الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن أبي يوسف أن المرأة إذا كانت فائقة في الغنى وزفت إلى الزوج بخدم كثر استحقت نفقة الجميع (1).
ويرى المالكية أنه إذا لم يكف خادمة واحدة لزم الزوج أكثر من خادمة وفي قول لهم أن الزوج لا يلزمه أكثر من خادم واحد (2).
والقول بالخادم الواحد ذهب إليه الشافعية (3) إلا إذا كانت الزوجة مريضة وتحتاج لأكثر من واحد فيجب بقدر الحاجة (4) والقول بالخادم الواحد ذهب إليه الحنابلة. واستدل من يقول بوجوب خادم واحد فقط بأن الواحد يقوم بالأمرين فلا حاجة لآخر لكفاية الأول عنه، ولأن الثاني للزينة ووجوب النفقة باعتبار الكفاية لا باعتبار الزينة والتجمل ولذا لو قام بخدمتها بنفسه كان يكفي ولم يلزمه نفقة الخادم (5) ولو فرض لها خادمين لفرض لها أكثر من ذلك فيؤدي إلى ما لا يتناهى (6) حيث إن اعتبار الخادمين ليس أولى من الثلاثة أو الأربعة لذا يقدر بالأقل وهو الواحد (7) لأن المستحق خدمتها في نفسها وذلك يحصل بخادم واحد فعلى قول من يقول بوجوب خادم واحد فقط يتعين على المرأة إذا رغبت في أكثر من خادم أن تقوم بالإنفاق عليه دون أن يلزم الزوج بذلك.
(1) انظر تبيين الحقائق للزيلعي ج3 ص54 وانظر مجمع الأنهر ج1 ص487 وانظر حاشية ابن عابدين ج3 ص590.
(2)
انظر حاشية الدسوقي ج2 ص510 وانظر شرح الرسالة ج2 ص100.
(3)
انظر مغني المحتاج ج3 ص432 طبع دار إحياء التراث العربي وانظر نهاية المحتاج ج7 ص197 مطبعة الحلبي.
(4)
انظر نهاية المحتاج ج7 ص197 مطبعة الحلبي.
(5)
انظر تبيين الحقائق للزيلعي ج3 ص54 طبع سنة 1313هـ وانظر المبسوط للسرخسي ج5 ص181 طبع دار المعرفة.
(6)
انظر المبسوط للسرخسي ج5 ص181 طبع دار المعرفة.
(7)
انظر بدائع الصنائع ج4 ص24 الطبعة الثانية سنة 1402هـ.
الموضوع الثالث: نفقة الرقيق
.
يجب على الملاك ذكورا أو إناثا النفقة على مماليكهم بالمعروف سواء أكان المملوك صحيحا أم سقيما أو أعمى أو زمنا أو مدبرا أو مستولدا أو مستأجرا أو معارا أو قنا أو مشتركا أو مبعضا أو صغيرا أو كبيرا بخلاف المكاتب فنفقته لا تجب على سيده لاستقلاله بالكسب.
ووجوب نفقة الرقيق بسبب الملك الذي يوجب الاختصاص بالمملوك انتفاعا وتصرفا هو نفس الملك فإذا كانت منفعته للمالك كانت مؤنته عليه إذ الخراج بالضمان.
وقد دل الكتاب والسنة والإجماع والمعقول على وجوب تلك النفقة أما الكتاب فقوله تعالى {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا} (1).
ففي هذه الآية أمر بالإحسان على المماليك ومطلق الأمر يحمل على الوجوب لأن الإنفاق عليهم من الإحسان بهم فكان واجبا. غير أنه قد يرد أن الأمر ليس للوجوب حيث يكون للندب.
ويجاب على ذلك بأنه لو سلم بذلك لكان الأمر بالإحسان إليهم على وجه الندب لغرض توسيع النفقة بعد وجوب أصلها لأن المرء لا يترك أصل النفقة على مملوكه إشفاقا ومحافظة على بقاء ملكه وقد أمر بالإنفاق عليه حتى لا يقتر النفقة عليه لكونه مملوكا في يده فأمر الله عز وجل السادات بتوسيع النفقة على مماليكهم شكرا لما أنعم عليهم من جعل من هو في جوهرهم وأمثالهم في الخلقة يقومون بخدمتهم (2).
