الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العدد 10
بلد روز
أو بلاد الروز في التاريخ
في قضاء خراسان من ولاية بغداد وان شئت فقل في شمالي مركز لواء بغداد قرية شهيرة بخصبها اسمها الحالي (بلد روز) ويظن البعض أن هذه القرية هي حديثة العهد وإنها سميت بهذا الاسم لكثرة زراعة الرز فيها إذ هو من اعظم حاصلاتها. على انهم لو انعموا النظر في اللفظة لما قالوا ذلك لان اللفظ الشائع هو (بلد روز) لا (بلد رز) على انه يحتمل أن يقال أن اللفظة صحفت على هذا الوجه ولا شئ أهون من هذا التصحيف كما يظهر لأدنى روية.
بيد أن الأمر ليس كما يتوهم. فان بلد روز قديمة العهد ولعلها ترتقى إلى ما وراء عهد ملوك بنى ساسان، إذ قد ورد ذكرها منذ أول عهد فتوح العرب لهذه الديار، واسمها الحقيقي هو (براز الروز) أو (إبراز الروز) بسكون الباء في الحرفين.
قال الطبري (2: 906 من طبعة دي كوي) في أحداث سنة 76 هـ (695م): ثم أخذنا (أي شبيب الذي يتكلم وجنده حيثما كنوا بجوار الكوفة) الطريق على براز الروز ثم مضينا على جرجرايا وما يليها. وقال (في 2: 909) وقد اخذ شبيب إلى براز الروز فنزل قطيطيا وأمر دهقانها أن يشترى لهم ما يصلحهم ويتخذ لهم غداءً ففعل) والظاهر انه كان في جوار براز الروز دير للنصارى فقد قال المؤرخ المذكور (في 2: 91 وفي حوادث تلك السنة). . . . والحديث الآخر قتالهم فيما بين دير أبى مريم إلى براز الروز.
وقد ذكر المحققون من أهل التاريخ أن خصب هذا الصقع من اخصب ديار السواد (أي شمالي العراق) فقد ذكر ابن خرداذبة باتاء سنة 260هـ (873م) ما هذا نصه:
كان حاصل طسوج براز الروز 3000 كر حنطة 5100 كر شعير 120000 درهم عن ريع سائر الغلات.
وقد كانت براز الروز طسوجاً من طساسيج كورة (استان شاذهر مز) وهو من تعبير ذلك العصر نقلاً عن الفرس يقابله اليوم قولنا: قضاء من أقضية خراسان.
وكان هواؤها طيباً يذهب إليها بعض موسري بغداد طلباً لترويح النفس وقد كان المعتضد بالله قد بنى فيها قصراً. قال الطبري (في 3: 2192) ولأربع ليال بقين من صفر (سنة 287 هـ 1 آذار سنة 900م) دخل المعتضد من منتزهه ببراز إلى بغداد، وأمر ببناء قصر
في موضع اختاره من براز الروز فحمل إليه الآلات وابتدأ في عمله.
وقال ياقوت في كلامه عن هذا الطيوج ما هذا نصه: براز الروز: بالزاء (في آخر كلمة براز) ثم ألف لام وراء مضمومة وواو وزاء. من طساسيج السواد ببغداد من الجانب الشرقي من استان (شاذ قباذ)(ويقال أيضاً شاذ هرمز وهما اسمان لمسمى واحد وهذا تقول ما تريد فانك مخير في اللفظيين) وكان للمعتضد به أبنية جليلة.
وممن ذكر هذا الطسوج المسعودي في كتابه التنبيه والإشراف ص 61 من طبعة ليدن فقد في كلامه عن آطام البحر الخزري ما هذا نصه: (اطمة اربوجان ممايلى السيروان من بلاد ماسبذان وهي المعروفة (بحمة نومان) مما يلي منجلان. وذلك يرى على أربعين فرسخاً من بغداد على طريق البند نيجين وإبراز الروز)
وقد ذكر براز الروز غير هؤلاء الكتاب ولا حاجة لنا إلى إيراد جميع النصوص فحسبنا ما استشهدتا به إلى الآن وقد جاءت في اغلب الكتب المذكورة بألف في الأول أي إبراز الروز. ومنهم
من لم يذكرها إلا بالألف ومنهم أيضاً بالوجهين.
ويوجد مدينة ثانية مسماة بهذا الاسم وهي على طريق واسط. قال ابن رستة في كتابه الاعلاق النفسية ص186 ما نصه وهو يعتبره وادياً:
(من (المدائن) إلى (قباب حميد) تسير حتى تنتهي إلى قنطرة على شط دجلة يقال لها (قباب حميد). وبحذائها مما يلي الجانب الغربي موضع يسمى (طيرستان). ومنه إلى (سيب بنى كوما) تسير حتى تنتهي إلى واد يقال له (براز الروز) وينصب في دجلة فتعبر بالسفن حتى تنتهي إلى (سيب بنى كوما) وكان هذا الموقع وقعة الصفار مع الخليفة وفيها أشجار الزيتون. اهـ.
ومعنى براز الروز بالفارسية (ضياء النهار أو بهاء النهار) لحسن موقع المكان لا لأنه بلد الرز كما يتوهمه العوام.
واليوم براز الروز قرية مهمة. ولاسيما لان أحد موسري الأستانة وهو المسيو زريفي اشترى فيها أرضاً واسعة مساحتها 45 ألف هكتار وعين لها أحد مهرة العارفين بأصول الزراعة على أنواعها. فكان مثال سعى المشترى والخبير القيم بأمرها ومن معه من الإفرنج من احسن ما يمكن أن يدفع أهالي هذه البلاد إلى اقتفاء آثارهم للحصول على ما
بلغوا إليه من النتائج الحسنة.
ومنذ أن اشترى المسيو زريفي تلك الأرض وهي عبارة عن ربع مساحة القضاء (لان تكسير القضاء المزروع بأسره هو
عبارة عن 179208 هكتارات) اصبح من احسن اقضية هذه الديار ومن أغزرها عائدة للبلاد ولأهاليها وللحكومة. وهذا الكلام يشمل الزرعين الشتوي والصيفي. فشتويه الحنطة والشعير والطرماهي وغيرها. وصيفيه: السمسم والرز والقطن وغيرها. وهناك النخل وتموره المتنوعة وفي قضاء خراسان العنب والرمان والبرتقال وكلها من أجود الأنواع وأفخرها وشهيرة في العراق. واحسن أرز خراسان هو أرز ملك المسيو زريفي.
وأما المياه التي تسقى هذه الزروع فكلها تأتى من ديالى الذي كان يسمى أيضاً في السابق نهر تامرا وهو يقطع القضاء بأسره من