الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
84 - باب في كم تصلي المرأة
639 -
. . . مالك، عن محمد بن زيد بن قُنفُذ، عن أمه، أنها سألت أم سلمة: ماذا تصلي فيه المرأة من الثياب؟ فقالت: تصلي في الخمار والدِّرع السابغ الذي يُغيِّبُ ظهورَ قدميها.
• موقوف ضعيف.
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 204/ 379)، ومن طريقه:
أبو داود (639)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 72/ 05 24)، والبيهقي في السنن (2/ 232)، وفي المعرفة (2/ 91/ 990)، وفي الآداب (869)، والبغوي في شرح السنة (2/ 435/ 526)، وابن بشكوال في الغوامض (2/ 729/ 744).
• تابع مالكًا عليه:
بكر بن مضر، وحفص بن غياث، وإسماعيل بن جعفر، وابن أبي ذئب، وأبو غسان محمد بن مطرف، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وهشام بن سعد، وعبد الرحمن بن إسحاق المدني، ومحمد بن إسحاق [وهم: ثقات]، وابن لهيعة [ضعيف]:
عن محمد بن زيد، عن أمه [قال إسماعيل: عن أمه أم حرام]، عن أم سلمة به موقوفًا.
أخرجه ابن وهب في الجامع (452)، وابن سعد في الطبقات (8/ 476)، وابن أبي شيبة (2/ 36/ 6172 و 6173)، وعلي بن حجر في حديث إسماعيل بن جعفر (445)، والبيهقي في السنن (2/ 232)، وفي الآداب (869)، وابن بشكوال في الغوامض (2/ 729/ 745)، وذكره الدارقطني في العلل (15/ 251/ 4000).
قال البيهقي في الآداب: "هذا هو الصحيح موقوف، ورُوي مرفوعًا".
وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (1/ 317): "هذا هو الصحيح أنه من قول أم سلمة، وقد ذكر بعضهم فيه النبي صلى الله عليه وسلم".
• قلت: قد اختلف في هذا الحديث على محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ [وهو: مدني، ثقة]:
1 -
فرواه مالك بن أنس، وبكر بن مضر، وحفص بن غياث، وإسماعيل بن جعفر، وابن أبي ذئب، وأبو غسان محمد بن مطرف، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وهشام بن سعد، وعبد الرحمن بن إسحاق المدني، ومحمد بن إسحاق [وهم عشرة من الثقات]، وابن لهيعة [ضعيف]:
عن محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ، عن أمه، عن أم سلمة به موقوفًا.
2 -
وخالف جماعة الثقات فأسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم:
عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، فرواه عن محمد بن زيد بن المهاجر، عن أمه، عن أم سلمة، أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار؟ قال: "إذا كان الدِّرعُ سابغًا يُغطِّي ظهور قدميها".
يأتي ذكر من أخرجه، وهو الحديث الآتي في السنن، وقد وهم في رفعه عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار.
قال أبو داود: "روى هذا الحديث: مالك بن أنس، وبكر بن مضر، وحفص بن غياث، وإسماعيل بن جعفر، وابن أبي ذئب، وابن إسحاق، عن محمد بن زيد، عن أمه، عن أم سلمة، لم يذكر أحد منهم النبي صلى الله عليه وسلم، قَصَروا به على أم سلمة رضي الله عنها.
وقال الدارقطني في العلل (15/ 251/ 4000) بعد أن ذكر الاختلاف فيه، وختمه بذكر من رواه موقوفًا، فقال:"وهو الصواب".
وأُقحم في مسند عائشة من العلل (14/ 438/ 3787) خطأً، وقال الدارقطني:"ورفعه عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن محمد بن زيد، وأسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والمحفوظ: الموقوف".
وقال البيهقي عن الموقوف: "هذا هو الصحيح: موقوف، ورُوي مرفوعًا".
وقال ابن عبد البر في التمهيد (6/ 367): "والذين وقفوه على أم سلمة أكثر وأحفظ"، وقال أيضًا:"عبد الرحمن هذا: ضعيف عندهم؛ إلا أنه قد خرج البخاري بعض حديثه".
وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (1/ 317): "هذا هو الصحيح أنه من قول أم سلمة، وقد ذكر بعضهم فيه النبي صلى الله عليه وسلم".
وقال ابن الجوزي: "والظاهر أنه غلط في رفع هذا الحديث".
وقال النووي في المجموع (3/ 174)، وفي الخلاصة (972):"رواه أبو داود بإسناد جيد، لكن قال: رواه أكثر الرواة عن أم سلمة موقوفًا عليها من قولها"، زاد في الخلاصة:"والرفع مقدم على الوقف على الصحيح"، قلت: إذا دلت على ذلك القرائن، والأمر هنا بخلاف ذلك، ولا ينبغي جعلها قاعدة مطردة، وإنما الزيادة [سندًا -بالرفع أو الوصل-، أو متنًا] تقبل من الثقة الحافظ، إذا دلت القرائن على أنه قد حفظها، ولم يخالف في ذلك الجمع الكثير من الثقات.
وقال الذهبي في تنقيح التحقيق (1/ 128): "فرفعه غلط".
وقال ابن حجر في البلوغ (163): "وصحح الأئمة وقفه".
خالف الحاكم هؤلاء الأئمة فصححه، معتمدًا على كون عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ممن أخرج له البخاري، فقال:"هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه".
قلت: عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار: صدوق يخطئ، والأكثر على تضعيفه، وقد مشاه بعضهم [تقدم الكلام عليه تحت الحديث رقم (580)]، فكيف يُقدَّم قوله، وتُقبل زيادته هنا بالرفع، ولم يكن بالحافظ، ولا يُطلق القول بتوثيقه، فإن له أوهامًا أُنكرت عليه، فمثله إذا خالفه إمام المتقنين وكبير المتثبتين الإمام مالك بن أنس وحده، قُدِّم عليه قول مالك، فكيف وقد تابع مالكًا عليه: تسعة من الثقات، فمثل هذا مما يُقطع فيه بالوهم عليه، لذا ترى الأئمة قد جزموا بتصحيح الموقوف، ولم يترددوا في ذلك باستعمال بعض العبارات، مثل: الأشبه، والأقرب، ونحو ذلك، والله أعلم.
• وبناء على ما تقدم من أن الصحيح هو الوقف، فهل يثبت عن أم سلمة؟
فيقال: هذا موقوف بإسناد ضعيف؛ لأجل أم حرام والدة محمد بن زيد بن المهاجر، فقد تفرد عنها ولدها، وقال الذهبي:"لا تعرف"[التهذيب (4/ 694)، الميزان (4/ 612)].
• وله أسانيد أخرى عن أم سلمة:
• فقد روى عبد الرزاق، عن مالك، عن محمد بن أبي بكر، عن أمه: أنها سألت أم سلمة في كم تصلي المرأة؟ قالت: في الخمار والدرع السابغ الذي يغيب ظهور قدميها.
أخرجه عبد الرزاق (3/ 128/ 5028).
قلت: هذه الرواية وهم على مالك، فقد رواه رواة الموطأ وغيرهم من الثقات: عن مالك، عن محمد بن زيد بن قُنفُذ، عن أمه، أنها سألت أم سلمة:
…
فذكره.
فإنما هو محمد بن زيد بن قنفذ، وليس هو محمد بن أبي بكر، والله أعلم.
• وروى معمر، عن قتادة، عن أم الحسن، قالت: رأيت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تصلي في درع وخمار.
أخرجه عبد الرزاق (3/ 128/ 5027).
