المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌107 - باب الدنو من السترة - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ٧

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌69 - باب الإمام يصلي من قعود

- ‌78).***70 -باب الرجلين يؤمُّ أحدُهما صاحبَه، كيف يقومان

- ‌71 - باب إذا كانوا ثلاثةً كيف يقومون

- ‌7).***72 -باب الإمام ينحرف بعد التسليم

- ‌73 - باب الإمام يتطوع في مكانه

- ‌74 - باب الإمام يحدث بعد ما يرفع رأسه من آخر الركعة

- ‌75 - باب ما يؤمر به المأموم من اتباع الإمام

- ‌76 - باب التشديد فيمن يرفع قبل الإمام، أو يضَع قبله

- ‌77 - باب فيمن ينصرف قبل الإمام

- ‌78 - باب جماع أبواب ما يُصلَّى فيه

- ‌79 - باب الرجل يعقِد الثوبَ في قفاه ثم يصلي

- ‌80 - باب الرجل يصلي في ثوبٍ واحد بعضُه على غيره

- ‌81 - باب في الرجل يصلي في قميص واحد

- ‌82 - باب إذا كان الثوب ضيقًا يتَّزر به

- ‌83 - باب الإسبال في الصلاة

- ‌84 - باب في كم تصلي المرأة

- ‌85 - باب المرأة تصلي بغير خمار

- ‌86 - باب ما جاء في السدل في الصلاة

- ‌87 - باب الصلاة في شُعُر النساء

- ‌88 - باب الرجل يصلي عاقصًا شعره

- ‌89 - باب الصلاة في النعل

- ‌91).***90 -باب المصلي إذا خلع نعليه، أين يضعهما

- ‌91 - باب الصلاة على الخُمرة

- ‌92 - باب الصلاة على الحصير

- ‌93 - باب الرجل يسجد على ثوبه

- ‌تفريع أبواب الصفوف

- ‌94 - باب تسوية الصفوف

- ‌95 - باب الصفوف بين السواري

- ‌96 - باب مَن يُستحبُّ أن يلي الإمامَ في الصف وكراهية التأخر

- ‌97 - باب مقام الصبيان من الصف

- ‌98 - باب صف النساء وكراهية التأخر عن الصف الأول

- ‌99 - باب مقام الإمام من الصف

- ‌100 - باب الرجل يصلي وحده خلف الصف

- ‌16).***101 -باب الرجل يركع دون الصف

- ‌تفريع أبواب السترة

- ‌102 - باب ما يستر المصلي

- ‌ 150)].***103 -باب الخط إذا لم يجد عصًا

- ‌104 - باب الصلاة إلى الراحلة

- ‌105 - باب إذا صلى إلى سارية أو نحوها، أين يجعلها منه

- ‌106 - باب الصلاة إلى المتحدِّثين والنِّيام

- ‌107 - باب الدُّنُوِّ من السترة

- ‌108 - باب ما يُؤمر المصلي أن يدرأ عن الممرِّ بين يديه

الفصل: ‌107 - باب الدنو من السترة

وقال البيهقي: "وهذا الموقوف في قوم يمترون بين يديه، فيلهيه سماع أصواتهم وكلامهم عن الخشوع في الصلاة، فيتقي ذلك ما استطاع".

وقال ابن رجب في الفتح (2/ 692): "ولا إعادة على من صلى إلى متحدث عند الجمهور".

وانظر: معالم السنن للخطابي (1/ 161)، المجموع (3/ 223)، شرح فتح القدير لابن الهمام (1/ 413)، وغيرها.

***

‌107 - باب الدُّنُوِّ من السترة

695 -

. . . سفيان، عن صفوان بن سليم، عن نافع بن جبير، عن سهل بن أبي حَثْمة، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا صلى أحدكم إلى سُترة فليَدْنُ منها؛ لا يقطع الشيطانُ عليه صلاته".

قال أبو داود: ورواه واقد بن محمد، عن صفوان، عن محمد بن سهل، عن أبيه، أو: عن محمد بن سهل، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال بعضهم: عن نافع بن جبير، عن سهل بن سعد، واختُلف في إسناده.

• حديث صحيح.

أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 62/ 748)، وفي الكبرى (1/ 406 - 407/ 826)، وابن خزيمة (2/ 10/ 803)، وابن حبان (6/ 136/ 2373)، والحاكم (1/ 251)، وأحمد (4/ 2)، والشافعي في السنن (184)، والطيالسي (2/ 678/ 1439)، والحميدي (401)(405 - ط حسين أسد)، وابن أبي شيبة (1/ 249 - 250/ 2874)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 266/ 929 - السفر الثاني)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 102/ 2072)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (615 - 617 - الجزء المفقود)، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (3/ 95/ 1002)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 86/ 2428)، والطحاوي في الشرح (1/ 458)، وفي المشكل (7/ 27)، والمحاملي في الأمالي (4)، وابن قانع في معجم الصحابة (1/ 269)، والطبراني في الكبير (6/ 98/ 5624)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1311/ 3291)، وابن حزم في المحلى (4/ 186)، والبيهقي في السنن (2/ 272)، وفي المعرفة (2/ 116/ 1045).

وعلقه البخاري في التاريخ الكبير (6/ 393)[وتصحف في المطبوع: ابن عيينة، إلى: ابن عنبسة].

