الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لاختلاف الطبقة [راجع بحث التضلع من ماء زمزم، ضمن بحوث حديثية في الحج]، ولكنه رجل مجهول أيضًا [وانظر: تهذيب الكمال (25/ 594)، التهذيب (3/ 623)].
ثم أبو حومل العامري: مجهول كذلك، كما تقدم.
• وقد صح عن جابر موقوفًا:
فقد رواه وكيع، قال: حدثنا عكرمة بن عمار، عن عطاء، عن جابر: أنه أَمَّهم في قميص واحد. هكذا موقوفًا، ولم يرفعه.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 38/ 6190)، وابن المنذر (5/ 62/ 2390).
وإسناده صحيح.
***
82 - باب إذا كان الثوب ضيقًا يتَّزر به
634 -
. . . حاتم -يعني: ابن إسماعيل-: حدثنا يعقوب بن مجاهد أبو حزرة، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، قال: أتينا جابرًا -يعني: ابن عبد الله-، قال: سِرتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوةٍ، فقام يصلي، وكانت عليَّ بردةٌ ذهبتُ أخالفُ بين طرَفَيها فلم تبلُغْ لي، وكانت لها ذَباذِب فنكَّستُها، ثم خالفتُ بين طرفيها، ثم تواقصْتُ عليها لا تسقط، ثم جئتُ حتى قمتُ عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ بيدي فأدارني، حتى أقامني عن يمينه، فجاء ابن صخر حتى قام عن يساره، فأخذنا بيديه جميعًا، حتى أقامنا خلفه، قال: وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يَرمُقُني وأنا لا أشعر، ثم فطِنْتُ به، فأشار إليَّ أنِ اتَّزِر بها، فلما فرغ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال:"يا جابر! "، قال: قلت: لبيك يا رسول الله! قال: "إذا كان واسعًا فخالف بين طرفيه، وإذا كان ضيقًا فاشدُدْه على حِقْوِك".
• حديث صحيح.
أخرجه مسلم (3010)، وابن حبان (5/ 574/ 2197) و (6/ 42/ 2265)، وابن الجارود (172)، والحاكم (1/ 254)، وقال:"صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه"، فوهم في استدراكه. وابن شبة في أخبار المدينة (43)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 175/ 1972) و (5/ 55/ 2378)، والطحاوي (1/ 307)، والدارقطني في المؤتلف (1/ 401)، والخطابي في غريب الحديث (2/ 386)، وابن أخي ميمي الدقاق في فوائده (220)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ 526/ 1470)، وابن حزم في المحلى (4/ 66 و 72)، والبيهقي في السنن (2/ 239) و (3/ 95)، وفي المعرفة (2/ 378/ 1500)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 271)، والبغوي في شرح السنة (3/ 385/ 827)، وإسماعيل الأصبهاني في الدلائل
37 -
، وابن بشكوال في الغوامض (5/ 366 و 367)، والحازمي في الاعتبار (1/ 408/ 138)، وعلقه مسلم في التمييز (51).
وتقدم تخريج طرف منه تحت الحديث رقم (613)، وذكرت هناك بعض طرقه.
قال ابن المنذر في الأوسط (5/ 56): "فقد ثبت أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر إذا كان الثوب واسعًا أن يخالف بين طرفيه، فغير جائز على ظاهر هذا الخبر أن يصليَ مصلٍّ في ثوب واسع متزرًا به ليس على عاتقه منه شيء؛ للثابت عنه أنه نهى عن ذلك".
قال الخطابي: "ذباذب الثوب: أهدابه، وسميت ذباذب لتذبذبها، وهو أن تجيء وتذهب"، ثم قال:"وقوله: تواقصت عليها، أي: أمسكت عليها بعنقي لئلا تسقط، وهو أن يحني عليها عنقه، كأنه يحكي خِلْقَة الأوقص، وهو الذي قصرت عنقه، كأنه رُدَّ في جوف صدره".
• ومما صح عن جابر مرفوعًا في هذا الباب:
1 -
ورقاء بن عمر، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فانتهينا إلى مَشرَعة، فقال:"ألا تُشرع؟ يا جابر" قلت: بلى، قال: فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأشرعت، قال: ثم ذهب لحاجته، ووضعت له وَضوءًا، قال: فجاء فتوضأ، ثم قام فصلى في ثوب واحد، خالف بين طرفيه، فقمت خلفه، فأخذ بأذني فجعلني عن يمينه.
أخرجه مسلم (766)، وتقدم تحت الحديث رقم (611).
2 -
واقد بن محمد، وعبد الرحمن بن أبي الموالي:
عن محمد بن المنكدر، قال: صلى جابر في إزار قد عقده من قِبَل قفاه، وثيابه موضوعةٌ على المشْجَب، قال له قائل: تصلي في إزار واحد؟، فقال: إنما صنعت ذلك ليراني أحمقُ مثلُك، وأينا كان له ثوبان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. لفظ واقد.
ولفظ ابن أبي الموالي: عن محمد بن المنكدر، قال: رأيت جابر بن عبد الله يصلي في ثوب واحد، وقال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب.
وفي لفظ له: دخلنا على جابر بن عبد الله، وهو [قائم، يصلي في ثوب واحد ملتحفًا [به]، ورداؤه موضوع، [فلما انصرف]، فقلنا:[يا أبا عبد الله] أتصلي في ثوب واحد [ملتحفًا به] و [هذا] رداؤك موضوع؟ قال: نعم؛ أحببت أن يراني الجهال أمثالكم، إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحد.
أخرجه البخاري (352 و 353 و 370)، وأحمد (3/ 387)، والسراج في مسنده (463)، وابن عدي (4/ 308)، والبيهقي (2/ 237 و 241).
3 -
فليح بن سليمان، عن سعيد بن الحارث، قال: سألنا جابر بن عبد الله عن الصلاة في الثوب الواحد؟، فقال: خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فجئت ليلةً لبعض أمري، فوجدته يصلي، وعليَّ ثوب واحد، فاشتملت به وصليت إلى جانبه، فلما
انصرف قال: "ما السُّرَى يا جابرُ؟ " فأخبرته بحاجتي، فلما فرغت قال:"ما هذا الاشتمال الذي رأيت؟ "، قلت: كان ثوب -يعني: ضاق-[وفي رواية: كان ثوبًا واحدًا ضيقًا]، قال:" [في رواية: إذا صلَّيت وعليك ثوبٌ واحد] فإن كان واسعًا فالتحف به، وإن كان ضيقًا فاتَّزِر به".
وفي رواية: عن سعيد بن الحارث، أنه أتى جابر بن عبد الله، هو ونفر قد سماهم، فلما دخلنا عليه وجدناه يصلي في ثوب واحد ملتحفًا به قد خالف بين طرفيه، ورداؤه قريب منه لو تناوله أبلغه، قال: فلما سلم سألناه عن صلاته في ثوب واحد، فقال: أفعل هذا ليراني الحمقى أمثالكم؛ فيفشو عن جابر رخصة رخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم، إني خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره. . . فذكر الحديث.
أخرجه البخاري (361)، وابن خزيمة (1/ 377/ 767)، وابن حبان (6/ 79/ 2305)، وأحمد (3/ 328)، والبيهقي في السنن (2/ 238)، وفي المعرفة (2/ 98/ 1002).
• وله متابعة صالحة:
يرويها عبد الرحمن ابن الغسيل [صدوق]: حدثني شرحبيل أبو سعد [ضعيف]، أنه دخل على جابر بن عبد اللَّه، وهو يصلي في ثوب واحد، وحوله ثياب، فلما فرغ من صلاته، قال: قلت: غفر الله لك يا أبا عبد الله، تصلي في ثوب واحد، وهذه ثيابك إلى جنبك، قال: أردت أن يدخل عليَّ الأحمق مثلك فيراني أصلي في ثوب واحد، أوكان لكل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبان؟ قال: ثم أنشأ جابر يحدثنا، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا ما اتسع الثوب، فتعاطف به على منكبيك، ثم صلِّ، وإذا ضاق عن ذاك، فشد به حقويك، ثم صلِّ من غير ردٍّ له".
أخرجه أحمد (3/ 335)، وابن عدي (4/ 41).
وتقدم ذكر طرق حديث شرحبيل بن سعد عن جابر تحت الحديث رقم (613).
4 -
سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحد متوشحًا به.
أخرجه مسلم (518/ 281 و 282)، وأبو عوانة (1/ 400/ 1465) [ووقع في المطبوع: سفيان بن عيينة، وهو خطأ]. وأحمد (3/ 293 و 294 و 300)، وعبد الرزاق (1/ 350/ 1366)، وابن سعد في الطبقات (1/ 463)، وابن أبي شيبة (1/ 277/ 3182)، وأبو يعلى (4/ 80/ 2105)، وأبو العباس السراج في مسنده (476)، وفي حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (273 - 275)، وابن الأعرابي في المعجم (2/ 690/ 1394)، وأبو نعيم في مسند أبي حنيفة (136).
• ورواه عمرو بن الحارث بن يعقوب المصري، أن أبا الزبير المكي حدثه: أنه رأى جابر بن عبد الله يصلي في ثوب متوشحًا به، وعنده ثيابه، وقال جابر: إنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك.
أخرجه مسلم (518/ 283)، وأبو عوانة (1/ 400/ 1466)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 123/ 1146)، وابن خزيمة (1/ 375/ 762)، وابن وهب في الجامع (451)، وابن سعد في الطبقات (1/ 463)، والطحاوي (1/ 381)، والبيهقي (2/ 237).
• ورواه أيضًا: الأعمش، وحماد بن سلمة، وزهير بن معاوية، وعبيد الله بن عمر، وابن جريج، وأسامة بن زيد الليثي، وعزرة بن ثابت، وابن لهيعة، وعبد الرحمن بن حميد الرؤاسي [ولا يثبت عنه]، وغيرهم:
عن أبي الزبير، عن جابر، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحد، مخالفًا بين طرفيه. لفظ حماد.
وقال ابن جريج: أخبرنا أبو الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى في ثوب فليعطف عليه" وفي رواية: "فليتعطف به".
أخرجه أبو عوانة (1/ 400/ 1466)، وابن خزيمة (1/ 375/ 762)، وابن حبان (6/ 76 و 77/ 2299 و 2300)، وأ حمد (3/ 312 و 324 و 356 - 357 و 357 و 386 و 391)، وابن وهب في الجامع (451)، والطيالسي (3/ 297/ 1839)، وابن سعد في الطبقات (1/ 463)، وعبد بن حميد (1051)، وأبو العباس السراج في مسنده (477 - 481)، وفي حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (276 - 281)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (2606)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 54/ 2375)، والطحاوي (1/ 381)، وابن الأعرابي في المعجم (2/ 690/ 1395)، والطبراني في الصغير (1/ 265/ 435)، والبيهقي (2/ 237)، والخطيب في التاريخ (8/ 175).
وانظر فيمن وهم فيه على أبي الزبير: مسند أحمد (3/ 379).