قلت: قتادة سمع أم الحسن [راجع الحديث المتقدم برقم (592)]، لكن معمرًا وإن كان ثقة في الزهري وطاوس؛ إلا أنه كان يُضعَّف حديثه عن أهل العراق خاصة، وحديثه عن أهل البصرة فيه ضعف، وقتادة بصري، وكان معمر سيئ الحفظ لحديث قتادة [انظر: علل الدارقطني (12/ 221/ 2642)، تاريخ دمشق (59/ 414)، شرح علل الترمذي (2/ 774 و 804)].
ولم يرد في هذه الرواية ذكر القدمين؛ مع كونها من فعل أم سلمة، لا من قولها.
• وروى قريش بن حيان العجلي [بصري، ثقة]: حدثتنا أَمَةُ الله بنت مذعور، عن أمها، قالت: دخلت على أم سلمة وهي تصلي في درع وخمار، فسألتها عن العَلَم في الثوب؟ فقالت: كنا نلبس مثل هذا الثوب، لثوب عليها، فيها عَلَم حرير على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه الطبراني في الكبير (23/ 419/ 1015)، بإسناد صحيح إلى قريش.
قال الهيثمي في المجمع (5/ 144): "رواه الطبراني، وأمة الله وأمها: لم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات".
قلت: ومع جهالة إسناده، فلم يرد فيه ذكر القدمين، وهو أيضًا من فعلها، لا من قولها.
وعلى هذا فإن هاتين المتابعتين إن كانتا تقويان أصل فعل أم سلمة من صلاتها في درع وخمار؛ إلا أنهما لا تقويان قولها، من كون الدِّرع سابغًا يغطي ظهور القدمين.
وعلى هذا فإن قولها الموقوف: ضعيف أيضًا، والله أعلم.
• ومما ورد من الآثار أيضًا في صلاة المرأة في درع وخمار:
عن ميمونة بنت الحارث الهلالية أم المؤمنين رضي الله عنها:
• روى مالك، عن الثقة عنده، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن بسر بن سعيد، عن عبيد الله بن الأسود الخولاني -وكان في حجر ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم -: أن ميمونة كانت تصلي في الدرع والخمار ليس عليها إزار.
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 204/ 380)، ومن طريقه: البيهقي (2/ 233).
قال ابن عبد البر في الاستذكار (2/ 199): "وأما حديث ميمونة: فالثقة الذي رواه عنه مالك هو: الليث بن سعد".
وانظر فيمن وهم في إسناده على مالك: مصنف ابن أبي شيبة (2/ 36/ 6171).
• قلت: رواه الليث بن سعد [من رواية اثنين عنه]، وعمرو بن الحارث، ومخرمة بن بكير، وابن لهيعة [ضعيف]:
عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن بسر بن سعيد، أن عبيد الله الخولاني -وكان في حجر ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم - حدث أنه قال: رأيت ميمونة تصلي في درع سابغ وخمار، ليس عليها إزار.
أخرجه ابن سعد (8/ 139)، والحارث بن أبي أسامة (139 - بغية الباحث)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 72/ 2406)، والبيهقي (2/ 233)، وعلقه ابن عبد البر في الاستذكار (2/ 199).
قال ابن عبد البر: "قال أبو سلمة منصور بن سلمة: وهذا ما رواه مالك بن أنس عن الليث بن سعد.
قال أبو عمر [ابن عبد البر]: أكثر ما يقول مالك: حدثني الثقة، فهو: مخرمة بن بكير الأشج. وقال أصحاب مالك -ابن وهب وغيره-: كل ما أخذه مالك من كتب بكير؛ فإنه يأخذها من مخرمة ابنه، فينظر فيها".
قال ابن حجر في المطالب (3/ 371): "صحيح موقوف".
قلت: نعم؛ إسناده صحيح، لكن اختلف فيه على بكير، والليث بن سعد:
• فقد رواه الليث بن سعد [في رواية أخرى عنه]، وابن إسحاق:
عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن عبيد الله الخولاني، قال: رأيت ميمونة -زوج النبي صلى الله عليه وسلم - تصلي في درع سابغ، لا إزار عليها. لفظ الليث.
