الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المكتوبة، فأما النافلة فتنعقد؛ كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم بالليل بابن عباس وحده.
وأكثر العلماء على أنه لا فرق بين الفرض والنفل في ذلك، وهو قول أبي حنيفة والشافعي".
***
71 - باب إذا كانوا ثلاثةً كيف يقومون
؟
612 -
. . . مالك، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك: أن جدته مُلَيكة، دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعَتْه، فأكل منه، ثم قال:"قوموا فلأصلي لكم"، قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد اسودَّ من طول ما لُبِسَ، فنضحته بماءٍ، فقام عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصفَفْتُ أنا واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا، فصلى لنا ركعتين، ثم انصرف.
• حديث متفق عليه.
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 218/ 419)، ومن طريقه: البخاري (380 و 860 و 1164)، ومسلم (658)، وأبو عوانة (1/ 408/ 1506)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 254/ 1472)، وأبو داود (612)، والترمذي (234)، وقال:"حسن صحيح". وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(217)، والنسائي في المجتبى (2/ 85/ 801)، وفي الكبرى (1/ 427/ 878)، والدارمي (1/ 334/ 1287)، وابن حبان (5/ 582/ 2205)، والشافعي في السنن (1/ 173/ 58)، وفي اختلاف الحديث (10/ 174/ 191 - أم)، وفي المسند (58 و 176)، وأحمد (3/ 131 و 149 و 164)، وعبد الرزاق (2/ 407/ 3877)، وأبو القاسم البغوي في حديث مصعب (8)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 175/ 1974)، والطحاوي (1/ 307)، وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (1)، والجوهري في مسند الموطأ (275)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6/ 3450/ 7849)، وابن حزم في المحلى (4/ 17)، والبيهقي في السنن (3/ 96)، وفي المعرفة (2/ 380/ 1503)، وفي بيان خطأ من أخطأ على الشافعي (63)، والبغوي في شرح السنة (3/ 386/ 828)، وابن بشكوال في الغوامض (2/ 170)، وابن الجوزي في التحقيق (714).
وفي رواية لأحمد: من طول ما لَبِث، وقال أكثر الرواة عن مالك: من طول ما لُبس، يعني: من طول ما افترش، وعلى هذا فلُبْس الحصير هو بسطه واستعماله في الجلوس عليه، وانظر فيمن زاد عن مالك ألفاظًا لم يذكرها في الموطأ [علل الدارقطني (12/ 13/ 2347)، أطراف الغرائب والأفراد (1/ 157/ 651)، التمهيد (1/ 264)].
قال ابن عبد البر في التمهيد (1/ 264): "قوله في الحديث: إن جدته مليكة، مالك
يقوله، والضمير الذي في جدته هو عائد على إسحاق، وهي جدة إسحاق أم أبيه عبد الله بن أبي طلحة، وهي أم سليم بنت ملحان، زوج أبي طلحة الأنصاري، وهي أم أنس بن مالك، كانت تحت أبيه مالك بن النضر، فولدت له أنس بن مالك، والبراء بن مالك، ثم خلف عليها أبو طلحة"، وفي رواية عبد الرزاق: "يعني: جدة إسحاق"، وبذلك تتفق رواية مالك وابن عيينة، في أن التي صلت خلفهم هي أم سليم، والله أعلم.
لكن ابن حجر ذكر أن العلماء اختلفوا في ذلك، ثم رجح كون مليكة هذه هي جدة أنس لأمه، واعتمد في ذلك على رواية لهذا الحديث، وفيه: قال أنس: أرسلتني جدتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم واسمها مليكة-،. . . الحديث، واعتمد أيضًا على كلام النسابين، حيث قالوا بأن أم سليم كانت أمها: مليكة بنت مالك بن عدي بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار، قال ابن حجر في الإصابة (8/ 124): "وظهر بذلك أن الضمير في قوله: جدته لأنس، وهي جدته أم أمه، وبطل قول من جعل الضمير لإسحاق، وبنى عليه أن اسم أم سليم مليكة، والله الموفق! [وانظر: الفتح (1/ 489)، شرح مسلم للنووي (5/ 162)].
وقد ذهب من قبله إلى ذلك: ابن رجب الحنبلي، حيث جزم بأن مليكة هي جدة أنس حقيقة، كما هو ظاهر سياق الحديث [انظر: الفتح (2/ 249)].
