المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌96 - باب من يستحب أن يلي الإمام في الصف وكراهية التأخر - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ٧

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌69 - باب الإمام يصلي من قعود

- ‌78).***70 -باب الرجلين يؤمُّ أحدُهما صاحبَه، كيف يقومان

- ‌71 - باب إذا كانوا ثلاثةً كيف يقومون

- ‌7).***72 -باب الإمام ينحرف بعد التسليم

- ‌73 - باب الإمام يتطوع في مكانه

- ‌74 - باب الإمام يحدث بعد ما يرفع رأسه من آخر الركعة

- ‌75 - باب ما يؤمر به المأموم من اتباع الإمام

- ‌76 - باب التشديد فيمن يرفع قبل الإمام، أو يضَع قبله

- ‌77 - باب فيمن ينصرف قبل الإمام

- ‌78 - باب جماع أبواب ما يُصلَّى فيه

- ‌79 - باب الرجل يعقِد الثوبَ في قفاه ثم يصلي

- ‌80 - باب الرجل يصلي في ثوبٍ واحد بعضُه على غيره

- ‌81 - باب في الرجل يصلي في قميص واحد

- ‌82 - باب إذا كان الثوب ضيقًا يتَّزر به

- ‌83 - باب الإسبال في الصلاة

- ‌84 - باب في كم تصلي المرأة

- ‌85 - باب المرأة تصلي بغير خمار

- ‌86 - باب ما جاء في السدل في الصلاة

- ‌87 - باب الصلاة في شُعُر النساء

- ‌88 - باب الرجل يصلي عاقصًا شعره

- ‌89 - باب الصلاة في النعل

- ‌91).***90 -باب المصلي إذا خلع نعليه، أين يضعهما

- ‌91 - باب الصلاة على الخُمرة

- ‌92 - باب الصلاة على الحصير

- ‌93 - باب الرجل يسجد على ثوبه

- ‌تفريع أبواب الصفوف

- ‌94 - باب تسوية الصفوف

- ‌95 - باب الصفوف بين السواري

- ‌96 - باب مَن يُستحبُّ أن يلي الإمامَ في الصف وكراهية التأخر

- ‌97 - باب مقام الصبيان من الصف

- ‌98 - باب صف النساء وكراهية التأخر عن الصف الأول

- ‌99 - باب مقام الإمام من الصف

- ‌100 - باب الرجل يصلي وحده خلف الصف

- ‌16).***101 -باب الرجل يركع دون الصف

- ‌تفريع أبواب السترة

- ‌102 - باب ما يستر المصلي

- ‌ 150)].***103 -باب الخط إذا لم يجد عصًا

- ‌104 - باب الصلاة إلى الراحلة

- ‌105 - باب إذا صلى إلى سارية أو نحوها، أين يجعلها منه

- ‌106 - باب الصلاة إلى المتحدِّثين والنِّيام

- ‌107 - باب الدُّنُوِّ من السترة

- ‌108 - باب ما يُؤمر المصلي أن يدرأ عن الممرِّ بين يديه

الفصل: ‌96 - باب من يستحب أن يلي الإمام في الصف وكراهية التأخر

‌96 - باب مَن يُستحبُّ أن يلي الإمامَ في الصف وكراهية التأخر

674 -

. . . الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن أبي معمر، عن أبي مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لِيَلِيَنِّي [وفي نسخة: لِيَلِني] منكم أولو الأحلام والنُّهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم".

• حديث صحيح.

أخرجه مسلم (432/ 122)، وأبو عوانة (1/ 381 و 382/ 1382 و 1383)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 55 و 56/ 964 و 965)، والنسائي في المجتبى (2/ 87 و 90/ 807 و 812)، وفي الكبرى (1/ 429 و 431/ 883 و 888)، وابن ماجة (976)، والدارمي (1/ 324/ 1266)، وابن خزيمة (3/ 20 - 21/ 1542)، وابن حبان (5/ 546 و 551/ 2172 و 2178)، وابن الجارود (315)، وأحمد (4/ 122)، والطيالسي (647)، وعبد الرزاق (2/ 45 و 52/ 2430 و 2456)، والحميدي (456)، وابن أبي شيبة (1/ 308/ 3527)، والسرقسطي في الدلائل (1/ 315/ 159)، وأبو العباس السراج في مسنده (744 و 745 و 747 و 5 76)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (55)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 177 / 1977)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 226)، وفي المشكل (15/ 53 / 5834)، والطبراني في الكبير (17/ 214 - 217/ 586 - 596)، وفي الأوسط (2/ 201/ 1716)، والبيهقي (3/ 97)، والخطيب في الموضح (2/ 198)، وفي الفقيه والمتفقه (2/ 252).

ولفظه عند مسلم: عن أبي مسعود، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة، ويقول:"استووا، ولا تختلفوا، فتختلف قلوبكم، لِيَلِني [لِيَلِيَنِّي] منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم". قال أبو مسعود: فأنتم اليوم أشد اختلافًا.

• والحديث رواه عن الأعمش: سفيان الثوري، وشعبة، وأبو معاوية، ووكيع، وزائدة بن قدامة، وعبد الله بن إدريس، وعبد الله بن نمير، وجرير بن عبد الحميد، وعيسى بن يونس، وسفيان بن عيينة، وأبو أسامة حماد بن أسامة، ومحمد بن فضيل، وعلي بن مسهر، ومحمد بن عبيد الطنافسي، وأخوه يعلى، وداود بن نصير الطائي، وأبو خالد الأحمر سليمان بن حيان، وعبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني.

وهكذا رواه عن الثوري: محمد بن كثير العبدي [ثقة، من أصحاب الثوري]، ومحمد بن يوسف الفريابي [ثقة، من الطبقة الثانية من أصحاب الثوري، من المكثرين عنه، وهو مقدم فيه على أبي حذيفة النهدي ومن كان في طبقته]، وعبد الرزاق بن همام [ثقة، من الطبقة الثانية من أصحاب الثوري].

• وخالفهم: أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي [صدوق، كثير الوهم، سيئ

ص: 407

الحفظ، ليس بذاك في الثوري. شرح علل الترمذي (2/ 726)، التهذيب (4/ 188)]، وحسين بن حفص [الأصبهاني: صدوق]:

روياه عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عمارة بن عمير، عن أبي معمر، عن أبي مسعود الأنصاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليليني منكم الذين يأخذون عني" يعني: الصلاة.

أخرجه الحاكم (1/ 218 - 219)[وانظر: إتحاف المهرة (11/ 255/ 13988)]، والطبراني في الكبير (17/ 217/ 597).

قال الحاكم: "قد اتفق الشيخان على حديث أبي مسعود: "ليليني منكم أولو الأحلام والنهى" فقط، وهذه الزيادة بإسناد صحيح على شرطهما".

قلت: بل هي رواية شاذة، سندًا ومتنًا، خالف فيها الأصبهاني والنهدي من هم أكثر منهما عددًا، وأكثر منهما حفظًا وضبطًا لحديث الثوري، كما خالفا فيها رواية الجماعة من ثقات أصحاب الأعمش السابق ذكرهم، وعليه فرواية الجماعة - الفريابي ومن معه - هي المحفوظة عن الثوري، وهي الموافقة لرواية الجماعة من ثقات أصحاب الأعمش، والله أعلم.

• وروى الطبراني في الكبير (17/ 217/ 598)، وفي الأوسط (9/ 178/ 9470)، بإسناد لا بأس به إلى: محمد بن جابر، عن عمرو بن مرة، عن أبي معمر، عن عقبة بن عمرو، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة، ويقول:"سووا المناكب، وأقيموا الصفوف، ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم".

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن عمرو بن مرة إلا محمد بن جابر، تفرد به: إسحاق بن أبي إسرائيل".

قلت: إسحاق بن إبي إسرائيل: ثقة، وإنما الحمل فيه على محمد بن جابر بن سيار السحيمي اليمامي؛ فإنه: ضعيف؛ وكان قد ذهبت كتبه في آخر عمره، وعمي، وساء حفظه، وكان يُلقَّن، ويُلحَق في كتابه [انظر: التهذيب (3/ 527)، الميزان (3/ 496)]، فلا يحتمل تفرد مثله عن عمرو بن مرة، وإنما يُعرف هذا الحديث من حديث: الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن أبي معمر عبد الله بن سخبرة، عن أبي مسعود، والله أعلم.

• ومن الأوهام أيضًا:

ما رواه المنذر بن الوليد الجارودي: ثنا يحيى بن زكريا بن دينار الأنصاري: ثنا حجاج بن أرطاة، عن إسماعيل بن رجاء، عن أوس بن ضمعج، عن عقبة بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَؤُمُّ القوم أقدمهم هجرةً، فإن كانوا في الهجرة سواءً فأفقههم في الدين، فإن كانوا في الفقه سواءً فأقرؤهم للقرآن، ولا يَؤُمُّ الرجلَ في سلطانه، ولا يقعد على تكرمته إلا بإذنه".

زاد عند الدارقطني: وكان يسوي مناكبنا في الصلاة، ويقول:"لا تختلفوا فتختلف قلوبكم، وليلني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم".

ص: 408

أخرجه الطبراني في الكبير (17/ 224/ 617)، والدارقطني (1/ 280)، والحاكم (1/ 243).

وهذه الرواية وهم؛ دخل لراويها حديث في حديث، وإنما يُعرف المتن الأول: من حديث أوس بن ضمعج عن أبي مسعود، والثاني: من حديث أبي معمر عبد الله بن سخبرة عن أبي مسعود، وتقدم كان ذلك مفصلًا تحت الحديث رقم (584).

***

675 -

. . . يزيد بن زريع: حدثنا خالد، عن أبي معشر، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وزاد:"ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، وإياكم وهَيْشاتِ الأسواق".

• حديث صحيح.

الحديث بتمامه: عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليليَني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ولا تختلفوا، فتختلف قلوبكم، وإياكم وهيشات الأسواق".

رواه عن يزيد هكذا، فقال:"وهيشات الأسواق": يحيى بن حبيب بن عربي الحارثي، وصالح بن حاتم بن وردان، ومسدد بن مسرهد، ونصر بن علي الجهضمي، وبشر بن معاذ العقدي، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، وعبيد الله بن عمر القواريري، وأحمد بن المقدام العجلي، وأحمد بن إبراهيم بن خالد الموصلي، وغيرهم.

وقال زكريا بن عدي، ويونس بن محمد المؤدب، ومحمد بن أبي بكر المقدمي [في رواية]، ونصر بن علي [في رواية]:"وهوشات الأسواق".

أخرجه مسلم (432/ 123)، وأبو عوانة (1/ 382/ 1384)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 56/ 966)، والترمذي في الجامع (228)، وفي العلل (94)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه على جامع الترمذي "مختصر الأحكام"(2/ 57/ 211)، والنسائي في الشروط من الكبرى (6/ 364/ 9415 - تحفة الأشراف. ط الغرب)، والدارمي (1/ 325/ 1267)، وابن خزيمة (3/ 32/ 1572)، وابن حبان (5/ 554/ 2180)، والحاكم (2/ 8)، وأحمد (1/ 457)، وابن أبي شيبة في المسند (378)، والبزار (4/ 347/ 1544)، وأبو يعلى (9/ 48 و 223/ 5111 و 5324 و 5325)، وأبو العباس السراج في مسنده (746)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 187/ 2002)، والطبراني في الكبير (10/ 88/ 10041)، والدارقطني في الأفراد (2/ 29/ 3813 - أطرافه)، والبيهقي (3/ 96)، والخطيب في تاريخ بغداد (12/ 150)، والبغوي في شرح السنة (3/ 375/ 821).

ص: 409

• تابع يزيد بن زريع عليه [وهو: ثقة ثبت]: علي بن عاصم الواسطي، فرواه عن خالد، عن أبي معشر، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله.

أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (5/ 99).

وعلي بن عاصم: صدوق، سيئ الحفظ، يخطئ ويصر على خطئه، وتُكلِّم في روايته عن خالد الحذاء، لكنه هنا قد توبع [التهذيب (3/ 173)، الميزان (3/ 135)].

• قال الترمذي في الجامع: "وفي الباب: عن أبي بن كعب، وأبي مسعود، وأبي سعيد، والبراء، وأنس.

قال أبو عيسى: حديث ابن مسعود حديث حسن صحيح غريب.

وقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه كان يعجبه أن يَلِيَه المهاجرون والأنصار، ليحفظوا عنه.

قال: وخالد الحذاء هو: خالد بن مهران، يُكْنَى أبا المُنازِل، قال: وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: يقال: إن خالدًا الحذَّاء ما حذا نعلًا قطُّ، إنما كان يجلس إلى حَذَّاء فنُسِب إليه، قال: وأبو معشر اسمه زياد بن كليب".

[وفي مستخرج الطوسي (2/ 58)، وتحفة الأشراف (6/ 364/ 9415 - ط الغرب)، والنفح الشذي لأبي الفتح اليعمري (4/ 213)، وشرح سنن ابن ماجة لمغلطاي (/ 5/ 1657 976)، وتحفة المحتاج (1/ 458)، وتحفة الأحوذي (2/ 18):"حسن غريب"، فقط بدون زيادة:"صحيح"، وقد وقعت هذه الزيادة في نسخة العارضة (2/ 24).

قلت: الصواب أن الترمذي قال فيه: "حديث حسن غريب" فقط دون زيادة: "صحيح"، وكذا هو في أكثر النسخ الخطية التي وقفت عليها، ومنها نسخة الكروخي (20/ ب)، وكذا هو في مطبوعة الجامع للأرناؤوط (1/ 282/ 225)].

وقال الترمذي في العلل: "سألت محمدًا [يعني: البخاري، عن هذا الحديث؟ فقال: أرجو أن يكون محفوظًا".

ولا أظن أن حكم الترمذي على الحديث في الجامع بقوله: "حسن غريب" تضعيفًا منه للحديث - وإن كان هذا هو الأصل -، وذلك لأمرين: الأول: أن الترمذي لما سأل البخاري عن هذا الحديث لم يضعِّفه، ولكنه مال إلى كونه محفوظًا، فلا أظن الترمذي يعدل بعد ذلك عن قول البخاري فيضعِّف الحديث، والثاني: أن حكمه عليه بالغرابة في محله؛ إذ إن إسناده فرد غريب، حيث تفرد به أبو معشر عن إبراهيم النخعي دون بقية أصحابه، وتفرد به خالد الحذاء البصري عن أبي معشر الكوفي، لذا فقد حكم عليه بالغرابة لأجل ذلك، والغرابة لا تستلزم الضعف، والله أعلم.

وقال البزار: "وهذا الحديث بهذا اللفظ لا أعلم رواه عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، إلا أبو معشر، ولا عن أبي معشر إلا خالد الحذاء".

وقال ابن حبان: "أبو معشر هذا زياد بن كليب: كوفي ثقة، وليس هذا بأبي معشر السندي، فإنه من ضعفاء البغداديين".

ص: 410

وقال الدارقطني: "تفرد به خالد بن مهران الحذاء، عن أبي معشر زياد بن كليب، عن إبراهيم، عنه" يعني: عن علقمة عن ابن مسعود.

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجه البخاري".

وقال البغوي: "هذا حديث صحيح".

هكذا صح هذا الحديث: مسلم، وأبو عوانة، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والبغوي، وقال البخاري:"أرجو أن يكون محفوظًا"، واستغربه الترمذي.

لكن قال أبو الفضل ابن عمار الشهيد في العلل (12): "حدثني محمد بن أحمد مولى بني هاشم، قال: سمعت حنبل بن إسحاق، عن عمه أحمد بن حنبل، قال: هذا حديث منكر.

قال أبو الفضل: قلت: وإنما أنكره أحمد بن حنبل من هذا الطريق، فأما حديث أبي مسعود الأنصاري فهو صحيح" [وانظر: شرح سنن ابن ماجة لمغلطاي (5/ 1657/ 976)].

قلت: حنبل بن إسحاق بن حنبل ابن عم الإمام أحمد، قال فيه الدارقطني:"كان صدوقًا"، وقال الخطيب البغدادي:"كان ثقة ثبتًا"، وقال ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة:"وذكره أبو بكر الخلال، فقال: قد جاء حنبل عن أحمد بمسائل أجاد فيها الرواية، وأغرب بغير شيء، وإذا نظرت في مسائله شبهتها في حسنها وإشباعها وجودتها بمسائل الأثرم"، وقال الذهبي:"له مسائل كثيرة عن أحمد، ويتفرد، ويغرب"[الجرح والتعديل (3/ 320)، تاريخ بغداد (8/ 286)، طبقات الحنابلة (1/ 143)، المنتظم (12/ 256)، التقييد (258)، السير (13/ 51)، تذكرة الحفاظ (2/ 600)، تاريخ الإسلام (20/ 343)].

قلت: ففي النفس شيء من ثبوت هذا عن الإمام أحمد، فهو غريب عنه، وعلى فرض ثبوته عن الإمام أحمد، فقد خولف فيه، وصححه جماعة كما تقدم، والله أعلم.

قال أبو الفتح اليعمري في النفح الشذي (4/ 213) عن هذا الحديث: "فهو صحيح؛ لثقة رواته، وكثرة الشواهد له،

، ولذلك حكم بصحته مسلم، وأما غرابته فليست تنافي الصحة في بعض الأحيان [وفي نسخة: الأخبار]،

، وأما الغرابة التي أشار إليها: فقد قال الدارقطني: تفرد به خالد بن مهران الحذاء عن أبي معشر زياد بن كليب. انتهى، فهو على هذا غريب من حديث أبي معشر، وكذلك هو عند أبي معشر عن إبراهيم، وبهذا التفرد يوجه القول بتحسينه،

".

قلت: نعم، هو غريب، لكن ذلك لا يمنع من كونه صحيحًا محفوظًا، والبخاري قال:"أرجو أن يكون محفوظًا"، ولم يضعِّفه، وخالد بن مهران الحذاء: ثقة ثبت، يحتمل منه التفرد بهذا، وهو معروف بالرواية عن أبي معشر، وأبو معشر زياد بن كليب: ثقة، وهو من قدماء أصحاب إبراهيم النخعي، ويحتمل من صاحب الرجل ما لا يحتمل من غيره، فإن قيل: قال فيه أبو حاتم: "هو من قدماء أصحاب إبراهيم، وهو أحب إليَّ من حماد بن أبي سليمان، وليس بالمتين في حفظه"، قال ابن أبي حاتم: "قيل لأبي: هو ثقة؟ قال: هو

ص: 411

صالح"، فيقال: قد وثقه أحد المتنعتين في الرجال، فقد قال فيه النسائي: "هو ثقة، وهو صاحب إبراهيم"، وقال ابن حبان في الثقات على غير عادته: "وكان من الحفاظ المتقنين"، وقال في صحيحه: "كوفي ثقة"، ووثقه أيضًا: ابن المديني والعجلي وغيرهم [طبقات ابن سعد (6/ 330)، الأسامي والكنى لأحمد بن حنبل (128)، كنى البخاري (91)، التاريخ الكبير (3/ 367)، كنى مسلم (3284)، المعرفة والتاريخ (3/ 254)، سنن النسائي (4/ 171/ 2243)، الجرح والتعديل (3/ 542)، الثقات (6/ 327)، مشاهير علماء الأمصار (1307)، إكمال مغلطاي (5/ 118)، التهذيب (1/ 652)].

قال أبو الفتح اليعمري في النفح الشذي (4/ 217): "فيتوجه على ما وصف به ابن حبان أبا معشر من الحفظ والإتقان: تصحيح حديثه فيما تفرد به، وعلى ما قال أبو حاتم الرازي: تحسينه، وعلى كلا التقديرين فهو: صحيح غريب، أو: حسن غريب من هذا الوجه، وأما بانضمام الشواهد له من حديث أبي مسعود وغيره كما تقدم: فهو صحيح، والله أعلم".

• قال البغوي: "وإنما أمر أن يليه أولو النُّهى ليعقلوا عنه صلاته، ويخلفوه في الإمامة إن حدث به عارض.

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه كان يعجبه أن يليه المهاجرون والأنصار، ليحفظوا عنه.

وهيشات الأسواق: ما يكون فيها من الجلبة وارتفاع الأصوات والفتن، من الهوش، وهو الاختلاط".

• وقد رويت هذه الجملة "لِيَلِيَنِّي منكم أولو الأحلام والنهى" أيضًا:

من حديث البراء بن عازب، وهي زيادة منكرة من حديثه، تفرد بها سعيد بن زربي [وهو: منكر الحديث]، عن حماد بن أبي سليمان، عن طلحة بن مصرف، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء، في حديثه الطويل، والذي تقدم تخريجه قريبًا برقم (664).

ورواية سعيد بن زربي هذه أخرجها بهذه الزيادة:

أبو جعفر بن البختري في الرابع من حديثه (89)(333 - مجموع مصنفاته)، وأبو العباس الأصم في الثاني والثالث من حديثه (224)، والحاكم (1/ 573)، والخطيب في الموضح (2/ 188).

• وفي الباب أيضًا:

1 -

عن أبي سعيد الخدري:

يرويه أبو نضرة العبدي، عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في أصحابه تأخرًا؛ فقال لهم: "تقدَّموا فأْتّمُّوا بي، وليأْتم بكم من بعدكم، لا يزال قوم يتأخرون حتَّى يؤخرهم الله".

أخرجه مسلم (438)، وسيأتي تخريجه في موضعه من السنن قريبًا إن شاء الله تعالى، برقم (680).

ص: 412

2 -

عن أَنس بن مالك:

يرويه سفيان الثوري، ويزيد بن زريع، وخالد بن الحارث، وخالد بن عبد الله الواسطي، وعبد الله بن بكر السهمي، ويزيد بن هارون، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، ومعتمر بن سليمان، ومحمد بن إبراهيم بن أبي عدي، وعبد الله بن عمر العمري، وغيرهم:

عن حميد، عن أَنس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه أن يليه في الصلاة المهاجرون والأنصار. وفي رواية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحب أن يليه المهاجرون والأنصار؛ ليحفظوا عنه. وفي رواية: ليأخذوا عنه.

أخرجه النسائي في الكبرى (7/ 373/ 8253)، وابن ماجة (977)، وابن حبان في صحيحه (16/ 248/ 7258)، وفي الثقات (6/ 86)، والحاكم (1/ 218)، والضياء في المختارة (5/ 285 - 289/ 1922 - 1929)، وأحمد (3/ 100 و 199 و 205 و 263)، وعبد الرزاق (2/ 53/ 2457)، وعبد بن حميد (1457)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 387/ 1804 و 1805)، وأبو يعلى (6/ 437 و 455/ 3816 و 3848)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 187/ 2003)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 226)، وفي المشكل (15/ 54/ 5835)، وأبو بكر الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (1875)، وابن سمعون في الأمالي (204)، والبيهقي (3/ 97).

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".

قلت: وهو كما قال.

وقال النووي في الخلاصة (2496): "رواه النسائي وابن ماجة بإسنادين على شرط البخاري ومسلم".

وقال مغلطاي في شرح سنن ابن ماجة (5/ 977 / 1657): "هذا حديث إسناده صحيح".

3 -

عن سمرة بن جندب:

وله إسنادان:

الأول: يرويه لسعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه أن يليه المهاجرون والأنصار في الصلاة؛ ليأخذوا عنه.

أخرجه الطبراني في الكبير (7/ 212/ 6882)، وفي مسند الشاميين (4/ 30 - 31/ 2648)، بإسناد صحيح إلى سعيد به.

ثم رواه الطبراني في الكبير (7/ 213 / 6887)، وفي مسند الشاميين (4/ 33 / 2658)، مرة أخرى من طرقٍ أخرى قوية، عن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لِيَقُمِ الأعرابُ خلف المهاجرين والأنصار؛ ليقتدوا بهم في الصلاة".

ص: 413

وسعيد بن بشير: ضعيف؛ يروي عن قتادة المنكرات [تقدم ذكره تحت الأحاديث المتقدمة برقم (27 و 73 و 180 و 306 و 490 و 570 و 671) وغيرها]، وهذا الحديث أحد الأدلة على ذلك، حيث تفرد به عن قتادة دون بقية أصحابه على كثرتهم، ثم هو قد اضطرب في متنه، فمرة يرويه من قول النبي صلى الله عليه وسلم، ومرة يرويه من فعله، ثم هو قد خالف في لفظه في المرتين.

والثاني: يرويه جعفر بن سعد بن سمرة، عن حُبيب بن سليمان بن سمرة، عن أبيه، عن سمرة بن جندب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر المهاجرين والأنصار أن يكونوا في مُقَدَّم الصفوف، ويقول:"هم أعلم بالصلاة من الأعراب والسفهاء، ويأتمُّ بهم من وراءهم، ولا أُحبُّ أن يكون الأعراب قُدَّامهم، لا يدرون كيف الصلاة".

أخرجه البزار (10/ 463/ 4645)، والطبراني في الكبير (7/ 266/ 7085).

بإسنادين إلى جعفر بن سعد بن سمرة، أحدهما صالح في المتابعات، والآخر واهٍ بمرة، وقد تقدم الكلام على هذا الإسناد بالتفصيل تحت الحديث رقم (456)، وخلصت هناك إلى القول بأن الَّذي يترجح عندي في هذا الإسناد - والله أعلم -: أنَّه إسناد صالح في الشواهد والمتابعات، لا ينهض على انفراده بإثبات حكم، أو تثبت به سنة، فإن جاء بمخالفة ما صح فهو منكر.

وعليه: فهذا حديث ضعيف؛ قال البزار: "وهذا الكلام لا نعلم أحدًا رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ إلا سمرة بهذا الإسناد".

4 -

من أبي بن كعب:

• رواه محمد بن عمر بن علي بن عطاء بن مقدَّم، وأحمد بن عصام الأصبهاني، وأحمد بن إبراهيم الدورقي، ومحمد بن الوليد بن هبيرة القلانسي [وهم ثقات]:

واللفظ للمقدَّمي قال: حدثنا يوسف بن يعقوب بن أبي القاسم السدوسي [ثقة]، قال: أخبرني سليمان التيمي، عن أبي مجلز، عن قيس بن عُبَاد، قال: بينا أنا في المسجد في الصف المقدم فجبذني رجل من خلفي جبذة فنحاني، وقام مقامي، فوالله ما عقلت صلاتي، فلما انصرف فإذا هو أبي بن كعب، فقال: يا فتى، لا يَسُؤْك الله، إن هذا عهد من النبي صلى الله عليه وسلم إلينا أن نليه.

ثم استقبل القبلة فقال: هلك أهل العُقَد ورب الكعبة - ثلاثًا - ثم قال: واللّه ما عليهم آسى، ولكن آسى على مَن أَضَلُّوا، قلت: يا أبا يعقوب ما يعني بأهل العقد؟ قال: الأمراء.

أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 88/ 808)، وفي الكبرى (1/ 429/ 884)، وابن خزيمة (3/ 33/ 1573)، وابن حبان (5/ 556/ 2181)، والحاكم (1/ 213 - 214)، والضياء في المختارة (4/ 29/ 1257)، والدارقطني في الأفراد (1/ 151/ 620 - أطرافه)، وفي الجزء الثاني من الفوائد المنتخبة الغرائب العوالي "المزكيات"(133)، والخطابي في

ص: 414

غريب الحديث (2/ 318)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 252)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (49/ 434 - 435) و (56/ 186).

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط البخاري، فقد احتج بيوسف بن يعقوب السدوسي، ولم يخرجاه".

وقال الدارقطني في الأفراد: "هذا حديث غريب من حديث سليمان التيمي عن أبي مجلز [لاحق بن حميد]، تفرد به يوسف بن يعقوب صاحب السَّلعة"[وانظر أيضًا: أطراف الغرائب والأفراد (2/ 115/ 4279)].

وقال في المزكيات: "حديث غريب من حديث سليمان التيمي، لم يروه إلا يوسف بن يعقوب الضبعي".

ووقع عند الدارقطني والضياء من طريق: أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي: أنا ابن خزيمة: نا محمد بن عمر بن علي بن عطاء بن مقدم بخبر غريب [غريب]،

، وساق الحديث، كذا وقع في رواية المزكي عن ابن خزيمة، وقوله:"بخبر غريب"، لم أجده في صحيح ابن خزيمة، ولم يذكره ابن حجر في الإتحاف (1/ 256 / 113)، وقد رواه ابن حبان عن ابن خزيمة بدون هذه اللفظة أيضًا، وعليه فالأقرب أن ابن خزيمة أخرجه محتجًا به، مصححًا إياه، غيرَ مستغربٍ ولا مضعِّفٍ له، يؤكد ذلك أن ابن خزيمة ترجم له بقوله:"باب إباحة تأخير الأحداث عن الصف الأول، إن قاموا في الصف الأول ثم حضر بعض أولى الأحلام والنهى، وليقوم مَن أَمَر النبيُّ صلى الله عليه وسلم بأن يليه في الصف المقدَّم، ويُؤخَّر عن الصف المقدَّم من ليس من أهل الأحلام والنهى"، واللّه أعلم.

قلت: وهذا إسناد بصري صحيح غريب، رجاله رجال الشيخين؛ غير يوسف بن يعقوب السدوسي البصري، وهو: ثقة، من رجال البخاري، وقد أخرج البخاري في صحيحه (3967) بهذا الإسناد: قول علي بن أبي طالب: فينا نزلت هذه الآية: " {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19]، [وقد رأى الدارقطني هذه الرواية وهمًا من يوسف بن يعقوب الضبعي، مع كون البخاري قد احتج بها، ورآها محفوظة. علل الدارقطني (4/ 100/ 452) و (6/ 262/ 1118)].

وأخرج البخاري بهذه السلسلة: سليمان التيمي، عن أبي مجلز، عن قيس بن عباد، حديث علي: أنا أول من يجثو للخصومة بين يدي الرحمن يوم القيامة، برقم (3965 و 3967 و 4744)، وانظر: صحيح مسلم (3033) آخر حديث فيه [وهذا الحديث في سنده ومتنه اختلاف، حكم عليه لذلك الدارقطني في التتبع (166) بالاضطراب، وقد أجاب عن ذلك: النووي في شرح مسلم (18/ 166)، وابن حجر في هدي الساري (372)، وفي الفتح (8/ 444) و (7/ 297)].

وسليمان بن طرخان التيمي قد سمع أبا مجلز، غير حديث سجود النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الظهر، فقد رواه عن أبي مجلز، وقال بأنه لم يسمعه منه [انظر: مصنف ابن أبي شيبة (1/

ص: 415

381/ 4386)، مسند أحمد (2/ 83)، مسند أبي يعلى (10/ 113/ 5743)، شرح المعاني (1/ 207)، سنن البيهقي (2/ 322)، فتح الباري لابن رجب (4/ 444)] [وسوف يأتي تخريجه في السنن برقم (857)، إن شاء الله تعالى]، وأما قيس بن عُبَاد، فهو مخضرم، ثقة، قدم المدينة في خلافة عمر.

والحديث قد صححه: ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والضياء، واحتج به النسائي، واستغربه الدارقطني، وله متابعات تعضده، وتشهد لصحته.

• فقد روى شعبة، قال: أخبرني أبو جمرة، قال: سمعت إياس بن قتادة، عن قيس بن عباد، قال: قدمت المدينة للقاء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فلم يكن فيهم أحدٌ أحبَّ إليَّ لقاءً من أبي بن كعب، فقمت في الصف الأول، وخرج عمر مع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فجاء رجل فنظر في وجوه القوم فعرفهم غيري، فنحَّاني وقام في مكاني، فما عقلت صلاتي، فلما صلى، قال لنا: يا بني لا يسُوؤُك الله، فإني لم آتِ الَّذي أتيتُ بجهالة، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا:"كونوا في الصف الذي يليني"، وإني نظرت في وجوه القوم فعرفتُهم غيرَك، ثم حدَّث فما رأيت الرجال متحت أعناقها إلى شيء مُتُوحَها إليه، قال: فسمعته يقول: هلك أهل العُقدة وربِّ الكعبة، قالها ثلاثًا، هلكوا وأهلكوا، أما إني لا آسى عليهم، ولكني آسى على من يهلكون من المسلمين، فإذا الرجل أبي بن كعب.

وفي رواية: قال شعبة: قلت لأبي جمرة: من أهل العقد؟ قال: الأمراء.

أخرجه الحاكم (4/ 526 - 527)، والضياء في المختارة (4/ 30 و 31/ 1258 و 1259)، وأحمد (5/ 140)، والطيالسي (1/ 450/ 557)، وابن أبي شيبة (5/ 326/ 26559)، وعبد بن حميد (177)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 425/ 1850)، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (1291 - 1294)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 226)، وفي المشكل (15/ 52 / 5833)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (3/ 386/ 1513)، وابن أخي ميمي الدقاق في فوائده (193)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 252) و (3/ 110)، والبيهقي في الشعب (6/ 15 / 7367)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (7/ 333 و 334) و (49/ 435 و 436)، وعلقه الخطابي في غريب الحديث (2/ 320).

رواه عن شعبة: غندر محمد بن جعفر، وأبو داود الطيالسي، ووهب بن جرير، وشبابة بن سوار، وعمرو بن مرزوق، وسهل بن يوسف.

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه".

قلت: إسناده صحيح؛ لولا أنَّه لا يُعرف لإياس بن قتادة سماع من قيس بن عباد، وإياس أقدم موتًا من قيس.

وأبو جمرة، هو: نصر بن عمران الضبعي: ثقة ثبت، من الثالثة، وإياس بن قتادة: رجل من بكر بن وائل، وبيان قاضيًا بالري، كذا في الرواية، وقال البخاري:"العبشمي التميمي البصري، ابن أخت الأحنف بن قيس، وقال ابن سعد: "كان ثقة قليل الحديث"،

ص: 416

وقال أيضًا: "وكان إياس شريفًا في قومه"، وقال البلاذري:"وكان إياس سيد بني تميم بالبصرة"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"وكان مقدمًا في بني تميم"، وقال البخاري:"يروي عن قيس بن عباد"، ولم يُذكر له سماع منه، مات في أيام مصعب بن الزبير، وقُتل مصعب سنة إحدى وسبعين، وقيس مات بعد الثمانين [طبقات ابن سعد (7/ 128 و 141)، التاريخ الكبير (1/ 1 44)، أنساب الأشراف (12/ 389)، الجرح والتعديل (2/ 282)، الثقات (4/ 35) و (6/ 64)، الأنساب (5/ 527)، التعجيل (74)، [وانظر: علل الحديث لابن أبي حاتم (1/ 78/ 210)].

• وقد روي قول أبي بن كعب: هلك أهل العُقدة وربِّ الكعبة

إلخ، من حديث أبي مرفوعًا، عند: الطبراني في المعجم الأوسط (7/ 217/ 7315)، بإسناد غريب رجاله ثقات.

• قال الخطابي في غريب الحديث (2/ 320): "قوله: متحت أعناقها، يريد: مدَّت أعناقها، ومنه: متح الدلو من البئر، وهو مدك إياها، وجذبك الرشاء بها".

• وروى محمد بن راشد، عن خالد [يعني: الحذاء]، عن قيس بن عباد، قال: لما قدمت المدينة دخلت المسجد لصلاة العصر، فتقدمت في الصف الأول، فجاء رجل فأخذ بمنكبي فأخَّرني، وقام في مقامي بعد ما كبَّر الإمام وكبَّرتُ، فلما فرغنا من الصلاة التفت إليَّ، فقال: إنما أخرتك لأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن يصلي في الصف الأول المهاجرون والأنصار، فعرفت أنك لست منهم؛ فأخرتك، فقلت: من هذا؟ فقالوا: أبي بن كعب.

أخرجه عبد الرزاق (2/ 53/ 2460)، ومن طريقه: الطبراني في الأوسط (3/ 230 - 231/ 3006).

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن خالد الحذاء إلا محمد بن راشد، تفرد به: عبد الرزاق".

قلت: خالد بن مهران الحذاء: ثقة إمام، من الخامسة، لكنه كان يرسل، ومحمد بن راشد، هو المكحولي الدمشقي: صدوق، وعبد الرزاق: ثقة مصنف، فرجاله ثقات مشهورون.

• وقال الطبراني في الأوسط (7/ 352/ 7703): حدثنا محمد بن عبد الرحمن [أبو السائب المخزومي، إمام مسجد شيراز، روى عنه الطبراني أحاديث. المعجم الصغير (837)]: ثنا أحمد بن أبي شيبة [الرُّهاوي: قال الهيثمي في المجمع (3/ 110): "ولم أعرفها، قلت: هو أحمد بن سليمان بن عبد الملك بن أبي شيبة، أبو الحسين الرهاوي: ثقة حافظ]: نا زيد بن الحباب [صدوق]: ثنا سعيد بن عبد الرحمن أخو أبي حرة [ثقة. الجرح والتعديل (4/ 40)، اللسان (4/ 62)]: حدثني أبو حرة [واصل بن عبد الرحمن: صدوق]، عن قيس بن عباد، قال: أقمت الصلاة مع عمر بن الخطاب، ومشيخة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم معه، فأقبل رجل قدَّام الصف، ينظر في وجوه القوم، حتَّى إذا كان بإزائي

ص: 417

دحاني دَحيةً، وقام في مقامي، فلما سلَّم عمرُ، قال: ساءك ما صنعتُ بك؟ قلت: نعم، قال: إنا كنا نؤمر بالصف الأول، فنظرت في وجوه القوم، فلم أنكر أحدًا غيرك، فقلت: من هذا؟ قالوا: أبي بن كعب.

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن سعيد أخي أبي حرة إلا زيد بن الحباب".

قلت: وعلى هذا فيكون شيخ الطبراني وشيخه قد توبعا عليه، وعليه: فرجاله ثقات، غير أن أبا حرة واصل بن عبد الرحمن: كان يدلس عن الحسن البصري، والحسن مات بعد قيس بن عباد بقرابة ثلاثين عامًا، وبين وفاة قيس بن عباد وأبي حرة: قرابة سبعين سنة، فعلى هذا يكون الحديث منقطعًا، وهو صالح في المتابعات، والله أعلم.

• وروى الحسن بن بشر البجلي: ثنا الحكم بن عبد الملك، عن قتادة، عن قيس بن عباد، قال: شهدت المدينة، فلما أقيمت الصلاة تقدمت فقمت في الصف الأول، فخرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه فشق الصفوف ثم تقدم، وخرج معه رجل آدم خفيف اللحية، فنظر في وجوه القوم، فلما رآني دفعني وقام مكاني، واشتد ذلك عليَّ، فلما انصرف، التفت إليَّ فقال: لا يسوؤك، ولا يحزنك، أشق عليك أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لا يقوم في الصف الأول إلا المهاجرون والأنصار"، فقلت: من هذا؟ فقالوا: أبي بن كعب.

أخرجه الحاكم (3/ 303 - 304).

قال الحاكم: "هذا حديث تفرد به الحكم بن عبد الملك عن قتادة، وهو صحيح الإسناد".

قلت: بل هو حديث منكر؛ إذ كيف يصح وقد تفرد به عن قتادة: الحكم بن عبد الملك؟ وقد روى الحكم هذا عن قتادة غير حديثٍ لم يتابع عليه، وهو: ضعيف؛ قليل الرواية عن قتادة، ينفرد عنه بما لا يتابع عليه [ضعفاء العقيلي (1/ 257)، الجرح والتعديل (3/ 122)، علل الحديث (1/ 204/ 587)، التهذيب (1/ 466)][وانظر في مناكيره فيما تقدم: الحديث رقم (402) الطريق رقم (22)]، والحسن بن بشر البجلي: متكلم فيه أيضًا [التهذيب (1/ 384)]، كما أن في متنه نكارة، والله أعلم.

• فهذا الفعل من أبي بن كعب رضي الله عنه، وهو من كبار الصحابة وعلمائهم، وقد فعل هذا بمحضر عمر وكبار المهاجرين والأنصار، ولم ينكر عليه أحد منهم: دليل على أنهم فهموا من أمره صلى الله عليه وسلم إياهم أن يليه منهم أولو الأحلام والنهى: أنَّه إذا تأخر أحد من أهل العلم والفضل المشهود لهم بذلك عن الصف الأول خلف الإمام، فوجد فيه من ليس أهلًا له: من صغار السن، أو من جهلة العامة؛ فله أن يؤخره، ويقوم مقامه، لكن برفق ولين، حتَّى لا يوغر صدره، ويتسبب في إيقاد نار العداوة والبغضاء، فهذا أبي بن كعب لما فعل هذا طيَّب خاطر قيس بن عباد، وبيَّن له أن هذا المقام له أهله، حتَّى يزول من نفسه ما كان وجده على أبي، والله أعلم.

ص: 418

5 -

عن عامر بن ربيعة:

رواه إسحاق بن إبراهيم، قال: نا عاصم العمري، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليليني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، أثم الذين يلونهم] ".

أخرجه البزار (9/ 274/ 3823)(1/ 246/ 505 - كشف الأستار).

قال الهيثمي في المجمع (2/ 94): "رواه البزار، وفيه عاصم بن عبيد الله العمري، والأكثر على تضعيفه، واختلف في الاحتجاج به".

وتعقبه ابن حجر في مختصر الزوائد (356)، فقال:"والحنيني أضعف من عاصم".

قلت: عاصم بن عبيد الله العمري: منكر الحديث [التهذيب (2/ 254)، الميزان (2/ 353)]، وإسحاق بن إبراهيم الحنيني: مدني نزل طرسوس: ضعيف؛ قال البخاري: "في حديثه نظر"، وقال الذهبي:"صاحب أوابد"[التهذيب (1/ 114)، الميزان (1/ 179)]، فهو حديث منكر.

6 -

عن سعيد الأنصاري:

قال ابن قانع في المعجم (1/ 263): حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن أيوب المخزمي: نا صالح بن مالك: نا عبد الغفور: نا عبد العزيز بن سعيد، عن أبيه، قال: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فكنت قريبًا منه، وكنت أحدث القوم سنًّا، فلما سلَّم قال:"ليليني منكم أولو الأحلام والنهى" فقيل له: يا رسول الله! قلت شيئًا لم نسمعه منك فيما خلا، قال:"إن جبريل أخبرني بذلك".

وهذا حديث باطل؛ عبد العزيز بن سعيد الأنصاري: ذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"عبد العزيز بن سعيد بن سعد بن عبادة، ولأبيه صحبة"[الثقات (5/ 125)، [وانظر: الإصابة (3/ 119) و (5/ 248)]، وعبد الغفور بن عبد العزيز أبو الصباح الواسطي: تركوه، منكر الحديث، قال ابن حبان:"كان ممن يضع الحديث على الثقات"[التاريخ الكبير (6/ 137)، كنى مسلم (1697)، الجرح والتعديل (6/ 55)، سؤالات البرذعي (2/ 435)، الضعفاء والمتروكين للنسائي (389)، المجروحين (2/ 148)، الكامل (5/ 329)، تاريخ بغداد (11/ 130)، اللسان (5/ 229)، وغيرها]، وصالح بن مالك الخوارزمي: قال ابن حبان: "مستقيم الحديث"، وروى عنه أبو زرعة، وقال الخطيب:"كان صدوقًا"[الجرح والتعديل (4/ 416)، الثقات (8/ 318)، تاريخ بغداد (9/ 316)، تاريح الإسلام (17/ 205)]، وإبراهيم بن عبد الله بن محمد بن أيوب المخزمي: حدث عن الثقات بأحاديث باطلة، اتهم بها [سؤالات السهمي (183)، تاريخ بغداد (6/ 124)، السير (14/ 196)، اللسان (1/ 304)].

7 -

عن ابن عباس:

يرويه العباس بن سليم: ثنا عبيد الله بن سعيد، عن الليث، عن مجاهد، عن ابن

ص: 419

عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يتقدم الصف الأول: أعرابي، ولا أعجمي، ولا غلام لم يحتلم].

أخرجه الدارقطني (1/ 281)، بإسناد صحيح إلى العباس هذا. ومن طريقه: ابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 425/ 723).

قال ابن الجوزي: "عبيد الله بن سعيد: مجهول".

وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (1/ 357): "ليث: ضعيف عندهم".

فتعقبه ابن القطان في بيان الوهم (3/ 152/ 861) بقوله: "وعباس هذا: لم أجد له ذكرًا، وعبيد الله بن سعيد: لم يتعين من جماعة يتسمون هكذا، فهو إذن مجهول أيضًا كذلك، فليث بن أبي سليم أيسر ما فيه".

وقال النووي في الخلاصة (2/ 714/ 2500): "رواه الدراقطني بإسناد ضعيف".

قلت: هو حديث منكر، ليث بن أبي سليم: ضعيف؛ لاختلاطه وعدم تميز حديثه، وعبيد الله بن سعيد هذا الأقرب أنَّه: أبو مسلم الجعفي الكوفي، قائد الأعمش: ضعيف جدًّا، عنده أحاديث موضوعة، قال البخاري:"في حديثه نظر"[ضعفاء العقيلي (3/ 121)، المجروحين (1/ 239)، التهذيب (3/ 11)]، لكني لم أجد له رواية عن ليث، وإن كان من نفس الطبقة، وقد عدَّ الذهبي هذا الحديث في الميزان (3/ 9) من مناكير عبيد الله بن سعيد قائد الأعمش.

والعباس بن سليم: قال ابن القطان: "لم أجد له ذكرًا"، وأقره على ذلك: العراقي وابن حجر [ذيل الميزان (458)، اللسان (4/ 407)].

• ومن فقه أحاديث الباب:

قال ابن خزيمة: "باب إباحة تأخير الأحداث عن الصف الأول، إن قاموا في الصف الأول ثم حضر بعض أولى الأحلام والنهى، وليقوم مَن أَمَر النبيُّ صلى الله عليه وسلم بأن يليه في الصف المقدَّم، ويُؤخَّر عن الصف المقدَّم من ليس من أهل الأحلام والنهى".

وقال ابن بطال في شرح حديث سهل بن سعد في قصة تأخر النبي صلى الله عليه وسلم عند بني عمرو بن عوف يصلح بينهم، وحضرت الصلاة فأقام بلال وتقدم أبو بكر، ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم"، فشق الصفوف، حتَّى قام في الصف الأول؛ قال ابن بطال: "وفيه: أنَّه لا بأس بتخلل الصفوف، والمشي إلى الصف الأول، لمن يليق به الصلاة فيه، لأنَّ شأن الصف الأول أن يقوم فيه أفضل الناس علمًا ودينًا، لقوله صلى الله عليه وسلم:"ليليني منكم ذوو الأحلام والنهى"، يعني - والله أعلم -: ليحفظوا عنه، ويَعُوا ما كان منه في صلاته، وكذلك يصلح أن يقوم في الصف الأول من يصلح أن يلقن الإمام ما تعامى عليه من القراءة، ومن يصلح للاستخلاف في الصلاة" [شرح صحيح البخاري لابن بطال (3/ 190)، [وانظر: الاستذكار لابن عبد البر (2/ 310)].

وقال ابن عبد البر في التزاحم عند العالم: "ومَن تقدَّم إلى موضع فهو أحقُّ به، إلا

ص: 420

أن يكون ما ذكرنا من قرب أولى الفهم من الشيخ، فيفسح له، ولا ينبغي له أن يتبطأ، ثم يتخطى إلى الشيخ، ليرى الناس موضعه منه، فهذا مذموم، ويجب لكل من علم موضعه أن يتقدم إليه بالتبكير" [التمهيد (1/ 316)].

وقال البغوي في شرح السنة (3/ 376): "وإنما أمر أن يليه أولو النهى ليعقلوا عنه صلاته، ويخلفوه في الإمامة إن حدث به عارض".

وقال ابن العربي في أحكام القرآن (3/ 103): "ومجاورة الإمام لا تكون لكل أحد، وإنما هي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليليني منكم أولو الأحلام والنهى" فما يلي الإمام ينبغي أن يكون لمن كانت هذه صفته، فإن نزلها غيره أُخِّر له، وتقدم هو إلى هذا الموضع؛ لأنَّه حقه بأمر صاحب الشريعة، كالمحراب هو موضع الإمام تقدم أو تأخر".

وقال النووي في شرح مسلم (4/ 155): "في هذا الحديث: تقديم الأفضل فالأفضل إلى الإمام؛ لأنَّه أولى بالإكرام، ولأنه ربما احتاج الإمام إلى استخلاف فيكون هو أولى، ولأنه يتفطن لتنبيه الإمام على السهو لما لا يتفطن له غيره، وليضبطوا صفة الصلاة ويحفظوها وينقلوها ويعلموها الناس، وليقتدي بأفعالهم من وراءهم، ولا يختص هذا التقديم بالصلاة؛ بل السنة أن يقدم أهل الفضل في كل مجمع إلى الإمام وكبير المجلس، كمجالس العلم والقضاء والذكر والمشاورة ومواقف القتال وإمامة الصلاة والتدريس والإفتاء وإسماع الحديث ونحوها، ويكون الناس فيها على مراتبهم في العلم والدين والعقل والشرف والسن والكفاءة في ذلك الباب". وانظر أيضًا: المغني (2/ 26).

***

676 -

. . . معاوية بن هشام: حدثنا سفيان، عن أسامة بن زيد، عن عثمان بن عروة، عن عروة، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وملائكته يصلُّون على ميامِن الصفوف".

• حديث شاذ بهذا اللفظ: "على ميامن الصفوف".

أخرجه ابن ماجة (1005)، وابن حبان (5/ 533/ 2160)، وأبو العباس السراج في مسنده (768)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (59)، والبيهقي (3/ 103)، والبغوي في شرح السنة (3/ 374/ 819).

قال البيهقي: "كذا قال، والمحفوظ بهذا الإسناد: عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله وملائكته يُصَلُّون على الذين يَصِلُون الصفوف".

قلت: قد اختلف فيه على سفيان الثوري:

أ - فرواه معاوية بن هشام [صدوق، كثير الخطأ، قريب من قبيصة والفريابي في الثوري. التهذيب (4/ 112)] عن سفيان الثوري به هكذا، وتفرد به.

ص: 421

ب - وخالفه: قبيصة بن عقبة [ثقة، يخطئ في حديث الثوري]، وعبيد الله بن عبيد الرحمن الأشجعي [ثقة مأمون، أثبت الناس كتابًا في الثوري]، وأبو أحمد الزبيري محمد بن عبد الله بن الزبير [ثقة ثبت؛ إلا أنَّه يخطئ في حديث الثوري]:

فرووه عن سفيان، عن أسامة بن زيد، عن عثمان بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وملائكته يُصَلون على الذين يَصِلون الصفوف".

أخرجه أحمد (6/ 160)، وعبد بن حميد (1513)، والبيهقي (3/ 103).

ج - وخالفهم: عبد الرزاق بن همام الصنعاني [ثقة حافظ، من أصحاب الثوري]، والحسين بن حفص الأصبهاني [صدوق]، وعبد الله بن الوليد [هو: ابن ميمون، المكي العدني: صدوق، روى عن الثوري جامعه، وله عنه غرائب]، ويزيد بن أبي حكيم العدني [لا بأس به، والفريابي أعلى منه في الثوري. التهذيب (4/ 408)]:

فرووه عن سفيان، عن أسامة بن زيد، عن عبد الله بن عروة، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وملائكته يُصَلُّون على الذين يَصِلُون الصفوف".

أخرجه أحمد (6/ 67)، والبيهقي (3/ 103)، وعلقه الدارقطني في العلل (14/ 210/ 3564).

قال أبو القاسم الطبراني: "كلاهما صحيحان"، قال البيهقي:"يريد كلا الإسنادين، فأما المتن فإن معاوية بن هشام ينفرد بالمتن الأول، فلا أراه محفوظًا، فقد رواه عبد الله بن وهب وعبد الوهاب بن عطاء، عن أسامة بن زيد، نحو رواية الجماعة في المتن".

وقال الدارقطني في العلل (14/ 210/ 3564): "والصحيح قول مَن قال: عن أسامة بن زيد عن عثمان بن عروة، وكذلك رواه هشام بن سعد عن عثمان بن عروة".

وقال النووي في الخلاصة (2/ 709/ 2482): "رواه أبو داود بإسناد على شرط مسلم، وفيه رجل مختلف فيه، وصححه أبو القاسم الطبراني، وأشار البيهقي إلى تضعيفه، والمختار تصحيحه؛ فلم يذكر ما يقتضي ضعفًا".

قلت: ما ذكره البيهقي يقتضي تضعيفه، فإن تفرد معاوية بن هشام عن الثوري بهذا المتن دون بقية أصحابه، ولم يكن هشام بالثبت في الثوري، لمن أكبر الدلائل على وهمه فيه، فقد رواه عن الثوري بلفظ:"على الذين يَصِلُون الصفوف": قبيصة، والأشجعي، وأبو أحمد الزبيري، وعبد الرزاق، والحسين بن حفص، وعبد الله بن الوليد العدني، ويزيد بن أبي حكيم العدني [وهم سبعة من أصحاب الثوري]، وتفرد هشام بن معاوية بقوله فيه:"على ميامن الصفوف".

وهكذا رواه جماعة من الثقات عن أسامة بن زيد، ويأتي ذكرهم.

فإذا نظرنا إلى الاختلاف في إسناده على الثوري: وجدنا أن الذين قالوا: "عن

ص: 422

عثمان بن عروة" [وهم: معاوية بن هشام، وقبيصة، والأشجعي، وأبو أحمد الزبيري]: أكثر صحبة ورواية عن الثوري من الذين قالوا: "عن عبد الله بن عروة" [وهم: عبد الرزاق، والحسين بن حفص، وعبد الله بن الوليد، ويزيد بن أبي حكيم]، لكنهم متساوون في العدد، لذا فإن قول الطبراني بتصحيح الإسنادين قول قوي، لكن يعكر عليه أن بقية من روى الحديث من الثقات عن أسامة بن زيد قالوا: "عن عثمان بن عروة"، مما يرجح قول أكثر أصحاب الثوري عنه رواية وأطولهم له صحبة، وهو ما ذهب إليه الدارقطني، أن الصحيح قول من قال: "عن عثمان بن عروة"، والله أعلم.

• رواه عن الحسين بن حفص به هكذا: أَسِيد بن عاصم [قال ابن أبي حاتم: "سمعنا منه، وهو ثقة رضا". الجرح والتعديل (2/ 318)، طبقات المحدثين بأصبهان (3/ 19)، السير (12/ 378)].

وخالفه: عبد الرحمن بن عمر رُسْتَة [ثقة، له غرائب. التهذيب (2/ 535)، تقدمة الجرح والتعديل (336)]: حدثنا حسين بن حفص، عن سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وملائكته يُصَلُّون على الذين يَصِلُون الصفوف".

أخرجه ابن حبان (5/ 537/ 2164)، قال: حدثنا العباس بن الفضل بن شاذان المقرئ أبو القاسم الرازي [ذكره الإسماعيلي في معجم شيوخه (3/ 721) (337)، وليس له عند ابن حبان في صحيحه غير هذا الحديث، وحديث آخر برقم (4571)، وروى عنه أيضًا: أبو الشيخ الأصبهاني وجماعة، وهو في القراءة: إمام متقن. انظر: فتح الباب (67 و 79)، الإرشاد (2/ 687)، التدوين (3/ 294)، معرفة القراء الكبار (1/ 464)، تاريخ الإسلام (23/ 270)، غاية النهاية (155)]: حدثنا عبد الرحمن به.

قال أبو الشيخ في طبقات المحدثين (2/ 61): "وكان الحسين بن حفص صاحب كتاب، قليل الخطأ، يخطئ عليه الغرباء، ومن ذلك: حديث رواه أبو قلابة في إسناده: "لا تقوم الساعة حتَّى تكون خصوماتهم في ربهم".

وحديث رواه رستة عن الحسين في إسناده: "إن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف"، لم يروه إلا رستة،

".

قلت: وهذا الحديث ليس بمحفوظ؛ فهو من غرائب رستة عن الحسين بن حفص، وقد خولف فيه، ثم الراوي عنه: العباس بن الفضل بن شاذان: مجهول الحال في الحديث، وإن كان إمامًا في القراءة، وقد رواه مرة أخرى بلفظ مختلف:

فقد روى أبو بكر ابن المقرئ في معجمه (1218)، قال: حدثنا علي بن أحمد الطلاس الرازي بالري يوم موت ابن أبي حاتم [لم أقف له على ترجمة سوى هذه]: ثنا عباس بن الفضل بن شاذان: ثنا رستة: ثنا حسين بن حفص: ثنا سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل وملائكته يصلون على الصفوف الأول".

ص: 423

والمحفوظ من حديث الحسين بن حفص ما رواه عنه: أسِيد بن عاصم، ومن قال في إسناده:"عن هشام بن عروة" فقد وهم، وإنما هو حديث عثمان بن عروة، والله أعلم.

• تابع الثوري على الوجه الثاني [وهو المحفوظ]:

عبد الله بن وهب، وعبد الوهاب بن عطاء، وسليمان بن بلال، وأبو ضمرة أَنس بن عياض، وحاتم بن إسماعيل، وغيرهم:

رووه عن أسامة بن زيد، عن عثمان بن عروة بن الزبير، عن أبيه، عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن الله وملائكته يُصَلُّون على الذين يَصِلُون الصفوف".

أخرجه ابن خزيمة (3/ 23/ 1550)، وابن حبان (5/ 536/ 2163)، والحاكم (1/ 213)، وابن وهب في الجامع (471)، وأبو العباس السراج في مسنده (770)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (60)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 179 - 180/ 1983)، والبيهقي (3/ 101)، وعلقه الدارقطني في العلل (14/ 210/ 3564)، والبيهقي في السنن (3/ 103)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (38/ 438).

قال ابن حبان: "أسامة بن زيد هذا هو: الليثي مولى لهم، من أهل المدينة، مستقيم الأمر، صحيح الكتاب، وأسامة بن زيد بن أسلم: مدني واهٍ، وكانا في زمن واحد؛ إلا أن الليثي أقدم".

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه".

قلت: هذا إسناد مدني حسن، رجاله رجال مسلم؛ إلا أنَّه أخرج لأسامة بن زيد في الشواهد والمتابعات، لا في الأصول.

وأسامة بن زيد الليثي مولاهم: صحيح الكتاب، يخطئ إذا حدث من حفظه، وقد أنكروا عليه أحاديث [تقدمت ترجمته مفصلة تحت الحديث رقم (394 و 600)]، ولا أستبعد أن يكون هذا من كتابه؛ إذ يرويه عنه عبد الله بن وهب، وهو يروي عنه نسخة صالحة، قال ابن عدي في الكامل (1/ 395):"يروي عنه ابن وهب بنسخة صالحة"، ولم ينكر على أسامة شيئًا من نسخة ابن وهب، وقد روى مسلم من هذه النسخة في المتابعات، ولم ينفرد به أسامة، فقد توبع عليه:

• تابع أسامة بن زيد عليه: هشام بن سعد:

قال أبو القاسم المؤمل بن أحمد الشيباني في السادس من فوائده بانتقاء خلف الحافظ (30): حدثنا ابن أبي داود: أخبرنا الحسن بن علي بن مهران: حدثنا مكي -يعني: ابن إبراهيم-، عن هشام بن سعد، عن عثمان بن عروة، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف".

قال المؤمل: "هذا حديث حسن من حديث عثمان بن عروة، وهو عزيز الحديث، وغريب من حديث هشام بن سعد عنه".

قلت: وهو كما قال، ورجال الإسناد موثقون.

ص: 424

• وروى إسماعيل بن عياش، قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وملائكته يُصَلُّون على الذين يَصِلون الصفوف، ومن سدَّ فُرجة رفعه الله بها درجة".

أخرجه ابن ماجة (995)، وأحمد (6/ 89).

ورواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين ضعيفة، وهذه منها، فقد وهم فيه مرتين:

الأُولى: لما وصل شقه الثاني، وإنما يرويه وكيع بن الجراح [ثقة حافظ]، عن هشام، عن أبيه، قال: كان يقال ذلك، يعني:"من سدَّ فرجةً في صفٍّ رفعه الله بها درجة، أو بنى له بها بيتًا في الجنّة"، هكذا مرسلًا.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 333 / 3825)، وسبق الكلام عليه تحت الحديث رقم (672)، الشاهد السادس.

والوهم الثاني: لما جعل شقه الأول عن هشام بن عروة، إنما هو عن أخيه عثمان.

• ومن الأحاديث الواردة في فضل وصل الصفوف [غير ما تقدم ذكره في الباب قبل هذا]:

1 -

حديث أبي هريرة:

قال الطبراني في الأوسط (4/ 123/ 3771): حدثنا علي بن المبارك الصنعاني، قال: نا إسماعيل بن أبي أويس"، قال: نا إسماعيل بن عبد الله بن خالد بن سعيد بن أبي مريم، عن أبيه، عن جده، عن غانم بن الأحوص: أنَّه سمع أبا صالح السمان، يقول: سمعت أبا هريرة، يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف، ولا يصلُ عبدٌ صفًّا إلا رفعه الله به درجة، وذرت عليه الملائكة من البر".

قال الطبراني: "لم يرو غانم بن الأحوص عن أبي صالح غير هذا الحديث، تفرد به ابن أبي أويس".

قلت: هو حديث منكر؛ غانم بن الأحوص، وهو غانم بن أبي غانم: قال أبو حاتم: "مجهول"، وقال الدارقطني:"ليس بالقوي "[الجرح والتعديل (7/ 59)، اللسان (6/ 352)]، ففي تفرده عن أبي صالح السمان نكارة ظاهرة، والإسناد إليه مجهول.

خالد بن سعيد بن أبي مريم، مولى ابن جدعان: لا يُعرف [ذيل الميزان (319)، بيان الوهم (3/ 537/ 1316)، التهذيب (1/ 521)].

وعبد الله بن خالد بن سعيد بن أبي مريم، أبو شاكر، مولى ابن جدعان: ذكره ابن شاهين في الثقات، وقال: قال أحمد بن صالح: "ثقة، من أهل المدينة"، وقال الأزدي:"لا يكتب حديثه"، وقال ابن القطان:"مجهول"[تاريخ أسماء الثقات (644)، بيان الوهم (3/ 537/ 1316)، التهذيب (2/ 325)].

وإسماعيل بن عبد الله بن خالد بن سعيد بن أبي مريم، مولى عبد الله بن جدعان التيمي القرشي، وابن أخت محمد بن هلال بن أبي هلال المدني، قال عنه أبو حاتم: "لا

ص: 425

أعلم روى عنه إلا ابن أبي أويس، وأرى في حديثه ضعف، وهو: مجهول"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن القطان: "مجهول الحال" [التاريخ الكبير (1/ 365)، الجرح والتعديل (2/ 179)، الثقات (8/ 90)، بيان الوهم (3/ 537/ 1316)، اللسان (2/ 144)].

وشيخ الطبراني: علي بن المبارك الصنعاني، وسماه الخليلي: علي بن محمد بن عبد الله بن المبارك، وكناه أبا الحسن، روى عنه: أبو القاسم الطبراني، والعقيلي، وأبو عوانة، وروى له الحاكم في المستدرك، وصحح له، وكذا الضياء، ووثقه العراقي ضمن إسناد للطبراني، ولم يعرفه الهيثمي [المستدرك (1/ 369 و 481) و (2/ 286 و 342 و 483 و 491 و 505 و 561) و (3/ 400 و 550) و (4/ 134 و 140 و 159)، فتح الباب (2017)، شرح أصول الاعتقاد (1/ 115/ 178)، الزهد الكبير للبيهقي (823)، المختارة (8/ 65 و 365) و (10/ 421)، تاريخ الإسلام (21/ 230)، محجة القرب (228)، مجمع الزوائد (6/ 293)].

2 -

حديث عبد الله بن زيد: مرفوعًا بلفظ: "إن الله وملائكته يُصَلُّون على الدين يَصِلون الصفوف"، وقال:"ما بين الفذ والجماعة خمس وعشرون درجة"[عند: أبي يعلى (3/ 691/ 407 - مطالب)، والطبراني في الأوسط (5/ 197/ 5067)][وفي إسناده: موسى بن عبيدة الربذي، وهو ضعيف].

3 -

حديث عبد الرحمن بن عوف: مرفوعًا بلفظ: "إن الله وملائكته يُصَلُّون على الذين يَصِلون الصفوف"[ذكره ابن أبي حاتم في العلل (1/ 172/ 492)، والدارقطني في العلل (4/ 287/ 570)، وانظر: سنن ابن ماجه (999)، المعجم الأوسط للطبراني (6/ 257/ 6342)، أطراف الغرائب والأفراد (5/ 307/ 5530)، تاريخ دمشق (10/ 381)، الفتح لابن رجب (4/ 255)][وهو حديث معلول، صوابه: مرسل، وقد اختلف أبو حاتم والدارقطني في الصحيح: ما هو؟ وكلاهما عندهما مرسل].

