المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌92 - باب الصلاة على الحصير - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ٧

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌69 - باب الإمام يصلي من قعود

- ‌78).***70 -باب الرجلين يؤمُّ أحدُهما صاحبَه، كيف يقومان

- ‌71 - باب إذا كانوا ثلاثةً كيف يقومون

- ‌7).***72 -باب الإمام ينحرف بعد التسليم

- ‌73 - باب الإمام يتطوع في مكانه

- ‌74 - باب الإمام يحدث بعد ما يرفع رأسه من آخر الركعة

- ‌75 - باب ما يؤمر به المأموم من اتباع الإمام

- ‌76 - باب التشديد فيمن يرفع قبل الإمام، أو يضَع قبله

- ‌77 - باب فيمن ينصرف قبل الإمام

- ‌78 - باب جماع أبواب ما يُصلَّى فيه

- ‌79 - باب الرجل يعقِد الثوبَ في قفاه ثم يصلي

- ‌80 - باب الرجل يصلي في ثوبٍ واحد بعضُه على غيره

- ‌81 - باب في الرجل يصلي في قميص واحد

- ‌82 - باب إذا كان الثوب ضيقًا يتَّزر به

- ‌83 - باب الإسبال في الصلاة

- ‌84 - باب في كم تصلي المرأة

- ‌85 - باب المرأة تصلي بغير خمار

- ‌86 - باب ما جاء في السدل في الصلاة

- ‌87 - باب الصلاة في شُعُر النساء

- ‌88 - باب الرجل يصلي عاقصًا شعره

- ‌89 - باب الصلاة في النعل

- ‌91).***90 -باب المصلي إذا خلع نعليه، أين يضعهما

- ‌91 - باب الصلاة على الخُمرة

- ‌92 - باب الصلاة على الحصير

- ‌93 - باب الرجل يسجد على ثوبه

- ‌تفريع أبواب الصفوف

- ‌94 - باب تسوية الصفوف

- ‌95 - باب الصفوف بين السواري

- ‌96 - باب مَن يُستحبُّ أن يلي الإمامَ في الصف وكراهية التأخر

- ‌97 - باب مقام الصبيان من الصف

- ‌98 - باب صف النساء وكراهية التأخر عن الصف الأول

- ‌99 - باب مقام الإمام من الصف

- ‌100 - باب الرجل يصلي وحده خلف الصف

- ‌16).***101 -باب الرجل يركع دون الصف

- ‌تفريع أبواب السترة

- ‌102 - باب ما يستر المصلي

- ‌ 150)].***103 -باب الخط إذا لم يجد عصًا

- ‌104 - باب الصلاة إلى الراحلة

- ‌105 - باب إذا صلى إلى سارية أو نحوها، أين يجعلها منه

- ‌106 - باب الصلاة إلى المتحدِّثين والنِّيام

- ‌107 - باب الدُّنُوِّ من السترة

- ‌108 - باب ما يُؤمر المصلي أن يدرأ عن الممرِّ بين يديه

الفصل: ‌92 - باب الصلاة على الحصير

11 -

عن عمر بن الخطاب [عند: الخطيب في الموضح (2/ 55)][وفي إسناده: عبد العزيز بن أبان الأموي السعيدي: متروك، كذبه ابن نمير وابن معين، وقال: "كذاب خبيث، يضع الحديث". التهذيب (2/ 581)].

• قال الترمذي في الجامع (331): "حديث ابن عباس: حديث حسن صحيح، وبه يقول بعض أهل العلم، وقال أحمد وإسحاق: قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على الخمرة.

قال أبو عيسى: والخمرة هو حصير قصير".

وقال أيضًا (332): "والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، إلا أن قومًا من أهل العلم اختاروا الصلاة على الأرض استحبابًا".

وقال أبو عبيد في غريب الحديث (3/ 247): "الخمرة: شيء منسوج يعمل من سعف النخل، ويرمل بالخيوط، وهو صغير على قدر ما يسجد عليه المصلي، أو فويق ذلك، فإن عظم حتى يكفي الرجل لجسده كله في صلاة أو مضجع أو أكثر من ذلك فهو حينئذ حصير، وليس بخمرة".

وقال الخطابي في المعالم (1/ 71): "الخمرة: السجادة التي يسجد عليها المصلي، ويقال: سميت خمرة؛ لأنها تخمر وجه المصلي عن الأرض؛ أي: تستره".

وقال في موضع آخر (1/ 158): "الخمرة سجادة تعمل من سعف النخل، وترمل بالخيوط، وسميت خمرة لأنها تخمر وجه الأرض، أي: تستره.

وفيه من الفقه: جواز الصلاة على الحصير والبسط ونحوها، وكان بعض السلف يكره أن يصلي إلا على جديد الأرض، وكان بعضهم يجيز الصلاة على كل شيء يعمل من نبات الأرض، فأما ما يتخذ من أصواف الحيوان وشعورها فإنه كان يكرهه".

وانظر في فقه المسألة: الأوسط لابن المنذر (5/ 113 - 118)، مجموع فتاوى شيخ الإسلام (22/ 163 - 192)، فتح الباري لابن رجب (2/ 253 - 263).

***

‌92 - باب الصلاة على الحصير

657 -

. . . شعبة، عن أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك، قال: قال رجل من الأنصار: يا رسول الله! إني رجلٌ ضخمٌ -وكان ضخمًا- لا أستطيع أن أصلي معك، وصنع له طعامًا، ودعاه إلى بيته، فصلِّ حتى أراك كيف تصلي، فأقتديَ بك، فنضحوا له طرَفَ حصيرٍ كان لهم، فقام فصلى ركعتين.

قال فلان بن الجارود لأنس بن مالك: أكان يصلي الضحى؟ قال: لم أره صلى إلا يومئذ.

• حديث صحيح.

