المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌83 - باب الإسبال في الصلاة - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ٧

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌69 - باب الإمام يصلي من قعود

- ‌78).***70 -باب الرجلين يؤمُّ أحدُهما صاحبَه، كيف يقومان

- ‌71 - باب إذا كانوا ثلاثةً كيف يقومون

- ‌7).***72 -باب الإمام ينحرف بعد التسليم

- ‌73 - باب الإمام يتطوع في مكانه

- ‌74 - باب الإمام يحدث بعد ما يرفع رأسه من آخر الركعة

- ‌75 - باب ما يؤمر به المأموم من اتباع الإمام

- ‌76 - باب التشديد فيمن يرفع قبل الإمام، أو يضَع قبله

- ‌77 - باب فيمن ينصرف قبل الإمام

- ‌78 - باب جماع أبواب ما يُصلَّى فيه

- ‌79 - باب الرجل يعقِد الثوبَ في قفاه ثم يصلي

- ‌80 - باب الرجل يصلي في ثوبٍ واحد بعضُه على غيره

- ‌81 - باب في الرجل يصلي في قميص واحد

- ‌82 - باب إذا كان الثوب ضيقًا يتَّزر به

- ‌83 - باب الإسبال في الصلاة

- ‌84 - باب في كم تصلي المرأة

- ‌85 - باب المرأة تصلي بغير خمار

- ‌86 - باب ما جاء في السدل في الصلاة

- ‌87 - باب الصلاة في شُعُر النساء

- ‌88 - باب الرجل يصلي عاقصًا شعره

- ‌89 - باب الصلاة في النعل

- ‌91).***90 -باب المصلي إذا خلع نعليه، أين يضعهما

- ‌91 - باب الصلاة على الخُمرة

- ‌92 - باب الصلاة على الحصير

- ‌93 - باب الرجل يسجد على ثوبه

- ‌تفريع أبواب الصفوف

- ‌94 - باب تسوية الصفوف

- ‌95 - باب الصفوف بين السواري

- ‌96 - باب مَن يُستحبُّ أن يلي الإمامَ في الصف وكراهية التأخر

- ‌97 - باب مقام الصبيان من الصف

- ‌98 - باب صف النساء وكراهية التأخر عن الصف الأول

- ‌99 - باب مقام الإمام من الصف

- ‌100 - باب الرجل يصلي وحده خلف الصف

- ‌16).***101 -باب الرجل يركع دون الصف

- ‌تفريع أبواب السترة

- ‌102 - باب ما يستر المصلي

- ‌ 150)].***103 -باب الخط إذا لم يجد عصًا

- ‌104 - باب الصلاة إلى الراحلة

- ‌105 - باب إذا صلى إلى سارية أو نحوها، أين يجعلها منه

- ‌106 - باب الصلاة إلى المتحدِّثين والنِّيام

- ‌107 - باب الدُّنُوِّ من السترة

- ‌108 - باب ما يُؤمر المصلي أن يدرأ عن الممرِّ بين يديه

الفصل: ‌83 - باب الإسبال في الصلاة

‌83 - باب الإسبال في الصلاة

637 -

. . . قال أبو داود، عن أبي عوانة، عن عاصم، عن أبي عثمان، عن ابن مسعود، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ أسبل إزارَه في صلاتِه خُيلاءَ فليس من الله [جلَّ ذكرُه] في حِلٍّ ولا حرامٍ".

قال أبو داود: روى هذا جماعة عن عاصم موقوفًا على ابن مسعود، منهم: حماد بن سلمة، وحماد بن زيد، وأبو الأحوص، وأبو معاوية.

• المحفوظ: موقوف.

أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده (1/ 274/ 349)، ومن طريقه: أبو داود السجستاني (637)، والبزار (5/ 269/ 1884)، والبيهقي (2/ 242).

قال أبو داود: "روى هذا جماعة عن عاصم موقوفًا على ابن مسعود، منهم: حماد بن سلمة، وحماد بن زيد، وأبو الأحوص، وأبو معاوية".

وقال البزار: "وهذا الكلام لا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلا عن عبد الله، وقد رواه غير واحد عن عاصم عن أبي عثمان عن عبد الله موقوفًا، وأسنده أبو عوانة".

