الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوفاء به، فإن قيل: فما الفرق بين هذا وبين اشتراطها أن لا يتزوج عليها حتى صححتم هذا، وأبطلتم شرط طلاق الضرة؟ قيل: الفرق بينهما أن في اشتراط طلاق الزوجة من الإضرار بها، وكسر قلبها، وخراب بيتها، وشماتة أعدائها ما ليس في اشتراط عدم نكاحها ونكاح غيرها، وقد فرق النص بينهما، فقياس أحدهما على الآخر فاسد).
النظر إليها
16 -
أن يراها الخاطب وينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها، فيتعرف على جمالها الذي يشده إلى الاقتران بها، أو قبحها الذي قد يصرفه عنها إلى غيرها، فلربما تزوجها دون أن ينظر إليها فوجدها خلاف ما وصفت له؛ فيصاب بخيبة أمل وانقطاع رجاء، فتسوء الحال بينهما، ويحل الخصام محل الوئام، ويكون الفشل والفرقة خاتمة ما بينهما، وهكذا شأن المسلم دوما لا يقدم على أمر حتى يكون على بصيرة منه:
(1) رواه أبو داود (2082) في النكاح، والطحاوي (2/ 8)، والبيهقي (7/ 84) في النكاح، وأحمد (3/ 334)، والحاكم (2/ 165)، وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وذكره الحافظ في (بلوغ المرام / 1000)، وقال: رجاله ثقات، وخرجه الألباني في (الصحيحة رقم / 99) وفي (الإرواء / 1791) وحسنه
(2)
رواه مسلم (1424)، والنسائي (6/ 77)، والبيهقي (7/ 84)، كلهم في النكاح، ومعنى (إن في أعين الأنصار شيئا) قيل: عمش، وقيل: صغر، قال الحافظ في (الفتح 9/ 181): الثاني وقع في رواية أبي عوانة في مستخرجه فهو المعتمد.
د - عن أبي حميد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا خطب أحدكم امرأة، فلا جناح عليه أن ينظر إليها، إذا كان إنما ينظر إليها لخطبته، وإن كانت لا تعلم (2)» .
هـ - «عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أريتك في المنام ثلاث ليال، جاءني بك الملك في سرقة من حرير، فيقول: هذه امرأتك، فأكشف عن وجهك، فإذا أنت هي، فأقول: إن يك من عند الله يمضه (3)».
و «قال سهل بن أبي حثمة: رأيت محمد بن مسلمة يطارد بثينة بنت الضحاك فوق إجار لها ببصره طردا شديدا، فقلت: أتفعل هذا وأنت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: إني سمعت رسول الله
(1) رواه النسائي (2/ 73)، والترمذي (1/ 202)، وابن ماجه (1866)، والبيهقي (7/ 84)، والدارقطني (3/ 252) في النكاح، وأحمد (4/ 144)، والزيادة لأحمد والبيهقي، وذكره الألباني (في الصحيحة رقم / 96).
(2)
رواه البيهقي (7/ 85) في النكاح، وأحمد (5/ 424)، وخرجه الألباني في (الصحيحة رقم / 97) وقال: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم.
(3)
البخاري (5215)، والبيهقي (7/ 85) في النكاح، ومسلم (2438) في فضائل الصحابة، والترمذي (3875) في المناقب، والسرقة: القطعة أو الثوب.
- صلى الله عليه وسلم يقول: إذا ألقي في قلب امرئ خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها (1)».
ز - عن أنس رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يتزوج امرأة، فبعث بامرأة تنظر إليها، فقال: " شمي عوراضها، وانظري إلى عرقوبها "، قال: فجاءت إليهم، فقالوا: ألا نغديك يا أم فلان؟ فقالت: لا آكل إلا من طعام جاءت به فلانة، قال: فصعدت في رف لهم، فنظرت إلى عرقوبها، ثم قالت: قبليني يا بنية، قالت: فجعلت تقبلها، وهي تشم عارضها، قال: فجاءت فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم» -، والعوارض: الأسنان التي في عرض الفم، لاختبار رائحة النكهة.
ح - وعن محمد بن علي ابن الحنفية، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب إلى علي ابنته أم كلثوم، فذكره له صغرها، فقيل له: إن ردك فعادوه، فقال له علي: أبعث بها إليك، فإن رضيت فهي امرأتك، فأرسل بها إليه، فكشف عن ساقيها، فقالت: لولا أنك أمير المؤمنين لصككت عينك) وقد تزوجها، ورزق منها بولديه: زيد ورقية.