والرواية التي اعتمدا عليها: أخرجها الطبراني في الأوسط (2/ 114/ 1427)، وأبو الشيخ في فوائد العراقيين [عزاه إليه ابن حجر في الفتح (2/ 249)]، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 314):
من طريق: المقدم بن محمد بن يحيى المقدمي، قال: حدثنا عمي القاسم بن يحيى المقدمي، عن عبيد الله بن عمر، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك، قال: أرسلت جدتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم -واسمها مليكة-، فجاءنا فحضرت الصلاة، فقمت إلى حصير لنا قد كاد يبلى، فنضحته، فقام عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقمت أنا ووليدة من خلفه، وقامت العجوز من ورائنا.
وإسناده صحيح غريب.
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن عبيد الله إلا القاسم، تفرد به: مقدم".
• ورواه سفيان بن عيينة، عن إسحاق، عن أنس بن مالك، قال: صليت أنا ويتيم في بيتنا خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وأمي أم سليم خلفنا.
أخرجه البخاري (727 و 871 و 874)، وأبو عوانة (1/ 410/ 1515)، والنسائي في المجتبى (2/ 118/ 869)، وفي الكبرى (1/ 454/ 944)، وابن خزيمة (3/ 19/ 1539 و 1540)، وابن الجارود (314)، والشافعي في الأم (2/ 331/ 330)[وفي سنده خطأ، وانظر: المعرفة للبيهقي (2/ 377)، بيان من أخطأ على الشافعي (61 و 62)]، وفي السنن (1/ 172/ 56)، وفي اختلاف الحديث (10/ 174/ 192 - أم)، وفي المسند (58 و 177)، وأحمد (3/ 110)، والحميدي (1194)، وابن نصر في قيام رمضان (3 - مختصره)، وأبو
نعيم في الحلية (9/ 28)، والبيهقي في السنن (3/ 106)، وفي المعرفة (2/ 377 و 380/ 1497 و 1498 و 1504)، وفي بيان خطأ من أخطأ على الشافعي (61 و 62)، وابن عبد البر في التمهيد (1/ 267)، والخطيب في الموضح (1/ 432)، والبغوي في شرح السنة (3/ 388/ 829)، وقال:"هذا حديث صحيح". وابن بشكوال في الغوامض (2/ 171)، وأبو موسى المديني في اللطائف (539).
• ورواه يحيى بن سعيد الأنصاري، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك: أن أم سليم سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتيها؛ فيصلي في بيتها، فتتخذه مصلى، فأتاها، فعمدت إلى حصير فنضحته بماء، فصلى عليه وصلوا معه.
أخرجه الترمذي في العلل الكبير (96)، والنسائي في المجتبى (2/ 56 - 57/ 737)، وفي الكبرى (1/ 403/ 818)، وأبو بكر القاسم بن زكريا المطرز في فوائده (125)، والطبراني في الأوسط (6/ 305/ 6481)، وفي الكبير (25/ 120/ 292)، وتمام في الفوائد (1202).
قال الترمذي: "سألت محمدًا عن هذا الحديث، فلم يعرفه من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس".
وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن يحيى بن سعيد الأنصاري إلا يحيى بن سعيد الأموي وسليمان بن كثير".
قلت: وتابعهما: إسماعيل بن عياش [عند تمام]، وروايته عن الحجازيين ضعيفة، وهذه منها، وفي الإسناد إليه مقال، لكن روايته هذه متابع عليها، مما يدل على كونها محفوظة، تابعه عليها: سليمان بن كثير العبدي، وهو: لا بأس به، ويحيى بن سعيد الأموي، وهو: لا بأس به أيضًا، فلعل البخاري لم يطلع على هذه المتابعات، أو اطلع عليها ولم يعتبر بها، لكن النسائي احتج به، لكون الحديث معروف من حديث إسحاق بن أبي طلحة، رواه عنه: مالك، وابن عيينة، وغيرهما، والله أعلم.
[وانظر أيضًا: صحيح مسلم (2481/ 143)، مسند البزار (13/ 77/ 6423)، دلائل النبوة للبيهقي (6/ 194)، دلائل النبوة لإسماعيل الأصبهاني (76)، تاريخ دمشق (9/ 345)].
قال ابن حبان: "قد جعل بعض أئمتنا رحمة الله عليهم خبر إسحاق بن أبي طلحة، عن أنس خبرًا مختصرًا، وخبر موسى بن أنس هذا متقصى له، وزعم أن أم سليم كان معها مثلها خالة أنس بن مالك، وليس عندنا كذلك؛ لأنهما صلاتان في موضعين متباينين لا صلاة واحدة".
وقال أيضًا بعد حديث ثابت عن أنس (5/ 584): "في هذا الخبر بيان واضح أن هذه الصلاة خلاف الصلاة التي حكاها إسحاق بن أبي طلحة، عن أنس، لأن في تلك الصلاة قام أنس واليتيم معه خلف المصطفى صلى الله عليه وسلم، والعجوز وحدها وراءهم، وكانت صلاتهم تلك على حصير، وهذه الصلاة قام أنس عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم، وأم سليم وأم حرام خلفهما،
وكانت صلاتهم على بساط، فدل ذلك على أنهما صلاتان لا صلاة واحدة".