أخرجه ابن سعد (8/ 138)، وابن أبي شيبة (36/ 2/ 6170).
قلت: رواية الذين زادوا في الإسناد بسر بن سعيد: أصح، فإنهم أكثر عددًا، وعليه فهو كما قال ابن حجر: صحيح موقوف، والله أعلم.
• وروي أيضًا في الصلاة في الدرع والخمار: عن عائشة، وأم حبيبة، وعلي، وابن عباس [انظر: التاريخ الكبير (6/ 189)، الموطأ (1/ 204/ 378) بلاغًا. مصنف عبد الرزاق (3/ 128 و 129/ 5029 - 5032)، الطبقات الكبرى لابن سعد (8/ 489)، مصنف ابن أبي شيبة (2/ 36/ 6169 و 6174)، تاريخ واسط (72)، الأوسط لابن المنذر (5/ 73/ 2408 و 2409)، علل الحديث لابن أبي حاتم (1/ 379/137)] [وفي أسانيدها مقال].
• ومما جاء من آثار في أن المرأة تصلي في ثلاثة أثواب:
1 -
عن عمر بن الخطاب:
رواه إسماعيل ابن علية، ومحمد بن عبد الله الأنصاري [من رواية أبي مسلم الكجي عنه]: عن سليمان التيمي، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، قال: قال عمر: تصلي المرأة في ثلاثة أثواب [زاد الأنصاري: درع وخمار وإزار].
أخرجه محمد بن عبد الله الأنصاري في حديثه (11 - برواية الكجي)، وابن أبي شيبة (2/ 36/ 6168)، وأحمد بن منيع في مسنده (3/ 367/ 321 - مطالب)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 74/ 2410)، والبيهقي (2/ 235).
قال ابن حجر: "هذا إسناد صحيح".
• خالف فرفعه، ولم يذكر فيه عمر:
محمد بن عبد الله الأنصاري [من رواية محمد بن إبراهيم التيمي عنه، والتيمي هذا أظنه المترجم له في الميزان (3/ 445 و 446)، واللسان (6/ 470 و 472)، قال الأزدي: "ضعيف جدًّا"، وقال الذهبي: "شيخ لا يعرف"]، قال: حدثنا سليمان التيمي، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"تصلي المرأة في ثلاثة أثواب: إزار ودرع وخمار".
أخرجه ابن عبد البر في الاستذكار (2/ 200 - العلمية)(5/ 443/ 7681 - ط قلعجي).
قلت: وهذا حديث منكر، والمحفوظ ما تقدم من قول عمر.
هكذا رواه سليمان التيمي، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، قال: قال عمر، ولم يكن التيمي من أصحاب ابن سيرين المكثرين عنه [وانظر وهمًا لسليمان التيمي على قتادة: الحديث المتقدم برقم (607)]، وقد اعتبر يحيى بن سعيد القطان روايته عن ابن سيرين صالحة إذا قال: سمعت، أو: حدثنا [التهذيب (2/ 99)]، ولم يذكر هنا سماعًا، وقد
خالفه فيه أثبت أصحاب ابن سيرين، فلم يتجاوز به ابن سيرين:
فقد رواه ابن علية، عن أيوب، عن ابن سيرين، قال: تصلي المرأة في ثلاثة أثواب.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 37/ 6177).
تابع أيوب السختياني عليه: أبو هلال الراسبي محمد بن سليم [ليس بالقوي]، وأشعث بن سوار الكندي [ضعيف][في رواية عنه]، عن ابن سيرين قوله.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 37/ 6176 و 6178).
قلت: فالأقرب أنه من قول ابن سيرين، والله أعلم.
2 -
عن ابن عمر:
رواه عبد الله بن نمير، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: إذا صلت المرأة فلتصل في ثيابها كلها: الدرع، والخمار، والملحفة.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 37/ 6175)، ومن طريقه: ابن المنذر في الأوسط (5/ 74/ 2411).
