المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل اختلاف الناس حكم أطفال المشركين في الآخرة] - أحكام أهل الذمة - ط رمادي - جـ ٢

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[ذكر نكاح أهل الذمة ومناكحتهم] [

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ نِكَاحِهِمْ وَمُنَاكَحَاتِهِمْ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْكَافِرُ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا]

- ‌[فَصْلٌ في طَلَاقِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ لَا يَعْتَقِدُونَ وُقُوعَهُ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُسْلِمُ إِذَا طَلَّقَ الذِّمِّيَّةَ فَتَزَوَّجَتْ ذِمِّيًّا ثُمَّ طَلَّقَهَا فَهَلْ تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ]

- ‌[فَصْلٌ إِذَا أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا]

- ‌[فَصْلٌ حَجَّةُ الْمُعَجِّلُونَ لِلْفُرْقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ صِحَّةُ الْعُقُودِ الَّتِي وَقَعَتْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي الشِّرْكِ]

- ‌[فَصْلٌ إِذَا أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ وَتَحْتَهُ أُمٌّ وَابْنَتُهَا وَقَدْ دَخَلَ بِهِمَا أَوْ بِإِحْدَاهُمَا]

- ‌[فَصْلٌ إِذَا طَلَّقَ إِحْدَاهُمَا أَوْ مَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ]

- ‌[فَصْلٌ اخْتِلَافُ الدَّارَيْنِ لَا يُوقِعُ الْفُرْقَةَ]

- ‌[فَصْلٌ عَلَى الْمُسْلِمِ نَفَقَةُ جَمِيعِ نِسَائِهِ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ]

- ‌[فَصْلٌ إِذَا زَوَّجَ الْكَافِرُ ابْنَهُ الصَّغِيرَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ مَتَى يَخْتَارُ]

- ‌[فَصْلٌ الِاخْتِيَارُ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ الِاخْتِيَارُ يُعَدُّ فِرَاقًا لِلْبَوَاقِي]

- ‌[فَصْلٌ إِذَا مَاتَ الْمُسْلِمُ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ]

- ‌[فَصْلٌ مِيرَاثُ مَنْ مَاتَ عَنْهُنَّ الْمُسْلِمُ وَهُنَّ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَهْرُ لِلنِّسْوَةِ إِذَا كُنَّ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ]

- ‌[فَصْلٌ لَوْ أَسْلَمَ ثُمَّ طَلَّقَ الْجَمِيعَ قَبْلَ إِسْلَامِهِنَّ]

- ‌[فَصْلٌ مَتَّى تَبْدَأُ عِدَّةُ الْمُفَارَقَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ ثَمَانِ نِسْوَةٍ فَأَسْلَمَ مِنْهُنَّ أَرْبَعٌ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَسْلَمَ وَلَمْ تُسْلِمْ نِسَاؤُهُ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ]

- ‌[فَصْلٌ إِذَا مَاتَتْ إِحْدَى الْمُخْتَارَاتِ فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ أُخْرَى مِنَ الْبَواقِي]

- ‌[فَصْلٌ فَإِنْ قَالَ كُلَّمَا أَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ اخْتَرْتُهَا]

- ‌[فَصْلٌ اخْتِيَارُهُ فِي حَالِ إِحْرَامِهِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ إِذَا مِتْنَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ فَلَهُ اخْتِيَارُ أَرْبَعٍ وَيَرِثُهُنَّ]

- ‌[فَصْلٌ إِذَا أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أُخْتَانِ مَتَى يَطَأُ الْأُخْتَ الْمُخْتَارَةَ]

- ‌[فَصْلٌ نُقِرُّ أَهْلَ الذِّمَّةِ عَلَى الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ بِشَرْطَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ نَصْرَانِيٌّ تَزَوَّجَ يَهُودِيَّةً أَوِ الْعَكْسُ]

- ‌[فَصْلٌ قَبْضُ بَعْضِ الْمَهْرِ وَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ فِيمَا بَقِيَ كَيْفَ يَكُونُ]

- ‌[فَصْلٌ التَّحَاكُمُ إِلَيْنَا فِي أَنْكِحَةٍ لَا يُقَرُّونَ عَلَيْهَا قَبْلَ الدُّخُولِ]