قلت: وهو الصواب، هما واقعتان كما قال ابن حبان، ويؤكد ذلك أيضًا أن في حديث ثابت وحميد عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأكل، وأمر برد السمن في سقائه، والتمر في وعائه، واعتذر بكونه صائمًا، وأما في حديث إسحاق عن أنس، فقد دُعي إلى طعام صُنع له، فأكل منه، والله أعلم.
***
613 -
. . . هارون بن عنترة، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، قال: استأذن علقمة والأسود على عبد الله، وقد كنا أطلْنا القعودَ على بابه، فخرجت الجارية فاستأذنَتْ لهما فأذِن لهما، ثم قام فصلى بيني وبينه، ثم قال: هكذا رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل.
• حديث شاذ بهذا السياق.
أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 84/ 799)، وفي الكبرى (1/ 426/ 876)، وأحمد (1/ 424)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 355 و 429/ 4078 و 4936 و 4937)، وفي المسند (191)، وأبو يعلى (8/ 414/ 4996) و (9/ 121/ 5191)، وابن عبد البر في التمهيد (1/ 267)، والخطيب في التاريخ (11/ 104).
قلت: أما الإسناد: فقد اختلف فيه على محمد بن فضيل، فرواه عنه به هكذا: عثمان بن أبي شيبة [ثقة حافظ، له أوهام]، فزاد: عن أبيه، وهو وهم.
وخالفه فأصاب: أحمد بن حنبل [ثقة حافظ حجة، إمام فقيه]، وأبو بكر ابن أبي شيبة [ثقة حافظ]، وأبو خيثمة زهير بن حرب [ثقة ثبت]، ومحمد بن عبيد المحاربي الكندي الكوفي [لا بأس به]:
رووه عن ابن فضيل: حدثنا هارون بن عنترة، عن عبد الرحمن بن الأسود، قال: استأذن علقمة والأسود على عبد الله،. . . فذكره،
أو قال: عن الأسود وعلقمة، قالا: دخلنا على عبد الله نصف النهار،. . . فذكره.
ورواه بالوجه الثاني: محمد بن عبيد الطنافسي [ثقة ثبت]، وعباد بن العوام [ثقة].
وانظر: بيان الوهم لابن القطان (2/ 220/ 204).
• وأما المتن: ففي رواية: عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، وعلقمة، أنهما قالا: صلينا مع ابن مسعود في بيته، أحدنا عن يمينه، والآخر عن يساره، وقال: هكذا صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ورواية ابن فضيل عند أبي داود مختصرة، ولفظها بتمامها عند أبي يعلى: استأذن علقمة والأسود على عبد الله، وقد كانا أطالا القعود على بابه حتى انتصف النهار، قال:
فخرجت فاستأذنت لهما، فأذن لهما، فقال لهما: ما لكما لم تدخلا؟ قال: قالا: كنا نراك نائمًا، قال: ما كنت أشتهي أن تظنا بي هذا، إنا كنا نعدل صلاة هذه الساعة بصلاة الليل، أو نحو من صلاة الليل، ثم قال: إنكم سيليكم أمراء يشغلون عن وقت الصلاة، فصلوها لوقتها، ثم قام فصلى بينه وبينه، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي رواية محمد بن عبيد الطنافسي [عند ابن أبي شيبة (4078)]: عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، قال: أصبتُ أنا وعلقمةُ صحيفةً، فانطلقنا بها إلى عبد الله، فجلسنا بالباب، وقد زالت الشمس، أو كادت تزول، فاستيقظ،. . . فذكر الحديث دون موضع الشاهد.
وهارون بن عنترة: كوفي، ثقة [انظر: التهذيب (4/ 255)، الميزان (4/ 284) وقد رد الذهبي قول من ضعفه بقوله:"الظاهر أن النكارة من الراوي عنه"]؛ فالإسناد صحيح.
وقد تابع هارون عليه:
محمد بن إسحاق [صدوق]، قال: وحدثني عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد النخعي، عن أبيه، قال: دخلت أنا وعمي علقمة على عبد الله بن مسعود بالهاجرة، قال: فأقام الظهر ليصلي، فقمنا خلفه، فأخذ بيدي ويد عمي، ثم جعل أحدنا عن يمينه والآخر عن يساره، ثم قام بيننا فصففنا خلفه صفًا واحدًا، قال: ثم قال هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع إذا كانوا ثلاثة، قال: فصلى بنا، فلما ركع طبَّق، وألصق ذراعيه بفخذيه، وأدخل كفيه بين ركبتيه، قال: فلما سلَّم أقبل علينا، فقال: إنها ستكون أئمة يؤخرون الصلاة عن مواقيتها، فإذا فعلوا ذلك فلا تنتظروهم بها، واجعلوا الصلاة معهم سبحة.
