الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن لبقية عن ابن جريج غير حديث موضوع؛ دلسها بقية، وأسقط الضعفاء، ورواها عن ابن جريج بلا واسطة [انظر مثلًا: علل الحديث لابن أبي حاتم (2442 و 2663)، المجروحين (1/ 202)، بيان الوهم (4/ 168/ 1633)، السير (8/ 524)].
***
97 - باب مقام الصبيان من الصف
677 -
. . . عياش الرَّقَّام: حدثنا عبد الأعلى: حدثنا قرة بن خالد: حدثنا بديل: حدثنا شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غَنْم، قال: قال أبو مالك الأشعري: ألا أحدثكم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: فأقام الصلاة، فصفَّ الرجالَ، وصفَّ الغِلمان خلفهم [وفي نسخة: خلفهم الغلمان]، ثم صلى بهم، فذكر صلاته، ثم قال:"هكذا صلاة -قال عبد الأعلى: لا أحسبه إلا قال:- أمتي".
• حديث حسن؛ دون حكم تأخير الغلمان.
أخرجه الطحاوي (1/ 269) مختصرًا. والبيهقي (3/ 97).
ولفظه عند البيهقي: قال أبو مالك الأشعري: ألا أحدثكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أقام الصلاة فصف -يعني: الرجال-، وصف خلفهم الغلمان، ثم صلى بهم، قال: فجعل إذا سجد وإذا رفع رأسه كبر، وإذا قام من الركعتين كبر، وسلم عن يمينه، وعن شماله، ثم قال: هكذا صلاة -قال عبد الأعلى: لا أحسبه إلا قال:- صلاة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال النووي في الخلاصة (2/ 714/ 2498): "رواه أبو داود والبيهقي بإسناد حسن".
وقال في المبدع (2/ 84): "وفيه لين وضعف".
قلت: هكذا رواه عن عياش بن الوليد الرقام [وهو: بصري ثقة]: عيسى بن شاذان [بصري، ثقة حافظ]، وأحمد بن يوسف السلمي النيسابوري [ثقة حافظ]، وابن أبي داود إبراهيم بن سليمان بن داود البرلسي [ثقة حافظ. السير (13/ 393)].
وخالفهم: العباس بن الفضل الأسفاطي [هو: العباس بن الفضل بن بشر أبو الفضل الأسفاطي البصري: قال الدارقطني: "صدوق"، وقال الصفدي: "وكان صدوقًا حسن الحديث". سؤالات الحاكم (143)، تاريخ دمشق (26/ 390)، الوافي بالوفيات (16/ 376)، تكملة الإكمال (1/ 188)]، قال: نا عياش بن الوليد الرقَّام، قال: نا عبد الأعلى، قال: نا قرة بن خالد، قال: نا بديل بن ميسرة، قال: نا شهر بن حوشب، قال: قال أبو مالك الأشعري: ألا أُصلِّيَنَّ بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فدعا بوَضوء فتوضأ، ثم قام إلى الصلاة، فصف رجالًا، وخلف خلفهم الغلمان، فجعل يكبر إذا سجد، وإذا رفع رأسه، وإذا قام من الركعتين، وسلم عن يمينه، وعن شماله.
أخرجه الطبراني في الأوسط (4/ 291/ 4233)، وفي الكبير (3/ 281/ 3416).
قال الطبراني في الأوسط: "لم يرو هذا الحديث عن قرة إلا عبد الأعلى، تفرد به: عياش بن الوليد الرقام".
وقال في الكبير: "ولم يذكر عبد الرحمن بن غنم".
قلت: وهم الأسفاطي في إسقاط عبد الرحمن بن غنم من الإسناد، والمحفوظ إثباته، كما في رواية الحفاظ عن عياش الرقام.
وهذا إسناد بصري صحيح إلى شهر بن حوشب، وعبد الأعلى هو: ابن عبد الأعلى السامي، وقد توبع عليه.
• قال عبد الله بن أحمد في المسند (5/ 344): وجدت في كتاب أبي بخط يده: حُدِّثت عن العباس بن الفضل الواقفي -يعني: الأنصاري من بني واقف-، عن قرة بن خالد: حدثنا بديل: حدثنا شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، قال: قال أبو مالك الأشعري: ألا أحدثكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: وسلم عن يمينه، وعن شماله، ثم قال: وهذه صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر الحديث.