هكذا رواه عن سفيان بن عيينة: الشافعي، والحميدي، وأحمد بن حنبل، وأبو بكر بن

ص: 562

أبي شيبة، وأبو خيثمة زهير بن حرب، وعثمان بن أبي شيبة، وأحمد بن منيع، ومسدد بن مسرهد، وأحمد بن عبدة، وأبو داود الطيالسي، وعلي بن حجر، وإسحاق بن منصور الكوسج، وعبد الجبار بن العلاء، وحامد بن يحيى بن هانئ البلخي، وأبو الطاهر أحمد بن عمرو بن عبد الله بن السرح، ومحمد بن منصور الطوسي، وإبراهيم بن بشار الرمادي، وعبد الرزاق بن همام، وابن أبي عمر العدني، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وإسحاق بن بهلول، ومحمد بن الصباح بن سفيان الجرجرائي، ومجاهد بن موسى الختلي، وابن المقرئ محمد بن عبد الله بن يزيد المكي، وهارون بن عبد الله بن مروان البغدادي، ويونس بن عبد الأعلى المصري [وهم ستة وعشرون رجلًا من ثقات أصحاب ابن عيينة، لا سيما وفيهم: أثبت أصحابه، والمكثرون عنه]، ومحمد بن ميمون الخياط [ليس به بأس]، وسفيان بن وكيع [ضعيف]، وعمرو بن عبد الحميد الإملي [لا يُعرف].

هكذا رواه الطبراني في الكبير، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري، عن عبد الرزاق به كالجماعة، مقرونًا برواية الحميدي.

لكن وقع في مصنف عبد الرزاق (2/ 15/ 2305)[وهو برواية الدبري أيضًا]، عن ابن عيينة، عن صفوان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:. . . فذكره مختصرًا.

هكذا سقط من إسناده ذكر الصحابي والتابعي، ولا أُراه إلا خطأً، والصواب فيه عن عبد الرزاق: ما في المعجم الكبير كالجماعة، والله أعلم.

هكذا رواه عن ابن عيينة هذا الجمع الغفير من الثقات، ولم يختلفوا على ابن عيينة في إسناده، سوى أنه كان يقول أحيانًا: يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم، وأحيانًا أخرى يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومثل هذا لا يضر، وفي هذا الاتفاق بين رواته ما يدل على أن ابن عيينة كان ضابطًا لهذا الحديث، والله أعلم.

ولفظ الحميدي: ثنا سفيان، قال: ثنا صفوان بن سليم، قال: أخبرني نافع بن جبير بن مطعم، عن سهل بن أبي حثمة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا صلى أحدكم إلى سترة فليَدنو منها؛ لا يقطع الشيطان عليه صلاته".

ولفظ أحمد: حدثنا سفيان بن عيينة، عن صفوان بن سليم، عن نافع بن جبير، عن سهل بن أبي حثمة، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: وقال سفيان مرة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها، ما لا يقطع الشيطان عليه صلاته".

وقال عبد الرزاق، وابن أبي عمر، وعبد الجبار بن العلاء:"إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة،. . ."، والمحفوظ عندي رواية جماعة الحفاظ عن ابن عيينة:"إذا صلى أحدكم إلى سترة،. . .".

• قال أبو داود: "ورواه واقد بن محمد، عن صفوان، عن محمد بن سهل، عن أبيه، أو: عن محمد بن سهل، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال بعضهم: عن نافع بن جبير، عن سهل بن سعد، واختُلف في إسناده".

ص: 563

قلت: هذا الحديث اختلف فيه على صفوان بن سليم:

1 -

فرواه سفيان بن عيينة [ثقة حافظ، إمام حجة]، قال: ثنا صفوان بن سليم، قال: أخبرني نافع بن جبير بن مطعم، عن سهل بن أبي حثمة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا صلى أحدكم إلى سترة فليَدنُ منها؛ لا يقطع الشيطان عليه صلاته".

2 -

ورواه واقد بن محمد بن زيد العدوي [ثقة]، عن صفوان بن سليم، عن محمد بن سهل، عن أبيه، أو عن عمه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا صلى أحدكم فليدن من قبلته".

رواه يزيد بن هارون، عن شعبة، عن واقد به.

وقال يزيد مرة: عن محمد بن سهل، عن أبيه، أو: عن محمد بن سهل، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا صلى أحدكم إلى شيء فليدن منه؛ لا يقطع الشيطان عليه صلاته".

أخرجه عبد بن حميد (447)، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (3/ 95/ 1053)، والبيهقي (2/ 272).

وهذا اضطراب في إسناده، فمرة يقول: عن محمد بن سهل، عن أبيه، أو عن عمه [قاله: أحمد بن منيع عن يزيد]، ومرة يقول: عن محمد بن سهل، عن أبيه، أو: عن محمد بن سهل عن النبي صلى الله عليه وسلم[قاله: عبد بن حميد، ومحمد بن عبد الملك الدقيقي]، والذين اختلفوا على يزيد في هذا ثقات حفاظ.

• ثم إنه قد اختلف فيه على شعبة أيضًا:

أ- فرواه يزيد بن هارون [ثقة متقن]، عن شعبة به هكذا.

ب- ورواه عثمان بن عمر بن فارس [ثقة]، عن شعبة، عن واقد بن محمد، عن صفوان بن سليم، عن محمد بن سهل بن أبي حثمة، أو: عن سهل بن أبي حثمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،. . . فذكره.

ذكره ابن الأثير في أسد الغابة (5/ 97)، وابن حجر في الإصابة (6/ 339)، وعزياه لأبي موسى المديني في الذيل.