5 -
ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن القعقاع بن حكيم، قال: دخلنا على جابر بن عبد الله وهو يصلي في ثوب واحد، وقميصه ورداؤه في المشجب، فلما انصرف قال: أما والله ما صنعت هذا إلا من أجلكم، إن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الصلاة في ثوب واحد؟ فقال:"نعم، ومتى يكون لأحدكم ثوبان؟ ".
أخرجه الطحاوي (1/ 379)، قال: حدثنا ربيع المؤذن [هو: ابن سليمان المرادي، صاحب الشافعي: ثقة]، قال: ثنا أسد [هو: ابن موسى، أسد السنة: صدوق]، قال: ثنا ابن أبي ذئب به.
وإسناده حسن.
6 -
الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر: حدثني أبو سعيد الخدري أنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم قال: فرأيته يصلي على حصير يسجد عليه، قال: ورأيته يصلي في ثوب واحد متوشحًا به. وفي رواية: واضعًا طرفيه على عاتقيه.
أخرجه مسلم (519 و 661)، وأبو عوانة (1/ 408/ 1504)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 123 و 124/ 1147 و 1148)، والترمذي (332)، وقال:"حديث حسن".
وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(2/ 225/ 311)، وابن ماجه (1029 و 1048)، وابن خزيمة (2/ 103/ 1004)، وابن حبان (6/ 81/ 2307)، وأحمد (3/ 10 و 52 و 53 و 59)، وابن سعد في الطبقات (1/ 463)، وابن أبي شيبة (1/ 275/ 3161) و (1/ 350/ 4022)(3180 و 4044 - ط عوامة)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 126/ 2101 و 2102)، وأبو يعلى (2/ 365 و 444 و 480 و 519/ 1123 و 1251 و 1308 و 1373) و (4/ 203/ 2311)، وأبو العباس السراج في مسنده (470 و 474 و 475) و (1209 - 1211)، وفي حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (270 - 272) و (1009 - 1011)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 113/ 2482)، والطحاوي (1/ 381)، وابن البختري في المنتقى من السادس عشر من حديثه (13 و 14)[مجموع مصنفاته (682 و 683)]، والطبراني في الأوسط (2/ 203/ 1733)، وابن المقرئ في الأربعين (32)، والجرجاني في الأمالي (115)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 122)، وفي معرفة الصحابة (3/ 1261/ 3173)، والبيهقي في السنن (2/ 237 و 421)، وفي الشعب (5/ 183/ 6293)، والخطيب في التاريخ (10/ 36)، والبغوي في شرح السنة (2/ 440/ 530)، وقال:"حديث صحيح".
وانظر في الأوهام: مسند أبي يعلى (2/ 343/ 1090)، الكامل لابن عدي (5/ 44)، الحلية (9/ 27).
وانظر: موطأ مالك (1/ 203/ 376).
• وانظر فيما لا يصح عن جابر، أو ما لا يصح رفعه، وهو موقوف: ما تقدم تحت الحديث رقم (605 و 613)، مسند أحمد (3/ 343 و 375)[إتحاف المهرة (3/ 108/ 2604)]. طبقات ابن سعد (1/ 463)، مسند عبد بن حميد (1094)، مسند ابن الجعد لأبي القاسم البغوي (2418)، شرح معاني الآثار (1/ 381 و 382)، معجم الطبراني الأوسط (5/ 256/ 5245)، الكامل لابن عدي (1/ 290) و (2/ 446) و (6/ 298)، علل الدارقطني (13/ 326 و 334/ 3199 و 3211)، مسند أبي حنيفة لأبي نعيم (136)، تاريخ أصبهان (1/ 268).
***
635 -
. . . حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال: قال عمر رضي الله عنه: "إذا كان لأحدكم ثوبان فليصل فيهما، فإن لم يكن إلا ثوب واحد فليتزر به، ولا يشتمل اشتمال اليهود".
• الأقرب وقفه على عمر.
أخرجه البزار (12/ 211/ 5902)، والطحاوي (1/ 377)، والبيهقي (2/ 236)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 272).
هكذا رواه عن حماد بن زيد: سليمان بن حرب، وعبد الله بن عبد الوهاب الحجبي، وأبو الربيع سليمان بن داود الزهراني، وبشر بن معاذ العقدي [وهم ثقات].
ولفظ سليمان بن حرب بتمامه:
عن نافع قال: تخلفت يومًا في علف الركاب، فدخل عليَّ ابن عمر، وأنا أصلي في ثوب واحد، فقال لي: ألم تُكسَ ثوبين؟ قلت: بلى، قال: أرأيت لو بعثتك إلى بعض أهل المدينة أكنت تذهب في ثوب واحد؟ قلت: لا، قال: فالله أحق أن يُتجملَ له أم الناس؟! ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو: قال عمر-: "من كان له ثوبان فليصل فيهما، ومن لم يكن له إلا ثوب واحد فليتزر به، ولا يشتمل كاشتمال اليهود".
ورواية أبي الربيع بنحوها، لكن قال: فقال [نافع]: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال: قال عمر-، وأكثر ظني أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال النووي في الخلاصة (971 و 979): "رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح"، وكذا قال في المجموع (3/ 175).
وكذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم (89).
• ورواه حجاج بن المنهال الأنماطي [ثقة]، قال: ثنا حماد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، أنه قال: إذا كان واسعًا فتوشح به، وإذا كان قصيرًا فاتَّزِر به.
أخرجه ابن المنذر في الأوسط (5/ 54/ 2374).
قلت: هكذا قصر فيه حجاج، وأتى به بتمامه على الوجه: جماعة الثقات من أصحاب حماد بن زيد، والله أعلم.
• ولم ينفرد به حماد عن أيوب -وإن كان لا يضره تفرده عن أيوب-، فقد توبع:
• رواه عبد الوارث بن سعيد [ثقة ثبت]، قال: حدثنا أيوب، عن نافع، قال: شغلني شيء، فجاء ابن عمر وأنا أصلي في ثوب واحد، قال: فأمهلني حتى فرغت من الصلاة، ثم قال: ألم تكس ثوبين؟ قلت: بلى، قال: فلو أُرسلت خارجًا من الدار، أكنت تذهب في ثوب واحد؟ قلت: لا، قال: فالله أحق أن تزين له أم الناس؟ قلت: بل الله، قال: ثم حدث بحديث أكثر ظني أنه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"إذا وجد أحدكم ثوبين فليصل فيهما، وإن لم يجد إلا ثوبًا واحدًا فليتَّزِر به اتِّزارًا، ولا يشتمل اشتمال اليهود".
أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (6/ 371).
هكذا على الشك مثل رواية حماد، إلا أنه لم يذكر عمر بن الخطاب.
• ورواه سعيد بن عامر الضبعي، وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف، ومكي بن إبراهيم [ثقة ثبت، لكن الراوي عنه: عمر بن مدرك الرازي: ضعيف، كذبه ابن معين وغيره. اللسان (6/ 143)]، وأبو بحر البكراوي عبد الرحمن بن عثمان [ضعيف]:
عن سعيد بن أبي عروبة، عن أيوب، عن نافع، قال: رآني ابن عمر وأنا أصلي في ثوب واحد، فقال: ألم أكسك؟ قلت: بلى، قال: فلو بعثتك كنت تذهب هكذا؟ قلت:
لا، قال: فالله أحق أن تزين له؟ ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى أحدكم في ثوب فليشده على حِقوه، ولا تشتملوا كاشتمال اليهود".
أخرجه ابن خزيمة (1/ 376 و 378/ 766 و 769)، وابن حبان (9/ 28/ 10327 - إتحاف)، والحاكم (1/ 253)، وإسماعيل الصفار في الفوائد المنتقاة من حديثه (34 - رواية ابن رزقويه)، والبيهقي (2/ 236).
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجا كيفية الصلاة في الثوب الواحد".
وقد رواه البكراوي مرة أخرى فاضطرب فيه، حيث قال: ثنا عزرة بن ثابت: أخبرني أخي علي بن ثابت، عن نافع، قال: كساني ابن عمر ثوبين،. . . فذكره بنحوه.
أخرجه الطبراني في الأوسط (6/ 132/ 6008)، وابن عدي (4/ 296).
وإنما هو حديث أيوب عن نافع، والله أعلم.
هكذا رواه سعيد بن أبي عروبة عن أيوب بغير شك، ورواية حماد بن زيد [وهو: ثقة ثبت، أثبت الناس في أيوب]، وعبد الوارث بن سعيد [وهو: ثقة ثبت، من أثبت الناس في أيوب] بالشك هي الصواب؛ وذلك لأن ابن أبي عروبة لم يكن من أصحاب أيوب المكثرين عنه، وأخاف أن يكون هذا مما حدث به ابن أبي عروبة في حال اختلاطه، حيث لم يُذكر أولئك فيمن روى عنه قبل الاختلاط، سوى الخفاف، وقد سمع منه في الصحة والاختلاط فلم يميز بينهما [انظر: شرح علل الترمذي (2/ 699 و 743)، الكواكب النيرات (25)].
• ورواه معمر عن أيوب، عن نافع بالقصة فقط، دون المرفوع.
أخرجه عبد الرزاق (1/ 358/ 1391)، ومن طريقه: ابن المنذر في الأوسط (5/ 53 - 54/ 2373).
• والحاصل أن المحفوظ عن أيوب: إنما هو بالشك في رفعه، كما رواه عنه أثبت أصحابه: حماد بن زيد، وعبد الوارث بن سعيد.
• وقد رواه أيضًا جماعة عن نافع به هكذا بالشك:
1 -
رواه ابن جريج [ثقة حافظ]، قال: أخبرني نافع: أن ابن عمر رضي الله عنهما كساه وهو غلام، فدخل المسجد، فوجده يصلي متوشحًا، فقال: أليس لك ثوبان؟ قال: بلى، قال: أرأيت لو استعنت بك وراء الدار، أكنت لابسهما؟ قال: نعم. قال: فالله أحق أن تزين [تتزين] له أم الناس؟ قال نافع: بل الله، فأخبره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو: عن عمر رضي الله عنه، قال نافع: قد استيقنت أنه عن أحدهما، وما أراه إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يشتمل أحدكم في الصلاة اشتمال اليهود، من كان له ثوبان فليتَّزِر وليرتَدِ، ومن لم يكن له ثوبان فليتزر، ثم ليصلِّ".
أخرجه أحمد (2/ 148)، وعبد الرزاق (1/ 358/ 1390)، والطحاوي (1/ 377).
2 -
ورواه ابن إسحاق [صدوق]، قال: كما حدثني عنه [يعني: عن ابن عمر] نافع
مولاه، قال: كان عبد الله بن عمر يقول: إذا لم يكن للرجل إلا ثوب واحد فليأتزر به، ثم ليصل؛ فإني سمعت عمر بن الخطاب يقول ذلك، ويقول: لا تلتحفوا بالثوب إذا كان وحده كما تفعل اليهود. قال نافع: ولو قلت لك: إنه أسند ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجوت أن لا أكون كذبت.