وهذا إسناد ضعيف جدًّا؛ لأجل الواسطة المبهمة، ولأجل الواقفي فإنه: متروك، منكر الحديث، وإن كان حديثه عن أهل البصرة أرجى من حديثه عن أهل الكوفة [التهذيب (2/ 292)]، وهذا منه، وقد وافق فيه الثقات.
• وهذا الحديث مداره على شهر بن حوشب، وله طرق أخرى؛ فمنها:
1 -
روى مصعب بن ماهان [وهو يروي عن الثوري أحاديث لا يتابع عليها. التهذيب (4/ 86)]، ومحمد بن الحسن الشيباني [كوفي، ضعيف، كذبه ابن معين. اللسان (7/ 60)]:
كلاهما عن سفيان الثوري، عن ليث بن أبي سليم، عن شهر بن حوشب، عن أبي مالك الأشعري، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يليه في الصلاة الرجال، ثم الصبيان، ثم النساء.
أخرجه محمد بن الحسن في الحجة (1/ 142)، والبيهقي (3/ 97).
قال البيهقي: "هذا الإسناد ضعيف، والأول أقوى، والله أعلم".
قلت: يعني: حديث عياش الرقام، وهذا لا يثبت عن الثوري، إذ يرويه عنه الضعفاء، وليث بن أبي سليم: ضعيف؛ لاختلاطه وعدم تميز حديثه.
• وهو معروف من حديث ليث، فقد رواه:
• أبو النضر هاشم بن القاسم [ثقة ثبت]: حدثنا أبو معاوية -يعني: شيبان-[شيبان بن عبد الرحمن النحوي: ثقة]، عن ليث، عن شهر بن حوشب، عن أبي مالك الأشعري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يسوي بين الأربع ركعات في القراءة والقيام، ويجعل الركعة الأولى هي أطولهن لكي يثوب الناس، ويجعل الرجال قدام الغلمان، والغلمان خلفهم، والنساء خلف الغلمان، ويكبر كلما سجد، وكلما رفع، ويكبر كلما نهض بين الركعتين إذا كان جالسًا.
أخرجه أحمد (5/ 344)[وانظر: الإتحاف (14/ 360/ 17828)][ووقع في المسند والإتحاف: "ثنا أبو معاوية -يعني: شيبان-، وليث"، بالإقران بينهما، وهو عندي خطأ، والصواب: ما نقلته من بغية الباحث ونصب الراية: "ثنا أبو معاوية -يعني: شيبان-، عن ليث"، فإن أبا معاوية معروف بالرواية عن ليث، غير معروف بالرواية عن شهر، وانظر: المسند (1/ 14 و 293 و 319) و (2/ 92 و 539) و (3/ 17 و 491) و (4/ 64 و 413) و (5/ 377) و (6/ 157 و 258 و 280 و 455)، ففي هذه المواضع كلها يروي شيبان عن ليث]. والحارث بن أبي أسامة (151 - زوائده)[وزاد في إسناده: عبد الرحمن بن غنم، وأظنه وهمًا من النساخ، فقد وقع في نصب الراية (2/ 37) بدون هذه الزيادة، والله أعلم].
• ورواه عبد الله بن إدريس [ثقة]، عن ليث، عن شهر بن حوشب، عن أبي مالك الأشعري: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فأقام الرجال يلونه، وأقام الصبيان خلف ذلك، وأقام النساء خلف ذلك.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 36 - نصب الراية)، ومن طريقه: الطبراني في الكبير (3/ 291/ 3436).
• ورواه عبد السلام بن حرب [ثقة حافظ]، عن ليث، عن شهر بن حوشب، عن أبي مالك الأشعري: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في كلِّهنَّ، يعني: الأربع من الظهر والعصر.
أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 291/ 3437).
وليث بن أبي سليم: ضعيف؛ فلا نستطيع أن نحمل شهرًا تبعة ما رواه ليث.
