الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى حضرات المشتركين الكرام
طالما تبرم وسئم كل من طالع الصحف والمجلات التي لا تزال تطبع في مطابع بغداد لما أن جميع حروفها تركية النمط ولا تقبل شيئاً من الحركات في بعض المواضع اللازم أشكالها وياءاتها غير المنقطة وحين وقوعها من آخر الكلم لا تمتاز عن الألف المقصورة وحجمها متعب للأنظار وطرازها لا يقابل جمال الحروف العربية الحديثة وأما الأغلاط المطبعية الفاشية في جميع منشوراتنا فحدث عنها ولا حرج. وغير خاف عما ينجم عن مثل هذه الأحوال من الإخلال بالمعاني والذهاب بطلاوة ترصيفها وفضل ناشريها مما لا يسع المطالع في خلال ذلك إلا أن يقف بازائها حائراً بل متوقعاً أن يؤتى علم الغيب حتى يتكهن لمواقع الفساد ليتسنى له أن يرد كل معنى منه إلى نصابه.
ولما كانت الحالة هذه مست الضرورة إلى تدارك شيءٍ من تلك الثلم فاستحضرت في هذه الأيام مطبعة بيخور الحرف المطبوع به هذا العدد وهو كما يراه القراء الأدباء من الحروف الوضاءة المعتدلة الحجم التي يطبع بها كثير من جرائد ومجلات ديار مصر والشام بل الآمال
معقودة على هذه الخطوة مما تدعو إلى تنبيه أرباب المطابع الأخرى إلى أن يحذو حذوها ملافاةً للتشكي بل للنفور المحيق بمطابعهم من تلك الأوجه. وحيث أن هذا الحرف يستهلك من المجلة محلاً أوسع مما يستغرق من ذاك فإدارة المجلة قد أعاضت عن ذلك على المشتركين بإصدار هذا العدد فما يليه في ثلاث ملازم أي بزيادة نصف ملزمة عما كان يصدر عليه أولاً وفي عزمها استئناف هذه الخطة حيناً بعد حين تذرعاً إلى التوسع في المباحث واختيار ما يكون منها اجزل فائدة واجمل وقعاً مع إبقاء قيمة الاشتراك بحالها.
وقد انتدب لتنضيد حروف هذه المجلة الفتي الذكي البارع الياس أفندي يعقوب من قد امتاز على حداثة عهده في هذه الحرفة على كثير من المنضدين القديمي العهد بها. ومأمولنا في غيرته دوام الاجتهاد فيها تفديا من شوائب اللبس والأغلاط
وهنا محل للإجهار بالثناء الطيب على حضرات المشتركين الأفاضل من الناطقين بلغة العرب والمستعربين معاً لما تفضلوا على إدارة هذه المجلة من كتب التهنئة والتقريظ ونقل كثيرٍ من مواضيعها إلى بعض
الجرائد الأوربية سائلين الله عز وجل أن يوفق الإدارة إلى ما به نفع عامة القراء انه تعالى ولي الإعانة والتوفيق
الخميسية أو لؤلؤة البرية
(1 - موقع هذه المدينة) بلدة واقعة في لواء المنتفق بين سوق الشيوخ والهور الكبير أي يحدها شمالاً الفرات وأبو غار والشقراء وهما من منازل لبعض أهل البادية وجنوباً شرقياً بلدة الزبير وهي تبعد عنها نحو عشرين ساعة وشرقاً وغرباً الحماد أو بادية العرب وهي على هور يأخذ ماءه من الفرات وواقعة بين الدرجة 44 وربع طولاً و30 عرضاً عن بارس
(2 - حداثة نشأتها) الخميسية حديثة العهد، قد ولدتها حادثات الليالي الأخيرة. ومع حداثة وجودها أصبحت اليوم من اجل المدن الساعية وراء التقدم والرقي والعمران، بالنسبة إلى ما يجاورها من الربوع والديار، ولولا عوائق الفضاء وعوادي الدهر، التي لا تزال قائمةً في وجه سبيل رقي البلاد العثمانية كلها، ولا سيما البلاد العربية منها، لأوغلت في الحضارة والعمران أي إيغال. ولبلغت من
الحال والمنزلة غاية هي غاية ما وراء الآمال.
