المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌95 - باب الصفوف بين السواري - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ٧

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌69 - باب الإمام يصلي من قعود

- ‌78).***70 -باب الرجلين يؤمُّ أحدُهما صاحبَه، كيف يقومان

- ‌71 - باب إذا كانوا ثلاثةً كيف يقومون

- ‌7).***72 -باب الإمام ينحرف بعد التسليم

- ‌73 - باب الإمام يتطوع في مكانه

- ‌74 - باب الإمام يحدث بعد ما يرفع رأسه من آخر الركعة

- ‌75 - باب ما يؤمر به المأموم من اتباع الإمام

- ‌76 - باب التشديد فيمن يرفع قبل الإمام، أو يضَع قبله

- ‌77 - باب فيمن ينصرف قبل الإمام

- ‌78 - باب جماع أبواب ما يُصلَّى فيه

- ‌79 - باب الرجل يعقِد الثوبَ في قفاه ثم يصلي

- ‌80 - باب الرجل يصلي في ثوبٍ واحد بعضُه على غيره

- ‌81 - باب في الرجل يصلي في قميص واحد

- ‌82 - باب إذا كان الثوب ضيقًا يتَّزر به

- ‌83 - باب الإسبال في الصلاة

- ‌84 - باب في كم تصلي المرأة

- ‌85 - باب المرأة تصلي بغير خمار

- ‌86 - باب ما جاء في السدل في الصلاة

- ‌87 - باب الصلاة في شُعُر النساء

- ‌88 - باب الرجل يصلي عاقصًا شعره

- ‌89 - باب الصلاة في النعل

- ‌91).***90 -باب المصلي إذا خلع نعليه، أين يضعهما

- ‌91 - باب الصلاة على الخُمرة

- ‌92 - باب الصلاة على الحصير

- ‌93 - باب الرجل يسجد على ثوبه

- ‌تفريع أبواب الصفوف

- ‌94 - باب تسوية الصفوف

- ‌95 - باب الصفوف بين السواري

- ‌96 - باب مَن يُستحبُّ أن يلي الإمامَ في الصف وكراهية التأخر

- ‌97 - باب مقام الصبيان من الصف

- ‌98 - باب صف النساء وكراهية التأخر عن الصف الأول

- ‌99 - باب مقام الإمام من الصف

- ‌100 - باب الرجل يصلي وحده خلف الصف

- ‌16).***101 -باب الرجل يركع دون الصف

- ‌تفريع أبواب السترة

- ‌102 - باب ما يستر المصلي

- ‌ 150)].***103 -باب الخط إذا لم يجد عصًا

- ‌104 - باب الصلاة إلى الراحلة

- ‌105 - باب إذا صلى إلى سارية أو نحوها، أين يجعلها منه

- ‌106 - باب الصلاة إلى المتحدِّثين والنِّيام

- ‌107 - باب الدُّنُوِّ من السترة

- ‌108 - باب ما يُؤمر المصلي أن يدرأ عن الممرِّ بين يديه

الفصل: ‌95 - باب الصفوف بين السواري

• ومما ثبت عن الصحابة في ذلك:

1 -

عن عبد الله بن مسعود، قال: سوُّوا صفوفكم؛ فإن الشيطان يتخلَّلها كالحذف، أو كأولاد الحذف.

2 -

أن عثمان بن عفان كان يقول في خطبته، قل ما يدع ذلك إذا خطب: إذا قام الإمام يخطب يوم الجمعة فاستمعوا وأنصتوا، فإن للمنصت الَّذي لا يسمع من الحظ مثل ما للمنصت السامع، فإذا قامت الصلاة فاعدلوا الصفوف، وحاذوا بالمناكب، فإن اعتدال الصفوف من تمام الصلاة، ثم لا يكبر، حتَّى يأتيه رجال قد وكَّلهم بتسوية الصفوف، فيخبرونه أن قد استوت، فيكبر.

***

‌95 - باب الصفوف بين السواري

673 -

. . . سفيان، عن يحيى بن هانئ، عن عبد الحميد بن محمود، قال: صليت مع أَنس بن مالك يوم الجمعة، فدُفِعنا إلى السواري، فتقدَّمنا وتأخَّرنا، فقال أَنس: كنا نتقي هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

• حديث صحيح.

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير [(65/ 50 - تاريخ دمشق)، وهو ساقط من المطبوع (8/ 309)]، والترمذي (229)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(2/ 60/ 212)، والنسائي في المجتبى (2/ 94/ 821)، وفي الكبرى (1/ 434/ 897)، وابن خزيمة (3/ 30/ 1568)، وابن حبان (5/ 596/ 2218)، والحاكم (1/ 210 و 218)، والضياء في المختارة (6/ 267 و 268/ 2287 - 2289)، وأحمد (3/ 131)، وعبد الرزاق (2/ 60/ 2489)، وابن أبي شيبة (2/ 146/ 7498)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 181/ 1989)، والبيهقي (3/ 104)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (65/ 48 - 0 5)، والمزي في التهذيب (16/ 459).

رواه عن الثوري: يحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو نعيم الفضل بن دكين، ووكيع بن الجراح، وعبد الرزاق بن همام، وقبيصة بن عقبة، وأبو حذيفة النهدي، وغيرهم.

وجاء في رواية وكيع [عند الترمذي] ما يبين سبب الدفع، فقال عبد الحميد بن محمود: صلينا خلف أمير من الأمراء، فاضطرَّنا الناس فصلينا بين الساريتين، فلما صلينا، قال أَنس بن مالك: كنا نتَّقي هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفي رواية أبي نعيم [عند النسائي]: كنا مع أَنس فصلينا مع أمير من الأمراء، فدفعونا حتَّى قمنا، وصلينا بين الساريتين، فجعل أَنس يتأخَّر، وقال: قد كنا نتَّقي هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ص: 400

قال الترمذي: "وفي الباب: عن قرة بن إياس المزني.

قال أبو عيسى: حديث أَنس: حديث حسن [صحيح].

وقد كره قوم من أهل العلم أن يُصَفَّ بين السواري، وبه يقول أحمد وإسحاق، وقد رخص قوم من أهل العلم في ذلك".

وممن نقل عن الترمذي تحسينه فقط: الطوسي، والضياء، وعبد الحق الإشبيلي [في الأحكام الكبرى (2/ 168)]، والنووي [في الخلاصة (2/ 720/ 2523)، والمزي [في التحفة (1/ 471/ 980 - ط الغرب)، وفي التهذيب (16/ 459)]، وأبو الفتح اليعمري [في النفح الشذي (4/ 219)]، والزيلعي [في نصب الراية (2/ 326)]، وابن رجب [في الفتح (2/ 652)]، وابن حجر [في الفتح (1/ 578)].

وممن نقل تصحيحه: ابن دقيق العيد [في الاقتراح (124)]، والمباركفوري [في التحفة (2/ 19)]، وكذا هو في نسخة في العارضة (2/ 25).

قلت: الصواب أن الترمذي قال فيه: "حديث حسن" فقط دون زيادة: "صحيح"، وكذا هو في أكثر النسخ الخطية التي وقفت عليها، ومنها نسخ الكروخي، ومطبوعة الجامع للأرناؤوط (1/ 282/ 226).

وقال أبو بكر بن أبي داود: "هذه سنة تفرد بها أهل الكوفة".

وقال ابن المنذر في الأوسط (1/ 183): "ليس في هذا الباب خبر يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه نهى عنه، وأعلى ما فيه قول أَنس: كنا نتقيه، ولو اتَّقى متَّقٍ كان حسنًا، ولا مأثم عندي على فاعله".

قلت: وليس في قول ابن المنذر هذا تضعيف لحديث أَنس من هذا الطريق، إنما يُصرف تضعيفه للأحاديث التي جاء فيها النهي الصريح عن الصفِّ بين السواري، مثل الطريقين الآتيين لحديث أَنس، وحديث قرة بن إياس، والله أعلم.

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح، ولم يخرجاه".

وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (1/ 355): "ليس عبد الحميد ممن يحتج بحديثه".

فتعقبه ابن القطان في بيان الوهم (5/ 338/ 2516) بقوله: "ولا أدري من أنبأه بهذا، ولم أر أحدًا ممن صنف [في] الضعفاء ذكره فيهم، ونهاية ما يوجد فيه مما يوهم ضعفًا: قول أبي حاتم الرازي - وقد سئل عنه -: هو شيخ، وهذا ليس بتضعيف؛ وإنما هو إخبار بأنه ليس من أعلام أهل العلم، وإنما هو شيخ وقعت له روايات أخذت عنه، وقد ذكره أبو عبد الرحمن النسائي، فقال فيه: ثقة، على شحه بهذه اللفظة، والرجل بصري، يروي عن ابن عباس، وأنس، روى عنه يحيى بن هانئ -وهو أحد الثقات-، وعمرو بن هرم، وابنه حمزة بن محمود، فاعلمه"، وهو كما قال، ووثقه الدارقطني أيضًا، وانظر: النفح الشذي (4/ 220)، ذيل الميزان (508).

ص: 401

وصحح إسناده ابن حجر في الفتح (1/ 578).

وقال ابن مفلح في المبدع (2/ 93): "إسناده ثقات".

قلت: هو حديث صحيح؛ رجاله ثقات، وقد صححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والضياء، وحسنه الترمذي، واحتج به أبو داود والنسائي.

• وله طريقان آخران عن أنس:

أ - هشيم، قال: أخبرنا خالد [هو الحذاء]، عمن حدثه، عن أَنس، قال: نهينا أن نصلي بين الأساطين.

أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 146/ 7499).

وهذا إسناد ضعيف؛ لأجل المبهم، وبقية رجاله ثقات.

ب - أبو معاوية: ثنا أبو سفيان السعدي: ثنا ثمامة بن أَنس، عن أَنس بن مالك، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصف بين السواري، وفي رواية: بين الأسطوانة.

أخرجه ابن عدي في الكامل (4/ 117)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 262).

قال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (1/ 355): "أبو سفيان: ضعيف".

قلت: إسناده واهٍ؛ أبو سفيان السعدي، طريف بن شهاب: متروك، ليس بشيء [التهذيب (2/ 236)، الميزان (2/ 336)].

• ومن شواهده:

1 -

حديث قرة بن إياس المزني:

يرويه أبو مسلم هارون بن مسلم [شيخ كان يكون في مسجد همام، مجهول؛ ومنهم من سمى أباه إبراهيم، ولا يصح. التهذيب (4/ 256)، كنى مسلم (3194)، الجرح والتعديل (9/ 94)]، قال: حدثنا قتادة، عن معاوية بن قرة، عن أبيه، قال: كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نطرد طردًا أن نقوم بين السواري في الصلاة. وفي رواية: كنا نُنهى أن نصُفَّ بين السواري على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونُطرد عنها طردًا.

أخرجه ابن ماجة (1002)، وابن خزيمة (3/ 29/ 1567)، وابن حبان (5/ 597/ 2219)، والحاكم (1/ 218)، والطيالسي (2/ 400/ 1169)، والبزار (8/ 249/ 3312 و 3313)، والروياني (950)، والدولابي في الكنى (3/ 1008/ 1768)، والطبراني في الكبير (19/ 21/ 39 و 40)، والبيهقي (3/ 104)، والمزي في التهذيب (30/ 105).

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن قتادة إلا هارون، ولا نعلم أسند قتادة عن معاوية بن قرة عن أبيه غير هذا الحديث".

وقال الحاكم في حديث قرة هذا وحديث أَنس المتقدم: "كلا الإسنادين صحيحان، ولم يخرجا في هذا الباب شيئًا".

وقال ابن رجب في الفتح (2/ 652): "وقال ابن المديني: إسناده ليس بالصافي، قال: وأبو مسلم هذا مجهول".

ص: 402

وقال ابن مفلح في المبدع (2/ 93): "فيه لين".

قلت: هو حديث منكر من حديث قتادة؛ لتفرد هارون بن مسلم هذا به عن قتادة دون بقية أصحاب قتادة على كثرتهم، هذا لو تفرد، فكيف إذا خالف!

فقد خولف فيه، وروي موقوفًا على عمر في الصلاة إلى سترة:

روى محمد بن يزيد [هو الكلاعي الواسطي: ثقة ثبت]، عن أيوب أبي العلاء [هو: أيوب بن أبي مسكين القصاب الواسطي: لا بأس به]، عن معاوية بن قرة، عن أبيه، قال: رآني عمر وأنا أصلِّي بين أسطوانتين، فأخذ بقفاي فأدناني إلى سترة، فقال: صلِّ إليها.

أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 146/ 7502)(5/ 160/ 7582 - ط عوامة)، وعلقه البخاري في صحيحه بصيغة الجزم قبل الحديث رقم (502)، وانظر: التغليق (2/ 246).

وهذا أولى، وإسناده جيد.

2 -

حديث ابن عباس:

يرويه عبد الله بن المبارك [ثقة ثبت إمام]، ويحيى بن راشد المازني [ضعيف، وفي الإسناد إليه جهالة]:

عن إسماعيل بن مسلم المكي، عن أبي يزيد المديني [وثقه ابن معين، وروى عنه أيوب، ولم يعرفه مالك. التهذيب (4/ 609)]، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالصف الأول، وعليكم بالميمنة، وإياكم والصف بين السواري".

أخرجه ابن المنذر في الأوسط (4/ 182/ 1993) موقوفًا. والطبراني في الأوسط (3/ 340/ 3338) مرفوعًا. وفي الكبير (11/ 357/ 12004) مرفوعًا. وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 162) مرفوعًا.

رواه عن ابن المبارك: أبو الربيع الزهراني سليمان بن داود العتكي [ثقة]، وسعيد بن يعقوب الطالقاني [ثقة، صاحب حديث، قال ابن حبان: "ربما أخطأ"]، واختلف عليه ثقتان في رفعه ووقفه.

• وخالفهما: مروان بن معاوية [ثقة حافظ]، فرواه عن إسماعيل بن مسلم، عن عبد الكريم بن أبي المخارق [ضعيف]، عن سعيد بن جبير، قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما: عليكم بالصف الأول، وعليكم بالميمنة، وإياكم وما بين السواري. موقوف.

أخرجه الفاكهي في أخبار مكة (2/ 107/ 1227).

قلت: وهذا حديث ضعيف مضطرب، اضطرب فيه إسماعيل بن مسلم المكي، وهو: ضعيف؛ قال ابن القطان: "لم يزل مخلطًا، كان يحدثنا بالحديث الواحد على ثلاثة ضروب"[التهذيب (1/ 168)، الميزان (1/ 248)]، فهو يرفعه تارة، ويوقفه أخرى، وتارة يرويه عن أبي يزيد المدني عن عكرمة، وتارة أخرى: عن عبد الكريم بن أبي المخارق عن سعيد.

ص: 403

• لكن الأقرب فيه: وقفه على ابن عباس، ولا يصح عنه أيضًا لإبهام الراوي عنه:

فقد رواه ابن جريج، قال: أخبرني غير واحد، عن ابن عباس قال: عليكم بميامن الصفوف، وإياكم وما بين السواري، وعليكم بالصف الأول.

أخرجه عبد الرزاق (2/ 58/ 2477).

• وروي موقوفًا عن ابن مسعود، وحذيفة، وابن عباس:

• أما أثر ابن مسعود:

فيرويه الثوري، وشعبة، وإسرائيل [وهم أثبت الناس في أبي إسحاق]، وابن عيينة، وزيد بن أبي أنيسة، ومعمر:

عن أبي إسحاق، عن معدي كرب الهمداني، قال: سمعت ابن مسعود يقول: لا تصطفوا بين الأساطين [وفي رواية: بين السواري]، ولا تصل وبين يديك قوم يمترون، أو قال: يلغون [وفي رواية: وهم يتحدثون].

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (8/ 41)، وعبد الرزاق (2/ 60/ 2487 و 2488)، وابن أبي شيبة (2/ 61/ 6470) و (2/ 146/ 7500)(5/ 159 - 160/ 7580 - ط عوامة)، والعجلي في معرفة الثقات (970)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (1964)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 182/ 1990) و (5/ 98/ 2456)، والطبراني في الكبير (9/ 260 و 261/ 9293 - 9295)، والبيهقي (2/ 279) و (3/ 104).