2 -
وروى عبد الحميد بن بهرام الفزاري [ثقة، وهو أثبت الناس في شهر بن حوشب، قال أبو حاتم: "هو في شهر بن حوشب مثل الليث بن سعد في سعيد المقبري"، وقال يحيى بن سعيد القطان: "من أراد حديث شهر فعليه بعبد الحميد بن بهرام". الجرح والتعديل (6/ 8)، التهذيب (2/ 472)]، عن شهر بن حوشب: حدثنا عبد الرحمن بن غنم، أن أبا مالك الأشعري جمع قومه فقال: يا معشر الأشعريين! اجتمعوا، واجمعوا نساءكم وأبناءكم؛ أعلمكم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم التي صلى لنا بالمدينة، فاجتمعوا، وجمعوا نساءهم وأبناءهم، فتوضأ، وأراهم كيف يتوضأ، فأحصى الوضوء إلى أماكنه، حتى لما أن فاء الفيء، وانكسر الظل قام، فأذن، فصفَّ الرجال في أدنى الصف، وصفَّ الولدان خلفهم، وصفَّ النساء خلف الولدان، ثم أقام الصلاة، فتقدم فرفع يديه وكبر، فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة يُسِرُّهما، ثم كبر فركع، فقال: سبحان الله وبحمده، ثلاث مرار، ثم قال: سمع الله لمن حمده، واستوى قائمًا، ثم كبر، وخر ساجدًا، ثم كبر فرفع رأسه، ثم كبر فسجد، ثم كبر فانتهض قائمًا، فكان تكبيره في أول ركعة ست تكبيرات، وكبر حين قام إلى الركعة الثانية، فلما قضى صلاته أقبل إلى قومه بوجهه، فقال: احفظوا تكبيري، وتعلموا ركوعي وسجودي؛ فإنها صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كان يصلي لنا كذي الساعة من النهار، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قضى صلاته أقبل إلى الناس بوجهه، فقال: "يا أيها الناس اسمعوا
واعقلوا، واعلموا أن لله عبادًا ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم النبيون والشهداء على مجالسهم وقربهم من الله"، فجثى رجل من الأعراب من قاصية الناس، وألوى بيده إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبي الله ناس من الناس ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء على مجالسهم وقربهم من الله! انعتهم لنا، حلِّهم لنا، -يعني: صفهم لنا-، شكلهم لنا، فسُرَّ وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، لسؤال الأعرابي، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "هم ناس من أفناء الناس، ونوازع القبائل، لم تصل بينهم أرحام متقاربة، تحابُّوا في الله وتصافَوا [فيه]، يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور، فيجلسهم عليها، فيجعل وجوههم نورًا، وثيابهم نورًا، يفزع الناس يوم القيامة ولا يفزعون، وهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون".
وفي لفظ لعبد الحميد: ألا أصلي لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟، فصفَّ الرجال، ثم صف الولدان خلف الرجال، ثم صف النساء خلف الولدان. اختصره.
أخرجه مطولًا أو مختصرًا مقتصرًا على بعض فقراته: أحمد (5/ 341 - 342 و 343)، وابن المبارك في الزهد (714)، وفي المسند (7)، وابن أبي الدنيا في الإخوان (6)، وابن جرير الطبري في التفسير (11/ 132)، وابن أبي حاتم في التفسير (6/ 1963/ 10452)، والطبراني في الكبير (3/ 284/ 3422)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (67/ 195)، وابن قدامة في المتحابين في الله (46).
3 -
ورواه معمر [بن راشد: ثقة، من أثبت الناس في الزهري وطاوس]، عن ابن أبي حسين [عبد الله بن عبد الرحمن: مكي، ثقة، عالم بالمناسك]، عن شهر بن حوشب، عن أبي مالك الأشعري، قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت عليه:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] قال: فنحن نسأله إذ قال: "لله عز وجل عباد ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم النبيون والشهداء؛ لمقعدهم وقربهم من الله يوم القيامة"،. . . فذكر الحديث في المحبة في الله.
أخرجه معمر في الجامع (11/ 202/ 20324)، ومن طريقه: أحمد (5/ 341)، والطبراني في الكبير (3/ 290/ 3433)، والبيهقي في الشعب (6/ 486/ 9001)، وفي الأسماء والصفات (3/ 9)، والبغوي في شرح السنة (13/ 50/ 3464)، وفي التفسير (2/ 359)، وابن الأثير في أسد الغابة (6/ 286).
قال البيهقي في الأسماء والصفات: "فهذا حديث راويه شهر بن حوشب، وهو عند أهل العلم بالحديث: لا يحتج به".