أخرجه أحمد (1/ 16)، ومن طريقه: الضياء في المختارة (1/ 309/ 199).
3 -
وهكذا رواه على الشك أيضًا عن نافع به: جرير بن حازم [ثقة].
أخرجه الطحاوي (1/ 377)، والضياء في المختارة (1/ 309/ 200).
4 -
وروى محمد بن أبي بكر، وسهل بن عثمان العسكري:
عن عبد الله بن جعفر، عن عمر بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر، قال -قال عمر بن نافع: لا أعلمه إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال-:"إذا صلى أحدكم فليصل في ثوبين؛ فإن لم يكن عليه إلا ثوب فليأتزر به، ثم ليُصلِّ، ولا تشتملوا اشتمال اليهود، فإن الله أحق أن يتزين له".
أخرجه أبو بكر أحمد بن سلمان النجاد في مسند عمر (78)، والطبراني في الأوسط (7/ 127/ 7062).
قال الطبراني: الم يرو هذا الحديث عن عمر بن نافع إلا عبد الله بن جعفر، تفرد به: سهل بن عثمان".
قلت: تابعه محمد بن أبي بكر المقدمي، لكن شيخهما عبد الله بن جعفر هو: ابن نجيح السعدي مولاهم، أبو جعفر المديني، وهو: ضعيف، وشيخه: عمر بن نافع: ثقة.
5 -
ورواه موسى بن عقبة، واختلف عليه:
أ- فرواه أبو عمر الصنعاني حفص بن ميسرة العقيلي [لا بأس به، في حديثه بعض الوهم، وهو صنعاني، سكن عسقلان]، عن موسى بن عقبة [مدني، ثقة فقيه، إمام في المغازي]: حدثني نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى أحدكم فليلبس ثوبيه، فإن الله أحق من يزين له، فمن لم يكن له ثوبان فليتزر إذا صلى، ولا يشتمل اشتمال اليهود".
أخرجه ابن المنذر في الأوسط (5/ 56/ 2379)، والطحاوي (1/ 377)، والطبراني في الأوسط (9/ 145/ 9368).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن موسى بن عقبة إلا حفص بن ميسرة، تفرد به زهير بن عباد".
قلت: لم يتفرد به، بل تابعه: آدم بن أبي إياس [عند ابن المنذر].
ب- ورواه أنس بن عياض [مدني، ثقة]، عن موسى به، إلا أنه قال: ولا يرى نافع إلا أنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. هكذا بالشك في رفعه.
أخرجه البيهقي (2/ 236).
ج- ورواه فضيل بن سليمان [بصري، ليس بالقوي، استعار من موسى بن عقبة كتابًا
فلم يرده، وروى عن موسى مناكير. التهذيب (3/ 398)، الميزان (3/ 361)]، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر -قال: إما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإما عن عمر-، قال:"إذا صلى أحدكم فليلبس ثوبيه، فإن الله أحق من تزين له".
وزاد فضيل، عن موسى، عن نافع، عن ابن عمر:"فإن لم يكن لأحدكم ثوبين، فليصل في ثوب، ولا يشتمل أحدكم في صلاته اشتمال اليهود".
أخرجه البزار (12/ 211/ 5903).
وفضيل بن سليمان هنا قد تابع أبا ضمرة أنس بن عياض، على الشك في رفع هذا الحديث، وعلى هذا فرواية الشك عن موسى بن عقبة أصح من رواية الجزم بالرفع التي تفرد بها أبو عمر الصنعاني، ورواية أهل بلد الرجل أولى من رواية الغرباء، لا سيما وقد توبع عليها، وبهذا يسقط احتجاج الطحاوي برواية الصنعاني هذه.
قال الطحاوي: "فهذا موسى بن عقبة، وهو من جلة أصحاب نافع وقدمائهم، فذكر ذلك عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يشك، ووافقه على ذلك توبة العنبري".
وجود هذه الطريق: ابن القطان في بيان الوهم (5/ 283/ 2471).
قلت: لكن رواية الشك عن موسى بن عقبة هي الصواب عنه، وهي الموافقة لرواية الثقات عن نافع، والله أعلم.
• ورواه شعبة، عن توبة العنبري [ثقة]، عن نافع [وفي رواية: عن توبة العنبري: سمع نافعًا]، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إذا صلى أحدكم فليتزر وليرتدِ".
أخرجه ابن حبان (4/ 613/ 1713)، والطحاوي (1/ 378)، وابن عدي في الكامل (7/ 38 - ط الفكر)(8/ 287 - 288 - ط الكتب العلمية)(3/ 182/ أ- مخطوط)، والبيهقي في السنن (2/ 235)، وفي الآداب (863)، وابن عبد البر في التمهيد (6/ 370).
قال ابن عدي: "هذا موصولًا عن شعبة بهذا الإسناد، وإنما يعرف بمعاذ بن معاذ عن شعبة، وهذا الثاني نصر بن حماد، ورواه موصولًا أيضًا، والحديث عن شعبة موقوف".
قلت: نعم، الحديث قد رواه من ذكرنا من طريق معاذ بن معاذ عن شعبة، عدا ابن عدي، فمن طريق نصر بن حماد، وهو: متروك، كذبه ابن معين، وأما الآخرون فرووه من طريق: عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري، عن أبيه، عن شعبة به، وإسناده صحيح إلى شعبة، ولا يضره تفرد معاذ العنبري به، فهو من أثبت أصحاب شعبة، وأما قول ابن عدي:"والحديث عن شعبة موقوف"، فلم أفهمه، إلا أن يكون في الكلام سقط، وعنى به حديثًا آخر، والله أعلم.
هكذا رواه توبة العنبري عن نافع به، وجزم برفعه، وقد رواه عن نافع بالشك: أيوب السختياني، وابن جريج، وموسى بن عقبة، وجرير بن حازم، وابن إسحاق، وروايتهم هي الصواب، والله أعلم.
قال الدارقطني في العلل (13/ 17/ 2903): "والمحفوظ: قول أيوب: إن نافعًا، قال: سمعت ابن عمر يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أو إلى عمر".
وقال ابن رجب في الفتح (2/ 129): "والمحفوظ في هذا الحديث رواية من رواه بالشك في رفعه، قاله الدارقطني".
وقال في موضع آخر (2/ 148 و 149): "حديث مختلف في رفعه، وفي وقفه على عمر بن الخطاب، وقد روي موقوفًا على ابن عمر من قوله"، ثم قال:"قال الأثرم في هذا الحديث: ليس كل أحد يرفعه، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه خلافه، يشير إلى الالتحاف والاتشاح بالثوب، كما تقدم، وإن صح حديث ابن عمر فهو محمول على ما إذا لم يردَّه على عِطفيه، فإن ذلك هو السدل المكروه".
• قلت: ولعل الأقرب عدم الرفع، وأنه موقوف على عمر، فإن رواية الجزم أولى من رواية الشك، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، ونافع لم يجزم برفعه:
• فقد روى ابن شهاب الزهري، قال: أخبرني سالم بن عبد الله، أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلًا يصلي ملتحفًا، فقال له عمر رضي الله عنه حين سلم: لا يصلِّينَّ أحدكم ملتحفًا، ولا تشبهوا باليهود، فإن لم يكن لأحدكم إلا ثوب واحد، فليتزر به.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 278/ 3196)، والطحاوي (1/ 378).
وهذا موقوف على عمر بإسناد على شرط الشيخين.
كذا رواه عن ابن شهاب: عقيل بن خالد، ومعمر بن راشد [وهما من أثبت الناس في الزهري].
وخالفهما: زمعة بن صالح [وهو: ضعيف]، فرواه عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثل حديث جابر من رواية القعقاع بن حكيم، في إباحة الصلاة في ثوب واحد.
أخرجه الطحاوي (1/ 379).
وهذه الرواية وهم من زمعة، والمحفوظ عن ابن شهاب: ما رواه عنه أصحابه الثقات.
وانظر: مصنف عبد الرزاق (1/ 352/ 1372).
• قال الطحاوي: "فهذا سالم، وهو أثبت من نافع وأحفظ، إنما روى ذلك عن ابن عمر، عن عمر رضي الله عنه، لا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فصار هذا الحديث عن عمر رضي الله عنه، لا عن النبي صلى الله عليه وسلم. ورواه مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما من قوله، ولم يذكر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عمر رضي الله عنه".
• رواه مالك، وأيوب السختياني، وأبو الجودي الحارث بن عمير [ثقة]، وميسرة بن عقال [مجهول. التاريخ الكبير (7/ 376)، الجرح والتعديل (8/ 253)، الثقات (7/ 484)]:
عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كسا نافعًا ثوبين، فقام يصلي في ثوب واحد، فعاب ذلك عليه، وقال: احذر ذلك، فإن الله أحق أن يتجمل له.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (7/ 376)، وعبد الرزاق (1/ 358/ 1391)، وبحشل في تاريخ واسط (121)، وابن المنذر (5/ 54/ 2373)، والطحاوي (1/ 378).
وأما بقية الحديث فهو محفوظ من حديث نافع كما تقدم، لكن بالشك.
وانظر فيمن وهم فيه على مالك: المجروحين (1/ 325)، علل الدارقطني (13/ 17/ 2953)، بيان الوهم (2/ 301/ 290).
• وروي موقوفًا على ابن عمر من وجه آخر:
روى شعبة، قال: سمعت حيان البارقي، قال: سمعت ابن عمر، يقول: لو لم أجد إلا ثوبًا واحدًا كنت أتَّزِر به، أحبُّ إليَّ من أن أتوشَّح به تَوَشَّحَ اليهود.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 278/ 3199).
وإسناده صحيح؛ حيان بن إياس البارقي: ثقة، سمع ابن عمر [التاريخ الكبير (3/ 53)، الجرح والتعديل (3/ 244)، الثقات (4/ 170)].
والحاصل: أن الصفة التي ورد ذمها في أثر عمر وابن عمر قد أضيفت إلى اليهود، سواء في التوشح أو الاشتمال، فكما أن يحمل ذلك على السدل، وهو قول ابن رجب، أو على أن اليهود كانوا يتوشحون الثوب أو يشتملونه على هيئة غير الهيئة التي ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبذلك لا يتعارض هذا مع ما صح من توشحه واشتماله صلى الله عليه وسلم في الثوب الواحد، واللَّه أعلم.
***
636 -
. . . سعيد بن محمد: حدثنا أبو تميلة يحيى بن واضح: حدثنا أبو المنيب عبيد الله العتكي، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُصلَّى في لحاف لا يتوشَّح به، والآخَرُ: أن تُصلِّيَ في سراويلَ وليس عليك رداء.
• حديث ضعيف.
أخرجه الحاكم (1/ 250)(1/ 122/ أ، ب- مخطوط رواق المغاربة)[وفي المطبوع سقط صححته من المخطوط]. وابن عدي (4/ 329) مطولًا. والبيهقي (2/ 236).
