المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌75 - باب ما يؤمر به المأموم من اتباع الإمام - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ٧

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌69 - باب الإمام يصلي من قعود

- ‌78).***70 -باب الرجلين يؤمُّ أحدُهما صاحبَه، كيف يقومان

- ‌71 - باب إذا كانوا ثلاثةً كيف يقومون

- ‌7).***72 -باب الإمام ينحرف بعد التسليم

- ‌73 - باب الإمام يتطوع في مكانه

- ‌74 - باب الإمام يحدث بعد ما يرفع رأسه من آخر الركعة

- ‌75 - باب ما يؤمر به المأموم من اتباع الإمام

- ‌76 - باب التشديد فيمن يرفع قبل الإمام، أو يضَع قبله

- ‌77 - باب فيمن ينصرف قبل الإمام

- ‌78 - باب جماع أبواب ما يُصلَّى فيه

- ‌79 - باب الرجل يعقِد الثوبَ في قفاه ثم يصلي

- ‌80 - باب الرجل يصلي في ثوبٍ واحد بعضُه على غيره

- ‌81 - باب في الرجل يصلي في قميص واحد

- ‌82 - باب إذا كان الثوب ضيقًا يتَّزر به

- ‌83 - باب الإسبال في الصلاة

- ‌84 - باب في كم تصلي المرأة

- ‌85 - باب المرأة تصلي بغير خمار

- ‌86 - باب ما جاء في السدل في الصلاة

- ‌87 - باب الصلاة في شُعُر النساء

- ‌88 - باب الرجل يصلي عاقصًا شعره

- ‌89 - باب الصلاة في النعل

- ‌91).***90 -باب المصلي إذا خلع نعليه، أين يضعهما

- ‌91 - باب الصلاة على الخُمرة

- ‌92 - باب الصلاة على الحصير

- ‌93 - باب الرجل يسجد على ثوبه

- ‌تفريع أبواب الصفوف

- ‌94 - باب تسوية الصفوف

- ‌95 - باب الصفوف بين السواري

- ‌96 - باب مَن يُستحبُّ أن يلي الإمامَ في الصف وكراهية التأخر

- ‌97 - باب مقام الصبيان من الصف

- ‌98 - باب صف النساء وكراهية التأخر عن الصف الأول

- ‌99 - باب مقام الإمام من الصف

- ‌100 - باب الرجل يصلي وحده خلف الصف

- ‌16).***101 -باب الرجل يركع دون الصف

- ‌تفريع أبواب السترة

- ‌102 - باب ما يستر المصلي

- ‌ 150)].***103 -باب الخط إذا لم يجد عصًا

- ‌104 - باب الصلاة إلى الراحلة

- ‌105 - باب إذا صلى إلى سارية أو نحوها، أين يجعلها منه

- ‌106 - باب الصلاة إلى المتحدِّثين والنِّيام

- ‌107 - باب الدُّنُوِّ من السترة

- ‌108 - باب ما يُؤمر المصلي أن يدرأ عن الممرِّ بين يديه

الفصل: ‌75 - باب ما يؤمر به المأموم من اتباع الإمام

618 -

. . . سفيان، عن ابن عقيل، عن محمد ابن الحنفية، عن علي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مفتاح الصلاة الطُّهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم".

• حديث صحيح.

تقدم تخريجه برقم (61).

وانظر فقه الباب فيما تقدم تحت الحديث رقم (234).

***

‌75 - باب ما يؤمر به المأموم من اتباع الإمام

619 -

ابن عجلان: حدثني محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن ابن محيريز، عن معاوية بن أبي سفيان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تبادروني بركوع، ولا بسجود، فإنه مهما أسبقْكم به إذا ركعتُ تدركوني به إذا رفعتُ، إني قد بدَّنْت".

• حديث صحيح.

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (8/ 193)، وفي التاريخ الأوسط (1/ 207/ 977 و 978)، موصولًا ومعلقًا. وابن ماجه (963)، والدارمي (1/ 345/ 1315)، وابن خزيمة (3/ 44/ 1594)، وابن حبان (5/ 608 و 609/ 2229 و 2230)، وابن الجارود (324)، وأحمد (4/ 92 و 98)، والحميدي (2/ 274/ 603)، وأبو عبيد في غريب الحديث (3/ 187 - 188)، وابن أبي شيبة (2/ 116/ 7151)، وأبو العباس السراج في مسنده (724)، والطحاوي في المشكل (14/ 25 و 26/ 5421 و 5421 م)، والطبراني في الكبير (19/ 366/ 862)، وفي مسند الشاميين (3/ 236/ 2159)، والدارقطني في العلل (7/ 63/ 1213)، وأبو نعيم في الحلية (5/ 147)، وابن حزم في المحلى (4/ 158)، والبيهقي في السنن (2/ 92)، وفي المعرفة (2/ 470/ 1675)، وابن عبد البر في التمهيد (6/ 224)، والبغوي في شرح السنة (3/ 415/ 848).

وانظر: الكامل لابن عدي (6/ 465).

رواه عن ابن عجلان هكذا: يحيى بن سعيد القطان، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن إدريس، والليث بن سعد، وسليمان بن بلال، ووهيب بن خالد، وبكر بن مضر، وحماد بن مسعدة، ويحيى بن أيوب.

لم يختلفوا فيه على ابن عجلان، مما يدل على أنه ضبطه، فهو يرويه عن أهل بلده المدنيين، وليس ابن حَبان من شيوخه الذين اضطرب في حديثهم كسعيد المقبري.

ص: 130

وقد صحح حديثه هذا: ابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود.

ولفظ القطان بتمامه: "لا تبادروني بالركوع ولا بالسجود؛ فإنه مهما أسبقكم به إذا ركعت تدركوني به إذا رفعت، ومهما أسبقكم به إذا سجدت تدركوني به إذا رفعت، فإني قد بدَّنت"، وبنحوه لفظ الليث بن سعد، وابن عيينة، وغيرهم.

• ورواه عبد اللَّه بن وهب، قال: أخبرني أسامة بن زيد الليثي، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن ابن محيريز، عن معاوية بن أبي سفيان، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تبادروني بالركوع ولا بالسجود؛ فإني ما أسبقكم به حين أركع تدركوني به حين أرفع، إني قد بدنت". وفي رواية: "لا تبادروني بالركوع والسجود، فإني ما أسبقكم به حين أسجد تدركوني به إذا رفعت، وما أسبقكم به حين أركع تدركوني به حين أرفع، وإني قد بدنت".

أخرجه أبو العباس السراج في مسنده (725)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 188/ 2005)، والطحاوي في المشكل (14/ 26/ 5422)، والطبراني في الكبير (19/ 367/ 863).

قلت: وهذا إسناد مدني حسن، رجاله رجال مسلم؛ إلا أنه أخرج لأسامة بن زيد في الشواهد والمتابعات، لا في الأصول.

وأسامة بن زيد الليثي مولاهم: صحيح الكتاب، يخطئ إذا حدث من حفظه، وقد أنكروا عليه أحاديث [تقدمت ترجمته مفصلة عند الحديث رقم (394 و 600)]، ولا أستبعد أن يكون هذا من كتابه؛ إذ يرويه عنه عبد الله بن وهب، وهو يروي عنه نسخة صالحة [قال ابن عدي في الكامل (1/ 395):"يروي عنه ابن وهب بنسخة صالحة"، ولم ينكر على أسامة شيئًا من نسخة ابن وهب]، وقد روى مسلم من هذه النسخة في المتابعات.

• ورواه يحيى بن سعيد الأنصاري: أنه سمع محمد بن يحيى بن حبان، يحدث عن عبد الله بن محيريز، قال: سمعت معاوية بن أبي سفيان، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تبادروني بالركوع ولا بالسجود، فإني قد بدنت، فمهما أسبقكم إذا ركعت فإنكم تدركوني به إذا رفعت، ومهما أسبقكم به إذا سجدت فإنكم تدركوني به إذا رفعت".

أخرجه ابن خزيمة (3/ 44/ 1594)، والحميدي (2/ 273/ 602)، وابن حزم في المحلى (4/ 62)، وعلقه البخاري في التاريخ الكبير (8/ 192)، وفي التاريخ الأوسط (1/ 207/ 977).

• وقد اختلف فيه على يحيى بن سعيد الأنصاري:

أ- فرواه عنه به هكذا موصولًا: سفيان بن عيينة.

ب- وخالفه: الليث بن سعد، قال: حدثني يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى، قال: سمعت هشام بن إسماعيل، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تبادروني بالركوع. . .".

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (8/ 193)، وفي التاريخ الأوسط (1/ 207/ 976).

رواه البخاري عن عبد الله بن صالح كاتب الليث، عن الليث به.

ج- وخالفهما: عبد الله بن إدريس، وعمر بن علي المقدمي، ويحيى بن سعيد القطان:

ص: 131

فرووه عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني قد بدنت؛ فلا تبادروني بالركوع ولا بالسجود،. . . " فذكره مثله، هكذا مرسلًا.

أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 116/ 7150)، وذكره الدارقطني في العلل (7/ 63/ 1213).

هكذا اختلف في هذا الحديث على يحيى بن سعيد الأنصاري، وهو: ثقة ثبت، والذين اختلفوا عليه أيضًا: كلهم حفاظ، لكن لعل رواية الجماعة المرسلة أولى بالصواب، وأما رواية الليث، فراويها عنه: كاتبه عبد الله بن صالح، وهو صدوق، وقد تُكُلِّم فيه، وهو كثير الغلط، فلعله أُتي من قِبله.

قال الدارقطني: "والصواب عن يحيى بن سعيد: المرسل".

قلت: والذي يظهر لي -والله أعلم- أن رواية يحيى بن سعيد الأنصاري المرسلة، وإن كانت هي المحفوظة عنه، إلا أنها لا تُعل رواية ابن عجلان، حيث لم ينفرد به ابن عجلان، فقد تابعه أسامة بن زيد الليثي، فإن قيل: يحيى بن سعيد أحفظ منهما معًا، قلت: نعم، ولكن هناك قرائن تدل على حفظهما للحديث:

أ- إن ابن عجلان هنا يروي هذا الحديث عن مدني مثله.

ب- إن روايته ليست عن سعيد المقبري، والذي تكلم الحفاظ في رواية ابن عجلان عنه، وأنه لم يضبط حديثه.

ج- إن الحديث قد رواه عن ابن عجلان جماعة من الحفاظ؛ فلم يختلفوا عليه، لا في إسناده، ولا في متنه، مما يدل على أنه حفظه، ولم يكن يتردد فيه.

وما ذكره الدارقطني في العلل من اختلافٍ على ابن عجلان، فهو ليس اختلافًا عليه، وإنما اختلف فيه على حماد بن مسعدة الراوي عن ابن عجلان، والوهم فيه من الراوي عن ابن مسعدة.

د- إن رواية أسامة بن زيد الليثي، هي من رواية ابن وهب عنه، وهو يروي عنه نسخة صالحة، استشهد بها مسلم، ولعلها كانت من كتاب الليثي، فهو صحيح الكتاب.

هـ- إن الدارقطني لم يعل رواية ابن عجلان، ولم يرجح عليها رواية يحيى بن سعيد الأنصاري، وإنما ذكر الراجح فقط من الاختلاف الواقع على يحيى بن سعيد، وأن الصواب عنه: المرسل، ولو قال الدارقطني: والصواب: عن يحيى بن سعيد مرسل، لاحتمل أن يكون هذا حكمًا عامًّا على الحديث، وأن المحفوظ فيه: مرسل، وإن كان يحتمل المعنى الأول أيضًا، وعادة الدارقطني في تلخيص الحكم العام على الحديث أن يقول: والصواب: مرسل، أو: والصواب: المرسل، وقد يعبِّر بالأشبه، والأصح، والصحيح، وغير ذلك، لكن بدون أن يقيده بطريق معين، والله أعلم.

وحديث ابن عجلان: قد صححه ابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود.

واحتج به ابن حزم في موضعين (3/ 243) و (4/ 158)، ولم يُعله بشيء.

وصححه شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى [المجموع (23/ 336)].

ص: 132

وقال ابن الملقن في البدر المنير (4/ 487): "هذا الحديث صحيح".

• يقال: بدَّنت: من كبر السن، وبدُنت: من احتمال اللحم وزيادة الجسم والبدانة، والأول رجحه أبو عبيد والعسكري، وذهب الخطابي إلى احتمال الحديث للمعنيين، قال ابن الجوزي في الغريب:""إني قد بدَّنت": أي كبرت، ومن خفَّف اللفظة غلِط؛ لأن المخففة بمعنى كثرة اللحم، وليس من صفاته"، والله أعلم [انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (3/ 187 - 191)، معالم السنن (1/ 152)، تهذيب اللغة (14/ 144)، تصحيفات المحدثين (1/ 181)، بحر الفوائد (300)، سنن البيهقي (2/ 93)، التمهيد (6/ 225)، النهاية (1/ 107)، لسان العرب (13/ 48)، غريب الحديث لابن الجوزي (1/ 61)، كشف المشكل (4/ 311)، البدر المنير (4/ 488)].

• ولحديث معاوية شواهد، منها:

1 -

حديث أبي هريرة:

يرويه إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أيها الناس، إني قد بَدَّنت -أو: بَدُنْت-، فلا تسبقوني بالركوع والسجود، ولكني أسبقكم، إنكم تدركون ما فاتكم".

أخرجه ابن حبان (5/ 610/ 2231)، والدارقطني في الأفراد (2/ 297/ 5258 - أطرافه)، والبيهقي (2/ 93).

قال الدارقطني: "تفرد به محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن أبي الزناد".

قلت: فهو حديث غريب، وإسناده مدني حسن.

2 -

حديث أبي موسى:

يرويه أبو بدر شجاع بن الوليد، عن زياد بن خيثمة، عن أبي إسحاق، عن دارم، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبي بردة، عن أبي موسى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني قد بدنت، فإذا ركعت فاركعوا، وإذا رفعت فارفعوا، وإذا سجدت فاسجدوا، ولا ألفين رجلا يسبقني إلى الركوع، ولا إلى السجود".

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (3/ 253)، وابن ماجه (962)، والبزار (8/ 121/ 3124)، والدارقطني في الأفراد (2/ 255/ 4983 - أطرافه)، والمزي في التهذيب (8/ 375 - 376).

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن أبي موسى إلا بهذا الإسناد، ولا روى هذا الحديث عن أبي إسحاق إلا زياد بن خيثمة".

وقال الدارقطني: "غريب من حديثه [يعني: سعيدًا] عن أبيه، تفرد به أبو إسحاق السبيعي عن دارم عنه، وتفرد به زياد بن خيثمة عن أبي إسحاق، وتفرد به أبو بدر عن زياد".

ص: 133

وهذا حديث غريب أيضًا، وإسناده ضعيف؛ لجهالة دارم، فإنه لا يُعرف إلا بهذا الإسناد، وهذا الحديث [التاريخ الكبير (3/ 253)، الأسماء المفردة (300)، الجرح والتعديل (3/ 439)، الثقات (8/ 237)، التهذيب (1/ 561)، التقريب (185)، وقال: "مجهول"].

3 -

حديث ابن مسعدة، صاحب الجيوش:

يرويه ابن جريج، عن [وقال في رواية: أخبرني] عثمان بن أبي سليمان، عن ابن مسعدة صاحب الجيوش، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود؛ فإني مهما أسبقكم تدركوني في بطء قيامي، إني قد بدنت".

وفي رواية: "إني قد بدنت؛ فمن فاته ركوعي أدركه في بطء قيامي".

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (8/ 446)، وأحمد (4/ 176)، وعبد الرزاق (2/ 153/ 2869)، وابن سعد في الطبقات (7/ 432)، وابن معين في تاريخه (3/ 6/ 19 - رواية الدوري)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (2/ 608/ 2541 - السفر الثاني)، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (4/ 266)، وابن قانع في المعجم (2/ 91)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6/ 3068/ 7092)، وابن سيد الناس في النفح الشذي (4/ 472)، وعلقه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (9/ 327).

كذا هو عند الأكثر: ابن مسعدة، ذكروه فيمن لا يُعرف اسمه، ويعرف باسم أبيه، كذا ذكره ابن سعد وأحمد والبخاري وابن أبي خيثمة وابن أبي حاتم وأبو نعيم الأصبهاني فيمن حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يُعرف اسمه [وانظر أيضًا: التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (1/ 268/ 940 - السفر الثاني)]، وسماه البغوي وابن قانع وابن حبان والطبراني والأزدي وابن عبد البر وابن عساكر وابن الأثير والذهبي وابن حجر: عبد الله بن مسعدة، وقال الطبراني بعدما روى له حديثًا في قصة ذي اليدين بهذا الإسناد:"ابن مسعدة اسمه عبد الله، من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم"[معجم الصحابة لابن قانع (2/ 91)، الثقات (3/ 229)، المعجم الأوسط (3/ 7/ 2302)، المخزون (132)، الاستيعاب (3/ 987)، تاريخ دمشق (33/ 46)، أسد الغابة (3/ 393)، تاريخ الإسلام (5/ 167)، الإكمال للحسيني (1248)، الإصابة (4/ 230)][وانظر: تاريخ دمشق (12/ 238)].

قال الهيثمي في المجمع (2/ 77): "رواه أحمد، ورجاله ثقات؛ إلا أن الذي رواه عن ابن مسعدة: عثمان بن أبي سليمان، وأكثر روايته عن التابعين، والله أعلم".

وقال ابن حجر في الإصابة (4/ 230): "فيه انقطاع بين عثمان وابن مسعدة".

قلت: وهو كما قالا، رجاله ثقات، وعثمان بن أبي سليمان يروي عن التابعين، ويقرنه بعضهم بمحمد بن عجلان، وأرسل عن صفوان بن أمية، وقد ذكره ابن حبان في ثقاته في طبقة أتباع التابعين، مما يعني أنه لم يثبت له عنده رواية عن صحابي [التاريخ الكبير (6/ 223)، الجرح والتعديل (6/ 152)، الثقات (7/ 192)، التهذيب (3/ 62)]؛ فهو منقطع.

ص: 134

وهو شاهد جيد لحديث معاوية.

4 -

حديث عبد الرحمن بن عوف:

قال ابن أبي حاتم في علل الحديث (1/ 155/ 435): "سألت أبي عن حديث رواه محمد بن حرب الأبرش، عن الزبيدي، عن سعد بن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن عوف: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إني بَدَنٌ، لا تبادروني بالركوع والسجود، فإني ما أسبقكم به حين أركع تدركوني به حين أرفع، وما أسبقكم به حين أسجد فإنكم تدركوني به حين أرفع"؟

قال أبي: إنما هو سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن النبي صلى الله عليه وسلم".

قلت: قد وجدته من رواية: سفيان الثوري، وزكريا بن أبي زائدة:

عن سعد بن إبراهيم، عن نافع بن جبير بن مطعم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني امرؤ قد بدنت؛ فلا تبادروني بالقيام، ولا بالسجود".

أخرجه عبد الرزاق (2/ 374/ 3755)، وابن سعد في الطبقات (1/ 420)، وابن أبي شيبة (2/ 117/ 7160).

وهذا مرسل بإسناد صحيح.

كذا رواه ابن سعد في الطبقات، عن إسحاق بن يوسف الأزرق، عن زكريا به هكذا مرسلًا.

وخالفه فوصله، وسلك فيه الجادة:

عاصم بن علي: ثنا إسحاق الأزرق، عن زكريا بن أبي زائدة، عن سعد بن إبراهيم، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني قد بدنت، فلا تبادروني بالقيام في الصلاة، والركوع، والسجود".

أخرجه الطبراني في الكبير (2/ 137/ 1579)، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز [هو أبو الحسن البغوي، عم أبي القاسم البغوي: ثقة حافظ]: ثنا عاصم بن علي به.

قلت: وهِم فيه عاصم بن علي الواسطي، وسلك فيه الجادة والطريق السهل، حيث وصله، وجعله من مسند جبير بن مطعم، والمحفوظ: مرسل [انظر ترجمة عاصم: الكامل (5/ 234)، التهذيب (2/ 256)، وهو صدوق، ضعفه ابن معين، وله مناكير].

• وقد جاء في معنى حديث معاوية أحاديث منها:

1 -

حديث أبي هريرة، وله طرق، منها:

أ- مصعب بن محمد، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما جُعِلَ الإمامُ لِيُؤتَمَّ به، فإذا كبَّر فكبِّروا، ولا تكبِّروا حتى يكبِّرَ، وإذا ركع فاركعوا، ولا تركعوا حتى يركع، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، ولا تسجدوا حتى يسجدَ، وإذا صلى قائمًا فصلوا قيامًا، وإذا صلى قاعدًا فصلوا قعودًا أجمعون".

تقدم تخريجه برقم (603)، وهو حديث حسن.

ص: 135

ب- الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا، يقول:"لا تبادروا الإمام [بالركوع والسجود]، وإذا كبر فكبروا، وإذا قال: {وَلَا الضَّالِّينَ}، فقولوا: آمين، [فإنه إذا وافق كلامُه كلامَ الملائكة غفر له]، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد".

أخرجه مسلم (415/ 87)، وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (603).