4 -
وروى مالك بن سُعير [لا بأس به]، والجراح بن مليح الرؤاسي [صدوق]:
عن الأعمش [ثقة حافظ]، عن شمر بن عطية [ثقة]، عن شهر بن حوشب، عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عباد لله توضع لهم منابر من نور يوم القيامة، ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم النبيون والشهداء". قالوا: فمن هم؟ قال: "المتحابون في الله عز وجل".
أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 290/ 3434)، وابن قدامة في المتحابين في الله (45).
وهذا السند فيه انقطاع؛ فإن الأعمش: لم يسمع من شمر بن عطية، قاله أحمد [المراسيل (296)، جامع التحصيل (258)، إكمال مغلطاي (6/ 295)، تحفة التحصيل (134)].
5 -
وروى أبان بن يزيد العطار [ثقة، من أصحاب قتادة]، ومعمر بن راشد [ثقة، لكنه سيئ الحفظ لحديث قتادة لأنه إنما جلس إليه وهو صغير فلم يحفظ عنه. انظر: شرح علل الترمذي (698)]:
حدثنا قتادة [ثقة ثبت]، عن شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، عن أبي مالك الأشعري أنه جمع أصحابه، فقال: هلمَّ أصلي صلاة نبي الله صلى الله عليه وسلم، قال: وكان رجلًا من الأشعريين، [زاد معمر: فلما جمعهم قال: هل فيكم أحد من غيركم؟ قالوا: لا إلا ابن أخت لنا، قال: ابن أخت القوم منهم]، قال: فدعا بجفنة من ماء، فغسل يديه ثلاثًا، ومضمض واستنشق [ثلاثًا]، وغسل وجهه ثلاثًا، وذراعيه ثلاثًا، ومسح برأسه وأذنيه، وغسل قدميه، قال: فصلى الظهر، فقرأ فيها بفاتحة الكتاب، وكبر ثنتين وعشرين تكبيرة [زاد معمر: يكبر إذا سجد، وإذا رفع رأسه من السجود، وقرأ في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب، ويسمع من يليه].
أخرجه أحمد (5/ 341 و 342)، وعبد الرزاق (2/ 63/ 2499)، وابن سعد في الطبقات (4/ 358)، والطبراني في الكبير (3/ 280/ 3411 و 3412).
• وروى سعيد بن أبي عروبة [ثقة ثبت، من أثبت الناس في قتادة، وقد رواه عن سعيد ممن روى عنه قبل اختلاطه: يزيد بن زريع، وهو: ثقة ثبت]، وطلحة بن عبد الرحمن القناد الواسطي [له عن قتادة أشياء منها ما توبع عليه، مثل هذا، ومنها ما لم يتابع عليه.
الثقات (6/ 489)، الكامل (4/ 113)، اللسان (4/ 356)]:
عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، عن أبي مالك الأشعري أنه قال لقومه: اجتمعوا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاجتمعوا، فقال: هل فيكم أحد؟ فقالوا: لا إلا ابن أخت لنا، قال: فذلك من القوم، فدعا بجفنة فيها ماء، فتوضأ وهم شهود، فمضمض واستنشق ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، وذراعيه ثلاثًا، ومسح برأسه وظهر قدميه، ثم صلى بهم الظهر، فكبر فيها ثنتين وعشرين تكبيرة، يكبر إذا سجد وإذا رفع رأسه، وقرأ بهم في الركعتين الأوليين، وأسمع من يليه. لفظ سعيد.
أخرجه أحمد (5/ 342)، والطبراني في الكبير (3/ 280 و 281/ 3413 و 3414).
• ورواه أيضًا عن قتادة بنحوه مختصرًا: شعبة.
أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (9/ 176).
6 -
وروى داود بن أبي هند [ثقة متقن]، عن شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، عن أبي مالك الأشعري أنه قال: تعالوا حتى أريكم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي؟
[فصفوا خلفه] فقام، فكبر إذا ركع، وإذا سجد، فلما نهض من الجلوس بعد الركعتين كبر.
أخرجه أحمد (5/ 344)، وابن أبي شيبة (1/ 217/ 2490)، والطبراني في الكبير (3/ 281/ 3415).
7 -
وروى عوف بن أبي جميلة [ثقة]، عن أبي المنهال [سيار بن سلامة الرياحي: ثقة]، عن شهر بن حوشب، قال: كان منا معشر الأشعريين رجل قد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد معه المشاهد الحسنة الجميلة -قال عوف: حسبت أنه يقال له: مالك، أو أبو مالك-، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لقد علمت أقوامًا ما هم بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء بمكانهم من الله" زاد في رواية: "هم أقوام من قبائل شتى، يتحابون في الله، والله إن وجوههم لنور، وإنهم لعلى نور، ولا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزنوا".