أخرجه البخاري (670 و 1179)، وابن حبان (5/ 426/ 2070)، وأحمد (3/ 130

ص: 325

و 131 و 184 و 291)، والطيالسي (3/ 570 و 571/ 2211 و 2212)، وعبد بن حميد (1221)، والبزار (13/ 264/ 6799 و 6800)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 439/ 451)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (1148)، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (3/ 23/ 494)، والدارقطني فيما انتقاه من حديث أبي الطاهر الذهلي (1)، وابن الحمامي في الجزء الأربعين من الفوائد الصحاح والغرائب الأفراد (8)، والبيهقي (2/ 308)، وابن عبد البر في التمهيد (1/ 270)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (9/ 314 - 315).

هكذا رواه عن شعبة: معاذ بن معاذ العنبري [وهذا لفظه]، وعبد الرحمن بن مهدي، وغندر محمد بن جعفر، وعلي بن الجعد، وأبو النضر هاشم بن القاسم، وآدم بن أبي إياس، وبهز بن أسد، ويزيد بن هارون، وبشر بن عمر الزهراني، وعاصم بن علي، طوله بعضهم بألفاظ متقاربة، واختصره آخرون.

وقد جاء التصريح بسماع أنس بن سيرين لهذا الحديث من أنس بن مالك، من رواية: عبد الرحمن بن مهدي، وعلي بن الجعد، وأبي النضر هاشم بن القاسم، وآدم بن أبي إياس، وبهز بن أسد، وبشر بن عمر، وعاصم بن علي.

ولفظ علي بن الجعد عند البخاري: قال رجل من الأنصار -وكان ضخمًا- للنبي صلى الله عليه وسلم: إني لا أستطيع الصلاة معك، فصنع للنبي صلى الله عليه وسلم طعامًا، فدعاه إلى بيته، [وفي رواية آدم عند البخاري أيضًا: فبسط له حصيرًا]، ونضح له طرف حصير بماء، فصلى عليه ركعتين.

وقال فلان بن فلان بن جارود لأنس رضي الله عنه: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى؟ فقال: ما رأيته صلى غير ذلك اليوم.

ولفظ غندر عند أحمد: كان رجل ضخم، لا يستطيع أن يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: إني لا أستطيع أن أصلي معك، فلو أتيت منزلي فصليت فأقتدي بك، فصنع الرجل طعامًا، ثم دعا النبي صلى الله عليه وسلم، فنضح طرف حصير لهم، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين.

فقال رجل من آل الجارود لأنس: وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى؟ قال: ما رأيته صلاها إلا يومئذ.

ووهم بشر بن عمر، حيث قال: إن رجلًا من الأنصار ضريرًا، فانفرد دون أصحاب شعبة بوصفه ضرير البصر، بينما وصفه جماعتهم بكونه ضخمًا.

• وممن وهم في إسناده على شعبة، وخالف جماعة الثقات من أصحابه:

1 -

أبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي [ثقة]، قال: ثنا شعبة، عن ثابت، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيت رجل من الأنصار، فبسط له حصير، فصلى عليه ركعتين.

أخرجه البزار (13/ 283/ 6852)، وأبو العباس السراج في مسنده (1205)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (1005)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 113/ 2483).

ص: 326

قال البزار: "وهذا الحديث لم يتابع أبا عامر على روايته عن شعبة، إنما يروى عن شعبة، عن أنس بن سيرين، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد رواه حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس".

2 -

ورواه بكر بن بكار [ضعيف]، عن شعبة، عن أنس بن سيرين، عن ابن عمر، بنحو رواية الجماعة مطولًا.

ذكره ابن أبي حاتم في العلل (1/ 392/141).

قال أبو حاتم: "إنما هو: أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ليس فيه: ابن عمر".

• ورواه خالد الحذاء [ثقة]، عن أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زار أهل بيت من الأنصار، فطعم عندهم طعامًا، فلما أراد أن يخرج أَمر بمكان من البيت، فنُضح له على بساط، فصلى عليه، ودعا لهم.

أخرجه البخاري في الصحيح (6080)، وفي الأدب المفرد (347)، وابن حبان (6/ 84/ 2309)، والبغوي في شرح السنة (11/ 342/ 3005)، وقال:"هذا حديث صحيح".

• خالف شعبةَ وخالدًا الحذاء فيه:

عبد الله بن عون [ثقة ثبت]، فرواه عن أنس بن سيرين، عن عبد الحميد بن المنذر بن الجارود، عن أنس بن مالك، قال: صنع بعض عمومتي للنبي صلى الله عليه وسلم طعامًا، فقال: إني أحب أن تأكل في بيتي، وتصلي فيه، قال: فأتاه وفي البيت فحلٌ من تلك الفحول، فأمر بجانب منه فكُنِس ورُشَّ، فصلى وصلينا معه.

أخرجه ابن ماجه (756)، وابن حبان (12/ 105/ 5295)، وأحمد (3/ 112 و 129)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (4/ 308 - 309)، وابن أبي شيبة (1/ 350/ 4025)، وأبو يعلى (7/ 211 و 227/ 4206 و 4227)، وابن حزم في المحلى (1/ 173)، والمزي في التهذيب (16/ 460).

هكذا رواه عن ابن عون: عبد الله بن المبارك، وإسماعيل بن علية، ومعاذ بن معاذ، ومحمد بن أبي عدي، وأشهل بن حاتم [وهم ثقات أثبات، عدا الأخير؛ فإنه صدوق يخطئ].

وخالفهم: حماد بن زيد [ثقة ثبت]، فرواه عن ابن عون، عن أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل بيتًا فيه فحل، فكسح ناحية منه، ورش، وصلى عليه.

أخرجه البيهقي (2/ 436).

قال ابن ماجه: "الفَحْل: هو الحصير الذي قد اسوَدَّ".

وقال أبو عبيد: "سمي فحلًا: لأنه يُعمل من فحول النخل،

، ثم قال: يُقال: إنما سمي الحصير فحلًا: لأنه يعمل من سعف الفحل من النخيل" [وانظر: النهاية (3/ 416)].

