المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌85 - باب المرأة تصلي بغير خمار - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ٧

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌69 - باب الإمام يصلي من قعود

- ‌78).***70 -باب الرجلين يؤمُّ أحدُهما صاحبَه، كيف يقومان

- ‌71 - باب إذا كانوا ثلاثةً كيف يقومون

- ‌7).***72 -باب الإمام ينحرف بعد التسليم

- ‌73 - باب الإمام يتطوع في مكانه

- ‌74 - باب الإمام يحدث بعد ما يرفع رأسه من آخر الركعة

- ‌75 - باب ما يؤمر به المأموم من اتباع الإمام

- ‌76 - باب التشديد فيمن يرفع قبل الإمام، أو يضَع قبله

- ‌77 - باب فيمن ينصرف قبل الإمام

- ‌78 - باب جماع أبواب ما يُصلَّى فيه

- ‌79 - باب الرجل يعقِد الثوبَ في قفاه ثم يصلي

- ‌80 - باب الرجل يصلي في ثوبٍ واحد بعضُه على غيره

- ‌81 - باب في الرجل يصلي في قميص واحد

- ‌82 - باب إذا كان الثوب ضيقًا يتَّزر به

- ‌83 - باب الإسبال في الصلاة

- ‌84 - باب في كم تصلي المرأة

- ‌85 - باب المرأة تصلي بغير خمار

- ‌86 - باب ما جاء في السدل في الصلاة

- ‌87 - باب الصلاة في شُعُر النساء

- ‌88 - باب الرجل يصلي عاقصًا شعره

- ‌89 - باب الصلاة في النعل

- ‌91).***90 -باب المصلي إذا خلع نعليه، أين يضعهما

- ‌91 - باب الصلاة على الخُمرة

- ‌92 - باب الصلاة على الحصير

- ‌93 - باب الرجل يسجد على ثوبه

- ‌تفريع أبواب الصفوف

- ‌94 - باب تسوية الصفوف

- ‌95 - باب الصفوف بين السواري

- ‌96 - باب مَن يُستحبُّ أن يلي الإمامَ في الصف وكراهية التأخر

- ‌97 - باب مقام الصبيان من الصف

- ‌98 - باب صف النساء وكراهية التأخر عن الصف الأول

- ‌99 - باب مقام الإمام من الصف

- ‌100 - باب الرجل يصلي وحده خلف الصف

- ‌16).***101 -باب الرجل يركع دون الصف

- ‌تفريع أبواب السترة

- ‌102 - باب ما يستر المصلي

- ‌ 150)].***103 -باب الخط إذا لم يجد عصًا

- ‌104 - باب الصلاة إلى الراحلة

- ‌105 - باب إذا صلى إلى سارية أو نحوها، أين يجعلها منه

- ‌106 - باب الصلاة إلى المتحدِّثين والنِّيام

- ‌107 - باب الدُّنُوِّ من السترة

- ‌108 - باب ما يُؤمر المصلي أن يدرأ عن الممرِّ بين يديه

الفصل: ‌85 - باب المرأة تصلي بغير خمار

سوقهن، فكان المقصود تغطية الساق؛ لأن الثوب إذا كان فوق الكعبين بدا الساق عند المشي".

إلى أن قال: "ولم يؤمرن مع القُمُص إلا بالخُمُر، لم تؤمر بسراويل؛ لأن القميص يغنى عنه، ولم تؤمر بما يغطي رجليها، لا خف ولا جورب، ولا بما يغطي يديها، لا بقفازين ولا غير ذلك، فدل على أنه لا يجب عليها في الصلاة ستر ذلك إذا لم يكن عندها رجال أجانب"[المجموع (22/ 114 - 120)].

وقال المرداوي في الإنصاف (1/ 453): "واختار الشيخ تقي الدين أن القدمين ليسا بعورة أيضًا، قلت: وهو الصواب".

وانظر: الاستذكار (2/ 194)، التمهيد (6/ 364)، شرح السنة (2/ 436)، أحكام القرآن لابن العربي (2/ 309)، المغني (1/ 350)، المجموع (3/ 174).