قال ابن حجر: "هو مرسل، أو منقطع؛ لأنه إن كان المحفوظ عن محمد بن سهل: فهو مرسل؛ لأنه تابعي لم يولد إلا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم بمكة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما مات كان سن سهل بن أبي حثمة ثماني سنين، وإن كان عن سهل: فهو منقطع؛ لأن صفوان لم يسمع من سهل، وعلى تقدير ذلك فلا يدخل [كذا] بهذا السند في ذلك، والله أعلم".

قلت: سفيان بن عيينة: ثقة حافظ، قد أقام إسناده، وضبطه، ولم يختلف عليه فيه، فروايته أولى من رواية من لم يُقم إسناده، وشك فيه، أو اختلف عليه فيه، أو وقع الاضطراب فيه على راويه، كما أن حديث ابن عيينة قد اشتهر عنه، ورواه عنه جم غفير، بخلاف حديث شعبة، فإنه لم يشتهر، مع كثرة أصحاب شعبة، والله أعلم.

3 -

ورواه عيسى بن موسى بن لبيد بن إياس بن بكير الليثي عن صفوان، وهذا الحديث يرويه إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير المدني [وهو: ثقة ثبت]، واختلف عليه فيه:

ص: 564

أ- فرواه أبو الربيع الزهراني سليمان بن داود [ثقة]، عن إسماعيل بن جعفر، عن موسى بن عيسى بن لبيد بن إياس الليثي، عن صفوان بن سليم، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن سهل بن أبي حثمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:. . . فذكره هكذا، فقال: موسى بن عيسى، وقال: عن سهل بن أبي حثمة.

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (7/ 290).

ب- ورواه قتيبة بن سعيد [ثقة ثبت]: نا إسماعيل بن جعفر، عن موسى بن عيسى بن إياس بن البكير، عن صفوان، عن نافع، عن سهل بن سعد الساعدي، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: موسى بن عيسى، وقال: عن سهل بن سعد.

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (7/ 291).

ج- ورواه إسحاق بن إبراهيم المروزي [هو: إسحاق بن أبي إسرائيل: ثقة]، وخالد بن أبي يزيد [المزرفي: صدوق]، وحجاج بن إبراهيم الأزرق [ثقة]، والهيثم بن اليمان الرازي [صدوق. الجرح والتعديل (9/ 86)، تاريخ الإسلام (17/ 393)، اللسان (8/ 365)]، وإبراهيم بن عبد الله بن حاتم الهروي [صدوق]:

عن إسماعيل بن جعفر، قال: أخبرني عيسى بن موسى بن لبيد بن إياس بن بكير الليثي [منهم من لم يذكر لبيدًا، ومنهم من لم يذكر بكيرًا]، عن صفوان بن سليم، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن سهل بن سعد الساعدي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:. . . فذكره، هكذا قالوا: عيسى بن موسى، وقالوا: عن سهل بن سعد.

أخرجه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (3/ 94/ 1001)، والطحاوي في المشكل (7/ 27 - 28)، وأبو نعيم الحلية (3/ 165).

قال أبو نعيم: "كذا قال إسماعيل [يعني: ابن جعفر]: سهل بن سعد، وتابعه عليه: عبيد الله بن أبي جعفر، واختلف على صفوان فيه: فرواه ابن عيينة عن صفوان عن نافع عن سهل، ورواه يزيد بن هارون عن شعبة عن واقد بن محمد عن صفوان عن محمد بن سهل بن حنيف [كذا، وهو ابن أبي حثمة] عن أبيه نحوه".

د- ورواه علي بن حجر السعدي [ثقة حافظ]، قال: ثنا إسماعيل: ثنا عيسى بن موسى بن محمد بن إياس بن بكير الليثي، عن صفوان بن سليم، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن سهل؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:. . . فذكره هكذا ولم ينسب سهلًا.

أخرجه علي بن حجر في حديثه عن إسماعيل بن جعفر (439).

هـ- ورواه محمد بن زنبور [ليس به بأس]: ثنا إسماعيل بن جعفر، عن عيسى بن ميمون بن إياس بن البكير، عن صفوان بن سليم، عن نافع بن جبير، عن سهل بن سعد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:. . . فذكره هكذا وقال: ميمون، بدل: موسى.

أخرجه الطبراني في الكبير (6/ 204/ 6015).

والأقرب عندي أن حديث إسماعيل بن جعفر هذا حديث مضطرب، والاختلاف في

ص: 565

اسم عيسى بن موسى هذا لمن دلائل جهالته، وعدم اشتهاره بالطلب والرواية، هذا مع قلة مروياته، ومن روى عنه، وقد ضعفه أبو حاتم، وترجم له البخاري مرتين، مرة قال: عيسى بن موسى بن محمد بن إياس بن البكير، وقال مرة أخرى: موسى بن عيسى بن لبيد بن إياس الليثي، وهو نفسه، وتبعه على ذلك ابن أبي حاتم، وقال عنه أبو حاتم في الموضع الأول:"ضعيف"، وقال في الموضع الثاني: إلا أعرف لبيدًا في هذا النسب، وهو عيسى بن موسى بن إياس بن بكير"، وقال أبو زرعة في الموضع الثاني: "إنما هو: عيسى بن موسى بن لبيد بن إياس بن بكير" [التاريخ الكبير (6/ 393) و (7/ 290)، الجرح والتعديل (6/ 285) و (8/ 156)، الثقات (5/ 216) و (7/ 234)، المغني (2/ 501)، الميزان (3/ 325)، التهذيب (3/ 369)].

