي من طريقين: عن شيبان بن عبد الرحمن، عن حصين بن عبد الرحمن، عن هلال بن يساف، قال: قدِمت الرَّقَّة، فقال لي في بعض أصحابي: هل لك في رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: قلت: نعم؛ غنيمة، فدفعنا إلى وابصة بن معبد، قلت لصاحبي: نبدأ فننظر إلى دَلِّه، فإذا عليه قلنسوة لاطية، ذات أذنين، وبُرْنُس خَزٍّ أغبر، وإذا هو معتمد على عصا في صلاته، فقلنا له بعد أن سلَّمنا؛ فقال: حدثتني أم قيس بنت محصن: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسنَّ وحمل اللحم اتخذ عمودًا [وفي رواية: عودًا] في الصلاة [وفي رواية: في مصلاه] يعتمد عليه.

أخرجه أبو داود (948)، ووكيع في أخبار القضاة (3/ 278)، والطبراني في الكبير (25/ 177/ 434)، والحاكم (1/ 264)، والبيهقي (2/ 288)، والبغوي في شرح السنة (3/ 248 - 249/ 731)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (62/ 342)، والمزي في التهذيب (17/ 184).

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، غير أنهما لم يخرجا لوابصة بن معبد لفساد الطريق إليه"، قلت: إسناد الحاكم إليه صحيح، لكنه ليس على شرطهما.

وضعفه ابن حزم في المحلى (4/ 49)، لأنَّ في إسناد أبي داود وغيره من يُجهل، ولم يقف على طريق الحاكم، ثم قال:"وليس فيه أنَّه كان صلى الله عليه وسلم يعتمد عليه في نفس الصلاة، والأحاديث الصحاح أنَّه صلى الله عليه وسلم كان يصلي قاعدًا، فإذا بقي عليه من القراءة مقدار ما قام فقرأ ثم ركع".

وأعله بنحو ذلك عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الكبرى (2/ 321)، وانظر: بيان الوهم (5/ 542/ 2773).

وإسناده صحيح، وهلال بن يساف قد سمع من وابصة بن معبد؛ كما في هذا

ص: 376

الحديث، وكما سوف يأتي بيانه - إن شاء الله تعالى - عند الحديث رقم (682).

وهذا مع صحته، ليس فيه التصريح باتخاذه في قبلة المسجد النبوي، إذ يحتمل أن يكون اتخذه في بيته، وهو الأظهر، والله أعلم.

وعلى هذا فلم أجد متابعًا لمصعب بن ثابت في قصة العود هذا، ومن المعلوم أنَّه غير الجذع الَّذي كان يستند إليه النبي صلى الله عليه وسلم حين الخطبة.

وانظر في شأن هذا العود: تاريخ مكة المشرفة لأبي البقاء الحنفي (273).

• والحاصل: أن هذا الحديث حسن لكون مصعب بن ثابت قد توبع على تسوية الصف من حديث أَنس، ولم أجد له متابعًا في ذكر هذا العود، إلا متابعة ضعيفة على أصله فقط، فهو غريب من هذا الوجه، والله أعلم.

***

671 -

. . . سعيد، عن قتادة، عن أَنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أَتِمُّوا الصفَّ المُقدَّم، ثم الَّذي يليه، فما كان من نقصٍ؛ فليكن في الصفِّ المؤخَّر".

• حديث صحيح.

أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 93 / 818)، وفي الكبرى (1/ 433/ 894)، وابن خزيمة (3/ 1546/22 و 1547)، وابن حبان (5/ 529/ 2155)، والضياء في المختارة (6/ 348 - 351/ 2376 - 2380)، وأحمد (3/ 132 و 215 و 233)، والبزار (13/ 387/ 7071 و 7072)، وأبو يعلى (5/ 450/ 3163)، وأبو العباس السراج في مسنده (767)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (57 و 58)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 178/ 1980)، وابن الأعرابي في المعجم (2/ 870/ 1813)، والطبراني في الأوسط (3/ 44/ 2419)، وأبو بكر القطيعي في جزء الألف دينار (225)، وابن حزم في المحلى (4/ 56)، والبيهقي (3/ 102)، والبغوي في شرح السنة (3/ 374/ 820).

هذا الحديث رواه عن سعيد بن أبي عروبة:

عبد الوهاب بن عطاء الخفاف [وهذا لفظه]، وخالد بن الحارث، ومحمد بن أبي عدي، ومحمد بن بكر البرساني، وأبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد، ومحمد بن عبد الله الأنصاري:

ولفظ خالد والبرساني: "أتموا الصف الأول، ثم الَّذي يليه، وإن كان نقص فليكن في الصف المؤخر".

وشذ أبو عاصم فرواه بلفظ: "أتموا الصف الأول والثاني، فإن كان نقصان كان في الثالث [أو الرابع] "، فلعله مما رواه ابن أبي عروبة بعد اختلاطه.

وفي رواية البيهقي: أن عبد الوهاب بن عطاء قال: سئل سعيد بن أبي عروبة عن فضل الصف المقدَّم؛ فأخبرنا عن قتادة، عن أَنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

فذكره.

ص: 377

تنبيه: وقع في مطبوعة ابن خزيمة: "ثنا أبو عاصم عن شعبة"، وهو وهم من الناسخ، ففي الإتحاف (2/ 189/ 1520) أن رواية أبي عاصم عن سعيد، لا عن شعبة، ويؤكد ذلك: أن السراج وابن المنذر أخرجاه من طرقٍ عن أبي عاصم، فقال: عن سعيد بن أبي عروبة، هكذا، مما يزيل الإشكال، ويرفع الإلباس.

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم أحدًا رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أَنس، ولا نعلم له طريقًا عن أَنس إلا هذا الطريق".

وقال النووي في الخلاصة (2/ 709/ 2480)، وفي المجموع (4/ 258)، وفي رياض الصالحين (1093):"رواه أبو داود بإسناد حسن".

قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد رواه عن ابن أبي عروبة ممن روى عنه قبل الاختلاط: خالد بن الحارث، ومحمد بن بكر البرساني، وعبد الوهاب روى عنه في الحالين، واستشهد الشيخان برواية ابن أبي عدي عنه.

• هكذا رواه عن سعيد بن أبي عروبة: خالد بن الحارث، وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف، وابن أبي عدي، ومحمد بن بكر البرساني، وأبو عاصم النبيل، ومحمد بن عبد الله الأنصاري.

وخالفهم: محمد بن سواء: ثنا سعيد: ثنا قتادة، عن أَنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تراصوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بين المناكب والأعناق، فوالذي نفس محمد بيده إني لأرى الشيطان يتحايكها من وراء الصفوف، كأنها الحذف".

أخرجه الضياء في المختارة (7/ 42/ 2435)، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن نصر بأصبهان [أبو جعفر الصيدلاني: نعته الذهبي بالشيخ المعمر الصدوق مسند الوقت. السير (21/ 430)]: أن أبا علي الحداد [الحسن بن أحمد بن الحسن: ثقة عالم إمام، مسند عصره، مقرئ مجود. السير (19/ 303)، معرفة القراء الكبار (1/ 382)] أخبرهم وهو حاضر: أبنا أبو نعيم [الأصبهاني الحافظ الكبير، صاحب الحلية وغيره]: أبنا محمد بن معمر بن ناصح [شيخ لأبي نعيم الأصبهاني، روى عنه جماعة، وترجم له أبو نعيم في تاريخ أصبهان، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا. تاريخ أصبهان (2/ 255)، تاريخ الإسلام (26/ 132)]: ثنا موسى بن هارون بن عبد الله البزاز [الحمال: ثقة حافظ]: ثنا محمد بن ثعلبة بن سواء [صدوق]: ثنا عمي محمد بن سواء به.

هكذا خالف محمد بن سواء أصحاب ابن أبي عروبة ممن سمع منه قبل الاختلاط وبعده، لا سيما وفيهم: خالد بن الحارث، الثقة الثَّبت، ومحمد بن سواء العنبري: صدوق، تأخر سماعه عن الخفاف، قال فيه أحمد في معرض الحديث عن أصحاب ابن أبي عروبة:"محمد بن سواء: هو عند أصحاب الحديث أحلى من الخفاف؛ إلا أن الخفاف أقدم سماعًا"[العلل ومعرفة الرجال (2/ 356/ 2576)]، وهو قديم السماع أيضًا؛ فقد قرنه أحمد بروح بن عبادة، وروح بن عبادة: ثقة، سمع من ابن أبي عروبة قبل

ص: 378

الاختلاط [التهذيب (1/ 614)]، قال عبد الله بن أحمد:"سئل أبي عن محمد بن سواء وروح في سعيد بن أبي عروبة؛ فقال: ما أقربهما"[العلل ومعرفة الرجال (2/ 472/ 3593)]، وقرنه البخاري في حديثٍ بيزيد بن زريع وكهمس بن المنهال، ثلاثتهم عن سعيد [البخاري (3686)]، وكان قبلُ وبعدُ أخرجه من طريق يحيى بن سعيد القطان عن سعيد [البخاري (3675 و 3697)]، فلا يخرج عن كونه متابعًا، وكذا فعل مسلم لما أخرج له عن سعيد، قرنه بعبد الأعلى بن عبد الأعلى [مسلم (1409)]، كما أن البخاري استغرب حديثًا رواه محمد بن سواء عن ابن أبي عروبة [علل الترمذي الكبير (646)] [وانظر فيمن ذكر أنَّه تفرد بحديث عن ابن أبي عروبة: مسند البزار (4317 و 7182)، أطراف الغرائب والأفراد (2/ 55 و 61/ 3992 و 4037)].