• الدرع: القميص، والخمار: ما تغطي به المرأة رأسها، والملحفة: الملاءة، وهي ما تلتحف به المرأة فوق سائر لباسها، والجلباب: ما يستر الكل، مثل الملحفة، ويلبس عند الخروج من البيت [تهذيب اللغة (5/ 46)، النهاية (2/ 114)، المغرب في ترتيب المعرب (2/ 243)، لسان العرب (8/ 82) و (9/ 314)، المطلع على أبواب المقنع (1/ 62)].

***

‌85 - باب المرأة تصلي بغير خمار

641 -

. . . حماد، عن قتادة، عن محمد بن سيرين، عن صفية بنت الحارث، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا يقبلُ اللهُ صلاةَ حائضٍ إلا بخمار".

قال أبو داود: رواه سعيد -يعني: ابن أبي عروبة-، عن قتادة، عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

• حديث ضعيف.

قال الترمذي: "وقوله: "الحائض" يعني: المرأة البالغ، يعني: إذا حاضت"، وقال الخطابي في معالم السنن (1/ 156):"يريد بالحائض المرأة التي قد بلغت سن المحيض، ولم يرد به المرأة التي هي في أيام حيضها؛ فإن الحائض لا تصلي بوجه"، وقال البيهقي في السنن (3/ 83):"قال ابن أبي عاصم: أراد بالحيض البلوغ"، ثم قال:"وفيه كالدلالة على توجه الفرض عليها إذا بلغت بالحيض".

أخرجه الترمذي (377)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(2/ 297/ 349)، وابن ماجه (655)، وابن خزيمة (1/ 380/ 775)، وابن حبان (4/ 612/ 1711 و 1712)، وابن الجارود (173)، والحاكم (1/ 251)، وأحمد (6/ 150 و 218 و 259)، وإسحاق بن راهويه (3/ 687 و 688/ 1284 و 1285)، وابن أبي شيبة

ص: 242

(2/ 40/ 6223)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (3308)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 69/ 2403)، وابن الأعرابي في المعجم (3/ 940/ 1994)، وابن حزم في المحلى (1/ 90) و (3/ 219)، وفي الإحكام (5/ 111)، والبيهقي (2/ 233) و (3/ 83) و (6/ 57)، وابن عبد البر في التمهيد (6/ 368)، والبغوي في شرح السنة (2/ 436/ 527)، والمزي في التهذيب (35/ 210).

وفي رواية: "لا يقبل الله صلاة امرأة قد حاضت إلا بخمار".

• تنبيه: وقع عند ابن حزم في المحلى في الموضعين: حماد بن زيد خطأً، والحديث إنما هو لحماد بن سلمة، فقد رواه ابن حزم من طريق عفان بن مسلم عن حماد بن زيد، وقد رواه الحفاظ: الإمام أحمد وغيره، عن عفان بن مسلم، عن حماد بن سلمة، وكان عفان أحيانًا لا ينسب حمادًا، فتوهم ابن حزم أنه ابن زيد، فنسبه من قبل نفسه، وابن زيد لا يُعرف بالرواية عن قتادة، فضلًا عن كونه لم يلقه، فقد روى أبو عبد الله المقدمي في كتاب التاريخ وأسماء المحدثين وكناهم (1019) بإسناد صحيح إلى حماد بن زيد، قال:"كنت هيَّأت الصحف لقدوم قتادة من واسط من عند خالد بن عبد الله القسري لأكتب عنه، فمات بواسط، وذلك في سنة سبع عشرة ومائة"[راجع في ذلك ما كتبه طارق عوض الله في تقوية الأحاديث بالشواهد ص (164)، وما كتبته في مسائل الفقه (4/ 189)]، ومما يؤكد كون ابن حزم هو الذي نسبه من قبل نفسه، أنه قد أخرج الحديث في الإحكام من طريق أبي دواد عن حجاج بن منهال، ولم يُنسب حماد عند أبي داود، فإذا بابن حزم يقول:"هو: ابن زيد"، والله أعلم.

• هكذا رواه عن حماد بن سلمة جمع كبير من الثقات، منهم: حجاج بن منهال، ويحيى بن آدم، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وأبو كامل فضيل بن حسين الجحدري، وعفان بن مسلم، وبهز بن أسد، ويونس بن محمد المؤدب، وأبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك، وأبو النعمان محمد بن الفضل عارم، وأبو عمر حفص بن عمر الضرير، وعلي بن الجعد، وهدبة بن خالد، وقبيصة بن عقبة.

