الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رؤية فكرية وتاريخية
لرعاية الحرمين الشريفين
الدكتور محمد محمد إبراهيم زغروت
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين محمد، وآله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن هذا الموضوع على قدر كبير من الأهمية؛ إذ يمس الدين الإسلامي في الصميم، ويتصل بالرسالة المحمدية خاتمة الرسالات، فقد ظهرت في الأونة الأخيرة بعض النحل الدينية مثل: القاديانية والبهائية، كما ظهر بعض مأفوني العقول ممن ادعوا النبوة، وجميع هذه النحل الضالة تمثل خطرا كبيرا على الإسلام وعلى النبوة المحمدية - على صاحبها الصلاة والسلام، إذ تبين تورط مدعيها بمؤامرات دينية وسياسية خبيثة مع بعض المنظمات الصهيونية، والقوى الأخرى المعادية للإسلام؛ لتشويه العقيدة الإسلامية، وشريعتها الغراء بدعوى تجديدها وكسر جمودها بنبوءات جديدة، وقد وجدت هذه الفرق المضللة أن أقرب الطرق للوصول إلى أهدافهم الخبيثة يكون عن طريق مزاحمة المسلمين في مقدساتهم وشعائرهم، وذلك بتمزيق الرباط الروحي والفكري الذي يربط قلوب المسلمين وعقولهم بالكعبة المشرفة قبلة المسلمين جميعا، وبمسجد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
فنرى القاديانيين يعتقدون أن قاديان هي ثالثة المقدسات الثلاثة (مكة والمدينة وقاديان)، ويدعي صاحب هذه النحلة الضالة أن قاديان تناهض البلد الحرام، وربما تفوقه، وأن السفر إليها يساوي الحج بل يفوق عليه، وقد جاء في إحدى صحفهم:" أن الحج إلى مكة بغير الحج إلى قاديان حج جاف خشيب؛ لأن الحج إلى مكة اليوم لا يؤدي رسالته، ولا يفي بغرضه "(1)، وإن كانت القاديانية تتخذ اليوم من قاديان، ومن قبر المسيح المزعوم في كشمير أماكن مقدسة تغنيهم عن بيت الله الحرام والمسجد النبوي الشريف؛ فإن البهائية تتخذ أيضا من عكا قبلة لهم في صلاتهم، وأرضا مقدسة يرتبطون ويتجهون إليها. وما أحسب تلك الأماكن المقدسة المزعومة في قاديان وكشمير وعكا، وكذلك مدعي النبوة إلا حلقة جديدة في إطار مخطط كامل رهيب للقضاء على الإسلام وتفتيت وحدة الصف الإسلامي، وقد ركز الحاقدون جل حملاتهم للنيل من الحرمين الشريفين - حفظهما الله من كل سوء، وهذا هو ديدنهم دائما في مواجهة الصحوات الإسلامية بين الحين والحين، إذ يعمدون إلى إحياء القاديانية في القارة الهندية، والبهائية في مصر والشام والشمال الإفريقي بأكمله، وذلك في وقت واحد وتلازم غريب، وليس هذا المخطط بخاف على كل ذي لب غيور على دينه ومقدساته، فهم يهدفون من مخططهم ذلك صرف المسلمين عن مقدساتهم، وذلك بتوزعهم إلى فرق شتى، ونحلات ضالة، حينئذ تشد الرحال إلى غير مقصدها، ويستغني مسلمو آسيا بقاديان وقبر المسيح الموعود عن الحج إلى البيت المعمور، وزيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، كما يستغني العرب المسلمون في مصر والشام والجزيرة العربية وإفريقيا عن الحرمين الشريفين، بشد الرحال إلى قبلة البهائيين في عكا. إنه لمخطط رهيب قصد منه حصر الحرمين الشريفين - حفظهما الله - وتعطيل رسالتهما - لا قدر الله - بتجميد مشاعر المسلمين نحوهما، والانتقال بها إلى مشاعر أخرى تجاه أماكن أخرى
(1) جريدة المسلمون عدد 63 شعبان 1406هـ، إبريل 1986م.
مزعومة، وإذا ما تم ذلك انفصمت عرى العقيدة نهائيا من قلوب المسلمين، وانطفأت جذوة الإيمان التي يؤججها دائما أعمال الحج وزيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم.
إذن القضية هنا ليست قضية فرق منشقة؛ فالتاريخ الإسلامي حافل بأمثال هذه الفرق، وإنما هذه القضية كما يقول العلامة أبو الحسن الندوي: إنها قضية شاذة في التاريخ الإسلامي؛ لأنها دين إزاء دين، وأمة إزاء أمة، وانقلاب خطير على النبوة المحمدية ورسالتها الغراء التي جعلها الله خاتمة الرسالات (1)، ومن هذا المنطلق جاء هذا الموضوع " رؤية فكرية وتاريخية لرعاية الحرمين الشريفين "، وسوف أستعرض من خلاله القضايا الفكرية التالية:
أولا: المكانة التاريخية والفكرية للحرمين الشريفين.
ثانيا: مواجهة الحرمين الشريفين للحركات المعادية قديما.
أ) مقولات الغزو الفكري حول مكانة الحرمين.
ب) الصليبيون وإعلاء المقدسات المسيحية.
ثالثا: مواجهة الحرمين الشريفين للتحديات المعاصرة.
أ) العزلة الفكرية بين جناحي الأمة الإسلامية.
ب) العلمانية وتجميد المشاعر الدينية نحو المقدسات.
ج) الباطنية ومفرزاتها - البهائية - القاديانية.
1 -
البهائية وتحويل قبلة الصلاة.
2 -
القاديانية والحج إلى قاديان.
3 -
نظرة فاحصة لأصول الفكر الباطني.
أ - الفلسفة اليونانية ورموزها الغامضة.
ب - التأويل الباطني لظاهر النصوص.
ج - الصدور والفيض.
(1) القادياني والقاديانية. توزيع الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ط / الخامسة 1982 ص 117 - 120.