ج- سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنما الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، ولا تختلفوا عليه، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا لك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، ولا ترفعوا [وفي رواية: ولا تبتدروا] قبله". وفي رواية: "وإذا سجد فاسجدوا، ولا تسجدوا قبل أن يسجد، وإذا رفع رأسه فارفعوا رؤوسكم، ولا ترفعوا رؤوسكم قبل أن يرفع".

أخرجه مسلم (415/ 87)، وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (603).

د- أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما [جعل] الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد [وفي رواية: ربنا ولك الحمد]، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعون".

متفق عليه، وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (604).

هـ- الليث بن سعد، عن ابن عجلان، عن مصعب بن محمد بن شرحبيل، وعن زيد بن أسلم، وعن القعقاع بن حكيم، كلهم يحدث عن أبي صالح، عن أبي هريرة، مرفوعًا بنحو لفظ أبي الزناد المتقدم.

وإسناده صحيح. وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (603).

و- عبد الرزاق، عن معمر، عن همام، أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعين".

متفق عليه، وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (604).

وله طرق أخرى تركت ذكرها اختصارًا، لما فيها من ضعف، راجع الحديث رقم (604).

2 -

حديث ابن مسعود:

يرويه إسماعيل بن عياش، عن محمد بن يزيد الرحبي، عن مغيث بن سمي وعمير بن ربيعة، عن عبد الله بن مسعود: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تبادروا الإمام بالركوع حتى يركع، ولا بالسجود حتى يسجد، ولا ترفعوا رؤوسكم حتى يرفع، فإنما جعل الإمام ليؤتم به".

ص: 136

تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (607)، وهو معلول، والصواب موقوف على ابن مسعود بإسناد صحيح. وانظر لفظه هناك.

3 -

حديث أبي موسى:

يرويه قتادة، عن يونس بن جُبَير، عن حِطَّانَ بن عبد الله الرقاشي، قال: صليت مع أبي موسى الأشعري صلاة،. . . فذكر الحديث بطوله، والشاهد منه، قوله صلى الله عليه وسلم:"فإذا كبر وركع فكبروا واركعوا، فإن الإمام يركع قبلكم ويرفع قبلكم" فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "فَتِلْكَ بِتِلْكَ، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، يسمع الله لكم، فإن الله تبارك وتعالى قال على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم: سمع الله لمن حمده، وإذا كبر وسجد فكبروا واسجدوا، فإن الإمام يسجد قبلكم ويرفع قبلكم" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فَتِلْكَ بِتِلْكَ،. . ." الحديث.

أخرجه مسلم (404)، وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (607).

4 -

حديث أنس:

يرويه المختار بن فلفل، عن أنس، قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فلما قضى الصلاة أقبل علينا بوجهه، فقال:"أيها الناس، إني إمامكم؛ فلا تسبقوني بالركوع، ولا بالسجود، ولا بالقيام، ولا بالانصراف، فإني أراكم أمامي، ومن خلفي".

أخرجه مسلم (426)، ويأتي تخريجه إن شاء الله قريبًا برقم (624).

5 -

حديث سمرة:

يرويه إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن سمرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبقوا الإمام بالركوع، فإنكم تدركونه بما سبقكم".

أخرجه البزار (10/ 444/ 4600).

قال البزار بعد أن أخرج عدة أحاديث بهذا الإسناد: "وأحاديث إسماعيل بن مسلم: لا نعلم رواها عن الحسن غيره".

قلت: هو حديث منكر؛ تفرد به إسماعيل بن مسلم المكي عن الحسن البصري، وإسماعيل: ضعيف، قال أحمد:"ويسند عن الحسن عن سمرة: أحاديث مناكير"، وذكر بأن له عنه عجائب [العلل ومعرفة الرجال (2/ 352/ 2556)، ضعفاء العقيلي (1/ 92)، الكامل (1/ 283)، التهذيب (1/ 167)].

• وله إسناد آخر عن سمرة:

رواه البزار (10/ 451/ 4615) بإسناد تالف، لا يصلح في المتابعات، إلى جعفر بن سعد السمري.

ورواه الطبراني في الكبير (7/ 255/ 7036)[وفي سند المطبوع سقط] بإسناد صالح في المتابعات، إلى جعفر بن سعد، عن خبيب بن سليمان، عن أبيه، عن سمرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قمتم في الصلاة فلا تسبقوا قارئكم في الركوع والسجود والقيام،

ص: 137

ولكن ليسبقكم، تدركون ما سبقكم به في ذلك، إذا كان هو يرفع رأسه في الركوع والسجود والقيام قبلكم، فتدركوا ما فاتكم به حينئذ".

هذا لفظ الطبراني، وروى البزار بعضه.

وهذا الإسناد هو الإسناد الذي تروى به صحيفة سمرة [أو: كتاب سمرة، أو: وصية سمرة لبنيه]، وقد سبق تفصيل القول فيه عند الحديث المتقدم برقم (456)، وخلاصة ما قلت هناك:

إن الذي يترجح عندي في هذا الإسناد -والله أعلم-: أنه إسناد صالح في الشواهد والمتابعات، لا ينهض على انفراده بإثبات حكم، أو تثبت به سنة، فإن جاء بمخالفة ما صح فهو منكر.

وعليه: فهو حديث حسن لغيره، ولا يظهر لي في متنه نكارة، والله أعلم.

***

620 -

. . . شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت عبد اللَّه بن يزيد الخطمي يخطب الناس، قال: حدثنا البراء -وهو غير كذوب-: أنهم كانوا إذا رفعوا رؤوسهم من الركوع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قاموا قيامًا، فإذا رأوه قد سجد سجدوا.

• حديث متفق على صحته.

أخرجه البخاري (747)، وأبو عوانة (1/ 497/ 1850 و 1851)، والنسائي في المجتبى (2/ 96/ 829)، وفي الكبرى (1/ 287 و 536/ 436 و 905)، وابن حبان (5/ 605 و 606/ 2226 و 2227)، وأحمد في المسند (4/ 284 و 285 و 285 - 286)، وفي العلل ومعرفة الرجال (2/ 589/ 3799)، والطيالسي (2/ 90/ 753)، وأحمد بن عصام في جزئه (2)، وأبو يعلى في المعجم (61)، وأبو العباس السراج في مسنده (259)، وفي حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (665 - 667)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (432)، والخطيب في الفصل للوصل المدرج في النقل (1/ 392/ 36).

وفي لفظ لشعبة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركوع، قاموا قيامًا حتى يسجد، ثم يسجدون.