وقد اضطرب فيه عيسى بن موسى نفسه، فقد رواه الليث بن سعد [ثقة ثبت إمام]، قال: حدثني عيسى، عن صفوان بن سليم، عن رجل من أشجع، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا صلى فليتقدم إلى سترته".

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (6/ 393).

فسقط بذلك هذا الطريق، لعدم صلاحيته، والله أعلم.

4 -

ورواه ابن لهيعة، عن عبيد الله بن أبي جعفر [مصري، ثقة]، عن صفوان بن سليم، عن نافع بن جبير، عن سهل بن سعد الساعدي، عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها، لا يجوز الشيطان بينه وبين صلاته".

أخرجه الطبراني في الكبير (6/ 204/ 6014)، والدارقطني في الأفراد (1/ 396/ 2141 - أطرافه).

قال الطبراني: "هكذا رواه ابن لهيعة، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن صفوان بن سليم، عن نافع بن جبير، عن سهل بن سعد، ورواه ابن عيينة، عن صفوان بن سليم، عن نافع بن جبير، عن سهل بن أبي حثمة".

وقال الدارقطني: "تفرد به: ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر، وأسنده عن سهل بن سعد، وغيره يسنده عن سهل بن أبي حثمة".

وإسناده ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة، وفي قول هذين الإمامين إشارة إلى توهيم ابن لهيعة، في قوله: سهل بن سعد، وإنما هو سهل بن أبي حثمة، كما قال ابن عيينة.

• وهذا الاختلاف على صفوان بن سليم لا يوجب اطراح الحديث، ولا يدعو للتوقف عن قبوله، ولا يقال بأنه حديث مضطرب، حيث لم تستو الطرق إلى صفوان بن سليم في الصحة والقوة، أما الطريقان الثالث والرابع: فضعيفان، وأما الثاني وإن كان رواته ثقات إلا إنهم اختلفوا فيه اختلافًا يدل على عدم ضبط راويه لإسناده، فلم يبق عندنا سوى حديث سفيان بن عيينة، وهو ثقة حافظ، إمام حجة، ولم يختلف عليه في إسناده، فطريقه هو المحفوظ الثابت عن صفوان بن سليم، والله أعلم.

ص: 566

قال أبو القاسم البغوي بعد ذكر هذا الاختلاف: "وأُخبرت أن الصواب حديث ابن عيينة".

وقال البيهقي في السنن: "قد أقام إسناده سفيان بن عيينة، وهو حافظ حجة".

وقال في المعرفة (2/ 116): "ورواه داود بن قيس عن نافع بن جبير مرسلًا، والذي أقام إسناده: حافظ ثقة".

وقد احتج النسائي برواية ابن عيينة، ولم يذكر غيرها، إشارة إلى كونها المحفوظة عنده، والله أعلم.

• خالف صفوان بن سليم فيه:

داود بن قيس الفراء [مدني، ثقة]، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:. . . فذكره بنحوه.

أخرجه الطبراني في الكبير (2/ 139/ 1588)، قال: حدثنا محمد بن العباس الأخرم الأصبهاني [ثقة حافظ. طبقات المحدثين (3/ 447)، أخبار أصبهان (2/ 224)، السير (14/ 144)، اللسان (7/ 226)]: ثنا سليمان بن أيوب الصريفيني [أخو شعيب بن أيوب، يروي عن ابن عيينة وغيره. الأنساب (3/ 536)]: ثنا بشر بن السري [ثقة متقن]، عن داود به.

قال الهيثمي في المجمع (2/ 59): "وفي إسناد الطبراني: سليمان بن أيوب الصريفيني، ولم أجد من ذكره، وبقية رجال الطبراني ثقات".

قلت: وهذه الرواية وهم؛ فقد روى عبد الله بن وهب، وإسماعيل بن جعفر المدني، وعبد الرزاق بن همام [وهم ثقات حفاظ]:

عن داود بن قيس المدني، أن نافع بن جبير بن مطعم حدثه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة، وليدن من سترته، فإن الشيطان يمر بينه وبينها". لفظ ابن وهب.

أخرجه ابن وهب في الجامع (399)، وعبد الرزاق (2/ 15/ 2303)، وعلي بن حجر في حديثه عن إسماعيل بن جعفر (428)، والبيهقي (2/ 272).

هكذا رواه عن علي بن حجر به مرسلًا: الإمام أبو بكر ابن خزيمة، لكن رواه البغوي في شرح السنة (2/ 446 - 447/ 537) بإسناد فيه من يُجهل حاله إلى علي بن حجر به موصولًا بجعله من مسند سهل، وما أراه إلا وهمًا، والله أعلم.

• هكذا اختلف صفوان بن سليم [وهو: مدني، ثقة ثبت]، وداود بن قيس الفراء [وهو: مدني، ثقة]، فوصله صفوان من مسند سهل بن أبي حثمة، وأرسله داود، وصفوان أثبت وأحفظ، وأكثر حديثًا، وأكبر قدرًا وسنًا من داود، وقد أتى فيه بزيادة، والحكم لمن زاد إذا كان حافظًا، وعليه فرواية صفوان هي المحفوظة، وقصر فيه داود فأرسله، والله أعلم.