الخميسية التي نروي ليوم حديث نشأتها على قراء لغة العرب، وتاريخ بدئها وتقدمها هي من القرى التي أبرزتها الحاجة إلى الوجود، ودفعتها إليه طبيعة البلاد لأنها أجبرت أهاليها على اعمارها، واقامة أعلام التمدن فيها رغماً عما هناك من سوء أصحاب السياسة والإدارة الذي كان في عهد الاستبداد، إذ وجد بينها من كانوا بمنزلة لمعاول بيد الزمان دائبين في تأخير البلاد وتخريبها إلى المهالك والمهاوي فضلاً عما كانوا يفتحونه على الرعية من أبواب الجور والظلم، ويطلقون عليها عقال العسف والغشم
ومع ذلك فلقد قويت عليهم طبيعة هذا الفطر المبارك وأجبرتهم على أعمار تلك الخطة فأصبحت لؤلؤة البرية، وسوقاً قائمة لأهل البادية
(3 - سبب تسميتها وضبط اسمها وبناؤها وقدمها) سميت بالخميسية نسبةً إلى عبد لله بن خميس (وزان كبير) وهو رجل من أبناء القصيم، قرية من القرى التابعة لبريدة إحدى عاصمتي القصيم والبعض يلفظونها خطأ مصغرة أي بضم الخاء المعجمة الفوقية وفتح الميم بعدها ياء ساكنة مثناة تحتية مشددة وفي الآخر هاء. والذي
دعاه إلى بنائها هو انه كان مع جماعة فاضلة من النجديين ممن كانوا يوالون فالح باشا السعدون أيام كان السعد يخدمهم والتوفيق يرافقهم أيام كانت كلمتهم نافذة، وصولتهم عظيمة في بلاد المنتفق وما يجاورها ثم قلب الزمان ظهر الجن لآل السعدون وذلك أن هذه العشيرة استاءت من حكومة
ذلك العهد لكثرة ما ضيقت عليها الخناق فرفعت عليها راية العصيان وللحال أرسلت الحكومة جنداً في أواخر أيام تقي الدين باشا في منتصف سنة (1297 مالية 1881) لمناواة بني السعدون والتنكيل بهم، فاضطر المنتفق إلى الإمعان في بر الشامية وظلوا هناك حيناً من الدهر، وكانوا يمتازون من سوق الشيوخ. وبعد أن مضى على هذه الحال بضعة أعوام، حدث أن طغى ماء الفرات فأحاط بسوق الشيوخ ولا إحاطة الهالة بالغمر فتعطلت لتجارة وتعذر الامتياز (المسابلة) وأصاب أهل الأموال أضرارا فاحشة، ولا سيما لما كثرت الأمراض الوافدة بأسباب العفونات التي تولدت من زيادة المياه فهاجر اكثر ساكني سوق الشيوخ إلى جهات الزبير والبصرة والكويت وكادت سوق الشيوخ تتضعضع دعائمها وتنتكث مرائرها وفي واقع
الحال إنها أخذت منذ ذاك الحين بالتقهقر إلى أن وصلت إلى درجة قامت مقامها الخميسية المذكورة وذلك بصادراتها ووارداتها وحسن تجارتها.
ومما زادها شأناً وقدراً أن الحكومة نظرت إليها نظر وامقٍ لحسن موقعها والعشائر قطعت التردد من سائر المدن المجاورة وأخذت تختلف إليها وهي ترد إليها من جهات نجد والزبير والبصرة والكويت وسائر ديار العراق.
وعليه فان عبد الله بن خميس لم يختط تلك المدينة إلا سنة غرق سوق الشيوخ وجعلها على الهور قريبة من لبر على مسافة زهيدة منه بحيث جعلها مقاماً صالحاً لجميع أبناء البادية والمتحضرين، بين البصرة والكويت، بين بادية العراق وعشائر نجد والمنتفق، بين الزبير وسوق الشيوخ. وبعد أن اختطها بني فيها قصره فجاراه من كان معه من النجديين فبنوا لهم دويرات واخذوا يجابون إليها الأموال والبياعات والتجارات وأنواع المؤونة والميرة من طعام كالأرز والحنطة والشعير والتتن (التبغ) ولباسٍ كأنواع الأنسجة والأقمشة. وللحال اقبل
عليها الناس من كل حدب وصوب لقربها إليهم ولسهولة المعاملة فيها إذ ليس هناك دار مكس ولا رسوم ولا ضرائب ولا ما يماثل هذه الوضائع والجبايات كالتي تؤخذ على الحيوانات كما هو الأمر في البلاد المتمدنة وديار نجد والكويت وغيرها.