قال ابن حجر في الفتح (2/ 158): "وأخرجه ابن ماجه وابن حبان من رواية

ص: 327

عبد الله بن عون، عن أنس بن سيرين، عن عبد الحميد بن المنذر بن الجارود، عن أنس، فاقتضى ذلك أن في رواية البخاري انقطاعًا، وهو مندفع بتصريح أنس بن سيرين عنده بسماعه من أنس، فحينئذ رواية ابن ماجه إما من المزيد في متصل الأسانيد، وإما أن يكون فيها وهم، لكون ابن الجارود كان حاضرًا عند أنس لما حدث بهذا الحديث، وسأله عما سأله من ذلك، فظن بعض الرواة أن له فيه رواية" [وانظر: النكت الظراف بحاشية التحفة (1/ 266)].

وذهل البوصيري فقال في مصباح الزجاجة (1/ 96/ 286): وإسناده حسن؛ إلا أن له أصلًا في الصحيح من حديث إسحاق بن أبي طلحة عن أنس بن مالك".

قلت: الصواب: ما قال الدارقطني في العلل (12/ 8/ 2341)، وقد ذكر الخلاف بأوسع من هذا:"والقول: قول شعبة ومن تابعه"، وقد أعرض البخاري عن رواية ابن عون، وأخرج رواية شعبة وخالد في صحيحه.

• قال ابن حبان مترجمًا للحديث: "ذكر العذر الرابع، وهو: السِّمَن المفرط الذي يمنع المرء من حضور الجماعات".

قال ابن رجب في الفتح (4/ 100): "في هذا الحديث: أنَّ مَن كان ثقيل البدن يشق عليه المشي إلى المسجد؛ فإنه يعذر لترك الجماعة لذلك، وليس في الحديث ذكر عذر لترك الجماعة سوى كونه ضخمًا، وأنه لا يستطيع الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده، ولعل منزله كان بعيدًا من المسجد، والظاهر: أن هذا الرجل غير عتبان بن مالك؛ فإن ذاك كان عذره العمى، مع بُعد المنزل، وحيلولة السيول بينه وبين المسجد".

لكن قد يُشكل على هذا: حديث ابن مسعود، والشاهد منه قوله: ولقد رأيتُنا وما يتخلَّف عنها إلا منافقٌ معلومُ النفاق، ولقد كان الرجل يُؤتى به يُهادَى بين الرجلين حتى يُقامَ في الصف [أخرجه مسلم (654/ 257)، وتقدم في السنن برقم (550)].

فيقال: هذا الرجل كان ضخمًا؛ بحيث منعه ذلك من شهود الجماعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني لا أستطيع أن أصلي معك، وهذا صريح في عدم استطاعته حضور الجماعة، ولو بإعانة غيره له، إذًا فليس مجرد السمن هو العذر المبيح للتخلف عن الجماعة، ولكن اقترن به عدم الاستطاعة، يعني أنه كان ضخمًا لدرجة إقعاده عن المشي، أو اقترن بضخامة البدن ما يعيقه عن الوصول إلى المسجد، لذا فإن ابن حبان قيد هذا السمن بكونه مفرطًا، بحيث يقعده عن الوصول إلى المسجد، وشهود الجماعة مع الناس، والله أعلم.

وقد سبق بيان حكم شهود الجماعة، والكلام عن بعض الأعذار المبيحة للتخلف عن الجماعة تحت الحديث رقم (553).

***

ص: 328

658 -

قال أبو داود: حدثنا مسلم بن إبراهيم: حدثنا المثنى بن سعيد الذارع: حدثنا قتادة، عن أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور أم سُليم، فتدركه الصلاةُ أحيانًا، فيصلي على بساط لنا، وهو حصيرٌ ننضِحُه [وفي نسخة: تنضِحه] بالماء.

• حديث شاذ.

أخرجه من طريق مسلم بن إبراهيم: ابن سعد في الطبقات (8/ 427)، وأبو العباس السراج في مسنده (1212)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (1012).

ورواه عبد الرحمن بن مهدي [وهو غريب عنه]: نا المثنى بن سعيد، عن قتادة، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على حصير.

أخرجه البزار (13/ 455/ 7228).

قال البزار: "وهذا الحديث لا نحفظه يُروى عن قتادة عن أنس إلا من حديث المثنى".

واختلف فيه على المثنى بن سعيد:

أ- فرواه مسلم بن إبراهيم الفراهيدي [ثقة مأمون]، وعبد الرحمن بن مهدي [ثقة ثبت، حافظ إمام][وهو غريب من حديثه]: عن المثنى بن سعيد به هكذا.

ب- ورواه بهز بن أسد [ثقة ثبت، قال فيه أحمد: إليه المنتهى في التثبت]، وأزهر بن القاسم [صدوق]:

قال بهز: حدثني مثنى بن سعيد، عن أبي التياح، عن أنس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يزور أم سليم، ولها ابن صغير يقال له: أبو عمير، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"يا أبا عمير! ما فعل النغير؟ "، قال: نُغَر يلعب به، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يزور أم سليم أحيانًا، ويتحدث عندها، فتدركه الصلاة، فيصلي على بساط، وهو حصير ينضحه بالماء.

أخرجه النسائي في الكبرى (9/ 133/ 10095)، وأحمد (3/ 190).

هكذا رواه المثنى بن سعيد الضبعي [وهو: ثقة]، فقال مرة: عن قتادة، وقال أخرى: عن أبي التياح، والثاني أشبه بالصواب، وقوله: عن قتادة: شاذ، إذ لا يُعرف هذا الحديث من حديث قتادة إلا من طريق المثنى، تفرد به، ثم هو قد اضطرب فيه، ولم يتابع على روايته عن قتادة، وقد توبع على روايته عن أبي التياح، مما يدل على أنه المحفوظ، وأن قوله في الحديث: عن قتادة: شاذ، والله أعلم.

• وهذا الحديث قد رواه عن أبي التياح عن أنس: شعبة، وعبد الوارث بن سعيد، وعبد الله بن شوذب.