ص: 567

قال البيهقي في المعرفة (2/ 116): "ورواه داود بن قيس عن نافع بن جبير مرسلًا، والذي أقام إسناده: حافظ ثقة".

• والحاصل: فإن حديث سهل بن أبي حثمة: حديث صحيح، رجاله ثقات، ونافع بن جبير بن مطعم: تابعي كبير، ثقة فاضل، سمع العباس بن عبد المطلب، وغيره من الصحابة، فإن قيل: لا يعرف لنافع بن جبير سماع من سهل بن أبي حثمة، فيقال: قد ثبت سماعه ممن هو أكبر منه، فإن سماعه من عائشة ثابت في صحيح البخاري (2118)، وروايته عن أبي هريرة عند البخاري (2122 و 5884)، وعند مسلم (2421)، وعن ابن عباس عند البخاري (3620) وأطرافه، و (4482) و (6882)، وعند مسلم (1412) و (2273)، والبخاري لا يكتفي بمجرد اللقاء بل لا بد عنده من ثبوت السماع، وسماع نافع من أبي هريرة ثابت في صحيح مسلم (649/ 248)، وروايته عن عثمان بن أبي العاص في صحيح مسلم (2202)، وعن جرير بن عبد الله البجلي في صحيح مسلم (2319)، بل إنه سمع ممن هو أكبر من هؤلاء، فقد ثبت سماعه من العباس والزبير في صحيح البخاري (2976 و 4280)، فلا يستبعد بعد ذلك سماعه من سهل، لا سيما وسهل صحابي صغير، وهما مدنيان متعاصران، قد اجتمعا في المدينة، ونافع غير مشهور بالإرسال، فالأقرب عندي حمله على الاتصال؛ لا سيما وقد صححه جماعة، وقواه الإمام أحمد، والله أعلم.

• قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".

وصححه ابن خزيمة (2/ 10 و 26)، وابن حبان، واحتج النسائي بحديث ابن عيينة، ولم يذكر فيه خلافًا، وكذا احتج به ابن المنذر.

وقال ابن رجب في الفتح (2/ 624): "وقال العقيلي: حديث سهل هذا ثابت، وقال الميموني: قلت لأبي عبد الله -يعني: أحمد-: كيف إسناد حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى أحدكم فليدن من سترته"؟ قال: صالح، ليس بإسناده بأس".

وقال العقيلي في الضعفاء (4/ 196): "رواه سهل بن أبي حثمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى إلى سترة فليدن منها"، وهذا ثابت".

وقال ابن عبد البر في التمهيد (4/ 195): "وهو حديث مختلف في إسناده، ولكنه حديث حسن، ذكره النسائي وأبو داود وغيرهما".

وقال النووي في المجموع (3/ 217): "حديث سهل بن أبي حثمة صحيح، رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح، ورواه الحاكم في المستدرك، قال: حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم"، وقاله أيضًا في الخلاصة (1732).

وقال القرافي في الذخيرة (2/ 155): "والحديث مضطرب الإسناد"، قلت: قد تبين سقوط دعوى الاضطراب، وهو حديث صحيح.

• قال ابن جرير: "ومعلوم أن قطع الشيطان صلاة المصلي ليس بمروره بين يديه

ص: 568

وحده دون إحداثه له من أسباب الوسوسة والشك وشغل القلب بغير صلاته ما يفسد به صلاته ويقطعها عليه! وقد رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه عرض له وهو في صلاته شيطان حتى التبست عليه القراءة، فلم يقطع لذلك صلاته" [تهذيب الآثار، الجزء المفقود ص (322)].

• ومن شواهده:

1 -

حديث أبي سعيد الخدري:

يرويه أبو خالد الأحمر، عن ابن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها، ولا يدع أحدًا يمر بينه وبينها، فإن جاء أحد يمر فليقاتله فإنه شيطان".

يأتي تخريجه قريبًا برقم (698) إن شاء الله تعالى، وهو حديث شاذ بهذه الزيادة.

2 -

حديث جبير بن مطعم:

قال البزار في مسنده (8/ 360/ 3438): أخبرنا عبد الله بن شبيب [أبو سعيد الربعي: أخباري علامة؛ لكنه واهٍ، ذاهب الحديث، وكان يسرق الحديث. اللسان (4/ 499)]، قال: أخبرنا عبد الله بن عمر الجبيري [لم أقف له على ترجمة]، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن عمير -هكذا رأيته عندي في كتابي، وأحسبه: محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير-[متروك، منكر الحديث. اللسان (7/ 227 و 404)]، عن أمية بن صفوان [لعله: الجمحي المكي الأصغر: روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في الثقات. التهذيب (1/ 188)]، عن محمد بن جبير بن مطعم [ثقة]، عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها؛ لا يقطع الشيطان عليه صلاته".

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم أحدًا قال: عن محمد بن جبير عن أبيه، غير أمية بن صفوان، ولا نحفظه إلا من هذا الوجه".

قلت: هو حديث باطل.

وتقدم له طريق أخرى عند: الطبراني في الكبير (2/ 139/ 1588)، وهي وهْم.

3 -

حديث بريدة بن الحصيب:

قال البزار في مسنده (10/ 318/ 4442): حدثنا عمرو بن مالك [الراسبي: ضعيف، قال ابن عدي: "منكر الحديث عن الثقات، ويسرق الحديث". التهذيب (3/ 301)، الميزان (3/ 285)]، قال: نا عمرو بن النعمان [الباهلي البصري: ليس به بأس]، قال: نا يوسف بن صهيب [ثقة]، عن عبد الله بن بريدة [ثقة]، عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:. . . فذكره.