رواه الطيالسي عن أبي عوانة وثابت أبي زيد به، قرنهما، قال: رفعه أبو عوانة، ولم يرفعه ثابت: أنه [يعني: ابن مسعود] رأى أعرابيًّا عليه شملة، نشر ذيلها وهو يصلي، فقال له: إن الذي يجر ذيله من الخيلاء في الصلاة ليس من الله في حل ولا حرام.

هكذا رواه الطيالسي بلفظ الجر، وكذا رواه من طريقين عن الطيالسي: البزار والبيهقي، ورواه أبو داود من طريق الطيالسي بلفظ الإسبال، وهو شاذ، ويؤيد لفظ الجر، وأنه هو المحفوظ عن أبي عوانة، وأن لفظ الإسبال شاذ عنه: أن الطيالسي قد توبع عليه:

• فرواه يحيى بن حماد [وهو: ثقة، ختن أبي عوانة، ومن أروى الناس عنه]، قال: ثنا أبو عوانة، عن عاصم الأحول، قال: أنبأني أبو عثمان: أن عبد الله بن مسعود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من جر ثوبه من الخيلاء لم يكن من الله في حل ولا حرام". هكذا بلفظ الجر، ولم يذكر فيه الصلاة.

أخرجه النسائي في الكبرى (8/ 428/ 9600).

وهذا اللفظ أشبه بالصواب من حديث أبي عوانة، فلم يختلف فيه على يحيى بن حماد، وهو أثبت في أبي عوانة من الطيالسي، والله أعلم.

• ورواه أيضًا شريك بن عبد الله النخعي [صدوق، سيئ الحفظ]، عن عاصم، عن أبي عثمان، عن ابن مسعود، أن رجلًا أسبل إزاره في صلاته

الحديث.

أخرجه الدارقطني في الأفراد (2/ 52/ 3971 - أطرافه).

ص: 227

قال الدارقطني: "تفرد به شريك عن عاصم الأحول عنه".

قلت: لعله تفرد فيه بلفظ آخر، وإن كان رواه هكذا مرفوعًا: فقد تابعه أبو عوانة، وإن كان رواه موقوفًا: فقد تابعه جماعة.

• ورواه الطبراني في الكبير (10/ 230/ 10559)، وفي الأوسط (3/ 381/ 3457):

من طريق علي بن ميمون الرقي [ثقة]: نا عطاء بن مسلم الخفاف الحلبي، عن إسماعيل الكوفي، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي، عن عبد الله بن مسعود، قال: مر به رجل مسبل عباءة أو كساءه، فناداه: يا عبد الله ارفع ثوبك، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"من جر ثيابه خيلاء لم ينظر الله إليه في حلال ولا حرام".

قال الطبراني في الأوسط: "إسماعيل الكوفي هو عندي: إسماعيل بن أبي خالد، لم يروه عن إسماعيل إلا عطاء بن مسلم".

قلت: وهذا حديث منكر من حديث إسماعيل بن أبي خالد؛ فإن إسماعيل كان من الثقات الحفاظ المتقنين، قد روى عنه جماعات من الثقات الحفاظ. ففي تفرد عطاء الخفاف عنه نكارة، فإن عطاء كان قد دفن كتبه، وحدث من حفظه فوهم كثيرًا، وقد أنكرت عليه أحاديث، فلم يعد بذاك القوي، واضطرب حديثه [انظر: التهذيب (3/ 107)، الميزان (3/ 76)].

• خالف أبا عوانة فأوقفه على ابن مسعود:

حماد بن سلمة، وحماد بن زيد، وأبو الأحوص، وأبو معاوية، وثابت بن يزيد أبو زيد الأحول [وهم ثقات حفاظ]:

عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي، عن ابن مسعود: أنه رأى أعرابيًّا يصلي قد أسبل إزاره، فقال: المسبل إزاره في الصلاة ليس من الله عز وجل في حل ولا حرام. لفظ حماد بن سلمة.

ولفظ أبي معاوية: رأى ابن مسعود رجلًا عليه عباءتان قد اتزر بإحداهما وهو يجرها، وارتدى بالأخرى، فقال: من جر إزاره لا يجره إلا من الخيلاء، فليس من الله في حل ولا حرام.

أخرجه الطيالسي (1/ 274/ 349)، وهناد في الزهد (2/ 432/ 846)، والطبراني في الكبير (9/ 274/ 9368)، والبيهقي (2/ 242).

قلت: فالراجح رواية جماعة الحفاظ. فالوهم من الجماعة أبعد، وكلام أبي داود والبزار يدل على إعلال المرفوع، وأن المحفوظ فيه الوقف.

فهو موقوف بإسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين.

وأما قول ابن حجر في الفتح (10/ 257): "ومثل هذا لا يقال بالرأي"، وقد حسن إسناد الطبراني موقوفًا.

فيقال: لمن نحكم أن لقوله حكم الرفع من رواه بلفظ الإسبال وقيده بالصلاة، أم من

ص: 228

رواه بلفظ الجر ولم يقيده إلا بالخيلاء؟ والأخير أقرب عندي من جهة الرواية، ولكونه الأقرب في اللفظ لما صح مرفوعًا من حديث ابن عمر المتفق عليه [البخاري (3665 و 5783 و 5791 و 6062)، مسلم (2085)]، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من جرَّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة"، وحديث أبي هريرة المتفق عليه [البخاري (5788)، مسلم (2087)]، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرًا"، والله أعلم.

• ورُوي أثر ابن مسعود من وجهين آخرين موقوفًا:

1 -

روى عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، أو غيره: أن ابن مسعود رأى رجلين يصليان، أحدهما مسبل إزاره، والآخر لا يتم ركوعه ولا سجوده، فضحك، فقالوا: ما يضحكك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: عجبت لهذين الرجلين، أما المسبل إزاره فلا ينظر الله إليه، وأما الآخر فلا يقبل الله صلاته.

أخرجه عبد الرزاق (2/ 369/ 3735)، ومن طريقه: الطبراني في الكبير (9/ 273/ 9366).

ولا يصح إسناده؛ لانقطاعه بين قتادة وابن مسعود [تحفة التحصيل (262)]، وفي حديث معمر عن أهل البصرة ضعف، وكان سيئ الحفظ لحديث قتادة [علل الدارقطني (12/ 221/ 2642)، شرح علل الترمذي (2/ 774 و 804)].

2 -

وروى الحجاج بن المنهال: ثنا حماد [هو: ابن سلمة]: أنا حماد [هو: ابن أبي سليمان الفقيه]، عن إبراهيم، قال: بينا ابن مسعود جالس مع أصحابه في المسجد، إذ دخل رجلان فقاما خلف ساريتين، فصلى أحدهما قد أسبل إزاره، والآخر لا يتم ركوعه ولا سجوده، فجعل ابن مسعود ينظر إليهما، فقال جلساؤه: لقد شغلك هذان عنا، قال: أجل أما هذا فلا ينظر الله إليه -يعني: المسبل إزاره- وأما هذا فلا يقبل الله منه -يعني: الذي لا يتم ركوعه ولا سجوده-.

أخرجه الطبراني في الكبير (9/ 273/ 9367).

قلت: نعم؛ معلوم بأن إبراهيم النخعي إذا قال: قال ابن مسعود، فهو يعني بذلك أنه سمعه من غير واحد عن ابن مسعود [انظر: علل الترمذي الصغير (62)، طبقات ابن سعد (6/ 494)، التمهيد (1/ 37)]، لكن ليس عندنا هنا قرينة تدل على أن إبراهيم أخذه عن أصحاب ابن مسعود الذين يروي عنهم، وهو هنا يحكي واقعة عن ابن مسعود، ولا يرويها رواية، وفي رواية حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان تخليط، قاله أحمد [سؤالات أبي داود (338)، سؤالات الميموني (465)، الجرح والتعديل (3/ 147)، شرح علل الترمذي (2/ 761)]، والله أعلم.

***

ص: 229

638 -

قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا أبان: حدثنا يحيى، عن أبي جعفر، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، قال: بينما رجلٌ يصلي مُسبِلًا إزارَه إذ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اذهب فتوضأ"، فذهب فتوضأ، ثم جاء، ثم قال:"اذهب فتوضأ"، فذهب فتوضأ، ثم جاء، فقال له رجل: يا رسول الله ما لك أمرتَه أن يتوضأ؟، [ثم سكتَّ عنه]، فقال:"إنه كان يصلي وهو مسبلٌ إزارَه، وإن الله تعالى لا يقبلُ صلاةَ رجلٍ مسبلٍ إزارَه".

• حديث ضعيف.