- ‌[فَصْلٌ نِكَاحُ الذِّمِّيِّ الذِّمِّيَّةَ بِلَا صَدَاقٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ضَابِطِ مَا يَصِحُّ مِنْ أَنْكِحَتِهِمْ وَمَا لَا يَصِحُّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَافِرِ يَكُونُ وَلِيًّا لِوَلِيَّتِهِ الْكَافِرَةِ دُونَ الْمُسْلِمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ بَيَانُ وِلَايَةِ الْأَبِ الذِّمِّيِّ]

- ‌[فَصْلٌ وِلَايَةُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِةِ]

- ‌[فَصْلٌ زَوَاجُ الْمُسْلِمِ بِشَهَادَةِ ذِمِّيَّيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَكُونُ الْكَافِرُ مَحْرَمًا لِلْمُسْلِمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِنْفَاقُ عَلَى الْأَقَارِبِ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ]

- ‌[فَصْلٌ جَوَازُ نِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ نِكَاحُ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَتَى يُكْرَهُ نِكَاحُ الْكِتَابِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ النِّكَاحُ مِنَ السَّامِرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ نِكَاحُ الْكِتَابِيَّاتِ الْمُتَمَسِّكَاتِ بِغَيْرِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ]

- ‌[فَصْلٌ نِكَاحُ الْكِتَابِيَّاتِ مَعَ كَثْرَةِ النِّسَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ نِكَاحُ الْمَجُوسِ وَأَكْلُ ذَبَائِحِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ إِجْبَارُ الزَّوْجَةِ الذِّمِّيَّةِ عَلَى الطَّهَارَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْعُ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ الْكِتَابِيَّةَ مِنْ دُورِ الْعِبَادَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْعُ الزَّوْجَةِ الْكِتَابِيَّةِ مِنَ السُّكْرِ]

- ‌[فَصْلٌ أَدَاءُ الزَّوْجَةِ الْكِتَابِيَّةِ شَعَائِرَهَا التَّعَبُّدِيَّةَ]

- ‌[ذِكْرُ أَحْكَامِ مَوَارِيثِهِمْ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ] [

- ‌فصل هَلْ يَجْرِي التَّوَارُثُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ تَوَارُثُ أَهْلِ مِلَّتَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أَحَادِيثِ هَذَا الْبَابِ وَعِلَلِهَا]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ بِلَا خِلَافٍ]

- ‌[فَصْلٌ ذِكْرُ الْخِلَافِ فِي تَوْرِيثِ الْمُسْلِمِ مِنَ الْكَافِرِ]

- ‌[فَصْلٌ أَقْسَامُ أَهْلِ الْعَهْدِ مِنَ الْكُفَّارِ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ تَجُوزُ الْهُدْنَةُ الْمُطْلَقَةُ دُونَ تَحْدِيدِ مُدَّةٍ]

- ‌[ذكر أَحْكَامِ أَطْفَال أهل الذمة] [

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ ذِكْرِ أَحْكَامْ أَطْفَالهم فِي الدُّنْيَا]

- ‌[فصل مَوْتُ الْأَبَوَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ مَتَى يُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الطِّفْلِ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوطُ إِسْلَامِ الصَّبِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ يَتْبَعُ الْوَلَدُ أَبَوَيْهِ إِذَا أَسْلَمَاَ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الطِّفْلِ الْمَسْبِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ نُصُوصِ أَحْمَدَ فِي هَذَا الْبَابِ]

- ‌[فَصْلٌ الصَّبِيُّ يَخْرُجُ مِنْ دَارِ الشِّرْكِ إِلَى أَبَوَيْهِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَهُمَا نَصْرَانِيَّانِ]

- ‌[فَصْلٌ اخْتِلَاطُ أَبْنَاءِ الْمُسْلِمِينَ بِأَبْنَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الذِّمِّيُّ يَجْعَلُ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ مُسْلِمًا]

- ‌[فَصْلٌ وَالِدُ الْمَمْلُوكَيْنِ الْكَافِرَيْنِ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَعْنَى الْفِطْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِطْرَةِ الدِّينُ]

- ‌[فَصْلٌ ضَلَالُ الْقَدَرِيَّةِ فِي مَعْنَى الْفِطْرَةِ وَالرَّدُّ عَلَيْهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي مَعْنَى الْفِطْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ ذِكْرُ قَوْلِ مَنْ قَالَ أَنَّ الْفِطْرَةَ هِيَ الْبُدَاءَةُ]