ولفظه بتمامه عند ابن عدي: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مجلسين وملبسين، فأما المجلسان: فالجلوس بين الشمس والظل، والمجلس الآخر: أن يحتبي في ثوب يفضي بصرك إلى عورتك، وأما الملبسان: فأحدهما: المصلي في ثوب واحد لا يتوشح به، وأما الآخر: أن يصلي في سراويل ليس عليه رداء.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، واحتجا بأبي
تميلة، وأما أبو المنيب المروزي فإنه عبيد الله بن عبيد العتكي: من ثقات المراوزة، وممن يجمع حديثه في الخراسانيين".
• تابع سعيد بن محمد الجرمي [وهو صدوق] عليه:
أ- محمد بن حميد الرازي [ضعيف]: حدثنا أبو تميلة، عن عبيد الله بن عبد الله العتكي، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم. . .، فذكر نحوه.
أخرجه الروياني (26).
ب- وعلي بن الحسن بن شقيق [ثقة حافظ، ولا يُحفظ عنه]، واختلف عليه:
• فرواه عبد العزيز بن حاتم [بن داود المروزي، محدث مشهور، أخذ عن علي بن الحسن قبل وفاته بأربع أو خمس سنوات، قال عنه الذهبي: "محدث رحال". تاريخ الإسلام (20/ 123)، التهذيب (3/ 151)]: ثنا علي بن الحسن بن شقيق: ثنا أبو تميلة: حدثني أبو المنيب عبيد الله بن عبد الله العتكي: حدثني عبد الله بن بريدة، عن أبيه رضي الله عنه، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مجلسين وملبسين: فأما المجلسان: بين الظل والشمس، والمجلس الآخر: أن تحتبي في ثوب يفضي إلى عورتك، والملبسان: أحدهما: أن تصلي في ثوب ولا توشح به، والآخر أن تصلي في سراويل ليس عليك رداء.
أخرجه الحاكم (4/ 272)[وانظر: الإتحاف (2/ 565/ 2267)].
• ورواه محمد بن علي بن الحسن بن شقيق [مروزي ثقة]، قال: سمعت أبي، يقول: أخبرنا أبو المنيب، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم. . .، فذكر نحوه.
أخرجه ابن عدي (4/ 329).
ورواية أهل بيت الرجل أولى، فإنهم أعلم بحديثه من غيرهم، لا سيما وقد وثق محمد بن علي جماعة من الأئمة، بخلاف عبد العزيز بن حاتم فلم أقف على من وثقه، والله أعلم.
كذلك فإن الأئمة لما ترجموا لأبي المنيب ذكروا علي بن الحسن بن شقيق فيمن يروي عنه، قال ابن معين:"أبو المنيب: يروى عنه علي بن الحسن بن شقيق، ويروى عنه أبو تميلة، وهو ثقة"[تاريخ الدوري (4/ 362/ 4794)]، وذكره أيضًا: البخاري، ومسلم، وأبو حاتم [التاريخ الكبير (5/ 388)، الضعفاء الصغير (213)، كنى مسلم (5/ 822/ 3331)، الجرح والتعديل (5/ 322)].
• تابع أبا تميلة يحيى بن واضح [وهو: مروزي، ثقة] عليه:
زيد بن الحباب [صدوق]، وعلي بن الحسن بن شقيق [في المحفوظ عنه][ثقة حافظ]، وأبو مجاهد هشام بن سفيان، ويقال: سفيان بن هشام [قال ابن معين: "لا أعرفه"، وقال ابن عدي: "لا بأس برواياته". اللسان (4/ 94)]:
رووه عن أبي المنيب عبيد الله بن عبد الله العتكي، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم. . .، فذكروا نحوه مطولًا ومختصرًا.
أخرجه ابن ماجه (3722)، وابن أبي شيبة في المصنف (5/ 201 و 267/ 25218 و 25963)، وفي الأدب (303)، والطحاوي (1/ 382)، والعقيلي في الضعفاء (3/ 121)، والطبراني في الأوسط (2/ 265/ 1939)، وابن عدي (3/ 416) و (4/ 330)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (2/ 681/ 1133).
قال العقيلي بعد أن أورد طرفًا من هذا الحديث في ترجمة أبي المنيب: "لا يتابع على حديثه، ولا يعرف إلا به"، ولفظه: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي الرجل في السروال الواحد ليس عليه شيء غيره.
وقال ابن عبد البر في التمهيد (6/ 374) عن هذا الطرف: "وهذا خبر لا يحتج به لضعفه، ولو صح كان معناه الندب لمن قدر، وقد جاء ما يعارضه".
قلت: الحديث مداره على أبي المنيب عبيد الله بن عبد الله العتكي المروزي: وثقه ابن معين، وعباس بن مصعب المروزي [له تاريخ مرو]، وقال عبد الله بن الإمام أحمد:"سمعت أبي يقول: قال وكيع: يقولون: إن سليمان أصحهما حديثًا -يعني: ابن بريدة-، قال أبي: عبد الله بن بريدة الذي روى عنه حسين بن واقد: ما أنكرها، وأبو المنيب أيضًا، يقولون: كأنها من قبل هؤلاء"، وقال البخاري:"عنده مناكير، قال أبو قدامة: أراد ابن المبارك أن يأتيه، فأُخبر أنه روى عن عكرمة: لا يجتمع الخراج والعشر، فلم يأته"، وقال ابن أبي حاتم:"سمعت أبي يقول: هو صالح الحديث، وأنكر على البخاري إدخاله في كتاب الضعفاء، وقال: يحوَّل"، وذكره أبو زرعة في أسامي الضعفاء، وقال أبو داود:"ليس به بأس"، وقال النسائي في الضعفاء:"ضعيف"، وحكي عنه أنه قال أيضًا:"ثقة" وفي النفس من ثبوته عن النسائي شيء، وقال العقيلي:"لا يتابع على حديثه، ولا يعرف إلا به"، وقال ابن حبان:"ينفرد عن الثقات بالأشياء المقلوبات، يجب مجانبة ما يتفرد به، والاعتبار بما يوافق الثقات، دون الاحتجاج به"، وقال ابن عدي:"وهو عندي لا بأس به"، وقال أبو أحمد الحاكم الكبير:"ليس بالقوي عندهم"، وقال الحاكم:"من ثقات المراوزة، وممن يجمع حديثه في الخراسانيين"، وقال في موضع آخر:"مروزي ثقة، يجمع حديثه"، وقال البيهقي:"لا يحتج بحديثه"[تاريخ ابن معين للدوري (4/ 362/ 4794)، تاريخ ابن معين للدارمي (457)، العلل ومعرفة الرجال (2/ 22/ 1420)، التاريخ الكبير (5/ 388)، الضعفاء الصغير (213)، كنى مسلم (2/ 825/ 3331)، الضعفاء لأبي زرعة (2/ 633)، الجرح والتعديل (5/ 13 و 322)، ضعفاء النسائي (368)، الضعفاء للعقيلي (2/ 238) و (3/ 121)، المجروحين (2/ 64)، الكامل (4/ 329)، المستدرك (1/ 306)، مختصر الخلافيات (2/ 13)، تاريخ دمشق (27/ 135)، الميزان (3/ 11)، إكمال مغلطاي (9/ 40)، التهذيب (3/ 17)].
قلت: الذين وثقوه لعلهم نظروا إلى ما توبع عليه، ووافق فيه الثقات، فأدخلوه لذلك في جملة الثقات، ولم يتفقوا على جعله في أعلى درجات التوثيق، أو حتى في أوسطها،
فقال ابن معين وعباس بن مصعب والحاكم: "ثقة"، وقال أبو حاتم:"صالح الحديث"، وقال أبو داود:"ليس به بأس"، وأما الذين ضعفوه فنظروا إلى مناكيره، فاعتبروه في جملة الضعفاء الذين لا يحتج بهم، لكن يعتبر بحديثهم ولا يطرح، ومنهم من نظر إلى ما تفرد به عن عبد الله بن بريدة، فألزق به مناكيره، مثل الإمام أحمد، ومنهم من خص حديثه هذا بالإنكار والضعف مثل العقيلي وابن عبد البر، وإن كان ابن عدي ذكر حديثه هذا في جملة أحاديث قال بعدها بأنه لا بأس به عنده.
والذي يظهر لي -والله أعلم- الأخذ بقول من ضعف حديثه هذا، وأنكره عليه، مثل العقيلي وابن عبد البر، فإن الجرح هنا مفسر، وعندئذ يقدم على التعديل المجمل، والبخاري قد أطلق القول بأن عنده مناكير، لكن الإمام أحمد قد ألزق هذه المناكير المروية عن عبد الله بن بريدة بأبي المنيب هذا وبالحسين بن واقد، وقال:"يقولون: كأنها من قبل هؤلاء"، والله أعلم.
• فإن قيل: قد روي النهي عن الصلاة في السراويل من وجه آخر:
فقد روى يحيى بن أبي طالب [صدوق]، وأبو الشعثاء علي بن الحسن بن سليمان الواسطي [ثقة]:
عن زيد بن الحباب العكلي، عن حسين بن وردان، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله قال: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في السراويل.
أخرجه العقيلي في الضعفاء (1/ 251)، والطبراني في الأوسط (8/ 21/ 7838)، والجرجاني في الأمالي (18)، والخطيب في التاريخ (5/ 138)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (2/ 681/ 1132).
قال العقيلي: "لا يتابع عليه، لا يعرف إلا به".
وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أبي الزبير إلا حسين بن وردان، ومعناه: أن يتغمد الرجل في السراويل وحده بلا قميص ولا رداء".
وقال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وقال الذهبي في الميزان (1/ 550): "وحديثه منكر في ذم السراويل، يعني: بلا رداء".
قال أبو بكر النيسابوري: "فقه هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة في السراويل وحده".
وقال ابن رجب في الفتح (2/ 178): "ولو صح لحمل على الاقتصار على السراويل في الصلاة مع تجريد المنكبين".
قلت: هو حديث منكر؛ تفرد به الحسين بن وردان عن أبي الزبير، والحسين هذا لا يحتمل منه التفرد بهذا عن أبي الزبير المكي، فقد قال فيه أبو حاتم:"يس بالقوي"، وقال العقيلي:"لا يتابع عليه، لا يعرف إلا به"، وقال الذهبي:"لا يُعرف، وحديثه منكر في ذم السراويل"[اللسان (3/ 214)].
وهذا الحديث قد رواه زيد بن الحباب، ورواه أيضًا [من رواية: عبد الله بن وهب، والليث بن هارون العكلي: روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في الثقات (9/ 29)]، عن أبي المنيب عبيد الله بن عبد الله العتكي، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي الرجل في السروال الواحد ليس عليه شيء غيره. [تقدم تخريجه].
فإن كان زيد قد حفظه؛ وإلا فالعهدة فيه على حسين بن وردان وحده والله أعلم.