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم يروى عن بريدة إلا من هذا الوجه، ولا نعلم رواه عن يوسف بن صهيب إلا عمرو بن النعمان، وعمرو رجل من أهل البصرة".

قلت: هو حديث منكر؛ إن كان تفرد به عمرو بن مالك الراسبي.

ص: 569

4 -

حديث سهل بن الحنظلية:

يرويه يزيد بن هارون [ثقة متقن]، وأبو عوانة [ثقة ثبت]، وخالد بن عبد الله الواسطي [ثقة ثبت، لكن لا يصح عنه، إذ هو من رواية ابنه محمد عنه، ومحمد: ضعيف جدًّا، روى عن أبيه أشياء منكرة، ولم يسمع منه إلا حديثًا واحدًا. التهذيب (3/ 553)]، ومروان بن معاوية [ثقة حافظ، وفي الإسناد إليه: المقدام بن داود الرعيني: ضعيف، واتُّهم. راجع ترجمته تحت الحديث المتقدم برقم (236)]، والأبيض بن الأغر [ليس بالقوي. [اللسان (1/ 393)]:

عن بشر بن نمير، عن القاسم أبي عبد الرحمن [وهو: ابن عبد الرحمن]، عن سهل بن حنظلية [قال يزيد: حنظلة، الأنصاري؛ أنه مر برجل يصلي متأخرًا [وفي رواية: متراخيًا] عن القبلة، فقال له:"تقدم إلى مصلاك؛ لا يقطع الشيطان عليك صلاتك"[وفي رواية: "اُدْنُ من قبلتك؛ لا يحول الشيطان بينك وبينها"]، ما أقول إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم. هكذا مرفوعًا من رواية الجماعة، إلا رواية عن أبي عوانة جاءت بالوقف، ولا تصح عنه؛ فقد رواها عنه: معلي بن مهدي الموصلي، قال عنه أبو حاتم:"يحدث أحيانًا بالحديث المنكر". الجرح والتعديل (8/ 335)، اللسان (8/ 113)، وقد خالفه فرواه عن أبي عوانة كالجماعة مرفوعًا: أبو بكر أحمد بن منصور الرمادي، وهو: ثقة حافظ.

أخرجه ابن أبي شيبة في المسند (615)[وفيه سقط وتصحيف، وانظر: إتحاف الخيرة (1628)]، وابن الأعرابي في المعجم (2/ 452/ 881 و 882)، وابن قانع في المعجم (1/ 268)، والطبراني في الكبير (6/ 97/ 5621)، وابن عدي في الكامل (2/ 7).

قال ابن عدي بعد أن ذكر هذا الحديث في ترجمة بشر: "وعامة ما يرويه عن القاسم وعن غيره لا يتابع عليه، وهو ضعيف كما ذكروه".

قلت: هو حديث باطل؛ بشر بن نمير القشيري: متروك، متهم.

5 -

حديث عائشة:

يرويه بشر بن السري [ثقة متقن]، قال: حدثني مصعب بن ثابت، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ارهَقوا القبلة"[انظر: تصحيفات المحدثين (1/ 317)]، زاد بعضهم في رواية أو فرقه حديثين:"وإن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه".

أخرجه البزار (1/ 283/ 588 - كشف)(319 - مختصره)، وأبو يعلى (7/ 349 و 350/ 4386 و 4387) و (8/ 253/ 4840)، والعقيلي (4/ 196)، والطبراني في الأوسط (1/ 275/ 897)، وابن عدي (2/ 17) و (6/ 361)، والعسكري في تصحيفات المحدثين (1/ 318)، وابن المقرئ في الأربعين (31)، والبيهقي في الشعب (4/ 334 و 335/ 5312 - 5314)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (51/ 128).

قال البزار: "لا نعلم رواه هكذا إلا مصعب، ولا عنه إلا بشر".

ص: 570

وقال العقيلي: "لا يعرف إلا به، وقد روي بغير هذا الإسناد، وبخلاف هذا اللفظ في معناه، من طريق أصلح من هذا، رواه سهل بن أبي حثمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى إلى سترة فليدن منها"، وهذا ثابت".

وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن هشام إلا مصعب، تفرد به: بشر".

وقال ابن عدي: "وهذا لم يروه عن هشام غير مصعب هذا، وعن مصعب: بشر بن السري".

قلت: مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير: ليس بالقوي، وحديثه هذا منكر؛ لتفرده به عن هشام بن عروة، ولا يحتمل من مثله التفرد بهذا [تقدمت ترجمته مفصلة عند الحديث رقم (670)].

قال العسكري في تصحيفات المحدثين (1/ 317): "معناه: اغشوا القبلة، وادنوا منها، ولا تبعدوا عنها".

وقال ابن رجب في الفتح (2/ 625): "ومعنى إرهاق القبلة: مضايقتها ومزاحمتها والدنو منها، فسره ابن قتيبة وغيره، وتوقف أحمد في تفسيره".

• وفي الباب أيضًا عن عمر، ولا يصح عنه، انظر: مصنف عبد الرزاق (2/ 16/ 2309)، بغية الباحث (168)، المطالب العالية (3/ 327/ 313)، علل الدارقطني (2/ 253/ 252)، التدوين (2/ 365)، بيان الوهم (2/ 243/ 237).