خالفهم شريك، فرواه عن أبي إسحاق، عن معدي كرب، قال: كان عبد الله صلى الله عليه وسلم يكره الصلاة بين الأساطين للواحد والاثنين، فأما إذا كثروا فلا بأس.

أخرجه ابن المنذر (4/ 182/ 1991)، والطبراني في الكبير (9/ 261 / 9296).

شريك بن عبد الله النخعي: صدوق، سيئ الحفظ، ممن سمع من أبي إسحاق بأخرة، ورواية الجماعة هي الصواب.

وعليه: فهو موقوف على ابن مسعود بإسناد لا بأس به؛ قواه البيهقي، وقال في باب الصلاة خلف المتحدث بأنه أصح أثر في الباب، واحتج به، ومعدي كرب الهمداني: سمع ابن مسعود وخباب بن الأرت، وروى عن علي، سمع منه: أبو إسحاق السبيعي، وله أحاديث، وذكره ابن حبان في الثقات، فهو تابعي من أواسط التابعين، لم يرو منكرًا، ولم يُذكر بجرح [الطبقات الكبرى (6/ 181)، تاريخ ابن معين للدوري (3/ 143/ 603)، التاريخ الكبير (8/ 41)، الجرح والتعديل (8/ 398)، السنة للخلال (2/ 350/ 466)، الثقات (5/ 458)، الأنساب (5/ 304)]، ولا أظنه الَّذي روى عن معاذ بن جبل وأبي ذر وأبي الدرداء، وعنه: شهر بن حوشب [سنن الدارمي (2/ 414/ 2788)، مسند أحمد (5/ 167 و 172)، المعرفة والتاريخ (1/ 263)، حسن الظن بالله لابن أبي الدنيا (32)، الديات لابن أبي عاصم (22)، السنة له (43)، مسند ابن عباس من تهذيب الآثار للطبري (2/ 632 و 633 و 636/ 942 و 943 و 950)، تفسير ابن جرير الطبري (18/ 59)، مسند

ص: 404

الشاميين (2/ 254/ 1291)، المعجم الكبير (20/ 88/ 169)، الدعاء (13)، وغيرها].

• وأما أثر حذيفة:

فيرويه فُضَيل بن عياض، وأبو عوانة، وهشيم، وخالد بن عبد الله الواسطي:

عن حصين بن عبد الرحمن، عن هلال بن يساف، عن حذيفة: أنَّه كره الصلاة بين الأساطين. وفي رواية: أنَّه كان يكره الصف بين الأسطوانتين في الصلاة المكتوبة.

أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 146/ 7501)، وابن المنذر (4/ 182/ 1992).

وهذا الأثر: رجاله ثقات، وهو منقطع بين هلال وحذيفة، قال أبو زرعة:"هلال بن يساف: لم يلق حذيفة"[المراسيل (859)، تحفة التحصيل (335)، وانظر: تاريخ ابن معين للدوري (3/ 574/ 1280)].

• وأما أثر ابن عباس: فلا يصح، وتقدم ذكره قريبًا تحت حديث ابن عباس.

• وقد عقد البخاري في صحيحه بابًا فقال: "باب الصلاة بين السواري في غير جماعة"، ثم أسند حديث نافع عن ابن عمر في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم داخل الكعبة بين العمودين المقدَّمين [البخاري (397 و 468 و 504 و 505 و 506 و 1167 و 1598 و 1599 و 2988 و 4289 و 4400)، مسلم (1329)].

وفي أحد ألفاظه: عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت، ومعه أسامة وبلال وعثمان بن طلحة، فأجافوا عليهم الباب طويلًا، ثم فتح فكنت أول من دخل، فلقيت بلالًا، فقلت: أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: بين العمودين المقدَّمين، فنسيت أن أسأله: كم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم[مسلم (1329/ 391)]، وبنحوه رواه جويرية عن نافع [عند البخاري (504)]، وفي رواية لأيوب عن نافع [عند البخاري (468)]: بين الأسطوانتين، وفي رواية مجاهد عن ابن عمر [عند البخاري (397)]: بين الساريتين اللتين على يساره إذا دخلتَ.

وترجمة البخاري هذه تدل دلالة قوية على أنَّه يذهب إلى القول بالنهي عن الصلاة بين السواري في الجماعة، وأنها تجوز للإمام والمنفرد، والله أعلم.

قال ابن حبان في الجمع بين حديث أَنس، وبين حديث ابن عمر:"هذا الفعل ينهى عنه بين السواري جماعة، وأما استعمال المرء مثله منفردًا فجائز" "صحيح ابن حبان (5/ 598)].

• ومن فقه الحديث:

قال مالك: "لا بأس بالصفوف بين الأساطين إذا ضاق المسجد"[المدونة (1/ 106)].

وقال صالح بن أحمد بن حنبل لأبيه: "وسألته عن الصلاة بين الأساطين؟ فقال: تكره الصلاة بينها"[مسائل صالح (194)].

وقال الترمذي: "وقد كره قوم من أهل العلم أن يُصَفَّ بين السواري، وبه يقول أحمد إسحاق، وقد رخص قوم من أهل العلم في ذلك".

وقال البخاري: "باب الصلاة بين السواري في غير جماعة".

ص: 405

وقال ابن المنذر في الأوسط (1/ 183): "ليس في هذا الباب خبر يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه نهى عنه، وأعلى ما فيه قول أَنس: كنا نتقيه، ولو اتَّقى متَّقٍ كان حسنًا، ولا مأثم عندي على فاعله".

وقال ابن حبان: "هذا الفعل ينهى عنه بين السواري جماعة، وأما استعمال المرء مثله منفردًا فجائز".

وقال البيهقي (3/ 104): "وهذا - والله أعلم - لأنَّ الأسطوانة تحول بينهم وبين وصل الصف؛ فإن كان منفردًا، أو لم يجاوزوا ما بين الساريتين: لم يكره إن شاء الله تعالى؛ لما روينا في الحديث الثابت عن ابن عمر، قال: سألت بلالًا أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني: في الكعبة -؟ فقال: بين العمودين المقدَّمين".

وقال المحب الطبري: "كره قوم الصف بين السواري؛ للنهي الوارد عن ذلك، ومحل الكراهة: عند عدم الضيق، والحكمة فيه: انقطاع الصف"[الفتح لابن حجر (1/ 578)، بسط الكف (18)].

وقال ابن العربي في العارضة (2/ 26): "ولا خلاف في جوازه عند الضيق، وأما مع السعة فهو مكروه للجماعة، فأما الواحد فلا بأس به،

".

وفي المغني (2/ 27): "ولا يكره للإمام أن يقف بين السواري، ويكره للمأمومين؛ لأنَّها تقطع صفوفهم".

وفي الإنصاف (2/ 299): "قوله: ويُكره للمأمومين الوقوف بين السواري إذا قطعت صفوفَهم، وهذا المذهب، وعليه الأصحاب، وهو من المفردات، وعنه: لا يُكره لهم ذلك، كالإمام وكالمنبر، تنبيه: محل الخلاف إذا لم تكن حاجة، فإن كان ثم حاجة لم يُكره الوقوف بينهما".

قلت: الصحيح في علة المنع هو: قطع الصفوف، ومن ثم فلا يقاس عليه الإمام والمنفرد؛ قال أبو الفتح اليعمري في النفح الشذي (4/ 222):"وإذا كانت العلة في الكراهة قطع الصفوف فلا معنى للقياس على الإمام والمنفرد؛ لانتفاء العلة هناك".

فإن قيل: قد قالوا بالتفريق بين السعة والضيق، والجواز في حالة الضيق، وحديث أَنس ورد في حالة الضيق؛ لقوله: فاضطرنا الناس، وفي رواية: فزُحمنا، قال أبو الفتح اليعمري في النفح الشذي (4/ 222):"فيمكن أن يقال: إن الضرورة التي أشار إليها في الحديث لم تبلغ قدر الضرورة التي يرتفع الحرج معها"، والله أعلم.

وانظر: المبسوط لمحمد بن الحسن (1/ 362)، شرح ابن بطال (2/ 134)، إحكام الأحكام لابن دقيق العيد (3/ 40)، فتح الباري لابن رجب (2/ 653)، الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (6/ 184)، وغيرها.

***

ص: 406