• ومما صح في الصلاة في الثوب الواحد:
1 -
حديث أم هانئ:
يرويه مالك بن أنس، عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله [وفي رواية: عن موسى بن ميسرة، وأبي النضر مولى عمر بن عبيد الله]، أن أبا مرة مولى أم هانئ بنت أبي طالب، أخبره أنه سمع أم هانئ بنت أبي طالب، تقول: ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح، فوجدته يغتسل، وفاطمة ابنته تستره بثوب، قالت: فسلمت [عليه]، فقال:"من هذه؟ "، فقلت:[أنا] أم هانئ بنت أبي طالب، فقال:"مرحبا بأم هانئ"، فلما فرغ من غسله، قام فصلى ثماني ركعات، ملتحفًا في ثوب واحد، ثم انصرف، فقلت: يا رسول الله! زعم ابن أمِّي عليٌّ أنه قاتل رجلًا [قد] أجرته، فلان ابن هبيرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قد أجَرنا من أجَرتِ يا أم هانئ"، قالت أم هانئ: وذلك ضحًى.
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 217/ 416)، ومن طريقه: البخاري في الصحيح (280 و 357 و 3171 و 6158)، وفي الأدب المفرد (1045)، ومسلم في الحيض (336/ 70)، وفي صلاة المسافرين (336/ 82)، وأبو عوانة (2/ 12/ 2131)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (1/ 384/ 759) و (2/ 315/ 1625)، والترمذي (2734)، وقال:"حسن صحيح". والنسائي في المجتبى (1/ 126/ 225)، وفي الكبرى (1/ 162/ 224)، والدارمي (1/ 402/ 1453)، وابن حبان (3/ 460/ 1188)، وأحمد (6/ 343 و 423 و 425)، وإسحاق (5/ 25/ 2125)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في الأموال (496)، وابن زنجويه في الأموال (2/ 443/ 722)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (5/ 458/ 3149)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (1030 و 2057)، وابن المنذر في الأوسط (2/ 119/ 646) و (5/ 239/ 2777) و (11/ 260/ 6665)، والطحاوي (1/ 380)، والطبراني في الكبير (24/ 418/ 1017)، والجوهري في مسند الموطأ (388)، والبيهقي في السنن (1/ 198) و (9/ 94)، وفي المعرفة (7/ 35/ 5425 و 5426)، وفي الشعب (6/ 458/ 88)، والبغوي في شرح السنة (11/ 89/ 2716)، وفي التفسير (4/ 541).
• ورواه مالك أيضًا، عن موسى بن ميسرة، عن أبي مرة مولى عقيل بن أبي طالب، أن أم هانئ بنت أبي طالب أخبرته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى عام الفتح ثماني ركلمات، ملتحفًا في ثوب واحد.
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 216 - 217/ 415)، ومن طريقه: أحمد (6/ 425)،
وعبد الرزاق (3/ 76/ 4861) مطولًا باللفظ الأول. وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (2051)، وأبو القاسم البغوي في حديث مصعب (136)، والطبراني في الكبير (24/ 418/ 1018)، والجوهري في مسند الموطأ (633).
• ورواه سعيد بن أبي هند، أن أبا مرة مولى عقيل حدثه، أن أم هانئ بنت أبي طالب حدثته: أنه لما كان عام الفتح أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بأعلى مكة، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غسله، فسترت عليه فاطمة، ثم أخذ ثوبه فالتحف به، ثم صلى ثمان ركعات سبحة الضحى.
أخرجه مسلم (336/ 71 و 72)، وأبو عوانة (1/ 238/ 806) و (4/ 292/ 6785)، وأبو نعيم في المستخرج (1/ 384/ 760 و 761)، وابن ماجه (465)، وأبو يوسف في الخراج (205 - 206)، وأبو عبيد في الأموال (497)، وسعيد بن منصور في سننه (2/ 275/ 2610)، وابن سعد في الطبقات (2/ 144)، وابن أبي شيبة (6/ 509 و 510/ 33395 و 33391) و (7/ 407/ 36928)، وإسحاق بن راهويه (5/ 17/ 2113)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (1031 و 2052)، والطحاوي (1/ 380) [وصحفت فيه:"أبا مرة" إلى "أبا هريرة"، وانظر: الإتحاف (18/ 9/ 23293)] و (3/ 323)، والطبراني في الكبير (24/ 419 - 421/ 1019 - 1022)، وفي الأوسط (9/ 44/ 9090)، والبيهقي في الدلائل (5/ 80)، وابن بشكوال في غوامض الأسماء المبهمة (2/ 142 - 143).
وانظر: المعجم الكبير (24/ 431/ 1056).
• ورواه وهيب بن خالد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن أبي مرة مولى عقيل، عن أم هانئ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في بيتها عام الفتح ثماني ركعات، في ثوب واحد، قد خالف بين طرفيه.
أخرجه مسلم (336/ 83)، وأبو عوانة (2/ 12/ 2130)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 315/ 1626)، والطبراني في الكبير (24/ 421/ 1024)، وأبو القاسم الحرفي في فوائده بانتخاب أبي القاسم الطبري (1)، والبيهقي (3/ 157)، والرافعي في التدوين (2/ 55)، وابن حجر في التغليق (2/ 204).
• ورواه ابن أبي ذئب، ومحمد بن عجلان، وأبو معشر نجيح بن عبد الرحمن السندي [ضعيف]: عن سعيد المقبري، عن أبي مرة مولى عقيل بن أبي طالب، عن أم هانئ بنت أبي طالب بنحوه مطولًا.
أخرجه الترمذي (1579)، في أمان المرأة، وقال:"حسن صحيح". وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(6/ 183/ 1339)، والنسائي في الكبرى (8/ 57/ 8631) مطولًا. وابن الجارود (1055)، والحاكم (4/ 52 - 53)، وأحمد (6/ 341 و 343 و 423 - 424)، وإسحاق (5/ 18/ 2114)، وأبو داود الطيالسي (3/ 187/ 1720)،
والحميدي (331)، والأزرقي في أخبار مكة (2/ 161)، والفاكهي في أخبار مكة (5/ 221/ 184)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (5/ 458/ 3148)، والدولابي في الكنى (2/ 906/ 1592)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (839)، وابن المنذر في الأوسط (11/ 260/ 6666)، والطحاوي (1/ 380) و (3/ 323)، والطبراني في الكبير (24/ 416 و 417/ 1013 - 1016)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6/ 3419/ 7802)، وابن عبد البر في التمهيد (21/ 189)، وفي الاستذكار (2/ 261)، وابن بشكوال في غوامض الأسماء المبهمة (2/ 141)، وابن حجر في التغليق (2/ 205).
وانظر: علل الدارقطني (15/ 367/ 4071).
• ورواه محمد بن عمرو، والضحاك بن عثمان:
عن إبراهيم بن عبد الله بن حُنين، عن أبي مُرَّة مولى عقيل بن أبي طالب، عن أم هانئ ابنة أبي طالب، قالت: أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوُضِع له ماء فاغتسل، ثم التحف وخالف بين طرفيه على عاتقيه، ثم صلى الضحى ثماني ركعات.
وفي رواية: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح، فقلت: يا رسول الله! إني أجرت حموي، فزعم ابن أمي -تعني: عليًّا- أنه قاتله، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ"، قالت: وصب رسول الله صلى الله عليه وسلم ماء فاغتسل، ثم التحف بثوب عليه، وخالف بين طرفيه، فصلى الضحى ثمان ركعات.
أخرجه ابن حبان (6/ 278/ 2537)، وأحمد (6/ 342 و 343)، وإسحاق بن راهويه (5/ 24 - 25/ 2124)، وابن أبي شيبة (1/ 276/ 3176)، وهشام بن عمار في حديثه (5)، وأبو العباس السراج في مسنده (2/ 205 - تغليق التعليق)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (2050 و 2056)، والطحاوي (1/ 380)، والطبراني في الكبير (24/ 414 و 415/ 1009 - 1012).
• وخالفه أحد المتروكين، فقلب إسناده ومتنه:
رواه إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن إبراهيم بن عبد اللَّه بن حنين، [عن أبيه]، عن ابن عباس، عن علي بن أبي طالب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان إزارك واسعًا فتوشح به، وإن كان ضيقًا فاتزره".
أخرجه عبد الرزاق (1/ 352/ 1371)، وابن سعد في الطبقات (3/ 30)، وابن أبي شيبة (1/ 276/ 3164)، والبزار (2/ 109/ 460)، والخطيب في تاريخ بغداد (2/ 236).
قال البزار: "وإسحاق بن عبد الله هذا: ليس بالقوي، ولا نعلم روى هذا الكلام عن ابن عباس عن علي إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد".
وانظر: علل الدارقطني (3/ 86/ 295).
• وللحديث أسانيد أخرى فيها موضع الشاهد، لكن فيها ضعف، انظر: مسند الحميدي (332 و 333)، ضعفاء العقيلي (3/ 350)، المعجم الكبير (24/ 407/ 988 و 989)، تاريخ بغداد (13/ 290).
• ولم أتعرض للطرق التي خلت عن موضع الشاهد، وإن كان بعضها في الصحيحين.
2 -
حديث أبي سعيد الخدري:
تقدم ذكره مع طرق حديث جابر (634)، رقم (5).
3 -
حديث أنس بن مالك:
رواه يحيى بن أيوب، وسليمان بن بلال، ومحمد بن طلحة:
عن حميد: حدثني ثابت البناني، عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي بكر في ثوب واحد بُرْدٍ يخالف بين طرفيه، فكانت آخر صلاة صلاها. لفظ يحيى، ولفظ سليمان: آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع القوم: في ثوب واحد متوشحًا به، -يريد: قاعدًا-، خلف أبي بكر. ولفظ محمد بن طلحة: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه خلف أبي بكر قاعدًا، في ثوب متوشِّحًا به.
وهو حديث صحيح، تقدم تحت الحديث رقم (605).
• وله طريق أخرى يرويها:
عبد الله بن الأَجْلَح [صدوق]، عن عاصم، عن أنس، قال: صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثوب واحد، خالف بين طرفيه.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 276/ 3167)(3186 - ط عوامة)، والبزار (13/ 108/ 6479)، وأبو يعلى (7/ 92/ 4030)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (4/ 192)، والدارقطني في الأفراد (1/ 203/ 961 - أطرافه)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 419)، والضياء في المختارة (6/ 292/ 2309).
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن عاصم عن أنس؛ إلا عبد الله بن الأجلح".
وقال الدارقطني في الأفراد مع حديث آخر: "تفرد بهما الأجلح عن عاصم عن أنس".
وقال في العلل (12/ 100/ 2476): "وتابعه علي بن الحسن السامي -وكان ضعيفًا- فرواه عن الثوري، عن عاصم، عن أنس مرفوعًا".
قلت: هذا أخرجه ابن عدي في الكامل (5/ 210) من طريق: علي بن الحسن بن يعمر السامي، قال: ثنا سفيان الثوري، عن عاصم الأحول، عن أنس، قال: آخر صلاة صلاها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وهو جالس متوشح ببرد حبرة، يسلم عن يمينه وعن شماله.