• ولفظ عبد الوارث: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقًا، [وكان لي أخ يقال له

ص: 329

أبو عمير -قال: أحسبه فطيمًا-، وكان إذا جاء قال:"با أبا عمير! ما فعل النغير؟ "، نُغَر كان يلعب به]، فربما تحضر الصلاة وهو في بيتنا، فيأمر بالبساط الذي تحته، فيُكنَس ثم يُنضَح، ثم يؤُمُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونقوم خلفه، فيصلي بنا، وكان بساطهم من جريد النخل.

وهو حديث متفق عليه، تقدم تخريجه تحت الحديث السابق برقم (656).

• ورواه شعبة، عن أبي التياح، عن أنس بن مالك، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخالطنا كثيرًا، حتى إن كان ليقول لأخ لي صغير:"يا أبا عُمَير! ما فعل النُّغَير؟ "[طائر كان يلعب به]، وحضرت الصلاة، فنضحنا بساطًا لنا، فصلى عليه، وصففنا خلفه.

أخرجه البخاري في الصحيح (6129)، وفي الأدب المفرد (269)، وأبو عوانة (1/ 407 و 408/ 1501 - 1503)، والترمذي في الجامع (333 و 1989 و 1989 م)، وفي الشمائل (237)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه على جامع الترمذي "مختصر الأحكام"(2/ 226/ 312)، والنسائي في الكبرى (9/ 132 و 133/ 10093 و 10094)، وابن ماجه (3720 و 3740)، وابن حبان (6/ 82 و 251/ 2308 و 2506)، واللفظ له. وأحمد (3/ 119 و 171)، والطيالسي (3/ 561/ 2202)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 351/ 4042) و (5/ 300/ 26292)، وفي الأدب (65)، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (1409 - 1411)، والطحاوي (4/ 194 - 195)، وأبو بكر الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (2836)، وابن القاص الطبري في فوائد حديث أبي عمير (1 و 3)، وأبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات"(789 و 794)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (409)، وابن عدي في الكامل (3/ 233)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (3/ 98)، وابن المقرئ في المعجم (563)، وتمام في الفوائد (1547)، والخليلي في الإرشاد (2/ 494/ 143)، والبيهقي (5/ 203)، والبغوي في شرح السنة (12/ 346/ 3377)، وقال:"هذا حديث متفق على صحته". وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 37) و (14/ 91).

قال الترمذي: "حديث أنس: حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم، لم يروا بالصلاة على البساط والطنفسة بأسًا، وبه يقول أحمد وإسحاق، واسم أبي التياح [الضبعي]: يزيد بن حميد".

وقال ابن حبان: "قول أنس: وحضرت الصلاة، أراد به وقت صلاة السبحة، إذ المصطفى صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي صلاة الفريضة جماعةً في دار أنصاري دون مسجد الجماعة".

قلت: ويؤيده ما جاء في بقية طرق الحديث، لا سيما حديث ثابت عن أنس، حيث قال: ثم قام فصلى بنا ركعتين تطوعًا.

وأخطأ ابن عدي في إعلال الحديث، وقد رواه من طريق زافر بن سليمان عن شعبة به مختصرًا، ثم قال:"وهذا يروى عن شعبة عن ثابت عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على حصير، وقال زافر: عن شعبة، عن أبي التياح، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على بساط، فخالف في الإسناد والمتن".

ص: 330

وقال الخليلي: "غريب من حديث شعبة، يتفرد به زافر عن شعبة، والحديث يعرف من حديث: حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس".

قلت: إنما اختصره زافر بن سليمان [وهو: صدوق، كثير الأوهام]، ولم ينفرد به عن شعبة، بل هو حديث صحيح، من حديث شعبة، عن أبي التياح، عن أنس، هكذا رواه عن شعبة جماعة من أصحابه الحفاظ، مثل: غندر محمد بن جعفر، ووكيع بن الجراح، وأبي الوليد الطيالسي، وآدم بن أبي إياس، ويزيد بن زريع، وأبي داود الطيالسي، وعبد الله بن إدريس، وأبي النضر هاشم بن القاسم، وبهز بن أسد، وسليمان بن حرب، وبشر بن عمر الزهراني، ووهب بن جرير، وحجاج، وعاصم بن علي، وغيرهم، وقد أخرجه البخاري في صحيحه، وصححه الترمذي وأبو عوانة وابن حبان والبغوي.

وأما حديث شعبة عن ثابت عن أنس، فهو وهم، وإنما هو: شعبة عن أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك، وتقدم التنبيه عليه في الحديث السابق (657).

وأما حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس، فهو صحيح، يأتي ذكره.

• خالفهم: سعيد بن عامر الضبعي [ثقة]، فرواه عن شعبة، عن قتادة [وفي رواية: عن قتادة وأبي التياح]، عن أنس، قال: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليُلاطِفُنا كثيرًا؛ حتى إنه قال لأخ لي صغير: "يا أبا عُمَير! ما فعل النُّغَير؟ ".

أخرجه النسائي في الكبرى (9/ 133/ 10096)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على المسند (3/ 278)، والبزار (13/ 425/ 7162 و 7163)، وابن عبد البر في الاستذكار (8/ 223).

خالف سعيد بن عامر جماعة الثقات عن شعبة؛ فوهِم حيث جعل قتادة مكان أبي التياح، أو قرنه به، وجزم الدارقطني في العلل (12/ 45/ 2393) بأنه وهم.

وقال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم أحدًا رواه عن شعبة، عن قتادة، عن أنس؛ إلا سعيد بن عامر".

وقال المزي في التحفة (1/ 206/ 763) و (1/ 336/ 1293): "ورواه غير واحد عن شعبة، عن أبي التياح، عن أنس، وهو المحفوظ".

وانظر أيضًا فيمن وهم في إسناده على شعبة: السنن الكبرى للنسائي (9/ 132/ 10092)، علل الدارقطني (2 1/ 45/ 2393)، الحلية لأبي نعيم (7/ 162)، تحفة الأشراف (1/ 205/ 763) و (1/ 336/ 1293).