• تابع شعبة عليه عن أبي إسحاق السبيعي به:

سفيان الثوري، وإسرائيل، وأبو خيثمة زهير بن معاوية، وزكريا بن أبي زائدة، وأبو الأحوص سلام بن سليم، وأبو بكر بن عياش، ويونس بن أبي إسحاق، وأبو الأشهب العطاردي جعفر بن حيان، وورقاء بن عمر، وغيرهم:

أخرجه البخاري (690 و 811)، ومسلم (474/ 197 و 198)، وأبو عوانة (1/ 497/ 1852)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 89/ 1046 و 1047)، والترمذي (281)،

ص: 138

وقال: "حسن صحيح". وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(268)، وأحمد (4/ 300 و 304)، وعبد الرزاق (2/ 374/ 3754)، وابن أبي شيبة (2/ 117/ 7155)، والسري بن يحيى في حديثه عن شيوخه عن الثوري (37)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 130/ 2108)، وبحشل في تاريخ واسط (246)، وأبو يعلى في المسند (3/ 251/ 1697)، والروياني (414)، وأبو العباس السراج في مسنده (258 و 261 - 264)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (664 و 669 - 673 و 1924)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (2557)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 189 - 190/ 2006 - 2008)، والطبراني في الأوسط (3/ 92/ 2589)، وابن عدي في الكامل (1/ 157)، وابن المقرئ في المعجم (330)، والخطابي في غريب الحديث (2/ 304)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 347)، وقال:"صحيح متفق عليه، رواه شعبة والثوري وإسرائيل والناس عنه، ورواه حماد بن سلمة عن شعبة عن أبي إسحاق". و (7/ 133)، وقال:"صحيح من حديث الثوري عن أبي إسحاق، متفق عليه". وابن حزم في المحلى (4/ 61)، والبيهقي (2/ 92)، والخطيب في المدرج (1/ 392/ 36)، والبغوي في شرح السنة (3/ 413/ 847)، وقال:"هذا حديث متفق على صحته". وابن الجوزي في التحقيق (708).

وفي لفظ للثوري: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع لم يحن أحد منا ظهره حتى يسجد، فإذا سجد تبعناه.

ولفظ أبي الأحوص: كنا نصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا قال:"سمع الله لمن حمده"، لم يحنِ أحدٌ منا ظهره حتى يضع النبي صلى الله عليه وسلم جبهته إلى الأرض، فإذا وضع جبهته إلى الأرض خررنا سجودًا.

ولفظ أبي خيثمة: أنهم كانوا يصلون خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا رفع رأسه من الركوع لم أر أحدًا يحني ظهره حتى يضع رسول الله صلى الله عليه وسلم جبهته على الأرض، ثم يخر مَن وراءَه سجدًا. وبنحوه لفظ إسرائيل ويونس وأبي بكر بن عياش.

ولفظ ابن أبي زائدة: كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع رأسه من الركوع، لم يحنِ أحدٌ منا ظهره حتى يستتم ساجدًا.

وانظر: المعجم الأوسط (2/ 288/ 2004) و (4/ 207/ 3991) و (7/ 9/ 6698)، المعجم الصغير (1/ 66/ 79)، أطراف الغرائب والأفراد (1/ 270/ 1404)، تاريخ أصبهان (1/ 265)، تاريخ بغداد (5/ 80) و (13/ 58).

• قال عباس الدوري في تاريخ ابن معين (3/ 518/ 2534): "سمعت يحيى يقول في قصة حديث: أبي إسحاق، عن عبد الله بن يزيد، قال: حدثنا البراء -وكان غير كذوب- قال يحيى: يعني أبو إسحاق: إن عبد الله بن يزيد كان غيرَ كذوب، ولا يقال للبراء: كان غير كذوب، قال يحيى: وعبد الله بن يزيد هذا هو الخطمي، هو جد الأنصاري الذي كان على الغارمين، قال يحيى: وكان عبد اللَّه بن يزيد هذا واليًا لابن الزبير على الكوفة".

ص: 139

وقال الخطابي في غريب الحديث (2/ 304): "قوله: وهو غير كذوب، أي: غير مظنون به الخطأ، أو غير مجرَّب عليه الغلط في الرواية، يصفه بالحفظ والإتقان"، ثم ذكر قول ابن معين.

وذكر الخطيب في المدرج (1/ 393) قول ابن معين، ثم قال:"عنى يحيى: إن القائل هذا هو أبو إسحاق في عبد الله بن يزيد، لا أن عبد الله قاله في البراء".

وذكر الرافعي في التدوين (2/ 35) عن الإمام مسلم قوله: "قوله: وهو غير كذوب، يقوله أبو إسحاق لعبد الله بن يزيد".

وقال النووي في شرح صحيح مسلم (4/ 190) بعد أن حكى كلام ابن معين: "وهذا الذي قاله ابن معين خطأ عند العلماء، بل الصواب أن القائل: وهو غير كذوب، هو: عبد الله بن يزيد، ومراده: أن البراء غير كذوب، ومعناه تقوية الحديث، وتفخيمه، والمبالغة في تمكينه من النفس، لا التزكية التي تكون في مشكوك فيه، ونظيره: قول ابن عباس رضي الله عنه: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق، وعن أبي هريرة مثله، وفي صحيح مسلم: عن أبي مسلم الخولاني: حدثني الحبيب الأمين عوف بن مالك الأشجعي، ونظائره كثيرة.

فمعنى الكلام: حدثني البراء، وهو غير متهم كما علمتم، فثقوا بما أخبركم عنه، قالوا: وقول ابن معين أن البراء صحابي فينزه عن هذا الكلام لا وجه له؛ لأن عبد الله بن يزيد صحابي أيضًا معدود في الصحابة" [وانظر فيمن وصف الصحابة بهذا الوصف: مسند البزار (5/ 319/ 1936)، مشكل الآثار (11/ 402/ 4514)، المعجم الأوسط (3/ 213/ 2949)، الكامل (1/ 157 و 158)].

وقال ابن رجب في الفتح (4/ 160): "ظاهر السياق يقتضي أنه من قول عبد الله بن يزيد في حق البراء، ورجح ذلك الخطابي وغيره.

وقال ابن معين وغيره: إنما هو من قول أبي إسحاق في حق عبد الله بن يزيد، وقالوا: إن الصحابة أجل من أن يوصفوا بنفي الكذب.

وهذا ليس بشيء، ونفي الكذب صفة مدح لا ذم، وكذلك نفي سائر النقائص، وقد كان علي بن أبي طالب يقول: والله ما كَذَبت ولا كُذِبت، فنفى الكذب عن نفسه، وأشار إلى نفيه عمن أخبره، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقالت عائشة في حق عمر وابن عمر: إنكم لتحدِّثون عن غير كاذبَين ولا مكذَّبَين، ولكن السمع يخطئ.

وأبلغ من هذا، أن الله تعالى نفى عن نفسه النقائص والعيوب، كالظلم وإرادته، والغفلة والنسيان، وكذلك نفيه للشريك والصاحبة والولد، وليس في شيء من ذلك نقص بوجه ما.

وأيضًا فعبد الله بن يزيد هو الخطمي، وهو معدود من الصحابة، وله رواية عن

ص: 140

النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف حسُن نفي الكذب عنه دون البراء، وكلاهما صحابي؟ وإن كان البراء أشهر منه، وأكثر رواية، والله أعلم".

