الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ: وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ لَا يَلِي فِي مَالِهَا كَمَا لَا يَلِي فِي نِكَاحِهَا.
وَخَالَفَ الْقَاضِي أَبُو الْخَطَّابِ، فَقَالَ يَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَ الْكَافِرُ وَلِيَّتَهُ الْكَافِرَةَ مِنْ مُسْلِمٍ، قَالَ: لِأَنَّهُ وَلِيُّهَا، فَصَحَّ تَزْوِيجُهُ لَهَا كَمَا لَوْ زَوَّجَهَا مِنْ كَافِرٍ، قَالَ: وَلِأَنَّهَا امْرَأَةٌ لَهَا وَلِيٌّ مُنَاسِبٌ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَلِيَهَا غَيْرُهُ، كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا ذِمِّيٌّ.
قَالَ الشَّيْخُ فِي " الْمُغْنِي ": وَهُوَ أَصَحُّ.
قُلْتُ: هُوَ مُخَالِفٌ لِنَصِّ أَحْمَدَ، كَمَا تَقَدَّمَ لَفْظُهُ.
[فَصْلٌ وِلَايَةُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِةِ]
148 -
فَصْلٌ
[وِلَايَةُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِةِ] .
وَلَا يَلِي الْمُسْلِمُ نِكَاحَ الْكَافِرَةِ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَطْعِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَالْكُفَّارِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ سُلْطَانًا، أَوْ سَيِّدًا لِأُمَّةٍ، فَإِنَّ وِلَايَةَ السُّلْطَانِ عَامَّةٌ.
وَأَمَّا سَيِّدُ الْأُمَّةِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ كَافِرٍ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ تَزْوِيجَ ابْنَتِهِ الْكَافِرَةِ مِنْ كَافِرٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ يُزَوِّجُهَا بِحُكْمِ الْمِلْكِ، فَجَازَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ بَاعَهَا مِنْ كَافِرٍ، بِخِلَافِ ابْنَتِهِ، فَإِنَّهُ يُزَوِّجُهَا بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ، وَقَدِ انْقَطَعَتْ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ كَمَا انْقَطَعَ التَّوَارُثُ وَالْإِنْفَاقُ.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا تَقُولُونَ فِي أُمِّ وَلَدِ الذِّمِّيِّ إِذَا أَسْلَمَتْ، هَلْ يَلِي نِكَاحَهَا؟
قِيلَ: فِيهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا:
أَحَدُهُمَا: يَلِيهِ، لِأَنَّهَا مَمْلُوكَتُهُ، فَيَلِي نِكَاحَهَا كَالْمُسْلِمِ، وَلِأَنَّهُ عَقَدَ عَلَى مَنَافِعِهَا، فَيَلِيهِ كَمَا يَلِي إِجَارَتَهَا.
وَالثَّانِي: لَا يَلِيهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71] ، وَلِأَنَّهَا مُسْلِمَةٌ، فَلَا يَلِي نِكَاحَهَا كَابْنَتِهِ.
قَالَ الشَّيْخُ فِي " الْمُغْنِي ": وَهَذَا أَوْلَى لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْإِجْمَاعِ، يَعْنِي قَوْلَ ابْنِ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْكَافِرَ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى مُسْلِمٍ بِحَالٍ.
وَقَدْ قَالَ فِي " الْمُحَرَّرِ ": وَلَا يَلِي مُسْلِمٌ نِكَاحَ كَافِرَةٍ إِلَّا بِالْمِلْكِ، أَوِ السَّلْطَنَةِ.
وَلَا يَلِي كَافِرٌ نِكَاحَ مُسْلِمَةٍ إِلَّا بِمِلْكٍ يُقَرُّ لَهُ عَلَيْهَا كَمَنْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِهِ، أَوْ مُكَاتَبَتُهُ، أَوْ مُدَبَّرَتُهُ فِي وَجْهٍ، وَيَلِي الْكَافِرُ نِكَاحَ مَوْلَاتِهِ الْكَافِرَةِ مِنْ كَافِرٍ وَمُسْلِمٍ.
وَهَلْ يُبَاشِرُ تَزْوِيجَ الْمُسْلِمِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، أَوْ بِشَرْطِ أَنْ يُبَاشِرَهُ بِإِذْنِ مُسْلِمٍ، أَوِ الْحَاكِمِ خَاصَّةً؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:
قُلْتُ: فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، الزَّوْجَةُ هِيَ الْمُسْلِمَةُ وَالْوَلِيُّ كَافِرٌ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، الْمَوْلَاةُ كَافِرَةٌ وَالزَّوْجُ مُسْلِمٌ.
وَقُلْتُ: عَلَى الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، فَالصَّوَابُ أَنْ يَقْرَأَ: " وَهَلْ