ثم قال ابن عدي في آخر ترجمته بعد أن أخرج له جملة من حديثه، وهذا منها:"وهذه الأحاديث وما لم أذكره من حديث علي بن الحسن هذا: فكلها بواطيل، ليس لها أصل، وهو ضعيف جدًّا".
قلت: فهو باطل، ليس له أصل من حديث الثوري، وعلي بن الحسن بن يعمر
السامي هذا: واهٍ، حدث عن الثقات بالأباطيل والموضوعات، اتهمه جماعة، وكذبه الدارقطني [اللسان (5/ 511)]، وعليه: فيبقى الأجلح هو المتفرد به عن عاصم.
• خالفه ابن فضيل، وحماد بن سلمة، وعلي بن مسهر، وثابت بن يزيد [وهم ثقات]: فرووه عن عاصم، قال: سئل أنس عن الصلاة في الثوب؟ فقال: يتوشَّح به.
هكذا موقوفًا، واللفظ لابن فضيل.
ولفظ حماد: رأيت أنس بن مالك يصلي في ثوب واحد متوشحًا به.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 276/ 3172)(3191 - ط عوامة)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 52/ 2370)، وذكره الدارقطني في العلل (12/ 100/ 2476).
قال أبو حاتم: "الصحيح عن أنس موقوفًا"[العلل (1/ 80/ 215)].
وقال الدارقطني عن الموقوف: "وهو الصواب".
• وقد تقدم له طريق أخرى تحت حديث سلمة بن الأكوع المتقدم برقم (632).
4 -
حديث كيسان بن جرير:
يرويه عَمْرو بن كثير بن أفلح المكي [ومنهم من قال: عُمَر][ترجم له ابن أبي حاتم في ثلاثة مواضع، قال في واحد منها: سألت أبي عنه، فقال: "لا بأس به"، وقال ابن المديني: "مكي، لا يعرف"، وذكره ابن حبان في الثقات. الجرح والتعديل (6/ 130 و 256)، الثقات (8/ 477)، الميزان (3/ 285)، التهذيب (3/ 300)]، قال: حدثنا عبد الرحمن بن كيسان، عن أبيه [وفي رواية: أخبرني كيسان]، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر والعصر [وفي رواية: إحدى صلاتي العشي: الظهر أو العصر، بثنية العليا][وفي أخرى: عند البئر العليا، بئر بني معيط، بالأبطح]، في ثوب واحد متلببًا به [قد خالف بين طرفيه].
وفي رواية: سألت عبد الرحمن بن كيسان، مولى خالد بن أسيد، قلت: ألا تحدثني عن أبيك، فقال: ما سألتني؟ فقال: حدثني أبي أنه: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من [شِعب] المطابخ حتى أتى البئر، وهو متزر بإزار ليس عليه رداء، فرأى عند البئر عبيدًا يصلون فحل الإزار، وتوشح به، وصلى ركعتين لا أدري الظهر أو العصر.
وفي أخرى: سألت أبي كيسان: ما أدركت من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: رأيته يصلي عند البئر العليا، بئر بني مطيع، ملببًا في ثوب الظهر أو العصر، فصلاها ركعتين.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (7/ 232)، وابن ماجه (1051)، وأحمد (3/ 417)، وابن سعد في الطبقات (5/ 461)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 277/ 3187)، وفي المسند (802)، والفاكهي في أخبار مكة (4/ 19/ 2314)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 189/ 475)، وابن قتيبة في غريب الحديث (1/ 333)، والروياني (678 و 679)، والدولابي في الكنى (1/ 432/ 774)، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (5/ 151 و 152/ 2032)، وابن قانع في معجم الصحابة (2/ 387)، والطبراني في الكبير
(19/ 194/ 436)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 45)، وفي معرفة الصحابة (5/ 2400/ 5872 - 5874)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (50/ 278).
حسن ابن حجر إسناده في الإصابة (5/ 626).
وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 126/ 379): "هذا إسناد حسن".
قلت: عبد الرحمن بن كيسان: روى عنه اثنان: عمرو [ويقال: عمر] بن كثير بن أفلح المكي [وليس بذاك المشهور]، ومعروف بن مشكان [ولا يصح عنه]، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي:"فيه جهالة"، وهو كما قال، وقال ابن حجر:"مستور"[التاريخ الكبير (5/ 342)، الجرح والتعديل (5/ 280)، الثقات (7/ 85)، المغني في الضعفاء (2/ 385)، التهذيب (2/ 548)، التقريب (375)].
• وله إسناد آخر، يرويه أبو إسحاق الشافعي إبراهيم بن محمد بن العباس [صدوق]، قال: حدثنا محمد بن حنظلة بن محمد بن عباد المخزومي، عن معروف بن مشكان، عن عبد الرحمن بن كيسان، عن أبيه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالبئر العليا في ثوب.
أخرجه ابن ماجه (1050)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (5/ 100/ 2642)، والدارقطني في الأفراد (2/ 124/ 4318)، والطبراني في الكبير (19/ 195/ 437)، وفي الأوسط (6/ 259/ 6348)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5/ 2400/ 5875)، والمزي في التهذيب (17/ 371).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن معروف إلا محمد بن حنظلة المخزومي".
وقال الدارقطني: "غريب من حديث معروف بن مشكان مقرئ أهل مكة، عن عبد الرحمن بن كيسان، عن أبيه، تفرد به محمد بن حنظلة عنه، وتفرد به عنه: إبراهيم الشافعي، وإنما يعرف هذا من رواية عمرو بن كثير بن أفلح".
وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 126/ 380): "إسناد كيسان بن جرير هذا ضعيف، وليس لكيسان عند ابن ماجه سوى هذا الحديث، والذي قبله، وهما حديث واحد، وليس له شيء في الخمسة الأصول، ولا في شيء منهم".
قلت: محمد بن حنظلة بن محمد بن عباد المخزومي: لم يرو عنه سوى أبي إسحاق الشافعي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي:"لا يُعرف"، وقال ابن حجر:"مقبول"[الميزان (3/ 532)، التهذيب (3/ 550)، التقريب (531)].
قلت: فلا تصح بذلك هذه المتابعة، لتفرد المخزومي هذا بها -على جهالة فيه-، عن معروف بن مشكان القارئ المشهور، ومعروف أيضًا: مقل جدًّا في الحديث [معرفة القراء (1/ 130)، تاريخ الإسلام (10/ 467)، التهذيب (4/ 119)، التقريب (602)، وقال: "صدوق، مقرئ مشهور"].
قال الأزهري في تهذيب اللغة (15/ 243): "وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في
ثوب واحد متلبِّبًا به، أي تحزم بثوبه عند صدره" [وانظر: النهاية (4/ 223)].
قلت: إذا جعلنا الروايات يفسر بعضها بعضًا، فيمكن تفسير التلبب بالتوشح، لقوله في الرواية الأخرى: فحل الإزار، وتوشح به، بل إنه فسر التلبب في نفس الرواية بقوله: متلببًا به، قد خالف بين طرفيه، وهو عين التوشح، وبهذا يكون حديث كيسان هذا موافق في معناه لحديث عمر بن أبي سلمة، وحديث جابر بن عبد اللَّه، وحديث أبي سعيد الخدري، وحديث أنس، وحديث ابن عباس الآتي بعد هذا، قالوا: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحد متوشحًا به.
وعليه: فليس في حديث كيسان هذا ما ينكر معناه، فيُرَدُّ به، والضعف فيه يسير؛ لما في عبد الرحمن بن كيسان من جهالة، ومثل هذا يصلح في الشواهد، ويحسن بها.
فهو حديث حسن في الشواهد، والله أعلم.
5 -
عن ابن عباس:
يرويه ابن إسحاق، قال: حدثني سلمة بن كهيل، ومحمد بن الوليد، عن كريب مولى ابن عباس، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في برد له حضرمي، متوشحًا به، ما عليه غيره.
أخرجه الطحاوي (1/ 380)، بإسناد صحيح إلى ابن إسحاق.
وهذا إسناد حسن.
6 -
عن رجل رأى النبي صلى الله عليه وسلم:
رواه شعبة، قال: سمعت أبا مالك الأشجعي، يحدث عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال: أخبرني من رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحد، قد خالف بين طرفيه.
أخرجه أحمد (3/ 462) و (4/ 17) و (5/ 366)، ومن طريقه: أبو نعيم في معرفة الصحابة (6/ 3181/ 7313).
إسناده صحيح، وجهالة الصحابي لا تضر، وقد سمع منه أبو سلمة.
لكن خالفه: يزيد بن هارون، فرواه عن أبي مالك الأشجعي، قال: سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن عن الصلاة في الثوب الواحد؟ فقال: إني لأصلي في الثوب الواحد، وإلى جنبي ثياب، لو أشاء أن آخذ منها لأخذت.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 277/ 3179).
قلت: لا تضر شعبة مخالفة يزيد بن هارون له، فهي زيادة من ثقة حافظ؛ فتقبل، وأبو مالك سعد بن طارق الأشجعي: ثقة، يحتمل منه مثل هذا، والله أعلم.
7 -
عن عمرو بن حزم:
أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم: "لا يصلِّينَّ أحدكم في الثوب الواحد؛ إلا مخالفًا بين طرفيه".
ويأتي تحقيق القول فيه في موضع آخر إن شاء الله تعالى.
• ومما لم يصح في الباب:
8 -
عن معاذ بن جبل [تقدم برقم (213)][وله طريق أخرى عند: الطبراني في الكبير (20/ 161/ 335)][وفي إسناده: عمر بن هارون البلخي، وهو: متروك، واتهم].
9 -
عن معاوية بن أبي سفيان [تقدم تحت الحديث رقم (366)].
10 -
عن أبي الدرداء [تقدم تحت الحديث رقم (366)].
11 -
عن جابر بن سمرة [تقدم تحت الحديث رقم (366)].
12 -
عن أبي بكر الصديق [تقدم تحت الحديث رقم (605)].
13 -
عن أم الفضل [تقدم تحت الحديث رقم (605)].
14 -
عن عبد الله بن أبي أمية [منكر، وتقدم تحت الحديث رقم (626)].
15 -
عن أبي بن كعب [عند: ابن خزيمة (1/ 374/ 760)، وأحمد (5/ 141)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على المسند (5/ 141)، وعبد الرزاق (1/ 356/ 1384)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 277/ 3177 و 3188) (3/ 99 - 100 و 103/ 3196 و 3207 - ط عوامة)، وفي المسند (1/ 84/ ب) (3/ 402/ 333 - مطالب)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 52/ 2365)، والطبراني في الكبير (9/ 301/ 9506)، والدارقطني في العلل (2/ 104/ 142)، والبيهقي (2/ 238)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (34/ 206)، [اختلف في رفعه ووقفه، والموقوف أصح].