***

696 -

قال أبو داود: حدثنا القعنبي، والنفيلي، قالا: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، قال: أخبرني أبي، عن سهل، قال: وكان بين مَقام النبي صلى الله عليه وسلم وبين القبلة ممرُّ عَنْزٍ.

قال أبو داود: الخبر للنفيلي.

• شاذ بهذا اللفظ، وأصله متفق عليه.

أخرجه من طريق أبي داود: ابن عبد البر في التمهيد (4/ 196).

• ورواه يعقوب بن إبراهيم الدورقي، وعمرو بن زرارة، وعبد الله بن عمر بن محمد بن أبان الجعفي [مشكدانة]، والمعلي بن منصور الرازي، وأبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، وأبو إبراهيم الترجماني إسماعيل بن إبراهيم، ويحيى بن عبد الحميد الحماني [ثمانية، وهم ثقات، عدا الأخير فمتكلم فيه]:

عن عبد العزيز بن أبي حازم، حدثني أبي، عن سهل بن سعد الساعدي، قال: كان بين مُصلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين الجدار ممر الشاة. وقد اتفقوا في لفظه.

أخرجه البخاري (496)، ومسلم (508)، وأبو عوانة (1/ 393/ 1434)، وأبو نعيم

ص: 571

في مستخرجه على مسلم (2/ 115/ 1122)، وابن خزيمة (2/ 11/ 804)، وابن حبان (5/ 58/ 1762) و (6/ 137/ 2374)، وأبو يعلى (13/ 531/ 7538)، والروياني (1125)، وأبو العباس السراج في مسنده (389)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (375)، والطبراني في الكبير (6/ 171/ 5896)، وابن حزم في المحلى (4/ 186)، والبيهقي في السنن (2/ 272)، وفي المعرفة (2/ 117/ 1047)، والبغوي في شرح السنة (2/ 446/ 536)، وقال:"هذا حديث متفق على صحته".

• ورواه أبو غسان محمد بن مطرف، قال: حدثني أبو حازم، عن سهل: أنه كان بين جدار المسجد مما يلي القبلة وبين المنبر ممر الشاة.

أخرجه البخاري (7334)، والطبراني في الكبير (6/ 144/ 5786).

قال ابن حزم: "فكان هذا أقلَّ ما يمكن من الدُّنُوِّ؛ إذ ما كان أقلَّ من هذا فمانع من الركوع ومن السجود إلا بتقهقرٍ، ولا يجوز تكلُّف ذلك إلا لمن لا يقدر على أكثر من ذلك".

وقال النووي في شرح مسلم (4/ 225): "يعني بالمصلَّى: موضع السجود، وفيه: أن السنة قرب المصلِّي من سترته".

وقال ابن رجب في الفتح (2/ 623): "وحديث سهل يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قريبًا من الجدار بحيث لا يكون بين موقفه وبين الجدار غير قدر ما تمر فيه الشاة"[وانظر: فتح الباري لابن حجر (1/ 575)].

قلت: وقول النووي أقرب للصواب، وبه يمكن الجمع بين حديث سهل، وحديث بلال الآتي في الشواهد، والذي يرويه ابن عمر، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل بينه وبين الجدار نحوًا من ثلاثة أذرع، يعني: بين موضع قدميه وبين الجدار، فإذا سجد كان بين موضع سجوده وبين الجدار ممر شاة، والله أعلم، وبهذا الجمع يظهر شذوذ رواية أبي داود لما فيها من مخالفة رواية الجماعة، حيث رُويت بالمعنى، فوقع الإخلال بالمقصود، فرواية الجماعة جعلت بين مصلى النبي صلى الله عليه وسلم وبين الجدار ممر شاة، والمصلى هو موضع القيام والركوع والسجود، ومن ثم إذا سجد بقي بينه وبين الجدار ممر شاة، بينما دلت رواية أبي داود على أن ممر الشاة هو بين موضع قدمي النبي صلى الله عليه وسلم وبين الجدار، فظهر بذلك الفرق، والله أعلم.

قال ابن عبد البر في التمهيد (4/ 197): "حديث مالك عن نافع عن ابن عمر عن بلال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل بينه وبين الجدار في الكعبة ثلاثة أذرع: أصح من حديث سهل بن سعد من جهة الإسناد، وكلاهما حسن".

قلت: كلاهما صحيح، وحديث سهل بن سعد في الصحيحين، وأما حديث مالك فلم يخرجاه بهذه الزيادة، وما في الصحيح يرجَّح على ما كان خارجه، وعليه فحديث سهل أصح، والله أعلم.

ص: 572

وانظر: مسائل عبد الله بن أحمد لأبيه (414)، الأوسط لابن المنذر (5/ 90)، الفتح لابن رجب (2/ 626).

• ومن شواهده: حديث سلمة بن الأكوع:

روى يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع، قال: كان جدار المسجد عند المنبر ما كادت الشاة تجوزها.

وفي لفظ له: عن سلمة -وهو: ابن الأكوع- أنه كان يتحرى موضع مكان المصحف يسبِّح فيه، وذكر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتحرى ذلك المكان، وكان بين المنبر والقبلة [وفي رواية: وبين الحائط] قدر ممر الشاة.

وفي لفظ له: كان سلمة يتحرى الصلاة عند الأسطوانة التي عند المصحف، فقلت له: يا أبا مسلم أراك تتحرى الصلاة عند هذه الأسطوانة، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى الصلاة عندها.