إسناده حسن، وقد تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (432).
قلت: أما رواية هارون، فإن قول ابن مسعود: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يمكن حمله على الصلاة لوقتها، حيث دخلا عليه في أول وقت الظهر، وقد أشار إلى ذلك بقوله: إنكم سيليكم أمراء يشغلون عن وقت الصلاة، فصلوها لوقتها، ويمكن حمله على وقوفه بين الرجلين صفًا واحدًا، وعلى الصلاة لوقتها.
وأما رواية ابن إسحاق فهي صريحة الرفع في كيفية وقوف الاثنين مع الإمام.
لكن خالفهما الحفاظ في ذلك:
• فرواه إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن علقمة والأسود: أنهما كانا مع عبد الله، فحضرت الصلاة، فتأخر علقمة والأسود، فأخذ عبد الله بأيديهما، فأقام واحدًا عن يمينه، والآخر عن شماله، ثم ركعا، فوضعا أيديهما على ركبهما، فضرب أيديهما، ثم طبق يديه وشبك، ثم جعلهما بين فخذيه، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله هكذا.
أخرجه أحمد (1/ 413 - 414)، والطحاوي (1/ 229)، والشاشي (1/ 420/ 437).
والرفع هنا محمول على أقرب مذكور، وهو التطبيق في الركوع، ورواية منصور بن
المعتمر، عن إبراهيم، عن الأسود، بنحو رواية أبي إسحاق السبيعي:
• فقد رواه: إسرائيل، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة والأسود: أنهما دخلا على عبد الله، فقال: أصلى من خلفكم؟ قالا: نعم، فقام بينهما، وجعل أحدهما عن يمينه، والآخر عن شماله، ثم ركعنا فوضعنا أيدينا على ركبنا، فضرب أيدينا، ثم طبق بين يديه، ثم جعلهما بين فخذيه، فلما صلى قال: هكذا فعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
أخرجه مسلم (534/ 28)، وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (574).
فإن قيل: ما زال الاحتمال قائمًا، فيقال: رواية الأعمش عن إبراهيم تزيل هذا الإشكال، وتحصر الرفع في التطبيق وحده، وما عدا ذلك فمن قول ابن مسعود وفعله:
• فقد رواه الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود وعلقمة، قالا: أتينا عبد الله بن مسعود في داره، فقال: أصلى هؤلاء خلفكم؟ فقلنا: لا. قال: فقوموا، فصلوا. فلم يأمرنا بأذان ولا إقامة. قال: وذهبنا لنقوم خلفه، فأخذ بأيدينا، فجعل أحدنا عن يمينه، والآخر عن شماله، قال: فلما ركع، وضعنا أيدينا على ركبنا، قال: فضرب أيدينا، وطبق بين كفيه، ثم أدخلهما بين فخذيه، قال: فلما صلى، قال: إنه ستكون عليكم أمراء يؤخرون الصلاة عن ميقاتها، ويخنقونها إلى شرق الموتى، فإذا رأيتموهم فد فعلوا ذلك؛ فصلوا الصلاة لميقاتها، واجعلوا صلاتكم معهم سبحة، وإذا كنتم ثلاثة فصلوا جميعًا، وإذا كنتم أكثر من ذلك؛ فليؤمكم أحدكم، وإذا ركع أحدكم فليفرش ذراعيه على فخذيه، وليجنأ، وليطبق بين كفيه، فلكأني أنظر إلى اختلاف أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأراهم.
أخرجه مسلم (534/ 26 و 27)، وقد تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (432)، ويأتي عند أبي داود برقم (868).
• ورواه حجاج بن المنهال: ثنا حماد، عن داود، عن الشعبي، عن علقمة: أن ابن مسعود صلى به وبالأسود فقام بينهما. هكذا موقوفًا، ولم يرفعه.
أخرجه ابن المنذر (4/ 216/ 2059)، والطبراني في الكبير (9/ 276/ 9382).
خولف فيه حجاج، وروايته هي المحفوظة، وإسناده صحيح، وانظر ما تقدم تحت الحديث رقم (574).
• ورواه الثوري، عن الأعمش، عن إبراهيم، قال: قال ابن مسعود: إذا كانوا ثلاثة فليصفوا جميعًا، وإذا كانوا أكثر من ذلك فليتقدم أحدهم.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 409/ 3885)، ومن طريقه: الطبراني في الكبير (9/ 276 - 277/ 9384).
