الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرقيين السلطة العظمى. إلى أن أهل العراق والجزيرة حافظوا على الاسم بخلاف أهل الشام مثلاً فإنهم لم يحافظوا عليه.
ومما تقدم إيضاحه ترى مناسبة استعمال اللفظة وسبب اتخاذها للدلالة على هذا اليوم. وقدم هذه العادة في الشرق لقدم التسمية.
بغية الأنام في لغة دار الإسلام
وعدنا القراء بجمع ألفاظ عوام العراق ولا سيما أهل بغداد فها نحن ذا ننجز وعدنا مبتدئين بالحرف الأول من حروف الهجاء
(آب كشت أو آب كوشت)
كلمة فارسية معناها: ماء اللحم: هذه اللفظة شائعة ومنتشرة بين الجعفرية خاصةً. ولم ترد على لسان غيرهم. وقد اقتبسوها من العجم لكثرة مخالطتهم إياهم. أما السنيون واليهود والنصارى فيستعملون عوضها لفظة (تشريب أو تشريبة أو مشرب) وهذه الحروف الثلاثة مشتقة من شرب المضاعف العين بمعنى جعله يشرب. لأنهم يثردون الخبز في مرق اللحم فيتشرب الخبز ذلك المرق شيئاً فشيئاً.
والتشريب طعام مشهور بعرفه أهل العراق كلهم ويتخذه الخاص والعام منهم. أما كيفية تهيئته فهي أن تأخذ اللحم وتقطعه قطعاً عديدة، ثم تغسله غسلاً نعما وتلقيه في قدر فيها ماء صاف نقي.
وتوقد النار تحتها إلى أن يأخذ الكل بالغليان والرغو. (وهم يسمون الرغو: الزفر. والرغوة: الزفرة أو القشفة وكلاهما وزان حركة)، فإذا رغا تقشط رغوته بمعرفة كبيرة مثقبة يسمونها الكفكير وهي لفظة فارسية ويراد بها بالعربية الفصحى المطفحة والمرغاة. وهي كالقفشليل التي عربها الأقدمون بالمعنى عينه. وتحرص عند الإرتغاء أن لا تغترف المرق. ثم تجتهد أن لا ترفع النار من تحت القدر إلى أن ينضج اللحم تماماً ويكون صالحا للأكل. ثم تحضر الخبز وتثرده ونضعه في الصحفة وتذر فوقه قليلاً من الفلفل المسحون، وتقدد بصلة أو اكثر وتضعها فوق كسر الخبز، وفي الآخر تسكب عليه اللحم والمرق. والبعض يصبون عليه سمناً إذا لم يكن ماء اللحم ودكا - والتشريبة لغة في التشريب وكان يجب أن يقال تشربة بحذف الياء كما هو القياس إلا أن العوام لا تعرفه. ولأولادهم لعبة يقف واحدهم وراء صاحبه ظهرا لظهر ثم يأخذ الواحد بذراع الآخر وينحني به إلى الأرض ويفعل الثاني بالأول ما فعل الأول به وعند انحنائه يقول:(يا حمصة يا زبيبة، وقت العشا تشريبة) وهم يفعلون هذا الفعل لتقوية الظهر أو لمجرد اللهو واللعب.
والمشرب بتشديد الراء مصدر ميمي بمعنى المصدرين السابقين. وكل هذه الألفاظ الثلاثة مستعملة على السواء. وهم يميزون بينه وبين الثريد. فالثريد عندهم خبز مثرود في ماء قد
غليا معاً في قدر
بها قطع اللحم. وأما عند العرب الفصحاء فالثريد مشتق من ثرد الخبز: إذا فته ثم بكله بمرق ثم شرفه وسط القصعة. فهو إذا نفس المشرب أو يكاد.