أخرجه البخاري (497 و 502)، ومسلم (509/ 263 و 264)، وأبو عوانة (1/ 394/ 1435 و 1436)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 113/ 1123 و 1124)، وأبو داود (1082)، وابن ماجه (1430)، وابن خزيمة (5/ 576/ 5966 - إتحاف المهرة)، وابن حبان (5/ 59/ 1763)، وأحمد (4/ 48 و 54)، وابن سعد في الطبقات (4/ 307)، والروياني (1142)، والطبراني في الكبير (7/ 34/ 6299)، والبيهقي (2/ 271 و 272) و (5/ 247).

• ومما جاء في تحديد مقدار الدنو من السترة:

ما رواه مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة هو وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة الحجبي فأغلقها عليه، قال عبد الله بن عمر: فسألت بلالًا حين خرج ماذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: جعل عمودًا عن يساره، وعمودين عن يمينه، وثلاثة أعمدة وراءه، وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة، ثم صلى وجعل بينه وبين الجدار نحوًا من ثلاثة أذرع.

هكذا رواه عن مالك بهذه الزيادة في آخره: عبد الرحمن بن مهدي، وعبد الرحمن بن القاسم، وعبد الله بن وهب، وشبابة بن سوار، وعثمان بن عمر بن فارس، وموسى بن داود الضبي، وسعيد بن كثير بن عفير [وهم ثقات، فيهم ثلاثة من ثقات أصحاب مالك]، ومنصور بن يعقوب بن أبي نويرة [قال ابن عدي:"يقع في حديثه أشياء غير محفوظة". الكامل (6/ 392)، اللسان (8/ 171)، والراوي عنه: إبراهيم بن بشر الكسائي، وهو لا يُعرف. [اللسان (1/ 250)].

قال الجوهري: "هذه الزيادة عند ابن وهب وابن القاسم، وقال ابن عفير: ثلاثة أذرع، ولم يقل: نحوًا".

وقال ابن عبد البر: "ورواه ابن عفير وابن وهب وابن مهدي عن مالك، كما رواه ابن القاسم؛ إلا أنهم قالوا: ثلاثة أذرع، ولم يقولوا: نحو".

ص: 573

وقد اختصره بعضهم، وأسقط في اختصاره بلالًا [وانظر: علل الدارقطني (7/ 187/ 1286)].

أخرجه أبو داود (2024)، والنسائي في المجتبى (2/ 63/ 749)، وفي الكبرى (1/ 407/ 827)، وابن حبان (7/ 481/ 3206)، وأحمد (2/ 113 و 138) و (6/ 13)، والروياني (749)، والطحاوي (1/ 389)، والجوهري في مسند الموطأ (665 م)، وابن شاهين في الناسخ (281)، وتمام في الفوائد (1014)، وابن حزم في المحلى (4/ 187)، والبيهقي (2/ 327)، وابن عبد البر في التمهيد (15/ 314 و 315)، والخطيب في الموضح (2/ 470).

وأصله متفق عليه من حديث مالك بدون هذه الزيادة التي في آخره [البخاري (505)، مسلم (1329/ 388)]، وهو في موطأ يحيى أيضًا (1/ 533/ 1186) بدون هذه الزيادة، وكذا في أكثر روايات الموطأ، ويأتي تخريجه في موضعه من السنن إن شاء الله تعالى، وتقدم ذكر أحد طرقه تحت الحديث رقم (673).

وهذه الزيادة محفوظة عن مالك، حيث رواها عنه سبعة من الثقات، ثلاثة منهم من الحفاظ من أصحاب مالك، والله أعلم.

قال ابن عبد البر في التمهيد (4/ 196): "هكذا رواه ابن القاسم وجماعة عن مالك،. . .، وإليه ذهب الشافعي وأحمد، وهو قول عطاء، قال عطاء: أقل ما يكفيك ثلاثة أذرع، والشافعي وأحمد يستحبان ثلاثة أذرع، ولا يوجبان ذلك، ولم يحد فيه أيضًا مالك حدًّا".

• وقد تابع مالكًا على هذه الزيادة عن نافع:

1 -

هشام بن سعد [صدوق]، عن نافع، عن ابن عمر، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة، ودخل معه بلال، فقلت لبلال: أين رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى؟ قال: في مقدم البيت، وبينه وبين الجدار ثلاثة أذرع.

أخرجه ابن خزيمة (4/ 332/ 3011)[وانظر: الإتحاف (2/ 645/ 2432)]، وابن سعد في الطبقات (2/ 178)، وعبد بن حميد (360)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (620 و 621).

2 -

وروى موسى بن عقبة [ثقة فقيه]، عن نافع: أن عبد الله كان إذا دخل الكعبة مشى قِبَل وجهه حين يدخل، وجعل الباب قِبَل ظهره، فمشى حتى يكون بينه وبين الجدار الذي قِبَل وجهه قريبًا من ثلاثة أذرع صلى، يتوخَّى المكان الذي أخبره به بلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيه، قال: وليس على أحدنا بأسٌ إن صلى فيه أيِّ نواحي البيت شاء.

أخرجه البخاري (506 و 1599)، والأزرقي في أخبار مكة (1/ 268)، والبيهقي (2/ 327) و (5/ 157).

3 -

ورواه إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة المدني [ثقة]، قال: أخبرني نافع: أن

ص: 574