والحاصل: أن محمد بن سواء قد أخطأ في هذا الحديث، ويبدو في أنَّه دخل له حديث في حديث، فإن هذا اللفظ إنما هو لأبان عن قتادة عن أَنس [وتقدم برقم (667)]، ولا يُعرف من حديث ابن أبي عروبة، والله أعلم.

• وحاصل ما تقدم:

فإما أن يقال: كان عند قتادة عن أَنس في تسوية الصفوف ثلاثة أحاديث، حديث أبان [المتقدم برقم (667)]، وحديث شعبة وهمام ومعمر [المتقدم برقم (668)]، وحديث سعيد بن أبي عروبة، والأقرب عندي - والله أعلم -: أنهما حديثان فقط، فإن حديث ابن أبي عروبة: في الأمر بإتمام الصف المقدم فالذي يليه، وهذا المعنى غير موجود في حديث البقية، بينما حديث الجماعة عن قتادة فيدور حول تسوية الصف وإقامته، طوله قتادة واختصره، أو هكذا تحمله من أَنس، فروى كلٌّ عن قتادة بما سمع، والله أعلم.

• وممن وهم على قتادة؛ فأدخل على حديثه حديثًا في حديث:

سعيد بن بشير، عن قتادة، عن أَنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أقيموا صفوفكم إذا ركعتم وسجدتم، فإني أراكم من بعد ظهري".

أخرجه الطبراني في الأوسط (8/ 365/ 8886)، وفي مسند الشاميين (4/ 14/ 2595).

قال: حدثنا المقدام بن داود: ثنا أسد بن موسى: ثنا سعيد به.

ثم قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن سعيد بن بشير إلا أسد بن موسى".

قلت: أسد بن موسى المعروف بأسد السنة: ثقة، وما حدث به من مناكير فالآفة فيها من غيره [انظر: التهذيب (1/ 133) وغيره]، وسعيد بن بشير: ضعيف؛ يروي عن قتادة المنكرات [تقدم ذكره تحت الأحاديث المتقدمة برقم (27 و 73 و 180 و 306 و 490 و 570) وغيرها]، وشيخ الطبراني: ضعيف؛ واتهم [راجع ترجمته تحت الحديث المتقدم برقم (236)].

وهذا الحديث ملفق من حديثين:

ص: 379

الأول: "أقيموا صفوفكم" فهو بهذا اللفظ من حديث حميد عن أَنس، ويأتي، ورواية من حديث شعبة عن قتادة عن أَنس، وتقدم (667).

والثاني: "أتموا [وفي رواية: أقيموا] الركوع والسجود؛ فوالله إني لأراكم من بعد ظهري إذا ما ركعتم وإذا ما سجدتم".

رواه شعبة، وسعيد بن أبي عروبة، وهشام الدستوائي، وهمام بن يحيى:

عن قتادة عن أَنس به مرفوعًا.

أخرجه البخاري (742 و 6644)، ومسلم (425)، وأبو عوانة (1/ 462/ 1715 و 1716)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 50/ 952 و 953)، والنسائي في المجتبى (2/ 193 و 216/ 1054 و 1117)، وفي الكبرى (1/ 330 و 355/ 645 و 708)، وأحمد (3/ 115 و 130 و 170 و 177 و 234 و 269 و 274)، وابنه عبد الله في زيادات المسند (3/ 279)، والطيالسي (3/ 491/ 2107)، وعبد بن حميد (1170)، والبزار (13/ 401 و 430/ 7106 و 7174)، وأبو يعلى (5/ 341 و 446 و 447 و 464/ 2971 و 3156 و 3157 و 3189)، وأبو بكر القطيعي في جزء الألف دينار (130)، والبيهقي (2/ 117)، والبغوي في شرح السنة (3/ 96/ 615).

• ولحديث أَنس طرق أخرى:

1 -

عبد الوارث بن سعيد، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أَنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتموا الصفوف، فإني أراكم خلف ظهري"، هذا لفظ مسلم، ولفظ البخاري:"أقيموا الصفوف".

أخرجه البخاري (718)، ومسلم (434)، وأبو عوانة (1/ 380/ 1375)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 56 / 967)، وأبو العباس السراج في مسنده (726 و 763)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (53)، والبيهقي (3/ 100).

2 -

زائدة بن قدامة، قال: حدثنا حميد الطويل، قال: حدثنا أَنس بن مالك رضي الله عنه، قال: أقيمت الصلاة فأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه، فقال:"أقيموا صفوفكم، وتراصُّوا؛ فإني أراكم من وراء ظهري".

أخرجه البخاري (719)، وأحمد (3/ 263)، وابن حزم في المحلى (4/ 55)، والبيهقي (2/ 21).

• وقد رواه جماعة عن حميد عن أَنس به، بألفاظ متقاربة، منهم: زهير بن معاوية، وحماد بن سلمة، وإسماعيل بن جعفر، وهشيم بن بشير، وإسماعيل بن علية، ويحيى بن سعيد القطان، ويزيد بن هارون، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وابن أبي عدي، وعبد الله بن بكر السهمي، وسليمان بن حيان أبو خالد الأحمر، وأبو شهاب عبد ربه بن نافع الحناط، وعبد الله بن عمر العمري.

زاد زهير وهشيم ويزيد: وكان أحدنا يُلزق مَنكِبه بمنكب صاحبه، وقدمه بقدمه. وفي

ص: 380

رواية ليزيد: فلقد كنت أرى الرجل منا يلزق منكبه بمنكب أخيه، وقدمه، وركبته، في الصلاة. قول أَنس.

وقال هشيم: "اعتدلوا في صلاتكم [وفي رواية: في صفوفكم]، وتراصوا"، وقال أبو خالد:"تراصوا، واعتدلوا"، وفي رواية:"استووا، استووا، وتعادلوا"، وقال حماد بن سلمة:"استووا، وتراصوا".

زاد بعضهم عن هشيم من قول أَنس: فلو ذهبت أفعل هذا اليوم لنفر أحدكم كأنه بغل شموس.

أخرجه البخاري (725)، وأبو عوانة (1/ 380/ 1376)، والنسائي في المجتبى (2/ 92 و 105/ 814 و 845)، وفي الكبرى (1/ 432/ 890)، وابن حبان (5/ 547/ 2173)، وأحمد (3/ 103 و 125 و 182 و 229 و 263 و 286)، والشافعي في السنن (69)، وعبد الرزاق (2/ 54/ 2462)، وابن أبي شيبة (1/ 308/ 3524)، وعبد بن حميد (1406)، وعلي بن حجر في حديثه عن إسماعيل بن جعفر (51)، وأبو يعلى (6/ 46 و 381 و 382 و 460/ 3291 و 3720 و 3721 و 3858)، وأبو العباس السراج في مسنده (719 - 722)، والطحاوي في المشكل (14/ 286/ 5623)، والدارقطني (1/ 287)، وأبو طاهر المخلص في الأول من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (10/ ب) و (11/ أ)، وابن بشران في الأمالي (1277)، والبيهقي في السنن (2/ 21)، وفي المعرفة (1/ 492/ 675)، والخطيب في تاريخ بغداد (8/ 87)، والبغوي في شرح السنة (3/ 365/ 807)، وقال:"حديث صحيح". والذهبي في السير (11/ 491 - 492)، وفي التذكرة (2/ 437).

قال الشافعي - في رواية حرملة -: "هذا ثابت عندنا، وبهذا نقول"[المعرفة (1/ 492)].

وقال البغوي: "قوله: "تراصوا"، أي: تلاصقوا حتَّى لا يكون بينكم فرج، ومنه قوله عز وجل: {بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف: 4] أي: لاصق البعض بالبعض، وفيه كان أن الإمام يقبل على الناس فيأمرهم بتسوية الصف".

وقال ابن رجب في الفتح (4/ 252): "التراصُّ: هو التضامُّ، والتداني، والتلاصق، ومنه قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)} [الصف: 4].

وفي هذا دليل على أن الإمام يُستحبُّ له أن يُقبِل على المأمومين بعد إقامة الصلاة، ويأمرهم بتسوية صفوفهم".

3 -

حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أَنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "استووا، استووا، استووا، فوالذي نفسي بيده إني لأراكم من خلفي، كما أراكم من بين يدي".

أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 91 / 813)، وفي الكبرى (1/ 431 / 889)، وأبو عوانة (1/ 380/ 1376)، وأحمد (3/ 268 و 286)، وأبو يعلى (6/ 46 و 228/ 3291 و 3514)، والبغوي في شرح السنة (3/ 366/ 808).

ص: 381

وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.

• ورواه معمر، عن ثابت، عن أَنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تعاهدوا هذه الصفوف؛ فإني أراكم من خلفي".