وقد أطال ابن حجر في بسط هذه المسألة، ومما أورده على النووي بعد حكاية كلامه، قوله:"وقد علمتَ أنه أخذ كلام الخطابي فبسطه، واستدرك عليه الإلزام الأخير، وليس بوارد؛ لأن يحيى بن معين لا يثبت صحبة عبد الله بن يزيد، وقد نفاها أيضًا مصعب الزبيري، وتوقف فيها أحمد بن حنبل وأبو حاتم وأبو داود، وأثبتها ابن البرقي والدارقطني وآخرون"، ومع ذلك قد خلص في النهاية إلى ترجيح قول النووي، حيث قال:"وقد وجدت الحديث من غير طريق أبي إسحاق عن عبد الله بن يزيد، وفيه قوله أيضًا: حدثنا البراء وهو غير كذوب، أخرجه أبو عوانة في صحيحه [قلت: رقمه (1853)، وكذا عند الطبراني في الأوسط (9/ 115/ 9284)]، من طريق محارب بن دثار، قال: سمعت عبد الله بن يزيد على المنبر، يقول:. . . فذكره، وأصله في مسلم لكن ليس فيه قوله: وكان غير كذوب، وهذا يقوي أن الكلام لعبد الله بن يزيد، والله أعلم"[الفتح (2/ 181 و 182)].

وانظر: شرح صحيح البخاري لابن بطال (2/ 318)، شرح السنة (3/ 413)، مشارق الأنوار (2/ 373)، تاريخ دمشق (67/ 177)، كشف المشكل (2/ 234)، إحكام الأحكام (1/ 206).

***

621 -

. . . سفيان، عن أبان بن تغلب -قال زهير: حدثنا الكوفيون: أبان، وغيره-، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء، قال: كلنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم فلا يحنو أحد منا ظهره حتى يرى النبي صلى الله عليه وسلم يضع.

• حديث صحيح.

أخرجه مسلم (474/ 200)، وأبو نعيم في مستخرجه عليه (2/ 90/ 1049)، وفي تاريخ أصبهان (2/ 74)، والحميدي (2/ 317/ 725)، وأبو يعلى في المعجم (62)، وأبو العباس السراج في مسنده (244)، وفي حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (585)، والدارقطني في الأفراد (1/ 272/ 1410 - أطرافه)، والبيهقي في المعرفة (1/ 577/ 822)، والخطيب في تاريخ بغداد (2/ 378) و (11/ 174)، وفي تلخيص المتشابه (1/ 80).

ولفظ مسلم: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم لا يحنو أحدٌ منا ظهره حتى نراه قد سجد.

قال الدارقطني في الأفراد: "تفرد به سفيان بن عيينة عن أبان بن تغلب عن الحكم عنه".

وقال في التتبع (203): "وأخرج مسلم حديث ابن عيينة، عن أبان، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن البراء: لا يحنو أحد منا ظهره.

وخالفه ابن عرعرة قال: عن شعبة، عن الحكم، عن عبد الله بن يزيد.

ص: 141

والحديث مشهور بعبد الله بن يزيد، رواه عنه أبو إسحاق ومحارب عنه، ولم يقل: عن ابن أبي ليلى غير أبان بن تغلب عن الحكم، وغير أبان أحفظ منه".

وتعقبه النووي بقوله: "وهذا الاعتراض لا يقبل؛ بل أبان ثقة، نقل شيئًا فوجب قبوله، ولم يتحقق كذبه وغلطه، ولا امتناع في أن يكون مرويًا عن ابن يزيد وابن أبي ليلى، والله أعلم"[شرح مسلم (4/ 191)].

قلت: الصواب مع الإمام مسلم لأمور، منها:

1 -

إن أبان بن تغلب ثقة، ولم ينفرد بهذا الحديث عن الحكم، فقد قال سفيان: حدثنا أبان وغيره، وفي رواية: حدثنا الكوفيون: أبان وغيره.

2 -

وقد وجدت له متابعًا: فقد روى الحسن بن أبي جعفر، عن محمد بن جحادة، عن البراء، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال: "سمع الله لمن حمده، لم نزل قيامًا حتى تقع جبهته إلى الأرض.

فذكرت قوله للحكم، فقال: حدثنيه عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء.

أخرجه أبو بكر الإسماعيلي في معجم شيوخه (2/ 616 - 617)، ومن طريقه: شهدة في مشيختها "العمدة من الفوائد والآثار"(75).

من طريق: المنذر بن الوليد الجارودي: حدثنا أبي: حدثنا الحسن بن أبي جعفر به.

والحسن بن أبي جعفر: ضعيف، يروي الغرائب عن محمد بن جحادة، له عنه نسخة يرويها المنذر بن الوليد الجارودي عن أبيه عنه [التهذيب (1/ 386)، الميزان (1/ 482)].

وهذا وإن كان مستنكرًا من حديث محمد بن جحادة، إلا أن رواية الحسن هنا عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن البراء، تُعتبر متابعة صالحة لرواية أبان، وأنه لم يتفرد به.

3 -

إن رواية شعبة التي أعل بها الدارفطني رواية أبان، هي نفسها رواية معلولة:

فقد رواه محمد بن عرعرة، عن شعبة، عن الحكم، قال: سمعت عبد الله بن يزيد الخطمي، يقول: حدثنا البراء بن عازب -وكان غير كذوب-: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى بهم، فقال:"سمع الله لمن حمده"، لم يرفعوا رؤوسهم من الركوع قيامًا حتى يروه ساجدًا.

أخرجه الطبراني في الأوسط (2/ 81/ 1316).

قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا محمد بن الليث أبو الصباح الهدادي، قال: نا محمد بن عرعرة به.

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن شعبة عن الحكم إلا محمد بن عرعرة، تفرد به: محمد بن الليث".

قلت: محمد بن عرعرة وإن كان ثقة؛ إلا أنه ليس من المكثرين عن شعبة، ولا من أصحابه المقدَّمين فيه، ثم إن الحديث لا يثبت عنه؛ فإن المتفرد به عن ابن عرعرة: محمد بن الليث أبا الصباح الهدادي: ذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"يخطئ ويخالف"، وهو شيخ للبزار، روى عنه في مسنده في تسعة وثلاثين موضعًا، وله أفراد

ص: 142

كثيرة، ذكرها الطبراني في مواضع متفرقة من معجمه الأوسط، وبعضها مناكير، وذكر له شيئًا من مناكيره: ابن عدي، وابن المظفر في غرائب شعبة، وأبو نعيم في الحلية، وقال ابن حجر:"وجدت له خبرًا موضوعًا رواه بسند الصحيح"[مسند البزار (8/ 253/ 3317)، الثقات (9/ 135)، المعجم الأوسط (1317 و 6139 و 6971)، الكامل (2/ 306)، غرائب شعبة (207)، الحلية (7/ 167 و 169)، فتح الباب (3992)، مجمع الزوائد (1/ 192) و (10/ 348)، اللسان (7/ 466)][وأما شيخ الطبراني فهو: أحمد بن محمد بن عبد الله بن صدقة أبو بكر البغدادي، وهو: ثقة حافظ. سؤالات الحاكم (38)، تاريخ بغداد (5/ 41)، السير (14/ 83)].