وهذا إسناد صحيح، موقوف على ابن عمر قوله.
• وقد خولف فيه:
رواه حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، أنه قال: تصلي المرأة في أربعة أثواب: درع، وإزار، وخمار، وملحفة.
أخرجه ابن المنذر في الأوسط (5/ 75/ 2413)، بإسناد صحيح إلى حماد.
وإسناده صحيح أيضًا، ويحمل مثل هذا على التعدد بحسب مناسبة الحال، ويكون عند نافع على الوجهين، وحدث كلًّا بوجه، وإن كان الأول أصح، لكن حمل مثل هذا على التعدد ممكن، والأمر فيه سهل، والله أعلم.
3 -
عن عائشة:
رواه عمرو بن الحارث، عن عبيد الله بن أبي جعفر: أن محمد بن جعفر بن الزبير حدثه: أنه سمع عروة بن الزبير، يخبر عن عائشة: أنها كانت تقوم إلى الصلاة في الخمار والإزار والدرع، فتسبل إزارها فتخالف به، وكانت تقول: ثلاثة أثواب لا بد للمرأة منها في الصلاة إذا وجدتها: الخمار، والجلباب، والدرع.
أخرجه ابن المنذر في الأوسط (5/ 74/ 2412).
وإسناده صحيح، موقوف على عائشة.
• وروى مسدد (3/ 362/ 319 - مطالب): حدثنا إسماعيل [هو: ابن علية]: أنا محمد بن إسحاق: أنا أبو الرجال محمد بن عبد الرحمن، عن أمه عمرة رضي الله عنها، قالت: قالت عائشة رضي الله عنها: لا تصلي المرأة في أقل من ثلاثة أثواب لمن قدر.
وهذا موقوف بإسناد حسن؛ لأجل ابن إسحاق.
• وروى حماد بن زيد، ومحمد بن فضيل، وشريك بن عبد الله النخعي:
عن عاصم الأحول، عن معاذة، عن عائشة: أنها قامت تصلي في درع وخمار، فأتتها الأمة فألقت عليها ثوبًا. لفظ ابن فضيل، ولفظ حماد: أن عائشة قامت إلى الصلاة في درع وخمار حتى نوولت الملحفة. ولفظ شريك: كنت عند عائشة وعندها نسوة، فدخلت في الصلاة في درع وخمار ومنطق، ثم أتتها الجارية بملحفة بعدُ، قالت: أومأَتْ أنْ كُلْنَ.
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 37/ 6186)، وأبو إسحاق الحربي في غريب الحديث (2/ 693)، وأبو القاسم البغوي في مسند علي بن الجعد (2413)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 73/ 2407).
وإسناده صحيح، موقوف على عائشة فعلها.
قلت: وهذه الروايات الثلاث عن عائشة إذا جمعت ظهر منها أن الأمر في ذلك واسع، وأن المقصود أن تستر المرأة في الصلاة ما يجب عليها ستره، وسيأتي نقل كلام ابن المنذر في هذا المعنى قريبًا، إن شاء الله تعالى.
وتقدمت الإشارة إلى أن ما روي عن عائشة في الصلاة في الدرع والخمار: في أسانيدها مقال.
• ومما جاء من آثار في أن المرأة تصلي في أربعة أثواب:
فيه عن ابن عمر، وتقدم قريبًا.
***
640 -
. . . عثمان بن عمر: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله -يعني: ابن دينار-، عن محمد بن زيد، -بهذا الحديث-، قال: عن أم سلمة، أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار؟ قال: "إذا كان الدِّرعُ سابغًا يُغطِّي ظهور قدميها".
قال أبو داود: روى هذا الحديث مالك بن أنس، وبكر بن مضر، وحفص بن غياث، وإسماعيل بن جعفر، وابن أبي ذئب، وابن إسحاق، عن محمد بن زيد، عن أمه، عن أم سلمة، لم يذكر أحد منهم النبي صلى الله عليه وسلم، قَصَروا به على أم سلمة رضي الله عنه.
• حديث شاذ، والمحفوظ موقوف.
أخرجه الحاكم (1/ 250)[وقع في المطبوع والمخطوط: عن أبيه، بدل: عن أمه، وهو تحريف، وانظر: سنن البيهقي (2/ 233)، إتحاف المهرة (18/ 224/ 23594)]، والدارقطني (2/ 62)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 311)، والبيهقي في السنن (2/ 233)، وفي المعرفة (2/ 92/ 991)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (63/ 110)، وابن الجوزي في التحقيق (408)، والمزي في التهذيب (35/ 344).
تقدم الكلام عليه تحت الحديث السابق.
• ومن فقه الباب:
قال مالك: "إذا صلت المرأة وشعرها بادٍ، أو صدرها، أو ظهور قدميها، أو معصميها، فلتعد الصلاة ما دامت في الوقت"[المدونة (1/ 94)].
وقال الشافعي في الأم (1/ 90) بأن: "المرأة تصلي في الدرع والخمار والمِقْنَعة، والخمار والمقنعة: ساتران عورة الجيب،
…
، والمرأةُ في ذلك أشدُّ حالًا من الرجل إذا صلَّتْ في درع وخمار يصفها الدرع، وأَحبُّ إليَّ أن لا تصلي إلا في جلباب فوق ذلك، وتجافيه عنها لئلا يصفَها الدرع".
وقال الترمذي في الجامع (377) بعد حديث عائشة الآتي بعد هذا برقم (641): "وحديث عائشة: حديث حسن، والعمل عليه عند أهل العلم: أن المرأة إذا أدركت فصلت وشيء من شعرها مكشوف لا تجوز صلاتها، وهو قول الشافعي، قال: لا تجوز صلاة المرأة وشيء من جسدها مكشوف، قال الشافعي: وقد قيل: إن كان ظهر قدميها مكشوفًا فصلاتها جائزة".
وقال عبد الله بن أحمد في مسائله لأبيه (225): "قرأت على أبي، قلت: إذا صلت المرأة وبعض شعرها مكشوف، أو بعض ساقها، أو بعض ساعدها؟ قال: لا يعجبني، قلت: فإن كانت قد صلت؟ قال: إذا كان شيئًا يسيرًا فأرجو".
وقال ابن هانئ في مسائله (286): "المرأة في كم ثوب تصلي؟ قال: أقله درع وخمار، وتغطي رجليها، ويكون درعًا سابغًا يغطي رجليها".
وقال إسحاق بن منصور الكوسج في مسائله لأحمد وإسحاق (150): "قلت: في كم تصلي المرأة؟ قال: أقله ثوبان: قميص ومِقنعة، قال إسحاق: كما قال عند الضرورة، والذي يستحب لها ثلاثة أثواب".
وقال أبو داود لأحمد: "امرأة صلت وساعدها مكشوف؛ تعيد؟ قال: نعم"[مسائله (281)].
وقال ابن المنذر: "على المرأة أن تخمر في الصلاة جميع بدنها سوى وجهها وكفيها، ويجزيها فيما صلت: في ثوب، أو ثوبين، أو ثلاثة، أو أكثر من ذلك؛ إذا سترت ما يجب عليها أن تستره في الصلاة، ولا أحسب ما رُوي عن الأوائل ممن أمر بثلاثة أثواب أو أربعة؛ إلا استحبابًا واحتياطًا لها، والله أعلم.
ولا أعلم أحدًا من أهل العلم يوجب عليها الإعادة وإن صلت في ثوب واحد؛ إذا ستر ذلك الثوب ما يجب عليها أن تستره، والله أعلم".