• وروى هذا الحديث أبو رفاعة: نا أبو عمر حفص بن عمر الضرير: نا حماد بن سلمة، عن قتادة، عن محمد بن سيرين، عن صفية بنت الحارث -قال أبو عمر: وهي امرأة عبد الله بن خلب الخزاعي-، عن عائشة، به مرفوعًا.

أخرجه ابن الأعرابي في المعجم (3/ 940/ 1994).

ثم رواه ثانية أبو رفاعة: نا أبو عمر، عن حماد، عن هشام، عن محمد بن سيرين، عن حفصة بنت الحارث، عن عائشة، نحوه.

أخرجه ابن الأعرابي في المعجم (3/ 940/ 1995).

ثم رواه مرة ثالثة أبو رفاعة: نا أبو عمر: نا حماد: نا أيوب، عن محمد بن سيرين، عن صفية بنت الحارث، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه، قالت: فألقت إلي عائشة ثوبًا، فقالت: شقيه بين بناتك خُمُرًا.

ص: 243

أخرجه ابن الأعرابي في المعجم (3/ 940/ 1996).

وهذا كله من أوهام أبي رفاعة هذا وتخليطه في الأسانيد، فإن أبا رفاعة هذا هو: عبد الله بن محمد بن عمر بن حبيب العدوي البصري القاضي، قال الخطيب في تاريخه (10/ 83):"وكان ثقة"، وذكره ابن حبان في الثقات (8/ 369)، وقال:"وكان يخطئ"، ولم يذكر الدارقطني شيئًا من ذلك في ذكر الاختلاف على ابن سيرين في هذا الحديث، سوى الوجه الأول [علل الدارقطني (14/ 431/ 3780)].

وإنما رواه حماد بن سلمة، عن قتادة، عن ابن سيرين، عن صفية بنت الحارث، عن عائشة. ورواه أيوب، وهشام، عن ابن سيرين: أن عائشة، مرسلًا، وسيأتي.

قال أبو داود: "رواه سعيد -يعني: ابن أبي عروبة-، عن قتادة، عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم".

وقال الترمذي: "حديث عائشة: حديث حسن".

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، وأظن أنه لخلاف فيه على قتادة".

وقال البيهقي: "ورواه سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم".

وقال ابن الملقن في البدر المنير (4/ 155) و (6/ 676): "هذا الحديث صحيح".

• قلت: قد اختلف في هذا الحديث على قتادة:

1 -

فرواه حماد بن سلمة، عن قتادة، عن محمد بن سيرين، عن صفية بنت الحارث، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

فذكره.

2 -

ورواه سعيد بن أبي عروبة [من رواية: عبد الوهاب بن عطاء الخفاف، عنه]، عن قتادة، عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم،

فذكره مثله.

أخرجه الحاكم (1/ 251)، وعنه: البيهقي (2/ 233).

3 -

ورواه شعبة، وسعيد بن بشير، عن قتادة به، موقوفًا.

ذكره الدارقطني في العلل (14/ 432/ 3780).

وسيأتي نقل كلام الدارقطني بتمامه.

ومن هذا الاختلاف يظهر وهم رواية حماد بن سلمة، حيث خالف أثبت الناس في قتادة، فإن أصحاب قتادة الذين هم أثبت الناس فيه؛ ثلاثة: شعبة وهشام الدستوائي وسعيد بن أبي عروبة؛ فإذا اتفقوا مخالفين غيرهم كان القول قولهم؛ وإذا اتفق اثنان دون الثالث فالقول قول الرجلين، فإذا اختلفوا فحينئذ يتوقف في الحديث.

وهنا قد اتفق اثنان من أصحاب قتادة [شعبة وابن أبي عروبة] على خلاف ما رواه حماد بن سلمة، فالقول قولهما، وترد به رواية حماد.

لكن شعبة أوقف الحديث، وأرسله ابن أبي عروبة، فالله أعلم بالصواب.