هكذا موقوفًا، بإسناد صحيح، فإن إبراهيم إنما حمله عن علقمة والأسود، كما هو ظاهر من طرق الحديث، ومعلوم بأن إبراهيم إذا قال: قال ابن مسعود، فهو يعني بذلك أنه سمعه من غير واحد عن ابن مسعود [انظر: علل الترمذي الصغير (62)، طبقات ابن سعد (6/ 494)، التمهيد (1/ 37)].
وبناءً على مما تقدم: فرواية ابن إسحاق في التصريح بالرفع: وهمٌ، ورواية هارون بن عنترة يحمل الرفع فيها على الصلاة لوقتها، أو على أنه اختصر الحديث، فأسقط الكلام عن التطبيق، وهو المخصوص بالرفع، كما في رواية إبراهيم النخعي، والله أعلم.
لذا قال ابن عبد البر عن حديث هارون بن عنترة: "وهذا الحديث لا يصح رفعه، والصحيح عندهم فيه التوقيف على ابن مسعود: أنه كذلك صلى بعلقمة والأسود، وحديث أنس [يعني: في وقوفه هو اليتيم خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم] أثبت عند أهل العلم بالنقل، والله أعلم".
• ومما يزيد هذا المعنى وضوحًا:
ما رواه معاذ بن معاذ، عن ابن عون، قال: كنت أنا وشعيب بن الحبحاب عند إبراهيم فحضرت العصر، فصلى بنا إبراهيم، فقمنا خلفه، فجرنا فجعلنا عن يمينه وعن شماله، قال: فلما صلينا وخرجنا إلى الدار، قال إبراهيم: قال ابن مسعود صلى الله عليه وسلم: هكذا فصلوا، ولا تصلوا كما يصلي فلان.
قال: فذكرت ذلك لمحمد بن سيرين، ولم أسم له إبراهيم، فقال: هذا إبراهيم قد قال ذاك عن علقمة، ولا أرى ابن مسعود رضي الله عنه فعله إلا لضيقٍ كان في المسجد، أو لعذرٍ رآه فيه، لا على أن ذلك من السنة.
قال: وذكرته للشعبي، فقال: قد زعم ذاك علقمة، ابن عون القائل.
أخرجه الطحاوي (1/ 306 - 307)، وإسناده صحيح.
وللحديث طرق أخرى في ذكر التطبيق، ليس فيها موضع الشاهد، تركت ذكرها.
قال الطحاوي: "ففي هذا الحديث إضافة الفعل إلى ابن مسعود رضي الله عنه، ولا يذكره الشعبي ولا ابن سيرين، عن علقمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد يجوز أيضًا أن يكون علقمة لم يذكر ذلك للشعبي ولابن سيرين أن ابن مسعود رضي الله عنه ذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ذكره الأسود لابنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف كان المعنى في هذا فقد عورض ذلك".
قلت: أراد الطحاوي حديث الأسود الذي يرويه ابن إسحاق، وقد سبق أن بينا بأنها رواية شاذة، فلا عبرة بها، والله أعلم.
• والحاصل: أنه قد صح عن ابن مسعود من قوله: إذا كنتم ثلاثة فصفوا جميعًا، وإذا كنتم أكثر من ذلك فقدموا أحدكم، وكذلك من فعله في صلاته بعلقمة والأسود: وهو معارض بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من وجوه متعددة، رواه: أنس، وجابر، وبما صح عن الصحابة، مثل: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمر.
قال الحازمي في الاعتبار (1/ 407): "وقال بعضهم: حديث عبد الله بن مسعود منسوخ، لأن عبد الله بن مسعود إنما تعلم هذه الصلاة من النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة، وفيها التطبيق وأحكام آخر هي الآن متروكة، وهذا الحكم من جملتها، ولما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة تركه".
• أما أحاديث الباب خلا حديث أنس:
1 -
حديث جابر بن عبد الله:
وله عنه طرق، منها:
أ- حاتم بن إسماعيل، عن يعقوب بن مجاهد أبي حزرة المدني، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، قال: خرجت أنا وأبي نطلب العلم في هذا الحي من الأنصار قبل أن يهلكوا،. . . فذكر الحديث بطوله إلى أن قال: ثم مضينا حتى أتينا جابر بن عبد الله في مسجده،. . . فذكر الحديث إلى أن قال جابر: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي،. . .، ثم جئتُ حتى قمتُ عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه، ثم جاء جَبَّار بن صخر فتوضأ، ثم جاء فقام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدينا جميعًا، فدفعنا حتى أقامنا خلفه،. . . الحديث.