- ‌[فَصْلٌ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ صَائِرُونَ إِلَى مَا سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْسِيرُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ لِلْفِطْرَةِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ إِجْمَاعُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الِاسْتِنْطَاقَ كَانَ لِلْأَرْوَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْسِيرُ قَوْلِ النَّبِيِّ علبه السلام فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْخِلَافُ فِي خَلْقِ الْأَجْسَادِ قَبْلَ الْأَرْوَاحِ أَوِ الْعَكْسُ]

- ‌[فَصْلٌ الْفِطْرَةُ خُلُوُّ الْقَلْبِ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفِطْرَةُ لَوْ تُرِكَتْ لَاخْتَارَتِ الْإِيمَانَ عَلَى الْكُفْرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفِطْرَةُ تَقْتَضِي حُبَّ اللَّهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَلْخِيصِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الَّتِي حَكَيْنَاهَا]

- ‌[الباب الثاني ذِكْرُ أَحْكَامِ أَطْفَالِهِمْ فِي الْآخِرَةِ] [

- ‌فصل اخْتِلَافِ النَّاس حكم أطفال المشركين فِي الْآخِرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَدِلَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ أَطْفَالَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْجَنَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ وَالْمَذَاهِبُ الْعَشَرَةُ فِيهِمْ] [

- ‌الْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ الْوَقْفُ فِي أَمْرِهِمْ]

- ‌[الْمَذْهَبُ الثَّانِي أَنَّهُمْ فِي النَّارِ]

- ‌[الْمَذْهَبُ الثَّالِثُ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ]

- ‌[الْمَذْهَبُ الرَّابِعُ أَنَّهُمْ فِي مَنْزِلَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ]

- ‌[الْمَذْهَبُ الْخَامِسُ أَنَّهُمْ مَرْدُودُونَ إِلَى مَحْضِ مَشِيئَةِ اللَّهِ بِلَا سَبَبٍ وَلَا عَمَلٍ]

- ‌[الْمَذْهَبُ السَّادِسُ أَنَّهُمْ خَدَمُ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمَمَالِيكُهُمْ مَعَهُمْ بِمَنْزِلَةِ أَرِقَّائِهِمْ وَمَمَالِيكِهِمْ فِي الدُّنْيَا]

- ‌[الْمَذْهَبُ السَّابِعُ أَنَّ حُكْمَهُمْ حُكْمُ آبَائِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ]

- ‌[الْمَذْهَبُ الثَّامِنُ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُرَابًا]

- ‌[الْمَذْهَبُ التَّاسِعُ مَذْهَبُ الْإِمْسَاكِ]

- ‌[الْمَذْهَبُ الْعَاشِرُ أَنَّهُمْ يُمْتَحَنُونَ فِي الْآخِرَةِ]

الفصل: ‌فصل اختلاف الناس حكم أطفال المشركين في الآخرة]

[الباب الثاني ذِكْرُ أَحْكَامِ أَطْفَالِهِمْ فِي الْآخِرَةِ] [

‌فصل اخْتِلَافِ النَّاس حكم أطفال المشركين فِي الْآخِرَةِ]

ذِكْرُ أَحْكَامِ أَطْفَالِهِمْ فِي الْآخِرَةِ وَاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ، وَحُجَّةِ كُلِّ طَائِفَةٍ عَلَى مَا ذَهَبَتْ إِلَيْهِ، وَبَيَانِ الرَّاجِحِ مِنْ أَقْوَالِهِمْ.

فَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى التَّوَقُّفِ فِي جَمِيعِ الْأَطْفَالِ، سَوَاءٌ كَانَ آبَاؤُهُمْ مُسْلِمِينَ، أَوْ كُفَّارًا، وَجَعَلُوهُمْ بِجُمْلَتِهِمْ فِي الْمَشِيئَةِ.

وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ، فَحَكَمُوا لَهُمْ بِالْجَنَّةِ، وَحَكَوُا الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَا يَخْتَلِفُ فِيهِمْ أَحَدٌ أَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ.

وَاحْتَجَّ أَرْبَابُ التَّوَقُّفِ بِمَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَغَيْرِهِمَا:" «إِنَّ اللَّهَ وَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلَكًا، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَقْضِيَ خَلْقَهُ قَالَ الْمَلَكُ: يَا رَبِّ، أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟ شَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ؟ فَمَا الرِّزْقُ؟ فَمَا الْأَجَلُ؟ فَيُكْتَبُ كَذَلِكَ، وَهُوَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ» ".