• وقد روي نحو هذا من مراسيل الحسن ومن كلامه مقطوعًا عليه، من غير طريق قتادة:

ص: 244

فقد روى عيسى بن يونس، عن عمرو، عن الحسن، رفعه، قال:"إذا حاضت الجارية لم تقبل لها صلاة إلا بخمار".

أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 39/ 6213).

وعمرو هذا الأقرب أنه عمرو بن عبيد، شيخ القدرية والمعتزلة: متروك، يكذب على الحسن.

ورواه هشام بن حسان [ثقة، من أصحاب الحسن]، والربيع بن صبيح [ليس بالقوي. انظر: التهذيب (1/ 593)، الميزان (2/ 41)]:

عن الحسن، قال: إذا بلغت المرأة الحيض ولم تغط أذنها ورأسها، لم تقبل لها صلاة. لفظ هشام. ولفظ ربيع: إذا حاضت الجارية لم تقبل لها صلاة إلا بخمار.

أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 40/ 6220 و 6224).

وعليه: فالثابت فيه عن الحسن البصري، أنه من قوله مقطوع عليه، والله أعلم.

• وهذا الحديث قد اختلف فيه على محمد بن سيرين:

أ- فرواه قتادة، عن محمد بن سيرين، عن صفية بنت الحارث، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا يقبلُ اللهُ صلاةَ حائضٍ إلا بخمار".

وتقدم بيان المحفوظ فيه عن قتادة.

ب- ورواه أيوب السختياني، وهشام بن حسان:

عن محمد: أن عائشة نزلت على صفيَّة أم طلْحة الطَّلَحات، فرأت بناتٍ لها، فقالت:

فذكرا الحديث هكذا مرسلًا، وهو الحديث الآتي:

***

642 -

. . . حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد: أن عائشة نزلت على صفيَّة أم طلْحة الطَّلَحات، فرأت بناتٍ لها، فقالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل وفي حجرتي جارية، فألقى لي [وفي نسخة: إليَّ] حقوه، وقال لي:"شُقِّيه بشقَّين فأعطي هذه نصفًا، والفتاة التي عند أم سلمة نصفًا، فإني لا أُراها إلا قد حاضت"، أو:"لا أراهما إلا قد حاضتا".

قال أبو داود: وكذلك رواه هشام، عن ابن سيرين.

• حديث ضعيف.

أخرجه أحمد (6/ 96)، وابن حزم في الإحكام (5/ 111)، والبيهقي (6/ 57).

ولفظه عند أحمد: أن عائشة نزلت على صفية أم طلحة الطلحات، فرأت بنات لها يصلين بغير خمر قد حضن، قال: فقالت عائشة: لا تصلِّينَّ جارية منهن إلا في خمار، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليَّ، وكانت في حجري جارية، فألقى علي حقوه، فقال: "شقيه بين

ص: 245

هذه، وبين الفتاة التي في حجر أم سلمة، فإني لا أراها إلا قد حاضت"، أو: "لا أراهما إلا قد حاضتا".

• وأما رواية هشام بن حسان التي علقها أبو داود، فقد جاءت موصولة:

رواه هشام، عن محمد، أن عائشة قالت: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي فتاة، فألقى إليَّ حقوه، فقال:"شقيه بين هذه الفتاة وبين التي عند أم سلمة، فإني لا أراهما إلا قد حاضتا".

وفي لفظ له: عن ابن سيرين: أن عائشة نزلت على صفية أم طلحة الطلحات، فرأت بنات لها قد أَعصرن يصلين بغير خُمُر، فقلت: لا أرى بناتك هؤلاء إلا قد حضن، أو قد حاض بعضهن، قالت: أجل، قالت: فلا تصل جارية منهن حاضت إلا بخمار؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليَّ، وعندي جارية قد كانت تكون في حجري، فألقى إليَّ حقوه، فقال:"شقيها بينها وبين الجارية التي عند أم سلمة، فإني لا أراها إلا قد حاضت"، أو قال:"لا أراهما إلا قد حاضتا".

أخرجه أحمد (6/ 238)، وابن أبي شيبة (2/ 40/ 6215)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 295 - 296/ 348).

قلت: ورواية أيوب السختياني وهشام بن حسان أولى من رواية قتادة وأصح، فإن أيوب أثبت الناس في ابن سيرين، وقد تابعه هشام عليه.