أخرجه مسلم (3010)، وأبو داود (634)، وابن حبان (5/ 574/ 2197)، وابن الجارود (172)، والحاكم (1/ 254)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 175/ 1972)، والطحاوي (1/ 307)، والدارقطني في المؤتلف (1/ 401)، وابن أخي ميمي الدقاق في فوائده (220)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ 526/ 1470)، وابن حزم في المحلى (4/ 66)، والبيهقي في السنن (2/ 239) و (3/ 95)، وفي المعرفة (2/ 378/ 1500)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 271)، والبغوي في شرح السنة (3/ 385/ 827)، وإسماعيل الأصبهاني في الدلائل (37)، وابن بشكوال في الغوامض (5/ 366 و 367)، والحازمي في الاعتبار (1/ 408/ 138)، وعلقه مسلم في التمييز (51).
قال الحازمي: "هذا حديث صحيح،. . .، وفيه دلالة على أن هذا الحكم هو الآخر، لأن جابرًا إنما شهد المشاهد التي كانت بعد بدر، ثم في قيام ابن صخر عن يسار النبي صلى الله عليه وسلم أيضًا دلالة على أن الحكم الأول كان مشروعًا، وأن ابن صخر كان يستعمل الحكم الأول حتى منع منه، وعرف الحكم الثابت الثاني".
ب- ورواه يحيى بن سعيد الأنصاري [ثقة ثبت]، والضحاك بن عثمان [صدوق]، ومحمد بن إسحاق [صدوق]:
عن شرحبيل بن سعد، عن جابر، قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فأقامني عن يمينه.
وفي رواية ليحيى بن سعيد، قال: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية حتى نزلنا السقيا، فقال معاذ بن جبل: من يسقينا؟ قال جابر: فخرجت في فتيان من الأنصار حتى أتينا الماء الذي بالأثاية، وبينهما قريب من ثلاث وعشرين ميلًا، فسقينا واستقينا، حتى إذا كان بعد عتمة جاء رجل على بعير، ينازعه بعيره إلى الحوض، فقال له: أورد، فأورد، فأخذت بزمام راحلته فأنختها، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى العتمة، وجابر إلى جانبه، فصلى ثلاث عشر سجدة.
وفي رواية الضحاك بن عثمان، قال: ثنا شرحبيل، قال: سمعت جابر بن عبد الله،
يقول: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي المغرب، فجئته فقمت إلى جنبه عن يساره، فنهاني فجعلني عن يمينه، ثم جاء صاحب لي فصففنا خلفه، فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثوب واحد مخالفًا بين طرفيه.
وفي رواية ابن إسحاق: صلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بي وبجبار بن صخر، فأقامنا خلفه.
أخرجه ابن ماجه (974)، وابن خزيمة (3/ 18/ 1535)، وابن حبان (6/ 356/ 2628)، وأحمد (3/ 326 و 380)، وابن أبي شيبة (1/ 428/ 4926) و (2/ 234/ 8489)، وأبو يعلى (4/ 151/ 2216)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 172/ 1965)، وأبو طاهر المخلص في الأول من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (29/ أ).
قال مغلطاي في شرح سنن ابن ماجه (5/ 1655): "هذا حديث في إسناده ضعف؛ بضعف شرحبيل بن سعد. . .".
خالفهما: أبو أويس [عبد الله بن عبد الله بن أويس: ليس به بأس، لينه بعضهم]، فرواه عن شرحبيل بن سعد، عن جبار بن صخر، قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقامني عن يمينه.
أخرجه أحمد (3/ 421)، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (1/ 479/ 316)، وابن قانع في المعجم (1/ 161)، والطبراني في الكبير (2/ 270/ 2137)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ 527/ 1471).
قال البغوي: "لا أعلم روى غيره"، ولم يذكر الطبراني لجبار بن صخر حديثًا مسندًا غير هذا، وذكر له أبو نعيم حديثًا آخر، وسنده واهٍ.
وقد أخرجه أحمد مطولًا بنحو سياق حديث جابر، من رواية عبادة بن الوليد عنه.