ولما اتسع نطاق هذه المدينة ورأى فالح باشا إنها صالحة للأعمار وعليها إقبال عظيم من كل صقع وقطر قام وبنى فيها مسجداً تصلي فيها الجمعة ومدرسة يدرس فيها مبادئ العلوم الدينية وجلب لها أحد العلماء من نجد وهو حضرة الشيخ علي بن عرفج من أحد البيوتات
الكريمة من إحدى القرى التابعة لبريدة السالفة الذكر وخصص لهذه الغاية واردات بأخذها العالم المذكور كل سنة من أطعمة السعدون فيصرفها على كل ما يتعلق بأمر المدرسة وطلبة العلم وما زال ذلك الشيخ مقيماً فيها حتى توفاه الله في سنة 1328 هجرية 1910 م فطلب حينئذٍ آل السعدون شيخ علم آخر بدلاً من المتوفي فجاءهم الشيخ العلامة إبراهيم بن جاسم قاضي القصيم عنيزة وبريدة سابقاً وهو لا يزال مقيماً هناك ومضطلعاً بوظيفته أتم اضطلاع إلى يومنا هذا.
أما عبد الله بن خميس فانه انتقل إلى رحمة الله منذ بضع سنوات فخلفه ابنه في مقامه ولا يزال الأمر الناهي في تلك المدينة الحديثة إلا انه لا يستغني اليوم عن مراجعة بعض ممثلي الحكومة التي أرسلتهم في آخر هذا العهد للمراقبة ومنع دخول الأسلحة الواردة من الكويت
(4 - الخميسية في هذا اليوم) في الخميسية اليوم من البيوت ما يقدر بلف ويبلغ كأنها خمسة آلاف وهي لا تزال آخذةً في الرقي والتمدن للأسباب التي ذكرناها وما زالت الأسرة المؤسسة فيها إلى يومنا هذا وكلمتها نافذة ومما يجدر ذكره أن هذا البيت أصبح ملجأ الكرا الذين يخونهم الدهر من أمراء وشيوخ وتجار وأغنياء أو كل من نبذته أرضه فزايل وطنه فهؤلاء جميعهم يحلون ضيوفاً مكرمين في دار أولئك الاماجد فيجدون هناك وجوهاً باسمة وصدوراً رحبة وكرماً حاتمياً ومقاماً منبعاً بدون أن يسمعوا شكوى أو يروا فيهم مللاً أو يظهر منهم اقل ضجر.
(5 - سكانها) اغلب هؤلاء السكان من نجد أن لم نقل كلهم والسبب في ذلك رخص المعيشة وسهولة تناولها حتى انه يقال إنها على
طرف الثمام. فالخميسية إذاً مأوى أمين بل حصن حصين لأهالي نجد، وبالأخص في هذه الأيام الأخيرة التي حدثت فيها الحروب بين ابن الرشيد وبين ابن الصباح من جهة وبين آل أبا الخيل وبين ابن السعود وال سليم من جهة أخرى ففي أثناء تلك الفتن والحروب التي طالت كانت هذه البلدة ملاذاً للذين يفرون من الحرب ويؤثرون السلم والراحة فكان الناس يأتونها فرادى ومثنى وزرافات والحق يقال أن ليس هناك من المدن القريبة إليهم مثل حافلة بما يحتاج إليه من ذخيرة وميرة ولباس
وترى في هذه المدينة الحديثة لؤلؤة البرية بيوتاً نزحت عن وطنها نجد بذراريها وظعائنها
وعيالها وفضلة الإقامة في هذه البلدة، غير ملتفتة إلى مسقط رأسها تلك هي نتيجة الحروب إنها إذا تفيد بعض الأفراد خدمةً لمنفعتها الشخصية فإنها بالجملة تضر بالجم الغفير من الناس.
(6 - ديانة أهلها ومذهبهم) من عرف أن اغلب أهالي هذه المدينة هم من نجد علم أيضاً أن لا دين لهم إلا الإسلام وان مذهبهم
مذهب النجديين لا غير آذانهم سنيون على مذهب الإمام احمد بن حنبل (رضه) أو الوهابية وقلت أو الوهابية لان الوهابين هو حنابلة إلا أن المحدثين أعداء النجديين سموهم كذلك كأنهم يريدون أن ينسبهم إلى مذهب جديد ويكفروهم وليس الأمر كذلك إنما الحنابلة وهابية والوهابية حنابلة في المذهب وان كان الاسم حديثاً فالمعتقد واحد وعليه فديانة سكان الخميسية ديانة السلف، مذهب شيخ الإسلام ابن تميية، مذهب تلميذه ابن القيم، مذهب الشيخ محمد بن عبد الوهاب
(7 - تجارتها) يصدر من الخميسية أنواع الحبوب كالأرز والشعير والذرة وغيرها، ويصدر منها أيضاً التتن (التبغ أو الدخان) والملبوسات وأنواع الأقمشة وغيرها من الحاجيات الضرورية وهذه تنفق على قبائل وعشائر العراق ونجد كالمنتفق والضفير وشمر وعتبة ومطير وغيرها ولكل قبيلة وعشيرة وقت للامتياز والابتياع.
وإذا أصيبت ديار نجد بمحل أو غلاء اقبل أهلها على الخميسية وجاءت القوافل تتري وحملت منها إلى نجد مرتزقات تسد عوزها وإذا اضطر
أحد الأمراء لي شيءٍ من ذلك وجه إلى (لؤلؤة البرية) إحدى عشائره أو كلها لتمتاز ما يعوزها من المرتزقات والمؤونة والذخيرة
أما وارداتها فهي التمر والسمن (الدهن) والصوف والوبر والجلود والخيل والإبل وأنواع البنادق من مارتيني (ماطلي) وموزر وغيرها والآن قد قل نقل هذه الأسلحة إليها لان ابن الصباح منع تهريب السلاح إجابةً لطلب إحدى الدول التي اتفقت على هذا الأمر مع دولة عثمان.
(8 - زراعتها) ليس هناك من يعنى اشد العناية بالزراعة فالخميسيون لا يزرعون إلا الحبوب والبقول وما ضاهاها.
(9 - صناعتها) قل عن الصناعة ما قلت لك عن الزراعة لان البلدة حديثة النشوء ليس
فيها من قد احكم الصنائع وليس هناك من يحتاج إلا إلى الصنائع الضرورية التي تسد حاجاتهم التي لا غنى لهم عنها.
(10 - العلوم قيها) لا يوجد فيها من يزاول العلوم والمعارف إلا ما نزر والذي يعنى بها لا يتفرغ إلا لعلوم الدين والعقيدة والمذهب بل ولمذهب الحنابلة فقط إذ لا يوجد في تلك المدينة من يقول بغير مذهب
الوهابية أو مذهب السلف
(11 - الآثار القديمة فيها) سمعت كثيرين يقولون في جوار الخميسية آثار قديمة لكني لم أتحقق الأمر بنفسي كما لم استطع إلى الآن أن أتتثبت الخبر على أني لا اعجب من ذلك لان شاطئ الفرات كان آهلاً بالسكان في سابق العهد ومدنه كثيرة لا يعرف عددها على التحقيق فإذا ثبت لي صدق النبأ وأمكنني بسطه على وجهٍ مفيد أتيت به قراء لغة العرب إن شاء ربك القدير والسلام.