أخرجه عبد الرزاق (2/ 44 و 54/ 2427 و 2463)، وعنه: أحمد (3/ 161)، وعبد بن حميد (1251)، وأبو العباس السراج في مسنده (709).

ومعمر متكلم في روايته عن ثابت، ضعفه فيه ابن المديني وابن معين [انظر الحديث المتقدم برقم (201)]، لكنه هنا تابع حماد بن سلمة على أصل الحديث، وخالفه في لفظه، والمحفوظ: حديث حماد؛ فإنه أثبت الناس في ثابت.

وانظر أيضًا: أطراف الغرائب والأفراد (1/ 233/ 1162).

***

672 -

. . . أبو عاصم: حدثنا جعفر بن يحيى بن ثوبان: أخبرني عمِّي عُمارة بن ثوبان، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيارُكم أليَنكم مناكبَ في الصلاة".

قال أبو داود: جعفر بن يحيى من أهل مكة.

• حديث ضعيف.

أخرجه ابن خزيمة (3/ 29/ 1566)[بلفظ: "خيركم"، وعنه ابن حبان به]. وابن حبان (5/ 52/ 1756)، والضياء في المختارة (11/ 192/ 179)، والبزار (11/ 368 / 5195)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 181/ 1988)، والبيهقي (3/ 101).

قال البزار بعد أن روى ثلاثة أحاديث بهذا الإسناد: "وهذه الأحاديث لا نعلمها تُروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد، وجعفر بن يحيى وعمه: من أهل مكة، مستورون".

وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (1/ 353): "عمارة: ليس بقوي".

وتعقبه ابن القطان في بيان الوهم (3/ 151 / 860) بقوله: "وهذا لا أعرفه في هذا الرجل، ولا أدري لمن رآه فيه، وإنما هو مجهول الحال، ومع ذلك فإنه لم يبين حال جعفر بن يحيى بن ثوبان، ابن أخيه، ولا أنَّه من روايته، وهو أيضًا: مجهول الحال كذلك".

وقال عنهما في موضع آخر في حديث آخر (3/ 167/ 875) بأنهما مجهولان، وكذا في (5/ 69/ 2315).

وقال الذهبي في الميزان (1/ 420) في جعفر بن يحيى: "قال ابن المديني: مجهول؛ قلت: وعمه ليِّن، فمن مناكير جعفر عن عمه عمارة: عن موسى بن باذان، عن يعلى بن أمية، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "احتكار الطعام في الحرم إلحاد"، هذا حديث

ص: 382

واهي الإسناد"، وقال في عمه عمارة (3/ 173): "ما حدث عنه سوى ابن أخيه جعفر بن يحيى؛ لكنه قد وثق"، قلت: فلعله ذهل عن كلامه الأول، أو حكاه كالمستنكر له، ويرجح الوجه الأخير: أنَّه قال عنه في الكاشف (2/ 53): "وثق، وفيه جهالة" [وانظر: المغني (1/ 135) و (2/ 460)].

قلت: أما جعفر بن يحيى بن ثوبان: فقد روى عن عمه عمارة بن ثوبان، وعنه: أبو عاصم النبيل، وعبيد بن عقيل الهلالي، قال ابن المديني:"مجهول؛ ما روى عنه غير أبي عاصم"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن القطان الفاسي:"مجهول الحال"[التهذيب (1/ 314)]، قلت: وقال أبو عاصم مرة: حدثني جعفر بن يحيى بن عمارة بن ثوبان [عند أبي داود (5144)]، فجعله حفيدًا لعمارة، وهذه الرواية شاذة عن أبي عاصم، فقد انفرد بها عنه: محمد بن المثنى، وهو ثقة، وقد خالفه جماعة من الحفاظ فرووه عن أبي عاصم عن جعفر بن يحيى بن ثوبان، يعني: عن عمه، لا عن جده، وهذا ما اعتمده البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان في ترجمته، لم يذكروا فيه خلافًا [التاريخ الكبير (2/ 202)، الجرح والتعديل (2/ 492)، الثقات (6/ 138) و (8/ 160)]، وهو الصواب، والحاصل: أنَّه مجهول؛ والله أعلم.

وعمارة بن ثوبان: تفرد بالرواية عنه: ابن أخيه جعفر بن يحيى بن ثوبان، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن المديني:"عمارة بن ثوبان لم يرو عنه غير جعفر بن يحيى"، وقال عبد الحق:"ليس بقوي"، فرد ذلك عليه ابن القطان، وقال:"إنما هو مجهول الحال"[التهذيب (3/ 207)]، وهو كما قال.

ثم هو قد تفرد به على جهالته: عن عطاء بن أبي رباح: إمام أهل مكة في زمانه، وقد روى عنه من أهل الأمصار أمم، وله أصحاب مكثرون عنه، ففي تفرد مثل هذا عن عطاء: نكارة ظاهرة.

• وقد رُوي من حديث:

1 -

ابن عمر:

يرويه حماد بن زيد، عن ليث بن أبي سليم، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خياركم ألينكم مناكب في الصلاة".

أخرجه البزار (12/ 218/ 5922)، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحيم [صاعقة، ثقة حافظ، والأقرب أنَّه سمع من عارم قبل اختلاطه. التهذيب (3/ 632)]: نا محمد بن الفضل [عارم، ثقة ثبت، من أثبت الناس في حماد بن زيد. التهذيب (3/ 675)]: نا حماد به.

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن نافع إلا ليث".

واختلف فيه على حماد بن زيد:

أ - فرواه محمد بن الفضل السدوسي عارم [ثقة ثبت، من أثبت الناس في حماد بن زيد]، وعبيد الله بن عمر القواريري [ثقة ثبت]:

ص: 383

عن حماد، عن ليث، عن نافع، عن ابن عمر به مرفوعًا، كما تقدم.

أخرجه البزار (12/ 218/ 5922)، وذكره الدارقطني في العلل (13/ 218/ 3113).

• وتابع حماد بن زيد على هذا الوجه:

إسماعيل بن علية [ثقة ثبت]، وعبد الوارث بن سعيد [ثقة ثبت]: فروياه عن ليث به هكذا.

أخرجه أبو عبيد في غريب الحديث (5/ 89)، وذكره الدارقطني في العلل (13/ 218/ 3113).

ورواه معتمر بن سليمان التيمي [ثقة]، عن ليث، عن نافع، عن ابن عمر: ما خطأ رجل خطوة أعظم أجرًا من خطوة أخطأها إلى ثلمة صف يسدها. موقوف.

أخرجه عبد الرزاق (2/ 56/ 2471).

وكل من رواه عن ليث: بصريون.

ب - خالف الثقاتَ من أصحاب حماد بن زيد: ليثُ بن حماد [الصفار: قال الخطيب: "كان صدوقًا"، وله أوهام ذكرها الدارقطني في العلل. علل الدارقطني (7/ 35/ 1189) و (12/ 15/ 2350)، تاريخ بغداد (13/ 16)، بيان الوهم (2/ 317/ 309)، تاريخ الإسلام (17/ 305)]، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن ليث، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خياركم ألينكم مناكبًا في الصلاة، وما من خطئ أعظم أجرًا من خطوةٍ مشاها رجلٌ إلى فرجةٍ في صفٍّ فسدَّها".

أخرجه الطبراني في الأوسط (5/ 246 و 254/ 5217 و 5240)، وفي الكبير (12/ 405/ 13494)، وابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال (474).

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن حماد بن زيد إلا ليث بن حماد".

وهذا وهم من ليث بن حماد الصفار، والصواب: رواية أصحاب حماد بن زيد الثقات عنه، عن ليث، عن نافع، عن ابن عمر.

قال الدارقطني في رواية القواريري: "وهو أشبه بالصواب".

• وعليه: فإن إسناد حديث ابن عمر هذا: إسناد مدني، ثم كوفي، ثم بصري، ضعيف؛ لأجل ليث بن أبي سليم، فإنه: ضعيف؛ لاختلاطه، وعدم تميز حديثه، وقد اختلف عليه فيه.

• ورواه أيوب، عن نافع، عن ابن عمر يرفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"خياركم ألينكم مناكب في الصلاة".

أخرجه السرقسطي في الدلائل (1/ 297/ 151)، والطبراني في الأوسط (5/ 272/ 5291).

من طريق: محمد بن عبد الله الرُّزِّي [ثقة. التهذيب (3/ 619)]، قال: نا عاصم بن هلال، قال: نا أيوب به.

ص: 384

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أيوب إلا عاصم بن هلال".

وهذا حديث منكر؛ لا يُعرف من حديث أيوب السختياني، تفرد به عنه: عاصم بن هلال البارقي، وهو ليس بالقوي، حدث بأحاديث مناكير عن أيوب [التهذيب (2/ 260)]، والحديث قد رواه جماعة من أصحاب أيوب المكثرين عنه: حماد بن زيد، وإسماعيل بن علية، وعبد الوارث بن سعيد، فرووه عن ليث، عن نافع، عن ابن عمر، كما تقدم ذكره، ولو كان عند أيوب لكانوا أولى الناس به أن يرووه عنه، والله أعلم.

• نرجع بعد ذلك إلى حديث ليث، لنذكر الاختلاف فيه عليه:

فقد رواه: حماد بن زيد، وإسماعيل بن علية، وعبد الوارث بن سعيد [البصريون]: عن ليث بن أبي سليم [الكوفي]، عن نافع، عن ابن عمر، كما تقدم ذكره.

وخالفهم: عمر بن عبد الرحمن بن قيس الكوفي، أبو حفص الأبار الحافظ.

2 -

فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم:

يرويه عمر بن عبد الرحمن أبو حفص الأبار [كوفي، ثقة]، عن ليث بن أبي سليم، عن عبد الله بن الحسن [هو: ابن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب: ثقة]، عن أمه [فاطمة بنت الحسين: ثقة، ولم تدرك جدتها فاطمة]، عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"خياركم ألينكم مناكب في الصلاة" زاد في رواية: "وأكرمكم للنساء".

أخرجه ابن عدي في الكامل (6/ 89)، والخطيب في تاريخ بغداد (12/ 49).

هكذا رواه عن ليث: أهل بلده بهذا الإسناد، ورواه الغرباء عن ليث عن نافع عن ابن عمر، والذي يظهر في أنَّه اضطراب من الليث نفسه، فهو حديث مضطرب، والله أعلم.

3 -

زيد بن أسلم مرسلًا:

رواه معمر بن راشد، وحفص بن ميسرة العقيلي [وهما ثقتان]:

عن زيد بن أسلم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خياركم ألينكم مناكب في الصلاة".

أخرجه ابن وهب في الجامع (404)، وعبد الرزاق (2/ 58/ 2480).

وهذا مرسل أو معضل؛ فإن زيد بن أسلم العدوي، مولى عمر، روى عن بعض الصحابة، وكان يرسل، وهو مكثر عن التابعين، واللّه أعلم.

وانظر: علل الدارقطني (13/ 218/ 3113).

• والحاصل: أن حديث الباب لا يصح، إذ إن ضعفه لشديد، ولا تصلح معه هذه الشواهد، والله أعلم.

قوله: "ألينكم مناكب"، قال السرقسطي:"يريد أشدكم تواضعًا، وأقلكم التفاتًا، وأسكنكم حركة"، وانظر هذا المعنى عند أبي عبيد في غريب الحديث (5/ 89)، وترجم للحديث ابن المنذر بقوله:"ذكر فضل تليين المناكب في الصلاة، وفضل توسيع الرجل للداخل في الصلاة"، وفسره ابن حبان بالسكون والخشوع، فترجم له بقوله:"ذكر البيان بأن من كان في صلاته أسكن، ولله أخشع: كان من خير الناس"، وقال ابن الأثير في

ص: 385

النهاية: "وهو بمعنى السكون والوقار والخشوع"، وقال في موضع آخر:"أراد لزوم السكينة في الصلاة، وقيل: أراد ألا يمتنع على من يجيء ليدخل في الصف لضيق المكان بل يمكنه من ذلك"[وانظر: الفائق (3/ 339)، جامع الأصول (5/ 611)، النهاية (4/ 286) و (5/ 112)].

• قال المزي في تحفة الأشراف (11/ 143/ 15560): "د حديث: "خطوتان: إحداهما: هي أحب الخطى إلى الله

" الحديث.

في الصلاة عن عمرو بن عثمان، عن بقية بإسناد الَّذي قبله.

(ك) هذا الحديث في رواية أبي الحسن بن العبد، عن أبي داود، ولم يذكره أبو القاسم".

قلت: يعني أن أبا داود رواه - في رواية أبي الحسن بن العبد - عن عمرو بن عثمان، عن بقية بن الوليد، عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

خالف عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي [وهو: صدوق، يحفظ]:

أبو عتبة أحمد بن الفرج [ضعفه أهل بلده، واغتر به الغرباء، قال محمد بن عوف: "ليس له في حديث بقية أصل، هو فيها أكذب الخلق". التهذيب (1/ 45)، اللسان (1/ 575)]: ثنا بقية بن الوليد: ثنا بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن معاذ بن جبل، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"خطوتان: إحداهما: أحب الخطا إلى الله عز وجل، والأخرى: أبغض الخطا إلى الله، فأما الخطوة التي يحبها الله صلى الله عليه وسلم: فرجل نظر إلى خلل في الصف فسدَّه، وأما التي يبغض الله: فإذا أراد الرجل أن يقوم مدَّ رجله اليمنى، ووضع يده عليها، وأثبت اليسرى، ثم قام".

أخرجه الحاكم (1/ 272)، وعنه: البيهقي (2/ 288)[وانظر: الإتحاف (13/ 233/ 16635)، فمنه يصحح].

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم؛ فقد احتج ببقية في الشواهد، ولم يخرجاه، فأما بقية بن الوليد فإنه إذا روى عن المشهورين فإنه: مأمون مقبول".

وتعقبه الذهبي بقوله: "لا؛ فإن خالدًا عن معاذ: منقطع".

وقال ابن حجر في الإتحاف (13/ 233 - 234/ 16635): "علته الانقطاع بين خالد ومعاذ، وإنما استشهد مسلم ببقية في شيء يسير مع كثرة حديثه، وقد أُمن تدليسه؛ لتصريحه في هذا بالتحديث، لكن يُنظر في حديث بحير عن خالد؛ لأنَّ بقية كان يسوِّي، وعلى تقدير أن مسلمًا يخرج لبقية في المتابعات، لا يعم جميع حديثه؛ إلا إن توبع من جهة يُوثَق بها، وهذا الحكم غريب جدًّا، فكيف يكون أصلًا يحتج به على شرط الصحيح!؟، ومع ذلك في أحمد بن الفرج مقال".

قلت: رواية عمرو بن عثمان بإبهام الصحابي هي المحفوظة عن بقية، فتبقى على الانقطاع أيضًا؛ فإن خالد بن معدان كان يرسل كثيرًا، ولم يصرح بسماعه من الصحابي المبهم، فهذه علة الحديث، والله أعلم.

ص: 386

وأما بحير بن سعد السحولي فإنه: ثقة ثبت، من أصح الناس حديثًا عن خالد بن معدان، كما أن بقية معروف بالرواية عن بحير بن سعد، مكثر عنه، حتَّى إن شعبة طلب من بقية أن يكتب له حديث بحير، مما يدل على اختصاص بقية ببحير، وبقية بن الوليد: ثقة إذا حدث عن المعروفين وصرح عنهم بالتحديث، أمثال: بحير بن سعد [انظر: الحديث المتقدم برقم (175)، [سؤالات أبي داود (287)، العلل ومعرفة الرجال (2/ 478/ 3141)، التاريخ الكبير (2/ 137 و 150)، ضعفاء العقيلي (1/ 162)، الجرح والتعديل (1/ 135) و (2/ 412 و 434)، تاريخ ابن عساكر (10/ 336 و 343)، السير (8/ 518)].

والحاصل: فإنه حديث ضعيف؛ لانقطاعه، والله أعلم.

• ونختم الباب بذكر الأحاديث الواردة في تسوية الصفوف مما لم يأت على ذكره أبو داود في هذا الباب:

1 -

عن أبي هريرة:

وله عنه طرق منها ما يرويه:

أ - عبد الرزاق: حدثنا معمر، عن همام بن منبه، قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث، منها: وقال: "أقيموا الصف في الصلاة، فإن إقامة الصف من حسن الصلاة"، وفي رواية:"أقيموا الصفوف؛ فإن إقامة الصفوف من حسن الصلاة".

أخرجه عبد الرزاق (2/ 44/ 2424)، ومن طريقه: البخاري (722)، ومسلم (435)، وأبو عوانة (1/ 379/ 1374)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 57/ 969)، وابن حبان (5/ 551/ 2177)، وأحمد (2/ 314)، وأبو العباس السراج في مسنده (766)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (56)، والبيهقي (3/ 99)، والبغوي في شرح السنة (3/ 421 - 422/ 852)، وقال:"هذا حديث متفق على صحته". وهو في صحيفة همام برقم (44).

ب - ابن أبي ذئب، عن عجلان مولى المشمَعِلِّ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفس محمد بيده! إني لأنظر إلى ما ورائي كما أنظر إلى ما بين يديَّ؛ فسوُّوا صفوفكم، وأحسنوا ركوعكم وسجودكم".

أخرجه ابن حبان (14/ 250/ 6338)، وأحمد (2/ 234 و 319 و 505)، وعبد الرزاق (2/ 369 / 3737)، وابن أبي شيبة (1/ 309/ 3540)(3/ 216/ 3560 - ط عوامة)، والبزار (15/ 98 / 8377)(1/ 245/ 504 - كشف)، وأبو بكر الخلال في السنة (1/ 197 - 198/ 215)، وأبو القاسم البغوي في مسند علي بن الجعد (2797 و 2808)، وابن عساكر في المعجم (296).

قال أبو القاسم البغوي: "عجلان الَّذي روى عنه ابن أبي ذئب هو: عجلان مولى المشمعل، وليس هو أبو محمد بن عجلان، لا نعلم روى عن هذا غير ابن أبي ذئب.

حدثني صالح: حدثني علي بن المديني، قال: سمعت يحيى بن سعيد، يقول: قلت لابن أبي ذئب: عجلان هذا هو أبو محمد بن عجلان؟ فقال: لا"، وبهذا قال أحمد وابن

ص: 387

معين وأبو حاتم وابن حبان [انظر: تاريخ ابن معين للدوري (3/ 190/ 852)، سؤالات أبي داود (33 و 149)، التاريخ الكبير (7/ 61)، المراسيل (723 و 724)، الجرح والتعديل (7/ 18)، الثقات (5/ 278)، التهذيب (3/ 83)].

قلت: وهذا إسناد مدني لا بأس به، وقد سمع عجلان مولى المشمعل من أبي هريرة، كما وقع عند أحمد (2/ 428 و 473) بإسناد صحيح [وانظر: التاريخ الكبير (7/ 61)].

ج - محمد بن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للناس: "أحسنوا صلاتكم؛ فإني أراكم من خلفي، كما أراكم أمامي".

أخرجه أحمد (2/ 379)، وأبو العباس السراج في مسنده (723).

وهذا إسناد مدني جيد.

د - كلثوم بن محمد بن أبي سدرة: ثنا عطاء الخراساني، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن من حسن الصلاة إقامة الصف".

أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده (1/ 375/ 392)، وأبو يعلى (11/ 329/ 6446)، والطبراني في مسند الشاميين (3/ 307/ 2346).

ولا يتابع عليه عن عطاء، فإن كلثوم هذا: قال أبو حاتم: "يتكلمون فيه"، وقال ابن عدي:"يحدث عن عطاء الخراساني بمراسيل و [عن] غيره بما لا يتابع عليه"، ثم ساق له عدة أحاديث بهذا الإسناد ثم قال:"وهذه الأحاديث وإن كانت مراسيل: فليس يحدث بها عن عطاء الخراساني غير كلثوم هذا"، ويعني بقوله: مراسيل: أن عطاء الخراساني لم يسمع من أبي هريرة، وقال ابن حبان:"يعتبر حديثه إذا روى عن غير عطاء الخراساني"[الكامل (6/ 72)، اللسان (6/ 423)]، وعطاء بن أبي مسلم الخراساني: صدوق، يهم كثيرًا، يرسل ويدلس، ولم يسمع من أبي هريرة [انظر: المراسيل (156)، جامع التحصيل (238)، تحفة التحصيل (229)، التهذيب (3/ 108)].

فهو إسناد ضعيف جدًّا.

هـ - زهير بن محمد الخراساني، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي:

عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أحسنوا إقامة الصفوف في الصلاة، خير صفوف الرجال في الصلاة أولها، وشرُّها آخرها، وخير صفوف النساء في الصلاة آخرها، وشرُّها أولها".

أخرجه ابن حبان (5/ 552/ 2179)، وأحمد (2/ 485).

ويأتي تفصيل القول فيه قريبًا - إن شاء الله تعالى - في موضعه من السنن برقم (678).

2 -

عن أَنس بن مالك:

يرويه سعيد بن عبيد الطائي، وأخوه عقبة بن عبيد: عن بُشير بن يسار الأنصاري، عن أَنس بن مالك:

ص: 388

ولفظه عند البخاري: سعيد بن عبيد الطائي، عن بشير بن يسار الأنصاري، عن أَنس بن مالك: أنَّه قدم المدينة، فقيل له: ما أنكرت منا منذ يوم عهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما أنكرت شيئًا، إلا أنكم لا تقيمون الصفوف.

وفي رواية عقبة: قلت لأنس بن مالك: ما أنكرت من حالنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أنكرت أنكم لا تتمون الصفوف.

أخرجه البخاري (724)، وأحمد (3/ 112 و 114)، وأبو العباس السراج في مسنده (769)، والطبراني في الأوسط (3/ 302/ 3226)، والمزي في التهذيب (33/ 311 - 312).

قال ابن رجب في الفتح (4/ 260): "وفي هذا الحديث: دليل على أن تسوية الصفوف كان معروفًا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأن الناس غيروا ذلك بعده.

والظاهر: أن أَنس بن مالك إنما قال هذا في أوائل الأمر، قبل أن يؤخر بنو أمية الصلوات عن مواقيتها، فلما غير بنو أمية مواقيت الصلاة، قال أَنس: ما أعرف شيئًا مما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، قيل له: ولا الصلاة؟ قال: أو ليس قد صنعتم فيها ما صنعتم".

وقال ابن حجر في الفتح (2/ 210): "هذه المقدمة لأنس غير المقدمة التي تقدم ذكرها في باب وقت العصر؛ فإن ظاهر الحديث فيها أنَّه أنكر تأخير الظهر إلى أول وقت العصر كما مضى، وهذا الإنكار أيضًا غير الإنكار الَّذي تقدم ذكره في باب تضييع الصلاة عن وقتها، حيث قال: لا أعرف شيئًا مما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلا الصلاة، وقد ضُيِّعت، فإن ذاك كان بالشام، وهذا بالمدينة، وهذا يدل على أن أهل المدينة كانوا في ذلك الزمان أمثل من غيرهم في التمسك بالسنن".

3 -

عن أبي مسعود البدري:

يرويه الأعمش، عن عمارة بن عمير التيمي، عن أبي معمر، عن أبي مسعود، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة، ويقول:"استووا، ولا تختلفوا، فتختلف قلوبكم، لِيَلِني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الدين يلونهم، ثم الذين يلونهم"

قال أبو مسعود: فأنتم اليوم أشد اختلافًا.

أخرجه مسلم (432/ 122)، ويأتي تخريجه قريبًا - إن شاء الله تعالى - عند أبي داود برقم (674).

4 -

عن عبد الله بن مسعود:

يرويه يزيد بن زريع: حدثني خالد الحذاء، عن أبي معشر، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليلني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الدين يلونهم - ثلاثًا -، [ولا تختلفوا، فتختلف قلوبكم]، وإياكم وهيشات الأسواق".

أخرجه مسلم (432/ 123)، ويأتي تخريجه قريبًا - إن شاء الله تعالى - عند أبي داود برقم (675).

ص: 389

• ولابن مسعود فيه حديث آخر:

يرويه شريك بن عبد الله النخعي، عن علي بن الأقمر، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، قال: من سرَّه أن يلقى الله غدًا مسلمًا فليحافظ على هذه الصلوات الخمس حيث يُنادَى بهن،

فذكر الحديث بطوله، وفيه: لقد رأيتُنا وما تُقام الصلاة حتَّى تَكامل بنا الصفوف.

أخرجه أحمد (1/ 419)، والهيثم بن كليب الشاشي (2/ 155 و 156/ 706 و 707)، الطبراني في الكبير (9/ 119/ 8605).

وهذا الحديث قد رواه جماعة من الثقات عن علي بن الأقمر فلم يأتوا بهذه الزيادة التي تفرد بها شريك، وهو سيء الحفظ، فهي زيادة شاذة، والله أعلم.

وحديث ابن مسعود هذا تقدم تخريجه وتفصيل القول فيه برقم (550).

5 -

عن أبي موسى الأشعري:

يرويه قتادة، عن يونس بن جُبير، عن حِطَّان بن عبد الله الرقاشي، قال: صلى بنا أبو موسى الأشعري، فلما انفتل قال: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم خطب لنا، فبيَّن لنا سُنَّتنا وعلمنا صلاتنا، فقال:"إذا صليتم فأقيموا صفوفكم".

وهو حديث صحيح، أخرجه مسلم (404) في حديث طويل، سبق تخريجه تحت الحديث رقم (607)، الشاهد السادس.

6 -

عن عائشة:

روى إسماعيل بن عياش، قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وملائكته يُصَلُّون على الذين يَصِلون الصفوف، ومن سدَّ فُرجة رفعه الله بها درجة".

أخرجه ابن ماجة (995)، وأحمد (6/ 89).

ورواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين ضعيفة، وهذه منها، فقد وهم في وصله، إنما هو مرسل.

فقد رواه وكيع بن الجراح [ثقة حافظ]، عن هشام، عن أبيه، قال: كان يقال ذلك، يعني:"من سدَّ فرجة في صفٍّ رفعه الله بها درجة، أو بنى له بها بيتًا في الجنّة".

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 333/ 3825).

وسئل أبو حاتم عن حديث إسماعيل بن عياش هذا، فقال:"هذا خطأ؛ إنما هو عروة: إن النبي صلى الله عليه وسلم: مرسل؛ وإسماعيل عنده من هذا النحو مناكير"[العلل (1/ 148/ 415)].

وأما ما رواه الحسين بن حفص الأصبهاني، عن سفيان الثوري، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وملائكته يُصَلُّون على الذين يَصِلون الصفوف". فلم يأت بهذه الزيادة في سد الفرج.

أخرجه ابن حبان (5/ 537/ 2164).

ص: 390

فسيأتي تخريجه والكلام عليه قريبًا - إن شاء الله تعالى - تحت الحديث الآتي برقم (676)، وفيه كان العلة الثانية لحديث ابن عياش هذا [وانظر: علل الدارقطني (14/ 209/ 3564)].