وعليه: فهو حديث منكر؛ فكيف يُعلُّ به حديث أبان بن تغلب؟

هذا وجه من النكارة:

ونكارة من وجه آخر: فإن شعبة إنما يروي هذا الحديث عن أبي إسحاق السبيعي، لا عن الحكم بن عتيبة:

فقد رواه أصحاب شعبة: محمد بن جعفر غندر، وعفان بن مسلم، وحجاج بن منهال، ووهب بن جرير، وأبو داود الطيالسي، وإسماعيل بن علية، وأبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك، وحفص بن عمر الحوضي، وعبد الله بن إدريس، ومحمد بن كثير العبدي، وعلي بن الجعد، وحماد بن سلمة، وأمية بن خالد، وسعيد بن عامر الضبعي، وعبد الواحد بن واصل أبو عبيدة الحداد:

رووه [وهم خمسة عشر رجلًا من ثقات أصحاب شعبة]، عن شعبة، عن أبي إسحاق السبيعي، عن عبد الله بن يزيد الخطمي، عن البراء [تقدم برقم (620)].

4 -

إن للحديث طريقًا أخرى عن ابن أبي ليلى تدل على كونه محفوظًا عنه:

فقد روى أبو العباس السراج في مسنده (245)، وفي حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (587)، قال: حدثنا يوسف بن موسى: ثنا مهران بن أبي عمر الرازي: ثنا علي بن عبد الأعلى، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب، قال: كنا لا نسجد خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نراه قد أمكن جبهته من الأرض.

قلت: عبد الأعلى بن عامر الثعلبي: ليس بذاك القوي، ضُعِّف في محمد ابن الحنفية، حيث لم يسمع منه، وإنما هي أحاديث وقعت له في كتاب [الطبقات الكبرى (6/ 334)، العلل ومعرفة الرجال (2/ 498/ 3291) و (3/ 435/ 5851)، التاريخ الأوسط (2/ 22/ 1645)، التاريخ الكبير (6/ 71)، أسامي الضعفاء (636)، المعرفة والتاريخ (3/ 183)، الضعفاء للنسائي (381)، ضعفاء العقيلي (3/ 57)، الجرح والتعديل (6/ 25)، المجروحين (2/ 155)، الكامل (5/ 316)، بيان الوهم (2/ 505/ 503) و (3/ 547/ 1325)، المجموع شرح المهذب (5/ 245)، الميزان (2/ 530)، التهذيب (2/ 464)]، وابنه علي: ليس به بأس [التهذيب (3/ 181)]، ومهران بن أبي عمر الرازي: لا بأس به،

ص: 143

يغلط في حديث الثوري [التهذيب (4/ 167)، الميزان (4/ 196)، الثقات (7/ 523)، الإرشاد (2/ 662)]، ويوسف بن موسى بن راشد القطان: صدوق [التقريب (685)].

وهذا إسناد لا بأس به في المتابعات.

والحاصل: إن حديث ابن عيينة عن أبان بن تغلب: حديث صحيح، كما ذهب إلى ذلك الإمام مسلم، والله أعلم.

***

622 -

. . . أبو إسحاق -يعني: الفزاري-، عن أبي إسحاق، عن محارب بن دثار، قال: سمعت عبد الله بن يزيد، يقول على المنبر: حدثني البراء: أنهم كانوا يصلون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا ركع ركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، لم نزل قيامًا حتى يرونه قد وضع جبهته بالأرض، ثم يتَّبِعونه".

• حديث صحيح.

أخرجه مسلم (474/ 199)، وأبو عوانة (1/ 497/ 1853)، وأبو نعيم في مستخرجه (2/ 90/ 1048)، وأبو يعلى في المسند (3/ 238/ 1676)، وفي المعجم (23)، وأبو العباس السراج في مسنده (260)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (668)، والطبراني في الأوسط (9/ 115/ 9284)، والبيهقي (2/ 92)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (7/ 120).

وفي رواية: أنهم كانوا يصلون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا ركع ركعوا، وإذا رفع رأسه من الركوع، فقال: سمع الله لمن حمده، لم نزل قيامًا حتى نراه قد وضع وجهه على الأرض، ثم لتبعه، وفي رواية: جبهته بالأرض، ثم نسجد.

أبو إسحاق هو: الشيباني، سليمان بن أبي سليمان، قال الطبراني:"لم يرو هذا الحديث عن أبي إسحاق الشيباني إلا أبو إسحاق الفزاري".

قلت: فما ضره! فإن أبا إسحاق الفزاري إبراهيم بن محمد بن الحارث: ثقة حافظ إمام، ويكفي تصحيح مسلم له.

• وله طرق أخرى عن البراء:

أ- هشيم، قال: أخبرنا العوام بن حوشب، عن عزرة بن الحارث [الشيباني] أنه حدثه، عن البراء بن عازب، قال: كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفعنا رؤوسنا من الركوع؛ قمنا صفوفًا حتى يسجد، فإذا سجد تبعناه.

أخرجه أحمد (4/ 292)، وابن أبي شيبة (2/ 116/ 7149)(7226 - ط عوامة)، وأبو يعلى (3/ 239/ 1677)، وابن حبان في الثقات (5/ 279).

عزرة بن الحارث كذا وقع هنا، ووقع في إسناد حديث آخر: عذرة بن الحارث، أو: عروة بن الحارث [وهو حديث البراء في قصة ابن أم مكتوم، تقدم تحت الحديث المتقدم

ص: 144

برقم (553)]، وهو: مجهول، لم يرو عنه سوى العوام بن حوشب، مع قلة روايته جدًّا، وقد وقع في إسناد حديث ابن أم مكتوم السالف الذكر بين ابن الحارث هذا وبين البراء: زهير بن ماهان، فدل على انقطاع الإسناد الذي بين أيدينا، فضلًا عن جهالة ابن الحارث هذا، وهل هو: عزرة، أو: عروة، أو: عذرة [وانظر أيضًا: نزهة الناظر في ذكر من حدث عن أبي القاسم البغوي من الحفاظ والأكابر (45)، مجمع الزوائد (2/ 43)، الإصابة (4/ 497)].

فهو إسناد ضعيف. والحديث صحيح من حديث البراء، متفق عليه.

وانظر أيضًا: مسند أبي يعلى (7/ 78 - 79/ 4007)، أطراف الغرائب والأفراد (1/ 196/ 914).

• وفي الباب أيضًا:

1 -

عن عمرو بن حريث:

يرويه محرز بن عون: ثنا خلف بن خليفة، عن الوليد بن سريع مولى عمرو بن حريث، عن عمرو بن حريث، قال: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم الفجر، فسمعته يقرأ:{فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} [التكوير] وكان لا يحني رجلٌ منا ظهرَه حتى يستتم ساجدًا.

أخرجه مسلم (475)، وأبو عوانة (1/ 498/ 1854)، وأبو نعيم في مستخرجه (2/ 90/ 1050)، وابن حبان (5/ 126/ 1819)، وأبو يعلى في المسند (3/ 41/ 1457)، وفي المعجم (290)، وأبو العباس السراج في مسنده (131 و 265)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (674)، وابن عدي في الكامل (3/ 64)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (63/ 131)، والمزي في التهذيب (27/ 283).

قال ابن عدي: "وهذا المتن بهذا الإسناد ليس يرويه -فيما أعلم- إلا محرز بن عون عن خلف بن خليفة".