سليمان الدخيل صاحب جريدة الرياض ومجلة الحياة
البعبع في مصر
كتب إلينا العلامة الأستاذ الدكتور اغناز غولدزيهر في بودابشت كتاباً دل على طيب عنصره وكرم أخلاقه ومن جملة ما ذكره تعقيب له على مقالة البعبع قال حرسه الله بحرفه العربي، ونصه البدوي (أستأذن حضرتكم في أن استخرج من حافظتي لأعقب على ما في مجلتكم في الصفحة 70 أو ما يليها بصدد كلامكم عن البعبع وعما
يستعمله العوام من الألفاظ لزجر الصبيان وتخويف الأولاد الصغار فأقول في الزمان الذي كنت في مصر (1874) سمعت من بعض العوام عبارات يخوفون بها أولادهم بقولهم (اسكت لحسن (الأحسن بمعنى لئلا) أحط لك في عينك، (يعني الششمة) اسكت لحسن أحط لك في بقك الفلفل، اسكت لحسن أجيب لك شيخ الحارة اسكت لحسن السماوي (من السم) بيجي يأخذك
ثم أن التخويف بالبعبع مذكور أيضاً في كتاب هز الفحوف، في شرح قصيدة أبي شادوف، (طبع حجر الإسكندرية 1289) ص147 وهاكم عبارته (وإذا أرادت أمه أن تخوفه أو تسكته عن الصياح تقول له اسكت لا يأكلك البعبع بكسر الموحدتين ورفعهما وجزم العينين المهملتين. والبعبع مشتق من البعبعة وهي صوت الجمل) اهـ
في الصبر
يقولون أن تصبر تنل كل غاية
…
وقد فلتهم أن المرارة في الصبر
وهل يستطيع المرءُ صبراً على أذى
…
يكابده حتى يغيب في القبر
محيي الدين فيض الله الكيلاني
يهتف باسمه
وكم هادم للدين يهتف باسمه
…
وينعاه للإسلام وهو يقاتله
ويأمر بالمعروف وهو غريمه
…
ويدعو إلى نصر الهدى وهو خاذله
ويزعم أن الحق لولاه ما سما
…
ويأتي بقولٍ يدحض الحق باطله
ويدعي بأيد الدين حامي حمى الهدى
…
وكم غالت الدين القويم غوائله
ولو سلم الإسلام منه لأصبحت
…
معارفه منشورة وفضائله
كاظم الدجيلي
أرز أو تمن العقر
أرز العقر المشهور في العراق ينسب إلى العقر القلعة الحصينة (التي هي اليوم مدينة شهيرة) في جبال الموصل والتي أهلها أكراد وهي شرقي الموصل المعروفة أيضاً باسم عقر الحميدية لا إلى العقر التي هي بين تكريت والموصل كما كتبناه في ص375
البربن والبدرايي والإبراهيمي والبريم
سألنا بعضهم ما صحة هذه الألفاظ من الفصاحة وما أصابها أو ما يقابلها عند لفصحاء الأقدمين
قلنا: هذه كلها من أنواع التمور المشهورة في العراق فأما البرين وزان جعفر فمن أصل فارسي وهو في هذه اللفظ (بهاربانو) ثم قصرت وصحفت ومعنى هذا اللفظ المركب: العروس أو السيدة (بانو) الحسناء (بهار) لان هذه لتمرة من احسن التمر بلونها لأحمر البديع وكبرها وطعمها اللذيذ فهي بين سائر أخواتها كالعروس أو السيدة الحسناء بين سائر العرائس.
وأما اسم هذا النوع من التمر في سابق الزمان فهو الطن بضم الطاء وفتحها والنون
المشددة. قال في لسان العرب: الطن ضرب من التمر أحمر شديد الحلاوة كثير الصقر. اهـ وفي الحاشية عن الصغاني: قوله كثير الصقر يقال لصقره السيلان بكسر السين لأنه إذا جمع سال سيلاً من غير اعتصار لرطوبته، قلت: وكذا قال ابن سيدة في المخصص على أن العراقيين لا يخصون لفظة السيلان بصقر الطن أو البربن بل بصقر كل تمر. وإذا طبخ السيلان قيل له الفضيخ.
وأما البدرايي فهو نسبةً إلى بادرايا (بفتح الحروف كلها إلا الألف) لا بادورايا. وبادرايا هذه هي التي تسمى اليوم بدرة قال ياقوت:
بادرايا: ياء بين الألفين: طسوج بالنهروان، وهي بليدة بقرب باكسايا بين البندنيجين ونواحي واسط، منها يكون التمر الفسبا اليابس الغاية في الجودة واليبس اهـ. فالأصح إذاً أن يقال: البادرايي. لكن العوام تقصر الكلمة للتخفيف.
