الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ يَتْبَعُ الْوَلَدُ أَبَوَيْهِ إِذَا أَسْلَمَاَ]
171 -
فَصْلٌ
[يَتْبَعُ الْوَلَدُ أَبَوَيْهِ إِذَا أَسْلَمَاَ] .
الْجِهَةُ الثَّانِيَةُ: إِسْلَامُ الْأَبَوَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا، فَيَتْبَعُهُ الْوَلَدُ قَبْلَ الْبُلُوغِ. وَالْمَجْنُونُ لَا يَتْبَعُ جَدَّهُ، وَلَا جَدَّتَهُ فِي الْإِسْلَامِ، هَذَا مَذْهَبُ أَحْمَدَ، وَأَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الْإِسْلَامِ، بَلْ تَخْتَصُّ التَّبَعِيَّةُ بِالْأَبِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لَهُ وَالْوِلَايَةَ عَلَى الطِّفْلِ لَهُ، وَهُوَ عَصَبَةٌ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: 21] ، وَالذُّرِّيَّةُ إِنَّمَا تُنْسَبُ إِلَى الْأَبِ، وَخَالَفَهُ ابْنُ وَهْبٍ فَوَافَقَ الْجُمْهُورَ فِي تَبَعِيَّةِ الْأَبِ وَالْأُمِّ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَتْبَعُ الْأَبَوَيْنِ، وَإِنْ عَلَوَا سَوَاءٌ كَانَا وَارِثَيْنِ، أَوْ لَمْ يَكُونَا وَارِثَيْنِ، قَالَ أَصْحَابُهُ: فَإِذَا أَسْلَمَ الْجَدُّ، أَوِ الْأَبُ، أَوْ أَبُو الْأُمِّ تَبِعَهُ الصَّبِيُّ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَبُو الصَّبِيِّ حَيًّا قَطْعًا، وَإِنْ كَانَ حَيًّا فَعَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَتْبَعُهُ.
قَالُوا: فَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ، فَإِنْ أَفْصَحَ بِالْإِسْلَامِ تَأَكَّدَ مَا حَكَمْنَا بِهِ، وَإِنْ أَفْصَحَ بِالْكُفْرِ فَقَوْلَانِ: الْمَشْهُورُ أَنَّهُ مُرْتَدٌّ؛ لِأَنَّهُ سَبَقَ الْحُكْمُ بِإِسْلَامِهِ، فَأَشْبَهَ الْإِسْلَامَ اخْتِيَارًا، وَكَمَا إِذَا حَصَلَ الْعُلُوقُ فِي حَالِ الْإِسْلَامِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ أَوَّلًا، وَأُزِيلَ تَبَعًا، فَإِذَا اسْتَقَلَّ زَالَتِ التَّبَعِيَّةُ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى تَبَعِيَّتِهِ لِأُمِّهِ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: " «فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، وَيُنَصِّرَانِهِ» "، وَإِنَّمَا أَرَادَ مَنْ وُجِدَ مِنْ أَبَوَيْهِ، فَإِذَا تَبِعَ أَحَدَ الْأَبَوَيْنِ فِي كُفْرِهِ فَلَأَنْ يَتْبَعَهُ فِي الْإِسْلَامِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
وَقَوْلُهُمْ: إِنَّ الْوِلَايَةَ، وَالتَّعْصِيبَ لِلْأَبِ، فَتَكُونُ التَّبَعِيَّةُ لَهُ دُونَ الْأُمِّ، فَيُقَالُ: وِلَايَةُ التَّرْبِيَةِ، وَالْحَضَانَةِ وَالْكَفَالَةِ لِلْأُمِّ دُونَ الْأَبِ، وَإِنَّمَا قُوَّةُ وِلَايَةِ الْأَبِ عَلَى الطِّفْلِ فِي حِفْظِ مَالِهِ، وَوِلَايَةُ الْأُمِّ فِي التَّرْبِيَةِ، وَالْحَضَانَةِ أَقْوَى: فَتَبَعِيَّةُ الطِّفْلِ لِأُمِّهِ فِي الْإِسْلَامِ إِنْ لَمْ تَكُنْ أَقْوَى مِنْ تَبَعِيَّةِ الْأَبِ فَهِيَ مُسَاوِيَةٌ لَهُ.
وَأَيْضًا، فَالْوَلَدُ جُزْءٌ مِنْهَا حَقِيقَةً، وَلِهَذَا تَبِعَهَا فِي الْحُرِّيَّةِ، وَالرِّقِّ اتِّفَاقًا دُونَ الْأَبِ، فَإِذَا أَسْلَمَتْ تَبِعَهَا سَائِرُ أَجْزَائِهَا، وَالْوَلَدُ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهَا، يُوَضِّحُهُ أَنَّهَا لَوْ أَسْلَمَتْ وَهِيَ حَامِلٌ بِهِ حُكِمَ بِإِسْلَامِ الطِّفْلِ تَبَعًا لِإِسْلَامِهَا؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهَا، فَيَمْتَنِعُ بَقَاؤُهُ عَلَى كُفْرِهِ مَعَ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ أُمِّهِ.
172 -
فَصْلٌ
[تَبَعِيَّةُ الطِّفْلِ لِجَدِّهِ وَجَدَّتِهِ] .
وَأَمَّا تَبَعِيَّتُهُ لِجَدِّهِ، وَجَدَّتِهِ فَالْجُمْهُورُ مَنَعُوا مِنْهُ، وَالشَّافِعِيُّ قَالَ بِهِ طَرْدًا لِأَصْلِهِ فِي إِقَامَةِ الْجَدِّ مَقَامَ الْأَبِ، وَلَكِنْ قَدْ نَقَضَ هَذَا الْأَصْلَ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ، فَلَمْ يَطْرُدْهُ فِي إِسْقَاطِهِ لِلْإِخْوَةِ، وَلَا فِي تَوْرِيثِ الْأُمِّ مَعَهُ ثُلُثَ الْبَاقِي إِذَا كَانَ مَعَهَا أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ.