الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ أَدَاءُ الزَّوْجَةِ الْكِتَابِيَّةِ شَعَائِرَهَا التَّعَبُّدِيَّةَ]
162 -
فَصْلٌ
[أَدَاءُ الزَّوْجَةِ الْكِتَابِيَّةِ شَعَائِرَهَا التَّعَبُّدِيَّةَ] .
وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا، وَقَدْ سَأَلَهُ: هَلْ يَمْنَعُهَا أَنْ تُدْخِلَ مَنْزِلَهُ الصَّلِيبَ؟ قَالَ: يَأْمُرُهَا، فَأَمَّا أَنْ يَمْنَعَهَا فَلَا.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْكَحَّالِ: فِي الرَّجُلِ تَكُونُ لَهُ امْرَأَةٌ أَوْ أَمَةٌ نَصْرَانِيَّةٌ تَقُولُ: اشْتَرِ لِي زُنَّارًا، فَلَا يَشْتَرِي لَهَا تَخْرُجُ هِيَ تَشْتَرِي. فَقِيلَ لَهُ: جَارِيَتُهُ تَعْمَلُ الزَّنَانِيرَ؟ قَالَ: لَا.
قَالَ الْقَاضِي: " أَمَّا قَوْلُهُ: " لَا يَشْتَرِي هُوَ الزُّنَّارَ " لِأَنَّهُ يُرَادُ لِإِظْهَارِ شَعَائِرِ الْكُفْرِ، فَلِذَلِكَ مَنَعَهُ مِنْ شِرَائِهِ، وَأَنْ يُمَكِّنَ جَارِيَتَهُ مِنْ عَمَلِهِ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ الَّذِي يَحْصُلُ لَهَا صَائِرٌ إِلَيْهِ، وَمِلْكٌ لَهُ، وَقَدْ مَنَعَ مِنْ بَيْعِ ثِيَابِ الْحَرِيرِ مِنَ الرِّجَالِ إِذَا عُلِمَ أَنَّهُمْ يَلْبَسُونَهَا، وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْعَصِيرِ لِمَنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا " انْتَهَى.
وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ صِيَامِهَا الَّذِي تَعْتَقِدُ وُجُوبَهُ، وَإِنْ فَوَّتَ عَلَيْهِ الِاسْتِمْتَاعَ فِي وَقْتِهِ، وَلَا مِنْ صَلَاتِهَا فِي بَيْتِهِ إِلَى الشَّرْقِ، وَقَدْ مَكَّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَفْدَ نَصَارَى نَجْرَانَ مِنْ صَلَاتِهِمْ فِي مَسْجِدِهِ إِلَى
قِبْلَتِهِمْ. وَلَيْسَ لَهُ إِلْزَامُ الْيَهُودِيَّةِ إِذَا حَاضَتْ بِمُضَاجَعَتِهِ، وَالِاسْتِمْتَاعِ بِمَا دُونَ الْفَرْجِ: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ.
وَلَيْسَ لَهُ حَمْلُهَا عَلَى كَسْرِ السَّبْتِ وَنَحْوِهِ مِمَّا هُوَ وَاجِبٌ فِي دِينِهِمْ، وَقَدْ أَقْرَرْنَاهُمْ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُ حَمْلُهَا عَلَى أَكْلِ الشُّحُومِ وَاللُّحُومِ الْمُحَرَّمَةِ عَلَيْهِمْ، وَهَلْ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ أَكْلِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:
وَهَلْ لَهُ مَنْعُهَا مِنَ الْخَلْوَةِ بِابْنِهَا، وَأَبِيهَا وَأَخِيهَا؟ فَإِنْ كَانَتْ مَجُوسِيَّةً فَلَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ حِلَّهَا لَهُمْ، فَلَيْسُوا بِذَوِي مَحْرَمٍ، وَإِنْ كَانَتْ يَهُودِيَّةً، أَوْ نَصْرَانِيَّةً فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ إِذَا كَانُوا مَأْمُونِينَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَنْعُهَا مِنَ السَّفَرِ مَعَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ نَصُّهُ، وَذَكَرْنَا الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ، وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ قِرَاءَةِ كِتَابِهَا إِذَا لَمْ تَرْفَعُ صَوْتَهَا بِهِ.
فَإِنْ أَرَادَتْ أَنْ تَصُومَ مَعَهُ رَمَضَانَ فَهَلْ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا، وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ كَمَا لَهُ مَنْعُ الْمُسْلِمَةِ مِنْ صَوْمِ التَّطَوُّعِ تَرْفِيهًا لَهَا.
وَالثَّانِي: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُهَا مِنَ الصَّوْمِ الْمَنْسُوخِ الْبَاطِلِ فَأَنْ لَا يَمْنَعَهَا مِنْ صَوْمِ رَمَضَانَ أَوْلَى وَأَحْرَى.
وَقَدْ يُقَالُ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهَا تَعْتَقِدُ وُجُوبَ صِيَامِ دِينِهَا عَلَيْهَا، وَقَدْ أَقْرَرْنَاهُمْ عَلَى ذَلِكَ، فَلَيْسَ لَنَا أَنْ نَمْنَعَهُمْ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا لَا يَعْتَقِدُونَ وُجُوبَهُ.