أخرجه أحمد (5/ 342)، والحارث بن أبي أسامة (1109 - زوائده)، وأبو يعلى (12/ 234/ 6842)، والطبراني في الكبير (3/ 291/ 3435)، وابن قدامة في المتحابين في الله (47).
8 -
وروى ابن وهب [ثقة حافظ]: أخبرني إبراهيم بن نشيط [ثقة]، عن ابن لبيد حصيف [كذا، وسقط من نسخة الجامع لابن وهب]، عن شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، عن أبي مالك الأشعري -أو: أبي عامر، كلهم كان ثقة-، أنه بينما هم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد نزلت هذه الآية:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101]، فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم صفة قوم ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيون والشهداء بقربهم من اللَّه يوم القيامة، قال: فسكتوا فلم يسألوا عن شيء،. . . ثم ذكر قصة الأعرابي، وحديث المتحابين.
أخرجه ابن وهب في الجامع (188)، ومن طريقه: ابن أبي حاتم في التفسير (4/ 1217/ 6876).
ولم أعرف الراوي عن شهر؛ إلا أن يكون أبا لبيد الأشعري، ابن عم شهر، ترجم له ابن عساكر في تاريخ دمشق (67/ 159)، وذكر له قصة، ولم يذكر له رواية، والله أعلم.
• هكذا روى هذا الحديث عن شهر، عن عبد الرحمن بن غنم، عن أبي مالك الأشعري:
بديل بن ميسرة، وعبد الحميد بن بهرام، وقتادة، وداود بن أبي هند، وابن لبيد.
وخالفهم، فرواه عن شهر بإسقاط عبد الرحمن بن غنم من الإسناد:
ليث بن أبي سليم، وابن أبي حسين، وشمر بن عطية، وأبو المنهال سيار بن سلامة.
والذي يظهر لي أن هذا الاختلاف إنما هو من شهر نفسه، إذ كان ينشط فيسنده أحيانًا، ويرسله أحيانًا، وذلك لسوء حفظه، واضطرابه في الأسانيد والمتون.
وشهر بن حوشب: حسن الحديث إذا لم يخالِف، ولم ينفرد بأصل وسنة، أو لم
يُختلف عليه في الإسناد والمتن بحيث يستدل بذلك على حفظه للحديث [انظر في شهر بن حوشب: ما تقدم من أحاديث برقم (44 و 45 و 134) وغيرها. علل ابن أبي حاتم (2/ 148/ 1940)].
• وشهر في هذا الحديث قد اختلف عليه في إسناده؛ فمرة يسنده، ومرة يرسله، مما يدل على أنه لم يضبط إسناده؛ وإن كان المسند هو المحفوظ، إذ هو زيادة جماعة من الثقات، وهم الأكثر والأحفظ، وفيهم أثبت الناس في شهر، وإرساله إنما وقع تقصيرًا من شهر نفسه، والله أعلم.
وأما المتن، فهو متن طويل اشتمل على عدة أحكام وسنن؛ فإذا استثنينا ما انفرد به عنه ليث بن أبي سليم، واعتبرنا رواية الثقات عن شهر:
وجدنا أن حديثه في الوضوء محفوظ، قد تابع فيه الثقات، وأنه لم يأت فيه بما ينكر، والمحفوظ فيه: غسل القدمين، لا مسحهما.
وأما ذِكْرُ عدد التكبيرات في الصلاة الرباعية، وأنها اثنتان وعشرون تكبيرة: فهو ثابت من حديث ابن عباس [عند: البخاري (788)، وغيره].
وكذلك مواضع التكبير والسلام، كل ذلك محفوظ من أحاديث آخر، ولا إشكال فيه.