• وروى أحمد بن محمد القواس، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن عروة، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سدَّ فرجةً في صفٍّ رفعه الله بها درجة، وبنى له بيتًا في الجنّة".

أخرجه الطبراني في الأوسط (6/ 61/ 5797).

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن المقبري إلا ابن أبي ذئب، ولا عن ابن أبي ذئب إلا مسلم بن خالد، تفرد به: أحمد بن محمد القواس".

قلت: أحمد بن محمد بن علقمة بن نافع بن عمر بن صبح بن عون، أبو الحسن النبال المكي، المعروف بالقواس، إمام مكة في القراءة، قرأ عليه قنبل وغيره: ذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"ربما خالف"، وقال ابن حجر:"صدوق له أوهام"[الثقات (8/ 10)، تاريخ الإسلام (18/ 146)، غاية النهاية (53)، التقريب (54)]، وشيخه مسلم بن خالد الزنجي المكي الفقيه: ليس بالقوي، كثير الغلط [انظر: التهذيب (4/ 68) وغيره].

خالفه وكيع وابن وهب فأرسلاه، وهو الصواب:

رواه وكيع، وابن وهب [هما ثقتان حافظان]:

عن ابن أبي ذئب، عن [سعيد] المقبري، عن عروة بن الزبير، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سدَّ فرجةً في صف رفعه الله بها [في الجنّة] درجة، أو بنى له بها بيتًا في الجنّة".

أخرجه ابن وهب في الجامع (405)، وابن أبي شيبة (1/ 333/ 3824).

• وهم فيه بعضهم على وكيع:

فرواه المحاملي في الأمالي (221 - رواية ابن مهدي الفارسي)(37/ أ)، قال: حدثني الحسن بن عبد العزيز الجروي [ثقة ثبت]، قال: ثنا يحيى بن حسان [التنيسي: ثقة]، قال: ثنا وكيع، عن ابنٍ أبي ذئب، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سدَّ فُرجة بنى الله له بيتًا في الجنّة، ورفعه بها درجةً".

قال الدارقطني في العلل (14/ 109/ 3457): "وقول ابن وهب: أشبه بالصواب".

قلت: وهو المحفوظ عن وكيع، هكذا رواه عنه مرسلًا: أبو بكر بن أبي شيبة، وهو أثبت وأحفظ من يحيى بن حسان التنيسي، ويحيى وهم فيه في موضعين: الأول: قوله: عن الزهري، وإنما هو: عن سعيد المقبري، والثاني: وصله، وهو مرسل؛ واللّه أعلم.

7 -

عن جابر بن عبد الله:

يرويه عبد الرزاق، عن معمر، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من تمام الصلاة إقامة الصف".

ص: 391

أخرجه عبد الرزاق (2/ 44/ 2425)، وعنه: أحمد (3/ 322)، وأبو يعلى (4/ 122/ 2168)، والطبراني في الكبير (2/ 183/ 1744)، وفي الأوسط (3/ 224/ 2985).

قال الطبراني: "لم يروه عن ابن عقيل إلا معمر، ولا يُروى عن جابر إلا من هذا الوجه".

• واختلف فيه على ابن عقيل:

أ - فرواه معمر بن راشد [ثقة]، عنه به هكذا.

ب - ورواه زهير بن محمد التميمي [رواية أهل الشام عنه ضعيفة فيها مناكير، ورواية أهل العراق عنه مستقيمة؛ قال الإمام أحمد: "أما رواية أصحابنا عنه فمستقيمة: عبد الرحمن بن مهدي وأبي عامر"، وقال الإمام البخاري: "أحاديث أهل العراق عن زهير بن محمد: مقاربة مستقيمة"، وهذا الحديث مما رواه عنه أهل العراق: أبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي، ويحيى بن أبي بكير. انظر: التهذيب (1/ 639)، الميزان (2/ 84)، إكمال مغلطاي (5/ 90)، ترتيب علل الترمذي ص (395)، جامع الترمذي (3291)، وغيرها]، وعبيد الله بن عمرو الرقي [ثقة، في حديثه عن ابن عقيل شيء. التهذيب (3/ 24)]:

عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن سعيد بن المسيب، عن أبي سعيد الخدري: أنَّه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا قمتم إلى الصلاة فاعدلوا صفوفكم، وأقيموها، وسُدُّوا الفُرَج، فإني أراكم من وراء ظهري".

أخرجه أحمد (3/ 3) مطولًا. وابن أبي شيبة (1/ 333/ 3819)، وعبد بن حميد (984) مطولًا. والحارث بن أبي أسامة (153 - زوائده) مطولًا. وأبو يعلى (2/ 507/ 1355) مطولًا. وابن المنذر في الأوسط (4/ 179/ 1982)، وابن بشران في الأمالي (609)، والبيهقي (2/ 16) مطولًا.

وهذا طرف من حديث طويل، تقدمت الإشارة إليه تحت الحديث رقم (472)، الشاهد (4/ هـ)، وتحت الحديث رقم (607)، وخرجته تحت الحديث رقم (630)، الشاهد الثاني. واقتصرت هنا على موضع الشاهد.

• ورواه الضحاك بن مخلد: أخبرنا سفيان: حدثني عبد الله بن أبي بكر، عن سعيد بن المسيب، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإذا قمتم فاعدلوا صفوفكم، وسدوا الفرج؛ فإني أراكم من وراء ظهري".

أخرجه ابن خزيمة (3/ 23/ 1548)، وابن حبان (2/ 127/ 402) مطولًا.

وهو: حديث غريب من حديث الثوري، تفرد به عنه أبو عاصم النبيل، وقد أنكر عليه.

قال الإمام أحمد: "هذا باطل، ليس هذا من حديث عبد الله بن أبي بكر؛ إنما هذا حديث ابن عقيل"، قال ابنه عبد الله:"وأنكره أبي أشد الإنكار"[انظر: العلل ومعرفة الرجال (2/ 557/ 3633)].

ص: 392

وقال أبو حاتم: "هذا وهم؛ إنما هو: الثوري عن ابن عقيل، وليس لعبد الله بن أبي بكر معنى، روى هذا الحديث عن ابن عقيل: زهير وعبيد الله بن عمرو"[العلل لابن أبي حاتم (1/ 30/ 54)].

وقال البزار: "لا نعلم رواه عن الثوري إلا أبو عاصم، وأظن عبد الله بن أبي بكر هو عبد الله بن محمد بن عقيل".

وانظر الحديث المتقدم برقم (635)، الشاهد الثاني، فقد خرجت هذا الحديث فيه مطولًا، فراجعه هناك.

وخلاصة ما ذهبت إليه: أنَّه حديث ضعيف؛ لاضطراب ابن عقيل فيه، والله أعلم.

8 -

عن أبي سعيد الخدري:

يرويه أبو خالد الأحمر سليمان بن حيان [صدوق]، وهشيم بن بشير [ثقة ثبت]، وعبد الله بن إسماعيل بن أبي خالد [مجهول]:

عن مجالد بن سعيد، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يضحك الله إلى ثلاثةٍ: القوم إذا صفُّوا في الصلاة، وإلى الرجل يقاتل وراء أصحابه، وإلى الرجل يقوم في سواد الليل". بألفاظ متقاربة.

أخرجه ابن ماجة (200)، وأحمد (3/ 80)، وابن أبي شيبة (1/ 309 / 3538) و (4/ 202/ 19317)، وعثمان بن سعيد الدارمي في نقضه على بشر المريسي (2/ 783 - 784)، وابن أبي عاصم في الجهاد (140)، وفي السنة (560)، وعبد الله بن أحمد في السنة (2/ 524/ 1204)، وابن نصر في قيام الليل (34 - مختصره)، والآجري في الشريعة (278 - 279)، والبيهقي في الأسماء والصفات (2/ 409 - 410/ 985)، وأبو طاهر السلفي فيما انتخبه على شيخه أبي الحسين الطيوري "الطيوريات"(977)، والبغوي في شرح السنة (4/ 42/ 929)، والذهبي في السير (6/ 287).

وهذا إسناد ضعيف؛ أبو الوداك جبر بن نوف: صدوق يهم، ومجالد بن سعيد: ليس بالقوي، والأكثر على تضعيفه [التهذيب (4/ 24)].

• وله فيه حديث آخر: تقدم ذكره في حديث جابر السابق.

9 -

عن ابن عباس:

قال الطبراني في الكبير (11/ 104 و 113/ 11184 و 1214 1): حدثنا عبد الله بن موسى بن أبي عثمان الأنماطي [قال الخطيب: "ما علمت من حاله إلا خيرًا"، روى عنه جماعة منهم: العقيلي وابن قانع والطبراني. تاريخ بغداد (10/ 148)، تاريخ الإسلام (20/ 215)]: ثنا الحكم بن موسى [أبو صالح القنطري: صدوق]: ثنا مسلمة بن علي: ثنا ابن جريج، عن عطاء وعمرو بن دينار، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من نظر إلى فُرجةٍ في صفٍّ فليسُدَّها [وقال مرة: فليسترها] بنفسه؛ فإن لم يفعل فمرَّ مارٌّ فلْيتَخطَّ [وقال مرة: فليطأ] على رقبته؛ فإنه لا حُرمةَ له".