وأما البريم فلفظه الحقيقي (البريني) تصغير البرني ثم نقله العوام إلى لفظ متعارف مشهور بينهم جهلاً للفظه الأصلي. قال في التاج: البرني بالفتح: تمر معروف أصفر مدور وهو أجود التمر، واحدته برنية وقال الأزهري: ضرب من التمر أحمر مشرب بصفرة كثير اللحاء، عذب الحلاوة، يقال: نخلة برنية، ونخل برني قل الراجز:
برني عيدان قليل قشرة
وهو معرب، وأصله: برنيك أي الحمل الجيد. وقال أبو حنيفة: إنما هو بارني، فالبار الحمل، وني تعظيم ومبالغة. وقول الراجز:
وبالغداة فلق البرنج
أراد البرني، فأبدل من الياء جيما. اهـ والأصح، أن البرني منسوب إلى البرن وهي قرية مشهورة بهذا التمر كما جاء في معجم لبكري كما
أن البادرايي منسوب إلى قرية بادرايا
ومثل البرني أو البريم الصرفان والصيحاني. قال في التاج: الصرفان (بالتحريك) تمر رزين مثل البرني لأنه صلب المضاغ علك بعده ذوو العيالات وذوو الأجراء وذوو العبيد لجزائه وعظم موقعه والناس يذخرونه قال أبو حينفة: أو هو الصيحاني بالحجاز نخلته كنخلته حكاه أبو حنيفة عن النوشجاني فاحفظه نصب أن شاء الله
ديوان ابن الخياط
هو كتاب خط موجود عند أحد أدباء بغداد وهو من الدواوين القديمة. طوله 18 سنتيمتراً في 13 ونصف عرضاً. فيه 88 ورقة مكتوبة أي 176 صحيفة. وطول المكتوب من الصفحة 12 سنتمتراً في 9 عرضاً وهو كامل لا ينقصه شيء لا في الأول ولا في الآخر. وهذا بدا كلامه بحرفه، (بسم الله الرحمن الرحيم وما توفيقي إلا بالله قال الشيخ أبو عبد الله احمد بن محمد بن الخياط يمدح الأمير أبا القوام وثاب بن نصر بن صالح:
عتادك أن تشن بها مغارا
…
افقدها شذباً قباً تبارا
كأنَّ أهلة قذفت نجوماً
…
إذا قدحت سنابكها شرارا
وهل من ضمر الجرد المذاكي
…
كمن جعل الطراد لها ضمارا
إلى آخر القصيدة وهي في 37 بيتاً عامراً
والكتاب حسن الخط جلي الحروف محلى بالشكل الكامل لاسيما في المواطن التي تحتاج إلى تحرير وضبط وتدقيق وفي كل وجه 19 سطراً وقد كتبت العناوين مرة بالحبر الأحمر ومرة الحبر الأخضر الضفدعي اللون، وربما لم يتبع الكاتب هذه القاعدة اتباعاً مطرداً فيخالفها في بعض الأحايين والنسخة قديمة جداً ويكاد كاغدها يتمزق أرباً أرباً لقدمه وتطاول الزمان عليه وقد جاء في آخره: (تم الديوان بأسره على ما قرره صاحبه أبو عبد الله محمد بن نصر بن الخياط من نسخة قبل فيها من نسخة الشيخ أبي عبد الله محمد بن نصر بن صغير الخالدي، ثم قال أيضاً: كتبته من نسخة عليها خط الشيخ أبي عبد الله بن الخياط رحمه الله بما نسخته كلما رواه عني الشيخ الأجل الأديب أبو عبد الله محمد بن نصر بن صغير، فهو ما سمعه مني وقراه علي وما رواه غيره فحالف ما في نسخته هذه فلا يعتد به، وكتبه احمد بن محمد بن علي بن الخياط
في سنة سبع عشرة. اهـ
وهذه الأسطر مكتوبة بشكل مثلث وعن يمين المثلث هذه الأسطر وكان الفراغ من كتابة هذه النسخة في يوم الجمعة المبارك رابع عشر شهر رجب الفرد من شهور سنة أربع عشرة 814 (ووراء هذه السنة كلمة محكوكة حتى ثقب الورق هناك قم هتان اللفظتان) ختمت بخير وعن يسار المقلق هذه الكلمات (كاتبه الفقير الحقير، من حف باللطف الخفي، يوسف الملاح سبط الحنفي، غفر الله له ولوالديه والمسلمين أمين.)
فترى من هذا الكلام نفاسة هذه النسخة أن بصحتها وان بقدمها وان بشهرة صاحبها. كيف
لا وهو ابن الخياط الذي قال عنه ابن خالكان:
هو أبو عبد الله احمد بن محمد بن علي بن يحي بن صدقة التغلبي المعروف بابن الخياط الشاعر الدمشقي الكاتب الذي كان من الشعراء المجيدين طاف البلاد وامتدح الناس ودخل بلاد العجم وامتدح بها ولما اجتمع بابي الفتيان ابن حيوس الشاعر المشهور بحلب وعرض عليه شعره.