ثم قال: "فإن لم تجد المرأة إلا ثوبًا واحدًا لا يستر جميع بدنها صلت فيه، ولا إعادة عليها إلى أن قال: ولو لم تجد ثوبًا ولا شيئًا تستر به صلت عريانة، ولا إعادة عليها"[الأوسط (5/ 75)].
وقال ابن عبد البر في الاستذكار (2/ 201): "والذي عليه فقهاء الأمصار بالحجاز والعراق أن على المرأة الحرة أن تغطي جسمها كله بدرع صفيق سابغ وتخمر رأسها؛ فإنها كلها عورة إلا وجهها وكفيها، وأن عليها ستر ما عدا وجهها وكفيها.
واختلفوا في ظهور قدميها: فقال مالك والليث بن سعد: تستر قدميها في الصلاة، قال مالك: فإن لم تفعل أعادت ما دامت في الوقت، وعند الليث تعيد أبدًا.
وقال الشافعي: ما عدا وجهها وكفيها عورة، فإن انكشف ذلك منها في الصلاة أعادت،
…
وقال أبو حنيفة والثوري: قدم المرأة ليست بعورة، إن صلت وقدمها مكشوفة لم تعد.
قال أبو عمر [ابن عبد البر]: لا خلاف علمته بين الصحابة في ستر ظهور قدمي المرأة في الصلاة، وحسبك بما جاء في ذلك عن أمهات المسلمين رضي الله عنهن".
قلت: أما عن أم سلمة فلا يصح، وأما عن ميمونة فقد صح أنها صلت في درع سابغ وخمار، وليس فيه إيجاب ذلك، والله أعلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فكذلك القدم يجوز إبداؤه عند أبي حنيفة، وهو الأقوى؛ فإن عائشة جعلته من الزينة الظاهرة، قالت: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] قالت: الفتخ، حلق من فضة تكون في أصابع الرجلين، رواه ابن أبي حاتم، فهذا دليل على أن النساء كنَّ يُظهرن أقدامهن أولًا، كما يظهرن الوجه واليدين، كن يرخين ذيولهن، فهي إذا مشت قد يظهر قدمها، ولم يكن يمشين في خفاف وأحذية، وتغطية هذا في الصلاة فيه حرج عظيم، وأم سلمة قالت: تصلي المرأة في ثوب سابغ يغطي ظهر قدميها، فهي إذا سجدت قد يبدو باطن القدم، وبالجملة قد ثبت بالنص والإجماع أنه ليس عليها في الصلاة أن تلبس الجلباب الذي يسترها، إذا كانت في بيتها، وإنما ذلك إذا خرجت، وحينئذ فتصلي في بيتها وإن رُئي وجهها ويداها وقدماها، كما كن يمشين أولًا قبل الأمر بإدناء الجلابيب عليهن".
إلى أن قال: "وأمر المرأة في الصلاة بتغطية يديها بعيد جدًّا، واليدان تسجدان كما يسجد الوجه، والنساء على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان لهن قُمُص، وكن يصنعن الصنائع والقمص عليهن، فتبدي المرأة يديها إذا عجنت وطحنت وخبزت، ولو كان ستر اليدين في الصلاة واجبًا لبيَّنه النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك القدمان، وإنما أمر بالخمار فقط مع القميص، فكن يصلين بقمصهن وخمرهن، وأما الثوب التي كانت المرأة ترخيه، وسألت عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "شبرًا" فقلن: إذن تبدو سوقهن، فقال: "ذراع لا يزدن عليه"،
…
، فهذا كان إذا خرجن من البيوت، ولهذا سئل عن المرأة تجر ذيلها على المكان القذر؟ فقال:"يطهره ما بعده"، وأما في نفس البيت فلم تكن تلبس ذلك، كما أن الخفاف اتخذها النساء بعد ذلك لستر السوق إذا خرجن، وهن لا يلبسنها في البيوت، ولهذا قلن: إذن تبدو