• وأما حديث ابن شوذب:

فيرويه الطبراني في الأوسط (1/ 46/ 125)، بإسناد حسن إلى ابن شوذب، عن أبي التياح، عن أنس، بقصة أبي عمير مختصرًا.

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن ابن شوذب إلا ضمرة"، قلت: يعني: ابن ربيعة الرملي، وهو صدوق.

ص: 331

ورُوي عن أبي هلال الراسبي عن أبي التياح به، ولا يصح عن أبي هلال [عند: أبي الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (34)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 38)].

• والحاصل: أن حديث المثنى بن سعيد عن قتادة عن أنس: شاذ، لم يتابع عليه، والمحفوظ عنه: روايته عن أبي التياح عن أنس، وقد تابعه عليها: شعبة، وعبد الوارث، وابن شوذب، والله أعلم.

وفي هذا الحديث تسمية الحصير بساطًا، لكونه يُبسط، والله أعلم.

• ولحديث أنس هذا طرق أخرى، منها:

1 -

إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك: أن جدته مُلَيكة، دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعَتْه، فأكل منه، ثم قال:"قوموا فلأصلي لكم"، قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد اسودَّ من طول ما لُبِسَ، فنضحته بماء، فقام عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصفَفْتُ أنا واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا، فصلى لنا ركعتين، ثم انصرف.

حديث متفق عليه، وتقدم برقم (612).

2 -

ثابت، عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم حرام، فأتَوه بسمن وتمر، فقال:"ردوا هذا في وعائه، وهذا في سقائه، فإني صائم"، ثم قام فصلى بنا ركعتين تطوعًا، فقامت أم سليم وأم حرام خلفنا، قال ثابت: ولا أعلمه إلا قال: أقامني عن يمينه على بساط.

وهو حديث صحيح، تقدم برقم (608).

3 -

موسى بن داود: أخبرنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سنان بن سعد، عن أنس بن مالك، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أبي طلحة يصلي على بساط.

أخرجه ابن سعد في الطبقات (1/ 467).

وهذا إسناد صالح في المتابعات، سنان بن سعد، وابن لهيعة: ضعيفان، وابن لهيعة أحسن حالًا [انظر تفصيل القول في سنان بن سعد: تخريج الذكر والدعاء (4/ 1309/ 678)].

***

659 -

. . . أبو أحمد الزبيري، عن يونس بن الحارث، عن أبي عون، عن أبيه، عن المغيرة بن شعبة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الحصير، والفروة المدبوغة.

• حديث ضعيف.

أخرجه من طريق أبي أحمد الزبيري به: ابن خزيمة (2/ 103/ 1006)، وابن حبان (13/ 421/ 16947 - الإتحاف)، والحاكم (1/ 259)، وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم -

ص: 332

(3/ 33/ 499)، والبيهقي في السنن (2/ 420)، وفي المعرفة (2/ 247/ 1270)، وفي الآداب (783)، والبغوي في شرح السنة (2/ 1 4 4/ 531).

وأخرجه أحمد (4/ 254)، وابن سعد في الطبقات (1/ 467)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (4/ 197).

من طريق: محمد بن ربيعة الكلابي، عن يونس به، ولفظه: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم فرو، وكان يستحب أن تكون له فروة مدبوغة يصلي عليها. وفي رواية: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي -أو: يستحب أن يصلي- على فروة مدبوغة.

والدولابي في الكنى (2/ 795/ 1381)، من طريق أبي معشر البراء، قال: حدثنا يونس بن الحارث بن مندويه، قال: حدثني محمد بن عبيد الله بن سعيد أبو عون الثقفي، عن أبيه، عن المغيرة بن شعبة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب أن يصلي على حصير أو فروة.

والطبراني في الكبير (20/ 416/ 999)، ومن طريقه: المزي في التهذيب (19/ 54).

من طريق أبي نعيم: ثنا يونس بن الحارث الطائفي: ثنا محمد بن عبيد الله أبو عون الثقفي، عن أبيه، عن المغيرة بن شعبة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب أن يصلي على فروة مدبوغة، أو حصير.

• وقد اختلف في إسناده على يونس بن الحارث:

أ- فرواه أبو أحمد الزبيري، وأبو نعيم الفضل بن دكين، ومحمد بن ربيعة الكلابي، وأبو معشر البرَّاء يوسف بن يزيد [وهم: ثقات]: عن يونس بن الحارث، عن أبي عون، عن أبيه، عن المغيرة.

ب- ورواه خالد بن عبد الرحمن [الخراساني: لا بأس به]: ثنا يونس بن الحارث، عن أبي عون الثقفي، عن المغيرة بن شعبة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب أن يصلي على الحصير أو فروة مدبوغة.

أخرجه ابن بشران في الأول والثاني من فوائده (23)، وعنه: البيهقي (2/ 420).

من طريق سليمان بن شعيب [الكيساني: وثقه العقيلي والسمعاني، وأكثر عنه ابن المنذر والطحاوي. الأنساب (5/ 123)، تاريخ الإسلام (0 2/ 364)، اللسان (4/ 160)، مغاني الأخيار (1/ 373)]: ثنا خالد به، هكذا بدون ذكر أبيه في الإسناد.

ج- ورواه وكيع بن الجراح [ثقة حافظ]، عن يونس بن الحارث، عن أبي عون: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على فروة مدبوغة. هكذا معضلًا.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 355/ 4080)(3/ 356/ 4103 - ط عوامة).

قال ابن خزيمة: "أبو عون هذا هو: محمد بن عبيد الله الثقفي".

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بذكر الفروة، إنما خرجه مسلم من حديث أبي سعيد في الصلاة على الحصير".

ص: 333

وذكر الدارقطني في العلل (7/ 134/ 1257) الاختلاف فيه على يونس بن الحارث، بإثبات عبيد الله بن سعيد وإسقاطه، ثم قال:"ولعل هذا من يونس: مرة يرسله، ومرة يسنده، وليس بالقوي".

وقال الدارقطني في تعليقاته على المجروحين لابن حبان (413): "يونس بن الحارث الطائفي: ضعيف في الحديث، روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي على الفروة المدبوغة".

وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (1/ 319): "ليس إسناده بقوي؛ فيه يونس بن الحارث الطائفي، عن أبي عون، عن أبيه، عن المغيرة، ويونس ضعيف،

، وأبو عون اسمه: محمد بن عبيد الله الثقفي، وعبيد الله: قال فيه أبو حاتم: مجهول".

قلت: هذا حديث ضعيف مضطرب؛ اضطرب في إسناده ومتنه: يونس بن الحارث الطائفي الثقفي [وهو: ضعيف] قال أحمد: "أحاديثه مضطربة". التهذيب (4/ 467)]، فلم يُقم إسناده، فمرة يوصله، ومرة يرسله بإسقاط المغيرة وعبيد الله الثقفي معًا، ومرة يرسله بإسقاط عبيد الله الثقفي وحده، كما اضطرب في متنه كما ترى.

وعبيد الله بن سعيد الثقفي: مجهول، ذكره ابن حبان في ثقات أتباع التابعين (7/ 146)، وقال:"يروي المقاطيع"، قال ابن حجر:"فعلى هذا: فحديثه عن المغيرة مرسل"، وقال أبو زرعة العراقي:"وهذا يدل على الانقطاع بينه وبين المغيرة بن شعبة"[التهذيب (3/ 12)، تحفة التحصيل (216)].

فأنى لمثل هذا الإسناد أن يقال فيه: صحيح على شرط الشيخين!!!

• وفي الباب أيضًا:

1 -

عن أبي سعيد الخدري:

يرويه الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر: حدثني أبو سعيد الخدري أنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم قال: فرأيته يصلي على حصير يسجد عليه، قال: ورأيته يصلي في ثوب واحد متوشحًا به.

أخرجه مسلم (519 و 661)، وتقدم تحت الحديث رقم (634).

2 -

عن عائشة:

روى ابن إسحاق، قال: حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن أبي سلمة، عن عائشة، في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالناس التراويح في رمضان، ثم إمساكه صلى الله عليه وسلم عنهم، والشاهد منه قولها: فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من ذلك أن أنصب له حصيرًا على باب حجرتي، ففعلت، فخرج إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن صلى العشاء الآخرة، قالت: فاجتمع إليه مَن في المسجد، فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلًا طويلًا،

الحديث بطوله.

أخرجه أحمد (6/ 267)، وابن نصر في قيام رمضان (11 - مختصره)، والطبراني في الأوسط (5/ 268/ 5281).

وإسناده حسن، وأصله في الصحيحين من حديث سعيد المقبري، عن أبي سلمة، عن

ص: 334

عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له حصير يبسطه بالنهار، ويحتجره بالليل [البخاري (730 و 5861)، ومسلم (782)]، ويأتي تخريجه في السنن برقم (1368 و 1374) إن شاء الله تعالى.

والذي يظهر لي من مجموع الروايات أن هذا الحصير كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخذه حاجزًا يحتجر به كالحجرة، أي: يتخذه حجرة يستتر فيها ويخلو، لا أنه يفرشه فيصلي عليه، وهو ظاهر من قولها: أن أنصب له حصيرًا، وانظر في هذا المعنى: النهاية (1/ 341)، الفتح لابن حجر (2/ 215) و (10/ 314).

ويؤيده ما رواه بسر بن سعيد، عن زيد بن ثابت: أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخد حجرة في المسجد من حصير، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ليالي حتى اجتمع إليه ناس،

فذكر الحديث.

وهو حديث متفق عليه [البخاري (731 و 6113 و 7290)، مسلم (1 78)]، وسيأتي تخريجه في السنن برقم (1044) إن شاء الله تعالى.

3 -

عن جابر بن عبد الله:

روى ابن عدي في الكامل (6/ 298)، عن شيخه: محمد بن أحمد بن عيسى أبي الطيب المروروذي، بإسناد صحيح إلى جابر بن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على حصير.

قال ابن عدي: "وهذا الحديث: ليس بالمحفوظ".

وشيخ ابن عدي هذا: كذاب، يضع الحديث [اللسان (6/ 503)].

4 -

عن علي بن أبي طالب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من علق في مسجد قنديلًا صلى عليه سبعون ألف ملك؛ ما دام ذلك القنديل يقد، ومن بسط في مسجد حصيرًا صلى عليه سبعون ألف ملك واستغفروا له؛ ما دام في ذلك المسجد من ذلك الحصير شيء".

وهذا خبر باطل، تقدم ذكره تحت الحديث رقم (457).

5 -

عن معاذ بن جبل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من بنى لله مسجدًا بنى الله له بيتًا في الجنة، ومن علق فيه قنديلًا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يطفأ ذلك القنديل، ومن بسط فيه حصيرًا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يتقطع ذلك الحصير، ومن أخرج منه قذاة كان له كفلان من الأجر".

وهذا حديث موضوع، تقدم ذكره تحت الحديث رقم (457).

6 -

عن واثلة بن الأسقع:

يرويه الفرج بن فضالة، عن أبي سعيد، قال: رأيت واثلة بن الأسقع في مسجد دمشق، بصق على البُورِي، ثم مسحه برجله، فقيل له: لم فعلت هذا؟! قال: لأني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله. والبوري: هو الحصير المعمول من القصب.

وهو حديث ضعيف، تقدم برقم (484).

7 -

عن ابن عمر:

ص: 335

يرويه عمر بن سليم الباهلي، عن أبي الوليد قال: سألت ابن عمر عن الحصى الذي في المسجد؟ فقال: مطرنا ذات ليلةٍ، فأصبحت الأرضُ مبتلةً، فجعل الرجل يأتي بالحصى في ثوبه، فيبسطه تحته، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة، قال:"ما أحسنَ هذا! "، وفي رواية:"ما أحسنَ هذا البساط! "، فكان ذلك أول بدئه، وفي أخرى:"ما هذا البساط؟ "، قال: فكان ذلك بدؤه. وفيه تشبيه الحصى بالبساط.