أما السنة:.
فما روي عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم (4)» .
(1) سورة النساء الآية 36
(2)
انظر المرجع السابق.
(3)
أخرجه البخاري في كتاب الإيمان باب المعاصي من أمر الجاهلية / فتح الباري شرح صحيح البخاري ج1 ص84 المطبعة السلفية. وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان باب صحبة المماليك / صحيح مسلم بشرح النووي ج11ص133، 134 المطبعة المصرية. وأخرجه أبو داود في كتاب الأدب باب في حق المملوك / عون المعبود شرح سنن أبي داود ج14 ص67 الطبعة الثالثة سنة 1399هـ.
(4)
(3)
ففي هذا الحديث أمر بالإنفاق على الرقيق والأمر للوجوب مما يدل على وجوبه نفقة الرقيق على مالكه.
وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف ولا يكلف من العمل ما لا يطيق (2)» .
ففي هذا الحديث أمر بإعطاء المملوك حقه من النفقة والأمر للوجوب مما يدل على وجوب نفقته على مالكه ذكرا كان أو أنثى.
ولما روى علي رضي الله عنه قال: «كان آخر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم " الصلاة الصلاة. اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم (4)» .
وفي رواية لأنس رضي الله عنه قال: كانت عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حضرته الوفاة وهو يغرغر بنفسه «الصلاة وما ملكت أيمانكم (6)» .
ففي هذا الحديث قرن الرسول صلى الله عليه وسلم بالإنفاق على المماليك ليعلم أن القيام بالإنفاق عليهم واجب على من ملكهم وجوب الصلاة التي لا سعة في تركها (7).
وعن ابن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت (9)» وفي رواية «كفى بالمرء أن يحبس عمن يملك قوته (10)» .
ففي هذا الحديث بيان أن التقصير بالنفقة على من تلزمه موجب للإثم ونفقة الرقيق واجبة على مالكه ومنعه منها موجب للإثم عليه.
أما الإجماع:.
فلقد أجمع العلماء على وجوب نفقة المملوك على سيده.
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان باب صحبة المماليك صحيح مسلم بشرح النووي ج11 ص134 المطبعة المصرية. وأخرجه مالك في كتاب الاستيذان في باب الأمر بالرفق المملوك / موطأ الإمام مالك ص695 الناشر رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالرياض وأخرجه أحمد في مسنده ج2 ص247 الناشر لمكتب الإسلامي.
(2)
(1)
(3)
أخرجه أبو داود في كتاب الأدب باب في حق المملوك / عون المعبود شرح سنن أبي داود ج14 ص64 الطبعة الثالثة سنة 1399هـ. وأخرجه ابن ماجه في كتاب الوصايا باب هل أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم / سنن ابن ماجه ج2 ص901 طبع دار إحياء التراث العربي. وأخرجه أحمد في مسنده ج1 ص78 الناشر المكتب الإسلامي.
(4)
انظر تبيين الحقائق للزيلعي ج3 ص65 طبع سنة 1313هـ. (3)
(5)
أخرجها ابن ماجه في كتاب الوصايا باب هل أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الزوائد إسناده حسن لقصور أحمد بن المقدام عن درجة أهل الضبط وباقي رجاله على شرط الشيخين / سنن ابن ماجه ج2 ص901 طبع دار إحياء التراث العربي.
(6)
(5)
(7)
انظر عون المعبود شرح سنن أبي داود ج14 ص64 الطبعة الثالثة سنة 1399هـ.
(8)
أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة باب في صلة الرحم وقد سكت عنه قال المنذري وأخرجه النسائي / عون المعبود شرح سنن أبي داود ج5 ص111 الطبعة الثالثة سنة 1399هـ. وأخرجه أحمد في مسنده ج2 ص160 الناشر المكتب الإسلامي. وأخرجه الحاكم في كتاب الزكاة باب كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت وصحح إسناده الحاكم وصححه الذهبي أيضا / المستدرك ج1 ص415.
(9)
انظر تبيين الحقائق للزيلعي ج3 ص65 طبع سنة 1313هـ. (8)
(10)
انظر مغني المحتاج ج3 ص460 طبع دار إحياء التراث العربي.