قلت: وهما ثقتان، وخلف بن خليفة رئي مختلطًا سنة سبع وسبعين ومائة، وكان لمحرز بن عون وقتها نحو ثلاث وثلاثون سنة، وكانا جميعًا ببغداد، فيحمل على أنه ممن سمع منهما قديمًا قبل الاختلاط، ولهذا صححه مسلم وغيره، والله أعلم [انظر: الكواكب النيرات (20)].

• ولم ينفرد به خلف بن خليفة:

فقد رواه ابن خزيمة (3/ 46/ 1599)، قال: نا علي بن حجر: ثنا سلمة بن صالح [هو الأحمر. انظر: الإتحاف (12/ 457/ 15926)]-وفي القلب منه- عن الوليد بن سريع، عن عمرو بن حريث، قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يحن أحدنا ظهره حتى نرى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استوى ساجدًا.

وسلمة بن صالح الأحمر الواسطي: ضعفوه، وتركه بعضهم، وقد روى عن حماد بن أبي سليمان ومحمد بن المنكدر مناكير، فيترك فيهما، ويكتب حديثه في غيرهما، قال أحمد: "سلمة الأحمر يحدث عن أبي إسحاق أحاديث صحاح، إلا أنه عن حماد مختلط

ص: 145

الحديث،. . .، وحدث عن حماد أحاديث مضطربة"، وقال ابن عدي: "وهو حسن الحديث، ولم أر له متنًا منكرًا، إنما أرى ربما يهم في بعض الأسانيد"، ووثقه الدارقطني في رواية [الكامل (3/ 330)، تاريخ بغداد (9/ 130)، اللسان (4/ 118)]، وعليه فهو هنا صالح في المتابعات، يكتب حديثه، كما فعل ابن خزيمة، والله أعلم.

• ورواه مسعر، والمسعودي [من رواية وكيع وأبي نعيم عنه، وهما ممن سمع منه قبل الاختلاط]، وإسماعيل بن أبي خالد:

عن الوليد بن سريع، عن عمرو بن حريث، قال: سمعث رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الفجر: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1)} ، وسمعته يقول:{وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17)} .

أخرجه مسلم (456)، وأبو عوانة (1/ 480 و 481/ 1783 - 1786)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 76/ 1011)، والنسائي في المجتبى (2/ 157/ 951)، وفي الكبرى (1/ 490/ 1025) و (10/ 326/ 11587)، والدارمي (1/ 338/ 1299)، وأحمد (4/ 306 و 307)، والشافعي في اختلاف الحديث (10/ 43/ 33 - أم)، والطيالسي (2/ 383 و 535/ 1151 و 1306)، وعبد الرزاق (2/ 115/ 2721)، والحميدي (567)، وابن أبي شيبة (1/ 310/ 3542)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة (1/ 149 - 150)، وأبو يعلى (3/ 44 و 47/ 1461 و 1468)، وأبو العباس السراج في مسنده (132 و 134)، وابن قانع في المعجم (2/ 203)، وأبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات"(643)، وابن المظفر في غرائب حديث شعبة (165)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 266)، وفي معرفة الصحابة (4/ 2001/ 5027)، وفي تاريخ أصبهان (2/ 239)، والبيهقي (2/ 194 و 388)، والخطيب في تاريخ بغداد (4/ 86).

وله طرق أخرى ليس فيها موضع الشاهد، ويأتي إن شاء الله تعالى عند أبي داود برقم (817).

2 -

عن أبي سعيد الخدري:

يرويه أيوب بن جابر، عن عبد الله بن عصمة الحنفي [وعند الطبراني: عن عبد الله بن عُصم]، عن أبي سعيد الخدري، قال: صلى رجل خلف النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل يركع قبل أن يركع، ويرفع قبل أن يرفع، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة قال:"من فعل هذا؟ " قال: أنا يا رسول الله، أحببت أن أعلم تعلم ذلك أم لا؟ فقال:"اتقوا خداج الصلاة، إذا ركع الإمام فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا".

وهو حديث ضعيف؛ تقدم الكلام عليه تحت الحديث رقم (607).

3 -

عن أنس:

يرويه محمد بن عبد الأعلى الصنعاني [بصري، ثقة]: ثنا المعتمر، عن أبيه، عن أنس، قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع لم نزل قيامًا حتى نراه قد سجد.

أخرجه ابن خزيمة (3/ 46/ 1598).

ص: 146

• خالفه فزاد في إسناده مبهمًا: عبد الأعلى بن حماد [النرسي: بصري، ثقة]، ومسدد بن مسرهد [بصري، ثقة حافظ]:

روياه عن معتمر، قال: سمعت أبي: أن رجلا حدثه، عن أنس بن مالك، أنه قال: إن كان أحدنا ليقيم صلبه في الصلاة خلف النبي صلى الله عليه وسلم، حتى يتمكن النبي صلى الله عليه وسلم من السجود، أو قال: من الأرض، ثم يسجد عند ذلك.

أخرجه مسدد في مسنده (3/ 726/ 417 - مطالب)، وأبو يعلى (7/ 124/ 4082)، وابن أبي حاتم في العلل (1/ 113/ 305).

قال أبو حاتم لما سأله ابنه عن الرواية الأولى: "هذا خطأ؛ هو كما حدثنا مسدد، عن معتمر، عن أبيه، عن رجل، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم".

وقال البزار (13/ 182/ 6629): "وقد رواه المعتمر، عن أبيه، عن رجل، عن أنس".

وعليه: فالإسناد ضعيف؛ لأجل الرجل المبهم.

وهو صالح في الشواهد، على اعتبار أن التمكن المذكور هنا يفسَّر بحديث البراء: حتى يستتم ساجدًا.

• وله طريق أخرى:

يرويها الحسين بن أبي كبشة: نا سعيد بن الفضل، عن حميد، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركوع، لم يسجد أحد منا حتى نراه قد سجد.

أخرجه البزار (13/ 182/ 6629)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (21/ 275).

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن حميد عن أنس إلا سعيد بن الفضل، وقد رواه المعتمر، عن أبيه، عن رجل، عن أنس".

قلت: وهو حديث منكر؛ سعيد بن الفضل القرشي البصري: منكر الحديث، وقد تفرد به عن حميد الطويل على كثرة من روى عنه من الثقات [الجرح والتعديل (4/ 55)، سؤالات البرذعي (489)، الثقات (6/ 370)، تاريخ دمشق (21/ 275)، اللسان (4/ 71)]، وشيخ البزار هو: الحسين بن سلمة بن إسماعيل بن يزيد بن أبي كبشة: بصري، ثقة [التهذيب (1/ 423)].

وانظر أيضًا أسانيد أخرى عن أنس، ولا يصح منها شيء: مسند أبي يعلى (7/ 78 - 79/ 4007)، المعجم الأوسط للطبراني (9/ 83/ 9194)، أطراف الغرائب والأفراد (1/ 196/ 914)، تاريخ دمشق (43/ 202)، التدوين (2/ 450)، مجمع الزوائد (2/ 77).

4 -

عن النعمان بن بشير:

يرويه المعافى بن عمران، عن المفضل بن صدقة، عن سماك بن حرب، عن النعمان بن بشير، قال: كنا إذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "سمع الله لمن حمده"، لم يحنِ أحدٌ منا ظهره حتى نرى النبي صلى الله عليه وسلم قد سجد.

ص: 147