ص: 393

قلت: هذا حديث باطل؛ مسلمة بن علي الخشني: متروك، منكر الحديث، حديثه لا شيء، لا يُشتغل به [التهذيب (4/ 76)، الميزان (9/ 104)]، وقد تفرد عن ابن جريج بهذا الإسناد الصحيح كالشمس.

• وله في التحذير من الفُرَج حديث آخر، ولا يصح أيضًا:

رواه حفص بن غياث [ثقة ثبت إذا حدث من كتابه، ويُتقى بعض حفظه، ورواه عنه: محمد بن بكير الحضرمي: صدوق يغلط، صاحب غرائب. التهذيب (3/ 524)]، ومحمد بن خالد الوهبي [لا بأس به]:

عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إيَّايَ والفُرَج" يعني: في الصلاة.

أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 188/ 11452)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (3/ 342)، والدارقطني في الأفراد (1/ 483/ 2700)، وعلقه ابن أبي حاتم في العلل (1/ 141/ 394).

قال ابن أبي حاتم: "سمعت أبي يقول: هذا حديث منكر، وقال: ابن جريج لا يحتمل هذا، يعني: لا يحتمل رواية مثل هذا الحديث بهذا الإسناد".

وقال الدارقطني: "تفرد به محمد بن خالد الوهبي عنه"، قلت: تابعه حفص، لكنه غريب من حديثه.

وقد رواه اثنان من أصحاب ابن جريج فأرسلاه:

رواه عبد الرزاق في مصنفه (2/ 57/ 2474)، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "إياكم والفُرَج" يعني: في الصف، قال عطاء: وقد بلغنا: أن الشيطان إذا وجد فرجة دخل فيها.

ورواه وكيع [ثقة حافظ]، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياك والفُرَج" يعني: في الصف.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 333/ 3823).

ورواه الطبراني في الكبير (11/ 188/ 11453)، من طريق عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: إياكم والفرج، يعني: في الصلاة، ولم يرفعه.

وأخاف أن يكون هذا من أوهام إسحاق بن إبراهيم الدبري على عبد الرزاق، والله أعلم، والمرسل أصح، تتابع عليه اثنان.

10 -

عن أبي جحيفة وهب بن عبد الله السوائي:

يرويه محمد بن يونس الكديمي [وهو: كذاب، يُتهم بوضع الحديث. التهذيب (3/ 741)]: ثنا حميد بن أبي زياد الصائغ [شيخ بصري ليس بالمشهور، يخطيء ويخالف. الجرح والتعديل (3/ 223)، الثقات (8/ 196)، علل الدارقطني (6/ 246)، تخريج أحاديث الذكر والدعاء (2/ 621)]: ثنا شعبة، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال:

ص: 394

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سد فرجة في الصف: كتب له بها حسنة، ورفع له بها درجة، ومحى عنه بها سيئة".

أخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة (5/ 2851 - 2852/ 6719).

قلت: وهذا باطل من حديث شعبة؛ فكيف يتفرد به عنه مثل هذا الصائغ، لا سيما وفي إسناده الكديمي.

ورواه البزار (10/ 159 - 160/ 4232)، قال: حدثنا عبد الرحمن بن الأسود بن مأمول الوراق، قال: نا يحيى بن السكن، قال: نا أبو العوام - وأظنه: صدقة بن أبي سهل -، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من سد فرجة في الصف غفر له".

قال البزار: "وهذا الحديث لم نسمعه إلا من عبد الرحمن بن الأسود، وكان من أفاضل الناس".

قلت: إن كان هو صدقة بن أبي سهل؛ فهو في عداد المجهولين، وابن معين إنما وثق صدقة أبا سهل الهنائي [انظر: تعجيل المنفعة (470)]، لكن يحيى بن السكن معروف بالرواية عن أبي العوام عمران بن داور القطان، وهو بكنيته أشهر، فالأقرب عندي أنَّه عمران، وهو: صدوق، كثير الوهم [التهذيب (3/ 318)، الميزان (3/ 236)، [انظر: الآحاد والمثاني (2/ 122/ 831)، تفسير الطبري (15/ 105)، معجم الطبراني الأوسط (8/ 13/ 7857)، المعجم الكبير (48/ 118/ 316)، سنن الدارقطني (1/ 316)].

ويحيى بن السكن: ضعيف؛ يتفرد عن أبي العوام وشعبة بما لا يتابع عليه، قال أبو حاتم:"ليس بالقوي"، وقال في العلل:"ضعيف الحديث"، وضعفه صالح جزرة، قال:"بصري، كان يكون بالرقة، وكان أبو الوليد يقول: هو يكذب، وهو شيخ مقارب"، وقال مرة:"لا يسوي فلسًا"، وله أوهام يخالف فيها الثقات، فالعجب بعد ذلك من ذكر ابن حبان له في الثقات [الجرح والتعديل (9/ 155)، العلل (2/ 57/ 1657)، الثقات (9/ 253)، علل الدارقطني (5/ 298/ 897) و (10/ 89/ 1884)، أطراف الغرائب والأفراد (3/ 346/ 2858) و (5/ 106/ 4828)، تاريخ بغداد (14/ 146)، اللسان (1/ 233) و (8/ 447)].

وعبد الرحمن بن الأسود بن مأمول الوراق: روى عنه جماعة من الأئمة، ولم يُذكر بجرح أو تعديل [التهذيب (2/ 488)، كما إلا ما قال البزار، ولا يغني في توثيقه شيئًا؛ ففي تفرده بمثل هذا غرابة شديدة، وهو حديث منكر، والله أعلم.

11 -

عن بلال:

قال الطبراني في الصغير (2/ 180 / 988): حدثنا محمد بن علي بن خلف الدمشقي [روى عنه جماعة، ولم يُذكر بجرح ولا تعديل. تاريخ دمشق (54/ 311)، تاريخ الإسلام (21/ 281)]: حدثنا أحمد بن أبي الحواري [ثقة]: حدثنا عبد الله بن نمير، عن الأعمش، عن عمران بن مسلم، عن سويد بن غفلة، عن بلال، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يسوي مناكبنا [وأقدامنا] في الصلاة.

ص: 395

قال الطبراني: "لم يروه عن الأعمش إلا ابن نمير، تفرد به: أحمد بن أبي الحواري، ولا يروى عن بلال إلا بهذا الإسناد".

ورواه من طريق الطبراني: أبو نعيم في الحلية (10/ 25)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (54/ 312).

• خالفه في رفعه فأوقفه، وهو الصواب:

أبو بكر بن أبي شيبة [ثقة حافظ]، قال: حدثنا ابن نمير، عن الأعمش، عن عمران، عن سويد، عن بلال، قال: كان يُسوِّي مناكبنا وأقدامنا في الصلاة. يعني: بلالًا، موقوف عليه فعله [وانظر: الفتح لابن حجر (2/ 210)، وقد صحح الموقوف].

ورواه مسدد في مسنده (3/ 658/ 398 - مطالب)، قال: حدثنا يحيى [هو: ابن سعيد القطان]، عن سفيان [هو: الثوري]: حدثني عمار [هو: ابن معاوية الدهني، وهو: ثقة]، عن عمران [هو: ابن مسلم الجعفي الكوني: ثقة]، عن سويد بن غفلة، قال: كان بلال رضي الله عنه يسوي مناكبنا، ويضرب أقدامنا لإقامة الصف.

فهو موقوف على بلال بإسناد صحيح؛ وهِم فيه من رفعه.

12 -

عن علي بن أبي طالب:

قال الطبراني في الأوسط (5/ 214/ 5121): حدثنا محمد بن هشام المستملي [المعروف بابن أبي الدميك: لا بأس به. سؤالات الحاكم (176)، تاريخ بغداد (3/ 361)، تاريخ الإسلام (21/ 293)]، قال حدثنا سريج بن يونس [ثقة]، قال: حدثنا أبو خالد الأحمر، عن مجالد، عن الشعيي، عن الحارث، عن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استووا؛ تستوي قلوبكم، وتماسُّوا تراحموا".

قال سريج: تماسوا يعني: ازدحموا في الصلاة، وقال غيره: تماسوا: تواصلوا.

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن الشعبي إلا مجالد، ولا عن مجالد إلا أبو خالد الأحمر، تفرد به: سريج بن يونس، ولا يروى عن علي إلا بهذا الإسناد".

سئل الدارقطني عن هذا الحديث فقال: "رفعه أبو خالد الأحمر عن مجالد، قاله سريج بن يونس عنه، وخالفه شريك وغيره، رووه عن مجالد موقوفًا، وهو الصحيح"[العلل (3/ 181 / 345)].

قلت: رواية شريك أخرجها أبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (3921)، عن علي، عن شريك، عن مجالد، عن عامر، عن الحارث، قال: كان عليٌّ يسوِّي صفوفنا في الصلاة، ويقول: استووا، ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، تماسوا تزاحموا.

وأخاف أن يكون الوهم في رفعه من سريج بن يونس، أو ممن هو دونه:

فقد رواه أبو بكر بن أبي شيبة [ثقة حافظ]، قال: حدثنا أبو خالد، عن مجالد، عن الشعبي، عن الحارث، وأصحاب علي، قالوا: كان علي يقول: استووا؛ تستوي قلوبكم، وتراصُّوا تراحموا. موقوف.