نستخلص من استعراض هذه الطائفة من الأحاديث النبوية الشريفة الآتي:
1 -
من المندوب أن ينظر الخاطب إلى المرأة التي يرغب في الزواج منها؛
(1) ابن ماجه (1864) في النكاح، وأحمد (4/ 225)، والألباني في (الصحيحة) رقم 98، والإجار: السطح الذي ليس حواليه ما يرد الساقط عنه.
ليكون على معرفة بصفات من تكون شريكة عمره، وهذا أدعى لقيام الألفة والمحبة بينهما.
2 -
ومن الأفضل تقديم النظر على الخطبة، فإن لم تعجبه، وكره منها أمرا، تركها إلى غيرها، ومن غير إيذاء لخفرها وخدش لسمعتها.
3 -
يجوز للناظر أن ينظر من مخطوبته ما يدعوه إلى نكاحها، وهذا يعني أكثر من الوجه والكفين، كالنظر إلى الساق والعنق والساعد والشعر، قال الحافظ في (الفتح 9/ 182):(قال الجمهور: لا بأس أن ينظر الخاطب إلى المخطوبة، ولا ينظر إلى غير وجهها وكفيها، وقال الأوزاعي: يجتهد وينظر إلى ما يريد منها إلا العورة، وقال ابن حزم: ينظر إلى ما أقبل منها وما أدبر، ولأحمد ثلاث روايات: الأولى كالجمهور، والثانية: ينظر إلى ما يظهر غالبا - وهو ما نرجحه ونميل إليه، والثالثة: ينظر إليها متجردة).
وقال الصنعاني في (سبل السلام 3/ 111): والحديث مطلق، فينظر إلى ما يحصل له المقصود بالنظر إليه، ويدل على فهم الصحابة لذلك ما رواه عبد الرزاق وسعيد بن منصور أن عمر كشف عن ساق أم كلثوم بنت علي لما بعث بها إليه لينظرها.
وقال الألباني في (السلسلة الصحيحة 1/ 156): (وظاهر هذه الأحاديث أنه يجوز للخاطب أن ينظر من مخطوبته إلى أكثر من الوجه والكفين، كالنظر إلى الساق والعنق أو الساعد والشعر، وقد أيد هذا فعل الصحابة - رضوان الله عليهم، كما فعله جابر بن عبد الله، ومحمد بن مسلمة، والخليفة الراشد عمر بن الخطاب، أما تقييد الأحاديث بالنظر إلى الوجه والكفين فقط، فهو تقييد بدون نص مقيد، وتعطيل لفهم الصحابة بدون حجة).
4 -
وكما يجوز له إعلامها أنه يريد النظر إليها ورؤيتها، فإنه يجوز له أيضا النظر إليها على غفلة منها، ومن غير أن تعلم، كما ورد في حديث جابر،
وكما فعل محمد بن مسلمة رضي الله عنه حين كان يطارد بثينة بنت الضحاك ببصره طردا شديدا دون علمها، قال النووي في (شرح مسلم 5/ 210): والجمهور أنه لا يشترط في جواز النظر إليها رضاها، بل له ذلك في غفلتها، ومن غير تقدم إعلام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أذن في ذلك مطلقا، ولم يشترط استئذانها؛ لأنها تستحي غالبا من الإذن؛ ولأن في ذلك تغريرا، فلربما رآها فلم تعجبه فيتركها فتنكسر وتتأذى).
5 -
وإذا لم يتمكن الخاطب - لظروف تمنعه - من النظر إلى مخطوبته، فإنه يستحب له أن يبعث امرأة يثق بها، فتنظر إليها وتخبره بصفتها، «كما فعل عليه الصلاة والسلام حين بعث أم سليم إلى امرأة رغب فيها، وقال لها: " انظري إلى عرقوبها، وشمي عوارضها» .
6 -
إن النظر إلى المرغوب فيها، لا يعني بحال الخلوة بها، بل إن مقصوده يتحصل بالنظر إليها في مكان آهل عام، أو بحضور أحد محارمها.
7 -
إذا كان المندوب نظر الرجل إلى المرأة قبل إقدامه على الزواج منها، فهل من المندوب أن تنظر هي إليه؟ قال الصنعاني في (سبل السلام 3/ 111):(ويثبت مثل هذا الحكم للمرأة، فإنها تنظر إلى خاطبها، فإنه يعجبها منه ما يعجبه منها، كذا قيل ولم يرد به حديث، والأصل تحريم نظر الأجنبي والأجنبية إلا بدليل، كالدليل على جواز نظر الرجل لمن يريد خطبتها).