وهو حديث ضعيف، تقدم برقم (458).

8 -

عن عمر بن الخطاب [عند: الخطيب في الموضح (2/ 55)]] وفي إسناده: عبد العزيز بن أبان الأموي السعيدي: متروك، كذبه ابن نمير وابن معين، وقال:"كذاب خبيث، يضع الحديث". التهذيب (2/ 581)].

• فإن قيل: يعارض أحاديث الباب:

ما رواه يريد بن المقدام بن شريح بن هانئ، عن أبيه، عن شريح، أنه سأل عائشة: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الحصير؟ فإني سمعت في كتاب الله عز وجل: {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} [الإسراء: 8]، قالت عائشة رضي الله عنها: لا، لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عليه.

أخرجه ابن أبي شيبة في المسند (3/ 405/ 334 - المطالب)، وأبو يعلى (7/ 426/ 4448)، وابن قتيبة في غريب الحديث (279) معلقًا.

قال ابن قتيبة: [أنا أذكر هذا الحديث للغلط في تأويل قول الله جل وعز: {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} ، ولأنه قد روي عن عائشة: أنه كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصير يبسطه بالنهار، ويحتجره بالليل، يصلي عليه".

وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (1/ 319): "يزيد بن المقدام: ضعيف، ولكن يكتب حديثه".

وتعقبه ابن القطان الفاسي فقال في بيان الوهم (5/ 337/ 2515): "فاعلم أن يزيد المذكور لا أعلم أحدًا قال فيه: ضعيف، كما قال أبو محمد، ونص ما قال فيه أبو حاتم هو: يكتب حديثه، ووثقه ابن معين في رواية الدوري، وقد قال النسائي: ليس به بأس، فاعلم ذلك"، وقال الذهبي في الميزان (4/ 440):"ضعفه عبد الحق بلا حجة"، وقال ابن حجر في التقريب (678):"أخطأ عبد الحق في تضعيفه".

قلت: قال ابن معين وأبو داود والنسائي: "ليس به بأس"[التهذيب (4/ 430)]، وبقية رجاله ثقات.

وقال ابن رجب في الفتح (2/ 256): "وهذا غريب جدًّا، ويزيد بن المقدام: قال أبو حاتم: يكتب حديثه".

وقال ابن حجر في الفتح (1/ 491) معلقًا على ترجمة البخاري: باب الصلاة على الحصير، قال ابن حجر: "النكتة في ترجمة الباب: الإشارة إلى ما رواه ابن أبي شيبة وغيره من طريق شريح بن هانئ

فذكره، ثم قال: فكأنه لم يثبت عند المصنف، أو رآه

ص: 336

شاذًا مردودًا؛ لمعارضته ما هو أقوى منه، كحديث الباب، بل سيأتي عنده من طريق أبي سلمة عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له حصير يبسطه ويصلي عليه، وفي مسلم من حديث أبي سعيد: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على حصير".

وقال في موضع آخر (10/ 314): "وفيه إشارة إلى ضعف ما أخرجه ابن أبي شيبة من طريق شريح بن هانئ

" فذكره.

قلت: سبق أن ذكرت أن حديث عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له حصير يبسطه بالنهار، ويحتجره بالليل، ليس فيه أنه كان يصلي عليه، وإنما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخذه حاجزًا يحتجر به، أي: يتخذه حجرة يستتر فيها ويخلو، لا أنه يفرشه فيصلي عليه، بل ورد في بعض الروايات: أنه كان يصلي إليه، فظهر بذلك المعنى، والله أعلم.

وإنما الحجة في ذلك، من أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على حصير: ما تقدم من حديث أنس بن مالك [بطرقه][عند الشيخين]، وحديث أبي سعيد الخدري [عند مسلم]، فإنه ثابت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى على حصير، ورد ذلك من طرق متعددة أسانيدها في غاية الصحة، وقد أخرجها الشيخان في صحيحيهما، فلا تُعارَض بمثل ما تفرد به يزيد بن المقدام، فإنه وإن قال فيه ابن معين وأبو داود والنسائي:"ليس به بأس"، فإن هذا لا يعني أنه كان من الثقات المتقنين الضابطين، ولكنه كان ممن يهم ويخطئ، يبين ذلك سؤال عباس الدوري لابن معين، ومراجعته فيه، حيث قال:"سمعت يحيى يقول: يزيد بن المقدام بن شريح: ليس به بأس، قلت ليحيى: قد قيل عنك إنك لا ترضاه، قال: ليس به بأس"[تاريخ الدوري (3/ 549/ 2685)].

وعلى هذا فهو حديث شاذ؛ لمعارضته الأحاديث الصحيحة الثابتة في الباب، ولا يقال بأن عائشة أخبرت بما تعلم، وأنها لم تره صلى الله عليه وسلم يصلي على حصير، فإن هذا بعيد جدًّا، فهي التي روت حديث الخمرة، وأنها كانت تأتي بها من المسجد، وهي حصير قصير يستعمل للسجود عليه، كما سبق بيانه، وهي التي كانت تنصب الحصير له صلى الله عليه وسلم ليحتجر به، كما أنها روت أيضًا: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي على الخمرة، وفي رواية: على حصير [تقدم ذكره تحت الحديث السابق برقم (656)].

وذهب ابن قتيبة في إعلال حديث يزيد بن المقدام إلى معنى آخر، وهو أن أكثر المفسرين ذهبوا إلى أن الحصير المذكور في الآية بمعنى: الحصر والحبس والسجن، لا الحصير المعهود، وإن كان ابن جرير الطبري مال إلى ترجيح قول الحسن فيه، وأنه هو الحصير المعهود، بمعنى الفراش والمهاد، والله أعلم [انظر: جامع البيان (8/ 42)، وغيره].