• ومن الأحاديث الواردة في فضل ميمنة الصف:

1 -

حديث البراء بن عازب، قال: كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحببنا أن نكون عن يمينه، يُقبل علينا بوجهه، قال: فسمعته يقول: "رب قني عذابك يوم تبعث -أو: تجمع- عبادك".

أخرجه مسلم (709)، وتقدم برقم (615).

2 -

حديث ابن عباس: بِتُّ في بيت خالتي ميمونة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل،. . . والشاهد منه: ثم جئتُ فقمتُ عن يساره، فأخذني بيمينه فأدارني من ورائه، فأقامني عن بمينه، فصليتُ معه.

وفي رواية: بت عند خالتي ميمونة، فقام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل، فقمت عن يساره، فأخذ بيدي فأقامني عن يمينه.

تقدم برقم (610 و 611)، وهو حديث متفق عليه.

ص: 426

وقد ترجم له البخاري في الصحيح [قبل الحديث رقم (728)] بقوله: "باب ميمنة المسجد والإمام"، فعلَّق عليه ابن رجب شارحًا مناسبة الحديث للترجمة، فقال:"مراد البخاري بهذا الحديث في هذا الباب: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حوَّل ابن عباس مِن عن يساره إلى يمينه: دلَّ على أن موقف المأموم عن يمين الإمام، وأن جهة اليمين أشرف وأفضل، فلذلك يكون موقف المأموم الواحد منها، فيُستدل بذلك على أن جهة يمين الإمام للمأمومين الذين يقومون خلف الإمام أشرف وأفضل من جهة يساره"[فتح الباري (4/ 272)].

3 -

حديث ابن عباس:

يرويه عبد الله بن إبراهيم الغفاري، عن عصمة بن محمد السالمي، عن موسى بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف".

أخرجه ابن عدي في الكامل (5/ 372)، بإسناده إلى الغفاري.

قال ابن عدي بعد أن أخرجه في ترجمة عصمة بن محمد بن فضالة بن عبيد الأنصاري المدني: "وكل حديثه غير محفوظ، وهو: منكر الحديث".

وقال فيه ابن معين: "كذاب، يضع الحديث"[انظر: اللسان (5/ 438)].

والراوي عنه: عبد الله بن إبراهيم بن أبي عمرو الغفاري المدني: متروك، منكر الحديث، نسبه ابن حبان إلى الوضع [التهذيب (2/ 298)، الميزان (2/ 388)].

فهو حديث موضوع بهذا الإسناد.

4 -

حديث ابن عباس:

يرويه علي بن حميد الدَّهَكي: حدثنا محمد بن إسماعيل الضبي، عن أبي المعلى العطار [يحيى بن ميمون الضبي: ثقة]، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! علمني عملًا أدخل به الجنة، قال:"كن مؤذنًا" قال: ما أقدر على ذلك، قال:"فكن إمامًا"، قال: لا أقدر على ذلك، قال:"فصلِّ [وفي رواية: فقم] بإزاء الإمام".

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 37)، والعقيلي في الضعفاء (4/ 21)، والطبراني في الأوسط (7/ 363 - 364/ 7737)، وابن عدي في الكامل (6/ 120)، وابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال (544).

قال البخاري في محمد بن إسماعيل الضبي، وقد أخرج الحديث في ترجمته:"منكر الحديث، لا يتابع على هذا".

وقال العقيلي: "لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به".

وقال ابن عدي: "منكر الحديث"، ثم قال:"ومحمد بن إسماعيل الضبي هذا: لا أعرف له حديثًا غير هذا، وهذا الذي أنكره عليه البخاري".

قلت: فهو حديث منكر؛ محمد بن إسماعيل الضبي: مجهول، منكر الحديث [اللسان

ص: 427

(6/ 567)]، وعلي بن حميد الدهكي هذا هو السلولي، وقيل: الباهلي، وقيل: الذهلي: قال أبو زرعة: "لا أعرفه"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"يغرب"، وأدخله العقيلي في جملة الضعفاء، وأنكر عليه حديثًا [الجرح والتعديل (6/ 183)، الثقات (8/ 462)، ضعفاء العقيلي (3/ 228)، الإكمال لابن ماكولا (3/ 404)، اللسان (5/ 536)].

5 -

حديث ابن عباس:

يرويه إسماعيل بن مسلم المكي، عن أبي يزيد المديني، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالصف الأول، وعليكم بالميمنة، وإياكم والصف بين السواري".

وهو حديث ضعيف مضطرب، والأقرب وقفه على ابن عباس، ولا يصح عنه أيضًا لإبهام الراوي عنه، وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (673).

6 -

حديث أبي برزة:

يرويه عبد الله بن أبي بكر بن الفضل العتكي [صدوق]: ثنا عمران بن خالد الخزاعي، عن العلاء بن علي، عن أبيه، عن أبي برزة، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن استطعت أن تكون خلف الإمام؛ وإلا فعن يمينه"، وقال: هكذا كان أبو بكر وعمر خلف النبي صلى الله عليه وسلم.

أخرجه الطبراني في الأوسط (6/ 158 - 159/ 6078)، والبيهقي (3/ 104).

قال الطبراني: "لم يُروَ هذا الحديث عن أبي برزة إلا بهذا الإسناد، تفرد به: عمران بن خالد الخزاعي".

وقال ابن رجب في الفتح (4/ 272): "إسناد فيه جهالة".

وقال الهيثمي في المجمع (2/ 92): "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه من لم أجد له ذكرًا".

قلت: إسناده واهٍ بمرة، عمران بن خالد الخزاعي: متروك الحديث [اللسان (6/ 171)]، وشيخه وأبوه: لا يُعرفان.

• ما جاء في فضل من عمَّر ميسرة المسجد إذا تعطلت:

روى عمرو بن عثمان الكلابي: ثنا عبيد الله بن عمرو الرقي، عن ليث بن أبي سليم، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن ميسرة المسجد تعطَّلت! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من عمَّر ميسرة المسجد كُتِب له كِفْلان من الأجر".

أخرجه ابن ماجه (1007)، وأبو أمية الطرسوسي في مسند عبد الله بن عمر (95)، وأبو عمرو السمرقندي في فوائده (55)، والطبراني في الأوسط (5/ 64/ 4678)، والدارقطني في تعليقاته على المجروحين (228).

هكذا رواه عن عمرو بن عثمان الكلابي جماعة من الثقات، منهم: أبو أمية محمد بن إبراهيم بن مسلم الخزاعي الطرسوسي [صدوق]، وعبد الرحمن بن عمرو أبو زرعة

ص: 428

الدمشقي [ثقة حافظ]، ومحمد بن جعفر السمناني [ثقة]، والعباس بن الفضل بن رشيد الطبري [صدوق. سؤالات الحاكم (142)، تاريخ بغداد (12/ 147)، تاريخ الإسلام (20/ 370)].

وخالفهم فوهم: العباس بن إسماعيل بن حماد البغدادي مولى بني هاشم [قال ابن حبان في الثقات: "يعتبر به". الثقات (8/ 514)، تاريخ بغداد (12/ 140)، اللسان (4/ 401)]، قال: حدثنا عمرو بن عثمان الكلابي، قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن ليث، عن موسى بن عبيدة، عن نافع، عن ابن عمر بنحوه مرفوعًا. فزاد في الإسناد: موسى بن عبيدة الربذي، وهو: ضعيف.

أخرجه ابن حبان في المجروحين (2/ 237).

لكن الدارقطني جعل الوهم فيه من أبي حاتم ابن حبان نفسه، فقال في تعليقاته على المجروحين (227):"وَهِم أبو حاتم في هذا الحديث وهمًا قبيحًا؛ لذكر موسى بن عبيدة فيه، وإنما روى هذا الحديث: ليث بن أبي سليم، عن نافع، وليس لموسى بن عبيدة فيه ذكر".

ثم قال بعد أن أخرجه من طريق العباس بن الفضل: "وهذا هو المحفوظ بهذا الإسناد، ليس لموسى بن عبيدة فيه ذكر".

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن نافع إلا ليث، ولا عن ليث إلا عبيد الله بن عمرو، تفرد به: عمرو بن عثمان".

وقال النووي في الخلاصة (2493): "رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف".

وقال ابن حجر في الفتح (2/ 213): "في إسناده مقال".

وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 122/ 366): "هذا إسناد ضعيف؛ لضعف ليث بن أبي سليم".

قلت: إسناده ضعيف جدًّا؛ ليث بن أبي سليم: ضعيف، لاختلاطه وعدم تميز حديثه، وعمرو بن عثمان بن سيار الكلابي: ضعيف، كان يحدث من كتب غيره.

• وله شاهد من حديث ابن عباس:

فقد أخرج الطبراني في الكبير (11/ 190/ 11459)، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن عجلان أبو شيخ الأصبهاني [هو: محمد بن الحسين بن إبراهيم بن زياد بن عجلان الأبهري: ثقة. طبقات المحدثين (3/ 296)، تاريخ أصبهان (2/ 198)، تاريخ بغداد (2/ 226)، الأنساب (1/ 79)، المنتظم (12/ 407)، تاريخ الإسلام (21/ 256)]: ثنا إبراهيم بن محمد الفريابي [صدوق]: ثنا آدم بن أبي إياس [ثقة مأمون]: ثنا بقية بن الوليد، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من عمَّر جانب المسجد الأيسر لقلة أهله فله أجران".

قلت: هذا الحديث لا شيء.

ص: 429