قال الدارقطني في العلل (14/ 431/ 3780): "يرويه محمد بن سيرين، واختلف عنه:

فرواه قتادة، عن ابن سيرين، واختلف عن قتادة، فأسنده حماد بن سلمة، عن قتادة، عن ابن سيرين، عن صفية بنت الحارث، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وخالفه شعبة، وسعيد بن بشير، فروياه عن قتادة، موقوفًا.

ورواه أيوب السختياني، وهشام بن حسان، عن ابن سيرين، مرسلًا عن عائشة: أنها نزلت على صفية بنت الحارث حدثتها بذلك، ورفعا الحديث.

وقول أيوب، وهشام: أشبه بالصواب".

وعليه: فهو حديث ضعيف؛ لإرساله؛ فإن ابن سيرين لم يسمع من عائشة، قاله أبو حاتم وابن معين وزاد:"ولا رآها"[سؤالات ابن محرز (630)، تحفة التحصيل (277)، المراسيل (687)، جامع التحصيل (683)][وانظر فيما تقدم الحديث رقم (367 و 368)].

• وله طريق أخرى عن عائشة:

روى سفيان الثوري، عن عبد الكريم، عن عمرو بن سعيد، عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها، فاختبأت مولاة لهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"حاضت؟ " فقالوا: نعم، فشق لها من عمامته، فقال:"اختمري بهذا".

أخرجه ابن ماجه (654)، وابن أبي شيبة (2/ 40/ 6216)، وابن أبي عمر العدني في

ص: 246

مسنده [عزاه إليه البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 83/ 247)]، والخطيب في الموضح (2/ 271).

قال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 186/ 532): "وسئل أبو زرعة عن حديثٍ: اختلف محمد بن عبد الرحمن ابن أبي ليلى والثوري، عن عبد الكريم أبي أمية:

فقال سفيان: عن عبد الكريم، عن عمرو بن سعيد، عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها، واختبأت مولاة له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"حاضت؟ " فقالت: نعم، فشق لها من ثوبه، وقال:"اختمري بهذا".

وروى ابن أبي ليلى، عن عبد الكريم، عن سعيد بن عمرو، عن عائشة؟

فقال أبو زرعة: ما يرويه الثوري أصح.

وسألت أبي عنه؟ فقال: هو عمرو بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن المعلي".

قلت: الأقرب أنه عمرو بن سعيد بن العاص الأموي الأشدق [كما في تهذيب الكمال][وهو: تابعي أخرج له مسلم متابعة (228)، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين (5/ 178)، التهذيب (3/ 272)، إكمال مغلطاي (10/ 172)]، وأما قول أبي حاتم فلم أفهمه إن لم يكن محرفًا، وأما عمرو بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، أبو أمية القرشي الأموي، فهو متأخر الطبقة عن هذا، يروي عنه: روح بن عبادة [انظر: كنى الدولابي (1/ 346)، فتح الباب (429)].

وهذا الإسناد ضعيف؛ لضعف عبد الكريم بن أبي المخارق، والله أعلم.

• وله شاهد من حديث أبي قتادة:

روى الطبراني في الأوسط (7/ 315/ 7606)، وفي الصغير (2/ 138/ 920)، قال: حدثنا محمد بن حرملة القلزمي بمدينة قلزم: حدثنا إسحاق بن إسماعيل بن عبد الأعلى الأيلي: حدثنا عمرو بن هاشم البيروتي: حدثنا الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يقبل الله من امرأة صلاة حتى تواري زينتها، ولا من جارية بلغت المحيض حتى تختمر".

قال الطبراني: "لم يروه عن الأوزاعي إلا عمرو بن هاشم، تفرد به: إسماعيل بن إسحاق".