• وقد روي من وجه آخر عن شريح عن عائشة في هذا أيضًا ما يعارض الثابت عنها، وعن غيرها من الصحابة:

فقد روى عمرو بن مرزوق [ثقة، له أوهام]: أنبأ مالك بن مغول، قال: سمعت

ص: 337

مقاتل بن بشير، عن أبيه، عن شريح بن هانئ، قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم؟

فذكر الحديث، إلى أن قال: وقالت: أذكر أني رأيته صلى في يوم مطير، ألقينا تحته بتًا فيه خرق، فجعل الماء ينبع منه.

أخرجه البيهقي (2/ 436).

قال البيهقي: "رواه بن المبارك عن مالك بن مغول فقال في الحديث: فبسطنا تحته بتًا، يعني: نطعًا، ولم يقل: عن أبيه".

قلت: خالفه: عبد الله بن المبارك، وخالد بن الحارث، وعبد الله بن نمير [وهم ثقات أثبات]، وعثمان بن عمر بن فارس [ثقة]، وزيد بن الحباب [صدوق]، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة [ثقة متقن، لكن في الإسناد إليه مبهم وثقه الخطابي]، ومسعر بن كدام [ثقة ثبت، وهو غريب من حديثه]، ووكيع بن الجراح [ثقة حافظ، لكن الراوي عنه: محمد بن سليمان بن هشام الشطوي: ضعيف]:

فرووه عن مالك بن مغول، عن مقاتل بن بشير العجلي، عن شريح بن هانئ، قال: سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: لم تكن من الصلاة شيء أحرى أن يؤخرها إذا كان على حديث من صلاة العشاء، وما صلاها قط فدخل عليَّ إلا صلى بعدها أربعًا أو ستًّا، وما رأيته متقيًا الأرض بشيء قط؛ إلا أني أذكر يوم مطر؛ فإنا بسطنا تحته بتًا -تعني: نطعًا- فكأني أنظر إلى خرق فيه ينبع منه الماء.

وقال زيد بن الحباب: وما رأيته متقيًا الأرض بشيء من ثيابه قط.

أخرجه أبو داود (1303)، والنسائي في الكبرى (1/ 231 - 232/ 390)، وأحمد (6/ 58)، وابن المبارك في الزهد (1272)، وفي المسند (66)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (93 - مختصره)، وابن الأعرابي في المعجم (534)، والخطابي في غريب الحديث (1/ 230)، والبيهقي (2/ 477)، والخطيب في تاريخ بغداد (4/ 213)، والمزي في التهذيب (28/ 429 - 430).

قلت: رواية الجماعة هي الصواب، بدون ذكر أبيه في الإسناد.

قال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (1/ 320): "ومقاتل لا أعلم روى عنه إلا مالك بن مغول".

قلت: هو حديث ضعيف؛ لتفرد مقاتل بن بشير به، وهو في عداد المجاهيل، لم يرو عنه سوى مالك بن مغول، ولا يُعرف له سماع من شريح بن هانئ، وذكره ابن حبان في ثقاته على عادته في توثيق المجاهيل، قال الذهبي:"لا يعرف، روى عنه مالك بن مغول"[الميزان (4/ 171)، التهذيب (4/ 142)].

• وفي الصلاة على الفراش، وعلى الثوب أحاديث صحيحة:

وقد بوب البخاري في صحيحه في (8) كتاب الصلاة، (22) باب الصلاة على الفراش، وذكر حديث عائشة من ثلاث طرق (382 و 383 و 384)، وأحد ألفاظه: كنت

ص: 338

أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني، فقبضت رجليَّ، فإذا قام بسطتهما، قالت: والبيوت يومئد ليس فيها مصابيح. [وأخرجه مسلم أيضًا (512)، فهو متفق عليه].

قال الحافظ ابن رجب في فتح الباري (2/ 261): "وجه الاستدلال بهذا الحديث على جواز الصلاة على الفراش: أن عائشة رضي الله عنها كانت تنام على فراش النبي صلى الله عليه وسلم الذي ينام هو وعائشة عليه، وكان يقوم فيصلي من الليل، وهي نائمة معترضة بين يديه على الفراش، وكانت رجلاها في قبلته، فإذا أراد أن يسجد غمزها فقبضت رجلها ليسجد في موضعها، وهذا يدل على أنه كان يسجد على طرف الفراش الذي كانت نائمة عليه، وكانت رجلاها عليه، والله أعلم

".

ثم بوب البخاري بعده بابًا آخر، فقال:(23) باب السجود على الثوب في شدة الحر، وذكر حديث أنس، قال: كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم، فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر في مكان السجود. [وهو حديث متفق عليه. البخاري (385 و 542 و 1208)، مسلم (625)]، ولفظ مسلم: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شدة الحر، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض، بسط ثوبه، فسجد عليه. وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (403)، وهو الحديث الآتي.

• تقدم تحت الباب السابق ذكر طرف من فقه المسألة:

قال الترمذي: "حديث أنس: حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم، لم يروا بالصلاة على البساط والطنفسة بأسًا، وبه يقول أحمد وإسحاق".

وقال ابن رجب في الفتح (2/ 253 - و 254): "وأكثر أهل العلم على جواز الصلاة على الحصير، والسجود عليه، وأن ذلك لا يكره إذا كان الحصير من جريد النخل أو نحوه مما ينبت من الأرض،

إلى أن قال: ومذهب مالك: لا بأس أن يسجد على الخمرة والحصير وما تنبت الأرض، ويضع كفيه عليها.

والسجود على الأرض أفضل عنده، وعند كثير من العلماء،

إلى أن قال: وأكثر صلاة النبي صلى الله عليه وسلم كانت على الأرض".

وقال أيضًا (2/ 259): "وأصل هذه المسائل: أنه تجوز الصلاة على غير جنس ما ينبت من الأرض: كالصوف والجلود، ورخص في الصلاة على ذلك أكثر أهل العلم، وقد روي معناه عن: عمر، وعلي، وأبي الدرداء، وابن عباس، وأنس،

، وهو قول أكثر العلماء بعدهم من التابعين وفقهاء الأمصار، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد".

***

ص: 339