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: " «ثُمَّ يُرْسَلُ إِلَيْهِ الْمَلَكَ، فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: يَكْتُبُ رِزْقَهُ، وَأَجَلَهُ، وَعَمَلَهُ، وَشِقِّيٌّ أَمْ سَعِيدٌ» " مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.

ص: 1071

وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ جَمِيعَ مَنْ يُولَدُ مِنْ بَنِي آدَمَ - إِذَا كُتِبَ السُّعَدَاءُ مِنْهُمْ، وَالْأَشْقِيَاءُ قَبْلَ أَنْ يُخْلَقُوا - وَجَبَ عَلَيْنَا التَّوَقُّفُ فِي جَمِيعِهِمْ، لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ هَذَا الَّذِي تُوُفِّيَ مِنْهُمْ هَلْ هُوَ مِمَّنْ كُتِبَ سَعِيدًا فِي بَطْنِ أُمِّهِ، أَوْ كُتِبَ شَقِيًّا.

وَاحْتَجَّتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ بِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي " صَحِيحِهِ " عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها قَالَتْ: «دُعِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى جِنَازَةِ صَبِيٍّ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ طُوبَى لِهَذَا! عُصْفُورٌ مِنْ عَصَافِيرِ الْجَنَّةِ، لَمْ يَعْمَلِ السُّوءَ وَلَمْ يُدْرِكْهُ! قَالَ: أَوَ غَيْرَ ذَلِكَ يَا عَائِشَةُ؟ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ لِلْجَنَّةِ أَهْلًا: خَلَقَهُمْ لَهَا، وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ، وَخَلَقَ لِلنَّارِ أَهْلًا: خَلَقَهُمْ لَهَا، وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ» ".

وَفِي لَفْظٍ آخَرَ: " «وَمَا يُدْرِيكِ يَا عَائِشَةُ» ؟ ".

قَالُوا: فَهَذَا الْحَدِيثُ صَحِيحٌ صَرِيحٌ فِي التَّوَقُّفِ فِيهِمْ، فَإِنَّ الصَّبِيَّ كَانَ مِنْ أَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَدُعِيَ النَّبِيُّ] صلى الله عليه وسلم

[لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ كَمَا جَاءَ ذَلِكَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ.

قَالَ الْآخَرُونَ: لَا حُجَّةَ لَكُمْ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْتُمْ.

أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَنَسٍ فَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ كَتَبَ سَعَادَةَ الْأَطْفَالِ، وَشَقَاوَتَهُمْ، وَهُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ، وَلَا نَنْفِي أَنْ تَكُونَ الشَّقَاوَةُ وَالسَّعَادَةُ بِأَشْيَاءَ عَلِمَهَا سُبْحَانَهُ مِنْهُمْ - وَإِنَّهُمْ عَامِلُوهَا لَا مَحَالَةَ -

ص: 1072

تُفْضِي بِهِمْ إِلَى مَا كَتَبَهُ، وَقَدَّرَهُ، إِذْ مِنَ الْجَائِزِ أَنْ يَكْتُبَ سُبْحَانَهُ شَقَاوَةَ مَنْ يُشْقِيهِ مِنْهُمْ بِأَنَّهُ يُدْرِكُ، وَيَعْقِلُ وَيَكْفُرُ بِاخْتِيَارِهِ، فَمَنْ يَقُولُ:" أَطْفَالُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْجَنَّةِ " يَقُولُ: " إِنَّهُمْ لَمْ يُكْتَبُوا فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ أَشْقِيَاءَ "، إِذْ لَوْ كُتِبُوا أَشْقِيَاءَ لَعَاشُوا حَتَّى يُدْرِكُوا زَمَنَ التَّكْلِيفِ، وَيَفْعَلُوا الْأَسْبَابَ الَّتِي قُدِّرَتْ وَصْلَةً إِلَى الشَّقَاوَةِ الَّتِي تُفْضِي بِصَاحِبِهَا إِلَى النَّارِ، فَإِنَّ النَّارَ لَا تُدْخَلُ إِلَّا جَزَاءً عَلَى الْكُفْرِ، وَالتَّكْذِيبِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ إِلَّا مِنَ الْعَاقِلِ الْمُدْرِكِ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى - لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى - الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [الليل: 14 - 16]، وَقَوْلُهُ:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15]، وَقَوْلُهُ:{كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ - قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} [الملك: 8 - 9]، وَقَوْلُهُ لِإِبْلِيسَ:{لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: 85] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ النُّصُوصِ الَّتِي هِيَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ النَّارَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ الْمُكَذِّبِينَ.

وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ رضي الله عنها وَإِنْ كَانَ مُسْلِمٌ رَوَاهُ فِي " صَحِيحِهِ " - فَقَدْ ضَعَّفَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ.

ص: 1073

وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عِلَّتَهُ بِأَنَّ: " طَلْحَةَ بْنَ يَحْيَى انْفَرَدَ بِهِ عَنْ عَمَّتِهِ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، وَطَلْحَةُ ضَعِيفٌ.

ص: 1074

وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ فُضَيْلَ بْنَ عَمْرٍو رَوَاهُ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ كَمَا رَوَاهُ طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى سَوَاءً " هَذَا كَلَامُهُ.

قَالَ الْخَلَّالُ: أَخْبَرَنِي مَنْصُورُ بْنُ الْوَلِيدِ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَسْأَلُ عَنْ أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالَ: لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَازِمٍ أَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ مَنْصُورٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ: قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: أَمَّا أَوْلَادُ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ.

أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَيْمُونِيُّ: أَنَّهُمْ ذَاكَرُوا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فِي أَطْفَالِ الْمُؤْمِنِينَ، وَذَكَرُوا لَهُ حَدِيثَ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي قِصَّةِ الْأَنْصَارِيِّ، وَقَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ، وَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ غَيْرَ مَرَّةٍ:" وَهَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ " وَذَكَرَ

[فِيهِ] رَجُلًا ضَعَّفَهُ، وَهُوَ طَلْحَةُ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ غَيْرَ مَرَّةٍ:" وَأَحَدٌ يَشُكُّ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ ".

ثُمَّ أَمْلَى عَلَيْنَا الْأَحَادِيثَ فِيهِ، وَسَمِعْتُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُولُ:" هُوَ يُرْجَى لِأَبَوَيْهِ، كَيْفَ يُشَكُّ فِيهِ؟ ".

وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَاخْتَلَفُوا فِي أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ، «فَابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: كُنْتُ أَقُولُ: "

[هُمْ] مَعَ آبَائِهِمْ " حَتَّى لَقِيتُ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَحَدَّثَنِي عَنْ رَجُلٍ آخَرَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

ص: 1075

وَسَلَّمَ - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْهُمْ، فَقَالَ:" اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» ".

وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَسْأَلُ عَنِ السَّقْطِ إِذَا لَمْ تُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ، فَقَالَ: فِي الْحَدِيثِ " يَجِيءُ السَّقْطُ مُحْبَنْطِئًا ".

قَالَ الْخَلَّالُ: سَأَلْتُ ثَعْلَبًا عَنِ " السَّقْطِ مُحْبَنْطِئًا " فَقَالَ: غَضْبَانَ، وَيُقَالُ: قَدْ أَلْقَى نَفْسَهُ.

وَقَدْ أَجَبْتُ عَنْهُ بَعْدَ الْتِزَامِ صِحَّتِهِ بِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ كَانَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ يُعْلِمَهُ اللَّهُ بِأَنَّ أَطْفَالَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْجَنَّةِ، وَهَذَا جَوَابُ

ص: 1076

ابْنِ حَزْمٍ وَغَيْرِهِ.

وَأَجَابَ طَائِفَةٌ أُخْرَى عَنْهُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا رَدَّ عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها لِكَوْنِهَا حَكَمَتْ عَلَى غَيْبٍ لَمْ تَعْلَمْهُ، كَمَا فَعَلَ «بِأُمِّ الْعَلَاءِ إِذْ قَالَتْ حِينَ مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ: شَهَادَتِي عَلَيْكَ أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَكَ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهَا وَقَالَ لَهَا:" وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ؟ " ثُمَّ قَالَ: " أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ، وَأَنَا أَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا يُفْعَلُ بِهِ» "، وَأَنْكَرَ عَلَيْهَا جَزْمَهَا وَشَهَادَتَهَا عَلَى غَيْبٍ لَا تَعْلَمُهُ، وَأَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ يَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ.

وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: " «إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ مَادِحًا أَخَاهُ فَلْيَقُلْ: أَحْسَبُ فُلَانًا إِنْ كَانَ يَرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَلَا أُزَكِّي عَلَى اللَّهِ أَحَدًا» ".

وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي «حَدِيثٍ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه حِينَ قَالَ لَهُ: أَعْطَيْتُ فُلَانًا، وَتَرَكْتُ فُلَانًا، وَهُوَ مُؤْمِنٌ - فَقَالَ: " أَوَ مُسْلِمٌ» "، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ الشَّهَادَةَ لَهُ بِالْإِيمَانِ لِأَنَّهُ غَيْبٌ، دُونَ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ.

وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ هَكَذَا فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها: " «وَمَا

ص: 1077

يُدْرِيكِ يَا عَائِشَةُ» " عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، كَأَنَّهُ يَقُولُ لَهَا: إِذَا خَلَقَ اللَّهُ لِلْجَنَّةِ أَهْلًا، وَخَلَقَ لِلنَّارِ أَهْلًا، فَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ ذَلِكَ الصَّبِيَّ مِنْ هَؤُلَاءِ، أَوْ مِنْ هَؤُلَاءِ؟

وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّ أَطْفَالَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّمَا حُكِمَ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ تَبَعًا لِآبَائِهِمْ لَا بِطَرِيقِ الِاسْتِقْلَالِ، فَإِذَا لَمْ يَقْطَعْ لِلْمَتْبُوعِ بِالْجَنَّةِ كَيْفَ يَقْطَعُ لِتَبَعِهِ بِهَا؟

يُوَضِّحُهُ أَنَّ الطِّفْلَ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِنَفْسِهِ بَلْ تَابِعٌ لِأَبَوَيْهِ، فَإِذَا لَمْ يُقْطَعْ لِأَبَوَيْهِ بِالْجَنَّةِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقْطَعَ لَهُ بِالْجَنَّةِ، وَهَذَا فِي حَقِّ الْمُعَيَّنِ، فَإِنَّا نَقْطَعُ لِلْمُؤْمِنِينَ بِالْجَنَّةِ عُمُومًا، وَلَا نَقْطَعُ لِلْوَاحِدِ مِنْهُمْ بِكَوْنِهِ فِي الْجَنَّةِ، فَلِهَذَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أُمِّ الْعَلَاءِ حُكْمَهَا عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ بِذَلِكَ.

وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: " «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، وَيُنَصِّرَانِهِ، وَيُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتِجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ، حَتَّى تَكُونُوا أَنْتُمْ تَجْدَعُونَهَا؟ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ مَنْ يَمُوتُ وَهُوَ صَغِيرٌ؟ قَالَ:" اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» "، فَلَمْ يَخُصُّوا بِالسُّؤَالِ طِفْلًا مِنْ طِفْلٍ، وَلَمْ يَخُصَّ عليه السلام بِالْجَوَابِ بَلْ أَطْلَقَ الْجَوَابَ كَمَا أَطْلَقُوا السُّؤَالَ، وَلَوِ افْتَرَقَ الْحَالُ فِي الْأَطْفَالِ لَفَصَلَ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمْ فِي الْجَوَابِ.

وَهَؤُلَاءِ لَوْ تَأَمَّلُوا أَلْفَاظَهُ، وَطُرُقَهُ لَأَمْسَكُوا عَنْ هَذَا الِاحْتِجَاجِ، فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ رُوِيَ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ:

فَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ

ص: 1078

عَنْهُمَا -: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ - أَوْ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ - فَقَالَ: " اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ إِذْ خَلَقَهُمْ» "، رَوَاهُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ: شُعْبَةُ، وَأَبُو عَوَانَةَ.

وَمِنْهَا حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:«سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: " اللَّهُ أَعْلَمُ إِذْ خَلَقَهُمْ مَا كَانُوا عَامِلِينَ» ".

وَمِنْهَا حَدِيثُ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ

[عُتْبَةَ] بْنِ ضَمْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ مَوْلَى

[غُطَيْفِ] بْنِ عَفِيفٍ قَالَ: «سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: " اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» ".

ص: 1079