16 -
عن علي بن أبي طالب [عند: عبد الرزاق (1/ 352/ 1371)، وابن سعد في الطبقات (3/ 30)، وابن أبي شيبة (1/ 276/ 3164)، والبزار (2/ 109/ 460)، والخطيب في تاريخ بغداد (2/ 236)، وانظر: علل الدارقطني (3/ 86/ 295)][وفي إسناده: إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، وهو: متروك، وحديثه هذا منكر، تقدم التنبيه عليه في الشاهد الأول][وقد صح عنه موقوفًا. انظر: مسند مسدد (3/ 391/ 330 - مطالب)، مصنف ابن أبي شيبة (1/ 277 و 278/ 3180 و 3193)، مسند ابن الجعد لأبي القاسم البغوي (2159)].
17 -
عن ابن عباس [عند: أحمد (1/ 256 و 265 و 303 و 320 و 354)، وابنه في زيادات المسند (1/ 256)، وعبد الرزاق (1/ 351/ 1369)، وابن سعد في الطبقات (1/ 462)، وابن أبي شيبة (1/ 241/ 2770) و (1/ 275/ 3162)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (2/ 956/ 4090 - السفر الثاني)، وأبي يعلى (4/ 334/ 2446) و (4/ 450 - 451/ 2576) و (5/ 86/ 2687)، والطبراني في الأوسط (2/ 251/ 1895) و (8/ 295/ 8680)، وفي الكبير (11/ 210/ 11520 و 11521)، وابن عدي في الكامل (2/ 350)، وتمام في الفوائد (22)، [وفي إسناده: حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس الهاشمي، وهو: ضعيف، وقد خولف فيه، والصحيح: موقوف على ابن عباس. انظر: مصنف عبد الرزاق (1/ 355/ 1381) و (1/ 396/ 1545) و (2/ 396/ 3834)، مصنف ابن أبي شيبة (1/ 277
و 278/ 3183 و 3189) و (2/ 38 و 39/ 6191 و 6208)، الأوسط لابن المنذر (4/ 153/ 1939) و (5/ 52 و 62/ 2368 و 2391)] [وانظر أيضًا: سنن البيهقي (2/ 108)].
[وله إسناد آخر عند: الخطيب في المتفق والمفترق (3/ 1779/ 1335)][وفي إسناده: القاسم بن عبد الرحمن الأنصاري: متروك، منكر الحديث. اللسان (6/ 374)، الجرح والتعديل (7/ 112)، سؤالات البرذعي (2/ 373 و 374)، الكامل (6/ 36)، وإسماعيل بن عمرو البجلي: ضعيف، صاحب غرائب ومناكير. اللسان (2/ 155)].
18 -
عن عمار بن ياسر [عند: ابن سعد في الطبقات (1/ 463)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 277/ 3186)، وفي المسند (440)، وإسحاق (3/ 380/ 326 - مطالب)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (2/ 958/ 4103 - السفر الثاني)، وأبي يعلى (3/ 205 و 120/ 6391 و 1647)، وأبي العباس السراج في مسنده (482 و 486)، وفي حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (282)، والطحاوي (1/ 380)، وابن الأعرابي في المعجم (3/ 888/ 1854)، وأبي نعيم في الحلية (9/ 62)][وفي إسناده: مبهم].
19 -
عن عبادة بن الصامت [عند: عبد الرزاق (1/ 359/ 1393)][وفي إسناده: الأحوص بن حكيم، وهو: ضعيف، وخالد بن معدان، قال أبو حاتم: "لم يصح سماعه من عبادة بن الصامت". المراسيل (52)، تحفة التحصيل (93)].
20 -
عن ابن عمر [عند: البزار (12/ 33/ 5411) من حديث ابن عمر. وابن عدي (6/ 181) من حديث ابن عباس][وضعفاه، وهو حديث منكر، في إسناده ثلاثة من الضعفاء في نسق، محمد بن الحارث، عن محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني، عن أبيه].
[وله إسناد آخر عند: ابن عدي (3/ 382)][وفيه: سعيد بن راشد المازني السماك، وهو: منكر الحديث، متروك. [اللسان (4/ 48) وغيره].
21 -
عن أبي سعيد الخدري [عند: أحمد (3/ 15 و 55)][وفي إسناده: ابن لهيعة، وهو: ضعيف].
[وله إسناد ثانٍ عند: أبي يعلى (2/ 343/ 1090)، وابن عدي (5/ 44)][وفيه: عطية العوفي، وإسماعيل بن مسلم المكي، وهما ضعيفان].
[وله إسناد ثالث عند: مسدد (3/ 389/ 329 - مطالب)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 53/ 2372)، وتمام في الفوائد (1645)][وفيه: أبو هارون عمارة بن جوين العبدي البصري: متروك، كذبه جماعة. التهذيب (3/ 207)].
22 -
عن ثابت بن الصامت [عند: ابن ماجه (1032)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 166/ 2147)، والبزار. وأبي علي الطوسي في مختصر الأحكام (3/ 148/ 548)، والعقيلي في الضعفاء (2/ 325)، وابن قانع في معجم الصحابة (1/ 129)، والطبراني في الكبير (2/ 76/ 1344)، والأزدي في من وافق اسمه اسم أبيه (43)، وأبي نعيم في معرفة الصحابة (1/ 469/ 1336)، والبيهقي (2/ 108)، [وفي إسناده: عبد الله بن
عبد الرحمن بن ثابت بن الصامت، وهو: مجهول، وإبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، وهو: ضعيف، والحديث ضعفه: البخاري، والعقيلي، وابن عدي، وعبد الحق الإشبيلي، وابن القطان الفاسي. انظر: التاريخ الكبير (5/ 266)، الجرح والتعديل (5/ 219)، علل ابن أبي حاتم (1/ 182/ 524)، الثقات (3/ 45)، المجروحين (2/ 55)، الكامل لابن عدي (4/ 311)، بيان الوهم (3/ 376/ 1120)].
23 -
عن سعد بن أبي وقاص [عند: الخطيب في التاريخ (7/ 184)][إسناده ضعيف؛ بل منكر].
24 -
عن أبي أمامة [عند: الطبراني في الكبير (8/ 129/ 7587)، وفي مسند الشاميين (4/ 318/ 3422)][وهو حديث باطل؛ مكحول لا يصح له سماع من أبي أمامة. المراسيل (791)، تحفة التحصيل (314)، والراوي عنه: موسى بن عمير القرشي، أبو هارون الكوفي الأعمى: متروك، كذبه أبو حاتم. والراوي عنه: سويد بن سعيد الحدثاني: صدوق، إلا أنه عمي فصار يتلقن].
وانظر أيضًا: المعجم الكبير للطبراني (14/ 296/ 14931)، غريب الحديث للخطابي (1/ 121)، المختارة للضياء (9/ 20 - 21)، مجمع الزوائد (2/ 50 و 51).
• ومن فقه أحاديث الباب:
قال الشافعي في الأم (2/ 201): "فاحتمل قولُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يُصلِّين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء" أن يكون اختيارًا، واحتمل أن يكون لا يجزيه غيره، فلما حكى جابر ما وصفت، وحكت ميمونة عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان يصلي في ثوب واحد بعضه عليه وبعضه عليها، دل ذلك على أنه صلى فيما صلى فيه من ثوبها مؤتزرًا به، لأنه لا يستره أبدًا إلا مؤتزرًا به إذا كان بعضه على غيره [وفي الاختلاف: ولا يمكن في ثوب في دهرنا أن يأتزر به، ثم يرده على عاتقيه، أو أحدهما، ثم يسترها، وقلَّ ما يمكن هذا في ثوب في الدنيا اليوم] ".
قال الشافعي: "فعلمنا أن نهيه أن يصلي في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء: اختيارًا، وأنه يجزي الرجل والمرأة كل واحد أن يصلي متواري العورة،. . . [إلى أن قال:] وأحبُّ إليَّ أن لا يصلي إلا وعلى عاتقه شيء: عمامة، أو غيرها، ولو حبلًا يضعه"[وانظر: اختلاف الحديث (10/ 224 - أم)].
وسئل أحمد عن الرجل يصلي مؤتزرًا؟ فقال: "لا يصلي"، واحتج بحديث أبي هريرة [مسائل الكوسج (3436)].
وقال إسحاق بن منصور في مسائله لأحمد وإسحاق (345): "قلت لإسحاق بن إبراهيم: من صلى في ثوب واحد قد توشح به، فلما كان في التشهد سقط الثوب عن منكبيه، أو أحدهما، فأعاده من ساعته؛ يدخل عليه فساد؟ قال: صلاته تامة؛ إنما يكره إعراء المناكب تعمدًا، ألا ترى أن جابرًا رضي الله عنه صلى في ثوبٍ قد توشح به، ويقال: إنه
صلى في إزارٍ محتجزًا فوق الثديين، وإنما كان يفعل ذلك لينظر الناس إليه فيقتدون به، ففي هذا تحقيق أن إعراء المناكب لا يفسد الصلاة".
وقال البخاري في صحيحه، في (8) كتاب الصلاة، (4): باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفًا به، قال الزهري في حديثه: الملتحف: المتوشح، وهو المخالف بين طرفيه على عاتقيه، وهو الاشتمال على منكبيه، وقالت أم هانئ: التحف النبي صلى الله عليه وسلم بثوب، وخالف بين طرفيه على عاتقيه. اهـ.
وقال الترمذي: "حديث عمر بن أبي سلمة حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم من التابعين، وغيرهم، قالوا: لا بأس بالصلاة في الثوب الواحد، وقد قال بعض أهل العلم: يصلي الرجل في ثوبين".
وقال ابن المنذر في الأوسط (5/ 56): "فقد ثبت أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر إذا كان الثوب واسعًا أن يخالف بين طرفيه، فغير جائز على ظاهر الخبر أن يصلي مصلٍّ في ثوب واسع متزرًا به ليس على عاتقه منه؛ للثابت عنه أنه نهى عن ذلك".
وقال في الإقناع (1/ 144): "فالصلاة في الثوب الواحد تجزي، غير أن المصلي إذا كان الثوب واسعًا يخالف بين طرفيه، وإذا كان ضيقًا يشده على حقوه؛ لحديث جابر، لا يجوز غير ذلك، والعورة التي يجب أن تستر عند كثير من أهل العلم: ما بين السرة إلى الركبة، وتستر المرأة جميع بدنها غير كفيها ووجهها،. . .".
وقال ابن حزم في المحلى (4/ 72) في حديث أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه منه شيء"، وفي حديث جابر:"إذا كان واسعًا فخالف بين طرفيه، وإذا كان ضيقًا فاشدُدْه على حِقْوِك"، قال:"وهذه الأحاديث تقضي على سائر الأخبار في الصلاة في الثوب الواحد"، ومن ثم ذهب إلى قوله:"وفرض على الرجل إن صلى في ثوب واسع أن يطرح منه على عاتقه أو عاتقيه، فإن لم يفعل بطلت صلاته، فإن كان ضيقًا اتَّزر به، وأجزأه، كان معه ثياب غيره أو لم يكن".