ولطرفه الأخير في المحبة في الله شواهد صالحة من حديث: عمر، وابنه عبد الله، ومعاذ بن جبل، وأما حديث أبي هريرة فيه: فمعلول [عند: أبي داود (3527)، والترمذي (2390)، والنسائي في الكبرى (10/ 124/ 11172)، وابن حبان (2/ 332 و 338/ 573 و 577)، والحاكم (4/ 170)، وأحمد (5/ 239)، وهناد في الزهد (475)، وابن أبي الدنيا في الإخوان (5 و 7)، والحارث بن أبي أسامة (1108 - زوائده)، والبزار (16/ 267/ 9455) (4/ 228/ 3593 - كشف)، وأبي يعلى (10/ 495/ 6110)، وابن جرير الطبري في التفسير (11/ 132)، وابن أبي حاتم في التفسير (6/ 1963/ 10453)، وابن الأعرابي في المعجم (3/ 883/ 1840)، والطبراني في الكبير (20/ 168/ 358)، وأبي نعيم في الحلية (1/ 5) و (2/ 131)، والبيهقي في الشعب (6/ 484 - 486/ 8993 و 8997 - 8999)، وابن عبد البر في التمهيد (17/ 436)، وابن قدامة في المتحابين في الله (48)].
وأما قوله: ثم كبر فركع، فقال: سبحان الله وبحمده، ثلاث مرار، ففيه دلالة على جواز الاقتصار على ذلك الذكر في الركوع، دون أن يقول: سبحان ربي العظيم، ولم أجد من تابع شهرًا على ذلك متابعة صالحة، فلا يثبت ذلك عندي، وإن كنت حسنت إسناده من قبلُ في الذكر والدعاء (1/ 167/ 83)، فليصحح من ههنا، والله أعلم.
• تبقى مسألة الباب، والتي ساق أبو داود الحديث من أجلها:
وهي أن أبا مالك الأشعري قد صفَّ الرجال، ثم صف الولدان خلف الرجال، ثم صف النساء خلف الولدان، فهذا يحتمل الرفع والوقف، وسياق رواية عبد الحميد بن بهرام [وهو أحسن الناس سياقًا وحفظًا لحديث شهر] يشعر بالوقف، وعلى القول بالرفع:
فأما حكم النساء، وقيامهن خلف الرجال فظاهر، وقد سبق معنا في ذلك حديث أنس، في قيام المرأة وحدها صفًّا خلف الرجال، والشاهد منه قوله: وصفَفْتُ أنا واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا [متفق عليه، وتقدم برقم (612)]، وحديث سهل بن سعد، قال: لقد رأيتُ الرجالَ عاقدي أُزُرِهم في أعناقهم من ضيق الأُزُر خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة كأمثال الصبيان، فقال قائل: يا معشر النساء! لا ترفَعْنَ رؤوسَكُنَّ حتى يرفعَ الرجالُ [متفق عليه، وتقدم برقم (630)]، وفيه دلالة على أن النساء كنَّ يصلِّين خلف الرجال، وحديث أم سلمة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلَّم قام النساء حين يقضي تسليمه، ويمكث هو في مقامه يسيرًا قبل أن يقوم [أخرجه البخاري (837 و 849 و 850 و 866 و 870)، وسيأتي تخريجه في موضعه من السنن برقم (1040)، إن شاء الله تعالى، وتقدم ذكره تحت الحديث رقم (568)]، وقد ترجم له البخاري بقوله:"باب صلاة النساء خلف الرجال"، وحديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير صفوف الرجال أوَّلها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أوَّلها"[أخرجه مسلم (440)، والترمذي (224)، وقال: "حسن صحيح"، وهو الحديث الآتي في السنن برقم (678)، وتقدم ذكره تحت الحديث رقم (568)].
وأما حكم الغلمان، وتأخيرهم خلف الرجال: فهو حكم قد انفرد به شهر بن حوشب، وشهر: لا يُحتج به إذا انفرد بأصل وسنة، لا سيما وهناك قرينة في هذا الحديث تدل على عدم ضبطه له، وهي عدم ضبط إسناده، كما أنه كان يحدث به مرة مطولًا، ومرة مختصرًا، ومرة بالمعنى، يتصرف في المتن كثيرًا، هذا من جهة تفرده بهذا الحكم مع عدم ضبطه للحديث، ومن جهة أخرى، فقد خولف فيه:
فقد صح عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَمَّه وامرأةً منهم، فجعله عن يمينه، والمرأة خلف ذلك [تقدم برقم (608 و 609)]، وصح أن ابن عباس قد صفَّ وهو صبي مع النبي صلى الله عليه وسلم، وعائشة خلفهما، قال ابن عباس: صليت إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم، وعائشة خلفنا تصلي معنا، وأنا إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم أصلي معه [تقدم تحت الحديث رقم (611)]، فلو كان الصبي يصف في صف وحده خلف الرجال، لما صف إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم، بل في صفٍّ خلفه، وأما صلاة ابن عباس وحده إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم لما بات معه في بيت خالته ميمونة؛ فقصة مشهورة في الصحيح، لها طرق كثيرة [تقدم برقم (610 و 611)].
بل ولابن عباس ما يدل على أنه كان يصف مع الرجال، فمن ذلك:
ما رواه سليمان الشيباني، عن عامر الشعبي، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبر قد دفن ليلًا، فقال:"متى دفن هذا؟ " قالوا: البارحة، قال:"أفلا آذنتموني؟ " قالوا: دفناه في ظلمة الليل؛ فكرهنا أن نوقظك، فقام، فصففنا خلفه، قال ابن عباس: وأنا فيهم، فصلى عليه [متفق عليه، وتقدم تحت الحديث رقم (611)].
وما رواه ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، قال: أقبلت راكبًا على أتانٍ، وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس بمني [في
حجة الوداع]، إلى غير جدار، فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت، وأرسلت الأتان ترتع، ودخلت في الصف، فلم ينكر ذلك علي أحد. وفي رواية للبخاري ومسلم: فصف مع الناس. وفي رواية للبخاري: بين يدي بعض الصف الأول،. . .، فصففت مع الناس وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم.
متفق عليه [البخاري (76 و 493 و 861 و 1857 و 4412)، مسلم (504)]، وسيأتي قريبًا -إن شاء الله تعالى- برقم (715).
قال ابن رجب في الفتح (5/ 303): "وحديث ابن عباس الذي خرجه البخاري في هذا الباب يدل على أن في خول الصبي المميز في صف الرجال في الصلاة المفروضة هو السنة، والله أعلم"، وقال أيضًا (5/ 301): "والمراد بتخريجه هاهنا: الاستدلال على صحة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه يدخل في صف الرجال ويقف معهم.
وقد استدل بهذا مالك على أن الأفضل أن يجعل في الصف بين كل رجلين صبيًّا؛ ليتعلم أدب الصلاة وخشوعها، وهو أحد الوجهين للشافعية.
والثاني لهم: يقف الصبيان إذا كثروا صفًّا خلف الرجال، وهو مذهبنا، ومذهب أبي حنيفة".
قلت: ومن أجاز إمامة الصبي للرجال؛ فإجازته لمصافته الرجال أولى، وقد تقدم معنا حديث عمرو بن سلمة الجرمي برقم (585 - 587)، والشاهد منه قوله: فكنت أَؤُمُّهم وأنا ابن سبعِ سنين أو ثمانِ سنين، وفي رواية: فقدموني بين أيديهم، فكنت أصلي بهم وأنا ابن ست سنين، وهو حديث صحيح، أخرجه البخاري (4302).
وعليه: فإذا كانت إمامة غير البالغ جائزة إذا عقل الصلاة وقام بها، فمصافته الرجال من باب أولى، والله أعلم.
• وإذا قيل بأن هذا الحديث يدل على أن الغلمان يصفون وحدهم مستقلين عن الرجال، كما تصف النساء فلا تتصل صفوفها بصفوف الرجال، فإنه يترتب على ذلك أن يبقى الصف الأخير من الرجال به نقص، وكان الأولى إتمامه بمن هو من جنسهم وهم الغلمان؛ امتثالًا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم:"أتِمُّوا الصف المُقدَّم، ثم الذي يليه، فما كان من نقصٍ؛ فليكن في الصفِّ المؤخَّر"[تقدم برقم (671)]، وبهذا يظهر وجه آخر من المخالفة.
• وأما احتجاجهم بحديث: "لِيَلِني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم"[تقدم برقم (674 و 675)، وهو حديث صحيح]، فليس فيه معارضة لمصافة الصبي المميز للرجال، فقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع أنس وابن عباس، وفعله ابن عباس بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكر عليه، ولم يأمره بالتأخر ليصف خلف صفوف الرجال، والله أعلم.
• وانظر فقه المسألة:
الحاوي الكبير (2/ 340)، شرح السنة (3/ 389)، المغني (2/ 18 و 26)، الهداية شرح البداية (1/ 57)، فتاوى ابن الصلاح (83)، المجموع شرح المهذب (4/ 252)،