ص: 396

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 390 / 3533).

والحاصل: أنَّه موقوف على عليٍّ بإسناد ضعيف؛ لأجل الحارث ومجالد.

13 -

عن أبي أمامة:

يرويه بكر بن مضر [ثقة ثبت]، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "لَتُسَوُّن الصفوف، أو لَتُطْمَسَنَّ وجوهُكم، أو لَتُغْمَصنَّ أبصارُكم، أو لَتُخْطَفَنَّ أبصارُكم".

أخرجه أحمد (5/ 258)، والروياني (1203)، والطبراني في الكبير (8/ 213/ 7859).

وهذا إسناد واهٍ جدًّا، قال ابن حبان:"إذا اجتمع في إسناد خبر: عبيد الله بن زحر، وعلي بن يزيد، والقاسم أبو عبد الرحمن، لم يكن متن ذلك الخبر إلا مما عملته أيديهم"، وقد ضعف هذه السلسلة جماعة من الأئمة منهم: ابن معين، وأبو حاتم، والجوزجاني [التهذيب (3/ 15)، المجروحين (2/ 63)].

• وأما بقية الأحاديث في وصل الصفوف فسيأتي تخريجها والكلام عليها قريبًا - إن شاء الله تعالى - تحت الحديث الآتي برقم (676).

• ومن فقه أحاديث الباب:

قال ابن حزم في المحلى (4/ 55): "تسوية الصف إذا كان من إقامة الصلاة فهو فرض؛ لأنَّ إقامة الصلاة فرض، وما كان من الفرض فهو فرض".

قال ابن بطال في شرح البخاري (2/ 347) شارحًا حديث أبي هريرة: "هذا الحديث يدل أن إقامة الصفوف سنة مندوب إليها، وليس بفرض؛ لأنَّه لو كان فرضًا لم يقل صلى الله عليه وسلم: "فإن إقامة الصفوف من حسن الصلاة"؛ لأنَّ حسن الشيء زيادة على تمامه، وذلك زيادة على الوجوب، ودل هذا على أن قوله في حديث أَنس: "فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة"، أن إقامة الصلاة قد تقع على السنة كما تقع على الفريضة".

وقال ابن رجب في الفتح (4/ 259): "في حديث أبي هريرة: أن إقامة الصف من حسن الصلاة، والمراد: أن الصف إذا أقيم في الصلاة كان ذلك من حسنها، فإذا لم يقم نقص من حسنها بحسب ما نقص من إقامة الصف.

وفي حديث أَنس: أن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة، والمراد بإقامتها: الإتيان بها على وجه الكمال.

ولم يذكر في القرآن سوى إقامة الصلاة، والمراد: الإتيان بها قائمة على وجهها الكامل.

وقد صرح في هذا الحديث بأن تسوية الصفوف من جملة إقامتها، فإذا لم تسو الصفوف في الصلاة نقص من إقامتها بحسب ذلك أيضًا، والله أعلم".

قلت: ويمكن أن يستدل على الوجوب بحديث النعمان بن بشير: "أقيموا صفوفكم"

ص: 397

ثلاثًا، "والله لتُقيمُنَّ صفوفَكم، أو ليُخالفَنَّ الله بين قلوبكم"، وفي رواية:"لَتُسَوُّنَّ صفوفَكم، أو ليُخالفنَّ الله بين وجوهكم"، وبحديث البراء وأبي مسعود وابن مسعود:"استووا، ولا تختلفوا؛ فتختلف قلوبكم".

فإذا كان عدم تسوية الصفوف وإقامتها يؤدي إلى اختلاف القلوب والوجوه، ومن ثم تنافرها، وتباغضها، فإن اختلاف الظواهر سبب في اختلاف البواطن، وهذا أمر مذموم شرعًا، وقد تضافرت نصوص الشرع على الحث على تآلف القلوب، وتآخيها، واجتماعها، واعتصامها بحبل الله، والتحذير من التباغض والتدابر والتفرق والاختلاف والتنازع والقطيعة، فلما كانت النتيجة والغاية محرمة، حرم السبب الموصل إليها، ودل ذلك على وجوب تسوية الصف، والله أعلم.

قال ابن حجر في الفتح (2/ 207): "وفيه من اللطائف: وقوع الوعيد من جنس الجناية، وهي المخالفة، وعلى هذا فهو واجب، والتفريط فيه حرام"، وإن كان ابن حجر يذهب إلى القول بالاستحباب، لا بالوجوب.

وانظر: إكمال المعلم (2/ 346)، المغني (1/ 275)، الفتح لابن حجر (2/ 207)، بسط الكف في إتمام الصف (12)، وغيرها.

• وفي نهاية هذا الباب نلخص بعض ما جاء فيه من أحكام وسنن:

• أولًا: نذكر بعض الأحكام والسنن التي اشتملت عليها أحاديث الباب، فمنها:

1 -

إتمام الصف الأول، فالذي يليه، فما كان من نقص فليكن في الصف المؤخر [لحديث جابر بن سمرة (661)، وحديث أَنس (671)].

2 -

التراص في الصف، وهو التقارب والتضام والتلاصق، وسدُّ الخلل [لحديث جابر (661)، وحديث النعمان بين بشير (662)، وحديث أَنس (667)].

3 -

تسوية الصفوف وإقامتها، كما تُسوى القِداح، والمحاذاة بالأعناق والمناكب والأكعب، وعدم اختلاف الصدور بالتقدم والتأخر [لحديث النعمان (662 و 663)، وحديث أَنس (667)، وحديث أبي هريرة وأبي مسعود وابن مسعود وغيرها].

4 -

إقبال الإمام بوجهه على المأمومين بعد الإقامة؛ فيأمرهم بتسوية الصفوف [لحديث أَنس، والنعمان (663)].

5 -

على الإمام أن يسوي الصفوف بنفسه، أو يبعث من ينوب عنه في ذلك [لحديث النعمان (663 و 665)، ولفعل عمر وعثمان وبلال].

6 -

لا يكبر الإمام حتَّى تستوي الصفوف [لحديث النعمان (665)].

7 -

أن يقف خلف الإمام أولو الأحلام والنهى، وأهل العلم والفضل، وذلك بالسبق إلى الصف الأول خلف الإمام، فإن سبقهم من ليس أهلًا لهذا المحل أُخِّر، وقاموا مقامه [لحديث أبي مسعود، وابن مسعود، وفعل أبي بن كعب، وسيأتي (675)].

ص: 398

• ثانيًا: من الألفاظ التي ثبتت في السنة، مما يقوله الإمام للمأمومين، بحسب ورودها في البحث:

1 -

"أقيموا صفوفكم" ثلاثًا، "والله لتُقيمُنَّ صفوفَكم، أو ليُخالفَنَّ الله بين قلوبكم".

2 -

"أقيموا صفوفكم، وتراصُّوا".

3 -

"لَتُسَوُّنَّ صفوفَكم، أو ليُخالفَنَّ الله بين وجوهكم".

4 -

"عبادَ الله! لتسوُّنَّ صفوفكم، أو ليُخالِفنَّ الله بين وجوهكم".

5 -

"لا تختلفوا فتختلف قلوبكم، إن الله وملائكتَه يُصلُّون على الصفوف الأُوَل".

6 -

"سووا صفوفكم، لا تختلفوا فتختلف قلوبكم، إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول".

7 -

"لا تختلف صفوفُكم فتختلف قلوبُكم، إن الله وملائكته يُصَلُّون على الصفوف الأُوَل".

8 -

"استووا، ولا تختلفوا؛ فتختلف قلوبكم".

9 -

"رُصُّوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق،

فإن الشيطان يدخل من خَلَل الصف كأنها الحَذَفُ".

10 -

"سَوُّوا صفوفكم؛ فإن تسوية الصف من تمام الصلاة".

11 -

"سَوُّوا صفوفكم؛ فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة".

12 -

"إن من حسن الصلاة إقامة الصف".

13 -

"أتِمُّوا الصف المُقدَّم، ثم الَّذي يليه، فما كان من نقصٍ؛ فليكن في الصفِّ المؤخَّر".

14 -

"أتموا الصف الأول، ثم الَّذي يليه، وإن كان نقص فليكن في الصف المؤخر".

15 -

"أتموا الصفوف".

16 -

"أقيموا الصفوف".

17 -

"اعتدلوا في صفوفكم، وتراصوا".

18 -

"استووا، استووا، استووا.

19 -

"أقيموا الصف في الصلاة، فإن إقامة الصف من حسن الصلاة".

20 -

"أقيموا الصفوف؛ فإن إقامة الصفوف من حسن الصلاة".

21 -

"سوُّوا صفوفكم، وأحسنوا ركوعكم وسجودكم".

22 -

"أحسنوا صلاتكم".

23 -

"استووا، ولا تختلفوا، فتختلف قلوبكم، لِيَلِني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الدين يلونهم".

24 -

"ليلني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم - ثلاثًا -، ولا تختلفوا، فتختلف قلوبكم، وإياكم وهيشات الأسواق".

ص: 399