ففي المسند: عن جبار بن صخر الأنصاري، أحد بني سلمة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بطريق مكة: "من يسبقنا إلى الأثاية؟ " -قال: أبو أويس: هو حيث نفَّرَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم "فيمْدُرَ حوضها، ويفرط فيه، فيملأه حتى نأتيه" قال: قال جبار: فقمت فقلت: أنا، قال:"اذهب" فذهبت فأتيت الأثاية فمدرت حوضها، وفرطت فيه، وملأته، ثم غلبتني عيناي فنمت، فما انتبهت إلا برجل تنازعه راحلته إلى الماء، ويكفها عنه، فقال:"يا صاحب الحوض" فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: نعم، قال: فأورد راحلته، ثم انصرف، فأناخ ثم قال:"اتبعني بالإداوة" فتبعته بها، فتوضأ وأحسن وضوءه، وتوضأت معه، ثم قام يصلي، فقمت عن يساره، فأخذ بيدي فحولني عن يمينه، فصلينا، فلم يلبث يسيرًا أن جاء الناس.
قلت: إسناده ضعيف؛ شرحبيل بن سعد: ضعيف، وقد سمع جابرًا، وقد اضطرب في هذا الحديث [التهذيب (2/ 157)، التاريخ الكبير (4/ 251)، الجرح والتعديل (4/ 338)]، وأصل الحديث صحيح، والله أعلم.
ج- الليث بن سعد، عن خالد -وهو: ابن يزيد-، عن سعيد -وهو: ابن أبي هلال-، عن عمرو بن سعيد، أنه قال: دخلت على جابر بن عبد الله، أنا وأبو سلمة بن
عبد الرحمن، فوجدناه قائمًا يصلي عليه إزار،. . . فذكر الحديث بنحو قصة جابر وجبار في تهيئة حياض الأثاية، وقال: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج لبعض حاجته، فصببت له وَضوءًا، فتوضأ فالتحف بإزاره، فقمت عن يساره، فجعلني عن يمينه، وأتى آخر فقام عن يساره، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، وصلينا معه، فصلى ثلاث عشر ركعة بالوتر.
أخرجه ابن خزيمة (3/ 18 و 87/ 1536 و 1674)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 174/ 1971).
وإسناده صحيح، رجاله ثقات مشهورون، وعمرو بن سعيد هو الأموي المعروف بالأشدق، تابعي أخرج له مسلم متابعة (228)، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين (5/ 178)[التهذيب (3/ 272)، إكمال مغلطاي (10/ 172)]، وخالد بن يزيد هو: الجمحي المصري.
• ووهم في إسناده، وسلك فيه الجادة:
ابن لهيعة [وهو: ضعيف]، فرواه عن خالد بن يزيد، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فقمت عن يساره، فحولني عن يمينه، ثم أتى جبار بن صخر، فقام عن يساره، فنقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقمنا خلفه.
أخرجه الطبراني في الأوسط (8/ 375/ 8918).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن خالد بن يزيد إلا ابن لهيعة".
• وفي ملأ حياض الأثاية: إسناد آخر فيه ضعف، وفيه موضع الشاهد، انظر: المعجم الأوسط للطبراني (9/ 18 - 19/ 9000).
2 -
حديث مسعود بن هنيدة، غلام فروة الأسلمي:
يرويه زيد بن الحباب، قال: حدثنا أفلح بن سعيد، قال: حدثنا بريدة بن سفيان بن فروة الأسلمي، عن غلام لجده يقال له مسعود، فقال: مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، فقال لي أبو بكر: يا مسعود، ائت أبا تميم -يعني مولاه- فقل له: يحملنا على بعير، ويبعث إلينا بزادٍ، ودليلٍ يدلُّنا، فجئت إلى مولاي فأخبرته، فبعث معي ببعير ووَطْب من لبن، فجعلت آخذ بهم في إخفاء الطريق، وحضرت الصلاة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، وقام أبو بكر عن يمينه، وقد عرفت الإسلام وأنا معهما، فجئت فقمت خلفهما، فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر أبي بكر، فقمنا خلفه.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (7/ 422)، والنسائي في المجتبى (2/ 84 - 85/ 800)، وفي الكبرى (1/ 427/ 877)، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (5/ 411)، وابن قانع في المعجم (3/ 64)، والطبراني في الكبير (20/ 330/ 784)، وابن عدي في الكامل (2/ 61)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5/ 2533/ 6131)، وابن عبد البر في الاستيعاب (3/ 1394 - 1395)، والحازمي في الاعتبار (1/ 409 - 410/ 139)، والمزي في التهذيب (27/ 481).
قال النسائي: "بريدة هذا: ليس بالقوي في الحديث".
ورواه ابن سعد في الطبقات (4/ 311) عن شيخه محمد بن عمر الواقدي [وهو: متروك] من طريقين هذا أحدهما، والثاني عن هاشم بن عاصم الأسلمي، عن أبيه، عن مسعود بنحوه، ولم أر من وثق شيخ الواقدي، أو ترجم له.
قلت: هو حديث ضعيف، بريدة بن سفيان الأسلمي: ضعيف، والواقدي: متروك [التهذيب (1/ 219)، الإصابة (1/ 357)، الميزان (1/ 306)، إكمال مغلطاي (2/ 374)، العلل ومعرفة الرجال (2/ 44/ 1500)، تاريخ ابن معين للدوري (3/ 70 و 396/ 268 و 1923)، التاريخ الكبير (2/ 141)، الجرح والتعديل (2/ 424)، الضعفاء الكبير (1/ 164)، الكامل (2/ 61)، منهج النسائي في الجرح والتعديل (3/ 1232)].
3 -
حديث سمرة:
يرويه الحسن بن حبيب بن ندبة: ثنا إسماعيل المكي، عن الحسن، عن سمرة بن جندب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان اثنان صليا معًا، فإذا كانوا ثلاثة تقدم أحدهم".
ورواه محمد بن أبي عدي، قال: أنبأنا إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن سمرة بن جندب، قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا ثلاثة أن يتقدمنا أحدنا.
وفي رواية: علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كنتم اثنين فليقم أحدكما إلى جنب صاحبه، وإذا كنتم ثلاثة فليقدمكم أحدكم".
تقدم ذكره في آخر الباب المتقدم، وهو حديث منكر.
4 -
حديث أبي هريرة:
يرويه عمرو بن عبيد، عن الحسن، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كانوا ثلاثة تقدم واحد، وتأخر اثنان، فصلى بهما".
أخرجه ابن عدي في الكامل (5/ 107 - 108).
وهو حديث منكر؛ عمرو بن عبيد، شيخ القدرية والمعتزلة: متروك، يكذب على الحسن.
• وأما الآثار في الباب:
1 -
عمر بن الخطاب:
روى مالك، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبيه، أنه قال: دخلت على عمر بن الخطاب بالهاجرة، فوجدته يسبح، فقمت وراءه، فقربني حتى جعلني حذاءه عن يمينه، فلما جاء يرفأ، تأخرت، فصففنا وراءه.
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 219/ 420)، وعنه: الشافعي في الأم (7/ 185).
ومن طريقه: يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2/ 274)، والطحاوي (1/ 307)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (91)، والبيهقي (3/ 96).
تابع مالكًا عليه: سفيان بن عيينة، وشعيب بن أبي حمزة، ومعمر بن راشد،
ويونس بن يزيد، وعقيل بن خالد، وابن جريج، ومحمد بن أبي حفصة: رووه عن الزهري به.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 410/ 388 و 3889)، وابن أبي شيبة (1/ 428 و 429/ 4927 و 4944)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 173/ 1966)، والطحاوي (1/ 307)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (92)، وذكره يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2/ 274).
وانظر فيمن وهم فيه على الزهري: المعرفة والتاريخ (2/ 273).
وتابع الزهري عليه: يحيى بن سعيد الأنصاري، فرواه عن عبيد الله به.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 429/ 4946).
وهو صحيح عن عمر، موقوفًا عليه.
• وله طريق أخرى عن عمر: عند الطحاوي (1/ 307).
2 -
علي بن أبي طالب:
رواه أبو نعيم الفضل بن دكين، قال: نا نصير بن أبي الأشعث، عن حماد بن خوار، عن عبد الملك بن ميسرة، عن النزَّال بن سبرة، عن علي، قال: إذا كانوا ثلاثة تقدم أحدهم.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 429/ 4947)، ومن طريقه: ابن المنذر في الأوسط (4/ 173/ 1967).
رجاله ثقات، غير حماد بن خوار: ذكره ابن حبان في الثقات، وروى عنه اثنان، ولم يرو منكرًا [التاريخ الكبير (3/ 27)، الجرح والتعديل (3/ 136)، الثقات (6/ 220)]، والنزال بن سبرة: صاحب علي، ثقة، وروايته عنه في صحيح البخاري (5615 و 5616).
وإسناده لا بأس به، في مثل هذا.
3 -
ابن عمر:
رواه ابن جريج [ثقة، إمام فقيه، يدلس، وهو ثبت في نافع، وروايته عنه في الصحيحين]، وليث بن أبي سليم [ضعيف]:
عن نافع: أن ابن عمر قال: يصليان وراءه.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 408/ 3879)، وابن أبي شيبة (1/ 429/ 4939)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 173/ 1968).
وإسناده صحيح.
وله طريق أخرى عن ابن عمر: عند ابن أبي شيبة (1/ 429/ 4938).
وبهذه الآثار يزول الإشكال، ويندفع ما يمكن أن يعترض به من شبهة بسبب فعل ابن مسعود وقوله، والله أعلم.
• قال الترمذي بعد حديث أنس المتقدم في هذا الباب (612): "حديث أنس: حديث حسن صحيح.