وقد قيل أن هاشم بن عبد مناف أبا عبد المطلب كان اسمه عمرا وسمى هاشماً لأنه أول من هشم الثريد. فقلت فيه ابنته:
عمرو العلا هشم الثريد لقومه
…
ورجال مكة مسنتون عجاف
آب نبات
لفظة مركبة من الفارسية والعربية. معناها ماء النبات. ويريدون بها أنابيب دقيقة تتخذ من سكر النبات (أي الطبرزد) وتكون بحجم الخنصر. يتخذها حمولا المصاب بالقبض أي الاستمساك أو ببعض أمراض البطن ظانا أنها تجذب الرياح الداخلية وتطردها وتزيل الادران الجسدية فيستريح. واليوم لا يستعملها من أهل العراق إلا من يجهل أدوية الطب الجديد. والكلمة التي استعملها المولدون من العرب بهذا المعنى هي (الحمول) بفتح وضم. وأن أريد التدقيق قيل: الحمول السكري.
آبونة
كلمة فرنسية الأصل وقد أخذها العراقيون المحدثون عن الترك. ويراد بها الاشتراك في جريدة أو مجلة.
آبيل
كلمة عبرية معناها: الحزن والكآبة ويجمعونها على (آبيليم) ويستعملها يهود العراق في مخاطباتهم ولا يعرفها غيرهم. ويريدون بها مجرد
الدعاء بالشر على من يخالفهم وذلك من باب التوسيع وقد يستعملونها على سبيل المزاح مع أصحابهم وأخدانهم. فيقولون مثلا: آبيل عليك، أو برأسك، أو بمخك أو نحو ذلك.
آجغ (بالجيم الفارسية المضمومة)
كلمة محرفة عن آجيق (بالجيم الفارسية) أو آجق (بحذف الياء) ومعناها المكشوف والواضح والظاهر ومن الألوان الواضح البين الغير المشبع وهو الرائق أيضاً. وعوام العراق تستعمل هذه اللفظة بجميع معانيها التركية فيقولون مثلا: هذا البيت آجغ أي غير
مستور وهذا اللون آجغ أي غير مشبع ورائق وهذا اللون آجغ أو أاجغ من هذا (هكذا بهمزتين) أي أوضح منه. ويقولون: هذا الرجل بقى آجغ أي بدون شغل وقد خرج من خدمته. ويقولون: في المحل الفلاني موضع آجغ أي انه موضع فارغ يحتاج إلى شخص ليشتغل فيه أو يملأ فراغه.
آجي (بالجيم الفارسية المشددة المكسورة)
كلمة تركية الأصل وهي محرفة عن اشجي ومعناها الطباخ والظاهي والعجاهن. وأهل الشام يقولون: العشي بتشديد الشين والياء ويظن بعضهم أن اللفظة مشتقة من العشاء وهو خطأ ولو كان كذلك لقيل المعشي المشددة العين. هذا فضلاً عما هناك من التكلف في المعنى.
آخ (بمد الهمزة وإسكان الخاء)
كلمة هي حكاية صوت المتألم أو المتضجر. والعوام يمدونها والفصحاء يقولون أخ بهمزة غير ممدودة يليها خاء موحدة
فوقية مشددة. قال في التاج: أخ كلمة تكره وتوجع وتأوه من غيظ أو حزن. قال ابن دريد: واحسبها محدثة. قلنا ليست اللفظة محدثة بل حكاية صوت المتألم ومن ثم هي قديمة. ويقول العوام: أخ بطني، أخ ظهري، إذا رأوا الاخوة أو الأقارب أو الأصحاب يتضاربون ويتنازعون ليس في الإمكان المدافعة عن الواحد دون الآخر إذ جميع الأقارب هم أعزاء لأنهم أخطاء جسد واحد أدبي هو الأسرة أو العشيرة.
آخور
فارسية تركية معناها: الاصطبل والمربط. والعامة تستعملها بمعنى مربط الدواب وبمعنى البيت القديم البناء الضيق الفناء العميق الأرض الكثير الرطوبة المظلم المساكن القليل النوافذ الفاسد الهواء الذي لا يصلح للإقامة ولا للسكنى. وذلك لما بين مثل هذه الدور ومرابط الخيل من المشابهة. ويجمعونها على أواخير وقليل منهم يجمعونها على آخورات
وقد جاءت هذه اللفظة (بمعنى المربط) متشابهة في عدة لغات كالتركية والفارسية والكردية والأرمنية والسريانية والهندية والروسية أو الفرنسية والإيطالية واللاتينية المولدة والألمانية القديمة العالية إلى آخر تلك اللغات المتناسبة الأصل.
رزوق عيسى