أعاده أبو داود بنفس إسناده ومتنه في كتاب اللباس، باب ما جاء في إسبال الإزار، برقم (4086).

وأخرجه من طريق موسى بن إسماعيل أبي سلمة التبوذكي: البزار (15/ 276/ 8762)، والبيهقي في السنن (2/ 241)، وفي الشعب (5/ 145/ 6126).

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم أحدًا رواه فأسنده إلا أبان بن يزيد، ولا عن أبان إلا موسى بن إسماعيل، وقد رواه غيرُ مَن سمَّينا موقوفًا، ولا نعلم روى أبو جعفر عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة إلا هذا الحديث، وإنما يحدث أبو جعفر عن أبي هريرة".

قلت: قد اختلف في هذا الحديث على يحيى بن أبي كثير:

أ- فرواه أبان بن يزيد العطار: حدثنا يحيى، عن أبي جعفر، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، قال:

فذكره.

هكذا رواه عن أبان: موسى بن إسماعيل، وهو ثقة ثبت.

وخالفه: يونس بن محمد المؤدب [ثقة ثبت]، فرواه عن أبان، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي جعفر، عن عطاء بن يسار، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال:

فذكر مثله.

أخرجه أحمد (4/ 67) و (5/ 379)، وقرن رواية أبان برواية هشام.

ب- ورواه هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي جعفر: أن عطاء بن يسار حدثهم، قال: حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه لا تُقبل صلاةُ رجلٍ مُسبلٍ إزارَه".

وفي رواية: بينما النبي صلى الله عليه وسلم ورجل يصلي مسبلًا إزاره، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"توضأ، أو أحسن صلاتك" فرفع الرجل إزاره، فسكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فقيل له: يا رسول الله أمرته أن يتوضأ، أو يحسن صلاته، ثم سكتَّ عنه؟ فقال:"إنه كان مسبلًا؛ فلما رفعه سكتُّ عنه".

أخرجه النسائي في الكبرى (8/ 436/ 9623)، وأحمد (4/ 67) و (5/ 379)، والحارث بن أبي أسامة (1/ 260/ 138 - زوائده) و (2/ 608/ 573 - زوائده)، والبيهقي في الشعب (5/ 146/ 6127) [وسقط من إسناده: أبو جعفر].

ص: 230

ج- ورواه حرب بن شداد، عن يحيى، قال: حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة: أن أبا جعفر المدني حدثه: أن عطاء بن يسار حدثه: أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حدثه، قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . فذكره بنحو رواية أبان.

أخرجه البيهقي (2/ 242).

قال المنذري في الترغيب (3/ 67/ 3105): "رواه أبو داود، وأبو جعفر المدني: إن كان محمد بن علي بن الحسين: فروايته عن أبي هريرة مرسلة، وإن كان غيره: فلا أعرفه".

وقال في مختصر السنن (6/ 51/ 3927): "وفي إسناده أبو جعفر -رجل من أهل المدينة- لا يعرف اسمه".

وقال النووي في المجموع (4/ 392): "إسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم".

وقال في موضع آخر من المجموع (3/ 180)، وفي رياض الصالحين (797)، وفي الخلاصة (983):"رواه أبو داود بإسناد [صحيح] على شرط مسلم".

وصحح إسناده ابن مفلح في الآداب الشرعية (3/ 514).

قلت: أثبت من روى هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير هو: هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، إذ قد رواه عنه فأبهم الصحابي، وتابعه على هذه الرواية أبان بن يزيد العطار [ثقة، من أصحاب يحيى] في رواية عنه.

لكن حرب بن شداد [وهو ثقة، من أصحاب يحيى بن أبي كثير، معروف بالرواية عنه] روى هذا الحديث عن يحيى فزاد في إسناده رجلًا بين يحيى وأبي جعفر، ووافق هشامًا وأبانًا [في رواية عنه] في إبهام الصحابي.

والحكم هنا لمن زاد في الإسناد، ويكون يحيى هو الذي حدث به مرة هكذا، ومرة هكذا، ويحيى كان معروفًا بالإرسال، ولم يذكر سماعًا من أبي جعفر المدني هذا، ويحيى معروف بالرواية عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة [وهو: ثقة حجة].

لكن الشأن في هذا الإسناد في أبي جعفر المدني، من هو؟ هل هو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو جعفر الباقر، أم هو غيره؟ وعلى الأول يحمل كلام النووي وابن مفلح، وهو: ثقة، روى له الجماعة، وجزم بالثاني، وأنه رجل من أهل المدينة، لا يُعرف اسمه، المنذري في مختصر سنن أبي داود، وتردد في الترغيب.

وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (1/ 317): "أبو جعفر هذا غير معروف".

وقال الذهبي في الميزان (4/ 511): "فلعله محمد بن علي بن الحسين، وروايته عن أبي هريرة وعن أم سلمة فيها إرسال، ولم يلحقهما أصلًا".

وذهب ابن حجر إلى أن أبا جعفر راوي هذا الحديث هو أبو جعفر الأنصاري المدني المؤذن [التهذيب (4/ 502)، التقريب (696)، وقال: "مقبول"]، وعليه يحمل كلام البزار،

ص: 231

فإن أبا جعفر الأنصاري المؤذن هذا سمع أبا هريرة، وله عنه أحاديث، وتفرد بالرواية عنه: يحيى بن أبي كثير، وسمع منه [انظر مثلًا: خلق أفعال العباد ص (51)، الأدب المفرد (32 و 481)، سنن أبي داود (1536)، جامع الترمذي (1905 و 3448)[(4/ 38/ 2017) و (6/ 67/ 3747) ط شعيب الأرنؤوط]. عمل اليوم والليلة للنسائي (476 و 477)، سنن ابن ماجه (3862)، سنن الدارمي (2/ 397/ 2739)، صحيح ابن حبان (6/ 416/ 2699) و (10/ 457/ 4597)، مسند أحمد (2/ 258 و 348 و 434 و 442 و 478 و 517 و 521 و 523)، مسند الطيالسي (4/ 251 و 252/ 2638 - 0 264)، مصنف ابن أبي شيبة (6/ 105/ 29830)، مسند عبد بن حميد (1421)، البر والصلة للمروزي (46 و 55)، أخبار مكة للفاكهي (1/ 433/ 942)، الرد على الجهمية (129)، ضعفاء العقيلي (1/ 72)، وغيرها كثير، وانظر: بيان الوهم (4/ 625/ 2181)، تحفة الأشراف وبحاشيته النكت (10/ 432)، تخريج أحاديث الذكر والدعاء (3/ 1060/ 510)].

قال الترمذي: "وأبو جعفر الذي روى عن أبي هريرة يقال له: أبو جعفر المؤذن، ولا نعرف اسمه، وقد روى عنه يحيى بن أبي كثير غير حديث"، وحسن له [جامع الترمذي (1905 و 3448) (4/ 38/ 2017) و (6/ 67/ 3747 - ط شعيب الأرنؤوط)].

وقال صاحب عون المعبود (2/ 342): "فأبو جعفر هذا هو رجل من أهل المدينة، يروي عن أبي هريرة وعطاء بن يسار، وليس هو أبا جعفر الباقر محمد بن علي، وكذا ليس هو أبا جعفر التميمي الذي اسمه عيسى، ووثقه ابن معين".

وعليه: فإن أبا جعفر هذا هو علة هذا الحديث، وهو: مجهول.

وعلة أخرى أشار إليها البزار بقوله: "وقد رواه غيرُ مَن سمَّينا موقوفًا"، لكني لم أقف على من رواه عن يحيى بن أبي كثير موقوفًا، وقد رواه غير من سمى، وهما: هشام الدستوائي، وحرب بن شداد، فتابعا أبانًا على رفعه، فالله أعلم.

• وقد وجدت لعطاء بن يسار في السدل إسنادًا آخر:

قال أبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (1/ 267): حدثنا عمر بن سعيد، عن محمد بن شعيب، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن عبد الله بن مسلم أخي الزهري بن هشام، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، عن عمر، قال: لا تسدلوا ثيابكم في الصلاة، ولا تخطوا نحو القبلة، فإنها خطوة الشيطان، وإذا سلمتم فانصرفوا، ولا تقدموا.

وهذا إسناد واهٍ بمرة؛ إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة: متروك، وعمر بن سعيد: الأقرب أنه عمر بن سعيد التنوخي الدمشقي أبو حفص: متروك، كذبه الساجي [اللسان (6/ 106) وغيره]، ومحمد بن شعيب هو: ابن شابور، والله أعلم.

***

ص: 232