قلت: هذا حديث منكر من حديث يحيى بن أبي كثير، ومن حديث الأوزاعي:

إسناده إلى عمرو بن هاشم إسناد فيه جهالة، شيخ الطبراني لم أجد من وثقه، وليس بمشهور، ولا له كثير رواية [انظر: المقفى الكبير (5/ 531)، تاريخ الإسلام (23/ 125 و 194)، توضيح المشتبه (2/ 272)]، وكلام الطبراني يدل على أنه قد توبع عليه، وشيخه إسحاق الأيلي: صدوق، روى عنه النسائي وابن ماجه، والظاهر أن علته: تفرد عمرو بن هاشم البيروتي به عن الأوزاعي الإمام في كثرة من روى عنه من أصحابه الثقات، وعمرو بن هاشم وإن كان بلديًا للأوزاعي إلا أنهم قد تكلموا فيه، فهذا محمد بن مسلم بن وارة

ص: 247

الحافظ يقول فيه: "كتبت عنه، كان قليل الحديث"، قال ابن أبي حاتم:"ما حاله؟ قال ابن وارة: ليس بذاك، كان صغيرًا حين كتب عن الأوزاعي"[الجرح والتعديل (6/ 268)]، وقال العقيلي فيما رواه البيروتي عن ابن عجلان:"مجهول بالنقل، لا يتابع على حديثه"، وحسن ابن عدي القول فيه، فقال:"ليس به بأس"، وقد أنكرت أحاديث على البيروتي هذا فيما تفرد به عن الأوزاعي [انظر: علل الحديث لابن أبي حاتم (2/ 93 - 94/ 1775)]، ومن كان هذا حاله، فلا يُقبل تفرده عن الأوزاعي، ويُعدُّ تفرده منكرًا [انظر ترجمته: الضعفاء الكبير (3/ 294)، تاريخ دمشق (46/ 451)، التهذيب (3/ 309)، الميزان (3/ 290)]، والأوزاعي: كان لا يقيم حديث يحيى بن أبي كثير، لم يكن عنده في كتاب، إنما كان يحدث به من حفظه، ويهم فيه [شرح علل الترمذي (2/ 677)]، والله أعلم.

• وروى أبو داود في المراسيل (28)، قال: حدثنا عمرو بن عثمان: حدثنا إسماعيل -يعني: ابن عياش-، عن أبي سلمة، عن يحيى بن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة لا تجاوز صلاتهم رؤوسهم"

فذكر الحديث، قال:"وامرأة قامت إلى الصلاة وأذنها بادية".

وهذا معضل؛ يحيى بن جابر الطائي أبو عمرو الحمصي: ثقة، روايته عن الصحابة مرسلة [التهذيب (4/ 344)، تحفة التحصيل (341)]، والراوي عنه: أبو سلمة سليمان بن سليم الكلبي الحمصي: ثقة، كان كاتب يحيى بن جابر، ورواية إسماعيل بن عياش هنا عن أهل بلده، وروايته عنهم مستقيمة.

• ومن فقه الباب:

قال مالك: "إذا صلت المرأة وشعرها بادٍ، أو صدرها، أو ظهور قدميها، أو معصميها، فلتعد الصلاة ما دامت في الوقت"[المدونة (1/ 94)].

وقال الشافعي في الأم (1/ 90) بأن: "المرأة تصلي في الدرع والخمار والمِقْنَعة".

وقال الترمذي: "وحديث عائشة: حديث حسن، والعمل عليه عند أهل العلم: أن المرأة إذا أدركت فصلت وشيء من شعرها مكشوف لا تجوز صلاتها، وهو قول الشافعي، قال: لا تجوز صلاة المرأة وشيء من جسدها مكشوف، قال الشافعي: وقد قيل: إن كان ظهر قدميها مكشوفًا فصلاتها جائزة".

وقال عبد الله بن أحمد في مسائله لأبيه (225): "قرأت على أبي، قلت: إذا صلت المرأة وبعض شعرها مكشوف، أو بعض ساقها، أو بعض ساعدها؟ قال: لا يعجبني، قلت: فإن كانت قد صلت؟ قال: إذا كان شيئًا يسيرًا فأرجو".

وقال ابن المنذر في الأوسط (5/ 69): "أجمع أهل العلم على أن المرأة الحرة البالغة تخمر رأسها إذا صلَّت، وعلى أنها إن صلَّت وجميعُ رأسها مكشوف أن صلاتها فاسدة، وأن عليها إعادة الصلاة،

، واختلفوا في المرأة تصلي وبعض شعرها مكشوف" [وانظر: الإجماع (92)].

ص: 248