وقال ابن عبد البر في الاستذكار (2/ 194): "وقال الأخفش: الاشتمال: هو أن يلتف الرجل بردائه أو بكسائه من رأسه إلى قدميه برد طرف الثوب الأيمن على منكبه الأيسر فهذا هو الاشتمال.
[فإن هو لم يرد طرفه الأيمن على منكبه الأيسر وتركه مرسلًا إلى الأرض فذلك السدل الذي نهي عنه]
قال: والتوشح: هو أن يأخذ طرف الثوب الأيسر من تحت يده اليسرى فيلقيه على منكبه الأيمن، ويلقي طرف الثوب الأيمن من تحت يده اليمنى على منكبه الأيسر.
قال: فهذا هو التوشح الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه صلى في ثوب واحد متوشحًا به.
وقد أجمع العلماء على أن من صلى مستور العورة فلا إعادة عليه، وإن كانت امرأة فكل ثوب يغيب ظهور قدميها ويستر جميع جسدها إذا سترت شعرها فجائز لها الصلاة فيه؛ لأنها كلها عورة إلا الوجه والكفين، على هذا أكثر أهل العلم.
. . . وأما الرجل فإن أهل العلم يستحبون أن يكون على عاتق الرجل ثوب إذا لم يكن متزرًا في صلاته، ويستحبون لكل من قدر على جميل الثياب يتجمل بها في صلاته، كما يفعل في جمعته، من سواكه وطيبه" [وما بين المعكوفين فمن موضع آخر من الاستذكار (8/ 339)] [وانظر: التمهيد (6/ 364) و (12/ 168) و (22/ 210)، فتح الباري لابن رجب (2/ 144)].
وقال في التمهيد (6/ 373): "فهذه سنة الصلاة في الثوب الواحد [يعني: فليخالف بطرفيه على عاتقيه، إذا كان واسعًا، وإن كان ضيقًا فحديث جابر وحديث ابن عمر".
وقال النووي في شرح مسلم (4/ 233): "قال ابن السكيت: التوشح: أن يأخذ طرف الثوب الذي ألقاه على منكبه الأيمن من تحت يده اليسرى، ويأخذ طرفه الذي ألقاه على الأيسر من تحت يده اليمنى، ثم يعقدهما على صدره".
وقال ابن رجب في الفتح (2/ 172) عن حديث أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة، أن فيه: "إشارة إلى أنه لو لم تشرع الصلاة في ثوب واحد لشق على كثير منهم؛ فإنه كان فقيرًا لا يجد ثوبين.
وفيه إشارة أيضًا إلى أن الصلاة في الثوب الواحد إنما شرعت لقلة الثياب حينئذ. فلما كثرت الثياب، ووسع الله على المسلمين، بفتح البلاد عليهم وانتقال ملك فارس والروم إليهم: أمر عمر رضي الله عنه حينئذ بالصلاة في ثوبين ثوبين؛ لزوال المعنى الذي كان لأجله شرعت الصلاة في ثوب واحد".
وقال أيضًا (2/ 188): "وقد أجمع العلماء على صحة صلاة من صلى في ثوب واحد وستر منكبيه، قال ابن المنذر: لا أعلم أحدًا أوجب على من صلى في ثوب واحد الإعادة".
قلت: وأما الجمع بين الأحاديث الآمرة بجعل شيء من الثوب على العاتقين لمن صلى في ثوب واحد، وبين حديث جابر في الاتزار بالثوب إذا كان ضيقًا ولم يمكن معه التوشح، فكما قال الأثرم بأن ذلك محمول على حالة العجز عن ستر المنكبين، والنهيُ عن إعرائهما إنما يكون للقادر على سترهما، وكما قال إسحاق:"إن أعرى منكبيه في الصلاة من ضرورةٍ فجائزٌ"[فتح الباري لابن رجب (2/ 156)].
وأما حمل ذلك على النفل دون الفرض فبعيد؛ إذ لو كان كذلك لبين النبي صلى الله عليه وسلم لجابر حين قال له: "إذا كان واسعًا فخالف بين طرفيه، وإذا كان ضيقًا فاشدُدْه على حِقْوِك"، وفي الرواية الأخرى:"إذا صلَّيت وعليك ثوبٌ واحد، فإن كان واسعًا فالتحف به، وإن كان ضيقًا فاتَّزِر به"، لو كان هذا خاصًّا بالنفل دون الفرض، لبين له النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في حينه؛ إذ لا
يجوز تأخير البيان عن موضع الحاجة، وقوله صلى الله عليه وسلم هنا عام في الفرض والنفل بدليل قوله:"إذا كان واسعًا فخالف بين طرفيه" فهذا القدر مشترك بين الفرض والنفل، فجعْلُ الشق الثاني خاصًّا بالنفل دون الفرض تحكم بغير دليل، فإن قيل: قد ورد ذلك في النفل بدليل سياق القصة، وأنها كانت في صلاة الليل، كما في رواية البخاري (361): فجئت ليلةً لبعض أمري، فوجدته يصلي، فيقال: الأصل أن النفل كالفرض إلا ما خصه الدليل، فكل ما جاز في النفل جاز في الفرض؛ إلا ما جاء الدليل بخصوص النفل به دون الفرض، وكما قلنا فإن قول النبي صلى الله عليه وسلم هنا قد خرج مخرج العموم، ولم يبين فيه لجابر اختصاص ذلك بالنفل دون الفرض، فدل على دخول الفرض فيه، والله أعلم.
وقد دلت الأحاديث على وجوب جعل شيء من الثوب على المنكبين، وأحاديث جواز الصلاة في الثوب الواحد لا تعارض ذلك، بل فيها أنه إذا صلى في ثوب واحد فإنه مأمور بأن يخالف بين طرفيه على عاتقيه، وأما حديث جابر وما كان في معناه فيحمل على حال العجز والضرورة لمن لم يجد إلا ثوبًا واحدًا ضيقًا؛ فإنه حينئذ يتزر به، مع إعراء المنكبين، وذلك أنه من قواعد الشرع الكلية: أن لا واجب مع العجز، ولا حرام مع الضرورة، والله أعلم.
قال ابن رجب في الفتح (2/ 157): "وقول الأثرم وإسحاق بن راهويه: أنه يُفرَّق في ستر المنكبين بين القادر والعاجز، فيجب مع القدرة، ويسقط عند العجز: أشبه الأقاويل في المسألة، وعليه يدل تبويب البخاري، والله أعلم".
• فائدة: في الفرق بين ما يستره العبد في الصلاة، وبين عورة النظر:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: ". . . فنهى عن النظر واللمس لعورة النظير؛ لما في ذلك من القبح والفحش، وأما الرجال مع النساء فلأجل شهوة النكاح، فهذان نوعان.
وفي الصلاة نوع ثالث: فإن المرأة لو صلت وحدها كانت مأمورة بالاختمار، وفي غير الصلاة يجوز لها كشف رأسها في بيتها، فأخذ الزينة في الصلاة لحق الله، فليس لأحد أن يطوف بالبيت عريانًا، ولو كان وحده بالليل، ولا يصلي عريانًا، ولو كان وحده. فعلم أن أخذ الزينة في الصلاة لم يكن ليحتجب عن الناس؛ فهذا نوع، وهذا نوع.
وحينئذ فقد يستر المصلي في الصلاة ما يجوز إبداؤه في غير الصلاة، وقد يبدي في الصلاة ما يستره عن الرجال.
فالأول: مثل المنكبين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء، فهذا لحق الصلاة، ويجوز له كشف منكبيه للرجال خارج الصلاة، وكذلك المرأة الحرة تختمر في الصلاة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار"، وهي لا تختمر عند زوجها، ولا عند ذوي محارمها، فقد جاز لها إبداء الزينة الباطنة لهؤلاء، ولا يجوز لها في الصلاة أن تكشف رأسها لهؤلاء، ولا لغيرهم.
وعكس ذلك: الوجه واليدان والقدمان، ليس لها أن تبدي ذلك للأجانب على أصح القولين، بخلاف ما كان قبل النسخ، بل لا تبدي إلا الثياب، وأما ستر ذلك في الصلاة فلا يجب باتفاق المسلمين،
…
إلى أن قال: وبالجملة قد ثبت بالنص والإجماع أنه ليس عليها في الصلاة أن تلبس الجلباب الذي يسترها إذا كانت في بيتها، وإنما ذلك إذا خرجت، وحينئذ فتصلي في بيتها وإن رُئي وجهها ويداها وقدماها، كما كن يمشين أولًا قبل الأمر بإدناء الجلابيب عليهن، فليست العورة في الصلاة مرتبطة بعورة النظر؛ لا طردًا ولا عكسًا.
وابن مسعود رضي الله عنه لما قال: "الزينة الظاهرة هي الثياب"، لم يقل: إنها كلها عورة حتى ظفرها، بل هذا قول أحمد، يعني: أنها تشترط في الصلاة، فإن الفقهاء يسمون ذلك: باب ستر العورة، وليس هذا من ألفاظ الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا في الكتاب والسنة: أن ما يستره المصلي فهو عورة، بل قال تعالى:{خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31] ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يطوف بالبيت عريانًا، فالصلاة أولى. وسئل عن الصلاة في الثوب الواحد؟ فقال:"أولكلكم ثوبان"، وقال في الثوب الواحد:"إن كان واسعًا فالتحف به، وإن كان ضيقًا فاتزر به"، ونهى أن يصلي الرجل في ثوب واحد ليس على عاتقه منه شيء.
فهذا دليل على أنه يؤمر في الصلاة بستر العورة: الفخذ وغيره، وإن جوزنا للرجل النظر إلى ذلك،
…
إلى أن قال: وعلى هذا فيستتر في الصلاة أبلغ مما يستتر الرجل من الرجل، والمرأة من المرأة، ولهذا أمرت المرأة أن تختمر في الصلاة، وأما وجهها ويداها وقدماها فهي إنما نهيت عن إبداء ذلك للأجانب، لم تنه عن إبدائه للنساء ولا لذوي المحارم.
فعلم أنه ليس من جنس عورة الرجل مع الرجل، والمرأة مع المرأة، التي نهي عنها لأجل الفحش وقبح كشف العورة،
…
" [المجموع (22/ 113 - 120)].
وقال ابن رجب في الفتح (2/ 129): "واستدل من قال: أن المأمور به من الزينة أكثر من ستر العورة التي يجب سترها عن الأبصار، بأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي الرجل في ثوب واحد ليس على عاتقه منه شيء، وبأن من صلى عاريًا خاليًا لا تصح صلاته، وبأن المرأة الحرة لا تصح صلاتها بدون خمار، مع أنه يباح لها وضع خمارها عند محارمها، فدل على أن الواجب في الصلاة أمر زائد على ستر العورة التي يجب سترها عن النظر".
وانظر: المغني (1/ 338)، شرح مسلم للنووي (4/ 232)، المجموع شرح المهذب (3/ 177)، الذخيرة (2/ 111)، فتح الباري لابن حجر (1/ 472)، إحكام الأحكام (1/ 301)، الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (3/ 396)، وغيرها كثير.
***